معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

تركت الياء بحالها ولم تغيّرها».

فأمّا من همز فلأنّ الياء وقعت بعد ألف ، والقياس فيها أن تهمز ، وأمّا من قال : راويّ بدل رائيّ ، فإنه استثقل الهمزة بين الياء والألف ، فجعل مكانها حرفا يقاربها في المدّ واللّين. وأمّا من قال : رايييّ فأثبت الياء فلأنّ هذه الياء صحيحة تجري بوجوه الإعراب قبل النّسبة ، كياء ظبي من غير تغيير.

٥ ـ حكم همزة الممدود في النّسب :

حكمها إن كانت للتّأنيث قلبت واوا ك «صحراء» تقول فيها : «صحراوي» و «سوداء» تقول فيها «سوداوي» وفي غداء : غداويّ وإن كانت أصلا سلمت ك «قرّاء» تقول فيها : قرّائيّ وإن كانت بدلا من أصل نحو «كساء» أو للإلحاق نحو : «علباء» (١) فالوجهان : تقول :

«كسائيّ» و «كساويّ» و «علبائيّ» و «علباويّ».

٦ ـ النّسب إلى المركّب :

إن كان التّركيب إسناديّا : ك «جاد المولى» و «برق نحره» أو مزجيّا ك «بختنصّر» و «حضرموت» ينسب فيهما إلى الصّدر (٢) ، تقول في الإسنادي «جاديّ» و «برقيّ» وتقول في المزجي «بختيّ» و «حضريّ» وإن كان إضافيّا نسبنا أيضا إلى الصّدر ، تقول في «امرىء القيس» «امرئي» أو «مرئي» كما قال ذو الرمة :

إذا المرئيّ شبّ له بنات

عقدن برأسه إبة (٣) وعارا

إلّا إن كان كنية ك «أبي بكر» و «أمّ كلثوم» أو كان علما بالغلبة ك «ابن عمر» و «ابن الزّبير» ، فإنّك تنسب إلى عجزه فتقول : «بكريّ» و «كلتوميّ» و «عمريّ» و «زبّيريّ» ومثل ذلك : ما خيف فيه اللّبس ك «عبد مناف» و «عبد الدّار» فتقول : «منافيّ» و «داريّ» (٤) وشذّ

__________________

(١) العلباء عصب العنق ، والهمزة فيه منقلبة عن ياء زيدت للإلحاق بقرطاس.

(٢) وقيل في المزجيّ ينسب إلى عجزه فتقول في «بختنصر» «نصري» وقيل إليهما مزالا منهما التركيب وعليه قول الشاعر في النسب إلى «رام هرمز».

تزوّجتها «راميّة هزمزيّة» بفضلة ما أعطى الأمير من الرّزق وقيل ينسب إليهما مع التركيب فتقول : «بختنصّري» و «حضرموتيّ» والمشهور في النسبة إلى «حضرموت» «حضرمي» على غير قياس كما في معجم البلدان ومثله «أذربيّ» نسبة إلى «أذربيجان» كما في الكامل للمبرد.

(٣) الآية «٤٨» من سورة الرحمن «٥٥».

(٤) إذ أصلها : بنوات ، لكن لمّا تحركت الواو وانفتح ما قبلها قلبت ألفا فالتقى ساكنان ، حذفت هذه الألف ، ولم يفعل مثل ذلك مع أخوات لأنّ بنات أكثر استعمالا فخففوه بالحذف.

٥٠١

المنتحت من المركّب الإضافيّ فصار على بناء «فعلل» مثل : «عبدري» نسبة إلى «عبد الدّار» و «عبشميّ» (١) نسبة إلى «عبد شمس».

٧ ـ النّسب إلى كلّ اسم كان آخره ياء أو واوا وكان قبلهما ساكن :

وذلك نحو «ظبي ورمي ، وغزو ونحو» تقول في نسبها : ظبييّ ، ورمييّ ، وغزويّ ، ونحويّ ، ولا تغيّر الياء ولا الواو في هذا الباب لأنّه حرف جرى مجرى غير المعتلّ ، تقول : غزو فلا تغيّر الواو ، كما تغيّر في غد ، فإذا كانت هاء التّأنيث بعد هذه الياءات فالقياس أن تكون كالذي قبلها ، فتقول في رمية : رمييّ ، وفي ظبية : ظبييّ ، وفي دمية ، دمييّ ، وفي فتية : فتييّ ، وكان أبو عمرو بن العلاء يقول في ظبية : ظبييّ ، وأمّا يونس فكان يقول في ظبية : ظبوي وفي دمية : دمويّ ، وفي فتية : فتويّ.

٨ ـ النّسب إلى محذوف اللّام :

إذا نسب إلى ما حذفت لامه ردّت وجوبا في مسألتين :

(إحداهما) أن تكون العين معتلّة ك «شاة» أصلها «شوهة» بدليل قولهم : «شياه» فتقول في نسبها : «شاهي» (٢).

(الثانية) أن تكون اللّام المحذوفة قد ردّت في تثنية ك «أب» و «أبوان» أو في جمع تصحيح ك «سنة» وجمعها «سنوات» أو «سنهات» فتقول : «أبويّ» و «سنويّ» أو «سنهيّ» كما تقول في أخ : «أخويّ» ، وفي حم : «حمويّ». وتقول في «ذو» و «ذات» «ذووي» لاعتلال العين وردّ اللّام في تثنية «ذات» نحو : (ذَواتا أَفْنانٍ)(٣) وتقول في النّسب إلى «أخت» «أخويّ» وفي «بنت» «بنويّ» لأنّهم ردّوها في الجمع فقالوا «أخوات» و «بنات» (٤) بعد حذف التاء.

ويجوز ردّ اللّام وتركها فيما عدا ذلك نحو «يد ودم وشفة». تقول : «يدويّ أو

__________________

(١) والمحفوظ «تيمليّ» و «عبدري» و «مرقسي» و «عبقسي» و «عبشمي» في النّسب إلى «تيم اللّات» و «عبد الدار» و «امرىء القيس» و «عبد القيس» و «عبد شمس» ...

(٢) سيبويه لا يردّ الكلمة بعد ردّ محذوفها إلى سكونها الأصلي ، بل يبقي العين مفتوحة أي «شوهيّ» ثم يقلبها ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها والأخفش يقول «شوهي» بالرد فيمتنع القلب.

(٣) الآية «٧» من سورة آل عمران «٣».

(٤) أي بكسر الدال من هدك ، ومعناه : كافيك من رجل ، وفي اللسان : وانشد ابن الأعرابي : «ولي صاحب في الغار هدّك صاحبا» أي ما أجلّه وما أنبله وما أعلمه ، يصف ذئبا.

٥٠٢

يديّ» «دمويّ أو دميّ» «شفيّ أو شفهيّ» وفي «ابن» و «اسم» «ابنيّ واسميّ» فإن رددنا اللّام أسقطنا الهمزة فقلنا «بنويّ وسمويّ» بإسقاط الهمزة. ومن ذلك قولهم في ثبة :

ثبيّ وثبويّ ، وشفة : شفيّ وشفهيّ.

٩ ـ النّسب إلى ما حذفت فاؤه أو عينه.

إذا نسب إلى ما حذفت فاؤه أو عينه ردّت وجوبا إذا كانت اللّام معتلّة ك «شية» أصلها «وشية» و «يرى» علما أصله «يرأى» فتقول في «شية» «وشويّ» لأنّنا لمّا رددنا الواو صارت الواو والشّين مكسورتين فقلبت الثّانية فتحة كما نفعل في «إبل» و «إبليّ» وقلبنا الياء ألفا ثمّ الألف واوا.

وتقول في «يرى» علما «يرئيّ» بفتحتين فكسرة ، بناء على إبقاء الحركة بعد الرّاء لأنّه يصير «يرأى» بوزن جمزى ، فيجب حينئذ حذف الألف.

وعن أبي الحسن «يرئيّ» أو «يرأويّ» كما تقول : «ملهيّ» أو «ملهويّ» ويمتنع الرّد في غير ذلك فتقول في «سه أصلها «سته» فما حذفت عينه «سهيّ» لا «ستهيّ». وتقول في «عدة» أصلها «وعدة» «عديّ» لا وعديّ» لأنّ لامهما صحيحة. ١٠ ـ النّسب إلى ثنائي الوضع معتل الثاني :

إذا سمّي بثنائي الوضع معتلّ الثّاني ضعّف قبل النّسب فتقول في «لو» و «كي» علمين «لوّ وكيّ» بالتّشديد فيهما ، وتقول في «لا» علما «لاء» بالمدّ ، فإذا نسبت إليهنّ ، قلت «لوّيّ» و «كيويّ» و «لائيّ» أو «لاويّ» كما تقول في النّسب إلى «الدوّ» و «الحيّ» و «الكساء» «دوّيّ» و «حيويّ» و «كسائيّ» أو «كساويّ».

١١ ـ النّسبة إلى ما سمّي بالجمع المذكّر والمؤنّث والتّثنية :

إذا كان شيء من ذلك اسم رجل أو امرأة حذفت الزّائدتين الواو والنّون ، في الجمع المذكر ، والإلف والنّون ، والياء والنّون في التثنية ، فتقول في مسلمين : مسلميّ ، وفي رجلان : رجليّ ، وفي حسنين : حسنيّ. ومن قال من العرب : هذه قنّسرون ، ورأيت قنّسرين وهذه ، يبرون ، ورأيت يبرين ، قال في النّسب : قنّسريّ ويبريّ ، ومن العرب من قال : هذه يبرين ـ أي لم يتغيّر آخره ـ قال في النسب : يبرينيّ ، أمّا ما سمّي بجمع المؤنّث ممّا لحقته ألف وتاء ، وذلك نحو : مسلمات ، وتمرات إذا سمّيت به فإنّك تحذف منه الألف والتّاء ، تقول في مسلمات : مسلميّ ، وفي تمرات : تمريّ.

٥٠٣

ومثل ذلك قول العرب في أذرعات : أذرعيّ ، لا يقول أحد إلّا ذاك وتقول في عانات : عانيّ.

١٢ ـ النّسب إلى الجمع والمثنّى وجمع سمّي به واحد أو جماعة ، واسم الجمع :

النّسب إلى الجمع سواء كان جمع تصحيح أو تكسير ، والنّسب إلى المثّنى بردّها جميعا إلى المفرد ، تقول في النسب إلى جمع المذكّر السّالم في نحو «القاسطين» ـ أي ظالمين «قاسطيّ» وفي نحو «جاهليين» «جاهليّ» وتقول في النّسب إلى جمع المؤنّث في نحو : «تمرات» «تمريّ» وفي نحو «عبلات» حيّ من قريش «عبليّ».

أمّا جموع التكسير فتقول في نحو : «فرائض والصّحف والمساجد» «فرضىّ وصحفيّ ومسجديّ» وتقول في نحو «المسامعة والمهالبة» «مسمعيّ ومهلّبيّ» وأمّا المثنّى فتقول في «حسنان» «حسنيّ» وفي نحو : «زينبان» «زينبيّ».

أمّا الجمع المسمّى به واحد أو جمع فإنّك تنسب إليه على لفظه من غير تغيير فتقول في «أنمار» «أنماريّ» لأنّه اسم لواحد. وقالوا في «كلاب» «كلابيّ» وقالوا في «الضّباب» «ضبابيّ» لأنه اسم قبيلة ، وقالوا «أنصاري» لأنّ الأنصار اسم وقع لجماعتهم ، ومن ذلك «مدائني» و «أنباري» والمدائن والأنبار علمان على بلدين معروفين. وتقول في النّسب إلى «نفر» «نفريّ» وإلى «رهط» «رهطيّ» لأنّه اسم للجمع لا واحد له من لفظه ، وتقول في النّسبة إلى «نسوة» «نسويّ» فلو جمعت شيئا من أسماء الجمع نحو : «أراهط» و «أنفار» و «نساء» ، لقلت في النّسب إليه «رهطي ونفري ونسويّ».

وتقول في النّسب إلى «محاسن» محاسنيّ» لأنّه لا واحد له من لفظه ، وتقول في «الأعراب» «أعرابيّ» لأنه لا واحد له من لفظه.

١٣ ـ النّسب إلى فعل وفعل وفعل :

يجب قلب الكسرة فتحة عند النّسب في «فعل» ك «ملك» تقول في نسبها «ملكيّ» وفي «فعل» ك «دئل» «دؤليّ» وفي «فعل» ك «إبل» «إبلي».

١٤ ـ المنسوب على وزن «فعّال» أو «فاعل» أو «فعل» أو «مفعال» :

قد يستغنى عن ياء النّسب بصوغ اسم من المنسوب إليه على وزن «فعّال» ك «نجّار» و «خبّاز» وهذا غالب في الحرف وشذّ قول امرىء القيس :

وليس بذي رمح فيطعنني به

وليس بذي سيف وليس بنبّال

ونبّال : أي ذو نبل وهو ليس بحرفة.

٥٠٤

وتأتي على وزن فاعل ك «تامر» و «لابن» و «كاس» والمقصود : صاحب تمر ولبن وكسوة ، أو على «فعل» ك «طعم» و «لبن» أي ذي طعام ولبن.

وندر صوغها على «مفعال» ك «معطار» أي ذي عطر ، و «مفعيل» ك «فرس محضير» أي ذي حضر (١).

١٥ ـ الشّواذ من النّسب :

قال الخليل : كلّ شيء من ذلك ـ أي من النّسب ـ عدلته العرب تركته على ما عدلته عليه ـ أي على ما جاءت به على غير قياس ـ وما جاء تامّا لم تحدث العرب فيه شيئا على القياس.

فمن المعدول الذي هو غير قياس قولهم في هذيل : هذلي ، وفي فقيم كنانة : فقمي ، وفي مليح خزاعة : ملحي ، وفي ثقيف : ثقفي ، وفي زبينة : زباني ، وفي طيّء : طائي ، وفي العالية : علوي ، والبادية : بدوي ، وفي البصرة :بصري ، وفي السّهل : سهلي ، وفي الدّهر : دهري ، وفي حيّ من بني عديّ يقال لهم : بنو عبيدة : عبدي فضمّوا العين وفتحوا الباء ، كما قالوا في بني جذيمة : جذمي ، وقالوا في بني الحبلى من الأنصار : حبلي ، وفي صنعاء : صنعاني ، وفي شتاء : شتوي ، وفي بهراء قبيلة من قضاعة : بهرانيّ ، وفي دستواء : دستواني ، مثل بحرانيّ ، وهم بنو البحر ، والقياس : بحريّ ، وقالوا في الأفق : أفقيّ ، ومن العرب من يقول ، أفقي على القياس ، وقالوا في حروراء ـ وهو موضع ـ حروري ، وفي جلولاء : جلوليّ ، كما قالوا في خراسان : خرسيّ ، وخراسانيّ أكثر ، وخراسيّ لغة.

وقال بعضهم : خرفيّ ، نسبة إلى الخريف وحذف الياء ، والخرفيّ في كلامهم أكثر من الخريفيّ.

ويقول سيبويه : وسمعنا من العرب من يقول : أمويّ.

وممّا جاء محدودا ـ أي شاذّا عن القاعدة ـ عن بنائه ، محذوفة ـ منه إحدى الياءين ياء الإضافة ، ومن الشذوذ قولك : في الشام : شآم ، وفي تهامة : تهام ، ومن كسر التاء قال : تهاميّ ، وفي اليمن : يمان. ومن الشّواذ قولهم في النّسب إلى الرّيّ : رازيّ ، وفي مرو : مروزي ، وفي دار البطيخ : دربخيّ.

ومن الشّاذّ إلحاق ياء النّسب أسماء أبعاض الجسد مبنيّة على فعال للدّلالة على عظمها ، كقولهم : فلان أنافيّ : لعظيم الأنف ، و «رؤاسيّ» لعظيم الرّأس ،

__________________

(١) الحضر : الجري.

٥٠٥

وعضاديّ ، للعظيم العضد ، وفخاذيّ : لعظيم الفخذ ، وفي عظيم الرّقبة والجمّة والشعر واللّحية : رقبانيّ ، وجمّانيّ ، وشعرانيّ ، ولحيانيّ ، وهناك الكثير غير ذلك من الشّواد.

النّعت :

١ ـ تعريفه :

هو التّابع المقصود بالاشتقاق وضعا أو تأويلا ، والذي يكمّل متبوعه بدلالته على معنى فيه ، أو فيما له تعلّق به. ويخرج بالمقصود مثل الصّدّيق فإنّه كان مشتقا ثمّ غلب حتّى صار التّعيين به أتمّ من العلم وقوله «وضعا» نحو «مررت برجل كريم» أو «تأويلا» نحو : «رأيت غلاما ذا مال» أي صاحب مال ، والمراد بدلالة على معنى فيه ظاهر في هذه الأمثلة ، والمراد بقوله فيما له تعلّق به نحو قولك : «حضر الصّانع الماهر أبوه».

٢ ـ أغراضه :

يساق النّعت لتخصيص نحو : (وَالصَّلاةِ الْوُسْطى)(١) ونحو : (مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ)(٢). أو «تعميم» نحو «إنّ الله يرزق عباده الصّالحين والطّالحين». أو «تفصيل» نحو «نظرت إلى رجلين : عربّي وعجميّ». أو «مدح» نحو : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ). أو «ذمّ» نحو : (فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ)(٣). أو «ترحّم» نحو : «لطف الله بعباده الضّعفاء». أو «إبهام» نحو : «تصدّق بصدقة قليلة أو كثيرة». أو «توكيد» نحو : «أمس الدابر لن يعود» و (فَإِذا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ واحِدَةٌ)(٤) فالنّفخة تدل على الوحدة لأنّ بناءها للمرّة ، وواحدة : نعت يفيد التّوكيد.

٣ ـ موافقة النّعت المنعوت في التنكير والتعريف :

لا بدّ من موافقة النّعت المنعوت في التّنكير والتّعريف ، وقد بسط سيبويه في كتابه موافقة النّعت منعوته ، نلخّصها بما يلي ، ونبدأ بما بدأ به ، وهو نعت النكرة :

يقول سيبويه : ومن النّعت «مررت برجل أيّما رجل» فأيّما نعت للرجل في كماله ، وبذّه غيره ، كأنّه قال : مررت برجل كامل.

ومنه «مررت برجل حسبك من رجل» فهذا نعت للرجل بكماله ،

__________________

(١) الآية «٢٣٨» من سورة البقرة «٢».

(٢) الآية «١٣» من سورة الحاقة «٦٩».

(٣) الآية «٩٨» من سورة النحل «١٦».

(٤) شرعك : حسبك أيضا.

٥٠٦

واجتماع كلّ معاني الرّجولة فيه. وكذلك : كافيك من رجل ، وهمّك (١) من رجل ، وناهيك من رجل. و «مررت برجل ما شئت من رجل» و «مررت برجل شرعك (٢) من رجل» و «مررت برجل هدّك من رجل» و «بامرأة هدّك من امرأة» ، فهذا كلّه على معنى واحد ، وما كان يجري فيه الإعراب فصار نعتا لأوّله جرى على أوّله (٣).

وسمعنا بعض العرب الموثوق بهم يقول «مررت برجل هدّك (٤) من رجل» و «مررت بامرأة هدّتك من امرأة» فجعله فعلا مفتوحا ، كأنّه قال : فعل وفعلت بمنزلة كفاك وكفتك.

ومن النّعت (٥) أيضا : مررت برجل مثلك ، فمثلك نعت على أنّك قلت : هو رجل كما أنّك رجل. ويكون نعتا أيضا على أنّه لم يزد عليك ، ولم ينقص عنك في شيء من الأمور ، ومثله : مررت برجل ، مثلك أي صورته شبيهة بصورتك» وكذلك : مررت برجل ضربك وشبهك وكذلك نحوك ، يجرين في الإعراب مجرى واحدا ، وهنّ مضافات إلى معرفة صفات لنكرة (٦) ، ثم يقول : ومنه «مررت برجل شرّ منك» فهو نعت على أنّه نقص أن يكون مثله.

ومنه : «مررت برجل خير منك» فهو نعت بأنّه قد زاد على أنّه يكون مثله.

ومنه «مررت برجل غيرك» فغيرك نعت يفصل به بين من نعتّه بغير وبين من أضفتها إليه حتى لا يكون مثله ، أو يكون مرّ باثنين. ومنه : «مررت برجل آخر» فآخر نعت على نحو غير.

ومنه «مررت برجل حسن الوجه».

نعت الرّجل بحسن وجهه ، ولم تجعل فيه الهاء التي هي إضمار الرجل أي حسن وجهه.

وقال : وممّا يكون نعتا للنكرة وهو مضاف إلى معرفة قول الشاعر امرىء القيس :

__________________

(١) همّك : أي حسبك.

(٢) قال ثعلب : هذا بيت نصبوه على ارماح ليستظلوا به فطيرته الريح ، والشاهد فيه نعت فرس النكرة بقوله «مستقبل الريح» ظاهره معرفة وهو بمنزلة النكرة.

(٣) جرى على أوّله : أي إن النعت يتبع المنعوت باعرابه رفعا ونصبا وجرا لأنهما لشيء واحد.

(٤) أي بفتح الدال.

(٥) أي من نعت النكرات.

(٦) المعرفة لا تكون نعتا لنكرة ، أما هذه الألفاظ كلها من شرعك وهدك ومثلك ونحوك وغيرك فظاهرها أنها تعرّفت بالإضافة إلى الضّمير ، وحقيقتها أنها لم تكتسب تعريفا مّا لشدّة شيوعها وإبهامها.

٥٠٧

بمنجرد قيد الأوابد لاحه

طراد الهوادي كلّ شأو مغرّب

وممّا يكون مضافا إلى المعرفة ويكون نعتا للنكرة الأسماء التي أخذت من الفعل ، فأريد بها معنى التنوين (١).

ومن ذلك «مررت برجل ضاربك» فهو نعت على أنه سيضربه ، كأنّك قلت : مررت برجل ضارب زيدا ولكن حذف التّنوين ـ من ضاربك ـ استخفافا ، وإن أظهرت الاسم وأردت التّخفيف ، والمعنى معنى التّنوين ، جرى مجراه حين كان الاسم مضمرا ، ويدلّك على ذلك قول جرير :

ظللنا بمستنّ الحرور كأننا

لدى فرس مستقبل الريح (٢) صائم

كأنه قال : لدى مستقبل صائم ، وقال ومنه أيضا قول ذي الرّمّة :

سرت تخبط الظلماء من جانبي قسا

وحبّ بها من خابط الليل زائر

حبّ بها أي احبب بها. ومن النّعت أيضا : «مررت برجل إمّا قائم وإمّا قاعد» أي ليس بمضطجع ، ولكنه شكّ في القيام والقعود ، وأعلمهم أنّه على أحدهما.

ومنه أيضا «مررت برجل لا قائم ولا قاعد».

ومنه «مررت برجل راكب وذاهب «أو «مررت برجل راكب فذاهب» ومنه «مررت برجل راكب ثمّ ذاهب».

ومنه «مررت برجل راكع أو ساجد ، فإنّما هي بمنزلة : إمّا وإمّا.

ومنه «مررت برجل راكع لا ساجد» لا : إخراج للشك ، ومنه «مررت برجل راكع بل ساجد» إمّا غلط فاستدرك أو نسي فذكر.

ومنه «مررت برجل حسن الوجه جميله».

ومنه «مررت برجل ذي مال» ، ومنه «مررت برجل رجل صدق» منسوب إلى الصلاح ، ومنه «مررت برجلين مثلك» أي كلّ واحد منهما مثلك ، وكل ذلك جرّ.

ومنه «مررت برجلين غيرك» أي غيره في الخصال ، أو رجلين آخرين ، ومنه : «مررت برجلين سواء».

ومن النّعت أيضا : «مررت برجل مثل رجلين» وذلك في الغناء ، وهذا مثل

__________________

(١) وهي المشتقات كاسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة فإنها إذا أضيفت إلى ضمير فإضافتها لفظية لا تفيد تعريفا ، وبذلك يصح نعت النكرة بها ، ويريد بالتنوين أن مثل «هذا رجل ضاربك» لا يختلف عن قولك «هذا رجل ضارب إيّاك» فالأول تخفيف للثاني.

(٢) الآية «٢٦» من سورة الأنبياء «٢١».

أي هم عباد مكرمون.

٥٠٨

قولك : «مررت ببرّ ملء قدحين» وكذلك «مررت برجلين مثل رجل». في الغناء ، كقولك : «مررت ببرّين ملء قدح» وتقول : «مررت برجل مثل رجل» ومنه «مررت برجل صالح بل طالح» و «ما مررت برجل كريم بل لئيم» أبدلت ـ أي ببل ـ الصفة الآخرة من الأولى ، وأشركت بينهما ـ أي بالعطف ـ بل في الإجراء على المنعوت (١) ولكنّه يجيء على النّسيان أو الغلط ـ أي ببل ـ فيتدارك كلامه ، ومثله : «ما مررت برجل صالح ولكن طالح» أبدلت الآخر ـ أي النّعت الآخر ـ من الأول ـ أي من النعت الأول ـ فجرى مجراه في بل. ولا يتدارك ب «لكن» إلّا بعد النفي ، وإن شئت رفعت على ـ تقدير ـ هو في «لكن» و «بل» فقلت «ما مررت برجل صالح ولكن طالح» ـ أي هو طالح ـ و «ما مررت برجل صالح بل طالح» أي هو طالح ، من ذلك قوله عزوجل : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ)(٢) ويقول سيبويه : واعلم أنّ «بل ولا بل ، ولكن» يشركن بين النّعتين فيجريان على المنعوت كما أشركت بينهما «الواو ، والفاء ، وثمّ ، وأو ، ولا ، وإمّا».

أمّا الاستفهام ، فله الصّدارة فلا يعمل فيه ما قبله ، تقول : «ما مررت برجل مسلم فكيف راغب في الصدقة» بمنزلة : فأين راغب في الصدقة ، على حدّ قول سيبويه.

٤ ـ موافقة النعت لمنعوته في التّعريف :

يقول سيبويه «هذا باب مجرى نعت المعرفة عليها». ثم يقول : واعلم أنّ المعرفة (٣) لا توصف إلّا بمعرفة : كما أنّ النّكرة لا توصف إلّا بنكرة ، واعلم أنّ العلم الخاصّ من الأسماء يوصف بثلاثة أشياء : بالمضاف إلى مثله وبالألف واللّام ، والأسماء المبهمة وهي ـ أسماء الإشارة ـ فأما المضاف فنحو : «مررت بزيد أخيك» والألف واللام نحو «مررت بزيد الطّويل» وما أشبه هذا من الإضافة

__________________

(١) أي بإتباعه بالحركات والتذكير أو التّأنيث ، والتعريف أو التنكير. والإفراد أو التّثنية أو الجمع.

(٢) أي المضاف إلى المعارف كالمضاف إلى الضمير.

(٣) وذكر سيبويه بأول بحثه المعارف بقوله :

فالمعرفة خمسة أشياء : الأسماء التي هي أعلام خاصة ، والمضاف إلى المعرفة إذا لم ترد معنى التنوين والألف واللام والأسماء المبهمة ـ وهي اسم الإشارة ـ والإضمار.

٥٠٩

والألف واللّام ، وأما المبهمة ـ أي أسماء الإشارة ـ فنحو «مررت بزيد هذا وبعمرو ذاك».

والمضاف إلى المعرفة يوصف بثلاثة أشياء : بما أضيف كإضافته وبالألف واللّام ، والأسماء المبهمة ، وذلك «مررت بصاحبك أخي زيد» و «مررت بصاحبك الطّويل». و «مررت بصاحبك هذا» فأمّا الألف واللام فتوصف بالألف واللّام ، وبما أضيف إلى الألف واللّام ، لأنّ ما أضيف إلى الألف واللّام بمنزلة الألف واللام فصار نعتا كما صار المضاف إلى غير الألف واللام صفة لما ليس فيه الألف واللام ـ وقد تقدم مثله ـ وذلك قولك : «مررت بالجميل النبيل» و «مررت بالرجل ذي المال».

وأمّا المبهمات وهي أسماء الإشارة ـ فهي ممّا ينعت به ـ وينعت (١) ، فالأول نحو قوله تعالى : (بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا)(٢) وأما الثاني فنحو قوله تعالى : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ)(٣).

ثم يقول سيبويه : واعلم أن صفات المعرفة تجري من المعرفة مجرى صفات النكرة من النكرة ، وذلك قولك : «مررت بأخويك الطّويلين» فليس في هذا إلّا الجرّ ، كما ليس في قولك : «مررت برجل طويل» إلّا الجرّ. ويقول ، وإذا قلت «مررت بزيد الرّاكع ثم السّاجد» أو الرّاكع فالساجد ، أو الراكع لا السّاجد ، أو الرّاكع أو السّاجد ، أو إمّا الراكع وإمّا السّاجد ، وما أشبه هذا لم يكن وجه كلامه إلّا الجرّ ، كما كان ذلك في النكرة ـ وقد تقدّمت ـ فإن أدخلت «بل ولكن» جاز فيهما ما جاز في النكرة ـ أي العطف على النعت أو القطع على أن يكون خبرا لمبتدأ هو ـ وقد مضى الكلام في النكرة فأغنى عن إعادته في المعرفة.

٥ ـ ما يتبع به النّعت الحقيقيّ منعوته في غير التّنكير والتعريف :

قدّمنا متابعة النعت منعوته في التنكير والتعريف ، ونذكر هنا ما يتبعه بغيرهما ، من ذلك : متابعة النّعت منعوته بواحد من الإفراد والتثنية والجمع ، وبواحد من الرّفع والنصب والجرّ ، وبواحد من التّأنيث والتّذكير ، فمثال الموافقة من الإفراد والتثنية والجمع قولك : «الرّجال الشّجعان ذخيرة الوطن» أتبع النعت منعوته بالجمع ، وكذلك التثنية والإفراد ، ويتابع النّعت منعوته بواحد من الرّفع والنّصب والجرّ ، نحو «هذا رجل صالح» و «رأيت

__________________

(١) وعند الزجاج والكوفيين لا ينعت اسم الإشارة ولا ينعت به ، والأولى عندهم جعله بيانا.

(٢) الآية «٦٣» من الأنبياء «٢١».

(٣) الآية «٦٢» من الإسراء «١٧».

٥١٠

عمرا العالم» و «نظرت إلى هند المباركة» ، وأمّا إتباعه في التّذكير والتأنيث فالنعت يكون مذكّرا إذا كان المنعوت مذكّرا ، وإذا كان المنعوت مؤنّثا كان النعت مؤنّثا ، وبهذا نفهم قول بعض المتأخّرين بأنّه يجب أن يوافق النّعت الحقيقي منعوته في أربعة من عشرة. واحد : من الرفع والنصب والجرّ ، وواحد من الإفراد والتثنية والجمع ، وواحد من التّذكير والتأنيث ، وواحد من التعريف والتنكير.

٦ ـ ما لا يوافق فيه النعت منعوته في التأنيث والتثنية والجمع :

هو ما يستوي فيه المذكّر والمؤنّث ، ك «المصدر» غير الميمي ، وصيغتي «فعول» و «فعيل» و «أفعل» التّفضيل ، فهذه لا تطابق منعوتها في التأنيث والتثنية والجمع ، بل تلزم الإفراد ، والتّذكير ، تقول : «جاءني رجل أو امرأة أو امرأتان أو رجلان أو نساء أو رجال عدل ، أو صبور ، أو جريح ، أو أفضل من غيره».

وكذلك نعت جمع ما لا يعقل ، فإنّها تعامل معاملة المؤنّثة المفردة أو جمع المؤنّث نحو : (إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً)(١) و (فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ)(٢).

٧ ـ ما يتبع به النّعت السّببيّ منعوته :

قدّمنا في تعريف النّعت : أنّه الذي يكمل متبوعه بدلالته على معنى فيه ، أو فيما له تعلّق به ، والذي يدلّ على معنى فيه هو الحقيقي ، وقد قدّمناه ، والذي له تعلّق به هو السّببي ، وهنا الكلام عليه ، وشرط النّعت السّببي أن يتبع منعوته في اثنين واحد من الرّفع والجرّ والنّصب وواحد من التّعريف والتّنكير ، ويكون مفردا دائما ، ولو كان منعوته مثنّى أو جمعا ، إلّا جمع التكسير ، فيجوز معه جمع النّعت تكسيرا ، تقول : «زرت أبا نشطاء أبناؤه» أو نشيطا أبناؤه.

ويراعى في تذكير النّعت السّببيّ وتأنيثه ما بعده ، فهي كالفعل مع الاسم الظّاهر وإن كان منعوتها خلاف ذلك تقول : «أثارت عجبي عائشة النّيّر عقلها» و «رأيت خالدا الثّابتة خطواته» و «سرّني القوم الكريم أبناؤهم» وهكذا ....

٨ ـ الأنواع التي ينعت بها :

الأنواع التي ينعت بها أربعة :

(١) المشتق ، وهو ما دلّ على حدث وصاحبه ك «رام ، ومنصور ، وحسن ، وأفضل».

__________________

(١) الآية «٨٠» من سورة البقرة «٢».

(٢) الآية «٢٠٣» من سورة البقرة «٢».

٥١١

(٢) الجامد المؤوّل بالمشتق كاسم الإشارة المؤول بالمشار إليه ، أو الحاضر ـ وقدّمنا جواز أن ينعت اسم الإشارة وينعت به ـ و «ذو» بمعنى صاحب ، وأسماء النّسب ، لأنّها مؤوّلة بمنسوب إلى كذا ، تقول في اسم الإشارة : «سرّني كتابك هذا» وفي «ذي» بمعنى صاحب «صادقت رجلا ذا مروءة».

وفي النّسب «حضر رجل دمشقيّ» لأنّ معناه الحاضر أو المشار إليه ، وصاحب المروءة ، ومنسوب إلى دمشق. وهذه الأنواع المذكورة رمز إليها بالتعريف في أول الكلام على النعت هو التابع المقصود بالاشتقاق وضعا أو تأويلا.

٩ ـ النّعت بالجملة :

ينعت بالجملة بشروط : شرط بالمنعوت ، وشرطين في الجملة.

ويشترط بالمنعوت أن يكون نكرة إمّا لفظا ومعنى نحو : (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ)(١) أو معنى فقط وهو المعرّف ظاهرا بأل الجنسية كقول رجل من بني سلول :

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

فأعفّ ثم أقول لا يعنيني

ويشترط في الجملة التي ينعت بها :

(١) أن تكون مشتملة على ضمير يربطها بالمنعوت إمّا ملفوظ به كما في الآية السابقة (وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ) والهاء في «فيه» تعود على المنعوت وهو «يوما».

أو مقدّر نحو قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(٢) أي لا تجزي فيه ، وقد ينوب «أل» عن الضمير كقول الشّنفرى :

كأنّ حفيف النّبل من فوق عجسها

عوازب نحل أخطأ الغار مطنف (٣)

الأصل : أخطأ غارها ، فكانت «أل» بدلا من الضّمير.

(٢) أن تكون خبريّة ، فلا يجوز قولك : «رأيت رجلا كلّمه» بالأمر ، ولا قولك «اشتريت فرسا بعتكه» بقصد إنشاء البيع ، وقد جاء ما ظاهره الإنشاء ولكنّ المعنى خبر ، كقول العجّاج :

حتى إذا جنّ الظّلام واختلط

جاؤوا بمذق هل رأيت الذّئب قطّ

__________________

(١) الآية «٢٨١» من سورة البقرة «٢».

(٢) الآية «٤٨» من سورة البقرة «٢».

(٣) حفيف النبل : دويّ ذهاب السهام «العجس» مقبض القوس ، وضمير عجسها للقوس ، وعوازب : جمع عازبة ، من عزبت الإبل : بعدت عن المرعى ، المطنف : هو الذي يعلو الطنف : وهو مانتأ من الجبل ، يشبّه دويّ السهام بطنين طائفة من النحل ضلّ دليلها فلم يهتد إلى الغار.

٥١٢

ولكنّ المعنى : جاؤوا بلبن لونه كلون الذّئب.

١٠ ـ النّعت بالمصدر :

يجوز النعت بالمصدر بشرط أن يكون مصدرا ثلاثيا ، وأن يكون المصدر الثّلاثيّ غير ميميّ ، سمع من العرب «هذا رجل عدل» و «رضا» و «زور» و «فطر» وذلك على التأويل بالمشتق ، أي عادل ، ومرضيّ وزائر ، ومفطر ، أو على تقدير مضاف ، أي ذو عدل ، وذو رضا ...

١١ ـ تعدّد النّعوت :

النّعوت :

(١) إمّا أن تكون لمنعوت واحد.

(٢) وإمّا أن تكون لمنعوتين متعدّدين.

(١) فإن كانت النّعوت لمنعوت واحد وتعيّن المنعوت بدونها جاز إتباعها وهو الأصل ، وذلك كقول خرنق ، أخت طرفة :

لا يبعدن قومي الذين هم

سمّ العداة وآفة الجزر

النّازلون بكلّ معترك

والطّيّبون معاقد الأزر

ويجوز فيه القطع نحو : «رأيت أحمد العالم الأديب الشاعر» والقطع : أن تقدّر هو أو هم فتقول : الأديب أي هو الأديب ، وهو الشاعر ، ويجوز القطع بالنّصب بإضمار «أمدح أو أذكر» كما يجوز اتباع بعض النّعوت وقطع بعضها.

فإن لم يتعيّن أو لم يعرف المنعوت إلّا لجميع نعوته ، وجب إتباعها كلّها ، وذلك كقولك : «سمعت أخبار إبراهيم الكاتب الشاعر الخطيب» إذا كان المنعوت إبراهيم يشاركه في اسمه ثلاثة أحدهم كاتب شاعر ، وثانيهم كاتب خطيب ، وثالثهم شاعر خطيب ، فإن تعيّن ببعضها جاز فيها الأوجه الثّلاثة عدا البعض. فإن كان المنعوت نكرة تعيّن في الأوّل الإتباع على النعت ، وجاز في الباقي القطع ، وذلك كقول أبي أميّة الهذلي يصف صائدا :

ويأوي إلى نسوة عطّل

وشعثا مراضيع مثل السّعالي

أي : وأذكر شعثا.

فإن كان النعت المقطوع لمجرد «المدح أو الذّمّ أو التّرحّم» وجب حذف المبتدأ والفعل ، فحذف المبتدأ في قولهم «الحمد لله الحميد» بإضمار هو ، وفي حذف الفعل نحو قوله تعالى : (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ) بنصب حمّالة بإضمار «أذمّ» والقراءة الثّانية بالضّم على أنّها نعت لامرأته ، أي حمّالة.

(٢) وإذا تعدّد النعت لمنعوتين فهو على نوعين :

٥١٣

(أ) أن يكون المنعوت مثنّى أو مجموعا من غير تفريق فإن اتّحد معنى النّعت ولفظه استغني بتثنية النّعت أو جمعه عن تفريقه بالعطف نحو «جاءني الرّجلان الفاضلان» و «جاءني المجاهدون الشّجعان».

وإن اختلف معنى النّعت ولفظه كعاقل وكريم ، أو اختلف لفظه دون معناه كالذّاهب والمنطلق ، وجب التّفريق فيها بالعطف ب «الواو» كقول الشّاعر ابن ميّادة :

بكيت وما بكى رجل حزين

على ربعين مسلوب وبالي

(ب) أن يكون المنعوت مفرّقا وتتعدّد النّعوت مع اتّحاد لفظها ، فإنّ اتّحد معنى العامل ، ومعناه جاز الإتّباع مطلقا نحو «جاء عليّ وأتى عمر الحكيمان» و «هذا أحمد وذاك محمود الأديبان». وإن اختلف العامل وعمله في المعنى والعمل أو اختلفا في المعنى فقط ، أو اختلفا في العمل فقط ، وجب القطع ـ وهو تقدير مبتدأ أو فعل ـ فمثال الأوّل : «سافر محمد وانتظرت حامدا الفارسان» ومثال الثاني : «جاء زيد ومضى عمرو الفاضلان» أي هما الفاضلان ، ومثال الثالث : «هذا يؤلم أخاك ويوجع أباك العاقلان» أي هما العاقلان ، ويجوز في هذه الأمثلة النّصب بتقدير فعل : أمدح ـ أي أمدح الفارسين والفاضلين والعاقلين ـ ، وتقدّم في هذا الباب من كلام سيبويه بعض هذا.

١٢ ـ حذف ما علم من نعت ومنعوت :

يحذف النّعت بقلّة ، ويحذف المنعوت بكثرة جوازا إذا دلّت قرينة على المحذوف ، فحذف النّعت نحو قوله تعالى : (يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً)(١) أي كل سفينة صالحة.

وأمّا حذف المنعوت فمشروط بأن يكون النّعت صالحا لمباشرة العامل نحو : (أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ)(٢) أي دروعا سابغات ، أو بأن يكون النّعت بعض اسم مقدّم مخفوض ب «من» أو «في» كقولهم «منا ظعن ومنّا أقام» أي منّا فريق ظعن ، ومنا فريق أقام.

١٣ ـ ما ينعت وما ينعت به من الأسماء وما ليس كذلك :

من الأسماء ما ينعت وينعت به كاسم الإشارة ـ وتقدّمت الإشارة إليه ـ ولا ينعت إلّا بمصحوب أل خاصّة ، فإن كان جامدا محضا نحو : «مررت بهذا الرّجل» فهو عطف بيان على الأصحّ أي الرجل وإلّا فهو نعت.

__________________

(١) الآية «٧٩» من سورة الكهف «١٨».

(٢) الآية «١١» من سورة سبأ «٣٤».

٥١٤

ومنها : ما لا ينعت ولا ينعت به كالضمير مطلقا.

ومنها : ما ينعت ولا ينعت به كالعلم.

ومنها : ما ينعت به ولا ينعت ك «أيّ» نحو «مررت بفارس أيّ فارس» (وانظر النعت بالنكرة) (٣).

١٤ ـ النّعت بعد المركّب الإضافي :

إذا أردنا أن ننعت مركّبا إضافيا فالنعت للمضاف لا للمضاف إليه لأنّه المقصود بالحكم ، تقول «جاء عبد الله النشيط» و «رحم الله ابن عباس بحر العلم» و «أبو خالد الشّجاع فارس».

ولا يكون النّعت للمضاف إليه إلّا بدليل ، لأنّه يؤتى به لغرض التّخصيص كما لا يكون النّعت إلّا للمضاف إليه بلفظ «كلّ» إنما أتي بكل لغرض التّعميم تقول : «رأيت كلّ إنسان عاقل يأبى الجهل».

١٥ ـ فوائد تتعلّق بالنّعت :

(١) إذا تقدّم النّعت على المنعوت ، كان المنعوت بدلا من النّعت نحو قوله سبحانه : (إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ)(١) فلفظ الجلالة بدل من العزيز الحميد. وبهذا يخرج من باب النعت.

(٢) إذا جاء النّعت مفردا وظرفا وجملة فالغالب تأخير الجملة نحو : (وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ) ويقلّ تقديم الجملة نحو : (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ).

(٣) قد يلي النّعت «لا» أو «إمّا» فيجب عندئذ تكرّرهما مقرونة بواو العطف نحو «اشتريت صوفا لا جيّدا ولا رديئا» ونحو «أعطني قطنا إمّا مصريّا وإمّا سوريّا».

(٤) يجوز عطف بعض النّعوت المختلفة المعاني على بعض نحو : «لبست ثوبا جميلا ومتين الصّنع».

نعم وبئس وما في معناهما :

١ ـ تعريفهما :

هي أفعال لإنشاء المدح والذّمّ على سبيل المبالغة.

٢ ـ فاعلهما :

فاعلهما نوعان :

(أحدهما) اسم ظاهر معرّف ب «أل» الجنسيّة نحو : (نِعْمَ الْعَبْدُ)

__________________

(١) الآية «١ ـ ٢» من سورة إبراهيم «١٤». وأول الآية : (الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ اللهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).

٥١٥

و (بِئْسَ الشَّرابُ)(١) أو معرّف بالإضافة إلى ما قارنها نحو : (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ)(٢)(فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ)(٣) أو بالإضافة إلى المضاف لما قارنها كقول أبي طالب :

فنعم ابن أخت القوم غير مكذّب

زهير حسام مفرد من حمائل

(الثاني) ضمير مستتر وجوبا مميّز إمّا بلفظ «ما» (٤) بمعنى شيء ، أو «من» بمعنى شخص ، نحو : (فَنِعِمَّا هِيَ)(٥) أي نعم شيئا هي ، وقوله «ونعم من هو في سرّ وإعلان» أي شخصا. وإمّا مميّز بنكرة عامّة واجبة الذّكر والتّأخير عن الفعل ، والتّقدّم على المخصوص ، قابلة ل «أل» مطابقة للمخصوص نحو «نعم رجلا عليّ» «نعم امرأتين الهندان» ومنه قول زهير :

نعم امرأ هرم لم تعر نائبة

إلّا وكان لمرتاع بها وزرا

وقول الشاعر :

نعم امرأين حاتم وكعب

كلاهما غيث وسيف غضب

وإذا كان فاعل هذا الباب اسما ظاهرا فلا يؤتى بالتّمييز غالبا لأنّه لرفع الإبهام ، ولا إبهام مع الظاهر ، وقد يؤتى به لمجرّد التّوكيد كقوله :

نعم الفتاة فتاة هند لو بذلت

ردّ التّحيّة نطقا أو بإيماء

فقد جاء التّمييز حيث لا إبهام لمجرّد التّوكيد كما جاء في غير هذا الباب كقول أبي طالب :

ولقد علمت بأنّ دين محمّد

من خير أديان البريّة دينا

٣ ـ المخصوص بالذّمّ أو المدح :

يذكر المخصوص المقصود بالمدح أو الذّمّ بعد فاعل «نعم وبئس» فيقال «نعم الخليفة عثمان» و «بئس الرّجل أبو جهل» وهذا المخصوص مبتدأ ، والجملة قبله خبر ، ويجوز أن يكون خبرا لمبتدأ واجب الحذف ، أي : الممدوح :

__________________

(١) الآية «٢٩» من سورة الكهف «١٨».

(٢) الآية «٣٠» من سورة النحل «١٦».

(٣) الآية «٢٩» من سورة النحل «١٦».

(٤) «ما» الواقعة بعد «نعم» على ثلاثة أقسام : «أ» مفردة أي غير متلوّة بشيء ، نحو دققته دقّا نعما ، وهي معرفة تامة فاعل ، والمخصوص محذوف ، أي نعم الشيء الدّقّ. «ب» متلوّة بمفرد نحو «فنعمّاهي» و «بئسما تزويج ولا مهر» وهي معرفة تامّة فاعل ، وما بعدها هو المخصوص ، أي نعم الشيء هو ، وبئس هذا الشيء تزويج ولا مهر.

«ج» متلوة بجملة فعلية نحو (نعمّا يعظكم به) و (بئسما اشتروا به أنفسهم) فـ «ما» نكرة في موضع نصب على التّمييز موصوفة بالفعل بعدها ، والمخصوص محذوف أي نعم شيئا يعظكم به ذلك القول.

(٥) الآية «٢٧١» من سورة البقرة «٢».

٥١٦

عثمان ، والمذموم : أبو جهل.

وقد يتقدّم المخصوص على الفعل فيتعيّن كونه مبتدأ ، وما بعده خبر نحو «العلم نعم الذّخر».

وقد يحذف إذا دلّ عليه دليل ممّا تقدّمه نحو : (إِنَّا وَجَدْناهُ صابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ)(١) أي أيّوب. وجواز حذف المخصوص أو تقديمه إنما هو في مخصوص الفاعل الظّاهر ، دون مخصوص الضّمير.

٤ ـ يستعمل وزن «فعل» استعمال «نعم وبئس» :

كلّ فعل ثلاثيّ صالح للتّعجّب منه (٢) يجوز استعماله على «فعل» بضم العين ، إمّا بالأصالة : ك «ظرف وشرف» أو بالتّحويل ك «فهم» و «ضرب» لإفادة المدح أو الذّمّ ، فيجري حينئذ مجرى «نعم وبئس» في حكم الفاعل والمخصوص ، تقول في المدح «فهم الرجل عليّ» وفي الذّمّ «خبث الرجل عمرو» فإن كان الفعل معتلّ العين بقيت على قلبها ألفا مع تقدير تحويله إلى «فعل» بالضم نحو «نال الرّجل عليّ» ، (ساءَتْ مُرْتَفَقاً)(٣) أي ما أقوله وما (٤) أسوأها أي النّار. وإن كان معتلّ اللّام ردّت الواو إلى أصلها إن كان واويّا ، وقلبت الياء واوا إن كان يائيّا فتقول في غزا ورمى : غزوا ورموا.

وهذه الأفعال المحوّلة تخالف نعم وبئس في ستّة أشياء : اثنان في معناها : وهما إفادتها التّعجّب ، وكونها للمدح الخاصّ واثنان في فاعلها المضمر ، وهما جواز عوده ، ومطابقته لما قبله ، بخلاف «نعم» فإنّه يتعيّن في فاعلها المضمر عوده على التّمييز بعده ، ولزومه حالة واحدة ، فنحو «محمّد كرم رجلا» يجوز فيه عود ضمير «كرم» إلى محمّد ، وإلى رجل ، فعلى الأوّل تقول : «المحمّدون كرموا رجالا» ، وعلى الثّاني «المحمّدون كرم رجالا» واثنان في فاعلها الظّاهر ، وهما جواز خلوّه من «أل» نحو : (وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً)(٥) وكثرة جرّه بالباء الزّائدة ، تشبيها ب «أسمع بهم» نحو :

حبّ بالزّور الذي لا يرى

منه إلّا صفحة أو لمام (٦)

__________________

(١) الآية «٤٤» من سورة ص «٣٨».

(٢) أي بأن يستوفي شروطه المذكورة في التعجب.

(٣) الآية «٢٩» من سورة الكهف «١٨».

(٤) الآية «٤٤» من سورة ص «٣٨».

(٥) الآية «٦٩» من سورة النساء «٤».

(٦) الزّور : الزائر ، ويكون للواحد والجمع مذكرا أو مؤنثا وصفحة : جانب ، واللّمام : جمع لمّة ، وهو الشعر يجاوز شحمة الأذن ، المعنى : ما أجمل الزائر سريع الترحّل.

٥١٧

نعم : حرف جواب للتّصديق ، والوعد ، والإعلام.

فالأول : بعد الخبر ك «قدم خالد» أو «لم يأت عليّ».

والثاني : بعد «افعل» و «لا تفعل» وما في معناهما نحو «هلّا تفعل» و «هلا لم تفعل».

والثالث : بعد الاستفهام في نحو : (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا : نَعَمْ)(١).

نعمّا هي : (= نعم وبئس وما في معناهما ٣).

نفي الفعل : إذا قال : فعل. فإن نفيه لم يفعل ، وإذا قال : قد فعل فإنّ نفيه لمّا يفعل. وإذا قال : لقد فعل فإن نفيه ما فعل. لأنّه كأنه قال : والله لقد فعل فقال : والله ما فعل.

وإذا قال : هو يفعل ، أي هو في حال فعل ، فإنّ نفيه ما يفعل. وإذا قال : هو يفعل ولم يكن الفعل واقعا فنفيه : لا يفعل. وإذا قال : ليفعلنّ فنفيه لا يفعل ، كأنه قال : والله ليفعلنّ ، فقلت : والله لا يفعل. وإذا قال : سوف يفعل فإن نفيه لن يفعل.

النّقل :

١ ـ تعريفه وشروطه :

هو نقل حركة الحرف المتحرّك المعتلّ إلى السّاكن الصحيح قبله ، ويبقى الحرف المعتل إن جانس الحركة المنقولة نحو «يقول» و «يبيع».

أصلهما : «يقول» مثل يقتل ، و «يبيع» ك «يضرب» وإن لم يجانس الحرف المعتلّ الحركة يقلب الحرف بما يناسب الحركة قبله نحو «يخاف» أصلهما «يخوف» كيذهب ، نقلت حركة الواو إلى الخاء ثم قلبت الواو ألفا لتناسب الفتحة فصارت : «يخاف» وكذلك «يخيف» أصلها «يخوف» كيكرم. ويمتنع النقل إن كان السّاكن معتلّا ك : «بايع» و «عوّق» و «بيّن» أو كان فعل تعجّب نحو «ما أبينه» و «أبين به» أو كان مضعّفا نحو «ابيضّ» و «اسودّ» أو معتلّ اللّام نحو «أحوى» و «أهوى» لئلا يتوالى إعلالان.

٢ ـ مسائله :

ينحصر النّقل في أربع مسائل :

(الأولى) الفعل المعتلّ عينا : ك «يقوم» و «يبيع».

(الثانية) الاسم المشبه للمضارع في وزنه دون زيادته ، بشرط أن تكون فيه علامة تدل على أنّه من الأسماء ك «مقام» و «معاش» أصلهما «مقوم» و «معيش» على زنة مذهب ، فنقلوا في «مقوم» حركة الواو إلى القاف السّاكنة

__________________

(١) الآية «٤٤» من سورة الأعراف «٧».

٥١٨

وقلبت الواو ألفا لتناسب الفتحة قبلها فصارت «مقام» وهكذا «معيش» نقلوا فيها حركة الياء وهي الفتحة إلى العين وقلبت الياء ألفا لتناسب الفتحة ، فصارت معاشا أو في زيادته دون وزنه كأن تبنى من كلمتي «البيع» أو «القول» على مثال «يعلىء» (١) فإنك تقول بعد الإعلال «تبيع» وأصله «تبيع» نقلت كسرة الياء إلى الباء الموحّدة ؛ فإن أشبهه في الوزن والزيادة معا ، أو باينه فيهما معا وجب التّصحيح ليمتاز عن الفعل ، فالأول نحو «أبيض وأسود» فإنّهما أشبها فعل «أكرم» في الوزن وزيادة الهمزة. وأمّا نحو «يزيد» علما فمنقول إلى العلميّة بعد أن أعلّ حين كان فعلا. والثاني : وهو المباين في الوزن والزّيادة معا : نحو : «مخيط» بكسر الميم ، فإنه مباين للفعل في كسر أوّله وزيادة الميم ، ومثله «مفعال» ك «مسواك» و «مكيال» و «مقوال» و «مخياط».

(الثالثة) المصدر الموازن : ل «إفعال» نحو «إقوام» و «استفعال» نحو «استقوام» فإنّه يحمل على فعله في الإعلال فتنقل حركة عينه إلى فائه ثمّ تقلب ألفا لتجانس الفتحة فيلتقي ألفان ، ويجب بعد القلب حذف إحدى الألفين لالتقاء السّاكنين ، والصحيح أنّ المحذوف الألف الثّانية ، لزيادتها وقربها من الطّرف ، ثمّ يؤتى بالتاء عوضا من الألف المحذوفة فيقال «إقامة» و «استقامة» وقد تحذف التاء فيقتصر فيه على ما سمع كقول بعضهم «أجابه إجابا» و «أراه إراء» ويكثر ذلك مع الإضافة نحو : (وَأَقامَ الصَّلاةَ).

وجاء تصحيح «إفعال» و «استفعال» وفروعها في الألف نحو : «أعول إعوالا» و «أغيمت السماء إغياما» و «استحوذ استحواذا» و «استغيل الصبيّ استغيالا» وهذا كلّه شاذ.

(الرابعة) صيغة مفعول ، ويجب بعد النّقل في ذوات الواو حذف إحدى الواوين ، والصحيح حذف الثّانية ، وفي ذوات الياء حذف الواو وقلب الضمة كسرة لئلا تنقلب الياء واوا فتلتبس ذوات الواو بذات الياء ، فمثال الواوي «مقول» و «مصوغ» والأصل «مقوول» و «مصووغ» بواوين ، الأولى عين الكلمة ، والثّانية واو مفعول نقلت حركة العين ـ وهي الواو ـ إلى ما قبلها فالتقى ساكنان وهما الواوان ، حذفت «واو» مفعول وهي الثانية فصار «مقول» و «مصوغ» ومثال اليائي «مبيع» و «مدين» أصلهما : مبيوع ، ومديون نقلت حركة العين ـ وهي الياء ـ إلى ما قبلها

__________________

(١) وهو القشر الذي على الجلد من منبت الشعر.

٥١٩

فالتقى ساكنان فحذفت «واو» مفعول ثم كسر ما قبل الياء لئلا ينقلب واوا.

وبنو تميم تصحّح اليائيّ فيقولون «مبيوع» و «مخيوط» و «مصيود» و «مكيول» وذلك مطّرد عندهم ، قال العبّاس بن مرداس :

قد كان قومك يحسبونك سيّدا

وإخال أنّك سيّد معيون

وكان القياس أن يقول «معين».

النّكرة والمعرفة :

١ ـ الاسم ضربان :

نكرة ، ـ وهي الأصل ـ ومعرفة (انظر المعرفة).

٢ ـ تعريف النّكرة :

النّكرة : هي ما لا يفهم منه معيّن ك «إنسان وقلم».

٣ ـ اشتراك المعرفة والنكرة :

كأن تقول «هذا رجل وعبد الله منطلق» إذا جعلت «منطلق» صفة لرجل ، فإن جعلته لعبد الله ، قلت : «هذا رجل وعبد الله منطلقا» كأنك قلت «هذا رجل وهذا عبد الله منطلقا» فإن جعلت الشّيء لهما جميعا قلت «هذا رجل وعبد الله منطلقين» تجعل الحال للاثنين تغليبا للمعرفة على النّكرة.

٤ ـ النّكرة نوعان :

(١) ما يقبل «أل» المفيدة للتّعريف ك «رجل وفرس وكتاب».

(٢) ما يقع موقع ما يقبل «أل» المؤثّرة للتّعريف نحو «ذي» بمعنى صاحب ، و «من» بمعنى إنسان ، و «ما» بمعنى شيء ، في قولك «اشكر لذي مال عطاءه» «لا يسرّني من معجب بنفسه» و «نظرت إلى ما معجب لك» «فذو ومن وما» نكرات ، وهي لا تقبل «أل» ولكنّها واقعة موقع ما يقبلها ، «فذو» واقعة موقع «صاحب» وهو يقبل أل و «من» نكرة موصوفة واقعة موقع «إنسان» وإنسان يقبل أل و «ما» نكرة موصوفة أيضا ، واقعة موقع «شيء» وشيء يقبل أل ، وكذا اسم الفعل نحو «صه» منونا ، فإنّه يحل محلّ قولك «سكوتا» وسكوتا تدخل عليه أل.

٣ ـ النكرة بعضها أعرف من بعض :

فأعمّها : الشيء ، وأخصّ منه الجسم ، وأخصّ من الجسم الحيوان ، والإنسان أخصّ من الحيوان ، والرّجل أخصّ من الإنسان ، ورجل ظريف أخصّ من رجل.

نواسخ المبتدأ والخبر :

١ ـ أقسامها :

النواسخ ثلاثة أقسام :

(أ) أفعال ترفع المبتدأ وتنصب الخبر ، وهي «كان وأخواتها ، وأفعال المقاربة».

٥٢٠