معجم القواعد العربيّة

المؤلف:

عبد الغني الدقر


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: منشورات الحميد
المطبعة: المطبعة العلمية
الطبعة: ١
الصفحات: ٦١٦

قول العرب «كليهما وتمرا» (١) يريد أعطني كليهما وتمرا.

ومن ذلك قولهم : «كلّ شيء ولا شتيمة حرّ» أي ائت كلّ شيء ، ولا ترتكب شتيمة حرّ ، فحذف الفعل لكثرة استعمالهم إياه ، ومن العرب من يقول : «كلاهما وتمرا» كأنّه قال : كلاهما لي ثابتان وزدني تمرا ، وكلّ شيء قد يقبل ولا ترتكب شتيمة حرّ.

ومما ينتصب في هذا الباب على إضمار الفعل المتروك إظهاره ، قوله تعالى : (انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ)(٢) «وراءك أوسع لك» والتقدير : انتهوا وأتوا خيرا لكم ، لأنّك حين قلت : انته فأنت تريد أن تخرجه من أمر وتدخله في آخر ، ويجوز في مثل هذا إظهار الفعل ، ومعنى «وراءك أوسع لك» تأخّر تجد مكانا أوسع لك ، ومثله قول ابن الرّقيّات :

لن تراها ولو تأمّلت إلّا

ولها في مفارق الرّأس طيبا

والمعنى : إلّا ورأيت لها طيبا.

ومثله قول ابن قميئة :

تذكرّت أرضا بها أهلها

أخوالها فيها وأعمامها

والمعنى : وتذكّرت أخوالها وأعمامها.

وإمّا وجوبا وذلك في سبعة أنواع :

(١) الأمثال ونحوها ممّا اشتهر بحذف العامل نحو قولك للقادم عليك «أهلا وسهلا» أي جئت أهلا ، ونزلت مكانا سهلا ، وفي المثل : «أمر مبكياتك لا أمر مضحكاتك» (٣) تقديره : اقبلي أمر مبكياتك ، وفي المثل : «الكلاب على البقر» (٤) أي أرسل.

(٢) النّعوت المقطوعة إلى النّصب للتّعظيم ، نحو «الحمد لله الحميد» (انظر النعت).

(٣) الاسم المشتغل عنه نحو : «محمّدا سامحه» (انظر الاشتغال).

(٤) الاختصاص نحو «نحن العرب أسخى من بذل» (انظر الاختصاص).

(٥) التّحذير بشرط العطف أو التكرار بغير «إيّا» نحو «رأسك والسّيف» و «الكسل الكسل» ونحو «إيّاك والكذب». (انظر التحذير).

(٦) الإغراء بشرط العطف أو التكرار أيضا نحو «المروءة والنّجدة» (انظر الإغراء).

__________________

(١) وفي أمثال الميداني : كلاهما وتمرا ، كلاهما : أي زبد وسنام.

(٢) الآية «١٧١» من سورة النساء «٤».

(٣) مثل يضرب لاستماع النصيحة ، ويصيح فيه ـ كما يقول سيبويه ـ الضم.

(٤) مثل ، معناه : خلّ الناس خيرهم وشرهم واغتنم طريق السلامة.

٤٤١

(٧) المنادى نحو «يا سيّد القوم» (١) أي أدعو سيّد القوم. (انظر النداء).

٣ ـ حذف المفعول به :

الأصل في المفعول به أن يذكر ، وقد يحذف جوازا لغرض لفظي : كتناسب الفواصل ، نحو : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى)(٢). أي وما قلاك ، أو الإيجاز نحو : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا)(٣). أو غرض معنوي : كاحتقاره نحو : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَ)(٤) أي الكافرين ، أو استهجانه كقول عائشة «ما رأى منّي ، ولا رأيت منه» أي العورة.

ويحذف وجوبا في باب التّنازع (انظر التنازع) إن أعمل الثاني ، نحو «قصدت وعلّمني أستاذي». ويمتنع حذفه في مواضع أشهرها : المفعول المسؤول عنه نحو «عليّا» في جواب «من أكرمت؟» والمحصور فيه نحو «ما أدّبت إلّا إبراهيم».

المفعول فيه (الظرف):

١ ـ تعريفه :

هو اسم زمان أو مكان ، أو اسم عرضت دلالته على أحدهما ، أو جرى مجرى الزّمان ، وضمّن معنى «في» باطّراد ، فاسم الزّمان والمكان نحو «سافر ليلا» و «مشى ميلا».

والذي عرضت دلالته على أحدهما أربعة أشياء :

(١) أسماء العدد المميّزة بالزمان أو المكان نحو «سرت عشرين يوما تسعين ميلا».

(٢) ما أفيد به كلّيّة الزّمان أو المكان ، أو جزئيتهما نحو «سرت جميع النّهار كلّ الفرسخ» أو «بعض اليوم نصف ميل».

(٣) ما كان صفة لأحدهما نحو : جلست طويلا من اليوم عندك» والمعنى : جلست زمنا طويلا.

(٤) ما كان مخفوضا بإضافة أحدهما ، ثمّ أنيب عنه بعد حذفه ، والغالب في النّائب أن يكون مصدرا ، وفي المنوب عنه أن يكون زمانا معيّنا لوقت أو لمقدار نحو : «جئتك صلاة العصر» و «انتظرتك جلسة خطيب» ونحو «موعدك مقدم الحجّاج» و «آتيك خفوق النجم».

وقد يكون النّائب اسم عين نحو «لا أكلّمه القارظين» (٥) أي مدّة ، غيبة

__________________

(١) الأصل في نصب المنادى ب «أدعو» المقدّرة ، فإذا قلت : «يا سيد القوم» فكأنك قلت : أدعو سيّد القوم.

(٢) الآية «٣» من سورة الضحى «٩٣».

(٣) الآية «٢٤» من سورة البقرة «٢».

(٤) الآية «٢١» من سورة المجادلة «٥٨».

(٥) القارظان : تثنية قارظة ، وهو الذي يجني القرظ وهو ثمر السلم ـ يدبغ به ، وهما : شخصان خرجا في طلبه ، فلم يرجعا ، فضرب برجوعهما المثل لما لا يكون أبدا.

٤٤٢

القارظين ، وقد يكون المنوب عنه مكانا ، نحو «جلست قرب محمّد» أي مكان قربه.

وأمّا الاسم الجاري مجرى الزّمان : فهو ألفاظ مسموعة ، توسّعوا فيها فنصبوها على تضمين معنى «في» نحو «أحقّا أنّك ذاهب» والأصل : أفي حقّ. (انظر في حرفها).

وقد نطقوا بالجرّ «بفي» قال قائد ابن المنذر :

أفي الحقّ أني مغرم بك هائم

وأنّك لا خلّ هواك ولا خمر

ومثله «غير شك» أو «جهد رأيي» أو «ظنّا مني أنّك عالم».

٢ ـ ما لا ينطبق عليه التعريف :

تبين من تفصيلات التّعريف أنّه ليس من المفعول فيه نحو : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ)(١) إذا قدّر «بفي» فإنّ النكاح ليس بواحد ممّا ذكر ، ولا نحو : (يَخافُونَ يَوْماً)(٢). لأنّه ليس على معنى «في» فهو مفعول به ، ونحو «دخلت الدّار» و «سكنت البيت» لأنّه لا يطرّد تعدّي الأفعال ، إلى الدّار والبيت على معنى «في» فلا تقول : «صليت الدار» ، ولا : «نمت البيت» ، لأنّه مكان مختصّ ، والمكان لا ينصب إلّا مبهما فنصبهما إنما هو على التّوسّع بإسقاط الخافض.

٣ ـ حكم المفعول فيه :

حكم المفعول فيه النّصب ، وناصبه اللّفظ الدّالّ على المعنى الواقع فيه ، ولهذا اللّفظ ثلاث حالات :

(إحداها) أن يذكر نحو «سرت بين الصّفين ساعة» وهو الأصل. فناصب «بين وساعة» الفعل المذكور : سرت.

(الثانية) أن يحذف جوازا كقولك «ميلا» أو «ليلا» جوابا لمن قال : كم سرت؟ ومتى سافرت؟.

(الثالثة) أن يحذف وجوبا وذلك في ستّ مسائل : أن يقع :

(١) صفة نحو «رأيت طائرا فوق غصن».

(٢) صلة ، نحو «جاءني الذي عندك».

(٣) خبرا نحو «الكتاب أمامك».

(٤) حالا نحو «التمع البرق بين السّحب».

(٥) مشتغلا عنه نحو «يوم الخميس سافرت فيه».

__________________

(١) الآية «١٢٧» من سورة النساء «٤».

(٢) الآية «٣٧» من سورة النور «٢٤».

٤٤٣

(٦) أن يسمع بالحذف لا غير ، كقولهم في المثل لمن ذكر أمرا تقادم عهده «حينئذ الآن» (١) أي كان ذلك حينئذ ، واسمع الآن.

٤ ـ ما ينصب وما لا ينصب من أسماء الزّمان والمكان :

أسماء الزّمان كلّها صالحة للنّصب على الظّرفيّة ، سواء في ذلك مبهمها ك «حين» و «مدّة» أو مختصّها ك «يوم الخميس» و «شهر رمضان» أم معدودها ك «يومين» و «أسبوعين» ، أمّا أسماء المكان فلا ينصب منها إلّا نوعان.

(أحدهما) : المبهم : وهو ما افتقر إلى غيره في بيان معناه كأسماء الجهات السّت ، وهي «فوق ، تحت ، يمين ، شمال ، أمام ، وراء» وشبهها في الشّيوع ك : «ناحية ، وجانب ، ومكان ، وبدل» ، وأسماء المقادير نحو : «ميل ، وفرسخ ، وبريد».

(الثاني) : ما اتّحدت مادّته ، ومادّة عامله ، نحو «رميت مرمى سليمان» و «جلست مجلس القاضي» ومنه قوله تعالى : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ)(٢). وعلى هذا فلا ينصب المختصّ من اسم المكان ، وهو ما له حدود معيّنة كالدّار ، والمدرسة ، بل يجرّ بفي.

٥ ـ حذف «في» واعتبار ما بعدها ظرف مكان :

يكثر حذف «في» من كل اسم مكان يدلّ على معنى القرب أو البعد حتّى يكاد يلحق بالقياس نحو : «هو منّي منزلة الولد» و «هو مني مناط الثّريّا فالأوّل : في قرب المنزلة ، والثاني : في ارتفاع المنزلة ، ومن الثاني قول الشاعر :

وإنّ بني حرب كما قد علمتم

مناط الثّريّا قد تعلّت نجومها (٣)

٦ ـ الظّرف نوعان :

متصرّف ، وغير متصرّف :

فالمتصرّف : ما يفارق الظّرفيّة إلى حالة لا تشبهها ، كأن يقع مبتدأ أو خبرا ، أو فاعلا ، أو مفعولا ، أو مضافا إليه ، ك : «اليوم ، والميل ، والفرسخ» تقول : «اليوم يوم مبارك» و «أحببت يوم قدومك» و «الميل ثلث الفرسخ».

وغير المتصرّف : وهو نوعان ما لا يفارق الظّرفيّة أصلا ك : «قط»

__________________

(١) يقصد من المثل : نهي المتكلم عن ذكر ما يقوله وأمره بسماع ما يقال له.

(٢) الآية «٩» من سورة الجن «٧٢».

(٣) يقول : هم في ارتفاع المنزلة كالثّريا إذا استعلت ، ومناطها السّماء ونطت الشيء بالشيء إذا علّقته به.

٤٤٤

و «عوض» (١) و «بينا أو بينما» (٢).

تقول : «ما هجرته قطّ» و «لا أفارقه عوض» و «بينا أو بينما أنا ذاهب حضر الغائب» ، ومن هذا : الظّروف المركّبة ك : «صباح مساء» و «بين بين». ومن غير المتصرّف «سحر» المعرفة (انظر سحر) و «ذات مرّة» (انظر ذات مرة) ومنه «بكرا» و «ذو صباح» و «صباح مساء» وممّا يقبح أن يكون غير ظرف صفة الأحيان ، تقول «سير عليه طويلا» أي سيرا طويلا و «سير عليه حديثا» أي سيرا حديثا. وما لا يخرج عنها إلّا حالة تشبهها ، وهي دخول الجارّ نحو : «قبل ، وبعد ، ولدن وعند» (٣) فتدخل عليهنّ «من».

٧ ـ الظّروف التي لا يدخل عليها من حروف الجرّ إلّا «من» : هي ستّة : «عند ، ولدى ، ولدن ، وقبل ، وبعد ، وأسماء الجهات».

٨ ـ متعلّق المفعول فيه :

يجب أن يكون للمفعول فيه متعلّق سواء أكان زمانيا أم مكانيّا وشروط تعلّقه كشروط تعلّق الجار والمجرور» ، (انظر الجار والمجرور رقم ٢٨).

المفعول لأجله :

١ ـ تعريفه :

هو اسم يذكر لبيان سبب الفعل ، نحو : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ)(٤).

فانتصب لأنّه موقوع له ، ولأنّه تفسير لما قبله لم كان؟ على حدّ قول سيبويه.

٢ ـ شروطه :

يشترط لجواز نصبه خمسة شروط :

(١) كونه مصدرا ،.

(٢) قلبيّا (٥).

(٣) مفيدا للتّعليل.

(٤) متّحدا مع المعلّل به في الوقت.

(٥) متّحدا معه في الفاعل.

فإن فقد شرط من هذه الشروط : وجب جرّه بحرف الجرّ نحو : (وَالْأَرْضَ وَضَعَها لِلْأَنامِ)(٦) لفقد المصدرية ، ونحو : (وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ)(٧) لفقد القلبية ، ونحو «أحسنت إليك لإحسانك» لأنّ الشيء لا يعلّل بنفسه ونحو «جئتك اليوم للإكرام غدا»

__________________

(١) انظرهما في حرفيهما.

(٢) انظرهما في حروفهما.

(٣) انظرها في حروفها.

(٤) الآية «٣١» من سورة الإسراء «١٧».

(٥) القلبي : هو الذي يكون معناه عقليا غير مادّي.

(٦) الآية «١٠» من سورة الرحمن «٥٥».

(٧) الآية «١٥١» من سورة الأنعام «٦».

٤٤٥

لعدم اتّحاد الوقت ، ومنه قول امرىء القيس :

فجئت وقد نضّت لنوم ثيابها

لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل (١)

ومن فقد الاتّحاد في الفاعل قول أبي صخر الهذلي :

وإنّي لتعروني لذكراك هزّة

كما انتفض العصفور بلّله القطر (٢)

وقد انتفى الاتّحاد في الزّمن والفاعل في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٣) لأنّ زمن الإقامة متأخّر عن زمن الدّلوك ، وفاعل الإقامة المخاطب ، وفاعل الدّلوك الشمس.

٣ ـ أنواع المفعول لأجله المستوفي الشّروط ، فهو :

(١) إمّا أن يكون مجرّدا من «أل والإضافة».

(٢) أو مقرونا ب «أل».

(٣) أو «مضافا». فإن كان الأوّل : فالمطّرد نصبه ، نحو «زيّنت المدينة إكراما للقادم» ، ومثله قول الشّاعر وهو حاتم الطائي :

وأغفر عوراء الكريم ادّخاره

وأعرض عن شتم اللّئيم تكرّما (٤)

وقال النّابغة الذّبياني :

وحلّت بيوتي في يفاع ممنّع

يخال به راعي الحمولة طائرا (٥)

حذارا على أن لا تنال مقادتي

ولا نسوتي حتى يمتن حرائرا

وقال الحارث بن هشام :

فصفحت عنهم والأحبّة فيهم

طعما لهم بعقاب يوم مفسد

ويجرّ على قلّة كقول الراجز :

من أمّكم لرغبة فيكم جبر

ومن تكونوا ناصريه ينتصر (٦)

وإن كان الثاني ـ وهو المقترن بأل ـ فالأكثر جرّه بالحرف ، نحو «أصفح عنه للشفقة عليه» ، ينصب على قلّة ، كقول الرّاجز :

__________________

(١) نضت : خلعت ، المتفضل : من بقي في ثوب واحد ، وظاهر أن مجيئه وخلع ثيابها لم يتّحدا زمنا.

(٢) تعروني : تغشاني ، والشّاهد : اختلاف الفاعل في : «تعروني ، وذكراك» ففاعل تعروني : «الهزة ، وفاعل : «لذكراك» المتكلم ، لذلك وجب جرّ «لذكراك» بلام التعليل.

(٣) الآية «٧٨» من سورة الإسراء «١٧».

(٤) ادّخاره : ابقاء عليه.

(٥) اليفاع : المرتفع من الأرض ، الحمولة : الإبل قد أطاقت الحمل ، والمعنى لارتفاعه وعلوه يرى الإبل كالطيور.

(٦) المعنى : من قصدكم في إحسانكم فقد ظفر الشّاهد في «لرغبة» إذ برزت فيه اللّام والأرجح نصبه.

٤٤٦

لا أقعد الجبن عن الهيجاء

ولو توالت زمر الأعداء (١)

ومثله قول الشاعر :

فليت لي بهم قوما إذا ركبوا

شنّوا الإغارة فرسانا وركبانا

نصب الإغارة مفعولا لأجله ، والأولى أن تجرّ باللام.

وإن كان الثالث ـ أي أن يكون مضافا ـ جاز فيه الأمران على السّواء نحو قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ)(٢)(وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ)(٣) جاء ابتغاء مفعولا لأجله مع الإضافة وفي الآية الثانية جرّ بمن : من خشية الله.

المفعول المطلق :

١ ـ تعريفه :

هو اسم يؤكّد عامله ، أو يبيّن نوعه أو عدده ، وليس خبرا ولا حالا (٤) ، نحو «اسع للمعروف سعيا» و «سر سير الفضلاء» و «افعل الخير كلّ يوم مرّة أو مرّتين».

٢ ـ كونه مصدرا ، وغير مصدر :

أكثر ما يكون المفعول المطلق مصدرا ، وليس قولك : «اغتسل غسلا» و «أعطى عطاء» مصدرين فإنهما من أسماء المصادر ، لأنها لم تجر على أفعالها لنقص حروفها عنها ، وقد يكون غير مصدر ، وسيأتي تفصيل ذلك.

٣ ـ عامله :

عامل المفعول المطلق إمّا مصدر مثله لفظا ومعنى نحو : (فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزاؤُكُمْ جَزاءً مَوْفُوراً)(٥).

أو ما اشتقّ منه من فعل نحو : (وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً)(٦) أو وصف (٧) ، نحو (وَالصَّافَّاتِ صَفًّا)(٨) ونحو «اللحم مأكول أكلا» لاسم المفعول ، ونحو : «زيد ضرّاب ضربا» لمبالغة اسم الفاعل.

٤ ـ ما ينوب عن المصدر :

قد ينوب عن المصدر في الانتصاب

__________________

(١) الهيجاء : الحرب ، والشّاهد في «الجبن» حيث نصبه ، والأرجح ، جرّه باللام.

(٢) الآية «٢٠٧» من سورة البقرة «٢».

(٣) الآية «٧٤» من سورة البقرة «٢».

(٤) بخلاف نحو قولك «فضلك فضلان» و «علمك علم نافع» فإنه وإن بين العدد في الأول والنوع في الثاني ، فهو خبر عن «فضلك» في الأول ، وخبر عن «علمك» في الثاني ، وبخلاف نحو «ولّى مدبرا» فإنه وإن كان توكيدا لعامله فهو حال من الضمير المستتر في «ولّى».

(٥) الآية «٦٣» من سورة الإسراء «١٧».

(٦) الآية «١٦٤» من سورة النساء «٤».

(٧) المراد من الوصف : اسم الفاعل ، أو اسم المفعول أو المبالغة ، دون اسم التفضيل والصفة المشبهة.

(٨) الآية «١» من سورة الصافات «٣٧».

٤٤٧

على المفعول المطلق (١) ، ما دلّ على المصدر ، وذلك أربعة عشر شيئا : أحد عشر للنّوع ، وثلاثة للمؤكّد.

أمّا الأحد عشر للنّوع فهي :

(١) كلّيّته ، نحو : (فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ)(٢).

(٢) بعضيّته ، نحو «أكرمته بعض الإكرام».

(٣) نوعه ، نحو «رجع القهقرى» و «قعد القرفصاء».

(٤) صفته نحو «سرت أحسن السّير».

(٥) هيئته ، نحو «يموت الجاحد ميتة سوء».

(٦) المشار إليه ، نحو «علّمني هذا العلم أستاذي».

(٧) وقته ، كقول الأعشى :

ألم تغتمض عيناك ليلة أرمدا

وعاد كما عاد السّليم مسهّدا (٣)

أي اغتماض ليلة أرمد.

(٨) «ما» الاستفهاميّة ، نحو «ما تضرب الفاجر؟» (٤).

(٩) «ما» الشّرطية ، نحو «ما شئت فاجلس» (٥).

(١٠) آلته ، نحو «ضربته سوطا» وهو يطرّد في آلة الفعل دون غيرها ، فلا يجوز ضربته خشبة.

(١١) العدد ، نحو : (فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً)(٦).

أمّا الثّلاثة للمؤكّد فهي :

(١) مرادفه ، نحو «فرحت جذلا» و «ومقته حبّا».

(٢) ملاقيه في الاشتقاق ، نحو : (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً)(٧)(وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً)(٨). والأصل : «إنباتا» و «تبتّلا».

(٣) اسم المصدر ، نحو : «توضّأ وضوءا» و «أعطى عطاءا».

__________________

(١) وهو منصوب بالفعل المذكور ، وهو مذهب المازني والسّيرافي والمبرّد واختاره ابن مالك لاطّراده ، أما مذهب سيبويه والجمهور فينصب بفعل مقدّر من لفظه ولا يطّرد هذا في نحو «حلفت يمينا» إذ لا فعل له.

(٢) الآية «١٢٨» من سورة النساء «٤».

(٣) البيت للأعشى ميمون بن قيس من قصيدة في مدح النبي (ص) و «السّليم» : الملدوغ ، والشّاهد فيه «ليلة أرمدا» حيث نصب «ليلة : بالنيابة عن المصدر والتّقدير : اغتماضا مثل اغتماض ليلة أرمد ، وليس انتصابها على الظرف.

(٤) أي : أيّ ضرب تضربه.

(٥) أي : أيّ جلوس شئته فاجلس.

(٦) الآية «٤» من سورة النور «٢٤».

(٧) الآية (١٧» من سورة نوح «٧١».

(٨) الآية «٨» من سورة المزمل «٧٣».

٤٤٨

٥ ـ حكم المصدر من حيث إفراده أو جمعه :

المصدر المؤكّد لا يثنّى ولا يجمع ، فلا يقال «أكلت أكلين ، ولا أكولا مرادا التّأكيد لأنّ المقصود به الجنس من حيث هو.

وأمّا المصدر العددي فيثنّى ويجمع باتفاق ، نحو «ضربته ضربة ، وضربتين ، وضربات».

وأمّا المصدر النّوعي فالمشهور جواز تثنيته وجمعه (١) ، ودليل ذلك قوله تعالى : (وَتَظُنُّونَ بِاللهِ الظُّنُونَا)(٢).

٦ ـ ذكر العامل ، وحذفه :

الأصل في عامل المصدر أن يذكر ، وقد يحذف جوازا لقرينة لفظيّة أو معنويّة ، فاللفظيّة : كأن يقال : ما جلست ، فتقول : «بلى ، جلوسا طويلا» أو بلى «جلستين» ، والمعنوية : نحو «حجّا مبرورا ، وسعيا مشكورا». أي حججت ، وسعيت وقد يجب حذف العامل عند إقامة المصدر مقام فعله ، وهو نوعان : «أ» ما لا فعل له من لفظه نحو : «ويل أبي لهب» و «ويح عبد المطلب» و «بله الأكفّ» فيقدّر : أهلكه الله ، لكلمة «ويل» ورحمه‌الله ل «ويح» ، واترك ذكر الأكف ، ل «بله الأكفّ».

ومثلها : ما أضيف إلى كاف الخطاب ، وذلك : ويلك ، وويحك ، وويسك (٣) ، وويبك (٤) ، وإنّما أضيف ليكون المضاف فيها بمنزلته في اللام إذا قلت : سقيا لك ، لتبيّن من تعني ، وهذه الكلمات لا يتكلّم بها مفردة إلّا أن يكون على ويلك (٥) ، ويقال : ويلك وعولك (٦) ؛ ولا يجوز عولك وحدها ، بل لا بدّ من أن تتبع ويلك.

«ب» ما له فعل من لفظه ، ويحذف عامله في ستّة مواضع.

(١) ما ينصب من المصادر على إضمار الفعل غير المستعمل إظهاره :

وذلك قولك : «سقيا ورعيا» ونحو قولك «خيبة ، ودفرا ، وجدعا ، وعقرا ، وبؤسا ، وأفّة ، وتفّة ، وبعدا ، وسحقا» ومن ذلك قولك «تعسا ، وتبّا ، وجوعا وجوسا» (٧) ونحو قول ابن ميّادة :

__________________

(١) وظاهر مذهب سيبويه المنع.

(٢) الآية «١٠» من سورة الأحزاب «٣٣».

(٣) ويس : كويح كلمة رحمه.

(٤) ويبك : كويلك ، تقول : ويبك وويب لك.

(٥) أو ويل لك وهما في المعنى واحد كما تقدم.

(٦) عولك : مثل ويب وويل كما في القاموس.

(٧) الجوس : الجوع ، يقال : جوعا له وجوسا.

٤٤٩

تفاقد قومي إذ يبيعون مهجتي

بجارية بهرا لهم بعدها بهرا (١)

أي تبّا.

وقال عمر بن أبي ربيعة :

ثم قالوا تحبّها قلت بهرا

عدد النّجم والحصى والتراب (٢)

كأنه قال : جهدا ، أي جهدي ذلك.

وإنما ينتصب هذا وما أشبهه إذا ذكر مذكور فدعوت له أو عليه على إضمار الفعل كأنّك قلت : سقاك الله سقيا ، ورعاك الله رعيا ، وخيّبك الله خيبة ، فكلّ هذا وأشباهه على هذا ينتصب. وقد رفع بعض الشّعراء بعض هذا فجعلوه مبتدأ ، وجعلوا ما بعده خبرا ، من ذلك قول الشّاعر :

عذيرك من مولى إذا نمت لم ينم

يقول الخنا أو تعتريك زنابره

فلم يجعل الكلام على اعذرني ، ولكنّه قال : إنما عذرك إيّاي من مولى هذا أمره.

(٢) ما ينتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره من المصادر غير الدّعاء : ومن ذلك قولك : حمدا ، وشكرا لا كفرا وعجبا ، وافعل ذلك وكرامة ، ومسرّة ، ونعمة عين ، وحبّا ، ونعام عين.

ولا أفعل ذلك لا كيدا ولا همّا ، ولأفعلنّ ذلك ورغما وهوانا ، فإنّما ينتصب هذا على إضمار الفعل ، كأنّك قلت : أحمد الله حمدا ، وأشكر الله ، وكأنك قلت : أعجب عجبا ، وأكرمك كرامة ، وأسرّك مسرّة ، ولا أكاد كيدا ، ولا أهم همّا ، وأرغمك رغما.

وإنّما اختزل الفعل ههنا لأنّهم جعلوا هذا بدلا من اللفظ بالفعل ، كما فعلوا ذلك في باب الدّعاء ، كأنّ قولك : حمدا في موضع أحمد الله ، وقد جاء بعض هذا رفعا يبتدأ به ثمّ يبنى عليه ـ أي الخبر ـ يقول سيبويه : وسمعنا بعض العرب الموثوق به يقال له : كيف أصبحت؟ فيقول : حمد الله وثناء عليه ، كان يقول : أمري وشأني حمد الله وثناء عليه ،.

وهذا مثل بيت سمعناه من بعض العرب الموثوق به يرويه ـ وهو للمنذر ابن درهم الكلبي ـ :

فقالت حنان ما أتى به ههنا

أذو نسب أم أنت بالحيّ عارف

قالت : أمرنا حنان ، ومثله قوله عزوجل : (قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ)(٣)

__________________

(١) نسبه المبرد إلى ابن المفرّغ ، تفاقد قومي : فقد بعضهم بعضا ، إذ لم يعينوني على جارية علقت بها ، فكأنهم باعوا مهجتي.

(٢) أراد بالنجم اسم الجنس ، ويروى : عدد الرمل والحصى والتراب وبهرا : في الأساس يقولون :

بهرا له ، دعاء عليه بأن يغلب.

(٣) الآية «١٦٤» من سورة الأعراف «٧».

٤٥٠

كأنهم قالوا : موعظتنا معذرة إلى ربّكم.

(٣) المصدر المنتصب في الاستفهام :

فذلك نحو قولك : «أقياما يا فلان والنّاس قعود» ونحو «أجلوسا والناس يعدون» لا يريد أن يخبر أنّه يجلس ولا أنّه قد جلس وانقضى جلوسه ولكنّه في تلك الحال ـ أي حال قعود الناس وعدوهم ـ في قيام وفي جلوس ، ومن ذلك قول الرّاجز ـ وهو العجاج ـ :

أطربا وأنت قنّسريّ وإنما أراد : أتطرب وأنت شيخ كبير السن.

ومن ذلك قول بعض العرب ـ وهو عامر بن الطفيل ـ «أغدّة كغدّة (١) البعير ، وموتا في بيت سلوليّة» كأنّه إنما أراد :

أأغدّ غدّة كغدّة البعير ، وقال جرير :

أعبدا حلّ في شعبي غريبا

ألؤما لا أبا لك واغترابا

يقول : أتلؤم لؤما ، وأتغترب اغترابا ، وحذف الفعلين لأنّ المصدر بدل الفعل.

وأمّا عبدا فإن شئت نصبته على النّداء ، وإن شئت على قوله : أتفتخر عبدا ، ثم حذف الفعل ، وقد يأتي هذا الباب بغير استفهام نحو «قاعدا علم الله وقد سار الركب» حذف الاستفهام بما يرى من الحال.

(٤) مصادر لا تتصرّف تنصب بإضمار الفعل المتروك إظهاره :

وذلك قولك : سبحان الله ، ومعاذ الله ، وريحانه ، وعمرك الله ، وقعدك الله إلّا فعلت (انظر في حروفها).

(٥) المصدر المنصوب الواقع فعله خبرا إمّا لمبتدأ أو لغيره :

وذلك قولك «ما أنت إلّا سيرا» أي تسير سيرا ، و «ما أنت إلّا سيرا سيرا» و «ما أنت إلّا الضّرب الضّرب» و «ما أنت إلّا قتلا قتلا» و «ما أنت إلّا سير البريد سير البريد» فكأنّه قال في هذا كلّه : ما أنت إلّا تفعل فعلا ، وما أنت إلّا تفعل الفعل ، ولكنهم حذفوا الفعل في الإخبار والاستفهام ، وأنابوا المصدر ، ويشترط فيه التّكرار أو الحصر.

وتقول : «زيد سيرا سيرا» و «إنّ زيدا سيرا سيرا» و «ليت زيدا سيرا سيرا» ومثلها لعلّ ولكنّ وكأنّ وكذلك إن قلت «أنت الدّهر سيرا سيرا» و «كان عبد الله الدّهر سيرا سيرا» و «أنت مذ اليوم سيرا سيرا».

وإنّما تكرر السّير في هذا الباب ليفيد

__________________

(١) هذه الغدّة خرجت على ركبته لما أصيب في حادثة انظرها في أمثال الميداني ، وسلول : أحطّ بيت في العرب ، يضرب في خصلتين إحداهما شرّ من الأخرى.

٤٥١

أنّ السير متّصل بعضه ببعض في أيّ الأحوال كان ومن ذلك قولك : «ما أنت إلّا شرب الإبل» و «ما أنت إلّا ضرب النّاس» وأما شرب الإبل فلا ينوّن ـ لأنّه لم يشبّه بشرب الإبل ـ.

ونظير ما انتصب قول الله عزوجل : (فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً)(١) أي فإمّا تمنّون منّا ، وإمّا تفادون فداء. ومثله قول جرير :

ألم تعلمي مسرّحي القوافي

فلا عيّا بهنّ ولا اجتلابا

ينفي أنه أعيا بهنّ عيّا أو اجتلبهنّ اجتلابا.

قال سيبويه : وإن شئت رفعت هذا كلّه فجعلت الآخر هو الأوّل فجاز على سعة من الكلام ومن ذلك قول الخنساء :

ترتع ما رتعت حتّى إذا ادّكرت

فإنّما هي إقبال وإدبار

فجعلها ـ أي الناقة ـ الإقبال والإدبار ، وهذا نحو نهارك صائم وليلك قائم.

(٦) نصب المصدر المشبّه به على إضمار الفعل المتروك إظهاره :

وذلك قولك : «مررت به فإذا له صوت صوت حمار» ـ أي كصوت ـ و «مررت به فإذا له صراخ صراخ الثّكلى».

وقال النابغة الذبياني :

مقذوفة بدخيس النّحض بازلها

له صريف صريف القعو بالمسد (٢)

وقال النّابغة الجعدي :

لها بعد إسناد الكليم وهدئه

ورنّة من يبكي إذا كان باكيا (٣)

هدير هدير الثّور ينفض رأسه

يذبّ بروقيه الكلاب الضّواريا (٤)

فإنّما انتصب هذا لأنّك مررت به في حال تصويت ، ولم ترد أن تجعل الآخر ـ أي الصوت المنصوب ـ صفة للأوّل ولا بدلا منه ـ أي فترفعه ـ ولكنّك لما قلت : له صوت علم أنّه قد كان ثمّ عمل فصار قولك : له صوت بمنزلة قولك : فإذا هو يصوّت ـ صوت حمار ـ. ومثل ذلك «مررت به فإذا له دفع دفعك الضّعيف» ومثل ذلك أيضا «مررت به فإذا له دقّ

__________________

(١) الآية «٤» من سورة محمد «٤٧».

(٢) النّحض : اللحم ، والدّخيس : ما تداخل من اللحم وتراكب ، والبازل : السّن تخرج في التاسعة من عمر الناقة ، الصّريف : صوت أنياب الناقة إذا حكّت بعضها ببعض نشاطا ، القعو : ما تدور عليه البكرة من خشب ، والمسد : الحبل.

(٣) اسناد الكليم : إقعاد المجروح معتمدا على ظهره. ورنّة : الصوت بالبكاء.

(٤) الرّوق : القرن ، الضواري : الكلاب التي اعتادت على الصيد.

٤٥٢

دقّك بالمنحاز (١) حبّ الفلفل» ومثل ذلك قول أبي كبير الهذلي :

ما إن يمسّ الأرض إلّا منكب

منه وحرف السّاق طيّ المحمل (٢)

٧ ـ أسماء لم تؤخذ من الفعل تجري مجرى مصادر أخذت من الفعل :

وذلك قولك : «أتميميّا مرّة وقيسيّا أخرى» كأنك قلت : «أتتحوّل تميميا مرّة وقيسيّا أخرى» فأنت في هذا الحال تعمل في تثبيت هذا له ، وهو عندك في تلك الحال في تلوّن وتنقّل ، وليس يسأله مسترشدا عن أمر هو جاهل به ولكنه على الاستفهام الإنكاري أو التوبيخي.

يقول سيبويه : وحدثنا بعض العرب أن رجلا من بني أسد قال يوم جبله ـ واستقبله بعير أعور فتطير منه ـ فقال : يا بني أسد «أعور وذا ناب؟» كأنه قال :

أتستقبلون أعور وذا ناب ، ومثل ذلك قول هند بن عتبة :

أفي السّلم أعيارا جفاء وغلظة

وفي الحرب أشباه الإماء العوارك

أي تنقّلون وتلوّنون مرّة كذا ، ومرّة كذا ، وقال الشاعر :

أفي الولائم أولادا لواحدة

وفي العيادة أولادا لعلّات (٣)

نصب أولادا بإضمار فعل ، كأنّه قال : أتثبتون مؤتلفين في الولائم ، ونصب أولادا الثانية بإضمار فعل ، كأنه قال : أتمضون متفرقين.

٨ ـ ما وقع من المصادر توكيدا للجملة :

وذلك مثل قولك : «هذا زيد حقا» لأنك لما قلت : هذا زيد إنّما خبّرت بما هو عندك حقّ ، فأكّدت هذا المعنى بقولك : «حقّا» وحقّا مصدر منصوب مؤكّد للجملة.

ويقول سيبويه في كتابه :

«هذا باب ما ينتصب من المصادر توكيدا لما قبله» وذلك قولك : «هذا عبد الله حقّا» و «هذا زيد الحقّ لا الباطل» و «هذا زيد غير ما تقول».

ويقول سيبويه : وزعم الخليل رحمه‌الله ـ أي قال ـ إن قوله : «هذا القول لا قولك» إنّما نصبه كنصب «غير ما تقول» لأنّ «لا قولك» في ذلك المعنى ألا ترى أنّك تقول : «هذا القول لا ما تقول» فهذا في موضع نصب.

__________________

(١) المنحاز : آلة الدق.

(٢) الشاهد فيه : طيّ المحمل ، والمحمل : علّاقة السيف وإنما نصب طيّ بإضمار فعل دلّ عليه أي إنه طوي طيّ المحمل.

(٣) وورد في اللسان بغير نسبة ، وروايته ، وفي المآتم ، وأولاد العلات : أولاد الرجل من نسوة شتى.

٤٥٣

ومن ذلك في الاستفهام «أجدّك لا تفعل كذا وكذا؟» كأنه قال : «أحقا لا تفعل كذا وكذا؟» ، وأصله من الجدّ ، كأنّه قال : أجدّا ، ولكنه لا يتصرّف ، ولا يفارقه الإضافة كما كان ذلك في «لبّيك» و «معاذ الله» (انظر أجدّكما).

٩ ـ مصادر من النّكرة يبتدأ بها كما يبتدأ بما فيه الألف واللام :

وذلك قولك : سلام عليك ، وخير بين يديك ، وويل لك ، وويح لك ، وويس لك ، وويلة لك ، وعولة لك ، وخير لك ، وشرّ له ، (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)(١) فهذه المصادر كلّها مبتدأة مبنيّ عليها ما بعدها ، والمعنى فيهن أنّك ابتدأت شيئا قد ثبت عندك ، وفيها ذلك المعنى ـ أي معنى الدعاء ـ كما أنّ «رحمة الله عليه» فيه معنى «رحمه‌الله» ـ وهو الدّعاء ـ.

كما أنّهم لم يجعلوا «سقيا ورعيا» بمنزلة هذه المصادر المرفوعة ، ومثل الرّفع (طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ)(٢).

وأمّا قوله تعالى جدّه : (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)(٣) و (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)(٤). فإنّه لا ينبغي أن تقول إنّه دعاء ههنا ، لأنّ الكلام بذلك قبيح فكأنه ـ والله أعلم ـ قيل لهم : ويل للمطففين ، وويل يومئذ للمكذبين ، أي هؤلاء ممّن وجب هذا القول لهم ، لأنّ هذا الكلام إنّما يقال لصاحب الشّر والهلكة ، فقيل : هؤلاء ممّن دخل في الشّرّ والهلكة ووجب لهم هذا. ومن هذا الباب «فداء لك أبي وأمي».

وبعض العرب يقول : «ويلا له» و «عولة لك» ويجريها مجرى خيبة ، والرّفع أكثر في كلامهم.

١٠ ـ المصادر المحلّاة بأل والتي يختار فيها الابتداء :

وذلك قولك : الحمد لله ، والعجب لك ، والويل لك ، والتّراب لك ، والخيبة لك.

وإنّما استحبّوا الرفع فيه لأنّه صار معرفة فقوي في الابتداء. وأحسنه إذا اجتمع نكرة ومعرفة أن يبتدىء بالأعرف.

وليس كلّ مصدر يصلح للابتداء ، كما أنّه ليس كلّ مصدر يدخل فيه الألف واللّام من هذا الباب ، لو قلت : السّقي لك والرّعي لك ، لم يجز ـ أي إلّا سقيا ورعيا ـ ومن العرب من ينصب بالألف واللام من ذلك قولك : الحمد لله فينصبها عامّة بني تميم وناس من العرب كثير.

يقول سيبويه : وسمعنا العرب الموثوق

__________________

(١) الآية «١٨» من سورة هود «١١».

(٢) الآية «٢٩» من سورة الرعد «١٣».

(٣) تكررت عشر مرات في المرسلات.

(٤) الآية «١» من سورة المطففين «٨٣».

٤٥٤

بهم يقولون : «التّراب لك» و «العجب لك» وتفسير كتفسيره حيث كان نكرة.

المفعول معه :

١ ـ تعريفه :

هو : اسم فضلة مسبوق بواو بمعنى «مع» تالية لجملة ذات فعل ، أو اسم فيه معنى الفعل وحروفه ، مذكور لبيان ما فعل الفعل بمقارنته نحو «دع الظّالم والأيّام» و «أنا سائر وساحل البحر».

وتقول : «امرأ ونفسه» والمعنى : دع امرأ ونفسه : مفعول معه ، ونحو «لو تركت النّاقة وفصيلها لرضعها». وإنّما أردت : ولو تركت النّاقة مع فصيلها ، فالفصيل مفعول معه.

وواو المعيّة ـ عند سيبويه ـ تعمل في الاسم ولا تعطف على الضمير قبلها ومثل ذلك : «ما زلت وزيدا حتى فعل» وقال كعب بن جعيل :

وكان وإيّاها كحرّان لم يفق

عن الماء إذ لاقاه حتى تقدّدا

ولا يجوز تقدّمه على عامله ، فلا تقول «وضفّة النّهر سرت».

٢ ـ الرفع بعد أنت وكيف وما الاستفهامية :

تقول : «أنت وشأنك» و «كيف أنت وزيد» و «ما أنت وخالد» يعملن فيما كان معناه مع ـ بالرفع ، ويحمل على المبتدأ ، ألا ترى أنّك تقول : «ما أنت وما زيد» فيحسن ، ولو قلت : «ما صنعت وما زيدا» لم يحس ولم يستقم ، وزعموا أنّ ناسا يقولون : «كيف أنت وزيدا» و «ما أنت وزيدا» وهو قليل في كلام العرب ، ولم يحملوا الكلام على ما ولا كيف ، ولكنّهم حملوه على الفعل. وعلى النّصب أنشد بعضهم ـ وهو أسامة بن الحارث الهذلي :

فما أنا والسّير في متلف

يبرّح بالذّكر الضّابط

على تأويل : ما كنت ، لم يحملوا الكلام على ما ولا كيف ، ولكنهم حملوه على الفعل ، ومثله قولك : «كيف أنت وقصعة من ثريد» التقدير عند من نصب : كيف تكون وقصعة من ثريد. «وكيف أنت وزيدا» قدّروه : ما كنت وزيدا.

وزعموا أنّ الرّاعي كان ينشد هذا البيت نصبا :

أزمان قومي والجماعة كالذي

منع الرّحالة أن تميل مميلا (١)

وقدّروه : أزمان كان قومي والجماعة ،

__________________

(١) وصف ما كان من استواء الزمان واستقامة الأمور قبل فتنة عثمان ، فإنّ قومه التزموا الجماعة وتمسّكوا بها تمسّك من لزم الرّحالة ومنعها أن تميل فتسقط.

٤٥٥

وزعم أبو الخطّاب أنّه سمع بعض العرب الموثوق بهم ينشد هذا البيت نصبا :

أتوعدني بقومك يا ابن حجل

أشابات يخالون العبادا (١)

بما جمعت من حضن وعمرو

وما حضن وعمرو والجيادا

والتّقدير عندهم : وملابستها الجيادا.

ومنه قول مسكين الدّارمي :

فما لك والتلدّد حول نجد

وقد غصّت تهامة بالرجال (٢)

٣ ـ حالات الاسم الواقع بعد «الواو» :

للاسم الواقع بعد الواو خمس حالات :

رجحان العطف ، ورجحان المفعول معه ، وامتناع العطف ، وامتناع النّصب على المعيّة ، وامتناع الاثنين ، وهاك تفصيلها : (الأولى) أن يكون العطف ممكنا بدون ضعف لا من جهة المعنى ، ولا من جهة اللفظ وحينئذ فالعطف أرجح من النّصب لأصالته نحو «أقبل الأستاذ والتّلميذ» و «جئت أنا وأخي» ومنه قوله تعالى : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)(٣).

(الثانية) أن يكون في العطف ضعف إمّا من جهة المعنى نحو قوله :

فكونوا أنتم وبني أبيكم

مكان الكليتين من الطّحال (٤)

أو من جهة اللفظ نحو «اذهب وصديقك إليه» لضعف العطف على ضمير الرفع بلا فصل فالنّصب راجح فيهما.

(الثالثة) أن يمتنع العطف ، ويتعيّن النّصب ، إمّا لمانع لفظي نحو : «ما شأنك وعليّا» لعدم صحّة العطف على الضّمير المجرور. بدون إعادة الجار.

وإمّا لمانع معنويّ نحو «حضر أحمد وطلوع الشّمس» لعدم مشاركة الطّلوع لأحمد في الحضور.

(الرّابعة) أن يمتنع النّصب على المعيّة ويتعيّن العطف ، وذلك في نحو «أنت وشأنك» و «كلّ امرىء وضيعته» ممّا لم يسبق الواو فيه جملة ، ونحو «تخاصم عليّ وإبراهيم» ممّا لم يقع إلّا من

__________________

(١) الأشابات : الأخلاط من الناس ، يقولون : نحن عباد الله ، لا يكادون يضيفون الأشابات إلى الناس.

(٢) التّلدّد : من تلدّد : تلفّت يمينا وشمالا وتحيّر متبلّدا.

(٣) الآية «٣٥» من سورة البقرة «٢».

(٤) وجه الضعف في العطف اقتضاء كون بني الأب مأمورين ، والمقصود أمر المخاطبين بأن يكونوا معهم متوائمين متحابين.

٤٥٦

متعدّد ، ونحو «جاء محمّد وإبراهيم قبله» ممّا اشتمل على ما ينافي المعيّة.

(الخامسة) أن يمتنع العطف والنّصب على المعيّة نحو قول :

إذا ما الغانيات برزن يوما

وزجّجن الحواجب والعيونا

وقوله :

علفتها تبنا وماء باردا

حتى شتت همّالة عيناها

فامتناع العطف هنا لانتفاء مشاركة العيون للحواجب في التّزجيج ، لأنّ التّزجيج للحواجب فقط ، وانتفاء مشاركة الماء للتّبن في العلف ، وأمّا امتناع النصب على المعيّة ، فلانتفاء فائدة الإخبار بمصاحبتها في الأوّل ، وانتفاء المعيّة في الثاني ، وحينئذ فإمّا أن يضمّن العامل فيهما معنى فعل آخر ، فيضمّن «زجّجن» معنى : زيّنّ ، و «علّفتها» معنى : أنلتها ، وإمّا أن يقدّر فعل يناسبهما نحو : كحلن ، وسقيتها.

المقصور وإعرابه : (= الإعراب ٤).

مكانك : اسم فعل أمر بمعنى اثبت ، وهي كلمة وضعت على الوعيد كقوله تعالى : (مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ)(١).

(انظر اسم الفعل ٣).

الملحق بالمثنّى : (= المثنى ٧).

الملحق بجمع المؤنث السّالم :

(انظر الجمع بألف وتاء ٦ و ٧).

الملحق بجمع المذكّر السّالم :

(انظر جمع المذكّر السالم ٨).

ممّا : تكون مركّبة من «من» الجارّة ، و «ما» الزّائدة نحو : (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا)(٢) وقد تكون «ما» المتّصلة ب «من» مصدرية نحو «سررت ممّا كتبت» أي من كتابتك ، أو من الذي كتبته فتكون «ما» موصولة وقد تأتي «ممّا» كلمة واحدة ومعناها «ربّما» ومنه قول أبي حيّة النّميري :

وإنّا لممّا نضرب الكبش ضربة

على رأسه تلقي اللسان من الفم

وهذا ما قاله سيبويه والمبرّد.

الممنوع من الصرف :

١ ـ تعريفه :

«الصّرف» : هو التّنوين الدّالّ على أمكنيّة الاسم في باب الاسميّة. و «الممنوع من الصّرف» هو الاسم المعرب الفاقد لهذا التنوين لمشابهته الفعل.

٢ ـ الممنوع من الصّرف نوعان :

__________________

(١) الآية «٢٨» من سورة يونس «١٠».

(٢) الآية «٢٥» من سورة نوح «٧١».

٤٥٧

ما يمنع من الصّرف لعلة واحدة ، وما يمنع من الصرف لعلّتين.

(أ) الممنوع من الصرف لعلة واحدة : أنواع ثلاثة : ألف التأنيث المقصورة ، وألف التأنيث الممدودة ، وصيغة منتهى الجموع وإليك التفصيل :

ألف التّأنيث المقصورة ـ :

منها ما يمنع من الصّرف في المعرفة والنكرة.

ومنها : ما لا ينصرف إلّا بالمعرفة.

أمّا الأوّل فنحو : حبلى وحبارى ، وجمزى (١) ودفلى ، وشروى (٢) وغضبى ، وبهمى ، وجميع هذه الأمثلة ألفها للتأنيث ، وكلها نكرة ، ومثل «رضوى» (٣) معرفة وذلك أنّهم أرادوا أن يفرّقوا بين الألف التي هي للتّأنيث ، كما قدّمنا من الأمثلة ، وبين الألف التي هي للإلحاق ، وهي التي تلحق ما كان من بنات الثّلاثة ببنات الأربعة.

فنحو ذفرى (٤) اختلف فيها العرب ، فأكثرهم صرفها لأنّهم جعلوا ألفها للإلحاق ، فيقولون : هذي ذفرى أسيلة فيصرفها وبعضهم يقول : هذه ذفرى أسيلة فيمنعها من الصرف.

وأمّا مثل معزى فألفها للإلحاق ، فليس فيها إلّا لغة واحدة ، تنوّن في النّكرة ، وتمنع في المعرفة.

ألف التأنيث الممدودة :

تمنع من الصرف في النّكرة والمعرفة ، وذلك نحو : حمراء ، وصفراء ، وخضراء ، وصحراء ، وطرفاء (٥) ، ونفساء وعشراء (٦) ، وقوباء (٧) وفقهاء ، وسابياء (٨) ، وحاوياء (٩) ، وكبرياء ومثله أيضا : عاشوراء. ومنه أيضا : أصدقاء وأصفياء ، ومنه : زمكّاء (١٠) ، وبروكاء ، وبراكاء ، ودبوقاء ، وخنفساء وعنظباء وعقرباء ، وزكرياء.

قد جاءت في هذه الأبنية كلّها للتأنيث أمّا نحو علباء وحرباء فإنّما جاءت فيهما الزائدتان الألف والهمزة لتلحقا علباء وحرباء بسرداج وسربال ، ولذلك صرفا ، ومن العرب من يقول : هذا قوباء ، وذلك لأنّهم ألحقوه ببناء فسطاط.

الجمع الموازن ل «مفاعل ، أو فواعل أو مفاعيل» مما يمنع من الصرف لعلة واحدة هذه الأوزان :

__________________

(١) جمزى : نوع من العدو.

(٢) الشروى : المثل.

(٣) رضوى اسم جبل.

(٤) الذّفرى : العظم الشاخص خلف الأذن.

(٥) الطرفاء : نوع من الشجر.

(٦) العشراء : من النّوق التي مضى لحملها عشرة أشهر.

(٧) القوباء : داء معروف.

(٨) السّابياء : المشيمة التي تخرج مع الولد.

(٩) حاوياء : ما تحوّى من الأمعاء.

(١٠) الزمكاء : أصل ذنب الطائر.

٤٥٨

فالأوّل ك «دراهم» و «مساجد» و «شوامخ» بكسر ما بعد الألف لفظا و «دوابّ» و «مداري» بكسر ما بعد الألف تقديرا إذ أصلهما «دوابب ومداري».

والثاني ك «مصابيح ودنانير وتواريخ» ، فيما ثالثه ألف ، بعدها ثلاثة أحرف أوسطها ساكن.

وإذا كان «مفاعل» منقوصا فقد تبدل كسرته فتحة فتنقلب ياؤه ألفا ، فلا ينوّن بحال اتّفاقا ، ويقدّر إعرابه في الألف ك «عذارى» جمع عذراء ، و «مدارى» جمع مدرى (١).

والغالب أن تبقى كسرته ، فإذا خلا من «أل والإضافة» أجري في حالتي الرفع والجرّ مجرى : «قاض وسار» من المنقوص المنصرف في حذف يائه ، وثبوت تنوينه ، مثل «جوار وغواش» قال تعالى : (وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ)(٢) وقال : (وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ)(٣).

أمّا في النصب فيجري مجرى : «دراهم» في ظهور الفتحة على الياء في آخره من غير تنوين نحو : «رأيت جواري» قال الله تعالى : (سِيرُوا فِيها لَيالِيَ)(٤).

وما كان على وزن «مفاعل أو مفاعيل» مفردا ك : «سراويل» و «شراحيل» ومثله : «كشاجم» (٥) فممنوع من الصرف أيضا.

(ب) الممنوع من الصرف لعلّتين :

الممنوع من الصرف لعلّتين نوعان :

(أحدهما) ما يمتنع صرفه نكرة ومعرفة وهو ما وضع «صفة».

(الثاني) ما يمنع من الصرف معرفة ، ويصرف نكرة وهو ما وضع «علما».

فالأول : الصّفة وما يصحبها من علل :

تصحب الصّفة إحدى ثلاث علل : «زيادة ألف ونون في آخره» و «موازن لأفعل» أو «معدول» وهاك تفصيلها :

(١) الصفة وزيادة الألف والنون : يشترط في هذه الصّفة المزيدة بألف ونون : ألّا يقبل مؤنّثها التاء الدّالّة على التأنيث إمّا لأنّ مؤنّثه على وزن «فعلى» ك : «سكران وغضبان وعطشان وعجلان» وأشباهها. فإنّ مؤنّثاتها «سكرى وغضبى وعطشى» أو لكونه لا مؤنّث له أصلا ك «لحيان» لكبير اللّحية ، أمّا ما أتى على «فعلان» الذي مؤنّثه «فعلانة» ك : «ندمان» (٦) ومؤنثه «ندمانة» فلا يمنع من الصّرف.

__________________

(١) المدرى : المشط والقرن.

(٢) الآية «٤١» من سورة الأعراف «٧».

(٣) الآية «١ و ٢» من سورة الفجر «٨٩».

(٤) الآية «١٨» من سورة سبأ «٣٤».

(٥) من كلّ لفظ مرتجل للعلمية بوزن «مفاعل أو مفاعيل» ..

(٦) النّدمان : هو النديم لا النادم ، هذا وقد أحصى ابن مالك نظما ما جاء على فعلان ومؤنثه فعلانة في اثني عشر اسما ، وزاد آخر اسمين ، انظر ذلك في شرح الأشموني وحاشيته في باب «ما لا ينصرف».

٤٥٩

(٢) وصف أفعل إذا كان نكرة أو معرفة لم ينصرف في معرفة ولا نكرة ، وذلك لأنّها أشبهت الأفعال : مثل : أذهب وأعلم.

وإنما لم ينصرف إذا كان صفة وهو نكرة فذلك لأنّ الصّفات أقرب إلى الأفعال ، فاستثقلوا التّنوين فيه كما استثقلوه في الأفعال ، وذلك نحو :

أخضر ، وأحمر ، وأسود وأبيض ، وآدر.

فإذا صغّرته قلت : أخيضر وأحيمر ، وأسيود ، فهو على حاله قبل أن تصغّره من قبل أن الزيادة التي أشبه بها الفعل ثابتة مع بناء الكلمة ، وأشبه هذا مع الفعل : ما أميلح زيدا.

(٣) أفعل إذا كان اسما

فما كان من الأسماء أفعل ، فنحو : أفكل (١) وأزمل (٢) وأيدع (٣) ، وأربع ، لا تنصرف في المعرفة ، لأن المعارف أثقل ، وانصرفت في النّكرة لبعدها من الأفعال ، وتركوا صرفها في المعرفة حيث أشبهت الفعل ، لثقل المعرفة عندهم. وأمّا أوّل فهو على أفعل ، يدلّك على أنّه غير مصروف قولهم : هو أوّل منه ، ومررت بأوّل منك ويشترط في الصّفة على وزن «أفعل» ألّا يقبل التاء ، إمّا لأن مؤنّثه فعلاء ك أحمر وحمراء. أو «فعلى» ك «أفضل وفضلى» أو لكونه لا مؤنّث له مثل «آدر» للمنتفخ الخصية.

أما إن كان وزن أفعل مما يقبل التاء فلا يمنع من الصرف كرجل أرمل وامرأة أرملة.

وألفاظ «أبطح وأجرع وأبرق وأدهم وأسود وأرقم» (٤) لا تصرف في معرفة ولا نكرة لم تختلف في ذلك العرب كما يقول سيبويه لأنّها في الأصل وضعت صفات ، والاسميّة طارئة عليها.

أمّا ألفاظ «أجدل» اسم للصّقر و «أخيل» لطائر ذي خيلان (٥). و «أفعى» فهي مصروفة في لغة الأكثر ، لأنها أسماء في الأصل والحال.

__________________

(١) الأفكل : الرّعدة.

(٢) الأزمل : كل صوت مختلط.

(٣) الأيدع : الزعفران.

(٤) الأبطح : المنبطح من الوادي ، الأجرع : المكان المستوى والأبرق : المكان الذي فيه لونان ، والأدهم : القيد ، والأسود : الحية السوداء ، والأرقم : الحية التي فيها نقط سود وبيض.

(٥) خيلان : بكسر الخاء المعجمة جمع خال : وهو النّقط المخالفة لبقية البدن ، والعرب تتشاءم بأخيل فتقول : «هو أشأم من أخيل» ، ويجمع على «أخايل».

٤٦٠