الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-184-x
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٣٣

كما أننا لا نعرف السبب في أنه غشي عليه ، فإن ذلك أيضا ليس من أسباب الإغماء.

ثالثا : قد ذكرت رواية الزهري : أنه ارتبط في حر شديد (١). وكان يوما صائفا (٢) لا يأكل ولا يشرب ، فتسبب ذلك بذهاب سمعه ، وكاد أن يذهب بصره.

ونقول :

قد تقدم في الفصل الأول من غزوة الخندق : قولهم : إن الخندق كانت في أيام شاتية ، وبرد وقرّ شديد ، بدءا من حفر الخندق ، وانتهاء برحيل الأحزاب ، فراجع ، وقريظة بعد الخندق مباشرة.

رابعا : قد تقدم أنهم لما عرفوا من أبي لبابة أن نزولهم على حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» يعني الذبح ،

قالوا : ننزل على حكم سعد بن معاذ (٣).

وذكر البعض : رواية أخرى عكس هذه ، تقول : إنهم قالوا لأبي لبابة : ما ترى؟ أننزل على حكم سعد بن معاذ؟!

فأومأ أبو لبابة إلى حلقه : أنه الذبح ، فلا تفعلوا (٤).

خامسا : رواية أبي لبابة للقضية تقول : إنه ارتبط إلى الأسطوانة المخلقة ،

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٣٧.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠١.

(٣) راجع : السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٧ والثقات ج ١ ص ٢٧٥ و ٢٧٦.

(٤) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٦ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧١ عن أبي عمر بن عبد البر.

٦١

التي يقال لها : أسطوانة التوبة (١).

لكن الواقدي يقول : «ويقال : ليس تلك ، إنما ارتبط إلى أسطوانة كانت وجاه المنبر ، عند باب أم سلمة ، زوج النبي «صلى الله عليه وآله». وهذا أثبت القولين» (٢) وهو ما ذكرته رواية الزهري ، ويفهم أيضا من الرواية المنسوبة إلى أم سلمة (٣).

وعن ابن عمر : الأسطوان التي ارتبط إليها أبو لبابة هي الثانية من القبر ، وهي الثالثة من الرحبة (٤).

وجدير بالملاحظة هنا : أنه يوجد مسجد يقال له مسجد التوبة بالعصبة ، منازل بني جحجبا ، من بني عمرو بن عوف من الأوس. والعصبة في غربي مسجد قباء ، فيها مزارع ، وآبار كثيرة (٥).

قال السمهودي : «وما علمت السبب في تسميته بمسجد التوبة» (٦).

ونقول :

إننا نرجح : أن يكون أبو لبابة ، بعد أن فعل ، ما فعل التجأ إلى هذا المسجد بالذات ، لأنه يقع في منطقته. وأما ما جرى في مسجد النبي ، فهو ارتباط العشرة

__________________

(١) راجع : وفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٥.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٧ وغير ذلك من مصادر تقدمت.

(٣) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧ و ٥٠٨ وغير ذلك من مصادر تقدمت.

(٤) وفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٥.

(٥) راجع : وفاء الوفاء ج ٣ ص ٨٧٦.

(٦) وفاء الوفاء ج ٣ ص ٨٧٧.

٦٢

الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ، وأبو لبابة معهم ، إذ لا معنى لأن يأتوا إلى منازل بني جحجبا من بني عمرو بن عوف ليرتبطوا في مسجدهم.

سادسا : بالنسبة للآيات نقول :

١ ـ اختلفوا في الآية التي نزلت في مناسبة توبة أبي لبابة ، فهل نزل قوله تعالى : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ..) ، كما هو الأثبت عند الواقدي ، والمقريزي ، والحلبي (١)؟

أم نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ ..)(٢)؟

أو نزل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)(٣)؟

__________________

(١) الآية ١٠٢ من سورة التوبة. وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٩ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٨ و ٢٤٩ والروض الأنف ج ٢ ص ٢٨٢ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٩٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٠ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٥ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥ و ١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨ والإكتفاء ج ٢ ص ١٧٩ و ١٨٠ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٤ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٨٩ وقاموس الرجال ج ٢ ص ٢١٠ و ٢١١ عن القمي وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٨ وعن دلائل النبوة للبيهقي.

(٢) الآية ٤١ من سورة المائدة. وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٩ وإمتاع الأسماع ص ٢٤٥.

(٣) الآية ٢٧ من سورة الأنفال وراجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧١ عن أبي عمر بن عبد البر ، والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٨ والبداية

٦٣

أم أن آية (لا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ) نزلت أولا ، ثمّ نزلت آية : (وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ) حين حصول التوبة (١)؟

٢ ـ إن الآيتين الأولى والثانية هما في سورتي التوبة والمائدة ، وهما من أواخر ما نزل من القرآن ، ومن البعيد جدا أن تبقى هاتان الآيتان معلقتين في الهواء طيلة سنوات عدة ، دون أن تجعلا في سورة من السور القرآنية.

٣ ـ إن آية سورة التوبة لا تنطبق على قصة أبي لبابة ، لأنها تتحدث عن مجموعة من الناس خلطوا عملا صالحا ، وآخر سيئا ، وليس عن رجل واحد.

ولو سلمنا : أنه أريد الفرد في سياق الحديث عن جماعة ،

فإننا نقول : إن هذه الآية لا تدل على أن الله سبحانه قد قبل توبة أبي لبابة. بل أبقت الأمر مؤرجحا بين الخوف والرجاء. وتحدثت عن إمكانية توبة الله عليهم في المستقبل.

وأجاب الحلبي بأن : «الترجي في حقه تعالى أمر محقق» (٢).

ونقول : إنه محقق في صورة تحقق التوبة ، وهذا الترجي يشير إلى أن توبة

__________________

والنهاية ج ٤ ص ١٢٠ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣١ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٧ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ والإكتفاء للكلاعي ج ٢ ص ١٨٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٦ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٢ و ٤٤٤.

(١) الآية ١٠٢ من سورة التوبة. وراجع : بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٠.

(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣.

٦٤

أبي لبابة كانت ظاهرية لا واقع وراءها.

ومن جهة أخرى : فإن أبا لبابة لم يخلط بين العمل الصالح والآخر السيئ ، بل ما صدر منه هو محض العمل السيئ ، المتمثل بالخيانة ، ثم أتبعه بالتظاهر بالتوبة.

٤ ـ روي عن ابن عباس من وجوه : أن آية سورة التوبة قد نزلت في أبي لبابة ، ونفر معه سبعة ، أو ثمانية ، أو سبعة سواه ، تخلفوا عن غزوة تبوك ، ثم ندموا فتابوا ، وربطوا أنفسهم بالسواري الخ .. (١).

٥ ـ روي عن ابن عباس ، وابن المسيب : أن آية سورة الأنفال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا ..) قد نزلت في أبي لبابة حين تخلف عن غزوك تبوك (٢).

٦ ـ إن آية سورة المائدة تثبت الكفر والنفاق لأبي لبابة. مع أن التاريخ لا يحدثنا أنه كان من المنافقين.

إلا أن يقال : إن التاريخ إنما يثبت لنا ظواهر الأشخاص ، ولا يمكنه الكشف عن بواطنهم وقلوبهم ، فإذا جاء النص القرآني فهو المعيار. إذا ثبت أن هذه الآية قد نزلت في أبي لبابة.

٧ ـ إن آية سورة المائدة أيضا لا تنطبق على قصة أبي لبابة ، لأنها أيضا قد تحدثت عن جماعة من الناس كانوا يسارعون في الكفر وقضية أبي لبابة هي قضية شخص واحد.

أضف إلى ذلك : أن أبا لبابة ـ كما تحكي لنا قصته ـ لم يكن يسارع في

__________________

(١) عيون الأثر ج ٢ ص ٧١. وراجع : شرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٤. وفيهم : أنهم كانوا عشرة.

(٢) راجع : تاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٧ و ٢٥٨.

٦٥

الكفر ، وإنما هي زلة ، تداركها على الفور ، وتاب منها. كما أن ما صدر منه ـ كما تحكيه القصة أيضا ـ لم يكن لأجل عدم إيمان قلبه بهذا الدين ، وإنما أخذته الشفقة عليهم لما رآهم يبكون.

ولا يفوتنا التنبيه إلى أن آية سورة المائدة ، إن جاءت لتقرع أبا لبابة قبل توبته ، فهي تأبى عن قبول حصول التوبة منه ، لأنها تجعله من المنافقين ، ثم تقرنه باليهود لعنهم الله ، مع مزيد من التقريع الحاد والقوي.

سابعا : «ذكر سعيد بن المسيب : أن ارتباطه بسارية التوبة كان بعد تخلفه عن غزوة تبوك ، حين أعرض رسول الله «صلى الله عليه وآله» عنه وهو عليه عاتب بما فعل يوم قريظة ، ثم تخلف عن غزوة تبوك في من تخلف» (١).

وبعبارة أخرى : إنه لما أشار إلى حلقه أخبر عنه رسول الله «صلى الله عليه وآله» بذلك وقال له «صلى الله عليه وآله» : أحسبت أن الله غفل عن يدك حيث تشير إليهم إلى حلقك. فلبث جنبا ورسول الله «صلى الله عليه وآله» عاتب عليه. ثم لما غزا تبوك كان أبو لبابة فيمن تخلف. فلما قفل «صلى الله عليه وآله» جاءه أبو لبابة يسلم عليه ، فأعرض عنه «صلى الله عليه وآله» ، ففزع أبو لبابة ، وارتبط بالسارية (٢).

فهذا يعني : أن رسول الله بقي عاتبا عليه بما فعله يوم بني قريظة ، إلى غزوة تبوك ، فلو كان أبو لبابة قد تاب وارتبط إلى سارية المسجد ، ثم إن الله قبل توبته ، وحله رسول الله «صلى الله عليه وآله» بيده ، فلماذا يبقى عاتبا

__________________

(١) تاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص ٢٥٧.

(٢) راجع : السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٦.

٦٦

عليه بعد ذلك كل هذه المدة؟ وهل يمكن أن يرضى الله عن أبي لبابة ، ويبقى الرسول غاضبا عليه؟!

كما أن رواية البيهقي والسيرة الحلبية تكاد تكون صريحة في أنه لم يتب مما فعله في بني قريظة.

ثامنا : إن نفس ما يذكرونه هنا ، من أن أبا لبابة ارتبط في المسجد إلى أسطوانة التوبة ، حتى نزلت توبته في الآيات المتقدمة ، ولم يرض بفك نفسه إلا أن يتوب الله عليه ، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا ، حتى خر مغشيا عليه ، ثم تاب الله عليه وجرى ما جرى من حل رسول الله «صلى الله عليه وآله» له ، إنما كان في غزوة تبوك (١).

تاسعا : قد ذكرت روايات توبة أبي لبابة : أنه كان لا يأكل ولا يشرب ، مع أنه قد تقدم أن ابنته كانت تأتيه بالتمرات ، فيلوك منهن ويترك.

إلا أن يقال : إن ذلك كان يسيرا ، لا يعتد به.

عاشرا : ذكرت الروايات المتقدمة : أنه لم يرجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» بل أخذ طريقا إلى المسجد من وراء الحصن ، فربط نفسه فيه.

مع أن رواية البيهقي والحلبي السابقة تقول : إنه عاد إلى النبي «صلى الله عليه وآله» ، فطالبه النبي «صلى الله عليه وآله» بما فعل ، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» بقي عاتبا عليه إلى غزوة تبوك.

__________________

(١) عيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ و ٧١ وعن أبي عمر وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٣ و ٤٤٤. والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٧ عن البيهقي والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦.

٦٧

حادي عشر : زعمت الرواية السابقة : أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد استعمل أبا لبابة على قتال بني قريظة ، ثم لما صدر منه ذلك استبدله بابن حضير.

مع أن من البديهي : أن النبي لم يكن يؤمّر أحدا سوى علي إذا كان حاضرا.

إلا أن يكون : هو وابن حضير من جملة الذين ولاهم قيادة الجيش في بني قريظة فانهزموا ، تماما كما جرى في خيبر. وقد تقدم : أنه «صلى الله عليه وآله» قد بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة ، فنزلوا من حصنهم فهزموا ، فبعث عليا بالراية ، فاستنزلهم على حكم الله ورسوله (١).

أو يقال : إنه كان قد ولاه على بعض الفرق المقاتلة ، وكانت القيادة العامة للجيش كله بيد علي «عليه السّلام».

ونسجل هنا ملاحظة هامة ، وهي : السؤال عن سبب تأخير النبي «صلى الله عليه وآله» إطلاق سراح أبي لبابة إلى حين صلاة الصبح ، رغم أنه لم يكن يبعد عنه سوى بضع خطوات.

ثاني عشر : وزعموا : أن أبا لبابة جاء رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فقال : أنا أهجر دار قومي التي أصبت فيها هذا الذنب ، فأخرج من مالي صدقة إلى الله ورسوله؟

فقال النبي «صلى الله عليه وآله» : يجزي عنك الثلث.

فأخرج الثلث ، وهجر دار قومه ، ثم تاب الله عليه ، فلم يبن في الإسلام منه إلا خير حتى فارق الدنيا (٢).

__________________

(١) شرح نهج البلاغة للمعتزلي الشافعي ج ٦ ص ٢٨٩.

(٢) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٩ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦ والسيرة

٦٨

ونقول :

١ ـ لم نفهم السر في أن يجزيه الثلث إذا تصدق به ، فهل عقوبة من يخون الله ورسوله هي أن يتصدق بثلث ماله ، أو بأزيد من ذلك ، لكن الثلث يجزيه؟!

٢ ـ إن ظاهر هذه الرواية : أنه تصدق بثلث ماله وهجر دار قومه ، قبل أن يتوب الله عليه.

مع أنهم يقولون : إنه لما أذنب اتخذ طريقا من خلف الحصن إلى المسجد ، وربط نفسه فيه ، ولم يأت إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».

٣ ـ قولهم : فلم يبن في الإسلام منه إلا خير حتى فارق الدنيا ، غير صحيح ، فقد تخلف مع من تخلف في غزوة تبوك ، وربط نفسه في المسجد ليتوب الله عليه ، كما تقدم.

وبعد هذا فلا ندري مدى صدقه في تعهده بهجران مكان خان فيه ربه ونبيه ، وكان له بها أموال فتركها (١) ، وما إلى ذلك. إن صح أنه كان قد تعهد بذلك.

بل إننا لا نكاد نصدق : أن يكون أبو لبابة قد تصدق بثلث ماله ، فضلا

__________________

الحلبية ج ٢ ص ٣٤٦ وراجع : شرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨ و ١٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ و ٧١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ ومسند أحمد ج ٣ ص ٤٥٣ وقاموس الرجال ج ٢ ص ٢١١ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٤ و ٤٤٣.

(١) وفاء الوفاء ج ٢ ص ٢٩٦ وراجع : المصادر في الهامش السابق ، والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ والإكتفاء ج ٢ ص ١٧٩ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٧ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٠ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٢٩٦.

٦٩

عن أن يتصدق به كله.

ولا نصدق أيضا : أنه كانت له أموال في بني قريظة فتركها. وذلك لأن لدينا ما يشير إلى اهتمام أبي لبابة بالدنيا إلى درجة أن يرد طلب رسول الله «صلى الله عليه وآله» في أمر يتيم ، من أجل عذق من النخل.

يقول الواقدي ما ملخصه : كان أول شيء عتب فيه رسول الله «صلى الله عليه وآله» على أبي لبابة بن عبد المنذر أنه خاصم يتيما له في عذق ، فقضى رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالعذق لأبي لبابة ، فصيّح اليتيم واشتكى إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فقال «صلى الله عليه وآله» لأبي لبابة : هب لي العذق يا أبا لبابة؟ لكي يرده «صلى الله عليه وآله» إلى اليتيم ، فأبى أن يهبه له «صلى الله عليه وآله».

فقال «صلى الله عليه وآله» لأبي لبابة : أعطه اليتيم ، ولك مثله في الجنة.

فأبى أبو لبابة أن يعطيه.

فقال رجل أنصاري اسمه ابن الدحداحة : أرأيت يا رسول الله ، إن ابتعت هذا العذق ، فأعطيته هذا اليتيم ، ألي مثله في الجنة؟

فقال «صلى الله عليه وآله» : نعم.

فابتاع ابن الدحداحة العذق من أبي لبابة بحديقة نخل كانت له ، فأعطاه اليتيم. فلم يلبث ابن الدحداحة أن قتل في حرب أحد شهيدا فقال «صلى الله عليه وآله» : رب عذق مذلل لابن الدحداحة في الجنة (١).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٥.

٧٠

ما نثق به من قصة أبي لبابة :

وربما يكون لقصة أبي لبابة أساس من الصحة ، ولكن ليس بالصورة التي يذكرها المؤرخون.

وذلك بأن يكون قد خان الله ورسوله ، وربما تكون توبته قد تأخرت إلى غزوة تبوك ، وربما كانت توبته خوفا من كشف خيانته من جهة جبرئيل ، فبادر إلى ما يدفع غائلة الفضيحة ، فربط نفسه إلى أسطوانة في المسجد. وربما ، وربما ..

على أننا نريد أن نذكّر القارئ هنا بقول بعضهم : «ليس جريمة أن يخطئ المرء ، ولكن الجريمة أن يتفيأ ظلال خطئه».

إلى أن قال : «لأن هذا التمادي هو جريمة نفسية قبل أن تكون مادية ، ولذلك تاب أبو لبابة الخ ..» (١).

ولكن الظاهر هو : أن أبا لبابة قد تفيأ ظلال خطئه ، وارتكب هذه الجريمة النفسية ، حتى خاف الفضيحة ، فأظهر التوبة ، وربما يكون إظهاره لها بعد نزول قوله تعالى : (وَلا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ)(٢) ، فيرتكبون جريمة الخيانة مرة بعد أخرى ، مع اليهود تارة ، ومع المنافقين المتآمرين تارة. ولا ندري إذا كانت ثمة خيانات أخرى لم يستطع التاريخ أن يفصح لنا عنها لسبب أو لآخر.

من سب فاطمة فقد كفر :

قال السهيلي : «روى حماد بن سلمة عن علي بن زيد ، عن علي بن

__________________

(١) التفسير السياسي للسيرة ص ٢٨٣.

(٢) الآية ١٥٨ من سورة آل عمران.

٧١

الحسين : إن فاطمة أرادت حله حين نزلت توبته ، فقال : قد أقسمت ألا يحلني إلا رسول الله «صلى الله عليه وآله».

فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله» : «إن فاطمة مضغة (بضعة) مني».

فصلى الله عليه وعلى فاطمة ، فهذا حديث يدل على أن من سبها فقد كفر ، وأن من صلى عليها فقد صلى على أبيها «صلى الله عليه وآله» (١).

وقال الحلبي : «ظاهر هذا : أنه (رض) كان يبرّ بإطلاق سيدتنا فاطمة (رض) له ، فليتأمل» (٢).

لكن الأشخر اليمني ، اعترض على كلام السهيلي بقوله : «وهذا القول عجيب ، ولا يؤخذ من هذا الحديث ما ذكره ، فليتأمل» (٣).

أما الشامي فناقش في سند الرواية ، بقوله : «علي بن زيد هو ابن جدعان ، ضعيفان ، وعلي بن الحسين روايته مرسلة» (٤).

ونقول :

إنه إذا كانت الزهراء بضعة من رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فسب بضعة الرسول سب للرسول نفسه ، لأن البضعة هي القطعة من الشيء ، وسب بعض الشيء سب للشيء نفسه ، ولذا حكم السهيلي بكفر من يسب

__________________

(١) الروض الأنف ج ٢ ص ٢٨٢ وشرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٥ وذكر الحديث أيضا في : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٣ إلى قوله : «بضعة مني».

(٢) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٥.

(٣) شرح بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٣.

(٤) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٨.

٧٢

فاطمة ، لأنه إنما يسب قطعة وبضعة من النبي «صلى الله عليه وآله» نفسه.

وأما ما ذكره الشامي : فهو أيضا غير مقبول ؛ لأن الإمام السجاد إمام معصوم ، ولو تنزلنا عن ذلك فهو إنما يروي عن أبيه عن جده ، عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، كما هو ثابت عنهم «عليهم السلام» ، فتخرج الرواية عن حد الإرسال ، لتصل إلى أعلى درجات الاعتبار.

أما بالنسبة : لعلي بن زيد بن جدعان الذي هو من رجال صحيح مسلم (١) فإنما ضعفوه لأنه كان يتشيع.

قال العجلي : كان يتشيع لا بأس به (٢).

وقال الجوزجاني : واهي الحديث ضعيف ، وفيه ميل عن القصد (٣).

وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، يكتب حديثه ، ولا يحتج به ، وهو أحب إلي من يزيد بن زياد ، وكان ضريرا ، وكان يتشيع (٤).

وقال يزيد بن زريع : رأيته ، ولم أحمل عنه ، لأنه كان رافضيا (٥).

وقال ابن عدي : لم أر أحدا من البصريين وغيرهم امتنع من الرواية

__________________

(١) رجال صحيح مسلم لابن منجويه ج ٢ ص ٥٦.

(٢) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٣ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٣٨ وراجع ميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٢٨ وسير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٠٧.

(٣) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٣ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٣٨ و ٤٣٩.

(٤) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٨ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٣٩ والجرح والتعديل ج ٦ ص ١٨٧.

(٥) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٤ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٤١ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٢٧ ومختصر تاريخ دمشق ج ١٧ وص ٢٨٩.

٧٣

عنه. وكان يغلو في التشيع. ومع ضعفه يكتب حديثه (١).

وقال في العبر : كان أحد علماء الشيعة (٢) وكان من أوعية العلم على تشيع قليل فيه (٣).

وقال آخر : وكان علي بن زيد يتشيع ، وكان يغلو في التشيع (٤).

وقالوا : أنكر ما حدث به حماد بن سلمة عنه ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد ، رفعه : إذا رأيتم معاوية على هذه الأعواد فاقتلوه ، أو فارجموه (٥).

ومع ذلك كله : ومع تضعيفهم له ، لأجل ما نسبوه إليه من تشيع قليل!! أو كثير! على ما يظهر ، نجد آخرين منهم يوثقونه.

فقد قال يعقوب بن شيبة : ثقة صالح الحديث الخ .. (٦).

وقال الترمذي : صدوق ، إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره (٧).

وقال أبو سلمة : كان وهيب يضعف علي بن زيد.

قال أبو سلمة : فذكرت ذلك لحماد بن سلمة ، فقال : ومن أين كان يقدر

__________________

(١) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٣ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٣٩.

(٢) شذرات الذهب ج ١ ص ١٧٦.

(٣) سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٠٧.

(٤) مختصر تاريخ دمشق ج ١٧ ص ٢٨٩.

(٥) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٤.

(٦) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٣ وتهذيب الكمال ج ٢٩ ص ٤٣٨.

(٧) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٣ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٣٩ وصحيح الترمذي ج ٥ ص ٤٦ ح ٢٦٧٨ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٢٩ وسير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٠٧ ومختصر تاريخ دمشق ج ١٧ ص ٢٨٨.

٧٤

وهيب على مجالسة علي ، إنما كان يجالس علي وجوه الناس؟! (١).

وقال ابن الجنيد : قلت لابن معين : علي بن زيد اختلط؟

قال : ما اختلط قط (٢).

واعتبره الجريري من فقهاء البصرة ، هو وقتادة وأشعث الحداني (٣).

وقال الذهبي : حسن الحديث صاحب غرائب (٤).

وقال الساجي : كان من أهل الصدق ، ويحتمل لرواية الجلة عنه الخ .. (٥).

وقال ابن العماد : كان أحد أوعية العلم (٦).

وقال الذهبي أيضا : أحد علماء التابعين (٧) ، وقال : كان من أوعية العلم (٨).

__________________

(١) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٤ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٤٢ والجرح والتعديل ج ٦ ص ١٨٦ وميزان الإعتدال ج ٣ ص ٢٨٩.

(٢) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٤ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٤٠ ومختصر تاريخ دمشق ج ١٧ ص ٢٨٩.

(٣) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٤ وتهذيب الكمال ج ٢٠ ص ٤٤٣ وميزان الاعتدال ج ٣ ص ١٢٧ وسير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٠٧.

(٤) ديوان الضعفاء والمتروكين ص ٢٨٣.

(٥) تهذيب التهذيب ج ٨ ص ٣٢٤.

(٦) شذرات الذهب ج ١ ص ١٧٦.

(٧) ميزان الإعتدال ج ٣ ص ١٢٧.

(٨) سير أعلام النبلاء ج ٥ ص ٢٠٧.

٧٥
٧٦

الفصل الرابع :

حكم الله من فوق سبعة أرقعة

٧٧
٧٨

نتائج الحرب ، والأسرى :

وبعد أن جهدهم الحصار ، واستنزلهم أمير المؤمنين «عليه السّلام» على حكم رسول الله «صلى الله عليه وآله» ، فنزلوا على حكم سعد بن معاذ ، أمر «صلى الله عليه وآله» ـ كما يقول المؤرخون ـ بأسراهم ، فكتفوا رباطا ، وجعل على كتافهم محمد بن مسلمة ، ونحّوا ناحية ، وجعلوا النساء والذرية ناحية ، وكانوا ألفا ، وجعل عليهم عبد الله بن سلام (١).

ثم رجع «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة ، «يوم الخميس لتسع (لسبع) ليال ـ كما ذكر محمد بن عمر ، وابن سعد ، وجزم إبن الدمياطي ـ وقيل : لخمس ـ كما جزم به في الإشارة ـ خلون من ذي الحجة».

وعبارة البعض : فرغ منهم يوم الخميس لسبع أو لخمس خلون الخ .. (٢).

__________________

(١) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٩ و ٥١٠ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٩ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ص ٣٢ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٥ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٣ و ٧٤ وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج ٢ ص ٧٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٩ و ٣٣٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦ و ١٧ والوفا ص ٦٩٥.

(٢) راجع : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٧ ونهاية الأرب ص ١٩٢ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٧ وسيرة مغلطاي ص ٥٧ والجامع للقيرواني ص ٢٨٠ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٧.

٧٩

وحين رجع «صلى الله عليه وآله» إلى المدينة حبس بني قريظة في بعض دور الأنصار وهي دار بنت الحارث بن كرز بن حبيب بن عبد شمس (١). واسمها نسيبة (٢) ، أو زينب (٣) ، أو قلابة (٤) أو كبشة بنت كريز (٥) ، أو كيسة (٦). ولعل كيسة تصحيف كبشة ، أو العكس ، أو رملة (٧).

__________________

(١) السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٥١ وراجع : كشف الغمة ج ١ ص ٢٠٨ و ٢٠٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٣ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٨٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٤ وبهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٤ والمغازي للواقدي ج ٢ ص ٥١٢ و ٥١٣ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٧ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٩٢ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٧ و ٣٠٨ والإكتفاء ج ٢ ص ١٨٢ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٦١ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣٩ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٥٠ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٧ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٠ والإرشاد للمفيد ص ٦٤ و ٦٥ والبحار ج ٢٠ ص ٢٦٢ و ٢٦٣ ومناقب آل أبي طالب ج ١ ص ٢٥٢ وعمدة القاري ج ١٧ ص ١٩٢ وفتح الباري ج ٧ ص ٣١٩.

(٢) السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣٨ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٤.

(٣) قالوا : إنها كانت تحت مسيلمة الكذاب ، ثم خلف عليها عبد الله بن عامر بن كريز. دلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٢ و ٢٣.

(٤) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٧.

(٥) بهجة المحافل ج ١ ص ٢٧٤.

(٦) إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٧.

(٧) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ٢٢.

٨٠