الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٢

السيد جعفر مرتضى العاملي

الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله - ج ١٢

المؤلف:

السيد جعفر مرتضى العاملي


الموضوع : سيرة النبي (ص) وأهل البيت (ع)
الناشر: دار الحديث للطباعة والنشر
المطبعة: دار الحديث
الطبعة: ١
ISBN: 964-493-184-x
ISBN الدورة:
964-493-171-8

الصفحات: ٣٣٣

الفصل الثالث :

فشل المفاوضات وخيانة أبي لبابة

٤١
٤٢

إسلام أبناء سعية :

«وقال ثعلبة ، وأسيد أبنا سعية ، وأسد بن عبيد عمهم : يا معشر بني قريظة ، والله ، إنكم لتعلمون أنه رسول الله ، وإن صفته عندنا ، حدثنا به علماؤنا ، وعلماء بني النضير ، هذا أولهم ـ يعني حيي بن أخطب ـ مع جبير ابن الهيبان ، أصدق الناس عندنا ، هو خبّرنا بصفته عند موته.

قالوا : لا نفارق التوراة.

فلما رأى هؤلاء النفر إباءهم ، نزلوا في الليلة التي نزلت قريظة ، فأسلموا ، فأمنوا على أنفسهم ، وأهلهم ، وأموالهم» (١).

وأسيد ، وأسد وثعلبة لم يكونوا من بني قريظة ولا النضير بل كانوا فوق ذلك (٢). وهم نفر من هدل ، من بني عم قريظة (٣) ، وليس من هذيل ، كما

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٣ وراجع حول إسلام هؤلاء : سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٤٤ والثقات ج ١ ص ٢٧٦.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥.

(٣) جوامع السيرة النبوية ص ١٥٤ وراجع : السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢١ ودلائل النبوية للبيهقي ج ٤ ص ٣٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢٧٦ وتاريخ الخميس ج ١

٤٣

في بعض المصادر التي زعمت أيضا : أنهم من هذيل إخوة قريظة والنضير (١).

وكان سبب إسلامهم : أن ابن الهيبان ـ من يهود الشام ـ قدم على بني قريظة فأقام عندهم ، وكان يستسقي لهم أيام القحط ، فيسقون ، فحضرته الوفاة ، فأخبرهم : أن سبب خروجه إلى يثرب هو أنه يتوقع خروج نبي قد أظل زمانه ، مهاجره المدينة ليتبعه. ثم أوصاهم باتباعه.

فلما كان فتح بني قريظة قال أولئك النفر ـ وكانوا شبانا أحداثا ـ : يا معشر يهود ، والله ، إنه الذي كان ذكره ابن الهيبان.

فقالوا : ما هو به.

قالوا : بلى والله ، إنه لصفته.

ثم نزلوا ، وأسلموا ، وخلوا أموالهم ، وأولادهم ، وأهاليهم.

قال ابن إسحاق : وكانت أموالهم في الحصن مع المشركين ، فلما فتح ردّ ذلك عليهم (٢).

ونقول :

في النفس من هذه الرواية شيء ، فإن ابن الهيبان قد مات قبل بعثة النبي «صلّى الله عليه وآله» ، والبعثة كانت قبل فتح قريظة بحوالي ثمانية عشر عاما.

__________________

ص ٤٩٦ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٩٠ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٨ والإكتفاء ج ٢ ص ١٨٠ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٦ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٤٨.

(١) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٢٩٦ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٩٠.

(٢) سيرة ابن إسحاق ص ٨٥ و ٨٦ وراجع : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٦ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٣١ و ٣٢ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٧٤ والإكتفاء ج ٢ ص ١٨٠.

٤٤

ولا بد أن يكون أبنا سعية حين موت ابن الهيبان شبابا ، يدركون مغزى كلام ابن الهيبان ، ويفهمون وصيته ، ولا أقل من أن يكون لهم من العمر عشر سنين ، فيكون عمرهم حين فتح قريظة حوالي ثلاثين سنة ، فكيف يكون أولئك النفر عند فتح قريظة شبابا أحداثا؟! .. إلا إذا كان يصدق على ابن الثلاثين أنه حدث!

وأما السؤال : عن سبب هجرة ابن الهيبان إلى المدينة وليس إلى مكة.

فقد يجاب عنه : بأن مكة لم تكن تقبل بسكنى اليهود فيها ، وإن كان هذا الجواب محل نظر وتأمل ، ويحتاج إثبات ذلك أو نفيه إلى دراسة وافية لهذا الموضوع.

عمرو بن سعدى ومحمد بن مسلمة :

١ ـ يذكر المؤرخون : أن عمرو بن سعدى اليهودي ، قد صارح قومه بأنهم قد عاهدوا محمدا : ألا ينصروا عليه أحدا ، وأن ينصروه ممن دهمه ، فغدروا ولم يشركهم ابن سعدى في غدرهم ، وقال لهم : «فإن أبيتم أن تدخلوا معه فاثبتوا على اليهودية ، وأعطوا الجزية ، فو الله ، ما أدري يقبلها أم لا.

قالوا : نحن لا نقر للعرب بخرج في رقابنا ، يأخذوننا به. القتل خير من ذلك.

قال : فإني بريء منكم. وخرج في تلك الليلة مع ابني سعية ، حتى أتى مسجد رسول الله ، فبات فيه ، فلما أصبح غدا ، فلم يدر أين هو حتى الساعة.

فسئل «صلّى الله عليه وآله» عنه ، فقال : ذاك رجل نجاه الله بوفائه» (١).

__________________

(١) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٣ و ٥٠٤ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٤ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٥ و ١٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٥ و ٣٣٦.

٤٥

٢ ـ وقال المؤرخون أيضا : «خرج في تلك الليلة (أي ليلة نزول بني قريظة على حكم النبي «صلّى الله عليه وآله» عمرو بن سعدى القرظي ، فمر بحرس رسول الله «صلّى الله عليه وآله» وعليه محمد بن مسلمة تلك الليلة ، فلما رآه قال : من هذا؟!

قال : أنا عمرو بن سعدى. (وكان قد أبي أن يدخل مع بني قريظة في غدرهم برسول الله «صلّى الله عليه وآله».

وقال : لا أغدر بمحمد أبدا).

فقال محمد بن مسلمة حين عرفه : اللهم لا تحرمني إقالة عثرات الكرام ، ثم خلى سبيله ؛ فخرج حتى أتى مسجد رسول الله «صلّى الله عليه وآله» بالمدينة تلك الليلة.

ثم ذهب ، فلم يدر أين توجه من الأرض إلى يومه هذا ، فقال رسول الله فيه ما سبق.

٣ ـ إن البعض يزعم : أنه كان أوثق برمّة فيمن أوثق من بني قريظة ، فأصبحت رمته ملقاة ، ولا يدري أن يذهب ، فقال رسول الله «صلّى الله عليه وآله» فيه تلك المقالة (١).

__________________

(١) راجع النصين المتقدمين في المصادر التالية : السيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٩ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧١ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢١ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٦ والإكتفاء ج ٢ ص ١٨٠ و ١٨١ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٩٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٤٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٣٢ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢٧٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٥ و ٣٣٦ وراجع : النص الأول في : السيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٦.

٤٦

٤ ـ إن ابن خلدون يقول : «وفر عنهم عمرو بن سعدى القرظي ، ولم يكن دخل معهم في نقض العهد ، فلم يعلم أين وقع» (١).

٥ ـ قال الذهبي وغيره : «كان عمرو بن سعدى اليهودي في الأسرى ، فلما قدموه ليقتلوه ، فقدوه ، فقيل : أين عمرو؟!

قالوا : والله ، ما نراه ، وإن هذه لرمته التي كانت فيها (الرمة قطعة من حبل) فما ندري كيف انفلت.

فقال رسول الله «صلّى الله عليه وآله» : أفلت بما علم الله في نفسه» (٢).

ونقول :

أولا : إنك ترى النصوص التاريخية لهذا الحدث مختلفة فيما بينها ، مما يشير إلى وقوع تشويه عفوي أو عمدي في هذه القضية.

ثانيا : إذا كان هذا الرجل قد أبى الدخول مع قومه في الغدر ، فمن الواضح : أن النبي «صلّى الله عليه وآله» لن يعاقبه بما فعل الآخرون ، وقد قال الله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(٣).

بل سوف يجد نفسه معززا مكرما في ظل الإسلام ، حتى ولو أراد أن يبقى على يهوديته.

وذلك يجعلنا نشك كثيرا فيما يزعمونه من أنه قد ربط مع قومه ليقتل ثم هرب.

وكذا ما يزعمونه من أنهم قدموه ليقتلوه فانفلت منهم دون أن يشعروا.

__________________

(١) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٤.

(٢) تاريخ الإسلام المغازي ص ٢٦٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٠.

(٣) الآية ١٦٤ من سورة الأنعام و ١٥ من سورة الإسراء و ١٨ من سورة فاطر و ٧ من سورة الزمر.

٤٧

وكذا القول إنه هرب قبل ذلك ، إذ لماذا يربط؟

ولماذا يعرضونه للقتل ، ولماذا يهرب؟ وهو لم يفعل ما يستحق به ذلك.

ولماذا لا يعتمد على سماحة الإسلام وعفوه وكرمه؟ وهو يعلم أن الإسلام لا يأخذ البريء بذنب المسيء؟

ولماذا يحتاج إلى تدخل إلهي لإنجائه؟ حتى قال النبي «صلّى الله عليه وآله» : ذاك رجل نجاه الله بوفائه.

وهل كان «صلّى الله عليه وآله» عازما على قتله ، مع علمه بوفائه ، ثم نجاه الله منه؟!

ثالثا : هل يمكن إفلات أحد من أيدي حراسه دون أن يشعروا به ، مع أنهم قدموه ليقتلوه؟!

فهل هو من نوع الجن أو الملائكة ، الذين يمكنهم إخفاء أنفسهم والانفلات دون أن يشعر بهم أحد ، حتى في هذه اللحظات العصيبة والحساسة ، ومع اجتماع الناس لأجل ذلك.

رابعا : إن حديث إفساح محمد بن مسلمة له المجال لينفلت ويذهب إلى المسجد ليبيت فيه ، ثم ذهب .. ينافي حديث ربطه مع قومه ، وتقديمه للقتل ، ولا ندري كيف نفسر هذا التصرف من محمد بن مسلمة ، إذ لماذا لا يراجع فيه ابن مسلمة النبي «صلّى الله عليه وآله» ، ويستأمره في شأنه بل تصرف من عند نفسه ، حتى لا يحرمه الله إقالة عثرات الكرام؟

وإذا كان عمرو بن سعدى لم يدخل مع قومه في الغدر ، فأي عثرة له يريد محمد بن مسلمة أن يقيلها؟!

خامسا : ظاهر كلام البعض : أن ابن سعدى قد فر عن قومه ، ولم يعلم

٤٨

أين وقع (١).

ومعنى ذلك : أنه لم يؤسر ، ولم يوثق ، ولم يهرب من رمته ، ولا حين تقديمه إلى القتل.

ونتيجة لما تقدم نقول :

إن الشبهة تحوم حول محمد بن مسلمة ، الذي كانت له علاقات من نوع ما مع اليهود ، وقد روي أن عليا «عليه السّلام» قال لعمار بن ياسر : «ذنبي إلى محمد بن مسلمة : أني قتلت أخاه يوم خيبر ، مرحب اليهود» (٢). ولعله كان أخا له من الرضاعة ، أو هو أخ له في الدين.

فيظن أنه هو الذي أفسح له المجال للهرب ، وفق تفاهم بينهما ، لا مجال للتكهن بتفاصيله وأسبابه.

كما أننا نرتاب في ما ينسب إلى النبي «صلّى الله عليه وآله» من قول في هذا المجال ، ولعل الأقرب هو ما ذكره البعض من أنه «صلّى الله عليه وآله» قال : «أفلت بما علم الله في نفسه» (٣) والله هو العالم بحقيقة الحال.

لا يقرون للعرب بأي امتياز :

والشيء الذي رأيناه يتكرر من اليهود هو هذه المشاعر العنصرية التي ألحقت الأذى بهم باستمرار ، وأهلكتهم أو كادت.

__________________

(١) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ص ٣١ وراجع : جوامع السيرة النبوية ص ١٥٤.

(٢) الإمامة والسياسة ج ١ ص ٥٤ وقاموس الرجال ج ٨ ص ٣٨٨ وراجع كتابنا هذا ج ٧ ص ٢٤ و ٢٥.

(٣) تاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٦٠ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ٢٠.

٤٩

وقد عمل اليهود أنفسهم على تركيز هذا الإحساس القوي بالعنصر ، حتى كأنهم فوق جميع البشر ، وذلك من خلال ما انتهجوه من أساليب خادعة وماكرة لفرض هيمنتهم الثقافية على العرب ، بعد أن فشلوا فشلا ذريعا في صراعهم العسكري معهم.

وهذا في الحقيقة أمر امتحنهم الله فيه ، أظهر من خلاله ما يخفونه من روح حاقدة ومتكبرة ، ومتغطرسة وشريرة ، (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ)(١). (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)(٢).

مفاوضة نباش بن قيس مع النبي صلّى الله عليه وآله :

وحين أيقن بنو قريظة بالهلاك ، بسبب رمي المسلمين لهم ، أنزلوا نباش بن قيس ، فكلم رسول الله «صلّى الله عليه وآله» ساعة ، وقال : يا محمد ننزل على ما نزلت عليه بنو النضير ، لك الأموال ، والحلقة ، وتحقن دماءنا ، ونخرج من بلادكم بالنساء والذراري ، ولنا ما حملت الإبل إلا الحلقة ، فأبى رسول «صلّى الله عليه وآله».

فقالوا : فتحقن دماءنا ، وتسلم لنا النساء والذرية ، ولا حاجة لنا فيما حملت الإبل.

فقال رسول الله «صلّى الله عليه وآله» : لا ، إلا أن تنزلوا على حكمي.

فرجع نباش إلى أصحابه بمقالة رسول الله «صلّى الله عليه وآله».

فقال كعب بن أسد : يا معشر بني قريظة : والله ، إنكم لتعلمون أن محمدا

__________________

(١) الآية ٤٣ من سورة فاطر.

(٢) الآية ٣٠ من سورة الأنفال.

٥٠

نبي الله. وما منعنا من الدخول معه إلا الحسد للعرب ، حيث لم يكن نبيا من بني إسرائيل ، فهو حيث جعله الله. ولقد كنت كارها لنقض العهد والعقد ، ولكن البلاء ، وشؤم هذا الجالس (يعني حيي بن أخطب) علينا وعلى قومه ، وقومه كانوا أسوأ منا. لا يستبقي محمد رجلا واحدا إلا من تبعه.

أتذكرون ما قال لكم ابن حواس ، حين قدم عليكم ، فقال : تركت الخمر والخمير والتأمير ، وجئت إلى السقاء والتمر والشعير؟!

قالوا : وما ذلك؟

قال : يخرج من هذه القرية نبي ؛ فإن خرج وأنا حي اتبعته ونصرته ، وإن خرج بعدي فإياكم أن تخدعوا عنه ، فاتبعوه ، وكونوا أنصاره وأولياءه ، وقد آمنتم بالكتابين كليهما الأول والآخر.

قال كعب : فتعالوا ؛ فلنتابعه ، ولنصدقه ، ولنؤمن به ، فنأمن على دمائنا ، ونسائنا وأموالنا ، فنكون بمنزلة من معه.

قالوا : لا نكون تبعا لغيرنا ، نحن أهل الكتاب والنبوة ، ونكون تبعا لغيرنا؟!

فجعل كعب يرد عليهم الكلام بالنصيحة لهم.

قالوا : لا نفارق التوراة ، ولا ندع ما كنا عليه من أمر موسى.

قال : فهلم فلنقتل أبناءنا ونساءنا ، ثم نخرج في أيدينا السيوف إلى محمد وأصحابه ، فإن قتلنا ، قتلنا وما وراءنا أمر نهتم به ، وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء فتضاحك حيي بن أخطب ، ثم قال : ما ذنب هؤلاء المساكين؟

وقالت رؤساء اليهود : الزبير بن باطا وذووه : ما في العيش خير بعد هؤلاء.

قال : فواحدة قد بقيت من الرأي لم يبق غيرها ، فإن لم تقبلوها فأنتم بنو استها.

قالوا : وما هي؟!

٥١

قال : الليلة السبت ، وبالحري أن يكون محمد وأصحابه آمنين لنا فيها أن نقاتله ، فنخرج ، فلعلنا أن نصيب منهم غرة.

قالوا : نفسد سبتنا ، وقد عرفت ما أصابنا فيه؟!

قال حيي : قد دعوتك إلى هذا وقريش وغطفان حضور ، فأبيت أن تكسر السبت ، فإن أطاعتني اليهود فعلوا.

فصاحت اليهود : لا نكسر السبت.

قال نباش بن قيس : وكيف نصيب منهم غرة ، وأنت ترى أن أمرهم كل يوم يشتد. كانوا أول ما يحاصروننا ، إنما يقاتلون بالنهار ، ويرجعون الليل ، فكان هذا لك قولا ، لو بيتناهم. فهم الآن يبيتون الليل ، ويظلون النهار ، فأي غرة نصيب منهم؟! هي ملحمة وبلاء كتب علينا.

فاختلفوا ، وسقط في أيديهم ، وندموا على ما صنعوا ، ورقوا على النساء والصبيان. وذلك أن النساء (والصبيان) لما رأوا ضعف أنفسهم هلكوا ، فبكى النساء والصبيان ، فرقّوا عليهم (١).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠١ ـ ٥٠٣ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٣ ـ ١٥ وراجع : إمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٣ و ٢٤٤ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٥ و ٣٣٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٤ و ١٥ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٨٨ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٤ وأشار إلى ذلك أو ذكره بتفصيل في المصادر التالية : الإكتفاء ج ٢ ص ١٧٨ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٥ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣٠ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج ١ ص ٢٥١ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٦ و ٢٤٧ وعيون الأثر ج ٢ ص ٦٩ و ٧٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٠

٥٢

وقفات مع ما تقدم :

ونقول :

تستوقفنا في هذا الحديث عدة أمور ، نذكر منها ما يلي :

١ ـ قد تقدم عدم صحة قولهم : إنهم حين أيقنوا بالهلكة أرسلوا نباش بن قيس ، فلما رجع إليهم بالفشل ، طلبوا أبا لبابة ، ثم نزلوا على حكم ابن معاذ.

والصحيح هو : أنهم بعد عودة نباش بقوا أياما (١) ، صدوا خلالها ـ كما تقدم ـ حملات بقيادة كبار الصحابة ، فجاءهم علي ، ونادى يا كتيبة الإيمان ، وانتهى الأمر باستسلامهم على يديه ، وطلبوا أبا لبابة ، ثم نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، كما تقدم.

٢ ـ إن العبارة الأخيرة قد أسندت الأمر إلى القضاء والقدر الذي لا مفر منه ، وأنها كما يقول بنو قريظة : «ملحمة وبلاء كتب علينا» وذلك من منطق اعتقادهم بالجبر الإلهي.

رغم أن القرار في إبعاد هذه الملحمة والبلاء عنهم يعود إليهم ، وبإمكانهم تغيير مسار الأحداث لو تصرفوا بحكمة وتعقل وإنصاف ، وتركوا الانقياد إلى الهوى ، وإلى العصبيات والعنجهيات الفارغة.

__________________

وإرشاد الساري ج ٦ ص ٣٣٠ وفتح الباري ج ٧ ص ٣١٨ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٥ و ١١٦ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٧ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٧ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٤٦ و ٢٤٧ ومجمع البيان ج ٨ ص ٣٥١ و ٣٥٢ والبحار ج ٢٠ ص ٢١١ و ٢٣٤ وراجع : تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٠.

(١) تفسير القمي ج ٢ ص ١٩٠ والبحار ج ٢٠ ص ٢٤٣ عنه : وفيه غزال بن شمول. بدل نباش بن قيس.

٥٣

٣ ـ إن صيغة اقتراح قتل النساء والذرية تظهر بوضوح حقيقة نظرة اليهود إلى عنصر المرأة ، واعتبارها من شؤون الرجل ، وأن لا شخصية ولا كيان لها إلا بمقدار ما تخدم أغراض الرجل وأهواءه ، وما تقدم له من متعة ، فليلاحظ قوله : «وإن ظفرنا فلعمري لنتخذن النساء والأبناء».

٤ ـ إن اليهود الذين هم عبيد الدنيا ، إنما يريدون تحقيق انتصارات كبيرة دون أن يكونوا على استعداد لخسارة أي شيء ذي بال ، ومن دون أن يخوضوا حربا ، أو أن يقدموا شيئا من الأموال والنفائس ، بل هم يريدون أن يصلوا إلى أهدافهم عن طريق المكر والخديعة والاحتيال.

ولأجل هذا كانت مجالات تحركهم حين يواجهون الأزمات الكبيرة التي لا بد فيها من الصدام العسكري محدودة ومحصورة وضيقة إلى درجة كبيرة.

٥ ـ لقد ابتلي اليهود بحب الدنيا ، فقتلهم حب الدنيا بسيف الدنيا. وهذا هو غاية المهانة والخيبة ، ومنتهى الخذلان والخسران.

٦ ـ قد يمكر الإنسان بكل أحد ، ويخدع أي إنسان ، حتى أقرب الناس إليه ؛ ولكنه لم يكن ليخدع نفسه أبدا.

اللهم إلا أن يكون على شاكلة الحطيئة الشاعر ، الذي كان مولعا بهجو الناس ، فلما لم يجد أحدا يهجوه هجا نفسه ، فقال :

أبت شفتاي اليوم إلا تكلما

بهجر فما أدري الذي أنا قائله

أرى لي شكلا قبح الله وجهه

فقبح من وجه وقبح حامله

وهذا بالذات هو ما جرى ليهود بني قريظة ، فإنهم رغم اعتراف عدد من كبارهم بالحق وتأكيدهم على أن ما جاء به الرسول «صلّى الله عليه وآله» هو محض الصدق ، وأنه هو النبي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل ، ويعرفونه

٥٤

كما يعرفون أبناءهم ، فإنهم أصروا على رفض الاعتراف به ، والتسليم والبخوع له.

مع أنهم ما فتئوا يؤكدون على أنهم لم يفارقوا أمر موسى ، ولا يريدون مفارقة التوراة ، رغم أن نبوة محمد «صلّى الله عليه وآله» هي من التوراة ، كما أنه ليس في اتباع محمد «صلّى الله عليه وآله» ترك للتوراة ولا لموسى ، بل هو التزام بهما بنحو أتم وأكمل ، وأوفى وأدق وأشمل.

٧ ـ لقد امتحن الله سبحانه بني إسرائيل في أمر حساس للغاية ، حيث واجههم بالأمر الذي هو أساس الداء الوبيل فيهم ، حينما بعث نبيا من غيرهم ، فثارت فيهم روح التمييز العنصري ، وأكل قلوبهم الحسد. والأنكى من ذلك أنهم كانوا يدركون ذلك ويصرحون به.

ثم يسلمهم اللجاج ، وحالة الاستكبار ، والصدود عن الحق إلى الدمار والبوار ، وبئس المصير ، الذي اختاروه لأنفسهم ، وفي العذاب هم مشتركون.

خيانة أبي لبابة :

وحين خاف اليهود من مهاجمة علي «عليه السّلام» لهم ، كما قدمناه ، سألوا النبي «صلّى الله عليه وآله» أن يرسل إليهم أبا لبابة ؛ ليشاوروه في أمرهم فأرسله إليهم. وقال له : «فأتهم ، وقل معروفا» (١).

قالوا : وكان أبو لبابة مناصحا لهم ، لأن ماله ، وعياله ، وولده كانت في بني قريظة (٢).

__________________

(١) البحار ج ٢ ص ٢٦٧ وتفسير فرات (ط سنة ١٤١٠ ه‍ ق.) ص ١٧٥.

(٢) تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٦ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥.

٥٥

واسم أبي لبابة : زيد بن عبد المنذر ، وهو من بني قريظة ، ابتاعه النبي «صلّى الله عليه وآله» وهو مكاتب ، فأعتقه (١). فلما طلع عليهم انتحبوا في وجهه يبكون ، وقالوا : لا طاقة لنا اليوم بقتال من وراءك (٢).

وبما أن نص الواقدي هو أجمع النصوص لخصوصيات ما حدث ، فإننا نختاره على ما سواه ملخصا عنه ثم نشير إلى سائر المصادر التي ذكرت النص كله أو بعضه أو اختصرته ، فنقول :

لما اشتد الحصار على بني قريظة طلبوا من النبي «صلّى الله عليه وآله» أن يرسل إليهم أبا لبابة ، فأرسله إليهم (ليلة السبت).

قال أبو لبابة : فقام كعب بن أسد ، فقال : أبا بشير ، قد علمت ما صنعنا في أمرك ، وأمر قومك يوم الحدائق وبعاث ، وكل حرب كنتم فيها. وقد اشتد علينا الحصار وهلكنا ، ومحمد يأبى أن يفارق حصننا حتى ننزل على حكمه ، فلو زال عنا لحقنا بأرض الشام ، أو خيبر ، ولم نطأ له حرا أبدا ، ولم نكثر عليه جمعا أبدا.

ثم أنحى أبو لبابة وكعب بن أسد باللائمة على حيي بن أخطب ، فقال حيي : ملحمة وبلاء كتب علينا.

ثم استشاروا أبا لبابة في النزول على حكم النبي «صلّى الله عليه وآله» ، فقال لهم : نعم ، فانزلوا. وأشار إلى حلقه ، هو الذبح.

ثم ذكر أبو لبابة : أنه ندم ، فاسترجع ، فقال له كعب : ما لك يا أبا لبابة؟!

__________________

(١) أنساب الأشراف ج ١ ص ٤٨٣.

(٢) البحار ج ٢٠ ص ٢٦٧ وتفسير فرات (ط سنة ١٤١٠ ه‍. ق) ص ١٧٥.

٥٦

قال : «فقلت : خنت الله ورسوله ، فنزلت ، وإن لحيتي لمبتلة من الدموع ، والناس ينتظرون رجوعي إليهم».

ثم ذكر : أنه أخذ من وراء الحصن طريقا إلى المسجد ، فارتبط إلى الأسطوانة «المخلقة» وتسمى أسطوانة التوبة.

قال : وبلغ رسول الله ذهابي ، وما صنعت.

فقال : دعوه ، حتى يحدث الله فيه ما يشاء ، لو كان جاءني استغفرت له.

قال : فكنت في أمر عظيم خمس عشرة ليلة.

ثم ذكر أنه كان قد رأى قبل ذلك رؤيا ، فعبرها له أبو بكر ، بقوله : «لتدخلن في أمر تغتم له ، ثم يفرج عنك» ، فكنت أذكر قول أبي بكر (رض) وأنا مرتبط ، فأرجو أن تنزل توبتي (١).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٦ و ٥٠٧ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٦ و ١٧ ، وراجع حديث أبي لبابة مختصرا أو مطولا في : تاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٤ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٦ ـ ٢٥٨ والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٣ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٧ و ٢٤٨ والوفا ص ٦٩٥ والروض الأنف ج ٣ ص ٢٨٢ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٢ ـ ٤٤٤ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٩٥ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١١٩ و ١٢٠ والكامل في التاريخ ج ٢ ص ١٨٥ والطبقات الكبرى ج ٢ ص ٧٤ وبهجة المحافل وشرحه ج ١ ص ٢٧٣ والإكتفاء ج ٢ ص ١٧٩ و ١٨٠ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٤٧ و ٢٤٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥ و ١٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٦ و ٣٣٧ و ٣٤٥ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٧ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٢٩ ـ ٢٣٣ و ٢٣٧ و ٢٢٧ والبحار ج ٢٠ ص ٢٧٤ و ٢٧٥ والثقات ج ١ ص ٢٧٥ و ٢٧٦ ومجمع الزوائد ج ٦ ص ١٣٧ وسيرة مغلطاي ص ٥٦ و ٥٧.

٥٧

وعن الزهري : كان رسول الله «صلّى الله عليه وآله» قد استعمل أبا لبابة على قتالهم ، فلما أحدث ما أحدث عزله واستعمل أسيد بن حضير.

وارتبط أبو لبابة سبعا ، وفي نص آخر : (عدة ليال) عند الأسطوانة التي عند باب أم سلمة ، في حر شديد ، لا يأكل فيهن ولا يشرب وقال : لا أزال هكذا حتى أفارق الحياة ، أو يتوب الله عليّ.

قال : فلم يزل كذلك ، حتى ما يسمع الصوت من الجهد. ورسول الله «صلّى الله عليه وآله» ينظر إليه بكرة وعشية. ثم تاب الله عليه.

وقد نزلت توبته في بيت أم سلمة في السحر. فاستأذنت رسول الله أن تؤذنه بذلك فأذن لها.

قالت : فقمت على باب الحجرة ، وذلك قبل أن يضرب الحجاب ، فقلت : يا أبا لبابة ، أبشر ، فقد تاب الله عليك ، فثار الناس ليطلقوه فأبى إلا أن يطلقه رسول الله بيده ، فلما خرج رسول الله «صلّى الله عليه وآله» إلى الصبح أطلقه.

تقول أم سلمة : رأيت رسول الله «صلّى الله عليه وآله» يحل عنه رباطه ، وأن رسول الله ليرفع صوته يكلمه ، ويخبره بتوبته ، ولا يدري كثيرا مما يقول من الجهد والضعف.

ويقال : مكث خمس عشرة مربوطا. وكانت ابنته تأتيه بتمرات لفطره ، فيلوك منهن ويترك ، ويقول : والله ، ما أقدر أن أسيغها فرقا ألا تنزل توبتي. وتطلقه عند وقت كل صلاة ، فإن كانت له حاجة توضأ ، وإلا أعاد الرباط. وكان الرباط حز في ذراعه ، وكان من شعر ، وكان يداويه بعد ذلك دهرا.

٥٨

وكان يبين في ذراعه بعد ما برئ (١).

ونقول : إن لنا مع هذه القضية وقفات :

أولا : يلاحظ تناقض بين الروايات في مقدار المدة التي بقي أبو لبابة مرتبطا فيها.

فقد تقدم أنها خمسة عشر يوما ، ورووا ذلك عن أم سلمة (٢).

وفي نص آخر : بضع عشرة ليلة ، حتى ذهب سمعه ، فما يكاد يسمع وكاد يذهب بصره وحتى خر مغشيا عليه (٣).

__________________

(١) المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧ و ٥٠٩ وراجع بعض ما تقدم أو كله في ما يلي : عيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٧ و ١٨ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ وقاموس الرجال ج ٢ ص ٢١٠ و ٢١١ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٨٩ ووفاء الوفاء ج ١ ص ٣٠٧ وج ٢ ص ٤٤٢ ـ ٤٤٤ والإكتفاء ج ٢ ص ١٧٨ و ١٧٩ وتاريخ الأمم والملوك ج ٢ ص ٢٤٧ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٥ و ١٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٣٧ ودلائل النبوة للبيهقي ج ٤ ص ١٣ ـ ١٦ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣١ و ٢٣٢ وبحار الأنوار ج ٢٠ ص ٢٧٥.

(٢) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٨ وإمتاع الأسماع ج ١ ص ٢٤٥ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٥.

(٣) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٥ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٨ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ وقاموس الرجال ج ٢ ص ٢١١ عن الإستيعاب والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦ وسيرة مغلطاي ص ٥٦ و ٥٧ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٣.

٥٩

وقيل : سبع عشرة ليلة (١).

وقال ابن إسحاق : خمسا وعشرين ليلة (٢).

وتقدم عن الزهري : أنه ارتبط سبعا بين يوم وليلة (٣) حتى خر مغشيا عليه.

وقيل : ارتبط قريبا من عشرين ليلة أو عشرين ليلة (٤).

وقيل : ست ليال (٥).

ثانيا : لم نعرف السبب في ذهاب سمع أبي لبابة ، ثم كاد أن يذهب بصره ، فإن ترك الطعام والشراب ، لمدة أسبوع أو أسبوعين ، لا يوجب الطرش ، ولا العمى ، فلماذا يحتاج النبي «صلّى الله عليه وآله» إلى أن يرفع صوته ليسمعه؟

__________________

(١) السيرة الحلبية ج ٢ ص ٢٤٥.

(٢) سبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٧.

(٣) راجع : المغازي للواقدي ج ٢ ص ٥٠٧ وحدائق الأنوار ج ٢ ص ٥٩٦ وبهجة المحافل ج ٢ ص ٢٧٣ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٥ ووفاء الوفاء ج ٢ ص ٤٤٤.

(٤) راجع : السيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٢٩ و ٢٣١ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٦ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١١٩ و ١٢٠ عن موسى بن عقبة ، وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٧ وسيرة مغلطاي ص ٥٦ و ٥٧.

(٥) راجع : العبر وديوان المبتدأ والخبر ج ٢ ق ٢ ص ٣١ وجوامع السيرة النبوية ص ١٥٤ والسيرة النبوية لابن هشام ج ٣ ص ٢٤٨ والسيرة النبوية لابن كثير ج ٣ ص ٢٣١ وعيون الأثر ج ٢ ص ٧٠ والبداية والنهاية ج ٤ ص ١٢٠ والمواهب اللدنية ج ١ ص ١١٦ وسبل الهدى والرشاد ج ٥ ص ١٧ وتاريخ الخميس ج ١ ص ٤٩٥ ونهاية الأرب ج ١٧ ص ١٩٠ وتاريخ الإسلام (المغازي) ص ٢٥٨ والسيرة النبوية لدحلان ج ٢ ص ١٦ والسيرة الحلبية ج ٢ ص ٣٤٥ وسيرة مغلطاي ص ٥٦ و ٥٧.

٦٠