معجم قرى جبل عامل - ج ٢

الشيخ سليمان ظاهر

معجم قرى جبل عامل - ج ٢

المؤلف:

الشيخ سليمان ظاهر


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق (ع) للبحوث في تراث علماء جبل عامل
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٠٨
الجزء ١ الجزء ٢

مصادر مياهها : مشروع نبع الطاسة. وينابيع محلية (نبع المغارة) وآبار ارتوازية.

صفد البطيخ : [Safad ـ il ـ Battikh]

صفد البطيخ (بصاد مهملة وفاء مفتوحتين فدال مهملة [مضاف إلى البطيخ المعروف من الخضروات]).

قرية قائمة على هضبة يفصل بينها وبين تبنين وادي عيون الخان إلى الشرق الشمالي منها ، وهي من أعمالها ، وعلى مسافة نصف ساعة [٥ كلم] وسكانها من المسلمين الشيعيين (٥٤) ومن المسيحيين الكاثوليك (١٠١). وفيها بقية من أسرة العلامة الشهيد الثاني الشيخ زين الدين ما تزال معروفة (ب زين الدين).

أصل الإسم : قد يكون الإسم عربيا ، والصفد : العطاء (١) فيكون المعنى عطاء البطيخ ونستبعد كونه سريانيا «safda ,sefda الدن والزق ، وجرة من رصاص أو معدن آخر» (٢). وجذر صفد سامي مشترك يفيد الشد والربط والوثاق.

موقعها : ترتفع ٧٠٠ مترا عن سطح البحر ، من أعمال قضاء بنت جبيل على مسافة ١٦ كلم منها شمالا. وشمالي شرقي تبنين وعلى مسافة ٥ كلم منها. مساحة أراضيها المستثمرة ١٥ هكتارا فيها مجلس اختياري ومدرسة رسمية.

قدر العنداري عدد سكانها سنة ١٩٧١ م ب ٣٩٧ نسمة (٣) وقدرهم مرهج

__________________

(١) لسان العرب ٣ : ٢٥٦.

(٢) أنيس فريحة ص ١٠٣.

(٣) دليل المدن والقرى قضاء بنت جبيل رقمها (٢١).

٢١

ب ٧٠٠ نسمة (١) (نفس العام) وقدرهم علي فاعور عام ١٩٨١ م ب ١٠٨٠ (٢) ويقدر عددهم اليوم ب ١٣٠٠ نسمة.

إنتاجها الزراعي : تبغ وحنطة. مصادر مياهها مشروع نهر الليطاني وعيون محلية.

صلحا (٣) : [Salha]

صلحا (بفتح الصاد المهملة وسكون اللام بعدها حاء مهملة وألف [أو هاء]).

من قرى جنوبي جبل عامل على الحدود الفلسطينية ، وقد أتبعت بفلسطين (٤) وهي إلى الجنوب من بنت جبيل ، على بعد ساعة وبعض ساعة (٨ كلم تقريبا) تبلغ نفوسها (٣٣٨) وكلهم من المسلمين الشيعيين. (٥).

__________________

(١) اعرف لبنان ، ٦ : ٣٤٦.

(٢) مجلة الباحث ص ٣٩.

(٣) هي اليوم مستعمرة صهيونية باسم يرؤون Yir\'on ، وكانت من المدن القديمة العاملية.

وفيها آثار كثيرة تدل على قدمها من مدافن منقورة في الصخر. ومعاصر للزيت ، وفي واديها آثار ضرانية» وفي معزعوبة أو وادي عوبة قرية. آثار كثيرة. وقربها خربة عوبة وهي قرية قديمة. كانت مساحتها حوالي ٠٠٠ ، ١٠ دونم. وفيها تمّ الصلح بين كامل بك الأسعد والجنرال غورو اثر حاثة عين ابل المشؤومة. (فايز الريس ، القرى الجنوبية السبع ، ص ٥٥ ـ ٥٦).

(٤) أتبعت بفلسطين بعد الحرب العالمية الأولى واحتلال الإنكليز فلسطين. وهي من كبرى البلاد العاملية التي احتلتها اسرائيل. ورد اسمها كثيرا في تاريخ جبل عامل.

ذكرها حسن الصدر صلحاء. (تكملة أمل الآمل ص ٢٧٩ ، وكان فيها سنة ١٢٥٢ ه‍ / ١٨٣٦ م الشيخ علي مروة يوم هدم الزلزال قدس وصفد وصلحا ، وهدمت عليه الدار وأخرج من تحت الهدم بعد اليأس. (انظر ترجمته في حداثا ، واعيان الشيعة ٨ : ٣٠٢ وتكملة أمل الآمل ص ٢٧٨ ـ ٢٧٩.

(٥) هجر سكان القرية عام ١٩٤٨ وهم يعيشون اليوم في مختلف قرى جبل عامل وبيروت وغيرها من مدن وقرى لبنان. وذلك بعد مجزرة ذهب ضحيتها ١٠٥ شهداء من أهلها.

٢٢

صليما : [Salima]

لم يذكرها الشيخ سليمان كما لم يذكرها الأمين.

أصل الإسم : «تحريف salme : الأصنام والتماثيل ، أو اسم المفعول من جذر «صلم» slima المنقوش والمحفور والمنحوت (أي تمثال ، صنم) وفي العربية الصلم هو الصنم» (١).

موقعها : ترتفع ٥٠٠ مترا عن سطح البحر ، تتبع جزين قضائيا ، على مسافة ٨ كلم منها (٢) شمالا غربيا ، وشمالي غربي بنواتي. تتبع قرية الميدان.

هي مزرعة صغيرة ورد ذكرها في قرى إقليم جزين في عهد المتصرفية (٣) ، ولا يتجاوز عدد سكانها اليوم ال ١٥٠ نسمة.

الصوانة : [is ـ sawane]

بصاد مهملة مفتوحة ، وواو مشددة مفتوحة بعدها ألف ، ثم نون بعدها هاء.

كانت في العهد التركي عملا لصيدا على قربها من تبنين ومن شقرة التابعة لمرجعيون ، وذلك من سيئات التشكيل الإداري في ذلك العهد (٤) ، وكذلك كانت قرية الطيبة تتبع صيدا ، وبينها وبين صيدا مسافة عشر ساعات [٤٦ كلم] مع أن المسافة بينها وبين الجديدة ساعتان ونصف ساعة [٨

__________________

(١) أنيس فريحة ص ١٠٣.

(٢) علي فاعور. جنوب لبنان ص ٢٧٤.

(٣) لبنان مباحث علمية واجتماعية. ص ٦٦.

(٤) ذكر السيد الأمين أن سبب إلحاقها بصيدا يعود إلى أن عبد الله باشا الخزندار حاكم عكا بين العامين (١٨١٩ م ـ ١٨٣٢ م) أقطع الصوانة السيد علي الأمين ، ولذلك كانت ملحقة بالمعاشات التي كانت تابعة لناحية الشومر من عمل صيدا. خطط جبل عامل ٣٠٥ ـ ٣٠٦ وتاريخ الصك ١٢٣٧ ه‍ / ١٨٢٢ م. مخطوطة جواهر الحكم ص ٦٩٢.

٢٣

كلم]. والمسافة بين الصوانة وصيدا أربع عشرة ساعة [٦٨ كلم] ، وقد ألحقت في العهد الاحتلالي وتشكيلات دولة لبنان الكبير عام ١٩٢٥ بمرجعيون ، وكذلك قرية الطيبة.

تقوم هذه القرية على هضبة عالية مطلة على الجهات الأربع ، وإلى الجنوب الغربي منها على مسافة ساعة تبنين.

كانت معروفة بتبغها العربي الجيد ، وتستنبت أطيبه ، فكانت له سوق رائجة ، ولا بأس اليوم بتبغها التركي.

هي من أملاك بعض السادة آل الأمين ، وللسيد عبد الرؤوف المعروف بفتى الجبل الشاعر سهم فيها.

وقد ذكرها البحراني في كشكوله (١).

أصل الإسم : بلفظ الصّوّانة وهي القطعة من الصّوّان وهو ضرب من الحجارة فيها صلابة يتطاير منه شرر عند قدحه بالزناد (٢).

موقعها : ترتفع الصّوانة ٥٥٠ مترا عن سطح البحر ، وهي من أعمال قضاء مرجعيون على مسافة ٣٢ كلم منها جنوبا غربيا ، شمالي شرقي تبنين وعلى مسافة ١٣ كلم منها. وعلى ٧ كلم من بير السلاسل. مساحة أراضيها المستثمرة ١٩٥ هكتارا.

شيء من تاريخها : يبدو أن القرية قديمة وقد عثر فيها على آثار قديمة منها رحى الحجر الأعلى منها مجوف والأسفل ناتئ بهيئة القبة باقية بهيئتها التي كانت عليها وهي رحى عظيمة (٣).

في الصوانة مجلس بلدي أنشئ عام ١٩٦٤ م ، ومدرسة رسمية.

__________________

(١) كشكول البحراني ١ : ٤٢٨.

(٢) انظر اللسان ١٣ : ٢٥٣ ؛ والمعجم الوسيط ١ : ٥٣٢.

(٣) خطط جبل عامل ٣٠٦.

٢٤

كان عدد نفوسها المسجلين سنة ١٩٦٥ حسب سجل النفوس ٥٢٨ نسمة (١) ، وقدر العنداري عدد سكانها سنة ١٩٧١ م ب ٥٠٠ نسمة (٢) وقدرهم مرهج نفس العام ب ١٥٠٠ نسمة (٣). أما علي فاعور فقدرهم عام ١٩٨١ م ب ٨٧١ نسمة (٤) ، وعددهم اليوم حوالي الألف نسمة.

إنتاجها الزراعي : تبغ وحبوب. مصادر مياهها : نبع البيضاني وآبار.

صور : [Sur]

المدينة الفينيقية القديمة المعروفة ذات التاريخ الحافل بالعظمة والمجد ، بيد أنها لم تسترد ماضيها المجيد ولم يغفل عنها الدهر ، ولا امتدت إليها الأيدي العاملة لتسترجع بعض روعته ، ولئن زلت بها قدم التجارة التي كانت قبل الحرب عامرة الأسواق ، وكانت صلة الوصل بين أسواق مصر وبعض الأسواق الأوروبية وصادرات البلاد ، فأصبحت في هذه الأيام في حالة جمود وقد شلت تلك الحركة الدائمة ، فإنها قد اعتاضت عن ذلك بنمو في السكان الذين يبلغون زهاء سبعة آلاف ، وبإسالة قسم من ماء رأس العين إليها ، وإنارتها بالكهرباء ، وبفتح مجال العمران بعد أن كانت محصورة من جهاتها الأربع (ولا حصار الأسكندر والغزاة لها) في الأملاك الخاصة ، والبحر حيث أطلق لها حرية ابتياع الأرض للعمار بأسعار معتدلة.

إن البحث عن تاريخها لا يتسع له المجال وسنوفيه حقه عند تجريد هذا المعجم وإعداده للطبع مستقلا إن شاء الله.

وفيها حركة علمية تبشر بمستقبل علمي ، يقيم فيها من العلماء العلامتان

__________________

(١) مجلة الباحث ص ٤٢.

(٢) دليل المدن والقرى اللبنانية قضاء مرجعيون رقمها ١٦.

(٣) اعرف لبنان ٦ : ٣٦٠.

(٤) مجلة الباحث ص ٤٢

٢٥

السيد عبد الحسين شرف الدين المعروف بتآليفه والسيد محمد صفي الدين.

أصل الإسم : «في النقوش الفينيقية (صر) ، وفي رسائل تل العمارنة sur ـ ri وفي النقوش الأشورية surru. والإسم أصلا آرامي Sur الصخر وتمثال الله المنقوش على الصخر (الفينيقيون ألّهوا الجبل). وصور القديمة كانت جزيرة صغيرة (صخر في الماء)» (١).

موقعها : ترتفع ١٠ م عن سطح البحر ، وهي اليوم شبه جزيرة صغيرة على خط عرض ١٦ ٣٣ درجة شمالا وخط طول ١٢ ٣٥ شرقا. جنوبي صيدا على مسافة ٣٨ كلم منها ، وعلى مسافة ٨٢ كلم من بيروت. وهي مركز قضاء يضم حوالي المئة قرية مساحته ١٠ ، ٤١٥ كلم ٢ وعدد البلديات فيه ١٨ بلدية يقدر عدد سكانها اليوم بحوالي المئتي ألف نسمة. مساحة أراضي المدينة وأحيائها ٦٧٤ هكتارا.

شيء من تاريخها : قال الشيخ سليمان «أما البحث عن تاريخها القديم والحديث فقد لا يستوعبه مجلد ضخم» (٢) وسنحاول نحن إيجاز أهم المحطات التاريخية التي مرت بها محيلين على أهم المصادر التي ذكرتها.

تأسيسها : يقال أن جماعة من صيدا أسست صور (٣) قبل ميلاد السيد المسيح عليه‌السلام بقرون وقال اليعقوبي أن زمن بنائها كان حين تسلط بنو عمون على بني إسرائيل (٤) ، وذكرها رحالة مصري في القرن الثالث عشر (ق. م) فقال : مدينة وسط البحر اسمها صور الميناء» (٥) ونعتها الكتاب المقدس بالمدينة المحصنة (٦) ، وفي القرن الثاني عشر انتقل إليها قسم كبير من أهل

__________________

(١) أنيس فريحة ص ١٠٤.

(٢) العرفان م ٨ ج ١٠ ص ٥٩١.

(٣) سفر اشعيا النبي ٢٣ : ١٢.

(٤) اليعقوبي : تاريخ اليعقوبي ، دار صادر بيروت. لا. ت ١ : ٤٨

(٥) اعرف لبنان ٦ : ٣٦٢.

(٦) سفر يشوع ١٩ : ٢٩ ؛ سفر صموئيل الثاني ٢٤ : ٧.

٢٦

صيدا بعد ما ضرب الفلسطو مدينتهم (١). وكانت صور في ذلك الوقت مؤلفة من قسمين برية وبحرية (٢) ، لكن يوسيفوس يقول أن بناءها كان قبل بناء هيكل سليمان ب ٢٤٠ سنة (٣) أما هيرودوتس والذي زارها في القرن الخامس ق. م. فقد نقل عن كهنتها أنه قد مضى على تأسيسها ٢٣٠٠ سنة (٤).

أهم المحطات التاريخية :

في القرن العاشر قبل الميلاد تطورت صور وتوسعت على يد ملكها حيرام الذي أقام علاقات ودية مع سليمان بن داود عليه‌السلام ، فقدم حيرام لسليمان عليه‌السلام خشب الأرز والسرو مقابل الحنطة والزيت (٥) وفي القرن التاسع ق. م. توسعت صور وبنت مدنا تجارية كالبترون في لبنان وأوزا في ليبيا وقرطاجة في تونس وغيرها (٦).

وفي القرن الثامن ق. م. كانت المدينة الرئيسية على الجزيرة أما البرية فكانت تسمى باليتراس Palatras أي صور القديمة. وقد سيطر شلمناصر ملك اشور سنة ٧٢٠ ق. م على صور البرية ولم يستطع إخضاع صور البرية بعد أن حاصرها خمس سنوات (٧). ثم حاصرها في القرن السابع نبوخذ نصر مدة ثلاث عشرة سنة وانتهى الحصار باعتراف صور بسيادته عليها (٨).

__________________

(١) فيليب حتي : تاريخ لبنان ... وغيره جميع المصادر التاريخية عن لبنان في العهد الفينيقي : كتاريخ سوريا للمطران الدبس ؛ وتاريخ سوريا لجرجي يني ...

(٢) المصدر السابق نفسه.

(٣) فيليب حتي : تاريخ لبنان. ترجمة أنيس فريحة. دار الثقافة بيروت ط ٢ ١٩٧٢ ص ١١٩ ـ ١٢٠. روبنصون (مصدر سابق) ١ : ٤٤.

(٤) حتي : ن. م ١١٩.

(٥) سفر الملوك ٥ : ١ ـ ١٢.

(٦) جميع المصادر التي تتحدث عن لبنان في عهد الفينيقيين.

(٧) روبنصون ١ : ٤٤. ، حتي ن. م. ص ١٧٦ ـ ١٧٧.

(٨) روبنصون ١ : ٤٤ ، حتي. ص ١٧٧.

٢٧

وفي القرن السادس ق. م وقعت صور تحت السيطرة الفارسية.

وفي القرن الرابع ق. م. فقد حاصرها الإسكندر سنة ٣٣٢ مدة سبعة أشهر قاومته فيها بضراوة ولم يستطع الدخول إليها إلا بعد هدمه لصور البرية وردم البحر بينهما.

وبعد وفاة الإسكندر حاصرها انطيغوس (انتيغون) Antigonus أربعة عشر شهر في عام ٣١٥ ق. م ، فخضعت لحكم السلوقيين ، ثم انتقلت إلى حكم البطالسة حوالي سنة ٢٩٠ ق. م. وأصبحت بعدها جمهورية ذات دستور هليني (١).

وفي سنة ٦٤ ق. م وقعت صور تحت السيطرة الرومانية. وقد وصفها استرابو strabo فقال : «ان صور مدينة تجارية ذات مرفأين» (٢).

وقد زارها السيد المسيح عليه‌السلام (٣) ثم زارها بولس الرسول (٤). وكانت صور في ذلك العهد المركز السياسي لفينيقيا.

وقبيل الفتح الإسلامي عندما حاصر كسرى القسطنطينية حاول اليهود قتل النصارى في صور ولكن نصارى صور اعدموا ألفي يهودي من يهودها الأربعة آلاف (٥). وهذا يدل على ازدهارها في ذلك الوقت. كما يدل على كثافة سكانها.

صور والعرب :

افتتح العرب المسلمون صور سنة ٦٣٦ م فانسحب قسم من سكانها مع

__________________

(١) حتي. ن. م أكثر من موضع.

(٢) روبنصون ١ : ٤٥.

(٣) متى ١١ : ٢١ ـ ٢٢ ، ١٥ : ٢١ ؛ مرقس ٣ : ٨ ، ٧ : ٢٤ و ٣١ لوقا ٦ : ١٧ ، ١٠ : ١٣ ـ ١٤.

(٤) أعمال الرسل : ٢١ : ١ ـ ٧.

(٥) محمد كرد علي : خطط الشام ١ : ٦٨.

٢٨

البيزنطيين. وفي عهد الخلفاء الراشدين ودولة بني أمية كانت صور مدينة حصينة ودار صناعة تخرج منها المراكب لغزو الروم ، وكانت تابعة لجند الأردن (١).

وفي عصر بني العباس حافظت صور على حصانتها وبقيت دار صناعة وتمركز فيها الأسطول العباسي (٢) وفي سنة ٢٥٥ ه‍ / ٨٦٩ م تحصن بها عيسى بن شيخ الربيعي عندما حاربه أماجور التركي عامل دمشق (٣).

وحوالي سنة ٣٢٨ ه‍ أضيفت صور إلى عمل بدر بن عمار فقال المتنبي يمدحه :

تهنّا بصور أم نهنّئها بكا

وقلّ الذي صور وأنت له لكا (٤)

ومع قيام الدويلات أضحت المدينة تحت سيطرة الطولونيين الاخشيديين.

ثم استولى عليها الفاطميون سنة ٣٦٣ ه‍ / ٩٧٤ م وأصبحت جزءا من الإمارة التنوخية (٥).

وفي سنة ٣٨٧ ه‍ / ٩٩٧ ، ثار أحد بحارة صور «علّاقة» واتصل بالبزنطيين ، لكن الفاطميين قمعوا الثورة وانتقموا من صور وأعدموا علاقة (٦).

صور في كتب الرحالة العرب في القرنين الرابع والخامس للهجرة

قال المقدسي (القرن الرابع ه / العاشر الميلادي) إن صور كانت تابعة

__________________

(١) اليعقوبي : البلدان ص ٨٩.

(٢) ابن الفقيه الهمداني : كتاب البلدان ١٠٥ و ١١٦ ؛ اليعقوبي ص ٨٩ ؛ محمد علي مكي : لبنان من الفتح العربي إلى الفتح العثماني دار النهار بيروت ط ٢ ١٩٧٩ م ص ٧٦.

(٣) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٠٦.

(٤) ناصيف اليازجي : شرح ديوان المتنبي. دار صادر بيروت. لا. ت ١ : ١٥٠.

(٥) الشدياق : اخبار الأعيان ٢ : ٥٠٣.

(٦) جميع المصادر وانظر مكي (المصدر السابق ص ٩٣).

٢٩

لجند الأردن (١) وان ميناءها من العجائب (٢) ، ومما قاله عنها : «وصور مدينة حصينة على البحر ، بل فيه يدخل إليها من باب واحد على جسر واحد قد أحاط البحر بها ونصفها الداخل حيطان ثلاثة بلا أرض تدخل فيه المراكب كل ليلة ثم تجر السلسلة التي ذكرها محمد بن الحسن في كتاب الإكراه ، ولهم ماء يدخل في قناة معلقة. وهي مدينة جليلة نفيسة بها خصائص ، وبين عكا وصور شبه خليج ولذلك يقال عكا حذاء صور إلا أنك تدور ، يعني حول الماء» (٣) وفي حديثه عن عكا قال : «ولم تكن [عكا] على هذه الحصانة حتى زارها ابن طيلون وقد كان رأس صور ومنعتها واستدارة الحائط على ميناها ، فأحب أن يتخذ لعكا مثل ذلك» (٤).

أما ناصر خسرو الرحالة الفارسي فقد مرّ بها سنة ٤٣٨ ه‍ / ١٠٤٧ م فقال عنها : «بلغنا مدينة صور ، وهي ساحلية أيضا ، وقد بنيت على صخرة امتدت في الماء ، بحيث أن الجزء الواقع على اليابس من قلعتها لا يزيد على مائة ذراع ، والباقي في ماء البحر. والقلعة مبنية بالحجر المنحوت الذي سدت فجواته بالقار حتى لا يدخل الماء من خلله ، وقد قدرت المدينة بألف ذراع مربع ، وأربطتها من خمس أو ست طبقات ، وكلها متلاصقة ، وفي كثير منها نافورات. وأسواقها جميلة كثيرة الخيرات. وتعرف مدينة صور ، بين مدن ساحل الشام ، بالثراء. ومعظم سكانها شيعة. والقاضي هناك رجل سني اسمه ابن أبي عقيل ، وهو رجل طيب ثري. وقد بني على باب المدينة مشهد به كثير من السجاجيد والحصير والقناديل والثريات المذهبة والمفضضة. وصور مشيدة على مرتفع وتأتيها المياه من الجبل. وقد شيد على بابها عقود

__________________

(١) المقدسي : أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم. تحق De Goye بريل ١٩٠٦ ص ١٥٤.

(٢) المصدر نفسه ١٨٦.

(٣) المصدر نفسه ص ١٦٤.

(٤) المصدر نفسه ص ١٦٢.

٣٠

حجرية ، يمر من فوقها إلى المدينة ، وفي الجبل واد مقابل لها ، إذا سار السائر فيه ثمانية عشر فرسخا ناحية المشرق بلغ دمشق» (١).

صور قبيل الحروب الصليبية :

في سنة ٤٦٢ ه‍ / ١٠٧٠ م استقل قاضي صور عين الدولة بن أبي عقيل بالحكم وجعل صور إمارة ، وثبت فيها رغم حصار الفاطميين له (٢). وفي سنة ٤٨١ ه‍ / ١٠٨٨ استرجعها الفاطميون من أولاد ابن أبي عقيل وعينوا عليها حاكما فاطميا لقبه منير الدولة الجيوشي وحاول هذا أيضا الاستقلال بها سنة ٤٨٦ ه‍ / ١٠٩٣ م (٣) فثار عليه شيعة صور واستعادها الفاطميون وعينوا عليها حاكما جديدا ثم استعادوها سنة ٤٩٠ ه‍ / ١٠٩٧ م (٤).

وفي سنة ٥٠١ ه‍ / ١١٠٨ م حاول الصليبيون الاستيلاء عليها فبنوا حصنا خارجها عند تل المعشوق (٥) ووصفها وليم الصوري بأنها مدينة حصينة (٦). وفي سنة ٥٠٥ ه‍ / ١١١٢ م استعانت صور بالسلاجقة لحمايتها ، فأصبحت تحت سيطرتهم. وبقيت صور صامدة في وجه الصليبيين مدة من الزمن وبعد معاهدات ومعارك. سقطت صور بيد الصليبيين في ٢٣ جمادى الأولى من سنة ٥١٨ ه‍ / ٢٧ حزيران ١١٢٤ م (٧).

صور والصليبيين :

منذ احتلال الصليبيين لصور سنة ٥١٨ ه‍ / ١١٢٤ م جعلوا منها مدينة

__________________

(١) ناصر خسرو : سفرنامه. تعريب يحيى الخشاب. دار الكتاب الجديد بيروت ١٩٧٠ ص ٥٠.

(٢) ابن الأثير : الكامل في التاريخ (مصدر سابق) ١٠ : ٦٠.

(٣) المصدر نفسه ١٠ : ٢٢٣.

(٤) المصدر نفسه ١٠ : ٢٦٤.

(٥) المصدر نفسه ١٠ : ٢٧٠.

(٦) روبنصون ١ : ٤٥.

(٧) الكامل في التاريخ ١٠ : ٢٨٠ حوادث سنة ٥١٨ ؛ وانظر مكي ١٢٥.

٣١

حصينة وبنوا فيها الكنائس. واشتهرت بصنع الزجاج وانتاج السكر (١). لكن حصانة المدينة لم تمنع الأسطول المصري سنة ٥٥٠ ه‍ / ١١٥٢ م من مهاجمتها فقد دخلوها بملابس الصليبيين وبقي الجنود فيها ثلاثة أيام أحرقوا ونهبوا ثم رجعوا (٢). لكن الصليبيين حصنوها أكثر ، ومما قاله ابن جبير حين زارها سنة ٥٨٠ ه‍ / ١١٨٥ م : «مدينة يضرب بها المثل في الحصانة لا تلقي لطالبها بيد طاعة ولا استكانة قد أعدها الافرنج مفزعا لحادثة زمانهم وجعلوها مثابة لأمانهم» (٣).

وحاصرها صلاح الدين سنة ٥٨٣ ه‍ / ١١٨٧ م ولم يستطع فتحها لحصانتها.

ولكن صور أصابها التفكك الداخلي فيما بعد فقد أصبحت «ميدانا للتنازع بين المسيحيين أنفسهم. وفي منتصف القرن الثالث عشر دخلت تحت سيطرة البندقيين الذين لم يبق من أملاكهم وادارتهم في صور وضواحيها سوى أحاديث مختصرة» (٤).

وفي عهد بيبرس بقيت صامدة بعد أن عقد معها صلحا سنة (٦٦٥ ه‍ / ١٢٧٦ م) (٥). مدته عشر سنوات وعشرة شهور وعشرة أيام.

استرداد صور وخرابها :

في رجب سنة ٦٩٠ ه‍ / ١٩ أيار ١٢٩١ م استرجعها الأشرف خليل

__________________

(١) روبنصون ١ : ٤٦.

(٢) خطط الشام ٢ : ٣٣.

(٣) رحلة ابن جبير ص ٢٨٦ ـ ٢٨٩.

(٤) روبنصون ١ : ٤٦ عن Wilken.

(٥) محي الدين بن عبد الظاهر : الروض الزاهر في سيرة الملك الظاهر. تحق عبد العزيز الخويط الرياض ١٩٧٦ ص ٢٨٢ و ٢٨٣.

٣٢

سلطان المماليك وخربها (١) ، وفي العهد المملوكي أصبحت صور ولاية تابعة لنيابة صفد ، رغم خرابها. مر بها ابن بطوطة سنة ٧٢٦ ه‍ / ١٣٢٦ م وقال أنها خراب وبخارجها قرية معمورة وأكثر أهلها أرفاض (٢). وقال القلقشندي عنها : «وهي خراب إلى الآن» (٣) ونقل عن التعريف أن بصور كنيسة يقصدها ملوك من البحر عند تمليكهم فيملّكون ملوكهم بها ...» (٤).

تجديد صور :

بقيت صور خراب إلى أن عمرها ابن بشارة سنة ٨٢٤ ه‍ / ١٤٢١ م وجعل لها أسواق ونقل إليها خلقا من الناس وحصنها (٥).

وفي سنة ٨٥٥ ه‍ / ١٤٥١ م هاجمها الافرنج بعشرين مركبا ونهبوا من بها فقاتلهم ابن بشارة وأمسك جماعة من الافرنج وقطع رؤوسهم (٦).

لكن القرماني قال أنها في سنة ١٠٠٧ ه‍ / ١٥٩٩ م «قرية فيها أناس قلايل» (٧). أما السواح الأجانب في القرنين السادس عشر والسابع عشر للميلاد وصفوها بأنها ركام من الخرائب (٨).

وفي سنة ١٠٢٦ ه‍ / ١٦١٧ م استأجر الأمير يونس المعني قرية صور من

__________________

(١) أبو الفداء : المختصر في أخبار البشر. المطبعة الحسينية المصرية ط ١ ٤ : ٢٥ ؛ صبح الأعشى ٤ : ١٥٣.

(٢) ابن بطوطة ، تحفة النظار في غرائب الأمصار. ت على المنتصر الكتّاني. مؤسسة الرسالة بيروت طبعة أولى ١٩٧٥ م ١ : ٨١.

(٣) صبح الأعشى ٤ : ١٥٣.

(٤) صبح الأعشى ٤ : ١٥٣ ؛ ابن فضل الله العمري : التعريف بالمصطلح الشريف ص ١٧٥.

(٥) خطط جبل عامل ص ١٣٣.

(٦) خطط الشام ٢ : ١٨٩.

(٧) القرماني : أخبار الدول وآثار الأول ص ٤٦٠.

(٨) روبنصون ١ : ٤٧.

٣٣

ابن أخيه الأمير علي بن فخر الدين الثاني. لأن له بها عمارة (١).

وفي سنة ١٧٣٨ م ذكر بوكوك Pocock أن الوكالة الأفرنسية في صيدا صدّرت كميات من الحبوب من صور ، وذكر وجود عائلتين مسيحيتين أو ثلاث ونفر قليل من السكان (٢).

وفي سنة ١٧٥١ قال عنها هايسلكويست Hasselquist : «إنها قرية بائسة لا يزيد عدد سكانها مسلمين ومسيحيين على العشرة يعتاشون من صيد الأسماك» (٣).

وفي سنة ١١٦٣ ه‍ / ١٧٥٠ م عند اقتسام العشائر بلاد جبل عامل كانت من حصة عباس العلي الذي بدأ بعمارتها (٤).

وفي سنة ١١٨١ ه‍ / ١٧٦٨ م جدد عباس المحمد النصار بناء صور «وأنشأ بها الأبنية الجسيمة وهي المحل المعروف بالسرايا الذي كان بالموضع المدعو بالخراب ثم الثاني الكائن على باب المدينة وهو معمور حتى اليوم ، وبنى الجامع والحمام والمخازن العديدة وبعض أبنية محكمة ... وجعلها مركزا لحكومته وجلب السكان من بعض الأطراف والسواحل البحرية» (٥) وفي شهداء الفضيلة أن الجزار سنة ١١٩٨ ه‍ / ١٧٨٤ م قتل حاكمها الشيخ حسن المكنى أبي طالب من آل الزين وهو عم الشيخ علي مدبر شحور (٦).

__________________

(١) الصفوي : لبنان في عهد الأمير فخر الدين. تحق. اسد رستم. وفؤاد افرام البستاني.

منشورات الجامعة اللبنانية بيروت ١٩٦٩ م ص ٥٥.

(٢) روبنصون ١ : ٤٨.

(٣) روبنصون ١ : ٤٨.

(٤) جبل عامل في قرنين. العرفان م ٥ ج ١ ، ص ٢٢.

(٥) جبل عامل في قرن العرفان م ٢٧ ج ٨ ص ٧٣٥ ؛ شبيب باشا الأسعد : العقد المنضد ص ٢٠.

(٦) عبد الحسين الأميني : شهداء الفضيلة : ص ٢٦٩.

٣٤

وحين زارها جون كارون قبل سنة ١٨٣١ م قال : «تشتمل مدينة صور المعاصرة على جملة مباني حجرية جيدة يبلغ عدد سكانها ألفين. وفي صور جامع وسوق وثلاث كنائس بائسة» (١) وفيها حمام واحد (٢).

وزارها روبنصون عام ١٨٣٨ ثم ١٨٥٢ ومما قاله : «أما صور الحالية فليست سوى سوق للبيع والشراء ومرفأ بحري صغير ، ولا تكاد تستحق اسم مدينة. وأهم صادراتها التبغ الذي يزرع على التلال المجاورة ، وتصدر أيضا قليلا من القطن والفحم والحطب [...] وأكثر بيوتها أكواخ صغيرة ، والقليل منها يزيد على دور واحد ... وذكر كثرة أشجار النخيل والازدلخت فيها. وقال أن عدد سكانها يقل عن ثلاثة آلاف نفس كما تحدث عن خراب قسم من سورها بسبب زلزال ١٨٣٧ (٣).

أما المؤرخ الشدياق (توفي ١٨٥٩ م) فقال عنها : «الآن أكثرها خراب» (٤).

ثم ارتقت صور واصبحت مدينة وأسست فيها بلدية سنة ١٨٨٠ م ، وعانت من ظلم العثمانيين وخسرت أحد مناضليها الأشداء الشهيد عبد الكريم الخليل ، ومع الاحتلال الفرنسي لاقت من تعسف المحتلين الكثير مم دفع بصادق الحمزة إلى مهاجمة أعوان المحتلين في صور سنة ١٩٢٠ م (٥).

ومع الاستقلال شهدت صور تطورا عمرانيا وحضاريا ، وفي العام ١٩٧٨ م أصابها من ويلات الاجتياح الإسرائيلي نصيب وافر من الدمار. وما

__________________

(١) جون كارون : سوريا والأرض المقدسة (رحلة في لبنان) ص ٢٤٤.

(٢) ن. م ص ٢٤٨.

(٣) روبنصون ١ : ٤٢ ـ ٤٣.

(٤) الشدياق : أخبار الأعيان ١ : ١٥.

(٥) علي مرتضى الأمين : صادق حمزة الفاعور. دار آسيا بيروت ١٩٨٥ ص ١١٤ ـ ١١٦.

٣٥

أن استقرت الأمور فيها مع دخول القوات الدولية حتى نكبت من جديد سنة ١٩٨٠ م حيث تعرضت لقصف عنيف دمر عددا كبيرا من مبانيها. وفي العام ١٩٨٢ م أصابها الكثير من الخراب بسبب الاجتياح الإسرائيلي الذي احتلها فقاومته بعنف بعمليات مقاومة حينا وبمقاومة مدنية وتظاهرات حينا آخر مما جعل القوات المحتلة تنسحب عنها مرغمة في ١٠ نيسان ١٩٨٥ م.

وفي صور نهضة عمرانية كبرى ، وهي اليوم مدينة سياحية غنية بآثارها التاريخية في البص وداخل المدينة والرمل ... ولا تزال صور من المراكز الثقافية والأدبية في جبل عامل ، فهي قديما مركز لعدد من المحدثين. وقبلهم لعدد من الفلاسفة والشعراء الفينيقيين. وفيها اليوم مدرسة ثانوية رسمية ، ودار للمعلمين وأربع مدارس رسمية ابتدائية ومتوسطة ، وعدد كبير من المدارس الخاصة : (الجعفرية ، وجمعية البر والإحسان ، وراهبات مار يوسف الظهور ، والانكليزية للبروتستانت ، ومطرانية الكاثوليك ، والأرض المقدسة للاتين ، وبيت الفتاة ، وجنة الطلبة ، والهداية والإرشاد ، والاتحاد ، ومدرسة مهنية فندقية.

وفيها عدد من الأندية والجمعيات ، وعدد من المصارف ، وكثير من المقاهي والمطاعم ودور السينما والمستشفيات والأطباء والصيدليات.

قدر العنداري عدد سكان صور عام ١٩٧١ م ب ٠٠٠ ، ٢٠ نسمة (١) ، وقدرهم مرهج نفس العام ب ٠٠٠ ، ٢٠ (٢) ويقدر عددهم اليوم بحوالي ٠٠٠ ، ٤٠ نسمة (٣).

إنتاجها : أسماك حمضيات وموز وخضار. مصادر مياهها مشروع رأس العين.

__________________

(١) دليل المدن والقرى اللبنانية قضاء صور رقمها (٦٠).

(٢) اعرف لبنان ٦ : ٣٦٢.

(٣) مجلة الباحث ص ٤٨.

٣٦

نوابغ صور : قيل أن عددا من حكماء اليونان من صور ، كإقليدس وفيلون وغيرهما وفي العصر الإسلامي كثر فيها المحدثون ، كأبي الفرج غيث بن علي الصوري الارمنازي ، وثابت بن أحمد بن الحسين أبو القاسم البغدادي. والضحاك بن عبد الله الهندي ، وعثمان بن جنة أبو سعد ابن أبي الفتح البغدادي النحوي. وأيوب أبو الميمون الصوري ، وأحمد بن شبيب أبو زرعة الصوري ، وحطي بن أحمد بن محمد أبو هاني السلمي الصوري. والتاجر الوكيل أبو علي الصوري. والحسن بن محمد ابن النعمان ، وغيرهم كثير وأكثر هؤلاء برزوا في القرن الخامس الهجري. ومن أشهر شعرائها عبد المحسن الصوري (١).

الصويرة : [Is ـ Swaira]

الصويرة (بصاد مهملة تلفظ ساكنة ، وواو مفتوحة ، ومثناة تحتية ساكنة ، ثم راء مفتوحة بعدها هاء).

مزدرع يقوم به بعض بيوت يسكنها زارعوها ، وكانت من عمل ناحية الريحان وهي بينها وبين العيشية على مسافة ميلين [٣ كلم]. واليوم تتبع مركز جزين.

أصل الإسم : سويرة أو صويرة «قد يكون [الإسم] تحريف Shewarta القفزة والوثبة من جذرShewar ومنها الشوار في عامية لبنان. غير أنني أرجح أنها تحريف sawre مراق ضيقة شعاب في الجبل ، وأصلاSowre : العنق. وقد تكون من Sura الآرامية بمعنى المنفردة المنعزلة. وأخيرا هنالك احتمال بعيد أن تكون عربية مصغرة من السور (؟)» (٢).

__________________

(١) انظر خطط جبل عامل ص ٣١٠ ـ ٣١٥ ؛ ولمن أراد التوسع في معرفتهم ليرجع إلى كتب الأنساب والرجال ؛ وتاريخ دمشق لابن عساكر ، وتاريخ بغداد. وأعيان الشيعة وغيرها. «معجم البلدان ٣ : ٤٣٣ ـ ٤٣٤.

(٢) أنيس فريحة ص ٩٢.

٣٧

موقعها : ترتفع ٩٠٠ مترا عن سطح البحر ، من أعمال قضاء جزين على مسافة ٢٢ كلم منها جنوبا غربيا ، شمالي غربي العيشية.

وهي مزرعة صغيرة تتبع قرية العيشية لا يزيد سكانها على ١٥٠ نسمة.

إنتاجها الزراعي : تبغ وحبوب. مصادر مياهها مشروع نبع الطاسة.

صيدا : Saayda

أقدم المدن الفينيقية وأسبقها في العمران أشواطا ، والإفاضة في تاريخها لا يتسع لها المجال فندعها إلى المعجم المستقل ، وقد ألف لها تاريخا خاصا صاحب [مجلة العرفان](١).

وهي اليوم قاعدة محافظة الجنوب تتبعها صور ومرجعيون وحاصبيا وجزين ، وفيها محكمتان : محكمة بدائية ومحكمة صلحية ، وتنار بالكهرباء ، وقد باشر أعمال إسالة ماء منبع بفروة إليها صاحبا امتيازه راشد بك عسيران والدكتور أيوب ثابت ، وهي في عمران مطرد وحالة معارفها حسنة وسوقها التجارية كأسواق مثيلاتها في هذه الأيام من حيث البوار والكساد وقد بلغت نفوس سكانها زهاء (١٤٠٠٠) من مختلف الملل.

أصل الإسم : «صيداء : بالفتح ثم السكون والدال المهملة ، والمد ، وأهله يقصرونه ، وما أظنه إلا لفظة أعجمية إلا أن أصلها في كلام العرب على سبيل الإشتراك ، قال أبو منصور : الصيداء حجر أبيض يعمل منه البرام جمع برمة ، وقال النضر : الصيداء : الأرض التي تربتها أجزاء غليظة الحجارة مستوية الأرض (...) قالوا سميت بصيدون بن صدقاء بن كنعان بن حام بن نوح عليه‌السلام. [...] قال الزجّاج : اشتقاقها من الصّيد ، يقال : رجل أصيد وامرأة صيداء وهو ميل في العنق من داء وربما فعله ذلك الرجل

__________________

(١) في الأصل : «صاحب هذه المجلة». وهو الشيخ أحمد عارف الزين.

٣٨

كبرا ، والنسبة إليها صيداوي ... ومن أسمائها إربل بلفظ إربل الموصل ...» (١).

وقد ورد اسمها صيدون في الكتاب المقدس (العهد القديم) (٢) وفي الفينيقية (صيدون) وفي المصرية siduna والاشوريةSidunna ). وورد اسمها صيدا في الأناجيل (٤) وقال أنيس فريحة أن معنى الجذر الصيد وصيد السمك ، ورجح أن يكون «صيدا» اسم إله قديم إله الصيد (٥).

موقعها : ترتفع ١٠ م عن سطح البحر جنوبي بيروت على مسافة ٤٣ كلم منها ، مركز محافظة الجنوب والتي تضم جميع أقضية الجنوب ، سلخت عنها أقضية النبطية ومرجعيون وبنت جبيل وحاصبيا ، وأضيفت إلى محافظة النبطية ، ولكن المرسوم التنظيمي لم يصدر حتى اليوم ، ولذا فهي اليوم مركز محافظة يضم جميع أقضية الجنوب ، مساحة قضائها ٠١ ، ٢٦٨ كلم ٢ عدد بلديات القضاء ٢٦ بلدية وعدد قراه ومزارعه يقارب المئة. ويقدر عدد سكانه اليوم حوالي ٢٠٠ ألف نسمة. مساحة أراضيها وأحيائها ٧٥٥ هكتارا.

شيء من تاريخها :

١ ـ تأسيسها

: اختلف في مؤسسها وزمن تأسيسها ، ولعل أرجح الآراء

__________________

(١) ياقوت : معجم البلدان ٣ : ٤٣٧ والمشترك وضعا ص ٣٨٧ ؛ ومعجم البلدان ١ : ١٤٠ والمشترك وضعا ص ١٩ مادة أربل.

(٢) سفر التكوين ١٠ : ١٥ ؛ القضاة ١ : ٣١ و ١٠ : ١٢ ، أشعيا ٢٣ : ٢ ؛ حزقيال ٢١ : ٢٨ الملوك الأول ٥ : ٦ ؛ الأيام الأول ٢ : ٤ ؛ عزرا ٣ : ٧.

(٣) أنيس فريحة ص ١٠٤.

(٤) انجيل متى ١٥ : ٢١ ؛ مرقس ٧ : ٢٤ ؛ أعمال الرسل ٢٧ : ٣.

(٥) أنيس فريحة ص ١٠٤.

٣٩

ما ينسب تأسيسها إلى صيدون بكر كنعان حوالي سنة ٢٨٠٠ ق. م (١).

ويستفاد من المصادر التاريخية المختلفة أن المدينة كانت مؤلفة من قسمين صيدون البحرية وهي مكان صيدا اليوم ، وصيدون البرية وكانت في المرتفعات المشرفة عليها اليوم. وكان لها مرفأ جنوبي وآخر شمالي ، وكانت لها رئاسة المدن الفينيقية فترة من الزمن.

٢ ـ محطات في تاريخها القديم :

ـ عاشت صيدا في سؤدد ومجد وكانت من أقوى الممالك الفينيقية ، ثم خضعت منذ القرن السابع عشر قبل الميلاد لسيطرة الفراعنة ، لكنها احتفظت باستقلالها في أكثر مراحل تاريخها (٢).

ـ وعندما افتتح يشوع بن نون بلاد الكنعانيين وقسم أرض الميعاد ، اقطعها سبط اشير (٣) ومع أن الإسرائيليين لم يتمكنوا من إخضاعها (٤) ، إلا أنهم دمروا مدنها التي كانت مصدر ثروتها (٥).

ـ وفي القرن الثاني عشر ق. م. غزاها الفلسطو ودمروها فخسرت سيادتها فترة من الزمن (٦) وفي ٨٧٦ ق. م وقعت بيد الأشوريين ودفعت الجزية لشلمنصر الثالث (٧).

__________________

(١) عبد العزيز سالم : دراسة في تاريخ مدينة صيدا. جامعة بيروت العربية ١٩٧٠ ص ١٥ ـ ١٩ ؛ وانظر أحمد عارف الزين : تاريخ صيدا. مطبعة العرفان صيدا ١٩١٣ ص ٣٣ ـ ٣٧.

(٢) المطران الدبس : تاريخ سوريا. الجزء الأول أكثر من موضع ؛ فيليب حتي تاريخ لبنان ص ١٢٠.

(٣) يشوع ١٩ : ٢٨.

(٤) القضاة ١ : ٣١ ؛ ١٠ : ١٢.

(٥) فيليب حتي : تاريخ لبنان ص ١٢٠.

(٦) حتي نفس المصدر ص ١٢٠.

(٧) حتي نفس المصدر ص ١٧٣ ـ ١٧٥.

٤٠