شرح ملّا جامي - ج ١

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
الجزء ١ الجزء ٢

التابع ، ويكون التابع مقصودا بالنسبة أن لا يكون كالفرع على المتبوع من غير استقلال به ، ولا شك أن المعطوف والمعطوف عليه بتلك الحروف الستة مقصودان بالنسبة معا بهذا المعنى.

ولما تم (١) الجد بما ذكره جمعا ومنعا أردفه لزيادة التوضيح بقوله : (يتوسط (٢) بينه) أي : بين ذلك التابع (وبين متبوعه أحد الحروف العشرة) (٣) وسيأتي تفصيلها في قسم الحروف إن شاء الله تعالى.

(مثل : قام زيد وعمرو) ولم يكتف بقوله : (تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة ؛ لأن الحروف قد يتوسط بين الصفات مثل : (جاءني زيد العالم والشاعر).

فالصفة الداخل عليها حرف العطف (٤) كالشاعر لها جهتان ،

__________________

(١) وقد أجيب عن هذه الأشكال بأن التوابع والمتبوع مقصود بالنسبة وإن كان أحدهما بالإبان والآخر بالنفي قبيل هذا الجواب ظاهر في لا ولكن وأما في بل فإنما يصح إذا جعل المتبوع فيه مقابلا للتابع في الحكم اثباتا ونفيا إلا إذا جعل في حكم المسكوت اعلم أن المراد بالتوطئة أن لا يكون مقصودا أصلا لا أن يكون مقصودا أصلا كما في البدل والمتبوع في بل ينبغي أن يكون مقصودا في الجملة وليس كذلك فلا يتجه ما ذكره الشارح في الجواب. (وجيه الدين).

ـ جواب عن سؤال مقدر وهو أنه لم يكتف بنفس الحد مع أنه تم جمعا ومنعا فأجاب بأن يقول أردفه لزيادة التوضيح به فنقول أن المصنف مع ذلك أراد تنبيها على المذهب المختار عنده في حرف العطف وهو أن يكون عشر على الرد على من قال أنها تسعة. (داود).

(٢) استيناف لبيان الحكم بعد تمام الحد لا صفة تابع أو حال في مقصود لتوهم الجزئية قوله : (يتوسط) بمعنى يقع وأن لم يكن بمعنى يقع فقوله بينه آه مستدرك لأن معنى يتوسط بمعنى بين وإلى هذا أشار اللاري رحمه‌الله تعالى. (لمحرره).

(٣) لفظا أو تقديرا القوله تعالى : (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ)[الكهف : ٢٢] ومنه في التشهد التحيات المباركات للصلوة الطيبات. (ح).

(٤) وقد يحذف الواو عند القرائن كيف أصبحت كيف أمسيت مما يزرع الود في قلوب الكرام أي : كيف وكيف ومنه قوله تعالى : (كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ)[الذاريات : ١٦ ـ ١٧] بدليل آية ومنه التحيات المباركات وكل واو وقعت بين الصفة والموصوف كما وثامنهم كلبهم سمى واو الثمانية وسميت ثمانية ؛ لأن شابه له ثامنهم ثم غلب بهذا الاسمية في كل واحد وقعت بين الصفة والموصوف. (م ع).

٥٠١

إحداهما : كونها صفة لزيد تابعة له تبعية (١) المعطوف عليه.

وأخراهما : كونها معطوفة على الصفة المتقدمة (٢) تابعة لها ويصدق على هذه الصفة(٣) من جهتها الأولى أنها تابع ؛ لأنها صفة لزيد يتوسط بينها وبين (زيد) حرف العطف ؛ لأن توسط (٤) حرف العطف بين شيئين لا يلزم أن يكون لعطف الثاني على الأول ، (٥) فلو لم يكن قوله : (مقصود بالنسبة مع متبوعه) لدخل هذه الصفات من جهتها الأولى في حد المعطوف (٦) وهي من هذه الجهة ليست معطوفة فلم يبق مانعا.

وقيل (٧) : قد جوّز الزمخشري وقوع الواو بين الموصوف والصفة لتأكيد (٨) اللصوق في مواضع عديدة من (الكشاف).

وحكم المصنف في شرح المفصل في مباحث الاستثناء أن قوله تعالى (لها (٩)

__________________

(١) أي : مثل تبعية المعطوف عليه صورة لا حقيقة كما يدل عليه قوله أليس بعطف على التحقيق. (ق).

ـ والظرف خبر مقدم والجملة خبر المبتدأ الأول وهي فالصفة.

(٢) وإذ عطف الشاعر على العالم يكون معطوفا مدخولا في حد المعطوف فيكون جامعا ومانعا وحينئذ يفيد التوضيح كما يفيد العالم فيكونان مقصودا بالنسبة معا. (ح).

(٣) أي : الصفة الداخلة عليها حرف العطف نحو الشاعر والدبير.

(٤) جواب سؤال مقدر تقديره أن توسط حرف العطف بين شيئين يكون للعطف لا شيء آخر فاجاب بقوله : (لأن توسط. (لمحرره).

ـ وفي بعض النسخ ؛ لأنه يتوسط وح يلزم من اللزوم وإلا من الإلزام.

(٥) بل يجوز عملا بالأصل ؛ لأن الأصل في حروف العطف العطف لجواز أن تكون الواو ابتدائية واستئنافية أو حالية والفاء تفسيرية وجواب لامّا وجزاء الشرط إلى غير ذلك. (م ح).

(٦) مع أنها ليست بمعطوفة من هذه الجهات فيلزم صدق الحد بدون صدق المحدود فلا يكون الحد مانعا لا غياره. (شرح).

(٧) فائدة النقل عن الزمخشري هي التقوية والتأكيد وتحقيق بقوله : لأن توسط العطف بين الشيئين لا يلزم أن يكون بعطف الثانية. (مولانا علي).

(٨) منها قوله تعالى : (وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ)[الكهف : ٢٢] يعني أن واو ثامنهم لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ومنها قوله تعالى : (يا نارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً)[الأنبياء : ٦٩] لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف ويقولون لهذا النوع من الواو واو الثمانية بشهرتها في هذه الأية. (محمود).

(٩) هذا سهو من القلم والصواب الأولها كان معلوم إذ ليس الواو هنا في نظم الآية. (وجيه الدين).

٥٠٢

منذرون) في قوله : (وَما (١) أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها (٢) مُنْذِرُونَ) صفة ل : (قرية) فلو اكتفى بقوله (تابع يتوسط) لدخل فيه مثل : هذه الصفة).

ونقل (٣) عن المصنف أنه قال في (أمالي الكافية) (أن العاقل في مثل : (جاءني زيد العالم والعاقل) تابع يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة ، وليس بعطف على التحقيق ، (٤) وإنما هو باق على ما كان عليه في الوصفية.

وإنما حسن دخول العاطف لنوه من الشبه (٥) بالمعطوف لما بينهما من التغاير فلو حد العطف كذلك لدخل فيه بعض الصفات مع ؛ لأنه ليست بمعطوف.

وقال بعضهم : فيه نظر ؛ لأن الحروف المتوسطة بينها عاطفة ؛ لدلالتها فيها على ما يدل عليه في غيرها من الجمع والترتيب ، وغير ذلك.

ففي جعلها غير عاطفة في الصفات عاطف في غيرها ، ارتكاب أمر بعيد (٦) من غير ضرورة داعية إليه.

(وإذا عطف على (٧) الضمير (المرفوع) لا المنصوب والمجرور (المتصل) بارزا

__________________

(١) وقوله تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا لَها مُنْذِرُونَ)[الشعراء : ٢٠٨] وليس فيها ولها منذورن بغير الأولى التمثيل هنا ما في سورة الحجر وهو وقوله : تعالى : (وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ)[الحجر : ٤]. (محمد).

(٢) الجملة صفة القرية وتوسطت الواو بينهما لتأكيد لصوق الصفة بالموصوف كتوسطها بين الحال وصاحبها يقال جاءني زيد عليه ثوب وجاءني زيد وعليه ثوب. (كواشي).

ـ خبر مقدم والجملة مجرور المحل مستثنى مفرع صفة. (قرية رضا).

(٣) قوله : (ونقل عن المصنف) الفرق بين هذا الوجه والوجه الأول أن الوجه الأول حمل المعطوف على الصفة صفة من وجه ومعطوف من وجه وهذا الوجه جعل صفة لا محالة من غير أن يكون معطوفا من وجه. (ع ص).

(٤) وإطلاقهم العطف عليها مجاز فلم يجعل المصنف الصفة ذات وجهين. (رضي).

(٥) أي : إليه بالعطف لما بينهم من التغير ؛ لأن الحسن أن العاطفة في الصفة جائر أيضا. (حاشية).

(٦) وهو المعنى المجازي ؛ لأن كونها التأكيد اللصوق معنى مجازي لها لا حقيقي. (م ح).

(٧) الأصل في العطف التغاير بالذات وهناك تفصيل وهو أن ذات العطف بوسط بين الذوات اقتضت تغايرها بالذات وأن توسطت بين الصفات اقتضت تغايرها بحسب المفهوم وكذا الحكم في التأكيد والبدل ونحوهما. (سيدي). ـ

٥٠٣

كان أو مستترا لا المنفصل (١).

(أكد بمنفصل) (٢) أولا ثم عطف عليه ، وذلك ؛ لأن المتصل المرفوع كالجزء مما اتصل به لفظا ، من حيث إنه متصل لا يجوز انفصاله ، ومعنى من حيث إنه فاعل ، والفاعل كالجزء من الفعل.

فلو عطف عليه بلا تأكيد كان كما لو عطف (٣) على بعض حروف الكلمة فأكد

__________________

ـ وجاز عطف يفعل أي : المضارع على اسم الفاعل وعلى العكس إذا صح وقوع هذا موقع ذاك يعني أن الفعل المضارع واسم الفاعل يشتركان في الإعراب والدلالة على الحال والاستقبال فجاز قيام أحدهما على الآخر فيصح عطف أحدهما على الآخر إن لم يمنع من وقوع أحدهما موقع الآخر مانع من خارج فلا يجوز سيحدث زيد وضاحك ؛ لأنه أما أن يعطف ضاحك على يحدث من سيحدث وهو ممتنع لاستلزامه دخول السين في الاسم الفاعل وهو ممتنع.

ـ قوله : (وإذا عطف على المرفوع) المتصل خاصة لا شرط للعطف في المنصوب والمنفصل أكد منفصل هذه العبارة شايعة في كون الجزاء شرطا لشرط كما في قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ)[المائدة : ٦] فلا حاجة إلى تقييد قوله : أكد منفصل أولا فإن قلت : ما هو المتوتر إذا الشرط سبب للجزاء فكيف يستفاد كون الجزاء شرطا له قلت : إذا كان الشرط علة غائية للجزاء يكون الجزاء شرطا لوجوده بحسب الخارج ويكون سببه للشرط بحسب تعلقه وبهذا يفسر الشرط في مثله بالإرادة فيقول : (إذا قمتم إلى الصلاة) إذا أردتم القيام وفي تفسير إذا عطف على المرفوع المتصل إذا أريد العطف على المرفوع المتصل فاحفظه فإنه مما يحفظ. (وافية).

(١) والمنفصل عندك الأسماء الظاهرة فلا فرق بين قولك : أنت وأياك وبين قولك : زيد وعمرو في العطف. (كبير).

(٢) لا يعاد الرافع كما يعاد الخافض ؛ لأن التأكيد أخفض الإعادة. (عب).

ـ لئلا يكون في الصورة عطف الاسم على الفعل ؛ لأن المتصل المرفوع كالجزء من الفعل الهمني يا رب بم لا أعلم. (محرره).

(٣) قوله : (كما لو عطف) لو ههنا مصدرية قال في قواعد الإعراب في تعداد معاني الثلاثة أن يكون لو حرفا مصدريا مرادفا ؛ لأن الباء أنها لا تنصب وأكثر وقوعها بعد لو نحو قال ودوا لو تذهنين وبدا أحدهم لو يعمر ألف سنة وأكثر وكذا قال الفاضل التفتازاني في شرح التلخيص في بحث الإنشاء يستعمل لو بمعنى أن المصدرية. (حاجي بيرام).

٥٠٤

أولا بمنفصل ؛ لأنه بذلك يظهر أن ذلك المتصل وإن كان كالجزء مما اتصل به لكنه منفصل من حيث الحقيقة ، بدليل جواز افراده مما اتصل به بتأكيده ، فيحصل له نوع استقلال (١).

ولا يجوز (٢) أن يكون العطف على هذا التأكيد ؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه ، فكان يلزم أن يكون هذا المعطوف أيضا تأكيدا ، وهو باطل (٣).

فإن طان الضمير منفصلا نحو : (ما ضرب إلا أنت (٤) وزيد) لم يكن كالجزء لفظا ، وكذا إن كان متصلا منصوبا ، نحو : (ضربتك وزيدا) لم يكن كالجزء معنى ، فلا حاجة فيهما إلى تأكيد بمنفصل (مثل (ضربت أنا وزيد) (٥) (وزيد ضرب هو وغلامه).

(إلا أن (٦) يقع فصل) بين المضمر المرفوع المتصل وبين ما عطف عليه ، (فيجوز تركه) (٧) أي : ترك التأكيد (٨) ؛ لأنه قد طال الكلام بوجود المنفصل فحسن الاختصار (٩)

__________________

(١) فيجوز العطف عليه إذا لم يؤكد كان عطف الاسم المستقل بنفسه على الاسم الغير مستقل بنفسه فهذا مكروه سهلني من كل صعب. (لمحرره).

(٢) وكما توهم أنه يجوز العطف أيضا على التأكيد ؛ لأنه عين المؤكد حكما جار العطف عليه جاز أيضا على التأكيد بل هو أولى القربة ؛ لأنه إذا كان لشيء معطوفا أقرب وأبعد فالأقرب أولى بالعطف لعدم الفصل بينهما دفع هذا التوهم بقوله : (لا يجور آه). (توقادي).

(٣) لأن هذا المعطوف أعنى زيد في مثل ضربت أنا وزيد ليس لفظ الضمير المرفوع المتصل حتى يكون من التأكيد اللفظي ولا من الألفاظ المعدودة والتأكيد المعنوي يكون بالألفاظ المعدودة كما سيجيء حتى يكون من التأكيد المعنوي فيكون هذا المعطوف تأكيدا باطلا والله أعلم.

(٤) فأنت منفصل بالأعز الفعل لغرض لا يكون الابه وهو قصر الفعل على الفاعل. (لمحرره).

(٥) هذا عند البصريين وإما عند الكوفيين فيجوز مطلقا بلا تأكيد وفصل وضرورة. (موشح).

(٦) أي : أكد في جميع الأوقات إلا وقت وقوع الفصل ومتقطع بمعنى لكن أن يقع فصلا.

(٧) وأيضا يجوز تركه لطول كلامه كقوله تعالى : (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ وَامْرَأَتُهُ)[المسد : ٣] عطف وامرأته على الضمير المرفوع الذي في سيصلى بدون التأكد اعتمادا على الفصل وهو نارا ذات لهب. (غجدواني).

(٨) بمنفصل لأجل العطف مع جواد الاتيان به فلقوله تعالى : (ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا)[النحي : ٣٥]. (عوض).

(٩) قوله : (فحسن الاختصار) وفيه نظر لأن طول الكلام حاصل لو آخر الفصل عن المعطوف مع أنه حين التأخير يتعين التأكيد فإنه إذا قيل : ضربت أنا وزيد اليوم بطول الكلام كطوله : إذا ـ

٥٠٥

بترك التأكيد (١) سواء كان الفصل قبل حرف العطف. نحو : (ضربت اليوم وزيد) أو بعده كقوله تعالى : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) [الأنعام : ١٤٨].

فإن المعطوف هو (آباؤنا) و (لا) زائدة بعد حرف العطف لتأكيد النفي.

إنما قال (يجوز تركه) فإنه قد يؤكد بالمنفصل مع الفصل كقوله تعالى : (فَكُبْكِبُوا فِيها هُمْ وَالْغاوُونَ) [الشعراء : ٩٤]. وقد لا يؤكد والأمران متساويان.

هذا واعلم (٢) أن مذهب البصريين بين أن التأكيد بالمنفصل هو الأولى ، ويجوزون العطف بلا تأكيد ولا فصل لكن على قبح (٣).

والكوفيون يجوزونه بلا قبح (٤).

(وإذا عطف على الضمير (٥) المجرور أعيد الخافض (٦) حرفا كان أو اسما ؛ لأن

__________________

ـ قيل : ضربت أنا اليوم وزيد فالوجه أن يقال وجود العطف على ما هو كالجزء من الفعل احتراز عن طول الفصل بين المعطوف والمعطوف عليه. (اسفرائيني).

(١) الواجب ؛ لأن طول الكلام يغني عما هو الواجب كقولك حضر القاضي امرأه والحافظوا عودة يا لنصب. (عب).

(٢) قوله : (واعلم أن مذهب البصريين) إشارة إلى أنه خالف القبيلتين ؛ لأنه أوجب التأكيد حيث قال أكد أن قلت : يجوز أن يريد به الوجوب الاستحسان قلت : يأبى ذلك ما ذكره في بحث المفعول معه من أنه إذا لم يجز العطف تعين النصب مثل جئت وزيدا. (عب).

(٣) لمخالفته ما هو الأولى والأحسن ولو لم يكن قبيحا لوجد في نظم المعجز ولكنه لم يوجد فلذا قالوا بالقبح. (لمحرره).

(٤) لأن ذلك الضمير وإن كان كالجزء مما اتصل به إلا أنه كلمة بنفسها كالاسم الظاهر حيث يجوز انفصاله ويكون أيضا محكوما عليه فيجوز العطف كما يجوز على الاسم الظاهر. (م ح).

(٥) والتقيد بالمضمر ليخرج مثل مررن بزيد وعمرو فإنه جائز ؛ لأن اتصال المظهر بالحد لا يكون كاتصال المضمر به. (غجدواني).

(٦) والتحقيق أنه لا ضعف في العطف على المضمر المجرور بدون الإعادة وأدى أنه إذا كان فاعلا ومفعولا معنى إلا يجوز العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الخافض عند الكوفيين نحو مررت بك ويزيد خلافا للبصريين. (شيخ زاده وابن حجر).

ـ وجوبا عند البصريين وإما عند الكوفيين فيجوز ونه مطلقا بلا إعادة وأما قوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)[النساء : ١] شاذ وقيل الواو للقسم دون العطف. (هندي).

٥٠٦

اتصال الضمير المجرور بجاره أشد من اتصال الفاعل المتصل بفعله ؛ لأن الفاعل إن لم يكن ضميرا متصلا جاز انفصاله ، والمجرور لا ينفصل من جاره ، فكره (١) العطف عليه (٢) ، إذ يكون كالعطف على بعض حروف الكلمة.

وليس (٣) للمجرور ضمير منفصل ـ كما يجئ في المضمرات ـ حتى يؤكد به أولا ثم يعطف عليه كما عمل في المرفوع المتصل ، وفي (٤) استعارة المرفوع له مذلة.

ولا يكتفي (٥) بالفصل ؛ لأن الفصل لا تأثير له إلا في جواز ترك التأكيد بالمنفصل للاختصار ، فحيث لا يمكن التأكيد بالمنفصل لعدمه لا يتصور له أثر ، فيكون يكتفي به؟

فلم يبق إلا إعادة العامل الأول (نحو : (مررت بك (٦) وبزيد) و (المال بيني وبين

__________________

(١) قوله : (فكرة العطف) تفريع على قوله : لأن اتصال الضمير المجرور بجارة أشد من اتصاله الفاعل المتصل وملخص أن لما كره العطف على الضمير المتصل بلا تأكيد بالمنفصل بسبب كما ل اتصاله بعامله واتصال الضمير المجرور بجاره أشد منه وأكمل لما عرفت كره العطف على الضمير المجرور بطريق الأولى. (أمير).

(٢) لئلا يلزم العطف على الجر والتأكيد غير ظاهر لاحتياجه إلى استعادة المرفوع للمجرور ولامتناع الانفصال فيه. (هندي).

(٣) كأنه قيل : فلما كان لا بد من تأكيده قلم لم يؤكد المجرور بمنفصل كما أكد المرفوع بمنفصل فأجاب بما شرى. (جلبي).

(٤) جواب عن سؤال مقدر وهو أن يقال لم يستعار الضمير المرفوع للضمير المجرور نحو مررت بك أنت وزيد فأجاب بقوله : (وفي استعارة المرفوع) (غجدواني). والأولى أن يقال وفي استعارة المنصوب لمناسبة المجرور ولأن المجرور منصوب ومحلا وفيه أن تأكيد المجرور بالمرفوع واقع كما قالوا مررت بك أنت. (محمد أفندي).

(٥) ولما توهم أيضا أنه إذا لم يجز التأكيد بالمنفصل وفي إقامة المرفوع المنفصل مقام المجرور ابتذل فليكتف كما اكتفى في المرفوع المتصل دفعه بقوله. (شرح).

(٦) والمرور فيما هو واجب لإعادة واحد وفي الجائز نحو مررت بزيد وبعمر واثنان والمعطوف متعلق بالمعطوف كالمعطوف عليه وقد يعاد للتأكيد ونحوه. (حاشية قصي).

ـ إذا أكد الضمير المجرور كقولك مررت بك أنت وريدا اختلف فيه فذهب الأجر ومن إلى جواز العطف مع التأكيد قياسا على العطف على ضمير المفاعل إذا أكدوا الجامع بينهما شد الاتصال بما يتصلان به وذهب سيبويه إلى العطف. (أشباه السيوطي).

٥٠٧

زيد) والمعطوف هو المجرور ، والعامل مكرر ، وجره بالأول ، والثاني كالعدم معنى (١) ، بدليل(٢) قولهم : (بيني وبينك (٣) إذ (بين) لا يضاف إلا إلى المتعدد (٤).

وثيل : جرّه بالثاني ، كم في الحرف الزائد في (كفى بالله).

وهذا الذي ذكرناه ـ أعني لزوم إعادة الجار في حال السعة ، والاختبار مذهب البصريين ، ويجوز عندهم تركها اضطرارا.

وأجاز الكوفيون ترك الإعادة في حال السعة مستدلين (٥) بالأشعار (٦) فإن قيل : كيف (٧) جاز تأكيد المرفوع المتصل في نحو : (جاءوني كلّهم (٨) والإبدال منه نحو : (أعجتني جمالك) من غير شرط تقديم التأكيد بالمنفصل؟

وجاز أيضا تأكيد الضمير المجرور في نحو : (مررت بك نفسك) والإبدال منه نحو : (أعجبت بك جمالك) من غير إعادة الجار.

__________________

(١) ويجوز عطف الشيء عليه نفسه إذا كان من غير لفظ كقوله تعالى : (أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ) (إذا الصلاة رحمة) [البقرة : ١٥٨] أيضا وكذا قوله تعالى : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَقُرْآنٍ مُبِينٍ)[الحجر : ١] عطف القرآن على الكتاب وإن كان هو لاختلاف لفظهما أو قرأت قسم. (إبهاج).

(٢) قوله : (بدليل) قولهم : هذا إنما يصير دليلا لو لم يكن زيادة بين الا في صورة العطف على الضمير ليس كذلك لشيوع مثل بين زيد وبين عمرو وإلا أن يقال هذا أيضا من قبيل إعادة الجار ومن غير ضرورة كما في العطف على الضمير. (ع م).

(٣) يعطف الكاف على ياء المتكلم باعادة بين لا بعطف بين الثاني على بين الأولى ؛ إذ بين.

(٤) قوله تعالى : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)[الكهف : ٧٨] فباضافة بين إلى غير متعدد سوتهما تكريره بالعطف بالواو ؛ لأن الواو يقتضى الجمع. (جلالي).

(٥) وتمسكوا به من قول الشاعر فاذهب فما بك والأيام من عجب عطف الأيام بلا إعادة الهاد. (موشح).

(٦) بقوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)[النساء : ١] بالجر على قراءة حمزة واجيب عنه بوجوه أحدها تقدير الباء وفيه أن ظرف.

(٧) محصلة أن المعطوف من جملة التوابع ولم يجز عطف على الضمير المرفوع بدون التأكيد بالمنفصل والبدل والتأكيد أيضا من التوابع مع أن يجوز تأكيد المرفوع وابداله بلا تأكيد بالمنفصل. (لمحرره).

(٨) فيه أن لا اشكال في جواز جاءني كلهم وجواز اعجبني حمالك لوجود الفصل فالأولى التثميل بجاؤكلهم زيدا وعجبت جمالك زيدا. (ع ص).

٥٠٨

ولم يجز العطف في الأول إلا بعد التأكيد بالمنفصل ، وفي الثاني إلا مع إعادة الجار.

قلنا : التأكيد عين المؤكد ، والبدل في الأغلب إما كلّ المتبوع أو بعضه أو متعلقة ، والغلط (١) قليل نادر

فهما ليسا بأجنبيين (٢) لمتبوعهما ولا منفصلين عنه ، لعدم تخلل فاصل بينهما وبين متبوعهما ، فلا حاجة في ربطهما إلى متبوعهما إلى تحصيل مناسبة زائدة (٣) ، بخلاف العطف فإن المعطوف يغاير المعطوف عليه ، ويتخلل بينهما العاطف ، فلا بد فيه من تحصيل مناسبة بينهما بتأكيد المتصل بالمنفصل في المرفوع ، وبإعادة الجار في المجرور ، ليخرج المتصل المرفوع من صرافة الاتصال ويناسب المعطوف عليه (٤) بتأكيده بالمنفصل ، وقوي مناسبة المجرور (٥) بانضمام الجار إليه كما في المعطوف عليه.

(والمعطوف في حكم المعطوف عليه) (٦) فيما يجوز له ويمتنع من الأحوال العارضة له نظرا إلى ما قبله (٧) ، بشرط أن لا يكون ما يقضيها منتفيا في المعطوف.

__________________

(١) جواب سؤال مقدر تقديره الغلط ليس عين المؤكد فإن من الخارج فأجاب. (لمحرره).

(٢) لا لفظ ولا معنى أما معنى فلما مر من أن التأكيد عين المؤكد آه وأما لفظا فلا نهما ليسا بمفصلين عنه. (رضا).

(٣) كالتأكيد بالضمير المنفصل والاكتفاء بالفصل واجتماعها معا كما في العطف على الضمير المرفوع المتصل وإعادة الجار. (م ح).

(٤) قوله : (عليه في المعطوف عليه) هنا ليس قائم مقام فاعل المعطوف بل القائم مقام فاعل الضمير الراجع إلى الألف واللام. (فاضل أمير).

(٥) أي : مناسبة المعطوف المجرور للمجرور المتصل بانضمام الجار إلى ذلك المعطوف المجرور وكما في المعطوف عليه. (الأمير).

(٦) يجب أن يتوافقا في الأفراد والتركيب والإعراب والإنشاء لا في التذكير والتأنيث. (محمد أفندي).

ـ وما يجب للمعطوف عليه ويمتنع ليجب للمعطوف ويمتنع له ذلك كما إذا عطف على الخبر بجب أن يكون المعطوف صالحا أن يكون خبرا وإذا عطف على الصلة يجب أن يكون صلة وإذا عطف على الحال يجب أن يكون حالا وإذا عطف جملة يجب في الثانية من الضمير ما يجب في الأول منه. (غجدواني).

(٧) أي : إلى عامله مثل أن يعرض له الرفع أو النصب والجر أو إلى شيء قبله من كون جملة ذات ضمير عائد إليه مثل الذي قام أبوه وقعد أخوه زيد. (م ح).

٥٠٩

وإنما قلنا : في الأحوال العارضة له نظرا إلى ما قبله) احتراز عن الأحوال العارضة له من حيث نفسه ، كالإعراب (١) والبناء والتعريف والتنكير والإفراد والتثنية والجمع.

فإن المعطوف فيها ليس في حكم المعطوف (٢) عليه وإنما قلنا : (بشرط أن لا يكون ما يقتضيها منتفيا في المعطوف) احترازا عن مثل (٣) : قولنا : (يا رجل (٤) والحارث) ، فإن (الحارث) معطوف على (رجل) وليس في حكمه من حيث تجرده عن اللام.

فإن ما يقتضي تجرده عن اللام هو اجتماع اللام وحروف النداء ، وهو مفقود في المعطوف (٥).

وأما (٦) ...

__________________

(١) الإعراب يطلق على معنين أحدهما ما يقال البناء أعنى كون الاسم معربا وثانيهما اختلاف الآخر أو ما به الاختلاف على الاختلاف الواقع بين المصنف وغيره والمراد هنا الأول وهو من الأحوال العارضية له نظرا إلى نفسه لا محال فلا يرد ما قيل. (محمد أمين).

ـ أي : كونه معربا كما يقتضيه المقابلة بالبناء فلا يرد أنه ليس من الأحوال العارضة بالنظر إلى نفسه. (سعد الله).

(٢) مثل جاءني زيد وهذا فإن المعطوف فيه ليس في حكمه من حيث أن المعطوف عليه معرب بالحركة والمعطوف مبني وكذلك جاء في زيد ورجل وغيره. (وافية).

(٣) عما إذا كان المعطوف معرفا باللام والمعطوف عليه منادى مبنى على الضم سواء كان معرفة بنفسه مثل زيد والحارث أو معرفة بالنداء. (م ح).

(٤) فإن حرف الندى يقتضى البناء والتنكير وفي رجل وهي منتف وفي الحارث وضم المنادى ليس بحرف النداء فقط بل لذلك ولكونه مفردا معرفة كما قلنا وكذا لم ينصب المعطوف في نحو لا رجل ولا زيد عندي ؛ لأن نصب الاسم لا بالنظر إإلى لا وإلى قابل النصب وهو المنكر المضاف والمضارع لا بالنظر إلى لا وحدها. (رضي).

(٥) إذا ليس فيه حرف النداء حتى يقتضي تمجرده فإن الاسم إذا كان معرفا باللام يمتنع دخول حرف النداء عليه.

(٦) وهو أن قوله : (المعطوف) في حكم المعطوف عليه في أحوال العارضة اه يجوز رب شاة وسلختها ؛ لأن المعطوف فيه ليس في حكم المعطوف معليه في أحوال العارضة ؛ لأن شاة نكرة وهي عارضة لها بالنظر ما قبلها وهو لا يدخل إلا على النكرة وومنحلتها معطوف عليه مع ـ

٥١٠

نحو : (ربّ شاة سخلتها) فبتقدير التنكير (١) ، لقصد عدم التعيين أي : رب شاة وسخلة لها ، أو محمول (٢) على نكارة الضمير ك : (ربه رجلا (٣) على الشذوذ (٤) ، أي : (ربّ شاة وسخلة شاة).

وكذا المعطوف (٥) في حكم المعطوف عليه في الأحوال العارضة له بالنظر إلى نفسه وغيره إن كان المعطوف مثل : المعطوف عليه ، فلذا وجب بناء المعطوف في : (يا زيد وعمرو) لأن ضم (زيد) بالنظر إلى حرف النداء وإلى كونه مفردا معرفة في نفسه. و (عمرو) مثل : (زيد) في كونه مفردا معرفة في نفسه.

وامتنع بناؤه في (يا زيد وعبد الله) فإن (عبد الله) ليس مثل : (زيد). فإن (زيدا) مفرد معرفة ، و (عبد الله) مضاف.

(ومن ثمة) (٦) أي : ومن أجل أن المعطوف في حكم المعطوف عليه فيما يجوز ويمتنع (لم يجز في) مثل : تركيب (ما زيد بقائم أو قائما ولا (٧) ذاهب عمرو) إلّا الرفع)

__________________

ـ إنهاء معرف فأجاب بقوله : (وأما نحو رب شاة). (أبري أفندي).

(١) أو لأنه يتحمل في المعطوف ما لا يتحمل في المعطوف عليه كما مر في بحث الإضافة من الشرح نفسه فراجعه. (لمحرره).

(٢) قوله : (أو محمول) على أنهم جعلوا الحمل على نكاره الضمير جوابا والشذوذ ذو جواب آخر واعتراض عليه أن الضمير إنما يكون نكره إذا لم يكن له مرجع كضمير ربه رجلا ويكن أن يجاب عند بأن ذلك مبنى على ما ذهب إليه الشيخ الرضى من أن الضمائر الراجعة إلى النكرات إذا لم تكن تلك النكرات مختصة يحكم وصفه كانت نكرات. (لارى).

(٣) إن نكارة الضمير شاذ ليس بقياس وما ثبت بخلاف لا يقاس عليه غيره فلا يصح القياس على ربه رجلا. (وجيه الدين).

(٤) قوله : (على الشذوذ) متعلق ومرتبط بقوله : كوبه رجلا جواب آخر كما قاله (اللاذى).

(٥) هذا الحكم مختص ببعض العطف على ما أشاد عليه الشارح بما سبق من الحكم المذكور في المتن عموما. (فاضل الأمير).

(٦) علة القول لم يجز الآتى ومن مستعاد في مثل هذا المقام بمعنى اللام. (شرح).

(٧) ولا زائدة فلم تعمل ولم يجز عطف ذاهب على لفظ قائم وعمرو على لفظ زيد عطف المفرد ؛ لأنه لو عطف عليه لكان ذاهب كخبر ما لكنه لم يجز أن يقع خبر ما لعدم الضمير فيه و؛ لأنه يلزم تقديم الخبر على الاسم وهو ممتنع كما يمتنع في المعطوف عليه. (محمد أفندي).

٥١١

في (ذاهب (١) إذ لو نصب أو خفض لكان معطوفا على (٢) (قائم) أو (قائما). فيكون خبرا عن (زيد) وهو ممتنع لخلّوه عن الضمير الواقع في المعطوف عليه العائد إلى اسم (ما) فتعين الرفع ، على أن يكون خبرا مقدما لمبتدأ مؤخر وهو (عمرو) ويكون من قبيل عطف الجملة على الجملة ، ولا مانع منه (٣).

ولما كان (٤) لقائل أن يقول : هذه القاعدة منتقضة بقولهم : (الذي يطير فيغضب زيد الذباب). فإن (يطير) فيه ضمير يعود إلى الموصول ، (يغضب) المعطوف عليه ليس فيه ذلك الضمير ، فأجاب عنه بقوله : (إنما جاز (٥) الذي يطير فيغضب زيد الذباب لأنها) أي : إلغاء في هذا التركيب (فاء (٦) السببية) أي : فاء لها نسبة إلى السببية ، بأن يكون معناها السببية (٧) لا العطف ، فلا يرد نقضا على تلك القاعدة. أو يكون معناها السببية

__________________

(١) ففي رفعه وجهان : أحدهما : إن مبتدأ ؛ لأنه صفة مشتقه وقعت بعد حرف النفي وهو لا رفعت لظاهر وعمرو مرفوع على أنه فاعله ساد مسد الخبر ، وثانيهما : أن خبر مقدم وعمرو مبتدأ مؤخر لما سبق في بحث المبتدأ ، فإن طابقت مفردا جاز الأمران والجملة الفعلية أو الاسمية عطف على جملة ما ربد بقائم. (م ع).

ـ لوجوب وجود الضمير في المعطوف عليه وهو قائما وامتناع وجوده وهو ذاهب يكون عمرو فاعلا فرفع عمرو. (متوسط).

(٢) قوله : (على أن يكون) يحمل أن يكون مبتدأ وعمرو فاعله وإنما لم يذكر هذا الاحتمال ؛ لأنه في قوة الفعلية فتصير بمنزلة عطف الفعلية على الاسمية. (عب).

(٣) أعلن هذا العطف كما كان في عطف المفرد على المفرد بأن عطف أحد المعطوفين على اسم ما والآخر على خبر ما. (فاضل الأمير).

(٤) يشير إلى أن قوله : (وإنما جواب سؤال مقدر وبسيط هذه التوطئة لهذا). (رضا).

(٥) أشار إلى اعتراض يرد على قوله : والمعطوف في حكم المعطوف عليه توجيهه أن يقال أن قولكم هذا منقوض بذاك المذكور فإنه قد عطف فيه على الصلة ما لا صلاحية لها وهو فيغضب بخلو عن العائد وجوابه يمنع كون الفاء للعطف لا نسلم وجود العطف فيه فإن إلقاء في بغضب ليست للعطف. (عافية).

(٦) لأن معنى هذا الكلام أن لدى طير أنه سبب لغضب زيد هو الذباب وفيه نظر فإن كون الفاء متضمنا المعنى السببية لا ينافى العطفية كما في قولك زارني زيد فأكرمته فالأولى في توجيه الجواب أن يقال الفاء مع كونها للعطف لوجود السببية فيه يتضمن العائد إذا التقدير فيعقب ريد بسببه أو عقيبه فكان في الفاء دلالة على الارتباط فجاز ذلك. (عوض).

(٧) يعني : تكون مستعملة في السبب ؛ لأن ما قبلها في هذا التركيب سبب لما بعدها ؛ لأن طيران الذباب سبب لغضب زيد. (م ح).

٥١٢

مع العطف لكنها تجعل الجملتين (١) كجملة واحدة (٢) فيكتفي بالربط في الأولى.

فالمعنى (٣) : الذي إذا يطير فيغضب زيد الذباب ، أو يفهم منها سببية الأولى (٤) للثانية.

فالمعنى : الذي يطير فيغضب زيد بسببه الذباب.

ويمكن أن يقدر فيه ضمير ، أي : الذي يطير فيغضب (زيد بطيرانه الذباب).

(وإذا عطف) أي : إذا وقع العطف بناء على (٥) (علة) وجود (عاملين) بأن عطف اسمان على معمولهما بعاطف واحد.

وقال بعض شارحي اللباب : الأظهر عندي أن العطف هاهنا محمول على معناه اللغوي ، أي : إمالة الاسمين نحو : العاملين ، بأن يجعلا معموليّهما ، وأكثر الشارحين (٦) على أن المعنى على معمولي عاملين.

__________________

(١) وتوجهها وقرر الجواب بوجوه أربعة : أحدهما : وهو ما ذكره المصنف إن الفاء للسببية لا للعطف ولا يشترط فيها ذلك ، والثاني : أنها للسببية مع العطف لكن السببية تجعل الجملتين كجملة واحدة فتكتفي بالربط الواحد وهو الذي في الأولى كما في الجملة الواحدة ، والثالث : أن يفهم من السببية سببية الجملة الواحدة والثالث أن يفهم من السببية سببية الجملة الأولى للثانية لا مطلق السببية فيكون المعنى الذي يطير فيغضب زيد بسببه فيكون في قوة الربط فلا حاجة إلى العائد والرابع تقدير الرابط أني بسبب طيرانه. (وجيه الدين).

(٢) لأن السبب والمسبب كلاهما واحد مثل الشرط والجزاء ولأن الفاء كلما كانت موضوعة للجمع وإن كان فيها تعقب جعلت جزءا من الأولى. (توقادي).

(٣) هذا على التقديرين من كون الفاء للسببية المحضة وللسببية مع العطف وفيه إشارة إلى أن فاء السببية مطلقا فإن الجزاء لشرط محذوف كما أشار أيه بقوله : (إذا بطير) اه. (ح هندي).

(٤) فهو أيضا معنى فاء الجزاء كما أشار إليه بقوله : (فالمعنى الذي يطير فيغضب زيد بسببه). (حاشية).

(٥) يعني : ليس على صلة عطف ؛ لأن كلمة على لو كانت صلة عطف لكان المعنى إذا عطف على عاملين بدون تقديرينا وح بناء يكون العاملون معطوفا ن عليهما وهو خلاف الظاهر ولا يوافق سوق الكلام. (حاشية).

(٦) قوله : (وأكثر الشارحين) يوهم بظاهره أنهم شارحوا للباب وليس كذلك وقوله : وإنما قال آه ظاهر في أنه مع الأكثر لكن الأظهر ترك ما نقله عن البعض مع أول كلامه. (ح).

٥١٣

وإنما قال : (على معمولي عاملين) لا على معموليّ عامل واحد ، فإنه جائز اتفاقا نحو : ضرب زيد عمرا وبكر وخالدا ، ولا على أكثر من اثنين فإنه لا خلاف في امتناعه.

(مختلفين) أي : غير متحدين بأن لا يكون الثاني عين الأول ، وذلك لدفع توهم من يتوهم أن مثل : (ضرب ضرب زيد عمرا وبكر خالدا) من هذا الباب مع أنه ليس منه؛ لعدم تعدد العامل فيه ؛ إذ العامل هو الأول والثاني تأكيد له.

وذلك العطف كنا وقع في قولهم (ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة)

وفي قول الشاعر :

أكلّ امرئ تحسبين امرأ (١)

ونار (٢) توقّد بالليل نارا

فهذا (٣) وإن كان بحسب الظاهر جائزا لكنه (لم يجز) عند الجمهور بحسب الحقيقة ؛ لأن الحرف الواحد لم يقوم مقام عاملين مختلفين (خلافا للفراء) فإنه يجوز هذا العطف بحسب الحقيقة كما جاز بحسب الصورة ولا يؤول الأمثلة الواردة عليها ولا يقتصر على صورة السماع بل يعمها وغيرها وعدم (٤) جواز ذلك العطف مع خلاف الفراء جاز في جميع المواد عند الجمهور.

(إلا في نحو : (في الدار زيد والحجرة (٥) عمرو) و (إنّ في الدار زيدا والحجرة

__________________

(١) مفعول الثاني لتحسبين والمفعول قوله : كل أمرأ ، يجب التقديم لطلب الاستفهام الصدارة). (محمد أفندي).

(٢) يعني : ليس من له صورة رجل لرجل بل الرجل لمن احصال نسية واو صاف بهية وليس كل نار يوفد في الليل بناء وإنما النار توقد لقرى الضيفان. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (فهذا) إن كان بحس آه كان أشاد به إلى دفع ما قيل : في هذا لمقام من أن التالي في قوله : وإذا عطف عن عاملين مختلفين لم يجر مناف للمقدم وأن لفظ إذا وصيغة الماضي يقتضى لتحقق فكيف يصح الحكم بعدم الجواز وأن الصواب يقول لم يجز العطف على عاملين اه ومن حاصل الدفع أن العطف بحسب الظاهر متحقق التحقق بحسب الظاهر لا ينافى الامتناع بحسب الحقيقة ولعل النكسة في العدول عن الصواب المبالغة في الامتناع. (عب).

(٤) رد لما يتجه على المصنف أن قول خلافا للفراء بيان للمخالف قبل الحكم لأنه إنما يتم بالمستثنى فأجاب بأن المستثنى متعلق بالمجموع عدم الجواز مع المخالفة. (ع ص).

(٥) فالحجرة عطف على الدار والعامل في الدار هو عمرو وعطف على زيد والعامل فيه هو الابتداء والمجرور مقدم على المرفوع في المعطوف والمعطوف عليه. (رضي الدين).

٥١٤

عمرا) يعني : إلا في صورة (١) تقديم المجرور وتأخير المرفوع أو المنصوب ، لمجيئه في كلامهم واقتصر الجواز على صورة السماع (٢) ؛ لأن ما خالف القياس يقتصر على مورد السماع (خلافا (٣) لسيبويه) فإنه لا يجوز هذا العطف (٤) بحسب الحقيقة في هذه الصورة أيضا ، بل يحملها على حذف المضاف (٥) وإبقاء المضاف إليه على إعرابه نحو قوله تعالى : (تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) [الأنفال : ٦٧] بجرّ (الآخرة) كما جاء في بعض القراءات أي : عرض الآخرة.

(التأكيد) (٦)

(تابع يقرر أمر (٧) المتبوع) أي : حاله وشأنه (٨) ...

__________________

(١) وحجة المصنف في جواز العطف على عاملين فيما إذا كان المجرور مقدما على المرفوع والمنصوب في المعطوف والمعطوف عليه الاستعمال وفي امتناع العطف على عاملين فيما إذا لم يكن المجرور ومقدما على المرفوع والمنصوب فيهما ما ذكره سيبويه مع عدم استعمال الفصحاء.

(٢) نحو : ما كل سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة ، وكذا قول الشاعر :

أكل امرىء تحسبين أمرأ

ونار توقد بالليل نارا

(شرح).

(٣) لأن حرف العطف أضعف من أن يتقدم وينوب مناب عاملين.

(٤) في صورة تقديم المجرور وتأخير المرفوع والمنوب كما جوزه الجمهور واعتماد على السماع. (ع م).

(٥) قوله : (وإبقاء المضاف إليه) والتقدير وأكل نار ولا أكل بيصا فيكون من قبيل العطف على معمولى عامل واحد وهو جائز اتفاقا واعتراض عليه بأن حذف المضاف وترك المضاف إليه على إعرابه خارج عن القياس وأجيب بأن ابقاء المضاف إليه على إعرابه وأن كان شاذ لكن على حذف المضاف في مثل هذا الموضع أي : فيما إذا كان لفظ المضاف فالمحذوف مذكور سابق مضاف إلى شيء آخر قياسي. (وجيه الدين).

(٦) قوله : (التأكيد) جاء بالهمزة وبالواو عقب به العاطفة ؛ لأن العطف وهو ثم والفاء قد يزاد في التأكيد اللفظى كما يقال والله ثم والله كقوله : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)[التكاثر : ٣ ـ ٤]. (لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ)[آل عمران : ١٨٨]. (عب).

(٧) خرج العطف والبدل فإنهما لا يقرران أمر المتبوع عوض.

(٨) قوله : (أي : حال هو وشأنه) فقوله : أمر المتبوع في النسبة والشمول كقولك شانك في العلو في باب العلوا أعظم من أن يوصف وأمرى في الفقراء في باب الفقر ظاهر. (لارى).

٥١٥

عند السامع ، يعني : يجعل (١) حاله ثابتا مقررا عنده.

(وفي (٢) النسبة) أي : في كونه منسوبا (٣) أو منسوبا إليه ، فيثبت عنده ويتحقق أن المنسوب أو المنسوب إليه في هذه النسبة هو المتبوع لا غير ، وذلك إما لدفع ضرر الغفلة عن السامع ، أو لدفع ظنه بالمتكلم الغلط ، وذلك (٤) الدفع يكون بتكرير اللفظ ، نحو : (ضرب زيد زيد) وضرب ضرب (٥) زيد أو لدفع ظن السامع تجوزا (٦) ، إمّا في المنسوب نحو قولك : (زيد قتيل قتيل) دفعا لتوهم السامع أن تريد بالقتل الضرب الشديد ، فيجعل حينئذ أيضا تكرير اللفظ حتى لا يبقى شك في إدارة المعنى الحقيقي.

أو في المنسوب إليه فإنه ربما نسب الفعل إلى شيء (٧) والمراد نسبته إلى بعض

__________________

(١) قوله : (يعني يجعل) أي : الحالة المفهومة منه بطريق من طرق الدلالة كما أن نفسه في جاء في زيد نفسه مفهوم من زيد وكما أن الإحاطة مفهوم من جاء القوم كلهم لأنك اشرت بالقوم إلى جماعة معينة فيكون حقيقة في مجموعهم. (فاضل المحشي).

(٢) متعلق وظرف ليقرروا في باب النسبة أو ظرف مستقر على أن يكون في بمعنى اللام حال من الأمر وقيل تمييز عن الذات المذكورة أو المقدرة. (زيني زاده).

(٣) قوله : (في النسبة) خرج النعت وعطف البيان ؛ لأنهما وإن كانا مقررين لكن تقريرهما إياه ليس في النسبة بل في الإيضاح. (عافية).

ـ مثل قوله : عليهما‌السلام «أيما امرأة نكحت بغير أذن وليها فنكاحها باطل باطل باطل» الترمذي : ١١٠٢.

(٤) قوله (وذلك) أي : التقرير لا بالمعنى الأصلي المسند إلى التابع والمنسوب إلى أمر المتبوع لئلا يود فيما يجئ بعد من قوله : وضرب وزيد أنه من تقرير التابع أمر المتبوع ؛ لأن المراد من التوابع كما سبق في صدور بحث التوابع توبع الأسماء فلا تابع في ضرب ضرب زيد ولا المتبوع بل بمعنى المستند إلى المكرر اسم الفاعل والمنسوب إلى المكرر اسم مفعول أي : تقرير المكرر أمر المكرر أما الدفع آه مع قوله : وذلك استخدام فإن قلت : لا بد في الاستخدام من ضمير كما يدل تعريفه. أقول : قد سبق في أن اسم الإشارة في حكم الضمير فراجعه. (أبري أفندي).

(٥) وإلا عندي ترك المثال نضرب ضرب زيد فأنا لم يرد تأكيد الفعلية بالتعريف بل التأكيد الأسمى. (رضا).

(٦) أي : ظن السامع أن المتكلم وبهذا اللفظ المعنى المجازي لا الحقيقي وذلك على قسمين. (شرح).

(٧) مجاوز وأنت تريد المبالغة ؛ لأن ذلك العين منسوب إليه كما تقول قتل زيد وأنت تريد ضربا شديدا. (رضي).

٥١٦

متعلقاته ، كما في (قطع الأمير اللص) أي : قطع غلامه فيجب حينئذ تكرير المنسوب إليه لفظا نحو : (ضرب زيد زيد) أي : ضرب هو لا من يقوم مقامه (١) ، أو تكريره معنى ، نحو : (ضرب زيد نفسه أو عينه).

(أو في الشمول) (٢) أي : التأكيد ما يقرر أمر المتبوع في النسبة بالتفصيل الذي ذكرناه ، أو في شمول المتبوع أفراده (٣) دفعا لظن السامع تجوزا لا في نفس المنسوب إليه بل في شموله لأفراده ، فإنه كثيرا ما ينسب الفعل إلى جميع أفراد المنسوب إليه مع أنه يريد النسبة إلى بعضها ، فيدفع هذا الوهم بذكر (كل (٤) وأجمع) وأخواته ، وكلاهما وثلاثتهم وأربعتهم ونحوها هذا هو الغرض من جميع ألفاظ التأكيد.

وإذا عرفت هذا ، فنقول : أخرج المصنف الصفة والعطف والبدل عن حدّ التأكيد بقوله (يقرر أمر المتبوع).

أما البدل والعطف فظاهر (٥) خروجهما به ، وأما الصفة فلأن وضعها للدلالة على معنى في متبوعها وإفادتها (٦) ...

__________________

(١) ممن أمره بالضرب حتى يكون الإسناد إليه مجاز بعلاقة الأمرية. (م ح).

(٢) ولما كان هذا لا يتناول التأكيد المعنوي أردفه بقوله : أو الشمول لادخال هذا النوع واو هنا للتفريع فلا ينافى التعريف واخراج الصفة بقيد التقرير وإن كان ممكنا ؛ لأن المراد به تثبيت المعنى وتمكنه في نفس السامع مع بإعادة الأولى ما لفظا أو معنى والشيء كلما يوصف بالحقيقة يوصف أيضا بالمجاز لكن لما لم يتوفر باخراج جميع أنواعها أسند الإخراج إلى قيد النسبة لحصول إخراج لجمع بذلك. (عوض).

(٣) واعترض عليه بأن الحد للذكور لا يتناول جميع أخواتها لا تقرر أمر المتبوع لا في النسبة ولا في الشمول فلو قال التأكيد تابع يقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول ويتبع ما يقرر مره في النسبة أو الشمول لكان أصوب وجب عنه بأن تناول هذا الحد هذه الإشياء ظاهر ؛ لأن المراد بالتقرير أعم من أن يكون على سبيل الاستعمال وعلى سبيل التبعية. (عافية).

ـ يعني في شمول أمر المنسوب إلى المتبوع أفرد المتبوع بحيث لا يسند مرد منها مثل قوله : جاء في القوم كلهم فإن التأكيد بكلهم أفاد الشمول المجئ أفراد القوم جميعا. (شرح).

(٤) اعلم أنهم إذا أرادوا الوحدة الاثنية والاجتماع لا باعتبار نسبة الفعل لم يضيفوا الألفاظ الدالة على هذه المعاني نحو جاءني رجل واحد ورجلان ورجال.

(٥) وجه الظهور ذات العطف والبدل يقتضيان المغأيرة والتقرير يقتضى الاتحاد. (مرتضى).

(٦) قوله : (وأفادتها) جواب سؤال مقدر وتقديره إذا الصفة إذا كانت معرفة تفيد التوضيح كما ـ

٥١٧

توضيح متبوعها (١) في بعض المواضع ، ليست بالوضع وأما عطف البيان فهو لتوضيح متبوعه فهو يقرر أمر المتبوع ويحققه ، لكن لا في النسبة (٢) والشمول هذا (٣) حاصل ما ذكره المصنف في شرحه.

(وهو) (٤) أي : التأكيد (لفظيّ) أي : منسوب إلى اللفظ لحصوله من تكرير اللفظ (ومعنوي) (٥) أي : منسوب إلى المعنى لحصوله من ملاحظة المعنى.

(فاللفظي) منه (تكرير اللفظ الأول) أي : مكرر (٦) اللفظ الأول ومعاده حقيقة ، (نحو (جاءني زيد) أو حكما ، نحو : (ضربت أنت وضربت أنا) فإن ذلك في حكم تكرير اللفظ وأن كان مخالفا للأول لفظا ، إذ الضرورة (٧) داعية إلى مخالفة ؛ لأنه لا يجوز تكريره متصلا.

__________________

ـ عرف والتأكيد يفيد التوضيح ومعنويا بأن ما يقرر عين ما يفيد التوضيح فكان الحد غير مانع وأجاب بقوله : (وأفادتها). (حاشية).

(١) قوله تعالى : (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ)[الحجر : ٣٠] أن كلهم دال على الإحاطة وأجمعوا على أن السجود في حالة واحدة. (أصول).

(٢) في ذاته لا غير فإن باحفص في قتل الأمير أبو حفص يحقق أن المراد ذلك الأمير المعهود الذي دل عليه المتبوع ظاهرا لا أمير آخر مع بقاء احتمال أن القتل من مأمور بخلاف أو التأكيد فإن قولك : ضرب الأمير نفسه يحقق أن مباشر الضرب الأمير كما يدل عليه ظاهر لا مأموره. (نجم الدين).

(٣) أي : خروج البدل والعطف والصفة وعطف عن حد التأكيد. (محمد أفندي).

(٤) وهو عائد إلى التأكيد بمعنى التقرير أو التقرير لا معنى التابع المذكور حيث عرف اللفظي بتكرير اللفظ الأول والتأكيد هو المكرر ؛ لأن التكرير وهو من باب بالاستخدام فيمكن أن يعود إلى التأكيد ويحمل قوله : (تكرير اللفظ) وقوله : (بألفاظ) على ما يصح به الحمل). (هندي).

(٥) قال : وهو لفظي ومعنوي لا يجوز أن يؤكد النكرة بالتأكيد اللفظي لا إذا كانت تلك النكرة محكوما بها ولا يؤكد بالمعنوي مطلقا عند المبصريين وأما عند الكوفيين فيجوزون التأكيد بكل وأجمع دون نفسه وعينه إذا كانت النكرة معلومة المقدار كدرهم ويوم وشهر. (شيخ الرضي).

(٦) وإنما يصح حمل التكرير على التأكيد فسر التكرير بقوله : (أي : مكرر اللفظ) ، وإنما فسر التأكيد بلفظ مكرر ؛ لأن المصدر إما بمعنى الفعل أو المفعول.

(٧) قوله : (إذا الضرورة) داعية إلى المخالفة معنى المخالفة لأجل الضرورة فهو في حكم عدم التلفظ فكان تلفظ بالأصل وقيل أن مرادف للأول لا فرق بينهما بحسب المفهوم فكأنه هو لفظا على ـ

٥١٨

(ويجري) أي : التكرير (١) مطلقا ، لا التكرير الذي هو التأكيد الاصطلاحي (٢) (في الألفاظ كلها) أسماء أو أفعالا أو حروفا أو جملا أو مركبات تقييدية (٣) أو غير ذلك ، ولا يبعد (٤) إرجاع الضمير إلى التأكيد (٥) اللفظي الاصطلاحي وتخصيص الألفاظ بالأسماء ، ويكون المقصود من هذا التعميم عدم اختصاصه بألفاظ محصورة كالتأكيد المعنوي.

(و) التأكيد (المعنوي) مختص (بألفاظ محصورة) أي : معدودة محدودة (وهي(٦): نفسه وعينه ، وكلاهما وكله ، وأجمع وأكتع وأبتع وأبصع) بالصاد المهملة وقيل بالضاد المعجمة.

__________________

ـ هذا يدخل نحو البصعون أكتعون لترادفهما مع أنه تأكيد معنوي وأجيب بمنع ترادفهما لما أنهما متغأيران بحسب أصل المفهوم كما حقيقة الرضى وتبعه الشارح وأما نحو حنيث فقد تحرروا من باب المركبات التي لا نسبة بينهما إلا من باب التأكيد. (وجيه الدين).

(١) فصح بهذا التفسير قوله : في الألفاظ كلها على عمومة والتأكيد اللفظي ولاخفاء في الألفاظ : لا يستحق الإعراب ؛ لأنه لا يصلح أن يكون تابعا فضلا عن أن يكون تأكيد فيجيب تخصيص الألفاظ بما يستحقه الإعراب وجمل حرياته في الألفاظ على ما يلزمه من عدم حصره معدودة كقسيمه. (عوض).

(٢) وإنما قيد ذلك ؛ لأن التأكيد الواقع في الأفعال والحروف ليست تأكيد اصطلاحيا لعدم معنى التأكيد فيها وتقريره لعله يقرر أمر المتبوع في النسبة أو الشمول. (لمحرره).

(٣) وهو الذي يكون الجزء الثاني قيد للأول كالحيوان الناطق فإن الجزء الثاني وهو الناطق قيد للأول وهو الحيوان فافهم.

(٤) وإنما قال لا يبعد ؛ لأن كون الالفاظ بمعنى الأسماء ليست بمتعارف. (المحمودي).

(٥) ولا يخفى كون المراد من تعريف المصنف التأكيد الاصطلاحي المختص بالأسماء وكون المراد من قوله : في النسبة النسبة التي كانت في المنسوب إليه فقط كما صرح بعض الشراح وكره المراد من الألفاظ كلها الأسماء لكنه لما كان التأكيد والتكرير مطلقا يجري في الأفعال والحروف والجمل والمركبات يجري الاصطلاحي في الأسماء عم الشارح بالنسبة التي كانت في المنسوب والألفاظ إلى الأسماء والحروف والأفعال وغيرها وهو احتاج إلى هذه التكلفات. (عبد الرحيم وعبد القادر).

(٦) والألفاظ المحصورة ثمانية وتنقسم إلى ثلاثة أقسام ما يؤكد المثنى خاصة وهو كلا مضافا إلى مضمر وما يؤكد بالجمع بحسب الأفراد وهو كل واجمع واتباعه وما يؤكد المفرد والمثنى والجمع والمذكر والمؤنث وهو النفس والعين. (م ج).

٥١٩

قيل : لا معنى لهذه الكلمات (١) الثلاث في حال الإفراد ، مثل : (حسن بسن) وقيل : (كتع) مشتق من : حول كتيع ، أي : تام.

و (أبصع) بالمهملة من : بصع العرق ، أي : سال.

وبالمعجمة من (بضع) أي : روي.

و (أبتع) من : البتع ، وهو طول العنق مع شدّة (٢) مفرزه.

ويمكن (٣) استنباط مناسبات خفيّة بين هذه المعاني ، ومعناها التأكيدي بالتأمل الصادق.

(فالأولان) أي : النفس والعين (يعمّان) أي : يقعان (٤) على الواحد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث (باختلاف صيغتهما) (٥) إفراد وتثنية وجمعا (و) اختلاف ضميرهما (٦) العائد إلى المتبوع المؤكد ، (تقول : نفسه) في المذكر الواحد (نفسها) في المؤنث الواحدة (أنفسهما) بإيراد صيغة الجمع (٧) في تثنية المذكر والمؤنث.

__________________

(١) التأكيد اللفظي على ضربين أحدهما يفيد الأول والثاني يقويه عودته مع اتفاقهما في الحرف الأخير ، ويسمى تباعا ، وهو على ثلاثة أضرب ؛ لأنه إما أن يكون للثاني معنى ظاهر ، نحو : هنيئا مريئا ، أو لا يكون له معنى أصلا ، بل ضمّ إلى الأول لتزيين الكلام لفظا وتقويته معنى ، وإن لم يكن له في حال الإفراد ومعنى ، نحو قولك : حسن بسن فسن ، أو يكون له معنى تكلف غير ظاهر ، نحو : خبيث نبيث ، من نبثت الشيء. (شيخ الرضي).

(٢) قوله : (مع شدة مفرزة) المفرزة مكان وضع فيه القدم لأجل الركوب أعم من أن يكون عنق البعير وغيره فمفرزة العنق إنما يتصور بحسب الحقيقة في البعير وفي غيره إنما هو على سبيل النجور.

(٣) قوله : (ويمكن) وهو أن في اكتع معنى التمام فناسب معنى التأكيد وهو الجمعية وفي أبصع معنى السيلان فناسب أيضا والروى فهو تمام شرب فناسب أيضا إذا في اتبع معنى طول العنق مع شدة مفرزة وهو تمام العنق فناسب أيضا. (ص).

(٤) يعني : جعلا عامين لشمولهما الواحد والاثنين والزيادة المذكر والمؤنث. (محشي).

(٥) فللواحد المؤنث تغير الضمير فقط وتغير الصيغ مع الضمير مع المثنى المذكر والمؤنث ومجموعهما تقول جاءني نفسه والزيدان أنفسهما والزيدون أنفسهم والمرأة نفسها والمرأة نفسها والنساء أنفسهن. (هندي وجيه).

(٦) لأنها مضافة إلى ضمير التثنية والمثنى إذا أضيف إلى مثله يجوز أن يجمع للأمن عن اللبس كقوله تعالى : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)[التحريم : ٤] اجتماع لفظ اثنين فيما يؤكد اتصالهما لفظا ومعنى. (نموذج).

(٧) أو في اختلاف أحدهما إلا في المثنى والمذكر والمؤنث فإن لا اختلاف بينهما بالصيغة ولا بالضمير. (متوسط).

٥٢٠