شرح ملّا جامي - ج ١

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
الجزء ١ الجزء ٢

أولى ؛ لأن (١) حرف النداء (٢) لا يباشرها ، مثل : (يا تميم كلّهم) (٣) في التأكيد و (يا زيد ذا المال) (٤) في الصفة (ويا رجل أبا عبد الله) في عطف البيان.

ولا يجئ (٥) المعطوف بحرف الممتنع دخول (يا) عليه مضاف (٦) ؛ لأن اللام يمتنع دخولها (٧) على المضاف بالإضافة الحقيقية.

(والبدل والمعطوف غير ما ذكر) (٨) أي : غير المعطوف الذي ذكر من قبل وهو الممتنع دخول (يا) عليه ، فغيره المعطوف الذي لا يمتنع دخول (يا) عليه (حكمه) (٩) أي : حكم كل واحد منها (حكم) المنادى (المستقل) الذي باشره حرف النداء ، وذلك؛ لأن البدل هو المقصود بالذكر والأول كالتوطئة لذكره (١٠) ، والمعطوف المخصوص هو

__________________

(١) من رفعها ؛ لأن النصب أصل في المنادى وتوابعه ولا مانع منه.

(٢) وفي العلة نظر ؛ لأنها مشتركة للمفردة ؛ لأن حرف النداء لا يباشرها أيضا ولا بأس بفساد العلة النحوية (قدمي).

(٣) نظرا إلى تميما في نفسه غائب وجوز الشيخ الرضى كلكم نظرا إلى الخطاب العارض (لارى).

(٤) وفيه ضبط ظاهر وهو أن ذو إنما وضع بجعل أسماء الأجناس صفات للنكرة لا غير وهنا ليس كذلك (حاشية متوسط).

(٥) كأنه جواب عن سؤال مقدر وهو أنك جئت من كل واحد من التوابع المذكور المضافة بمثال غير المعطوف الممتنع دخول (يا) عليه فما مثاله فأجاب بقوله : (ولا يجيء) (قدمي).

(٦) الظاهر أن يقال في الدليل ؛ لأن الكلمة المعرفة باللام والألف لا تضاف إضافة معنوية قياسا واستعمالا فلا يقال : الغلام زيد في غلام زيد (لمحرره).

(٧) لأن الغرض من دخول اللام التعريف ولا يمكن دخولها على المضاف لحصول الغرض بالإضافة بل التجريد في الإضافة المعنوية واجب (لمحرره).

(٨) فإن قيل : الغير هنا صفة المعطوف مع أنه نكرة والموصوف معرفة مع أن المطابقة شرط بينهما في المعرفة والنكرة ، وأجيب عنه بأن الغير هنا معرفة فإن الغير إذا أضيف إلى ضده يكتسب التعريف هذا من قبيل عليك بالحركة غير السكون والدبس مثل العسل (محمد أفندي).

ـ مرفوع صفة أو بدل الكل أو عطف بيان للمعطوف أو منصوب مفعول أعني المقدر وقيل أو حال من المعطوف أو خبر مبتدأ محذوف أي : هو والجملة الاسمية اعتراض (زيني زاده).

(٩) فإفراد الضمير على تأويل المذكور وهو من باب الاكتفاء كما في : يا تميم ، تميم عدي في أحد وجهين كما سيجيء (غجدواني).

(١٠) فكان حرف النداء الداخل على المبدل منه كان داخلا على البدل فصار البدل لهذا كالمنادى المستقل (م).

٢٦١

المنادى المستقل في الحقيقة ، ولا مانع (١) من دخول (يا) عليه ، فيكون حرف النداء مقدرا فيه (مطلقا) أي : حال كون كل واحد منهما مطلقا في هذا الحكم غير مقيد بحال من الأحوال أي : سواء كانا مفردين أو مضافين أو مضارعين للمضاف أو نكرتين. فالبدل مثل: (يا زيد بشرّ) و (يا زيد أخا عمرو) و (يا زيد طالعا جبلا) و (يا زيد رجلا صالحا).

والمعطوف مثل : (يا زيد وعمرو) و (يا زيد وأخا عمرو) و (يا زيد وطالعا جبلا) و (يا زيد ورجلا صالحا).

(والعلم) (٢) أي : العلم المنادى المبني على الضم ، أما كونه منادى ، فلأن الكلام فيه ، وأما كونه مبنيا على الضم فلما يفهم من اختيار فتحه (٣) المنبئ عن جواز ضمه ، فإن جواز الضمة (٤) ...

__________________

(١) قوله : (ولا مانع) إلخ. لا حاجة إليه بعد وصف المعطوف بالمخصوص ؛ لأن المعطوف المخصوص هو الذي لا مانع من دخول حرف النداء عليه لكن يجوز أن يكون حالا مقيدة من فاعل مستقل في الحقيقة فإنه لما حكم على المعطوف المخصوص بأنه منادى مستقل في الحقيقة ورد عليه أن المعطوف مطلقا منادى مستقلا في الحقيقة فدفع بقوله : (ولا مانع) إلخ. لكن قوله : (فيكون) حرف النداء مقدار فيه فيه النظر ؛ لأن المعطوف مطلقا يكون حرف النداء مقدرا فيه بلا شك فالأولى فيكون حرف النداء كان مباشرا له.

(٢) قوله : (والعلم) هذا من أحكام المنادى وبمنزلة المستثنى من قاعدة المفرد المعرفة لكن لما كان في إثبات هذا الحكم مدخل لتوصيف المنادى بابن مضاف إلى علم آخر أخره من بحث توابع المنادى فكان هذا الحكم متعلقا بمجموع المنادى وصفته التي هي الابن المضاف إلى علم آخر كما أن مسألة نداء المعرف باللام التي تأتي بعد هذا من هذا القبيل إذ فيها كل واحد من المنادى وتابعه منظور فإن المعرف باللام الذي جعل المبهم واسطة بينه وبين حرف النداء يصير تابعا في اللفظ لكنه منادى بحسب الحقيقة (عصمت).

ـ فالشروط أربعة وهي كون المنادى علما وكونه موصوفا بابن ، وكون ابن متصلا بموصوفه وكونه مضافا إلى علم وإنما اختير الفتح بهذه الشروط لكثرة وقوع المنادى والكثرة يقتضي التخفيف (رضي).

(٣) لأن الفتح من ألقاب المبني فينبئ عنه واختياره ينبئ عن جواز الضم ؛ لأنه لم يعرف لبناء المنادى على الحركة إلا الضم والفتح فبعد اختياره لم يبق إلا الفتح فتعين وما في العصام ههنا فهو وقع من عدم الفرق بين ألقاب المبني والمعرب (خوافي).

(٤) علة لمقدر تقديره فإن اختيار الفتح من العلم ينبئ عن جواز ضمه ولا نعلم عن جواز ضمه ـ

٢٦٢

لا يكون إلا في المبني على الضم (الموصوف ب : (ابن) (١) مجرد عن التاء أو ملحق بها ، أعني : ابنة ، بلا تخلل واسطة بين الابن وموصوفة ، كما هو المتبادر إلى الفهم ، فيخرج عنه مثل : (يا زيد الظريف ابن عمرو).

(مضافا) (٢) أي : حال كون ذلك الابن مضافا (إلى علم آخر) فكل علم يكون كذلك يجوز فيه الضّم لما عرفت من قاعدة بناء المفرد على ما يرفع به ، لكن (يختار فتحه) لكثرة وقوع المنادى الجامع لهذه الصفات (٣) والكثرة مناسبة للتخفيف ، فخففوه بالفتحة(٤) ...

__________________

ـ أن يستلزم الإبناء على البناء على الضم مع أن جوازه إنما يكون في المبني على الضم فأجاب فإن جوازه حاصله أن الإبناء عن جواز الضم يستلزم الإبناء عن البناء فتأمل وراجع لتقديره (حاجز داود).

(١) أي : بلفظ ابن ومؤنث وليس مصغر ابن وابنة ومثناهما ومجموعهما في حكم ما في الباب لعدم لكثرة (هندي). أي : إذا وصف المضموم بابن قيده بالمضموم ليخرج المضاف نحو يا عبد الله ابن زيد فإنه ليس من هذا الباب (شرح لباب).

(٢) منصوب على الحال من ابن ؛ لأن الابن معرفة ؛ لأن المراد به اللفظ ، اعلم أن حركة المنادى بنائية دون حركة الابن على الصحيح ؛ لأن الابن مضاف فهو معربة وقيل بنائهما وقيل بأعرابهما (كاملة).

ـ قيل يشترط أن يكون صفة مفردة غير مثناة ولا مجموعة ولا مصغرة ولا مفصولة بينه وبين الموصوف فإن وجد أحد هذه الأمور لزم بناء المنادى على الضم نحو يا زيد وعمرو ابني خالد ويا زيد وعمرو وبكر ابني خالد ويا زيد ابني خالد ويا هند ابنة عاصم ويا زيد وعمرو ابن خالد بضم الأول سواء جعل تابعا أولا لأجل الفصل لعدم كثرة الاستعمال (حاشية موشح).

(٣) وهي كون المنادى علما وكونه موصوفا بابن وكون ابن متصلا وكونه مضاف إلى علم آخر (رضي).

(٤) أي : بالفتحة التي هي مشابهة لحركة الأصلية صورة لا أن هذه الفتحة عين حركته الأصلية ؛ لأن هذه الحركة حركة بناء وحركته الأصلية حركة إعراب وبينهما فرق فأفرق (داود).

ـ فائدة إذا كان الابن بين العلمين في غير النداء فإن جعل الابن صفة لما قبله حذفت التنوين من موصوف وحذف الألف من الابن في اللفظ والكتابة مثاله : جاءني زيد بن عمرو وحذف التنوين من زيد والألف في الكتبة من الابن وإن جعل الابن خبرا لما قبله لم يحذف التنوين مما قبله ولا الألف من الابن في الكتبة مثاله : زيد ابن عمرو فزيد مبتدأ وابن خبره ولم يحذفا التنوين من زيد ولا الألف من الابن في الكتبة والابنة كالابن في جميع ما ذكرنا وإنما حذف التنوين من الموصوف والهمزة من الابن ؛ لأن الصفة والموصوف كشيء واحد فكان الصفة ـ

٢٦٣

التي هي حركته الاصلية ، لكونه مفعولا به (وإذا نودي (١) المعرف باللام) أي : إذا أريد نداؤه (قيل) مثلا (٢) : (يا أيها الرجل) (٣) بتوسيط (٤) (أي) مع (ها) التنبيه ، بين حرف النداء والمنادى المعرف باللام تحرزا عن اجتماع التي التعريف بلا فاصلة (و (يا هذا الرجل) بتوسط (هذا) (ويا هذا الرجل) (٥) بتوسط الامرين معا.

(والتزموا) يعني : العرب (رفع الرجل) مثلا وان كان صفة وحقها جواز الوجهين ، الرفع والنصب كما مر (لانه) أي : الرجل مثلا (هو المقصود) بالنداء فالتزموا رفعه لتكون حركته الاعرابية موافقة للحركة البنائية التي هي علامة المنادى فيدل على أنه هو المقصود بالنداء.

وهذا بمنزلة المستثنى (٦) عن قاعدة جواز الوجهين في صفة المنادى ، ولهذا لم

__________________

ـ والموصوف اسما واحدا ولا يكون في أوسط الواحد تنوين ولا همزة وصل وإنما لا يحذف التنوين والألف إذا جعل الابن خبرا ؛ لأن الخبر منفصل عن المبتدأ ولا يمكن أن يجعل المبتدأ والخبر كاسم واحد ويحذف الألف من الابن في الكتبة في المنادى أيضا إذا وقع الابن بين العلمين (شرح المجمل).

(١) هذا من قبيل ذكر المسبب وإرادة السبب أو من قبيل إقامة المسبب مقام السبب ؛ لأن الإرادة سبب والنداء مسبب ونظيره قوله تعالى : (إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ)[المائدة : ٦] أي : إذا أردتم القيام (لمحرره).

(٢) إنما قال مثلا ؛ لأن قصد نداء معرف باللام على إطلاقه لا يستلزم قوله : (يا أيها الرجل وأخوته) بخصوصها (لارى).

(٣) ولا يجوز عند البصريين : يا الرجل لوجهين أحدهما أن (يا) تعريف بالقصد والإشارة ولذلك وصفوا النكرة بالمعرفة في قولهم : يا رجل الظريف وحرفا متفقان في المعنى لا يجتمعان والثاني أن اللام تعريفا عهديا و (يا) تعريفا خطابيا متغايران فلو جعل المعرف باللام منادى لزم كون الواحد حاضر أو غائبا (محصول).

(٤) قوله : (بتوسيط) أي : هي موصوفة قال الأخفش : هي موصولة حذف صدر صلتها وجوبا لمناسبة التخفيف للمنادى ويؤيد كثرة وقوعها موصولة وندرة وقوعها موصوفة وإنما لم ينتصب مع أنها مشبهة بالمضاف ؛ لأنها إذا حذف صدر صلتها يبني على الضم (لارى).

(٥) أعلم أنه قيل إذا قصد في نحو : يا هذا الرجل نداء الرجل كان هذا بمنزلة أي : وأن قصد نداء هذا كان بمنزلة زيد فعلى هذا يجوز في الرجل النصب أيضا (متوسط).

(٦) فإن عادة المصنف ابن الحاجب في تأليفاته أن يذكر القاعدة مطلقا ثم ذكر المستثنات قرنية على أنه أراد بالقاعدة ما سواها (قدمي).

٢٦٤

يذكر هناك ما يخرج صفة الاسم المبهم (١) عن تلك القاعدة.

(وتوابعه) (٢) بالجر عطف على الرجل ، أي : والتزموا رفع توابع الرجل مفردة أو مضافة نحو : (يا أيها الرجل الظريف) و (يا أيها الرجل ذو المال) (لأنها توابع) منادى (معرب) (٣) وجواز الوجهين إنما يكون (٤) في توابع المنادى المبني.

(وقالوا) (٥) بناء على قاعدة تجويز اجتماع حرف النداء مع اللام ، وهي اجتماع أمرين ، أحدهما : كون اللام عوضا عن محذوف.

__________________

(١) الذي جعل وسيلة إلى نداء المعرف باللام وإلا فلا يجوز إخراج صفة الاسم المبهم مطلقا فإن الاسم المبهم الذي كان مقصودا بالنداء فصفته ترفع وتنصب فلا وجه لإخراجه عن تلك القاعدة (عصمت).

جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : إذا كان الرجل هو المقصود بالنداء فلم لا يجوز في توابعه الوجهان كما في تابع يا زيد الظريف فالجواب أن الرجل معرب مرفوع فتابع المعرب المرفوع يجب أن يكون مرفوعا سواء كان مفردا أو مضافا فنقول يا أيها الرجل ذو المال كما تقول جاءني الرجل ذو المال ؛ لأنه مثله في الإعراب (نجم الدين).

(٢) وتوابع المعرب تابعة للفظة المعرب ؛ إذ لا محل له فنقول يا أيها الرجل ذو المال ولا تقول ذا المال وفي بعض الشروح وفيه نظر لجواز أن يكون تابع المعرب لمحله إذا غاير إعراب لفظه نحو يا زيد بقائم وقاعدا بالنصب والجر قلت : ولعل النظر ليس بكلي ؛ إذ في المعرب الواحد لا يتصور الإعراب اللفظي والمحلي معا وما روى في المثال ليس فيه تغاير الإعراب في معرب واحد لفظا ومحلا ؛ لأن المجرور لفظا قائم والمنصوب محلا بقائم والكلام في المتبوع الواحد (غجدواني).

(٣) فإن قلت : قد يتبع محله فيجوز فيه وجهان فالحصر المستفاد من إنما ممنوع قلت : الحصر إضافي يعنى من بين توابع المنادى لا يجوز الوجهان في توابع المنادى المعرب بل في تابع المنادى المبنى (عصمت).

(٤) إشارة إلى جواب سؤال مقدر وهو أن يقال أنتم قلتم إذا نودي المعرف باللام قيل : يا أيها الرجل والله معرف باللام فوجب أن يقال يا أيها الله لكنه لا يقال كذلك بل لا يقال يا الله ، وجوابه أن يقول إنما يقال يا الله ولا يقال يا أيها الله ؛ لأن اللام الذي في الله ليس للتعريف بل هي عوض عن حرف أصلي وهو الهمزة في آله فنقلت حركة الهمزة إلى اللام فحذفت الهمزة ثم أدغمت اللام في اللام فصار الله وأما لعدم الأذن الشرعي في إطلاق الأسماء المبهمة على الله تعالى (متوسط).

(٥) قيل عليه كما كان الأصل هو الإله معرفا باللام لم يكن حرف التعريف عوضا عن الهمزة ـ

٢٦٥

وثانيهما : لزومها للكلمة.

(يا ألله) لأن أصله (١) (الآله) فحذفت الهمزة ، وعوضت اللام عنها ولزمت (٢) الكلمة ، فلا يقال في سعة الكلام (لاه).

ولما لم يجتمع (٣) هذان الامران في موضع آخر اختص هذا الاسم بذلك الجواز ولهذا قال (خاصة).

وأما مثل : (النّجم والصّعق وإن كانت اللام لازمة في مثلها لكن ليست عوضا عن محذوف ، وأما (الناس) وان كانت اللام فيه عوضا عن الهمزة ؛ لأن أصله (أناس) (٤) لكن ليست لازمة للكلمة ؛ لأنه يقال : (ناس) في سعة الكلام ، فلا يجوز أن يقال (يا النجم) و (يا الناس) ولعدم جريان هذه القاعدة في (التي) في قولهم :

__________________

ـ المحذوفة لاجتماعها معها في الأصل وجوابه بعد تسليم عدم جواز اجتماع العوض والمعوض عنه أن التعريف في الإله من قوله : (إلا له) من الحكاية لا من المحكي ومراده أن الله أصله إله منكر كما ذكر في تفسير القاضي وإنما دخل حرف التعريف في خبر المبتدأ إفادة للحصر كما في زيد الأمير (كذا في حاشية المطول).

(١) لدفع العموم الذي ذهب إليه الكنانة من تسمية أصنامهم وأدغمت اللام في اللام ومن ثم يقطع الهمزة في النداء (قدمي).

(٢) لعدم وجود شيء من إفراده هذه القاعدة الكلية في الخارج إلا فرد واحد فقط مع إمكان الغير وهو يا الله وهذا من قبيل الكلي المنحصر في فرد واحد مع إمكان كالشمس فراجع (داود).

(٣) كلمة خاصة إشارة إلى ثلاثة أحكام يختص بها لفظ يا الله في باب النداء ، الأول : قطع همزته ، والثاني : اختصاص ندائه بكلمة يا من بين حروف النداء ، والثالث : اجتماع حرف النداء باللام وإن كان الأخير أشد تناسبا بالمقام ثم من خصائص هذا اللفظ في باب النداء أنه يحذف حرف النداء منه ويعوض الميم المشددة ويؤتي في آخره فيقال اللهم بمعنى يا الله (عصام).

ـ أي : خص ذلك خصوصا لامتناع التوسط إياه ؛ لأن يستلزم المتعدد وها للتنبيه والله تعالى عن التعدد (هندي).

ـ بل يجب أن يقال بتوسط أحد الأمور الثلاثة المذكورة بأن يقال مثلا يا أيها النجم ويا أيها الناس (لمحرره).

(٤) وإنما جاز (يا) التي ؛ لأن اللام زائدة فيه ؛ لأن الموصول هو التي فقط بدون اللام وإنما جيء باللام لتحسين الكلام ويقال إنما جيء ههنا لاستقامة الوزن في الشعر (قدمي).

٢٦٦

من أجلك يا التي (١) تيّمت قلبي (٢)

وأنت بخيلة بالوصل عنّي

لأن لامها ليست عوضا عن محذوف ، وان كانت لازمة للكلمة حكموا عليه بالشذوذ.

وفي (الغلامان) في قولهم :

فيا الغلامان اللذان فرّا

لانتفاء الامرين كليهما حكموا بأنه أشدّ شذوذا (٣).

(ولك) (٤) أي : وجاز لك (في مثل : (يا تيم (٥) تيم عديّ) أي : في تركيب تكرر فيه المنادى المفرد المعرفة صورة (٦) وولى الثاني اسم مجرور بالإضافة في الأول (الغمّ والنصب) وفي الثاني النصب فحسب.

أما (٧) الضم في الأول فلأنّه منادى مفرد معرفة كما هو الظاهر (٨) والنصب (٩) على أنه مضاف إلى (عدي) المذكور.

__________________

(١) مقول (من أجلك يا من استبعدت قلبي والحال أنك بخيلة بالوصل عني) قوله : (من أجلك) متعلق بمحذوف أي : نحمل والمعنى نحمل المشاق من أجلك يا أيها الحبيب التي دللت قلبي في حبك والاستشهاد على أن حرف النداء دخلت على ذي اللام وهو غير لفظ في قوله : (يا التي وذلك شاذ (حل الأبيات وجيه الدين).

(٢) تمييز يعني هذا القول أشد شذوذ الانتفاء التعريف فيه فقط لوجود اللزوم فيه.

(٣) وأصل الخطاب أن يكون لمعين وقد يكون لغير معين وهنا كذلك (هندي).

(٤) والمراد من تميم ابن عبد مناف وعدي أخوه فأضيف تيم إلى عدي لشهرته بين العرب (جلبي).

(٥) أما الأول مفرد صورة فظاهر وأما الثاني مفرد فلا تكرار الأول بعينه وأما عدي فحاله مجهولة بحسب الظاهر (عب).

ـ متعلق بالمفرد ولهذا وقع في بعض النسخ المعرفة المفردة مع أن المعهود المفرد المعرفة فأعرب (داود).

(٦) قوله : (أما الضم في الأول قبل نصب الثاني) حينئذ ليس على أنه تأكيد ؛ لأنه خرج عن العلمية بالإضافة وأن القصد إلى المضاف يغاير القصد إلى المفرد وأن المضاف أوضح من المفرد فلا يكون عين الأول فإذا كان الأول توطئة كان الثاني بدلا وإذا كان مرادا كان الثاني عطف بيان (لارى).

(٧) لأن حذف المضاف إليه أو الفصل بين المضاف والمضاف إليه خلاف المشهور.

(٨) أي : (وأما تعيين النصب في الثاني فلانة آه) وهو معطوف على قوله : (وأما الضم في الأول.

(٩) والتأكيد اللفظي في الأغلب حكمه حكم الأول وحركته حركة إعرابية كانت أو بنائية فكما ـ

٢٦٧

و (تيم) الثاني : تأكيد لفظي (١) فاصل بين المضاف (٢) والمضاف إليه وذلك مذهب سيبويه.

أو مضاف إلى (عدي) المحذوف بقرينة المذكور ، وذلك مذهب المبرد (٣) والسيرافي(٤) : أجاز الفتح مكان النصب (٥) على أن يكون في الأصل : يا تيم ـ بالضم ـ تيم عدي ، ففتح الأول اتباعا لنصب الثاني ، كما في : يا زيد بن عمرو.

وتعين النصب في الثاني ؛ لأنه إما تابع (٦) مضاف أو تابع مضاف. وتمام البيت :

__________________

ـ أن الأول محذوف التنوين للإضافة فكذا الثاني مع أنه لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الضرورة وذلك بالظرف خاصة في الأغلب ؛ لأنه لما كرر الأول بلفظه وحركته بلا تغيير صار كان الثاني هو الأول فكأنه لا فصل هناك (وجيه الدين).

(١) والفاصل بين المضاف والمضاف إليه جائز بالتأكيد في هذا المثال وبالعطف في غيره نحو بين ذراعي وجبهة الأسد وقولهم : (نصف وربع درهم) قوله : (بين ذراعي وجبهة الأسد) أوله يا من رأى عارضا أسّر به صفة عارضا أي : عارضا سرني وهو السحاب الذي يعترض بالأفق وذراعي الأسد كوكبان منيران نزل فيهما القمر وجبهة الأسد كوكب نزل فيه القمر وإذا كانت السحاب بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد يكون مطر (هندي وحواشي).

(٢) مع أنه لا يجوز الفصل بين المضاف والمضاف إليه إلا في الضرورة وذلك خاصة في الظرف كما يجيء في باب الإضافة (رضي).

(٣) قوله : (والسيرافي) كأن المصنف لم يختر بل أشار إلى رده بتقديم الخبر أعني لك حتى لا ينحصر الاحتمال في الضم والنصب (عصمت).

(٤) قوله : (مكان النصب) الأولى مكان الضم بل الصواب والسيرافي أجاز الفتح أيضا أي : كما أجاز الضم والنصب كما لا يخفي على من تتبع كلامهم فتتبع (داود).

(٥) قوله : (لأنه إما تابع) مضاف ويتم الثاني تابع مضاف بالصفة على تقدير الأول وهو كون تيم الأول منادى مفردا معرفة وتابع مضاف بالإضافة والصفة على تقدير الثاني أما الإضافة فعلى تقدير كون تيم الأول مضافا إلى عدى المذكور وأما الصفة فهو إذا كان تيم الأول مضافا إلى العدى المقدر (عصمت).

ـ عند سيبويه والمبرد والسيرافي حال النصب كما هو الظاهر على من تأمل فلا تغشه في الغفور (داود).

(٦) قوله : (لا أبا لكم) جاز أن يكون كلمة مدح وسعادة على معنى أنكم خلقتم على صلاح وإقبال لا حاجة لكم إلى أب يربيكم ويؤيدكم وجاز أن يكون كلمة ضم وشتم على معنى أنكم لا نسب لكم بل ولد الزنا (شارح).

٢٦٨

يا تيم تيم عدي لا أبا لكم (١) لا يلقينّكم في سؤءة عمر

البيت لجرير حين أراد عمر التيمي الشاعر أن يهجوه ، فقال جرير خطابا لبني تيم لا تتركوا عمر أن يهجوني ، فيلقينكم في سوءة ، أي : مكروه من قبلي ، يعني : مهاجاته إيّاهم.

(و) المنادى (المضاف إلى ياء المتكلم يجوز فيه) وجوه أربعة (٢) : فتح الياء مثل : (يا غلامي) (٣) وسكونها (٤) مثل : (يا غلامي) واسقاط الياء اكتفاء بالكسرة ، إذا كان قبله كسرة احتراز عن نحو : (يا فتاي) (٥) مثل : (يا (غلام).

وقلبها الفا ، نحو : (يا غلاما) وهذان الوجهان يقعان غالبا (٦) في النداء ؛ لأن النداء موضع التخفيف ؛ لأن المقصود غيره فيقصد الفراغ من النداء بسرعة ، ليتخلص منه ويتوجه الى المقصود من الكلام.

__________________

(١) قوله : (وجوه أربعة توجيه الكلام بهذا التحصيل التناسب وحسن التقابل بين المثال والممثل كما ذكرنا آنفا.

(٢) إذا لممثل هو قوله : (والمضاف إلى ياء المتكلم) أمر كلي والمثال أمر جزئي فلا يستقم الحمل إلا بتأويل المثل.

(٣) وقال بعضهم أصله السكون ؛ لأنه مضمر وهو حرف من حروف المد واللين فوجب أن يبنى على السكون قياسا على أخواته وهي الواو في ضربوا والياء في تضربين والألف في يضربان ورجح الأولى بأن الحركة مستقلة على الواو دون الياء. (حاشية متوسط).

(٤) ونحو يا قاضي فإنه إذا حذف منه الياء التبس بالمفرد المعرفة ولم يعرف أنه مضاف إلى ياء المتكلم لكن اشتراط كون ما قبلها مكسور ليخرج نحو مسلمى تثنية وجمعا مع أنه ينبغي أن يجوز حذف الياء منه لعدم الالتباس بعد الحذف ؛ إذ ياء التثنية والجمع يدل على الياء المحذوفة (عصمت).

(٥) أي : وربما ورد في الندرة في غير النداء لكن الحذف في الفواصل والقوافي ليس بنادر (رضي) طلبا للازدواج أي الانفاق.

(٦) قوله : (أي : هذان الوجهان) المقصود منه أما التحقيق أو الاعتراض بأن قول المصنف يستدعى جواز هذه الوجوه الأربعة في كل منادى مضاف إلى ياء المتكلم مع أن الوجهين الأخيرين غير جائز في ممثل يا عدوى تأمل (عصمت).

ـ وكان له اعترض على المصنف بترك هذين الوجهين مطلقا أي : لم يقيد بقيد أي : فيما غلب (قدمي).

٢٦٩

فخفف (يا غلامي) بوجهين : حذف الياء وابقاء الكسرة دليلا عليه ، وقلب الياء الفا ؛ لأن الألف والفتحة أخف من الياء والكسرة.

وهما أي : هذان (١) الوجهان ، وان كانا واقعين في المنادى المضاف إلى ياء المتكلم لكن لا يقعان في كل منادى كذلك ، بل فيما غلب عليه الاضافة (٢) إلى ياء المتكلم ، واشتهر بها لتدل الشهرة على الياء المغيرة بالحذف أو القلب فلا تقول : (يا عدوّ) و (يا عدوّا). وقد جاء شاذا في المنادى (يا غلام) بالفتح اكتفاء بالفتحة عن الألف.

(و) يكون المنادى المضاف إلى ياء المتكلم (بالهاء (٣)) (٤) في هذه الوجوه كلها (وقفا) أي : في حال الوقف ، تقول : (يا غلاميه) و (يا غلامية) و (يا غلامه) و (يا

__________________

(١) فيكون الألف واللام للعهد الخارجي أو للجنس كما في الرجل خير من المرأة لا للاستغراق ولا للعهد الذهني فراجع (داود).

(٢) قال بعض المحققين الشذوذ في غير يا بني فإنه كثر فيه الفتح لثقل اليائين يعني كثر فيه الفتح بسبب قلب الياء الثانية ألفا وحذف الألف والاكتفاء بفتح ما قبل الياء وهو الياء الأولى وفيه أنه يكون ح : يا بني بفتح ياء واحدة مع أن السماع في القرآن وغيره بيائين مع الإدغام فتأمل (عصمت).

ـ يا بني تصغير الابن وأصل الابن بنو حذفت ضمة الواو للثقل عليه ثم حذف الواو لالتقاء الساكنين بينها وبين النون ثم زيد الهمزة في أوله فقيل ابن ثم صغر الابن فيعود إلى الأصل فصار بنيو اجتمعت الواو وسبقت أحدهما بالسكون فقلبت الواو ياء وأدغمت الياء في الياء فصار بني ثم أدخل عليه حرف النداء فقيل يا بني (حواشي هندي).

ـ يعني قياسا مطردا فيهما كما في باقي المنادى المضاف إلى ياء المتكلم من الوجوه الأربعة المذكورة آنفا والوصل والقطع (دم).

(٣) قوله : (بالهاء في هذه الوجوه) الخ. على تقدير أن يكون جعل قوله : (وبالهاء وقفا) مسألة على حدة عطفا على جملة السابقة أو على خبرها يدل على وجوب الهاء في الوقف في الأحوال الأربعة المذكورة لكن الوجوب ليس إلا مع الألف والأولى أن يكون قوله : (بالهاء عطفا) على بلا هاء محذوف تقديره ويكون المنادى المضاف إلى ياء المتكلم بلا هاء وبالهاء وقفا فيفيد العبارة الجواز لكن يحمل على ما يشمل الوجوب أيضا لئلا يشكل بصورة الألف فإن الهاء مع الألف كما ذكرنا (عصمت).

(٤) يعني إذا كان هذه الوجوه توصل إلى ما بعده بلا فاصلة لا يؤتى بالهاء ، وإذا كانت تقطع عما بعدها يؤتى بالهاء فيكون وجود الهاء دليلا على القطع وعدمها دليلا على الوصل.

٢٧٠

غلاماه) ، فرقا بين الوقف (١) والوصل.

(وقالوا) (٢) أي : العرب في محاوراتهم (٣) (يا أبي ، ويا أمّي) على الوجوه الأربعة كسائر ما أضيف إلى ياء المتكلم مع وجوه أخر زائدة عليها ، لكثرة استعمال ندائيهما في كلامهم (٤) كما أشار اليها بقوله : (و (يا أبت ، ويا أمت معا) (٥) أي : قالوا : (يا أبت، ويا أمّت) أيضا بابدال الياء (٦) بالتاء (فتحا وكسرا) (٧) أي : حال كون التاء مفتوحةعلى وفق حركة الياء ، أو مكسورة لمناسبة الياء.

وقد جاء بالضم أيضا نحو : (يا أبت ، ويا أمّت) لاجرائه مجرى المفرد المعرفة ولم يذكره لقلته.

(و) قالوا : (يا أبتا) (٨) ...

__________________

(١) وقالوا استئناف واعتراض مستثنى معنى من الوجوه الأربعة للمنادى المضاف إلى ياء المتكلم فإن لما سيأتي وجهان زائدا على الوجوه الأربعة المتقدمة أو عطف على ما قبلها من حيث المعنى فكأنه قيل : قالوا هكذا في مثل: يا غلامي وقالوا آخر (زيني ذاده).

(٢) جمع محاورة أي مصاحباتهم العرفية حين إضافة الأب أو الأم إلى ياء المتكلم.

(٣) لأن الإنسان يكثر نداءه لأبيه وأمه وكثرة النداء تقتضي كثرة الوجوه ؛ لأنه إذا تعسر النداء بوجه تيسر بوجه آخر ذا كثرة الوجوه (توقادي).

(٤) والفرق بين جميعا ومعا أن قولك : مستلزم مجيئهم معا في زمان واحد بخلاف جميعا فإنه لا يفيد الإعدام تخلو واحد منهم من المجيء من غير تعرض لاتحاد الزمان (شيخ زاده).

ـ تنبيه استعمال المصنف هنا معا للدلالة على الاتحاد في الزمان وفاقا لتقارب وغيره وأما ابن مالك فاختار عدم دلالتها على الاتحاد وأنها تستعمل بمعنى جميعا وهو ظ نص الشافعي فيمن قال لامرأتين أن ولدتا معا فأنتما طالقان أنه لا يشترط الاتحاد في الزمان وإذا أفردت عن الإضافة كما في الكتاب أعربت حالا تريني على المنهاج من الجراح نقله (داود أفندي).

(٥) وفي بعض النسخ بإبدال التاء بالباء وقد مشى المحشى على هذه النسخة وقال الباء صلة الإبدال وإنما تدخل على المتروك فهو التحتانية وما فوقها الفوقانية دون العكس كما سبق إلى الأوهام (جلبي).

(٦) وإنما لم يكن كأصلها ؛ لأنها حرف صحيح منزل منزلة الاسم فيجب ككاف الخطاب.

(٧) قوله : (يا أبتا) منادى مضاف إلى ياء المتكلم والتاء والألف عوض عن يائه (لمحرره).

(٨) وهما التاء والألف ؛ لأن التاء عوض عن الياء والألف من فتحتها.

ـ والألف والتاء كلاهما معا عوض عن الياء ولا عليك أن يعوض شيئين عن شيء ويكون كل منهما أخف فيه (غجدواني).

٢٧١

و (يا أمّتا) (بالالف) بعد التاء جمعا بين العوضين (١) (دون الياء) فما قالوا : (يا أبتي) و (يا أمّتي) احترازا عن الجمع بين العوض والمعوض عنه فإنه غير جائز.

(و) قالوا : (يا ابن أمّ) و (يا ابن عمّ خاصة) (٢) هذا الاختصاص بالنظر إلى الأم والغمّ ، أي : لا يقال : (يا ابن أخ ويا ابن خال) لا بالنظر إلى الابن أيضا.

فانهم يقولون : (يا بنت أمّ) و (يا بنت عمّ) على الوجوه الأربعة (مثل (٣) باب ، يا غلامي) فقالوا : (يا ابن أمّي) و (يا ابن عمّي) ـ بفتح الياء ويكونها ـ و (يا ابن عما) بابدال الياء ألفا.

(وقالوا) بزيادة وجه آخر شذ في المضاف إلى ياء المتكلم (٤) (يا ابن ام ويا ابن عم) بحذف الألف والاكتفاء بالفتحة لكثرة الاستعمال ، وطول اللغظ ، وثقل التضعيف.

ولما كان من خصائص النداء الترخيم شرع في بيانه فقال : (و)

(الترخيم)

(ترخيم (٥) المنادى)

(جائز) (٦) ...

__________________

(١) ويجوز تعويض حرفين عن حرف إذا كانا أخفا منه لكونهما امتزجا كأنهما كلمة واحدة (كثير ولباب).

(٢) لاستعمالهما غالبا بكسر الميم مع حذف الياء لكثرة الاستعمال (خوافي).

(٣) مثل منصوب مفعول مطلق لقالوا بتقدير الموصوف أي : قولا مثل وقيل مثل مرفوع خبر مبتدأ محذوف أي : هو وقيل قوله : (يا ابن أم ويا ابن عم) مبتدأ خبره مثل والجملة استيناف أو اعتراض (ع م).

(٤) إشارة إلى ما سبق بقوله : (وقد جاء شاذا) في المنادى يا غلام بالفتح.

(٥) أي : الترخيم في سعة الكلام والترخيم من رخم الكلام من باب كرم أو نصر بمعنى سهل فهو رخيم والجارية إذا صارت سهلة النطق يقال رخيمة ومنه الترخيم في الأسماء ؛ لأنه سهل النطق بها (عصمت).

ـ الترخيم في اللغة اسم الصوت الرقيق رخم صوته إذا رفعت صوت رخيم أي : ضعيف وعن الأصمعي قال الخليل (منه رحمه‌الله) ما اسم الصوت الضعيف قلت : الترخيم.

(٦) أعلم أن المصنف لما أراد تخصيص البيان بالترخيم في حال السعة نبه عليه بهذا القول أولا فالجواز يوجد في الضرورة أيضا وذلك لكثرة النداء في كلامهم ولأن النداء أنما يكون لأمر مهم فهو يؤذن بالترخيم أن ذلك الأمر مما لا يقبل التوقف حيثما يتم الكلمة (عافية شرح الكافية).

٢٧٢

أي : واقع (١) في سعة الكلام من غير ضرورة شعرية دعت إليه ، فإن دعت اليه ضرورة فبالطريق الأولى.

(و) هو (في غيره) أي : غير المنادى واقع (٢) (ضرورة) (٣) أي : الضرورة (٤) شعرية دعت اليه ... لا في سعة الكلام.

(وهو) أي : ترخيم المنادى (٥) (حذف في آخره) (٦) أي : آخر المنادى ، تخفيف(٧) أي : لمجرد التخفيف لا لعلة (٨) أخرى مفضية إلى الحذف المستلزم للتخفيف.

__________________

(١) قوله : (أي : وقع) الخ. حمل الجواز على الوقوعي الذي وقع في سعة الكلام من غير ضرورة وفهم الترخيم الضروري الواقع في المنادى للضرورة بالمقايسة بالطريق الأولى وح يقابل قوله : (في غير ضرورة) تقابل الضد بالضد ويجوز أن يحمل الجواز على معنى أعم من الواقع في سعة الكلام وفي الواقع للضرورة فيقابل ح بقوله : (وفي غيره تقابل العام الخاص (عصمت).

ـ السعة بكسر السين بمعنى الوسعة وه المراد هنا وبفتح السين بمعنى القدرة (جلبي).

(٢) قوله : (واقع ضرورة) أي : لضرورة الخ. الظاهر أنه حمل نصب قوله : (ضرورة) على أنه مفعول له والفعل المعلل هو الوقوع الذي قام بالترخيم والضرورة قائمة بالمتكلم فلم يتحقق شرط جواز تقدير اللام في المفعول له وهو كونه فعلا لفاعل الفعل المعلل إلا أن يجعل الاضطرار صفة للترخيم أي : الترخيم في غير المنادى واقع لاضطراره إلى الوقوع فتأمل (عصمت).

(٣) ولك أن ترفع ضرورة على الخبرية أي : الترخيم في غيره أثر ضرورة وقد وجه أيضا كونه خبرا أي : وهو في غيره ذو ضرورة شعرية لكل وجهة (لارى جلبي).

(٤) لا مطلقا بل إذا كان ذلك الغير مما يصلح للنداء كما في قوله : يا دار مية ؛ ادلي تساعفنا ولا يرى مثلها عجم ولا عرب (عوض).

(٥) والترخيم في اللغة تفعيل من رخم الشيء إذا سهلته وفي الاصطلاح هو حذف في آخره (عافية).

(٦) ولم يقل حذف آخره ليشمل ما حذف منه حرفان والجزء الأخير من المركب أي في أخر الاسم في التركيب مع حرف النداء دون الإفراد فلا يرد حذف الأواخر في يد ودم وغيرهما (شرح كافية وهندي).

(٧) ولما كان هذا الحذف مشتركا بين ما هم المقصود وغيره أشار إلى تميزه عنه بقوله : (تخفيفا) أي : هو حذف الأخير للتخفيف المجرد عن العلة مثل الإضافة والإعلال وتجاور الساكنين أو غير ذلك ومعناه اللغوي مرعى فيه أيضا ؛ لأن اللفظ إذا قل سهل ففي هذا الحذف تخفيف اللفظ وتسهيله ولهذا سمي به (عوض أفندي).

(٨) قوله : (لا لعلة أخرى) من قال أنه حذف في الآخر بلا علة سبيل الاعتباط أراد هذا والاعتباط في اللغة ذبح شاة بلا علة (لارى).

ـ أي : يصونهما خصوصا.

٢٧٣

فعلى هذا يكون ذلك التعريف مخصوصا بترخيم المنادى ، ويعلم منه ترخيم غير المنادى بالمقايسة ، ويمكن حمله على تعريف الترخيم مطلقا بارجاع الضمير المرفوع إلى الترخيم مطلقا ، والضمير المجرور في قوله : (في آخره) راجع إلى الاسم.

(وشرطه) أي : شرط ترخيم المنادى ، على التقدير الأول. أو شرط الترخيم إذ كان واقعا في المنادى على التقدير الثاني أمور أربعة (١) ، ثلاثة منها عدميّة وهي (أن لا يكون مضافا) حقيقة ، أو حكما (٢) ، فيدخل فيه المشبه بالمضاف أيضا ، إذ لا يمكن الحذف من الأول (٣) ؛ لأنه ليس آخر اجزاء المنادى نظرا (٤) الى المعنى (٥). ولا من الثاني ؛ لأنه (٦) ليس آخر اجزائه نظرا إلى اللفظ ، فامتنع الترخيم (٧) فيهما بالكلية.

(و) أن (لا يكون) (٨) (مستغاثا) (٩) ...

__________________

(١) أي : شرط أمور أربعة ؛ لأن شرطه مفرد مضاف فيعم كل الشرط منه كما في قول : النووي وفرضه أي : الوضوء أربعة (داود).

ـ قوله : (أمور أربعة) أشار بها بهذا إلى مجموع الأمور ؛ لأن كل واحد منها من قبيل قوله : (وأنواعه رفع ونصب وجر وتعد من تحقيقه أنفا (مصطفى جلبي).

(٢) أي : إضافة حكمية تكون مضافا بالإضافة اللفظية أو شبه مضاف (م).

(٣) ولو رخم من آخر المضاف رخم وسط الاسم ؛ لأن المضاف إليه بمنزلة جزء المضاف في المعنى أو بمنزلة المستعمل في اللفظ (غجدواني).

(٤) قوله : (نظرا إلى المعنى) هذا ظاهر إذا كان المركب الإضافي علما فإن الجزء الأول بمنزلة زاء زيد وأما إذا لم يكن علما فبيانه أن المضاف من حيث هو مضاف لا يتم بدون المضاف إليه (لارى).

ـ قوله : (نظرا) بفتح الظاء لا بسكونها لأن النظر بفتح الظاء للقب وهو الماء هنا وأما بالسكون فللعين فلا مجال للنظر إلى المعنى (تقرير يوسف).

(٥) فإن المنادى في يا غلام زيد الغلام المخصوص وهو لا يستفاد بدون زيد (عصمت).

(٦) قوله : (لأنه ليس آخر أجزاءا المنادى) هذا ظاهر إذا لم يكن المركب الإضافي علما أما إذا كان علما فلأن المركب الإضافي ترد في حال جزئية قبلها العلمية في استقلال كل من الجزئين بإعرابه.

(٧) والكوفيون يجوزون الترخيم من آخر المضاف على أن تنزل منزلة اسم واحد.

(٨) أي : المنادى الذي ترخيمه سواء كان مضافا حقيقة أو حكما أولا (تركيب).

(٩) لأن المطلوب فيه مد الصوت والحذف ينافيه ولا غيرهما من المندوب وإنما لم يذكر المندوب ؛ لأنه غير منادى عنده (هندي).

٢٧٤

لا مجرورا باللام لعدم (١) ظهور أثر النداء فيه من النصب أو البناء (٢) فلم يرد عليه الترخيم الذي هو من خصائص المنادى (٣) ، ولا مفتوحا بزيادة الألف ؛ لأن الزيادة تنافي الحذف.

ولم يذكر المصنف المندوب ؛ لأنه غير داخل في المنادى عنده ، وما وقع في بعض النسخ (ولا مندوبا) فكأنه (٤) من تصرف الناسخين مع أن وجه اشتراطه عند دخوله في المنادى ظاهر ، وهو أن الأغلب فيه زيادة الألف في آخره لمد الصوت اظهارا للتفجع فلا يناسبه الترخيم للتخفيف.

(و) أن (لا) يكون (جملة) (٥) لأن الجملة محكية بحالها فلا تغير.

والشرط الرابع : أحد الأمرين الوجوديين.

(و) هو أن (يكون) المنادى (أما علما (٦) زائدا على ثلاثة أحرف) لأنه لعلميته

__________________

(١) قوله : (لعدم ظهور أثر النداء فيه) من النصب أو البناء أما كون النصب أثر النداء فكنون المنادى مفعول أدعو وأما كون البناء أثره فلمشابهته لكاف أدعوك بخلاف الفتح فإنه أثر الألف دون النداء (وجيه الدين).

(٢) على الضم إذا كان مفردا معرفة وإذا رخم يلزم أن يكون الترخيم واقعا في غير المنادى من غير ضرورة وداعية إليه وذا لا يجوز (م).

(٣) لما قلنا أن المنادى المستغاث ليس بمنادى لعدم ظهور أثر النداء (م).

(٤) الفاء جواب المبتدأ المتضمن بمعنى الشرط وكان حرف من حروف المشبهة بالفعل والضمير المتصل به اسمه (توقادي).

(٥) نحو تأبط شرا وشاب قرناها يعني : لو كان المنادى علما مسمى بجملة لا ترخم ؛ لأن الجملة يجب أن يحكي كما هي ولا يتغير عن حالها ليفهم معناها الأصلي ؛ إذ لو تغيرت لفظا لتغيرت معنى أيضا فيبطل المقصود(لمحرره).

ـ قال في التسهيل ويجوز ترخيم الجملة وفاقا لسيبويه في أحد الراويتين (عافية).

(٦) قبل النداء ؛ لأنه إذا لم يكن علما بل معرفة بالنداء مثل يا رجل لا يرخم وإن وجد شرط الترخيم عدها لما سيأتي (توقادي).

ـ وإنما اشترطت العلمية لكون نداء الإعلام كثيرا في الكلام فناسب التخفيف لأجل هذا وغيرها لم يكثر كثرتها وإنما اشترطت الزيادة على الثلاثة ؛ لأنه لو كان الثلاثة وضم لأداه الترخيم إلى كون الكلمة على ما ليس في الأبنية الممكنة واحترز بالعلمية من اسم جنس ومن الموصول واسم الإشارة فقط ح ما قيل : أن المصنف أهمل شرطين وهما أن لا يكون مبهما ولا مضمرا ؛ ـ

٢٧٥

ناسبه التخفيف بالترخيم ، لكثرة نداء العلم مع أنه لشهرته يكون فيما أبقى منه دليل على ما ألقى عنه ، ولزيادته (١) على الثلاثة لم يلزم نقص الاسم (٢) عن أقل أبنية المعرب بلا علة(٣) موجبة.

(وإمّا) اسما (٤) متلبسا (بتاء التأنيث) (٥) وان لم يكن علما (٦) ولا زائدا على الثلاثة ؛ لأن وضع التاء على الزوال فيكفيه أدنى مقتضى للسقوط ، فكيف إذا وقع موقعا يكثر فيه سقوط الحرف الأصلي (٧)؟

__________________

ـ لأنهما لا يرخمان لضعفهما لإبهامهما فلا يراد عليهما خفيف آخر بالحذف خلافا للكوفيين فإنهم يجوزون ترخيم الثلاثي إذا كان تحرك الأوسط فيقولون يا عم في عمر أما توجد نظير ما أدى إليه ترخيمه نحو يد ودم أو التحرك وسطه وحركة الوسط بمنزلة الحرف الرابع والجواب عن الأول هذه الأسماء قليلة في الاستعمال بعيدة عن القياس فلا يحمل عليه شيء وعن الثاني هذا أن هذا. ـ الاعتبار غير مطرد في كل مقام مع أن هذا إعدام صرف (عافية شرح الكافية).

ـ لكن لا مطلقا بل بشرط كونه زائدا.

(١) قوله : (لزيادته) الخ. يعنى إنما اشترط الزيادة على الثلاثة لئلا يلزم نقص الاسم نقصانا قياسا مطردا عن أقل أبنية المعرب بلا علة ظاهرة (وجيه الدين).

(٢) الذي في حكم المعرب وإنما قيد به لجواز النقص فيما ليس في حكم المعرب نحو ما ومن وأما ، نحو يد ودم فالحذف فيه شاذ فالشاذ لا يعبأ به (عب).

(٣) وإنما قيد به لجواز النقص بالعلة الموجبة.

(٤) يعني : إذا لم يكن علما موصوفا بالزيادة على الثلاثة (فالشرط أن يكون اسما ملتبسا) إلخ. (م).

(٥) وإنما اشترطت ياء التأنيث إذا لم يكن علما ؛ لأنها يوجب ثقلا فناسب الترخيم لثقله كما أن كان العلم يناسبه لكثرته أو لأنها قائمة مقام العلمية من جهة أنها تناسب التخفيف لفظا أو معنى وإنما لم يشترط الزيادة على الثلاثة لكونها زائدة على بناء الكلمة فحذفها لا يوجب المحذور في نفس الكلمة ولأن وضعها لما كان على شرف الزوال يكفي أدنى مقتضى لحذفها فإن قلت : لم خص الترخيم بالمفرد قلت : للمناسبة بينهما وذلك ؛ لأن الترخيم تغيير وبإدخال حرف النداء في المفرد البناء كان مغيرا الانتقال ح من الإعراب إلى البناء (شرح الكافية عافية).

ـ إذا رخم ما فيه تاء التأنيث فتح الآخر فيقال في مسلمة يا مسلم ولا يجوز الضم للفرق بين المذكر والمؤنث (شرح ....).

(٦) بل كان اسم جنس سواء كان ثنائيا كتبة أو ثلاثيا كطلحة وسلمة وغيرها كضاعة إلا إذا وقف على المرخم منه يوقف مع الهاء فيقال في يا طلح يا طلحة إلا أن يكون مقام الألف لإطلاق نحو قفي قبل التفرق يا ضياعا.

(٧) أعني آخر المنادى فإنه أطرد فيه التخفيف لقصد سرعة الفراغ إلى المقصود بالنداء (خوافي).

٢٧٦

ولم يبالوا (١) ببقاء نحو : (ثبة) و (شاة) بعد الترخيم على حرفين ؛ لأن بقاءه كذلك ليس لأجل الترخيم بل مع التاء أيضا كان ناقصا عن ثلاثة (٢) اذ التاء كلمة أخرى برأسها (٣).

ولا يرخم لغير ضرورة منادى لم يستوف الشروط المذكورة إلّا ما شذّ (٤) من نحو : (يا صاح) في (يا صاحب) (٥) ومع شذوذه فالوجه في ترخيمه كثرة استعماله منادى.

ولما فرغ (٦) من بيان شرائط الترخيم شرع (٧) في بيان كمية المحذوف بسببه (٨) فقال : (فان كان في آخره) أي : في آخر المنادى (زيادتان) كائنتان (في حكم) الزيادة (الواحدة) (٩) في أنهما (١٠) زيدتا معا ، واحترز به عن نحو : (ثمانية)

__________________

(١) قوله : (ولم يبالوا) جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل : التاء في نحو ثبة وشاة إذا حذف تاؤه يلزم نقصه عن أبنية المعرب بلا علة فأجاب بقوله : (ولم يبالوا) إلخ. وإن جاز نقصانه لم يكن معربا أو ما في حكمه نحو ما ومن فقد غفل من قال لا بد من تقييد الاسم الذي هو في حكم المعرب (ع ص).

(٢) مع التاء كما كان ناقصا عنها بدون التاء فبالترخيم لم يلزم نقص الكلمة عن أقل أبنيتها بل النقص إنما لزم عن الواضع (توقادي).

(٣) إلا أنها امتزجت بما قبلها حتى صارت متعقب الإعراب (داود).

(٤) قوله : (إلا ما شذ من نحو يا صاح) إذ أصله يا صاحبي حذف الياء المتكلم اكتفاء بالكسرة ثم رخم بحذف فالياء (جلبي).

(٥) فإن صاحب نكرة تعرف بالنداء فلم يكن علما ولا اسما ملتبسا بتاء التأنيث فالشرط الوجود أي : عدمي وأن الشروط العدمية عدمية فالقياس أن لا يرخم لعدم الشرط إلا أنه رخم شاذا.

(٦) لما فرغ من بيان ماهية الترخيم وشرائطه شرع في بيان أنه في أي : موضع يحذف له حرفإن وفي أي : موضع يحذف له اسم برأسه وفي أي موضع يحذف له حرف واحد (عوض).

(٧) قوله : (شرع في بيان كمية المحذوف) ويمكن أن يقال شرع في أقسام الترخيم أو شرع في بيان خصوصيات الترخيم بعد الفراغ من بيان شرائط مطلق الترخيم (عصمت).

(٨) كيف يكون الحذف سببا لنفسه فتأمل إلا أن يعتبر الإطلاق والتقييد (أبره).

(٩) رفعة واحدة لمعنى واحد فالحكم فيهما وليسا في الحكم وهو طرف اعتباري أو العبارة محمولة على القلب (هندي).

(١٠) قوله : (في أنهما زيدتا معا) وإن كان كل واحد بمعنى يغاير معنى الآخر كزيادتي مسلمان ويسلمان علمين وهاتان الزيادتان سبعة أصناف : زيادة التثنية كما هي ، وزيادة جمع ـ

٢٧٧

و (مرجانة) أسماء فإن الياء والنون فيهما زيدتا أولا ، ثم زيدت تاء التأنيث ، فلم يحذف منهما إلّا الآخر (ك ـ (أسماء) إذا جعلتها (فعلاء) من الوسامه (١) ، أي : الحسن ، كما هو مذهب سيبويه ، لا (أفعالا) جمع (اسم) على ما هو مذهب غيره ؛ لأنه يكون حينئذ من باب (عمّار) (٢) (و (مروان) (٣) ، (أو) كان في آخره (حرف صحيح) أي : صحيح أصليّ لتبادره إلى الذهن ؛ لأن الغالب في الحرف الصحيح الأصالة فيخرج منه نحو : (سعلاة) (٤) ؛ لأنه لا يحذف منه إلّا التاء ، وهو أعمّ من أن يكون حقيقة أو حكما ، فيشمل مثل : (مرميّ) و (مدعوّ) فإن الحرف الأخير منهما في حكم الصحيح في الاصالة.

(قبله مدة) (٥) أي : ألف ، أو واو ، أو ياء ساكنة ، حركة ما قبلها من جنسها(٦).

__________________

ـ المذكر السالم نحو مسلمون ويسلمون علمين ، وزيادة تاء جمع المؤنث السالم نحو مسلمات ، وزيدتا نحو مروان وعمران وعثمان وخسران ، وياء النسبية وشبههما نحو كوفي وكوسي ، والفاء التأنيث ، وهمزة الإلحاق مع الألف التي قبلها.

(١) قلبت الواو همزة ثم حذفت التاء والألف فصار اسم ثم زيدت في آخره ألف وهمزة فصار اسما (شرح).

(٢) أي : من باب يكون في آخره صحيح وقبله مدها كعمار ، لكن إضافة الباب إليه لشهرته فهو ح أيضا من قبيل ما يحذف منه حرفان عند الترخيم لكن من الضابطة الثانية دون الأولى (محمودي).

(٣) وأصل مروان مرو والمرو حجارة البيض بوافة تقدح النار الواحدة مروة ثم زيدت الألف والنون فصار علما لملك من ملوك العرب (صحاح).

ـ قيل يا اسم ويا مرو فإن الألف والهمزة في آخر أسماء زيادتان في حكم الواحدة وكذا الألف والنون في مروان (هندي).

(٤) السعلاة والسعلاء بكسرهما الغول أو ساحر الجن ، الغول والعنقاء والجود تذكر ، ولا توجد والغول بالضم من السعالى ، والجمع : أغوال وغيلان وكلما اعتال الإنسان فأهلك فهو غول (قاموس صحاح).

(٥) علة زائدة حركة ما قبلها يوافقها وبين القسمين عموم وخصوص من وجه ؛ إذ ربما يصدق القسم الأول دون الثاني كبصرى وربما يصدق الثاني دون الأول كمنصور ربما يجتمعان كأسماء ومروان فلذا لم يكتف بأحدهما (هندي).

ـ مرفوع الظرف أو مبتدأ مؤخر والظرف خبر مقدم والجملة الظرفية والاسمية مرفوعة صفة بعد صفة لحرف.

(٦) يعني : أن يكون الألف ساكنة وحركة ما قبلها فتحة كعمار ، والياء ساكنة حركة ما قبلها كسرة كمسكين ، والواو ساكنة حركة ما قبلها ضمة كمنصور.

٢٧٨

والمراد بها المدة الزائدة ، لتبادرها إلى الذهن ، لخفتها وكثرتها (١) ، فيخرج منه نحو : (مختار) فإنه لا يحذف منه إلّا الحرف الأخير. (وهو) أي : والحال أنّ ما في آخره حرف صحيح قبله مدة (اكثر من أربعة) من الحروف كمنصور ، وعمّار ، ومسكين ، لئلا يلزم من حذف حرفين منه عدم بقائه على أقل أبنية المعرب ، وانما لم يأخذ هذا القيد في (٢) قوله (زيادتان في حكم الواحدة) لأن نحو : (ثبون) (٣) و (قلون) يرخم بحذف زيادتيه ؛ لأن بقاء (٤) الكلمة فيه على حرفين ليس للترخيم (٥).

(حذفتا) أي : الحرفان (٦) الأخيران في كلا (٧) القسمين أمّا في الأول (٨) : فلما

__________________

(١) والمراد ما هو مدة مطلقا وألف مختار لم يكن مدة في أصله ، وإنما صار مدة بالإعلال (ع ص).

(٢) يمكن أن يقال هذا القيد معتبر فيهما ؛ لأن ثبون في الأصل أكثر من أكثر من أربعة أحرف (الداشكندي).

(٣) قوله : (لأن ثبون وقلون يرخم بحذف زيادته) وهو الواو والنون ؛ لأنهما زيدتا معا فكانتا في حكم الزيادة الواحدة وقوله : (ثبون جمع ثبة بضم الثاء المثلثة بالفارسية كروه اذكوه سفند وقلون جمع قلة بفتح القاف وكسرها وهي الحشية الصغيرة التي يضربها الصبيان بخشبة طويلة يقال لها بالتركي جالك أيوني (مصطفى جلبي).

ـ لم يحذف زيادتا بنون جمع ابن ؛ لأنهما غيرتا بناء الواحد فكأنه ليس جمع المذكر السالم كثمود (غفور).

(٤) جواب سؤال مقدر كأنه قيل : لا يجوز الترخيم فيهما ؛ لأنه يلزم بقاء الكلمة على حرفين وأجيب بأن بقاء الكلمة فيه (محمد أفندي).

(٥) حتى يلزم بقاء المعرب على أقل الأبنية بلا علة موجبة بل قبل الترخيم أيضا كان كذلك لما قلنا في نحو ثبة وشاة (توقادي).

(٦) قوله : (أي : الحرفان) أي : الزيادتان في القسم والحرف الصحيح والمدة في القسم الثاني وزاد قوله : (الأخيران) ؛ لأن الترخيم لا يكون إلا في الآخر ، فكأنه قال أن في آخره زيادتان ليرخم بحذف الحرفين الأخيرين ، فقيل للأخيران داخل في الجواب أيضا ولهذا قال المصنف وأن كان مركبا حذف الاسم الأخير وليس بإعادة الشرط حتى يلزم أن يكون التقييد بالشرط في الجزاء لغوا كما قيل : نحو أن جاء زيد أكرمته أي : زيد الجائي (وجيه الدين).

(٧) قوله : (في كلا القسمين) ليس من تتمة الجزاء حتى يلزم التكرار والاستدراك بل لتحرير المدعى ليربط به قوله : (أما في الأول وأما في الثاني) (عصمت).

(٨) قوله : (أما في الأول) إلخ. لما كانت علة الحذف في القسم الأول مغايرة لعلة الحذف في الثاني كما نرى فصل هذا التفصيل ولم يقل لحذف حرفان فيما قبل آخره مدة (غفور).

٢٧٩

كانتا في حكم الواحدة ، فكما زيدتا معا ، حذفتا معا ، وأمّا في الثاني : فلأنه لما حذفت الأخير مع صحته وأصالته ، حذفت المدة الزائدة ، لئلا يرد المثل (١) السائر (صلت على الأسد وبلت عن النّقد).

(وان كان مركبا) (٢) ويعلم (٣) من بيان شرط الترخيم أنه لا يكون مضافا ولا جملة مثل : (بعلبك وخمسة عشر) علمين (٤) (حذف الاسم الأخير) فيقال في (بعلبك) (٥) (يا بعل) وفي (خمسة عشر) (يا خمسة) لنزوله منزلة تاء التأنيث في كون كل منهما (٦) كلمة على حدة صارت بمنزلة الجزء.

(وأن كان غير ذلك) المذكور من الأقسام الثلاثة (فحرف واحد) (٧) أي : فيحذف

__________________

(١) وهذا المثل يضرب على حذف الحرف الصحيح مع أصالته ، ولا حذف الحرف المد الزائد ؛ لأن حذفه مع الأصالة وثبوتها مع الفرعية يشبه توجه الرجل على الأسد وخوفه وفراره من الغنم الضعيف ، ولأن الحرف الصحيح الأصلي إذا حذف بالترخيم بالحرف الضعيف الزائد يكون أولى بالحذف بالترخيم (لمحرره).

(٢) أي : مركبا من الاسمين بقرنية قوله : (حذف الاسم الأخير) فيخرج المركب من تاء التأنيث مثل طلحة وسعلاة من هذه القاعدة ، ودخل في قوله : (وإلا فحرف واحد) فإن قلت : يجوز أن لا يكون المنادى المرخم مركبا من اسمين ولم يكن الجزء الأخير أيضا حرفا واحدا ففي أي : ضابطة تدخل هذه الصورة ، قلت : هذا نادر إلا في المركب من لام التعريف والاسم مثل الرجل أو المركب من الفعل والاسم وهما لا يقعان منادى مرخما أما الأول فظاهر وأما الثاني فلأنه جملة فلا يرخم منها (عصمت).

(٣) هذا دفع توهم نشأ من المتن وهو أنه ذكر قبيل هذا في بيان شرط الترخيم أن لا يكون جملة ولا مضافا ثم ذكر هنا في كمية المحذوف وإن كان مركبا والجملة مركب ثم قدر لدفع التوهم (لمحرره).

(٤) لا حاجة إلى التقييد بالعلمية بالنسبة إلى بعلبك فإنه لا يكون إلا علما بخلاف خمسة عشر ، فالأولى أن يقول علما ليكون قيدا في خمسة عشر فقط (داود).

(٥) فإن بعلبك وخمسة عشر ليسا كالمضاف والجملة ؛ لأن بعلبك وخمسة عشر كلمتين ليس فيهما إسنادتان كما في الجملة فإن فيه إسناد ولا كمضاف ؛ لأنهما يكونان كلمة واحدة بعد التركيب والمضاف مع المضاف إليه هما مركب وليس كلمة واحدة.

(٦) لأن كل واحد منهما زيادتان ألحقت بآخر الاسم وجعلت من تمامه حيث أجري الإعراب على تلك الزيادة وكذلك فتح ما قبل كل واحد منهما (سيدي).

(٧) قال فحرف واحد فالمحذوف حرف واحد إلى هنا بالجملة الاسمية بقرنية الفاء لكون هذا ـ

٢٨٠