شرح ملّا جامي - ج ٢

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ٢

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٤٧٢
الجزء ١ الجزء ٢

١

٢

٣
٤

(البدل) (١)

(تابع مقصود بما نسب (٢) إلى المتبوع (٣) أي : يقصد (٤) النسبة إليه بنسبة ما نسب إلى المتبوع (دونه) (٥) أي دون المتبوع ، أى : لا تكون النسبة إلى المتبوع مقصودة ابتداء بنسبة ما نسب إليه ، بل تكون النسبة إليه توطئة وتمهيدا للنسبة إلى التابع سواء كان ما نسب إليه مسندا إليه أو غيره ، مثل : (جاءني زيدا أخوك) و (ضربت (٦) زيدا أخاك) و (مررت بزيد أخيك).

واحترز بقوله : (مقصود) بما نسب إلى المتبوع عن النعت والتأكيد وعطف البيان ؛

__________________

(١) لأن معنى كونه متبوعا أن يكون سابقا عليها فلو قدم واحد منهما عليه لزم إبطال ذلك خلاف القليل منهم ابن كيسان ومن تبعه فإنهم جوزوا الابتداء بكل منهما. (عوض أفندي).

ـ هو في اللغة قد يقال على المثل والنظير وقد يطلق على ما ينوب مناب الشيء وفي الاصطلاح ما ذكره المصنف. (عافية).

ـ عقب التأكيد لمناسبة كونه ضدا له في المقصود بأن المقصود هاهنا الثاني وثمة الأول.

(٢) يخرج النعت والتأكيد وعطف البيان ؛ لأنها ليست بمقصودة به وبقي العطف داخلا.

(٣) والمراد أن هذه النسبة مصروفة إلى التابع وإذا كان بحسب الظاهر إلى المتبوع. (حواشي هندي).

(٤) ولقائل أن يقول هذا الحد ينتقض بقولنا : ما قام أحد إلا زيد ؛ لأن المتبوع هنا ليس بمقصود بالنسبة ؛ لأن صدر الكلام لا يكون مقصودا في متى من مواقع الاستثناء وما يقال في الجواب من أن المراد من النسبة أعم من أن يكون وجوديا أو عدميا والأول لم يكن مقصودا بالنسبة الإيجابية لكن مقصود بالنسبة السلبية والأولى في الجواب أن يقال : إن ما نسبة إلى المتبوع لفعل وحده وحرف النفي لا مدخل له في أن يكون منسوبا أو جزأ منه هو سالب تلك النسبة الإيجابية فحينئذ صح أن يقال في الثاني مقصود بما نسب إلى الأولى وأصوبه أن زيد في المثال المذكور وإن كان بدلا في الظاهر عن أحد نفي إلا إنه إبدال في الحقيقة عن أحد موجب. (عافية).

(٥) يخرج المعطوف ؛ لأنه وإن كان مقصودا بالنسبة لكنه هو مقصودا بالنسبة دون المتبوع بخلاف البدل فإنه المقصود هو دون متبوعه. (عافية).

(٦) فإن الضرب فيه منسوب إلى المتبوع الذي هو زيد أن يكون الضرب مسند إلى زيد بل من حيث وقوعه وثعلقه عليه فالمنسوب أعم من أن يكون مسند أو غيره كما قرره الشارح. (لمحرره)

٥

لأنها لست مقصودة بما نسب إليه بل المتبوع مقصود به.

وبقوله : (دونه) احترز عن العطف بحرف ، فإن المتبوع فيه مقصود بما نسب إليه مع التابع.

ولا يصدق (١) الحد على المعطوف ب : (بل) لأن متبوعه مقصود ابتداء ، ثم بدا له(٢) ، فأعرض عنه وقصد المعطوف ، وكلاهما مقصودان بهذا المعنى (٣).

فإن قيل : هذا الحد لا يتناول البدل الذي بعد (إلّا) (٤) مثل : (ما قام أحد إلا زيد) فإن زيدا بدل من أحد ، وليس (٥) نسبة ما نسب إليه من عدم القيام مقصودة بالنسبة إلى (زيد) بل النسبة المقصودة بنسبة ما نسب إلى (أحد) نسبة القيام إلى (زيد) (٦).

قلنا : ما نسب إلى المتبوع هاهنا القيام ، فإنه نسب إليه نفيا ونسبة القيام بعينه إلى التابع مقصودة ، ولكن إثباتا (٧) ، فيصدق على زيد أنه تابع مقصود نسبته بنسبة ما نسب

__________________

(١) كأنه قيل : يصدق تعريف البدل على المعطوف بل حيث قال البدل تابع مقصود بما نسب إلى المتبوع دونه والمعطوف كذلك لأنك لو قلت : جاءني القوم بل زيد يكون الجائي زيد إلا القوم فأجاب بما نرى. (لمحرره).

(٢) يقال : بدا له أي : ظهر غير الأول إشارة إلى أن فاعل بدا ضمير راجع إلى الرأى المعلوم بدلا له المقام. (خبيصي).

(٣) يعني الأول مقصود بالنسبة من غير أن يكون توطئه وتمهيد للثاني والثالث مقصود فيها أيضا ولكن بالسكوت عن الأول والإعراض عنه لفظا ومعنى وكلاهما مقصود بالنسبة بخلاف البدل. (توقادي).

(٤) أي : البدل وقع بدلا في كلام غير موجب والمستثنى منه مذكور كما سبق في بحث المستثنى.

(٥) قول (وليس) الظاهر أن يقول على طبق ما ذكر في شرح التعريف ؛ إذ ليس المقصود نسبة عدم القيام إلى زيد نسبة إلى أحد ففي الكلام قلب وليس بذاك والقلب في أمثال هذا المقام بعيد عن القلب والمعنى ليس نسبة ما نسب إليه أي : إلى أحد من عدم القيام مقصودة بالنسبة. (ع ص).

(٦) الذي هو البدل وهاهنا ليس كذلك لما قلنا إن النسبة في الأول السلب وهو عدم القيام.

ـ وفي الثاني إثبات وهو القيام فلم يوجد شرط البدل وهو اتحاد النسبة فلم يكن التعريف جامعا.

(٧) قوله : (ولكن إثباتا) إن قلت : قد وقع في كلام جماعة من العلماء ن الاستثناء كلام بالباقي وأن الحكم في المستثنى بالإشارة لا بالعبارة فكيف يصح القول بأن النسبة إلى التابع مقصودة ـ

٦

إلى المتبوع ، فإن النسبة المأخوذة في الحد أعم من أن يكون بطريق الإثبات أو النفي.

ويمكن أن يقصد بنسبته إلى شيء نفيا ، نسبته إلى شيء آخر إثباتا ، ويكون الأول توطئة للثاني (١).

(وهو) أى : البدل أربعة أنواع (٢) :

(بدل الكل) (٣) أى : بدل هو كل المبدل منه.

(وبدل البعض) (٤) أي : بدل هو بعض المبدل منه ، فالإضافة فيهما مثليهما في (خاتم فضة).

(و) بدل (الاشتمال) أي : بدل مسبب غالبا (٥) عن اشتمال أحد المبدلين على

__________________

ـ قلنا : إذا أردت تطبيق هذا التعريف على مذهبهم فلا بد من تخصيص ما ذكروه بالاستثناء المحض ومن أن يقال: إن قولك : ما قام أحد إلا زيد ، لما كان في قوة قولك : ما قام أحد غير زيد كان البدل في الحقيقة غير زيد وهو مقصود بسلب القيام وحينئذ ولا حاجة إلى تعميم النسبة. (لاري).

(١) قوله : (توطئة الثاني) وذلك بأن يكون المقصود من نفي النسبة إلى المستثنى من إثبات تلك النسبة للمستثنى ، لا أن يكون نفي النسبة مقصود في نفسها. (وجيه الدين).

(٢) بالاستقراء ؛ لأن التابع في هذا الباب لا يخلو من أن يكون الأول في المعنى عينه أو بعضه أو معنى فيه أو خارجا عنه ، فالأول الكل ، والثاني البعض ، والثالث الاشتمال ، والرابع الغلط. (خبيصي).

(٣) وبدل الكل من الكل يوافق المتبوع في الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث لا في التعريف والتنكير أما الإبدال الآخر فلا يلزم موافقتها للمبدل منه في الإفراد والتذكير وفروعها أيضا.

(٤) قوله : (بدل الكل والبعض) معترضة من حيث أن كلا وبعضا لا يجوز إدخال اللام عليهما عند الجمهور ؛ لأنهما معرفتان في نية الإضافة وبذلك نزل القرآن ، والجواب أن عدم دخول اللام عليهما مختلف فيه ولعل الحق عند المصنف قول البعض كما قال العادل في تفسيره اختلفوا في أنه هل يجوز دخول اللام على بعض وكل والصحيح جوازه وكذا في القاموس.

(٥) وإنما قال غالبا لدفع الإشكال الوارد بمثل أعجبني زيد غلامه فإن كل واحد من المدلولين فيه ليس مشتملا على الآخر مع أنه بدل الاشتمال وقيل : لأن معنى الكلام مشتمل على نسبة الإعجاب إلى الحسن وقيل : لأن المبدل منه مشتمل على البدل إجمالا بحيث إذا ذكر المبدل منه ينظر السامع إلى ذكر البدل. (رضي وغجدواني).

٧

الآخر ، أما اشتمال البدل على المبدل منه ، نحو : (سلب زيد ثوبه) أو بالعكس ، نحو : (يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ).

(وبدل الغلط) (١) أي : بدل مسبب عن الغلط.

فالإضافة (٢) في الأخيرين من قبيل إضافة المسبّب إلى السّبب لأدنى ملابسة (٣) (فالأول) أي : بدل الكل (مدلوله مدلول (٤) الأول) يعني (٥) : متحدان ذاتا ، لا أن يتحد مفهوماهما (٦) ليكونا مترادفين ، نحو : (جاءني زيد أخوك).

ف : (زيد) للتأكيد و (أخوك) (٧) وإن اختلفا (٨) مفهوما ، فهما متحدان ذاتا.

قال الشارح الرضي : وأنا إلى الآن لم يظهر لي فرق جلي (٩) بين بدل الكل من الكل وبين عطف البيان ، بل لا أرى عطف البيان إلا بدل الكلّ (١٠).

__________________

(١) الإضافة في بدل الغلط لأدنى التلبس أن الغلط هو المبدل منه وقد يقال : إنما سمى بدل الغلط ؛ لأنه سببه الغلط ولأن الاستدراك للغلط. (حلبي).

(٢) فبيان العطف أن الإضافة في الأولين بيانية وفي الأخيرين لامية لأدنى ملابسة بيان ما هو أصل في معنى الإضافة ولا معناه المراد في المقام فلا يشكل أن كيف يعطف اللامية على البيانية. (إسفراييني).

(٣) ليت شعري ما معنى أدنى ملابسة هنا مع أن القوم سمّوا السببية والمسببية ملابسة تامة وعدوها أصل الملابسة. (لمحرره).

(٤) ولم يقل مدلولة ؛ لأن أريد بالأول الثاني غير الأول وفي مثل هذا المقام يؤتى بالظاهر إظهار للمغايرة.

(٥) لم كان المدلول حقيقة في المفهوم وشائعا فيما صدق عليه فشرح بقوله : (يعني ... إلخ). (قدمي).

(٦) ولا يخرج نحو جاءني زيدا أخوك عن التعريف ؛ لأن أخوك ليس عين مدلول زيد باعتبار المفهوم مع أنه داخل في المحدود. (لمحرره رضا).

(٧) الأخوة من النسب لا من الصداقة ؛ لأنها إن كانت من الصداقة كانت وصفا لا بدلا. (شرح اللمع).

(٨) يشير إلى أنهما قد يتحدان ووجه تجويز عدم اختلاف مفهومي زيد وأخوك أنهما ذكرا على وجه التمثيل. (عصام).

(٩) أي : بحيث تبين المغايرة الكلية بينهما. (أيوبي).

(١٠) واستدل الرضي على ظن الدعوى بأن سيبويه لم يذكر عطف البيان بل قال : أما بدل المعرفة من النكرة مثل مررت برجل عبد الله ثم قال سيبويه : ومن البدل أيضا قولك : مررت بقوم عبد الله وزيد وقال : عبد الله. (أيوبي).

٨

وما قالوا : من أن الفرق بينهما أن البدل هو المقصود بالنسبة دون متبوعه بخلاف عطف البيان فإنه بيان والبيان فرع المبين ، فيكون المقصود هو الأول.

فالجواب (١) : أنا لا نسلم أن المقصود في بدل الكل هو الثاني فقط ، ولا في سائر الأبدال ، إلا الغلط (٢).

وقال بعض المحققين في جوابه : الظاهر أنهم لم يردوا أنه ليس مقصودا بالنسبة أصلا بل أرادوا أنه ليس مقصودا أصليا.

والحاصل أن مثل : قولك : (جاءني زيد أخوك) أن قصدت فيه الإسناد إلى الأول، وجئت بالثاني تتمة له وتوضيحا ، فالثاني عطف بيان ، وإن قصدت فيه الإسناد إلى الثاني(٣)، وجئت بالأول توطئة له مبالغة في الإسناد فالثاني (٤) بدل ، وحينئذ يكون التوضيح الحاصل به مقصودا تبعا ، والمقصود أصالة هو الإسناد إليه بعد التوطئة ، فالفرق ظاهر.

(والثاني) أي بدل البعض (٥) (جزؤه) أي : جزء المبدل منه نحو : (ضربت زيدا رأسه).

(والثالث) أي : بدل الاشتمال (بينه وبين الأول) أي : المبدل منه (ملابسة)(٦)

__________________

(١) الجملة في محل الرفع على أنها خبر المبتدأ ، فإن قيل : لم دخل الفاء في قوله : فالجواب؟ قلت : إن كان المبتدأ موصولا وصلته فعلا يجوز دخول الفاء في خبره ، وهنا كذلك؟ (لمحرره).

(٢) وحاصل ما قالوا في بيان الفرق ادعاء انحصار القصد في الثاني وحاصل الجواب منع ذلك الإنحصار في غير بدل الغلط ومنه وقع الاشتباه الذي ذكره الرضي فإنه ينحصر المقصود في الثاني فإنهما يشتركان. (حاشية).

(٣) قوله : (إن قصدت إلى الثاني) وجعلته مناط الحكم فكأنك قلت : جاءني زيد مع قطع النظر عن أن يكون أخاك ، وإذا قلت : أكرمت زيدا أخاك فكأنك قصدت بذلك المن على المخاطب وأردت أن الإكرام وقع عليه من حيث أن أخوك وهذه الفائدة منتفية في عطف البيان. (غفور).

(٤) فيفيد ما يفيده التأكيد من تقويه الحكم وما يفيده عطف البيان من الإيضاح وبتميزه عنهما بتعدد الاسناد إلى التابع والمتبوع. (قدمي رحمه‌الله).

(٥) ولا بد في بدل البعض الاشتمال إذا كانا ظاهرين من ضمير راجع إلى المبدل منه حتى يعرف تعلقهما بالأول وأنهما ليسا ببدل الغلط بل يجوز ترك الضمير إذا اشتهر تعلق الثاني بالأول. (شيخ الرضي).

(٦) فاعل الظروف لاعتماده على المبتدأ أو مبتدأ مؤخر والظرف خبر مقدم واسم يكون المقدر تقديره أن يكون بين الأول والثاني ملابسة. (تكملة).

٩

بحيث توجب النسبة إلى المتبوع النسبة إلى الملابس إجمالا ، نحو : (أعجبني زيد علمه) حيث يعلم ابتداء أنه يكون (زيد) معجبا باعتبار صفاته لا باعتبار ذاته ، وتتضمن نسبة الإعجاب (١) إلى (زيد) نسبة إلى صفة من صفاته إجمالا ، وكذا في (سلب زيد ثوبه) بخلاف (ضربت زيدا حماره) و (ضربت زيدا غلامه) لأن نسبة الضرب إلى زيد تامة ولا يلزم في صحتها اعتبار غير (زيد) فيكون من باب بدل الغلط.

(بغيرهما) (٢) أي : تكون تلك الملابسة (٣) بغير كون البدل كل المبدل منه أو جزءه ، فيدخل (٤) فيه ما إذا كان المبدل منه جزءا من البدل ، ويكون إبداله منه بناء على هذه الملابسة (٥) ، نحو : (نظرت (٦) إلى القمر (٧)

__________________

(١) وإنما قيد بذلك ؛ لأن زيدا إذا كان معجبا لذاته لا يتضمن نسبة الإعجاب إليه نسبته إلى صفة من صفاته إجمالا وهذا القيد أيضا مراد في مثال القمر ومثال درجة الأسد قد يكون المقصود والنظر إلى الفلك وإلى برج الأسد وحينئذ يكون نسبة النظر إلى القمر نسبة إلى الفلك إحمالا فلا يرد ما قيل : وجه لكونه بعض صفات المتبوع ولأنه يشترط في بدل الاشتمال أن لا يستفاد من المبدل منه بل يبقى النفس مع ذكر الأول متوقعة على البيان. (رضي).

(٢) قوله : (بغيرهما) قيل : لم يقل بالمبتدأ منه أو بالمتبوع ؛ لأنه حين ذكر لم يذكر بحيثية كونه مبدلا منه أو متبوعا بل بحيثية كونه غلطا. (غف).

(٣) الصواب بغير كون المدلول مدلول الأول ، وإلا لم يصح قوله : (فيدخل) لم لا يصح مع أنه لم يدخل فيه ما خرج بذلك القيد فلعله اشتبه البدل الذي للمبدل منه جزء منه ببدل البعض الذي هو جزء المبدل منه فتأمل حق التأمل. (قدمي رحمه‌الله).

(٤) أي : لم يلزم ثبوت قسم خامس كما قال السكاكي في المفتاح وللبدل قسم خاص وهو بدل الكل من البعض لم يذكره النحاة فقول الشارح : (فيدخل) فيه رد عليه. (سمع من الأستاذ).

(٥) التي توجب النسبة إلى المتبوع النسبة إلى التابع نحو : نظرت إلى القمر فلكه إذا لم يكن في الفلك قمر وعلم المخاطب ذلك يكون الإسناد إلى القمر ملابسا للإسناد إلى فلكه إجمالا.

(وافية).

(٦) قوله : (نحو نظرت إلى القمر فلكه) قيل : فيه أن النسبة إلى المبدل منه لا يوجب النسبة إلى البدل فكيف يكون مثالا لبدل الاشتمال وكذا المثال الأخير ، قلت : إذا لم يكن في الفلك قمر علم المخاطب ذلك يكون الإسناد إلى القمر موجب للإسناد إلى فلكه إجمالا.

(٧) (تَبارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّماءِ بُرُوجاً) اثني عشر الحمل والثور والجوزاء والسرطان والأسد والسنبلة والميزان والعقرب والقوس والجدي والدلو والحوت ، وهي منازل الكواكب السيارة السبعة المريخ والحمل والعقرب والزهرة ولهما الثور والميزان ، وعطارد وله الجوزاء ، والسبلة والقمر وله السرطان ، والشمس ولها الأسد ، والمشتري وله القوس ، والزحل وله الجدي والدلو. (جلال).

١٠

فلكه) والمناقشة بأن القمر ليس (١) جزءا من فلكه ، بل هو مركوز (٢) فيه ، مناقشة في المثال.

ويمكن (٣) أن يورق لمثاله مثل : (رأيت درجة (٤) الأسد (٥) برجه) فإنه لا مجال لهذه المناقشة فيه.

فإن البرج عبارة عن مجموع الدرجات.

وإنما لم يجعل هذا البدل قسما خامسا (٦) ولم يسم ببدل الكل عن البعض ، لقلته وندرته ، بل (٧) قيل ، لعدم وقوعه في كلام العرب ، فإن هذه الأمثلة مصنوعة.

(الرابع) أي : بدل الغلط (أن تقصد) أي : يكون بأن تقصد (٨) أنت (إليه) أي : إلى

__________________

(١) قوله : (بأن القمر ليس) وذلك أن القمر كثيف ولهذا يقبل النور بخلاف الفلك فإنه لطيف مشبه الأجزاء فلا يكون الكثيف جزأ من اللطيف. (وجيه الدين).

(٢) اعلم أن أهل الرياض قسموا الفلك الثامن مثلا إلى اثني عشر قسما ويسمى كل قسم منها برجا وقسموا كل برج إلى ثلاثين قسما وسموا كل قسم منه درجة وقسموا كل درجة إلى ستين قسما وسموا كل قسم دقيقة وكل دقيقة إلى ستين نوعا واطلب تفصيله في شرح. (جغموني).

(٣) فإن عدم تطبيق المثال لا يلزم منه عدم جواز الممثل لجواز وقوع مثال آخر مطابق وإليه أشار بقوله : (فيمكن). (أيوبي).

(٤) وإضافة البرج إلى الأسد من قبيل إضافة العام إلى الخاص وإضافة الدرجة إلى الضمير الراجع إلى الأسد من قبيل إضافة الشيء إلى بيانه. (فاضل الأمير).

(٥) والمراد من الأسد نجوم مجتمعة على صورة الأسد في برج واحد من بروج اثني عشر برجا فيكون لذلك الأسد برج مثل الذراعين والرجلين والرأس والجبهة وغيرها من الأعضاء وكان العرب إذا رأى سحابا بين ذراعي الأسد وجبهة الأسد يحكمون بالمطر ويستبشرون به كما قال الفرزدق :

يا من رأى عارضا أسرّ به

بين زراعي وجبهة الأسد

(٦) وكما قال السكاكي في المفتاح وللبدل قسم خامس وهو بدل الكل من البعض لم يذكره النحاة.

(٧) وإنما قال : (بل قيل. (غجدواني وآخرون). ولم يقل : وقيل للإشارة إلى الترقي في النقل يعتمد على بعضهم لم يعتبر الأمثلة وأنكر هذا النوع. بأسره (أيوبي).

(٨) هذا التفسير إشارة إلى تصحيح الحمل ؛ لأن لفظ الرابع عبارة عن الغلط هو صفة الاسم وقوله : (أن تقصد) عبارة عن القصد الذي هو صفة المخاطب فلم يوجد الاتحاد بينهما فأول بحذف الحكم. (لمحرره).

١١

البدل من غير اعتبار ملابسة بينهما (١) (بعد أن غلطت (٢) بغيره) أي : بغير البدل وهو منه.

(ويكونان) أي : البدل والمبدل منه (معرفتين) نحو : (ضرب زيد أخوك) (ونكرتين) نحو : (جاءني رجل غلام لك) (ومختلفين (٣) نحو : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) [العلق : ١٥ ـ ١٦] ، و (جاء رجل غلام زيد).

(وإذا كان البدل نكرة) مبدلة (من معرفة فالنعت) (٤) أي : نعت البدل النكرة ، لئلا يكون المقصود أنقص من غير المقصود من كل وجه فأتوا فيه (٥) بصفة لتكون كالجابر (٦) لما فيه من نقص النكارة ، مثل : (بِالنَّاصِيَةِ ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ) ، (ويكونان ظاهرين) نحو : (جاءني زيد أخوك).

(ومضمرين) (٧) نحو : (الزيدون لقيتهم إياهم).

__________________

(١) بخلاف غيره من الأبدال فإنك تقصد إليها باعتبار الملابسة بينهما وبيان للواقع وألا تقول بعد أن غلطت غيره أخرج جمع. ذلك (وجيه).

(٢) قيل : الغلطة على ثلاث أنوع : غلط صريح محقق كما إذا أردت أن تقول : جاء حمار فسبق لسانك إلى رجل ثم تداركت فقلت : حمار ، وغلط نسيان وهي أن تنسى المقصود فتعمل ذكر ما هو غلط ثم تداركته بذكر المقصود فهذا القسمان لا يقعان في تصحيح الكلام كما أشار إليه الشارح.

فإذا وقع في كلام الله كما في حقه الإضراب عن الأول الملفوظ فيه بكلمة بل وغلط بداء ، وهو أن تذكر المبدل منه عن قصد ثم توهم أنه غلط ، وهذا إنما يقع كثيرا في كلام الشعراء للمبالغة ، وشرطه أن ترتقي من الأدنى إلى الأعلى ، كقولك : نجم بدر ، وكذلك قولك : بدر شمس.

(٣) وإنما جاز ذلك لأن البدل لكونه مقصودا في الكلام ومستقلا بنفسه كان كأنه ليس من التوابع إلا من جهة اللفظ ، فلم يشترط أن يطابق تعريفا وتنكيرا كما اشترط في الصفة ، بل جاز لك أن تبدل. (عافية).

(٤) ليس ذلك على إطلاقه ، بل هو في بدل الكل ، ثم نقل عن أبي علي أنه قال : يجوز ترك النعت إذا استفيد من البدل ما ليس في البدل كقوله تعالى : (بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً)[طه : ١٢] ، أي : مقدس مرتين. (غفور).

(٥) أي : في النكرة الذي يكون بدلا من المعرفة.

(٦) قوله : (كالجابر ... إلخ) إذ به يقرب من المعرفة في تقليل الاشتراك. (وجيه).

(٧) قال : ومضمرين نحو الزيدون لقينهم إياهم قال الرضي : إنما يصح بدلا إذا تقدم لفظ الزيدون وأخوتك والنحاة يوردون في هذا المقام نحو زيد ضربته إياه وهو تأكيد لفظي لرجوعهما إلى شيء واحد وقد اتفقوا في مثل : (اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ)[البقرة : ٣٥] إذا ستتأكد فكذا ـ

١٢

(ومختلفين) نحو : (أخوك ضربته زيدا) و (أخوك ضربت زيدا إيّاه).

(ولا يبدل (١) ظاهر من مضمر بدل (٢) الكل) إلا من الغائب ، مثل : (ضربته زيدا) لأن المضمر المتكلم والمخاطب أقوى وأخص دلالة من الظاهر ، فلو أبدل الظاهر منهما بدل الكل يلزم أن يكون المقصود أنقص (٣) من غير المقصود ، مع كون مدلوليهما واحد بخلاف بدل البعض والاشتمال والغلط.

فإن المانع فيها مفقود إذ ليس مدلول الثاني فيها مدلول الأول ، فيقال : (اشتريتك نصفك) و (اشتريتني نصفي) و (أعجبني علمك) و (أعجبتك علمي) و (ضربتك الحمار) و (ضربتني الحمار).

(عطف البيان) (٤)

(تابع) شامل لجميع التوابع (غير صفة) احترز به عن الصفة (يوضح متبوعه) احترز به عن البدل (٥) والعطف بالحروف والتأكيد.

ولا يلزم من ذلك (٦) أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه بل ينبغي أن يحصل

__________________

ـ هنا حاصل كلام الرضي أن البدل يفيد ما لا يفيده الأول وما ذكره من المثال لا يفيده الأول قلنا : إن البدل يفيد هنا أن ينبغي أن ينسب إليه الفعل ليس إلا زيد. (لاري).

(١) إن ضمير المتكلم والمخاطب لا يبدل منه بدل الكل إلا إذا أفاد البدل فائدة من الإحاطة والشمول. (شرح ألفية).

(٢) فلا يفيد زيادة على ما يفيده المبدل منه وفيه أن المفهومين متغايران غاية ما في الباب أنهما متحدان بحسب الذات.

(٣) هذا وجه مطرد في الكل فعمل باطراده ولم يخص الكل ببدل كما فعل المصنف وقال في بدل البعض والاشتمال : لا بد فيهما من ضمير راجع إلى المبدل منه. (عصام).

(٤) عطف البيان هو التابع الجامد المشبه للصفة في إيضاح متبوعه وعدم استقلاله فخرج بقولنا : الجامد الصفة ؛ لأنها مشتقة أو مؤولة. (شرح ألفية).

(٥) تخرج الصفة ؛ لأنها تدل على معنى في المتبوع بخلاف عطف البيان فإنه دال على نفس المتبوع. (عوض).

(٦) قوله : (لا يلزم من ذلك) دفع لما يرد من ظاهر العبارة من الإيضاح مخصوص دون المتبوع إذ قوله : (يوضح متبوعه) صريح بهذا فأجاب الشارح بأنه لا يلزم من ذلك. (جامي).

١٣

من اجتماعهما إيضاح لم يحصل من أحدهما على الإنفراد ، فيصح أن يكون الأول أوضح من الثاني مثل :

أقسم بالله أبو حفص (١) عمر

فأبو حفص كنية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، وعمر عطف (٢) بيان له وقصته : أنه أتى أعرابي إلى عمر بن الخطاب رضي‌الله‌عنه ، فقال : إنّ أهلي بعيد وإنّي على ناقة دبراء ، عجفاء ، نقباء (٣) واستحمله فظنه كاذبا ، فلم يحمله ، فانطلق الأعرابي ، فحل بعيره ، ثم استقبل البطحاء ، وجعل يقول وهو يمشي خلف بعيره :

أقسم بالله أبو حفص عمر

ما مسّها (٤) من نقب ولا دبر

اغفر له اللهم إن كان فجر

وعمر مقبل من أعلى الوادي ، فجعل إذا قال :

اغفر له اللهم إن كان فجر

قال : اللهم صدق حتى التقيا ، فأخذ بيده ، فقال : ضع عن راحلتك فوضع فإذا هي نقبة عجفاء ، فحمله على بعير وزوده وكساه.

(وفضله) أي : فرقة (من البدل لفظا) أي : من حيث الأحكام اللفظية واقع في مثل (٥) :

__________________

(١) أبو حفص بالحاء المهملة والصاد المهملة وهو ولد الأسد كنية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كناه النبي عليه‌السلام ويأتي بمعنى الجمع ويقال : حفصت الشيء أي : جمعته من باب نصر. (قاموس).

(٢) مثلا إذا سمى ثلاثون رجلا بعمر وكنى واحد منهم مع عشرين من غيرهم بأبي حفص ولا شك أن أبا حفص أوضح من عمر حال الانفراد ، وإذا قيل : جاءني أبو حفص عمر كان عمر موضحا له قطعا. (سيد على زاده).

ـ ألا ترى أن عمر رضى الله عنه أوضح المتبوع أعني الكنية وكيف كشف إلا الإبهام عنها.

(٣) هي صفة لها وهي مؤنث أنقب مشتقة من النقب وهي علة الجرب يكون في الدواب. (قاموس).

(٤) ما إن بها من نقب وإن زائدة وفي رواية : ما مسها من جرب. (حواشي هندي).

(٥) أي : في كل ما كان عطف البيان من المعرفة باللام أضيف إليه الصفة المعرفة باللام نحو الصفات بالرجل زيد والتارك البكري بشرو في كل ما يختلف حكم عطف بيان وبدلا بهذا ـ

١٤

أنا ابن (١) التارك البكريّ بشر

فإن قولك : (بشر) إن جعل عطف بيان ل : (البكري) جاز ، وإن جعل بدلا منه لم يجز ؛ لأن البدل في حكم تكرير (٢) العامل (٣) ، فيكون التقدير : أنا ابن التارك بشر ، وهو غير جائز كما ذكر فيما سبق في (الضارب (٤) زيد) وآخره :

عليه الطير ترقبه وقوعا

و (عليه (٥) الطير) ثاني مفعولي (التارك) إن جعلناه بمعنى (المصير) (٦) وإلا فهو حال ، وقوله (ترقبه) حال من (الطير) إن كان فاعلا ل : (عليه) وإن كان مبتدأ فهو حال من الضمير المستكن في (عليه).

و (وقوعا) : جمع (٧) واقع ، حال من فاعل (ترقبه) أي : واقع حوله ، ترقبه لإزهاق

__________________

ـ التقرير يتأول صورة النداء. (أيضا فاضل هندي).

(١) قوله : (أنا ابن التارك البكري بشر) البكري نسبة إلى أبي بكر بن وائل يفتخر بأنه قاتل هذا الرجل ؛ لأن المنقول من شجعان العرب ولنا افتخر الشاعر وجعله مجتمعا عليه الطير إذ ضربة بالسيف والبقاء في المعركة واقعة حوله مترقبة إزهاق روحه ليقع الكل عليه ؛ لأن الحيوان ما دام فيه رمق لا يقربه الطير خصوصا في الإنسان. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (تكرير العامل) من حيث أن المقصود بالنسبة فإن البدل لما كان هو المقصود بما نسب إلى المبدل منه وكانت النسبة الملحوظة مرة ثانية عنده ذكر البدل تحقيقا بمعنى المقصودية وتكرير النسبة وتأكيده وإنما يكون في عمق تكرير العامل من حيث أن النسبة مدلول تضمني للعامل. (شيخ زاده).

(٣) فيكون المعنى : التارك بشر ، فلا يصح لكونه من باب الضارب زيد ، وقد مرّ أنه ممتنع خلافا للفرّاء. (معرب).

(٤) قال المصنف : وامتنع الضارب زيد لعدم التخفيف ؛ لأن تنوين المصادر إنما سقط بالألف واللام لا للإضافة وعند الفراء للإضافة. (لمحرره رضا).

(٥) اعلم أن التارك من باب نصر وترك بمعنى ودع فيكون فعلا تاما متعديا وبمعنى صبر فيكون فعلا ناقصا ، أراد الشارح أن ينبه عليهما وعلى إعرابه. (خلاصة أيوبي).

(٦) يكون البكري مفعوله الأول ويكون عليه مقدما والطير مبتدأ مؤخر والجملة مفعوله الثاني للتارك والمعنى : أنا ابن الرجل الذي هو جاهل البكري عليه الطير. (تكملة).

(٧) قال النحاة : لو قال : زوجتك ابنتي فاطمة واسمها عائشة فإذا أراد عطف البيان لصح النكاح ؛ لأن اللفظ لم يقع في معتمد الكلام وإن البدل لم يصح ؛ لأن الغلط وقع معتمد الحديث ، هذه ـ

١٥

روحه ؛ لأن الإنسان مادام به رمق ، فإن الطير لا يقربه.

وأما الفرق (١) المعنوي بينهما فقد تبين فيما سبق.

والمراد (٢) بمثل :

أنا ابن التارك البكريّ (٣) بشر

كل ما عطف بيان للمعرف (٤) باللام الذي أضيف إليه الصفة المعرفة باللام نحو : (الضارب الرجل زيد) (٥) ويمكن أن يراد به ما هو أعم من هذا الباب (٦) ، أي : كل ما خالف حكمه إذا كان عطف بيان حكمه إذا كان بدلا ، فيتناول صورة النداء أيضا (٧) ، فإنك تقول : (يا غلام زيد وزيدا) بالتنوين ، مرفوعا حملا على اللفظ ، منصوبا حملا على المحل إذا جعلته بيان ، و (يا غلام زيد) بالضم إذا جعلته بدلا.

والمعنى الأول (٨) أظهر ، والثاني أفيد.

__________________

ـ الفائدة أوردها الحديثي. (حلبي).

(١) وأما الفرق المعنوي فلأن البدل هو الذي يعتمد الحديث وذكر المبدل منه للتوطئة بخلاف عطف البيان فإن المتبوع هو الأول وذكر عطف البيان إنما هو لتوضيح المتبوع ولهذا كان زيد في قولك : مررت بأخيك زيد بدلا إن كان للمخاطب أخ واحد فقط وعطف البيان إن كان له إخوة. (متوسط).

(٢) أراد الشارح بهذا أن يبين وجه الشبه بين عطف البيان في تركيب : أنا ابن البكري ، وبين عطف البيان الذي يكون مثلهما فقال : (والمراد). (شرح).

(٣) وقصته أن رجلا جرح بشر بن عمرو ، من شجعان العرب ولم يعرف جارحه.

(٤) (عِجْلاً جَسَداً لَهُ خُوارٌ)[الأعراف : ١٤٨] الآية ، وجسدا بدل من عجلا ، وجعله بدلا منه أولى من جعله عطف بيان ؛ لأن عطف البيان في النكرة قليل أو ممتنع عند الجمهور. (شيخ زاده).

(٥) حيث جعل زيد عطف بيان من الرجل المعرّف باللام ، فلا يجوز أن يكون بدلا منه. (عبد الله).

(٦) أي : من باب الضارب الرجل زيد ، يعني : من هذه الهيئة. (أيوبي).

(٧) أي : كما يتناول عطف بيان للمعرف باللام الذي أضيف إليه الصفة المعرف باللام. (محمد أفندي).

(٨) وأما كون الأول أظهر فلأن المتباد من قوله : (أنا ابن التارك البكري بشر) حيث عرّف المضاف إليه باللام المضاف ثم جعل بشر عطف بيان مثل الضارب الرجل زيد وأما الثاني قيد فلشموله صورة النداء أيضا. (وجيه الدين).

١٦

(المبني) (١)

أي : الاسم (٢) المبني وهذا الحد لا يصح إلا لمن يعرف ماهية (٣) المبني على الإطلاق ولا يعرف الاسم المبني ، إذ لو لم يعرفها لكان تعريفا للمبني بالمبني (٤) ؛ لأنه ذكر في حدّ المبني لفظ المبني.

(ما ناسب) (٥) أي : اسم ما ناسب (مبني الأصل) (٦) وهو الحرف والفعل الماضي والأمر بغير اللام.

__________________

(١) ولما كان الاسم منقسما على قسمين معرف ومبني وقد ذكر المعرب بتفاصيله أولا ذكرنا في وجه تقديم المعرب بعد تكميله أن يبين المبني فقال : المبنى إضافة. (عافية).

سمي به مبينا تشبيها بالبناء المرصوص في اللزوم والدوام على هيئة كما في بناء الدار والقصر. (رضا).

(٢) قوله : (أي : اسم المبني) لا مطلق المبني بقرينة تقسيم الاسم في أول الكتاب إلى المعرب والمبني فيكون اللام للعهد (حلبي).

ـ والمراد بماهية المبنى الحرف والماضي والأمر بغير اللام وهذا التحقيق قول الرضي المرضي عند الشارح ، وحاصله أن المراد المعرف بالاسم المبني بالمعرف بكسر الراء ماهيته المعروفة عند المخاطب فلا يلزم تعريف الشيء بنفسه هذا وقال المحشي : وفيه نظر ؛ لأن لزوم تعريف الشيء بنفسه لو سلم إنما يلزم لو كان تعريف للمبنى المطلق.

(٣) وأما إذا كان تعريف الاسم المبني فليس إلا تعريف الخاص بالعام ولا محذور فيه نعم لو كان تعريف المبني المطلق يلزم أن لا يكون جامعا لخروج مبني الأصل. (مصطفى حلبي).

(٤) الذي هو المجهول بنفسه بخلاف ما إذا عرف ماهية المبني على الإطلاق وهو ما حركه وسكون لا بعامل. (وجيه الدين).

(٥) وإنما لم يقل ما شابه ليتناول جمع أقسام المبني لعموم المناسبة فنبه على أن البناء يكون المناسبة ما كان. (عوض).

ـ قال ما ناسب معتبرة في هذا القيد احتراز عن المناسبات التي لم يعتبر الضعف أو معارض كمناسبة غير المنصرف الفعل الماضي في الفرعيتين ومناسبة أي بالحرف على لزوم الإضافة المانعة للبناء. (هندي).

(٦) قوله : (مبني الأصل) اعلم أنه تعريف المجهول ؛ لأنه من المتعسر بل من المتعذر علينا اعتبار وجود العارض والضعيف كالأمر فحاصل وضعه ، فإن قلت : جميع الأزمنه مبنية في أصل وضعها ، قلت : مبني الأصل إنما كان مبنيا في أصل نوعه كالماضي مثلا فإنه لا فرد منه معرب وأما المبني اللازم فليس فحاصل وضع نوعه لوجود الأسماء المعربة كذا قالوا فيه أن الأسماء الإشارة نوعها مبني فالأصوب أن يقال : المراد بمبتى الأصل ما لا يكون له إعراب لا لفظا ـ

١٧

والمراد (١) بالمشابهة المنفية في تعريف المعرب هو هذه المناسبة (٢).

ولقد فصل صاحب المفصل هذه المناسبة ، بأنها إمّا بتضمن (٣) الاسم معنى مبني الأصل مثل : (أين) فإنه يتضمن معنى همزة الاستفهام ، أو بشبهه له كالمبهمات ، فإنها تشبه الحروف في الاحتياج إلى (٤) الصلة أو الصفة (٥) أو غيرهما ، أو وقوعه موقعه ، ك : (نزال) فإنه واقع موقع (إنزال).

أو مشاكلته للواقع موقعه ك : (فجار) أو وقوعه موقع ما أشبهه كالمنادى المضموم فإنه واقع موقع كاف الخطاب المشابه للحرف في نحو : (أدعوك) أو إضافته (٦) إليه كقوله تعالى : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) [المعارج : ١١] فيمن قرأ بالفتح (٧).

(أو وقع غير (٨)

__________________

ـ ولا تقديرا ولا محلا (حاشية هندي).

(١) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن المصنف قال في تعريف المعرب لم يشبه والمناسب أن يقول في تعريف المبنى : ما شابه في موضع ما ناسب.

(٢) وإلا يكون الواسطة بين المعرب والمبني نحو يومئذ معرب باعتبار أن لم يشبه مبني الأصل ومبني باعتبار أنه نسب مبني الأصل. (لمحرره قدمي).

(٣) معنى التضمن أن يؤدي ما يؤديه الحرف من المعنى ويصاغ عليه صياغة ليظهر ذلك الحرف بعينه. (محصول).

(٤) لأن أين مركب من الظرف والاستفهام بينهما مناسبة بالكلية وللجزئية.

(٥) كأسماء الإشارة فإنه لا بد من وصف اللام أما نحو هذا زيد فالتقدير هذا الرجل زيد.

(٦) أي : ما أشبه نحو إذ فإن مشابهته للحرف في الاحتياج. (ق).

(٧) وكل اسم أضيف إلى مبني يجوز أن يجعل معربا ؛ لأن لا مشابهة له للمبني لا بوجه قريب ولا بعيد ، ويجوز أن يجعل مبنيا ؛ لأن المضاف كما يكتب من المضاف إليه التعريف والتنكير وغيرهما مما ذكر في القسم المضاف فكذلك يكتب المضاف من المضاف إليه البناء ونحو : (مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ) قرأ بجرّ يومئذ وفتحه القرأء السبعة ، فمن جره لم يجعل مبنيا ، ومن فتحه جعله مبنيا ؛ لأنه مضاف إلى إذ ، وهو مبني. (مكمل).

(٨) أوقع غير مركب مع غير المركب مع الغير إجراء الجملة والمركب لغيره هو نفس الجملة ، مثلا يقال : لكل واحد من زيد وقائم في زيد قائم أنه مركب مع غيره بخلاف المركب بغيره ، فإنه لا يطلق إلا المجموع زيد قائم. (مصطفى جلبي).

ـ نبه على أن الاسم قد يكون مبنيا لفقدان بسبب الإعراب ، وقد عرفت ومن هذا علم أن البناء كما يكون لأمر وجودي يكون كذلك لأمر عدمي كالمعرب ، والقسم الثاني لا يكون بناؤه إلا على السكون فرقا بينه وبين الأول ، والسكون أولى لقوة بناءه ، وكون السكون أصلا فيه بخلاف ـ

١٨

مركب) (١) مع غير على وجه يتحقق معه عامله.

فعلى هذا المضاف من المركبات الإضافية المعدودة (٢) (كغلام زيد ، وغلام عمرو ، وغلا بكر) مبني والمضاف إليه معرب.

ولما (٣) كان المبني مقابلا للمعرب ، واعتبر في المعرب أمران : التركيب ، وعدم المشابهة لمبني الأصل كان المبني ما انتفى فيه مجموع هذين الأمرين إما بانتفائهما معا أو بانتفاء أحدهما (٤) فقط.

فكلمة (أو) هاهنا لمنع الخلو ، وإنما اختلف ترتيب ذكر المشابهة والتركيب في تعريفي المعرب والمبني تقديما وتأخير إيثار لتقديم ما مفهومه (٥) وجودي لشرفه.

(وألقابه) (٦) أي : ألقاب من حيث حركات (٧)

__________________

ـ الأول فإن بناءه بسبب عروض مانع من الإعراب. (عافية).

(١) ولما كان المراد بالمركب المثبت في تعريف المعرب المركب مع عامله يتحقق مع عامله كان المراد بالمركب المنفي هاهنا عدم ذلك المركب ، فأراد الشارح تفسيره فقال : (مع غيره). (عبد الله).

(٢) أي : المركبات المعدودة من المبينات ، أي : كل اسم حاصل من كلمتين. (جامي).

(٣) أراد الشارح أن يبين وجه تنويع المبني والمعرب ، فكأنه قال : المبني على نوعين : أحدهما : ما ناب مبنى الأصل ، والثاني : ما وقع غير مركب. (عبد الله).

(٤) فعلم من هذا أن المبني ثلاثة أقسام صدق الصورتين كهؤلاء ، أو صدق الأول وكذب الثاني نحو : ضرب هؤلاء ، أو صدق الثاني وكذب الأول كما في التركيب الإضافية نحو : غلام زيد ، وغلام بكر. (لمحرره رضا).

(٥) فالتركيب في تعريف المعرب مفهوم وجودي ، وعدم المشابهة مفهوم عدمي ، فقدم التركيب على عدم المشابهة، وفي تعريف المبني عدمي المشابهة وجود فقدمها على التركيب. (وجيه الدين).

(٦) وإضافة الألقاب إلى الضمير الراجع إلى المبني لأدنى ملابسة ، وتقديره ألقاب البناء في المبني. (متوسط). وهذا كالوصف بحال متعلق الموصوف. (وجيه).

ـ أي : ألقاب البناء لدلالة المبني عليه ، فكأنه مذكور معنى. (عوض).

ـ وإنما قال في البناء : ألقابه ، وفي الإعراب : أنواعه ؛ لأن أنواع الإعراب مختلفة بالحقيقة لدلالة كل واحد منها على معنى وهو الفاعلية والمفعولية والإضافة ، بخلاف ألقاب البناء فإنه ليس المراد منها إلا الألفاظ. (متوسط).

(٧) لا من حيث أنفسها ، فإنه لا يقال للمبني الضم ولا الفتح ، بل المضموم والمفتوح. (عصام).

ـ أحبوا أن يوجد المخالفة بينهما في التسمية ليقف السامع عند سماعه على المراد ، فسموا حركات الأول بالرفع والنصب والكسر ، وسكونه بالجزم ، وحركات الثاني بالفتح ـ

١٩

أواخر وسكونها (١) عند البصريين (٢).

(ضم وفتح وكسر) للحركات الثلاث (ووقف) للسكون وإما الكوفيون فيذكرون ألقاب المبني في المعرب وبالعكس (٣).

والمراد : أن الحركات والسكنات البنائية لا يعبر عنها البصريون إلا بهذه الألقاب لا أن هذه (٤) الألقاب لا يعبر بها إلا عنها ؛ لأنهم كثيرا ما يطلقونها على الحركات الإعرابية أيضا (٥) ، كما مر في صدر الكتاب ، حيث قال : بالضمة رفعا والفتحة نصبا والكسرة جرا ، وعلى غيرها كما يقال : الراء في (رجل) مثلا مفتوحة الجيم مضمومة.

(وحكمه) (٦) أي : حكم المبني وأثره المترتب على بنائه (ألا يختلف (٧) آخره) أي: آخر المبني لكن لا مطلقا بل (لاختلاف العوامل) إذ قد يختلف آخره لا لاختلاف

__________________

ـ والضم والكسر ، وسكونه بالوقف ، هذا رأي البصريين. (عوض أفندي).

(١) من حيث علامة ، يعني ألقاب حركات أواخره وسكونها ، أو ألقاب علامة البناء التي هي حركات وسكون الضم والفتح والكسر ، وإنما خص بالحركات ؛ لأن المبني قد يكون مع الألف والياء ، نحو : يا زيد ، ويا رجلين ، ولا يطلق عليهما الضم والفتح حقيقة ، وقد وقع ذلك الإطلاق في كلام المتقدمين مجازا ، قال الرضي : وعندي أن إطلاق الرفع والنصب والجر على الحركات الإعرابية حقيقة ، وعلى الحروف الإعرابية مجازا ، تسمية للثاني باسم المنوب. (فاضل محشي).

(٢) من قبيل تقسيم الشيء إلى أجزائه. (كسكنجبين).

(٣) ردّ لما قيل من أن كلامه يدل على اختصاص الضم والفتح والكسر بالمبني ، ولعله فهم ذلك الاختصاص من قوله : (ألقابه) لأن لقب الشيء مختص به ، فعلى ما ذكره الشارح أن تلك الأمور ألقاب الحركات المبني لا بخصوصها. (لاري).

(٤) ـ والمراد أن الحركات والسكنات البنائية لا يعبر عنها البصريون إلا بهذه الألقاب ، لا أن هذه الألقاب لا يعبر بها إلا عنهما ؛ لأنهم كثيرا يطلقونها ... إلخ. (نسخة).

(٥) يعني أن هذه الحركات والسكنات منحصرة ومختصة بهذه الألقاب ، وهذه الألقاب ليست بمنحصرة بالحركات والسكنات البنائية كما حققه الشارح رحمه‌الله. (رضا).

(٦) لكن بالقصد إلى التجوز ؛ لأنه وضع العام موضع الخاص بدون العكس. (عافية).

(٧) وحقه أن يؤخر عن تقسيم المبني إلا أنه قدمه ؛ لأن غيره جعله تعريفا للمبني ، فنبه على أن حكمة الذي لا يعرف إلا بعد معرفته ، فعقب تعريفه بقوله : (وحكمه) تنبيها على وجه العدول. (عصام).

(٨) وإنما لم يجعل المذكور حدا كما جعله بعضهم كذلك لاستلزامه الدور ؛ لأن انتفاء اختلاف الآخر فرع على عقليته ، فلو جعل ذلك فرعا له لرد الدور كما في الإعراب. (عافية شرح الكافية).

٢٠