شرح ملّا جامي - ج ١

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
الجزء ١ الجزء ٢

وإمّا بحسب اللفظ فقط ، نحو : (هذا حلو حامض) ، فإنها في الحقيقة خبر واحد، أي : (مر) (١) وفي هذه الصوّرة ترك العطف أولى.

ونظر بعض النحاة إلى صورة التعدد وجوز العطف (٢).

ولا يبعد أن يقال : إنّ مراد المصنف بتعدد الخبر ما يكون بغير عاطف ؛ لأن التعدد بالعاطف لا خفاء فيه (٣) لا في الخبر ولا في المبتدأ ، ولا في غيرهما (٤) ، وأيضا المتعدد بالعطف ليس بخبر ، بل هو من توابعه ، ولهذا أورد في المثال الخبر المتعدد بغير عاطف ، ولو جعل التعدد أعم فالاقتصار (٥) عليه لذلك (٦).

(وقد يتضمن المبتدأ معنى الشرط) وهو سببية الأول (٧) للثاني أو للحكم به ، فلا

__________________

(١) أي : جامع بين الحلاوة والحموضة ؛ لأن المقصود إثبات الكيفية المتوسطة بينهما لا إثبات أنفسهما ، ولو كان كذلك تكفي أن يقال : هذا حلو وهذا حامض. (ح).

(٢) لا يخفي أن في هذه العبارة تسامح ؛ لأن جوازه يفهم من الأولوية. (جلبي).

(٣) لأن فيه تعدد ، لا حاجة إلى قوله : (وقد يتعدد الخبر) فإن تعدد الخبر بالعاطف يوجد في الخبر والمبتدأ وغيرهما بلا خفاء ، وأما التعدد بلا عاطف لا يوجد في هذا الكلام إلا في الخبر. (حواشي هندي).

(٤) كالفاعل والمفعول جاءني زيد وعمرو ، وضرب زيد عمرا وبكرا. (لمحرره).

(٥) كأنه قيل : لو جعل المتعدد أعم يجب على المصنف أن يؤتي لكل منهما مثالا ، ولم يقتصر على التعدد بلا عطف ، فأجاب بقوله : (بأن الاقتصار إنما هو لذلك). (لمحرره).

(٦) أي : لكون التعدد بالعاطف لاخفاء فيه ، ولأن التعدد بالعاطف ليس بخبر بل هو من توابعه. (سعد الله).

(٧) قال المحقق التفتازاني : الشرط تعليق حصول مضمون الجزاء لحصول مضمون الشرط المستقبل ، وهذا هو حقيقة معنى الشرط ، فعلى هذا يكون ما ذكره الشارح بيانا لمعناه اللازمي. (مصطفى جلبي).

ـ ولا يلزم مع الفاء أن يكون الأول سببا للثاني ، بل اللازم أن يكون ما بعد الفاء لازما لمضمون ما قبلها ، كما في جميع الشرط والجزاء ، ففي قوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ)[الجنعة : ٨] ، الأية الملاقات لازمة للفرار ، وليس الفرار سبب للملاقاة ، وكذا قوله تعالى : (ما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] ، كون النعمة منه تعالى لازم لحصولها معنا ، فلا يغرنك قول بعضهم : إن الشرط سبب للجزاء. (رضي).

٢٠١

يرد (١) عليه نحو : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)(٢) فيشبه المبتدأ الشرط في سببيته للخبر سببية الشرط للجزاء.

(فيصح دخول الفاء في الخبر) ويصح عدم دخوله (٣) فيه نظرا إلى مجرد تضمن المبتدأ معنى الشرط.

وأمّا إذا قصد الدلالة على ذلك المعنى في اللفظ (٤) فيجب دخول الفاء فيه ، وأمّا إذا لم يقصد فلم يجب دخوله فيه ، بل يجب عدمه ، (وذلك) المبتدأ المتضمن معنى الشرط(٥).

إمّا (الاسم الموصول بفعل (٦) أو ظرف) أي : الذي جعلت صلته بجملة فعلية (٧) أو ظرفية (٨) مؤولة بجملة فعلية هاهنا بالاتفاق (٩).

وإنما اشترط أن تكون صلته فعلا أو ظرفا مؤولا بالفعل (١٠) ، ليتأكد مشابهته الشرط؛ لأن الشرط لا يكون إلا فعلا.

__________________

(١) يعني : لا يرد أن صحة الفاء لم يتوقف على تضمن معنى كما في هذا المثال ، فإن فيه أيضا معنى بالتفسير المذكور. (عصمت).

(٢) يعني : أن حصول النعمة في أيديهم سبب للحكم به ، والإخبار بأنها من الله تعالى. (حواشي هندي).

(٣) أي : يصح دخوله نظرا إلى تضمن المبتدأ بمعنى الشرط ، ويصح عدمه نظرا إلى التجرد من غير قصد الدلالة وعدمه. (تأمل).

(٤) يعني : إذا قصد دلالة المبتدأ على معنى السببية في لفظه. (م).

(٥) أي : الذي يكون سببا للجزاء للحكم ، فيصح دخول الفاء فيه شيئان. (م).

(٦) أو ما في قوله : (كاسمي الفاعل والمفعول) الواقعتين صلة للام الموصول. (لارى).

(٧) لفظا أو معنى كما إذا كان المبتدأ لام الموصول ، وصلة اسم الفاعل أو المفعول في قوله تعالى : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ)[النور : ٢] ، فإن معناه التي زنت والذي زنى. (عصمت).

(٨) ولو قال : أو ظرفا مؤولا ؛ لكان أولى وأليق ؛ لأن المؤول في الحقيقة هو الظرف. (محمد م).

(٩) من الكوفيين ؛ لأن عندهم الظرف كان مؤولا بالاسم إذا لم يكن صلة للموصول ، وأما إذا كان صلة له فمؤول عندهم بالفعل كما عند البصريين. (م).

(١٠) أي : في موضع الصلة للموصول الذي وقع مبتدأ متضمنا لمعنى الشرط ، فيصح دخول الفاء في خبره ، أو صحة الدخول فيه كون الصلة فعلا مؤولا به ليتأكد مشابهته الشرط. (توقادي).

٢٠٢

وفي حكم الاسم الموصول المذكور الاسم (١) الموصوف به (أو النكرة الموصوفة بهما) أي : بأحدهما (٢).

وفي حكمها الاسم المضاف إليها (٣) (مثل : الذي يأتيني) (٤) هذا مثال للاسم الموصول بفعل (أو) (٥) الذي (في الدار) هذا مثال للاسم الموصول بظرف (فله درهم)(٦) وأمّا مثال الاسم الموصوف بالاسم الموصول المذكور فقوله تعالى : (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ (٧) مُلاقِيكُمْ) (٨) (و) مثل : (كل رجل يأتيني) هذا مثال للاسم الموصوف بفعل (أو) كل رجل (٩) (في الدار) هذا مثال للاسم الموصوف بظرف (فله درهم).

__________________

(١) أي : بالاسم الموصول المذكور ؛ لأن الموصوف والصفة كشيء واحد ، وكذا المضاف والمضاف إليه نحو : غلام رجل يأتني فله درهم. (وجيه الدين).

(٢) فيكون المضاف محذوفا ، فلو أفرد الضمير بإرجاعه إلى أحدهما لا يحتاج إلى تقدير المضاف. (عصمت).

(٣) وقد يدخل الفاء على خبر كل المضاف إلى النكرة مثل كل نعمة فمن الله تعالى. (ح ص).

(٤) الأغلب في صلة الموصول صيغة الاستقبال ، وقد جاء الماضي بمعنى الاستقبال أيضا وهو غير نادر.(لارى).

(٥) يجوز أن يكون كلمة أو في المتن للترديد ، فيكون مثالا واحدا في حكم الاسم الموصول المذكور الموصوف به ، نحو : السائل الذي يأتيني ، أو في الدار فله درهم. (عصمت).

(٦) والفاء الداخل في خبر هذا المبتدأ فاء السببية. (داود).

(٧) فاعل ظرف المستقر ، أو مبتدأ مؤخر ، والظرف المستقر مرفوع المحل خبر مقدم ، والجملة الظرفية أو الاسمية مرفوعة المحل خبر المبتدأ. (زيني زاده).

ـ فإن إتيانه أو كونه في الدار سببا لاستحقاق الدرهم وملزوم ، كما أن الشرط للجزاء وملزوم. (سعد الله).

ـ فإن قلت : الفاء زائدة هاهنا إذ لا سببية للحكم بالملاقات ، فلم يكن مما نحن فيه؟ قلت : يجوز أن يكون الفرار سببا للحكم بالملاقات. (عصمت).

(٨) فإن الملاقات لازمة للفرار ، وكذا قوله تعالى : (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ)[النحل : ٥٣] كون النعمة منه تعالى لازم لحصولها معنى. (توقادي).

(٩) قوله : (كل رجل يأتني فله درهم) فالرجل كحرف الشرط ، ويأتني كفعل ، فله درهم كجزاء الشرط ، فالسبب يأتيني مثلا. (مدح).

ـ فإن قيل : ما الفرق بين كل رجل يأتيني له درهم ، وقوله : (كل رجل يأتيني فله درهم)؟ ـ

٢٠٣

وأما مثال الاسم المضاف إلى النكرة الموصوفة بأحدهما فقولك : كلّ غلام (١) رجل يأتيني ، أو في الدار فله درهم.

(وليت ولعلّ) من الحروف المشبهة بالفعل ، إذا دخلا على المبتدأ الذي يصح دخول الفاء على خبره ـ على ما مر (مانعان) (٢) عن دخوله (٣) عليه ؛ لأن صحة دخوله عليه إنما كان لمشابهة المبتدأ والخبر للشرط والجزاء ، و (ليت ولعل) يزيلان (٤) تلك المشابهة ؛ لأنهما يخرجان الكلام من الخبرية إلى الإنشائية والشرط والجزاء من قبيل (٥) الإخبار.

وذلك المنع إنما هو (بالاتفاق) (٦) من النحاة فلا يقال (٧) : ليت أو لعل الذي يأتيني ، أو في الدار فله درهم.

__________________

ـ قلنا : الأول إخبار للذي يأتيني درهما ، ولكن لا دلالة في الكلام أن ذلك الدرهم مستحق له بالإتيان أم لا ، بخلاف ما إذا قلت : فله درهم ففيه حجة قاطعة على أن الدرهم قد استحقه بسبب الإتيان ، كما لو قلت : إن يأتيني فله درهم. (مفصل).

ـ المشهور أن يكون الوصف لما أضيف إليه ؛ إذ هو المقصود ، ولفظ كل لإفادة العموم ، فعلى هذا كان الأولى أن يقول : رجل بدون لفظ كل. (سعد الله).

(١) هذا مبني على أن يأتيني صفة رجل أو لغلام ، لا لكل غلام رجل إذ حينها يكون مثال للقسم الأول ، مثل كل رجل يأتيني. (عصمت).

(٢) أي : بطلان صدارة الشرط بعد دخولهما ، ولتغير الجملة بهما من القطع بوجود الجزاء على تقدير وجوب الشرط إلى الشك. (هندي).

(٣) إذا كان اسمهما موصولا صلة فعل أو ظرف أو نكرة ، صفتهما فعل أو ظرف مثلا يقال : لعل الذي في الدار فله الدرهم. (متوسط).

(٤) لأنه لم يبق المشابهة بين اسم ليت ولعل ، وبين الشرط والجزاء لأن الشرط والجزاء يحتمل الصدق والكذب لكونهما جزء الكلام الذي فيه ليت ولعل لم يحتمل شيئا من الصدق والكذب ؛ لكونه إنشاء. (محمد أفندي).

(٥) هذا مبني على قوله : المصنف (وهو أن خبر المبتدأ يكون جملة خبرية لا إنشائية) فلا يرد ما قيل : إن الخبر قد يكون أمرا. (وجيه الدين).

(٦) ظرف مستقر مرفوع المحل ، خبر مبتدأ محذوف ، أي : هاهنا يعني المنع ملابس بالاتفاق ، وقيل : ظرف بقوله : (المانع). (معرب).

(٧) إذا منع ليت ولعل دخول الفاء فلا يقال ... الخ. (لباب).

٢٠٤

فان قيل (١) : (باب كان (٢) ، وباب علمت) أيضا مانعان بالاتفاق فما وجه تخصيص (ليت ولعل) قيل : تخصيصهما ببيان الاتفاق إنما هو من بين الحروف المشبهة بالفعل لا مطلقا (٣) ، ووجه (٤) ذلك التخصيص الاهتمام ببيان الاختلاف الواقع فيها.

(وألحق بعضهم) قيل : هو سيبويه (٥) (إنّ) المكسورة (بهما) أي : ب : (ليت ولعل) في المنع عن دخول الفاء في الخبر.

والأصح أنها لا تمنع عنه ؛ لأنها لا تخرج الكلام عن الخبرية إلى الانشائية يؤيده قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ)(٦) [آل عمران : ٩١].

فان قيل : قد الحق بعضهم (أن) المفتوحة و (لكن) بليت ولعل ، فما وجه تخصيص (أن) المكسورة بالالحاق. قيل : بعضهم الذي الحق (أن) ـ المكسورة بهما هو سيبويه ، فاعتد بقوله وذكره ولم يعتد من سواه فلم يذكره مع أن كلا القولين لا يساعدهما القرآن (٧) وكلام الفصحاء.

__________________

(١) منشأ هذا السؤال من كون المنع بالاتفاق مخصوصا بليت ولعل ، يعني : إذا كان المنع مخصوصا بهما فإن قيل.(م).

(٢) واعلم أن هذه الأفعال لا تدخل على الخبر والمبتدأ الذي فيه معنى الشرط ومعنى الاستفهام ، فلا يقال : كان من تضرب يضربك قائما ، ولا كان من أبوك قائما ؛ وذلك لاقتضاء الشرط والاستفهام صدر الكلام.(ابن جني).

(٣) يعني أنهما من بين الحروف المشبهة مانع بالاتفاق ، ولا بالنسبة إلى جميع النواسخ حتى يتجه ما ذكره ، بخلاف غيرهما عن الحروف المشبهة بالفعل ، فإنها مانعة على الخلاف ، فالمقصود بتخصيص الاتفاق بهما من بينهما الإشعار بالخلاف في غيرهما ، فالإتمام ببيان الخلاف فيهما. (وجيه الدين).

(٤) تقديره لم خصص الذكر من بين الحروف المشبهة بقوله : (بالاتفاق) دون باب كان وعلمت. (قدمي).

(٥) ووجه سيبويه أن إن للتحقيق ، والشرط على خلاف ذلك ؛ لأنه لا يأتي إلا في المشكوك والشك ، والتحقيق لا يجتمعان ، ووجه الأخفش أنه يؤكد معنى الكلام ، والذي لا يدخل فيه فلم يبطل معنى الشرط والجزاء بدخوله أي : إن. (غجدواني).

(٦) أي : فلن يخلص من عذاب يوم القيامة ، الفاء محمول على الزيادة عند سيبويه. (كبير).

(٧) ذهب هذا البعض إلى منع هذه الحروف من دخول الفاء في الخبر مع عدم مساعدة القرآن وكلام الفصحاء ، وكذلك في غاية القبح ، والنحاة استنبطوا قواعد النحو من كلام الفصحاء ، فكيف يخالفون في الحكم بكلام الفصحاء. (عصمت).

٢٠٥

فما يدل على عجم منع (إنّ) المكسورة عن دخول الفاء على الخبر ما سبق (١) وما يدل على عدم منع (أنّ) المفتوحة و (لكنّ) عن دخول (٢) الفاء قوله تعالى : (وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ)(٣) [الأنفال : ٤١] وقول الشاعر (٤) :

فو الله (٥) ما فارقتكم قاليّا لكم

ولكنّ ما يقضى فسوف يكون (٦)

(وقد يحذف المبتدأ ، لقيام قرينة) لفظية (٧) أو عقلية (جوازا) أي : حذفا جائزا (٨) لا واجبا.

وقد يجب حذفه إذا قطع النعت بالرفع (٩) ، نحو : (الحمد لله أهل الحمد) أي :

__________________

(١) وهو قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ)[آل عمران : ٩١]. الأية. (غجدواني).

(٢) الأولى أن يقول : الفاء عن دخولها لأن منع متعد إلى مفعولين الأول بنفسه وإلى الثاني بعن ، ولعله حذف المفعول ، فوضع المظهر مقام المضمر في المفعول الثاني. (داود أفندي).

(٣) ما في (أَنَّما غَنِمْتُمْ) موصولة العائد إليه محذوف من شيء بيانه تقدير جميع ما غنمتموه حتى الخيط والمخيط فإن لله خمسه ، أي : فإن فتحا خبر مبتدأ محذوف ، أي : فالحكم أو مبتدأ محذوف الخبر فواجب أن لله خمسه. (تفسير كواشي).

(٤) أول البيت

وأما الوداد في القلوب فراسخ

وإن كان ما بين الجسوم فراسخ

(٥) الإعراب الفاء للعطف ، والواو للقسم ، وجوابه ما فارقتكم ، قاليا حال من التاء في فارقتكم من قلى يقلي قليي إذا أنقضهن باب ضرب يضرب ، فيكون معناه يا غضا حال كوني منغضا ، ولكم متعلق به ، واللام زائدة كما في ضربته وضربت له ، وما موصولة ، ويقضي صلته اسم لكن ، وسوف يكون خبره بمعنى الوجود فيكون تامة. (سيدي).

(٦) والمعنى أن الشاعر اعتذر أخباره بأن مفارقتي عنكم ليس للبغض ، ولكن بحكمه وقضائه الشاهد إن الفاء دخلت على خبر لكن أيضا كما سبق. (نصروي).

(٧) خبر لمقدر كانت تقديره لفظية كانت أو عقلية دلالة على المبتدأ محذوف. (عوض).

(٨) قوله : (أي : حذفا جائزا لا واجبا) نبه بهذا على أن جوازا منصوب على المصدرية ، وأنه صفة لمصدر محذوف يدل عليه الفعل ، وفيه رد على صاحب المتوسط حيث جعل منصوبا على التميزية ، وقوله : (لا واجبا) للتأكيد ولبناء الآتي عليه وهو قوله : (وقد يجب حذفه إذا قطع .. إلخ). (جلبي).

(٩) احترز عما إذا قطع النعت بالنصب نحو : الحمد لله أهل الحمد بالنصب ، فإنه مفعول للفعل المحذوف وجوبا أعني أهل ، ثم يجوز الجر على أنه صفة الله. (سعد الله).

٢٠٦

هو (١) أهل الحمد.

وإنما وجب حذفه ، ليعلم أنه كان في الأصل صفة ، فقطع ، لقصد إنشاء المدح أو الذم (٢) أو غير ذلك فلو ظهر المبتدأ لم يتبين ذلك القصد وقد يجب حذفه أيضا عند من قال في (نعم الرجل زيد) : إنّ تقديره (٣) (هو زيد) (كقول المستهل) (٤)

أي : المبتدأ (٥) المحذوف جوازا مثل : المبتدأ المحذوف في قول المستهل المبصر للهلال الرافع صوته عند إبصاره (الهلال والله) أي : هذا الهلال (٦) والله بالقرينة الحالية وليس من باب حذف الخبر ، بتقدير : الهلال هذا ؛ لأن مقصود (٧) للمستهل تعيين شئ بالإشارة ، والحكم عليه بالهلاليّة ، ليتوجه إليه الناظرون ويروه كما يراه

وإنما أتي بالقسم (٨) جريا على عادة المستهلين غالبا ولئلا يتوهم نصب (الهلال) (٩) عند الوقف.

__________________

(١) والقرنية هنا كونه مرفوعا بغير الرافع فإنه لما كان إعرابه يخالف لإعراب ما قبله ولم يكن له عامل لفظي يحكم العقل أنه خبر مبتدأ محذوف ، ثم يقدر المبتدأ له وجوبا. (محمد أفندي).

(٢) نحو : نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، أي : هو الرجيم. (س).

(٣) كأنه قيل : لما قيل : نعم الرجل ، قيل : من الممدوح؟ فقيل : زيد ، أي : هو زيد. (كاملة).

(٤) المستهل في اللغة رافع صوت عند رؤية الهلال. (ص).

ـ أي : نظيره مثل طالب الهلال ، أو رفع صوت عند رؤية الهلال. (هندي).

(٥) أي : المبتدأ المحذوف .. الخ ، أشار بهذا التفسير إلى تصحيح الجمل ، وأنه من حذف الإيصال ، وقوله : المبصر للهلال الرافع صوته عند إبصاره بيان لمعنى المستهل. (مصطفى جلبي).

(٦) ويحتمل أن يكون تقدير الهلال هذا ، إلا أن الحمل على الأول أولى ؛ لكون حذف المبتدأ أكثر من حذف الخبر ، ومنه قوله تعالى : (فَصَبْرٌ جَمِيلٌ)[يوسف : ١٨] ، أي : فصبري صبر جميل ، وهو الذي لا شكوى فيه إلى الخلق ، وهو أيضا يحتمل أن يكون على تقدير صبر جميل أجمل ؛ لكون الحمل على الأول أولى. (عوض أفندي).

(٧) أي : المقصود من هذا الكلام إعلام المخاطب بوجود الهلال ، وكونه طالعا لا تعيينه بالإشارة بعد العلم بطلوعه ، ووجوده فوق الأفق. (حواشي هندي).

(٨) ذكر القسم لإزالة التردد ، ولأن المقام مقام التردد ، فإنه إذا لم يجيء بعد الهلال شيء يجوز أن يقف عليه ويحتمل النصب بتقدير رأيت. (

(٩) ورأيت أو أرى ؛ وذلك لأن الأصل في المفردات الوقف. (لارى).

٢٠٧

(و) (١) قد يحذف (الخبر جوازا) أي : حذفا جائزا ، لقيام (٢) قرينة من غير إقامة شيئ مقامه (٣) (مثل) الخبر المحذوف جوازا في قولك : (خرجت (٤) فإذا (٥) السّبع) فإنّ : تقديره على المذهب الصحيح (٦) كما نص عليه صاحب اللباب : خرجت فإذا السّبع (٧) واقف ، على أن يكون (إذا) ظرف زمان للخبر المحذوف غير سادة مسدة أي : ففي (٨) وقت خروجي السّبع واقف.

(و) قد يحذف الخبر لقيام قرينة (وجوبا) أي : حذفا واجبا (فيما التزم) أي : في التركيب الذي (٩) التزم (في موضعه) أي : في موضع الخبر (غيره) (١٠) أي : غير الخبر ، وذلك في أربعة أبواب على ما ذكره المصنف.

أولها : المبتدأ الذي بعد (لولا) (مثل : لولا (١١) ...

__________________

(١) عطف على المبتدأ ، وجوازا على جواز السابق ، من قبيل عطف الشيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد. (م ع).

(٢) والقرنية للخبر إذ المفاجأت ؛ لأنها تستعمل جملة ابتدائية. (غجدواني).

(٣) لأنه لو أقيم شيء مقامه بعد حذفه مقامه لكان حذفه واجبا لا جائزا. (م).

(٤) خرجت فعل فاعل ، فإذا الفاء السببية مبني على أن إذا ظرف زمان مبني على السكون منصوب المحل مفعول فيه لواقف المحذوف خبرا للسبع ، وهو مبتدأ ، والجملة لا محل لها من الإعراب. (هندي حواشي).

(٥) والفرق بين إذا المفاجأت وإذا الشرطية هو أن المفاجأة يدخل على الاسم ، وإذا الشرطية يدخل على الفعل. (محمد أفندي).

(٦) احتراز عن مذهب المبرد ، وأما على مذهب الغير الصحيحة فليس مما نحن فيه ؛ لأن منها إن إذا ظرف مكان خبر من السبع ، أي : في مكان خروجي السبع. (عصمت).

(٧) فإن إذا تدل على مطلق الوقوف ، وبانضمام الخروج يدل على الوقوف المقيد ، وهو الوقوف بالباب فحذف للاختصار. (رضي).

(٨) والتقدير فالسبع واقف وقت خروجي قدم ؛ لكون الخروج سببا للمفاجأة السبع الواقف ، فالسبب يجب أن يكون مقدما على المسبب.

(٩) أشار إلى كون ما موصولة ، والعائد محذوفة وهو ضمير ، أو مصدرية حينية أي : وقت التزام العرب غير الخبر موضعه. (هندي).

(١٠) فعلم منه أن وجوب حذف الخبر إنما هو بشرطين : أحدهما : وجود القرنية ، وثانيهما : التزام غير الخبر موضعه ؛ لتوفيه حق اللفظ والمعنى. (عوض أفندي).

(١١) ولو لا في هذا المقام ليس بحرف جر ؛ لأن لو لا الجارة مشروطة باتصال الضمير ، وإن لم يتصل لم يكن جارا كما في هذا المقام. (لمحرره).

٢٠٨

زيد (١) لكان كذا) أي : لولا زيد موجود ؛ لأن (لولا) (٢) لامتناع الشئ لوجود غيره ، فيدل على الوجود.

وقد التزم في موضع الخبر جواب (لولا) فيجب حذفه ، لقيام قرينة والتزام قائم مقامه، هذا (٣) إذا كان الخبر عامّا وأمّا إذا كان الخبر خاصّا فلا يجب (٤) حذفه كما في قوله:

ولو لا الشعر بالعلماء (٥) يزري

لكنت اليوم أشعر من لبيد (٦)

__________________

(١) أي : كل اسم وقع بعد لو لا وكان خبره عاما يجب حذفه ؛ لسد جوابهما مسده ، أي : لولا زيد موجود لكان كذا. (هندي).

(٢) ونفرق بين لو لا لامتناع الشيء ولو لا التخصيص ، هو أن لو لا الامتناع يدخل على الاسم ، ولو لا التخصيص يدخل على الفعل ، مثل لو لا أكرمت زيدا. (لمحرره).

ـ وقد يحذف المبتدأ والخبر معا في نحو : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص : ٣٠] ، فيمن يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير نعم العبد أيوب ، أي : هو أيوب ، وأما من جعل المخصوص مبتدأ تقدم خبره فنعم العبد من باب حذف المبتدأ. (خوافي).

(٣) قوله : (هذا إذا كان الخبر عاما) وأما إذا كان خاصا ذكر في مغني اللبيب أكثر النحويين على أن خبر لو لا لا يكون إلا عاما محذوفا ، فإذا أريد الكون المقيد لم يجز .. إلخ. يقول : لولا زيد قائم ، بل يجعل هو المبتدأ ، فيقال : لولا قيام زيد ، أو لو لا أن زيد قائم ، وإن صلتها مبتدأ محذوف الخبر وجوبا ، وذهب الرماني وابن مالك وغيرهما إلى أنه إن كان كونا مطلقا كالوجود يجب حذفه ، وإن كان كونا مقيدا يجب ذكره إن لم يعلم ، ويجوز الأمران ، اعلم انتهى ، ويدل على ما ذكره المصنف في الأمالي من أن من المواضع التي يجب حذف خبر المبتدأ باب لولا أطلق أو لم يقيده ، وعلى هذا فما ذكره الشارح من تجويز أن يكون الخبر خاصا ، ولا يجب حذفه فهو خلاف كلام المصنف ، والحق أن مراده أن المبتدأ بعد لو لا يجب حذف خبره مطلقا ، والأكثرين ، بل قول مرجوح لا ينبغي أن يحمل عليه ، لأنه لا يكون إلا عاما ، ولو لا دال عليه ، وأما المثال الذي ذكره الشارح فما دال عند الأكثر ، وبه صرح في المغني في نظيره. (عيسى الصفوي).

(٤) لعدم دلالة لو لا عليه ؛ إذ لا دلالة للولا إلا على الوجود ، ولو دل بالقرنية الخارجية جاز الحذف بلا خلاف. (وجيه الدين وغيره).

(٥) قوله : (بالعلماء) متعلق بيزري ، والمراد منهم الذين قال الله تعالى : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ)[فاطر : ٢٨] ؛ الذين ورثوا الأنبياء ، وقال خير البشر : «علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل» قال الملا علي القاري في المصنوع ص ١٢٣ (١٩٦) : لا أهل له فقدم للحصر ؛ لأن الإزراء إنما يلحق بهم. (توقادي).

(٦) اسم الشاعر مشهور بالفصاحة. (حلبي). ـ

٢٠٩

ولو لا خشية الرحمن عندي

جعلت الناس كلّهم عبيدي

هذا على مذهب البصريين (١).

وقال الكسائي : الاسم (٢) بعدها فاعل لفعل مقدر أي : لولا وجد زيد (٣).

وقال الفراء : (لولا) هي (٤) الرافعة (٥) للاسم الذي بعدها.

وثانيها : كل مبتدأ كان مصدرا صورة أو بتأويله منسوبا إلى الفاعل أو المفعول أو كليهما ، وبعده حال (٦) ، أو كان اسم تفضيل مضافا إلى ذلك المصدر وذلك مثل : ذهابي راجلا ، وضرب زيد قائما ، إذا كان (زيد) مفعولا به (و) مثل (ضربي (٧) زيدا قائما) أو قائمين ، وأن ضربت زيدا قائما ، وأكثر شربي السويق (٨) ملتوتا ، وأخطب ما يكون الأمير قائما.

__________________

ـ وآخر البيت :

ولو لا خشية الرحمن عندي

جعلت الناس كلهم عبيدي

قائله الإمام الشافعي رحمه‌الله. (ر ح).

(١) فإن لو لا عندهم كلمة ملتئمة من كلمتين ، كما يتراآى ، وإليه ذهب الكسائي ؛ لأن لو لا لو كانت مركبة من لو الامتناعية ولا النافية لم يجب حذف الفعل الواقع بعدها ، إلا إذا أتي بمفسرة كما هو شأن الأفعال الواقعة بعد أداة الشرط ، ووجب تكرار لا ؛ لأن لفظة لا لا تدخل على الماضي في غير الدعاء وجواب القسم إلا مكررا في الأغلب. (عب).

(٢) وقال الكوفيون : هو من باب حذف الفعل ، أي : لولا وجد زيد لكان كذا تشبيه لو لا بحرف الشرط ، ولاختصاص لو لا للتخصيص بالفعل ، فيحمل لو لا الامتناعية عليها. (هندي).

(٣) ولم يلزم عليه حذف الفعل وجوبا من غير المفسر ، ومن غير أمر زائد على القرنية. (عصمت).

(٤) ويلزم على الفراء أن لا يكون في الشرط إسناد ؛ إذ لا يوجد بين الحرف ومعموله. (عصمت).

(٥) لنيابتها من الفعل المقدر ، يعني : لو لا اسم من أسماء الأفعال عنده. (داود).

(٦) مفردة كانت ، أو جملة اسمية كانت ، أو فعلية ، والاسمية يجب معها الواو على الأصح. (لارى).

(٧) فضربي مضاف إلى ياء المتكلم محلها رفع ؛ لأنها فاعل ، وزيد مفعوله ، وكذلك أكثر شربي بعينه.(مكمل).

(٨) أي : كل مبتدأ كان مصدرا صورة ، أو بتأويله مضافا إلى الفاعل أو المفعول أو كليهما ، وبعده حال مفردة أو جملة ، أو كان اسم تفضيل مضاف إلى ذلك المصدر المصدر ، ويجب حذف خبره لسد الحال مسد الخبر نحو: ضربي زيدا. (فاضل الهندي).

٢١٠

فذهب البصريون إلى أن تقديره : ضربي زيدا حاصل إذا كان قائما ، فحذف حاصل كما يحذف متعلقات الظروف ، نحو : زيد عندك ، فبقي (إذا كان) ، ثم حذف (إذا) مع شرطه العامل في الحال ، وأقيم الحال مقام (١) الظرف ؛ لأن في الحال معنى الظرفية (٢) ، فالحال قائم مقام الظرف القائم الخبر ، فيكون الحال قائما مقام الخبر (٣).

قال الرضي : (هذا ما قيل فيه ، وفيه تكلفات كثيرة) وهي حذف (إذا) مع الجملة المضاف إليها ، ولم يثبت في غير هذا المكان (٤) ، والعدول عن ظاهر معنى (كان) الناقصة إلى معنى (كان) التامة (٥).

والذي يظهر لي أن تقديره بنحو : ضربي زيدا يلابسه قائما ، إذا أردت : الحال عن المفعول ، وضربي زيدا يلابسني قائما ، إذا كان عن الفاعل أولى ، ثم تقوله : حذف المفعول الذي هو ذو الحال (٦) ، فبقي (ضربي زيدا يلابس قائما) ، ويجوز (٧) حذف ذي الحال مع قيام القرينة كما تقول : الذي ضربت قائما زيد أي : ضربته ، ثم حذف (يلابس) الذي هو خبر المبتدأ ، والعامل في الحال ، وقام الحال ، وقام الحال مقامه ،

__________________

(١) الفرق بين المقام والمقام وبالضم يستعمل في المكان فقط ، وبالفتح يستعمل في المكان والزمان. (لمحرره).

(٢) لأن الحال يدل على الوقت والزمان ؛ لأن معنى قولنا : جاءني زيد راكب ، جاءني زيد في الركوب.(لمحرره).

(٣) لأن القائم مقام الشيء يكون قائما مقام ذلك الشيء بالواسطة ، فيكون الحال قائما مقام الخبر ، لا بالأصل بل بالواسطة لما قلنا. (م).

(٤) لأن حذف أداة الشرط مع جملتها غير جائزة من غير إقامة شيء مقامه ، كالأشياء الستة. (توقادي).

(٥) ومن قيام الحال مقام الظرف ولا نظير ، والذي أوقعهم في هذا التزامهم اتحاد العامل في الحال وصاحبها بلا دليل ، والحق أنه يجوز العاملين على ما ذهب إليه المالكي فتقول : تقديره ضرب زيد ، أما صل قائما. (شيخ الرضي).

(٦) الضمير الغائب في الأول والمتكلم في الثاني ؛ لأن المفعول لكونه فضلة ومستغنى عنه في الكلام يجوز حذفه ، حيث صرح نفس المصنف ، وقال : العائد المفعول يجوز حذفه ؛ كقوله تعالى : (اللهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ)[الرعد : ٢٦] أي : لمن يشاء يبسط له فيكون قياسا. (م).

(٧) جواب لسؤال مقدر تقديره كأنه قيل : لم جاز حذف ذي الحال مع بقاء قرينة والقرينة الدال مع حذف ذي الحال في هذا المثال الاسم الموصول ؛ إذ لا بد من الضمير العائد. (لمحرره).

٢١١

كما تقول : راشدا مهديّا (١) ، أي : سر راشد مهديا على هذا يكونون مستريحين من تلك التكلفات البعيدة (٢).

وقال الكوفيون : تقديره : ضربى زيدا قائما (٣) حاصل ، يجعل (قائما) من متعلقات المبتدأ ، فيلزمهم حذف الخبر من غيّر سد شيئ مسده وتقييد المبتدأ المقصود عمومه بدليل(٤) الاستعمال.

وذهب الأخفش : إلى أن الخبر الذي سدت الحال محله مصدر مضاف إلى صاحب الحال ، أي : ضربى زيدا ضربه (٥) قائما.

وذهب بعضهم إلى أن هذا المبتدأ لا خبر له ، لكونه بمعنى الفعل (٦) ؛ إذ المعنى : ما أضرب زيدا إلا قائما.

__________________

(١) قوله : (راشدا مهديا) يجوز فيه حالان حال متداخلة وحال مترادفة ، فعلى الأول يكون مهديا حالا من راشدا ، وعلى الثاني يكون حالا من فاعل سر ، أعني : أنت سر راشدا مهديا ، ثم إنه حذف وأقيم الحال أعني : راشدا مقامه. (لمحرره).

(٢) وهي من حذف إذا مع الجملة المضاف إليها ، والعدول عن ظاهر معنى الناقصة إلى معنى التامة ، وكل واحد منها غير قياس فيكون هذا التقدير أولى. (لمحرره).

(٣) يعني : ذهبوا إلى أن الحال حال معمول المصدر لفظا ومعنى ، أو العامل فيه المصدر الذي هو مبتدأ ، وخبر المبتدأ مقدر بعد الحال وجوبا ، ولذا قال الشارح : (يجعل .. إلخ). (م).

(٤) أي : يعلم عمومه بدليل الاستعمال ، فيكون المعنى ضربي زيد المخصص بحال القيام حاصل. (خوافي).

(٥) هذا إذا كان الحال من المفعول ، وإذا كان من الفاعل ضربي زيدا ضربي قائما. (ص).

ـ فإن معنى ضربي زيدا قائما ، كل ضرب واقع مني على زيد حاصل في حال القيام ، بناء على إضافة المصدر يفيد الاستغراق ، وهذا يفيد الحصر فإنه في معنى ما ضربت زيدا إلا قائما ، فإن قلت : ما وجه التخصيص بالمصدر ، فإنه يجوز أن يقصد بمكان إضافة الجنس والعهد هنا ، أو خارجا لاستغراق مثل اللام؟ قلت : نعم ، ولكن في المصدر ، أما وجه التخصيص بالاستغراق فلقلة كثرة الاستعمال أيضا.(حواشي هندي).

(٦) اعلم أن قول المحشي وغيرهم قوله : (كذا وكذا) فالغالب فيه مبتدأ لا خبر له ؛ لأن قولهم : وإن كان من كلامهم لكن ما بعده كلام غيرهم ، وفي مثله وقوع المبتدأ بلا خبر كثير ولا بعد ، فأما قولك : من يكرمني أكرمه مبتدأ لا خبر له في وجه لكنه قليل. (حواشي لباب).

٢١٢

وثالثها : كل مبتدأ اشتمل خبره (١) على معنى (٢) المقارنة وعطف عليه شئ بالواو التي بمعنى (مع) (و) ذلك مثل : (كلّ رجل وضيعته) (٣) أي : كل رجل مقرون مع ضيعته فهذا الخبر واجب حذفه ؛ لأن الواو تدل على الخبر الذي هو (مقرون) وأقيم المعطوف في موضعه.

ورابعها : كل مبتدأ يكون مقسما به ، وخبره القسم (و) ذلك مثل : (لعمرك (٤)

__________________

(١) وضابط هذا كل مبتدأ عطف عليه شيء بالواو بمعنى مع ، ولم يجز نصبها وإن كانت بمعنى مع ؛ لأنه لا بد للنصب من فعل أو معناه وكلاهما متفق. (تركيب).

(٢) يعني : يكون الخبر لفظ المقارنة أو المصاحبة أو ما يفيد معناهما. (م).

ـ قوله : (وعطف عليه شيء ... إلخ) فإن قلت : سيجيء في بحث المفعول معه أن الواو بمعنى مع لم يكن للعطف ، قلت : المراد بالعطف معناه اللغوي ، أي : الارتباط المعنوي ، فإن قلت : حينئذ يجب أن يكون رفع هذا الواو لا رفع مدخوله ، قلت : لما كان صورته موافقة بالعاطف جري عليه حكمه ، ولهذا قال الكوفيون : إن الواو بمعنى مع خبر ينتقل رفعه إلى مدخوله ؛ لعدم قبول الإعراب. (عصمت).

(٣) والضيعة في اللغة العقاد ، وهاهنا كناية عن الضيعة سميت بها ؛ لأنك إذا اعتليت بها ضعت ، وإن أغفلتها ضاعت ، وكأنهم شبهوا ضيعة الرجل بالأرض المعلة التي لا تغني. (رضي وغيره).

وضيعته مرفوع عطف على كل رجل ، والضمير راجع إلى كل رجل ، والخبر المحذوف وجوبا أي : مقرونا ، كما قال البصريون ، واستشكل عليهم الرضي بأنه ليس من هذا التقدير لفظة لسد مسد الخبر المحذوف ، فكيف حذف وجوبا؟ وأجيب عنه بأن لهذا الخبر جهتين : جهة كونه خبر أعني كل رجل وجهه كونه خبر عن ضيعته اعتبار الجهة الأولى يعتبر مقدما ، وإن كان باعتبار الجهة الثانية ليس كذلك ، والجهة الوحدة تكفي في صحة البيان. (زاده).

(٤) العمر بفتح العين وضمها ، وبسكون الميم ، وبالضمتين يستعمل في البقاء أما في باب القسم اختير فتح العين للخفة. (احترى).

ـ فإن قيل : لا يجوز القسم بعد اسم الله تعالى وصفاته فلم قال النبي عليه‌السلام : «لعمري»؟ قلنا : المراد به القسم ، بل إنما جرى هذا اللفظ في كلامه على رسم العرب. (مفاتيح).

ـ قوله : (ولعمري) اللام للابتداء ، وعمري مبتدأ حذف خبره وجوبا ؛ لسد جواب القسم مسده ، تقديره لعمري ، فسمي ، والعمر بفتح العين وضمها البقاء ولا يستعمل في القسم إلا بالفتح ، ثم قوله : (لعمري) يمكن أن يحمل على حذف المضاف أي : الواهب لعمري ، وكذا أمثاله مما أقسم به بغير الله تعالى ، كقوله : (وَالشَّمْسِ)[الشمس : ١](وَاللَّيْلِ)[الليل : ١] ، ويمكن أن يكون المراد بقوله : (لعمري) وأمثاله ذكر صورة القسم لتأكيد مضمون الكلام وترويجه فقط ؛ لأنه أقوى من سائر المؤكدات وأسلم من التأكيد بالله تعالى ؛ لوجوب التبرئة ، وليس الغرض ـ

٢١٣

لأفعلنّ كذا) أي : لعمرك وبقاؤك قسمي ، أي : ما (١) أقسم به ، فلا شك أن (لعمرك) يدل على القسم المحذوف ، وجواب القسم قائم مقامه ، فيجب (٢) حذفه و (العمر والعمر) بمعنى واحد ، ولا يستعمل مع اللام إلا المفتوح ؛ لأن القسم موضع التخفيف لكثرة استعماله(٣).

(خبر إن وأخواتها)

ومنها :

(خبر (إنّ) وأخواتها) أي : من المرفوعات (٤) خبر (إنّ) وأخواتها ، أي : أشباهها (٥) من الحروف الخمس الباقية ، وهي : (أنّ وكأنّ ولكنّ ولعلّ وليت) ، وهو مرفوع بهذه الحروف لا بالابتداء على المذهب الأصح ؛ لأنها لما شابهت الفعل المتعدي ـ كما يجيئ ـ علمت رفعا ونصبا مثله (٦) ...

__________________

ـ اليمين الشرعي وتشبيه غير الله به في التعظيم حتى يرد عليه أن الحلف بغير اسم الله تعالى وصفاته مكروه ، بل حرام ، بل كفر إن اعتقد وجوب التبرئة به. (حسين جلبي).

ـ إنما وجب حذفه لحصول الشرطين ؛ لأن لعمرك فيه يعني القسم دل على خصوصية الخبر وجوابه أيضا كان ملتزما موضعه. (عوض أفندي).

(١) يشير إلى تصحيح الجمل ؛ لأنه لا يصح جمل القسم على المبتدأ ، ولا يقال : لعمري قسمي وفي التنزيل : (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ)[الحجر : ٧٢]. (زاده).

(٢) وإنما وجب حذف الخبر هنا ؛ لدلالة لعمرك على قسم ، والتزام لأفعلن كذا موضعه. (غجدواني).

(٣) وقد يحذف المبتدأ والخبر معا في نحو : (نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ)[ص : ٣٠] ، فيمن يجعل المخصوص خبر مبتدأ محذوف ، والتقدير نعم العبد أيوب أي : هو أيوب ، وأما عند من يجعل المخصوص مبتدأ تقدمه خبره ، فنعم العبد من باب حذف المبتدأ. (داود خوافي).

(٤) ولم يقل : ومنها ؛ لأنه في الأصل خبر المبتدأ ، فلم يفصل مما هو مشعر بكونه بابا على حدة. (ح).

(٥) استعير الأخوات للأشباه والنظائر لما بينهما من التقارب والتماثل ، كما بين الأخوات. (لارى).

(٦) قوله : (خبر إن .. إلخ) إشارة إلى أن قوله : (خبر أن وأخواتها) مبتدأ محذوف الخبر بقرينة ما سبق ، فقوله: المسند إليه ابتداء كلام ، ويحتمل أن يكون المسند خبرا ، وقوله : (هو صيغة الفصل) ، وإنما لم يقل ومنها؛ لأنه في الأصل خبر المبتدأ ، فلم يفصل بما هو مشعر بكونه بابا على حدة. (عب).

ـ لكن الرفع مقدم في الفعل ومؤخر في هذه الحروف تنبيها بفرعية العمل على الفرعية العامل. (رضا).

٢١٤

(هو) (١) أي : خبر إنّ وأخواتها (المسند) إلى شئ آخر (٢) (بعد دخول) أحد (هذه الحروف) (٣) عليهما (٤) ، فقوله : (المسند) شامل لخبر كان وخبر المبتدأ ، وخبر (لا) التي لنفي الجنس وغيرها (٥).

وبقوله : (بعد دخول هذه الحروف) أخرج جميعها عنه (٦).

والمراد ب : (دخول هذه الحروف عليهما) ورودها عليهما لإيراد أثرها فيهما لفظا(٧) أو معنى ، فلا ينتقض (٨) التعريف بمثل : (يقوم) في قولنا : إنّ زيدا يقوم أبوه ، فإن (يقوم) هاهنا من حيث إسناده إلى (أبوه) ليس مما يدخل عليه (إن) بهذا المعنى ، بل إنما دخل على جملة هي (يقوم أبوه) فلا يحتاج (٩) ...

__________________

(١) ضمير الفصل ؛ لأن الخبر إذا كان معرفا باللام يؤتى الضمير الفصل مثل زيد هو القائم ، ولا يكون له حظ من الإعراب ، وقيل : مبتدأ ثان. (م ع).

(٢) ولم يقل : إلى اسم أن ؛ ليدخل فيه إن زيدا يقوم أبوه ، جملة فإن المسند فيها مسند إلى فاعله ، ثم هو مع الفاعل مسند إلى اسم إن. (توقادي).

(٣) قوله : (أحد هذه الحروف) وإنما قدر لفظ أحد حتى لا ينتقض التعريف بقائم في قولنا : إن زيدا قائم ؛ لأنه لا يكون مسندا بعد دخول هذه الحروف ، بل هو إسناد بعد دخول أحد الحروف. (حاشية).

(٤) وإنما قال : عليهما ؛ لأن الدخول بمعنى ورد هذه الحروف لإيراد الأثر ، ليس إلا الجموع المسند والمسند إليه ، فيكون بيانا للواقع ، وإن كان التعريف لا يقتضي ذلك ، بل يكفي ذكر عليه كما لا يخفى. (عصمت).

(٥) كخبر ما ولا المشبهتين بليس ، والمفعول الثاني من باب أعلمت ، وكالمبتدأ في أقام الزيدان؟ (سيدي).

ـ أي : عن التعريف ، سوى خبر هذه الحروف ، وانطبق التعريف عليه. (سيدي).

(٦) قوله : (لفظا أو معنى) على سبيل منع الخلو لا الجمع والأثر لفظا الإعراب ، ومعنى التحقيق والتمني والتشبيه والترجي.

(٧) إما لفظا فبالعمل ، وأما معنى فلانسحاب معانيها إلى معانيهما ، فإن تأكيد الحكم مثلا ينسحب إلى المحكوم به وعليه ، وعلى كل تقدير ينتقض التعريف بمثل يقوم ، وينجر المبتدأ الذي بعده أن المكفوفة ، أو بعد أن المخففة الملغاة. (عيسى).

(٨) حاصل السؤال أن يقال : أن يقوم في قولنا : إن زيدا يقوم أبوه ، يصدق عليه أنه هو المسند بعد دخول هذه الحروف مع أنه ليس بخبر وحده بل يقوم مع فاعله. (تأمل).

(٩) أي : إذا كان المراد من الدخول ورودها عليهما لإيرادها لفظا أو معنى. (غجدواني).

٢١٥

إلى أن يجاب عنه : بأنّ المراد (١) بالمسند المسند إلى أسماء هذه الحروف ، ويلزم منه استدراك قوله (٢) : بعد دخول (٣) هذه الحروف (٤) ، ولا إلى أن يجاب عنه : بأن المراد بالمسند : الاسم المسند ، فيحتاج (٥) إلى تأويل الجملة بالاسم ، حيث يكون خبرها جملة ، مثل : إنّ زيدا يقوم ، فإنه مؤول (بقائم) (مثل) قائم في (إن زيدا قائم) فإنه المسند بعد دخول هذه الحروف (وأمره (٦) كأمر خبر المبتدأ) أي : حكمه كحكم خبر المبتدأ في أقسامه ، من كونه مفردا ، وجملة ونكرة ومعرفة ، وفي أحكامه من كونه واحدا ومتعددا ، ومثبتا ومنفيا ومحذوفا (٧) ، وفي شرائطه من أنه إذا كان جملة فلا بد من عائد (٨) ، ولا يحذف (٩) إلا إذا علم.

__________________

(١) الجواب الصحيح أن المراد هو الاسم المسند ؛ لأن البحث عن أحكام الأسماء وما ذكر من الجواب لا صحة له كما لا يخفى. (سيدي).

(٢) فإن قلت : يلزم أيضا أن لا يكون قائم في أن زيدا قائم أبوه خبر أن ؛ لأنه مسند إلى فاعله وهو أبوه ، لا إلى اسم أن وهو مسند ، قلت : التزمنا ذلك فإن الخبر مجموع قائم أبوه وهو مسند إلى اسم ؛ لأن قائم فقط ، وفيه أن هذا خلاف عرف النحوي الذي ينظر في اللفظ وإن كان المسند بحسب المعنى هو مجموع قائم أبوه.(عصمت).

(٣) لأنه إنما ذكر ليخرج به خبر كان ، وخبر لا لنفي الجنس وغيرهما ، فإذا خرجت بقوله : (المسند إلى أسماء هذه الحروف) لم يحتج إليه ، بل يكون زائدة بلا منفعة. (قدمي).

(٤) عطف على أن يجاب تقديره فلا يحتاج إلى أن يجاب. (رضا).

(٥) لا بعد في هذا الاحتياج ؛ لأن المصنف في التزام التأويل. (م. ع).

(٦) فإن قيل : يلزم من قوله : (وأمره كأمر المبتدأ) أن خبر إن زيد أضربه ؛ لأنه يجوز زيدا ضربه ، قلت : أجاب عنه المصنف في شرح المفصل من وجهين : أحدهما : أنه لم يذكر أصلا وإذا لم يكره قائما باشتراكهما فيما هو مذكور ، لا فيما هو غير مذكور ، والثاني : ما ذكره في الجامي. (نجم الدين).

(٧) نحو : إن محلّا وإن مرتحلا ، أي : لنا محلا في الدنيا ، وأن لنا مرتحلا عنها إلى الآخرة ، ونحو أيام الصبا رواجعا عند أصحابنا ، يعني الخبر المحذوف ، والتقدير يا ليت أيام الصبا لنا ، أي : كائن في حال كونها رواجع ، والتزام حذف الخبر في قولهم : (ليت شعري) كان كذا ، أي : ليت علمي متعلق بما يجاب هذا القول.(فك).

(٨) المراد بالعائد ما يصح دخول أحد هذه الحروف عليه ؛ لأنه لا يقال : إن نعم الرجل زيد ؛ لوجوب الصدارة لأفعال المدح والذم. (م).

(٩) قوله : (ولا يحذف إلا إذا علم) أي : ولا يحذف العائد في وقت من الأوقات ، إلا وقت كونه معلوما فهو مستثنى مفرغ. (حسن أفندي).

٢١٦

والمراد (١) : أن أمره كأمره بعد أن صح كونه خبرا بوجود شرائطه وانتفاء موانعه (٢) ، ولا يلزم من ذلك أن كل ما يصح أن يكون خبرا للمبتدأ يصح أن يقع خبرا لباب (إنّ) حتى يرد أنه يجوز أن يقال : أين زيد؟ ومن أبوك؟ ولا يجوز أن يقال : إنّ أين (٣) زيدا ، وإنّ من أباك؟ (إلا في تقديمه) (٤) أي : ليس (٥) أمره كأمر خبر المبتدأ في تقديمه فإنه لا يجوز تقديمه على الاسم.

وقد جاز تقديم الخبر على المبتدأ ، وذلك ؛ لأن هذه الحروف فروع على الفعل

__________________

(١) قوله : (والمراد أن أمره ... إلخ) لا يخفي المناسب بقوله : (وأمره كأمر خبر المبتدأ في أقسامه وأحكامه وشرائطه) استثناء نصبه الاستفهام ووقوعه جملة إنشائية ، وأمثال ذلك ما ذكره الشارح تكلف. (عصمت).

(٢) كما إذا كان فيه معنى الاستفهام نحو : زيد أقام ، فإنه لا يقع خبرا لهذه الحروف ، أو جملة استفهامية نحو : زيد هل قام ، أو أمر به نحو : زيدا اكره ، أو نهيية نحو : زيد لا تهنه ؛ لأن الأمر والنهي للإنشاء ، وأن للخبر فلا يجتمعان معا فلا يقال : إن زيدا هل قام ، وإن عمرا أكرمه ، وإن خالدا لا تهنه. (شرح موشح).

ـ نحو : أين في أين زيد ، لا يصح أن يكون خبرا ؛ لأن وجوبه المانع لكونه أن يقتضي التحقيق والاستفهام التردد ، ولفوت صدارة الاستفهام. (وجيه الدين).

(٣) قال : إن يقتضي تحقق مدخوله نحو : أن زيدا قائم ، فإن أن يقتضي تحقق قيام زيد ، وأين يقتضي إبهام مدخوله نحو : أين زيد ، فإن أين يقتضي إبهام زيد وبينهما تناقض. (غجدواني).

(٤) مجرور بها مضاف إلى ضمير يرجع إلى الخبر وهو مجرور مستثنى ومستثنى منه محذوف ، وتقديره وأمره كأمر خبر المبتدأ في جميع الوجوه من كونه مفردا أو جملة أو نكرة أو معرفة أو واحدا أو متعددا ، مبتدأ أو مؤخرا إلا في هذا الوجه. (ه ع).

ـ حق العبارة أن يقال : إلا في التقديم ؛ لأنه استثناء عن وجوه الشبه ، ووجه الشبه يجب أن يكون مشتركا بين المشبه والمشبه به ، والقول يرجع الضمير إلى المتكلم بعيد. (عب).

(٥) فإن تقديم خبر المبتدأ جائز عليه ، وتقديم خبر أن ليس بجائز فلا يقال : إن قائم زيدا وذلك ؛ لأنها حروف وعملها ضعيف. (عوض).

ـ وحكمه حكم أن إلا في جواز تقديم الظرف ، فإن خبر إن يتقدم إذا كان ظرفا على اسمه ، ولا يتقدم خبر لا وإن كان ظرفا على اسمه ، فلا يجوز لا في الدار رجل ، وجاز أن في الدار غلام رجل ؛ وذلك لأن أن مشابه للفظ الماضي في كونه ثلاثيا مفتوح الآخر ، وفي اتصال الضمير المنصوب به ، وفي اتصال نون الوقاية وغير ذلك ، س فكان كأنه فعل بخلاف لا فإنه محمول على أن أفرع عليه ، فانحط رتبة عن رتبة ما هو أصله ، وهو أن. (شرح لباب).

٢١٧

في العمل ، فأريد أن يكون عملها فرعيا أيضا ، والعمل الفرعي للفعل أن يتقدم المنصوب على المرفوع ، والأصل أن يتقدم المرفوع على المنصوب ، فلما أعلمت العمل الفرعي لم يتصرف في معموليها بتقديم ثانيهما على الأول كما يتصرف في معمولي الفعل لنقصانها عن درجة (١) الفعل (إلّا (٢) أن يكون الخبر ظرفا) أي : ليس أمره كأمر خبر المبتدأ في تقديمه إلا إذا كان ظرفا (٣) ، فإن حكمه إذن حكمه في جواز التقديم إذا كان الاسم معرفة نحو : قوله تعالى : (إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ) [الغاشية : ٢٥](٤).

وفي وجوبه إذا كان الاسم نكرة نحو : (إنّ من البيان (٥) لسحرا) أو (إنّ من الشعر لحكمة) وذلك لتوسعهم في الظروف (٦) ما لا يتوسع في غيرها.

__________________

(١) لأن الفعل أصل في العمل وهي المشابهة به ؛ لتعمل عمله فتكون فرعا له فيه. (توقادي).

(٢) استثناء من الاستثناء المقدم فيكون موجبا ، وإنما جاز تقدم الظرف ؛ لأن جميع الأشياء ما خلق الله لا ينفك عن زمان أو مكان ، فلما كان الظرف لازما غير مفارق عنها بمنزلة نفس الشيء فجاز ذكره متقدما ومتأخرا أو متوسطا ، فلذلك فصلوا بين المضاف والمضاف إليه بالظرف دون غيره ، والتعجب نحو : ما أجمل اليوم كذا ، وبين همزة الاستفهام ، والقول مع إعمالهم إياه نحو : اليوم يقول زيدا قائما.

(٣) قوله : (إلا ... إلخ إذا كان ظرفا فيه) إن هذا الاستثناء يقتضي أن يكون خبر الظرف مثل خبر المبتدأ في التقديم ، وليس كذلك فإن خبر إن إذا كان ظرفا يتقدم تقدما غالبا شائعا يكاد أن لا يجوز تأخيره ، سواء كان الاسم معرفة أو نكرة ، وليس خبر المبتدأ كذلك ، وأيضا خبر أن إذا كان ظرفا مقارنا للام الابتداء لا يقدم ، نحو: إن زيدا لفي الدار ، بخلاف خبر المبتدأ. (عصمت).

(٤) أي : رجوعهم في ديوان في الحشر ، وتقديم الخبر للتخصيص والمبالغة في الوعيد. (قاضي).

(٥) عن ابن عمر رضي‌الله‌عنهما قال : قدم رجلان من المشرق فخطبا فعجب الناس لبيانهما ، فقال رسول الله عليه‌السلام : «إن من البيان لسحرا ، وإن من الشعر لحكمة» أخرج الشطر الأول البخاري (٥١٤٦) ، والشطر الثاني ابن ماجه (٢٧٥٥) ، وقال عليه‌السلام : «أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد».

كل شيء ما خلا الله باطل

وكل نعيم لا محالة زائل

أخرجه البخاري (٣٨٤١) (مصابيح).

ـ يعني أن بعض البيان بمثابة السحر في ميلان القلوب ، أو في العجز عن الإتيان بمثله ، وهذا النوع ممدوح وإذا صرف إلى الحق ، ومذموم إذا صرف إلى الباطل. (م).

(٦) لأن كل شيء من المحدثات لا بد أن يكون في مكان أو زمان ، فصار مع كل شيء كقرينة ولم يكن أجنبيا ، فدخل حيث لا يدخل غيره كالمحارم يدخلون حيث لا يدخل الأجنبي ، وأجرى الجار والمجرور مجراه ؛ لمناسبة بينهما ؛ إذ كل ظرف في التقدير جار ومجرور. (وجيه الدين).

٢١٨

(خبر (لا التي) (١) الكائنة (٢) (لنفي الجنس) (٣) أي : لنفي صفته ؛ إذ (لا رجل قائم) مثلا لنفي القيام عن الرجل ، لا لنفي الرجل نفسه.

(هو المسند) إلى شيئ آخر ، هذا شامل لخبر المبتدأ وخبر (إنّ ، وكأنّ) وغيرها (بعد دخولها) أي : بعد دخول (لا) (٤) ، فخرج به سائر الأخبار.

والمراد (٥) بدخولها : ما عرفت في خبر (إنّ) فلا يرد نحو : (يضرب) في (لا رجل يضرب أبوه).

(نحو : (لا غلام رجل ظريف)) (٦) ...

__________________

(١) وحكم لا حكم أن ؛ لأن نقضيه أن ، فحمل عليه في الحكم ؛ لأن العرب يحمل النقيض على النقيض ، فإن قلت : حق النقيض أن يكون مخالفا للنقيض لا موافقا له ، فكيف حمل عليه؟ قلت : لأن النقيض طرفان طرف للثبوت ، وطرف للمنفي فحمل أحدهما على الآخر ؛ لاشتراكهما في كونهما طرفين ، فهو في الحقيقة حمل النظير على النظير لا النقيض ، وقد نبه عليه الشيخ عبد القاهر. (شرح لباب).

(٢) اسم الفاعل المقدر في مثله بمعنى الثبوت ، واللام فيه حرف التعريف لا اسم الموصول ، فلا يلزم حذف الموصول مع بعض صلته. (جلبي).

ـ قدر متعلق الطرف المعرف باللام ميلا إلى رعاية جانب المعنى ؛ لأن المعنى على التركيب التوصيفي ، والمشهور في أمثاله تقدير النكرة احترازا عن حذف الموصول مع بعض صلته ، فإنه لا يجوز عند البصريين ، فالتقدير خبر لا ، كائنة لنفي الجنس على جعل كائنة حالا من كلمة لا ، بتأويلها بالمفعول بمعنى الفعل المستفاد من إضافة والخبر إليها ، أي : ثبت جملة لكلمة لا. (ع ص).

(٣) لما كان لفظ لا مشتركة بين ما يكون لنفي الجنس ، وبين ما يشابه بليس وصفها ؛ لقوله : التي لنفي الجنس تعيينا للمقصود ، واحترازا عما غيره. (عوض).

(٤) والخبر مرفوع بلا إن لم يكن اسما مبنيا بسبب لا عند جميع النحاة ، وإن كان اسمها مبنيا نحو : لا رجل ظريف ، قال سيبويه ارتفاعه بأنه خبر المبتدأ ، ولا رجل مرفوع المحل بالابتداء ؛ ولأنه لما صار الاسم بدخول لا مبنيا ، وصار دخول لا عليه سبب بنائه مع قربه بلا ، كما كان مع اسمه لا المنصوب. (داود خوافي).

(٥) قوله : (والمراد) جواب سؤال مقدر وهو أن يقال : إن يضرب في لا رجل يضرب أبوه ، يصدق عليه أنه هو المسند بعد دخول لا ، مع أنه ليس بخبر لا فلا يكون التعريف مانعا. (لمحرره).

(٦) ظريف صفة مشبهة ، فاعله فيه راجع إلى غلام رجل وهو معه مركب مرفوع خبر لا ، والجملة استئنافية. (م ع).

٢١٩

إنما عدل (١) عن المثال المشهور وهو قولهم : (لا رجل في الدار) لاحتمال حذف الخبر ، وجعل (في الدار) صفة ، بخلاف ما ذكر ؛ لأن (غلام رجل) معرب منصوب لا يجوز ارتفاع صفته على ما هو الظاهر.

(فيها) أي : في الدار خبر بعد خبر ، لا ظرف ظريف ، ولا حال ؛ لأن الظرافة لا تتقيد بالظرف ونحوه وإنما (٢) أتي به لئلا يلزم الكذب بنفي ظرافة كل غلام رجل ، وليكون مثالا لنوعي خبرها ، الظرف وغيره.

(ويحذف) (٣) خبر (لا) هذه حذفا (كثيرا) إذا كان الخبر عامّا كالموجود والحاصل لدلالة النفي عليه نحو : (لا إله إلا الله) (٤) أي : لا إله موجود إلا الله.

__________________

(١) قوله : (إنما عدل) قال المصنف ليس تمثيل النحاة بلا رجل ظريف حسنا ؛ لأن ظريف في الظاهر صفة اسم لا ؛ لأن خبر لا يحذف كثيرا ، والمثال ينبغي أن يكون ظاهرا فيما يمثل له ، وفي مثالنا لا يحتمل ظريف إلا الخبر ؛ لأن المضاف المنفي بلا لا يوصف إلا بمنصوب ، واعترض عليه بأن ذلك مذهب جماعة منهم ، وأما الآخرون فقد جوزوا الرفع حملا على المحل في توابع اسم أن. (لارى).

(٢) قوله : (وإنما أتي به) فيه بحث ؛ لأن فيها إذا كان خبرا بعد خبر فالحكم كالأول ليس إلا لنفي الظرافة كل غلام رجل ، فيلزم الكذب إلا يقصد لنفي الجميع بين الخبرين عن جنس غلام رجل النفي ، حينئذ النفي لا يتصور إلا بعد الوجود. (حافظ الدسكندي).

(٣) وإنما يحذفه الحجازيون كثير الداشكندي ؛ لأنه لا يكاد يجيء هذا المنفي لا مبنيا على كلام متقدم قد ذكر فيه الخبر ، فكأنه جواب لمن قال : هل من أهل لك؟ وهل من مال لك؟ فاجتبه بقولك : لا أهل ولا مال ، ولا يحتاج إلى ذكر الخبر ؛ لأن تقدم ذكره في السؤال أغنى عن ذكره في الجواب ، وعلى هذا أيضا كلمة الشهادة كأنها في الأصل رد على المنكر وجوب لمن قال :هل من الوجود من غير الله؟ فقلت : لا إله إلا الله ولا يحتاج إلى إعادة الخبر في الجواب. (كبير).

(٤) قوله : (لا إله إلا الله) اعترض عليه بشيئين : أحدهما إذا أريد بلا إله مطلق المعبود يكون كاذبا بالمعبودات الباطلة ، وإن أريد المعبود الحق لم يكن الاستثناء استثناء ؛ لأن الاستثناء هو إخراج الشيء من الشيء المتعدد الذي يصح دخوله فيه ، فإذا كان كذلك فكيف التوحيد؟ أجيب عنه بأن المراد المعبود الحق وهو كلي في الذهن ، والله فرد منه في الخارج موجود. (حاشية).

ـ قوله : (لا إله إلا الله) مستثنى متصل ، ولا يجوز أن يكون المستثنى المفرغ ؛ لأنه إذا كان كذلك يلزم أن يكون خبرا ، وهو غير جائز ؛ لفساد المعنى ، بل هو بدل عن محل لا إله.

٢٢٠