شرح ملّا جامي - ج ١

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
الجزء ١ الجزء ٢

فيها) أي : في الدار (إلا عمرو) فعمرو (١) مرفوع محمول على محل (أحد) لا على لفظه، (و) مثل : (ما زيد شيئا إلا شيء لا يعبأ به) أي : لا يعتد به.

ف : (شيء) مرفوع محمول على محل (شيئا) لا منصوب محمول على لفظه.

وقوله : (لا يعبأ به) ليس في كثير من النسخ ، وعلى ما وقع في بعضها ، فهو صفة لشيء المستثنى.

قيل : إنما (٢) وصفه به ، لئلا يلزم استثناء الشيء من نفسه (٣) ، ولا يخفى (٤) أنه لو جعل المستثنى منه شيئا أعم من أن يزيد عليه صفة غير الشيئية أو لا ، وخص المستثنى بما لا يزيد عليه صفة غير الشيئية لكان أدق (٥) وألطف وإنما (٦) تعذر البدل على اللفظ

__________________

ـ نصبه على أن يكون اسم لا ومحله البعيد وهو الرفع بالابتداء والمراد بالمحل هاهنا هو هذا المحل الثالث ؛ لأن لفظه ومحله القريب في التعدد (ح).

(١) قوله : (فعمرو) محمول يجوز أن يكون بدلا من الضمير المستكن في فيها ويجوز نصبه على الاستثناء لكنه ضعيف ؛ إذ يتوهم أنه يدل محمول على لفظ وأضعف منه في النصب نصب لا إله إلا الله ؛ لأن العامل فيه وهو خبر محذوف أما ما قيل : قبل الاستثناء أو بعده وكذا في لا فتى إلا علي (عب).

(٢) لو لم يوصف به لصح أيضا لجواز أن يراد بالتنوين التحقير (لاري).

(٣) استثناء نفس الشيء بحيث لم يبق بعد الثنيا شيء في محله وهو غير جائز ؛ لأن المقصود من الاستثناء أن يبقى بعد الثنيا شيء في محله قل أو كثر ساوى (م).

(٤) قوله : (ولا يخفى) سؤال وارد على قوله : (لئلا يلزم) استثناء الشيء عن نفسه بأنه لا يلزم استثناء الشيء عن نفسه على تقدير عدم الوصف فيصح هذا المثال بلا احتياج إلى الوصف (إيضاح).

ـ قوله : (ولا يخفى اه) قال السيد السند إذا حمل قولنا ما زيد إلا عالم على المبالغة كان معناه أن جميع الصفات منفية عنه إلا صفة العلم ويلزم من ذلك أن يحمل سائر صفاته الموجودة له في حكم العدم نظرا إلى كمال العلم وقصور تلك الصفات فيه وهذا معنى بعيد من الطباع السليمة وإذا حمل قولنا ما زال زيد إلا عالما على المبالغة كان معناه ما دام زيد على جميع الصفات إلا على صفة العلم ويلزم منه أن تجعل الصفات المعدومة عنه في حكم الموجودة له نظرا إلى أن ثبوت تلك الصفات قرب من ثبوت صفة العلم له وفيه مسامحة هذا كلامه قدس‌سره (حافظ داشكندي).

(٥) وجه الأحقية هو أن يكون المعنى على الخفاء لا يطلعه إلا ذو الألباب وجه الألطفية هو كون العموم في جانب المستثنى منه وهو المناسب للاستثناء في الأصل وكون الكلام محتقرا والله أعلم (لمحرره).

(٦) ولما فرغ من تعداد الصور التي يتعذر البدل فيها أراد أن يبين علتها فقال وإنما تعذر اه (ص).

٤٠١

في الصورة الأولى (لأن من) الاستغراقية (١) (لا تزاد) اتفاقا.

(بعد الإثبات) أي : بعد ما صار (٢) الكلام مثبتا ؛ لانتقاض النفي ب : (إلا) لأنها لتأكيد النفي ، ولا نفي بعد الانتقاض ، فلو أبدل على اللفظ ، وقيل : ما جاءني من أحد إلّا زيد ، بالجر لكان في قوة قولنا : جاءني من زيد ، فلزم زيادة (من) في الإثبات(٣)،وذلك غير جائز.

وفي الصورتين (٤) الأخيرتين ؛ لأنه لو أبدل المستثنى على اللفظ ، وقيل (لا أحد فيها إلا عمرا) ، بالنصب (٥) ؛ لأن فتحته شبيه بالحركة الأعرابية ؛ لأنها حصلت بكلمة (لا).

فهي كالنصب الحاصل بالعامل ـ فلا بد حينئذ من تقدير (لا) حقيقة (٦) أو حكما (٧) لتعمل فيه هذا العمل ، وكذا في قوله : ما زيد شيئا إلا شيء ، لو حمل المستثنى على لفظ المستثنى منه لا بد حينئذ من تقدير (ما) كذلك ، لتعمل فيه (٨).

(وما (٩) ولا تقدران) حقيقة (١٠) إذا لم يكن البدل إلا بتكرير العامل ولا حكما ،

__________________

(١) قيد من بالاستغراقية ليكون المثال مما لا تزاد من فيه اتفاقا ؛ لأن من تزاد في الإثبات عند الأخفش والكوفيين أيضا (جلبي).

(٢) وفائدة التفسير أن الألف في الإثبات للصيرورة ؛ لأن همزة افعل يجيء لمعان (رضا).

(٣) كون من زائدة في الإثبات غير جائز لفساد المعنى فإن معنى قولنا جاءني من زيد جاء بعض زيد وهو غير جائز ؛ لأن بعض الشخص الواحد لا يمكن أن يكون جائيا.

(٤) وإنما تعذر البدل حملا على لفظ المبدل منه في الصورتين.

(٥) كأنه قيل : إن حركة أحد بنائية ولو أبدل المستثنى على اللفظ بكونه منصوبا فأجاب بقوله : (لأن فتحته) (لمحرره).

(٦) هذا إشارة إلى مذهب من شرط تكرار العامل في البدل.

(٧) إشارة إلى مذهب من اكتفى بدخول العامل على المبدل منه.

(٨) أي : في مستثنى المحمول على لفظ المستثنى منه.

(٩) عطف على جملة لا تزاد عطف شيئين بحرف واحد على معمولي عامل واحد وهو جائز بالاتفاق (زيني زاده).

(١٠) واعلم أن بعض النحاة ذهب إلى أن العامل في المعطوف والبدل مقدر لكون كل منهما مستقلا كأنه غير تابع وبعضهم ذهب إلى أن البدل والمعطوف كسائر التوابع في الاكتفاء بعامل المتبوع وسراية حكمه إلى التابع أشار إلى مذهب الأول بقوله : (لا حقيقة) (لمحرره).

٤٠٢

إذا اكتفى بدخوله على المبدل منه ، واعتبر سراية حكمه إليه ، فإنه في قوة التقدير حال كونها (عاملتين) في المستثنى المحمول على البدل (بعده) أي : بعد الإثبات ، يعني : بعد ما صار الكلام مثبتا ؛ لانتقاض النفي بإلا (١) (لأنهما) أي : (ما ، ولا) (عملتا للنفي(٢) وقد انتقض النفي بإلا) (٣).

وحيث تعذر في هاتين الصورتين (٤) البدل على اللفظ حمل على المحل ف : (عمرو)(٥) مرفوع على أنه محمول على محل (أحد) وهو الرفع بالإبتداء (وشيء) مرفوع على أنه محمول : على محل (شيئا) وهو الرفع بالخبرية.

فإن قلت : ل : (أجحد) في هذا المثال محلان من الاعراب ، محل قريب ، هو نصبه بكلمة (لا) ، ومحل بعيد ، وهو رفعه بالابتداء ، فلم اعتبروا حملة على محلة البعيد ، لا القريب؟

قلت (٦) : لأن محله القريب إنما هو لعمل (لا) فيه بمعنى النفي ، وقد انتقض (٧)

__________________

(١) لأن الكلمة ربما يكون عاملة مع زوال معناها إذا لم يكن ذلك المعنى موجبا لعملها وهاهنا ليس كذلك (م).

(٢) أي : لأجل النفي فكان النفي سببا للعمل حتى لو لم يكن فيهما نفي لم تعملا ؛ لأنه مدار حملهما على ليس وإن (م).

ـ يعني أن علة حملهما على ليس وإن أو جزء العلة وعل التقديرين بانتفائه تنتفي العلة (لاري).

(٣) لأنها إذا وقعت بعد النفي توجب إثبات ما بعدها فانتفى السبب والعلة وانتفاؤهما يوجب انتفاء الحكم وهو العمل وانتفى مدار الحمل (هندي مع حواشيه).

(٤) يعني : لا أحد فيها إلا عمرو وفي ما زيد شيئا إلا شيء (عب).

(٥) قوله : (فعمرو على أنه اه) النواسخ إذا دخلت على المبتدأ والخبر غيرتهما لكن يبقى تقدير محلهما إذا كان العامل حرفا لضعفه ثم إذا كان العامل حرفا لا يغير معنى جاز اعتبار ذلك المقدر بلا ضرورة نحو إن زيدا قائم وعمرو وإن غير المعنى فلا يعتبر ذلك المقدر إلا إذا أخطر إليه كما نحن فيه (عب).

(٦) هذا أي : اعتبار محله القريب كاعتبار لفظه غير جائز (م).

(٧) فإذا اعتبر محله القريب وجعل بدلا منه يلزم إن تعذر لا فيه حقيقة أو حكما كما لزم إذا حمل على لفظه وهي لا تقدر عامله بعد الانتقاض فلفظه ومحله القريب سواء في تعذر البدل ولهذا لم يعتبروه كما لم يعتبروا لفظه فوجب أن يعتبر محله البعيد (م).

٤٠٣

ب : (إلا) بخلاف محله البعيد فإنه لا دخل لعمل لا فيه (بخلاف (١) ليس زيد شيئا إلا شيئا) مع أنه انتقض النفي فيه أيضا ب : (إلا) (لأنها) أي : ليس (عملت للفعلية) لا للنفي (فلا أثر لنقض (٢) معنى النفي) في عملها (لبقاء الأمر العاملة) هي (٣) أي : ليس (لأجله) أي لأجل ذلك الأمر وهو الفعلية (٤) (ومن ثمة) (٥) أي : ومن أجل أن عمل (ليس) للفعلية لا للنفي وعمل (ما ، ولا) بالعكس.

(جاز (٦) ليس زيد (٧) إلا قائما) بأعمال (ليس) في (قائما) وإن انتقض نفيها ب : (إلّا) لبقاء فعليتها.

وامتنع (ما زيد (٨) إلا قائما) (٩) بأعمال (ما) في (قائما) لأن عملها فيه إنما هو

__________________

(١) متعلق بالتمثيل وهو قوله : (ما زيد شيئا إلا شيء تقديره) ما زيد شيئا إلا شيء حال كونه ملابسا بخلاف ما إذا كان المستثنى بدلا من خبر ليس أو الظرف مرفوع المحل خبر مبتدأ محذوف أي : هذا كائن بخلاف اه (حاشية عصام).

(٢) والمصدر مضاف إلى مفعوله وفاعله متروك والمعنى لنقض إلا معنى النفي (رضا).

(٣) ضمير المتصل فاعل العاملة راجع إلى كلمة ليس وإنما انفصل فاعل العاملة مع أن الأصل في الضمير الاتصال لكونها صفة جرت على غير من هي له (زيني زاده).

(٤) قوله : (وهو الفعلية) وذلك) ؛ لأن معنى ليس في الأصل ما كان بدليل لحوق علامات الأفعال عليه نحو ليست وليست ثم سلب الدلالة على الزمان الماضي فحكمها حكم ما كان وإن لم يبق فيه معنى الكون وهو قد انتفى نفيه ويبقى عمله نحو ما كان زيد إلا قائما لبقاء معنى الكون بعد إلا (لاري).

(٥) أشير به إلى مكان التنزيلي وإن كان معناه الأصلي الإشارة إلى المكان الحقيقي (م ع).

(٦) توسط إلا بين اسم ليس وخبره مع العمل فيهما ولو كلن عملها للنفي لا للفعلية لما جاز توسطها بينهما لانتقاض النفي بإلا (توقادي).

(٧) ثم استشكل قول المصنف بقولهم : (ليس الطيب إلا المسك) بالرفع وأجيب عنه بأن ما قاله المصنف مبني على لغة أهل الحجاز أو لقول المذكور على لغة بني تميم على إهمال ليس وجعلها حرفا (زاده).

(٨) ثم إن امتناع هذا المثال عند الجمهور خلافا ليونس حيث جوزه استدلالا بقول الشاعر

وما الدهر إلا منجنونا بأهله

وما طالب الحاجات إلا معذبا

 ـ وأجيب عنه بأن المضاف محذوف من الأول أي : دوران منجنونا وكذا معذبا مصدر (شيخ الرضي).

(٩) حيث لا يجوز إلا قائما لانتقاض عمل ما بانتقاض النفي الموجب المشبه ب : ليس (هندي).

٤٠٤

للنفي وقد انتقض ب : (إلا) (و) (١) المستثنى (مخفوض) أي : مجرور (بعد غير وسوى) بكسر السين أو ضمها مع القصر (وسواء) بفتح السين وكسرها مع المد ، لكونه مضافا إليه.

(وبعد حاشا في الأكثر) لكونها حرف (٢) جر في أكثر استعمالاتهم.

وأجاز بعضهم (٣) النصب بها على أنها فعل متعد فاعله مضمر (٤) ، ومعناها تبرئة المستثنى عما نسب إلى المستثنى منه ، نحو : (ضرب القوم عمرا حاشا زيدا) أي : برأه الله عن ضرب عمرو.

(وإعراب (غير) فيه) أي : في الاستثناء ، دون الصفة ؛ إذ هو حينئذ يعرب بإعراب موصوفه (كإعراب المستثنى بإلا على التفضيل) المذكور فيما سبق (٥) فكأنه (٦) لما أنجز به المستثنى للإضافة انتقل إعرابه إليه.

__________________

(١) ولما فرغ من بيان أنواع المستثنى من كونه واجب ومن جائز النصب عليه والمبدل هو المختار ومن كونه معمولا على حسب العوامل شرع في كون المستثنى مجرورا فقال : ومحفوض اه (لمحرره رضا).

(٢) والدليل على حرفية جواز حاشا إذا لو كان فعلا لما جاز اتصال ياء المتكلم بدون نون الوقاية (عوض).

(٣) واستدل ذلك البعض بمجيء النصب بعده في : اللهم اغفر لي ولمن سمع حاشا الشيطان ولجواز التصرف فيه كما في قول النابغة :

ولا أرى فاعلا في الناس شبيهة

ولا أحاشي من القوم من أحد

 ـ وأجيب عنه بأن التصرف لا يدل على فعلية لجواز كون ما يتصرف فعلا مشتقا من حاشا حرفا كما اشتق سوّفت من سوف (عوض أفندي).

(٤) في مرجع الضمير إشكال ؛ إذ لا يعلم إلى أي : شيء يرجع ولذا ذهب الأكثر إلى أنه حرف جر وذهب الفراء إلى أنه فعل لا فاعل له اللهم إلا أن يرجع إلى المنفصل في الذهن وهو الله تعالى كما في : نعم رجلا زيد ، ولهذا قال الشارح برأه الله تعالى ثابت كما في كل واحد إلا أنهم لم يذكروه في باب نعم وضمير الشأن (وجيه الدين).

(٥) من وجوب النصب في الموجب وعند التقديم وكذا في المنقطع ومن جواز النصب ومختار البدلية في غير الموجب والإعراب على حسب العوامل في المفرغ (عوض أفندي).

(٦) إنما قال كأنه لما أنه يعرب ما بعد غير على التفصيل السابق حقيقة وإنما صلاحية أن يكون كذلك لكونه مستثنى فكأنه أعرب وانتقل إعرابه إلى غير بطريق العارية (وجيه).

٤٠٥

(وغير) (١) أي : كلمة (غير) في الأصل (صفة) لدلالتها على ذات ، مبهمة ، باعتبار قيام معنى المغايرة بها (٢) ، فالأصل فيها أن تقع صفة ، كما تقول : (جاءني رجل غير زيد) واستعمالها على هذا الوجه كثير في كلام العرب لكنها (حملت (٣) على إلا) واستعملت مثلها (في الاستثناء) على خلاف الأصل وذلك لاشتراك (٤) كل منهما في مغايرة ما بعده لما قبله (٥) (كما حملت (إلا) عليها) أي : على كلمة (غير) في (الصفة)(٦) لكن لا تحمل (إلا) عليها الصفة غالبا إلا (إذا كانت) أي : (إلا) تابعة لجمع) (٧) أي : واقعة (٨) بعد متعدد ، فوجب أن يكون موصوفها مذكورا لا مقدرا ، كما(٩) قد يكون مقدرا في (غير) مثل : (جاءني غير زيد) وبعد ما كان مذكورا يكون

__________________

(١) مبتدأ مرفوع بغير تنوين لكونه غير منصرف بتأويله بالكلمة ووجود العلمية لكونه علما للفظه ويجوز كونه مرفوعا بالتنوين على الصرف بتأويله باللفظ (م ع).

(٢) أي : لكون الغير بمعنى المغايرة بمعنى مغايرة مجرورها الموصوف إما بالذات نحو : مررت برجل غير زيد وإما بغيره نحو : دخلت بوجه غير الوجه الذي خرجت به (توقادي).

(٣) والجملة خبر بعد الخبر للمبتدأ ويحتمل كونها صفة الصفة واستئناف كأنه قيل : ما قالها وأجيب بأنها حملت (م ع).

ـ قوله : (حملت على إلا اه) كما حملت إلا عليها في الصفة ومعنى حمل غير على إلا في الاستثناء أنه صار ما بعد غير مغاير لما قبلها نفيا وإثباتا ولا يعتبر مغايرته ذاتا وصفة كما كانت في الأصل وحمل إلا عليها في الصفة أنه صار ما بعد إلا مغايرا لما قبلها ذاتا وصفة كما بعد غير ولا يعتبر مغايرته له نفيا وإثباتا كما كانت في أصلها (وجيه الدين).

(٤) قوله : (لاشتراك كل منهما اه) يعني أنه استعير غير بمعنى إلا لاشتراك كل منهما في معنى المغايرة فإن غيرا يدل على مغايرة مجرورها لموصوفها ذاتا وصفة وإلا تدل على مغايرة ما بعدها لما قبلها في الحكم فجاز استعمال كل منهما في معنى الآخر بعلاقة المشابهة (عب).

(٥) يعني : لأن ما بعد إلا مغاير لما قبله وما بعد غير أيضا مغاير لما قبله فاشتركا في هذا الحكم فاستعير كل واحد منهما مكان الآخر (م).

(٦) متعلق ومفعوله فيه لحملت أو ظرف مستقر حال أو صفة لقوله : (إلا أو تمييز (هندي).

(٧) ولو كانت تابعة لمفرد منفي لم يتعدد الاستثناء ؛ لأن النكرة في موضع النفي للعموم نحو : ما جاءني من أحد إلا زيد (رضى).

(٨) أراد بهذا التفسير أن المراد بالجمع المتعدد سواء كان جمعا كالرجال أو لا كالقوم والرهط (وجيه الدين).

(٩) يعني يوافق استعمالها في الصفة استعمالها في الاستثناء (م).

ـ قوله : (مذكورا) إنما اشترط ذلك ليكون أظهر في كونها صفة (لاري).

٤٠٦

متعددا ، ليوافق حالها أداة الاستثناء ؛ إذ لا بد لها في الاستثناء من مستثنى منه متعدد (١) فلا تقول في الصفة :

(جاءني رجل إلا زيد) ، والمتعدد أعم من أن يكون جمعا لفظا كرجل ، أو تقديرا ، ك : (قوم ورهط) (٢) ، وأن يكون مثنى ، فدخل فيه نحو : (ما جاءني رجلان إلا زيد) (٣) (منكور) (٤) أي : منكر لا يعرف (٥) باللام ، حيث يراد به العهد أو الاستغراق ، فبعلم التناول قطعا على تقدير الاستغراق ، وعلى تقدير أن يشار به إلى جماعة يكون (زيد) منهم فلا يتعذر الاستثناء المتصل ، أو عدم التناول قطعا على تقدير أن يشار به إلى جماعة لم يكن (زيد) منهم فلا يتعذر المنقطع.

(غير محصور) (٦) والمحصور : نوعان ، إما الجنس المستغرق ، نحو : (ما جاءني رجل(٧) أو رجال وأما بعض منه معلوم العدد ، نحو : (له عليّ عشرة (٨) دراهم أو

__________________

(١) أي : موصوف غير يكون مذكورا غالبا وقد يكون (م).

ـ بخلاف الصفة فإنه لا يشترط فيه التعدد بل التوافق فلا ينتقض نحو قولنا : جاءني رجل إلا زيد بالرفع فإنه يصح ويتعذر الاستثناء مع كونه تابعا لمفرد (وجيه الدين).

(٢) يقال : رهط الرجل قومه وقبيلته وما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة والفرق بين الرهط والنفر أنه من الثلاثة أو السبعة إلى العشرة والنفر من الثلاثة إلى التسعة (فاضل أمير).

(٣) قال الشيخ الرضي لا يجوز هاهنا الاستثناء المتصل ؛ لأن المحكوم عليه اثنان من هذا الجنس وليس زيد اثنين منه (عب) فيضطر في حمل إلا على الاستثناء فيصار إلى حملها غير (س خ).

(٤) إنما قال منكور ؛ لأنها لو كانت تابعة لجمع معرف لم يتعذر الاستثناء نحو : جاءني الرجال إلا زيد إلا أنه حينئذ للاستغراق والعموم (حواشي هندي).

(٥) قوله : (لا يعرف باللام) هذا بطريق التمثيل وإلا فالاحتراز به من مطلق الجموع المعرف سواء كانت مضافة نحو : جاءني إخوة زيد إلا عمرا واسم إشارة نحو : جاءني هؤلاء إلا زيدا واسما موصولة نحو : جاءني الذين لقيتهم إلا زيدا فإن المستثنى في المستثنى منه الجماعة المعهودة إذا كان داخلا فالاستثناء متصل وإلا فمنقطع فلا يتعذر الاستثناء (وجيه الدين).

(٦) صفة بعد صفة لجمع أو حال من ضمير منكور أو مفعول لأعني المقدر أي : غير معلوم دخوله وعدم دخوله واحترز به عن العدد نحو لفلان علي مائة إلا واحدا (هندي).

(٧) والرجل جمع منكور محصور ؛ لأنها وقعت في سياق على جميع أفراد الشيء له الرجلية بلا نقصان وكذا رجال فيكون محصورا (لمحرره).

(٨) وعشرة جمع منكور محصور ؛ لأنها لا يطلق على ما فوقها وعلى ما دونها وقس عليه عشرون (م).

٤٠٧

عشرون) وانما اشترط أن يكون غير محصور ؛ لأنه إن كان محصورا على أحد الوجهين وجب دخول ما بعد (إلا) فيه ، فلا يتعذر الاستثناء ، نحو : (كلّ رجل إلا زيد جاءني) و (له عليّ عشرة إلا درهما).

وإنما يصار عند وجود هذه الشرائط (١) إلى حمل (إلا) على غير ، (لتعذر (٢) الاستثناء) عند وجودها ، فيضطر إلى حملها على (غير).

وإنما قلنا (٣) في صدر هذا الكلام : إن (إلا) لا تحمل على الصفة غالبا فقيدناه بقولنا : (غالبا) (٤) لأنه قد يتعذر الاستثناء في المحصور نحو : (جاءني مئة رجل إلا زيد) وقد لا يتعذر في غير المحصور نحو : (ما جاءني رجال إلا واحدا ، أو إلا رجلا أو إلا حمارا) ولكن (٥) لما كان ذلك نادرا لم يلتفت المصنف إليه في بيان هذه القاعدة نحو :

__________________

(١) الثلاثة أن تكون إلا تابعا لجمع وأن يكون الجمع منكرا غير معرف باللام وأن يكون أيضا غير محصور بأحد الوجهين (م).

(٢) متعلق بقوله : (كما حملت) وعلة له إذا كان اللام للتعليل وإذا كان اللام ظرفية بمعنى تعذر يكون قوله : (لتعذر) بدلا عن إذا في إذا كانت فيكون الكلام صريحا في أن المدار هو التعذر (زيني زاده).

ـ فإن قلت : لم لم يشترطوا في حمل غير على إلا تعذر الوصفية واشترطوا في حمل إلا على غير تعذر الاستثناء؟ قلت : لأن في الثاني مخالفة القياس ؛ لأن استعمال الحرف صفة على خلاف القياس لكونه استعمال حرف بمعنى الاسم بخلاف الأول ؛ لأن استعمال الاسم للاستثناء ليس ببعيد عن القياس لوجود مثله ك : سوى وسواء فالوجه في احتياج الثاني إلى الاشتراط لكونه خروجا عن القياس دون الأول ظاهر (عافية شرح الكافية).

(٣) قوله : (وإنما قلنا) هذه الزيادة لدفع شبهة وهي أن مناط حمل إلا على الصفة تعذر الاستثناء وما ذكره من الضابطة لا يوجب التعذر وانتفائه لا يوجب عدم التعذر فلا يكون الضابط مطردا ولا منعكسا فوجب أن يقال لجمع غير معلوم تناوله المستثنى وعدمه وقد يتكلف بأن المراد بغير المحصور غير معلوم لئلا يلزم بينهما تخالف التلازم بينهما غالبا (عب).

(٤) فيكون قوله : (غالبا) في صدر هذا الكلام لدفع شبهة وهي أن يقال إن مرجع حمل إلا على الصفة لتعذر الاستثناء وقول المصنف إذا كانت تابعة لجمع منكور غير محصور لا يستلزم تعذر الاستثناء لعدم تعذره جاءني رجال إلا واحدا ورجلا ولا يستلزم انتفاء صحة الاستثناء في جاءني مائة رجل إلا زيد فلا يكون هذه القاعدة كليا لخروج نحو مائة رجل إلا زيد ولا مانعا لدخول نحو رجال إلا واحد وإلا رجلا وإلا حمارا (لمحرره رضا).

(٥) جواب سؤال مقدر وهو أن المصنف لم لم يقيد بقوله : (غالبا) وأجاب بما نرى (رضا).

٤٠٨

(لو كان فيهما) ، أي : في السماء والأرض (آلهة) جمع إله ، ولا دلالة فيها على عدد محصور (إلا الله) (١) أي : غير الله (لفسدتا) (٢) أي : لخرجتا عن الانتظام.

ف : (إلا) (٣) في الآية صفة ؛ لأنها تابعة لجمع منكور غير محصور هي (آلهة).

ويتعذر الاستثناء ، لعدم (٤) دخول (الله) في (آلهة) بيقين فلم يتحقق شرط (٥) صحة الاستثناء.

__________________

(١) لأن النادر في حكم المعدوم فلا ينتقض به القاعدة.

ـ وإلا بمعنى غير مبني على السكون لا محل له لكونه حرفا عند الجمهور كلا إذا كان بمعنى غير ؛ لأن مناط الاسمية والفعلية والحرفية المعنى الموضوع لا المعنى المجازي (عصام).

ـ وفي حاشية القاضي خلافا لبعضهم فإنه يقول إن الاسم أجري إعرابه فيما بعده كما قيل : في لا نحو قولك : زيد لا قائم ولا قاعد بمعنى وجعل إعرابه فيما بعدها بطريق العارية على ما صرح به السخاوي واختار البركوي في الامتحان (رضا).

(٢) وفي تعيينه الآية للمثال المطلوب إشارة إلى رد قول من قال إن قيد غير محصور للاحتراز عن جمع القلة ؛ لأن آلهة ومنه ؛ لأنها بوزن أفعلة وإلا هاهنا بمعنى غير لكونها تابعة لجمع منكور غير محصور وهو الآلهة ولو لا حملت إلا هاهنا على الاستثناء يلزم الفساد في الآية من حيث المعنى لأن المعنى حينئذ يصير لو كان فيهما آلهة مستثنى عنها الله لزم فسادهما والتوحيد الذي هو المطلوب من الآية لا يحصل على ذلك التقدير ؛ لأنه لا يجوز أن يكون فيهما آلهة ولم يستثنى عنهم الله ولم يلزم الفساد والأمر ليس كذلك ؛ لأن المراد من الآية هو الرد على المشركين القائلين بأن مع الله إلها آخر سواء كان الله مستثنى عنهم أو لا. فإن قلت : هذا الفساد بعينه لازم على تقدير الوصفية أيضا ؛ لأن معناها حينئذ لو كان فيهما آلهة موصوفة مغايرة لله لفسدتا فاللازم منه انتفاء المجموع وهو قد يكون بانتفاء الوصف لا بانتفاء الآلهة؟ قلت : انتفاء ذلك المجموع إن كان بانتفاء الآلهة ثبت المطلوب وإن كان بانتفاء الوصف فكذلك ؛ لأن انتفاء وصف المغايرة وحقيقتها يستلزم ارتفاع تعد قطعا وفي تحقيق هذه الآية مباحث كثيرة لا يليق ذكرها في هذا الكتاب (عافية شرح الكافية).

(٣) قوله : (فإلا صفة) قال سيبويه : لا يجوز هاهنا إلا الوصف يعني لم يجز البدل ؛ لأنه لا يكون إلا في غير الموجب قال المصنف : ولا يعتبر النفي المستفاد من لو ؛ لأن النفي المعنوي ليس كاللفظي إلا في قلما وأقل وإبى وأيضا البدل لا يجوز إلا حيث يجوز الاستثناء (عب).

(٤) وهذا الدليل لا يثبت تعذر مطلق الاستثناء بل تعذر المتصل.

(٥) وهو وجوب الدخول في المتصل ولا المنقطع ؛ لأن عدم دخوله غير معلوم بيقين.

٤٠٩

وفي الآية مانع آخر عن حمل (إلا) على الاستثناء ، وهو أنه لو حملت عليه صار المعنى : لو كان فيهما الهة مستثنى عنها الله لفسدتا.

وهذا لا يدل إلا على أنه ليس فيهما آلهة مستثنى عنها الله (١) ، وبهذا لا يثبت وحدانية الله تعالى ، لجواز أن يكون حينئذ فيهما آلهة غير مستثنى الله عنها ، بخلاف ما إذا كانت للصفة بمعنى (غير) ، فإنه يدل على أنه ليس فيهما آلهة غير الله.

وإذا لم يكن فيهما آلهة غير الله يجب (٢) أن لا يتعدد الآلهة ؛ لأن التعدد يستلزم المغايرة.

(وضعف) حمل (إلا) على (غير) (٣) (في غيره) أي : في غير جمع منكور غير محصور ، لصحة الاستثناء حينئذ.

ومذهب سيبويه : جواز وقوع (إلا) صفة (٤) مع صحة الاستثناء ، قال يجوز في قولك : (ما أتاني أحد إلا زيد) أن يكون (إلا زيد) صفة.

وعليه أكثر المتأخرين تمسكا بقوله (٥) :

وكل أخ (٦) ...

__________________

(١) لأنه إذا لم تفسد لزم أن يكون فيهما آلهة داخل فيها الله وهذا شرط محض (م).

(٢) قوله : (بحيث أن لا يتعدد الآلهة) أي : يجب أن لا يكون إله إلا الله ؛ لأن التعدد يستلزم المغايرة والمغايرة مستلزم للفساد وانتفاء اللازم مستلزم لانتفاء الملزومات كلها كما أن إثبات الملزوم مستلزم لإثبات لوازمه كلها (لاري).

(٣) أعني : ضعف إخراج إلا عن معناها الحقيقي الذي هو الاستثناء واستعمالها في المعنى المجازي الذي هو الحمل على غير (م).

(٤) إذا كانت تابعة لغير جمع منكور اه من غير ضعف (....).

(٥) أي : لقول عمرو بن معدي كرب وهو جاهلي لا يقول بفناء العالم قال أبو سعيد قال هذا البيت جاهلي لا يقر بالبعث وينكر فناء العالم ويجوز أنهما لا يفترقان ما دامت الدنيا باقية وإذا فنيت افترقا ويكون من قبيل إطلاق العام وإرادة الخاص (لباب).

(٦) أول البيت :

وكل قرينة قرنت بأخرى

وإن ضمت بها يفترقان

 ـ والبيت يحتمل وجوها من الإعراب أحدها : أن يكون كل مبتدأ ومفارقة خبره وإخة وـ

٤١٠

مفارقه أخوه لعمر (١) أبيك إلّا الفرقدان

ف : (إلا) الفرقدان صفة لكل أخ ، لا استئناء منه ، وإلا وجب أن يقال : إلا الفرقدين بالنصب ، وحمل المصنف ذلك على الشذوذ وقال :

في البيت شذوذان آخران ، أحدهما : وصف (كل) دون المضاف إليه والمشهور وصف المضاف إليه (٢) ؛ إذ هو المقصود ، و (كل) لإفادة الشمول فقط.

وثانيهما : الفصل بالخبر بين الصفة والموصوف وهو قليل.

(إعراب سوى وسواء النصب على الظرفية) (٣) أي : بناء على (٤) ظرفيتهما ؛

__________________

ـ فاعل مفارقة ، والثاني أن يكون كل مبتدأ أول ومفارقة مبتدأ ثان إخوة خبر الثاني والجملة خبر الأول ، والثالث: أن يكون كل مبتدأ وإخوة مبتدأ ثان ومفارقة خبره المقدم والجملة خبر المبتدأ الأول ، والرابع أن يكون كل مبتدأ والخامس : أن يكون مفارقة بدلا عن كل وإخوة مبتدأ كل أخ مفرقة خبر مقدم (شرح اللباب).

(١) والعمر بمعنى البقاء والمستعمل في القسم الفتح وهو مبتدأ محذوف الخبر أي : قسمي والفرقدان كوكبان من بنيات النعش الصغرى قريبا من القطب يطلعان دائما في أكثر الآفاق الشمالية لا أن يطلع أحدهما أو يغرب الآخر حتى يفارق أحدهما الآخر (وجيه الدين).

ـ مبتدأ خبره محذوف وجوبا أي : بقاء ابنيك وذاته ما أقسم به أن الأمر في الواقع كذلك (....).

ـ والقطب كوكب بين الجدي والفرقدين يدور عليه الفلك قال الأزهري وهو صغير أبيض لا يبرح مكانه أبدا وقطب القوم سيدهم الذي يدور عليه أمرهم وصاحب الجيش قطب رحى الحرب والجمع أقطاب (أختري).

ـ والمراد من الاستشهاد جعل الفرقدان صفة لكل أخ يعني الفرقدان كوكبان متصاحبان أبدا لا يفارقهما وكل أخ يفارق أحدهما من الآخر إما بالموت أو المسافرة (مكمل).

(٢) كقوله تعالى : (وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍ)[الأنبياء : ٣٠] ؛ لأن الحي بالجر صفة شيء.

(٣) وأشار الشارح بقوله : (أي : بناء على ظرفيتهما) إلى أن من قول المصنف على الظرفية مسامحة.

(٤) قال الشيخ الرضي ما حاصله أن سوى في الأصل صفة ظرف مكان وهو مكانا قال الله تعالى : (مَكاناً سُوىً)[طه : ٥٨] أي : مستويا ثم حذف الموصوف وأقيم الوصف مقامه مع قطع النظر عن معنى الاستواء فصار بمعنى مكانا فقط ثم استعمل استعمال لفظ مكان في إفادة معنى البدل تقول : أنت لي مكان عمرو أي : بدله ؛ لأن البدل كائن مكان البدل منه ثم استعمل بمعنى البدل في الاستثناء لأنك إذا قلت : جاءني القوم بدل زيد أفاد أن زيدا لم يأتك ثم جرد عن ـ

٤١١

لأنك (١) إذا قلت : جاءني القوم سوى أو سواء زيد) فكأنك قلت : (مكان زيد) على المذهب (الأصح) وهو مذهب سيبويه فهما عنده لازما الظرفية.

وعند الكوفيين : يجوز خروجهما على الظرفية ، والتصرف فيهما رفعا ونصبا وجرا ك : (غير) (٢) متمسكين بقول الشاعر (٣) :

ولم (٤) يبقى سوى العدوان دنّاهم (٥) كما دانوا

__________________

ـ معنى البدل المطلق الاستثناء فسوى في الأصل بمعنى مكان مستو ثم صار بمعنى مكان ثم بمعنى بدل ثم بمعنى الاستثناء وظهر من هذا التحقيق أنه ظرف بحسب المعنى المراد فالبصريون نظروا إلى معنى الأصل والكوفيون إلى معنى المراد (لاري).

(١) كأنه قيل : إن الظرفية لا يخلو من أن يكون زمانا أو مكانا سوى وسواء ليسا من الزمان والمكان فأجاب بقوله : لأنك اه (لمحرره).

(٢) أي : كما يتصرف في غير رفعا ونصبا وجرا على حسب العوامل (م).

(٣) وهو سليمان بن شيبان ، وأول البيت :

فلما أصبح الشر وأمسى وعريانه

ولم يبق سوى العدوان دناهم كما دنواه

ـ أي : فلما ظهر الشر واستقر واشتد ولم يبق سوى العدوان ، ولفظ سوى مرفوع تقديرا على أنه فاعل لم يبق ، والعدوان كغفران بمعنى العداوة وقوله : (دناهم) أي : جازيناهم كما دانوا ، أي : كما فعلوا جواب لما وأجيب عنه بأنه محمول على الضرورة أو الشذوذ أو أن سوى ليس بفاعل لم يبق بل صفة لموصوف مقدر أي : لم يبق شيء سوى العداوة بل لقيت العداوة فقط (حاشية التيروي).

(٤) أول البيت :

فلما صرح البشر وأمسى وهو عريان

ـ عطف على قوله : (صرح في البيت السابق) وسوى فاعل لم يبق والعدوان بضم العين الظلم الصريح والعريان ودناهم جزيناهم من الدين وهو الجزاء يقال : دينا جازاه وهو جواب لما وصرح الشر يعني انكشف وصرحه أي : كشفه وأظهره ، وفي بعض النسخ مكان صرح أصبح وهي تامة وكذا أمسى بمعنى دخل في الصبح والمساء الشر والمعنى لما أظهر الشر كل الظهور ولم يبق بيننا وبينهم سوى الصبر على الظلم الصريح وتجاوز والأخذ والإنصاف إلى استعمال الظلم جزيناهم بمثل ما ابتدؤونا به (وجيه الدين).

(٥) أصله ديناهم مثل بيعنا فاعل أي : من الدين بكسر الدال وهو الجزاء كما قال الله تعالى : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)[الفاتحة : ٤] أي : يوم الجزاء من دان يدين (شرح أبيات).

٤١٢

وزعم الأخفش : أن سواء إذا أخرجوه عن الظرفية أيضا نصبوه استنكارا لرفعه فيقولون: (جاءني سواءك) وفي الدار سواك ومثل : (١) هذا في استنكار الرفع فيما غلب انتصابه على الظرفية قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] بالنصب.

(خبر كان وأخواتها)

(خبر (٢) كان (٣) وأخواتها)

وستعرفها في قسم الفعل إن شاء الله تعالى.

(وهو المسند بعد دخولها) أي : بعد دخول (كان) أو إحدى أخواتها.

والمراد (٤) ببعدية المسند لدخولها : أن يكون إسناده (٥) إلى اسمها واقعا بعد دخولها على اسمها وخبرها ، ولا شك أن ذلك إنما يتصور بعد تقرير الاسم والخبر.

__________________

(١) أي : مثل ما أخرجوه عن الظرفية ونصبوه (م).

(٢) مبتدأ خبره محذوف أي: ومنها والجملة الإسمية عطف لا محل لها عطف على الجملة القريبة أو البعيدة (م ع).

(٣) مضاف إليه لخبر على تقدير الحكاية في كان وهو الأكثر ويجوز عدم اعتبار الحكاية فيه فهو حينئذ مجرور بالكسر والتنوين إن أول باللفظ لكونه منصرفا مضافا إليه لخبر أو مجرورة بالفتحة بلا تنوين إن أول بالكلمة مضاف إليه الخبر كما في الرضي فاحفظه فإن أكثر الناس عنه غافلون بل بعضهم لعدم معرفة هذه القاعدة إذا سمعها منكرون وقد تقدم فيما سبق (زيني زاده).

(٤) قوله : (والمراد ببعديته اه) حاصله أن المراد أن يكون الخبر مسندا إلى اسم تقرره فيه وجعله خبرا لكان ؛ إذ الإسناد الواقع بين أجزاء الخبر نحو ليس بعد تقرره وجعله خبرا لكان بل كان قبله فلا يصدق على نحو يضرب أنه مسند إلى أبوة بعد تقرره وجعله خبرا هذا الإيراد عليه أنه مسند إلى الاسم حين تقرره خبرا وجعله خبرا لكان ؛ إذ لا يتصور تقرر وخبرا سابقا على الإسناد إلى الاسم ؛ إذ هما يحصلان معا حين التكلم بالتركيب اللهم إلا أن يقال المراد أن لا يكون الإسناد إلى الاسم قبل تقرره خبرا وهذا لا ينافي للمعية (وجيه الدين).

(٥) أي : إسناد خبر كان أو إحدى أخواتها لا إسناد كان كما يتبادر إلى الفهم.

٤١٣

فالإسناد الواقع بين أجزاء الخبر (١) المقدم على تقرره لا يكون بعد دخولها بل يكون قبله (٢) ، فلا ينتقض التعريف بمثل : (كان زيد يضرب أبوه) ولا بمثل (كان زيد أبوه قائم) بأن (٣) يقال : يصدق على (يضرب ، وقائم) في هذين المثالين المعرف وليسا من أفراد المعرف.

ويمكن أن يقال في جواب هذا النقض : إن المراد بدخولها ورودها للعمل (٤) فيما وردت عليه ، كما سبقت الإشارة إليه في خبر إن وأخواتها (مثل (كان زيد قائما) (٥) وأمره) أي : وأمر خبر كان وأخواتها ، كأمر خبر المبتدأ ، في أقسامه (٦) وأحكامه وشرائطه ، على ما سبق (٧) في بحث المبتدأ والخبر (و) لكنه (٨) (يتقدم) (٩) على اسمها حال كونه (معرفة) حقيقة أو حكما (١٠) ، ...

__________________

(١) لا يقال وكذا الإسناد الواقع بين الخبر والاسم بناء على أنها يدخل الجملة الاسمية لأنا نقول ذلك الإسناد قد غير بدخولها (عب).

(٢) وهذا رد على الرضي حيث قال : ويدخل في التعريف نحو قائم في قولك : كان زيد أبوه قائم مع أنه ليس بخبر كان ويصدق عليه أنه المسند بعد دخول كان (م).

(٣) متعلق بقوله : (فلا ينتقض) وبيان لوجه الانتقاض وتفسير له (م).

(٤) أي : لرفع الاسم ونصب الخبر لفظا أو تقديرا أو محلا (م).

(٥) فإن قائما مسند إلى زيد بعد دخول كان لزوال الإسناد أي : الحاصل بالعامل المعنوي بدخول العامل اللفظي (م).

(٦) قال الشيخ الرضي ما حاصله : إن خبره قد يختص ببعض الأحكام منها أن خبر كان لا يكون ماضيا عند درستويه وأما عند الجمهور فيقبح أن يكون ماضيا إلا مع قد ظاهرة أو مقدرة والأولى ما ذهب إليه ابن مالك تجويز وقوع خبرها ماضيا بلا قد فلا يقدرها في قوله تعالى : (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ)[يوسف : ٢٧] (عب).

(٧) من كون الأقسام مفردا وجملة ونكرة ومعرفة وكون الأحكام واحدا ومتعددا ومثبتا ومنفيا ومحذوفا ومذكورا وكون الشرائط إذا كان الخبر جملة فلا بد من عائد ولا يحذف إلا إذا علم.

(٨) استدراك من التشبيه المفيد للتسوية وبيان الفرق بينهما (م).

(٩) بمنزلة للاستثناء عن الحكم المذكور المتقدم فكأنه قال وأمره كأمر خبر المبتدأ إلا في جواز تقديمه على اسمه فإنه يجوز فيه إذا كان معرفة اه (عوض).

(١٠) مثل قولك : كان خيرا من جاهل رجل عالم وأما إذا كان خبر المبتدأ معرفة أو نكرة فيجب تقديم المبتدأ على الخبر لئلا يقع الالتباس فيها.

٤١٤

كالنكرة المخصصة لاختلاف (١) اسمها وخبرها (٢) في الإعراب ، فلا يلتبس أحدهما بالأخر وذلك إذا كان الإعراب فيهما أو في أحدهما لفظيا (٣) ، نحو : (كان المنطلق زيد) أو (كان هذا زيد) بخلاف (٤) المبتدأ والخبر فإن الإعراب فيهما لا يصلح للقرينة لاتفاقهما فيه ، بل لا بد من قرينة رافعة للبس.

وكذلك (٥) إذا انتفى الإعراب في اسم (كان) وخبرها جميعا ولا قرينة هناك لا يجوز تقديم الخبر نحو : (كان الفتى هذا).

(وقد (٦) يحذف عامله) أي : عامل خبر كان (٧) ، وهو (كان) لا خبر كان وأخواتها ؛ لأنه لا يحذف من هذه الأفعال إلا (كان) ، وإنما اختصت بهذا الحذف لكثرة استعمالها في مثل : (الناس (٨) مجزيّون بأعمالهم (٩) ...

__________________

(١) هذا جواب لسؤال مقدر كأنه قيل : لم قدم خبر كان على اسمها قال لاختلاف إلخ (المحررة).

(٢) لأن في الأول رفع وفي الثاني نصب فيحصل قدم أو تأخر.

(٣) أشار إلى أن إطلاق المصنف ليس على ما ينبغي ولا بد من تقييده (وجيه الدين).

(٤) لأنه إذا كانا معرفتين أو متساويين في التعريف أو لا يجب تقديم المبتدأ لدفع الالتباس (المحررة).

(٥) أي : كعدم جواز تقديم الخبر على المبتدأ إذا انتفى الإعراب وأما ما وقع في بعض التفاسير في قوله : (فَما زالَتْ تِلْكَ دَعْواهُمْ)[الأنبياء : ١٥] أن تلك خبر فلعل ذلك مبني على أن الخفاء في تعيين الدعوى لا في كون تلك دعوى (عب).

(٦) استئناف أو اعتراض أو عطف على جملة بتقدم أو على جملة محذوفة أي : يذكر عامله كثيرا وقد يحذف اه (م ع) وإنما لم يقل قد يحذف كان مع أنه أخصر وأظهر ؛ لأن منابه ما ذكره المقام أكثر.

ـ كل موضع جاء حرف الشرط فيه منصوب أو مرفوع أحدهما مقارن بالفاء وإنما جاز الحذف هاهنا لدلالة حرف الشرط عليه (عافية).

(٧) فالضمير راجع إلى خبر كان لا إلى مجموع كان وأخواتها فلا يرد اعتراض الرضي بأن قال ما كان ينبغي للمصنف هذا الإطلاق ؛ لأنه لا يحذف من هذه الأفعال إلا كان (وجيه الدين).

(٨) (قال في مثل الناس) قال الشيخ الرضي يحذف كان مع اسمها بعد لو وإن كان اسمها ضميرا علم من غائب أو حاضر نحو اطلبوا العلم ولو بالصين أي : ولو كان العلم بالصين وبعد لدن وأخواتها نحو رأيتك لدن قائما أي : لدن كنت قائما (عب).

(٩) لقوله تعالى : (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ)[غافر : ١٧] ولما قيل : وللعباد أفعال بها يثابون وعليها يعاقبون يعني الأفعال الاختيارية (م).

٤١٥

إن خيرا فخير وإن شرا فشر) (١).

(ويجوز في مثلها) أي : في مثل : هذه الصورة (٢) ، وهي أن يجيء بعد (إن) اسم ثم فاء بعده اسم (٣) (أربعة أوجه) نصب الأول ورفع الثاني وهو أقواها (٤) نحو : (إن خيرا فخير) أي : إن كان عمله خيرا فجزاؤه خير.

ونصبهما ، نحو : (إن خيرا فخيرا) على معنى : إن كان عمله خيرا ، فكان جزاؤه خيرا ، ورفعهما نحو : (إن خير فخير) أي : إن كان في عمله خير فجزاؤه خير. وعكس الأول ، نحو : (إن خير فخيرا) أي : إن كان في عمله خير جزاؤه خيرا ، وقوة (٥) هذه الوجوه وضعفها بحسب قلة الحذف وكثرته ، (ويجب (٦) الحذف (٧) أي : حذف عامله ، يعني : (كان) (في مثل (٨) : ...

__________________

(١) ونحو المرء مقتول بما قتل إن سيفا فسيف وإن خنجرا فخنجر الخنجر سيف قصير إن راكبا فراكب وإن راجلا فراجل.

(٢) أشار إلى أن الضمير راجع إلى التركيب السابق بتأويله بالصورة.

(٣) والمراد من الاسم هاهنا ليس اسم كان بل اسم مطلق لا فعل وحرف.

(٤) لقلة الحذف فيه وقوع المعنى ولكون الجملة الاسمية جزاء بعد الفاء أكثر وقوعا من الفعلية.

(٥) قوله : (وقوة هذه الوجوه) فالوجه الأول أقوى لقلة الحذف فيه ؛ لأنه حذف من الشرط كان واسمها ومن الخبر المبتدأ فالمجموع المحذوف من الشرط والجزاء ثلاثة أشياء وأيضا هو أقوى من جهة المعنى بخلاف الثالث والرابع فإن المراد إن كان نفس عمله ؛ لا أن له أعمالا ولا في تلك الأعمال خير ويكون جزاء تلك الأعمال باعتبار تضمنه ذلك الخبر والرابع أضعف لكثرة الحذف فيه ؛ لأنه حذف في الثاني من الشرط كان والجار والمجرور من الجزاء كان واسمها فالمحذوف من مجموع الشرط والجزاء خمسة أشياء والثاني والثالث دون الأول وفرق الرابع ؛ لأنه حذف في الثاني من الشرط كان واسمها وكذا من الجزاء وفي الثالث من الشرط كان واسمها وكذا من الجزاء (وجيه الدين).

(٦) ولم يقل وقد يجب لإفهامه مما سبق ؛ لأن المعطوف في حكم المعطوف عليه ولذا ورد الحذف باللام وإنما وجب حذف كان هاهنا ؛ لأن ما عوض عنها يدل على الحذف فلو أوفى بكان لزم اجتماع العوض والمعوض عنه وهو غير جائز. متوسط وغيره.

(٧) أراد به كل موضع قام فيه مكان كان غيره مع وجود القرينة على المحذوف. عوض.

(٨) قوله : (في مثل ما أنت منطلقا) وإنما بين تقدير هذا المثال بقوله أي : ؛ لأن كنت دون المثال السابق ؛ لأن هنا داعيين أحدهما الرد على الكوفيين حيث جعلوا أن المفتوحة في هذا المثال كلمة الشرط كالمكسورة وثانيهما التنبيه على أن ما إن هذه مفتوحة وإنما اختاره مع أن ـ

٤١٦

أمّا أنت منطلقا (١) انطلقت أي : ؛ لأن كنت) منطلقا انطلقت ، فأصل أما أنت ؛ لأن كنت ، حذفت للام قياسا ، ثم حذفت كلمة (كان) اختصارا ، فانقلب الضمير المتصل منفصلا ، وزيدت (٢) لفظه (ما) بعد (إن) في موضع (كان) عوضا عنها وأدغمت النون في الميم ، وأبقى الخبر على حاله ، فصار (٣) : أما أنت منطلقا انطلقت ، وهذا تقدير فتح الهمزة.

وأما على تقدير كسرها (٤) ، فالتقدير : إن كنت منطلقا انطلقت ، فعمل به ما عمل بالأول من غير فرق إلا حذف (٥) اللام ، إذ لا لام (٦) فيه (٧) ، واقتصر المصنف على الأول؛ لأنه أشهر.

__________________

ـ أما مكسورة كالمفتوحة في وجوب الحذف بعدها ؛ لإنها أكثر استعمالا صرح به ابن مالك عصام الدين.

(١) أشار إلى أن الألف واللهم عوض عن المضاف إليه خبر لكان المحذوف والجملة بعد التأويل مجرور المحل باللام المقدر ومحل بعد المنصوب مفعول له لانطلقت المؤخر خلاصة م ع.

(٢) وإنما خص ما بالزيادة إما لمناسبتها الفعل في أنها مصدرية في الأصل أو لكونها مشابهة بأخت ولا وإن كذلك لكنه أقل منها مشابهة عافية (يعني لما حذف منه ما يتصل به تاء الخطاب) أعني كان ولم يستتر المتكلم بالضمير المتصل دون ما يتصل به أوتي به ضمير الخطاب المرفوع المتصل أعني أنت سيد علي.

(٣) فعلى هذا يكون المعنى إن كنت منطلقا في زمان لاستقبال انطلقت فيه.

(٤) وأما الكوفيون فالتقدير عندهم إن ما كنت منطلقا بكسر الهمزة فإن عندهم للشرط قطعا وإن جوزوا فتح همزتها تسهيلا لدخولها على الاسم فعندهم جاز الجزم في الفعل الواقع بعده ذكره الكسائي (عافية شرح الكافية).

(٥) قوله : (إلا حذف اللام) وأيضا فيه ما مزيدة للتأكيد لا للتعويض كما في (وَإِمَّا تَخافَنَ)[الأنفال : ٥٨] ؛ لأنه يذكر الفعل بعد ما كذا في المفصل فعلى هذا لا يحذف كان فيه وجوبا كما يشعر به كلام الشارح قال الرضي ويحذف كان مع إما المكسورة قليلا قال سيبويه لم يجز حذف الفعل مع إما المكسورة ولعل المصنف لم يذكر إما المكسورة لأجل هذا وجيه الدين.

(٦) لأن حرف الجر لا يدخل على حرف الشرط لئلا يبطل الصدارة لمحرره.

(٧) أي : في الثاني فيحذف فالمعنى فيهما على المعنى ؛ لأن حرف الشرط في الثاني لا يغير معنى كان الدال على الماضي فيهما م ح.

ـ أو يستقيم المعنى على الشرط بدون اللام بخلاف المفتوحة فإن لا يستقيم المعنى بدون اللام ؛ لأن المعنى المنطلق لأجل انطلاقك.

٤١٧

(اسم إن وأخواتها)

وستعرفها في قسم الحرف إن شاء الله تعالى.

(وهو المسند إليه بعد دخولها) أي دخول (إن) أو إحدى أخواتها (مثل : إن زيدا قائم) وبما عرفت من معنى البعدية ، والدخول فيما سبق اندفع انتقاض هذا التعريف هاهنا أيضا بمثل : (أبوه) في مثل : (إن زيدا أبوه قائم).

(المنصوب (١) ب : (لا) التي لنفي الجنس)

أي : لنفي صفة الجنس ، وحكمه (٢).

وإنما لم يقل اسم (لا) لأنه ليس (٣) كله ولا أكثره من المنصوبات ، فلا يصح جعله مطلقا من المنصوبات ، لا حقيقة ولا مجازا ، بل بالمنصوب منه أقل مما عداه (٤) ، فلا بد من التعبير بالمنصوب بها ، بخلاف ما عداه من المنصوبات فإن بعضها وإن لم يكن كله من المنصوبات ، لكن أكثره منها ، فأعطى للأكثر (٥) حكم الكل ، فعد الكل منها تجوزا.

__________________

(١) مبتدأ محذوف الخبر لم يقل اسم لا ؛ لأنه على الإطلاق ليس من المنصوبات. هندي.

ـ قوله : (المنصوب) يريد المنصوب لفظا أو تقدير وإلا لم يكن التعريف جامعا ومانعا. ع ص.

(٢) بحذف المضاف ؛ لأن النفي بها الصفة والحكم فإن المقصود في قولك : لا غلام رجل ظريف تفي ظرافة غلام الرجل فكأنك قلت لا ظرافة لغلام الرجل فكان المنفي بها الصفة والحكم ولكن حذف اختصارا. م ح.

(٣) قوله : (لأنه ليس كله ولا أكثره من المنصوبات) يعني : أنه ليس كل من المنصوبات إلا أن بعضه من المرفوعات وبعضه من المبنيات فلا يصح جعله مطلقا من المنصوبات ولا أكثره منها ؛ لأن المنصوب أقل فلا يصح جعله مطلقا من المنصوبات سواء وجد شرطه أو لا مجازا بأن يعطى للأكثر حكم الكل بخلاف غير ، من المنصوبات كالمفعول المطلق والمفعول به والمفعول له وغيرها كالمفعول المطلق وأكثرها كالمفعول به وغيره فإنها قد تكون مبنية وقد تكون مجرورة من المنصوبات وجيه الدين.

(٤) أي : من غير المنصوب ؛ لأن ما دخلت هي عليه ثلاثة أقسام على ما سيأتي والمنصوبات منها قسم واحد فيكون أقل م.

(٥) وفي هذا المكان قلب فأعطى للكل حكم الأكثر وهو من الكل من المنصوبات حاشية.

٤١٨

ولا يبعد (١) أن يقال : اسم (لا) هو المنصوب بها لفظا ، كالمضاف وشبهه أو محلا(٢) كما هو مبني منه على الفتح.

وأما ما هو مرفوع فليس اسما لها ، لعدم عملها فيه.

(هو المسند إليه بعد دخولها لها) خرج به مثل : (أبوه) في (لا غلام رجل أبوه قائم) لما عرفت.

وهذا (٣) القدر كاف في حد اسمها مطلقا ، لكنه لما أراد حد المنصوب منه زاد عليه قوله (يليها) (٤) أي : يلي المسند إليه لفظه (لا) أي : يقع بعدها بلا فاصلة.

(نكرة مضافا أو مشبها به (٥) أي بالمضاف (٦) في تعلقه بشيء هو من تمام معناه.

هذه (٧) أحوال مترادفة من الضمير المجرور في (إليه).

أو الأولى منه ، أو من الضمير المجرور في (دخولها ، وما بقى من الضمير المرفوع في (يليها) (مثل (لا غلام رجل) مثال لما يليها نكرة مضافا.

__________________

(١) قوله : (ولا يبعد) اه تزييف لما سبق من أن غير المنصوب منها أقل والمنصوب في لا لنفي الجنس أقل (عصام).

(٢) أي : ما ينصب ب : لا رجل في الدار فإن رجلا وإن لم يكن منصوبا لفظا أو تقديرا إلا أنه منصوب محلا ولذا يجوز الحمل على محله نحو لا رجل ظريفا بالنصب حملا على محل القريب. توقاوي.

(٣) قوله : (وهذا القدر) كاف فيه إن المرفوع بعدها معرفة كان أو نكرة لا يسمى اسما لها فالتعريف غير مانع اللهم إلا أن يعني بالدخول عليه العمل فيه عب.

(٤) والجملة حال من ضمير دخولها فإنها وإن كان مضافا إليه في الظاهر إلا أنه فاعل في المعنى م ع.

(٥) قال : أو مشبها به إن قيل ما تقول في قوله تعالى : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ)[يوسف : ٩٢] ، أي : لا تقبيح عليكم بعملكم ولا عاصم اليوم من أمر الله فإن حرفي الجر صلتان للمصدر واسم الفاعل وهما لا يتمان بدون صلتهما فيكونان مشبهتين بالمضاف مع أنهما مبينان على الفتح أجيب عن الأول بأن الجار الأول مع مجروره خبره واليوم ظرف لعامله أو بالعكس وعن الثاني بأن قوله اليوم خبر أي : لا وجود عاصم اليوم. (لاوي).

(٦) وإذا اجتمعت هذه الشروط الثلاثة بأسرها تكون لا هذه ناصية لاسمها وإلا فلا ؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط شرح.

٤١٩

وفي بعض النسخ (لا غلام رجل ظريف فيها) وقد عرفت في المرفوعات تحقيق قوله (فيها) (١).

(ولا عشرين درهما لك) (٢) مثال لما يليها نكرة مشبها بالمضاف.

قوله (لك) ـ على النسخ المشهورة ـ من تتمة المثاليين كليهما.

(فإن كان) (٣) أي : المسند (٤) إليه بعد دخولها غير واقع على الأحوال المذكورة ، بل كان (مفردا) بانتفاء الشرط الأخير فقط ، وهو كونه مضافا أو مشبها به ـ أي يليها نكرة غير مضاف ولا مشبها به ـ ليترتب عليه قوله (فهو مبني على ما ينصب به) فإنه لو كان مفردا معرفة أو مفعولا فحكمه غير ذلك.

وقوله (على ما ينصب (٥) به) أي : على (٦) ما كان ينصب به المفرد قبل دخول (لا) عليه ، وهو الفتح في الموحد نحو : (لا رجل في الدار) والكسر في جمع (٧) المؤنث

__________________

(١) قوله : (هذه أحوال مترادفة) : الأحوال المترادفة أحوال واقعة عن ذي مال واحد والمتداخلة أحوال كل منها واقع عن ضمير حال سابق فأشار الشارح إلى أن هذه الأحوال أما من قبيل الأولى والثاني وجيه الدين.

(٢) خبر بعد خبر لا ظرف ظريف ولا مال ؛ لأن الظرافة لا يتقيد بالظرف ونحوه إنما أتى به لئلا يلزم الكذب بنفي ظرافة كل غلام رجل وليكون مثالا لنوعي خبرها الظرف في غيرها ج م.

(٣) والظرف خبر لا وقيل إن لك خبر لا في المثالين أي : كائنان لك م ع.

(٤) ولما فرغ من بيان شرائط ما يكون اسم لا منصوبا أراد أن يبين كونه مبنيا إلا أنه قدم بيان النصب لكون الإعراب أصلا م ح.

ـ أي إن كان الرسم الذي بعد لا مفردا أي : غير مضاف ولا مشابها به هذا هو المراد وإن كان ظاهر كلامه يقتضي أن يكون معا الضمير المنصوب بلا وليس بمراد لظهور فساده. (عوض أفندي).

(٥) أشار إلى أن للبناء شروط ثلاثة إن بلى المسند إليه لفظة لا وإن يكون نكرة وإن يكون مفردا غير مضاف ولا شبهة. (م ح).

(٦) فإن قلت : لم كان بناؤه على ما ينصب به دون غير قلت كون هذا الحق من الباقي في المفرد ثم لما كان المفرد مبنيا على ذلك لما ذكره بين التشبيه والجمع عليه إلحاق للفرع بالأصل. (عوض أفندي).

(٧) يشير إلى أن هذا الكلام يعني إن إطلاق النصب عليه مجاز بعلاقة الكونية ؛ لأن عند وجود هذه الشرائط لا يكون منصوبا بل لا يكون إلا مبنيا وإلى أن ينصب مسند إلى ضمير المفرد. (توقاوي).

٤٢٠