شرح ملّا جامي - ج ١

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
الجزء ١ الجزء ٢

استعماله بحرف الجر (١) ، لكنه حذف لكثرة استعماله ، وهذا محل تأمل ، فإن الفعل لا يطلب المفعول فيه إلا بعد تمام معناه (٢) ، ولا شك (٣) أن معنى الدخول لا يتم بدون الدار.

وبعد تمام معناه بها يطلب مفعول فيه كما إذا قلت : (دخلت الدار في البلد الفلاني) فالظاهر أنه مفعول به لا مفعول فيه ، ومما يؤيد (٤) ذلك أن كل فعل نسب إلى مكان خاص بوقوعه فيه يصح أن ينسب إلى مكان عام شامل (٥) له ولغيره ، فإنه إذا قلت : (ضربت زيدا في الدار) (٦) التي هي جزء من البلد ، فكما يصح أن تقول (ضربت زيدا في الدار) كذلك يصح أن تقول : ضربته في البلد).

وفعل الدخول بالنسبة إلى الدار ليس كذلك ، فإنه إذا قال الداخل في البلد : (دخلت الدار) لا يصح أن يقول : (دخلت البلد) (٧) فنسبه الدخول إلى الدار ليست كنسبة

__________________

(١) يعني بلفظة في ويقال دخلت في الدار ولما عرفت أن الدار مكان معين والدخول لازم فلا بد من واسطة حرف الجر (توقادي).

(٢) وتمام معناه إن كان لازما بفاعله وإذا تم بفاعله يطلب المفعول فيه نحو جلست في مكانك كذا وصمت يوم الخميس وإن كان متعديا بالفاعل والمفعول به وإذا تم بهما يطلبه أيضا نحو : ضربت زيدا في مكان كذا وقرأت هذه المسألة أمامك (م).

(٣) قوله : (ولا شك ... إلخ) فيكون صلة له كما أن عن صلة لضده الذي هو الخروج استدل الشيخ الرضي على الدخول لازم بلزوم كلمة (في) في غير المكان ، ويكون الدخول فعولا والفعول من المصادر اللازمة غالبا لا يخفى أن ما ذكره يدل على نفي التعدي بلا واسطة (عب).

(٤) قوله : (ومما يؤيد ذلك) ما ذكر من التأييد مبني على استعمال العرب فإن جاء استعمال العرب كما قاله فلا كلام فيه وإلا فلا يصلح التأييد وذكروا في استدلاله أن مصدره الدخول والفعول في المصادر اللازمة أغلب وأنه ضد خرجت وهو لازم واستعمال دخلت وسكنت ونزلت مع في كثير (وجيه الدين).

(٥) (١٥) ؛ لأن الشامل ظرف لذلك الخاص ، وكلها هو ظرف للظرف يكون ظرفا لمظروفه كالدرة في الحقة والحقة في البيت فالدرة في البيت (محمد أفندي).

(٦) فالمكان الخاص هاهنا لفعلك هو الدار ؛ لأن فعلك الذي هو الضرب لم يصدر منك إلا فيها فكان الدار مكانا خاصا له والمكان العام البلد الذي جزء منه فكان البلد مكانا عاما لشموله لها وكون الدار جزءا منه. (توقادي).

(٧) لأنه لم يوجد منه الآن الدخول في البلد ؛ لأن الآن في البلد والدخول إنما يكون بعد الخروج والمفروض أن يكون في البلد ويدخل الدار (م).

٣٢١

الأفعال إلى أمكنتها (١) التي فعلت فيها.

فلا تكون الدار مفعولا فيه ، بل مفعولا به (٢).

وقيل معناه على الاستعمال الأصح ، فيكون اشارة إلى أن استعمال (دخلت) مع (في) نحو : دخلت في الدار ، صحيح (٣) ، لكن الأصح استعماله بدون (في) وتقل عن سيبويه : أن استعماله ب : (في) شاذ.

(وينصب) أي : المفعول فيه (بعامل مضمر) بلا شريطة التفسير نحو : (يوم الجمعة) في جواب من قال : (متى سرت؟) أي : سرت يوم الجمعة ، وبعامل مضمر (على شريطة التفسير) نحو : (يوم الجمعة صمت فيه) والتفصيل فيه بعينه كما (٤) مرّ في المفعول به.

(المفعول له)

(المفعول له) (٥)

__________________

(١) أي : فنسبة الدخول إلى الدار نسبة الفعل إلى المفعول به ، ونسبته إلى البلد نسبت إلى المفعول فيه (محمد أفندي).

ـ يعني : كنسبة كل فعل إلى مكان خاص له بل نسبة الدخول إلى الدار كنسبة الضرب إلى زيد فكما أن زيدا مفعول به كذلك الدار مفعول به (توقادي).

(٢) وفيه نظر ؛ لأنه لا يلزم من عدم صحة هذه النسبة أن يكون الدار مفعولا به.

ـ ولا يحتاج إلى وقوع فعل الفاعل إليه ؛ لأن الاحتياج إنما يكون في المفعول به الصريح (لمحرره).

(٣) كما أن استعمال سائر الأفعال المتعدية إلى الظروف الجائز نصبها مع في صحيح (م).

(٤) لكونه اسما بعده فعل مشتغل عنه بضميره أو متعلقه لو سلّط عليه هو أو مناسبه لنصبه ، نحو : يوم الجمعة صمت فيه ، والمفعول فيه في كون نصبه واجبا أو مختارا أو مساويا للرفع ومرجوحا فيجب النصب بعد حرف الشرط وحرف التحضيض ، نحو : يوم الجمعة سرت ، وهلا يوم الجمعة سرت فيه ، ويختار النصب بعد إذا الشرطية وحيث وحرف النفي والاستفهام وفي الأمر والنهي وعند خوف لبس المفسّر بالصفة ، نحو : كل يوم صمت فيه في الصيف بالعطف على جملة فعلية ، نحو : أفطرت يوم الخميس ويوم الجمعة صمت فيه ، ويستوي فيه الأمران في مثل : زيد سار ويوم الجمعة شربت فيه لأجله ، ويترجح الرفع بالابتداء عند عدم قرينة خلافه عند وجود أقوى ك : إذا المفاجأة ، وأما نحو : لقيت زيدا فإذا يوم الجمعة شاذ فيه (وجيه الدين وهندي).

(٥) مبتدأ محذوف الخبر أو خبر محذوف المبتدأ ، أي : هذا باب المفعول له وله مفعول ما لم يسم فاعله (هندي).

٣٢٢

(هو ما فعل لأجله) أي : لقصد تحصيله (١) ، أو بسبب وجوده.

وخرج به سائر المفاعيل مما فعل مطلقا أو به أو فيه أو معه.

(فعل) أي : حدث (مذكور) أي : ملفوظ حقيقة أو حكما.

فلا يخرج عنه ما كان فعله مقدرا كما إذا قلت : (تأديبا) في جواب من قال :

(ولم ضربت زيدا؟)

فقوله : (مذكور) احتراز به عن مثل : (أعجبني التأديب) (٢) فإن قلت : كيف يصح الاحتراز به عنه ، وهو ، أي : الفعل الذي فعل لأجله مذكور في الجملة (٣) كما في (ضربت زيدا؟) (٤).

قلنا : المراد مذكور معه.

فان قلت : هو مذكور معه في (ضربته تأديبا).

__________________

(١) إشارة إلى قسمي المفعول له العلة الغائية ، وسبب الحاصل فيكون قوله : (لأجله) محمولا على عموم المجاز (جلبي).

ـ قوله : (لقصد تحصيله أو بسبب وجوده اه) أراد أن المفعول له قسمان : قسم يفعل الفعل لأجل تحصيله ويكون غرضا ومقصودا من الفعل يحصل منه فيترتب عليه يكون علة بحسب التعقل ومعلولا بحسب الخارج ، وقسم يفعل الفعل لأجل وجوده ويكون حاصلا وموجودا قبل الفعل وهو العلة يكون علة في الخارج ، كقولك : قعدت عن الحرب جبنا ؛ فإن الجبن علة مؤثرة للقعود موجودة قبله. فإن قيل : التأديب عن الضرب فكيف يحصل قيل إنه يحصل به باعتبار تضمنه وهو التأدب ، الأدب : هو الاتصال بمكارم الأخلاق (وجيه الدين).

(٢) اعلم أن الغالب في المفعول له التنكير بحسب الاستعمال ، ولذلك توهم الجر من اشتراط تنكيره فلم يجوز كونه معرفة (كاملة).

ـ ونحو : كرهت التأديب فإن التأديب فعل الضرب إلا أنك لم تذكره في قولك : أعجبني التأديب (رضي).

(٣) أي : في بعض تركيب آخر ، فإن تأديبا محذوف من هذا كما أن الضرب محذوف من ذاك ، أي : أعجبني التأديب (هندي).

(٤) لأن ذكر الفعل الذي لأجله فعله في هذا المثال يؤذن بذكره في مثل : أعجبني التأديب فيكون هذا المثال من قبيل ما ذكر فعله حكما فيرد السؤال (توقادي).

٣٢٣

قلنا : المراد : مذكور معه في التركيب الذي هو فيه ، ويرد حينئذ نحو :

(أعجبني التأديب) (١) الذي ضربت لأجله ، اللهم (٢) الا أن يراد بذكره معه إيراده معه للعمل فيه (مثل (ضربته تأديبا) مثال لما فعل لقصد تحصيله فعل وهو الضرب ، فإن التأديب (٣) إنما يحصل بالضرب ويترتب عليه.

(وقعدت عن الحرب جبنا) (٤) مثال لما فعل بسبب وجوده فعل ، وهو القعود. فإن القعود إنما وقع بسبب الجبن.

والقائل يكون المفعول له مفعولا مستقلا غير داخل في المفعول المطلق ، يخالف (٥) (خلافا) (٦) ...

__________________

(١) فإن التأديب فاعل لأعجب لا مفعول له ؛ لأن التأديب في هذا التركيب ليس سبب وعلة لأعجب فليس من حيث فعل فعل العجوب لأجله فلا يحتاج إلى قيد يخرج (محمد أفندي).

(٢) والجواب أن المراد بالتركيب الذي هو فيه الجملة التي هو فيها وفعل الفعل الذي قبلها لأجله لا مطلق الجملة كما توهم الشارح ؛ لأن جزء الجملة لا يفعل لأجل جزء جملة أخرى وهذا نظير قولههم : (الاستفهام لها صدر الكلام) مع أنهم قالها زيد من أبوه فظهر بهذا بطلان قوله : (اللهم) وسقوط ما لأصحاب الحواشي (داود أفندي).

(٣) قوله : (فإن التأديب اه) إن قلت : كيف يحصل التأديب بالضرب ويترتب عليه مع اتحادهما بحسب الذات؟ قلنا : أراد ترتب ما يتضمن التأديب أعني : التأدب ، قال الشيخ الرضي : العلة الحاملة التأدب وإنما نصب التأديب بالعلة الحقيقية ومشاركة الحدث في العامل والزمان ولو صرحت بالعلة الحقيقية لم ينصب عند النحاة (عب).

(٤) قيل : لو قال : وحاربته شجاعة لكان أحسن أي : أحسن لمقام المنازعة للزجاج وإظهار الجلادة ويحتمل أن يقال فيه تعريض عليه وتنبيه على عدم تعمقه والاكتفاء بظاهر الأمر (عبد الغفور).

(٥) قوله : (يخالف) على صيغة المجهول ، وقوله : (خلافا ظاهرا للزجّاج) بأن يكون هذا الخلاف واقعا ظاهرا من جانبه لا من جانب الجمهور كما يقتضي باب المفاعلة لتقدمهم فكأنه لا مخالفة منهم ، قاله الشارح في بحث أفعال الناقصة فسقط. هذا ما في العصام بهذا (داود).

ـ أي : يخالف هذا القول لأبي إسحاق والزجاج خلافا ظاهرا بعد تقرر إجماعهم على كونه معمولا مستقلا (هندي).

(٦) اعلم أن خلاف الزجّاج ليس بمتعلق بما ذكر من المثال كما زعمه صاحب المتوسط ، بل هو متعلق بأصل الباب ؛ يعني : بترجمة الباب بالمفعول له كما هو مذهب البصريين صحيحة خلافا للزّجّاج فإنّه لا يفرده بابا برأسه بل يجعل من باب المفعول المطلق كما هو مذهب الكوفيين (عافية).

٣٢٤

ظاهرا (١) (للزجاج (٢) فانه) أي : المفعول له (عنده) (٣) أي : عند الزجاج (مصدر) من غير لفظ فعله.

فالمعنى عنده في المثالين المذكورين : أدبته بالضرب تأديبا ، وجبنت في القعود عن الحرب جبنا ، أو ضربته ضرب تأديب ، وقعدت قعود جبن (٤).

وردّ (٥) قول الزجاج : بأن صحة تأويل نوع بنوع لا تدخله في حقيقته (٦).

ألا ترى إلى صحة تأويل الحال بالظرف من حيث أنّ معنى (جاءني زيد راكبا) جاءني زيد وقت الركوب ، من غير أن تخرج عن حقيقتها.

(وشرط نصبه) أي : شرط انتصاب المفعول له لا شرط كون الاسم مفعولا له.

__________________

(١) وإفادته في قوله : (ظاهرا) والأظهر أن يقول يخالف الزجّاج هذا خلافا ؛ لأن قول النحاة أصل والخلاف إنما وقع منه (ع ص).

(٢) مذهب الزجّاج أن ما تسميه النحاة مفعولا له هو المفعول المطلق وذلك لما رأى من كون عامل المفعول له تفصيلا وبيانا له كما في ضربته تأديبا فالتأديب مجمل والضرب بيان له فكأنك قلت : أدبت بالضرب تأديبا ويصح أن يقال الضرب هو التأديب فصار مثل ضربت ضربا في كون مضمون العامل والمعمول ولا يطرد له بهذا في جميع أنواع المفعول له فإنه ليس بيان لجبن ، ولا يقال : قعود جبن إلا مجازا وكذلك قولك : جئتك إصلاحك بالإعطاء أو النصح أو نحوه فإن المجيء ليس بيانا للإصلاح بل بيان الإعطاء أو النصح كما صرحت به ولعله يقدر في مثله قعود جبن ومجيء إصلاح على حذف المضاف وهو تكلف (شيخ الرضي).

(٣) فإن عنده مصدر لما رأى من كونه مضمون عامل المفعول له تفصيلا وبيانا له كما في ضربت تأديبا فإن معناه أدبت بالضرب تأديبا (لاري).

(٤) الظاهر أن المصدر حقيقة هو المحذوف ، لا المذكور ، وإطلاق المصدر عليه لنيابته عن المحذوف كما في ضربت سوطا أي : ضرب سوط مصدر من غير لفظه (عب).

(٥) واستدلوا على بطلان مذهبه بإدخال التعليق عليه كما في : ضربته للتأديب فلو كان مصدرا لما صح دخولها عليه ألا يرى أنه لا يصح أن يقال : ضربته الضرب أو لسوط وما هو منه بغير اللام بمعناه لانفهام معنى التعليل منه فلزم أن يتضمن اللام وهو بمعزل عن مواقع المصدر فلما ظهر امتناع اللام لفظا وتقديرا في المصدر خرج المفعول له عن حده وكان بابا على حدة (عافية شرح الكافية).

(٦) يعني : أن يكون تأويل المفعول له بالمفعول المطلق إما بتقدير الفعل أو بتقدير المضاف صحيحا لا يخرج المفعول له عن حقيقته (م ح).

٣٢٥

فالسمن والأكرام في قولك (جئتك للسمن) و (لاكرامك الزائر) عنده مفعول له على ما يدل عليه حده ، وهذا كما قال في المفعول فيه : إنّ شرط نصبه تقدير (في) وهذا (١) أيضا خلاف اصطلاح القوم.

(تقدير اللام) (٢) لأنها إذا أظهرت لزم الجر.

وخص (٣) اللام بالذكر ؛ لأنها الغالب في تعليلات الأفعال فلا يقدر غيرها من (من أو الباء أو في) مع أنها من دواخل المفعول له كقوله تعالى : (خاشِعاً (٤) مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ (٥) اللهِ [الحشر : ٢١]) وقوله تعالى : ((فَبِظُلْمٍ (٦) مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا) [النساء : ١٦٠]) وقوله عليه‌السلام : «إنّ (٧) أمرأة دخلت النار في هرة» البخاري : ٣٣١٨ أي : لأجلها.

ولما كان (٨) تقدير (٩) اللام عبارة عن حذفها عن اللفظ وابقائها في النية ، وكان

__________________

(١) قوله : (وهذا أيضا خلاف اصطلاح القوم) فإنهم لا يسمّون المفعول له إلا المنصوب الجامع للشرائط فحده عندهم المصدر المقدر باللام المعلل به حدث شاركه في الفاعل والزمان (وجيه الدين).

(٢) الباء هاهنا داخلة على المقصور واقتصر المصنف على اللام ولم يذكر غيرها مما يفيد العلية حيث لم يقل تقدير اللام وغيرها مما يفيد العلية (م).

(٣) يعني : لا بد للمفعول له من اللام تحقيقا لمعنى العلية فإذا حذفت لأجل نصبه ؛ لأنه لو لم يحذف لم يمكن نصبه بل يجب جره ؛ لأن حرف الجر لا يلغى وجب أن يكون مقدرة وإلا لفات التي هي شرط تحقق المفعول له (عافية شرح الكافية).

(٤) أي : متواضعا ؛ لأن الخشوع التواضع ، أو ساكنا مطمئنا مثل قوله تعالى : (أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خاشِعَةً)[فصلت : ٣٩] أي : ساكنة مطمئنة لأمر الله (م).

(٥) التصدع التفرق يقال : تصدع القوم أي : تفرقوا من خشية الله علة للتصدع بمن الجارة ، أي : رأيت ذلك الجبل خاشعا أي : منقادا لأمر الله متصدعا أي : متفرقا لخوفه من الله وعذابه هذا مثال لكون المفعول له ب : من الجارة (توقادي).

(٦) مفعول له ل : حرمنا المؤخر ، الباء السببية كاللام فلأجل الظلم أي : فحرمنا على بني إسرائيل طيبات أحلت أي أشياء كانت حلالا لهم ، وهي كل ذي ظفر وشحوم البقر والغنم (م).

(٧) قوله : (إن) مخففة من الثقيلة عملت في ضمير القصة المقدرة أي : أنها ، وامرأة مبتدأ دخلت خبره ، والمبتدأ مع خبره خبر ؛ لأن أي : عملت عملا يكون سببا لدخول النار (حاشية).

(٨) كأنه قيل : إن المصنف جعل لحذف اللام شرطا فلم لم يجعل أيضا شرطا لإبقائها في النية ، فقال : لما كان اه (رضا).

(٩) يعني لما كان التقدير عبارة عن مجموع الحذف والإبقاء في النية وكان الأصل بقاءها في اللفظ ـ

٣٢٦

لأصل إبقاءها في اللفظ (١) والنية ، فلا حاجة في ابقائها في النية الى شرط ، بل الحاجة اليه إنما تكون في حذفها من اللفظ ، ولهذا قال : (وإنما يجوز (٢) حذفها) ولم يكتف (٣) بارجاع ضمير الفاعل الى تقدير اللام ، فيجوز حذفها ، كما يجوز ذكرها (إذا كان) المفعول له (فعلا) احتراز عما إذا كان عينا ، نحو : (جئتك للسمن) (٤).

(لفاعل الفعل (٥) ...

__________________

ـ والنية لم يحتج في إبقائها في النية إلى شرط ؛ لأن الأصل لا يحتاج إلى نكتة وإنما يحتاج إليها العدول عن الأص ، وهذا الشرط يوجب نكتة ؛ لأنه بهذا الشرط يشابه المفعول المطلق فيتعلق بالفعل بلا واسطة تعلق المصدر فلهذا قال : وإنما يجوز إلى آخره (وجيه الدين).

(١) لأن اللام وضعت للتعليل والأصل فيما وضع له أن يكون مذكورا لفظا ليستفاد ما وضع هو له من لفظه لا من غيره كما كان الأصل إبقاءها (م).

(٢) اعلم أن اللام يجوز حذفها عند حصول اشتراط ثلاثة : أحدها : أن يكون مصدرا ، والثاني : أن يكون فعلا لفاعل الفعل المعلل ، والثالث : أن يكون مقارنا له في الوجود. وإنما لم يذكر المصنف ؛ لأن قوله : (فعلا لفاعل الفعل المعلل) أغناه عن ذكره ؛ لأن فعل فاعل الفعل المعلل لا يكون إلا مصدرا لما ذكرناه في المفعول المطلق (كبير).

ـ وقوله : (إنما يجوز) فائدتان : إحداهما : أن جواز الحذف مقصور على حصول ما يذكر من الشرطين وهي بإفادة إنما. وثانيتهما : أن إثبات اللام جائز عند حصولهما لكن تفصيل هذا المقام بأن يقال : إن جواز الإثبات إذا كان المفعول له معرفة أو قريبا منها ، وأما إذا كان نكرة فضعيف عند بعض آخر ؛ لأنه إذا كان نكرة محضة تكون له شبه خاص بالمفعول المطلق الذي للتأكيد وكما لا يجوز انجراره باللام كذلك ، لا يجوز انجرار المفعول له المشابه للمفعول المطلق ولأنه حينئذ يشبه الحال والتمييز من اللفظ لتنكيره ومن جهة المعنى لما فيه من البيان فيجب أن يكون منصوبا كما يكونا منصوبين وإذا انتصب امتنع من الجر فالمعنى : إنما يجوز حذف اللام إذا حصل الشرطان (عافية شرح الكافية).

(٣) وضع المظهر موضع المضمر وعبر عن التقدير بالحذف للتنبيه على جريان الاصطلاح بإطلاق كلا اللفظين وقد يفرق بينهما بأن التقدير في اللفظ مع إبقاء في النية والحذف هو الترك في اللفظ والنية (هندي ولارى).

(٤) فإن السمن ليس بمصدر فلا يدخل في الفعل المذكور أيضا ؛ لأنه إذا لم يكن مصدرا لم يكن من جنس الفعل المعلل فكيف يندرج فيه؟ (سيد علي زاده).

(٥) اعلم أن الفعل أعم من أن يكون اختياريا وطبيعيا فيتناول الجبن في قعدت الجبن فلا ينتقض به (عوض).

ـ وفي هذا الشرط نظر ؛ لأنه لو كان شرطا للانتصاب لما وجد بدونه ؛ لأن انتفاء الشرط يستلزم ـ

٣٢٧

المعلل به) ، أي : اتّحد (١) فاعله وفاعل عامله ، احترز به عمّا إذا كان فعلا لغيره نحو : (جئتك لمجيئك إياي).

(ومقارنا له) أي : للفعل المذكور (في الوجود) بأن يتحد زمان وجودهما ، نحو : (ضربته تأديبا) فإن زمان الضرب والتأديب واحد ؛ إذ لا مغايرة (٢) بينهما إلا بالاعتبار.

أو يكون زمان وجود أحدهما بعضا (٣) من زمان وجود الآخر نحو : (قعدت عن الحرب جبنا) فإن زمان الفعل ـ أعني : القعود ـ بعض زمان المفعول له أعني ايقاع الصلح ـ بعض زمان الفعل ، أعنيك شهود الحرب.

واحترز بذلك القيد عما إذا لم يكن مقارنا له في الوجود نحو :

(أكرمتك اليوم لوعدي بذلك أمس)

وإنما اشترط هذه الشرائط (٤) ؛ لأنه بهذه الشرائط يشبه المصدر ، فيتعلق بالفعل بلا واسطة. تعلق المصدر (٥) به ، بخلاف ما إذا اختل شئ منها.

__________________

ـ انتفاء المشروط مع أنه يوجد كقولك : شكرتني إحسانا مني إليك فإن الإحسان من فعل المشكور لا من الشاكر اللهم إلا أن يحمل على الندرة أو الشذوذ (عافية).

ـ ولقائل أن يقول : إنه منقوض بقوله تعالى : (يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً)[الرعد : ١٢] فإن خوفا مفعول له مع أنه ليس فعلا لفاعل الفعل المعلل ؛ لأنه تعالى منزه عن الخوف والطمع ، ونجيب : بأنه لا نسلم أنه مفعول له بل إنه حال من يريكم ، سلمنا أنه مفعول له ولكن على حذف المضاف إليه إرادة خوفكم وطمعكم ، وقيل : التقدير يخافونكم خوفا ويطمعون طمعا (عوض).

(١) قال الرضي بعضهم لم يشترط الاتحاد في الفاعل وهو الذي يقوى في ظني وإن كان الأول هو الغالب وأجاب أبو علي عدم المقارنة في الزمان (ح).

(٢) كأنه قيل : كيف يقع الضرب والتأديب في زمان واحد وأن لكل لا بد من زمان على حدة ، فقال : لا مانع عن وقوعهما في زمان واحد ؛ إذ لا مغايرة بينهما (محمود أفندي).

(٣) أن يكون زمان أحدهما شاملا ومحيطا لزمان وجود الآخر سواء كان الزمان زمان المفعول له أو لا (م).

(٤) فإن قلت : لم حذف الجار من المفعول له إذا اجتمع القيود الثلاثة؟ قلت : ؛ لأنه إذا وجد الشروط المذكورة يكون كالمفعول المطلق في كونه حدثا وكون فاعل العامل والمعمول واحدا وكون المستفاد من العامل والمستفاد من المعمول مقارنين في الوجود فيجري حكم المفعول المطلق والمشبه به وهو كونه منصوبا بلا واسطة في المفعول له المشبه (أحمد نازلي).

(٥) وهذا أحسن ؛ لأنه يقتضي أن يعد المفعول له من الملحق بالمفعول المطلق لا من المنصوبات الأصلية (خوافي).

٣٢٨

(المفعول معه)

(المفعول معه) :

أي : الذي فعل بمصاحبته (١) ، بأن يكون الفاعل مصاحبا له في صدور الفعل عنه أو المفعول به في وقوع الفعل عليه.

فقوله : (معه) مفعول ما لم يسم فاعله ، أسند اليه المفعول كما أسند إلى الجار والمجرور في المفعول به ، وفيه وله.

والضمير المجرور راجع إلى اللام ، واعتذر (٢) عن نصبه (معه) بما جوزه بعض النحاة من إسناد الفعل إلى لازم النصب ، وتركه منصوبا جريا على ما هو عليه في الأكثر ، واليه ذهب في قوله تعالى : (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) [الأنعام : ٩٤] على قراءة النصب.

وفي بعض الحواشي (٣) أنّ هذا الرأي شريف جدّا (٤).

وقيل : الوجه أن يجعل من قبيل (وقد حيل (٥) بين العير والنّزوان) فإن مفعول ما

__________________

(١) وإضافة المصاحبة إلى الضمير المجرور إضافة المصدر إلى المفعول بقرينة قوله : (بأن يكون مصاحبا على صيغة الفاعل) ويجوز أن يكون إضافة المصدر إلى الفاعل بقرينة قوله : بعد (لمصاحبة معمول فعل) وكلاهما مستقيم ؛ لأن مصاحبة أحدهما يستلزم مصاحبة الآخر لها ؛ لأنه من باب المشاركة (تأمل).

(٢) قوله : (واعتذر عن نصبه) ، أي : نصب مع المانع عن إسناد الفعل إليه وإقامته مقام الفاعل بأن هذا مبني على مذهب الأخفش وهو يجيز إسناد الفعل إلى غير المنصرف من الظروف مع بقائه على النصب جريا على ما هو عليه في الأكثر وهو النصب أو قد يخبر بمن ؛ لأن المراد بغير المنصرف ما لا يجوز أن يخبر عنه لكونه لازم النصب ويخبر بمن (وجيه الدين).

(٣) قوله : (وفي بعض الحواشي اه) لجعل ما هو محط الفائدة قائما مقام الفاعل ولخلوه عن تكلف اعتبار ضمير راجع إلى مصدر الفعل عن جعل المصدر نائبا مناب الفاعل من غير تخصيص (عب).

(٤) قوله : (جدا) منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل واجب الحذف مثل : زيد قائم حقا (م).

(٥) قوله : (بين العير) بالفتح الحمار الوحشي والأهلي أيضا والأنثى عيرة ، والنزوان بفتحتين : الوثب يقال : نز الذكر على الأنثى ينز ونزاء بالكسر إذا وثب عليها وبابه عدا أي : وقع الخيلولة بين الحمار نفسه وبين نزه على الأنثى (توقادي).

ـ وأصل المثل أن صخرا أخا الخنساء طعنه أبو ثور الأسدي طعنة في جنبه فمرض حولا حتى ملّته امرأته وكان يكرمها فمر بها رجل فكانت ذات خلق وأوراك فقال : أيباع الكفل؟ فقالت : نعم عما قليل أي : قربت إذا مات الصخر وكان ذلك يسموا صخر فقال : أما والله لئن ـ

٣٢٩

لم يسمّ فاعله فيه الضمير الراجع إلى مصدره ، أي : حيل الحيلولة ؛ لأن (بين) للزوم ظرفيته لا يقام (١) الفاعل.

فعلى هذا (٢) معناه الذي فعل فعلّ بمصاحبته على ان يكون مفعول ما لم يسم فاعله ضميرا راجعا إلى مصدره ، والضمير (٣) المجرور للموصول.

(هو المذكور بعد الواو) (٤) احتراز عن المذكور بعد غيره كالفاء (٥). (لمصاحبته معمول فعل) (٦) اللام متعلق بمذكور ، أي : يكون ذكره بعد الواو ، لأجل مصاحبته معمول فعل ، وافادته اياها سواء كان ذلك المعمول فاعلا نحو : (استوى الماء والخشبة) أو مفعولا نحو : (كفاك وزيدا درهم) (٧).

__________________

ـ قدرت لأقدمنك مني ثم قال لها : ناوليني السيف هل تقل بيدي؟ فقالت : فإذا هو لا يقل فقال في أبيات :

أيهم بأمر الجزم لو استطيعه

وقد حيل بين العير والنزوان

(شرح اللباب).

(١) أي : لا يجوز إقامته مقام الفاعل ؛ لأن الفاعل مرفوع وكذا ما قام مقامه وإذا أقيم مقام الفاعل مع كونه منصوبا على الظرفية يلزم أن يكون منصوبا ومرفوعا في حالة واحدة وهو ممتنع (م).

(٢) أي : على أن يجعل من قبيل :

وقد حيل بين العير والنزوان

(رضا)

(٣) لا فائدة في قوله : (والضمير) ؛ لأنه على تقدير الأول أيضا يعود إلى الألف واللام (هى).

(٤) الكائنة ، بمعنى مع وهذا وإن كان احترازا عما يذكر بعد الفاء ونحوه من الحروف العطف لعدم المقارنة في الكل مع أنها شرط لثبوت المعية لكنه شامل لمثل قولنا : زيد وعمرو وأخوك ، ولمثل قولنا : جاءني زيد وعمرو وقبله وبعده ، ومثل : كل رجل وضيعته فلما وصف الواو بقوله : (لمصاحبة معمول فعل) خرج أمثالهما عنه (عافية شرح الكافية).

(٥) وثم وحتى والباء فإنها وإن كانت تفيد معنى المصاحبة والمعية إلا [لما] أنها لم تكن أصلا فيها لم يكن المذكور بعدها مفعولا معه (م).

ـ وإنما لم يقل فاعل فعل ليتناول نحو قولك : فحسبك والضّحّاك سيف مهنّد (هندي).

(٦) لازما كان الفعل أو متعديا فيخرج مثل : كل رجل وضعيته ، فإنّه مذكور بعد الواو للمصاحبة والمعية لكن ما بعدها لا يصاحب معمول فعل وهو ظاهر (لمحرره).

(٧) قوله : (مفعولا) نحو : كفاك وزيدا درهم) ، اتفاق النحاة على أنّ ضربت زيدا وعمرا من قبيل العطف لا غير يمنع كون زيدا في كفاك وزيدا مفعولا معه ؛ إذ الفارق بينه وبين ضربت ـ

٣٣٠

وسواء كان ذلك الفعل (لفظا) (١) أي : لفظيا كالمثالين المذكورين (أو معنى).

أي : معنويا (٢) نحو : (ما لك وزيدا) أي : ما تصنع وزيدا.

والمراد بمصاحبته لمعمول الفعل : مشاركته له في ذلك الفعل في زمان واحد ، نحو : (سرت (٣) وزيدا) أو مكان واحد نحو : (لو تركت الناقة وفصيلها ، لرضعها).

فلا ينتقض بالمذكور بعد الواو العاطفة نحو : (جاءني زيد وعمرو) ، فإنها لا تدلّ الّا على المشاركة في أصل الفعل دون المصاحبة (٤).

اعلم (٥) أن مذهب جمهور النحاة أن العامل (٦) في المفعول معه الفعل أو معناه بتوسط (٧) الواو التي بمعنى (مع).

__________________

ـ زيدا وعمرا مجرد تحكم. وإنما جرى الشارح على ذلك حسبك وزيدا وهو لا يسمن ولا يغني من جوع ؛ ؛ لأن حسبك مضاف ومضاف إليه ، ولذا جعل حسب جاريا مجرى الظروف المنقطعة عن الإضافة فالمراد بمعمول فعل ما عدا المفعول به المنصوب (ع ص).

(١) قوله : (لفظا) أي : لفظيا والمراد باللفظي الفعلي وما يشبهه من اسمي الفاعل والمفعول والصفة المشبهة والمصدر ، واعلم أن التفصيل وبالمعنوي ما يستنبط من معنى الفعل وهو على نوعين ، أحدهما : ما يكون في اللفظ مشعر به قوي ، نحو : ما لك وزيدا ؛ لأن الجار متعلق بالفعل وبما في معناه : وما شأنك ؛ ؛ لأن قولك : لمعنى فعلك وصنعتك ، والثاني : ما لا يكون في لفظه مشعر بالعامل قوي ، نحو : ما أنت وزيدا (وجيه الدين).

(٢) مستنبطا من فحوى الكلام من غير التصريح به أو تقديره (م).

(٣) فإن المفعول فيه فيه شريك المتكلم الذي هو الفاعل في السير في وقت واحد وقع سيرهما معا يعني : وقع السير من المتكلم وقع من المفعول معه في ذلك الزمان أيضا وبالعكس (م).

(٤) إذ لا يلزم أن يكون المجيئان في زمان واحد المراد منهما الجمع المطلق لا الاشتراك في الزمان الواحد والمكان الواحد (م).

(٥) قوله : (اعلم أن مذهب جمهور النحاة أن العامل للمفعول معه الفعل أو معناه بتوسط الواو) وقال الزجّاج هو منصوب بإضمار فعل بعد الواو ، وكأنك قلت : جاء البرد ولابس الطيالسة ، وقال عبد القاهر : هو منصوب بنفس الواو ، وقال الأخفش : نصبه على الظرفية وذلك أن الواو أقيمت مقام مع المنصوب بالظرفية والواو في الأصل حرف فلا يحتمل النصب أعطي النصب ما بعدها عارية كما أعطي ما بعد إلا بمعنى غير إعراب نفس غير ، وقال الكوفيون : هو الخلاف فكون العامل معنويا كما قلت : في الظرف خبر المبتدأ (وجيه الدين).

(٦) ولم يبين العامل في سائر المفاعيل ؛ لأن عاملها الفعل اتفاقا (رضا).

(٧) يعني : يكون الواو واسطة بين العامل والمعمول كما أن أداة الاستثناء واسطة بينهما (م).

٣٣١

وانما وضعوا الواو موضع (١) (مع) لكونها أخصر ، وأصلها (٢) واو العطف التي فيها معنى الجمع (٣) مناسب معنى المعيّة.

(فان كان) (٤) أي وجد (٥) (الفعل) أي : ما يدل (٦) على الحدث ، فيعمّ الفعل واسمى (٧) الفاعل والمفعول والصفة المشبهة وغيرها.

(لفظا (٨) ، وجاز) أي : لم يجب (٩) (العطف) ولم يمتنع ، فلا ينتقض (١٠) بمثل : (ضربت زيدا وعمرا) لوجوب العطف فيه (فالوجهان) أي : العطف والنصب على

__________________

(١) أي : النحاة والعرب ؛ لأنه مفرد اللفظ مجموع المعنى كالقوم ؛ لأن الواضعين في الحقيقة العرب والنحاة ينقلون كلامهم (توقادي).

(٢) قوله : (وأصلها) اه ، ولذا لم يجز تقديم المفعول معه على مصاحبه خلافا لأبي الفتح ولا على عامله خلافا للشيخ الرضي فيما تقدم مع صاحبه على الفعل بحيث لم يلزم تقدمه على مصاحبه (ع ص).

(٣) لا ترتيب ولا تعقيب قوله : (فناسب معنى المعية) ؛ لأن في المعية زيادة اجتماع (لاري).

(٤) وهذا الكلام أيضا سوق وتفصيل لبيان المذكور بعد الواو في أي : مقام تقصد لذكره بعدها المصاحبة جوازا أو وجوبا (م).

(٥) أي : وجد جعل كان تامة فقوله : (لفظا) تمييز أو حال ويحتمل أن يكون ناقصة والأول أولى تأمل تعرف (عب).

(٦) أراد بالفعل ما هو أعم من الفعل وشبهه بقرينة مقابلة المعنوي باتفاق أحكامهما المذكورة هاهنا بخلاف المعنوي فيكون من قبيل عموم المجاز (وجيه الدين).

(٧) ومثال اسم الفاعل زيد ضارب غلامه وعمرا ، واسم المفعول نحو : زيد مسلوب عنه وسلامه ، والصفة المشبهة ، نحو : زيد حسن وجهه ويده ، وأفعل التفضيل ، نحو : زيد أفضل من عمرو وبكر ، ومثال حرف التشبيه هكذا زيد وعمرا (سيدي).

(٨) الواو للحال أي : وقد جاز ، أو عطف الجملة على الجملة (هندي).

(٩) قوله : (لم يجب العطف ولم يمتنع) إشارة إلى دفع ما أورده هاهنا وهو أن مثل ضربت زيدا وعمرا جاز فيه العطف مع أنه لم يجز فيه الوجهان اتفاقا ، وذلك أنّه أراد بالجواز عدم الوجوب والامتناع أعني : الإمكان الخاص وهو سلب الضرورة من الطرفين لا الإمكان العام وهو سلب الضرورة عن أحد الطرفين دون الآخر (وجيه الدين وغيره).

(١٠) إذا كان الجواز بمعنى سلب الوجود والامتناع معا بقرينة قوله : (فالوجهان) لا بمعنى سلب الامتناع فقط (قدقي).

٣٣٢

المفعولية جائزان ، (نحو (جئت أنا وزيد) بالرفع على العطف (وزيدا) بالنصب على المفعولية.

(وإلّا) أي : وان لم يجز العطف بل يمتنع (تعين النصب (١) ، مثل : جئت وزيدا فإن العطف فيه ممتنع لعدم الفاصلة لا بتأكيد المتصل بالمنفصل ولا بغيره.

(وإن كان) الفعل (معنى) أي : أمرا معنويا مستنبطا من اللفظ (وجاز) أي : لم يمتنع (العطف تعين العطف) حيث لا يحمل على عمل العامل المعنوي بلا حاجة (٢) مع جواز وجه آخر ، وهو العطف ، (نحو (ما لزيد وعمرو ، وإلّا) أي : وإن لم يجز العطف ، بل امتنع (تعين النصب) حيث لا وجه سواه (نحو (مالك وزيدا) و (ما شأنّك وعمرا) فإنه امتنع العطف فيها ؛ لأن العطف (٣) على الضمير المجرور (٤) بلا إعادة الجار غير جائز.

ولم يجز عطف (عمرا) على الشأن إذ السؤال عن شأنهما ، لا عن شأن أحدهما ، ونفس الآخر.

وإنما حكمنا (٥) بمعنوية الفعل في هذه الأمثلة (لأن المعنى ما تصنع) وما يماثله

__________________

(١) تعين النصب هذا عند المصنف ، وذهب جمهور النحاة إلى أن النصب مختار لا واجب وذلك مبني على أن العطف على الضمير المرفوع المتصل بلا تأكيد بالمنفصل وبلا فصل بين المعطوف والمعطوف عليه قبيح لا ممتنع (وجيه).

(٢) قال الشيخ الرضي : الحاجة ثابتة وهي التنصيص على المصاحبة ولهذا جوز القوم النصب مع اختيار العطف (عب).

(٣) قوله : (لأن العطف على الضمير المجرور) قال الشيخ الرضي الكوفيون يجوزونه في السعة والبصريون للضرورة وأما في السعة فيجوزونه بتكلف وذلك بإضمار حرف الجر مع أنه لا يعمل مقدرا لضعفه ، قال الأندلسيّ يجوز العطف على عطف إن لم يقصد النص على المصاحبة وهو أولى مما قاله المصنف لوروده في القرآن ، كقوله تعالى : (تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ)[النساء : ١] بالجر في قراءة حمزة (عب).

(٤) سواء كان مجرورا بحرف الجر كالمثال الأول أو بالإضافة كما في المثال الثاني (م).

(٥) قوله : (وإنما حكمنا بمعنوية الفعل المشعر بالمعنى) الفعل في المثالين الأولين ؛ كلمة الاستفهام أو حرف الجر الطالبان للفعل وفي الأخير أيضا شيئان كلمة الاستفهام والشأن الذي بمعنى المصدر على الفعل والصفة فالإشعار على المعنى الفعلي في هذه الأمثلة قوي لتعاضد أمرين بخلاف نحو : هذا لك وإياك ، ونحو : ما أنت وزيدا فإن الإشعار فيهما ضعيف لفوات معاضدة حرف الجر بالاستفهام في المثال الأول وفوات معاضدة الاستفهام بأمر آخر في المثال الثاني ـ

٣٣٣

فمعنى (ما شأنك وزيدا) ما تصنع وزيدا ، ومعنى (مالك وزيدا) ما تصنع وزيدا ، ومعنى (ما لزيد وعمرو) ما يصنع زيد وعمرو.

(الحال)

(الحال) (١)

لما فرغ من المفاعيل شرع في الملحقات (٢) بها.

__________________

ـ والمصنف لم يفرق بين هذه الأمثلة في الحكم ، والشيخ الرضي فرق في الحكم بين الأولين والآخريين (لاري).

(١) والحال تنقسم على اثني عشر قسما : موطئة ومنتقلة ومؤكدة ومترادفة ومتتابعة ومحققة ومقدرة ودائمة ومقارنة حقيقة ومقارنة حكما وجارية على ما هي له وجارية على غير ما هي له.

ـ فالموطئة هي اسم جامد موصوف بصفة هي الحال في الحقيقة فكأن الاسم الجامد وطاء الطريق نحو : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا)[يوسف : ٢]. والمنتقلة : هي التي قيد لذي الحال وينتقل عنها ، مثل : جاءني زيد راكبا ، والمؤكدة : وهي التي ليست بقيد له ولا تنقل عنه غالبا ، نحو : زيد أبوك عطوفا ، والمترادفة : هي تقع بعد حال أخرى وذي الحال واحد ، نحو : جاءني زيد ضاربا ناصرا إذا جعلت ناصرا حالا من زيد لا ضمير ضاربا ، والمتتابعة : جعلت قبلها ، نحو : جاءني زيد قائما منحرفا ، والمقدرة : هي التي لا تثبت لذي الحال في تلك الحال حقيقة بل مقدرة ثبوتها ، كقوله تعالى : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ)[الزمر : ٧٣] فإن الحال أن يكون الدخول حال الخلود بخلاف ما إذا قدر الخلود فإن التقدير حاصل في زمان الدخول فصح المقارنة المطلوبة ، وكذا قوله تعالى : (وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا)[الصافات : ١١٢] الآية ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً)[الأحزاب : ٤٥] الآية و: (إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ)[الفتح : ٢٧] وقوله تعالى : (وَتَنْحِتُونَ الْجِبالَ بُيُوتاً)[الأعراف : ٧٤] الآية ، والضابط أن كل مستقبل لا يقع حالا محققة بل مقدرة ، والدائمة : هي التي لا يزول من الحال حقيقة أو غالبا فيعم المؤكدة ، كقولك : استغفر الله توابا رحيما ، وزيد أبوك عطوفا ، والمقارنة حقيقة ، نحو : جاءني زيد قائما ، والمقارنة حكما :نحو : جاءني زيد والشمس طالعة فإن هذه المقارنة اتفاقية والأولى فعلة ، والجارية على ما هي له التي قامت بذي الحال ، نحو : جاءني زيد قائما ، والجارية على غير من هي له التي قامت بمتعلق ذي الحال ، نحو : جاءني زيد قائما أبوه (محمد قدقي).

ـ من حال الشيء يحول أي : انقلب ، سمي هذا القسم بها لانقلابه غالبا وهي مؤنث لعلها سماعي ولذا أنث الفعل المسند إليها في قولك : عددتك حالي لا سرّي بمستتر (جلبي).

(٢) إنما تلحق الحال بالمفاعيل ؛ لأنها فضلة في الكلام كما أن المفعول كذلك وأيضا للحال شبه خاص بالمفعول فيه وهو دلالتها على الزمان كالظرف (عوض).

٣٣٤

وهو (ما يبين هيئة (١) الفاعل أو المفعول به) أي : من حيث هو فاعل أو مفعول به، كما هو الظاهر.

فبذكر الهيئة يخرج ما يبين الذات ، كالتمييز ، وبإضافتها إلى الفاعل أو المفعول به يخرج ما يبين هيئة غير الفاعل أو المفعول به كصفة (٢) المبتدأ نحو : (زيد العالم أخوك) وبقيد الحيثية يخرج صفة الفاعل أو المفعول به ، فإنها تدل على هيئة الفاعل أو المفعول به مطلقا ، لا من حيث هو فاعل أو مفعول ، وهذا الترديد (٣) على سبيل منع الخلو ، لا الجمع ، فلا يخرج منه مثل : (ضرب زيد عمرا راكبين) (٤) (لفظا) (٥) أي : سواء كان الفاعل أو المفعول به الذي وقع الحال عنه لفظا ، أي : لفظيا بأن تكون فاعلية الفاعل أو مفعولية المفعول باعتبار لفظ الكلام ومنطوقه (٦) من غير اعتبار معنى خارج عنه يفهم من فحوى (٧) ...

__________________

(١) اعلم أن المراد من الهيئة هي الصورة التي عليها الفاعل عند صدور الفعل عنه أو المفعول عند وقوع الفعل عليه وهي لا تدوم بل تتبدل وتتغير (عافية).

ـ والمرضي أن وقوع الحال عن المفعول فيه وله جائز لكونهما قسمين من المفعول به (حواشي هندي).

(٢) الحال والصفة كلاهما ما يقوم بالغير لكن الصفة أعم من الحال ؛ لأن الحال مختص بالمتغير بخلاف الصفة فإنها تعم الثابت والمتغير ، ولهذا يقال : صفات الله بخلاف حال الله.

ـ واعلم أن تكرار الحال بعد إما واجب لوجوب تكرار إما ، نحو : اضرب إما قائما وإما قاعدا ، وكذا بعد لا ؛ لأنها تكرر في الأغلب كما في اسم لا التبرئة ، نحو : ما جاءني زيد إلا راكبا ولا ماشيا ، ويندر إفرادها ، نحو : جاءني زيد لا راكبا (شيخ الرضي).

(٣) قوله : (وهذا الترديد) جواب عن سؤال مقدر تقديره : ربما يورد هاهنا بأن التعريف لا يصدق على حال يبين هيئة الفاعل والمفعول معا ، نحو : ضربت زيدا وعمرا راكبين فأجاب بقوله هذا (محمود أفندي).

(٤) والمطابقة بين الحال وذي الحال واجب إذا لم يكن الحال من الجامد (حاشية قاضي).

(٥) تمييز عن الفاعل والمفعول به أو حال منهما أو خبر لكان المقدر كما اختاره الشارح (رضا).

(٦) المنطوق ما دل عليه اللفظ في محل النطق وهو النص إن أفاد معنى لا يحتمل غيره ، كزيد في : جاءني زيد فإنه مفيد للذات المشخصة من غير احتمال لغيره (شرح الجوامع).

(٧) والفحوى في اللغة عبارة عن مقصود الكلام ، وفي الاصطلاح عبارة عما يستفاد من اللفظ (محمودي).

ـ قوله : (من فحوى الكلام) ، فحوى القول معناه ، يقال : عرفت ذلك في فحوى كلامه ، ـ

٣٣٥

الكلام ، سواء كانا ملفوظين حقيقة أو حكما (١).

(أو معنى) أي : معنويا بأن تكون فاعلية الفاعل أو مفعولية المفعول باعتبار معنى يفهم من فحوى الكلام (٢) ، لا باعتبار لفظه ومنطوقه.

والمراد بالفاعل أو المفعول به أعم من ان يكون حقيقة أو حكما ، فيدخل فيه الحال عن المفعول (٣) معه ، لكونه في معنى الفاعل أو المفعول به وكذا عن المفعول المطلق مثل : (ضربت الضرب شديدا) (٤) فإنه بمعنى ، أحدثت الضرب شديدا (٥) ، وكذا (٦) يدخل فيه الحال عن المضاف إليه ، كما إذا كان المضاف فاعلا ، أو مفعولا يصح حذفه. ويقام المضاف إليه مقامه ، فكأنه (٧) الفاعل أو المفعول نحو : (بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) [البقرة: ١٣٥]) (٨) و ((أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) [الحجرات : ١٢]) انه يصح ان يقال :

__________________

ـ أي : معنى كلامه ، مقصورا أو ممدودا ، وفي الحديث : من أكل في فحوى أرض لم يضر ماؤها يعني : البصل (توقادي).

(١) مثل : زيد في الدار قائما ، مثال اللفظي الملفوظ حكما حينئذ ، وزيد ضرب قائما على البناء للمفعول ، مثال للمفعول الملفوظ حكما (قدقي) ، ولا يتصور كون المفعول ملفوظا حكما ؛ لأن الملفوظ الحكمي إنما يكون باعتبار الاستتار والمفعول لا يكون مستترا (سعد الله).

(٢) ومثال الفاعل معنى ، نحو : زيد في الدار قائما فإن قائما حال من زيد وهو ليس بفاعل لفظا ؛ لأنه مبتدأ لكنه فاعل حصل أو حاصل الذي هو محذوف من حيث المعنى ، ومثال المفعول معنى هذا : زيد قائما ، وقائما حال عن زيد وهو مفعول معنى تقديره : أنبه عليه (متوسط).

(٣) والمرضي أن وقوع الحال عن المفعول فيه وله جائز لكونهما قسمين من المفعول به (حواشي هندي).

(٤) فمعناه : وجدت الضرب حال كونه شديدا فهو هاهنا في معنى المفعول به (سيدي).

(٥) حال من الضرب لا صفة ؛ ؛ إذ لا مطابقة بين الصفة والموصوف (سيدي).

(٦) أي : كما يدخل الحال من المفعول معه والمفعول مطلق وله وفيه (لمحرره).

(٧) أي : المضاف إليه الذي هو ذي الحال بعد حذف المضاف وإقامته مقامه (م).

(٨) فإن قلت : قد يقع الحال عن المضاف إليه كما في قوله تعالى:(اتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً)[النساء : ١٢٥]، وقوله تعالى : (أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً) فإن ميتا وحنيفا حالان من إبراهيم وأخيه وهما ليستا بفاعلين ولا مفعولين؟ قلت : أجاب عنه صاحب الغجدواني : بأن المضاف إليه لما كان في معنى المضاف والمضاف مفعول كان المضاف إليه في حكمه معنى ، فجاز أن يكون ذا حال فإن لحم الأخ هو الأخ وبالعكس ، وكذلك لا فرق بين قولنا اتبع إبراهيم وبين قولنا اتبع ملة إبراهيم (عافية شرح الكافية).

٣٣٦

(بل نتبع إبراهيم ، مقام (بل نتبع ملّة إبراهيم) و (أن يأكل أخاه ميتا) مقام (١) (أن يأكل لحم أخيه).

أو كان المضاف (٢) فاعلا أو مفعولا ، وهو جزء المضاف إليه ، فكأن الحال عن المضاف اليه هو الحال عن المضاف وان لم يصح قيامه مقامه كما في قوله تعالى : (أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ) [الحجر : ٦٦].

فقوله (مصبحين) حال من (هؤلاء) باعتبار أن (دابر) المضاف اليه جزؤه ، فإن دابر الشيء أصله (٣) ، والدابر (٤) : مفعول ما لم يسم فاعله باعتبار الضمير (٥) المستكن في (مقطوع) فكأنه حال عن مفعول ما لم يسم فاعله (٦).

ولو قرئ (٧) (تبيّن) على صيغة الماضي المعلوم من باب التفعل ، أو (يبيّن) على صيغة المضارع المجهول من باب التفعيل ، أو (يبيّن) على صيغة المضارع المجهول من باب التفعيل ، وجعل الجار والمجرور ، متعلقا به ، لا بالمفعول ، دخل فيه الحال من

__________________

(١) لأنه في معنى المضاف فإن لحم الأخ هو الأخ فالأخ هو اللحم (غجدواني).

(٢) وأما مثال كون المضاف فاعلا فقولك : نتبع ملة إبراهيم حنيفا بشرط أن يكون الفعل مبنيا للمفعول ورفع ملة وأن يأكل لحم على أنّه نائب الفاعل لقوله أن يؤكل (م).

(٣) فكأنه قال : يقطع دابر هؤلاء أي : يحكم عليهم قطعا بالعذاب حال كونهم داخلين في الصبح (م).

(٤) كأنه قيل : لم وقع الحال من دابر فأجاب بما ترى (م).

(٥) وقيل : حال من الضمير في مقطوع وجمعه ، مع أن صاحبه مفرد ومطابقة الحال صاحبه شرط في الأمور الخمسة : الإفراد والتثنية والجمع والتذكير والتأنيث للحمل على المعنى ؛ لأن دابر هؤلاء في معنى مدبري هؤلاء (توقادي).

(٦) والمستكن فيه مفعول ما لم يسم فاعله ، فحكم المرجع كحكم الراجع إذا كان فاعلا يكون المرجع كذلك ، وإذا كان نائبا عنه يكون المرجع أيضا كذلك فصار (م).

(٧) قوله : (ولو قرئ) ، هذا موافق لما قال بعضهم من جواز الحال عن المفعول معه وعن المصدر بلا تأويل والجمهور جواز الحال عنهما لتأويلهما بالفاعل والمفعول به ، ولا يخفى أنه لو قرأ كذلك لزم جواز الحال عن المفعول فيه (عب).

٣٣٧

المفعول معه أو المفعول المطلق من غير حاجة إلى تعميم الفاعل أو المفعول (١) إلا (٢) لدخول ما وقع حالا عن المضاف إليه.

(مثل (ضربت زيدا قائما) (٣) مثال اللفظي الملفوظ حقيقة فإن فاعلية تاء المتكلم ومفعولية (زيدا) إنما هي باعتبار لفظ هذا الكلام ومنطوقه من غير اعتبار معنى خارج عنه، وهما ملفوظان حقيقة (و (زيد في الدار قائما) (٤) مثال اللفظي الملفوظ حكما ان فاعلية الضمير المستكن في الظرف إنما هي باعتبار لفظ هذا الكلام (٥) ومنطوقه من غير اعتبار معنى خارج عنه ، والضمير المستكن ملفوظ حكما (٦).

و (هذا (٧) ...

__________________

(١) لأن لفظ المفعول إذا لم يكن مقيدا يصح إطلاقه على المفعول به والمفعول المطلق ومعه جميعا من غير تعميم ؛ لأن المطلق يوجد في الإفراد ولا يصح إطلاقه هنا على المفعول له وفيه لما عرفت سابقا من أنه لا يقع الحال عنهما.

(٢) المستثنى للانقطاع أي : إلا أن يحتاج إلى تعميم الفاعل أو المفعول لأجل دخول الحال عن المضاف إليه (لمحرره).

(٣) يحتمل أن يكون حالا من الفاعل اللفظي وهو المتكلم وأن يكون من المفعول اللفظي وهو زيد (وافية).

ـ فإن كانت قرينة حالية أو مقالية تعين صاحب الحال جاز أن يجعله لما قامت له من الفاعل والمفعول به وإن لم تكن فإن كان الحال من الفاعل وجب تقديمها إلى جنب صاحبها لإزالة اللبس ، نحو : لقيت راكبا زيدا وإن لم تقدمه فهو من المفعول (م).

ـ ومنهم من قال الطريق في مثله أن يقال : قدم أو يقوم لا قائما للبس إلا إذا علم السامع من القائم منهما ، وقيل : أنت مخير بجعله حالا من أيهما شئت (هندي).

(٤) فإن قائما حال من زيد وهو ليس بفاعل لفظا ؛ لأنه مبتدأ لكنه فاعل معنى ؛ لأنه فاعل حصل أو حاصل الذي هو محذوف من حيث المعنى (متوسط).

ـ فإن أصل استقر أو حصل أو حاصل في فبعد حذف الفعل انتقل ضميره إلى ظرف فيكون في الدار باعتبار قيامه مقامه فعلا معنويا ويكون ضميره فاعلا معنويا (وافية).

(٥) أي : زيد في الدار قائما فإن قائما حال من ضمير في الدار وهو فاعل لفظي (هندي).

(٦) أي : يكون في حكم اللفظ لما سبق في قوله : (واللفظ إما حقيقي أو حكمي) لصحة إجراء أحكام اللفظ عليه (م).

(٧) ومنه قوله تعالى : (هذا بَعْلِي شَيْخاً) كبيرا [هود : ٧٢] فإن شيخا حال من بعلي وهو مفعول معه تقديره أنبه على بعلي ، وأشير إلي بعلي شيخا (محمد أفندي).

ـ مثال للمفعول المعنوي ؛ إذ المعنى : أشير إلى زيد قائما (هندي).

٣٣٨

زيد قائما) (١) مثال للمعنوي ؛ لأن مفعولية (زيد) ليست باعتبار لفظ هذا الكلام ومنطوقه بل (٢) باعتبار معنى الإشارة ، أو التنبيه المفهومين من لفظ (هذا) ولا شك (٣) أنهما ليسا مما يقصد المتكلم الإخبار بهما عن نفسه حتى يقدر في نظم الكلام (أشير أو أنبه) ويصير (زيد) به مفعولا لفظيا ، بل مفعوليته إنما هي باعتبار معنى (أشير أو أنّبه) الخارج عن منطوق الكلام المعتبر لصحة وقوع (القائم) ، حالا.

فهي معنوية لا لفظية.

(وعاملها) (٤) أي : عامل الحال ، (إما الفعل) (٥) الملفوظ أو المقدر نحو : (ضربت زيدا قائما) و (وزيد في الدار قائما) إن كان الظرف مقدرا بالفعل.

(أو شبهة) (٦) ...

__________________

(١) فإن قائما حال من الضمير المحذوف المقدر العائد إلى زيد ؛ لأن تقديره : أنبه عليه قائما ، أو أشير إليه قائما، هذا هو التحقيق الذي اختاره صاحب الغجدواني متمسكا بقول صاحب الكشاف وهو أنه قال : سئلت بمكة شرفها الله تعالى عن ناصب الحال في (هذا بَعْلِي شَيْخاً)[هود : ٧٢] فقلت : ما في حرف التنبيه أو في اسم الإشارة من معنى الفعل ، فقيل لي : أما استقرّ من أصولهم أن العامل في الحال وصاحبها يجب أن يكون واحدا ، وقد اختلف هاهنا ففي الحال ما ذكرتم ، وفي صاحبها معنى الابتداء ، فقلت : تحقيق الكلام فيه أن التقدير : هذا بعلي : أنبه عليه وأشير إليه شيخا ، وعلى هذا تجد العامل. فاستحسن الجواب (عافية شرح الكافية).

(٢) قوله : (بل باعتبار معنى الإشارة أو التنبيه) الأول أولى ؛ لأن زيدا مشار إليه لا منبه عليه فإن المنبه عليه حقيقة هو هذا زيد مع تقارب الاسم والفعل (عب).

(٣) كأنه قيل : لا يجوز أن يكون معنى قوله : هذا زيد قائما : أشير زيدا قائما ، ويكون مفعولية زيد باعتبار هذا الكلام ومنطوقه ، فأجاب بقوله : ولا شك. تأمل.

(٤) قال : (وعاملها اه) فصل العامل هنا لتحقيق لفظية الفاعل والمفعول ومعنويتهما وليكون توطئة لامتناع تقديم الحال على العامل المعنوي ، وجواز تقديمها على اللفظي المفهوم من تخصيص الامتناع به وكأنه أراد أن لا يفصل بين مباحث التقديم وإلا لكان المناسب أن يذكر ما هو توطئة له عقيب ذلك التفصيل (لاري).

(٥) لأنّه الأصل في العمل ؛ لأن الفعل متصرف يعني : ينصرف إلى الماضي والمستقبل إلى غير ذلك من المتصرفات (محمد).

(٦) شبه الفعل أو معنى الفعل كالمسكين والفقير ، وقد قال الشافعي رحمه‌الله فيهما : إذا اجتمعا في الذكر افترقا وإذا افترقا في الذكر اجتمعا بأن يذكر المسكين وحده أو الفقير وحده ـ

٣٣٩

وهو ما يعمل عمل الفعل ، وهو من تركيبه (١) ، كاسم الفاعل نحو : (زيد ذاهب راكبا) و (زيد في الدار قاعدا) إن كان الظرف مقدرا باسم الفاعل ، وكاسم (٢) المفعول ، نحو : (زيد مضروب قائما) والصفة المشبهة نحو : (زيد حسن ضاحكا) (أو معناه) (٣) المستنبط من فحوى الكلام من غير التصريح به أو تقديره ، كالإشارة (٤) والتنبيه في نحنو :

(هذا زيد قائما) كما مرّ ، وكالنداء والتمنى والترجى والتشبيه في نحو : (يا زيد قائما) (٥) و (ليتك عندنا مقيما) و (لعلّه في الدار قائما) (٦) و (كأنّه أسد صائلا).

__________________

ـ اجتمعا المسكين والفقير ، فيه أنه إذا افترق شبه الفعل لا يجتمع الفعل معه ، وكذا إذا قيل مثلا : من خواص الفعل دخول قد والسين لا يجتمع شبه الفعل معه فلم يستقم تلك المشابهة بينهما وبين الفقير والمسكين اللهم إلا أن يقال المشابهة في باب العمل فقط فيستقيم حينئذ (قدقي وابري).

(١) قوله : (من تركيبه) أي : مأخوذ من تركيبه وصيغته بخلاف المعنوي كهذا فإنه وإن كان يعمل عمل فعله ولكنه ليس من تركيبه وصيغته وهذا صحيح مذهب النحاة وهو أن العامل هو نفس هذا لا على ما يفهم من ظاهر عبارة الشارح وهو أن معنى الفعل يفهم منه وأنبه وأشير (وجيه الدين).

(٢) أعاد الجار هاهنا لكونهما متغايرين ، فإن المعطوف عليه وقوع الحال فيه عن المقدر واللفظ بخلاف المعطوف (تأمل).

(٣) والمراد من معنى الفعل الظروف والجار والمجرور واسمي الفعل ونحوها مما يفهم منه معنى لا بجوهر حروف الفعل ويقابل شبه مما يفهم منه الفعل بجوهر حروفه كالاسم الفاعل ونحوه وهذا هو الاستعمال الشائع ، وقد يطلق شبه الفعل على القبيلتين كما قال المصنف في بحث الفاعل ، وقد يطلق معنى الفعل على القبيلتين كما في حروف الجر ، وإنما خص بالاستعمال الشائع لتمكنه أن يقول الحال لا يتقدم على العامل المعنوي فإن الحال يقدم على شبه الفعل إذا لم يكن مانع وقد تحقق إطلاقات الثلاث (قطب العلماء في حاشية المطول).

ـ أي : معنى الفعل أراد به كل ما يستنبط معنى ولا يكون موافقا له في الاشتقاق (عافية).

(٤) قوله : (كالإشارة) دون الاستفهام والنفي وأن وإن من الحروف المشبهة لعدم الاستعمال على عملها (عب).

(٥) والعامل في قائما في يا زيد قائما أنادي المستنبط من فحوى الكلام هذا لم [إذا] يقدر أدعو ، وأما إذا قدر فيكون عاملا فلا يكون مما نحن فيه (لمحرره).

(٦) فإن قلت : لم كان عامل الحال هذه الأشياء؟ قلت : لما كان العامل ما به يتقوم المعنى المقتضي للإعراب والمقتضي لانتصاب الحال الحالية وهي لا تتحقق بدون العامل أو المفعول وهما لا يوجدان بدون هذه الأشياء فلا جرم كان العامل في الحال تلك الأشياء (عوض أفندي).

٣٤٠