شرح ملّا جامي - ج ١

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي

شرح ملّا جامي - ج ١

المؤلف:

عبد الرحمن بن أحمد نور الدين الجامي


المحقق: الشيخ أحمد عزّو عناية و الاُستاذ علي محمّد مصطفى
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٢٧
الجزء ١ الجزء ٢

وإنما قلنا : (من حيث هو مضاف إليه) لأن الجر ليس علامة لذات المضاف إليه بل لحيثية كونه مضافا إليه ، والمضاف (١) إليه وإن كان مختصا بما عرفه به لكن يشتمل على علامته أعم منه ، ومما هو مشّبه (٢) به ، فيدخل في تعريف المجرور مثل ، (بحسبك درهم) وكفى(٣) بالله.

وكذا (٤) المضاف إليه بالإضافة اللفظية وإن لم يكن (٥) داخلا (٦) في تعريفه.

(والمضاف (٧) إليه) وهو هاهنا (٨) غير ما هو المصطلح المشهور بينهم.

__________________

(١) قوله : (والمضاف إليه ... إلخ) جواب سؤال مقدر تقريره أن يقدر كلام المصنف ما اشتمل على اسم نسب إليه شيء ولما كان العلاقة مستلزمة بصاحبها كان ذلك في قوة قولنا : المجرورات هو اسم نسب ... إلخ فلم يخرج عن التعريف المضاف إليه بالإضافة اللفظية والمجرور بحرف الجر الزائد فأجاب الشارح بمنع استلزام العلاقة لصاحبها وحاصل أن العلاقة الحقيقية مستلزمة لصاحبها ومرادنا بعلم المضاف إليه هو الأعم من الحقيقي كما في المعنوية وحرف التعدية والحكمة كما في اللفظية والزائد فلم يكون الحد والمحدود متساويان ..

(٢) أي : أعم بشيء يشبه المضاف إليه في كونه مجرورا وأن يطلق عليه المضاف إليه قيل لجوازان توجد علاقة الشيء بدون ذلك الشيء. (توقادي).

(٣) لأن يصدق على بحسبك وكفى بالله لأنها مشتمله على علم المضاف إليه لا بالحيثية. (رضا).

ـ الأصل فيه حسبك درهم وكفى بالله مرفوع بالابتداء والفاعلية ثم زيدت الياء لتأكيد معنى الكفاية. (فيهما شرح).

(٤) أي : كما يدخل في التعريف ما كان مجرورا بالحرف الزائد يدخل فيه أيضا (م ح) قوله و (كذا المضاف إليه) بالإضافة اللفظية إن لم يكن داخلا في تعريفه بناء على المشهور من أنه ليس في الإضافة اللفظية تقدير حرف الجر. (عيسى الصفوي).

(٥) وعمل الجر هاهنا لمشابهة المضاف إليه الحقيقي بتجرده عن التنوين لأجل الإضافة فما يشمل العلاقة أربعة المضاف إليه بالإضافة الحقيقية والمضاف بالإضافة اللفظية والمجرور بالحرف الأصلي والمجرور بالحرف الزائد والمضاف إليه منها اثنان الأول والثالث. (رضي).

(٦) فإن حسبك لم ينسب إليه شيء بواسطة الباء وكذا الله في (كفى بالله) لم ينسب إليه بواسطة الباء ؛ لإنها زائدة لا مدخل له في الإيصال وكذا المضاف إليه بالإضافة اللفظية نحو ضارب زيد وأن ليس هناك حرف مقدر حتى نسب إليه بواسطة. (وجيه الدين).

(٧) أتى الظاهر موضع الضمير للتنصيص على المراد لاحتمال أنه زاد بالمضاف إليه هنا غير المضاف إليه المذكور ولا بأن يكون أعم من المضاف إليه حقيقة. (عب).

(٨) قوله : (وهو هاهنا ... إلخ) فإنهم إذا طلقوا لفظ المضاف إليه أراد وأما الجر بإضافة الاسم إليه ـ

٤٤١

وذهب المصنف في ذلك إلى مذهب سيبويه ، حيث أطلق المضاف إليه على المنسوب إليه بحرف الجر لفظا أيضا.

(كل اسم) حقيقة أو حكماء ليشمل الجمل التي يضاف إليها نحو : (يوم ينفع الصادقين صدقهم) فإنها في حكم المصادر.

(نسب إليه شيء) اسما كان ، نحو : (غلام زيد) أو فعلا نحو : (مررت بزيد) (بواسطة حرف الجر لفظا أو تقديرا) أي ملفوظا كان ذلك الحرف كما في مثل : (مررت بزيد) أو مقدرا حال كون ذلك المقدر (مرادا) (١) من حيث العمل بإبقاء أثره ، وهو الجر، مثل : (غلام زيد) و (خاتم فضة) و (ضرب اليوم) بخلاف (٢) نحو : (قمت يوم الجمعة) فإنه وإن نسب إليه القيام بالحرف المقدر وهو (في) لكنه غير مراد ، إذ لو أريد لا ينجرّ به.

(فالتقدير) أي : تقدير حرف الجر (شرطه أن يكون المضاف اسما) إذ لو كان فعلا لا بد من أن يتلفظ بالحرف ، (٣) نحو : (مررت بزيد).

__________________

ـ بحذف التنوين الأول فلا يدخل فيه نحو مررت بزيد خلا فالسيبويه فإن أطلق المضاف إليه على ما هو أعم من ذلك فيدخل نحو مررت بزيد وذلك أنك لو قلت مررت بزيد فقد أضفت المرور إلى زيد بواسطة حرف الجر ؛ لإنها تجر معاني الأفعال إلى الأسماء كذا ذكره المصنف في شرحه ولعله لأجل ما ذكره اختار سيبويه وإن كان خلاف اصطلاحهم لا يقال أن المصنف بين الفساد في إضافة نحو لا أبا له مع أن تعريف المضاف إليه يشمل عليه لأنا نقول لا يشمل تعريفه عليه ؛ لأنه لم ينسب الأب إلى الضمير بواسطة لما ذكر من الفساد. (وجيه الدين).

(١) ثم اعلم أن العلماء اختلفوا في عامل المضاف إليه فذهب البعض إلى أنه الحرف المقدر كما هو مدلول ظاهر كلام المصنف وذهب بعض الآخر إلى أنه معنى واستدلوا عليه بأن العامل هاهنا لا يستقيم أن يكون حرفا لكون إضماره ضعيفا ولأنه لو كان الحرف عاملا كان ثابتا في التقدير وذهب بعض الآخر إلى أنه المضاف كما هو مذهب شيخ عبد القهار هذا هو الصحيح من المذاهب المذكورة إن أدرت التفصيل فارجع إلى العافية ولا تكن من الواهية. (عافية شرح الهائية).

(٢) جواب عن سؤال مقدر وهو أن يوم الجمعة نسب إليه القيام بحرف مقدر وهو في تقديره قمت في يوم الجمعة فيدخل في التعريف فأجاب بقوله بخلاف إلخ. (واقية).

(٣) لأن الإضافة لما كانت من خواص الاسم جاز تقدير الحرف فيه فلزم في الفعل ذكر الحرف ؛ لأن الإضافة ليست من خواصه حتى يجوز التقدير والذكر فيه كما في الاسم. (شرح).

٤٤٢

(مجردا) أي : منسلخا (١) عنه (تنوينه) أو ما قام (٢) مقامه من نوني التثنية والجمع.

(لاجلها) أي : لأجل الإضافة ؛ لأن التنوين أو النون دليل تمام ما هي فيه.

فلما أرادوا أن يمزحوا الكلمتين مزجا تكتسب به الأولى من الثانية التعريف أو التخصيص أو التخفيف ، حذفوا من الأولى علامة تمام الكلمة ، وتموها بالثانية.

ثم المتبادر من هذا التعريف نظرا إلى كلام القوم ، حيث ليسوا قائلين بتقدير حرف الجر في الإضافة اللفظية أنه غير شامل للمضاف إليه بالإضافة اللفظية لكن الظاهر من كلام المصنف في المتن والتصريح في شرحه له أن التقسيم إلى الإضافة المعنوية واللفظية إنما هو للإضافة بتقدير حرف الجر ، لكنه لم يبين تقدير حرف الجر فيها لا في المتن ، ولا في شرحه ولم ينقل عنه شيء فيه من سائر مصنفاته.

وقد تكلف بعضهم في إضافة الصفة إلى مفعولها ، مثل ، ضارب زيد ، بتقدير اللام ، تقوية للعمل ، أي : (ضارب لزيد) وفي بالإضافة إلى فاعلها مثل : (الحسن

__________________

(١) قوله : (أي : متسلخا) أشار بهذا إلى أن قوله مجرورا مجاز من باب ذكر اللازم وإرادة الملزوم إذا التجريد لازم الانسلاخ فقول المحشي رح يعين أريد بالتجريد الانسلاخ الذي لازم معناه خطأ ويمكن جعله من باب التضمين أيضا وتوجيه الشارح أحسن من جعله من باب القلب الذي ذكر في علم المعاني أي : مجردا هو تن تنوينه كما ذهب إليه الهندي. (مصطفى جلبي).

(٢) قوله (منسلخا عنه) إنما فسر الشارح قوله مجردا بقوله منسلخا عنه ؛ لأن قوله مجرد تنوينه غير صحيح ؛ لأن معناه زال الاسم وبقي التنوين إذ يقال جرد ثياب الرجل إذا زال الرجل وبقي الثياب وهذا فاسد جدا إذ لو تضمن معنى الانسلاخ يكون صحيحا إذا المعنى زال التنوين وبقي الاسم إذ يقال انسلخ الرجل عن ثيابه أي : زال الثياب وبقي الرجل.

ـ أي : زائلا عنه فالانسلاخ مستفاد من انسلاخ الجلد كما أن السلخ بمعنى الإزالة في قوله تعالى : (وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ) [يس : ٣٧] مستعار من سلخ الجلد. (وجيه الدين).

ـ فإن قيل يشكل ذلك نحو الحسن الوجه حيث لم يجرد تنوينه ولا ما يقوم مقامه وأجيب بأن المراد مجرد تنوينه لأجل الإضافة حقيقة أو حكما وهاهنا قد حذف ما يقوم مقامه حكما حيث حذف ما أضيف إليه فاعله الذي كالجزء منه إذا الأصل الحسن وجهه والمضاف إليه قائم مقام التنوين فلما حذف من فاعل المضاف فكأنه حذف من المضاف لمكان الجزئية فإن قيل يشكل ذاك نحو : كم رجل وضاربك وحوّاج بيت الله لم يكن فيها تنوين حتى يجرد لأجل الإضافة قلنا المراد لو كان فيه تنوين يحذف لأجلها كذا ذكره المصنف في شرحه فلا يرد ما قيل. (وجيه الدين).

٤٤٣

الوجه) بتقدير (من) البيانية ، فإن ذكر الوجه في قولنا : (جاءني زيد الحسن الوجه) بمنزلة التمييز (١) ، فإن في إسناد (الحسن) إلى (زيد) إبهاما.

فإنه لا يعلم أي شيء منه حسن (٢) ، فإذا ذكر الوجه فكأنه قال من حيث الوجه فإن قلت : هذا في الحقيقة تخصيص ، فلا يصح أن يقال : إن الإضافة اللفظية لا تفيد إلا تخفيفا في اللفظ قلنا : كان (٣) هذا التخصيص (٤) واقعا قبل (٥) الإضافة ، فلا يكون مما تفيده الإضافة فليست فائدة الإضافة اللفظية إلا التخفيف في اللفظ.

(وهي) أي : الإضافة (٦) بتقدير حرف الجر ب : (معنوية) أي : منسوبة إلى المعنى ؛ لأنها (٧) تفيد

معنى في المضاف ، تعريفا أو تخصيصا (ولفظية) أي : منسوبة إلى اللفظ فقط دون المعنى لعدم سرايتها (٨) إليه.

__________________

(١) الذي يدخل عليه من البيانية لتأكيد البيان كما في ولله دره من فارس وقال من قائل. (لمحرره).

(٢) أي : عضو من أعضائه وأي وصف من أوصافه حسن فلزم بيان موضع الحسن ليعلم ما هو المقصود والمراد. (شرح).

(٣) قوله : (كان هذا التخصيص ... إلخ). وذلك انضارب في ضارب زيد أو حسن في حسن الوجه بالرفع قد خصصا بالمفعول والفاعل. (وجيه الدين).

(٤) لأن الحسن عاما شائعا قبل الإضافة فلما أضيف إلى الوجه صار خاصا به وأفادت الإضافة التخصيص. (توقادي).

(٥) قوله : (قبل الإضافة) ؛ لأن المضاف إليه في الإضافة اللفظية ليست منسوبا إليه بواسطة حرف الجر نحو حسن الوجه مثلا بل نسبة المضاف إلى المضاف إليه فيها نسبة الصفة إلى فاعلها ومفعولها وتلك النسبة ليست بواسطة حرف الجر فلا يفيد الإضافة اللفظية الاختصاص.

(٦) أشار إلى أن الضمير الراجع إلى الإضافة المفهومة من قوله فالتقدير شرطه أن يكون إلخ. (جلبي).

(٧) قوله : (لأنها تفيد معنى أراد به) ما قام بالغير وهو معنى التعريف والتخصيص وأراد بالمعنى المذكور في المدعى ما يقابل اللفظ. (لارى).

(٨) قوله : (لعدم سرايتها إليه) لعدم سراية فائدتها من اللفظ إلى هذا تعليل أنيق والحاصل أن كل واحد من التعليلين المذكورين في المعنوية واللفظية يصلح لهما ؛ لأنه يستفاد من قوله ؛ لإنها تقيد معنى في المضاف تعريفا أو تخصيصا ؛ لأن اللفظية تفيد في المضاف تخفيفا ويستفاد من قوله لعدم سرايتها إليه إنما نسب إلى المعنى لسراية فائدتها من اللفظ إلى المعنى فيوجد حسن التقابل بهذا الاعتبار من الطرفين مرتين. (مصطفى جلبي).

٤٤٤

(فالمعنوية) علامتها (١) (أن يكون المضاف) فيها غير صفة كاسم الفاعل والمفعول والصفة المشبهة (مضافة إلى معمولها) أي : فاعلها أو مفعولها قبل (٢) الإضافة ، سواء لم يكن صفة ك : (غلام زيد) أو كان صفة ولكن غير مضافة إلى معمولها بل إلى غيرة ك : (مصارع (٣) مصر) و (كريم البلد).

واحترز به عن نحو : (ضارب زيد) و (حسن الوجه)

(وهي) أي : الإضافة المعنوية بحكم الاستقراء.

(إمّا بمعنى اللام (٤) فيما) أي : في المضاف إليه (عدا جنس المضاف وظرفه) أي لا يكون صادقا على المضاف وغيره ، ولا ظرفا له ، نحو : (غلام زيد) فإن زيدا ليس جنسا للغلام صادقا (٥) عليه ولا ظرفه.

فإضافة الغلام إليه بمعنى اللام ، أي غلام لزيد.

(إما بمعنى (من) البيانية (في جنس (٦) ...

__________________

(١) قدر علامتها ليصح الحمل ؛ لأنه قد علم من قوله والمضاف كل اسم نسب إليه شيء إن الإضافة هي النسبة وكون المضاف غير صفة ليس نسبة فقدر العلامة لهذا وتقدير فيها لربط الجملة الواقعة خبرا للمبتدأ بالضمير. (جلبي).

(٢) أشار أولا إلى أن هذا من قبيل ذكر العام وإرادة الخاص وثانيا إلى أن تسميته بالمعمول باعتبار وما كان مثل وآتوا اليتامى أموالهم. (مصطفى).

(٣) قوله : (كمصارع مصر فإن) المصنف ليس معموله إذ ليس المعنى على أن المصارع يصرع في المصر بل المعنى إن المصارع يضاف إلى المصر بأنه مسكن أو غيره من أنواع الملابسة وكذا البلد ليس معمولا للكريم بان يكون كرمه في البلد بل يكون الكريم مضافا إلى البلد بنوع من أنواع الملابسات. (وجيه الدين).

(٤) فالإضافة بمعنى اللام على ثلاثة أنواع أحدها أن يكون بمعنى الملك نحو مال زيد وأرضه والثاني أن يكون بمعنى الاختصاص من نحو أبوه وابنه والثالث بمعنى الاستحقاق نحو سيده وعبده. (مكمل).

(٥) لعدم حمل زيد على الغلام حيث لا يقال : الغلام زيد لعدم الجنسية ؛ لأن الغلام رق وزيد حر. (توقادي).

(٦) فإن قلت : المفهوم من المذكور أن المضاف أخص من المضاف إليه ؛ لأن المضاف على هذا يكون نوعا من المضاف إليه فالنوع أخص من جنسه وهو مناف لقولهم إضافة الأخص إلى ـ

٤٤٥

المضاف) الصادق عليه وعلى غيره (١) بشرط أن يكون المضاف أيضا صادقا على غير المضاف إليه ، فيكون بينهما عموم (٢) وخصوص من وجه.

(إمّا بمعنى (في) في ظرفه) أي : في ظرف المضاف.

والحاصل : أن المضاف إليه إمّا مباين للمضاف ، وحينئذ إن كان ظرفا له فالإضافة بمعنى (في) وإلا فهي بمعنى اللام.

وإمّا مساو (٣) له ك : (ليث أسد) أو اعم منه مطلقا ، ك : (أحد اليوم) فالإضافة على التقديرين ممتنعة.

__________________

ـ الأعم ليست بجائزة بل الجواز عكسها لما يحن قلت هذا الحصول للمضاف إنما يجعل بعد الإضافة كما في المثال المذكور فإن أخصيته خاتم من الفضة إنما حصلت بعد الإضافة وإلا فقيها عموم وخصوص من وجه بينهما. (عافية).

(١) قال المصنف في شرح هذا الكتاب وفي شرح المفصل المراد بكون المضاف إليه جنس المضاف إليه جنس المضاف فإن يكون المضاف نوع المضاف إليه ومعنى النوع أن يصح إطلاق الجنس عليه وقال الرضي فالمراد يكون المضاف إليه أن يصح إطلاقه على غيره أيضا فالمراد بالجنس والنوع مصطلح أهل المنطق هذا أعنى اشتراط صحة حمل المضاف إليه على المضاف والأخبار به عنه ما عليه أكثر المتأخرون ولم يعتبر قوم منهم ابن كيسان هذا الشرط فجعلوا الإضافة بمعنى من أن حسن تقديرها وإن لم يصح فيه الأخبار والمذكور والدليل خلافه. (وجيه الدين).

(٢) قوله : (عموم وخصوص) من وجه نحو خاتم فضة ؛ لأن بينهما عموما وخصوصا من وجه لأنك إذا قلت خاتم يحتمل من فضة أو من ذهب فعل هذا يكون عاما فضة خاصا وإذا قلت فضة يحتمل بالخاتم والإناء فعلى هذا يكون عاما وخاتم خاصا فكان بينهما عموم وخصوص ؛ لأن الخاتم من وجه خاصا وكذا فضة من وجه عاما ومن وجه خاصا. (لمحرره رضا).

ـ اعلم أن النسب في علم الميزان أرجع التباين كالإنسان والفرس والتشابه كالإنسان والناطق والعموم والخصوص مطيق كالحيوان والإنسان ، وعموم من وجه كالحيوان والأبيض وهاهنا ثلاث عهود الأولى ما يجتمعان في شيء كالحيوان والأبيض في الحيوان الأبيض والثانية والثالثة ما يصدق أحدهما دون الآخر كالحيوان والأسود في الحمار الأبيض ويجتمعان فيه في مادة ويفترقان في مادتين. (خلاصة من علم الميزان).

(٣) قوله : (وأما مساو له) وقيل إن أريد المساوات التي هي من أقسام النسب كما هو الظاهر حيث قابل للمباين والعموم مطلقا لا يصح التمثيل بالليث والأسد لأنهما مترادفان فيكونان مفهوما واحدا لا مفهومين حتى تحقق النسبة بينهما وأن أريد المساوات في الاستعمال بأن يصح استعمال أحدهما كما يصح استعمال الآخر لا يلائم المقابلة بالأعم والأخص والمباين ـ

٤٤٦

وإما أخص مطلقا ك : (يوم الأحد) و (علم الفقه) ، و (شجر الأراك) (١) فالإضافة حينئذ أيضا بمعنى اللام.

وأما أخص من وجه ، فإن المضاف إليه (٢) أصلا ، للمضاف ، فالإضافة بمعنى (من) وإلا فهي أيضا بمعنى اللام.

وأما أخص من وجه ، فإن كان المضاف إليه أصلا ، للمضاف ، فالإضافة بمعنى (من) وإلا فهي أيضا بمعنى اللام.

فالإضافة (خاتم) إلى فضة) بمعنى (من) بيانية ، وإضافة (فضة) إلى (خاتم) بمعنى اللام ، كما يقال : (فضة خاتمك خير من فضة خاتمي)

واعلم (٣) أنه لا يلزم فيما هو بمعنى اللام أن يصح التصريح بها بل يكفي إفادة

__________________

ـ ويمكن أن يوجه بأن أراد بالمساواة المماثلة بقرينة ذكر لفظ المماثلة التي هي أعم من الترادف والتساوي في مسألة امتناع الإضافة وإطلاق لفظ المساواة رعاية للمقابلة بالأعم والأخص والمباين. (وجيه الدين).

(١) وهي جمع أراكة وهي في الأصل شجرة ومرّة يتخذ منها المسواك الذي يستاك به ينبت في ديار العرب يجلب منها إلى البلدان التي يسكن أهل الإسلام فيها لكون السواك سنة فيكون خاصا والشجر عاما يصير خاصا بالإضافة إلى نوعه مثل شجر الزيتون وشجر الرمان وغيرهما. (توقادي).

(٢) قوله : (فإن كان المضاف إليه أصلا) الظاهر أن المراد بكونه أصلا للمضاف أن يكون متحدا منه كالخاتم من الفضة ولا يخفى أن كونه أصلا لهذا المعنى غير مشروط في الإضافة البيانية وإلا يلزم أن لا يكون إضافة العدد إلى المعدود وإضافة المميز إلى التمييز في ثلاثة أثواب وكم درهم من الإضافة البيانية إلا أن يقال المراد بكونه أصلا للمضاف كونه منشأ له والمعدود بالنسبة إلى العدد كذلك فإن المعدود هو المقصود والعدد إنما وضع لبيان كميته وكأنه مادة ومنشأ له. (وجيه الدين).

(٣) قوله : (وعلم ... إلخ) ، جواب عن سؤال مقدر تقديره أنه فيما هو بمعنى اللام يصح إظهار اللام ولا يصح إظهار اللام في هذه الأمثلة المذكور فكيف يصح أن يقال أن الإضافة فيها بمعنى اللام فأجاب بقوله واعلم إلخ. (لمحرره).

ـ قوله : (واعلم أنه ... إلخ) هذا جواب لطيف فيما أوردوا في مثال يوم الأحد وعلم الفقه وشجر الأراك ومثل ما أضيف الكل إليه مثل قول المصنف وقد علم بذلك من كل واحد مع أن الإضافة فيها بمعنى اللام بالاتفاق مع أنه لا يظهر إظهار اللام فيها. (جلبي). ـ

٤٤٧

الاختصاص الذي هو مدلول اللام ، فقولك : (يوم الأحد) ، و (علم الفقه) و (شجر الأراك) بمعنى اللام ، ولا يصح إظهار اللام فيه. (١) وبهذا الأصل يرتفع الإشكال عن كثير من مواد الإضافة اللامية ، ولا يحتاج (٢) فيه إلى التكلفات البعيدة (٣) مثل : (كل رجل) و (كل واحد).

(وهو) أي : كون الإضافة بمعنى (في) (قليل) في استعمالاتهم وردها أكثر النحاة إلى الإضافة بمعنى اللام.

فإن معنى : (ضرب اليوم) ، ضرب له اختصاص باليوم ، بملابسة الوقوع (٤) فيه.

فإن قلت (٥) : فعلى هذا يمكن رد الإضافة بمعنى (من) أيضا إلى الإضافة بمعنى

__________________

ـ قوله (فقولك يوم الأحد ... إلخ) الأنسب بحسب المعنى أن تكون هذه الإضافات بيانية وإظهار من فيها حال من التكلف إلا أن أئمة العربية جعلوها لامية ولا يظهر فادعاءهم إليه وكذا كل رجل فالأظهر فيه أن يكون الإضافة بمعنى من أي : كل هو رجل وصح حمل المفرد على كل مع متعدد ؛ لأنه متناول للمتعدد على سبيل البدل. (ع ص).

(١) أي : في هذا القول إذا لم يستعمل يوم للأحد وكذا الحال في الباقين وفي مسجد الجامع وطور سينا والأسماء اللازمة الإضافة فإذا قطعت وجب تنافر ؛ لأنه غير مأنوس والقائل (عبد الغفور). (لارى).

(٢) قوله : (ولا يحتاج ... إلخ) قيل في تصحيح إضافة كل رجل إن كلا لإحاطة جزئيات الكلي أضيف هو إليه وإضافة الجزئي إلى الكلي بمعنى اللام لكن يمنع إظهار اللام إلا بعد تأويل بالجزئيات أو الأفراد وإلا لزم فك كل من الإضافة وذا لا يجوز ورد عليه بأن كلا للإحاطة والجزئي والفرد ملحوظ من جانب المضاف إليه كما تقرر في الميزان فتصحيح إضافة الجزئي إلى الكلي لا يجر في تصحيح إضافة إلى الكلي إلى الجزئي أو الفرد. (وجيه الدين).

(٣) مثل أن يقال في يوم الأحد يوم مخصوص للأحد باعتبار أنه من قبيل إضافة المسمى الحاسمة ؛ لأن الأحد يوم من أيام الأسبوع فأضيف ذلك اليوم إلى اسمه وخص به وفي علم الفقه علم مخصوص للفقه باعتبار كون الفقه جزءا منه فأضيف الكلي إلى الجزء لعلاقة الجزئية وخصوبه وكذا شجر الأراك. (جلبي).

(٤) كقول العرب : كوكب الخرقاء لسهيل أي : كوكب له اختصاص بالمرأة الخرقاء غلاسة أنها تسرع للتهئ لأسباب الشتاء عند طلوعه لأقبله كما هو شأن النساء المديرة للأمور فصار كأن كوكب مختص للمرأة الخرقاء.

(٥) والتحقيق وهو أن كثيرا ما ينزل ظرف الحدث منزلة الفاعل فيسند إليه لإضافة إليه أيضا لهذا ـ

٤٤٨

اللام للاختصاص الوقع بين المبيّن والمبيّن ، قلنا : نعم ، لكن لما كانت الإضافة بمعنى (في) قليلا ردوها إلى الإضافة بمعنى اللام ، تقليلا للاقسام وأما الإضافة بمعنى (من) فهي كثيرة في كلامهم ، فالأولى بها أن تجعل قسما على حدة.

نحو (غلام زيد) مثال للإضافة بمعنى اللام أي : لزيد (وخاتم فضة).

مثال للإضافة بمعنى (من) أي : خاتم من فضة (وضرب اليوم) مثال للإضافة بمعنى (في) ، أي : ضرب (١) واقع في اليوم.

(وتفيد) (٢) أي : الإضافة المعنوية (تعريفا) أي (: تعريف المضاف (مع) المضاف إليه (المعرفة) ؛ لأن الهيئة التركيبية في الإضافة المعنوية موضوعة للدلالة على معلومية المضاف ، لا أنّ نسبة أمر إلى معين يستلزم معلومية المنسوب ومعهوديته ، فإن ذلك غير لازم ، كما لا يخفى. (٣)

فإن قلت : قد يقال (جاءني غلام زيد) من غير إشارة إلى واحد معين (٤) ، فلا تكون هيئة التركيب الإضافي موضوعة لمعلومية المضاف.

__________________

ـ التنزيل فمعنى ضرب اليوم كمعنى ضرب زيد فيكون بمعنى اللام وليس هذا الوجه جاريا في خاتم فضة فافترقا ويمكن أن يقال أنهم ينزلون منزلة الفاعل لا مطلقا بل فيما يقصد فيه النكتة كالمبالغة في مكر الليل ونهاره صائم. (ع ص وجيه الدين).

(١) قوله : (أي : ضرب واقع في اليوم) هذا بيان لكون اليوم ظرفا للضرب بيان أنه متعلق بواقع حتى يتوجه عليه ما قيل الظاهر أن في اليوم فيما هو أصل اليوم أعني ضرب في اليوم متعلق بالضرب وليس صفة بتقدير واقع في اليوم. (وجيه).

(٢) استئنافا واعتراض أو عطف على ما قبلها بحسب المعنى كأن قيل ينقسم لإضافة إلى كذا وكذا. (م ع).

ـ وهو بيان فائدة الإضافة المعنوية ؛ لأن إضافة الاسم إلى اسم فعل اختياري لا بد له من غرض وإلا لكان عبسا. (رضا).

(٣) لأن نسبة الفعل إلى فاعل المعين لا يستلزم معهودية الفعل وتعريفه ولهذا كان الفعل نكرة هذا ما ذكره الشارح ويرد عليه أن ما ذكره من كون الهيئة التركيبية موضوعة وإلا يلزم أن يكون غلام رجل أيضا معرفة اللهم إلا أن يقال أن المراد الهيئة التركيبية المتخذة مع الإضافة إلى المعرفة وهذا قال المصنف والرضي. (حاشية ح).

(٤) من غلمان له مريد اختصاص بزيد أما بكونه أعظم قلمانه إذا شهر وغلاما معهودا بينك وبين المخاطب بحيث يرجع إطلاق اللفظ إليه دون سائر غلمانه. (م ح).

٤٤٩

قلنا : ذلك (١) كما أن المعرف باللام في أصل الوضع لمعين ، ثم قد يستعمل بلا إشارة إلى معين (٢) كما في قوله :

ولقد أمرّ على اللّئيم يسبّني

فمضيت ثمّت قلت : لا يعنيني

وذلك على خلاف وضعه وليس (٣) يجري هذا الحكم في نحو : (غير ، ومثل) فإن بالإضافة لا تفيد التعريف وإن كانا مع المضاف إليه المعرفة ، لتوغلهما في الإبهام (٤) إلا أن

__________________

(١) إذ ما يقال من نحو جاء في غلام زيد إلخ كما ذكرنا حتى لا تفيد الإضافة المعنوية التعريف ولو كان المضاف إليه معرفة غير مانع لكونه هيئة التركيب الإضافي موضوعية لتعريف المضاف مع المضاف إليه المعرفة ؛ لأن ذلك بحسب الاستعمال لا بحسب الوضع والاستعمال.

ـ ثم المراد من التعريف المستفاد من الإضافة ليس تعريفا شخصيا ألبتة حتى يرد أن غلام زيد فيه إضافة المعرفة مع المضاف لا يتعرف منها على تقدير أن يكون لزيد غلمان كثيرة لبقاء بعض الشيوع وكذا الكلام في ابن زيد إذا كان له ابنا كثيرة وقيل لا بد فيه ح أن يشار إلى غلام معين من بين غلمانه له من الغلمان ثم قد يستعمل على خلاف فاصل وضعه فيقال جاءني غلام زيد من غير إشارة إلى واحد معين وهذا لا يضر إفادتها التعريف باعتبار واصل الوضع كما في المعرف باللام فإن أصل وضعها لواحد معين وقد يستعمل بلا إشارة إليه كما في قوله «ولقد أمر على اللئيم يسبني». (عافية شرح الكافية).

(٢) قد تبع الشارع في ذلك الشيخ الرضي وترك ما حققه علماء البلاغة من أن اللام موضوعة لمعين أما مفهوم مدخوله أو قسم منه وقوله ولقد أمر على اللئيم من الأول فإن المراد من اللئيم مفهومه المعين وغير المعين وهو ما يطلق عليه اللئيم من المفرد من غير استعمال اللفظ فيه مستفاد من القرينة. (ع ص).

ـ وآخر البيت مفضيت ثم قلت لا يعنني واللئيم فعيل بمعنى فاعل للمبالغة من لأم بلأم مثل سأل يسأل وهو من كان دنى الأصل وشحج النفس. (شرح).

(٣) جواب عن سؤال مقدر وتقدير أن قوله تقيد التعريف مع المعرفة منقوض بنحو غير ومثل وشبهه ؛ لإنها لا تفيد التعريف ولا التخصيص وإن كان المضاف إليه معرفة فأجاب بقوله وليس إلخ. (لمحرره).

(٤) لأن مغايرة المخاطب ليست صفة تخص ذاتا دون أخرى إذ كل ما في الوجود إلا ذاته موصوف بهذا وكذا مماثله زيد لا تخص ذاتا دون أخرى إلا أن مثلك أخص من غيرك وذلك أنه ليس كل ما في الوجود مثلك بل بعض منه وهو ما لديه مناسبة ما وإذا توغلت في الإبهام بحيث لا يتخصص تلك النسبة إلى النسبة باعتبار المعنى الذي يباين عين معين له المضاف كما مر انتفى التعريف. (وجيه).

٤٥٠

يكون للمضاف إليه ضدّ واحد (١) يعرف بغيريّته ، كقولك : (عليك بالحركة (٢) غير السكون) (٣) وكذلك إذا كان للمضاف إليه مثل : اشتهر بمماثلته في شيء من الأشياء ، كالعلم والشجاعة فقيل : (جاء (٤) مثلك) كان معرفة إذا قصد الذي يماثله في الشيء الفلاني.

(و) تفيد الإضافة المعنوية (تخصيصا) أي : تخصيص المضاف (مع) المضاف إليه (النكرة) نحو : (غلام رجل) فإن التخصيص تقليل الشركاء.

ولا شك أن الغلام قبل إضافته إلى (رجل) كان مشتركا بين (غلام (٥) رجل) (وغلام امرأة) فلما أضيف إلى (رجل) خرج عنه (غلام امرأة) ، وقلت الشركاء فيه.

(شرطها) أي : شرط الإضافة المعنوية (تجريد المضاف) إذا كان معرفة (٦) (من التعريف) فإن كان ذا لام حذف لامه ، وإن كان علما نكّر (٧) بأن يجعل واحدا من جملة من يسمى بذلك الاسم.

__________________

(١) كالسكون فإن له ضد واحد وهو الحركة والقوم واليوم والعلم.

(٢) قيل الحركة الخروج من القوة إلى الفعل على سبيل التدريج والسكون ضده وقيل الحركة كونان في آنين في مكانين والسكون كونان في آنين في مكان واحد. (حكمت).

(٣) وقال صاحب ... ولا يجوز إدخال الألف واللام على غير نص عليه سيبويه ؛ لأنه لا بد لها من الإضافة والمضاف إليه إما مذكور أو منوي والمنوي في حكم الثابت فلا يجمع معه الألف واللام ولا يجوز تثنيته وجمعه نص سيبويه عليه فلا يجوز إدخال الألف واللام على كل وبعض لما ذكره الأصمعي ومما يعرف بإضافة الجهات الستة وعند حيث وغيرها. (حلبي حاشية متوسط).

(٤) قيل : إن الإضافة في مثل هذه الغير الأمثلة لفظية ؛ لأن معنى الغير المغايرة ومعنى المثل المماثلة ومعنى الشبه المشابهة فلعل المصنف اختار هذا المذهب فلم يستثنى هذه الأمثلة في ذكره من الحكم الكلي في إضافته المعنوية التعريف وفيه نظر ؛ لإنها لو كانت لفظية لا اجتمع اللام فيها مضافات. (كاملة).

(٥) المراد بالغلام أفراد الغلام لا لرجل والمرأة مثلا قوله بين غلام الرجل أي : بين أفراد غلام الرجل وكذا حكمة قوله غلام امرأة يدل عليه ما قلنا قوله وقلت الشركاء فيه. (دور أفندي).

(٦) فيكون التجريد على حقيقته لكن بشرط كونه معرفة أي : وشرط الإضافة المعنوية أي : ما أريد إضافته فالإطلاق مجاز. (جلبي).

(٧) قوله : (نكر بأن يجعل ... إلخ) إرادية مثلا فإن تنكير العلم قد يكون بإرادة أشهر أوصافه أو أراد ما هو الغالب في التنكير أو أوراد أن تنكير العلم إذا أضيف لا يكون إلا كذا وقال الرضي عندي أي : يجوز إضافة العلم مع بقاء تعريفه إذ لا مانع من اجتماع التعريفين إذا اختلفتا كما ذكرنا في باب النداء.

٤٥١

وإن لم يكن فلا حاجة إلى التجريد ، بل لا يمكن.

أو المراد (١) بالتجريد تجرده وخلوه من التعريف عند الإضافة سواء كان ذكره في نفسه من غير تجريد ، أو كان معرفة جردت عن التعريف وإنما وجب التجريد ؛ لأن المعرفة لو أضيف إلى النكرة لكان طلبا للأدنى وهو التخصيص مع حصول الأعلى وهو التعريف.

ولو أضيفت إلى المعرفة لكان تحصيل (٢) الحاصل فتضيع الإضافة حيث لا تفيد تعريفا ولا تخصيصا.

فإن قيل : لا فرق بين إضافة المعرفة وبين جعلها (٣) علما (٤) في نحو : (النّجم والثريا(٥) والصّعق وابن عباس) (٦) في لزوم تعريق المعرّف ، فما بالهم جوزوا هذا دون ذلك؟

__________________

(١) قوله : (أو المراد بالتجريد عطف على المقدر) تقديره المراد بالتجريد هاهنا تعرية الاسم عن التعريف إذا كان معرفة أو المراد به تجرده وحلوه والفرق بينهما فذو وجهين : أحدهما : أن التجريد على الوجه الأول مصدر معلوم وعلى الثاني مصدر مجهول وثانيهما : أن التجريد على الوجه الأول مضاف إلى المفعول والثاني ما يقوم مقام المفاعل. (جلبي).

(٢) قوله : (لكان تحصيل ... إلخ) يعني أن المقصود من الإضافة إلى المعرفة حصول أصل التعريف وقد حصل للمعرفة فلو أضيف إلى المعرفة لكان تحصيلا لما هو الحاصل فيها يعني أصل التعريف. (لارى).

ـ ولا يخفى أن تحصيل الحاصل محال فينتج الإضافة إلى المعرفة فلا حاجة إلى قوله فتضيع الإضافة. (فاضل محشي).

(٣) قوله : (وبين جعلها ... إلخ) أورد عليه أن المجهول علم هو المركب والمعرفة جزء فلم يلزم جعل المعرفة علما لا يخفى أنه غير وارد إذ تعيين المرأة بالنجم حاصل من غير جعله علما فجعل المجموع علما لتحصيل بعين تحصيل الحاصل فلا فرق في تحصيل الحاصل بينه وبين إضافة المعرفة نعم ممكن الجواب بأن نجعلها علما في الأمثلة المذكورة بجعل التعريف لازما باقيا فليس فيه تضييع جعلها علما ولا تحصيل للحاصل تأمل جواب الشارح. (ع ص).

(٤) في الامتناع يعني كما يمتنع الأول يمتنع الثاني أيضا ؛ لأن العلة المذكورة فيها سواء.

(٥) تصغير ثروى تأنيث ثروا مثل عطشان وثروان ذو ثرة وعلى الاجتماع واصل ثرويا قلبت الواو ياء وأدغمت ثم عرف باللام ثم جعل علما. (توقادي).

(٦) والابن بالإضافة إلى عباس صار معرفة ثم جعل علما لعبد الله بن عباس.

٤٥٢

قلنا : لا نسلم أن في هذه الأمثلة تعريف المعرّف ، بل فيها زوال تعريف (١) وهو التعريف الحاصل باللام أو الإضافة ، وحصول تعريف آخر وهو التعريف بالعلميّة ، فإنها حين صارت أعلاما لم يبق فيها الإشارة إلى معلوميتها باللام أو الإضافة ، فلا يلزم فيها تعريف المعرّف ، بل تبديل تعريف بتعريف.

(وما أجازه (٢) الكوفيون من) تركيب (الثلاثة الأثواب) وشبهه من العدد) المعرف باللام المضاف إلى معدودة ، نحو : (الخمسة الدراهم) و (المائة دينار) (ضعيف) قياسا واستعمالا.

أمّا قياسا : فلما ذكر من لزوم تحصيل الحاصل.

وأمّا استعمالا : فلما ثبت من الفصحاء من ترك اللام.

قال ذو الرّمة :

وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى

ثلاث (٣) الأثافي (٤) والدّيار البلاقع (٥)

__________________

(١) قوله : (فيها زوال تعريف حاصلة) أن العلمية لما كانت وضعا ثانيا زالت مقتضى الوضع الأول بخلاف الإضافة فإنها لما لم تكن وضعا ثانيا لم يزل مقتضى الوضع الأول فلو أضيف المعرفة إلى المعرفة لأدت إلى اجتماع التعريفين في الإرادة. (لارى).

(٢) قوله : (وما أجازه الكوفيون) إشارة إلى اعتراض يرد على قوله وشرطها تجريد المضاف عن التعريف فإن الكوفيين جمعوا بين الإضافة واللام في المضاف كما في الأمثلة المذكورة ووجهه كالقياس وإن كان ضعيفا أنهم قالوا أن المضاف في العدد وهو المضاف إليه من حيث المعنى منها لكونه محل تقريبي فكانا متحدين ذاتا مع أن المقصود بالنسبة منها هو المضاف ؛ لأنه جيء به لغرض العدد فعرف لكونه محل تعريف ؛ لأن المسند إليه الأولى بالتعريف تعريفا بحسب ذاته ؛ لأن تعريفا مستمدا من المضاف إليه ثم أشار إلى الجواب بقوله ضعيف. (عافية شرح الكافية).

ـ وتمسكهم بالاتحاد بين المضاف والمضاف إليه فيما صدقا عليه غير صحيح لاستلزامه جواز الخاتم فضة أيضا ولم يقل به أحد.

(٣) أبا منزل سلمى سلام عليكما

هل الأزمن اللاتي مضين رواجع

وهل يرجع التسليم أو يكشف العمى

ثلث الأثافي والديار بلاقع

(٤) الأثافي جمع أثفية وهو واحد من الأحجار الثلاثة التي ينصب القد وعليها.

(٥) جمع بلقع بالفتح وهي الأرض القفر التي لا شيء من الماء والنباتات ويستلزم الخلو عنهما الخلو عن الإنسان والحيوانات. ـ

٤٥٣

وأما ما جاء في الحديث من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ((بالألف الدينار)) فعلى البدل دون(١) الإضافة.

(و) الإضافة (اللفظية) علامتها (أن يكون) المضاف (صفة) احتراز عما إذا لم يكن صفة ، نحو : (غلام زيد) (مضافة إلى معلولها) احتراز عما إذا كانت مضافة إلى غير معمولها ، نحو : (مصارع (٢) البلد ، وكريم العصر) مثل : (ضارب زيد) من قبيل إضافة اسم الفاعل إلى مفعوله (وحسن الوجه) (٣) من قبيل إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها (٤).

(ولا تفيد) أي : الإضافة اللفظية فائدة : (إلا تخفيفا) لا تعريفا ولا تخصيصا. لكونها في تقدير الانفصال (في اللفظ) (٥) ...

__________________

ـ والمعنى أسلم عليكما يا منزلي سلمى واستخبر إن الزمان التي مضت وكنا فيها مع الأحباب يرجع إليها ثم ينكر رجع التسليم والسؤال لها فيقول وهل يرجع ولا يرد الأثافي الباقية في المنازل الديار المدرسة جواب السلمى ولا يوضح خبر إذ استخبرتها عنه. (وجيه).

(١) وفيه أن الأثافي تمييز الثلث فكيف يصح تعريفه والتمييز واجب التنكير إلا أن يقال الثلث في الأصل صفة للأثافي وكان أصل التركيب الأثافي الثلث فيكون التركيب من قبل جرد قطيفة وكان من استعمل الثلث الأثافي أراد التنبيه على أنه ليس من الإضافة إلى المميز دفعا لتوهم تعريف التمييز. (ع ص).

(٢) قوله : (مصارع المصنف) وكريم العصر فإن قلت البلد مفعول فيه للمصارع وكذا العصر مفعول للكريم قلب لا يعمل اسم الفاعل بدون الاعتماد فليكن المراد مصارع البلد كريم العصر فيما لم يعتمد. (فاضل محشي).

(٣) وعند بعضهم إضافة أفضل التفضيل من هذه الإضافة بناء على أنه في التحقيق مضاف إلى معموله ؛ لأن معنى قولك : زيد أفضل القوم أنه مفضلهم إذا قيس أفضلهم إلى فضله قيل هذا بإضافة المعنى والحق ما ذهب إليه سيبويه من أن إضافته باعتبار المقيسين معنوية. (عافية شرح الكافية).

(٤) لأنه كان في الأصل حسن وجهه بالرفع ثم أضيف فاستكن الضمير المجرور في الصفة فعوض الألف واللام عن ذلك الضمير فحصا التخفيف من الجانبين.

(٥) فإن قلت لم كانت ترجمة هذه الإضافة لفظية قلت لكون الإيصال فيها في اللفظ فقط والمعنى على انفصال ؛ لأن حقيقتها لما كانت إضافة الصفة إلى معمولها على ما ذكر كان معنى العاملية والمعمولية ملحوظا بينهما بعد الإضافة وذلك ليس إلا بتقدير التنوين أو ما يقوم مقامه وجعل ذلك إياهما في حكم الانفصال ظاهر فلذلك لم يحصل للمضاف اختصاص بالمضاف إليه فلا يسري ما فيه إليه أما التخصيص الذي في ضارب رجل فحصوله ليس بالإضافة بل هو حاصل قبلها لاستواء الحالين هاهنا. (عوض أفندي).

٤٥٤

لا في المعنى ، (١) بأن يقسط بعض المعاني عن ملاحظة العقل بإزاء ما يسقط من اللفظ ، بل المعنى على ما كان عليه قبل الإضافة.

والتخفيف اللفظي إمّا في لفظ المضاف فقط ، بحذف التنوين حقيقة ، مثل : (ضارب زيد) أو حكما (٢) مثل : (حواجّ بيت الله) أو بحذف (نوني) التثنية والجمع مثل: (ضاربا زيد ، وضاربو زيد) ، وإمّا في لفظ المضاف إليه فقط ، بحذف .. الضمير واستتاره في الصفة (٣) ك : (القائم الغلام) كان أصله : القائم (٤) غلامه (٥) حذف الضمير من غلامه واستتر (٦) في القائم وأضيف القائم إليه للتخفيف في المضاف إليه فقط وإمّا في المضاف والمضاف إليه معا ، نحو : (زيد قائم الغلام) أصله (زيد قائم غلامه) فالتخفيف(٧) في

__________________

(١) قوله : (لا في المعنى) أشار بذلك إلى ج أخرس اورد ح ه وهو أن ما فائدة قوله في اللفظ وذلك أن التخفيف قد تكون في اللفظ والمعنى معا بأن يسقط بعض المعاني بإزاء ما يسقط بعض المعاني من اللفظ كالظرف المقطوعة من الإضافة نسيا منسيا نحو قبلا فإن التخفيف في اللفظ والمعنى معا ؛ لأن المضاف غير مراد في المعنى أيضا وقد يكون في اللفظ فقط فأشار بقوله لا في المعنى إلى الإضافة اللفظية تفيد الفائدة اللفظية وتفصيل في وجيه الدين فانظر إن كنت من أصل التوحيد. (وجيه الدين).

(٢) بأن يسقط التنوين قبل الإضافة بكونه غير منصرف للعجمة المكررة وليس فيه تنوين ظاهر لكن فيه تنوين حكما. (نور الدين).

(٣) لئلا يلزم حلاء الصفة عن الفاعل ولا بد من جعل المضاف إليه منصوبا تشبيها بالمفعول ثم أضيف إليه على ما قرروه في باب الصفة المشبهة. (وجيه الدين).

(٤) فإن قيل فلم لم يوضع الألف واللام في موضع الهاء والتنوين قلت طلبا للفرق بين العوض والبدل فإن البدل لا يقع في المبدل منه والعوض يقع عوضا في غير المعوض عنه ويقع في موضع المعوض عنه والفرق بين العوض والبدل أن البدل يجتمع مع المبدل منه ومحله محله والعوض لا يجتمع مع المعوض عنه ولا يحل محله فكل بدل عوض وليس كل عوض بدلا. (شرح الجمع).

(٥) فإن قيل إنما يتحقق التخفيف بهذه الإضافة لو لم يعوض من الضمير لام التعريف ولما عوض لا يتحقق قلت أن اللام أخف لفظا ومعنى من الضمير. (كاملة).

(٦) إن قيل يلزم في القائم الغلام تعدد الفاعل فإنه من قبيل الإضافة إلى الفاعل وفيه ضمير أيضا قيل الفاعل بعد الإضافة خرج عن قوله فاعلا لفظا لكنه فاعل معنى وباعتبار المعنى ليس فيه ضمير. (هندي).

(٧) فإن قيل : كيف يوجد التخفيف؟ مع أن هذه الألف واللام عوض عن الضمير المحذوف والجواب عنه أن الألف واللام حرف والضمير اسم.

ـ وبالجملة في الحرف نوع من الخفة.

٤٥٥

المضاف بحذف التنوين وفي المضاف إليه بمضاف إليه بحذف الضمير واستتاره في الصفة.

(ومن ثمة) (١) أي : ومن جهة وجوب إفادة الإضافة اللفظية التخفيف وانتفاء كل واحد من التعريف والتخصيص (٢) (جاز) (٣) تركيب (مررت برجل حسن الوجه) (٤) بإضافة الصفة إلى معمولها ، وجعلها صفة للنكرة.

فمن جهة أنها لم تفد تعريفا جاز هذا التركيب (وامتنع) (٥) تركيب (مررت بزيد حسن الوجه) (٦) فلو أفادت تعريفا لم يجز الأول ، للزوم كون المعرفة صفة للنكرة ،

__________________

(١) فإن قيل ثمة إشارة إلى الحصر المذكور وجواز هذا الكلام يبنى على عدم إفادتها التعريف لا على الحصر المذكور حيث لا تعلق بعدم إفادتها التخفيف قيل جاز تركيب مررت إلخ لحصول الطابقة بنكارة الصفة والموصوف حيث لم تفد الإضافة الفظية إلا تخفيفا ولو أفاد التعريف لامتنع لعدم المطابقة. (هندي وحواشيه).

(٢) اختلف في الأمثلة الأربعة في الجواز والامتناع فهذا استدلال من الأثر إلى المؤثر كما هو المتعارف. (م ح).

(٣) قوله : (جاز مررت برجل حسن الوجه) وامتنع مررت بزيد حسن الوجه تفريع لقول الشارح لا تعريفا ولا تخصيصا وقوله وجاز الضاربا تفريع لقول المصنف ولا تفيد إلا تخفيفا. (تقرير).

(٤) أو ضارب أخيه يجعل المضاف إلى ذي اللام أو المضاف إلى الضمير صفة للنكرة فلو لا أنها نكرة كما كان قبلها لما جاز وصفها بها. (خبيصي).

(٥) النكارة الصفة مع تعريف الموصوف ولو أفادت الإضافة اللفظية تعريفا لجاز لحصول المطابقة. (ه).

(٦) بجعل المضاف إلى ذي اللام هو صفة للمعرفة إلا إذا دخل عليها اللام فيقال : مررت بزيد الحسن الوجه. (كاملة).

ـ فإن قيل مثل الحسن الوجه من الإضافة اللفظية ولا تخفيف فيه ؛ لأن التخفيف ما بحذف التنوين أو بحذف النون ولا وجود لشيء منهما فيه أما الأول : فلأن لام التعريف ينافي التنوين ، وأما الثاني : فلأنه مفرد فالجواب إن التخفيف كما يحصل بحذفهما يحصل بغيره وفي الحسن الوجه. يتحقق الثاني بيانه إذا أصله الحسن وجهه برفع وجهه على أنه فاعل الصفة قصد فالتخفيف فيه بالإضافة وإضافته إلى الفاعل على خلاف الأصل ؛ لأنه هو في المعنى فشبهوا مرفوعة بالمفعول فتصبوه يصح الإضافة إليه وجعلوا الصفة في اللفظ لغيره واضمروا فيه لفظ الضمير المتصل بالوجه وعوض عن الضمير اللام لئلا يزول تعريفه فأضافوا الصفة إليه فحصل التخفيف بحذف الضمير من الوجه واستتاره في الحسن فإن قيل إنما تحقق التخفيف بهذا ن لو لم نعوض من الضمير لام التعريف ولما عوض عنه اللام فلا تخفيف فالجواب أن اللام أخف لفظا ومعنى ـ

٤٥٦

ولجاز الثاني ، لكون المعرفة إذن صفة للمعرفة.

والمراد (١) أن المشار إليه ب : (ثمة) وهو مجموع أمور ثلاثة : وجوب إفادة الإضافة اللفظية التخفيف ، وانتفاء التعريف وانتفاء التخصيص يستلزم جواز التركيب الأول وامتناع الثاني.

ولا يلزم من ذلك أن يكون لكل واحد من تلك الأمور دخل في ذلك الاستلزام (٢) بل يجوز أن يكون باعتبار بعضها ، فلا يرد أنه لا دخل في ذلك الاستلزام ؛ لانتفاء التخصيص.

(و) من جهة أنها تفيد تخفيفا (جاز) تركيب (الضاربا زيد) و (الضاربو زيد) لحصول التخفيف بحذف النون ، (٣) (وامتنع (٤) الضارب زيد) لعدم التخفيف ؛ لأن تنوين (الضارب) إنما سقط للألف واللام لا للإضافة (٥) ، ...

__________________

ـ من الضمير وبعض تصاريف الحسن الوجه قد يكون ضميره المحذوف ثلثه أحرف نحو مردت بالزنان الحسنات الوجوه فإن أصل الحسان وجوههن وفيه بعد الإضافة تخفيف بين. (سعيد).

(١) هذا جواب عن سؤال مقدر كأنه قيل يرد على تفسير الشارح المشار إليه ثمة بأمور ثلاثة أن لا دخل لانتفاء التخصيص في جواز التركيب الأول وامتناع التركيب الثاني ؛ لأن وجود التخصيص وانتفائه سواء فلم فسر بأمور ثلاثة بل الأنسب تفسيره بأمرين فأجاب عنه بيان مراده بقوله والمراد. (لمحرره).

ـ قوله : (والمراد أن المشار إليه ... إلخ) دفع سؤال وارد وهو أن ثمة إشارة إلى الحصر المذكور وجواز هذا التركيب يبتنى على عدم إفادتها التعريف لأعلى الحصر المذكور حيث لا تعلق له بعد إفادتها التخصيص ووجه الدفع أن ثمة إشارة إلى ما يفهم من الحصر وهو مجموع أمور ثلاثة بثبوت التخفيف وانتفاء التعريف والتخصيص ولا يلزم من ترتب الحكم على المجموع ترتبه على كل واحد من أجزائه. (وجيه).

(٢) يعني : في استلزام جواز تركيب الأول وانتفاء تركيب الثاني ؛ لأن المستلزم جواز الأول وجوبا إفادة التخفيف وهو موجود فيه والمستلزم امتناع الثاني انتفاء التعريف ولا دخل لانتفاء التخصيص في الجواز والامتناع حيث يجوز ويمتنع وإن لم يوجد التخصيص. (م ح).

(٣) وكذلك الحسن الوجه والحسن وجهه بالإضافة ونحو ذلك إذ التنوين حذف لأجل اللام فلم يحصل بالإضافة تخفيف ولو حمل الضارب زيد على ضارب زيد كما حمل الضاربك على ضاربك لم يبق اشتراط إفادة التخفيف فائدة في صورة ما. (ح ه).

(٤) الأولى أن يقدم على قوله وجاز الضاربا إلخ ليكون قوله دفعا للتوهم لكن أمره مشهود. (ح).

(٥) لأن الساقط أولا لا يمكن سقوطه ثانيا وأضيف لا يكون في الإضافة فائدة فتضيع فوجب أن يمتنع إضافته.

٤٥٧

ولا شك (١) أنه لا دخل في هذا التفريع (٢) ؛ لانتفاء التعريف ، ولا لانتفاء التخصيص ، بل يكفي فيه وجوب التخفيف فقط.

وعلى هذا كان الأنسب (٣) تقديم هذا الفرع ، لكنه أخر ، لكثرة لواحقه (خلافا للفراء) (٤) فإنه يجوز تركيب (الضارب زيد) ، إمّا ؛ لأنه توهم أنّ دخول لام التعريف إنما هو بعد الإضافة فحصل التخفيف ، بحذف التنوين (٥) بسبب الإضافة ، ثم عرّف باللام.

وأجاب المصنف عنه في شرحه : بأنه غير مستقيم ؛ لأن القول بتأخر اللام المتقدمة حسا (٦) على الإضافة مجرد ادعاء مخالف للظاهر (٧).

__________________

(١) كأن قيل ليس في تركيب الضارب زيد والضاربوا زيد انتفاء التعريف والتخصيص فأجاب بقوله : ولا شك إلخ. (حاشية).

(٢) التفريع استخراج حكم الجزئي من الكلي الضابط ويسمى الجزئيات فروعا وذلك الكلي أصلا. (شرح).

(٣) قوله : (كان الأنسب) ؛ لأن أصله مذكور صريحا بقوله ولا تفيد إلا تخفيفا بخلاف أصل الفرعين السابقين أي : انتفاء التعريف أو التخصيص فإنه مذكور ضمنا. (فاضل محشي).

(٤) اعلم أنه لما استدل الجمهور على امتناع الضارب زيد فقالوا إنه إضافة لفظية بلا تخفيف وكل إضافة لفظية بلا تخفيف ممتنعة فالضارب زيد ممتنع عارضهم الفراء في العقل والنقل ، وقال إن دليلكم وإن كان دالا على الامتناع لكن عندي دليل بدل على الجواز من الدليل العقلي والأصل عدم اللام فهي ح إضافة لفظية بخفيف وكل إضافة لفظية بتخفيف جائزة فالضارب زيد جائز ورد الجمهور بأن الأصل موافقة الحس الدخول ومن المعلوم إذا تعارض الأصلان تساقطا وبقى الحكم مشكلا والدليل النقلي وهو إنه وارد في كلام الفصيح وكل وارد في الكلام الفصيح جائز فرده الجمهور بأن ذلك الكلام غير فصيح لامتناعه مثل الضارب.

(٥) بناء على أن الأصل ضارب زيد فأضيف فسقط التنوين ثم أدخل اللام بعد الإضافة فقد أفادت حفة. (لباب).

(٦) إن اللام سابقة على الإضافة ؛ لأنه لتحقيق ذات الاسم والإضافة لتحقيق عارض من عوارضه وهو لتخفيف ومحقق الذات سابق على محقق الصفات. (متوسط).

(٧) لأنه نرى أن اللام سابقة على الإضافة حسا ؛ لأن الإضافة في الظاهر إنما ثبت بعد الحكم بذهاب التنوين بسبب اللام فكيف ينسب حذف التنوين إليها بلا دليل ولا مزيج وفي اللام مرجح وهو كونه مسا. (م ح).

٤٥٨

وإمّا لما وقع في شعر الأعشى من قوله :

الواهب المائة الهجان (١) وعبدها.

فإنّ قوله (وعبدها) بالجرّ معطوف على المائة ، فصار المعنى باعتبار العطف : الواهب عبدها.

فهو من باب (الضارب زيد) ، فكما لا يمتنع ذلك حيث أتى به بعض البلغاء لا يمتنع هذا.

فأجاب المصنف عنه بقوله : (وضعف (٢) الواهب (٣) المائة الهجان (٤) وعبدها) يعني: هذا القول ضعيف لا يقوى في الفصاحة ، بحيث يستدل به ، لما عرفت من امتناع مثل ، (الضارب زيد) لعدم الفائدة في الإضافة ، ولا يخفى (٥) أن فيه شوّب (٦) مصادرة (٧) على المطلوب.

اللهم (٨) ...

__________________

(١) نعت المائة أو مضاف إليه للمائة وخول اللام على عدد المضاف جائز عند الكوفيين. (تركيب).

(٢) الأولى أن يكون من التضعيف يعني ضعف الفصحاء فلم يكن موثوقا به يستدل به وحينئذ لأشوب للمصادرة. (ع ص).

(٣) إضافة الواهب إلى المائة جائز للتشبيه بالحسن الوجه وأما الواهب عبدها غير جائزة لعدم التشبيه بالحسن الوجه. (هندي).

(٤) أي : عند تلك المائة أي : راعيها على الاستعادة إذ الراعي قائم بخدمة الماشي كالعبد أو على الحقيقة أو الإضافة لأدنى ملابسة ككوكب الحرقاء وحد طرفك وآخر البيت. (رضا).

(٥) قوله : (ولا يخفى أن فيه شوب) ؛ لأن إثبات المطلوب يتوقف على إبطال دليل الخصم وإبطاله يتوقف على إثبات المطلوب. (لارى).

(٦) وجه الدوران هذا القول أي : وضعف الواهب المائة دليل الامتناع الضارب زيد وذلك الامتناع دليل على ضعف هذا القول فيتوقف امتناع الضارب زيد على ضعف هذا القول وضعف هذا القول يتوقف على امتناع الضارب زيد فيلزم الدور وهذا قوله شوب.

(٧) والمصادرة على أربعة أضرب أحدها أن يكون المدعى عين الدليل والثاني أن يكون المدعي جزء الدليل والثالث أن يكون المدعي موقوفا على صحة الدليل وهذا مما نحن فيه والرابع أن يكون المدعي موقوفا على صحة جزء الدليل والكل باطل لاشتماله على الدور الباطل. (سعد الله).

(٨) قوله : (اللهم) أشار بذلك إلى ضعف هذا التوجيه ؛ لأنه خلاف الظاهر في العبادة. (وجيه الدين).

٤٥٩

إلا أن يقال (١) : المراد به أنه ضعيف في الاستدلال به ، إذ لا نص فيه على الجر ، فإنه يحتمل النصل حملا على المحل أو على أنه مفعول معه ، أو ؛ لأنه قد يتحمّل في المعطوف مالا يتحمل في المعطوف عليه ، كما في : (ربّ شاة (٢) وسخلتها) (٣) حيث جاز هذا التركيب ، ولم يجز (ربّ سخلتها) بإدخال (رب) على سخلتها بدون العطف. (٤)

والبيت بتمامه :

الواهب المائة الهجان وعبدها

عوذا (٥) تزجيّ خلفها أطفالها

أي : ممدوحه الواهب المائة الهجان : أي : البيض من النوق ، يستوي فيه الجمع الواحد ، صفة للمائة أو بدل عنها ، أو من قبيل (الثلاثة الأثواب) كما هو مذهب الكوفيين.

وعبدها (٦) أي : راعيها تشبيها له بالعبد ، لقيامه بحق خدمتها ، أو عبدها حقيقة بإضافته لأدنى ملابسة (٧).

__________________

(١) لا يخفى بعده ؛ لأن المتبادر ضعيف في التركيب لا في الاستدلال.

(٢) قوله : (رب شاة وسخلتها بدرهم) فإن إدخال كلمة رب على سخلتها لا يجوز قصدا ؛ لأن السخلة معرفة بالإضافة إلى المضمر إنما تدخل على النكرة لكن جاز بواسطة حرف العطف فلذلك جاز هاهنا. (غجدواني).

(٣) قال سيبويه أن الضمير في سخلتها نكرة ؛ لأن الضمير الراجع إلى النكرة غير مختصة. (ح).

(٤) أي : لا يجوز الضارب زيد وجاز الواهب المائة وعبدها ؛ لأنه معطوف وفي المعطوف يجوز ما لا يجوز في غيره. (شرح).

(٥) العوذ الالتجاء كالعياذ والمفاذ والتعوذ والاستعاذة وبالفم حديثات من الصياع وكل أنثى كالعوذ أن جمعا عائذ. (قاموس).

ـ الزجية والأزجاء من بابي التفعيل والأفعال بمعنى يسوق لكن هنا من التفعيل باقتضاء الوزه.

(٦) أي : إضافة العبد إلى المائة مجاز من قبيل إطلاق المشبه به وهو العبد وإرادة المشبه وهو الراعي ووجه الشبه خدمتهما.

(٧) يعني : إذا كان بين الشيئين ملابسة أو مخالطة أو مقارنة جاز أن يضيف أحدهما إلى الآخر ولا يلزم أن يكون المضاف ملك المضاف إليه أو حقه فإن الرجلين إذا حملا حشية كل واحد طرفا منه وقال أحدهما الآخر خذ طرفك فقد أضاف الطرف إليه لما بين الطرف وبين مقارنة اتصال. (تكمل).

٤٦٠