العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

والثانى والثالث من صحيح ابن حبّان ، ولعله سمعه كله ، وذلك فى سنة أربع وأربعين وستمائة ، وسمع من أبى نصر محمد بن أبى طاهر بن أبى الشجاع البغدادى : الأول من جامع الترمذى عن ابن البنّا ، فى سنة اثنتين وأربعين وستمائة ـ وما علمته حدّث ـ وغيرهما بمكة ،.

وولى الإمامة بالحرم ، ولم أدر متى ولّى ، إلا أنه كان إماما فى سنة تسع وخمسين وستمائة ، ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيّا فى سنة خمس وسبعين وستمائة ، لأنى وجدت رسم شهادته فى مكتوب فيها.

٢١٤٤ ـ على بن يوسف بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنىّ المكى ، المعروف بابن أبى إصبع :

هكذا أملى علىّ نسبه ابن أخيه عبد الرحمن بن يحيى. سمع من القاضى عز الدين بن جماعة ، والفخر النويرى : بعض سنن النسائى ، سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وكان يتردّد إلى اليمن للتجارة ، فأدركه الأجل بعدن منها ، فى آخر سنة أربع وثمانمائة.

٢١٤٥ ـ على الدّكّالى [............](١).

٢١٤٦ ـ على العجمى ، الشهير بالشّماع :

سكن الديار المصرية ، وخدم بها الشيخ أبا بكر المغربى ، الرجل الصالح الذى كان عند جامع الأزهر ، ثم حجّ إلى مكة فى سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، صحبة الحاجّ المصريين ، ودخل الكعبة المشرّفة ، فى ليلة السبت ثانى ذى الحجة من السنة المذكورة ، وخرج منها ، فتوفى من ساعته تحت قبة زمزم بالمسجد الحرام ، بعد أن شرب من ماء زمزم ، ودفن بالمعلاة.

٢١٤٧ ـ عمّار بن أبى عمار ، مولى بنى هاشم ، وقيل مولى بنى الحارث بن نوفل ، أبو عمرو ، ويقال أبو عبد الله المكى :

روى عن أبى قتادة ، وأبى هريرة ، وأبى سعيد الخدرىّ ، وعمران بن حصين ، وابن عباس ، وجابر بن عبد الله ، رضى الله عنهم.

__________________

٢١٤٤ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ٥٢).

٢١٤٥ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٤٧ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٧ / ٤٠٤).

٣٢١

روى عنه عطاء بن أبى رباح ، ونافع مولى ابن عمر ـ وهما من أقرانه ـ وحميد الطويل ، ويونس بن عبيد ، وخالد الحذّاء ، وسعيد ، ومعمر ، وحماد بن سلمة.

روى له مسلم ، وأصحاب السنن. قال أحمد ، وأبو زرعة ، وأبو حاتم : ثقة. مات فى ولاية خالد بن عبد الله القسرىّ.

٢١٤٨ ـ عمّار بن ياسر بن عامر بن مالك بن كنانة العنسىّ ـ بالنون ـ ثم المذحجىّ :

حليف بنى مخزوم ، فى قول الزهرى وغيره ، وقيل مولى لهم ، فى قول الواقدىّ ، وطائفة من أهل العلم بالنّسب.

وذكر الواقدى ، أن أباه عرنىّ قحطانى مذحجىّ من عنس. قدم مكة مع أخوين له ، يقال لهما : الحارث ومالك ، فى طلب أخ لهم رابع ، فرجع الحارث ومالك إلى اليمن ، وأقام ياسر بمكة ، فحالف أبا حذيفة بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، وزوّجه أبو حذيفة أمة له ، يقال لها سميّة بنت خياط ، فولدت له عمارا ، فأعتقه أبو حذيفة ، انتهى بالمعنى.

يكنى عمّار : أبا اليقظان ، وهو وأبوه وأمه سميّة ، ممن عذّبهم المشركون فى الله على الإسلام ، ويمرّ بهم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقول : «اصبروا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة». وأطاعهم عمار فيما أمروه به بلسانه ، وقلبه مطمئن بالإيمان.

وفيه أنزل الله عزوجل قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ) [النحل : ١٠٦] ، ثم هاجر إلى أرض الحبشة ، ثم هاجر إلى المدينة فى الأولين ، وفى هجرته إلى

__________________

٢١٤٨ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٧٢٠ ، الاستيعاب ترجمة ١٨٨٣ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨٠٤ ، المنتظم ٢ / ٣٧٦ ، ٣ / ١٣٢ ، ٣٦٥ ، ٤ / ٣٠٨ ، ٥ / ٩٢ ، ١١٨ ، ١٤٦ ، ١٤٧ ، ١٤٨ ، طبقات ابن سعد ٣ / ١٨٦ ، ٦ / ٩٣ ، الثقات ٣ / ٣٠٢ ، الرياض المستطابة ٢١١ ، المصباح المضىء ١ / ٧٥ ، التحفة اللطيفة ٣ / ٢٨٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٤٨ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤٠٨ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٣٩٤ ، أصحاب بدر ١١١ ، الكاشف ٢ / ٣٠١ ، التاريخ الصغير ١ / ٧٩ ، ٨٣ ، ٨٤ ، العبر ٢٥ ، ٣٨ ، ٤٠ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٨٩ ، التاريخ الكبير ٧ / ٢٥ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٣٤٦ ، صفة الصفوة ١ / ٤٢٢ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ١٢٩ ، تهذيب الكمال ٢ / ٩٨٨ ، الطبقات الكبرى ٩ / ١٣٨ ، أزمنة التاريخ الإسلامى ١ / ٧٩٤ ، بقى بن مخلد ٥٤ ، البداية والنهاية ٧ / ٣١٢ ، الطبقات ٢١ ، ٧٥ ، الزهد لوكيع ١٤١ ، الفوائد العوالى ٢٨ ، تنقيح المقال ٨٥٩٨ ، التبصرة والتذكرة ١ / ١٦٩ ، مشتبه النسبة ٥٤ ، سير أعلام النبلاء ١ / ٤٠٦).

٣٢٢

الحبشة خلاف ذكره النووى. وصلى إلى القبلتين ، وشهد بدرا والمشاهد كلها ، وأبلى ببدر بلاء حسنا ، وكذلك فى يوم اليمامة ، وقطعت فيها أذنه.

وقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن عمّارا ملئ إيمانا إلى مشاشه» ، وروى «إلى إخمص قدميه» ويروى «إلى شحمة أذنيه» (١).

وقال فى حقه أيضا ، «واهتدوا بهدى عمّار» (٢) أخرجه الترمذى بإسناد حسن ، وهو ممن اشتاقت الجنة إليه ، كما جاء عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من حديث أنس.

وهو أول من بنى مسجدا لله عزوجل ، وهو مسجد قباء ، على ما ذكر النووى ، واستعمله عمر رضى الله عنه على الكوفة ، وكان من خواص على بن أبى طالب رضى الله عنه ، واستشهد مع علىّ يوم صفّين ، وذلك فى سنة سبع وثلاثين.

وذكر ابن عبد البر أنّ صفّين فى شهر ربيع الأول من هذه السنة ، وأن عليا دفنه فى ثيابه ، ولم يغسّله ، ونقل عن أهل الكوفة أنه صلّى عليه.

وروى عن أبى عبد الرحمن السّلمىّ قال : شهدنا مع على رضى الله عنه صفّين ، فرأيت عمار بن ياسر رضى الله عنه ، لا يأخذ ناحية أو واد من أودية صفّين ، إلا رأيت أصحاب محمدصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يتبعونه ، كأنه لهم علم.

قال ابن عبد البر : وتواترت الأخبار عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. أنه قال : «تقتل عمّارا الفئة الباغية»(٣).

وكان سنّه رضى الله عنه حين قتل ، إحدى وتسعين سنة ، وقيل اثنتين وتسعين ، وقيل ثلاثا وتسعين. وكان فيما ذكر الواقدى : طويلا أشهل ، بعيد ما بين المنكبين.

٢١٤٩ ـ عمارة بن جيّاش بن أبى ثامر المبارك القاسمي :

توفى فى يوم الأربعاء ثانى رجب سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة ، ودفن بالمعلاة ، ومن حجر قبره كتبت هذه الترجمة ، وترجم فيه : بالقائد.

والقاسمى نسبة إلى أبى القاسم محمد بن جعفر بن محمد بن عبد الله بن أبى هاشم الحسنى أمير مكة.

__________________

(١) أخرجه النسائى فى الصغرى ، كتاب الإيمان ، حديث رقم (٥٠٠٧) ، وابن ماجة فى سننه ، فى المقدمة ، حديث رقم (١٤٧).

(٢) أخرجه الترمذى فى سننه ، كتاب المناقب ، حديث رقم ٣٧٩٩ ، ٣٨٠٥.

(٣) أخرجه البخارى فى صحيحه ، كتاب الصلاة ، حديث رقم ٤٤٧ ، ومسلم فى صحيحه ، كتاب الفتن وأشراط الساعة ، حديث رقم ٢٩١٥.

٣٢٣

٢١٥٠ ـ عمارة بن حمزة [بن عبد المطلب بن هاشم :

أمه خولة بنت قيس بن فهر من بنى مالك بن النجار ، وبه كان يكنى حمزة بن عبد المطلب. وقيل : إن حمزة كان يكنى بابنه يعلى بن حمزة.

وقيل : كانت له كنيتان ؛ أبو يعلى ، وأبو عمارة ، بابنيه يعلى وعمارة ، ولا عقب لحمزة فيما ذكروا. توفى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولعمارة ولد حمزة ولأخيه يعلى أعوام ، ولا أحفظ لواحد منهما رواية](١).

٢١٥١ ـ عمارة بن رويبة [الثقفى :

من بنى جشم بن ثقيف ، كوفى. روى عنه ابنه أبو بكر بن عمارة ، وأبو إسحاق السبيعى ، وحصين ، وعبد الملك بن عمير. من حديثه عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «لن يلج النار امرؤ صلى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها»](١).

٢١٥٢ ـ عمارة بن عقبة بن أبى معيط ، واسمه أبان بن أبى عمرو ، واسمه ذكوان بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصىّ بن كلاب القرشى العبشمىّ الأموى :

ذكره الزبير بن بكّار ، بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه الوليد بن عقبة ، فقال : وأخوه

__________________

٢١٥٠ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٧٢٩ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨١٠ ، الاستيعاب ترجمة ١٨٨٨).

(١) لم يرد أمام هذا الترجمة سوى الاسم فقط ، وكتب أمامها كذا مبيض بأصله المنقول منه. ومن الأرجح أن تكون هذه الترجمة هى ترجمة عمارة بن حمزة بن عبد المطلب بن هاشم ، فهو أشهر من كان بمكة يسمى بهذا الاسم وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب ، والله أعلم بالصواب.

٢١٥١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٨٨٩ ، الإصابة ترجمة ٥٧٣١ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨١٣ ، طبقات ابن سعد ٦ / ٤٠ ، طبقات خليفة ٥٥ ، الثقات للعجلى ٣٥٣ ، الثقات لابن حبان ٥ / ٢٦٣ ، مشاهير علماء الأمصار رقم ٣١٢ ، تحفة الأشراف ٧ / ٤٨٦ ، الإكمال ٤ / ١٠٢ ، الجمع بين رجال الصحيحين ٣٩٦ ، الوافى بالوفيات ٢٢ / ٤٠٤ ، تاريخ الإسلام ٢ / ٤٨٧).

(١) هذه الترجمة مثل الترجمة السابقة لها ، لم يرد أمامها سوى الاسم فقط. وما بين المعقوفتين أوردناه من الاستيعاب.

٢١٥٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٨٩٥ ، نسب قريش ١٠٥ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨٢١ ، الإصابة ترجمة ٥٧٤٠).

٣٢٤

عمارة بن عقبة ، نزل الكوفة ، وله يقول الوليد بن عقبة [من الطويل] :

وإن يك ظنى يابن أمّى صادقا

عمارة لا يدرك بذحل ولا وتر

ألا إنّ خير النّاس بعد ثلاثة

قتيل التّجيبىّ الذى جاء من مصر

يريد عثمان رضى الله عنه.

وذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب ، وقال : كان عمارة والوليد وخالد ، بنو عقبة بن أبى معيط ، من مسلمة الفتح. انتهى.

* * *

من اسمه عمر

٢١٥٣ ـ عمر بن أحمد بن أحمد بن مهدى المدلجىّ ، عز الدين النّشائىّ الشافعىّ :

ذكره الإسنائى فى طبقاته ، وقال : كان إماما بارعا فى الفقه والنحو والعلوم الحسابية ، أصوليا محققا ديّنا ورعا زاهدا متصوفا ، يحب السّماع ويحضره ، وكانت فى أخلاقه حدّة ، ودرّس بالمدرسة الفاضلية ، وأعاد بالظاهرية ، والكهاريّة ، وفيها كان سكنه ، وكان متصدّرا لإقراء النحو بجامع الأقمر ، وانتفع به خلق كثيرون ، منهم الشيخ مجد الدين الزّنكلونىّ ، وصنّف على «الوسيط» نكتا حسنة كثيرة الفائدة ، إلا أنها لم تكمل ، وحج فى البحر من عيذاب ، سنة ست عشرة وسبعمائة ، وتوفى فى تلك السنة بمكة المشرفة ، فى العشر الأخير من ذى القعدة ، ودفن بالمعلاة. انتهى.

ووجدت بخطّى فيما نقلته من تاريخ البرزالىّ ، أنه قدم مكة فى رمضان ، وتوفى فى ثانى ذى الحجة ، وهذا مخالف لما ذكره الإسنائى ، إلا أن النسخة التى نقلت منها من تاريخ البرزالى فيها سقم ، ولا أدرى هل ذكر ذلك البرزالى هكذا ، أو كما ذكر الإسنائى ، والله أعلم.

وهو والد الشيخ كمال الدين أبى العباس أحمد ، مدرس جامع الطيرى ومؤلف المنتقى ، وجامع المختصرات ، والنكت على التنبيه ، المتوفى فى عاشر صفر سنة سبع وخمسين وسبعمائة. ونشا : بنون وشين معجمة ، بلدة فى الغربية من مصر المحروسة.

__________________

٢١٥٣ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات الشافعية ٢ / ٢٨٦ ، الدرر الكامنة ٣ / ٤٩ ، شذرات الذهب ٦ / ٤٤).

٣٢٥

٢١٥٤ ـ عمر بن أحمد المكين الزّبيدى :

هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة ، وترجم فيه : بالسيد الشريف شجاع الدين ، وفيه أنه توفى يوم الاثنين سادس عشر ذى الحجة ، سنة ست وسبعين وسبعمائة.

٢١٥٥ ـ عمر بن أحمد المعروف بابن الحداد التّعزّىّ :

كان ممّن يتردد إلى مكة للتجارة ، وقدمها فى بعض السنين ، بتجارة لصاحب اليمن ، الناصر بن الأشرف ، وكان رزق منه قبولا ، ثم تغيّر عليه ، وعلى أخويه العفيف عبد الله ، وإبراهيم ، وقدم مكة فى سنة إحدى عشرة وثمانمائة وأقام بها حتى توفى فى آخر رجب ، سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، بعد علة طويلة أصابته.

٢١٥٦ ـ عمر بن إبراهيم بن أبى بكر بن خلّكان ، نجم الدين أبو حفص الإربلىّ الشافعىّ :

ذكره المنذرى فى التكملة ، وترجمه بالفقيه الأجلّ ، وقال : تفقه على مذهب الشافعى رضى الله عنه ، وسمع بإربل من شيخنا أبى حفص عمر بن محمد بن طبرزد ، وسمع بمكة شرّفها الله تعالى ، من الفقيه أبى عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبى الصّيف ، وأجاز له أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفى ، وعبد المنعم بن عبد الوهاب بن كليب ، وغيرهما.

وجاور بالحرم الشريف سنين ، وحدّث بمكة شرفها الله تعالى ، وبإربل ، ودرّس بالمدرسة المجاهدية بإربل ، وهو من بيت الفقه والرواية ، حدّث من بيته غير واحد. وذكر أنه توفى فى الثالث عشر من شهر رمضان ، سنة سبع وستمائة بإربل ، ودفن بالمقبرة العامة.

٢١٥٧ ـ عمر بن إبراهيم بن محمود الزّبيدىّ :

كان من تجار اليمن ، تردد إلى مكة وأقام بها ، وله بها الآن ذريّة ، وفيها توفى فى يوم الأحد النصف من ربيع الأول سنة إحدى وتسعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة.

نقلت وفاته من حجر قبره بالمعلاة ، وكان رجلا خيّرا.

٢١٥٨ ـ عمر بن أبى أثاثة العدوىّ ، وقيل عمرو :

وسيأتى إن شاء الله تعالى فى بابه.

__________________

٢١٥٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ٧٤).

٢١٥٦ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات الشافعية للسبكى ٥ / ١٣٠).

٣٢٦

٢١٥٩ ـ عمر بن حبيب القاضى :

من أهل مكة. انتقل إلى اليمن وسكنها ، يروى عن عطاء ، وعمرو بن دينار.

روى عنه رباح بن يزيد من أهل اليمن ، وكان حافظا متقنا ، وليس هو معمر بن حبيب القاضى الذى كان على البصرة ، ذاك ضعيف. هكذا ذكره ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقات ، ووثّقه أحمد ، ويحيى ، كما ذكر الذهبىّ.

٢١٦٠ ـ عمر بن الحسن بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس ابن محمد بن على بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب العباسى :

قاضى مكة ومصر وغيرهما. ذكره المسعودى فى تاريخه ، وقال بعد أن نسبه كما ذكرنا: حجّ بالناس خليفة لأبيه سنة عشرين وثلاثمائة ، ولم يزل يحج بالناس إلى سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة ، قال : وهو على قضاء مكة فى هذا الوقت ، وهو جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين وثلاثمائة ، وإليه قضاء مصر وغيرها. وذكر أن أباه حجّ بالناس سنة اثنتى عشرة وثلاثمائة. انتهى.

وذكره ابن حزم فى الجمهرة ، وقال : حجّ بالناس نحو عشرين سنة ، ولم يذكر من حاله سوى هذا.

٢١٦١ ـ عمر بن حسين بن عبد الله الجمحىّ ، أبو قدامة المكى :

روى عن مولاته عائشة بنت قدامة بن مظعون ، وعن نافع مولى بن عمر ، وعبد الله ابن أبى سلمة الماجشون. وروى عنه ابن إسحاق ، وابن أبى ذئب ، ومالك ، وغيرهم.

وروى له مسلم (١) وابن ماجة (٢) ، وولى قضاء المدينة.

__________________

٢١٥٩ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٧ / ٤٣١).

٢١٦٠ ـ انظر ترجمته فى : (مروج الذهب للمسعودى ٤ / ٤٠٨ ، جمهرة الأنساب لابن حزم ٣٣).

٢١٦١ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٧ / ٤٣٣).

(١) فى كتاب الحج ، حديث رقم (١٢٨٤) من طريق : حدثنى محمد بن حاتم وهارون بن عبد الله ويعقوب الدورقى قالوا : أخبرنا يزيد بن هارون أخبرنا عبد العزيز بن أبى سلمة عن عمر بن حسين عن عبد الله بن أبى سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غداة عرفة فمنا المكبر ومنا المهلل فأما نحن فنكبر ، قال : قلت : والله لعجبا منكم كيف لم تقولوا له ماذا رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصنع.

(٢) لم أجده فى سننه والله أعلم.

٣٢٧

٢١٦٢ ـ عمر بن حسين بن على بن أحمد بن عطيّة بن ظهيرة القرشىّ المخزومى المكىّ ، يلقّب بالسّراج :

مولده سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بمكة ، ونشأ بها. وسمع بها على القاضى عز الدين بن جماعة بعض «منسكه الكبير» وعلى غيره.

وأجاز له من دمشق جماعة من أصحاب ابن البخارى وغيره ، وقرأ فى «الرسالة» على مذهب مالك ، ولم ينجب ، ودخل ديار مصر والشام لطلب الرزق مرات ، ودخل اليمن ، ثم انقطع بأخرة بمكة ، حتى مات بها ، سامحه الله تعالى ، وقد حسن حاله فى أمر دنياه ، بما صار إليه من مال أخيه ظهيرة بن حسين ، ولما حضره الأجل ، أقر بجانب من ذلك لابنة له طفلة ، قاصدا بذلك إيثارها به على ورثته ، أولاد أولاد أخيه أبى السعود ، فليم فى ذلك ، وقيل له : كنت تعيب على أخيك ظهيرة إقراره بما فى يده ، لابن أخيه القاضى أبى البركات بن أبى السعود ، وتعلّل ذلك بكونه قصد حرمانك من ميراثه ، وغير ذلك.

فقال : إنه راض بأن يكون فى درك فى النار ، أسفل من درك أخيه ظهيرة ، أو كلاما معناه هذا ، نعوذ بالله من الضّلال.

وقد أثبت القاضى الشافعىّ بمكة ، إقراره لابنته ، بصورة أنه وكلّ فى الدعوى لابنته بحقوقها وأثباتها ، ووكّل وكيلا يجاوب عنه بالإنكار فيما أقرّ به ، فادّعى الذى وكّله لا بنته على وكيله ، فأجاب بالإنكار ، وسأل البيّنة ، فشهدت بإقراره ، وأشهد الحاكم بثبوت ذلك لديه ، وحكم به ، وفى النفس من ذلك شىء ، لا تحاد المدّعى والمدّعى عليه ، وتوكيل الأب فى الدعوى بذلك لا بنته ، إقرار منه ، لها به ، فلا يقبل توكيله من يجاوب عنه بإنكار ذلك ، فإن قيل : توكيل الأب فى الدعوى لا بنته بحقوقها وأثباتها عام ، وذلك لا يقتضى أنّ الأب مقرّ لا بنته بما يدّعى لها به ، ولا أنه وكّل فى الدعوى لها بذلك. فالجواب : أن تعميم الأب التوكيل لا بنته ، فى الدّعوى لها بحقوقها ، يستلزم الدعوى لها بما أقرّ به لها ، ولو لا ذلك بطلت الدعوى لها بإقراره ، وما ترتّب عليها من الثبوت والحكم ، فيكون على هذا تعميم الأب التوكيل لا بنته ، بالدعوى لها بحقوقها ، مثل توكيله فى الدعوى لها بما أقرّ به لها ، ويكون المدّعى والمدعّى عليه متّحدا ، وهو مما لا يجوز ، وإلى عدم جواز ذلك ، وعدم صحة الثبوت المترتّب على هذه الدعوى ، مال كثير غير واحد من فقهاء الشافعيّة والحنفيّة ، وكتب بعض الشافعية بذلك خطه ، فى سؤال صورته :

__________________

٢١٦٢ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ٨٣).

٣٢٨

«الحمد لله رب العالمين ، المسئول من الأنظار السّديدة ، الجواب عن مسألة : ما إذا أقرّ المريض فى مرض موته ، بعين لبعض ورثته الصغار ، الذين هم تحت حجره ونظره ، هل يصح توكيله فى الدعوى لا بنته عليه ، حتى تقام البينة على ذلك ، أو لا تتحدّ الدعوى والمدعى والمدعى عليه فى ذات واحدة؟ وهل يصح الحكم المسند إلى هذه الدعوى أم لا؟ وسواء كان التوكيل فى مطلق الحقوق والمخاصمة ، ومطالبة الحقوق أو غيره ، وهل إذا أقام بعض الورثة بينة بأن العين كانت فى ملك المريض ، إلى أن أقرّ ، فهل تسمع دعواه وبنيته أم لا؟ وكذلك إذا ادعى أن المريض فسّر إقراره بالهبة ، هل تسمع الدعوى والبينة أم لا؟ أفتونا مأجورين».

وصورة الجواب : «الحمد لله الذى هدانا لهذا بمحمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الله يهدى للحق ، لا شك أنّ الحكم فى ذلك ، مترتب صحته على الدعوى ، والاتحاد فى الذات فى هذه الصّورة مانع من الصحة ، لا سيّما إذا أقام بعض الورثة البيّنة الشرعية ، أن العين المقرّ بها ، فى ملك المقرّ ، إلى أن أقرّ ، لرجوع ذلك إلى تعليل ما شرط فى المقرّ به ، أن لا يكون ملكا للمقرّ ، وكذا إذا فسّر ذلك بالهبة على ما رجّح وللحال ما ذكر. قال ذلك وكتب : عمر ابن المخزومى الشافعىّ».

وجواب آخر : «هذا أمر لا يتصور صحته ، كيف والحال الاتحاد ، وأمّا عدم صحة هذا الإقرار ، مع وجود هذه البيّنة ، فظاهر لا يحتاج إلى شىء ، والقول قوله فيما يفسر به ، والحالة هذه والله أعلم. كتبه محمد الصفطى». انتهى الجوابان بنصهما ، وكذا السؤال.

وتوفى المذكور وقت العصر ، أو قريبا من ذلك ، فى يوم الثلاثاء رابع عشر ذى القعدة الحرام ، سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن فى صبح الخميس بالمعلاة ، بعد الصلاة عليه بالمسجد الحرام ، تجاه الحجر الأسود ، والصّلاة عليه بهذا المحلّ ، قيل إن العادة جرت لبنى مخزوم.

٢١٦٣ ـ عمر بن الحسين النّسوىّ :

هكذا وجدته مذكورا فى حجر قبره بالمعلاة ، وترجم فيه : بالشيخ الزاهد العابد ، الشهيد الغريب ، شيخ الشيوخ. وفيه : أنه توفى فى مستهل المحرم سنة إحدى وسبعين وخمسمائة. انتهى.

وهو والله أعلم ، الذى ذكر ابن النجار ، أنه نزل إلى الحجر الشريفة النبوية ، لكشف أثر يتعلقّ بها ، احتيج إلى تحقيقه ، ونص [...........](١).

٣٢٩

٢١٦٤ ـ عمر بن حفص ، أبو حفص المكى :

يروى عن سالم. روى عنه هاشم بن القاسم. ذكره هكذا ابن حبّان فى الطبقة الثالثة من الثقّات ، وما علمت من حاله سوى هذا.

٢١٦٥ ـ عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزّى بن رياح ـ براء مهملة مكسورة وياء مثناة من تحت ـ بن عبد العزّى بن قرط بن رزاح بن عدىّ بن كعب ابن لؤىّ بن غالب القرشى العدوىّ ، أبو حفص الفاروق :

سمى بذلك لأنه فرق بين الحق والباطل ، أمير المؤمنين ، أحد العشرة الذين شهد لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالجنة ، وتوفّى وهو عنهم راض وصهر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأحبّ الرجال إليه بعد أبى بكر رضى الله عنه ، على ما جاء عن النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من حديث عمرو بن العاص رضى الله عنه فى الصحيحين، وسيّد كهول أهل الجنة ، من الأولين والآخرين ، غير النبيين والمرسلين ، كما جاء عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من حديث أنس بن مالك رضى الله عنه ، فى جامع الترمذى ، وغيره بإسناد حسن على ما ذكر الترمذى ، ووزير النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم من أهل الأرض ، كما جاء عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، من حديث سعد بن أبى وقّاص رضى الله عنه ، فى جامع التّرمذى ، بإسناد حسن ، على ما ذكر الترمذى ، إلا أن أبا بكر الصّدّيق رضى الله عنه ، يشركه فى هاتين الفضيلتين ، ولعمر رضى الله عنه فضائل أخر :

منها : «أن الله تعالى جعل الحقّ على لسانه وقلبه» (١). رواه الترمذى بإسناد حسن صحيح ، على ما ذكر من حديث ابن عمر مرفوعا.

__________________

٢١٦٣ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٦٥ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٧٥٢ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨٣٠ ، الاستيعاب ترجمة ١٨٩٩ ، الرياض المستطابة ١٤٧ ، التاريخ لابن معين ٢ / ٤١ ، العبر ٥٢٦ ، الكاشف ٣٠٩ ، أصحاب بدر ٤٦ ، تاريخ جرجان ٧٣٠ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٤٣٨ ، الرياض النضرة ٢ / ٨٥ ، الزهد لوكيع ٣ ، التحفة اللطيفة ٣ / ٣٢٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٥٤ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٣٩٧ ، الأعلام ٥ / ٤٥ ، التاريخ الصغير ٥ / ٢٣٦ ، خلاصة تذهيب الكمال ٢ / ٢٦٨ ، الاستبصار ٣٩١ ، التاريخ الكبير ٦ / ١٣٨ ، الجرح والتعديل ١٠٥ ، تاريخ الإسلام ٢ / ١٠٢ ، ٣ / ٤١٨ ، طبقات الحفاظ ٦٥٨ ، صفة الصفوة ١ / ٢٦٨ ، غاية النهاية ١ / ٥٩١ ، حلية الأولياء ١ / ٣٨ ، ٥٥ ، الطبقات الكبرى ٩ / ١٤١ ، بقى بن مخلد ١١ ، التبصرة والتذكرة ١ / ٢٣).

(١) أخرجه الترمذى فى سننه ، كتاب المناقب ، حديث رقم ٣٦٨٢ ، وأحمد بن حنبل فى المسند ، حديث رقم ٥٦٦٤.

٣٣٠

ومنها : أمر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالاقتداء به وبأبى بكر الصديق رضى الله عنهما (٢) ، كما فى الترمذى وغيره بإسناد حسن ، من حديث أنس رضى الله عنه مرفوعا.

ومنها : «أن الشيطان ما لقى عمر رضى الله عنه سالكا فجّا ، إلا سلك فجّا غير فجّه»(٣) كما فى الصحيحين من حديث سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه ، عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

ومنها : «أنه لو كان بعد النبىّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم نبىّ لكان عمر» (٤) ، كما فى الترمذى ، من حديث عقبة بن عامر بإسناد حسن.

ومنها : «نزول القرآن الكريم بموافقته ، فى أسارى بدر ، وفى الحجاب ، وتحريم الخمر [.......](٥).

ومنها : «إعزاز الإسلام به ، حسب دعاء النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بذلك» (٦) ، روينا عن ابن مسعود

__________________

(٢) أخرجه الترمذى فى سننه ، فى كتاب المناقب ، (باب فى مناقب أبى بكر وعمر رضى الله عنهما. حديث رقم ٣٦٦٢ من طريق : الحسن بن الصباح البزار حدثنا سفيان بن عيينة عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى ، وهو ابن حراش ، عن حذيفة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر.

وقال : وفى الباب عن ابن مسعود قال أبو عيسى : هذا حديث حسن وروى سفيان الثورى هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حدثنا أحمد بن منيع وغير واحد قالوا : حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الملك بن عمير نحوه وكان سفيان بن عيينة يدلس فى هذا الحديث فربما ذكره عن زائدة عن عبد الملك بن عمير وربما لم يذكر فيه عن زائدة وروى هذا الحديث إبراهيم بن سعد عن سفيان الثورى عن عبد الملك بن عمير عن هلال مولى ربعى عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد روى هذا الحديث من غير هذا الوجه أيضا عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ورواه سالم الأنعمى كوفى عن ربعى بن حراش عن حذيفة.

(٣) أخرجه البخارى فى صحيحه ، كتاب بدء الخلق ، حديث رقم ٣٢٩٤ ، وفى كتاب المناقب ، حديث رقم ٣٦٨٣ ، وفى كتاب الأدب ، حديث رقم ٦٠٨٥ ، ومسلم فى صحيحه ، كتاب فضائل الصحابة ، حديث رقم ٢٣٩٧.

(٤) أخرجه الترمذى فى سننه ، فى كتاب المناقب ، حديث رقم ٣٦٨٦ ، وقال : قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن هاعان.

(٥) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

(٦) أخرجه الترمذى فى المناقب ، حديث رقم (٥٦٦٣) من طريق : محمد بن بشار ومحمد ابن رافع قالا : حدثنا أبو عامر العقدى حدثنا خارجة بن عبد الله الأنصارى عن نافع عن ـ

٣٣١

رضى الله عنه قال : كان إسلام عمر رضى الله عنه فتحا ، وهجرته نصرا ، وإمامته رحمة ، فلقد رأيتنا وما نستطيع أن نصلّى فى البيت ، حتى أسلم عمر رضى الله عنه ، فلما أسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا.

وعن حذيفة رضى الله عنه ، قال : لما أسلم عمر رضى الله عنه ، كان الإسلام كالرجل المقبل ، لا يزداد إلا قربا ، فلما غيل ، كان الإسلام كالرجل المدبر ، لا يزداد إلا بعدا.

وكان إسلامه فى السنة السّادسة من النبوة ، على ما قال ابن سعد ، وذلك بعد دخول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دار الأرقم ، وهى الدار المعروفة بدار الخيزران عند الصفا ، بعد أربعين رجلا ، وإحدى عشرة امرأة ، وقيل عبد أربعين رجلا ، وعشرة نسوة ، قاله سعيد بن المسيّب.

وسبب إسلامه ، أن فاطمة أخته ، زوجة سعيد بن زيد ، أحد العشرة المبشرين بالجنة ، أسلمت هى وزوجها ، فسمع بذلك عمر ، فقصدهما ليعاقبهما ، فلما صار إليهما ، قرئ عليه القرآن ، فأوقع الله فى قلبه الإسلام فأسلم ، فجاء إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأصحابه ، وهم مختفون فى دار الأرقم ، فأظهر إسلامه ، فسرّ المسلمون بذلك كثيرا ، ثم خرج إلى مجامع قريش ، فنادى بإسلامه ، فضربه جماعة منهم ، فأجاره خاله العاصى بن وائل السّهمىّ ، فكفّوا عنه ، ثم لم تطب نفس عمر حين رأى المسلمين يضربون ، وهو لا يضرب فى الله تعالى لجوار خاله ، فردّه عليه ، وصار يضارب المشركين ويضاربونه كسائر المسلمين ، إلى أن أظهر الله الإسلام.

وكان قبل إسلامه شديدا على المسلمين ، فاستجاب الله فيه دعوة نبيّهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان دعا الله أن يعزّ به الإسلام ، أو بأبى جهل بن هشام ، ولما همّ بالهجرة إلى المدينة تقلد سيفه ، وتنكّب قوسه ، وانتضى فى يده أسهما ، وأتى إلى الكعبة وأشراف قريش بفنائها ، فطاف سبعا ، وصلّى ركعتين عند المقام ، ثم أتى حلقهم واحدة واحدة ، ثم قال : شاهت الوجوه ، من أراد أن تثكله أمّه ، ويوتم ولده ، وترمل زوجته ، فليلحقنى وراء هذا الوادى ، فما تبعه منهم أحد. روينا ذلك عن على بن أبى طالب رضى الله عنه.

__________________

ـ ابن عمر أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبى جهل أو بعمر بن الخطاب. قال : وكان أحبهما إليه عمر قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر.

٣٣٢

وروينا عنه أنه قال : ما علمت أحدا هاجر إلا مختفيا ، إلا عمر رضى الله عنه ، فإنه لما همّ بالهجرة ، تقلدّ سيفه ، وذكر الخبر.

وكان هاجر مع أخيه زيد بن الخطاب ، وسعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، وغيرهما من سادات الصحابة رضى الله عنهم ، وشهد مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بدرا وأحدا والخندق وبيعة الرضوان وخيبر ، وفتح مكة وحنينا والطائف وتبوك ، وسائر المشاهد ، وكان شديدا على الكفار والمنافقين ، وبويع رضى الله عنه بالخلافة ، بعد موت أبى بكر الصّدّيق رضى الله عنه ، وكان عهد إليه بذلك ، فقام بعده بمثل سيرته وجهاده ، وثباته وصبره على العيش الخشن وخبز الشعير ، والثوب الخام المرقوع ، والقناعة باليسير ، ففتح الله فى خلافته الفتوحات الكبار والأقاليم الشاسعة ، فافتتح عسكره مملكة كسرى ، وكانت جيوش كسرى مائة ألف أو يزيدون ، فكسرهم المسلمون غير مرّة ، وسبوا نساءهم وأولادهم ، وغنموا أموالهم ، وكان على المسلمين يومئذ ، سعد بن أبى وقّاص رضى الله عنه ، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، وبنى المسلمون حينئذ الكوفة والبصرة ، وافتتحت فى خلافته رضى الله عنه جميع مدائن الشام ، بعد مصافّات أربعة ، أكبرها وقعة اليرموك بحوران بالشام ، وكان المسلمون أكثر من عشرين ألفا ، وكانت جيوش قيصر ملك النصارى ، يزيدون على مائة ألف فارس ، فقتل من الكفار نصفهم أو أقلّ ، واستشهد من المسلمين جماعة من الصحابة ، وافتتح فى خلافته رضى الله عنه بيت المقدس ، وقتل فى خلافته فى وقعة جلولاء بالعراق ، خلائق من المجوس ، وغنم المسلمون منهم غنيمة عظيمة ، يقال إنها ثلاثون ألف ألف درهم.

وافتتح فى خلافته الموصل والجزيرة وديار بكر والعراق وأرمينيّة وأذربيجان وبلاد فارس وخوزستان ـ واختلفوا فى خراسان ، فقيل فتحت فى زمانه ، ثم انتقضت ، وفتحت فى زمن عثمان رضى الله عنه ، وقيل إن عثمان افتتحها وهو الصحيح ، وإصطخر ، وبلد الرىّ وهمذان وجرجان والدّينور ونهاوند وديار مصر ـ بعضها بالسيف وبعضها صلحا ـ والإسكندرية عنوة ، وطرابلس من أوائل بلاد المغرب ، وزهت له الدنيا إلى الغاية ، فلم يغترّ بها ، ولم يردها ، وأنزل نفسه فى مال الله تعالى ، منزلة رجل من المسلمين.

وله رضى الله عنه فى الزهد أخبار عجيبة ، منها : أنه لما قدم الشام ، لقيته الجنود ، وعليه إزار فى وسطه وعمامة ، قد خلع خفّيه ، وهو يغوص الماء آخذا بزمام راحلته ، وخفّاه تحت إبطه ، فقالوا له : يا أمير المؤمنين ، الآن تلقاك الأمراء وبطارقة الشام ، وأنت

٣٣٣

هكذا؟. فقال : إنا قوم أعزّنا الله بالإسلام ، فلم نلتمس العزّ بغيره ، ذكر هذا الخبر طارق ابن شهاب.

ومنها : ما رويناه عن أنس بن مالك رضى الله عنه ، أنه قال : لقد رأيت فى قميص عمر رضى الله عنه أربع رقاع بين كتفيه ، وروينا عن أبى عثمان ، قال : رأيت عمر رضى الله عنه يرمى الجمرة ، وعليه إزار مرقوع بقطعة جراب ، وروينا أنه رضى الله عنه ، دخل على ابنته حفصة رضى الله عنها ، فقدّمت إليه مرقا باردا ، وصبّت عليه زيتا ، فقال : إدامان فى إناء واحد! لا آكله أبدا.

وقام رضى الله عنه بأمر الخلافة أحسن قيام ، ولم يأخذه فى الله لومة لائم ، واهتم رضى الله عنه بأمر المسلمين ، اهتماما لا يشبهه شىء. وله رضى الله عنه فى ذلك أخبار ، منها :

أنه خرج بنفسه إلى العالية فى يوم صائف ، يسوق بكرين من إبل الصّدقة تخلفا ، ليلحقهما بالحمى ، خشية الضّيعة.

وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة قال : خرجنا مع عمر رضى الله عنه إلى مكة ، فما ضرب فسطاطا ولا خباء حتى رجع. وكان إذا نزل ، يلقى له كساء ، أو نطع على شجرة ، فيستظلّ بها.

ورتّب الناس على سابقتهم فى العطاء ؛ وفى الإذن عليه والإكرام. وكان أهل بدر أوّل الناس دخولا عليه ، وكان علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه ، أولهم دخولا عليه ، وأثبت أسماءهم فى الديوان ، على قربهم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبدأ ببنى هاشم وبنى المطلب ، ثم الأقرب فالأقرب.

وهو أول من دوّن الديوان ، وأرّخ التاريخ من الهجرة ، لقضية أوجبت ذلك ، وأول من اتخذ الدّرّة ، وأول من لقب أمير المؤمنين ، وسبب لقبه بأمير المؤمنين ، أنه بعث إلى عامل العراق : أرسل إلىّ رجلين جلدين شابين ، أسألهما عن العراق وأهله ، فأرسل إليه عامل العراق ، لبيد بن ربيعة العامرىّ ، وعدىّ بن حاتم الطائى ، فلما قدما المدينة ، أناخا راحلتيهما بفناء المسجد ، ثم دخلا ، فإذا هما بعمرو بن العاص رضى الله عنه ، فقالا له : استأذن لنا على أمير المؤمنين ، فصوّب عمرو مقالتهما ، ودخل على عمر ، وقال له : السلام عليك يا أمير المؤمنين ، فسأله عمر رضى الله عنه ، عن سبب خطابه بذلك ، فأخبره بقول لبيد وعدىّ بن حاتم ، فاستحسنه ، وجرى الكتّاب بذلك.

٣٣٤

وقيل فى سبب تلقيبه بذلك غير ما سبق ، وذلك أن عمر رضى الله عنه لما ولّى قال : كان يقال لأبى بكر رضى الله عنه ، خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فكيف يقال لى خليفة خليفة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، هذا يطول ، فقال له المغيرة بن شعبة رضى الله عنه : أنت أميرنا ونحن المؤمنون ، فأنت أمير المؤمنين ، قال : فذلك إذا. ذكر الزبير بن بكار.

وهو أول من كتب : من عبد الله أمير المؤمنين ، وهو أول من جمع الناس لصلاة التراويح ، وهو أول من ردّ مقام إبراهيم إلى مكانه اليوم ، لّما غيّره عنه السّيل ، وهو أول من وسّع المسجد الحرام.

ثم قبضه الله تعالى إليه سعيدا شهيدا ، وكان رضى الله عنه يسأل الله الشهادة ، وثب عليه أبو لؤلؤة المجوسى ، مولى المغيرة بن شعبة ، وقد دخل المسجد لصلاة الصبح ، فطعنه بخنجر فى بطنه ، وقيل إنه ضربه بسكين مسمومة ذات طرفين ، ست ضربات فى كبده ، وفى خاصرته ، وقد أحرم لصلاة الصبح ، وجال أبو لؤلؤة الملعون فى مسجد النبىّصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقتل سبعة نفر ، وجرح جماعة ، فأخذ عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه ، بساطا رماه عليه وقبضه ، فلما رأى أنه قد أخذ ، قتل نفسه ، وحمل عمر رضى الله عنه إلى منزله ، ودخل الناس يسلّمون عليه ويثنون ، وهو يقول : ليت أنى نجوت كفافا ، وأمر رضى الله عنه بالاقتصاد فى تجهيزه ، وأن يدفن فى بيت عائشة رضى الله عنها بإذنها ، فسمحت لهبذلك ، ثم مات بعد يوم وليلة ، وغسّله رضى الله عنه ، ابنه عبد الله ، على سرير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وصلى عليه فى مسجده ، وأمّ بالناس عليه صهيب ، فكبّر أربعا ، ودفن فى بيت عائشة رضى الله عنها ، وكان قتل أبى لؤلؤة لعمر رضى الله عنه ، على ما قال ابن عبد البر ، لثلاث ليال بقين من ذى الحجة ، سنة ثلاث وعشرين من الهجرة ، هكذا قال الواقدىّ وغيره. وقال الربيع : لأربع بقين من ذى الحجة ، وكانت خلافته رضى الله عنه عشر سنين ونصفا ، وناحت عليه الجنّ ، قبل أن يقتل بثلاث ، على ما رويناه عن عبادة بهذه الأبيات [من الطويل]:

أبعد قتيل بالمدينة أظلمت

له الأرض تهتزّ العضاه بأسؤق

جزى الله خيرا من إمام وباركت

يد الله فى ذاك الأديم الممزّق

فمن يسع أو يركب جناحى نعامة

ليدرك ما قدّمت بالأمس يسبق

قضيت أمورا ثم غادرت بعدها

بوائق من أكمامها لم تفتّق

وما كنت أخشى أن تكون وفاته

بكفّى سبنتى أزرق العين مطرق

وثناء السلف على عمر رضى الله عنه لا يحصى كثرة ، فمن ذلك ما رويناه عن ابن

٣٣٥

مسعود رضى الله عنه ، قال : لو وضع علم أحياء العرب فى كفّة ، ووضع فى الكفة الأخرى علم عمر رضى الله عنه ، لرجح علم عمر رضى الله عنه ، ولقد كان ذهب بتسعة أعشار العلم ، ولمجلس كنت أجلس مع عمر رضى الله عنه ، أوثق فى نفسى من عمل سنة.

وقال علىّ رضى الله عنه : خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أبو بكر وعمر رضى الله عنهما. وقال علىّ رضى الله عنه أيضا ، بحضرة الناس ، حين وضع عمر رضى الله عنه على سريره ، والناس يدعون ويصلون عليه : والله ما خلفت أحدا أحبّ إلىّ أن ألقى الله عزوجل بمثل عمله منك ، وترحّم عليه علىّ رضى الله عنه.

وقال طلحة بن عبيد الله : كان عمر رضى الله عنه ، أزهدنا فى الدنيا ، وأرغبنا فى الآخرة. وقال سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنه : علمت بأىّ شىء فضلنا عمر رضى الله عنه ، كان أزهدنا فى الدنيا.

وعن معاوية رضى الله عنه قال : أما أبو بكر رضى الله عنه ، فلم يرد الدنيا ولم ترده ، وأمّا عمر رضى الله عنه ، فأرادته الدنيا ولم يردها ، وأما عثمان رضى الله عنه ، فأصاب منها ، وأما نحن فركبناها ظهرا لبطن. انتهى.

ومن مناقب عمر رضى الله عنه : أن العناصر الأربعة أطاعته ، على ما قيل ، وهى الأرض والريح والنار والماء.

فأمّا الأرض ، فلأنها كانت تزلزلت ، فضربها برجله فقال : أتتحركين وأنا عليك! فسكنت.

وأما الريح ، فإنه خطب يوم جمعة ـ وكان فى ذلك اليوم وتلك الساعة قتال فى نهاوند ـ فصاح عمر : يا سارية ، الجبل الجبل ، فحملت الريح صوته إلى أمير الجيش سارية بن زنيم ، فسمع صوت عمر ، فالتجأ إلى جبل بالقرب منهم ، وقد كاد يغلبوهم ، فلما ارتفعوا ، حصل النصر.

وأما الماء ، فذكر عبد الرحمن بن عبد الحكم ، أن المسلمين لما فتحوا مصر ، جاء أهلها إلى عمرو بن العاص رضى الله عنه ، وقالوا : أيها الأمير إنّ لبلدنا سنّة لا يجرى النيل إلا بها ، وذلك أنه إذا كان لاثنتى عشرة ليلة من شهر بؤونة ، عمدنا إلى جارية بكر ، فأرضينا أباها ، وجعلنا عليها من الحلىّ والحلل والثياب أفضل ما يكون ، فألقيناها فى النيل ليجرى ، فقال لهم عمرو رضى الله عنه : إن هذا لا يكون فى الإسلام ، فأقاموا

٣٣٦

بؤونة وأبيب ومسرى ، والماء لا يجرى قليلا ولا كثيرا ، فهمّ الناس بالجلاء ، فلما رأى عمرو رضى الله عنه ذلك ، كتب إلى عمر بن الخطاب بذلك ، فكتب فى جوابه : أما بعد ، فقد أصبت فى أن هذا فى الإسلام لا يكون ، وقد بعثت إليك بطاقة ، فألقها فى داخل النيل ، وإذا فيها : من عبد الله أمير المؤمنين ، إلى نيل مصر ، أمّا بعد ، فإن كنت تجرى من قبلك ، فلا تجر ، وإن كان الله الواحد القهار ، هو الذى يجريك ، فنسأل الله الواحد القهار أن يجريك ، فألقى عمرو بن العاص رضى الله عنه البطاقة فى النيل ، قبل الصّليب بيوم ، وقد تهيّأ أمر مصر للجلاء ، فأصبحوا يوم الصليب ، وقد أجرى الله النيل ستة عشر ذراعا فى ليلة واحدة. انتهى.

وتوقّف النيل بعد ذلك أيضا ، فرميت فيه تمرات من نخل بالمدينة ، يقال إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه زرعها ، فجرى النيل بإثر ذلك جريانا عمّ البلاد ، وهذا الخبر ذكره جدّى أبو عبد الله الفاسى فى تعاليقه ، لأنه قال : سمعت الشيخ الصالح أبا على عمر بن عبد الرزاق الجزولىّ الفاسى صاحبنا يقول : سمعت الشيخ أبا الحسن على العينىّ ، منسوب إلى رأس العين ، يقول : قدم الشيخ الإمام أبو عبد الله القرطبى ، وهو محمد بن عمر بن يوسف ، من مدينة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إلى مصر فى بعض السنين ، فاتفق أنه وافق أيام النيل ، وقد أبطأ النيل ، وقلق الناس لإبطائه ، واتفق أن السلطان ركب البحر ، لينظر الأحوال ـ وكان الملك الكامل ـ وقدم الشيخ أبو عبد الله القرطبى ، وأخبر بأن السلطان ركب البحر وأخبر بالحال ، فجاء الشيخ إلى ساحل البحر ، فأخبر الملك الكامل بمكانه ، فدخل الساحل ، وسلّم على الشيخ أبى عبد الله ، وحمله معه فى المركب الذى كان فيه ، وشكا إليه ما الناس فيه من القلق ، بسب إبطاء النيل ، ففتح الشيخ جرابا كان معه فيه تمر ، وقال : هذا تمر من نخل بالمدينة ، يذكر أنه من نخل زرعه عمر بن الخطاب رضى الله عنه بيده ، فأخذ السّلطان من ذلك التّمر حفنة ، ثم قال : اللهم إن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، كتب إلى نيل مصر : تطلع ، فطلع. اللهم إنّ هذا من آثار عمر رضى الله عنه ، ورمى بتلك الحفنة فى البحر ، قال : فما أصبحوا من الغد إلّا والنيل قد عمّ البلاد جميعها. وكان الشيخ أبو الحسن العينىّ من الصالحين المعروفين ، رحمه‌الله. انتهى.

وكان عمر رضى الله عنه من أشراف قريش فى الجاهلية ، قال الزبير : حدّثنى محمد ابن الحسن المخزومى ، عن نصر بن مزاحم ، عن معروف بن خرّبوذ ، قال : من انتهى إليه الشّرف من قريش ، فوصله الإسلام ، عشرة نفر من عشرة بطون ، من هاشم ، وأميّة ،

٣٣٧

ونوفل بن أسد ، وعبد الدار ، وتيم ، ومخزوم ، وعدىّ ، وسهم ؛ فكان من بنى عدىّ عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ، كانت إليه السّفارات ، إن وقعت حرب بين قريش وبين غيرهم بعثوه سفيرا ، وإن فاخرهم مفاخر ، بعثوه منافرا ورضوا به. انتهى.

وكان رضى الله عنه ، على ما ذكر ابن عبد البر : شديد الأدمة ، طوالا كثّ اللحية أصلع أعسر يسر ، يخضب بالحنّاء والكتم.

وروى عن مجاهد ، أن عمر رضى الله عنه كان لا يغيّر شيبته. قال : ووصفه رضى الله عنه ، أبو رجاء العطاردىّ ـ وكان مغفّلا ـ قال : كان عمر بن الخطاب ، طويلا جسيما ، أصلع شديد الصّلع ، أبيض شديد حمرة العينين ، فى عارضيه خفّة ، سبلته كثيرة الشّعر ، فى أطرافها صهبة.

قال : وذكر الواقدىّ من حديث عاصم بن عبيد الله ، عن سالم بن عبد الله بن عمر ، عن أبيه ، قال : إنما جاءت الأدمة ، من قبل أخوالى بنى مظعون ، وكان أبيض. قال ابن عبد البر : وعاصم لا يحتج بحديثه ، ولا بأحاديث الواقدى.

وزعم الواقدىّ ، أن سمرة عمر رضى الله عنه إنما جاءت من أكل الزيت عام الرمّادة ، قال. وهذا منكر من القول. وأصح ما فى الباب والله أعلم ، حديث سفيان الثورى عن عاصم بن بهدلة ، عن زر بن حبيش ، قال : رأيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه ضخما كأنه من رجال سدوس ، فى رجليه روح.

وقال الذهبى : وقال سماك بن حرب : كان عمر رضى الله عنه أروح ، كأنه راكب والناس مشاة ، لطوله ، والأروح : الذى إذا مشى يقارب خطاه.

وذكر الذهبى عن أبى رجاء العطاردىّ ، ما ذكره عنه ابن عبد البر بالمعنى من صفة عمر ، وزاد الذهبى ـ بعد قوله صهبة ـ : إذا حزبه أمر فتلها ، وكان أحول. ثم قال الذهبى : وقيل : كان يأخذ أذنه اليسرى بيده اليمنى ، ويثب على فرسه ، فكأنما خلق على ظهره ، قال : وقيل : وكان فى خدى عمر رضى الله عنه ، خطان أسودان من البكاء. انتهى.

وأم عمر : حنتمة ـ بحاء مهملة ونون ومثناة من فوق مفتوحة ـ بنت هاشم بن المغيرة. وقيل بنت هشام بن المغيرة ، أخت أبى جهل : قاله ابن مندة ، وأبو نعيم ، ونقله عن ابن إسحاق ، وهو غلط ، والأول هو الصواب على ما قال الزبير بن بكار ، وابن عبد البر ، وغيرهما.

٣٣٨

وذكر ابن عبد البر : أنه يقال لهاشم ، جد عمر : ذو الرمحين ، وأنه ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة. قال : وروى عنه أنه قال : ولدت قبل الفجار الأعظم بأربع سنين.

قال ابن عبد البر : واختلف فى سن عمر رضى الله عنه ، فقيل : توفى وهو ابن ثلاث وستين سنة ، كسن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين توفى ، روى ذلك من وجوه ، عن معاوية ، وهو قول الشعبى.

وروى عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أنه توفى وهو ابن بضع وخمسين سنة.

وقال أحمد بن حنبل ، عن هشيم ، عن على بن زيد عن سالم : أنه توفى وهو ابن خمس وخمسين سنة.

وقال الزهرى : توفى وهو ابن أربع وخمسين. وقال قتادة : وهو ابن اثنتين وخمسين. وقيل : مات وهو ابن ستين سنة. انتهى.

قال ابن قتيبة : وأولاد عمر رضى الله عنه : عبد الله وحفصة ـ وأمهما زينب بنت مظعون ـ وعبيد الله ـ أمه مليكة بنت جرول الخزاعية ـ وعاصم ـ أمه أم جميل بنت عاصم بن ثابت ـ وفاطمة وزيد ـ أمهما أم كلثوم بنت على بن أبى طالب ، من فاطمة رضى الله عنهم ـ ومجبر واسمه عبد الرحمن ، وأبو شحمة ، واسمه عبد الرحمن أيضا ، وفاطمة ، وبنات أخر.

وأما مواليه ، فمنهم : أسلم ، وهنى ، وأبو أمية ، جدّ المبارك بن فضالة بن أبى أمية ، ومهجع ، مولى عمر ـ استشهد يوم بدر ـ ومالك الدّار ، وذكوان ، وهو الذى سار من مكة إلى المدينة فى يوم وليلة. انتهى.

وقال النووى : وروى لعمر رضى الله عنه ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، خمسمائة حديث وسبعة وثلاثون حديثا ، اتفق البخارى ومسلم منها على ستة وعشرين ، وانفرد البخارى بأربعة وثلاثين ، ومسلم بأحد وعشرين.

ومناقب عمر رضى الله عنه ، وسيرته وزهده وشجاعته وهيبته وأخلاقه ، يكوّن مجلدا ، وقد أشرنا إلى عيون منها ، فيها كفاية إن شاء الله تعالى.

٣٣٩

٢١٦٦ ـ عمر بن سالم الخزاعى ـ وقيل عمرو ـ وافد خزاعة ، والأصح عمرو :

ذكره هكذا الذهبى فى التجريد ، وسيأتى إن شاء الله تعالى فى باب «عمرو».

٢١٦٧ ـ عمر بن سراقة بن المعتمر بن أنس القرشى العدوىّ :

ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : شهد بدرا هو وأخوه عبد الله بن سراقة. وقال فيه مصعب الزبيرى : عمرو بن سراقة. انتهى. رواه الذهبى بمعناه وقال : والأصح عمرو.

٢١٦٨ ـ عمر بن سعيد بن أبى حسين القرشى النّوفلىّ المكى :

سمع عطاء بن أبى رباح وعبد الله بن أبى مليكة ، وطاوس بن كيسان ، وعثمان بن أبى سليمان ، والقاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق ، وغيرهم.

روى عنه سفيان الثورى ، ويحيى بن سعيد بن القطان ، وابن المبارك ، وأبو عاصم ، وروح بن عبادة ، وغيرهم.

روى له الجماعة ، إلا أن أبا داود ، إنما روى له فى المراسيل. وثّقه أحمد ، وابن معين.

وسئل أبو حاتم ، فقال : صدوق.

٢١٦٩ ـ عمر بن سفيان بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم :

أخو الأسود بن سفيان ، وهبّار بن سفيان ، قال الزبير : هاجر إلى أرض الحبشة ، وذكر أن أمه وأم إخوته : الأسود ، وهبّار ، وعبيد الله ، وعبد الله : ريطة بنت عبد بن أبى قيس ابن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤىّ.

٢١٧٠ ـ عمر بن سهل بن مروان المازنى التميمى ، أبو حفص البصرى :

نزيل مكة. عن أبى الأشهب العطاردىّ ، وبحر بن كنيز السّقّاء ، ومبارك بن فضالة ، وغيرهم.

__________________

٢١٦٦ ـ انظر ترجمته فى : (التجريد ١ / ٤٢٨ ، وسيأتى فى محله).

٢١٦٧ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٩٠٠ ، الإصابة ترجمة ٦٨٤١ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨٣٢).

٢١٦٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٩٠٢ ، أسد الغابة ترجمة ٣٨٣٥ ، الإصابة ترجمة ٥٧٥٥ ، نسب قريش ٣٣٨.

٢١٧٠ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٧ / ٣٥٨).

٣٤٠