العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

كتابا إلى نائب قلعة الكرك ، يأمره بإطلاق الظاهر ، فأطلقه ؛ وكان من أمره ما ذكرناه ، وكان من أمر مماليكه الذين ثاروا بالقلعة ، أنهم استولوا عليها لعجز أصحاب منطاش عن مقاومتهم ، وبعثوا يبشرون مولاهم بذلك ، وكان ممن بعثوه لبشارته عنان.

فلما عرف السلطان ذلك ، أقبل إلى مصر ، وأعرض عن حصار منطاش بدمشق ، وبعد استقرار السلطان بالقلعة ، شفع كبير مماليكه المستولين على القلعة ، وهو بطا الدوادار ، لعنان ، فى ولاية مكة ، فأجابه السلطان لسؤاله ، ولكن أقر علىّ بن عجلان على ولاية نصف إمرة مكة ، شريكا لعنان ، لما فى نفسه على عنان ، وتجهز عنان إلى مكة ، ومعه شخص تركى من جهة السلطان ، ليقلده الولاية بمكة ، فلما انتهى عنان إلى ينبع ، حسّن له وبير بن مخبار أمير ينبع ، أن يحارب معه بنى إبراهيم ، ووعده بشىء على ذلك ، فمال إلى ذلك عنان.

وحارب مع وبير ، بنى إبراهيم ، فظهروا على بنى إبراهيم ، ثم توجه عنان إلى مكة ، وتلقاه كثير من بنى حسن ، قبل وصوله إلى الوادى ، ثم مشى الناس فى الألفة بينه وبين آل عجلان ، فمال كل منهم إلى ذلك ، فتوافقوا على أن كلا منهما ، يدخل مكة لحاجته ، فإذا قضاها خرج من مكة ، ولكل منهما فيها نواب ، بعضهم لقبض ما يخص كلا منهما من المتحصّل ، وبعضهم للحكم بها ، وأن يكون القواد مع عنان ، والأشراف مع على ، وكان الاتفاق على ذلك ووصوله إلى الوادى ، فى النصف الأول من شعبان سنة اثنتين وتسعين وسبعمائة.

وقبل نصفه بيومين ، دخل عنان مكة لابسا لخلعة السلطان ، وقرئ بها توقيعه ، ثم دعى له على زمزم وفى الخطبة ، ودام هذا بين المذكورين ، إلى الرابع والعشرين من صفر سنة أربع وتسعين وسبعمائة ، ثم أزيل شعار ولاية عنان من مكة ، غير الدعاء له فى الخطبة ، فإنه لم يزل ، وسبب ذلك ، أن آل عجلان ، قطعوا الدعاء له على زمزم بعد المغرب ، وأخرجوا نوابه من مكة ، بعد أن هموا بقتله بالمسعى ، فى التاريخ المذكور ، وما نجا إلا بجهد عظيم ، وقصد فى حال هربه الأشراف ، مستنصرا بهم على آل عجلان ، وكانوا معه ، فأمره الأشراف بالانتصار بالقواد أصحابه ، فحركهم لنصره ، فما تحركوا ، لأنهم رأوا منه قبل ذلك تقصيرا ، وسبب ذلك أن بعض آل عجلان ، أحب تكدير خاطر القواد عليه ليتمكن منه آل عجلان ، وقال لعنان : أرى القواد جفاة ، ونحن نعينك عليهم ، فظن ذلك حقيقة ، وفعل ما أشير به عليه ، فتأثر منه القواد ، وحكوا ما رأوا منه لأصحابهم من آل عجلان ، فذموه معهم ، ونفروهم منه ، فازدادوا نفورا ، ولذلك تخلوا

٤٢١

عن نصره ، حين سألهم ذلك ، وبعد مفارقته لمكة على الوجه المذكور ، اجتمع به على بن عجلان، ومحمد بن محمود ، وكان علىّ لا يفصل أمرا دون ابن محمود ، واعتذر إليه بعدم العلم بتجرّى غلمانهم عليه ، وكان فى مدة ولايته مغلوبا مع أصحابه ، وكذا علىّ مع أصحابه ، وحصل بسبب ذلك ضرر على السفار إلى مكة ، لزيادة العرافة وقلة الأمن ، وخطف الأموال ، وأنهى هذا الحال إلى السلطان ، فاستدعى عنانا وعليا مع جماعة من أعيان الأشراف والقواد ، فأعرضوا عن الوصول لباب السلطان ، غير على وعنان ، فإنهما لم يجدا بدا من ذلك ، وبعد وصول هذا الاستدعاء ، تحرك لنصر عنان بعض الأشراف ، الذين مع على بن عجلان ، وألزموه بإخلاء مكة من العبيد وأتباعهم ، حتى يدخل إليها عنان ، ليتجهز منها لسفره ، فإذا تم جهازه ، خرج وعادوا إليها ، فما وسع علىّ إلا الموافقة ، فخرج المشار إليهم إلى منى ، ودخل عنان مكة ، وأقام بها حتى انقضى جهازه ، ثم توجه إلى مصر فى جمادى الآخرة سنة أربع وتسعين ، وتلاه علىّ إليها ، وحضر إلى السلطان غير مرة ، ففوض إمرة مكة لعلى بمفرده ، وأمر عنانا بالإقامة بمصر ، ورتب له شيئا يصرفه ، ولم يسجنه ، ثم إن بعض بنى حسين أهل المدينة ، وشى به إلى السلطان ، وقال له : إنه يريد الهرب إلى مكة يفسد بها ، وأنه أعد نجبا لذلك ، فسجنه السلطان ببرج فى القلعة ، فى أثناء سنة خمس وتسعين وسبعمائة ، واستمر به إلى أن أنفذه السلطان إلى الإسكندرية ، فى آخر سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، مع جمّاز بن هبة الحسينى صاحب المدينة ، وكان قبض عليه فى هذه السنة ، بإثر وصوله إلى مصر ، وبعث السلطان معهما إلى الإسكندرية ، على بن المبارك بن رميثة وولديه ، وسجن الجميع بالإسكندرية ، إلى أن مات الملك الظاهر.

فلما ولى ابنه الملك الناصر فرج ، شفع لهم بعض الناس فى إطلاقهم بالإسكندرية ، ومنعهم من الخروج من أبوابها ، فتم لهم ذلك ، ثم تكرر سجنهم وإطلاقهم بالإسكندرية على الصفة المذكورة ، ثم نقل عنان إلى مصر فى آخر سنة أربع وثمانمائة ، أو فى أول التى بعدها ، بسعى القاضى برهان الدين إبراهيم بن عمر ، تاجر الخواص الشريفة السلطانية ، لتغيره على صاحب مكة ، الشريف حسن بن عجلان ، لما أخذه من الذهب الكثير ، من ولده القاضى شهاب الدين أحمد ، لما انكسر المركب الذى كان فيه ، وهو إذ ذاك متوجها إلى اليمن ، وقصد المحلى بإطلاق عنان ، إخافة السيد حسن ، كى يردّ عليه المال ، أو ما أمكن منه ، ونوّه لعنان بولاية مكة ، فما قدّر ذلك ، لمعاجلة المنية عنانا.

وسبب موته ، أنه حصل له مرض خطر ، يقتضى إبطال بعض جسده ، فعولج من ذلك بإضجاعه بمحلّ فيه أثر النار ، حتى يخلص ذلك إلى أعضائه فيقويها.

٤٢٢

وكان أثر النار الذى أضجعوه عليه ، شديد القوة فأحرقه فمات ، يوم الجمعة مستهل شهر ربيع الأول ، وقيل ثانيه ، سنة خمس وثمانمائة ، عن ثلاث وستين سنة.

وكان كثير الشجاعة والكرم ، عالى الهمة ، قليل الحظ فى الإمرة ، وأما فى بيت روحه ، فسعده فى ذلك عظيم ، وخلّف ولدين نجيبين ، أحدهما السيد محمد ، توفى بينبع فى النصف الثانى من ذى القعدة ، سنة ست وثمانمائة ، قافلا إلى مكة ، باستدعاء السيد حسن صاحب مكة ، والآخر السيد على ، وهو بقيد الحياة. وله اعتبار كبير بين قومه.

ومن محاسن أبيه ، أنه سمح لبنى شيبة ، سدنة الكعبة المعظمة ، ما كان يأخذه منهم أمراء مكة قبله ، وذلك جانب كبير من كسوتها ، فى كل سنة ، أو خمسة آلاف درهم عوضا عن ذلك ، مع ستارة الباب ، وثوب مقام إبراهيم عليه‌السلام. ومما سمح به لبعض الشعراء ، وهو الجمال محمد بن حسن بن العليف ، ثلاثون ألف درهم ، جزاء على قصيدة مدحه بها أولها:

بروج زاهرات أو مغانى

٢٢٦٦ ـ عنبسة بن أبى سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى ، أبو الوليد ، ويقال أبو عثمان ، ويقال أبو عامر المكى :

روى عن أخته أم حبيبة ، وشداد بن أوس. روى عنه شهر بن حوشب ، وأبو صالح السمان ، وعمرو بن أوس الثقفى ، والمسيب بن رافع ، ومكحول ، وعطاء بن أبى رباح ، وآخرون. روى له الجماعة ، إلا البخارى.

قال خليفه بن خياط ، والليث بن سعد : حج بالناس سنة ست وأربعين ، وسنة سبع وأربعين.

وذكره مسلم فى الطبقة الثانية من تابعى أهل مكة ، وذكره ابن حبّان فى الثقات. وقال الحافظ أبو نعيم : أدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ولا تصح له صحبة ، ولا رؤية. روى عنه أبو أمامة الباهلى. انتهى.

وذكر الزبير بن بكار : أن معاوية بن أبى سفيان ، كان ولّى أخاه عنبسة الطائف ، ثم عزله وولاه لأخيهما عتبة بن أبى سفيان ، فعاتب عنبسة ، معاوية بن أبى سفيان على ذلك ، فقال معاوية : يا عنبسة ، إنه عتبة بن هند ، فقال عنبسة :

__________________

٢٢٦٦ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٥ / ٦٩ ، الجرح والتعديل ٦ / ٤٠٠).

٤٢٣

كنّا لصخر صالحا ذات بيننا

جميعا فأمست فرّقت بيننا هند

فإن تك هند لم تلدنى فإننى

لبيضاء تنميها غطارفة مجد

أبوها أبو الأضياف فى كل شتوة

ومأوى ضعاف قد أضرّ بها الجهد

له جفنات ما تزال مقيمة

لمن ساقه غورا تهامة أو نجد

فقال له معاوية : لا تسمعها منى بعد.

وذكر الزبير ، أن أمه وأم أخيه محمد بن أبى سفيان : عاتكة بنت أبى أزيهر بن أقيش ابن الحقيق بن كعب بن الحارث بن عبد الله بن الحارث بن الغطريف ، من الأزد.

٢٢٦٧ ـ عوسجة الهاشمى :

مولى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، المكى ، روى عن مولاه. روى عنه عمرو ابن دينار.

روى له أصحاب السنن الأربعة ، وحديثه فى «أن المعتق يرث سيّده» قال أبو زرعة: مكى ثقة. وقال أبو حاتم : ليس بمشهور.

٢٢٦٨ ـ عون بن أثاثة بن عبّاد بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى ، يكنى أبا عبّاد ، وقيل أبا عبد الله :

قاله الواقدى ، وهو المعروف بمسطح على ما قال ابن عبد البر ، قال : واسمه عوف لا اختلاف فى ذلك. انتهى.

قال الزبير بن بكار : شهد مسطح بدرا والمشاهد كلها ، وأطعمه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم خمسين وسقا بخيبر. انتهى.

وهو ممن تكلم فى أمر عائشة رضى الله عنها ، بسبب الإفك الذى نسب إليها ، ولما أنزل الله تعالى براءة عائشة رضى الله عنها ، قال أبو بكر رضى الله عنه : والله لا أنفق على مسطح شيئا ، بعد الذى قاله لعائشة ، وكان رضى الله عنه ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره ، فأنزل اللهعزوجل : (وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى) [النور : ٢٢] الآية. فقال أبو بكر رضى الله عنه : والله إنى لأحب أن يغفر الله لى ، فرجّع إلى مسطح رضى الله عنه النفقة التى كان ينفق عليه ، وقال : والله لا أنزعها عنه أبدا.

__________________

٢٢٦٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٧ / ٢٤).

٢٢٦٨ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦١٠٥ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٢٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤١١٨).

٤٢٤

والقرابة التى بين مسطح وبين أبى بكر رضى الله عنهما ، كون أم مسطح بنت خالة أبى بكر الصديق رضى الله عنه ، كما سيأتى إن شاء الله تعالى فى ترجمته.

وذكر الأموى ، عن أبيه ، عن ابن إسحاق ، أن أبا بكر الصديق رضى الله عنه ، قال شعرا يعاتب به مسطحا ، بسبب كلامه فى عائشة رضى الله عنها.

وذكر ابن عبد البر ، أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جلد مسطحا فيمن جلد ، لرميهم عائشة رضى الله عنها بالإفك ، الذى بّرأها الله تعالى منه فى كتابه العزيز ، واختلف فى وفاة مسطح رضى الله عنه ، فذكر الزبير ، أنه توفى سنة أربع وثلاثين من الهجرة فى خلافة عثمان رضى الله عنه ، وهو ابن ست وخمسين سنة ، وقيل إنه شهد مع على رضى الله عنه صفين.

وقال ابن عبد البر : وهو الأكثر ، فعلى هذا تكون وفاته فى سنة سبع وثلاثين من الهجرة.

ومسطح : بميم مكسورة وسين مهملة ساكنة. وأثاثة بهمزة مضمومة ، ثم ثاء مثلثة مكررة.

٢٢٦٩ ـ عون بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى :

ذكره هكذا الذهبى وقال : ذكره ابن عبد البر ، ولم يزد على ذلك. ولم أره فى كتابه «الاستيعاب» وذكره الكاشغرى ، وقال : له صحبة.

٢٢٧٠ ـ عون بن جعفر بن أبى طالب الهاشمى :

ولد على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أمه أسماء بنت عميس رضى الله عنها ، وهى أم أخويه : عبد الله بن جعفر الجواد المشهور ، وأخيه محمد ، واستشهد عون ومحمد رضى الله عنهما بتستر ، ولعون رضى الله عنه عقب ، ولما جاء إلى المدينة نعى جعفر بن أبى طالب رضى الله عنه ، دخل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم على بنى جعفر هؤلاء ، فدعا الحالق ، فحلق رءوسهم وقال : «أنا وليّهم فى الدنيا والآخرة».

٢٢٧١ ـ عون بن سليمان :

الفراش بالحرم الشريف. سمع من الحافظ صلاح الدين بن كيكلدىّ العلائى : الشفاء

__________________

٢٢٦٩ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ١٥٧).

٢٢٧٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٧٣ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٣٤ ، الإصابة ترجمة ٦١٢٢).

٤٢٥

للقاضى عياض ، بفوت الميعاد الأول ، فى مجالس آخرها فى رجب سنة خمس وخمسين وسبعمائة بالحرم الشريف ، بقراءة شيخنا أبى العباس أحمد بن محمد بن عبد المعطى المكى النحوى ، رحمة الله عليه.

* * *

من اسمه العلاء

٢٢٧٢ ـ العلاء بن جارية الثقفى :

أحد المؤلفة قلوبهم ، كان من وجوه ثقيف. ذكره هكذا ابن عبد البر ، وذكره الذهبى ، وزاد فى نسبه : ابن عبد الله ، وكان من حلفاء بنى زهرة.

٢٢٧٣ ـ العلاء بن أبى العباس الشاعر :

من أهل مكة. واسم أبى العباس : السائب بن فرّوخ ، مولى بنى الدّيل. يروى عن أبى جعفر محمد بن على. روى عنه السفيانان ، وابن جريج ، وأثنى عليه سفيان بن عيينة.

وقال الأزدى : شيعىّ غال. وقد روى عن أبى الطفيل ، أنه كان سمع منه. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات.

٢٢٧٤ ـ العلاء بن الحضرمى :

واسم الحضرمى ، عبد الله ، من غير خلاف ، واختلف فى اسم أبى «عبد الله» ، فقيل : عبد الله بن عمار ، وقيل عبد الله بن عباد ، بالباء. قاله الأملوكىّ ، وهو تصحيف على ما قال الدارقطنى ، وقيل غير ذلك.

ولا يختلفون فى أنه من حضرموت ، وأنه حليف بنى أمية. ذكر أبو عبيد ، أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بعثه إلى المنذر بن ساوى ملك البحرين ، ثم ولّاه على البحرين ، إذ فتحها الله عليه ، وأقره عليها أبو بكر الصديق ، ثم عمر الفاروق ، ثم ولّاه عمر رضى الله عنه البصرة ، فمات قبل أن يصل إليها ، بماء من مياه بنى تميم ، سنة أربع عشرة.

وقال الحسن بن عثمان : توفى العلاء بن الحضرمى ، سنة إحدى وعشرين ، واليا على

__________________

٢٢٧٢ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٨٥٩ ، أسد الغابة ترجمة ٣٧٤٤ ، الإصابة ترجمة ٥٦٥٧).

٢٢٧٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦٠ / ٣٥٦).

٢٢٧٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٨٦٠ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١٧٨).

٤٢٦

البحرين ، واستعمل عمر رضى الله عنه مكانه أبا هريرة رضى الله عنه. وروى الأنصارى ، عن ابن عوف ، عن موسى بن أنس ، أن أبا بكر رضى الله عنه ، ولى أنس بن مالك رضى الله عنه البحرين.

قال ابن عبد البر : وهذا شىء لا يعرفه أهل السّير. قال : وكان يقال إن العلاء بن الحضرمى ، كان مجاب الدعوة ، وأنه خاض البحر بكلمات قالها ، ودعا بها ، وذلك مشهور عنه.

وروينا فى الطبرانى بسنده إلى أبى هريرة رضى الله عنه ، قال : لما بعث النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم العلاء بن الحضرمى إلى البحرين ، تبعته فرأيت منه ثلاث خصال ، لا أدرى أيتهنّ أعجب : انتهى إلى شاطئ البحر ، فقال : سمّوا الله واقتحموا ، فسمّينا الله واقتحمنا وعبرنا ، فما بلّ الماء إلا أسافل خفاف إبلنا ، فلما قفلنا ، عبرنا معه بفلاة من الأرض ، وليس معنا ماء ، فشكونا إليه ، فصلى ركعتين ، ثم دعا ، فإذا سحابة مثل التّرس ، ثم أرخت عزاليها ، فسقينا ، ومات فدفناه فى الرمل ، فلما سرنا غير بعيد ، قلنا : يجىء سبع فيأكله ، فرجعنا فلم نره. انتهى.

وهو أول من نقش خاتم الخلافة ، وله ثلاثة إخوة ، أحدهم عمرو بن الحضرمى ، أوّل قتيل من المشركين قتله مسلم ، قتل يوم نخلة ، وماله أول مال خمس. والآخر عامر بن الحضرمى ، قتل يوم بدر كافرا. والآخر ميمون بن الحضرمى.

قال ابن عبد البر : وهو صاحب البئر بأعلى مكة ، المعروفة ببئر ميمون ، كان حفرها فى الجاهلية. ولهم أخت اسمها الصّعبة بنت الحضرمى ، كانت تحت أبى سفيان بن حرب فطلقّها ، فخلف عليها عبيد الله بن عثمان ، فولدت له طلحة بن عبيد الله.

ووللعلاء بن الحضرمى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أحاديث ، منها : حديث : «يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه ثلاثا» (١). ومنها حديث : «أن أباه كتب إلى النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فبدأ بنفسه» (٢).

رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل ، وهو الحديث الذى قبله ، فى مسند ابن حنبل. وروى له أبو داود ، والترمذى والنسائى.

__________________

(١) أخرجه مسلم فى صحيحه ، كتاب الحج ، حديث رقم ١٣٥٢ ، والترمذى فى سننه ، كتاب الحج ، حديث رقم ٩٤٩ ، والنسائى فى الصغرى ، كتاب تقصير الصلاة ، حديث رقم ١٤٥٤ ، ١٤٥٥ ، وأحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم ١٨٥٠٥ ، ٢٠٠٠٢.

(٢) أخرجه أحمد بن حنبل فى مسنده ، حديث رقم ١٨٥٠٧.

٤٢٧

٢٢٧٥ ـ العلاء بن عبد الجبار العطّار ، أبو الحسن الأنصارى مولاهم ، البصرى :

نزيل مكة. روى عن مبارك بن فضالة ، وجرير بن حازم ، وحمّاد بن سلمة ، وعبد العزيز بن مسلم ، ونافع بن عمر الجمحى ، وطبقتهم.

روى عنه : البخارى ، وأبو خيثمة ، وأحمد الدّورقىّ ، وأحمد بن الفرات ، وبشر بن موسى ، ويحيى بن أبى ميسرة ، وخلق.

روى له البخارى تعليقا ، وأصحاب السنن ، كما ذكر صاحب الكمال. وقال : قال أحمد بن عبد الله : بصرى ثقة ، سكن مكة.

قال أبو حاتم : صالح الحديث ، وقال النسائى : ليس به بأس ، توفى سنة اثنتى عشرة ومائتين.

٢٢٧٦ ـ العلاء بن وهب العامرى :

ذكره هكذا الذهبى ، وذكر أنه من مسلمة الفتح ، وأنه شهد القادسية ، وولى الجزيرة لعثمان رضى الله عنه. وذكره الكاشغرى ، فقال : العلاء بن وهب بن محمد ، شهد القادسية.

٢٢٧٧ ـ العلاء بن يزيد الفهرى :

رأى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ونزل مصر ، وله بها عقب. ذكره هكذا الذهبى. وذكره الكاشغرى ، فقال: العلاء بن يزيد بن أنيس الفهرى ، له رواية.

٢٢٧٨ ـ عيّاش بن أبى ربيعة ، واسم أبى ربيعة عمرو ، بن المغيرة بن عبد الله ابن عمر بن مخزوم المخزومى ، يكنى أبا عبد الرحمن ، وقيل : يكنى أبا عبد الله :

وهو أخو عبد الله بن أبى ربيعة المتقدم ذكره ، لأبيه وأمه ، وأخو أبى جهل بن هشام لأمه.

قال الزبير ، لما ذكر أولاد أبى ربيعة : وعيّاش بن أبى ربيعة ، كان هاجر إلى المدينة ،

__________________

٢٢٧٥ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٨ / ١٨٥).

٢٢٧٦ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ٩ ، التجريد ١ / ٤٢٠ ، الإصابة ٤ / ٩).

٢٢٧٧ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ٧٨).

٢٢٧٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٢ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٤٥ ، الإصابة ترجمة ٦١٣٨).

٤٢٨

حين هاجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، فقدم عليه أخواه لأمه أبو جهل بن هشام ، والحارث بن هشام ، فذكرا له أن أمه ، حلفت لا يدخل رأسها دهن ، ولا تستظلّ حتى تراه ، فرجع معهما ، فأوثقاه رباطا ، وحبساه بمكة.

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يدعو له. وأمه ، وأم عبد الله بن أبى ربيعة : أسماء بنت مخربة ابن جندل بن أبير بن نهشل بن دارم ، وهى أم الحارث ، وأبى جهل ابنى هشام بن المغيرة ، وكان هشام طلقها ، فتزوجها أخوه أبو ربيعة ، فندم هشام على فراقها إياه ، فقال :

ألا أصبحت أسماء حجرا محجّرا

وأصبحت من أدنى حموّتها حما

وأصبحت كالمقهور جفن سلاحه

يقلب بالكفين قوسا وأسهما

وقال غيره : أسلم قديما قبل أن يدخل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، دار الأرقم ، المعروفة بدار الخيزران ، عند الصفا ، وهاجر إلى أرض الحبشة مع امرأته أسماء بنت أبى سلمة ، فولدت له بها ، ابنه عبد الله ، وهاجر عياش إلى المدينة ، فجمع بين الهجرتين ، ولم يذكره موسى بن عقبة ، ولا أبو معشر ، فيمن هاجر إلى الحبشة ، وكانت هجرته إلى المدينة ، حين هاجر عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وقدم عليه أخواه لأمه : أبو جهل بن هشام ، والحارث بن هشام ، وقالا له : إن أمه حلفت ألا تدخل رأسها دهنا ، ولا تستظل ، حتى تراه ، فخرج معهما فأوثقاه وربطاه وحبساه بمكة ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يدعو له ، وللمستضعفين بمكة ، كما فى الصحيحين وغيرهما ، فى الصلاة فى القنوت شهرا.

وله رواية عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

روى عنه أنس بن مالك رضى الله عنه ، وابنه عبد الله بن عياش ، وعبد الرحمن بن سابط ، وعمر بن عبد العزيز مرسلا ، ونافع مولى ابن عمر مرسلا أيضا.

روى له ابن ماجة حديثا واحدا ، ووقع لنا بعلوّ عنه ، وهو حديث «لا تزال هذه الأمّة بخير ، ما عظّموا هذه الحرمة حقّ تعظيمها ـ يعنى الكعبة والحرم ـ فإذا ضيعّوها هلكوا» رواه بهذا اللفظ أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب.

واختلف فى تاريخ وفاته ، فقيل قتل يوم اليمامة ، فى خلافة أبى بكر ، رضى الله عنه ، وقيل يوم اليرموك ، قاله موسى بن عقبة. وقيل فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وقيل مات بمكة ، قاله أبو جعفر الطبرى.

* * *

٤٢٩

من اسمه عياض

٢٢٧٩ ـ عياض بن الحارث التيمى :

عم محمد بن إبراهيم التيمى ، له صحبة. روى عنه ابن أخيه محمد. ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

٢٢٨٠ ـ عياض بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب بن ضبّة ابن الحارث بن فهر القرشى الفهرى. يكنى أبا سعد :

كان من مهاجرة الحبشة وشهد بدرا ، ذكره إبراهيم بن سعد ، عن ابن إسحاق ، فى البدريين ، وذكره فيهم ابن عقبة ، وخليفة ، والواقدى وتوفى سنة ثلاثين. وذكره خليفة كما ذكرنا ، قال : ويقال عياض بن غنم معروف بالفتوح فى الشامات ، ولم يذكر الزبير ، عياض بن زهير فى بنى فهر ، ولا ذكره عمه. وقد ذكره غيرهما. وقد جرده الواقدى فقال : عياض بن غنم ، ابن أخى عياض بن زهير.

وقال خليفة : ليس يعرف أهل النسب عياض بن غنم قال : وهو معروف فى الفتوحات فى الشام ، والله أعلم ، ذكره ابن عبد البر.

٢٢٨١ ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن وهيب القرشى الفهرى :

هكذا ذكره ابن عبد البر قال : وقال الحسن بن عثمان : عياض بن غنم ، هو ابن عم أبى عبيدة بن الجراح ، قال : ويقال إنه كان ابن امرأته. انتهى.

وهذا يخالف ما ذكره ابن عبد البر فى نسبه ـ قال : وذكر البخارى ، عن أحمد بن صالح ، عن ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، قال : لما توفى أبو عبيدة ، استخلف ابن خاله أو ابن عمه أو قال خاله أو ابن عياض بن غنم ، أحد بنى الحارث بن فهر ،

__________________

٢٢٧٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٣ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٤٩ ، الإصابة ترجمة ٦١٤١).

٢٢٨٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٥ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٥١ ، الإصابة ترجمة ٦١٤٦).

٢٢٨١ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٤٠٧ ، سير أعلام النبلاء ٢ / ٣٥٤ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٦١ ، الإصابة ترجمة ٦١٥٥).

٤٣٠

فأقره عمر رضى الله عنه وقال : ما أنا بمبدّل أميرا أمّره أبو عبيدة رضى الله عنه ، قال : ثم توفى عياض بن غنم ، فأمّر عمر رضى الله عنه مكانه سعيد بن عامر بن حذيم.

قال أبو عمر : عياض بن غنم لا أعلم خلافا ، فى أنه افتتح عامة بلاد الجزيرة والرقة ، وصالحه وجوه أهلها ، وزعم بعضهم أن كتاب الصلح باسمه ، باق عندهم إلى اليوم ، وهو أول من أجاز الدروب إلى الروم ، فيما ذكر الزبير. وكان شريفا فى قومه ، وقد ذكره ابن الرقيات ، فيمن ذكره من أشراف قريش ، فقال :

وعياض منا عياض بن غنم

كان من خير من أجنّ النساء

قال الحسن بن عثمان وغيره : مات عياض بن غنم بالشام ، سنة عشرين ، وهو ابن ستين سنة ، وقال على بن المدينى : عياض بن غنم ، كان أحد الولاة باليرموك.

قال ابن عبد البر : أسلم قبل الحديبيّة ، وشهدها فيما ذكر الواقدى.

٢٢٨٢ ـ عياض بن غنم بن زهير بن أبى شداد بن ربيعة بن هلال بن مالك بن ضبّة بن الحارث بن فهر القرشى الفهرى :

هكذا نسبه الزبير ، وقال : كان شريفا وله فتوحات بناحية الجزيرة فى زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وهو أول من أجاز الدروب إلى أرض الروم.

وقد ذكره عبد الله بن قيس الرقيات ، فيمن ذكر من أشراف قريش ، فقال :

وعياض منا عياض بن غنم

كان من خير من أجن النساء

انتهى.

والظاهر أن أحد المذكورين قبل ، وما ذكره الزبير فى نسبه ، يدلّ على أنه سقط فى النسخة التى رأيتها من الاستيعاب : «مالك بن ضبّة» فى نسب عياض بن زهير.

٢٢٨٣ ـ عياض الثقفى :

والد عبيد الله بن عياض. روى عنه ابنه عبيد الله أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، لاقى هوازن بحنين ، فى اثنى عشر ألف. يعد فى أهل الطائف.

* * *

__________________

٢٢٨٣ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٣٩ ، أسد الغابة ترجمة ٤١٤٧ ، الإصابة ترجمة ٦٩١٥).

٤٣١

من اسمه عيسى

٢٢٨٤ ـ عيسى بن أحمد بن عيسى بن عمران ، المعروف بعصارة النخلى ـ بنون وخاء معجمة ـ المكى :

سمع من القاضى عز الدين بن جماعة ، والشيخ فخر الدين النويرى : بعض سنن النسائى ، وفى سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة. وما علمته حدّث.

وكان خيّرا ديّنا ، تقرّب عند موته بقربات ، منها : أنه وقف أصيلة له بالتنضب ، من وادى نخلة الشامية ، يقال لها العفيريّة ، على الفقراء برباط ربيع ، والفقراء برباط الموفق ، والفقراء برباط غزى ، والفقراء برباط العز الأصفهانى ، على أن للرباطين الأخيرين ، ثلث الوقف بالسوية بينهما ، وثلثى الوقف للرباطين الأولين بينهما بالسوية ، وكان يتولى وقف أبيه ، ويجيد النظر فيه.

وتوفى فى آخر رمضان سنة عشر وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

وعصارة : بعين مهملة مضمومة وصاد مهملة مفتوحة وألف ثم راء مهملة وهاء ، لقب لبعض آبائه أو أقاربه ، فعرف هو بذلك.

وكان لعيسى هذا أموال بسولة والزيمة ، وهما من وادى نخلة اليمانية ، وكان يقيم بسولة كثيرا ، وخلف ولدا اسمه عمران ، من أمة له ، فمحق كل ما ورثه من أبيه.

٢٢٨٥ ـ عيسى بن أحمد بن عيسى الهاشمى العجلونى :

جاور بمكة سنين كثيرة ، وكان يجيد الكتابة ، يكتب بخطه كتبا كثيرة ، منها البخارى فى مجلد ، ومسلم فى مجلد ، وشرح مسلم للنووى فى مجلد ، وحفظ المنهاج للنواوى فيما أظن ، وكان يذاكر ببعضه وكان يذكر أنه سمع الحديث بدمشق ، من بعض شيوخها ، ولم يحدث. لكنه أجاز فى بعض الاستدعاءات.

وتوفى فى آخر صفر سنة ثلاث عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٢٢٨٦ ـ عيسى بن جعفر بن محمد بن الحسن بن محمد بن موسى عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى :

أمير مكة. ذكر شيخنا ابن خلدون أنه ولى مكة بعد أبيه ، وذكر أن فى سنة ست

__________________

٢٢٨٤ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥١).

٢٢٨٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٠).

٤٣٢

وستين وثلاثمائة ، جاءت جيوش العزيز صاحب مصر ومكة والمدينة ، وضيّقوا عليهم ، وذلك بسبب الخطبة ، ولا زالوا محاصريهم ، حتى خطب للعزيز بمكة ، وأميرها إذا ذاك عيسى بن جعفر ، والمدينة أميرها إذ ذاك طاهر بن مسلم.

كذا ذكر شيخنا ابن خلدون ، أن عيسى هذا ، مات فى سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وولى مكة بعده ، أخوه أبو الفتوح الحسن بن جعفر الحسنى.

٢٢٨٧ ـ عيسى بن سيلان القرشى مولاهم ، المكى :

سكن مصر. حدث بمصر عن أبى هريرة ، روى عنه حيوة بن شريح ، وعبد الله بن لهيعة ، والليث بن سعد. روى له أبو داود (١).

وسيلان : بسين مهملة مكسورة بعدها ياء مثناة من تحت. ذكر ذلك صاحب الكمال.

وذكره الذهبى ، وقال : ذكره ابن حبان فى الثقات (٢) ، وقال : وهو أخو جابر بن سيلان ، وقيل غير ذلك.

٢٢٨٨ ـ عيسى بن عبد الله بن خطاب القرشى المخزومى اليمنى ، يلقب بالعماد ، ويعرف بابن الهليس :

نزيل مكة ، كان من أعيان التجار باليمن ، قدم مكة ، وأقام بها نحو خمسة عشر عاما متوالية ، ثم انتقل عنها إلى اليمن ، فى أوائل سنة تسعين وسبعمائة ، وولاه الأشرف صاحب اليمن عدن ، ثم عزل عن ذلك بعد سنين قليلة ، بالقاضى نور الدين على بن يحيى بن جميع ، وانتقل عيسى إلى أبيات حسين ، وأقام بها حتى مات فى رجب سنة اثنتين وثمانمائة.

__________________

٢٢٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٢٧٨).

(١) فى سننه ، حديث رقم (١٢٥٨) من طريق : مسدد حدثنا خالد حدثنا عبد الرحمن يعنى ابن إسحاق المدنى عن ابن زيد عن ابن سيلان عن أبى هريرة قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : لا تدعوهما وإن طردتكم الخيل.

هكذا ذكره أبو داود ، عن ابن سيلان ، وكذا أحمد بن حنبل ، حديث رقم ٩٠٠٠ ، ٩٠٠٥. راجع الحاشية التالية.

(٢) قال المزى فى التهذيب : ذكره ابن حبان فى الثقات ، روى له أبو داود ، كذا قال. وقيل هو جابر بن سيلان ، وقيل عبد ربه ، وقيل غير ذلك ، وقد ذكرنا حديثه فى ترجمة جابر بن سيلان.

٢٢٨٨ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٤ ، تاريخ ثغر عدن ٢٥٤).

٤٣٣

٢٢٨٩ ـ عيسى بن عبد الله بن عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجى أبو عبد الله الفاسى اليمنى المكى النخلى ، بالنون والخاء المعجمة :

ولد بمكة سنة إحدى وأربعين وستمائة ، وسمع من المعمّر أبى عبد الله محمد بن أبى البركات الهمدانى : صحيح البخارى ، خلا من سورة الأعراف إلى آخر سورة الصف ، وخلا من أول كتاب الدعوات ، إلى آخر الصحيح.

وعلى يعقوب بن أبى بكر الطبرى : جامع الترمذى ، خلا من أوله إلى باب المضمضة من اللبن ، ومن كتاب كراهية البكاء على الميت ، إلى باب ما جاء فى الرجل يطلّق امرأته ثلاثا البتة ، ومن كتاب الإيمان إلى أبواب التفسير ، فأجازه وأجاز له فى استدعاء وجدته بخط القطب القسطلانى ، مؤرّخ بسادس جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وستمائة جماعة ، منهم التاج عبد الوهاب بن عساكر ، وابنه أبو اليمن عبد الصمد ، والفقيه سليمان بن خليل ، وابن أخيه الكمال محمد بن عمر بن خليل ، وقريبهما إسماعيل بن عد الواحد بن إسماعيل ، العسقلانيون ، وضياء الدين محمد بن عمر القسطلانى إمام المالكية ، والحافظ جمال الدين أبو بكر بن مسدى خطيب مكة ، عبد الرحيم وأبو عبد الله محمد المعروف بالخادم ، وشيخ الحرم عفيف الدين منصور بن منعة ، والعماد عبد الرحيم ابن العجمى ، وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم بن الحاج السلمى البلفيقى ، وجماعة.

وأجاز له أيضا فى استدعاء القطب القسطلانى ، فى سنة تسع وأربعين وستمائة ، أبو بكر بن أحمد بن أبى بكر بن أبى الليات ، وعبد الله بن محمود بن أبى القاسم الشّدّادى ، وأبو حفص عمر بن معروف بن أحمد بن ثابت ، وكامل بن [بروبه](١) بن رضوان بن أبى البركات بن عثمان المقرى ، وعبد العزيز بن خضر بن عبد العزيز بن خضر ، ونجيب الدين أبو الحسن المبارك بن أبى بكر محمد بن مزيد بن هلال الخّواص ، وموهوب بن أحمد بن إسحاق بن موهوب الجواليقىّ ، وعبد العزيز بن عبد المنعم بن الخضر بن شبل الحارثى ، وإياس بن عبد الله الكندى ، ويوسف بن مكتوم القيسى ، وحدّث.

سمع منه جماعة من المصريين والشاميين ، منهم أبو عبد الله محمد بن الشيخ النحوى شمس الدين محمد بن أبى الفتح البعلى ، وأبو إسحاق إبراهيم بن يونس البعلبكى ، وجماعة

__________________

٢٢٨٩ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ٣ / ٢٠٥).

(١) ما بين المعقوفتين هكذا فى الأصل بلا نقط.

٤٣٤

من شيوخنا ، آخرهم شيخنا الإمام أبو اليمن محمد بن أحمد بن الرضى الطبرى ، ولشيخنا قطب الدين عبد الكريم بن محمد بن الحافظ قطب الدين الحلبى منه إجازة ، وطال عمره وانتفع به. وتوفى فى المحرم سنة أربعين وسبعمائة ، بوادى نخلة ، من أعمال مكة المشرفة ، ودفن بها.

نقلت وفاته ومولده من خط الشيخ تقى الدين أبى المعالى محمد بن رافع فى وفياته ، وترجمه: بالمعمّر الصالح التقى ونقلت من خط شيوخه البغداديين والشاميين ، وذكر أنه نقل من خط ابن يونس البعلبكى ، ونقل هو ذلك من خط الآقشهرىّ ، ونقل ذلك من استدعاء قطب الدين القسطلانى.

والحجّى : بفتح الحاء المهملة ثم جيم. كذا وجدت بخط ابن رافع.

والنخلى : بنون وخاء معجمة ، نسبة إلى وادى نخلة ، من أعمال مكة المشرفة ، لكونه كان يسكن هناك ، وبالبلدة التى يقال لها سولة ، من وادى نخلة ، مكان يقال له درب الحجّيّين ، وهم أقارب المذكور ، ولعله كان يسكن هناك ، والله أعلم.

٢٢٩٠ ـ عيسى بن عبد بن أحمد بن محمد بن عبد الله ، يكنى أبا مكتوم ، ابن الحافظ أبى ذر الهروىّ :

ولد سنة خمس عشرة وأربعمائة ، بسراة بنى شبابة ، لأن أباه كان تزوج هناك. وأقام مدة ، سمع جملة من مسند عبد الرزاق ، من أبى عبد الله الصنعانى ، صاحب البغوى ، وسمع من أبيه صحيح البخارى ، وكتاب الدعوات.

روى عنه الصحيح جماعة ، آخرهم على بن حميد بن عمّار الأطرابلسىّ. وروى عنه بالإجازة ، الحافظ أبو طاهر السلفى ، وكان ميمون بن ياسين الصّنهاجىّ من أمراء المرابطين ، رغب فى السماع منه بمكة ، فاستقدمه من سراة بنى شبابة ، واشترى منه صحيح البخارى أصل أبيه ، الذى سمعه منه بجملة كثيرة ، وسمعت عليه عدة أشهر ، قبل وصول الحجاج ، فلما حجّ ورجع من عرفات إلى مكة ، رحل مع النفر الأول من أهل اليمن ، وذلك سنة سبع وتسعين وأربعمائة ، وانقطع خبره من هذا الوقت ، كما قال الذهبى فى تاريخ الإسلام ، ومنه لخصت هذه الترجمة. وذكره فى العبر فى المتوفّين فى هذه السنة.

__________________

٢٢٩٠ ـ انظر ترجمته فى : (العبر ٣ / ٤٣٨).

٤٣٥

٢٢٩١ ـ عيسى بن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الله ابن أبى عمرو حفص بن المغيرة المخزومى :

أمير مكة. وليها للمعتمد العباسى ، على ما ذكر ابن حزم فى الجمهرة ، وفيها نسبه هكذا.

وذكر الفاكهى ولايته لمكة ، فى غير موضع من كتابه ، وأفاد فى بعضها ، أنه كان واليا على مكة فى سنة ثلاث وخمسين ومائتين ، وفى سنة أربع وخمسين ومائتين ، وأنه فى سنة ثلاث وخمسين ، تولّى جرّ ما فى المسجد من التراب الذى طرحه فيه السّيل ، لما دخله فى هذه السنة ، وقال لما ذكر دار حزابة ، وهى الدار التى عند اللبانين ، بفوّهة خط الحزامية ، شارعة فى الوادى ، وبعض هذه الدار لعيسى بن محمد المخزومى ، كان قد بناها فى ولايته على مكة ، فى سنة أربع وخمسين ومائتين ، بالحجر المنقوش والآجرّ والجص ، وشرع لها جناحا على الوادى فى الحزورة ، وأشرع فى بنائها ، ثم عمرها بعد ذلك ابنه ، وسكن فيها ابنه ، فلما نزل ابن أبى السّاج به فى الموسم وظهر عليه ، حرقها وحرق دار الحارث معها. انتهى.

وقد سبق فى ترجمة محمد بن أحمد عيسى بن المنصور العباسى الملقب كعب البقر ، ما ذكره الفاكهى ، من أنه : أول من استصبح فى المسجد الحرام فى القناديل فى الصحن محمد بن أحمد المنصورى جعل عمدا من خشب فى وسط المسجد ، وجعل بينها حبالا ، وجعل فيها قناديل يستصبح بها ، فكان كذلك فى ولايته ، حتى عزل محمد بن أحمد ، فعلقها عيسى بن محمد فى إمارته الآخرة. انتهى. وعيسى بن محمد هذا ، هو المخزومى المذكور ، واستفدنا من هذا أنه ولى مكة مرتين.

وقال ابن الأثير ، ولما ذكر فتنة إسماعيل بن يوسف العلوى بمكة ، فى سنة إحدى وخمسين ومائتين : ثم وافى إسماعيل عرفة ، وبها محمد بن إسماعيل بن المنصور ، الملقب كعب البقر ، وعيسى بن محمد المخزومى صاحب جيش مكة ، كان المعتز وجههما إليها ، فقاتلهم. انتهى.

وقد سبق التنبيه فى ترجمة محمد بن أحمد ، على أن تسمية أبيه بإسماعيل ، كما فى كتاب ابن الأثير ، وهم ثم والله أعلم.

وقال ابن حزم فى الجمهرة : وبنو طرف ، الذين ولّوا بعض جهات اليمن ، هم موالى

__________________

٢٢٩١ ـ انظر ترجمته فى : (جمهرة الأنساب لابن حزم ١٤٩).

٤٣٦

عيسى بن محمد ، والد أبى المغيرة ، وكان طرف مولى عيسى ، وجد أبى المغيرة لأمه.

٢٢٩٢ ـ عيسى بن محمد بن عبد الله المليساوى ، ويعرف بابن مكينة اليمنى الأصل ، الطائفى المولد والدار المالكى :

قاضى الطائف. ولى نيابة الحكم بقريته المليسا ، بوادى الطائف ، عن القاضى محب الدين النويرى ، ثم ولى ذلك عن ابنه ، ثم عن القاضى جمال الدين بن ظهيرة ، واستنابه فى جميع بلاد الطائف ، ثم ولى ذلك عن القاضى عز الدين النويرى ثم قصره على قريته المليسا ، ورفع يده عن إمامة مسجد الطائف وخطابته ، وكان قد ولى إمامته وخطابته نحو أربع سنين ، وكان يتردد إلى مكة للحج والعمرة ، ويقيم بها الأيام الكثيرة ، واخترمته المنية فى خامس المحرم سنة أربع عشرة وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ الستين ، وكان خيّرا محمود السيرة،رحمه‌الله.

٢٢٩٣ ـ عيسى بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر ، المعروف بابن أبى هاشم :

وبقية نسبه تقدم فى ترجمة جده ، محمد بن جعفر الحسنى المكى. أمير مكة. ولى إمرة مكة فى آخر سنة ست وخمسين وخسمائة ، بعد ابن أخيه قاسم بن هاشم بن فليتة ، وذلك على ما ذكر ابن الأثير ، أن قاسما لما سمع بقرب الحجاج من مكة فى هذه السنة ، صادر المجاورين ، وأعيان أهل مكة ، وأخذ كثيرا من أموالهم ، وهرب من مكة خوفا من أمير الحاج أرغش ، وكان حج فى هذه السنة ، زين الدين على بن بلتكين صاحب جيش الموصل ، ومعه طائفة صالحة من العسكر فرتّب مكان قاسم ، عمه عيسى ، فبقى كذلك إلى شهر رمضان ، ثم إن قاسما جمع جمعا كثيرا من العرب ، أطمعهم فى مال له بمكة ، فاتبعوه ، فسار بهم إليها ، فلما سمع عمه عيسى ، فارقها ودخلها قاسم ، وأقام بها أميرا أياما ، ولم يكن له مال يوصله إلى العرب ، ثم إنه قتل قائدا كان معه حسن السيرة ، فتغيّرت نيّات أصحابه عليه ، وكاتبوا عمه عيسى ، فقدم عليهم ، فهرب قاسم وصعد جبل أبى قبيس ، فسقط عن فرسه ، فأخذه أصحاب عيسى وقتلوه ، فسمع عيسى ، فعظم عليه قتله ، وأخذه وغسّله ودفنه بالمعلاة عند أبيه فليتة ، واستقر الأمر لعيسى. انتهى بلفظ ابن الأثير فى الغالب ، إلا مواضع فيه على غير الصواب ، رأيتها فى النسخة التى نقلت منها ، لأنه قال فى أخبار هذه السنة : كان أمير مكة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى

__________________

٢٢٩٢ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٦).

٢٢٩٣ ـ انظر ترجمته فى : (الكامل لابن الأثير ١١ / ٢٧٩).

٤٣٧

هاشم ، ثم قال : فلما وصل أمير الحاج ، رتب مكان قاسم بن فليتة ، عيسى بن قاسم بن أبى هاشم والصواب فى نسب عمه عيسى : عيسى بن فليتة بن قاسم ، كما ذكرنا فيهما ، وهذا مما لا ريب فيه ، لأنى رأيت هذا منسوبا فى غير ما حجر بالمعلاة ، وفى بعض المكاتيب ، وترك ابن الأثير بيان شهر رمضان ، الذى أقام إليه عيسى أمير مكة ، لوضوح السنة التى منها رمضان ، وهى سنة سبع وخمسين وخمسمائة.

ومن خبر عيسى ، ولم يذكره ابن الأثير فى تاريخه ، ما وجدته بخط بعض المكيين ، وهو أنه حصل بين عيسى بن فليتة ، وبين أخيه مالك بن فليتة ، اختلاف فى أمر مكة غير مرة ، منها فى سنة خمس وستين وخمسمائة ، ولم يحجّ عيسى فى هذه السنة ، وتخلف بمكة ، وحج مالك ، ووقف بعرفة ، وبات الحاج بعرفة إلى الصبح ، وخاف الناس خوفا شديدا.

فلما كان يوم عاشوراء ، من سنة ست وستين ، دخل الأمير مالك وعسكره إلى مكة ، وجرى بينهم وبين عيسى وعسكره فتنة إلى وقت الزوال ، ثم أخرج الأمير مالك واصطلحوا بعد ذلك ، وسافر الأمير مالك إلى الشام ، وجاء من الشام فى آخر ذى القعدة ، وأقام ببطن مرّ أياما ، ثم جاء إلى الأبطح هو وعسكره ، وملك خدّام الأمير مالك ، وبنو داود جدة ، وأخذا جلبة وصلت إليها ، فيها صدقة من قبل شمس الدولة ، وجميع ما مع التجار الذين وصلوا فى الجلبة ، ونزل مالك فى المربّع هو والشرف ، وحاصروا مكة مدة أيام ، ثم جاء هو والشرف من المعلاة ، وجاء هذيل والعسكر من جبل أبى الحارث ، فخرج إليهم عسكر الأمير عيسى فقاتلوهم ، فقتل من عسكر الأمير مالك جماعة ، ثم ارتفع إلى خيف بنى شديد. انتهى بالمعنى.

وجبل أبى الحارث المذكور فى هذا الخبر ، هو أحد أخشبى مكة ، المقابل أبى قبيس ، إلى صوب قيقعان ، وباب الشبيكة بأسفل مكة.

ووجدت بخط بعض أصحابنا ، فيما نقله من مجموع للفخر بن سيف ، شاعر عراقى ، ما نصه : دخلت على الأمير عيسى بن فليتة الحسنى ، وكنت كثير الإلمام به ، والدخول عليه ، لكونه كان لا يشرب مسكرا ، ولا يسمع الملاهى ، وكان يجالس أهل الخير ، ولم ير فى سير من تقدّمه من الولاة مثل سيرته ، وكان كريم النفس ، واسع الصدر ، كثير الحلم ، فقال : أنشدنى شيئا من شعرك ، فقلت له : قد عملت بيتين الساعة فى مدحك فقال : أنشدنى ما قلت ، فأنشدته [من البسيط] :

٤٣٨

أضحت مكارم عيسى كعبة ولقد

تعجب الناس من ثنتين فى الحرم

فهذه تحبط الأوزار ما برحت

وهذه تشمل الأحرار بالنّعم

قال : فاستحسنهما غاية الاستحسان ، قال : ودخلت عليه فى سنة ستين وخمسمائة ، وكنت مجاورا أيضا ، وكان نازلا بالمربّع ، فوجدت عنده أخاه مالكا ، وكان ذلك اليوم ثانى عشر ذى القعدة من السنة المذكورة ، ونحن فى حديث الحاج وتوجههم إلى مكة ، فأنشدته قصيدة أولها [من المتقارب] :

حملت من الشوق عبئا ثقيلا

فأورث جسمى المعنّى نحولا

وصيرنى كلفا بالغرا

م أندب ربعا وأبكى طلولا

نشدتكما الله يا صاحبىّ

إن جزتما بلواء الطّلح ميلا

نسائل عن حيّهم بالعرا

ق هل قوّضت أن تراهم حلولا

فقال لى عند إنشاد هذا البيت : لا إن شاء الله ، قوضت وتوجّهت إن شاء الله تعالى بالسلامة ، ثم أنشدته إلى أن انتهيت منها :

كفا كم فخارا بأنّ الوصىّ

جدّكم وأمّكم الطهور البتولا

وحسبكم شرفا فى الأنا

م أن بعث الله منكم رسولا

وجرى فى ولاية عيسى على مكة ، بمكة وظواهرها ، حوادث ، منها : أن فى سنة سبع وخمسين وخمسمائة ، كانت بمكة فتنة بين أهلها والحجاج العراقيين ، سببها أن جماعة من عبيد مكة ، أفسدوا فى الحاج بمنى ، فنفر عليهم بعض أصحاب أمير الحاج ، فقتلوا منهم جماعة ، ورجع من سلم إلى مكة ، وجمعوا جمعا ، وأغاروا على جمال الحاج وأخذوا منها قريبا من ألف جمل ، فنادى أمير الحاج فى جنده بسلاحهم ، ووقع القتال بينهم ، فقتل جماعة ، ونهب جماعة من الحجاج ، وأهل مكة ، فرجع أمير الحاج ولم يدخل مكة ، ولم يقم بالزاهر غير يوم واحد ، وعاد كثير من الناس رجّالة لقلة الجمال ، ولقوا شدة ، ورجع بعضهم قبل إتمام حجّه ، وهم الذين لم يدخلوا مكة يوم النحر للطواف والسعى ، ذكر هذه الحادثة هكذا ابن الأثير.

وذكر صاحب المنتظم : أن أمير مكة بعث إلى أمير الحاج يستعطفه ليرجع ، فلم يفعل ، ثم جاء أهل مكة بخرق الدم ، فضرب لهم الطبول ، ليعلم أنهم قد أطاعوا.

ومنها : غلاء كثير ، أكل الناس فيه بمكة الدم والجلود والعظام ، ومات أكثر الناس ، وذلك فى سنة تسع وستين وخمسمائة.

٤٣٩

ومنها : سيل عظيم فى هذه السنة ، دخل من باب بنى شيبة ، ودخل دار الإمارة ، ولم ير قط سيل قبله دخل دار الإمارة فيما قيل.

وذكر ابن الأثير ، أن الوزير الجواد جمال الدين أبا جعفر محمد بن على بن أبى منصور الأصفهانى ، وزير صاحب الموصل ، لما أراد أن يزخرف الكعبة بالذهب ويرخّمها ، ويبنى الحجر بجانب الكعبة ، أرسل إلى الأمير عيسى بن فليتة أمير مكة هذا ، هدية كبيرة ، وخلعا سنية ، منها عمامة مشتراها ثلاثمائة دينار ، حتى مكنّه من ذلك. انتهى.

وكانت وفاة عيسى بن فليتة هذا ، فى الثانى من شعبان سنة سبعين وخمسمائة ، وولى مكة بعده بعهد منه ، ابنه داود ، وقد تقدم خبره ، وولاية عيسى بن فليتة بمكة ، نحو خمس عشرة سنة، فى غالب الظن.

٢٢٩٤ ـ عيسى بن موسى بن عبد الرحمن بن على بن الحسين بن على القاضى عفيف الدين ، أبو موسى الشيبانى الطبرى المكى :

قاضى الحرم الشريف. وجدت خطه على مكتوبين ثبتا عليه ، أحدهما فى صفر سنة ثلاثين وستمائة ، والآخر فى شهر رمضان من هذه السنة ، وشهد عليه جماعة ، منهم : أحمد بن عبد الواحد بن إسماعيل العسقلانى ، وذكر فى رسم شهادته ، أنه نافذ القضاء ، ماضى الحكم بمكة وأعمالها ، ولا أدرى هل ولى ذلك استقلالا أو نيابة ، ولا هل هذه السنة ابتداء ولايته أو قبلها ، ولا متى انقضت؟ إلا أنى وجدت ما يدل على أن ابن عمه القاضى عبد الكريم بن أبى المعالى يحيى بن عبد الرحمن الشيبانى ، كان قاضيا بمكة فى سنة اثنتين وثلاثين وستمائة ، والله أعلم بحقيقة الحال.

وقد وجدت سماعه على الشريف يونس بن يحيى الهاشمى ، للجزء الأول من صحيح البخارى ، من نسخة بيت الطبرى ، فى مجالس آخرها العشر الأوسط من سنة ست وتسعين وخمسمائة بالحرم الشريف ، مع أخيه القاضى حسن بن موسى ، وترجم بالفقيه ، وأخوه بالشيخ.

٢٢٩٥ ـ عيسى بن موسى بن على بن قريش بن داود القرشى الهاشمى المكى ، يلقب بالعماد :

عنى ـ وله بضع وعشرون سنة ـ بحفظ القرآن فجوده ، وكان كثير التلاوة ، وعنى

__________________

٢٢٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٦ / ١٥٧).

٤٤٠