العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

بالتجارة ، فاستفاد عقارا بمكة والخضراء وخيف بنى عمير ، من أعمال مكة ، وغير ذلك ، وصاهر الشيخ نجم الدين المرجانى على ابنته ، فولدت له أولادا ، وتزوج قبل ذلك بابنة القاضى سراج الدين عبد اللطيف بن سالم ، وكان قبل ذلك فى خدمة أبيها ، أيام ولايته بشدّ زبيد ، وبه تجمل حاله فى ابتداء أمره ، ومات فى ربيع الآخر ، أو جمادى الأولى ، سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وقد قارب الخمسين ، وكان انقطاعه بمنزله نحو يومين أو ثلاثة.

٢٢٩٦ ـ عيسى بن ميمون المكى ، أبو موسى الحرشى :

صاحب التفسير ، المعروف بابن داسة ، روى عن مجاهد ، وابن أبى نجيح ، وقيس بن سعد. روى عنه السفيانان ، وأبو عاصم.

روى له أبو داود فى الناسخ والمنسوخ ، وقال : ثقة يرى القدر. ووثّقه ابن معين. كتبت هذه الترجمة من التهذيب.

٢٢٩٧ ـ عيسى بن يحيى الرّيغىّ المغربى المالكى :

نزيل مكة ، كان خيّرا متعبدا ، معتنيا بالعلم نظرا وإفادة ، وله فى النحو وغيره نباهة ، وكان كثير السعى فى مصالح الفقراء الطرخى ، وجمعهم من الطرقات إلى المرستان المستنصرى ، بالجانب الشامى من المسجد الحرام ، وربما حمل الفقراء المنقطعين بعد الحج إلى مكة من منى ويحصب ، حاشية المطاف بالمسجد الحرام ، ويحصب ، حاشية المطاف بالمسجد الحرام ، ويقوم بما يجب فى ذلك ، لمن يحمل الحصباء لهذا المحل.

وقد جاور بمكة سنين كثيرة ، تقارب العشرين ، وتأهّل فيها بنساء من أعيان مكة ، ورزق بها أولادا ، وبها توفى ليلة الاثنين ، سلخ المحرم ، أو مستهل صفر ، سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وهو فى عشر الستين ظنا ، وقد سمع الحديث بمكة على جماعة من شيوخها والقادمين إليها.

والريغى : بمثناة من تحت وغين معجمة وياء للنسبة.

٢٢٩٨ ـ عيسى بن يزيد الجلودى :

نقلت من كتاب «مقاتل الطالبيين» عن أبى العباس أحمد عبد الله بن عمار الثقفى،

__________________

٢٢٩٦ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٢ / ١٠٢).

٢٢٩٨ ـ انظر ترجمته فى : (الكامل لابن الأثير ٦ / ٢١١ ، جمهرة ابن حزم ١٤٣).

٤٤١

فيما رواه من كتاب هارون بن عبد الملك الزيات ، قال : حدثنى أبو جعفر محمد بن عبد الواحد بن النصير بن القاسم ، مولى عبد الله بن على ، أن عيسى بن يزيد الجلودى ، أقام بمكة ـ وهى مستقيمة له ـ والمدينة ، حتى قدم هارون بن المسيب واليا على الحرمين ، فبدأ بمكة ، فصرف الجلودى عنها ، وحج وانصرف إلى المدينة ، فأقام سنة. انتهى.

وذكر الذهبى ، ما يقتضى أن عيسى بن يزيد الجلودى ، ولى مكة فى سنة مائتين ، بعد هزيمة العلويين منها ، وكانت هزيمتهم فى جمادى الآخرة من السنة المذكورة ، لأن فى الخبر الذى ذكره فى خبر العلويين بمكة فى هذه السنة ، بعد أن ذكر أن مجىء الديباجة إلى مكة ، وطلوعه المنبر مع الجلودى ، وإشهاده بخلع نفسه : ثم خرج به عيسى الجلودى إلى العراق ، واستخلف على مكة ابنه محمد بن عيسى. انتهى.

وذكر ابن حزم فى الجمهرة ، ما يدل لولاية الجلودى على مكة ، لأنه ذكر أن يزيد بن محمد بن حنظلة المخزومى ، استخلفه عيسى بن يزيد الجلودى على مكة ، فدخلها عنوة إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين ، وقتل يزيد بن محمد. انتهى.

والجلودى هذا ، حارب العقيلى الذى قدم من اليمن فى سنة مائتين ، لإقامة الحج فى هذه السنة ، وأعاد الجلودى ما كان أخذه العقيلى من كسوة الكعبة وأموال التجار ، وقد ذكره هذه الحادثة ابن الأثير ، لأنه قال فى أخبار سنة مائتين من الهجرة : ذكر ما فعله إبراهيم بن موسى وفى هذه السنة ، وجّه إبراهيم بن موسى جعفر ، من اليمن ، رجلا من ولد عقيل بن أبى طالب فى جند للحج بالناس ، فسار العقيلى حتى أتى بستان ابن عامر ، فبلغه أن أبا إسحاق المعتصم ، قد حج فى جماعة من القواد ، فيهم حمدويه بن على بن موسى بن ماهان ، وقد استعمل الحسن بن سهل على اليمن ، فعلم العقيلى أنه لا يقوى بهم ، فأقام ببستان ابن عامر ، فاجتاز قافلة من الحاج ، ومعهم كسوة الكعبة وطيبها ، فأخذوا كسوة الكعبة وطيبها ، وقدم الحاج مكة عراة منهوبين ، فاستشار المعتصم أصحابه ، فقال الجلودى : أنا أكفيك ذلك ، فانتخب مائة رجل ، وسار بهم إلى العقيلى ، فصبّحهم فقاتلهم ، فانهزموا وأسر أكثرهم ، وأخذ كسوة الكعبة وأموال التجار ، إلا ما كان مع من هرب قبل ذلك فرده ، وأخذ الأسرى ، فضرب كل واحد منهم عشرة أسواط ، وأطلقهم ، فرجعوا إلى اليمن ، يستطعمون الناس ، فهلك أكثرهم فى الطريق. انتهى (١).

__________________

(١) على هامش الأصل : «نجز الجزء الثالث من كتاب العقد الثمين ، فى تاريخ البلد الأمين ، تأليف السيد الشريف الإمام العلامة الحافظ المؤرخ ، قاضى المسلمين ، أبى الطيب محمد تقى الدين بن الإمام العلامة أقضى القضاة شهاب الدين أبى العباس أحمد بن على الحسنى ـ

٤٤٢

٢٢٩٩ ـ غالب بن عيسى بن أبى يوسف الأنصارى ، أبو التمام الأندلسى :

كتب عنه السلفى أبياتا لأبى العلاء المعرى عنه ، فى المحرم سنة ثمان وتسعين وأربعمائة ، وذكر أنه جاور بمكة سنين كثيرة ، بعد أن جاوز الستين ، وأنه سمع من أبى يعلى بن الفراء ، وابن المهندس ، وابن المأمون ، ونظرائهم.

وروى عنه أبو بكر الطرطوشى ، وأثنى عليه ، وكان من أعيان فقهاء المالكية ، لخصت هذه الترجمة من معجم السفر للسفلى.

٢٣٠٠ ـ غانم بن إدريس بن حسن بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى :

ذكر ابن محفوظ ، أنه وجمّاز بن شيحة صاحب المدينة ، وصلا فى سنة سبعين وستمائة وأخذا مكة ، وبعد أربعين يوما ، أخرجهما أبو نمى.

ووجدت بخط المؤرخ شمس الدين محمد بن إبراهيم الجزرى الدمشقى ، أن فى التاسع عشر من ربيع الآخر سنة خمس وسبعين ، يعنى وستمائة ، كانت وقعة بين أبى نمى صاحب مكة ، وبين جماز بن شيحة صاحب المدينة ، وبين صاحب ينبع إدريس بن حسن بن قتادة ، فظهر عليهما أبو نمى ، وأسر إدريس ، وهرب جماز بن شيحة ، وكانت الوقعة فى مر الظهران. وكان عدة من مع أبى نمى ، مائتى فارس ، ومائة وثمانين راجلا ، ومع إدريس وجماز ، مائتين وخمسة عشر فارسا ، وستمائة راجل ، انتهى.

وهذا الخبر يقتضى أن الذى حارب أبا نمى فى هذا التاريخ مع جماز ، إدريس بن حسن ، صاحب ينبع ، والظاهر أنه غانم بن إدريس بن حسن المذكور ، بدليل ما سبق فى كلام ابن محفوظ ، ولعل غانما سقط فى خط ابن الجزرى سهوا ، والله أعلم.

٢٣٠١ ـ غانم بن راجح بن قتادة بن إدريس بن مطاعن بن عبد الكريم الحسنى:

أمير مكة ، ذكر ابن محفوظ ، أن فى ربيع الأول سنة اثنتين وخمسين وستمائة ، تسلم

__________________

ـ الفاسى المكى المالكى ، تغمدهم الله بالرحمة والرضوان ، وأسكنهم فسيح الجنان. فى يوم الثلاثاء رابع عشرى شوال ، أحد شهور سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة بمكة المشرفة. والحمد لله وحده ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلّم تسليما كثيرا ، وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم».

٤٤٣

غانم بن راجح من أبيه البلاد ـ يعنى مكة ـ بغير قتال ، وأقام بها إلى شوال ، فأخذها منه أبو نمى ، وإدريس بن قتادة بالقتال ، ولم يقتل منهم إلا ثلاثة أنفس ، منهم عالى شيخ المبارك.

٢٣٠٢ ـ غانم بن يوسف بن إدريس بن غانم بن مفرج بن محمد بن عيسى بن محمد بن عبيد بن حمزة بن بركات بن عبد الله بن شيبة بن شيبة بن شيبة بن شعيب ابن وهب بن عثمان بن طلحة بن أبى طلحة عبيد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصى بن كلاب بن مرة العبدرى الشيبى :

شيخ الحجبة وفاتح الكعبة. هكذا وجدت هذا النسب بخط الآقشهرى ، وقال : هكذا نسبة صاحبنا صاحب مفتاح الكعبة المعظمة المشرفة ، ورئيس السدنة الشيبيين. وقال : هذه النسبة نقلتها من نصبة القبر فيها نظر ، وذكر مع ذلك أبياتا وجدها على قبر بعض الشيبيين ، ثم قال : وكان ذلك فى العشر الأول من شهر جمادى الأولى ، من عام ثلاثين وسبعمائة. انتهى.

[...](١).

وأجاز له فى سنة ثلاث عشرة من دمشق : الدشتى ، والقاضى سليمان بن حمزة ، والمطعم ، وابن مكتوم ، وابن عبد الدائم ، وابن سعد ، ووزيرة ، والحجاج ، وجماعة من شيوخ ابن خليل ، باستدعائه واستدعاء البرزالى ، وما عرفت له سماعا.

وتوفى فى رمضان سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

[....](١).

٢٣٠٣ ـ غسان بن الفضل السجستانى ، أبو عمرو :

نزيل مكة. روى عن حماد بن زيد ، وابن المبارك ، وجماعة. وروى له أبو داود فى المراسيل ، وأبو زرعة ، والأثرم ، وغيرهم. وقد كتبت هذه الترجمة من التذهيب (١).

__________________

٢٣٠٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ترجمة ٢٩٢ ، المعجم المشتمل ترجمة ٧١٦ ، الثقات لابن حبان ٩ / ٢ ، تذهيب التهذيب ورقة ١٣٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ١٠٥ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٥٦٧٥ ، تهذيب الكمال ٤٦٩١).

(١) قال ابن حجر فى التقريب : مقبول.

٤٤٤

٢٣٠٤ ـ غيلان بن سلمة بن شرحبيل الثقفى :

أسلم يوم الطائف ، وكان عنده عشر نسوة ، فأمره النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، يتخير منهن أربعا ، ويفارق باقيهن.

روى حديثه عنه ، عبد الله بن عمر ، من رواية معمر ، عن ابن شهاب ، عن سالم ، عن أبيه ، ولم يتابع معمر على هذا الإسناد. وقد روى عن غيلان هذا بشر بن عاصم.

ومن نسب غيلان هذا ، قال : هو غيلان بن سلمة بن معتّب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن قسى ، وهو من ثقيف بن منبه بن بكر بن هوازن ، وأمه سبيعة بنت عبد شمس.

أسلم بعد فتح الطائف ، ولم يهاجر ، وكان أحد وجوه ثقيف ومقدميهم ، وهو ممن وفد على كسرى ، وخبره معه عجيب ، قال له كسرى ذات يوم : أى ولدك أحب إليك؟ قال : الصغير حتى يكبر ، والمريض حتى يبرأ ، والغائب حتى يؤوب. فقال كسرى : زه. ما لك ولهذا الكلام؟ هذا كلام الحكماء ، وأنت من قوم جفاة لا حكمة فيهم ، فما غذاؤك؟ قال : خبز البر ، قال : هذا العقل من البر ، لا من اللبن والتمر. وكان شاعرا محسنا.

توفى غيلان بن سلمة ، فى آخر خلافة عمر رضى الله عنه. ذكره هكذا ابن عبد البر.

ومعتّب فى نسبه ، بفتح العين المهملة.

* * *

__________________

٢٣٠٤ ـ انظر ترجمته فى : (مجمع الأمثال ١ / ٢٦ ، الإصابة ٦٩٤٠ ، الاستيعاب ٢٠٩٠ ، اليعقوبى ١ / ٢١٤ ، ابن سلام ٦٩ ، المحبر ٣٥٧ ، الأعلام ٥ / ١٢٤ ، الثقات ٥ / ٢٩١ ، الجرح والتعديل ٧ / ١٤٣ ، البداية والنهاية ٧ / ١٤٣ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٩٧ ، أسد الغابة ٤١٩٠).

٤٤٥

حرف الفاء

٢٣٠٥ ـ فراس الخزاعى :

مخضرم ، له شعر. ذكره هكذا الذهبى ، ولم أر من ذكره سواه.

٢٣٠٦ ـ فراس بن النضر بن الحارث بن علقمة بن كلدة بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصى بن كلاب القرشى العبدرى :

ذكره هكذا ابن قدامة ، وقال : من مهاجرة الحبشة ، فيما ذكر ابن إسحاق ، قتل يوم اليرموك شهيدا ، وكان أبوه النضر بن الحارث ، شديد العداوة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأسر يوم بدر ، وأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بقتله بالصفراء (١).

وذكر الكاشغرى معنى ذلك ، وقال : وقيل : كلدة بن علقمة ، فاستفدنا من هذا الخلاف فى نسبه ، هل هو علقمة بن كلدة ، أو كلدة بن علقمة؟ والله أعلم باصواب.

٢٣٠٧ ـ فرقد المكى :

يروى عن عمر بن الخطاب. روى عنه صفوان بن عبد الله. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات.

٢٣٠٨ ـ فضالة بن دينار الخزاعى :

له إدراك. ذكره المستغفرى هكذا. وذكره الذهبى فى التجريد ، وذكره الكاشغرى ، وقال : أدرك النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

٢٣٠٩ ـ الفضل بن عبد الرحمن الهاشمى :

قال أبو موسى : أورده أبو مسعود ، وقال : يتأمّل. وقال ابن الأثير : قلت : لا حاجة إلى تأمله ، فإن بنى هاشم لم يك فيهم من يعاصر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، اسمه عبد الرحمن ، ولا الفضل ، إلا الفضل بن العباس. انتهى.

__________________

٢٣٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ٢١١٥ ، الإصابة ٦٩٨٤ ، أسد الغابة ٢٤٢١٠).

(١) الصّفراء : بلفظ تأنيث الأصفر من الألوان ، وادى الصفراء : من ناحية المدينة ، وهو واد كثير النخل والزرع والخير فى طريق الحاجّ وسلكه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، غير مرّة ، وبينه وبين بدر مرحلة. انظر : معجم البلدان مادة «صفراء».

٤٤٦

وقال الذهبى فى التجريد : الفضل بن عبد الرحمن الهاشمى ، وهم فيه بعضهم ، ولعله ابن العباس.

٢٣١٠ ـ الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى بن كلاب الهاشمى ، ابن عم النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أبو عبد الله ، وقيل أبو محمد ، وقيل أبو العباس :

أمه أم الفضل لبابة الصغرى ، بنت الحارث بن حزن الهلالية ، أخت ميمونة ، زوج النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهى أم إخوته على ما ذكرنا فى باب تمام.

شهد مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتح مكة وحنينا ، وثبت معه يوم حنين ، حين انهزم عنه الناس ، وشهد معه حجة الوداع ، وأردفه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم معه من جمع إلى منى ، ثم غزا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حنينا ، وشهد غسل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان يصب الماء على علىّ رضى الله عنه ، حين غسل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان من أجمل الناس وجها.

قال ابن قدامة : وكان يقال : من أراد الجمال والفقه والسخاء ، فليأت دار العباس ، الجمال للفضل ، والفقه لعبد الله ، والسخاء لعبيد الله.

وذكر صاحب الكمال ، أن للفضل عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أربعة وعشرين حديثا ، اتفقا على حديثين.

روى عنه أخوه عبد الله بن عباس ، وأبو هريرة ، وربيعة بن الحارث ، وعباس بن عبيد الله بن العباس.

روى له الجماعة. واختلف فى تاريخ موته ، فقال الزهرى : لم يعرف للفضل بعد النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم حال ، هذا أو معناه.

وقال بعضهم : مات بالشام فى طاعون عمواس ، قال صاحب الكمال : وهو الأظهر ، وقيل قتل يوم أجنادين سنة ثلاث عشرة ، وقيل يوم اليرموك.

وهو يروى عن ابن معين ، وقيل قتل يوم مرج الصّفّر ، ولم يترك ولدا ، إلا أم كلثوم ،

__________________

٢٣١٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢١١٧ ، الإصابة ترجمة ٧٠١٨ ، أسد الغابة ترجمة ٤٢٣٧ ، الثقات ٣ / ٣٢٩ ، تقريب التهذيب ٢ / ١١٠ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ١٣٧ ، ٣٦٧ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢ / ٣٣٥ ، التاريخ الصغير ١ / ٣٦ ، ٥٢ ، سير أعلام النبلاء ٣ / ٤٤٤ ، الكاشف ٢ / ٣٨٢ ، التاريخ الكبير ٧ / ١١٤ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٨ ، التحفة اللطيفة ٢ / ٣٩٤ ، شذرات الذهب ١ / ٢٨ ، الرياض المستطابة ٢٤٠ ، تهذيب الكمال ٢ / ١٠٩٥).

٤٤٧

تزوجها الحسن بن على بن أبى طالب ، ثم فارقها ، فتزوجها أبو موسى الأشعرى ، رضى الله عنهم أجمعين.

٢٣١١ ـ الفضل بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس [.....](١):

أمير مكة ، ذكر ابن جرير الطبرى : أنه حج بالناس سنة إحدى وتسعين ومائة ، وكان والى مكة للعباسيين. ولا أدرى هل هذه السنة ابتداء ولايته ، أو كانت قبل ذلك.

وذكر أن داود بن عيسى الهادى ، حج بالناس وهو والى مكة ، سنة ثلاث وتسعين ، فلا أدرى هل كان عزل الفضل فى هذه السنة ، أو فى سنة اثنتين وتسعين؟ والله أعلم.

٢٣١٢ ـ الفضل بن العباس بن الحسين بن إسماعيل بن محمد العباسى :

أمير مكة ، ذكر الفاكهى ، أنه كان على مكة فى سنة ثلاث وستين ومائتين ، ولم يزد فى نسبه على اسم أبيه ، وما ذكرناه فى نسبه ، ذكره العتيقى فى كتابه «أمراء الموسم» وذكر أنه حج بالناس فى سنة ثمان وخمسين ومائتين ، وسنة تسع وخمسين ومائتين.

ورأيت فى تاريخ ابن جرير الطبرى ما يخالف ما ذكره العتيقى فى نسب الفضل ، وفى حجه بالناس فى سنة تسع وخمسين ومائتين ، وأنه حج بالناس سنة سبع وخمسين ومائتين. وهذا أيضا يخالف ما ذكره العتيقى ، فيمن حج بالناس فى هذه السنة ، لأنه ذكر أن محمد بن أحمد بن عيسى المنصور ، الملقب كعب البقر ، حج بالناس فى سنة سبع وخمسين ، ونذكر كلام ابن جرير المخالف لما ذكره العتيقى.

قال فى أخبار سنة سبع وخمسين ومائتين : وفيها حج بالناس ، الفضل بن إسحاق بن الحسن بن إسماعيل بن العباس بن محمد بن على بن عبد الله بن العباس. وقال : وحج بالناس أيضا سنة ثمان وخمسين ومائتين الفضل المذكور. وقال : سنة تسع وخمسين ومائتين حج بالناس فيها ، إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن على بن عبد الله بن عباس المعروف ببرية. انتهى (١).

وقد ظهر بهذا مخالفة ما ذكره ابن جرير ، لما ذكره العتيقى فى نسب الفضل. وقثم حج بالناس سنة سبع وخمسين ، وسنة تسع وخمسين ، ولعل الخلاف فى نسب الفضل ، من ناسخ كتاب ابن جرير ، وكتاب العتيقى ، فإن النسخة التى رأيتها من كتاب كل منهما سقيمة ، والله أعلم بالصواب.

__________________

٢٣١١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣١٢ ـ (١) تابعه ابن الجوزى فى المنتظم.

٤٤٨

٢٣١٣ ـ فضيل بن عياض بن مسعود بن بشر التميمى اليربوعى ، أبو على الزاهد :

نزيل مكة ، روى عن : حميد الطويل ، وسليمان الأعمش ، وسليمان التيمى ، ومحمد ابن إسحاق ، وجماعة.

روى عنه : سفيان الثورى ـ وهو من شيوخه ـ وسفيان بن عيينة ـ وهو من أقرانه ـ وعبد الله بن المبارك ـ ومات قبله ـ والحميدى ، والقعنبى. والإمام الشافعى ، وهارون الرشيد أمير المؤمنين ، وخلق.

قال إبراهيم بن محمد الشافعى : سمعت سفيان بن عيينة يقول : فضيل ثقة. قال عبد الرحمن بن مهدى : فضيل بن عياض رجل صالح ، ولم يكن بحافظ.

وقال الحسين بن إدريس الأنصارى ، عن محمد بن عبد الله بن عمار : ليت الفضيل كان يحدثك بما يعرف ، قلت : ترى حديثه حجة؟ قال : سبحان الله! وقال إبراهيم بن ميسرة ، عن ابن المبارك : ما بقى على ظهر الأرض عندى ، أفضل من الفضيل بن عياض. وقال شريك بن عبد الله : لم يزل لكل قوم حجة فى أهل زمانهم ، وأن فضيل بن عياض ، حجة لأهل زمانه.

وقال النضر بن شميل : سمعت هارون الرشيد يقول : ما رأيت فى العلماء أهيب من مالك ، ولا أورع من الفضيل بن عياض. انتهى.

للفضيل بن عياض مع الرشيد موعظة مشهورة ، رويناها من طريق أبى نعيم ، قال : حدثنا سليمان بن أحمد ، قال : حدثنا زكريا الغلابى قال : حدثنا أبو عمرو الجرمى النحوى ، قال : حدثنا الفضل بن الربيع ، قال : حج أمير المؤمنين ـ يعنى هارون الرشيد ـ

__________________

٢٣١٣ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ١ / ٢٨ ، ٦ / ٤٣ ، ٢٨٢ ، تاريخ الدورى ٢ / ٤٧٦ ، تاريخ خليفة ٤٥٨ ، طبقات خليفة ٢٨٤ ، علل ابن المدينى ٧٤ ، علل أحمد ١ / ٢١ ، ٤٤ ، ٢٠٣ ، ٢٥١ ، ٢ / ١٥٠ ، التاريخ الكبير للبخارى الترجمة ٥٥٠ ، تاريخ الصغير ٢ / ٢٤١ ، المعرفة ليعقوب ١ / ١٧٩ ، تاريخ أبى زرعة الدمشقى ٤٦٨ ، ٥٥٧ ، الجرح والتعديل ترجمة ٤١٦ ، ثقات ابن حبان ٧ / ٣١٥ ، الثقات لابن شاهين الترجمة ١١٢٤ ، حلية الأولياء ٨ / ٨٤ ، السابق واللاحق ٢٩٢ ، الجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسرانى ٢ / ٤١٤ ، الكامل فى التاريخ ٦ / ١٨٩ ، ٢٢٠ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ٣٧٢ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٢٤٥ ، الكاشف ترجمة ٦٧٦٨ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٢٩٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ١١٣ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٥٧٣٩ ، شذرات الذهب ١ / ٣١٦ ، صفوة الصفوة ٢ / ١٣٤ ، التوابون ٢٧ ، الجواهر المضية ١ / ٤٠٩).

٤٤٩

فأتانى فخرجت مسرعا. فقلت : يا أمير المؤمنين! لو أرسلت إلىّ أتيتك ، فقال : ويحك ، قد حاك فى نفسى شىء ، فانظر لى رجلا أسأله ، فقلت : هاهنا سفيان بن عيينة. قال : امض بنا إليه فأتيناه ، فقرعت الباب ، فقال : من ذا؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فخرج مسرعا ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلىّ أتيتك ، فقال له ، خذ لما جئناك له رحمك الله ، فحدثه ساعة ، ثم قال له : عليك دين؟ فقال : نعم. فقال : يا عباس ، اقض دينه.

فلما خرجنا قال : ما أغنى عنى صاحبك شيئا ، انظر لى رجلا أسأله ، قلت : هاهنا عبد الرزاق بن همام ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه فقرعنا الباب ، فخرج مسرعا ، فقال : من هذا؟ فقلت : أجب أمير المؤمنين ، فقال : يا أمير المؤمنين ، لو أرسلت إلىّ أتيتك ، فقال : خذ لما جئناك له ، فحادثه ساعة ، ثم قال له : عليك دين؟ قال : نعم. قال : يا عباس ، افضل دينه ، فلما خرجنا قال : ما أغنى عنى صاحبك شيئا ، انظر لى رجلا أسأله ، قلت : هاهنا الفضيل بن عياض ، قال : امض بنا إليه ، فأتيناه ، فإذا هو قائم يصلى ، يتلو آية من القرآن يردّدها ، فقال : اقرع الباب. فقرعت الباب ، فقال : من هذا؟ قلت : أجب أمير المؤمنين ، فقال : ما لى ولأمير المؤمنين! فقلت : سبحان الله ، أما عليك طاعة؟ أليس قد روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «ليس للمؤمن أن يذلّ نفسه». فنزل ففتح الباب ، ثم ارتقى إلى الغرفة فأطفأ السراج ، ثم ارتقى إلى زاوية من زوايا البيت ، فدخلنا فجعلنا نجول عليه بأيدينا ، فسبقت يد هارون قبلى إليه ، فقال : يا لها من كف ، ما ألينها إن نجت غدا من عذاب الله عزوجل ، فقلت فى نفسى : ليكلّمنّه الليلة بكلام نقى من قلب تقى ، فقال له : خذ فيما جئناك له ، فقال : إن عمر بن عبد العزيز لما ولى الخلافة ، دعا سالم بن عبد الله ، ومحمد بن كعب القرظىّ ، ورجاء بن حيوة ، فقال لهم : إنى قد ابتليت بهذا البلاء ، فأشيروا علىّ ، فعدّ الخلافة بلاء ، وعددتها أنت وأصحابك نعمة ، فقال له سالم بن عبد الله : إن أردت النجاة من عذاب الله فصم الدنيا ، وليكن إفطارك منها الموت.

وقال له محمد بن كعب : إن أردت النجاة من عذاب الله ، فليكن كبير المسلمين عندك أبا ، وأوسطهم عندك أخا ، وأصغرهم عندك ابنا فوقرّ أباك ، وأكرم أخاك ، وتحنّن على ولدك.

وقال له رجاء بن حيوة : إن أردت النجاة غدا من عذاب الله ، فأحب للمسلمين ما تحب لنفسك ، واكره لهم ما تكره لنفسك ، ثم مت إذا شئت ، وإنى أقول لك هذا ، وإنى أخاف عليك أشد الخوف يوما تزل فيه الأقدام ، فهل معك رحمك الله مثل هؤلاء ، أو من يشير عليك بمثل هذا! فبكى هارون بكاء شديدا ، حتى غشى عليه ، فقلت له : ارفق بأمير المؤمنين ، فقال : يا ابن أم الربيع ، تقتله أنت وأصحابك ، وأرفق به

٤٥٠

أنا؟ ثم أفاق فقال له : زدنى رحمك الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، بلغنى أن عاملا لعمر ابن عبد العزيز شكا إليه ، فكتب إليه عمر : يا أخى ، اذكر طول شهر أهل النار فى النار ، مع خلود الأبد ، وإياك أن ينصرف بك من عند الله ، فيكون آخر العهد بك وانقطاع الرجاء.

قال : فلما قرأ الكتاب ، طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز ، فقال له : ما أقدمك؟ قال : خلعت قلبى بكتابك ، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى الله عزوجل ، فبكى هارون بكاء شديدا ، ثم قال : زدنى يرحمك الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إن العباس عم المصطفىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، جاء إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : يا رسول الله ، أمرنى على إمارة ، فقال له النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن الإمارة حسرة وندامة يوم القيامة ، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل».

فبكى هارون بكاء شديدا ، فقال : زدنى رحمك الله ، فقال : يا حسن الوجه ، أنت الذى يسألك الله عن هذا الخلق يوم القيامة ، فإن استطعت أن تقى هذا الوجه من النار فافعل ، وإياك أن تصبح وتمسى وفى قلبك غش لأحد من رعيتك ، فإن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «من أصبح لهم غاشا لم يرح رائحة الجنة».

فبكى هارون وقال له : عليك دين؟ قال : نعم ، دين لربّى لم يحاسبنى عليه ، فالويل لى إن سألنى ، والويل لى إن حاسبنى ، والويل لى إن لم ألهم حجّتى ، قال : إنما أعنى من دين العيال. قال : إن ربى لم يأمرنى بهذا ، أمرنى أن أصدق وعده وأطيع أمره ، فقال جل وعز : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ.) [الذاريات : ٥٦] فقال له : هذه ألف دينار ، خذها فأنفقها على عيالك ، وتقو بها على عبادة ربك ، فقال : سبحان الله! أنا أدلك على طريق النجاة ، وأنت تكافئنى بمثل هذا! سلمك الله ووفقك ، ثم صمت ولم يكلمنا ، فخرجنا من عنده.

فلما صرنا على الباب ، قال هارون : أيا عباس ، إذا دللتنى على رجل ، فدلنى على مثل هذا ، هذا سيد المسلمين ، فدخلت عليه امرأة من نسائه فقالت : يا هذا ، قد ترى ما نحن فيه من ضيق الحال ، فلو قبلت هذا المال فتفرحنا به ، فقال : إنما مثلى ومثلكم ، كمثل قوم لهم بعير يأكلون من كسبه ، فلما كبر نحروه ، فأكلوا لحمه ، فلما سمع هارون هذا الكلام قال : ندخل ، فعسى أن يقبل المال! فلما علم الفضيل ، خرج فجلس فى السطح على باب الغرفة ، فجاء هارون فجلس إلى جنبه ، فجعل يكلمه فلا يجيبه ، فبينا نحن كذلك ، خرجت جارية سوداء فقالت : يا هذا ، قد آذيت الشيخ منذ الليلة ، فانصرف رحمك الله ، فانصرفنا.

٤٥١

وقال هارون بن إسحاق الهمذانى : حدثنى رجل من أهل مكة قال : كنا جلوسا مع الفضيل بن عياض ، فقلنا : يا أبا على ، كم سنّك؟ فقال [من المتقارب] :

بلغت الثمانين أو جزتها

فماذا أؤمل أو أنتظر

أتت لى ثمانون من مولدى

ودون الثمانين لى معتبر

علتنى السنون فأبليننى

فدق العظام وكل البصر

وقال أبو عمار الحسين بن حريث ، عن الفضل بن موسى : كان الفضيل بن عياض شاطرا يقطع بين أبيورد وسرخس ، وكان سبب توبته ، أنه عشق جارية ، فبينا يرتقى الجدران إليها ، إذ سمع تاليا يتلو : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) [الحديد : ١٦] فلما سمعها ، قال : بلى يا رب ، قد آن ، فرجع فآواه الليل إلى خربة ، فإذا فيها قافلة ، فقال بعضهم : نرتحل. وقال بعضهم : حتى نصبح ، فإن فضيلا على الطريق يقطع علينا ، قال : ففكرت ، وقلت : أنا أسعى بالليل فى المعاصى ، وقوم من المسلمين هاهنا يخافوننى! وما أرى الله تعالى ساقنى إليهم إلا لأرتدع ، اللهم إنى قد تبت إليك ، وجعلت توبتى مجاورة البيت الحرام. انتهى.

ذكره خليفة بن خياط فى الطبقة الخامسة من أهل مكة. وذكره محمد بن سعد فى الطبقة السادسة منهم ، وقال : ولد بخراسان بكورة أبى ورد ، وقدم مكة وهو كبير ، فسمع بها الحديث من ابن المعتمر وغيره ، ثم تعبد وانتقل إلى مكة ، ونزلها ، إلى أن مات بها فى أول سنة سبع وثمانين ومائة ، فى خلافة هارون الرشيد.

وقال يحيى بن معين ، وعلى بن المدينى ، وأبو عبيد القاسم بن سلام ، ومحمد بن عبد الله بن نمير ، والبخارى ، فى آخرين : مات بمكة سنة سبع وثمانين ومائة ، وزاد بعضهم : فى أول المحرم. وحكى عن هشام بن عمار أنه قال : مات يوم عاشوراء. انتهى.

وقال مجاهد بن موسى : مات سنة ثمانين ومائة. وقال أبو بكر بن عفان : سمعت وكيعا يوم مات الفضيل بن عياض يقول : ذهب الحزن اليوم من الأرض. قال الحافظ أبو بكر الخطيب : حدث عنه سفيان الثورى ، والحسين بن داود البلخى ، وبين وفاتيهما مائة وإحدى وعشرون سنة ، وحدث عنه أبو سهل الخياط ، وبين وفاته ووفاة البلخى ، مائة سنة وسنة وواحد (١).

روى له الجماعة ، سوى ابن ماجة.

__________________

(١) هذا التعبير جاء على هذه الصورة بالأصل.

٤٥٢

[.....](٢).

٢٣١٤ ـ فليتة بن قاسم بن أبى هاشم محمد بن جعفر بن أبى هاشم محمد بن الحسن بن محمد بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن ابن على بن أبى طالب الحسنى :

أمير مكة ، هكذا سماه غير واحد ، منهم ابن القادسى والذهبى ، وبعضهم يقول فيه: أبو فليتة ، وممن قال بذلك الذهبى أيضا ، وذكر بأنه خلف أباه فأحسن السياسة ، وأسقط المكس عن أهل مكة.

وذكر ابن الأثير ، أنه كان أعدل من أبيه وأحسن سيرة ، فأسقط المكوس وأحسن إلى الناس. انتهى.

وتوفى فى يوم السبت الحادى والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وخمسمائة ، وكان له أولاد ، منهم : شكر ، ومفرّج ، وموسى ، وترجم كل منهم بالأمير ، وما عرفت شيئا من حالهم سوى ذلك.

٢٣١٥ ـ فواز بن عقيل بن مبارك بن رميثة بن أبى نمى الحسنى المكى :

كان ممن أغار على مكة مع بنى عمه وغيرهم من الأشراف والقواد ، فى يوم السبت الثانى عشر من رمضان سنة عشرين وثمانمائة ، فقتله فى هذا اليوم بعض عسكر السيد حسن بن عجلان ، لما خرجوا من مكة لقتالهم ، وهو فى عشر الثلاثين فيما أحسب ، وكان كثير التسلط على أهل قرية المبارك من وادى نخلة ، والتكليف لهم.

٢٣١٦ ـ فياض بن أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمى محمد بن أبى سعد الحسنى المكى :

كان من أعيان الأشراف. توفى مقتولا فى الثالث عشر أو الرابع عشر ، من عشر ربيع الأول سنة ثمان وتسعين وسبعمائة ، قتله القواد العمرة ، لأن الأشراف كانوا أغاروا على إبل لهم قبل ، وذلك فى ثانى عشر الشهر وانتهبوها ، فلحقوهم القواد فى التاريخ الذى ذكرناه ، وقتلوه مع غيره.

* * *

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣١٤ ـ انظر ترجمته فى : (المنتظم ٧ / ٢٢٦).

٤٥٣

حرف القاف

٢٣١٧ ـ قارب بن عبد الله الأسود بن مسعود بن معتب بن مالك الثقفى :

روى عنه ابنه عبد الله بن قارب ، حديثا عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «رحم الله المحلّقين». قال ابن عبد البر : وهو معروف مشهور ، من وجوه ثقيف.

قال ابن عيينة : كانت راية الأحلاف أيام قتال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ثقيف ، وحصاره لهم بيده ، ثم قال : قال فيه الحميدى ، عن سفيان بن عيينة ، عن إبراهيم بن ميسرة ، عن وهب بن عبد الله بن قارب ، أو مارب ، هكذا على الشك ، عن أبيه ، عن جده ، ولا أحفظ هذا الحديث من غير رواية ابن عيينة ، وغير الحميدى يرويه «قارب» من غير شك ، وهو الصواب.

* * *

من اسمه القاسم

٢٣١٨ ـ القاسم بن حسين بن قاسم المكى المعروف بالذويد ، بذال معجمة مفتوحة وواو مكسورة وياء مثناة من تحت ساكنة ودال مهملة :

كان رجلا جيدا [.......](١).

توفى يوم الجمعة خامس صفر سنة سبع وسبعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة.

٢٣١٩ ـ القاسم بن الربيع ، أبو العاص :

صهر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ويقال لقيط. ذكره هكذا الذهبى. وذكر الكاشغرى نحوه ، ولم أر من ذكره فيمن اسمه القاسم ، وسيأتى فى الكنى.

__________________

٢٣١٧ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٧٠٧١ ، الاستيعاب ترجمة ٢١٨٨ ، أسد الغابة ترجمة ٤٢٤٨ ، تجريد أسماء الصحابة ٢ / ٩ ، تلقيح فهوم أهل الأثر ٣٨٣ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٩٦ ، ذيل الكاشف ١٢٣٨).

٢٣١٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٤٥٤

٢٣٢٠ ـ القاسم بن سلام الأنصارى ، مولاهم ، وقيل مولى الأزد ، وقيل مولى بنى أمية ، أبو عبيد البغدادى :

روى عن هشيم ، وإسماعيل بن عياش ، وأبى بكر بن عياش ، وإسماعيل بن جعفر ، وسفيان بن عيينة ، وشريك بن عبد الله ، وعباد بن عباد ، وجرير بن عبد الحميد ، وابن المبارك ، ووكيع ، وخلق. حتى إنه روى عن هشام بن عمار.

روى عنه : سعيد بن أبى مريم ـ وهو أحد شيوخه ـ ومحمد بن إسحاق ، وعباس الدورى ، والحارث بن أبى أسامة ، وابن أبى الدنيا ، وعلى بن عبد العزيز البغوى ، وغيرهم.

روى له أبو داود (١). وقال أبو عمرو الدانى : أخذ القراءة عرضا وسماعا عن الكسائى ، وعن شجاع البلخى ، وعن إسماعيل بن جعفر ، وعن حجاج بن محمد ، وعن أبى مسهر.

__________________

٢٣٢٠ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٧ / ٣٥٥ ، تاريخ ابن معين ٤٧٩ ، ٤٨٠ ، التاريخ الكبير ٧ / ١٧٢ ، التاريخ الصغير ٢ / ٣٥٠ ، المعارف ٥٤٩ ، الجرح والتعديل ٧ / ١١١ ، طبقات الزبيدى ٢١٧ ، ٢٢١ ، الفهرست ٧٨ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٤٠٣ ـ ٤١٦ ، طبقات الشيرازى ٢٦ ، طبقات الحنابلة ١ / ٢٥٩ ، تاريخ ابن عساكر ٣٥ / ٨٢ ـ ١١٠ ، نزهة الألباء ١٣٦ ـ ١٤٢ ، صفة الصفوة ٤ / ١٣٠ ، معجم الأدباء ١٦ / ٢٥٤ ـ ٢٦١ ، الكامل ٦ / ٥٠٩ ، إنباه الرواة ٣ / ١٢ ـ ٢٣ ، تهذيب الأسماء واللغات ٢ / ٢٥٧ ، ٢٥٨ ، وفيات الأعيان ٤ / ٦٠ ـ ٦٣ ، المختصر فى أخبار البشر ٢ / ٣٤ ، تذهيب التهذيب ٣ / ١٤٦ ، ١٤٧ ، دول الإسلام ١ / ١٣٦ ، تذكرة الحفاظ ١ / ٤١٧ ، العبر ١ / ٣٩٢ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٣٧١ ، معرفة القراء ١ / ١٤١ ـ ١٤٣ ، الكاشف ٢ / ٣٩٠ ، عيون التواريخ ٩٤ ، مرآة الجنان ٢ / ٨٣ ـ ٨٦ ، طبقات الشافعية ٢ / ١٥٣ ـ ١٦٠ ، البداية والنهاية ١٠ / ٢٩١ ، ٢٩٢ ، غاية النهاية ٢ / ١٧ ، ١٨ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣١٥ ، النجوم الزاهرة ٢ / ٢٤١ ، روضات الجنان ٥٢٦ ، بغية الوعاة ٢ / ٢٥٣ ، ٢٥٤ ، المزهر ٢ / ٤١١ ، ٤١٩ ، ٤٦٤ ، خلاصة تهذيب الكمال ٣١٢ ، طبقات المفسرين ٢ / ٣٢ ، مفتاح السعادة ٢ / ٣٠٦ ، شذرات الذهب ٢ / ٥٤ ، ٥٥ ، سير أعلام النبلاء ١٠ / ٤٩٠).

(١) لم أجد له رواية عند أبى داود ، وله رواية عند الدارمى فى سننه ، فى كتاب الطهارة ، حديث رقم (١٠١٩) من طريق : أبو عبيد القاسم بن سلام حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن ثابت الحداد عن عدى بن دينار مولى أم قيس بنت محصن عن أم قيس قالت : سألت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن دم الحيضة يكون فى الثوب ، فقال : اغسليه بماء وسدر وحكيه بضلع.

٤٥٥

وروى عنه القراءات : ورّاقه أحمد بن إبراهيم ، ورّاق خلف بن هشام ، وأحمد بن يوسف التغلبى ، وعلى بن عبد العزيزى البغوى ، وغيرهم.

قال الذهبى : وله قراءة منقولة فى كتاب «المنتهى» لأبى الفضل الخزاعى. وأخذ العربية عن أبى زيد الأنصارى ، والأصمعى وغيرهما. وله تواليف فى القرآن والحروف والفقه والحديث واللغة والشعر.

قال أبو داود : كان ثقة مأمونا. وقال الدارقطنى : ثقة جبل إمام. وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : كان أحد أئمة الدنيا ، صاحب حديث وفقه وورع ودين ، ومعرفة بالأدب وأيام الناس ، ممن جمع وصنف واختار ، وذب عن الحديث ونصره ، وقمع من خالف وحاد عنه. وقال أحمد بن سلمة : سمعت إسحاق بن راهويه يقول : الحق يحبه الله ، أبو عبيد أفقه منى وأعلم. وناهيك بهذه منقبة.

وقال الذهبى : وكان يجتهد ولا يقلد أحدا ، وذكر ابن سعد ، أنه ولى قضاء طرسوس أيام ثابت بن مضر الخزاعى ، ولم يزل معه ومع ولده ، وحج فتوفى بمكة سنة أربع وعشرين ومائتين. وهكذا قال ابن حبان فى وفياته ، وغير واحد ، منهم الذهبى ، وقال : وله سبع وستون سنة ، وحكى عن الخطيب أنه قال : ولد بهراة ، وقال : كان رومىّ الأصل.

٢٣٢١ ـ قاسم بن سليمان بن محمود النجار المكى ، يكنى أبا فليتة :

ذكره أبو العباس الميورقى فى تعاليقه ، وذكر أنه سمعه يقول : رحلت إلى مصر ، وكنت مشتغلا بالبناء ، فكنت ذات يوم بالقصير ، الذى هو الساحل الذى تشحن منه المراكب فى أيام الملك الكامل ، فى نحو سنة ثلاثين وستمائة ، وقبور أهل القصير على يمين طريق الحاج ويساره ، وكان بها شر [...](١) الخمر ، فأتى فى سكرته ، فعاتبته أمه ، فضربها بركبته اليمنى ، فعاش شهرا ثم مات ، فدفنوه وهى عليه ساخطة ، وكانت عند ضربته قد قالت له : اغد يا بنى ، كشفك الله فى دار الدنيا ودار الآخرة. فلما كان يوم الخميس من دفنه ، خرجت من قبره ركبته التى ضرب بها أمه.

قال أبو فليتة : فنادانى تاجر من تجار الكارم ، فبنيت عليه ورصصت البناء بالحصى والنّورة ، فلم يشعر للخميس الآخر ، إلا وركبته بارزة كما كانت ، وما نفع بنيانى وإتقانى شيئا ، فلما رأى الناس تلك الموعظة ، راحوا إلى أمه وأتوا بها لتعاين قدرة الله

__________________

٢٣٢١ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٤٥٦

تعالى فيه وترحمه ، فلما عاينت ذلك منه ، وعاينت البناء المرصص الذى لم ينفع فيه [...](٢)وابتهلت إلى الله تعالى فيه ، فستره وعادت الركبة إلى القبر.

حدثنى بذلك يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من رمضان سنة ثمان وستين وستمائة ، ودموعه تسيل. انتهى.

٢٣٢٢ ـ قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى بن مكى بن طراد الأنصارى:

ذكره لى ولده شيخنا أبو بكر ، أنه كان كثير المكارم ، يجود بما يجد ، حتى بقميصه.

مات بفاس من بلاد الغرب ، سنة ثلاث وثلاثين وسبعمائة تقريبا. ومولده بمكة [...](١).

٢٣٢٣ ـ القاسم بن عبد الواحد بن أيمن القرشى ، مولاهم ، مولى ابن أبى عمرة المكى :

روى عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، وأبى حازم الأعرج ، وعمرو بن عبد الله بن عمرو. وروى عنه همام بن يحيى ، وهو أكبر منه ، وعبد الوارث بن سعيد ، وآخرون.

روى له الترمذى ، والنسائى ، وابن ماجة. وذكره ابن حبّان فى الثقات. قال الذهبى : ومات شابا.

٢٣٢٤ ـ القاسم بن على بن أحمد بن على بن عبد المعطى الأنصارى الأندلسى ، أبو محمد :

سمع بمصر والشام من جماعة ، وحج وأقام بمكة حتى مات بها ، فى ذى الحجة سنة ستين وستمائة. ذكره الشريف أبو القاسم الحسينى فى وفياته.

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٢٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٣٢٣ ـ انظر ترجمته فى : (التاريخ الكبير للبخارى ترجمة ٧٦١ ، المعرفة ليعقوب ١ / ٤٣٦ ، الجرح والتعديل ترجمة ٦٥٤ ، الثقات لابن حبان ٧ / ٣٣٧ ، الكاشف ترجمة ٤٥٨٥ ، المغنى ترجمة ٥٠٠٠ ، تاريخ الإسلام ٦ / ١١٤ ، ميزان الاعتدال ترجمة ٦٨٢٣ ، تهذيب التهذيب ٨ / ٣٢٤ ، تقريب التهذيب ٢ / ١١٨ ، خلاصة الخزرجى ترجمة ٥٧٨٦ ، تهذيب الكمال ٤٨٠١).

٤٥٧

٢٣٢٥ ـ قاسم بن أبى الغيث بن أحمد بن عثمان العبسى ـ بباء موحدة وسين مهملة ـ اليمنى الزبيدى :

ولد بزبيد ونشأ بها ، وتردد منها إلى عدن ، وإلى غيرها من بلاد اليمن والهند ومصر للتجارة ، وحصّل دنيا طائلة ، ثم ذهب كثير منها فى سفرة سافرها إلى مصر ، فى سنة خمس وثمانمائة ، ثم عاد منها إلى مكة سنة [...](١) وثمانمائة ، وأقام بها حتى مات ، بعد أن عمر بها دارا حسنة بالسويقة ، وقفها مع دور له بعدن وزبيد ، على أولاد له صغار ، سنة اثنتى عشرة ، وكان حسن الطريقة خيرا.

توفى سحر ليلة الأحد ، السادس عشر من شوال سنة أربع عشرة وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، وقد قارب السبعين.

٢٣٢٦ ـ القاسم بن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى :

ذكره الذهبى وقال : ذكره الزبير وغيره. وقيل عاش جمعة. وقال الكاشغرى : مات وهو ابن سبعة أيام ، وقيل ابن سنتين ، قبل الدعوة ، ولا يعد فى الصحابة ، وقيل توفى بعد الوحى.

٢٣٢٧ ـ قاسم بن محمد بن جعفر بن أبى هاشم بن محمد بن الحسن بن محمد ابن موسى بن عبد الله بن موسى الجون بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب الحسنى ، أبو محمد بن أبى هاشم :

أمير مكة. ذكر ابن الأثير : أنه هرب عن مكة فى سنة سبع وثمانين وأربعمائة ، لما تولى عليها أصبهبذ عنوة ، ثم جمع له وكبسه بعسفان ، فانهزم أصبهبذ ، ودخل قاسم مكة فى شوال هذه السنة. وفى هذه السنة كان موت أبيه أبى هاشم.

وذكره النّويرىّ فى تاريخه ، فى أخبار سنة اثنتى عشرة وخمسمائة : أن أبا محمد قاسم ابن أبى هاشم أمير مكة ، عمر مراكب حربية ، وشحنها بالمقاتلة ، وسيرهم إلى عيذاب ، فنهبوا مراكب التجار ، وقتلوا جماعة منهم ، فحضر من سلم من التجار إلى باب الأفضل ، يعنى ابن أمير الجيوش وزير الديار المصرية ، وشكوا ما أخذ منهم ، وأمر بعمارة حراريق ليجهزها ، ومنع الناس أن يحجوا فى سنة أربع عشرة ، وقطع الميرة عن الحجاز ، فغلت الأسعار ، وكان الأفضل قد كتب إلى الأشراف بمكة ، يلومهم على فعل صاحبهم ، وضمن كتبه التهديد والوعيد ، وضاقوا بذلك ذرعا ولاموا صاحبهم ، فكتب الشريف إلى الأفضل يعتذر ، والتزم برد المال إلى أربابه ، ومن قتل من التجار رد ماله لورثته ، وأعاد الأموال فى سنة خمس عشرة. انتهى.

وذكر ابن الأثير فى «الكامل» : أن فى سنة خمس عشرة وخمسمائة ، ظهر بمكة إنسان

__________________

٢٣٢٥ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٤٥٨

علوى ، وأمر بالمعروف ، فكثر جمعه ، ونازع أمير مكة ابن أبى هاشم ، فقوى أمره وعزم على أن يخطب لنفسه ، فعاد ابن أبى هاشم ، وظفر به ونفاه عن الحجاز إلى البحرين ، وكان هذا العلوى من فقهاء النظامية ببغداد. انتهى.

ولم يبين ابن الأثير ، ابن أبى هاشم المشار إليه ، وهو قاسم المذكور ، لأنه كان أمير مكة فى هذا التاريخ بلا ريب ، وتوفى كما ذكر الذهبى فى صفر سنة ثمان عشرة وخمسمائة ، وقد ذكر وفاته فى هذه السنة غير واحد. ورأيت فى بعض التواريخ ، أنه توفى يوم السابع عشر من الشهر المذكور. وفى تاريخ ابن الأثير ، أنه توفى فى سنة سبع عشرة وخمسمائة ، والله أعلم بالصواب.

ومن شعره فى وصف حرب ، فخر فيه بقومه ، على ما وجدت بخط ابن مسدى ، وذكر أن أبا الحسن على بن يعلى السخيلى ، أنشد ذلك بمكة ، عن غير واحد من مشيخة مكة للمذكور [من الكامل] :

قوم إذا خاضوا العجاج حسبتهم

ليلا وخلت وجوههم أقمارا

لا يبخلون برفدهم عن جارهم

عدل الزمان عليهم أم جارا

وإذا الصريخ دعاهم لملمة

بذلوا النفوس وفارقوا الأعمارا

وإذا زناد الحرب أكبت نارها

قدحوا بأطراف الأسنة نارا

٢٣٢٨ ـ القاسم بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف بن قصى بن كلاب القرشى المطلبى :

أخو قيس بن مخرمة. أعطاه النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ولأخيه الصلت ، مائة وسق من خيبر. قال ابن عبد البر : لا أعلم للقاسم ولا للصلت رواية.

٢٣٢٩ ـ قاسم بن مهنّا بن حسين بن مهنّا بن داود بن أبى أحمد القاسم بن أبى عبد الله بن أبى القاسم طاهر بن يحيى النسابة بن الحسين بن جعفر حجة الله بن أبى جعفر عبد الله بن الحسين الأصغر بن زين العابدين على بن الحسين بن على بن أبى طالب الحسينى ، أبو فليتة المدنى :

أمير المدينة. ولى إمرتها فى زمن المستضىء العباسى ، وأقام على ذلك خمسا وعشرين سنة ، على ما وجدت ولايته ، وليست فى تاريخ شيخنا ابن خلدون.

ووجدت بخط بعض المكيين ، أنه قدم إلى مكة فى موسم سنة إحدى وسبعين وخمسمائة مع الحاج ، وأن أمير الحاج سلم إليه مكة ثلاثة أيام ، ثم سلّمت بعد ذلك لداود بن عيسى بن فليتة السابق ذكره.

٢٣٣٠ ـ قاسم بن هاشم بن فليتة بن قاسم بن محمد بن جعفر الحسنى ، أمير مكة ، المعروف بابن أبى هاشم :

ولى بعد أبيه إمرة مكة ، واختلف فى تاريخ ولايته ، فذكر عمارة اليمنى الشاعر ، فى

__________________

٢٣٢٨ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢١٢١ ، الإصابة ٧٠٦٧ ، أسد الغابة ٤٢٥٤).

٤٥٩

تأليف له سماه «النكت العصرية فى أخبار الوزراء المصرية» ولايته مع شىء من خبره ، لأنه قال بعد ذكر شىء من حاله باليمن : خرجت إلى مكة حاجّا ، بل هاجّا ، سنة تسع وأربعين ، يعنى وخمسمائة. وفى موسم هذه السنة ، مات أمير الحرمين هاشم بن فليتة ، وولى الحرمين ، ولده قاسم بن هاشم ، فألزمنى السفارة عنه ، والرسالة منه إلى الدولة المصرية ، فقدمتها فى شهر ربيع الأول ، سنة خمسين وخمسمائة ، والخليفة بها يومئذ الفائز ابن الظافر ، والوزير له الملك الصالح طلائع بن رزّيك. ثم قال : ثم عدت من مصر فى شوال سنة خمسين ، وأدركنا الحج والزيارة ، فى بقية سنة خمسين وورد أمر الخليفة ببغداد ، وهو المقتفى ، إلى أمير الحرمين ، قاسم بن هاشم ، يأمره أن يركب على باب الكعبة المعظمة ، باب ساج جديد ، قد ألبس جميع خشبه الفضة وطلى بذهب ، وأن يأخذ أمير الحرمين حلية الباب القديم لنفسه ، وأن يسيّر إليه خشب الباب القديم مجردا ، ليجعله تابوتا يدفن فيه عند موته ، فلما قدمت من الزيارة ، سألنى أمير الحرمين أن أبيع له الفضة التى أخذها من على الباب فى اليمن ، ومبلغ وزنها خمسة عشر ألف درهم ، فتوجهت إلى زبيد وعدن ، من مكة حرسها الله تعالى سنة إحدى وخمسين ، وحججت فى الموسم منها ، ودفعت لأمير الحرمين ماله ، ثم توجهت أريد الخروج إلى اليمن ، فألزمنى أمير الحرمين التّرسّل عنه إلى الملك الصالح ، بسبب جناية جناها خدمه على حاج مصر والشام ، وهو مال أخذ منهم بمكة ، فخرج الأمر من عند الصالح إلى الوالى بقوص ، أن يعوقنى بقوص ، ولا يأذن لى فى الرجوع ولا فى القدوم إلى باب السلطان ، حتى يرد أمير الحرمين ما أخذ من مال التجار.

ثم ذكر عمارة فى أخبار الناصر بن الصالح طلائع بن رزيك ، أنه قام عن الحجيج بما يستأديه منهم أمير الحرمين ، وسير على يد الأمير شمس الخلافة ، إما خمسة عشر ألف أو دونها ، إلى أمير الحرمين ، قاسم بن هاشم ، برسم إطلاق الحاج. انتهى.

ووجدت بخط الفقيه جمال الدين بن البرهان الطبرى ، أن الأمير قاسم بن هاشم بن فليتة ، ولى بعد أبيه يوم الأربعاء ثانى عشر محرم ، سنة إحدى وخمسين وخمسمائة ، وما اختلف عليه اثنان ، وأنه أمن البلاد.

وفى ولاية قاسم هذا على مكة ، دخل هذيل إلى مكة ونهبوا ، وذلك فى سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة ، على ما وجدت بخط ابن البرهان أيضا ، ووجدت بخطه أن قاسما المذكور ، قتل يوم السابع والعشرين ، من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وخمسمائة ، ولم يذكر من قتله ، ولا سبب قتله.

وذكر ذلك ابن الأثير فى كامله ، مع شىء من خبر قاسم هذا ، لأنه قال فى أخبار سنة ست وخمسين : كان أمير مكة هذه السنة قاسم بن فليتة بن قاسم بن أبى هاشم العلوى الحسنى ، فلما سمع بقرب الحجاج من مكة ، صادر المجاورين وأعيان أهل مكة ،

٤٦٠