العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

والخليفة المستنصر هذا ، بويع بالخلافة فى سنة تسع وخمسين وستمائة بمصر ، بعد أن استشهد ابن أخيه المستعصم بن المستنصر ، وهو أول خليفة عباسى بعد المستعصم ، واستشهد هو أيضا ، فى السنة التى بويع فيها بناحية العراق.

١٨٧٤ ـ عبد المعطى بن قاسم بن عبد المعطى بن أحمد بن عبد المعطى الأنصارى الخزرجى ، شرف الدين المكى :

أجاز له فى ثلاث عشرة وسبعمائة : الدشتى ، والقاضى سليمان بن حمزة ، والمطعم ، وابن مكتوم ، وابن عبد الدايم ، وغيرهم ، وما علمته حدث.

وكان حسن الهيئة والشكالة. صحب القاضى شهاب الدين الطبرى كثيرا. وبلغنى أن القاضى جلال الدين القزوينى قاضى الإقليمين ، كان يكرمه ويرسل معه صرر أهل الحرم.

توفى ـ ظنا ـ سنة خمس وستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وكان حيا فى سنة ثلاث وستين وسبعمائة بمكة.

١٨٧٥ ـ عبد المعطى بن محمود بن عبد المعطى بن عبد الخالق ، أبو محمد بن أبى الثناء الإسكندرى ، الفقيه المكى الصوفى :

سمع من : أبى الفضل عبد المجيد بن دليل ، وأبى القاسم عبد الرحمن بن مفرق الأنصارى ، وغيرهما ، وحدث.

سمع منه الرشيد العطار ، وذكره فى مشيخته. وقال : كان من أعيان مشايخ الإسكندرية ، مشهورا بالزهد والصلاح ، وله معرفة بأصول الدين ومذهب مالك.

وصنف كتبا فى الرقائق ، وعلم الباطن ، وشرح «الرعاية» للمحاسبى ، ورسالة القشيرى.

وتوفى بمكة فى ليلة الجمعة الثالث والعشرين من ذى الحجة ، سنة ثمان وثلاثين وستمائة ، ودفن بالمعلاة.

وذكره منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية ، ومنه نقلت نسبه هذا وشيوخه. وقال: كان من كبار العلماء ، الأئمة الصلحاء. وسمع الحديث ، وصنف فى الرقائق ،

__________________

١٨٧٥ ـ انظر ترجمته فى : (التكملة لوفيات النقلة فى وفيات سنة ٦٣٨ ، كشف الظنون ٨٨٢ ـ ٨٨٣ ، هدية العارفين ١ / ٦٢٢ ، الأعلام ٤ / ١٥٥).

١٢١

وكلام الصوفية ، وبنى له ابن حباشة فى الثغر رباطا بباب العزيز ، ولم يزل يجلس فيه للتذكير والمواعيد ، ثم انتقل فى آخر عمره إلى مكة شرفها الله تعالى ، وتوفى بها. وذكر وفاته كما ذكر الرشيد ، إلا أنه لم يؤرخها إلا بالشهر ، وقد أرخها كما ذكر الرشيد المنذرى فى : «التكملة».

وذكر أنه ذكر ما يدل على أن مولده سنة ثلاث وستين وخمسمائة فى الإسكندرية ، قال : وطريقته فى الخبر مشهورة ، وانتفع بصحبته جماعة ، وله مجاميع. انتهى.

وذكره القطب القسطلانى فى «ارتقاء الرتبة» فقال : ورأيت الشيخ الإمام العارف عبد المعطى الإسكندرى ، وكان ممن له شأن فى هذا الشأن ، وصنف فيه كتبا. وكان من [....](١) على التوجه إلى الله تعالى ، وصل إلى مكة ومات بها.

ووجدت بخط جدى أبى عبد الله الفاسى : سمعت الشيخ زين الدين بن محمد بن منصور ، شهر بابن القفاص ، يقول : حججت مع الشيخ عبد المعطى سنة سبع وثلاثين على طريق عيذاب ، فلما وصلنا إلى مكة شرفها الله تعالى ، كان بها رجل منقطع فى أبى قبيس ، فنزل إلينا وسلم على الشيخ عبد المعطى ، وقال لنا : كل من يدخل هذه البلدة من أهل هذا النور ، أراه ، وأنتم أول من دخلها من أهل النور.

وقال جدى ـ فيما وجدت بخطه ـ : وأقام الشيخ عبد المعطى بمكة بعد حجه. وتوفى فى السنة الثانية بعد حجه. انتهى.

ووجدت فى حجر قبره بالمعلاة : أنه توفى فى ليلة الجمعة السادس والعشرين من ذى الحجة ، سنة ثمان وثلاثين وستمائة.

ووجدت بخطى ، فيما نقلته من مشيخة الرشيد العطار : أنه توفى ليلة الجمعة ثالث عشرى ذى الحجة ، كما تقدم. رحمة الله عليه.

* * *

من اسمه عبد الملك

١٨٧٦ ـ عبد الملك بن إبراهيم الجدى ، أبو عبد الله المكى :

سمع شعبة ، وسفيان الثورى ، وحماد بن سلمة ، وغيرهم. روى له : البخارى مقرونا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٨٧٦ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٥ / ٣٤٢).

١٢٢

بغيره (١) ، وأبو داود (٢) ، والترمذى (٣) ، والنسائى.

وسئل عنه أبو زرعة ، فقال : لا بأس به. وقال أبو عبد الرحمن المقرى : هو أحفظ منى. وتوفى كما قال البخارى : سنة أربع ومائتين.

__________________

(١) حديثان ، الأول : فى كتاب الغسل ، حديث رقم (٢٤٣) من طريق : عبد الله بن محمد قال : حدثنى عبد الصمد قال : حدثنى شعبة قال : حدثنى أبو بكر بن حفص قال : سمعت أبا سلمة يقول : دخلت أنا وأخو عائشة على عائشة فسألها أخوها عن غسل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فدعت بإناء نحوا من صاع فاغتسلت وأفاضت على رأسها وبيننا وبينها حجاب. قال أبو عبد الله : قال يزيد بن هارون وبهز والجدى عن شعبة : قدر صاع.

الثانى : فى كتاب الشهادات ، حديث رقم (٢٤٥٩) من طريق : عبد الله بن منير سمع وهب ابن جرير وعبد الملك بن إبراهيم قالا : حدثنا شعبة عن عبيد الله بن أبى بكر بن أنس عن أنس رضى الله عنه قال : سئل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الكبائر قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس وشهادة الزور. تابعه غندر وأبو عامر وبهز وعبد الصمد عن شعبة.

(٢) فى سننه ، فى كتاب الأدب ، حديث رقم (٤٥٣٤) من طريق : الحسن بن على حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدى حدثنا سعيد بن خالد الخزاعى قال : حدثنى عبد الله بن المفضل حدثنا عبيد الله بن أبى رافع عن على بن أبى طالب رضى الله عنه قال أبو داود : رفعه الحسن بن على ، قال : يجزئ عن الجماعة إذا مروا أن يسلم أحدهم ويجزئ عن الجلوس أن يرد أحدهم.

(٣) فى سننه ، فى كتاب تفسير القرآن ، حديث رقم (٣١٧٧) من طريق : محمود بن غيلان حدثنا عبد الملك بن إبراهيم الجدى حدثنا شعبة عن الأعمش ومنصور سمعا أبا الضحى يحدث عن مسروق قال : جاء رجل إلى عبد الله فقال : إن قاصا يقص يقول : إنه يخرج من الأرض الدخان فيأخذ بمسامع الكفار ويأخذ المؤمن كهيئة الزكام قال : فغضب وكان متكئا فجلس ثم قال : إذا سئل أحدكم عما يعلم فليقل به ، قال منصور : فليخبر به ، وإذا سئل عما لا يعلم فليقل الله أعلم ، فإن من علم الرجل إذا سئل عما لا يعلم أن يقول الله أعلم ، فإن الله تعالى قال لنبيه : (قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَما أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ) إن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لما رأى قريشا استعصوا عليه قال : اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف فأخذتهم سنة فأحصت كل شىء حتى أكلوا الجلود والميتة ، وقال أحدهما : العظام قال : وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان فأتاه أبو سفيان فقال إن قومك قد هلكوا فادع الله لهم قال فهذا لقوله : (يَوْمَ تَأْتِي السَّماءُ بِدُخانٍ مُبِينٍ يَغْشَى النَّاسَ هذا عَذابٌ أَلِيمٌ). قال منصور : هذا لقوله : (رَبَّنَا اكْشِفْ عَنَّا الْعَذابَ إِنَّا مُؤْمِنُونَ) فهل يكشف عذاب الآخرة قد مضى البطشة واللزام والدخان ، وقال أحدهم : القمر ، وقال الآخر : الروم. قال أبو عيسى واللزام يعنى يوم بدر. قال : وهذا حديث حسن صحيح.

١٢٣

والجدى ـ بجيم ودال ـ نسبة إلى جدة ، ساحل مكة.

١٨٧٧ ـ عبد الملك بن بحر بن شاذان ، يكنى أبا مروان :

مكى ، قدم مصر ، وحدث عن محمد بن إسماعيل الصائغ ، وعبد الملك بن أحمد بن أبى مسرة ، وغيرهما. وكان مكثرا عن الصائغ. وكان ثقة.

توفى بمصر يوم السبت آخر يوم سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ، ذكره هكذا ابن يونس فى تاريخ الغرباء القادمين إلى مصر. وذكر وفاته هكذا ، ابن زبر فى وفياته.

١٨٧٨ ـ عبد الملك بن سعيد الحسن [....](١) الكردى ، الشيخ نظام الدين:

نزيل رباط السدرة بمكة ، كان معتنيا بالعبادة والخير ، له إلمام بالفقه ، وطريق الصوفية ، وصحب منهم جماعة : الشيخ نور الدين عبد الرحمن بن أفضل الدين الإسفرابينى البغدادى ، وتخرج به وتسلك ، ولازم الخلوة كثيرا.

وسمع الحديث ببغداد ، على بعض أصحاب الحجار ، وبالمدينة النبوية ، على شيخنا الحافظ زين الدين العراقى ؛ إذ كان شيخا بها ، قاضيا وخطيبا وإماما ، وبالقدس على مسنده شيخنا شهاب الدين أبى الخير أحمد بن الحافظ صلاح الدين العلائى ، وحدث عنه بكتاب أبيه «العدة عند الكرب والشدة».

ودخل دمشق ، وتردد إلى مكة مرات ، وجاور بها كرات وتوجه منها لليمن ، فى أول سنة ست عشرة وثمانمائة ، وعاد منها لمكة فى النصف الثانى من سنة سبع عشرة وثمانمائة ، وأدرك الحج ، وأقام بمكة حتى مات ، غير أنى أظن أنه توجه لزيارة المدينة النبوية فى بعض السنين ، وعاد فى سنته.

وكان يذكر بأشياء حسنة من أخبار المغول ، ولاة العراق المتأخرين ، ويباشر فى وقف رباط السدرة بمكة بعفة وصيانة. ووقف كتبه بمكة.

وتوفى فى سابع عشر جمادى الأولى سنة أربع وعشرين وثمانمائة ، ودفن بالمعلاة ، وقد بلغ السبعين ظنا أو قاربها.

١٨٧٩ ـ عبد الملك بن عبد الله بن أبى سهل بن أبى القاسم بن أبى منصور بن ماح الهروى البزار ، أبو الفتح بن أبى القاسم الكروخى :

سمع من شيخ الإسلام عبد الله بن محمد الأنصارى ، كتابه «ذم الكلام» وحدث به

__________________

١٨٧٨ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٢٤

عنه ، وعن القاضى أبى عامر محمود بن القاسم الأزدى ، وأبى بكر أحمد بن عبد الصمد الغورجى: جامع الترمذى. وسمعه أيضا على أبى نصر عبد العزيز بن أحمد الترياقى ، خلا الجزء الأخير ، وهو من مناقب عبد الله بن عباس رضى الله عنهما ، إلى آخر الكتاب ، فلم يسمعه إلا على أبى المظفر عبيد الله بن على بن ياسين الدهان ، كلهم عن الجراحى ، عن المحبونى عنه ، وحدث به ، فسمعه عليه جماعة ، آخرهم وفاة ، على بن البنا المكى ، الآتى ذكره.

ورواه عنه إجازة ، عمر بن كرم الدينورى ، ولعبد الخالق بن الأنجب النشتبرى منه إجازة ، وقد سمعناه على من سمعه ممن له من النشتبرى إجازة ، فعلا لنا بحمد الله درجة ، وساوينا فيه شيوخ العصر.

وذكره ابن نقطة فى «التقييد» ، فقال : كان شيخا صالحا. وذكر أن جماعة من أهل الثروة رغبوا فى مراعاته ، فحملوا إليه الذهب ، فرده ولم يقبله ، مع إحتياجه إليه ، وقال: بعد السبعين واقتراب الأجل ، آخذ على حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم الذهب!.

وانتقل فى آخر عمره إلى مكة ، فكان يكتب من «الجامع» نسخا ، ويأكل من ذلك ويكتسى ، ولازم الفقر والورع ، إلى أن توفى بمكة فى خامس عشرى ذى الحجة ، سنة ثمان وأربعين وخمسمائة ، بعد رحيل الحاج بثلاثة أيام.

١٨٨٠ ـ عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد البكرى أبو مروان ، بن الشيخ الولى العارف أبى محمد ، المعروف بالمرجانى التونسى :

نزيل مكة ، صحب الشيخ نجم الدين عبد الله الأصبهانى ، وروى عنه ، عن عبد الله ابن رتن الهندى ، وقيل محمود بن رتن ، عن أبيه ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، حديثا فى فضل لا إله إلا الله ، وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، فى كل يوم مائة مرة.

الحديث المخرج فى الصحيحين ، من رواية أبى هريرة رضى الله عنه. وهذا الحديث بهذا الإسناد باطل ؛ لأن رتن الهندى كاذب فى دعواه الصحبة ، لتأخره إلى وقت لا يمكن أن يعيش إليه ، كما أخبر به النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى غير ما حديث ، منها : حديث ابن عمر المشهور ، حديث : «رأيتكم ليلتكم هذه ، فإن على رأس مائة سنة منها ، لا يبقى أحد ممن هو على ظهر الأرض اليوم». وكان هذا الخبر من النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى آخر حياته ، ومقتضاه انخرام من هذا التاريخ إلى مائة سنة.

١٢٥

وكان ظهور رتن ، بعد انخرام القرن الذى أخبر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بانخرامه ، بنحو خمسمائة سنة ؛ لأنه ظهر فى حدود سنة ستمائة من الهجرة أو بعدها. وقد اتضح بهذا بطلان دعواه من حيث النقل ، وهى باطلة أيضا من حيث العقل ، فإن البلاد التى ظهر منها ، لم يزل أهلها كفارا ، حتى فتحت فى أول القرن الخامس ، على يد السلطان محمود بن سبكتكين ، ويؤيد ذلك ، أنه لم يظهر له خبر إلا بعد فتحها بنحو مائتى سنة. فمن المحال أن يكون فيها صحابى ، ويخفى خبره هذه المدة. وزعم رتن ، أنه قدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم عند انشقاق القمر ، وصحبه ، وسمع منه. وقد ألف فى بيان كذبه : الشريف المحدث شمس الدين لأبو المحاسن محمد بن على بن حمزة الحسينى الدمشقى تأليفا ، ألفيته بخطه فى عدة أوراق سماه «الجواب عن الشيخ النجدى رتن الهندى».

وأراد بالشيخ النجدى : الشيطان ؛ لأن الشيطان أتى فى صورة شيخ نجدى إلى قريش بمكة ، لما اجتمعوا فى إبرام سوء أرادوه فى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وأظن أن لبعض الناس تأليفا فى أمر رتن سماه «كسر وثن رتن». وقد ذكره المحدث المقرى أبو عبد الله محمد بن جابر الوادياشى ، فى بيت له ، ذيل به على بيتى الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفى. فأما بيتا السلفى ، فهما اللذان ذكر فيهما الواهين من الرواة [من الطويل] :

حديث ابن نسطور ويسر ويغنم

وقول أشج الغرب بعد خراش

ونسخة دينار وأخبار تربه

أبى هدبة القيسى شبه فراش

وأما بيت الوادياشى ، فهو هذا [من الطويل] :

رتن ثامن والماردينى تاسع

ربيع بن محمود وذلك فاشى

وقد رواه عن الوادياشى ، شيخنا بالإجازة ، الحافظ شمس الدين بن المحب الصامت الصالحى ، وأنشدنيه عنه لفظا ، شيخنا قاضى الحرم جمال الدين أبو حامد بن ظهيرة الشافعى.

ومع كذب رتن ، فقد كذبوا عليه كثيرا ، وابنه الراوى لهذا الحديث عنه ، بعضهم سماه عبد الله ، وبعضهم سماه محمودا.

وقد سمع هذا الحديث من الشيخ عبد الملك ، جماعة ، منهم : جدى القاضى أبو الفضل النويرى ، وكان يحدث به عنه ، وشيخنا ابن سكر ، وحدثنا به عنه.

وتوفى الشيخ عبد الملك المرجانى ، فى يوم الخميس سابع عشر جمادى الأولى ، سنة أربع وخمسين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

١٢٦

نقلت وفاته من حجر قبره.

ووجدت بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة : أنه توفى فى سنة سبع وخمسين ، ولعله قلد فى ذلك ابن سكر ، فإنه كان يذكر ذلك ، وفيه نظر ، لما ذكرناه. والله أعلم.

ومولده سنة أربع وثمانين وستمائة بتونس ، كذا وجدت مولده بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وذكر أنه رآه بخط المذكور.

١٨٨١ ـ عبد الملك بن عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حيوية ، ضياء الدين أبو المعالى ، بن الشيخ أبى محمد الجوينى الشافعى ، الملقب بإمام الحرمين :

ولد فى ثامن عشر المحرم سنة تسع عشرة وأربعمائة. وسمع من : والده ، وأبى حسان محمد بن أحمد المزكى ، وأبى عبد الرحمن محمد بن عبد العزيز النبلى ، وغيرهما.

وأجاز له أبو نعيم الأصبهانى. وحدث. وروينا له أربعين حديثا ، وقعت لنا بحمد الله عالية.

وكان قد تفقه على أبيه ، وقرأ الأصول على أبى إسحاق الإسكاف ، تلميذ الإسفرايينى ، وجلس للتدريس فى موضع أبيه بعد وفاته ، ثم خرج إلى الحجاز ، وجاور بمكة أربع سنين ، وبالمدينة ، يدرس ويفتى ، ويجمع طرق المذهب ، فلهذا قيل له : إمام

__________________

١٨٨١ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات العبادى ١١٢ ، دمية القصر ٢ / ١٠٠٠ ـ ١٠٠٢ ، السياق ٤٩ ، ٥١ ، الأنساب ٣ / ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، تبيين كذب المفترى ٢٧٨ ـ ٢٨٥ ، المنتظم ٩ / ١٨ ـ ٢٠ ، معجم البلدان ٢ / ١٩٣ ، الكامل ١٠ / ١٤٥ ، اللباب ١ / ٣١٥ ، ذيل تاريخ بغداد لابن النجار ٨٥ ، ٩٥ ، وفيات الأعيان ٣ / ١٦٧ ـ ١٧٠ ، المختصر فى أخبار البشر ٢ / ١٩٦ ـ ١٩٧ ، دول الإسلام ٢ / ٨ ، العبر ٣ / ٢٩١ ، المستفاد من ذيل تاريخ بغداد ١٧٤ ـ ١٧٥ ، تتمة المختصر ١ / ٥٧٦ ، مرآة الجنان ٣ / ١٢٣ ـ ١٣١ ، طبقات السبكى ٥ / ١٦٥ ـ ٢٢٢ ، طبقات الإسنوى ١ / ٤٠٩ ـ ٤١٢ ، البداية والنهاية ١٢ / ١٢٨ ـ ١٢٩ ، وفيات ابن قنفذ ٢٥٧ ـ ٢٥٨ ، النجوم الزاهرة ٥ / ١٢١ ، مفتاح السعادة ٢ / ١١٠ ـ ١١١ ، تاريخ الخميس ٢ / ٣٦٠ ، طبقات ابن هداية الله ١٧٤ ـ ١٧٦ ، كشف الظنون ٦٨ ، ٧٠ ، ٧٥ ، ٢٤٢ ، ٤٩٦ ، شذرات الذهب ٣ / ٣٥٨ ـ ٣٦٢ ، الفوائد البهية ، ٢٤٦ ، روضات الجنات ٤٦٣ ـ ٤٦٤ ، إيضاح المكنون ١ / ٢٨٨ ، هدية العارفين ١ / ٦٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٨ / ٤٦٨ ، ٤٦٩ ، ٤٧٠).

١٢٧

الحرمين ، ثم عاد إلى نيسابور ، فى أوائل ولاية السلطان ألب أرسلان ، فبنى له وزيره نظام الملك ، لمدرسة النظامية بنيسابور.

وتولى الخطابة ، وفوض إليه أمور الأوقاف ، فبقى ذلك قريبا من ثلاثين سنة ، بغير مزاحم ولا مدافع ، وصنف فى كل فن.

توفى وقت عشاء الآخر ، من ليلة الأربعاء الخامس والعشرين من شهر ربيع الأول ، سنة ثمان وسبعين وأربعمائة ، وغلقت الأسواق يوم موته ، وكسر تلامذته محابرهم وأقلامهم ، وأقاموا على ذلك عاما كاملا. وكانوا يومئذ أكثر من أربعمائة تلميذ.

كتبت أكثر هذه الترجمة من تاريخ ابن خلكان. وذكر أنه كان أعلم المتأخرين من أصحاب الشافعى على الإطلاق.

وذكر أنه رزق مع سعة فى العلم ، توسعا فى العبادة ، لم يعهد من غيره ، رحمه‌الله تعالى.

١٨٨٢ ـ عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشى الأموى ، مولاهم ، أبو الوليد ، ويقال أبو خالد ، الرومى الأصل ، المكى الفقيه :

أحد الأعلام ، سمع عطاء بن أبى رباح ، ومجاهد ، وعبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة ، وأبا الزبير ، وغيرهم. روى عنه : الأوزاعى ، والثورى ، وابن عيينة ، وابن علية ، وابن وهب ، وخلق. روى له الجماعة.

وهو أول من صنف الكتب بالحجاز ، كما أن ابن أبى عروبة ، أول من صنفها بالعراق.

وقال ابن عيينة : سمعت ابن جريج يقول : ما دون العلم تدوينى أحد.

وذكر ابن جريج ، أنه كان يتبع الأشعار والعربية والآثار. ثم لزم عطاء ثمانى عشرة سنة. ثم لزم عمرو بن دينار بعده تسع سنين.

قال أحمد : وابن جريج من أوعية العلم ، وقال ابن حبان : كان من فقهاء الحجاز وقرائهم ، ومفتيهم. وكان يدلس ، وقال جرير بن عبد الحميد : كان ابن جريج يرى المتعة. تزوج ستين امرأة ، فلم أسمع منه.

وذكره الفاكهى فى فقهاء مكة. فقال : ثم هلك ابن أبى نجيح ، فكان مفتى مكة ابن جريج ، انتهى.

__________________

١٨٨٢ ـ انظر ترجمته فى : (تذكرة الحفاظ ١ / ١٦٠ ، صفوة الصفوة ٢ / ١٢٢ ، ابن خلكان ١ / ٢٨٦ ، تاريخ بغداد ١٠ / ٤٠٠ ، دول الإسلام ١ / ٧٩ ، طبقات المدلسين ١٥ ، الأعلام ٤ / ١٦٠).

١٢٨

وذكره فى عباد مكة ، فقال : وأما ابن جريج ، فذكروا أنه كان يحيى الليل كله صلاة ، فزعم بعض المكيين ، أن صبية قالت لأمها لما مات ابن جريج ، وكانت من جيرانه : أين المشجب الذى كان يكون فى هذا السطح؟ ـ سطح ابن جريج ـ فقالت لها : يا بنية ، لم يكن بمشجب ، ولكنه كان ابن جريج يصلى الليل.

وقال : حدثنى أبو يحيى بن أبى مسرة ، قال : حدثنى محمد بن أبى عمر قال : حدثنى عمرو بن عمر الوهطى ، قال : أقبلت من الطائف وأنا على بغلة لى.

فلما كنت بمكة ، حذو المقبرة ، نعست ، فرأيت فى منامى وأنا أسير ، كأن فى المقبرة فسطاطا مضروبا فيه سدرة ، فقلت : لمن هذا الفسطاط والسدرة؟ قالوا : لمسلم بن خالد. وكأنهم الأموات ، فقلت لهم : ولم فضل عليكم بهذا؟ قالوا : بكثرة الصلاة ، قلت : فأين ابن جريج؟ قالوا : هيهات ، رفع ذاك فى عليين ، وغفر لمن شهد جنازته. انتهى.

وقد اختلف فى وفاته ، فقيل : سنة خمسين ومائة. قاله جماعة. منهم القطان ، وخليفة ، وأبو نعيم ، والواقدى ، وزاد : فى أول عشر ذى الحجة. وقيل : سنة إحدى وخمسين. رواه الذهبى عن ابن المدينى.

وروى عن البخارى : سنة خمسين. وقيل : سنة تسع وأربعين ، وبه جزم ابن حبان. وقيل : سنة ستين. حكاه صاحب الكمال. وذكر بعضهم أنه جاوز المائة.

قال الذهبى : وهذا لا يصح ؛ لأنه لو كان كذلك ، لحكى أنه رأى بن عباس والصحابة ، ولم نجد له شيئا قبل المائة ، وعلى قول من قال : إنه جاوز المائة ، إنما يكون طلبه العلم ، وهو ابن نيف وخمسين سنة. وهذا بعيد جدا.

١٨٨٣ ـ عبد الملك بن عطاء المكى ، مولى بنى هاشم :

يروى عن أبى جعفر محمد بن على ، روى عنه : بكير بن الحكم ، ذكره هكذا ابن حبان ، فى الطبقة الثالثة من الثقات.

١٨٨٤ ـ عبد الملك بن علقمة [بن وقاص الليثى المدنى :

عم محمد بن عمرو بن علقمة ، وعمر بن طلحة بن علقمة. روى عن أبيه علقمة بن وقاص، روى عنه ابن أخيه عمر ، وعيسى بن عمر.

__________________

١٨٨٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٥ / ٣٥٩).

١٨٨٤ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٤ / ٣٨٣).

١٢٩

ذكره ابن حبان فى الثقات ، وروى له البخارى فى أفعال العباد ، والنسائى](١).

١٨٨٥ ـ عبد الملك بن على الصنهاجى المكناسى :

توفى فى شهر شوال سنة إحدى وسبعين وسبعمائة بمكة. ودفن بالمعلاة. ومن حجر قبره ، لخصت هذا ، وترجم فيه : بالشيخ الصالح.

١٨٨٦ ـ عبد الملك بن محمد بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد بن محمد المرجانى المكى ، سبط الشريف على الفاسى :

سمع من : القاضى عز الدين بن جماعة ومحمد بن أحمد بن عبد المعطى ، وغيرهما بمكة. ودخل القاهرة غير مرة ، وحصل وظائف وصررا.

وتوفى وهو قافل منها ، فى أوائل ذى القعدة سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، بأسفل عقبة أيلة، ودفن هناك.

١٨٨٧ ـ عبد الملك بن محمد بن عطية بن عروة السعدى ، سعد بكر :

أمير مكة والمدينة والطائف واليمن ، ولى ذلك فى سنة ثلاثين ومائة ، كما ذكر ابن جرير ، لمروان بن محمد الأموى [....](١) فتوجه فى أربعة آلاف ، فلقى أبا حمزة الخارجى بمكة ، ومعه خمسة عشر ألفا. ففرق عليه ابن عطية الخيل ، من أعلى مكة وأسفلها ، وأتاه هو من أعلى الثنية ، فاقتتلوا إلى الظهر ، فقتل أبرهة بن الصباح عند بئر ميمون ، وابن له ، وقتل أبو حمزة ، وخلق من جندهم.

ولما بلغ عبد الله بن يحيى الأعور الكندى ، الملقب طالب الحق ، وهو الذى أنفذ أبا حمزة إلى مكة ، خبر أبى حمزة وأصحابه ، سار فى نحو ثلاثين ألفا ، حتى نزل صعدة ، وسار إليه ابن عطية والتقوا ، فقتل الأعور ومن معه ، وبعث ابن عطية برأسه إلى مروان ، وتوجه ابن عطية بعد حروب أخر جرت لهم باليمن ، فى خمسة عشر رجلا من وجوه أصحابه ليقيم الموسم. فخرج عليه قوم من مراد ، فقاتلوه ، فقتل ابن عطية ، بعد أن أخرج لهم عهد مروان ، فلم يلتفوا إليه. وقالوا : إنما أنتم لصوص. وكان قتله فى سنة ثلاثين. كما ذكر ابن جرير.

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل وأوردناه من الإصابة.

١٨٨٧ ـ انظر ترجمته فى : (الكامل لابن الأثير ٥ / ١٤٦ ، الطبرى حوادث سنة ١٣ ، السير للشماخى ١٠٥ ، ١٠٦ ، الأعلام ٤ / ١٦٢).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٣٠

وذكر أيضا فى أخبار سنة إحدى وثلاثين : أنه حج بالناس فى هذه السنة : الوليد بن عروة السعدى ، وكان عامل مكة والمدينة والطائف ، من قبل عمه عبد الملك. وهذا يدل على أن عبد الملك كان حيا فى سنة إحدى وثلاثين ، وهذا يخالف ما تقدم. والله أعلم.

كتبت أكثر هذه الترجمة من مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر للذهبى ، وغالب ذلك باللفظ.

١٨٨٨ ـ عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس ابن عبد مناف الأموى ، الخليفة :

بويع بعد أبيه مروان بديار مصر والشام ، وخرج عليه بالشام عمرو بن سعيد بن العاص ، المعروف بالأشدق ، فلاطفه حتى سلم نفسه إليه بأمان ، فغدر به وذبحه صبرا بيده ـ فيما قيل ـ ثم سار إلى العراق لقتال مصعب بن الزبير ، فلقيه مصعب بدير الجاثليق ، والتقى الجمعان ، فقتل مصعب ، ثم وجه عبد الملك الحجاج لقتال عبد الله بن الزبير بمكة ، فحاربه حتى قتل ابن الزبير ، فى جمادى الأولى ـ وقيل الأخرى ـ سنة ثلاث وسبعين من الهجرة ، وصفا الأمر بعد ذلك ، لعبد الملك فى جميع البلاد ، وانفرد بالخلافة حتى مات ، ولم ينازعه أحد إلا غلبه.

ويقال : إنه سأل الله تعالى فى ذلك فى المستجار ، عند الركن اليمانى ، فى مقابلة الملتزم ، وهو موضع يستجاب فيه الدعاء ، كما سبق فى مقدمة هذا الكتاب.

وكان قبل دخوله فى الإمرة ، ناسكا متعبدا ، وأنكر على يزيد بن معاوية ، ما صنعه جيشه الذى كان فيه الحصين بن نمير ، من محاصرة ابن الزبير بمكة ، ورمى المنجنيق على الكعبة.

فلما ولى ، صنع الحجاج بأمره جميع ما أنكره ، ويقال : إنه حين جاءه الأمر ، كان يقرأ فى المصحف ، فوضعه من يده ، وقال : (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ) [الكهف : ٧٨].

__________________

١٨٨٨ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٥ / ٢٢٣ ، طبقات خليفة ترجمة ٢٠٦١ ، المحبر ٣٧٧ ، تاريخ البخارى ٥ / ٤٢٩ ، المعارف ٣٥٥ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٥٦٣ ، تاريخ اليعقوبى ٦٢ ، تاريخ ابن عساكر ١٠ / ٢٥٢ ، تهذيب الكمال ١٢ / ٨٦٦ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٢٧٦ ، العبر ١ / ١٠٢ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٥٣ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٦٦٤ ، فوات الوفيات ٢ / ٤٠٢ ، البداية والنهاية ٨ / ٢٦٠ ، ٩ / ٦١ ، تهذيب التهذيب ٦ / ٤٢٢ ، النجوم الزاهرة ١ / ٢١٢ ، خلاصة تهذيب التهذيب ٢٤٦ ، شذرات الذهب ١ / ٩٧ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٢٤٦).

١٣١

وكان رأى ـ فيما قيل ـ أنه يبول فى الجوانب الأربعة من المسجد النبوى. فقص ذلك على سعيد بن المسبب ، وقيل على محمد بن سيرين ، فأخبره بأنه يلى أمر الأمة ، أربعة من أولاده ، فكان كذلك ؛ لأنه لما مات ، ولى الخلافة بعده ابنه الوليد حتى مات ، ثم أخوه سليمان بن عبد الملك حتى مات ، ثم يزيد بن عبد الملك ، بعد عمر بن عبد العزيز ، ثم هشام بن عبد الملك ، ولا نعلم أحدا ولى أمر الأمة أربعة نفر ، أولاد رجل واحد ، إلا هؤلاء ، أولاد عبد الملك ، ثم أولاد الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، وأدلى أولاد الناصر على عبد الملك ، ولى الأمر منهم ثمانية نفر ، سبق ذكرهم فى ترجمة أبيهم الملك الناصر.

توفى عبد الملك ، فى شوال سنة ست وثمانين من الهجرة ، وكان يلقب : رشح الحجر؛ لبخله ، وأبا ذبان ؛ لبخره.

وسئل عنه بعض الكبار ، فقال : ما أقول فى شخص ، الحجاج من سيئاته ، تجاوز الله عنه.

ومن المآثر التى له بمكة ، أنه عمر المسجد الحرام عمارة حسنة ، وسقفه بالساج ، وجعل فى رأس كل أسطوانة خمسين مثقالا ، وبعث بمال عظيم لعمل ضفائر الدور الشارعة على الوادى بمكة ، وعمل ردما على أفواه السكك ، تحصينا لدور الناس من السيل ، فعمل ذلك كله مع ضفائر المسجد الحرام. وذلك لما بلغه خبر سيل الجحاف بمكة.

١٨٨٩ ـ عبد الملك بن محمد بن ميسرة ، أبو الوليد اليافعى :

كان فقيها عالما ، نقالا للمذهب ، ثبتا فى النقل ، رحالا فى طلاب العلم ، عازفا بطرق الحديث وروايته ، يعرف بالشيخ الحافظ.

حج سنة إحدى وخمسين وأربعمائة ، فأدرك بمكة الشيخ العارف سعد الزنجانى ، فأخذ عنه وعن أبى عبد الله محمد بن الوليد ، ثم عاد إلى اليمن ، وكان يتردد ما بين عدن والدماوة والجند ، وله بكل بلد أصحاب وشيوخ ، وتوفى سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة.

١٨٩٠ ـ عبد الملك بن معمر بن شيريار الرافرافى :

هكذا وجدته منسوبا على حجر قبره بالمعلاة ، وفيه : أنه توفى فى شوال سنة أربع وتسعين وستمائة. وترجم بالشيخ الفقيه العالم الصالح الزاهد ، وما علمت من حاله سوى هذا.

١٣٢

١٨٩١ ـ عبد الملك بن أبى محذورة القرشى الجمحى المكى :

روى عن أبيه ، وعبد الله بن محيريز ، روى عنه بنوه : محمد ، وإسماعيل ، وإبراهيم ، وحفيده إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك ، ونافع بن عمر ، وغيرهم.

روى له : البخارى فى الأدب ، وأبو داود ، والترمذى ، والنسائى ، وذكره ابن حبان فى الثقات.

١٨٩٢ ـ عبد الملك بن أبى مسلم بن أبى نصر النهاوندى :

قاضى مكة ، هكذا ذكره ابن النجار ، فى الشيوخ الذين سمع منهم : أبو جعفر محمد ابن على بن محمد بن شهفير بن شاهيار الأزدى الطبرى الفقيه الشافعى.

وذكره الخزرجى فى تاريخه ، من شيوخ الإمام زيد بن الحسن الفائشى فقال : ومن شيوخه فيها ـ يعنى فى مكة ـ البندنيجى ، وأبو عبد الله الطبرى ، وإمام المقام : عبد الملك بن أبى مسلم الهاوندى. انتهى.

١٨٩٣ ـ عبد الملك بن أبى مسلم الهاوندى :

إمام مقام إبراهيم الخليل عليه‌السلام ، توفى يوم الاثنين سابع ذى الحجة سنة تسع عشرة وخمسمائة دفن بالمعلاة. ومن حجر قبره ، كتبت هذه الترجمة ، وأظنه الأول. والله أعلم.

١٨٩٤ ـ عبد الملك الحجبى :

له صحبة ورواية ، ذكره هكذا الكاشغرى ، وذكره الذهبى. وقال : روى عنه : يعلى ابن الأشدق.

١٨٩٥ ـ عبد الملك المكى :

له عن ابن أبى مليكة ، ذكره الذهبى فى الميزان ، وقال : ضعفه الأزدى.

١٨٩٦ ـ عبد الملك الطبرى الزاهد :

شيخ الحرم ، ذكره ابن السمعانى فى ذيله. فقال : كان أحد المشهورين بالزهد والورع. أقام بمكة قريبا من أربعين سنة ، على الجد والاجتهاد ، فى العبادة والرياضة وقهر النفس. وكان ابتداء أمره ، أنه كان يفقه فى المدرسة النظامية ، فلاح له شىء ،

__________________

١٨٩١ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٥ / ٣٦٩).

١٣٣

فخرج على التجريد إلى مكة ، وأقام بها. وكان يلبس الخشن ويأكل العشب ، ويرجى وقته على ذلك صابرا.

وذكر الذهبى أنه توفى فى عشر الثلاثين وخمسمائة.

١٨٩٧ ـ عبد المنعم بن عبد المعطى بن أبى النجا المقدسى ، أبو الطيب المكى الشافعى :

ذكره منصور بن سليم فى تاريخ الإسكندرية ، وقال : روى الحديث بالثغر عن أبى الحسين يحيى بن المنجا المقدسى ، وأبى القاسم عبد الرحمن بن أبى الحسن بن فتيح الدمياطى.

روى عنه ، القاضيان : أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن ، وأبو الفضل أحمد بن عبد الرحمن الحضرمى.

وكتب عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفى فى تأليفه ، وقال : ذكر لى أن مولده فى سنة خمس وستين وأربعمائة. وتوفى فى المحرم سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بالإسكندرية.

١٨٩٨ ـ عبد المهدى بن على بن جعفر المكى :

كان من أعيان أهل مكة ، ويداخل الدولة ، مات فى يوم الجمعة سادس عشر ذى القعدة سنة ست وثمانين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

* * *

من اسمه عبد المؤمن

١٨٩٩ ـ عبد المؤمن بن خليفة بن عبد الملك الدكالى :

نزيل مكة ، سمع بمكة فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، على عيسى الحجى ، والزين الطبرى ، ومحمد بن الصفى ، وبلال عتيق ابن العجمى ، والجمال المطرى : جامع الترمذى ، وعلى غيرهم ، وكان رجلا صالحا ، عابدا فقيها.

وناب فى العقود عن القاضى شهاب الدين الطبرى ، وعن الشيخ خليل المالكى فى الإمامة.

وكان تأهل بمكة بعمة الوالد ، أم الهدى ، بنت السيد الشريف أبى عبد الله الفاسى ،

١٣٤

ومنها رزق ولديه : خليل ، والبهاء محمد ، ثم تأهل بأم الحسين بنت الإمام أحمد بن الرضى الطبرى.

ومات عندها فى ليلة الأحد [....](١) عشر شوال ، سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة.

١٩٠٠ ـ عبد المؤمن بن عبد الدائم بن على السمنودى ـ ويقال له مؤمن ، وبها اشتهر ـ وذكر أن اسمه محمد :

جاور بمكة عدة سنين على طريقة حسنة ، وأدب الأطفال مدة سنين ، وتأهل بابنة يوسف القروى.

وولد له منها أولاد ، بعضهم الآن موجود بمكة ، وبها توفى بعد الحج من سنة سبع وثمانمائة. ودفن بالمعلاة.

١٩٠١ ـ عبد المؤمن بن على بن عبد الرحمن ، أبو محمد الزاهد :

ذكره هكذا ابن مسدى فى معجمه. وقال : شيخ منقطع ببادية وهران من ساحل تلمسان. وله كلمة مسموعة بين تلك القبائل ، وأعلام واضحة فى تلك المحافل ، وأكثر أوباش الغرب يتوبون على يديه ، ويصمدون فيما دهمهم إليه.

كان قد جاور بمكة سنين ، وسمع بها على رأس الستين ، من أبى الحسن على بن عبد الله بن حمود المكناسى ، ومن أبى بكر أحمد بن الحسن الطوسى ، ومن أبى الحسن على حميد الطرابلسى ، ومن أبى حفص الميانشى ، وغيرهم.

أخبرنى أن مولده قبل الأربعين وخمسمائة ، أو على رأسها.

وتوفى ـ على ما بلغنى ـ بزاوية انقطاعه من بادية وهران ، فى سنة خمس وعشرين وستمائة. انتهى.

* * *

من اسمه عبد الواحد

١٩٠٢ ـ عبد الواحد بن إسماعيل بن إبراهيم بن يحيى بن فارس الكنانى العسقلانى الأصل ، المكى المولد والمنشأ والدار ، أبو محمد :

ذكره ابن الحاجب الأمينى فى معجمه ، وذكر أنه سأله عن مولده. فذكر أنه يوم السبت ، أول جمادى الأولى سنة سبعين وخمسمائة.

__________________

١٨٩٩ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٣٥

وذكر أنه من مجاورى بيت الله الحرام ، ومن ساكنى رباط السدرة ، وأظنه كان عطارا بباب شيبة.

سمع جده لأمه الحافظ الميانشى ، وخونكار ، وولده ، ورأيت ظاهره الخير. فلما دخلت إلى بغداد ، ذكرته فى جملة من سمعت عليه بمكة شرفها الله تعالى ، للحافظ ابن نقطة ، فقال لى : عبد الواحد بن إسماعيل الكنانى العسقلانى رأيته بمكة ، ولم أسمع منه شيئا ، روى صحيح مسلم بطرق موضوعة لا أصل لها البتة ، وسمع عليه بمكة الأثبات ، وتفرق بها الناس فى البلاد ، وبين الطرق فى كتاب «التقييد فى معرفة الرواة والأسانيد» وقال عقيب ذلك : نسأل الله العافية فى الدنيا والآخرة. انتهى.

وذكره الرشيد العطار فى مشيخته ، وقال بعد ذكر كلام ابن نقطة : وليس هذا الشيخ عندنا ممن يتعمد الكذب ، ولعله قلد فى ذلك بعض الطلبة الجهّال ، وهو يظن أنه من أهل المعرفة. والله أعلم.

قال : ولم يكن من أهل الحديث. ووصفه بالخير والعفة. وذكر أنه كان يتطيب. وأنه توفى ـ فيما بلغنى ـ فى المحرم سنة أربع وعشرين وستمائة بمكة شرفها الله تعالى.

١٩٠٣ ـ عبد الواحد بن أيمن القرشى ، المخزومى ، مولاهم أبو القاسم المكى :

روى عن : أبيه ، وابن أبى مليكة ، وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام ، وعبيد بن عمير ، وغيرهم. ورأى ابن الزبير.

روى عنه : وكيع ، وأبو نعيم ، وخلاد بن يحيى ، وحفص بن غياث ، وغيرهم. روى له البخارى ، ومسلم ، والنسائى. وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم : صالح الحديث.

١٩٠٤ ـ عبد الواحد بن الحسن الدرعى المغربى الصهاجى :

كذا هو منسوب فى حجر قبره بالمعلاة. وقبره إلى الجانب قبر الشيخ موسى المراكشى ، وهو الشيخ عبد الواحد ، الذى كان يجاور بالمدينة ومكة ؛ لأن والدى ذكر لى أن الشيخ موسى دفن إلى جانبه.

وقد سألت عنه شيخنا السيد عبد الرحمن بن أبى الخير الفاسى ، فقال : كان رجلا صالحا كثير الميل والإحسان إلى الفقراء ، جاور بالحرمين مدة طويلة. ومات بمكة. انتهى.

__________________

١٩٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ١٩).

١٣٦

١٩٠٥ ـ عبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى :

أمير مكة والمدينة والطائف ، ذكر ابن جرير الطبرى : أنه ولى ذلك فى سنة تسع وعشرين ومائة لمروان بن محمد ، وحج بالناس فيها ، وسأل أبا حمزة الخارجى المسالمة ، حتى ينقضى الحج ، وكان أبو حمزة والى الموسم ، فأرسل عبد الواحد إلى أبى حمزة ، عبد الله بن الحسن بن الحسن بن على بن أبى طالب ، ومحمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبى بكر الصديق ، وعبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب ، مع آخرين ، فكثّر أبو حمزة فى وجه العلوى ، والعثمانى ، وانبسط إلى البكرى ، والعمرى.

وقال لهما : إنا خرجنا بسيرة أبويكما. فقال له عبد الله بن الحسن : ما جئناك لتفضل بين آبائنا ، بل جئناك برسالة من الأمير نخبرك بها ، ثم أحكموا أهل المسالمة بينهم إلى مدتها.

ونفر عبد الواحد فى النفر الأول إلى المدينة ، فزاد أهلها فى عطائهم ، وأمرهم بالتجهيز ، فخرجوا وعليهم عبد العزيز بن عبد الله بن عمرو بن عثمان.

فلما انتبهوا إلى قديد ، جاءتهم رسل أبى حمزة ، وسألوهم المسالمة ، وأن يخلوا بينهم وبين عدوهم ، فأبوا.

فلما تفرقوا بعد نزولهم هناك ، خرج عليهم أصحاب أبى حمزة من الغياض ، فقتلوا منهم نحو سبعمائة من قريش ، ولم يكونوا أصحاب حرب ، وذلك لسبع بقين من صفر سنة ثلاثين ومائة.

ولما بلغ خبرهم عبد الواحد بن سليمان ، لحق بالشام ، فولى مروان على الحجاز واليمن : عبد الملك بن محمد بن عطية السعدى ، فقتل أبا حمزة الخارجى ، وجماعة من أصحابه بمكة ، ثم سار إلى اليمن وقتل طالب الحق ، كما سبق فى ترجمة عبد الملك.

وذكر ابن عساكر ، أن عبد الواحد بن سليمان هذا ، حدث عن أبيه ، وعبد الله بن على العباسى. وروى عنه : الوليد بن محمد الموقرى.

__________________

١٩٠٥ ـ انظر ترجمته فى : (خلاصة الكلام والمسعودى ٩ / ٦٢ ، نسب قريش ١٦٦ ، المحبر ٣٣ ، الكامل لابن الأثير ٥ / ١٦١ ، الأعلام ٤ / ١٧٥ ، ١٧٦).

١٣٧

وقال الزبير بن بكار ، لما ذكر أولاد سليمان بن عبد الملك بن مروان : وعبد الواحد ابن سليمان ، قتله صالح بن على.

وكان واليا لمروان بن محمد ، على المدينة ، ومكة. وولى الحج عام الحرورية ، وأصحاب عبد الله بن يحيى ، لم يدر بهم عبد الواحد ، وهو واقف بعرفة ، حتى نزلوا من جبال عرفة من طريق الطائف.

فوجه إليهم رجالا ، فيهم : عبد الله بن حسن بن حسن بن على بن أبى طالب ، رضى الله عنهم ، وأمية بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، وعبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب. فكلموهم وسألوهم أن يكفوا ، حتى يفرغ الناس من حجهم ، ففعلوا.

فلما كان يوم النفر الأول ، خرج عبد الواحد كأنه يقنص ، حتى مضى على وجهه إلى المدينة ، وترك فساطيطه وثقله بمنى.

وأم عبد الواحد : أم عمرو بنت عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص بن أمية بن عبد شمس. وكان جوادا ممدحا له يقول إبراهيم بن على بن هرمة ، أنشدنى ذلك : أبو عمير نوفل بن ميمون ، قال : أنشدنيه أبو مالك محمد بن مالك بن على بن هرمة [من المتقارب] :

إذا قيل من خير من يعتزى

لمعتزى فهر ومحتاجها

ومن يقرع الخيل يوم الوغا

بإلجامها ثم إسراجها

أشارت نساء بنى مالك

إليه به قبل أزواجها

وقال ابن ميادة يمدحه أيضا [من الكامل] :

من كان أخطأه الربيع فإنه

نظر الحجاز بغيث عبد الواحد

إن المدينة أصبحت معمورة

بمتوج حلو الشمائل ماجد

كالغيث من عرض الفرات تهافتت

سبل إليه بصادرين ووارد

وملكت غير معنف فى ملكه

ما دون مكة من حمى ومساجد

وملكت ما بين العراق ويثرب

ملكا أجار لمسلم ومعاهد

ما ليهما ودميهما من بعد ما

غشى الضعيف شعاع سيف المارد

ولقد رمت قيس ورائى بالحصى

من رام ظلمك من عدو جاهد

وقال الزبير : وقيل : قتل عبد الواحد بن صالح بن على ، فى سنة اثنتين وثلاثين ومائة.

١٣٨

١٩٠٦ ـ عبد الواحد بن عبد الله بن بسر النضرى ، بالنون :

أمير مكة والمدينة والطائف ، كان واليا على ذلك فى سنة أربع ومائة. وفى سنة خمس ومائة. وعزل عن ذلك فى سنة ست ومائة ، بإبراهيم بن هشام المخزومى.

١٩٠٧ ـ عبد الواحد بن زين الدين محمد بن الزين أحمد بن محمد بن المحب أحمد ابن عبد الله الطبرى المكى ، يلقب أوحد الدين :

ولد فى شوال سنة ثمان وسبعين وسبعمائة. واعتنى أبوه كثيرا بتعليمه القرآن ، وبصلاته للتراويح ، فصلاها بالمسجد الحرام ، واحتفل أبوه كثيرا بالوقيد والشمع.

وأم بمقام إبراهيم الخليل عليه‌السلام بالمسجد الحرام نيابة ، أوقاتا كثيرة. وكان يجهز فى قراءته كثيرا كأبيه ، وله طلب بالمدرسة المنصورية بمكة وغيرها ، وكان يتعبد كثيرا بالطواف ليلا ، وناله تعب كثير لقلة ذات يده.

وتوفى فى يوم الأربعاء خامس جمادى الأولى ، سنة سبع وعشرين وثمانمائة ، ودفن فى عصره بالمعلاة.

وتوفى أخوه لأبيه أحمد بن زين الدين الطبرى المذكور ، فى ليلة الرابع والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة. وقد بلغ العشرين أو جاوزها.

١٩٠٨ ـ عبد الواحد القيروانى :

ذكره الشيخ صلاح الدين الصفدى فى كتابه «أعوان النصر ، وأعيان العصر». وقال : أخبرنى شيخنا أثير الدين ـ يعنى أبا حيان الأندلسى ـ قال : كان عندنا بالقاهرة ، وله نظم حسن ، ورحل إلى الحجاز واستوطن مكة ، وصحب ملكها أبا نمى الحسنى ، وله فيه أشعار حسنة ، أجاد فيها نظما كثيرا ، وتعرض فى مدحه لأصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقتل بها أشنع قتل. ومن شعره [من الطويل] :

عليل أسى لا يهتدى لمكانه

عزيز أسى لا يرتجى من سقامه

خذوا إن قضى فى الحب عمدا بثأره

أخا البدر يبدو فى غمام لثامه

ورفقا به لا ناله من يشينه

وإن كان أسقى الصب كأس حمامه

غزال تضاهيه الغزالة فى الضحى

وتشبهه فى البعد عن مستهامه

__________________

١٩٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٦ / ٤٣٦ ، خلاصة الكلام ٥ ، المحبر ٢٦٣ ، الأعلام ٤ / ١٧٦).

١٣٩

يموت جنى الورد غما بخده

ألم تنظروه مدرجا فى كمامه

انتهى.

وقد وقفت له فى بعض المجاميع ، على قصيدة جيدة يمدح بها أبا نمى ، مما يتعلق بالمدح منها فى ترجمة أبى نمى وهذا غزلها [من الطويل] :

خليلى هيا فانظرا ذلك البرقا

تبدى لنا يهفو على طرف البرقا

تعرض فى الظلماء مثل سلاسل

من التبر فى راحات مرتعش تلقى

ولم أدر والأشياء فيها تشابه

فؤادى وإلا قرط سعدى حكى خقا

أرى سين سعدى زايلتها وعينها

وأضحى ينادى الحب منها الذى يبقى

عدتنى النوى عنها فذقت فراقها

فلم أر فيما بيننا والردى فرقا

وفى منحنى الوادى التهامى جيرة

أضاعوا وما ضيعت يوما لهم حقا

ولما التقينا للعتاب وليلنا

على سفر للغرب قد أودع الشرقا

خرست كأنى قلتها وهى أفصحت

كأن وشاحها لها علم النطقا

وما نولت عرفا سوى أن مرطها

تضوع عرف منه أفنيته نشقا

١٩٠٩ ـ عبد الواحد التونسى المالكى المعروف بابن الكاتب :

ذكره لى هكذا ، شيخنا أبو بكر بن قاسم بن عبد المعطى ، وقال : كان إماما فاضلا علامة ، يفتى مع الزهد والأدب.

أقام بمكة مدة ، وكان يسكن فى رباط الموفق. وكان يشتغل فيه وفى الحرم. وكان بالرباط جماعة من الزيدية ، وكانوا يمرون عليه ، ولا يسلمون عليه ويمكنوه. فكتب ابن الكاتب هذا ، إلى الإمام الزيدى صاحب صنعاء باليمن ، وشكاهم إليه ، فكتب إلى الزيدية يأمرهم بتعظيمه ، وبعث له بمائتى درهم ، فلم يقبلها ، وسأله عن مسائل أجاب عن بعضها. وكان يقع فى ابن عباس رضى الله عنهما ، ووقع بينه وبين الشيخ عبد الله اليافعى ، منافرة فى أبيات نظمها اليافعى.

توفى فى عشر الستين وسبعمائة بالناصرية ، من الوجه البحرى ، من أعمال مصر. انتهى.

أنشدنى شيخنا العلامة القاضى جمال الدين بن ظهيرة القرشى بالمسجد الحرام ، قال : أنشدنى والدى ، قال : أنشدنى والدى ، قال : أنشدنى عبد الواحد الكاتب لنفسه ، يمدح القاضى شهاب الدين الطبرى ، لكونه تقدم فى الصلاة على رميثة بن أبى نمى ، أمير مكة ،

١٤٠