العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

أم عبد الله بنت أبى البخترىّ بن هشام بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ، وكان يكتب إليها تشخص إليه ، فلا تفعل ، فكتب إليها (١) :

إذا ما أمّ عبد الل

ه لم تحلل بواديه

ولم تمس قريبا هيّ

ج الحزن دواعيه (٢)

فقال لها أخوها الأسود بن أبى البخترى ـ وهى لعاتكة بنت أمية بن الحارث بن أسد بن عبد العزى ـ قد بلغ هذا الأمر (٣) من ابن عمك؟ اشخصى إليه.

قال الزبير : ودار عدى بن نوفل بالبلاط ، بين المسجد والسوق ، وهى التى يعنى إسماعيل بن يسار النّسائى حيث يقول [من الخفيف :

إن ممشاك نحو دار عدىّ

كان للقلب شقوة وفتونا

إذ تراءت على البلاط فلما

واجهتنا كالشمس تعشى العيونا

قال هارون : قف فيا ليت أنى

كنت طاوعت ساعة هارونا

وقد رواها ناس لابن أبى ربيعة.

قال الزبير : وأمه أمية بنت جابر بن سفيان ، أخت تأبّط شرّا الفهمى. انتهى.

١٩٩١ ـ عرس بن عامر بن ربيعة بن هوذة العامرى :

ذكره هكذا الذهبى ، وقال : وله ولأخيه عمرو وفادة. وذكره الكاشغرى بنحو ذلك.

* * *

من اسمه عروة

١٩٩٢ ـ عروة بن أبى أثاثة ـ ويقال ابن أبى أثاثة ـ بن عبد العزى بن حرثان ابن عوف بن عبيد بن عويج بن عدى بن كعب القرشى العدوى :

هكذا نسبه ابن عبد البر. وقال : ويقال فيه عمرو بن أبى أثاثة. كان من مهاجرة الحبشة ، لا أعلم له رواية.

__________________

(١) الأبيات فى نسب قريش ٦ / ٢٠٩ ، الأغانى ١٤ / ٧٢ وفى نسب قريش الأبيات لعدى ابن نوفل ، وقيل أنه للنعمان بن بشير الأنصارى.

(٢) فى الأغانى : «ولم تشف سقيما هيج». وفى الإصابة ٢ / ٤٧١ : «هيج الشوق دواعيه».

(٣) فى الأصول : «بلغ الأمر هذا» والتصحيح من نسب قريش.

١٩٩١ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٤ / ٤٨٤ ، التجريد ١ / ٤٠٨).

١٩٩٢ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٥٣٢ ، الاستيعاب ترجمة ١٨١٩ ، أسد الغابة ترجمة ٣٦٤٤).

٢٠١

وكان قديم الإسلام بمكة ، ولم يذكره ابن إسحاق فيمن هاجر إلى الحبشة. وذكره موسى بن عقبة ، وأبو معشر ، والواقدى. وهو أخو عمرو بن العاص لأمه. انتهى.

وذكر ابن قدامة الخلاف فى اسمه ، ولم يذكر الخلاف فى اسم أبيه ، ولم يذكر خلافا فى اسمه ، وسماه عروة. وذكر الثلاثة هجرته إلى الحبشة ، وزاد الذهبى : أنه أخو عمرو ابن العاص لأمه.

١٩٩٣ ـ عروة بن عامر القرشى ، ويقال الجهنى المكى :

أخو عبد الله وعبد الرحمن. عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم مرسلا فى الطّيرة. وروى عن عبيد بن رفاعة. روى عنه عمرو بن دينار ، وحبيب بن أبى ثابت ، والقاسم بن أبى بزّة ، وجماعة. روى له أصحاب السنن الأربعة ، وذكره ابن حبّان فى الثقات.

١٩٩٤ ـ عروة بن عبد الله بن الزبير بن العوام القرشى الأسدى :

توفى بمكة مقتولا فى واقعة أبيه مع الحجاج بن يوسف.

١٩٩٥ ـ عروة بن عبد العزى بن حرثان :

من مهاجرة الحبشة ، ذكره هكذا الذهبى فى التجريد.

١٩٩٦ ـ عروة بن عياض بن عدى بن الخيار بن نوفل بن عبد مناف بن قصى القرشى النوفلى المكى :

أمير مكة ، روى عن : عائشة ، وأبى سعيد الخدرى ، وعبد الله بن عمر ، وعبد الله بن عمرو ، وجابر.

روى عنه : عمرو بن دينار ، وابن أبى مليكة ، وابن جريج ـ وقيل لم يسمع منه ـ وسعيد بن حسّان ، وجماعة. روى له البخارى فى الأدب ، ومسلم (١) ، والنّسائى (٢)

__________________

١٩٩٣ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٤ / ٤٩٠ ، أسد الغابة ٣ / ٤٠٣ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٨٥).

١٩٩٤ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٣٩٥).

١٩٩٥ ـ انظر ترجمته فى : (انظر الإصابة ٤ / ١٩١ ، التجريد ١ / ٤٠٩ ، أسد الغابة ٣ / ٤٠٤).

١٩٩٦ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٧ / ١٨٦).

(١) فى صحيحه ، كتاب النكاح ، حديث رقم (٢٦٠٧) من طريق : سعيد بن عمرو الأشعثى حدثنا سفيان بن عيينة عن سعيد بن حسان عن عروة بن عياض عن جابر بن عبد الله قال : سأل رجل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن عندى جارية لى وأنا أعزل عنها فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن ـ

٢٠٢

ووثّقه ، وأبو زرعة. قال صاحب الكمال : كان واليا لعمر بن عبد العزيز على مكة. انتهى. ولم أدر متى كانت ولايته على مكة ، لأن صاحب الكمال لم يبيّنها كما ترى ، وكلام ابن جرير يدل على أنه لم يتولها لعمر بن عبد العزيز ، لأنه ذكر أن عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، كان عامل عمر بن عبد العزيز على مكة ، فى سنة تسع وتسعين.

وقال فى أخبار سنة مائة : وكان عمال الأمصار فى هذه السنة ، العمال فى التى قبلها. فدل هذا على أن عبد العزيز كان على مكة فى سنة مائة.

وذكر أنه كان على مكة سنة إحدى ومائة ، وفيها مات عمر بن عبد العزيز ، فمتى ولى عروة بن عياض؟. والله أعلم بالصواب. ولعله وليها لعمر أيام نيابة عمر بن عبد العزيز على مكة ، للوليد بن عبد الملك ، لغيبة عمر بالمدينة ، وهذا لا مانع منه ، والله أعلم.

١٩٩٧ ـ عروة بن محمد بن عطية بن عروة بن القين بن عامر بن عميرة بن ملّان السعدى ، من بنى سعد بن بكر :

أمير مكة ، هكذا نسبه صاحب الجمهرة وقال : ولجده عروة صحبة ، ولى اليمن ومكة ، وابنه الوليد بن عروة ، آخر من حجّ بالناس لبنى أمية. انتهى.

والذى ولى مكة واليمن ، هو عروة بن محمد هذا ، لا جده الذى له صحبة ، يدل على ذلك كلام أبى حاتم بن حبّان ، فإنه ذكره فى الطبقة الثانية من الثقات ، فقال : عروة بن محمد بن عطية بن عروة ، من بنى سعد بن بكر ، يروى عن أبيه ، عن جده.

__________________

ـ ذلك لن يمنع شيئا أراده الله. قال : فجاء الرجل فقال : يا رسول الله إن الجارية التى كنت ذكرتها لك حملت ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنا عبد الله ورسوله. وحدثنا حجاج بن الشاعر حدثنا أبو أحمد الزبيرى حدثنا سعيد بن حسان قاص أهل مكة أخبرنى عروة بن عياض بن عدى بن الخيار النوفلى عن جابر بن عبد الله قال : جاء رجل إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم بمعنى حديث سفيان.

(٢) فى الكبرى ، حديث رقم (٩٠٢٦) من طريق : قتيبة بن سعيد ، قال : نا سفيان ، عن سعيد بن حسان المخزومى ، عن عروة بن عياض ، عن جابر بن عبد الله ، قال : جاء رجل إلى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إن لى جارية ، وأنا أعزل عنها؟ فقال : أما إن ذاك لا يمنع شيئا أراد الله ، ثم أتى النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : أشعرت أن تلك الجارية فقد حملت! فقال : أنا عبد الله ورسوله.

١٩٩٧ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٧ / ١٨٧).

٢٠٣

روى عنه إبراهيم بن خالد الصنعانى ، كان يخطئ ، وكان من خيار الناس ، ولى اليمن عشرين سنة ، ثم خرج حين خرج منها ، ومعه سيف ومصحف فقط. انتهى. وقد روى له أبو داود حديثا واحدا (١).

١٩٩٨ ـ عروة بن مسعود بن معتّب بن مالك بن كعب بن عمرو بن سعد بن عوف بن ثقيف ، أبو مسعود ، وقيل أبو يعفور ، بالفاء والراء المهملة :

شهد صلح الحديبية. قال ابن إسحاق : إنه لما انصرف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من الطائف ، اتبع أثره عروة بن مسعود بن معتب ، حتى أدركه قبل أن يصل إلى المدينة ، فأسلم. وسأل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم أن يرجع إلى قومه بالإسلام ، فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن فعلت فإنهم قاتلوك. فقال عروة : يا رسول الله ، أنا أحب إليهم من أبصارهم ، وكان فيهم محببا مطاعا ، فخرج يدعو قومه إلى الإسلام ، وأظهر دينه رجاء ألا يخالفوه لمنزلته فيهم ، فلما أشرف على غلمة له ـ وقد دعاهم إلى دينه ـ رموه بالنبل من كل وجه ، فأصابه سهم فقتله.

وقيل لعروة : ما ترى فى دمك؟ فقال : كرامة أكرمنى الله بها ، وشهادة ساقها الله إلىّ ، فليس فىّ إلا ما فى الشهداء الذين قتلوا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قبل أن يرتحلوا عنكم. فزعموا أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : مثله فى قومه مثل صاحب يس فى قومه.

وقال فيه عمر بن الخطاب رضى الله عنه شعرا يرثيه ، وقال قتادة فى قول الله عزوجل : (لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ) [الزخرف : ٣١]. قالها الوليد بن المغيرة ، قال : ولو كان ما يقول محمد حقا ، أنزل علىّ القرآن ، أو علىّ عروة بن مسعود الثقفى. قال : والقريتان مكة والطائف. وقال مجاهد : هو عتبة بن ربيعة من مكة ، وابن عبد ياليل الثقفى من الطائف ، والأكثر قول قتادة. والله أعلم. وكان عروة بن مسعود الثقفى ، يشبه المسيح عيسى بن مريم عليه‌السلام فى صورته.

__________________

(١) فى سننه ، كتاب الأدب ، حديث رقم (٤١٥٢) من طريق : بكر بن خلف والحسن بن على المعنى قالا : حدثنا إبراهيم بن خالد حدثنا أبو وائل القاص قال : دخلنا على عروة بن محمد السعدى فكلمه رجل فأغضبه فقام فتوضأ ثم رجع وقد توضأ. فقال : حدثنى أبى عن جدى عطية قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : إن الغضب من الشيطان وإن الشيطان خلق من النار وإنما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ.

١٩٩٨ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٥٤٢ ، الاستيعاب ترجمة ١٨٢٣ ، أسد الغابة ٣ / ٤٠٥ ، رغبة الآمل ٥ / ٣٠ ، الأعلام ٤ / ٢٢٧).

٢٠٤

وساق ابن عبد البر حديثا فى ذلك ، من رواية جابر رضى الله عنه ، عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، والحديث فى صحيح مسلم. وأمه سبيعة بنت عبد شمس بن عبد مناف.

١٩٩٩ ـ عطاء الشيبى القرشى العبد رى :

من بنى شيبة. ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : روى عنه فطر بن خليفة. فى صحبته نظر.

٢٠٠٠ ـ [عطاء بن إبراهيم ، وقيل : إبراهيم بن عطاء الثقفى](١) :

قال عطاء : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النعال. وحديثه عند أبى عاصم النبيل ، عن عبد الله بن مسلم بن هرمز ، عن يحيى بن إبراهيم بن عطاء ، عن أبيه ، عن جده ، قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «قابلوا النّعال».

قال ابن عبد البر : يقال فى تفسيره : اجعلوا للنّعل قبالين. ولا أدرى أهو الذى قبله أم لا؟.

٢٠٠١ ـ عطاء بن أبى رباح ، واسمه أسلم ، القرشى الجمحى ، وقيل الفهرى ، مولاهم ، أبو محمد المكى :

أحد الأعلام. روى عن عتّاب بن أسيد ، وعثمان بن عفان مرسلا ، وسمع من أبى هريرة ، وأبى سعيد الخدرى ، ومعاوية بن أبى سفيان ، والعبادلة الأربعة : ابن عمرو ، وابن عباس ، وابن الزبير ، وابن عمر ، وغيرهم ، رضى الله عنهم.

روى عنه الزهرى ، وعمرو بن دينار ، وأيوب السّختيانى ، وابن جريج ، وأبو حنيفة ،

__________________

١٩٩٩ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٥٨٠ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٥٤ ، أسد الغابة ٣ / ١٠).

٢٠٠٠ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ٢٠٥٥ ، الإصابة ترجمة ٥٥٨١).

(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصول ، وجاءت هذه الترجمة مندمجة مع التى قبلها.

٢٠٠١ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٥ / ٤٦٧ ، طبقات خليفة ٢٨٠ ، تاريخ البخارى ٦ / ٤٦٣ ، التاريخ الصغير ١ / ٢٧٧ ، تاريخ الفسوى ١ / ٧٠١ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٣٣ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٣٠ ، طبقات الشيرازى ٦٩ ، وفيات الأعيان ٣ / ٢٦١ ، تهذيب الكمال ٩٣٨ ، تذهيب التهذيب ٣ / ٤١ ، تاريخ الإسلام ٤ / ٢٧٨ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٧٠ ، العبر ١ / ١٤١ ، نكت الهميان ١٩٩ ، البداية ٩ / ٣٠٦ ، طبقات القراء ١ / ٥١٣ ، تهذيب التهذيب ٧ / ١٩٩ ، النجوم الزاهرة ١ / ٢٧٣ ، طبقات الحفاظ ٣٠٩ ، خلاصة تذهيب الكمال ٢٦٦ ، شذرات الذهب ١ / ١٤٧ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٧٨).

٢٠٥

والليث بن سعد ، حديثا واحدا ، وخلق. روى له الجماعة. ووثّقه ابن معين ، وأبو زرعة.

وقال يحيى القطان : مرسلات مجاهد ، أحبّ إلىّ من مرسلات عطاء بكثير ، كان عطاء يأخذ عن كل ضرب.

وقال بشر بن السّرى ، عن عمر بن سعيد بن أبى حسين ، عن أمه ، أنها رأت النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم فى النوم ، فقال لها : سيد المرسلين ، عطاء بن أبى رباح. وقال أبو حنيفة : ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء بن أبى رباح.

وقال ابن جريج : كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة. وقال غيره : كان لا يفتر عن ذكر الله تعالى. وقال ربيعة الرأى : فاق عطاء أهل مكة فى الفتوى.

وقال ابن سعد : نشأ بمكة ، وهو مولى لبنى فهر أو لجمح ، وانتهت فتوى أهل مكة إليه وإلى مجاهد ، وأكثر ذلك إلى عطاء. وسمعت بعضهم يقول : كان أسود أفطس أعور أشلّ أعرج ، ثم عمى بعد ذلك ، وكان ثقة فقيها عالما كثير الحديث. ومناقب عطاء كثيرة.

وقد اختلف فى وفاته ، فقال حمّاد بن سلمة : قدمت مكة سنة مات عطاء ، سنة أربع عشرة ومائة ، وكذلك قال الهيثم بن عدى ، وأبو المليح ، وجزم بن ابن حبان ، والذهبى فى العبر ، وزاد : فى رمضان ، وقال : على الأصح. وقيل سنة خمس عشرة بمكة ، قاله المدينى ، وذكر أنه من مولّدى الجند ، وأن أباه قدم مكة وهو غلام.

وقال بوفاته فى سنة خمس عشرة ، ابن جريج ، وأبو نعيم ، وابن أبى شيبة ، وعمرو بن على الفلّاس ، وقال : وهو ابن ثمان وثمانين سنة. وقيل سنة تسع عشرة ، حكاه صاحب الكمال عن خليفة بن خياط.

واختلف فى مولده ، فقال ابن حبان : فى سنة سبع وعشرين. وروى عمرو بن قيس ، عن عطاء قال : أعقل مقتل عثمان رضى الله عنه ، وولدت لعامين خلوا من خلافة عثمان رضى الله عنه.

وهذا يدل على أن مولده سنة ست وعشرين ، لأن عثمان بويع بالخلافة فى محرم سنة أربع وعشرين.

وقال العلاء بن عمرو ، عن عبد القدّوس ، عن حجاج ، قال عطاء : وددت أنى أحسن العربية ، قال : وهو يومئذ ابن تسعين سنة.

٢٠٦

وهذا يلزم منه أن يكون مولده فى سنة أربع وعشرين ، أو فى سنة خمس وعشرين. وقال ابن أبى ليلى : حجّ عطاء سبعين حجة ، وعاش مائة سنة.

وقال النووى فى ترجمته فى التهذيب : ومن غرائبه ما حكاه ابن المنذر وغيره عنه أنه قال : إذا كان العيد يوم الجمعة ، وجبت صلاة العيد ، ولا يجب بعدها لا جمعة ولا ظهر ، ولا صلاة بعد العيد إلى العصر. انتهى.

ومن غرائبه أيضا ما قيل : إنه كان يرى إباحة وطء الجوارى بإذن أربابهن ، نقل عنه ذلك ابن خلكان فى تاريخه ، لأنه قال : وحكى أبو الفتوح العجلىّ فى كتاب شرح «مشكلات الوسيط والوجيز» فى الباب الثالث من «كتاب الرهن» ما مثاله : وحكى عن عطاء ، أنه كان يبعث بجواريه إلى ضيفانه ، والذى أعتقده أنا أن هذا بعيد ، ولو رأى الحل ، لكانت المروءة والغيرة تأبى ذلك ، فكيف يظن هذا بمثل ذلك السيد الإمام ، ولم أذكره إلا لغرابته. انتهى كلام ابن خلكان.

وعطاء بن أبى رباح ، هو الذى رماه الشاعر بقوله (١) :

سل المفتى المكىّ هل فى تزوار

وضمّة مشتاق الفؤاد جناح

فقال معاذ الله أن يذهب التّقى

تلاصق أكباد بهن جراح

كذا قيل فى هذا الخبر ، وقيل إن عطاء أنكر ذلك لما بلغه ، والله أعلم.

وذكر ابن الأثير مجد الدين ـ فى كتابه ـ لعطاء بن أبى رباح ترجمة مليحة تشتمل على أشياء مما ذكرنا وغير ذلك ، ونص ما ذكره : عطاء بن أبى رباح ، أبو محمد ، واسم أبى رباح : أسلم ، وكان من مولدى الجند ، وهو مولى لآل أبى ميسرة الفهرى ، من تابعى مكة وعلمائها وزهادها ، سمع جابرا ، وابن عباس ، وابن عمر ، وابن الزبير ، رضى الله عنهم ، وخلقا كثيرا من الصحابة. روى عنه عمرو بن دينار ، والزهرى ، وقتادة ، ومالك ابن دينار ، والأعمش ، والأوزاعى ، وخلق كثير. وإليه وإلى مجاهد ، انتهت فتوى مكة فى زمانهما ، وأكثر ذلك إلى عطاء.

وقال ابن جريج : كان عطاء بعد ما كبر وضعف ، يقوم إلى الصلاة فيقرأ مائتى آية من سورة البقرة ، وهو قائم لا يزول منه شىء ولا يتحرك.

وقال ابن عيينة : قلت لابن جريج : ما رأيت مصليا مثلك ، فقال : فكيف لو رأيت عطاء.

__________________

(١) البيتان فى طبقات الشافعية ١ / ٣٠٣.

٢٠٧

وقال سفيان : قدم ابن عمر مكة فسألوه ، فقال : أتجمعون لى يا أهل مكة المسائل ، وفيكم ابن أبى رباح!.

وقال أبو حنيفة : ما رأيت فيمن لقيت أفضل من عطاء. وقال ابن أبى ليلى : حج عطاء سبعين حجّة ، وعاش مائة سنة. وقال ابن جريج : كان المسجد فراش عطاء عشرين سنة ، أو نحوا عن عشرين سنة.

وقال الزهرى : قدمت على عبد الملك بن مروان ، فقال : من أين قدمت يا زهرىّ؟ قلت : من مكة. قال : فمن خلّفت يسودها فى أهلها؟.

قلت : عطاء بن أبى رباح. قال : فمن العرب أم من الموالى؟. قلت : من الموالى. قال : فبم سادهم؟ قلت : بالديانة والرواية. قال : إن أهل الديانة والرواية لينبغى أن يسودوا.

وقال عبد الرحمن بن سابط : والله ما أرى إيمان أهل الأرض ، يعدل إيمان أبى بكر ، ولا أرى إيمان أهل مكة ، يعدل إيمان عطاء.

وقال أحمد بن حنبل : العلم خزائن يقسمه الله تعالى لمن أحب ، لو كان يخصّ بالعلم أحدا ، لكان بيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم أولى. كان عطاء بن أبى رباح حبشيّا.

وقال سلمة بن كهيل : ما رأيت أحدا يريد بالعلم وجه الله تعالى ، غير هؤلاء الثلاثة: عطاء ، وطاوس ، ومجاهد.

وقال إبراهيم الحربى : كان عطاء عبدا أسود لامرأة من أهل مكة ، وكان أنفه كأنه باقلّاة. قال : وجاء سليمان بن عبد الملك أمير المؤمنين ، إلى عطاء هو وابناه ، فجلسوا إليه وهو يصلى ، فلما صلى ، انفتل إليهم ، فما زالوا يسألونه عن مناسك الحج ، وقد حول قفاه إليهم ، ثم قال سليمان لابنيه : قوما. وقال : يا بنىّ لا تنيا فى طلب العلم ، فإنى لا أنسى ذلّنا بين يدى هذا العبد الأسود.

وقال عمرو بن دينار : ما رأيت مثل عطاء قط ، وما رأيت على عطاء قميصا ، ولا رأيت عليه ثوبا يساوى خمسة دراهم.

وقال إسماعيل بن أمية : كان عطاء يطيل الصمت ، فإذا تكلم يخيّل إلينا أنه يؤيد.

وقال الأوزاعى : ما رأيت أحدا أخشع لله من عطاء ، ولا أطول حزنا من يحيى بن أبى كثير.

٢٠٨

وقال معاذ بن سعيد : كنا عند عطاء ، فتحدث رجل بحديث ، فاعترض له آخر فى حديثه ، فقال عطاء : سبحان الله ، ما هذه الأخلاق ، ما هذه الأخلاق ، إنى لأسمع الحديث من الرجل ، وأنا أعلم به منه ، فأريه أنى لا أحسن منه شيئا.

وقال ابن جريج عن عطاء : إن الرجل ليحدثنى بالحديث فأنصت له ، كأنى لم أسمعه قط ، وقد سمعته قبل أن يولد.

وقال يعلى بن عبيد : دخلنا على محمد بن سوقة ، فقال : أحدثكم بحديث لعله ينفعكم؟ فإنه قد نفعنى ، ثم قال : قال عطاء بن أبى رباح : يابن أخى ، إن من كان قبلكم ، كانوا يكرهون فضول الكلام ، وكانوا يعدون فضوله ، ما عدا كتاب الله عزوجل ، أن تقرأه أو تأمر بمعروف ، أو تنهى عن منكر ، أو تنطق بحاجتك فى معيشتك التى لابد لك منها ، أتنكرون؟. (وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ كِراماً كاتِبِينَ) [الانفطار : ١٠ ، ١١](عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) [ق : ١٧ ، ١٨] أما يستحيى أحدكم لو نشرت عليه صحيفته ، التى أملى صدر نهاره ، وكان أكثر ما فيها ليس من أمر دينه ولا دنياه؟.

وقال الأوزاعى : مات عطاء وهو أرضى أهل الأرض. وقال ابن جريج : رأيت عطاء يطوف بالبيت ، فقال لقائده : امسك ، احفظوا عنى خمسا : القدر خيره وشره ، حلوه مره ، من الله تعالى ، ليس للعبد فيه مشيئة ولا تفويض ، وأهل قبلتنا مؤمنون ، حرام دماؤهم وأموالهم إلا بحقها ، وقتال الفئة الباغية بالأيدى والسلاح ، والشهادة على الخوارج بالضّلالة.

وقال عطاء : النظر إلى العابد عبادة. وقال : إن استطعت أن تخلو بنفسك عشيّة عرفة فافعل.

وقال أبو حنيفة : لقيت عطاء بمكة ، فسألته عن شىء ، فقال : من أين أنت؟. قلت : من أهل الكوفة ، قال : من أهل القرية الذين فارقوا دينهم وكانوا شيعا؟. قلت : نعم. قال : من أى الأصناف أنت؟ قلت : ممن لا يسب السلف ، ويؤمن بالقدر ، ولا يكفر أحدا بذنب. فقال لى عطاء : عرفت فالزم.

وقال عثمان بن الأسود : قلت لعطاء : الرجل يمرّ بالقوم ، فيقذفه بعضهم ، أنخبره؟ قال : لا ، المجالس بالأمانة.

وقال عطاء الخراسانى : انطلقت مع أبى وهو يريد هشام بن عبد الملك ، فلما قربنا ،

٢٠٩

إذا شيخ أسود على حمار ، عليه قميص دنس ، وجبّة دنسة ، وقلنسوة لا طئة دنسة ، وركاباه من خشب ، فضحكت وقلت لأبى : من هذا الأعرابى؟ قال : اسكت ، هذا سيد فقهاء أهل الحجاز ، هذا عطاء بن أبى رباح.

فلما قرب ، نزل أبى عن بغلته ، ونزل هو عن حماره ، فاعتنقا وتسالما ، ثم عادا فركبا فانطلقا ، حتى وقفا بباب هشام ، فلما رجع أبى سألته فقلت : ما كان منكما؟. قال : لما قيل لهشام : عطاء بن أبى رباح ، أذن له ، فو الله ما دخلت إلا بسببه ، فلما رآه هشام قال : مرحبا مرحبا ، هاهنا هاهنا ، فرفع حتى مسّت ركبته ركبته ، وعنده أشراف الناس يتحدثون ، فسكتوا ، فقال هشام : ما حاجتك يا أبا محمد؟ قال : يا أمير المؤمنين ، أهل الحرمين أهل الله ، وجيران رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، تقسم فيهم عطياتهم وأرزاقهم ، قال : نعم. يا غلام ، اكتب لأهل المدينة وأهل مكة بعطاءين وأرزاقهم لسنة ، ثم قال : أمن حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، أهل الحجاز وأهل نجد ، أصل العرب وقادة الإسلام ، رد فيهم فضول صدقاتهم ، قال : نعم. اكتب يا غلام ، بأن تردّ فيهم صدقاتهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟. قال : نعم يا أمير المؤمنين أهل الثغور يرمون من وراء بيضتكم ، ويقاتلون عدوكم ، قد أجريتم لهم أرزاقا تدرّها عليهم ، فإنهم إن هلكوا غزيتم ، قال : نعم. اكتب يا غلام ، تحمل أرزاقهم إليهم. هل من حاجة غيرها يا أبا محمد؟ قال : نعم يا أمير المؤمنين ، أهل ذمتكم لا تجبى صغارهم ، ولا تتعتع كبارهم ، ولا يكلّفون ما لا يطيقون ، فإن ما تجبونه معونة لكم على عدوكم. قال : نعم. اكتب يا غلام ، بأن لا يحمّلوا ما لا يطيقون. هل من حاجة غيرها؟. قال : نعم. يا أمير المؤمنين ، اتق الله فى نفسك ، فإنك خلقت وحدك ، وتحشر وحدك ، وتحاسب وحدك ، ولا والله ما معك ممن ترى أحد. قال : فأكب هشام ، وقال عطاء ، فلما كنا عند الباب ، إذا رجل قد تبعه بكيس ، ما أدرى ما فيه ، أدراهم أم دنانير ، قال : إن أمير المؤمنين أمر لك بهذه. قال : قل لا أسألكم عليه أجرا إن أجرى إلّا على الله ربّ العالمين. ثم خرج عطاء ، ولا والله ما شرب عنده حسوة من ماء فما فوقها.

ومات عطاء بمكة سنة خمس عشرة ومائة. وقيل سنة أربع عشرة ، وهو ابن ثمان وثمانين سنة ، رحمة الله عليه ورضوانه.

٢٠٠٤ ـ عطّاف بن حسان بن أبى نمىّ الحسنى المكى :

[..............](١).

__________________

٢٠٠٢ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٠

٢٠٠٣ ـ عطّاف بن خالد بن عبد الله بن عثمان بن العاصى بن وابصة بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشى المخزومى المكى المدنى ، يكنى أبا صفوا :

روى عن : أبيه ، وأمه ، وأخيه عبد الله ، ونافع مولى ابن عمر ، وزيد بن أسلم ، وأبى حازم بن دينار ، وغيرهم.

روى عنه : آدم بن أبى إياس ، ومعبد بن أبى مريم ، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبى ، وقتيبة بن سعيد ، والوليد بن مسلم ، وغيرهم. روى له البخارى فى الأدب المفرد ، وأبو داود فى القدر ، والترمذى (١) ، والنسائى (٢).

قال يحيى بن معين : ثقة. وفى رواية : صالح. وفى رواية : شيخ ليس به بأس. وقال

__________________

٢٠٠٣ ـ انظر ترجمته فى : (التاريخ لابن معين ٤٠٦ ، المعرفة والتاريخ ١ / ٢٤١ ، ٢٤٢ ، ٢ / ٣٠٠ ، الجرح والتعديل ٧ / ٣٢ ، كتاب المجروحين ٢ / ١٩٣ ، تهذيب الكمال ٩٤١ ، ميزان الاعتدال ٣ / ٦٩ ، تهذيب التهذيب ٧ / ٢٢١ ، نسب قريش ٣٣٤ ، خلاصة تذهيب الكمال ٣٠٦ ، سير أعلام النبلاء ٨ / ٢٧٣).

(١) فى سننه ، كتاب الفضائل ، حديث رقم (١٥٧٢) من طريق : قتيبة حدثنا العطاف بن خالد المخزومى عن أبى حازم عن سهل بن سعد الساعدى قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم غدوة فى سبيل الله خير من الدنيا وما فيها وموضع سوط فى الجنة خير من الدنيا وما فيها. قال أبو عيسى : وفى الباب عن أبى هريرة وابن عباس وأبى أيوب وأنس وهذا حديث حسن صحيح.

(٢) ثلاثة أحاديث فى الصغرى : الأول : فى كتاب المواقيت ، حديث رقم (٥٩٢) من طريق : قتيبة بن سعيد حدثنا العطاف عن نافع قال : أقبلنا مع ابن عمر من مكة فلما كان تلك الليلة سار بنا حتى أمسينا فظننا أنه نسى الصلاة فقلنا له : الصلاة ، فسكت وسار حتى كاد الشفق أن يغيب ثم نزل فصلى وغاب الشفق فصلى العشاء ثم أقبل علينا فقال : هكذا كنا نصنع مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم إذا جد به السير.

الثانى : فى كتاب القبلة ، حديث رقم (٧٥٧) من طريق : قتيبة قال : حدثنا العطاف عن موسى بن إبراهيم عن سلمة بن الأكوع قال : قلت : يا رسول الله إنى لأكون فى الصيد وليس على إلا القميص أفأصلى فيه؟ قال : وزره عليك ولو بشوكة.

الثالث : فى كتاب الافتتاح ، حديث رقم (٩٧١) من طريق : قتيبة قال : حدثنا العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال : دخلنا على أنس بن مالك فقال : صليتم؟ قلنا : نعم ، قال : يا جارية هلمى لى وضوءا ما صليت وراء إمام أشبه صلاة برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم من إمامكم هذا. قال زيد : وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود.

٢١١

أحمد : هو من أهل مكة ، ثقة صحيح الحديث ، روى عنه مائة حديث. وقال ابن عدى : ما أرى بحديثه بأسا ، إذا حدّث عنه ثقة.

وذكره الزبير بن بكار ، فقال : كان العطاف من ذوى السّن من قريش ، قد روى عنه الحديث. وذكر نسبه كما ذكرنا ، قال : وأمّه أم الأسود بنت الصّلت بن مخرمة بن نوفل ابن أهيب بن عبد مناف بن زهرة. انتهى.

٢٠٠٤ ـ عطاف بن أبى دعيج بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد بن على بن قتادة ابن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى :

[....................................................](١).

٢٠٠٥ ـ عطاف بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة بن إدريس بن مطاعن الحسنى المكى :

كان ملائما لأخيه عطيفة وشهد حربه مع حميضة فى سنة عشرين وسبعمائة ، ولم أدر متى مات ، إلا أنه كان حيا فى سنة أربع وعشرين وسبعمائة بمكة ، وما علمت من حاله سوى هذا.

٢٠٠٦ ـ عطيفة بن أبى نمى محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى:

أخو السابق ذكره. يلقب سيف الدين. أمير مكة. ولى إمرتها نحو خمس عشرة سنة ، مستقلا بها فى بعضها ، وشريكا لأخيه رميثة فى بعضها ، وذكر بيبرس الدوادار ، أو النويرى فى تاريخه ـ الشك منى ـ ما يقتضى أنه ولى إمرتها شريكا لأخيه أبى الغيث ، لما أن ولّاه الجاشنكير إمرتها ، فى موسم السنة التى مات فيها أبوهما ، وهى سنة إحدى وسبعمائة ، بعد القبض على أخويه المتغلبين على مكة : حميضة ورميثة ، تأديبا على قبضهما أبا الغيث وعطيفة ، كما تقدم مشروحا فى ترجمة حميضة ورميثة.

وذكر صاحب بهجة الزمن : أن الجاشنكير ، أمّر بمكة فى موسم سنة إحدى وسبعمائة ـ بعد القبض على حميضة ورميثة ـ أبا الغيث ، ومحمد بن إدريس بن قتادة ، وهذا يخالف

__________________

٢٠٠٤ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢٠٠٦ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ٢ / ٤٥٥ ، خلاصة الكلام ٣٠ ، ٣١ ، الأعلام ٤ / ٢٣٧).

٢١٢

ما ذكره بيبرس أو النويرى ، من أنه أمر عطيفة مع أبى الغيث ، والله أعلم بالصواب.

وذكر النويرى : أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون صاحب مصر ، ولى عطيفة إمرة مكة ، فى سنة تسع عشرة وسبعمائة ، بعد القبض على أخيه رميثة بمكة ، فى موسم ثمان عشرة ، وأن السلطان جهز مع عطيفة لنصرته عسكرا ، مع أميرين ، هما : عز الدين [............](١) وعز الدين أيدمر الملكى ، وأنهم توجهوا من القاهرة فى شهر الله المحرم من سنة تسع عشرة وسبعمائة. ولما وصل العسكر إلى مكة ، أجلسوا بها عطيفة وأقاموا عنده ، وتوجه الذين كانوا بها من العام الماضى ، وكثر بمكة الأمن والعدل ، ورخصت الأسعار ، بحيث إنه بيعت غرارة القمح فى هذه السنة بمائة وعشرين درهما ، على ما ذكر البرزالى ، وما أدرى هل أراد بالغرارة المكية أو الشامية.

ولما حج السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون فى هذه السنة ، أعنى سنة تسع عشرة وسبعمائة ، سأله المجاورون بمكة ، أن يترك عندهم فيها من يمنعهم من أذى حميضة لهم ففعل ، وترك بها الأمير شمس الدين سنقر فى مائة فارس ، ولما قصد حميضة مكة وعطيفة بها ، خرج إليه عطيفة ، ومع عطيفة أخوه عطاف ، وآخر من أخوته ، وعسكره ضعيف ، فنصرهم الله على حميضة وكسروه ، وكان ذلك فى جمادى الآخرة من سنة عشرين وسبعمائة ، وقتل حميضة بعد ذلك بأيام.

وذكر البرزالى نقلا عن كتاب الشيخ فخر الدين النويرى : أن مكة كانت فى هذه السنة طيّبة من كثرة المياه والخير والأمن ، وأرسل إليها من الغلال ما له قيمة كثيرة. وذكر البرزالى أنه جاء فى هذه السنة من اليمنيين والكارم خلق كثير إلى مكة ، بسبب عدل عطيفة. قال : وذكر أن الناس تألّموا لمجىء رميثة من مصر إلى مكة فى موسم هذه السنة ، صحبة الأمير أرغون النائب الناصرى ، لأن الناس يحبون عطيفة لعدله. قال : لكن أمر مكة إلى عطيفة ، وهو مشكور السيرة. انتهى.

ورأيت فى كلام بعضهم ، ما يقتضى أن رميثة ولى إمرة مكة فى هذه السنة ، شريكا لأخيه عطيفة ، والله أعلم بالصواب.

وذكر البرزالى ما يقتضى أن رميثة كان أمير مكة فى سنة إحدى وعشرين وسبعمائة ، لأنه قال فى أخبار هذه السنة : ورد كتاب موفق الدين عبد الله الحنبلى ، إمام المدرسة الصالحية من القاهرة ، وهو مؤرخ بمستهل جمادى الآخرة ، يذكر فيه أنه جاء فى هذا

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٣

القرب ، كتاب من جهة عطيفة أمير مكة ، يذكر أن رميثة قد حلف له بنو حسن ، وقد أظهر مذهب الزيدية ، وجاء معه كتاب آخر ، من جهة مملوك هنالك لنائب السلطنة ، وفيه مثل ما فى كتاب عطيفة ، وقد تحرّج السلطان من هذا الأمر ، واشتد غضبه على رميثة. انتهى.

وذكر ابن الجزرى ما يقتضى أن عطيفة كان أمير مكة فى سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة ، لأنه قال فى أخبار هذه السنة : ورد كتاب من القاهرة مورّخ بشهر شعبان ، أن السلطان أعز الله نصره ، أبطل المكس المتعلق بالمأكول بمكة فقط ، وعوّض صاحب مكة الأمير الشريف عطيفة ثلثى دماميل من صعيد مصر. انتهى.

وذكر ابن الجزرى أيضا فى تاريخه ، ما يقتضى أن رميثة كان أميرا على مكة ، شريكا لعطيفة فى بعض سنى عشر الثلاثين وسبعمائة ، لأنه ذكر أنه سأل المحدث شهاب الدين المعروف بابن العديسة ، بعد قدومه إلى دمشق من الحج فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة ، عن أمور تتعلق بالحجاز وغيره ، وأنه قال : والحكام يومئذ على مكة : الأميران الشريفان : أسد الدين رميثة ، وسيف الدين عطيفة ، ولدا أبى نمىّ. انتهى.

وذكر الجزرى أيضا ، ما يقتضى أن عطيفة كان منفردا بإمرة مكة ، فى سنة ست وعشرين وسبعمائة ، لأنه قال : وصل أيضا مرسوم كريم من السلطان ، إلى السيد عطيفة ، بتبطيل مقام الزيدية ، والإنكار عليه فى ذلك ، وفى أمور حدثت بمكة ؛ فدخل السيد عطيفة عند وصول المرسوم الكريم ، وأخرج إمام الزيدية إخراجا عنيفا ، ونادى بالعدل فى البلاد ، وحصل بذلك سرور عظيم للمسلمين. انتهى.

وإمام الزيدية المشار إليه ، هو فيما أظن ، رجل شريف كان يصلى بالزيدية ، بين الركنين اليمانى والحجر الأسود ، فإذا صلى صلاة الصبح ، وفرغ من الصلاة ، دعا بدعاء مبتدع ، وجهر به صوته ، وهو : اللهم صلى على محمد ، وعلى أهل بيته المصطفين الأطهار ، المنتخبين الأخيار ، الذين أذهب الله عنهم الرجس ، وطهرهم تطهيرا. اللهم انصر الحق والمحقين ، واخذل الباطل والمبطلين ، ببقاء ظل أمير المؤمنين ، ترجمان البيان وكاشف علوم القرآن ، الإمام ابن الإمام ابن الإمام ، محمد بن المطهر بن يحيى ابن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، الذى للدين أحيى ، إمام المتقين وحجاب الصائمين. اللهم انصره وشعشع أنواره واقتل حساده ، واكبت أضداده. مع زيادات على هذا. وكان إذا صلى صلاة المغرب ، دعا أيضا بهذا الدعاء ، وجهر به صوته ، فى هاتين الصلاتين.

٢١٤

وما زال على هذا الأمر ، إلى أن وصل إلى مكة العسكر المصرى المجرد لليمن ، نصرة للملك المجاهد صاحب اليمن ، فى سنة خمس وعشرين وسبعمائة ، فعند ذلك خرج هذا الإمام من مكة وأقام بوادى مرّ ، وما رجع إليها إلى وقت الحج.

انتهى ما ذكره ابن الجزرى نقلا عن ابن العديسة ، من خبر إمام الزيدية بمكة ، وكأنه عاد بعد الموسم إلى ما كان يفعله.

وحاصل ما ذكرناه من هذه الأخبار ، أن ولاية عطيفة بمكة ، فى عشر الثلاثين وسبعمائة مختلف فيها ، وليها فيها بمفرده ، أو شركة فيها أخوه رميثة؟ ولم يزل عطيفة على ولايته ، إلى أن وصل العسكر المجرد إلى مكة ، فى سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة ، بسبب قتل الأمير ألدمر ، أمير جاندار فى سنة ثلاثين وسبعمائة ، فى رابع عشر الحجة منها. ولما وصل العسكر إلى مكة ، وجدوا الأشراف قد هربوا بأجمعهم ، وقد تقدّم خير هذا العسكر فى ترجمة رميثة ، وأنه استقر فى إمرة مكة بمفرده.

ثم توجه عطيفة إلى مصر ، وعاد منها فى سنة أربع وثلاثين متوليا ، وأقام بموضع يقال له أم الدّمن ، ثم جاء إلى مكة ، وأخذ نصف البلاد من أخيه رميثة. فلما كانت ليلة النفر من منى ، أخرجه رميثة من مكة بلا قتال ، فتوجه عطيفة إلى مصر ، وأقام بها إلى أن جاء صحبة الحاج فى آخر سنة خمس وثلاثين ، وقد ولى نصف البلاد ، ومعه خمسون مملوكا شراء ومستخدمين ، وأخذ نصف البلاد من أخيه رميثة بلا قتال ، وكانا متوليين لمكة فى سنة ست وثلاثين وسبعمائة.

ثم إنهما بعد مدة من هذه السنة ، حصلت بينهما وحشة ومباعدة ، فأقام عطيفة بمكة ومعه المماليك ورميثة بالجديد ، إلى شهر رمضان ، فلما كانا فى اليوم الثامن والعشرين منه ، ركب رميثة فى جميع عسكره ، ودخل مكة على عطيفة ، بين الظهر والعصر ، وكان عطيفة برباط أم الخليفة والخيل والدروع والتجافيف فى العلقمية ، فلم يزل رميثة وأصحابه قاصدين إلى باب العلقمية ، ولم يكن معهم رجّالة ، فوقف على باب العلقمية من حماها إلى أن أغلقت ، والموضع ضيق لا مجال للخيل فيه ، والذين حموا ذلك ، الغزّ والعبيد من غلمان عطيفة ، فلم يحصل فى ذلك اليوم لرميثة ظفر ، وقتل فى ذلك اليوم من أصحاب رميثة ، وزيره واصل بن عيسى الزباع ، وخشيعة ابن عم الزباع ، ويحيى بن ملاعب ، وولوا راجعين إلى الجديد ، ولم يقتل من أصحاب عطيفة غير عبد واحد أو اثنين فيما قيل ، والله أعلم.

٢١٥

وذكر ابن محفوظ : أن فى هذه السنة ، لم يحج الشريفان رميثة وعطيفة ، واصطلحا فى سنة سبع وثلاثين ، وأقاما مدة ، ثم توجها إلى ناحية اليمن بالواديين ، وترك عطيفة ولده مباركا ، وترك رميثة ابنه مغامسا بالجديد ، وحصل بين مبارك ومغامس وحشة وقتال ، ظفر فيه مبارك.

وذكر أن فى هذه السنة ، استدعى صاحب مصر ، الشريفين عطيفة ورميثة ، فذهبا إلى مصر ، فلزم عطيفة وأعطى رميثة البلاد ، وجاء إلى مكة ، ولم يزل عطيفة بمصر ، إلى أن توفى بها فى سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة بالقبيبات ظاهر القاهرة ، ودفن بها. وكان موصوفا بشجاعة مفرطة ، وكان أكثر حرمة من أخيه رميثة.

وقد بلغنى عن الشريف أبى سويد بن أبى دعيج بن أبى نمىّ الحسنى المكى الآتى ذكره ، أنه قال : كان رميثة مع عطيفة ، كمبارك بن رميثة مع عجلان انتهى بالمعنى.

ولم يكن لمبارك بن رميثة قدرة على مخالفة أخيه عجلان فيما يتعلق بأمر دولته ، وكان عجلان له مكرما وقائما بمصالحه ، وكان عطيفة يسكن برباط أم الخليفة الناصر لدين الله العباسى ، بالجانب الشامى من المسجد الحرام ، ولذلك قيل لهذا الرباط العطيفية ، لكثرة سكنى عطيفة به ، ووجد عطيفة فى سقفه خبيئة فضة فى الجانب الذى يلى المسجد الحرام ، والذى أرشده إلى ذلك نجار كان بمكة ، ولما ذكر ذلك النجار لعطيفة ، قال : أريد أن تخلى لى الموضع ، وأن تحضر لى سلما طويلا فأحضر له سلّم الحرم ، وأخرج كل من كان عنده ، حتى لم يبق معهما غيرهما.

وكان عطيفة يعين النجار على حمل السّلّم ، ونصبه حيث يختار النجار. وكان النجار يفتح بالقدوم عن بعض المواضع ، التى يتخيل أن بها الفضة مخبوءة ، وكانت الفضة دراهم مضروبة ، يقال لها القازانية. وكان الذى وجدوه من ذلك كثيرا ، ولم يكن عند النجار الذى أخرج هذه الفضة خبر بها ، وإنما نظر إلى السقف ، فظهر له بذكائه أنه مشغول.

ولشيخنا بالإجازة ، الأديب يحيى النّشو الشاعر المكى ، فى عطيفة مدائح كثيرة ، منها من قصيدة فيما أنبأنا به ، قوله [من الكامل] :

ها قد ملكت لمهجتى وحشاشتى

فانظر بأيّهما علىّ تصدّق

يا ممرضى ببعاده وصدوده

أنا عبد ودّك بالمحبة موثق

بالله ما خطر السلوّ بخاطرى

أبدا ولا قلبى بغيرك يعلق

يا لائمى دع عنك لومى فى الهوى

ما أنت من روحى بروحى أرفق

٢١٦

لو ذقت ما قد ذقته من لوعة

ما كنت ترعد بالملام وتبرق

وأغنّ فتان اللواحظ أهيف

عبل الروادف بالهلال مطوق

غصن يميس على نقى من فوقه

در عليه من الملاحة رونق

يحكى الأقاحة مبسما وبثغره

خمر بمرشفه الشّهىّ مروق

لله ما لا قيت منه ولم يكن

لى فى هواه مساعد أو مشفق

إلا الشريف عطيفة بن محمّد

ملك بظل جنابه أستوثق

ومنها :

يسمو على هام السّماك بهمّة

عليا تظلّ بها السعادة تحدق

تمشى المنايا تحت ظلّ حسامه

لا يستباح ذمامه والموثق

غيث إذا ما الغيث أخلفنا فمن

كفيه سيح للبرية مغدق

أضحت به أم البلاد أنيسة

فالعدل منها بالمسرة موثق

وقوله فيه من أخرى :

فأنت المليك ابن المليك أصالة

يقصّر عن أوصافك النظم والنثر

أعزّ الورى قدرا وجاها ورفعة

وأبسطهم كفا له الحكم والقهر

ومنها :

فسل عن علاك النسر يا خير ماجد

فقد قيل لى من تحت أقدامك النسر

ألم تر أن الله أعطاك رتبة

إليك بها تهدى المثوبة والأجر

فما لك فى كل الملوك مماثل

وقد نشرت بالنصر أعلامك الصفر

بقيت بقاء الدهر بالملك والغنى

ودامت لك الأيام والمجد والفخر

وقوله فيه من أخرى :

بلوت بنى الدنيا جميعا بأسرهم

فلم أر فيهم من له الشكر والحمد

سوى سيف دين الله فهو عطيفة

مليك له من ربه العزّ والمجد

له همة تسمو إلى كل غاية

هو الطّاهر الأنساب والعلم الفرد

هو الملك الماحى لمن كان قبله

فما فى ملوك الأرض طرّا له ندّ

هو المنعم المولى الجميل تفضلا

فمن سيبه قد أورق الحجر الصلد

كريم كرام العصر تسعى لبابه

وفود لهم منه المواهب والرّفد

تخرّ له كل الملوك مهابة

وتخرس من أجلاله الألسن اللّدّ

٢١٧

أباد الأعادى بالصوارم والقنا

له الخيل فى الغارات بالنصر تحتدّ

عليها رجال من لؤىّ بن غالب

إذا وعدوا أوفوا وإن عدوا شدّوا

وقوله فيه من أخرى [من الكامل] :

تجرى مقادير الإله بما تشا

والدهر قد ألقى إليك زمامه

الله قد أعطى الذى أملته

فدع الحسود تميته أوهامه

ومنها :

ما للسكوت إفادة عن كلّ من

أبدت به بين الورى أجرامه

ها قد قدرت فلا تكن متوانيا

فالأفعوان قوية أسمامه

لا تحلمنّ عن العدو تكرما

كم سيّد ضرّت له أحلامه

لا تحقرنّ أخا العداوة إنه

كالجمر يوشك أن يضرّ ضرامه

أنت المليك ابن المليك أصالة

فالجود منكم وفّرت أقسامه

أو ما علمت بأن فيك فصاحة

ما حازها قس ولا أقوامه

ليث تخاف الأسد من سطواته

غيث يجود على الأنام غمامه

من ليس مشغول اللسان عن الندى

يوما إذ شغل اليمين حسامه

وقوله فيه من أخرى [من الكامل] :

من لى بسفح منى يلوح لناظرى

والبرق خفاق على أعلامه

قل للمقيم على أثيلات النّقا

لا تقتل المشتاق قبل حمامه

ومنها فى المدح :

المالك الملك المطاع لأمره

ليث تخاف الأسد من إقدامه

سيف لدين الله فهو عطيفة

حاز الفخار وقاده بزمامه

ملك تشرّفت البلاد بعدله

والعدل منسوب إلى أحكامه

أحيى الأنام بجوده ونواله

فاستبشرت بالخصب فى أيّامه

من نسل أحمد واحد فى عصره

آباؤه كلّ كريم كرامه

فاق الملوك بنى الملوك بعدله

فملوك هذا العصر من خدّامه

وقوله فيه من أخرى أولها [من البسيط] :

وأقبل السّعد والإقبال والنّعم

ومنها :

٢١٨

فيالها رتبة ما نالها أحد

وهمّة قصرت من دونها الهمم

يا ابن الذبيحين يا أعلى الورى نسبا

ومن به أهل بيت الله قد رحموا

من لم يكن بك سيف الدين معتصما

فذاك بحبل الله ليس يعتصم

عطيفة فيه سرّ الله مدّخر

قد برّ فى مدحه الشاعر القسم

٢٠٠٧ ـ عطيفة بن محمد بن عطيفة بن أبى نمى الحسنى المكى :

حفيد السابق. كان محمد بن أحمد بن عجلان ، عند موت أبيه ، أرسله إلى صاحب مصر الملك الظاهر ، ليأتيه بالولاية منه ، فذهب وعاد ومعه تقليد وتشريف للمذكور ، بولايته إمرة مكة ، فى آخر شوال ، أو فى أوائل ذى القعدة ، من السنة التى توفى فيها أبوه ، وهى سنة ثمان وثمانين وسبعمائة.

ومات عطيفة فى السنة التى بعدها ، أو فى سنة تسعين وسبعمائة ، وكان أسود. رحمه‌الله تعالى.

* * *

من اسمه عطية

٢٠٠٨ ـ عطيّة بن خليفة بن عطية [.........](١) المكى المعروف بالمطيبير ، يلقب زين الدين :

كبير تجار مكة ، ولد قبيل سنة ستين وسبعمائة ، فلما صار فى عداد الرجال ، عانى التّسبّب والتجارة ، واستمر على ذلك إلى قبيل وفاته ، فاستفاد شيئا كثيرا من النقد وأصناف المتاجر ، من أنواع البهار وغيره ، والعقار الكثير الجيد ، بمكة ووادى مر ونخلة ، وكان يذكر أنه يكسب فى الدرهم ستة أمثاله ، وما قارب ذلك. ولم يكن حاله فى لباسه ومأكله وأمر دنياه على قدر غناه ، ولا له ميل لاجتماع أصحابه للأكل عنده ، وربما واكلهم بشىء يخرجه ويخرجونه ، ولم يكن معتنيا بتحرير ما يجب عليه من الزكاة ، ويرى أن إحسانه إلى أقاربه ، وما تأخذه منه الدولة من المال ، يقوم مقام ذلك ، وكان قليل الرفق فى مطالبة غرمائه ، شديدا فى الاقتضاء منهم ، ويرجى له العفو والصفح بأفعال له مشكورة.

__________________

٢٠٠٨ ـ انظر ترجمته فى : (الضوء اللامع ٥ / ١٤٨) ، وفيه «المطيبيز».

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٢١٩

منها : كثرة إحسانه إلى أقاربه ، وصدقة قررها للفقراء الواردين من اليمن ، طريق السّراة والطائف ، وهى تمر يصرف لهم بمنى ، لكل إنسان رطل بالمصرى ، وله صدقة أخرى بهدة بنى جابر ، على زوّار المدينة النبوية بطريق الماشى ، وله وقف على مواراة الطرحى ، وهم الموتى من الغرباء بمكة.

وكان قائما بمواراتهم قبل موته بنحو عشرين سنة ، على وجه لعله أن يكون مجزيا فى المواراة أو مقاربا ، وله وقف على رباط الموفق بمكة ، وسبيل ماء أنشأه بقرب المروة بمكة ، وقف عليه علوه ، وسبيل بمنى ، صهريج كبير يملأ من الماء وله رباط بسوق الليل بمكة ، على النّسوة ، ويقال إنه أباح لهن أن يكرين مساكنهن فى زمن الموسم ليكتسين بذلك ، وللواقف اشتراط ذلك.

وتوفى فى يوم الخميس الثامن والعشرين من رمضان المعظم قدره ، سنة سبع وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة ، بكرة يوم الجمعة تاسع عشرينه ، ولم يخلّف ولدا ذكرا ، وإنما خلف بنتا وعصبة ، وهم بنو أخيه مسعود.

٢٠٠٩ ـ عطية بن ظهيرة بن مرزوق بن محمد بن عليان بن سليمان بن عبد الرحمن القرشى المخزومى ، أبو أحمد المكى :

هكذا وجدته منسوبا بخط شيخنا القاضى جمال الدين بن ظهيرة. وذكر أن بقية نسبهم كان فى هيكل مع شخص منهم ، كان باليمن وضاع منه ، وسألت عنه أيضا شيخنا القاضى جمال الدين ، فقال : كان الشيخ عطية المذكور ذا مال وافر ، ويعمل فيه الخير كثيرا.

بلغنى أنه سمع شخصا يقرأ قوله تعالى : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران : ٩٢] فقال : أحب أموالى إلىّ المكان الفلانى ، وهو حديقة عظيمة بالجموم من وادى مرّ ، وفيها وجبة ماء على وقف سبيل بمكة وآخر بمنى ، والحديقة والماء المذكوران موجودان إلى الآن ، والسبيل مستمر ، ولكن ضعف لسوء تصرف المباشرين للوقف المذكور ، ولضعف البلاد أيضا. وله حكايات كثيرة يرويها الأكابر ، يضرب بها المثل.

ومكتوب على لوح قبره : هذا قبر الشيخ الأجلّ ، كبير القدر والمحلّ ، كثير النفع لمن أقلّ.

٢٢٠