العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

وقال عبد الرحمن بن شماسة : لما حضرت عمرو بن العاص رضى الله عنه الوفاة ، بكى ، فقال له ابنه عبد الله : لم تبك أجزعا من الموت؟ قال : لا والله ، ولكن لما بعده ، وذكر ما تلبّس به من الأمر بعد النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم قال عمرو رضى الله عنه : فإذا متّ ، فلا تبكين على باكية ، ولا يتبعنى مادح ، ولا نار ، وشدّوا على إزارى ، فإنى مخاصم ، وشنّوا علىّ التراب شنا ، فإن جنبى الأيمن ليس أحق بالأيسر ، ولا تجعلن فى قبرى خشبة ولا حجرا ، وإذا واريتمونى فاقعدوا عندى قدر نحر جزور وتقطيعها ، أستانس بكم. انتهى.

وقال الذهبى : خلّف أموالا عظيمة ، من ذلك سبعين رقبة بعير مملوءة ذهبا. كان معاوية رضى الله عنه ، قد أطلق له خراج الديار المصرية ست سنين ، شارطه على ذلك لما أعانه على وقعة صفين. انتهى. وكان قصيرا يخضب بالسواد.

٢٢٣٦ ـ عمرو بن عبد الأسد المخزومى ، أبو سلمة :

وقيل اسمه عبد مناف ، فى الكنية. ذكره هكذا الذهبى ، وقد تقدم ذكره فى باب عبد الله.

٢٢٣٧ ـ عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى المكى :

روى عن يزيد بن شيبان ، وكلدة بن الحنبل ، وعبد الله بن السائب المخزومى. روى عنه : عمرو بن دينار ، وعمرو بن أبى سفيان الجمحى.

روى له : البخارى فى الأدب ، وأصحاب السنن. ذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات ، وقال : يروى عن أبيه ، وجماعة من أصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عداده فى أهل مكة. انتهى.

وذكره الزبير بن بكار ، مع شىء من خبره ، لأنه قال لما ذكر أولاد عبد الله بن صفوان الأكبر : وعمرو بن عبد الله ، وكان من وجوه قريش ، وفيه يقول الفرزدق لرجل من قريش ـ أو غير الفرزدق ـ رآه يتختر بمكة :

تمشى تبختر حول البيت منتحيا

لو كنت عمرو بن عبد الله لم تزد

وقال الزبير : حدّثنى محمد بن سلّام ، عن بعض العلماء قال : ثلاثة أبيات من قريش ، توالت خمسة خمسة فى الشرف ، كل رجل منهم من أشرف أهل زمانه : خالد بن يزيد

__________________

٢٢٣٦ ـ سبق تخريجه انظر : الترجمة رقم ١٥٦٠.

٢٢٣٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٢٤٢).

٤٠١

ابن معاوية بن أبى سفيان بن حرب ، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة ، وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف.

وقال الزبير : حدثنى محمد بن سلام ، عن أبى اليقظان عامر بن حفص ، وعثمان بن عبد الرحمن بن عبيد الله الجمحى ، أحدهما ببعض الحديث ، والآخر ببعضه ، قالا : لما قدم سليمان بن عبد الملك مكة فى خلافته ، قال : من سيّد أهلها؟ قالوا : بها رجلان يتنازعان الشرف : عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ، وعمرو بن عبد الله بن صفوان. قال : ما سوى عمرو بعبد العزيز فى سلطاننا ـ وهو ابن عمّنا ـ إلا وهو أشرف منه ، فأرسل إلى عمرو يخطب ابنته ، فقال : نعم ، ولكن على بساطى وفى بيتى ، فقال سليمان : نعم ، فأتاه فى بيته ، معه عمر بن عبد العزيز ، فتكلّم سليمان ، فقال عمرو : نعم ، على أن تفرض لى فى كذا ، وتقضى عنى كذا ، وتلحق لى كذا ، وسليمان يقول : قد كان ذلك ، فأنكحه. فلما خرج سليمان ، قال لعمر : ألم تر إلى تشرّطه علىّ! لو لا أن يقال دخل ولم ينكح ، لقمت.

وقال الزبير : وحدثنى محمد بن سلام ، عن عمرو بن الحارث ، إنما خطب سليمان بنت عمرو ، على ابن أخيه.

وقال الزبير ، قال عمى مصعب بن عبد الله : وكان لعمرو بن عبد الله رقيق يتّجرون ، فكان ذلك مما يعينه على فعاله وتوسّعه.

وقال الزبير : حدثنى محمد بن سلام قال : حدثنى عبد الله بن مصعب الزبيرى ، قال: قدم الفرزدق مكة ، فأتى عمرو بن عبد الله بن صفوان ، فسأله فقال : يا أبا فراس ، ما وافقت عندنا نقدا ، ولكن عروسا ، فأعطاه غلمانا من بنيه وبنى إخوته ، وقد أظلهّم العطاء ، فقال : يا أبا فراس ، هؤلاء بنىّ وبنو إخوتى ، وأنا مفتديهم منك بحكمك.

وأم عمرو بن عبد الله بن صفوان : أم جميل بنت خليد الدّوسىّ ، على ما ذكر الزبير ابن بكار. وقال الذهبى : وكان أحد الأشراف.

٢٢٣٨ ـ عمرو بن عبد الرحمن بن ساباط الجمحى المكى :

روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ، أنه كان سمع منه. روى عنه خالد بن يزيد. ذكره هكذا ابن حبان فى الطبقة الثالثة الثقات.

__________________

٢٢٣٨ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٢٤٥).

٤٠٢

٢٢٣٩ ـ عمرو بن عثمان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة القرشى التيمى:

قال الزبير بن بكار ، بعد أن عرفه بما ذكرناه : أمه هند بنت البياع بن عبد ياليل بن مغيرة بن سعد بن ليث بن بكر.

قتل بالقادسية مع سعد بن أبى وقاص ، أيام عمر رضى الله عنه ، وليس له عقب. وقال ابن عبد البر : أمه هند ، امرأة من بنى ليث بن بكر ، كان ممن هاجر إلى الحبشة ، قتل بالقادسية مع سعد بن أبى وقاص ، فى خلافة عمر بن الخطاب ، وليس له عقب.

٢٢٤٠ ـ عمرو بن محمد بن كرب بن عصيص المكى ، أبو عبد الله :

أحد مشايخ الصوفية. سمع يونس بن عبد الأعلى ، والربيع بن سليمان المرادى ، وسيف بن سليمان الحرانى.

روى عنه جعفر الخلدى ، وغيره. ولقى أبا عبد الله الساجى ، وصحب أبا سعيد الخراز ، وغيره من القدماء. وله تصانيف فى التصوف.

وقال الخطيب : أخبرنا سعيد بن أحمد الحيرى ، أخبرنا محمد بن الحسين السلمى النيسابورى ، قال : سمعت أبا عبد الله الرازى ، يقول : لما ولى عمرو قضاء جدة ، هجره الجنيد ، فجاء إلى بغداد ، فسلم عليه ، فلم يجبه ، فلما مات ، حضر الجنيد جنازته ، فقيل:الجنيد ، الجنيد! فقال بعض من حضر : يهجره فى حياته ، ويصلى عليه بعد وفاته! لا والله لا يصلى عليه أبدا ، فصلى عليه غيره.

وقد اختلف فى وفاته ومحلها ، فقيل : سنة إحدى وتسعين ومائتين ، وصحح ذلك أبو عبد الرحمن السلمى ، وقيل : سنة سبع وتسعين ، وصححه الخطيب ، لأن أبا الشيخ ابن حبّان ، ذكر أنه قدم أصبهان ، سنة ست وتسعين ، وجزم به الذهبى فى العبر.

__________________

٢٢٣٩ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٩٦٠ ، الإصابة ترجمة ٥٩٢٠ ، أسد الغابة ترجمة ٣٩٨٧).

٢٢٤٠ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات الصوفية ٢٠٠ ـ ٢٠٥ ، حلية الأولياء ١٠ / ٢٩١ ـ ٢٩٦ ، ذكر أخبار أصبهان ٢ / ٣٣ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٢٢٣ ـ ٢٢٥ ، الرسالة القشيرية ٢١ ، المنتظم ٦ / ٩٣ ، صفة الصفوة ٢ / ٤٤٠ ـ ٤٤٢ ، دول والإسلام ١ / ١٨١ مرآة الجنان ٢ / ٢٢٧ ـ ٢٢٨ ، طبقات الأولياء ٣٤٣ ـ ٣٤٤ ، النجوم الزاهرة ٣ / ١٧٠ ، ١٨٤ ـ شذرات الذهب ٢ / ٢٢٥ ـ ٢٢٦ ، سير أعلام النبلاء ١٤ / ٥٧).

٤٠٣

وروى الخطيب ، عن أبى نعيم الحافظ ، أنه قال : وتوفى بمكة بعد سنة ثلاثمائة ، وقيل: قبل الثلاثمائة.

قال الخطيب : والصحيح أنه مات ببغداد ، قبل سنة ثلاثمائة. وقال السلمى : إنه مات ببغداد. لخصّت هذه الترجمة من تاريخ الخطيب.

٢٢٤١ ـ عمرو بن عثمان أبو عبد الله المكى [.......](١) :

من البغدادين. وكان ينسب فى الصحبة إلى الجنيد ، ولقى أبا عبد الله النّباجىّ وأبا سعيد الخراز ، وغيرهما من المشايخ ، وهو شيخ القوم فى وقته ، وإمام الطائفة فى الأصول والطريقة.

وروى الحديث عن محمد بن إسماعيل البخارى ، ويونس بن عبد الأعلى ، ومن فى طبقتهما.

وله الكلام البليغ ، فمن كلامه : لا يقع على كيفية الوجد عبارة ، لأنه سر الله تعالى عند المؤمنين الموقنين.

وقال : اعلم أن العلم قائد ، والخوف سائق ، والنفس بين ذلك حرون جموح خداعة رواغة ، فاحذرها ، وراعها بسياسة العلم ، وتتبعها بتهديد الخوف ، يتمّ لك ما تريد.

وقال : سرعة قضاء الحاجة ، على قدر الفاقة ، ومن أسرع بمسألة قبل فاقته ، كان بمنزلة الشارب للماء قبل عطشه ، وقد قال الله تعالى : (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ) [النمل : ٦٢].

وقال : الصدق فى الورع مفترض ، كافتراض الصبر فى الورع ، ومعنى الصدق ، الاعتدال والعدل.

وقال : اعلم أن كل ما توهمه قلبك ، أو سنح فى مجارى فكرك ، أو خطر فى معارضات سرك ، من حسن أو بهاء ، أو أنس أو ضياء ، أو جمال أو قبح ، أو نور أو

__________________

٢٢٤١ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات الصوفية ٢٠٠ ـ ٢٠٥ ، حلية الأولياء ١٠ / ٢٩١ ، صفة الصفوة ٢ / ٢٤٨ ، طبقات الشعرانى ١ / ١٠٤ ، تاريخ الأفكار القدسية ١ / ١٥٧ ، شذرات الذهب ٢ / ٢٢٥ ، هدية العارفين ١ / ٨٠٣ ، نفحات الأنس ٨٤ ، الكواكب الدرية ١ / ٢٥٩ ، النجوم الزاهرة ٣ / ١٨٠ ، تاريخ بغداد ١٢ / ٢٢٣ ، تاريخ إصبهان ٢ / ٢٣).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٤٠٤

شخص أو خيال ، فالله بعيد من ذلك كله ، بل هو أعظم وأجل وأكبر ، ألا تسمع إلى قوله عزوجل: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) [الشورى : ١١] وقال تعالى : (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) [الإخلاص : ٣ ، ٤].

وقال : المروءة ، التغافل عن زلل الإخوان.

وقال : رأس الزهد وأصله فى القلوب ، وهو احتقار الدنيا واستصغارها ، والنظر إليها بعين القلة.

وقال : إذا كان أنين العبد إلى ربه ، فليس هو بشكوى ولا جزع.

وقال : الصبر هو الثبات مع الله ، وتلقى بلاءه بالرحب والدعة.

وقال : الفتوة حسن الخلق.

وقيل : دخل أصبهان ، فصحبه حدث ، وكان والده يمنعه من صحبته ، فمرض الصبى ، فدخل إليه عمرو مع قوّال ، فنظر الحدث إلى عمرو ، وقال له : قل له ، قل له ، حتى يقول شيئا ، فقال القوال [من الكامل] :

ما لى مرضت فلم يعدنى عائد

منكم ويمرض عبدكم فأعود

فتمطى الحدث على فراشه وقعد ، وقال زدنى بحقك. فقال :

وأشد من مرضى علىّ صدودكم

وصدود عبدكم علىّ شديد

فزاد به البرء حتى قام وخرج معهم ، فسئل عمرو عن ذلك ، فقال : إن الإشارة إذا كانت من قبل السماع ، كانت من فوق ، فالقليل منها يشفى ، وإذا كانت بعد السماع ، كانت من تحت ، فالقليل منها يهلك.

وقال : تنزعج القلوب إلى الله تعالى من جهات ثلاث ، إما من كلام الله تعالى ، أو كلام أنبيائه ، أو كلام العلماء ، فإذا انزعجت بكلام العلماء ، كان رجوعها سريعا ، وإذا انزعجت بكلام الأنبياء ثبتت ، وإذا انزعجت بكلام الله تعالى ، لم تسكن إلا بلقائه.

وقال : واغمّاه من عهد لم تقم له بوفاء! ومن خلوة لم تصحب بخفاء ، ومن أيام تفنى ويبقى ما كان فيها أبدا ، ومن مسألة ما الجواب عنها غدا؟!.

وقال عثمان بن سهل : دخلت على عمرو بن عثمان المكى فى علته التى توفى فيها ، فقلت له : كيف تجدك؟ فقال له : أجد سرى واقفا مثل الماء ، لا يختار النقلة ولا المقام.

٤٠٥

قلت : قال الحافظ أبو نعيم : لعمرو بن عثمان كلاما طويلا مبسوطا فى هذا الفن ، فتركناه اختصارا.

وتوفى سنة سبع وتسعين ومائتين ، وقيل : سنة ست ، وقيل : سنة إحدى وتسعين ببغداد ، رحمة الله تعالى عليه ورضوانه.

٢٢٤٢ ـ عمرو بن أبى عمرو بن شداد الفهرى ، من بنى الحارث بن فهر بن مالك ، ثم من بنى ضبة ، يكنى أبا شداد :

شهد بدرا ، ومات سنة ست وثلاثين. ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : ذكره الواقدى فيمن شهد بدرا من بنى الحارث بن فهر ، من بنى ضبة ، وذكر أنه شهدها وهو ابن اثنتين وثلاثين سنة ، ومات وهو ابن ست وثلاثين سنة ، يكنى أبا شريك.

٢٢٤٣ ـ عمرو بن غيلان الثقفى :

حديثه عند أهل الشام ، ليس بالقوى ، يكنى أبا عبد الله ، وأبوه غيلان بن سلمة له صحبة ، سيأتى ذكره فى بابه ، وابنه عبد الله بن عمرو بن غيلان ، من كبار رجال معاوية ، قد ولاه البصرة عند موت زياد ، حين عزل سمرة عنها ، فأقام أميرها ستة أشهر ، ثم عزله ، وولّاها عبيد الله بن زياد فلم يزل بها واليا حتى مات ، فأقره يزيد. انتهى ذكره هكذا عند ابن عبد البر.

وقال صاحب تهذيب الكمال : عمرو بن غيلان بن سلمة الثقفى ، مختلف فى صحبته ، عداده فى أهل الشام. وقال خليفة بن خيّاط : كان من ساكنى البصرة.

روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم حديثا ، وعن عبد الله بن مسعود ، وكعب الأحبار ، وروى عنه عبد الرحمن بن جبير المصرى ، وقتادة ، وأبو عبد الله ، ولا تصح صحبته ، وأبوه غيلان له صحبة ، وهو الذى أسلم وتحته عشر نسوة ، فأمره النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أن يختار منهن أربعا ، ويفارق سائرهن.

وابنه عبد الله بن عمرو بن غيلان ، من كبار رجال معاوية ، وكان أميرا له على البصرة بعد موت زياد ، وذكره أبو الحسن بن سميع ، فى الطبقة الأولى من تابعى أهل الشام ، ممن أدرك الجاهلية. روى له ابن ماجة حديثا واحدا.

__________________

٢٢٤٢ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٩٣١ ، الاستيعاب ترجمة ١٩٦١ ، أسد الغابة ترجمة ٣٩٩٥).

٢٢٤٣ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٩٤٦ ، الاستيعاب ترجمة ١٩٦٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٠٦).

٤٠٦

٢٢٤٤ ـ عمرو بن الفغواء بن عبيد بن عمرو بن مازن بن عدى بن ربيعة الخزاعى :

أخو علقمة بن الفغواء ، ويقال : ابن أبى الفغواء. روى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وروى عنه ابنه عبد الله بن عمرو ، وروى له أبو داود (١).

من حديثه : أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم دعاه وقد أراد أن يبعث بمال إلى أبى سفيان ، يقسمه فى قريش بمكة بعد الفتح.

٢٢٤٥ ـ عمرو بن كثير بن أفلح المكى ، ويقال : عمر :

روى عن عبد الرحمن بن كيسان ، عن أبيه ، عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم. وعنه محمد بن بشر العبدى ويونس بن محمد المؤدّب ، ومحمد بن عون الزيادى ، وأبو حذيفة النّهدىّ ، وموسى بن إسماعيل ، وجماعة.

روى له ابن ماجة حديثا فى قصر الصلاة (١). وسئل عنه ابن المدينىّ ، فقال : مكى لا يعرف : وقال أبو حاتم : لا بأس به.

__________________

٢٢٤٤ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٩٤٦ ، الاستيعاب ترجمة ١٩٦٨ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٠٦ ، تقريب التهذيب ٢ / ٧٦).

(١) فى سننه ، كتاب الأدب ، حديث رقم (٤٨٦١) من طريق : محمد بن يحيى بن فارس حدثنا نوح بن يزيد بن سيار المؤدب حدثنا إبراهيم بن سعد قال : حدثنيه ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعى عن أبيه قال : دعانى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وقد أراد أن يبعثنى بمال إلى أبى سفيان يقسمه فى قريش بمكة بعد الفتح فقال : التمس صاحبا ، قال : فجاءنى عمرو بن أمية الضمرى فقال : بلغنى أنك تريد الخروج وتلتمس صاحبا؟ قال : قلت : أجل ، قال : فأنا لك صاحب قال : فجئت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قلت : قد وجدت صاحبا قال : فقال : من؟ قلت : عمرو بن أمية الضمرى قال : إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنه قد قال : القائل أخوك البكرى ولا تأمنه ، فخرجنا حتى إذا كنت بالأبواء قال : إنى أريد حاجة إلى قومى بودان فتلبث لى قلت : راشدا ، فلما ولى ذكرت قول النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فشددت على بعيرى حتى خرجت أوضعه حتى إذا كنت بالأصافر إذا هو يعارضنى فى رهط قال : واوضعت فسبقته فلما رآنى قد فته انصرفوا وجاءنى فقال : كانت لى إلى قومى حاجة قال: قلت : أجل ومضينا حتى قدمنا مكة فدفعت المال إلى أبى سفيان.

٢٢٤٥ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٨ / ٩٤).

(١) فى سننه ، فى كتاب الصلاة ، حديث رقم (١٠١٥) من طريق : أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا محمد بن بشر حدثنا عمرو بن كثير حدثنا ابن كيسان عن أبيه قال : رأيت النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلى الظهر والعصر فى ثوب واحد متلببا به.

٤٠٧

٢٢٤٦ ـ عمرو بن محمد بن يحيى بن عمرو بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان ، رضى الله عنه ، الأموى :

قاضى مكة. هكذا نسبه صاحب الجمهرة ، وقال : محدث ، ولى قضاء مكة ، توفى أيام المعتمد. انتهى. وقد تقدم ذكر أيام المعتمد.

٢٢٤٧ ـ عمرو بن محصن بن حرثان الأسدى ، أسد خزيمة :

أخو عكاشة بن محصن ، وقد تقدم نسبه ، شهد أحدا.

٢٢٤٨ ـ عمرو بن مسلم الخزاعى :

ذكره هكذا الذهبى ، وقال : روى عنه ابنه يزيد ، عن أبيه مسلم ، غلط من عدّه صحابيا. وذكره الكاشغرى ، وقال : له رواية.

٢٢٤٩ ـ عمرو بن ميمون المكى :

هكذا ذكره صاحب الكمال. ممن روى عنه عنبسة بن سعيد البصرى ، أخو أبى الربيع السمان ، الذى روى له أبو داود ، وما علمت من حاله سوى هذا.

٢٢٥٠ ـ عمرو بن يحيى بن سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية الأموى السعيدى ، أبو أمية المكى :

روى عن أبيه ، وجده. روى عنه سفيان بن عيينة ، وموسى بن إسماعيل ، وأحمد بن محمد الأزرقى ، وسويد بن سعيد ، وغيرهم.

روى له البخارى (١) ، وابن ماجة (٢).

__________________

٢٢٤٧ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٥٩٧٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٢١ ، الاستيعاب ١٩٧٤).

٢٢٤٨ ـ انظر ترجمته فى : (أسد الغابة ٤ / ٢٧١ ، التجريد ١ / ٤٤٨).

٢٢٤٩ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٨ / ١٠٩).

٢٢٥٠ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٨ / ١١٨).

(١) عدة أحاديث منها حديث ابن ماجة الآتى ذكره ، انظر صحيح البخارى ، كتاب الوضوء ، حديث رقم ١٥٥ ، وفى كتاب الإجارة ، حديث رقم ٢٢٦٢ ، وفى كتاب السير ، حديث رقم ٢٨٢٧ ، وفى كتاب المناقب ، حديث رقم ٣٦٠٥ ، ٣٨٦٠ ، وفى كتاب المغازى ، حديث رقم ٤٢٣٩ ، وفى كتاب الفتن ، حديث رقم ٧٠٥٨.

(٢) فى سننه ، كتاب التجارات ، حديث رقم (٢١٤٩) من طريق : سويد بن سعيد حدثنا عمرو بن يحيى بن سعيد القرشى عن جده سعيد بن أبى أحيحة عن أبى هريرة قال : قال ـ

٤٠٨

قال ابن معين : صالح. وذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات ، وقال : من أهل مكة.

٢٢٥١ ـ عمرو بن يعلى الثقفى :

له رواية ، لا تصح له صحبة ، ذكره هكذا الكاشغرى.

* * *

من اسمه عمران

٢٢٥٢ ـ عمران بن أنس المكى ، أبو أنس :

روى عن ابن أبى مليكة ، وعطاء ، وعنه معاوية بن هشام ، وأبو نميلة يحيى بن واضح ، ومصعب بن المقدام.

روى له أبو داود ، والترمذى ، عن عطاء ، عن ابن عمر رضى الله عنهما ، حديث : «اذكروا محاسن موتاكم ، وكفّوا عن مساوئهم» (١).

قال البخارى : منكر الحديث. وذكره ابن حبان فى الثقات ، وقال : عمران بن أنس ، يخطئ.

٢٢٥٣ ـ عمران بن ثابت بن خالد بن سليمان بن عمر القرشى الفهرى ، القاضى بهاء الدين ، أبو محمد المكى :

قاضى مكة. سمع من أبى الحسن بن المقيّر : سنن أبى داود ، ومن ابن أبى الفضل المرسى : صحيح ابن حبان ، وغير ذلك. وحدث.

سمع منه الفخر التوزرى ، وولى قضاء مكة نحو سبع وعشرين سنة ، وكانت ولايته فى الخامس والعشرين من شوال ، سنة خمس وأربعين وستمائة ، إلى أن مات فى صفر ، من

__________________

ـ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما بعث الله نبيا إلا راعى غنم ، قال له أصحابه : وأنت يا رسول الله؟ قال : وأنا كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط. قال سويد : يعنى كل شاة بقيراط.

٢٢٥١ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٩٨٦ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٤٣ ، الإصابة ترجمة ٦٠٠٠).

٢٢٥٢ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٦ / ٢٩٣).

(١) أخرجه الترمذى فى سننه ، كتاب الجنائز ، حديث رقم ١٠١٩ ، وأبو داود ، فى سننه ، كتاب الأدب ، حديث رقم ٤٩٠٠.

٤٠٩

سنة ثلاث وسبعين وستمائة ، ومولده فى سنة اثنتين وعشرين وستمائة.

نقلت مولده ووفاته ومدة ولايته ، من خط أبى العباس الميورقى ، ووجدت بخطه ، أنه ولى القضاء استهزاء به ، حتى ينظر من يصلح. وذكر أن سبب ذلك ، أنه عقد مجلس بسبب القاضى عبد الكريم بن أبى المعالى الشيبانى ، بحضرة أمير مكة الشلاح ، وابن أبى الفضل المرسى ، فعين المرسىّ القطب القسطلانى ، فبعثوا إليه ، فأبطأ عليهم ، لأنه تشاغل بالطهارة والاستخارة ، وانفض المجلس قبل حضوره ، لأن الشلاح ، كان به فتق ، فقال ابن أبى الفضل للقاضى عمران هذا : يا عمير ، سدد الأمور ، حتى يولوا قاضيا. انتهى.

ووجدت فى تراجمه فى بعض الإسجالات عليه : إمام مقام إبراهيم الخليل عليه‌السلام. وهذا يحمل على أنه أمّ به نيابة ، لأن الإمام بالمقام فى تاريخ الإسجال ، الفقيه سليمان بن خليل العسقلانى ، والله أعلم.

وذكره المحب الطبرى فى «العقود الدرية ، والمشيخة الملكية المظفرية» تخريج المحب الطبرى ، للملك المظفر صاحب اليمن ، فقال : الشيخ السابع والعشرون ، الفقيه الإمام ، علم العلماء ، فخر القضاة ، ورئيس الرؤساء ، قاضى الحرم الشريف ، بهاء الدين أبو محمد عمران بن ثابت القرشى الفهرى ، أحد رؤساء علماء الحرم الشريف وفضلائهم ، وصالحيهم ومدرسيهم ومفتيهم ، وولى القضاء بالحرم الشريف ، فسلك فيه مسلك السلف الصالح ، فى الخمول والتغاضى والصبر على الأذى ، ومقابلة المسىء بالإحسان ، والامتناع من قبول الهدية ، وحبس النفس على منفعة المسلمين ، نفع الله به. انتهى.

٢٢٥٤ ـ عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعى الكعبى ، يكنى أبا نجيد ، بابنه نجيد :

أسلم عام خيبر ، واستقضاه ، على ما قال خليفة ، عبد الله بن عامر بن كريز على البصرة ، فأقام أياما ، ثم استعفاه فأعفاه ، وكان من أفاضل الصحابة وفقهائهم ، رضى الله عنهم. روى عنه أهل البصرة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أنه كان يرى الحفظة ، وكانت تسلم عليه ، حتى اكتوى ، فلما ترك الكىّ عادت الملائكة تسلّم عليه ويراها عيانا ، كما جاء مصرّحا به فى صحيح مسلم.

__________________

٢٢٥٤ ـ انظر ترجمته فى : (الاستيعاب ترجمة ١٩٩٢ ، الإصابة ترجمة ٦٠٢٤ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٤٨).

٤١٠

وقال محمد بن سيرين : أفضل من نزل البصرة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، عمران ابن الحصين ، وأبو بكرة ، وكان الحسن البصرى يحلف بالله ما قدمها ـ يعنى البصرة ـ راكب خير لهم من عمران بن حصين.

قال النووى : وكان مجاب الدعوة ، وبعثه عمر رضى الله عنه إلى البصرة ، ليفقه أهلها ، ولم يشهد تلك الحروب.

روى له عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، مائة حديث وثمانون حديثا ، اتفقوا على ثمانية ، وانفرد البخارى بأربعة ، وانفرد مسلم بتسعة.

روى عنه أبو رجاء العطاردى ، ومطرّف بن عبد الله بن الشّخيّر ، ومحمد بن سيرين ، والشعبى ، والحسن البصرى ، وجماعة.

روى له الترمذى والنسائى وابن ماجة. وكان أبيض الرأس واللحية.

توفى فى خلافة معاوية رضى الله عنه ، سنة اثنتين وخمسين بالبصرة ، وكان سكنها ، واختلف فى أبيه ، هل أسلم وله صحبة ، أم لا؟ فقال ابن الجوزى فى التنقيح : أسلم. ويؤيّده ما فى جامع الدعوات من الترمذى ، عن عمران رضى الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأبى : «يا حصين ، كم تعبد اليوم إلها؟ قال : سبعة ، ستة فى الأرض وواحد فى السماء ، قال : فأيهم تعدّ لرغبتك ورهبتك؟ قال : الذى فى السماء. قال : يا حصين! أما إنك لو أسلمت ، علمتك كلمتين تنفعانك؟ فلما أسلم ، قال : يا رسول الله ، علمنى الكلمتين اللتين وعدتنى ، قال : قل : اللهم ألهمنى رشدى ، وأعذنى من شر نفسى». قال الترمذى : هذا حديث حسن غريب.

٢٢٥٥ ـ عمران بن طلحة بن عبيد الله التيمى :

أمه حمنة بنت جحش. يقال : ولد فى عصر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فسماه ، ذكره هكذا الذهبى ، وذكره الكاشغرى بمعناه.

__________________

٢٢٥٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات سعد ٥ / ١٦٦ ، طبقات خليفة ٢٠٩٢ تاريخ البخارى ٦ / ٤١٦ ، المعارف ٢٣٢ ، الجرح والتعديل القسم الأول من المجلد الثالث ٤٩٩ ، تاريخ ابن عساكر ١٢ / ٣٣٩ ، أسد الغابة ٤ / ١٣٨ ، تهذيب الكمال ١٠٦١ ، تاريخ الإسلام ٣ / ٢٨٦ ، تذهيب التهذيب ٣ / ١١٤ ، الإصابة ٦٢٧١ ، تهذيب التهذيب ٨ / ١٣٣ ، خلاصة تذهيب التهذيب ٢٩٥ ، سير أعلام النبلاء ٤ / ٣٧٠.

٤١١

٢٢٥٦ ـ عمران بن عبد الرحمن بن الحارث الهلالى :

يروى عن مجاهد. روى عنه ابنه محمد بن عمران. هو من أهل مكة.

ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

٢٢٥٧ ـ عمران بن عبيد المكى :

يروى عن أمه ليلى ، مولاة أسماء. روى عنه أبو عاصم النبيل.

ذكره ابن حبان فى الطبقة الثالثة من الثقات.

٢٢٥٨ ـ عمران بن محمد بن أبى حمير سبأ بن أبى السعود بن الزريع بن العباس بن موسى الكزّم اليامى الهمدانى ، يكنى بأبى موسى :

صاحب عدن ، توفى بعدن ، وحمل إلى مكة لغرامه فى الحج ، ودفن بالمعلاة ، ومن حجر قبره لخصت ما ذكرت ، وفيه غير ذلك من حاله ، فنذكره كما هو مكتوب فيه ، ونصه : «هذا مشهد الملك الأجل الأوحد ، الأمير المكرم ، الظهر المؤيد النصير ، سيف الأنام ، ركن الإسلام ، عماد الدين ، نظام المؤمنين ، عظيم اليمن ، فريد الزمن ، ذى المجدين ، داعى أمير المؤمنين ، أبى موسى عمران بن المعظم المتوج المكين ، داعى أمير المؤمنين ، أبى عبد الله محمد بن الأوحد المطهر فى الدين ، داعى أمير المؤمنين ، أبى حمير سبأ بن أبى السعود بن الزريع بن العباس بن موسى الكزم اليامى الهمدانى ، تغمده الله بالرحمة والرضوان ، وبوّأه منازل الجنان ، توفى بمستقر ملكه مدينة عدن ، يوم الجمعة لتسع خلون من ربيع الآخر ، من سنة إحدى وستين وخمسمائة ، وكان مع ما حلّاه الله من علوّ الشان ، وعظيم السلطان ، شديد الغرام بحج بيت الله الحرام ، فاخترمه الحمام دون المرام ، وعلم الله تعالى صحة نيته ، فاختار لتربته سعة رحمته ، بعد أن وقف به بعرفات والمشعر الحرام ، وصلّى عليه خلف المقام ، وأطلق جميع الحاج فى ذلك العام». انتهى.

٢٢٥٩ ـ عمران بن مسلم المكى :

عن عبد الله بن دينار. ذكره الذهبى فى تجريد أسماء التهذيب ، وذكر أنه للتمييز.

* * *

__________________

٢٢٥٨ ـ انظر ترجمته فى : (تاريخ ثغر عدن ١٨٢).

٤١٢

من اسمه عمير

٢٢٦٠ ـ عمير بن رئاب بن حذيفة بن مهشّم بن سعيد بن سهم القرشى السهمى :

هذا قول ابن الكلبى. وقال الواقدى : عمير بن رئاب بن حذافة بن سعيد بن سهم ، كان من مهاجرة الحبشة ، استشهد بعين التمر ، تحت راية خالد بن الوليد ، رضى الله عنه.

٢٢٦١ ـ عمير بن عوف ، مولى سهيل بن عمرو القرشى العامرى ، يكنى أبا عمرو :

وهذا قول بن عقبة ، وأبى معشر ، والواقدى. وكان ابن إسحاق يقول : عمرو بن عوف.

ولم يختلفوا أنه من مولّدى مكة ، شهد بدرا وأحدا والخندق ، وما بعدها من المشاهد ، مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ومات فى خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه ، وصلى عليه عمر رضى الله عنه. روى له الجماعة ، سوى أبى داود.

٢٢٦٢ ـ عمير بن قتادة بن سعيد الليثى :

ذكره هكذا ابن عبد البر ، وقال : سكن مكة ، لم يرو عنه غير ابنه عبيد بن عمير ، له صحبة ورواية ، وساق له بسنده حديثا ، أن رجلا سأل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على الكبائر ، فقال : «هى تسع : الشرك بالله ، والسحر ، وقتل النفس التى حرم الله تعالى ، وأكل الربا ، وأكل مال اليتيم ، والتولى يوم الزحف ، وقذف المحصنات ، وعقوق الوالدين المسلمين ، واستحلال البيت الحرام قبلتكم ، أحياء وأمواتا».

وذكره صاحب الكمال ، وزاد فى نسبه «ابن عامر» وزاد بعد الليثى : «الجندعىّ». وذكر النووى فى حواشى الكمال ، أن المشهور فى اسم أبيه «قتادة» قال : ويقال عمير ابن حبيب ، ذكره الحافظ ابن عساكر.

__________________

٢٢٦٠ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦٠٤٧ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٧٣ ، الطبقات ٤ / ٢٤٥ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٠٥).

٢٢٦١ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦٠٦٤ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠١٢).

٢٢٦٢ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦٠٦٥ ، الجرح والتعديل ٦ / ٣٧٨ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠١٤ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٨٥).

٤١٣

وكذا جاء فى رواية ابن ماجة ، ثم قال : وقال : ابن أبى حاتم : مكى. انتهى. روى له أبو داود والنسائى وابن ماجة.

٢٢٦٣ ـ عمير بن أبى وقاص ، واسم أبى وقاص ، مالك بن أهيب بن عبد مناف بن زهرة القرشى الزهرى :

أخو سعد بن أبى وقاص رضى الله عنهما ، قال الزبير بن بكار ، بعد أن ذكر شيئا من خبر أخيه سعد بن أبى وقاص : وأخوه عمير ، استشهد يوم بدر ، وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم استصغره ، فأراد أن يخلفّه ، وهو ابن ست عشرة سنة ، فبكى ، فخرج به معه ، فاستشهد ببدر. انتهى.

وقال غيره : قتل يوم بدر شهيدا ، قتله عمرو بن عبد ودّ ، فكان النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، استصغره حين أراد الخروج إلى بدر ، فرده ، فبكى عمير رضى الله عنه ، فأجازه ، وكان يقول : أحب الخروج ، لعل الله يرزقنى الشهادة ، فرزقه الله تعالى إياها ، وهو ابن ست عشرة سنة ، على ما قال الواقدى.

قال النووى : كان عمير رضى الله عنه صحابيا ، قديم الإسلام ، من المهاجرين ، وكان سيفه طويلا ، يعقد عليه حمائله.

٢٢٦٤ ـ عمير بن وهب بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح الجمحى ، يكنى أبا أمية :

ذكر الزبير ، أن أمه ، أم سخيلة بنت هشام بن سعيد بن سهم. قال : وهو الذى حزر أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال : ثلاثمائة ، إن زادوا فقليلا ، ثم هم الحصى تحت الجحف. ثم أقبل على قريش فقال : لا تعرّضوا وجوهكم هذه ، التى كأنها المصابيح ، لوجوه كأنها وجوه الحيات ، ولقد رأيت أقواما لا يموتون حتى يقتلوا أعداءهم ، قالت قريش : دع هذا عنك ، وحرش بين القوم. فهو أول من رمى بفرسه ونفسه أصحاب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وأشبّ الحرب ، وأسر ابنه يومئذ وهب بن عمير ، ثم قدم على النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو يريد الفتك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم خبره فأسلم ، وشهد معه فتح مكة ، واستأمن

__________________

٢٢٦٣ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦٠٧٢ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠١٩ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٥٩ ، تجريد أسماء الصحابة ١ / ٢٢٠).

٢٢٦٤ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ترجمة ٦٠٧٣ ، الاستيعاب ترجمة ٢٠٢٠ ، أسد الغابة ترجمة ٤٠٩٦ ، الجرح والتعديل ٦ / ٢٠٩١ ، البداية والنهاية ٣ / ١١٣ ، ٥ / ٨).

٤١٤

لصفوان بن أمية ، فأطلق رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم لعمير ابنه حين أسلم ، وكان له قدر وشرف ، وكان بالشام ، وقد انقرض بنو وهب بن خلف فلا عقب لهم.

وكان من أبطال قريش ، وهو أحد الأربعة المعدود كل منهم بألف فارس ، على ما قيل ، الذين أمد بهم عمر بن الخطاب ، عمرو بن العاص ، رضى الله عنهم ، فى فتح مصر ، ولم يختلف فى أنه منهم ، كما لم يختلف فى أن الزبير بن العوام ، وخارجة بن حذافة السهمى منهم ، واختلف فى بشر بن أرطاة ، فبعضهم يعدّه فيهم ، وبعضهم يجعل المقداد بن الأسود عوضه ، وهو الذى مشى حول عسكر النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فى نواحيه ، ليحرز عددهم يوم بدر ، وأسر ابنه وهب بن عمير يومئذ ، ثم قدم عمير رضى الله عنه المدينة ، يريد الفتك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فأخبره رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خبره ، فأسلم.

وسبب قدومه المدينة على ما قيل ، أنه جلس يوما بعد بدر ، مع صفوان بن أمية الجمحى فى الحجر ، فتذاكرا قتلى بدر ، فقال عمير : والله لو لا بنات لى أخاف عليهم الضيعة بعدى ، لذهبت إلى محمد حتى أقتله ، فإن لى عنده حجّة ، أقول : جئت فى فداء أسيرى ، فقال له صفوان : دينك علىّ ، واجعل بناتك عدل بناتى ما حييت. قال : فاكتم علىّ. قال : فجهزه صفوان ، ثم ذهب ليفتك بالنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقدم المدينة ، فأناخ بعيره عند باب النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم دخل المسجد متقلدا سيفه ، فلما رآه عمر ، وثب إليه ، وقال : يا رسول الله : هذا عدو الله عمير بن وهب ، الذى حزرنا يوم بدر ، ولا نأمن غدره ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : دعه ، فجاء حتى جلس بين يدى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، فقال له النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما جاء بك يا عمير؟ قال : جئت لأفادى أسيرى ، وتحسن إلىّ ، قال : وأين ما جعلت لصفوان بن أمية وأنتما فى الحجر؟ فقال عمير : والله ما علم بهذا أحد يخبر بنا ، إلا الله ، وما سبقنى إليك أحد ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله.

وكان صفوان يقول لقريش بعد مخرجه : أبشروا بوقيعة تنسيكم وقعة بدر ، فيقال له : ما هى؟ فيقول : ستعلمونه بعد حين ، وكان يسأل من قدم من المدينة عن عمير حتى أخبر بإسلامه ، فجعل على نفسه ألا يكلمه أبدا ، ولا ينفعه بنافعة أبدا.

وقال الواقدى : حدثنى محمد بن أبى حميد ، عن عبد الله بن عمرو بن أمية ، عن أبيه ، قال : لما قدم عمير بن وهب مكة ، يعنى بعد أن أسلم ، نزل بأهله ، ولم يقف بصفوان بن أمية ، فأظهر الإسلام ، ودعا إليه ، فبلغ ذلك صفوان ، فقال : قد عرفت حين لم يبدأ بى قبل منزله ، أنه قد ارتكس وصبأ ، فلا أكلمه أبدا ، ولا أنفعه ولا عياله بنافعة ، فوقف عليه

٤١٥

عمير وهو فى الحجر ، فناداه ، فأعرض عنه ، فقال له عمير : أنت سيد من ساداتنا ، أرأيت الذى كنا عليه من عبادة حجر ، والذبح له. أهذا دين! أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله. فلم يجبه صفوان بكلمة.

وشهد عمير رضى الله عنه ، مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فتح مكة ، وقيل إن عميرا أسلم بعد وقعة بدر ، وشهد أحدا مع النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وعاش إلى صدر من خلافة عثمان رضى الله عنه ، وقيل إن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم ، بسط لعمير بن وهب رداءه حين أسلم ، وقال : الخال والد.

قال ابن عبد البر : وإسناده لا يصحّ ، وبسط الرداء لوهب بن عمير ، أكثر وأشهر.

٢٢٦٥ ـ عنان بن مغامس بن رميثة بن أبى نمىّ محمد بن أبى سعد حسن بن على بن قتادة الحسنى المكى ، يكنى أبا لجام ، ويلقب زين الدين :

أمير مكة. ولى إمرتها مرتين : الأولى سنة ، غير أنه كان معزولا من قبل السلطان ، نحو أربعة أشهر من آخرها ، والثانية سنتان ، أو نحوهما ، غير أنه كان ممنوعا أشهرا من قبل آل عجلان ، لغلبتهم له على الأمر بمكة ، وسنوضح ذلك وغيره من خبره ، وذلك أنه كان بعد قتل أبيه مغامسا ، لايم عمه سند بن رميثة ، فلما مات سند ، استولى عنان على خيله وسلاحه ، وفر بذلك عن عمه عجلان ، لأنه وارث لسند ، ثم لايم عنان عمه عجلان ، وابنه أحمد ، وكانا يغتبطان به ، لما فيه من الخصال المحمودة.

وبلغنى أنه دخل يوما على عجلان ، وعنده بعض أعيان بنى حسن ، مستقضيا منه حاجة ، فقضاها له عجلان ، ثم قال : هنيئا لمن كان له ابن مثله!. وكان أحمد بن عجلان يكرمه كثيرا ، وزوجه على ابنته : أم المسعود ، وفى ليلة مقامه للدخول عليها ، قتل أخوه محمد بن مغامس ، فأرضاه عنه أحمد بن عجلان بمال جيد ، ثم نفر عنه أحمد ، لميله عنه إلى صاحب حلى ، لما رام أحمد القيام عليه ، كما سبق مبينا فى ترجمة أحمد.

وأمر عنانا بأن يبين عنه ، فبان ، وأخذ إبلا كثيرة للأعراب ، فسألوا أحمد بن عجلان أن يستنقذها لهم من عنان ، فأبى ذلك أحمد ، فتوسل كل من له فيها حق إلى عنان ، ببعض بنى حسن ، فأجاب كل سائل بمراده ، إلى أن لم يبق معه إلا اليسير ، فقال لصاحبه: إن كان لك صاحب من بنى حسن ، فكلّمه يسألنى فى رد ذلك فأرده ، فقال له : إنما أسألك بالله فى رد ذلك ، فرده عليه. وحصّل خيلا وسلاحا ، بمعاونة صاحب حلى له على ذلك ، ثم رأى أحمد بن عجلان ، أن يعيده إلى مصاحبته ، فأجاب عنان إلى ذلك ،

__________________

٢٢٦٥ ـ انظر ترجمته فى : (الإكليل ١٠ / ١٣٥ ، ١٥٨ ، الأعلام ٩٠ / ٥).

٤١٦

وأحسن له بعد عوده إليه ، ثم أغرى به بعض بنى ثقبة ، وأغراه ببعضهم ، كما سبق مبينا فى ترجمة أحمد ، ليشتغل عنان عن أحمد بمعاداة بنى ثقبة ، ويشتغل بنو ثقبة عن أحمد ، بمعاداة عنان ، فما تم له قصد ، وعرف ذلك عنان ، وبنو ثقبة ، ثم سافر عنان وحسن بن ثقبة إلى مصر ، فبالغا فى شكوى أحمد ، وسألا السلطان الملك الظاهر برقوق صاحب مصر ، فى أن يرسم لهم عليه بأمور رغبا فيها ، فأجاب سؤالهم ، إلا أن عنانا رزق قبولا من السلطان ، واتبعهم أحمد بن عجلان بهدية سنية للسلطان مع كبيش ، ولما رأى كبيش حال عنان رائجا ، أظهر للسلطان وللدولة ، أن أحمد بن عجلان يوافق ما رسم لعنان وبنى ثقبة ، لئلا يتم على أحمد بمصر سوء ، وسالم المذكورين حتى وصل مكة ، وعرف أحمد بالحال ، وقال له : لا بد لك من الموافقة على ما رسم به لهما ، أو الفتك بعنان ، فمال إلى الثانى ، وأضمر ذلك ، واجتمع به عنان وحسن بن ثقبة ، بعد التوثق منه ، فما أجاب لمرادهما ، ثم إن بعض المتكفلين لعنان ، بأمان أحمد بن عجلان ، عرّفه بقصد أحمد فيه ، وكان ذلك بمنى ، ففر إلى ينبع ، وتلاه حسن بن ثقبة ، ثم حسّن لهما أمير الحاج المصرى ، أبو بكر بن سنقر الجمالى ، أن يرجعا إلى مكة ، وحسّن لمحمد ابن عجلان ، أن يرجع معهما ، وكان قد توجه من مكة مغاضبا لأخيه ، وضمن لهم أن أحمد يقضى حوائجهم ، إذا وصل إليه كتابه ، فرجعوا إلى أحمد ، فلما اجتمعوا به قبض عليهم ، وضم إليهم أحمد ابن ثقبة ، وابنه عليا ، وقيد الخمسة وسجنهم بالعلقمية ، من أول سنة سبع وثمانين وسبعمائة ، وإلى موسمها ، ثم نقلهم إلى أجياد ، فى موسم هذه السنة ، ثم أعادهم بعد الموسم إلى العلقمية ، وكادوا يفلتون منها بحيلة دبروها ، وهى أنهم ربطوا سررا كانت عندهم بثياب معهم ، وصعدوا فيها ، غير محمد بن عجلان ، حتى بلغوا طاقة تشرف على منزل ملاصق لسجنهم ، فنزلوا منها إليه ، فنذر بهم بعض الساكنين فيه ، فصاح عليهم يظنهم لصوصا ، فسمع الصياح ، الموكّلون بهم من خارج السجن ، فتيقّظوا ، وعرف الأشراف بتيقظ الموكّلين بهم ، فأحجموا عن الخروج إلا عنانا ، فإنه أقدم ، ولما بلغ الدار ، وثب وثبة شديدة ، فانفك القيد عن إحدى رجليه ، وما شعر به أحد حين خرج ، فسار إلى جهة سوق الليل ، وما كان غير قليل ، حتى رأى كبيش والعسكر يفتشون عليه بضوء معهم ، فدنا إلى مزبلة بسوق الليل ، وأظهر أنه يبول ، وأخفاه الله عن أعينهم.

فلما رجعوا ، سار إلى أن لقيه بعض معارفه ، فعرفه خبره ، وسأله فى تغييّبه ، فغيبه فى بيت بشعب علىّ ، فى صهريج فيه ، ووضع على فمه حشيش ودابة ، لئلا يظهر موضع الصهريج للناظر فى البيت ، وفى الصباح أتى كبيش بعسكره إلى ذلك البيت ، لأنه أنهى إليه أنه فيه ، فما وجده فيه ، فقيل له : إن فى البيت صهريجا ، فأعرض عن ذلك ، لما أراده

٤١٧

الله تعالى من سلامة المختفى فيه ، ثم بعث إلى بعض الأشراف ذوى راجح ، وكان له منهم قرابة ، فحضر إليه غير واحد منهم ، وسألهم فى إعانته ، بمركوب له ولمن يسافر معه ، فأجابوه لقصده ، وأخرجوا له ركائب إلى المعابدة ، وحملوا عليها فخّارا وغيره ، ليخفى أمرها على من يراها ، وخرج عنان من سوق الليل إلى المعابدة ، ونزل عند امرأة يعرفها من أهلها ، فأخفته بإلباسها له ثياب النساء ، وأجلسته معها ومع غيرها ، ونمى الخبر إلى كبيش ، فأتى إلى المنزل الذى فيه عنان بالمعابدة ، وسأل عنه صاحبة المنزل التى أخفته ، فنالت بالقول من عنان كثيرا ، وأنكرت أن يكون عندها ، فصدقها كبيش.

فلما كان الليل ، ركب مع رجلين أو ثلاثة ، الرواحل التى أعدت لهم ، فوقفت بعض ركابهم ، قبل وصولهم إلى وادى مرّ ، وما وصل هو إلى خليص ، إلا وقد كلّت راحلته ، فسأل بعض أهل خليص عن راحلة لبعض أصحابه ، بلغه أنها بخليص ، فأخبر بوجودها ، فأخذها ؛ ويقال إن صاحبها كان إذا فرغ من علفها ، يقول : ليت عنانا يخلص فينجو عليك ، فكان ما تمناه ، فتوصل عنان إلى ينبع ، ثم إلى مصر ، فى أثناء سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، فأقبل عليه الملك الظاهر ، ووصل إليه فيما بلغنى ، كتاب من أحمد بن عجلان ، يسأله فى ردّ عنان إليه ، فكتب إليه الظاهر يقول : وأما ما ذكرت من جهة عنان ، فإن الله سبحانه وتعالى يقول : (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ) [التوبة : ٦] وبعد قليل ، بلغ السلطان موت أحمد بن عجلان ، وكحل ولده للأشراف المسجونين ، فتغير على الولد ، لأنه كان يسأل أباه فى إطلاقهم ، فأبى وأضمر تولية عنان مكة عوضه ، وكتم ذلك على عنان ، وخادع محمد بن أحمد بن عجلان ، بأن أرسل إليه العهد والخلعة بولاية مكة ، وأذن لعنان فى التوجه صحبة الحاج ، وأمر أمير الحاج ، بقلة مراعاته لعنان فى طريق مكة ، فكان لا يلتفت إليه ، وربما أهانه لئلا يتشوّش محمد بن أحمد بن عجلان ، وتمت عليه هذه الخدعة ، لما قضى الله تعالى به من الشهادة ، فإنه لما حضر لخدمة المحمل المصرى ، على عادة أمراء الحجاز ، قتله باطنينان ، فى مستهل الحجة ، من سنة ثمان وثمانين وسبعمائة ، وبعد قتله ، أشعر أمير الحاج الماردينّى عنانا بولايته لإمرة مكة ، عوض المذكور ، ودخل مع الترك ، وعليهم السلاح ، حتى انتهوا إلى أجياد ، فحاربهم فيه بعض جماعة محمد بن أحمد ثم ولوا ، ونودى لعنان فى البلد بالولاية ، وألبس الخلعة السلطانية بذلك ، فى مستهل الحجة ، ثم قرئ توقيعه على قبة زمزم ، وكتاب السلطان بولايته ، وإلزام بنى حسن من الأشراف والقواد بطاعته ، وقام بخدمة الحاج حتى رحلوا ، وتوجه بعد سير الحاج بمدة بسيرة ، إلى جدة ، فقرر أمرها ورتب بها نائبا ، محمد بن عجلان ، لملايمته له من السجن ، وتوحشه

٤١٨

من كبيش ، بسبب قيامه فى كحله ، واستدنى جماعة كثيرة من عبيد أحمد ، فأحسن إليهم ، وقال لهم : أنا عوضكم فى مولاكم وابن مولاكم ، فأظهروا له الرضا عنه ، وجعلهم بجدة ، وجعل بها محمد بن بركتى ـ وهو ابن مولى أبيه مغامس ـ عينا له على محمد ، ومن معه من آل عجلان ، فوقع من محمد بن عجلان ، ما أنكر عليه محمد بن بركتى ، وأنهى ذلك عنه إلى عنان ، فكتب عنان إلى محمد بن عجلان يزجره ، فغضب محمد ، وأرسل إلى كبيش ومن ومعه من آل عجلان وغيرهم ، يستدعيهم إليه ، فقدموا إليه ، واستولوا على جدة ، وما فيها من أموال الكارم ، وغلال المصريين ، من أهل الدولة بمصر ، وكان ذلك شيئا عظيما جدا ، ومال إليهم للطمع ، جماعة من أصحاب عنان ، ولم يستطيع عنان الخروج إليهم ، واحتاج ، وأخذ بمكة ما كان فى بيت شمس الدين بن جن البئر ، وكيل الأمير جركس الخليلى ، أمير آخور الملكى الظاهرى ، وأحد خواص السلطان ، من الغلال والقماش والسكر وغير ذلك ، وكان شيئا كثيرا ، وأعطى ذلك لبنى حسن وغيرهم [.....](١) به حال عنان ، وكان الذين مع عنان يختلفون عليه ، فأرضى أحمد بن ثقبة وعقيل بن مبارك ، بإشراكهما معه فى الإمرة بمكة ، وصار يدعى لهما معه فى الخطبة ، وبعد المغرب على زمزم ، ولكل منهما طبلخانه وغلمانه ، ثم أشرك معه فى الإمرة والدعاء ، على بن مبارك ، لما أتاه منافرا لآل عجلان ، وبلغ ذلك ـ مع ما اتفق بجدة ومكة من النهب ـ السلطان بمصر ، فعزل عنانا ، وولى على بن عجلان إمرة مكة عوضه.

وامتنع أصحاب عنان من تسليم البلد لعلى ، فتابعهم عنان على ذلك ، والتقوا مع أصحاب على بالأبطح ، عند ثنية أذاخر ، فقتل كبيش وغيره من آل عجلان ومن جماعتهم ، وولّوا راجعين إلى منازلهم بالوادى ، فأجار عنان من اللحاق بهم ، ودخل هو وأصحابه مكة مسرورين بالنصر ، بعد أن كاد يتم عليهم الغلب ، وكان من أسباب نصرهم ، أنهم عاجلوا آل عجلان بالقتال ، قبل وصول بقيتهم إلى الأبطح ، وعدم ظهور عنان وقت الحرب ، لإشارة بعض خواصه عليه بذلك ، لظنه أن آل عجلان يجتهدون فى حربه ، إذا ظهر لهم ، وقتل من جماعة عنان ، شريف يقال له فيّاش ، وخمسة من أهل مكة ، وذلك يوم السبت سلخ شعبان سنة تسع وثمانين وسبعمائة ، وفتحت الكعبة لعنان وأصحابه ، لما انتهوا إلى المسجد ، فدخلها جماعة منهم ، وأقاموا بمكة إلى أن أطل الحجاج المصريون على دخول مكة ، ثم فارقوها ، وقصدوا الزيمة بوادى نخلة اليمانية ، وتخلف

__________________

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٤١٩

عنان لما بلغه من تقرير السلطان له فى نصف الإمرة بمكة ، شريكا لعلى بن عجلان ، بشرط حضور عنان لخدمة المحمل ، وبرز للقائه حتى كاد يصل إليه ، فبلغه أن آل عجلان ، يريدونه بسوء عند لقائه ، وتبع أصحابه إلى الزيمة ، فأتاهم إليها على بن عجلان فى طائفة من جماعته ومن الترك ، فقتلوا بعض الأشراف وغيرهم ، وعادوا ظافرين بخيل ودروع ، لأنهم لما وافوا الزيمة ، كان الأشراف فى غفلة عنهم ، وفى تعب من قتالهم لقافلة بجيلة ، فأعرضوا عن قتال على ومن معه.

وبعد الموسم نرل عنان وأصحابه وادى مر ، واستولوا عليه وعلى جدة ، وحصل فى طريقها وغيرها من الطرقات نهب وخوف ، وكتب عنان إلى السلطان يعتذر عند ترك حضوره لخدمة المحمل ، لما بلغه من قصد آل عجلان له بالسوء ، وشكاهم إليه ، فكتب إليه السلطان يقول له : أنت على ولايتك ، فافعل ما تقدر عليه ، فما تم له فيهم مراد ، لاختلاف أصحابه عليه.

فسار فى أثناء سنة تسعين وسبعمائة ، وهو حنق عليهم إلى مصر ، وما وجد بها الإقبال الذى كان يعهده ، وأقام بها مطلقا ، إلى أن زالت دولة الملك الظاهر ، وصار الأمر لمن كان قبله ، وهو الصالح حاجّى بن الأشرف شعبان ، ولمدبر دولته الأمير يلبغا الناصرى ، فسعى له عنده فى عوده لولاية مكة ، فأجيب لقصده ، ووعد بإلباس خلعة الولاية ، فى يوم عيّن له ، فلم يتم له الأمر ، لأنه فى ذلك اليوم ، ثار على الناصرى أمير يقال له تمربغا الأفضلى ، ويلقب منطاش ، وما كان غير قليل ، حتى قبض على الناصرى. ونحو أربعين أميرا من أصحابه ، وبعد قيام منطاش بقليل ، قدم إلى مصر محمد بن عجلان ، فسعى عند منطاش فى حبس عنان ، فأجيب ، وحبس عنان مع بعض مماليك الظاهر ، فى النصف الثانى من سنة إحدى وتسعين وسبعمائة.

ثم خلصوا هم وعنان ، وصورة خلاصهم ، أنهم نقبوا نقبا من الموضع الذى كانوا مسجونين فيه من القلعة ، فوجدوا فيه سربا ، فمشوا فيه حتى انتهوا إلى موضع آخر فنقبوه ، فخرجوا منه إلى محل سكن نائب القلعة ، فصاحوا على من بها ، وهم غافلون ليلا ، فأدهشوهم ، وكانوا فى قلة ، لخروج منطاش وغالب العسكر إلى الشام لقتال الظاهر ، فإنه ظهر بالشام ، واجتمع إليه ناس كثير ، والتقى بشقحب ، مع العسكر الذى فيه الصالح ومنطاش ، فتم النصر للظاهر ، وقبض على الصالح وغيره ، وفر منطاش إلى دمشق هاربا ، فتحصن بها.

وكان سبب إطلاق الظاهر ، أن الناصرى حين أحس بظهور منطاش عليه ، كتب

٤٢٠