العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي

العقد الثّمين في تاريخ البلد الأمين - ج ٥

المؤلف:

تقي الدين محمّد بن أحمد الحسني الفاسي المكّي


المحقق: محمّد عبد القادر أحمد عطا
الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ١
ISBN الدورة:
978-2-7451-2553-2

الصفحات: ٤٩٤

استهلى يا طيب من كل قطر (١)

بالأمير الذى به تغبطينا

بالذى إن أمنت نومك الأم

ن وإن خفت نمت لا توقظينا

استمع مدحة (٢) إليك ابتدارا

جمعت شدة وعنفا ولينا

نازعتنى إليك لا مكرهات

مثل ما استكره السياق الحرونا (٣)

لم يضرها التعيث إن غاب عنها (٤)

وثوى فى ضريح رمس رهينا

لا ولا جرول ولا ابن ضرار

وهم عندنا للذين اللذينا (٥)

وقال ثعلب : أخبرنى عافية بن شبيب : أن عبد الصمد بن على ، مات بأسنانه التى ولد بها ، وكان خرج مع أخيه عبد الله بن على ، حين خالف على المنصور ، وجعله ولى عهده.

وقال ابن كامل : مات ببغداد فى سنة خمس وثمانين ومائة ، ودفن فى مقابر باب البردانى. وكذا أرخ وفاته غير واحد ، وصلى عليه الرشيد ليلا.

وكان له من العمر ، تسع وسبعون سنة ، وقيل إحدى وثمانون سنة. وكان مولده سنة أربع ومائة بالحميمة.

وروى عن أبيه عن جده عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أكرموا الشهود فإن الله يستخلص بهم الحقوق». وهو كما قال العقيلى : غير محفوظ ، تفرد به عبد الصمد.

١٨١٧ ـ عبد الصمد بن موسى بن محمد بن إبراهيم الإمام بن محمد بن على بن عبد الله بن عباس العباسى :

أمير مكة ، ذكر ابن الأثير : أنه حج بالناس ـ وهو على مكة ـ سنة اثنتين وأربعين ومائتين ، وسنة ثلاث وأربعين ، وسنة أربع وأربعين ومائتين.

__________________

(١) فى التحفة اللطيفة ٢ / ١٧٩ :

استهلى بأطيب قطر من كل قطر

(٢) بياض فى التحفة اللطيفة. انظر : التحفة اللطيفة ٢ / ١٧٩.

(٣) فى التحفة اللطيفة :

نازعتنى إليك لا مكرهات

مثل استكره السباق ....

(٤) فى التحفة اللطيفة ٢ / ١٧٩ :

لم يضرها الغيث إن غاب منها

(٥) فى التحفة اللطيفة ٢ / ١٧٩ :

لا ولا جرول ولا ابن ضرار

وهم عندنا اللذا ابن اللذينا

٨١

ولم يذكر فى هاتين السنتين ، أنه كان فيهما واليا على مكة ، كما ذكر فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين. والظاهر أنه كان واليا فيهما ، والله أعلم.

وذكر فى أخبار سنة تسع وأربعين أنه حج بالناس فيها ، وهو والى مكة.

وذكر ابن كثير ما يوافق ما ذكره ابن الأثير ، فى حج عبد الصمد هذا بالناس ، وهو والى مكة فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين.

وذكر ابن جرير ما يخالف ذلك ؛ لأنه ذكر أن عبد الله بن محمد بن داود العباسى الملقب تربحة ، حج بالناس ، وهو والى مكة ، فى سنة اثنتين وأربعين ومائتين. والله أعلم بالصواب.

ورأيت فى تاريخ ابن جرير : حج عبد الصمد هذا بالناس ، وهو والى مكة فى سنة تسع وأربعين دون غيرها ؛ لأنى لم أر محل ذلك من تاريخه ، وإنما رأيت مختصر تاريخ ابن جرير ، ولم أر فيه إلا أن عبد الصمد حج بالناس فى بعض السنين المذكورة. ولم يقل فيه : إنه كان واليا على مكة ، ولا أبعد وقوع ذلك. والله أعلم.

وحدث عبد الصمد هذا عن أبيه موسى ، وعمه إبراهيم ، وعبد الوهاب ابنى محمد بن إبراهيم ، وعلى بن عاصم ، وغيرهم.

روى عنه ابنه محمد ، ونزل سر من رأى. وذكره الخطيب فى تاريخه. ومنه كتبت بعض هذه الترجمة.

١٨١٨ ـ عبد العال بن على بن الحسن المراكشى :

توفى ليلة التاسع والعشرين من شهر رجب ، سنة إحدى وسبعين وسبعمائة ، ودفن بالمعلاة.

* * *

من اسمه عبد العزيز

١٨١٩ ـ عبد العزيز بن أحمد بن سالم بن ياقوت المكى :

المؤذن بالحرم الشريف ، سمع من التاج الطبرى الخطيب ، ومحمد بن صبيح. وكان أمينا على زيت الحرم وشمعه وقناديله ، ويؤذن بمئذنة باب الحزورة. وتوفى سنة سبع وثمانين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة.

٨٢

١٨٢٠ ـ عبد العزيز بن أحمد القاضى عز الدين ، المعروف بابن سليم المحلى الشافعى :

قاضى المحلة بالديار المصرية ، ولى قضاءها مدة سنين ، نيابة عن قاضى القضاة بدر الدين بن القاضى أبى البقاء السبكى ، قاضى القضاة بالديار المصرية ، وعن غيره من قضاتها. ثم توجه إلى مكة ، وجاور بها أزيد من سنتين متواليتين.

ثم توفى بها يوم الاثنين ، الرابع عشر من صفر سنة ثمان وثمانمائة ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين ـ فيما أحسب ـ وكان جاور بمكة على طريقة حسنة ، مع إحسان إلى الناس بالقرض ، ولديه فضيلة ومعرفة بالوراقة على ما بلغنى.

١٨٢١ ـ عبد العزيز بن بندار الشيرازى :

نزيل مكة ، سمع من قاضى الحرمين ، أبى جعفر الموسوى بمصر ، وحدث عن أحمد ابن فراس العبقسى المكى. وروى عنه الحافظ أبو الغنائم محمد بن على النرسى.

وذكر أبو محمد هبة الله الأكفانى فى وفياته : أنه توفى بمكة فى شهور سنة إحدى وخمسين وأربعمائة. وحدث عن الهروانى الكوفى ، وغيره.

١٨٢٢ ـ عبد العزيز بن جريج القرشى ، مولاهم ، المكى :

روى عن : عائشة ، وابن عباس ، وسعيد بن جبير ، روى عنه : ابنه عبد الملك الفقيه ، وخصيف بن عبد الرحمن.

روى له : أبو داود (١) ، والترمذى وحسّن له حديثا (٢) ، وابن ماجة. (٣) وقال

__________________

١٨٢٢ ـ (١) فى سننه ، كتاب الصلاة حديث رقم (١٢١٣) من طريق : عثمان بن أبى شيبة حدثنا أبو حفص الأبار (ح) وحدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا محمد بن أنس وهذا لفظه عن الأعمش عن طلحة وزبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبى بن كعب قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل للذين كفروا والله الواحد الصمد. حدثنا أحمد بن أبى شعيب حدثنا محمد بن سلمة حدثنا خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال : سألت عائشة أم المؤمنين بأى شيء كان يوتر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فذكر معناه قال : وفى الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين.

(٢) فى سننه ، كتاب الصلاة ، حديث رقم (٤٢٥) من طريق : إسحاق بن إبراهيم بن حبيب ابن الشهيد البصرى حدثنا محمد بن سلمة الحرانى عن خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال : سألنا عائشة بأى شيء كان يوتر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم؟ قالت : كان يقرأ فى الأولى بسبح ـ

٨٣

البخارى : لا يتابع فى حديثه. (٤)

١٨٢٣ ـ عبد العزيز بن دانيال بن عبد العزيز بن على بن عثمان الأصبهانى الأصل، المكى المولد والدار ، المعروف بالعجمى :

كان شابا خيرا ، له أملاك بوادى الهدة وغيرها. وغالب ذلك ، ورّثه له قرابته. توفى فى العشرين من ذى القعدة ، سنة إحدى عشرة وثمانمائة بمكة ودفن بالمعلاة.

١٨٢٤ ـ عبد العزيز بن رفيع الأسدى ، أبو عبد الله المكى :

روى عن : ابن عباس ، وأبى الزبير ، ورأى عائشة. وسمع أذان أبى محذورة. وروى أيضا: عن أنس ، وأبى الطفيل ، وغيرهم. روى عنه : الأعمش ، وعمرو بن دينار ، وهو من شيوخه وأقرانه ، وشعبة ، والسفيانان وغيرهم. روى له الجماعة. ووثقه أحمد ، وابن معين.

وقال ابن حبان : أتى عليه نيف وتسعون سنة ، وكان نكاحا لا تثبت معه امرأة من كثرة غشيانه إياها.

__________________

ـ اسم ربك الأعلى وفى الثانية بقل يا أيها الكافرون وفى الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين قال أبو عيسى : وهذا حديث حسن غريب ، قال : وعبد العزيز هذا هو والد ابن جريج صاحب عطاء ، وابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج ، وقد روى يحيى ابن سعيد الأنصارى هذا الحديث عن عمرة عن عائشة عن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم.

(٣) فى سننه ، كتاب إقامة الصلاة ، حديث رقم (١١٦٣) من طريق : محمد بن الصباح وأبو يوسف الرقى محمد بن أحمد الصيدلانى قالا : حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال سألنا عائشة بأى شىء كان يوتر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قالت : كان يقرأ فى الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفى الثانية قل يا أيها الكافرون وفى الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين.

(٤) وأخرج له النسائى فى الصغرى ، كتاب قيام الليل ، حديث رقم (١٦١٠) من طريق : هارون بن عبد الله قال: حدثنا حجاج قال : قال ابن جريج عن أبيه : أخبرنى ابن أبى مليكة أن يعلى بن مملك أخبره أنه سأل أم سلمة عن صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالت : كان يصلى العتمة ثم يسبح ثم يصلى بعدها ما شاء الله من الليل ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى ثم يستيقظ من نومه ذلك فيصلى مثل ما نام وصلاته تلك الآخرة تكون إلى الصبح.

١٨٢٤ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات خليفة ١٦٥ ، الجرح والتعديل ٥ / ٣٨١ ، تهذيب الكمال ٨٣٩ ، تهذيب التهذيب ٢ / ١٤٠ ، تاريخ الإسلام ٥ / ١٠٢ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢٣٩ ، شذرات الذهب ١ / ١٧٧ ، سير أعلام النبلاء ٥ / ٢٢٨).

٨٤

مات بعد الثلاثين ومائة. انتهى. وقال مطين : مات سنة ثلاثين ومائة.

١٨٢٥ ـ عبد العزيز بن أبى رواد ، واسمه ميمون ـ وقيل غير ذلك ـ الأزدى :

مولى المغيرة بن المهلب بن أبى صفرة. سمع سالم بن عبد الله بن عمر ، ونافع مولى ابن عمر ، وعكرمة مولى بن عباس ، ومحمد بن زياد ، وغيرهم.

روى عنه ابنه عبد المجيد ، ويحيى بن سعيد القطان ، وابن مهدى ، وأبو عاصم النبيل ، وخلاد بن يحيى ، وآخرون. روى له البخارى تعليقا ، وأصحاب السنن الأربعة.

قال ابن المبارك : كان من أعبد الناس. وقال أحمد بن حنبل : صالح ، وكان مرجئا. وقال أبو حاتم : ثقة فى الحديث متعبد. وقال ابن معين : ثقة. وقال أبو زرعة : خراسانى ، سكن مكة. انتهى.

وقال يوسف بن أسباط : مكث عبد العزيز بن أبى رواد أربعين سنة ، لم يرفع طرفه إلى السماء ، فبينما هو يطوف بالبيت ، إذ طعنه المنصور بإصبعه ، فألتفت فقال : قد علمت أنها طعنة جبار.

قال شقيق المكى : ذهبت عينا عبد العزيز بن أبى رواد عشرين سنة ، فلم يعلم به أهله ولا ولده.

وقال أبو عبد الرحمن المقرى : ما رأيت أحدا أصبر على طول القيام ، من عبد العزيز ابن أبى رواد.

وقال ابن حبان : كيف يكون التقى فى نفسه من كان شديد الصلابة ، فى الإرجاء ، كثير البغض لمن انتحل السنن؟ انتهى.

وقال الذهبى : والعجب من عبد العزيز ، نحوه على الإرجاء ، وهو من الخائفين الوجلين ، مع كثرة حجه وتعبده؟.

__________________

١٨٢٥ ـ انظر ترجمته فى : (طبقات ابن سعد ٥ / ٤٩٣ ، طبقات خليفة ٢٨٣ ، تاريخ خليفة ٤٢٩ ، تاريخ الكبير ٦ / ٢٢ ، التاريخ الصغير ٢ / ١١٢ ـ ١١٣ ، كتاب المجروحين ٢ / ١٣٧ ـ ١٣٨ ، تهذيب الأسماء واللغات ١ / ٣٠٧ ، تهذيب الكمال ٨٣٩ ، تهذيب التهذيب ٢ / ٢٤٠ ، ٢٤١ ، تاريخ الإسلام ٦ / ٢٣٩ ـ ٢٤١ ، ميزان الاعتدال ٢ / ٦٢٨ ـ ٦٢٩ ، الذهبى ١ / ٢٣٢ ، خلاصة تهذيب الكمال ٢٣٩ ـ ٢٤٠ ، شذرات الذهب ١ / ٢٤٦ ، سير أعلام النبلاء ٧ / ١٨٤).

٨٥

وذكره الفاكهى فى عباد مكة ، وقال : حدثنا عبد الله بن أحمد بن أبى مسرة قال : حدثنا يوسف بن محمد بن عبد المجيد بن أبى رواد ، قال : ما رأيت أبى مزح قط إلا مزحتين ، فإنه قال لنا يوما : يا بنى ، هل رأيتم جملا على وتد؟. قال : فسكتنا فقال : الجمل على الجبال. قال الله تعالى : (وَالْجِبالَ أَوْتاداً) [النبأ : ٧٨] قال : وقال لجليس له ، يقال له أبو رباح : لو تزوجت!. لعله أن يولد لك ولد فتسميه عطاء ، فيكون ابنك عطاء بن أبى رباح ، ثم قال : أستغفر الله. انتهى.

وقال الذهبى فى التهذيب : قال ابن قانع : مات بمكة سنة تسع وخمسين ومائة. انتهى.

وذكر فى العبر : أنه توفى فى هذا التاريخ بمكة ، وهكذا ذكر وفاته ابن زبر.

١٨٢٦ ـ عبد العزيز بن سالم بن عطية بن صالح بن عبد النبى الجهنى المكى ، المعروف بابن الإصبع :

كان من تجار مكة ، وكان يشترك فى التجارة مع عبد العزيز بن على العجمى ، ثم انفصلا. وسبب ذلك : أن هذا ، سافر فى بعض السنين بمال مشترك بينهما ، فربحا فيه ، بحيث صار لكل منهما مائة ألف ، فاقتضى رأى عبد العزيز العجمى ترك السفر ، والقناعة بمكسب الحضر ، وأبى هذا إلا السفر كما كان ، فسافر. فذهب جانب كثير من ماله ، ثم عاد. فذهب منه طائفة أخرى ، ثم عاد ، فذهب جميعه واحتاج ، وصار يطلب من شريكه شيئا يسافر به يتكسب فيه ، فيتوقف عليه فى ذلك.

ومات غريبا ببلاد اليمن ، بصنعاء أو صعدة ـ فيما بلغنى ـ وما عرفت تاريخ وفاته ، إلا أنى أظن أنها فى آخر عشر الستين وسبعمائة. والله أعلم.

وكان زوج خالة الوالد : مريم بنت دانيال ، ورزق منها أولادا. وإصبع بعين مهملة.

١٨٢٧ ـ عبد العزيز بن سياه الأسدى الكوفى :

سمع حبيب بن أبى ثابت ، والشعبى ، والحكم بن عتيبة. روى عنه : ابنه يزيد ، وعبد الله بن نمير ، ويحيى بن آدم ، ويعلى بن عبيد ، وأبو معاوية الضرير ، وأبو نعيم.

قال عبد الرحمن : سألت أبا زرعة عنه ، فقال : لا بأس به. وهو من كبار الشيعة ، وسئل عنه أبى ، فقال : محله الصدق.

__________________

١٨٢٧ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٥ / ٣٨٣).

٨٦

روى له البخارى (١) ومسلم (٢) والترمذى (٣) والنسائى (٤). هكذا ذكره صاحب

__________________

(١) فى صحيحه ، كتاب الجزية والموادعة ، حديث رقم (٢٩٤٥) من طريق : عبد الله بن محمد حدثنا يحيى بن آدم حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن أبيه حدثنا حبيب بن أبى ثابت قال حدثنى أبو وائل قال : كنا بصفين فقام سهل بن حنيف فقال أيها الناس اتهموا أنفسكم فإنا كنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا فجاء عمر بن الخطاب فقال : يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على الباطل؟ فقال : بلى ، فقال : أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطى الدنية فى ديننا؟ أنرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ، فقال : يا ابن الخطاب ، إنى رسول الله ولن يضيعنى الله أبدا ، فانطلق عمر إلى أبى بكر فقال له مثل ما قال للنبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : إنه رسول الله ، ولن يضيعه الله أبدا فنزلت سورة الفتح فقرأها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم على عمر إلى آخرها ، فقال عمر : يا رسول الله ، أو فتح هو؟ قال : نعم.

(٢) فى صحيحه ، كتاب الجهاد والسير ، حديث رقم ، (٣٣٣٨) من طريق : أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن نمير (ح) وحدثنا ابن نمير وتقاربا فى اللفظ حدثنا أبى حدثنا عبد العزيز بن سياه حدثنا حبيب بن أبى ثابت عن أبى وائل قال : قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال : أيها الناس اتهموا أنفسكم لقد كنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا ، وذلك فى الصلح الذى كان بين رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وبين المشركين فجاء عمر بن الخطاب فأتى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال يا رسول الله ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال : بلى ، قال : ففيم نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ، فقال : يا ابن الخطاب ، إنى رسول الله ولن يضيعنى الله أبدا قال : فانطلق عمر فلم يصبر متغيظا ، فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر ، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار؟ قال : بلى ، قال : فعلام نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم ، فقال : يا ابن الخطاب ، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا ، قال : فنزل القرآن على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم بالفتح فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه فقال : يا رسول الله ، أو فتح هو؟ قال : نعم ، فطابت نفسه ورجع.

(٣) فى سننه ، كتاب المناقب ، حديث رقم (٣٧٣٤) من طريق : القاسم بن دينار الكوفى حدثنا عبيد الله بن موسى عن عبد العزيز بن سياه كوفى عن حبيب بن أبى ثابت عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : ما خير عمار بين أمرين إلا اختار أرشدهما. قال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبد العزيز بن سياه ، وهو شيخ كوفى وقد روى عنه الناس له ابن يقال له يزيد بن عبد العزيز ثقة روى عنه يحيى بن آدم.

(٤) فى سننه ، فى المقدمة ، حديث رقم (١٤٥) من طريق : أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا ـ

٨٧

الكمال ، والذهبى ، إلا أنه قال : الحمانى. ولم يقل الأسدى.

وذكر أنه يروى عن أبيه ، ويروى عنه غير هؤلاء. وقال : وثقه بن معين ، وأبو داود. انتهى.

وذكره ابن حبان فى الطبقة الثانية من الثقات ، وقال : الأسدى المكى. ولعله سكن مكة والكوفة ، فنسبته إلى كل من البلدين صحيحة.

١٨٢٨ ـ عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد ـ بفتح الألف ـ بن العيص ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف الأموى المكى :

روى عن أبيه ، ومحرش الكعبى. روى عنه : مولاه مزاحم ، وحميد الطويل ، وابن جريج. وروى له : أبو داود (١) ، والترمذى (٢) ، والنسائى (٣).

__________________

ـ عبيد الله بن موسى (ح) وحدثنا على بن محمد وعمرو بن عبد الله قالا جميعا : حدثنا وكيع عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب بن أبى ثابت عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : عمار ما عرض عليه أمران إلا اختار الأرشد منهما.

١٨٢٨ ـ انظر ترجمته فى : (الإصابة ٢٤٨ ، الجرح والتعديل ٥ / ٣٨٦).

(١) فى سننه ، كتاب المناسك ، حديث رقم (١٧٠٥) من طريق : قتيبة بن سعيد حدثنا سعيد بن مزاحم بن أبى مزاحم حدثنى أبى مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله بن أسيد عن محرش الكعبى قال : دخل النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم الجعرانة فجاء إلى المسجد فركع ما شاء الله ثم أحرم ثم استوى على راحلته فاستقبل بطن سرف حتى لقى طريق المدينة فأصبح بمكة كبائت.

(٢) فى سننه ، كتاب الحج ، حديث رقم (٨٥٧) من طريق : محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن مزاحم بن أبى مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبى أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج من الجعرانة ليلا معتمرا فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ثم خرج من ليلته فأصبح بالجعرانة كبائت فلما زالت الشمس من الغد خرج من بطن سرف حتى جاء مع الطريق طريق جمع ببطن سرف فمن أجل ذلك خفيت عمرته على الناس. قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ولا نعرف لمحرش الكعبى عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم غير هذا الحديث ، ويقال جاء مع الطريق موصول.

(٣) فى السنن الصغرى ، كتاب مناسك الحج ، حديث رقم (٢٨١٤) من طريق : عمران بن يزيد عن شعيب قال : حدثنا ابن جريج قال : أخبرنى مزاحم بن أبى مزاحم عن عبد العزيز ابن عبد الله عن محرش الكعبى أن النبىصلى‌الله‌عليه‌وسلم خرج ليلا من الجعرانة حين مشى معتمرا فأصبح بالجعرانة كبائت حتى إذا زالت الشمس خرج عن الجعرانة فى بطن سرف حتى جامع الطريق طريق المدينة من سرف.

٨٨

وولى إمرة مكة لسليمان بن عبد الملك ، كما ذكر ابن جرير فى سنة ست وتسعين ، فيما حكى عن أبى معشر.

وذكر أيضا ما يدل على أنه إنما ولى مكة فى سنة سبع وتسعين ؛ لأنه ذكر أن سليمان ابن عبد الملك ، حج بالناس فى سنة سبع وتسعين ، وعزل عنها طلحة بن داود بعد الحج ، وولى عليها عبد العزيز بن عبد الله.

وذكر أيضا : أنه حج بالناس سنة ثمان وتسعين ، وهو على مكة. وذكر أنه كان عاملا لعمر بن عبد العزيز على مكة فى سنة تسع وتسعين.

وقال فى أخبار سنة مائة : وكان عمال الأمصار فى هذه السنة ، العمال فى السنة قبلها. فدل هذا ، على أن عبد العزيز كان على مكة فى هذه السنة.

وفى تاريخ الأزرقى : التصريح بولايته على مكة فى سنة مائة من الهجرة ؛ لأن الأزرقى قال : حدثنى أحمد بن أبى مسرة ، قال : حدثنا عبد المجيد بن أبى رواد قال : إنى قدمت مكة سنة مائة ، وعليها عبد العزيز بن عبد الله أميرا. فقدم عليه كتاب من عمر ابن عبد العزيز ، ينهى عن كراء بيوت مكة ، ويأمره بتسوية منى. قال : فجعل الناس يدسون إليهم الكراء سرا ويسكنون. انتهى.

وقال ابن جرير فى أخبار سنة إحدى ومائة : وكان عبد الرحمن ، يعنى ابن الضحاك ابن قيس الفهرى ، عامل يزيد بن عبد الملك على المدينة ، وعلى مكة عبد العزيز بن عبد الله.

وقال فى أخبار سنة اثنتين ومائة : إن عبد العزيز كان عاملا على مكة.

وقال فى أخبار سنة ثلاث : وفيها ضمت مكة إلى عبد الرحمن بن الضحاك. فعلى هذا يكون عبد العزيز ، ولى مكة ست سنين ، على الخلاف السابق فى ابتداء ولايته لسليمان بن عبد الملك ، ثم أحمد بن عبد العزيز ليزيد بن عبد الملك.

وقال صاحب الكمال : ولى مكة لسليمان بن عبد الملك ؛ وقيل إنه وليها لعبد الملك أيضا ، وحج بالناس سنة ثمان وتسعين ، وسنة إحدى ومائة ، وكان جوادا ممدحا. انتهى.

وجزم الزبير بن بكار ، بولايته على مكة لعبد الملك بن مروان ؛ لأنه قال : واستعمل عبد الملك بن مروان : عبد العزيز بن عبد الله بن خالد بن أسيد على مكة ، وله يقول أبو

٨٩

صخر الهذلى : فذكر أبياتا ، ثم قال : ومات عبد العزيز برصافة هشام ، فرثاه أبو صخر الهذلى [من الطويل] :

إن تمس رمسا بالرصافة ثاويا

فما مات يا ابن العيص أيامك الزهر

وذى ورق من فضل مالك ماله

وذى حاجة قد رشت ليس له وفر

١٨٢٩ ـ عبد العزيز بن عبد الملك بن أبى محذورة الجمحى المكى :

روى عن جده ، وابن محيريز : حديث الأذان (١). روى عنه : ابنه إبراهيم ، وابن جريج ، ومحمد بن سعيد الطائفى.

روى له أصحاب السنن (٢) ، ولم يذكر صاحب الكمال أنه مكى. وإنما ذكر ذلك الذهبى.

١٨٣٠ ـ عبد العزيز بن على بن أحمد بن عبد العزيز بن القاسم بن عبد الرحمن الشهيد الناطق ، القاضى عز الدين أبو المعالى بن القاضى نور الدين العقيلى النويرى المكى الشافعى :

قاضى تعز باليمن ، ومدرس الحديث بالمنصورية بمكة ، ولد بها فى رجب سنة ثمان وسبعين وسبعمائة ، وعنى بحفظ القرآن ، فحفظ القرآن وصلى به التراويح ، وكتبا علمية ، منها «التنبيه» وسمع الحديث بمكة فى صغره على مسندها عبد الله بن محمد النشاورى ، وبعنايته على مسند الحجاز إبراهيم بن صديق الرسام ، ووالده ، وغيرهم من شيوخنا ، وبعض ذلك بقراءتى بقراءته ، وتفقه بمكة على فقيهما وقاضيها جمال الدين بن ظهيرة ، وأخذ النحو عن الشيخ نجم الدين المرجانى ، ثم رحل إلى القاهرة ، وأخذ بها ـ فى سنة ثمانمائة ـ الفقه وغيره عن جماعة من علماء القاهرة ، منهم الشيخ برهان الدين الأبناسى ، وأذن له فى الإفتاء والتدريس بوساطة بعض أصحابه ، وأخذ الفقه وغيره ، عن جماعة من علماء القاهرة ، منهم : شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ، وابنه قاضى القضاة

__________________

١٨٢٩ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٥ / ٣٣٨).

(١) أخرجه الترمذى فى سننه ، فى كتاب الصلاة ، حديث رقم ١٧٦ ، والنسائى فى الصغرى ، حديث رقم ٦٢٥ ، ٦٢٨ ، وأبى داود ، فى كتاب الصلاة ، حديث رقم ٤٢٤ ، ٤٢٥ ، وابن ماجة فى سننه ، حديث رقم ٧٠٠ ، وأحمد بن حنبل فى المسند ، حديث رقم ١٤٨٣٦.

(٢) وهو حديث الأذان السابق ذكر تخريجه فى الحاشية السابقة.

٩٠

جلال الدين عبد الرحمن ، والقاضى بهاء الدين أبو الفتح ، ابن أخى شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ، ولازمه كثيرا ، والشيخ بدر الدين أحمد بن محمد الطنبدى ، وأظنهم ـ خلا شيخنا شيخ الإسلام سراج الدين البلقينى ـ أجازوه بالإفتاء والتدريس ، وتصدى كثيرا للفتيا بمكة ، فى حياة شيخه ابن ظهيرة وبعده ، ودرس الحديث بالمنصورية بعد والده.

ودخل اليمن مرات ، منها سنة تسع وتسعين وسبعمائة ، وفيها مات أبوه ، وفى سنة ثمان وثمانمائة ، وما فاته الحج فى السنتين ، ثم فى سنة ثلاث عشرة وثمانمائة ، وأقام بها إلى أواخر سنة ثلاث وعشرين وثمانمائة ، ثم توجه إلى مكة ، وأدرك بها الحج ، وأقام بها حتى مات.

وولى قضاء تعز باليمن مرات ، وتدريس المظفرية ، والسيفية بها ، ووظائف فقاهات وغيرها ، وما سلم فى حال ولايته لقضاء تعز ، وإقامته باليمن من أذى بعض الناس له هناك ، حتى خيلوا منه صاحب اليمن.

وكان كبير أمرائه بدر الدين بن زيادة الكاملى ، كثير الإقبال عليه والإحسان إليه ، وكان عارفا بالفقه ، مشاركا فى غيره ، حسن المذاكرة ، وعرض له قبل موته بنحو نصف سنة باسور بمقعدته ، فحمل عليه ، وفتحه من مكانين فى وقتين ، ولم يزل متعللا به ، حتى مات فى ليلة الأحد حادى عشرى ذى الحجة سنة خمس وعشرين وثمانمائة بمكة ، ودفن فى بكرتها بالمعلاة.

١٨٣١ ـ عبد العزيز بن على بن عثمان بن محمد الأصفهانى الأصل ، المكى ، المعروف بالعجمى :

كان أحد تجار مكة ؛ حصل عقارا طائلا بمكة ، ووادى مر ، والهدة ، ووقف بها مكانا يقال له : المفقر ، بواسط الهدة ، على الزوار فى طريق الماشى ، اشترى نصفه بخمسة وعشرين ألفا ، ونصفه باثنى عشر ألفا وخمسمائة.

وكان بينه وبين جدى الشريف على الفاسى ، تواد ومخالطة فى الدنيا.

وكان فى مبدأ أمره فقيرا ، فتسبب وربح فى ذلك كثيرا ، بحيث إنه اشترى فلفلا بدرهم ونصف للمن ، فباعه كل منّ بعشرة دراهم. ولما بلغ ماله مائة ألف درهم ، ترك السفر به ، وقنع بالتسبب فى بلده.

٩١

وتوفى فى سنة أربع وستين وسبعمائة بمكة ، ودفن بالمعلاة. وقد بلغ الستين أو قاربها.

١٨٣٢ ـ عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبى العاص ابن أمية بن عبد شمس الأموى ، أبو محمد :

أمير مكة ، والمدينة ، والطائف. روى عن : أبيه وحميد بن عبد الرحمن بن عوف ، ونافع مولى ابن عمر ، وغيرهم. روى عنه : يحيى بن سعيد ، وابن جريج. وابن نمير ، ووكيع. وأبو نعيم ، وغيرهم.

روى له الجماعة. ووثقة ابن معين ، وأبو داود ، وضعفه أبو مسهر.

وذكر ابن جرير : أنه حج بالناس سنة سبع وعشرين ومائة ، وهو عامل مروان على مكة ، والمدينة ، والطائف.

وكذلك قال فى أخبار سنة ثمان وعشرين : وعزل بعبد الواحد بن سليمان بن عبد الملك ، فى سنة تسع وعشرين.

وذكر أنه حج بالناس فى سنة ست وعشرين ، ولم يصرح بولايته فيها بذلك. وقد صرح بذلك الشيخ عماد الدين بن كثير. ولعله نقل ذلك من تاريخ ابن الأثير ؛ لأنه قال فى أخبار سنة ست وعشرين : وفيها عزل يزيد بن الوليد ، عن إمرة الحجاز ، الحجاج بن يوسف بن محمد الثقفى. وولى عليها عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز. انتهى.

وذكر العتيقى فى أمراء الموسم : أن عمر بن عبد العزيز بن عبد الملك ، حج بالناس فى سنة ست وعشرين. وقال : إن عبد العزيز هذا حج فى سنة ثلاثين. انتهى.

وذكره الزبير بن بكار ، فقال لما أن ذكر أولاد عمر بن عبد العزيز : وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز ، ولى المدينة ومكة ليزيد بن الوليد بن عبد الملك ، ثم أثبته مروان بن محمد عليهما ، ثم عزله عنهما ، وله يقول ابن مافنة يرثيه [من الرمل] :

وقد (١) كبا الدهر بجدى فعثر

إذ ثوى عبد العزيز بن عمر

__________________

١٨٣٢ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٦ / ٢٤٩ ، خلاصة الكلام ٥ ، ٢٦ ، مروج الذهب ٩ / ٦٢ ، الأعلام ٤ / ٢٣ ، الجرح والتعديل ٥ / ٣٨٩).

(١) فى التحفة اللطيفة ٢ / ١٨٤ :

قد كيى الدهر ....

٩٢

كان من عبد مناف كلها

بمكان السمع منها والبصر

انتهى.

وتوفى سنة سبع وأربعين ومائة. كما ذكر الذهبى فى العبر وقال : كان عالما فقيها نبيلا.

١٨٣٣ ـ عبد العزيز بن عيسى بن محمد بن عمران الحجبى ، أبو محمد المكى :

سمع من الشريف يونس بن يحيى الهاشمى ، وحدث. سمع منه أبو المعالى بن القسطلانى. وتوفى فى الثامن والعشرين من ذى الحجة سنة ثمان وأربعين وستمائة بمكة ، نقلت وفاته من خط الشريف أبى القاسم الحسينى فى وفياته.

١٨٣٤ ـ عبد العزيز بن محمد بن إبراهيم بن سعد الله بن جماعة بن على بن حماعة بن حازم بن صخر الكنانى :

قاضى القضاة بالديار المصرية ، عز الدين أبو عمر بن قاضى القضاة بدر الدين المعروف بابن جماعة الحموى الأصل ، المصرى المولد والدار ، الشافعى.

ولد فى التاسع عشر من المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة ، بقاعة العادلية بدمشق. وأجاز له أبو الفرج عبد الرحمن بن عبد اللطيف بن وريدة المكبر ، والرشيد بن أبى القاسم ، وإسماعيل بن الطبال ، وجماعة من بغداد. ومن دمشق : أحمد بن عبد السلام بن أبى عصرون ، وعمر بن إبراهيم الرسعنى ، وآخرون. ومن بعلبك : عبد الخالق بن علوان ، وزينب بنت عمر بن كندى ، وغيرهما.

ومن نابلس : عبد الحافظ بن بدران. ومن القاهرة : النجم أحمد بن حمدان ، وأخوه شبيب ، وغزى المشطوبى ، وجعفر الإدريسى ، والبوصيرى ناظم البردة ، وغيرهم. ومن المغرب : أبو جعفر أحمد بن الزبير الغرناطى.

وحضر بدمشق ، على أبى حفص عمر بن القواس : الجزء الأول من معجم ابن جميع ، وعلى أبى الفضل أحمد بن عساكر : جزء البيتوتة. وعلى العز إسماعيل بن عمرو الفراء [....](١) وعلى الحسن بن على الخلال [....](١) :

__________________

١٨٣٤ ـ انظر ترجمته فى : (الدرر الكامنة ٢ / ٣٧٨ ، الكتبخانة ٧ / ١٨١ ، التيمورية ٣ / ٦١ ، كشف الظنون ١٩٤٠ ، الأعلام ٤ / ٢٦).

(١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٩٣

وسمع بالقاهرة من أبى المعالى الأبرقوهى : جزء ابن الطلاية ، وعلى محمد بن الحسين الفوى : الخلعيات عن ابن عماد ، وعلى الحافظ شرف الدين الدمياطى [....](٢) وجماعة بعد ذلك بطلبه من مصر ، والإسكندرية ، ودمشق ، مكة. وشيوخه بالسماع والإجازة ، يزيدون على ألف وثلاثمائة شيخ ، وأخذ الفقه عن الشيخ جمال الدين بن الوجيزى ، والأصلين عن الشيخ علاء الدين الباجى ، والعربية عن الشيخ أبى حيان.

وأفتى ، ودرس بأماكن ، منها : الزاوية المعروفة بالخشابية بمصر ، ودرس الحديث والفقه بجامع ابن طولون ، ودار الحديث الكاملية وغيرها. وصنف شرحا على «المنهاج» لم يكمله ، والمناسك على المذاهب الأربعة فى مجلدين ، والمناسك الصغرى ، وتخريج أحاديث الرافعى ، ولم يبيضه ، وسيرة كبرى وصغرى ، وغير ذلك. وله نظم ، وما زال يكتب ويسمع ، ويشتغل ويصنف ، حتى توفى.

وولى قضاء الديار المصرية فى حياة شيوخه ، بعد عزل الجلال القزوينى ، فى ثامن جمادى الآخر سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ، وسار فيه سيرة حسنة. واستمر حتى عزل فى سنة تسع وخمسين بابن عقيل ، ثم أعيد بعد ثمانين يوما ، ثم أعرض عن ذلك. فثقلوا عليه بالعود ، بحيث إن يبلغا مدبر الدولة بالقاهرة ، حضر إلى منزله وبالغ فى سؤاله فى العود ، فأبى وصمم على المنع. فسئل فى تعيين قاض عوضه ، فقال : لا أتقلد. ويقال : إنه أشار إلى أبى البقاء السبكى ، فولى عوضه. وكان ذلك فى جمادى الأولى من سنة ست وستين ، وتوجه إلى الحجاز ، فحج وزار المدينة النبوية ، ثم عاد إلى مكة. فتوفى بعد ثلاثة عشر يوما ، وذلك فى يوم الاثنين حادى عشر جمادى الآخرة سنة سبع وستين ، ودفن ـ يومئذ ـ بالمعلاة ، بجوار الفضيل بن عياض.

وكان سعيد الحركات ، متين الديانة ، كثير العبادة. له وقع فى النفوس ، معظما عند الخاصة والعامة ، بحيث بلغ من أمره ، أن السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون ، أغدق الولايات فى الممالك بمن يعينه ، وهو مع ذلك مطرح الجانب.

وذكره الإسنائى فى طبقاته وأثنى عليه ، وذكر من حاله أشياء لم يذكرها غيره ، ونص ما ذكره ، بعد أن ذكر ترجمة لوالده القاضى بدر الدين بن جماعة :

«وأما ولده القضاة عز الدين عبد العزيز ، فإنه ولد بدمشق بقاعة العادلية فى شهر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة ، ونشأ فى العلم والدين ومحبة أهل الخير. ودرس وأفتى ،

__________________

(٢) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

٩٤

وصنف تصانيف كثيرة حسنة. وخطب بالجامع الجديد بمصر ، وتولى الوكالة الخاصة والعامة ، والنظر على أوقاف كثيرة ، ثم تولى قضاء بالديار المصرية فى جمادى الآخرة سنة ثمان وثلاثين وسبعمائة ، فسار فيه سيرة حسنة.

وكان حسن المحاضرة ، كثير الأدب ، يقول الشعر الجيد ، ويكتب الخط الحسن السريع ، حافظا للقرآن ، سليم الصدر ، محبا لأهل العلم ، يستقل عليهم الكثير ، بخلاف والده ، رحمهما‌الله تعالى. وكان شديد التصميم فى الأمور التى تصل إليه مما يتعلق بتصرفه.

وأما دفع الظلم عن الناس ـ من حواشى السلطان ـ فقليل الكلام فيه ، ثم أضيف إليه أوقاف كثيرة.

وكان السلطان قد أغدق الولايات فى المماليك بمن يعينه ، غير أنه كانت فيه عجلة فى الجواب عن أمور متعلقة بالمنصب ، تؤدى إلى الضرر غالبا به وبغيره ، ولم يكن فيه حذق يهتدى به ، لما فيه نفع من يستحق النفع ، بل أموره بحسب من يتوسط بخير أو شر ، ثم انفصل عن المنصب سنة تسع وخمسين ، وبقى كذلك نحو ثمانين يوما ، ثم أعيد إليه ، لزوال من توسط فى عزله. وكانت عاقبة المتوسطين فى عزله من أسوأ العواقب ، ثم علم فى تلك الأيام مقدار الراحة ، وألقى الله فى نفسه كراهة المنصب.

فاستعفى منه فى جمادى الأولى سنة ست وستين ، حمل معه ختمة شريفة ، وتوسل بها ، فأعفى فى تلك الحالة. فلما ذهب إلى منزله على ذلك ، ثقلوا عليه بأنواع التثقيلات ، وتحيلوا بأنواع التحيلات ، فلم يجبهم ، فركب إليه صاحب الأمر إذ ذاك وسأله ، فصمم واعتذر. انتهى.

وقال فى ترجمة نائبه القاضى تاج الدين محمد بن إسحاق المناوى ، بعد أن ذكر ترجمة لأخيه القاضى شرف الدين إبراهيم : وناب فى الحكم عن ابن جماعة ، ثم قال : وإستقل به بسؤال من مستنيبه ، ثم تحدث جماعة فى إعادة الأمر كما كان ، فأعيد بعد يوم». انتهى.

فعلى هذا يكون القاضى عز الدين بن جماعة ، ولى قضاء الديار المصرية ثلاث مرات ، وما عرفت هل ولايته بعد تاج الدين المناوى قبل عزله بابن عقيل أو بعده؟ ، وهو الأقرب. والله أعلم.

٩٥

١٨٣٥ ـ عبد العزيز بن محمود بن عبد الرحمن المالكى ، أبو محمد ، المعروف بابن القصار :

تفقه على مذهب مالك رضى الله عنه ، واشتغل بعلم الحديث ، وأقبل عليه إقبالا كثيرا ، واختصر كتاب الحميدى فى الجمع بين الصحيحين ، وغير ذلك.

وصحب جماعة من الصالحين ، وكتب بخطه كثيرا ، وجاور بمكة شرفها الله تعالى مدة.

وكان على طريقة حسنة ، يؤثر الانفراد عن الناس ، وترك ما لا يعنيه. ذكر ذلك ، المنذرى فى التكملة ، وقال : ما علمته حدث.

وتوفى فى ثانى جمادى الآخرة سنة سبع وعشرين وستمائة بمصر ، ودفن بسفح المقطم.

١٨٣٦ ـ عبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث ابن عبيد بن عمر بن مخزوم المخزومى :

قاضى مكة ، هكذا ذكره الزبير بن بكار ، وابن حزم فى الجمهرة ، وذكر الزبير فى موضع آخر من كتابه ما يخالف ذلك ، لأنه قال ، لما ذكر والد عبد العزيز هذا : ابن المطلب بن عبد الله بن حنطب بن المطلب بن حنطب.

وذكر المزى فى التهذيب فى ترجمة أبيه المطلب بن عبد الله ثلاثة أقوال ، لأنه قال : المطلب بن عبد الله بن حنطب. ويقال : المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث ، ثم قال: وقيل المطلب بن عبد الله بن المطلب بن عبد الله بن حنطب. قاله أبو حاتم. وقيل : هما اثنان. انتهى.

روى عبد العزيز بن المطلب هذا عن أبيه ، وسهيل بن صالح ، وصفوان بن سليم ، وموسى بن عقبة ، وغيرهم.

روى عنه : إسماعيل بن أبى أويس ، وابن أبى فديك ، وأبو عامر العقدى ، وممن بن عيسى، وغيرهم.

روى له البخارى تعليقا ، ومسلم ، والترمذى ، وابن ماجة.

__________________

١٨٣٦ ـ انظر ترجمته فى : (الجرح والتعديل ٥ / ٣٩٣).

٩٦

وقال يحيى بن معين ، وأبو حاتم : صالح الحديث. وقال صاحب الكمال : قاضى مكة وقيل : كان على قضاء المدينة. انتهى. وهذان القولان صحيحان كما ذكر ابن حزم.

وذكر الزبير بن بكار شيئا من خبره ، وأفاد فى ذلك ما لم يفده غيره ، فقال : وعبد العزيز بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب ، كان قاضيا على المدينة فى أيام المنصور ، وبعده فى أيام أمير المؤمنين المهدى ، وولى القضاء بمكة ، وكان محمود القضاء ، حليما محبا للعافية.

وقال الزبير : حدثنى عمى مصعب بن عبد الله. قال : تقدم إليه محمد بن لوط بن المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب فى خصومة ؛ فقضى عليه عبد العزيز. وكان ابن لوط شديد الغضب ، فقال له : لعنك الله ولعن من استعملك! فقال ابن المطلب : نسب ، وربك الحميد ، أمير المؤمنين! برز! برز! فأخذه الحرس يبرزونه ليضربه ، فقال له محمد : أنت تضربنى؟ والله لئن جلدتى سوطا لأجلدنك سوطين ، فأقبل عبد العزيز بن المطلب على جلسائه ، فقال : اسمعوا ، يحرضنى على نفسه حتى أجلده ، فتقول قريش : جلاد قومه! ثم أقبل على محمد بن لوط ، فقال : لا ، والله لا أجلدك ، ولا حبا لك ولا كرامة ، أرسلوه. فقال محمد بن لوط : جزاك الله من ذى رحم خيرا. فقد أحسنت وعفوت ، ولو صبرت كنت قد احترمت منك ذلك ، وما كان لى عليك سبيل. ولا أزال أشكرها لك ، وأيم الله ما سمعت : ولا حبا لك ولا كرامة ، فى موضع قط ، أحسن منها فى هذا الموضع ، وانصرف محمد بن لوط راضيا شاكرا.

وقال الزبير : حدثنى عبد الملك بن عبد العزيز ، قال : حضرت عبد العزيز بن المطلب ، وبين يديه حسين بن زيد بن على يخاصم ، فقضى على حسين ، فقال له حسين : هذا والله قضاء يرد على أسته ، فحك عبد العزيز بن المطلب لحيته ، وكذلك كان يفعل إذا غضب ، فقال لبعض جلسائه : وربك الله الحميد ، لقد أغلظ لى ، وما إرادتى إلا ما أراد أمير المؤمنين ، أنا قاضيه ، وقضائى قضاؤه ، وقال : جرد. ودعا بالسوط ، وكان قد قال للحرس : إنما أنا بشر أغضب كما يغضب البشر ، فإذا دعوت بالسوط فلا تعجلوا به ، حتى يسكن غضبى ، فجرد حسين ، فما أنسا حسين غضبه وعليه ملحفة مروانية ، وقال عبد العزيز لحسين : وربك الله المحمود ، لأضربنك حتى أسيل دمك ، ولأحبسنك حتى يكون أمير المؤمنين هو الذى يرسلك. فقال له حسين بن زيد : أو غير هذا أصلحك الله أحسن منه؟ قال : وما ذاك؟ قال : تصل رحمى ، وتعفو عنى ، فقال عبد العزيز بن المطلب : أو غير ذلك أحسن منه؟ أصل رحمك وأعفو عنك ، يا جلواز! أردد عليه ثيابه ، وخل سبيله ، فخلاه.

٩٧

وقال الزبير : حدثنى حارث بن محمد العوفى قال : خاصم ابن لعمر بن عمران بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى بكر الصديق ، إلى عبد العزيز بن المطلب ، فقضى عليه عبد العزيز ؛ فأشخص لعبد العزيز ، فأمر به إلى السجن. فبلغ ذلك أباه عمر بن عمران ، فغضب ، وكان شديد الغضب ، فذهب إلى عبد العزيز بن المطلب ، فأستأذن عليه ، فأرسل إليه عبد العزيز : أنت غضبان ، وأنا غضبان. ولا أحب أن نلتقى على هذا الحال. وقد عرفت ما جئت له ، وقد أمرت بإطلاق ابنك.

وقال الأصبغ بن عبد العزيز ، مولى خزاعة ، يمدح عبد العزيز بن المطلب [من الطويل] :

إذا قيل من للعدل والحق والمنا

أشارت إلى عبد العزيز الأصابع

أشارت إلى حر المحامد لم يكن

ليدفعه عن غاية المجد دافع

وقال الزبير : قال عمى مصعب بن عبد الله وغيره من قريش : كان عبد العزيز بن المطلب يشتكى عينيه ، إنما هو مطرق أبدا. وقال : ما كان يعنى بأس ، ولكن كان أخى إذا اشتكى عينيه يقول : اكحلوا عبد العزيز معى. فيأمر أبى من يكحلنى معه ليرضيه بذلك ، فأمرض عينى. وعبد العزيز الذى يقول [من الكامل] :

ذهبت وجوه عشيرتى فتخرموا

وبقيت بعدهم لشر زمانى

أبغى الأنيس فما أرى من مؤنس

لم يبق لى سكن من الإسكان

وأم عبد العزيز وأخيه : أم الفضل بنت كليب بن حزن بن معاوية ، من بنى خفاجة بن عقيل. انتهى.

وذكر الفاكهى فى الترجمة التى ترجم عليها بقوله : ذكر من ولى قضاء مكة من أهلها من قريش : وكان القضاء بمكة فى بنى مخزوم ، كان منهم القاضى عبد العزيز بن المطلب ابن عبد الله بن حنطب ، فحدثنا أبو يحيى بن أبى مسرة قال : حدثنى أحمد بن حرب الحدل ، وهو الجردم ، قال : جلس عبد العزيز بن المطلب ، وهو قاضى أهل مكة يقضى ، فتقدم إليه الزعفران الشاعر ، فشهد لامرأة بشىء كان فى عنقه. فقال له : أتشهد عندى يا أبا الزعفران؟ وأنت القائل لنا [من الطويل] :

لقد طفت سبعا لما قضيته

ألا ليت هذا لا علىّ ولا ليا

ما كنت تصنع فى الطواف؟ تعرض للنساء؟ قال : لا والله ، أصلحك الله عزوجل فى الشعراء (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ) [الشعراء : ٢٢٦] ولقد استعفيتها فأبت أن

٩٨

تعفينى ، وأنت أصلحك الله حفظت شر ما قلت ، ولم تحفظ خير ما قلت. قال : وما خير ما قلت؟ قال [من الطويل] :

من الحنطبيين الذين وجوههم

مصابيح تبدو كوكبا بعد كوكب

قال : فأقبل على كاتبه ، فقال : يا موسى بن عطية ؛ أتعرف إلا خيرا؟ قال : لا والله. قال : وأنا ما أعلم إلا خيرا.

١٨٣٧ ـ عبد العزيز بن يحيى بن عبد العزيز بن مسلم بن ميمون الكنانى المكى ، الفقيه الشافعى :

مؤلف كتاب «الحيدة» ، روى عن مروان بن معاوية ، وسفيان بن عيينة ، والشافعى. روى عنه : الحسين بن الفضل البجلى ، وأبو العيناء محمد بن القاسم ، ويعقوب بن إبراهيم التيمى.

قال الخطيب : قدم بغداد فى أيام المأمون ، وجرى بينه وبين بشر المريسى مناظرة فى القرآن ، وهو صاحب «الحيدة» قال : وكان من أهل العلم والفضل ، وله مصنفات عدة. وكان ممن تفقه بالشافعى واشتهر بصحبته. انتهى.

وذكر ابن طاهر المقدسى فى «مختصر الألقاب للشيرازى» أنه يلقب بالغول ، لدمامة وجهه. ولم أدر متى توفى تحقيقا. وقد ذكر الذهبى أنه توفى قبل الأربعين ومائتين تقريبا.

وذكر الخطيب البغدادى فى تاريخ بغداد ، ترجمته أطول من هذه. وقال فيها : قرأت فى كتاب داود بن على الأصفهانى ، الذى صنفه فى فضائل الشافعى ، وذكر فيه أصحابه الذين أخذوا عنه ، فقال : وقد كان أحد أتباعه ، والمقتبسين عنه ، والمعترفين بفضله عبد العزيز بن يحيى الكنانى المكى. كان قد طالت صحبته للشافعى واتباعه له ، وخرج معه إلى اليمن ، وآثار الشافعى فى كتب عبد العزيز المكى بينة عند ذكره الخصوص والعموم ، والبيان ، كل ذلك ، مأخوذ من كتاب المطلبى.

ثم قال : أخبرنا الجوهرى. قال : أخبرنا محمد بن عمران بن موسى ، قال : أخبرنا أحمد ابن عيسى المكى ، قال : حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد ، قال : لما دخل عبد العزيز بن يحيى المكى على المأمون ، وكانت خلقته شنيعة جدا ، فضحك المعتصم ، فأقبل عبد العزيز

__________________

١٨٣٧ ـ انظر ترجمته فى : (تهذيب التهذيب ٦ / ٣٦٣ ، دول الإسلام ١ / ١١٣ ، مفتاح السعادة ٢ / ١٦٣ ، ميزان الاعتدال ٢ / ١٤١ ، الأعلام ٤ / ٢٩).

٩٩

على المأمون. فقال : يا أمير المؤمنين ، مم يضحك هذا؟ لم يصطف الله يوسف لجماله ، وإنما اصطفاه لدينه وبيانه ، وقد قص ذلك فى كتابه بقوله تعالى : (فَلَمَّا كَلَّمَهُ قالَ إِنَّكَ الْيَوْمَ لَدَيْنا مَكِينٌ أَمِينٌ) [يوسف : ٥٤] ولم يقل : فلما رأى جماله. فبيانى يا أمير المؤمنين أحسن من وجه هذا. فضحك المأمون وأعجبه قوله.

وقال للمعتصم : إن وجهى لا يكلمك ، وإنما يكلمك لسانى وقد رأيت صاحب الترجمة ، ذكر ذلك فى كتابه «الحيدة» وهى عظيمة فى معناها ، لمن رآها ، جزاه الله خيرا فى أداها.

١٨٣٨ ـ عبد العزيز الكرمانى :

كان من الصالحين المجاورين بمكة ، وبها توفى ودفن بالمعلاة. وبلغنا عنه حكاية بعد موته ، تدل على عظم قدره ، فى أنه لما مات ، لقنه بعض المكيين ، فسمع الشيخ نجم الدين الأصفهانى ـ المقدم ذكره ـ الشيخ عبد العزيز هذا ، وهو يقول فى قبره عند تلقينه : ألا تعجبون من ميت يلقن حيا.

وما عرفت متى مات ، إلا أن الرجل الذى لقن هذا الميت ، توفى سنة أربع وسبعمائة.

١٨٣٩ ـ عبد العظيم بن أبى الحسن بن أحمد بن إسماعيل المصرى الحصنى ، أبو محمد الإسكاف :

شيخ فاضل ، له نظم ، توفى فى الثانى والعشرين من ذى الحجة ، سنة خمس وستمائة بمكة.

١٨٤٠ ـ عبد الغفار بن عبد الكريم بن عبد الرحمن النهاوندى ، القاضى أبو محمد :

ترجم فى حجر قبره : بالشيخ المرحوم الصالح الزاهد العابد ، زين الحاج ، والحرمين ، أبى اليتامى والمساكين ، كهف الفقراء والمنقطعين.

وفيه : أنه توفى يوم الثلاثاء التاسع عشر من جمادى الأولى سنة أربع [....](١) وستمائة ، وقبره عند قبر الشولى.

__________________

١٨٤٠ ـ (١) ما بين المعقوفتين بياض فى الأصل.

١٠٠