يَبقَى فيه ريحُه. وأما قول الأخطل :
لمّا أتَوْه بمصباحٍ ومِبْزَلهِمْ |
سارت إليه سُؤْرَ الأبجُل الضّارِي |
فإن بعضهم قال : الضّاري : السائلُ بالدّم ؛ من ضَرا يَضْرُو. وقيل : الأَبْجلُ الضارِي : العِرْقُ من الدّابة الذي اعتاد التودِيج ، فإذا حان حِينُه ووُدِّج كان سؤرُ دمه أشَدَّ ؛ ولكلِّ وَجْهٌ.
وفي حديث عمَر : «إن للَّحِم ضَراوةً كضَراوة الْخَمر».
أراد أنّ له عادةً طَلّابةً لأكلها كعادة الخمر ، وشدّة شهوةِ شارِبها لاستدعائها ، ومن اعتاد الْخَمرَ وشُرْبَها أَسرَف في النّفقة حِرْصاً على شُرْبها ، وكذلك من اعتاد اللحم وأَكله لم يَكَد يَصبِر عنه ، فدخل في باب المُسرِف في نَفَقته ، وقد نَهَى الله عزوجل عن الإسراف.
وقال الأصمعيّ : ضَرِيَ الكلبُ يَضرَى ضَراوةً : إذا اعتاد الصّيدَ.
ويقال : كَلْبٌ ضِرْوٌ ، وكَلْبة ضِرْوة ، والجميع أَضْرٍ وضِراء.
ويقال أيضاً : كلبٌ ضارٍ ، وكَلْبةٌ ضارِية.
قال : والضَّرَاء ما وَراك من شجر.
وقال شَمِر : قال بعضهم : الضَّرَاء : البَرازُ والفَضاء. ويقال : أرضٌ مستويةٌ فيها شجر ؛ فإذا كانت في هَبْطةٍ فهي غَيْضَة.
وقال ابن شُميل : الضَّرَاءُ : المستوِي من الأرض ؛ يقال : لأَمْشِيَنَّ لك الضَّرَاء.
قال : ولا يقال : أرضٌ ضَرَاءٌ ، ولا مَكانٌ ضَرَاء.
قال : ونزلْنا بضَراءٍ من الأرْض ؛ أي : بأَرْضٍ مستوِية ؛ وقال بِشْرُ :
عَطَفْنا لهمْ عَطْفَ الضَّرُوس مِن المَلَا |
بشَهْباءَ لا يَمشي الضَّرَاءَ رَقيبُها. |
قال : ويقال : لا أَمْشِي له الضَّراء ولا الْخَمرَة ؛ أي : أُجاهِرُه ولا أُخاتِله.
قال شَمِر : وقال أبو عمرو : الضَّراءُ : الاستخفاء.
ويقال : ما وَاراكَ من أَرْضٍ فهو الضَّرَاء ، وما واراك من شجرٍ فهو الخَمَرَ.
وهو يَدِبُّ له الضَّرَاءَ : إذا كان يَختِله.
وقال ابن شُميل : ما واراكَ من شيء وادّرأْتَ به فهو الخَمَر ، الوَهْدةُ : خَمَرٌ.
والأكمَةُ : خَمَر ، والجَبَلُ : خَمَرٌ.
والشجرُ : خَمَر. وكلُّ ما وَاراكَ فهو خَمَر.
وقال أبو زيد : مكانٌ خَمِر : إذا كان يغطِّي كلَّ شيء ويُوارِيه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الضِّرْوُ والبُطْمُ : الحبّةُ الخَضْراء.
وقال الليث : الضَّرْوُ : ضَرْبٌ من الشَّجَر يُجعَل وَرقُه في العِطْر ، ويقال : ضِرْو.
قال : وهو المحْلَب ، ويقال : حَبّةُ
الْخَضْراء ، وأَنشدَ غيرُه :
هنيئاً لعُود الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه |
على خَضِراتٍ ماؤهُنّ رَفِيفُ |
أراد عُودَ سِواكٍ من شَجَرة الضَّرْو : إذا استاكتْ به هذه الجارية كان الرِّيقُ الّذي يَبتلّ به السِّواكُ مِن فيها كالشَّهْد.
ضور ـ ضير : أخبَرَني المنذريُّ عن الحَرّاني عن ابن السكّيت : يقال : ضارَني يَضيرُني ، ويَضُورني ضَيْراً.
سَلَمة عن الفرّاء ؛ قرأ بعضُهم : (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) [آل عمران : ١٢٠] ، يَجعله من الضَّيْر.
قال : وزعم الكسائيّ أنّه سَمِع بعضَ أهلِ العالية يقول : ما ينفعني ذاكَ ولا يَضُورُني.
والضّرُّ واحد. قال الله جلّ وعزّ : (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠)) [الشعراء : ٥٠] ، معناه : لا ضَرَّ.
أبو عُبَيد عن الفرّاء قال : الضُّورةُ من الرّجال : الحقيرُ الصغيرُ الشّأن.
قلتُ : وأقرأَنيه الإياديّ عن شَمِر بالراء ، وأقرأنيه المنذريُّ روايةً عن أبي الهيثم : الضُّؤْزَةُ ، بالزّاي مهموزاً ، وقال لي : كذلك ضبطتُه عنه.
قلتُ : وكلاهما صحيح.
ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ ، قال : الضُّورَةُ : الضعيفُ من الرّجال.
والضَّوْرَةُ : الجَوْعة. وافَق ابنُ الأعرابيِّ الفرّاءَ.
ورَوى عَمرو عن أبيه أنه قال : الضَّوْرُ : شِدّةُ الجُوع.
ورَوَى أبو عبيد عن أبي عمرو : هو يَتلَعْلَع من الجُوع ؛ أي : يتضَوّر.
وقال اللّيث : التضوُّر : صِيَاحٌ وتَلَوٍّ عند الضّرب من الوَجع.
قال : والثعلبُ يتضوّر في صِياحه.
ورَوى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : هذا رجلٌ ما يَضِيرُك عليه نَحْتاً للشّعر ، ولحناً للشِّعر ، أي : ما يَزيدك على قوله الشّعر. ونحو ذلك قال ابن السكّيت : وكذلك ما يُزَنِّدُك وما يُزَرْنِقُك على قوله الشعر.
وضر : قال الليث : الوَضَرُ : وَسَخُ الدَّسَم واللّبن ، وغُسالةُ السِّقَاء والقَصْعَة ونحوه ، وأَنشدَ :
إن تَرْحَضُوها تَزِد أعْراضُكمْ طَبَعاً |
أو تتركوها فسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ |
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال للغُنْدُورة : وَضْرَى ، يعني أمّ سويد.
وقال شمر : يقال : وَضِرَ الإناء يَوْضَر وَضَراً : إذا اتّسخ ، ويكون الوَضَر من الصُّفرة والحُمْرة والطِّيب ، ثم ذكر حديثَ
عبد الرّحمن بن عوْف حين رأى النبيُّ صلىاللهعليهوسلم به وَضَراً من صُفْرة فقال له : «مَهْيَم» المعنى : أنه رأى به لَطْخاً من خَلوق أو طِيب له لون ، فسأله عنه فأَخبَرَه أنّه تزوّج.
روض ـ ريض : يقال : رُضْتُ الدابّة أَرُوضُها رَوْضاً ورِياضةً : إذا علّمتَها السَّيْرةَ وذلّلتَها ، وقال امرؤ القيس :
* ورُضْتُ فذَلّتْ صَعَبةً أيَّ إذْلالِ*
دَلَّ بقَوْله : أيَّ إذْلال ، أنّ معنى قوله : رُضْتُ : ذللّتُ ، لأنه أقام الإذلالَ مُقامَ الرّياضة.
وقال الأصمعيّ وغيرُه : الرَّيِّض من الدّوَاب : الّذي لم يَقبل الرّياضة ولَم يَمْهَر السَّيْرة ، ولم يَذِلَّ لراكبِه فيصرّفه كيف يشاء.
ويقال : قصيدة رَيِّضةُ القَوافي : إذا كانت صعبةً لم يَقتضِب الشُّعراءُ قوافيَها ولا عَرُوضَها. وأَمْرٌ رَيِّض : إذا لم يُحكم تدبيرُه.
أبو عُبَيد عن الكسائي : استَراضَ الوادي : إذا استَنقَع فيه الماءُ.
وقال شَمِر : كأنَ الرَّوضة سُمّيتْ رَوْضَةً لاستراضة الماءِ فيها.
وقال غيرُه : أراضَ الوادِي إراضَةً : إذا استراضَ الماءُ فيه أيضاً.
وفي حديث أمّ مَعبد الْخُزاعيّة «أنّ النبي صلىاللهعليهوسلم وصاحبَيْه لمّا نَزَلوا عليها وحَلَبُوا شاتَها الحائلَ شَرِبوا من لَبنِها وسَقَوْها ، ثم حَلَبوا في الإناء حتى امتلأ ، ثم أراضُوا».
قال أبو عُبَيد : معنى : «أَراضُوا» ، أي : صَبُّوا اللّبَن على اللبن. ثم قال : أَراضُوا من المُرِضَّةِ وهي الرَّثيئة.
قال : ولا أعلمُ في هذا الحديث حرفاً أغربَ منه.
وقال غيرُه : معنى قولها : «أراضُوا» ، أي : شَرِبوا عَلَلاً بعد نَهَل. أرادت أنّهم شَرِبوا حتّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرّيّ عَلَلاً ، وهو من أَراضَ الوادي واستراضَ : إذا استَنقَع فيه الماء. وأراضَ الحوضُ : إذا اجتمع فيه الماءُ ؛ ويقال لذلك الماء : رَوْضة ، وأنشد شَمِر قولَ الرّاجز :
* وروضةٍ سَقيْتُ منها نِضْوَتي*
قلت : ورياضُ الصَّمَّان والحَزْن في البادِية : قِيعانُ سُلْقانٍ واسعةٌ مطمئنّةٌ بين ظَهرانَيْ قِفافٍ وجَلَدٍ من الأرض يَسيل فيها ماءُ سيولِها فيستريض فيها ، فتُنبِت ضُروباً من العُشْب والبُقول ، ولا يُسرع إليها الهَيْج والذُّبول ، وإذا أعشبتْ تلك الرياضُ وتَتابَع عليها السُّمِيُّ رَتعتِ العربُ وَنَعَمُها جمعاء. وإذا كانت الرياض في أعالي البِراق والقِفَاف فهي السُّلْقان ، وأحدها سَلَق. وإذا كانت في الوِطاءات فهي رِيَاض ، وفي بعض تلك الرياض حَرَجات من السِّدْر البَرِّيّ ، وربَّما كانت
الروضةُ واسعةً يكون تقديرها مِيلاً في ميل ، فإذا عَرُضتْ جدّاً فهي قِيَعانٌ وقِيعةٌ ، واحدُها قاع. كلُّ ما يَجتمِع في الإخاذ والمَسَاكات والتَّناهي فهي رَوْضة عند العرب.
وقال الأصمعيّ : الرَّوْض نحوُ النِّصف من القِرْبة. ويقال : في المَزادة رَوْضَةٌ من الماء ، كقولك : فيها شَوْلٌ من الماء.
وقال أبو عمرو : أراضَ الخوضُ فهو مُرِيض. وفي الحوض رَوْضة من الماء : إذا غَطَّى الماءُ أسفَلَه وأَرْضَه.
وقال : هي الرَّوضَةُ والرِّيضةُ والأرِيضَة والمُسترِيضَةُ.
وقال الليث : تُجمع الرَّوضةُ رِياضاً ورِيضاناً.
قلتُ : وإذا كان البلد سَهْلاً يَنْشَف الماء لسُهُولَته ، وأسفَلَ السُّهولة صَلابةٌ تُمسِك الماءَ فهو مَرَاضٌ ، وجمعُه مَرائض ، ومَرَاضات ، وإذا احتاجوا إلى مِياه المَرائض حَفَروا فيها جِفاراً فشَرِبوا منها واستَقَوْا من أحسائها إذا وجدوا مِياهَها عَذْبةً.
ورُوي عن ابن المسيّب أنه كَرِه المُرَاوَضَة.
قال شمر : المُرَاوَضة : أن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعة ليست عِنْدَك.
قلت : وهو بَيْعُ المُواصَفة عند الفقهاء.
وأَجازَه بعضُ الفقهاء إذا وافَقَتِ السِّلْعةُ الصفةَ الّتي وصَفها البائعُ : وأَبَى الآخرون إجازَتها ، إلا أن تكون الصفةُ مضمونةً إلى أجل معلوم.
ورض : قال اللّيثُ : وَرَضَت الدَّجاجةُ : إذا كانت مُرْخِمةً على البَيْض ، ثم قامت فوضَعَت بمَرَّةٍ واحدة.
قال : وكذلك التَّوْريضُ في كلّ شيء.
قلتُ : هذا عندي تصحيف ، والصوابُ وَرَّصَتْ ـ بالصاد ـ.
أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء قال : وَرَّص الشيخ ، بالصّاد : إذا استَرخَى حِتَار خَوْرانه فأَبْدَى.
وقال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابيّ : أَوْرَصَ ووَرَّصَ : إذا رَمَى بغائطِه. وأما التَّوريضُ ، بالضّاد ، فله معنًى غيرُ ما ذكره اللّيثُ.
وقال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابي : المُوَرِّضُ : الذي يَرْتاد الأرضَ ويَطلُب الكلأ ، وأنشد قولَ ابنِ الرِّقَاع :
حَسِبَ الرائِدُ المُوَرِّضُ أن قَدْ |
ذَرَّ منها بكلّ نَبْءٍ صِوارُ |
ذرَّ : أي : تَفرَّق. النَّبْءُ : ما نَبَا من الأرض.
وقال : يقال : نَوَيْتُ الصومَ وأَرَّضْتُه ، ووَرَّضْتُه ، ورَمَّضْتُه ، وبَيَّتُّهُ ، وخَمَّرْتُه ،
وبَنَّنْتُه ، ودَسَّسْتُه ، بمعنًى واحد.
وفي الحديث : «لا صِيَامَ لمن لم يُوَرِّض مِنَ اللّيل».
قلت : وأحسبُ الأصلَ فيه مهموزاً ، ثم قُلِبت الهمزة واواً.
أرض : الحرّاني عن ابن السكيت قال : الأرْضُ : التي عليها الناس. والأرْضُ : سُفلَةُ البعير والدّابة ؛ يقال : بعيرٌ شديدُ الأرْض : إذا كان شديدَ القوائم. وأنشَد :
ولَم يُقلِّب أرضَها البَيْطارُ |
ولا لحَبْلَيْه بها حَبَارُ |
يعني : لم يُقلِّب قوائمها لعلَّة بها ، وقال سُوَيد بن كراع :
فركِبناها على مَجْهولِها |
بصِلابِ الأَرضِ فيهنّ شَجَعْ |
وقال خُفَافُ بن نَدْبة السُّلَميّ :
إذا ما اسْتَحَمَّتْ أرضُه من سَمَائِه |
جَرَى وهو مَوْدُوعٌ وواعدُ مَصْدَقِ |
قال : والأرْضُ : الرِّعْدةُ. ورُوي عن ابن عبّاس أنه قال : أَزُلْزِلَت الأرضُ أم بي أرْضٌ ، أي : بي رِعْدَة.
ويقال : بي أَرْضٌ فآرِضُوني ، أي : دَاوُوني. وقال ذو الرُّمَّة :
إذا تَوَجَّسَ رِكْزاً من سَنابِكها |
أو كان صاحِبَ أَرْضٍ أو به المُومُ |
قال : والأرضُ : الزُّكام ، يقال : رجل مأْروض. وقد أُرِض فلان ، وآرَضَه اللهُ إيراضاً.
والأرْضُ : مصدرُ أُرِضَت الخشَبةُ تُؤْرَض فهي مأروضَة إذا وقعت الأرَضَة فيها.
قال : والأرَض ـ بفتح الراء ـ : مَصْدَر أُرِضَت القُرْحَةُ تَأْرَض : إذا تَفَشَّتْ.
وقال أبو عُبَيْد : قال الأصمعي : إذا فسدت القُرحة وتقطَّعت.
قيل : أرضَت تأرَضُ أَرَضاً.
وقال شمر : قال ابن شميل : الأرِيضَة : الأرض السهلة لا تميل إلّا على سَهْل ومنبت ، وهي ليّنة كثيرة النبات ، وإنها لأَرِيضة للنبت وإنها لذات أراضة ، أي : خليقة للنبت.
قال : وقال ابن الأعرابي : أُرِضَت الأرض تأرُض أرَضاً : إذا أخصبَتْ وزكا نباتُها.
وأرضٌ أَرِيضةٌ بيّنةُ الأراضَة : إذا كانت كريمةً.
قال أبو النَّجم :
أبحرُ هِشامٍ وهو ذُو فِراضِ |
بينَ فُروع النَّبْعةِ الغِضَاضِ |
|
وَسْطَ بِطاحِ مكّة الإراضِ |
في كل وادٍ واسِع المُفَاضِ |
وقال أبو عمرو : الإراضُ : العِراضُ ، يقال : أَرضٌ أَرِيضةٌ ، أي : عريضة.
أبو عُبيد عن الأصمعي : الإراض : بِساطٌ
ضَخْمٌ من وَبرٍ أو صوف.
وقال أبو البَيْداء : أَرْضٌ وأُرُوضٌ. وما أكثر أُروضَ بني فلان.
ويقال : أَرْضَ وأَرْضُون وأَرَضات. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات : خليقة ، وإنها لَذاتُ إرَاضٍ.
وقال غيره : المؤرِّضُ : الذي يَرعَى كلأَ الأرض.
وقال ابن دَالان الطائيّ :
وهم الحُلومُ إذا الرّبيعُ تجنّبتْ |
وهمُ الربيعُ إذا المؤرِّضُ أجدَبَا |
وقال الفرّاء : يقال : ما آرَضَ هذا المكانَ ، أي : ما أكثرَ عُشبَه.
وقال غيرُه : ما أحسنَه وأطيَبَه.
أبو عُبيد عن أبي عمرو : أرْضٌ أرِيضة ، أي : مُخَيِّلَةٌ للنَّبت.
الأصمعيّ : تأَرَّضَ فلانٌ بالمكان : إذا ثبت فلَم يَبْرح.
وقيل : التأرُّضُ : التأنّي والانتظار ، وأنشد :
وصاحبٍ نبّهتُه ليَنهضَا |
فقامَ عجلانَ وما تأَرَّضا |
|
يَمسَح بالكفّين وجْهاً أبيضَاً |
إِذا الكَرَى في عَيْنِه تمَضْمَضَا |
ويقال : تركْتُ الحيّ يتأرّضون المنزِلَ ، أي : يرتادون بَلداً ينزِلونه للنُّجْعة.
وقال ابن الأعرابيّ في قول أمّ معبد الخُزاعيَّة : «فَشرِبوا حتى أَرَاضوا» ، أي : ناموا على الإراض ، وهو البِسَاط.
قلت : والقولُ ما قاله غيرُه : إنه بمعنى نَفَعوا ورَوُوا.
رضي : قال الليث : رَضِيَ فلانٌ يَرضَى رِضًى. والرَّضِيُ : المَرْضِيُ ، والرِّضا مقصورٌ.
قلتُ : وإذا جعلتَ الرِّضا مصدَر راضيتُه رِضاءً ومُراضاةً فهو ممدود : وإذا جعلتَه مصدرَ رَضِيَ يَرضَى رِضىً فهو مقصور.
وقال أبو العبّاس عن ابن الأعرابي : الرَّضِيُ : المُطِيعُ. والرَّضيُ : المُحِبّ.
والرِّضيّ : الضامن.
ومن أسماء النساء : رُضَيَّا ـ بوَزْن التُّريَا ـ وتكبيرهما رَضْوَى وثَرْوَى.
ورَضْوَى : اسمُ جبل بعَيْنَه والمَرْضاةُ والرُّضْوَان : مصدَران.
والقرَّاء كلهم قرءوا الرِّضوانَ ـ بكسر الراء ـ إلّا ما رُوِي عن عاصم أنه قال : رُضوَان ، وهما لغتان.
ويقال : فلان مَرْضِيٌ ، ومن العرب من يقول : مَرْضُوٌّ ، لأنه من بَنات الواو ، والله أعلم.
باب الضاد واللام
ض ل
(وا يء) استُعمل من جميع وجوهه : [ضول ، ضلا ، لضا].
ضول : قال أبو زيد في كتاب الهمز : ضَؤُل الرجلُ يَضْؤُل ضآلةً وضُؤُولة : إذا قَال رأْيُه. وضَؤُل ضُؤولةً وضآلة : إذا صَغُر.
وقال الليث : الضئيلُ نعتٌ للشيء ، في ضَعِفه وصِغَره ودقّته ، وجمعُه ضُؤلاءُ وضَئيلون. والأنثى ضئيلة ، وأنشد شَمِر لبعض بني أَسَد :
أنا أبو المِنهالِ بعضَ الأحيان |
ليس عليَّ نَسَبي بضُؤْلان |
أراد بضَئِيل.
وفي الحديث : «إنّ العَرْشَ على مَنكِب إسرافيلَ ، وإنه ليتضاءل من خَشْيَة الله حتى يصيرَ مثلَ الوَصَع»، يريد يتصاغَر ويتحاقَر تَواضُعاً لله ، وخشيةً للربّ تبارك وتعالى.
والضّالُ ـ غير مهموز ـ : هو السِّدْرُ البَرّيّ ، والواحدةُ ضالَةٌ.
ويقال : خَرج فلانٌ بضالَتِه ، أي : بسلاحِه.
والضّالَةُ : السلاحُ أجمع ، يقال : إنه لكامِل الضّالَة ، والأصلُ في الضّالَة :
النِّبالُ والقِسيُّ التي تُسَوَّى وتُنحت من شَجَر الضَّالِ.
وقال بعض الأنصار :
أبو سليمانَ وصُنْع المُقْعَدِ |
ومُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْوَدِ |
|
وضَالَةٌ مِثلُ الجحِيمِ المُوقَد |
ومؤْمِن بما تَلَا محمّد |
أراد بالضّالَة : السهامَ ، شَبّه نصالَها في حِدّتها بنارٍ مُوقَدةٍ.
وقال ابنُ الأعرابيّ : الضُّؤُولةُ : الهُزال.
ضلا : أهملَه الليث.
وروى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : ضَلَا : إذا هَلَك.
[لضا] : قال : ولضَا : إذا حَذَق الدِّلالة.
باب الضاد والنون
ض ن (وا يء)
ضني ، ضنأ ، ضأن ، ضون ، وضن ، نضا ، نوض ، أنض.
ضني : وقال الليث : ضَنِي الرجلُ يَضْنَى ضَنًى شديداً : إذا كان به مرَضٌ مُخامِر ، وكلما ظنّ أنه قد بَرَأ نُكِس ، وقد أضناه المَرَض إضْنَاءً.
سلمةُ عن الفرّاء : العرب تقول : رجلٌ ضَنًى ودَنف ، وقَومٌ ضَنًى ، أي : ذوُو ضنًى وكذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوُو عَدْل وصَوْمٌ ونَوْم.
وقال ابن الأعرابي : رجل ضنًى ، وامرأة ضَنًى ، وقومٌ ضَنًى ، وهو المُضْنَى من
المرض.
وقومٌ ضَنًى ، أي : ذوو ضَنًى ، وكذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوو عَدْل.
وقال : تَضَنَّى الرجلُ : إذا تمارَض.
وأَضنَى : إذا لَزِم الفِراشَ ، من الضَّنَى.
ويقال : رجلٌ ضَنٍ ، ورجلان ضَنِيَان ، وامرأة ضَنِيَة ، وقوم أَضناءٌ.
ويقال : أضناه المَرَضُ وأنضَاه بمعنًى واحد.
ضنأ : قال أبو زيد : ضنأَتِ المرأةُ ضَنْأ وضُنُوءاً : إذا وَلَدَتْ.
وقال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : الضَّنْءُ : الوَلَد ، مهموز ساكن النون ، وقد يقال له : الضِّنء.
قال : وقال الأُمَوِيّ : قال أبو المفضّل ـ أعرابيٌّ من بني سَلامة من بني أسد قال ـ : الضَّنْءُ : الولد ، والضِّنْءُ : الأصل ، وأنشد :
وميراث ابن آجَرَ حيثُ ألْقَتْ |
بأصْل الضِّنْء ضِئْضِئة الأصيلِ |
أراد ابن هاجَر ، وهو إسماعيل.
الليث : ضنَتِ المرأةُ تضْنُو : إذا كثُر ولدُها ، وقال أبو عُبيد : قال أبو عمرو :وهي الضّانية.
ويقال : ضَنَأتِ الماشيةُ : إذا كثُر نِتاجُها قال : وضِنْءُ كلّ شيء : نَسْلُه.
أبو عُبَيد عن الكسائيّ : امرأةٌ ضانئة وماشية ، معناهما أن يَكثُر ولدُهما ، وقد ضَنَتْ تَضْنُو ضَناءً ، وضَنأَتْ تضنُؤ ضَنْأً مهموز.
رَوَى شَمِر عن أبي عُبَيد فيما قرأْتُ على الإياديّ : اضطَبَأْتُ منه : استحيَيْتُ ، رواه بالياء عن الأُمَويّ.
وأَخبَرني الإياديّ عن أبي الهَيْثم أنّه قال : إنما هو اضْطَنَأْتُ بالنّون ؛ وأَنشَد :
إذا ذُكِرَتْ مَسعاةُ والِده اضطنى |
ولا يَضْطَنِي من فعْل أهلِ الفَضائِل |
وأخبَرَني أبو المفضّل عن الحرّاني عن ابن السّكيت أنّه أنشَده :
تَزَاءَك مُضْطَنِئٌ آرِمٌ |
إذا ائْتَبَّهُ الإدُّ لا يَفْطَؤْهْ |
قال : والتَّزاؤُك : الاستحياء. آرِم ، أي : يُواصِل ، لا يَفْطأُه ، أي : لا يَقهَره.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الضُّنَى : الأَوْلاد. قال : والضِّنَى ـ بالكسر ـ : الأوجاعُ المُخِيفة.
وقال ابن دُرَيد في كتاب «الجَمْهرة» : قعد فلِان مَقعَد ضُنْأةٍ ، أي : مَقْعَد ضَرورة ، ومعناه الأَنفَة.
قلت أنا : أحسَب قولَ ابن دُرَيد من الاضطِناء ، وهو الاستحياء.
ضأن ـ ضون : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الضّانةُ ـ غيرُ مهموز ـ : البُرَةُ التي يُبْرَى بها البَعِيرُ ؛ ذكرها غيرُ واحد منهم.
وقال ابن الأعرابي : التّضَوُّن : كثرةُ الوَلَد.
قال : والضَّوْن : الإنْفَحة.
أبو عُبَيد عن أبي زيد : الضَّيْوَنُ : الهِرُّ ، وجمعُه الضَّيَاوِن.
ومن مَهموزِه : الضَّأْنُ والضَّأَن ؛ مثلُ المَعْز والمَعَز ، وتُجمع ضَئِيناً.
وقال الليث : الضَّأْن : ذواتُ الأصْواف من الغَنَم ؛ ويقال للواحدة : ضائنة ، ورَجلٌ ضائن ؛ قال بعضُهم : هو اللّيّن كأَنَّهُ لَفْجة. وقال آخَرُ : هو الذي لا يزال حسنَ الجِسْم قليلَ الطُّعْم.
ويقال : رَمْلةٌ ضائنة ، وهي البيضاءُ العَرِيضة ، وقال الجَعْدِيّ :
* إلى نَعَجٍ من ضائِن الرَّمْلِ أَعْفَرَا*
ويقال : اضْأَنْ ضَأْنَك ، وامْعَزْ مَعْزَك ، أي : اعْزِل ذا مِنْ ذَا. وقد ضأَنْتُها : إذا عزلتَها.
وقال محمد بن حَبيب : قال ابن الأعرابيّ : رجلٌ ضائنٌ : إذا كان ضعيفاً ، ورجلٌ ماعِزٌ : إذا كان حازماً مانعاً ما وراءَه.
قال : والضِّئنِيّ : السِّقاءُ الذي يُمخَض به الرائبُ يسمَّى ضِئْنِيّاً إذا كان ضَخْماً من جلد الضَّأْن.
وقال حُمَيْدُ بن ثَوْر :
وجاءَتْ بضِئْنِيِ كأنّ دَوِيَّهُ |
ترَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْهُ الرَّوَاعِدُ. |
وضن : سَلَمة عن الفرّاء قال : الميضَانة : القُفّة ، وهي المَرْجُونة والقَفْعة ، وأنشد :
لا تَنْكِحنّ بعدها حَنّانَهْ |
ذات قَتارِيد لها مِيْضَانَهْ |
قال : حَنّ وهَنّ ، أي : بكى.
وقال الله جلّ وعزّ : (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥)) [الواقعة : ١٥].
قال الفرّاء : الموْضُونةُ : المَنْسُوجةُ ، وإنما سَمّت العربُ وَضينَ الناقةِ وَضِيناً لأنه منسوج.
ويقال : وضَنَ فلانٌ الحجر والآجُر بعضُه فوق بعضٍ : إذا أشْرَجه : فهو مَوْضون.
وقال الليث : الوَضْن : نسجُ السَّرِيرِ وأشباهِه بالجوهر والثياب ، وهو مَوْضُونٌ.
قال : والوَضِينُ : البِطَانُ العَرِيض.
وقال حُميد بن ثوْر :
على مُصْلَخِمٍّ ما يكاد جَسِيمُه |
يَمُدُّ بِعطْفَيه الوَضِينَ المسَمَّما |
المسمَّمُ : المزيَّنُ بالسُّموم ، وهي خَرَزٌ.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : التَّوَضُّن : التّحبُّبُ. والتوَضُّنُ : التذَلُّلُ. والوُضْنَةُ : الكرسيُّ المنسوجُ.
وقال شَمِر : المَوْضونةُ : الدِّرْعُ المَنْسوجة.
وقال بعضهم : دِرْعٌ مَوْضونةٌ : مُقاربةُ
النَّسْج مثل الموضُونة.
وقال رجل من العرب لامرأته : ضِنِيه ـ يَعني مَتاعَ بيتها ـ أي : قارِبي بعضَه من بعض.
وقيل : الوَضْنُ : النَّضْد ، يقال : وَضَن متاعَه بعضَه فوق بعض.
نوض : قال ابن المظفَّر : النَّوْضُ : وُصْلةُ ما بين العَجُز والمَتْن. ولكل امرأة نَوْضان : وهما لَحْمتان مُنتبِرَتانُ مُكتنفتا قَطَنها ، يعني وَسَط الوَرِك ، وقال رُؤبة :
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انتِهاضِ |
جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ |
قال : والنَّوْضُ : شِبْه التَّذَبْذُب والتَّعَثْكُل ، يقال : ناضَ يَنُوض نَوْضاً.
وقال أبو عمرو : الأنواضُ : مدافع الماء ، وقال رؤبة :
غُرِّ الذُّرَى ضَواحِك الإِيماضِ |
يُسقَى به مَدافِعُ الأنْواضِ |
وقال ابن الأعرابي : الأنواضُ : الأوْدية ، واحدها نَوْض.
ورَوَى أبو العبّاس عنه أنه قال : النَّوْضُ : الحركة ، والتَّفَرّض. والنَّوْضُ : العُصْعُص.
وقال الكسائي : العَرَب تُبدِل من الصاد ضاداً ، فتقول : ما لَكَ مِن هذا مناض ، أي : مناص.
وقال أبو الحسن اللّحياني : يقال : فلان ما يَنُوض لحاجةٍ ، وما يَقدِر أن يَنُوص ، أي : يتحرك لشيء.
وقد ناضَ وناصَ مَناضاً ومَناصاً : إذا ذَهب في الأرض.
وقال ابن الأعرابي : نوّضْتُ الثوبَ بالصِّبغ تَنْويضاً ، أي : ضرّجْته. وأَنشدَ في صِفَة الأسد :
في غِيلِهِ جِيفُ الرِّجال كأنه |
بالزَّعْفران من الدّماء مُنَوَّضُ |
أي : مُضَرَّج. أخبرني به المنذري عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى عنه.
أبو تراب عن أبي سعيد البغدادي قال : الأنْوَاضُ والأنْواطُ واحد ، وهي ما نُوِّط على الإبل إذا أُوقِرَتْ ، وقال رُؤْبة :
* جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ *
أنض : أبو عُبَيد عن أبي زيد : أنَضْت اللحمَ إيناضاً : إذا شَوَيْتَه ولم تُنْضِجْه.
وقال الليث : لحمٌ أَنِيض : فيه نُهُوأةٌ ، وقال زُهَير :
يُلَجْلِجُ مُضغةً فيها أَنِيض |
أصَلّتْ فهي تحتَ الكَشْح داءُ |
وقد أَنُض أَناضَةٌ فهو أَنِيض.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الإناضُ : إدْراكُ النَّخْل ، ومنه قولُ لَبيد :
* وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ*
ويُروَى : وأنِيض.
أبو عُبَيد عن أبي عمرو : إذا أَدْرَك حَمْلُ النَّخْلةِ فهو الإناض.
نضا : قال الليث : نَضَا الحِنّاءُ يَنْضُو عن اللّحية ، أي : خَرَج وذَهب عنه.
ونُضَاوةُ الحِنّاء : ما يؤخذ من الخِضاب ما يَذهبُ لونُه في اليَد والشَّعْر. وقال كُثيّر يخاطب عَزّة :
ويا عَزَّ للوَصْلِ الذي كان بينَنا |
نَضَا مِثلَ ما يَنْضُو الخِضَابُ فَيخلَقُ |
ونَضَا الثوبُ عن نفسِه الصِّبْغ : إذا أَلقاه.
ونَضَت المرأةُ ثَوْبها عن نفسِها ، ومنه قول امرىء القيس :
فجئْتُ وقد نَضَّت لنومٍ ثِيابَها |
لَدَى السِّتْر إلّا لِبْسَةَ المتفضِّلِ |
والدّابةُ تنضو الدّوابَّ : إذا خرجتْ من بينها.
ورملةٌ تنضو الرِّمال فهي تَخرُج منها.
ونَضَا السهم ، أي : مَضَى.
وقال رُؤبة :
يَنْضُون في أجوازِ ليلٍ غاضِي |
نَضْوَ قِداحِ النابلِ المواضي |
الحراني عن ابن السكّيت : نَضَوْتُ ثيابي عنّي : إذا ألقيتها عنك.
وقد نَضَوْتُ الجُلَّ عن الفرس نَضْواً ، وقد نضا خِضابُه يَنْضو نَضْواً.
ونَضَا الفَرسُ الخيلَ يَنْضوها : إذا تَقدَّمها وانْسَلَخَ منها. والنِّضْو : البعير المهزول وجمعه أنضاء ، والأنثى نِضْوَة. ويقال لأَنْضاء الإبل : نِضْوان أيضاً.
ويقال : أَنْضى وجه الرجل ، ونَضَا على كذا وكذا : إذا أَخْلَق.
وقال اللّيْثُ : المُنْضِي : الرجل الّذي صار بعيرُه نِضْواً ، وقد أَنْضاه السَّفر.
وانتضَى السيفَ : إذا استلَّه من غِمْده.
ونَضَا سَيْفَه : إذا سَلَّه. وسَهْمٌ نِضْوٌ : إذا فَسَد من كَثْرَة ما رُميَ به حتى أَخلَق ، ونَضِيُ السَّهْمِ : قِدْحُه ، وهو ما جَاوزَ من السّهم الرِّيشَ إلى النَّصْل ، وقال الأعشى :
غرَّ نَضِيُ السّهمِ تحتَ لَبانِه |
وجالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَثِّمِ |
ونَضِيُ الرُّمْح : ما فوقَ المَقْبِض مِن صدرِه ، وأَنشدَ :
وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّريمِ غمَاغِمُ |
إذا دَعَسُوها بالنَّضِيّ المُعَلَّبِ |
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ ، أوّلُ ما يكون القِدْح قبل أن يُعمَل : نَضِيٌ ، فإن نُحِت فهو مَخْشوب وخَشِيب ، فإذا لُيِّن فهو مُخلَّق.
قال : وقال أبو عَمْرو : النَّضِيُ : نَصْلُ السَّهْم.
قلتُ : وقولُ الأعشى يحقِّق قولَ أبي عمرو. وقال ابن دُريد : نَضِيُ العُنُق :
عَظْمُه ، ونَضِيُ السَّهم : عُودُه قبلَ أن يُراشَ.
وقال أبو عُبَيدة : نَضَا الفَرَسُ يَنْضُو نُضُوّاً : إذا أَدْلى فأَخرَج جُرْدانَه.
قال : واسمُ الجُرْدان : النَّضِيُ. ويقال : نَضَا فلانٌ موضعَ كذا يَنْضُوه : إذا جاوَزَه وخَلَّفه نيض.
أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : النَّيْضُ بالياء : ضَرَبان العِرْق مِثْلُ النَّبْض سواء.
باب الضاد والفاء
ض ف (وا يء)
ضفا ، ضيف ، فضا ، فيض ، فوض ، وفض ، وضف ، فضأ.
ضفا : قال اللّيث : يقال : ضَفَا الشَّعَرُ يَضْفُو : إذا كَثُر. وشَعرٌ ضَافٍ ، وذَنَبٌ ضافٍ ، وأَنشد قوله :
* يضافٍ فوَيقَ الأرض ليسَ بأَعزَل*
ودِيمَةٌ ضافِية ، وهي تَضفو ضَفواً : إذا أَخْصبت الأرضُ منها.
والضَّفْوُ : السَّعةُ والخَيْر والكَثْرة ، وأَنشدَ :
إذا الهَدَفُ المعْزالُ صَوّبَ رأسَه |
وأَعجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ |
وقال الأصمعيّ : ضَفَا مالُه يَضْفو ضَفْواً وضُفُوّاً : إذا كَثُر.
وضَفَا الحَوْضُ يَضْفُو : إذا فاضَ من امتلائه وأَنشَد :
* يَضْفُو ويُبْدي تارةً عن قَعْرِه*
يقول : يمتلىء فتَشْربُ الإبل ماءَه حتى يَظهَر قَعرُه. والضّفُّ : جانب الشيء ، وهما ضفواه ، أي : جانباه.
ضيف : في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم «أنه نَهَى عن الصّلاة إذا تَضيّفَتِ الشمسُ للغُروب».
قال أبو عُبَيد : قال أبو عُبَيدة : قولُه : «تضيَّفَتْ» : مالَتْ للغُروب ، يقال منه : قد ضافَتْ فهي تَضِيف : إذا مالَت.
وقال أبو عُبيد : ومنه سُمِّي الضَّيْف ضَيْفاً ، يقال منه : ضِفْت فلاناً : إذا مِلْتَ إليه ونزلتَ عليه ، وأضفتُه : إذا أمَلْتَه إليك ، وأنزَلْتَه عليك ، ولذلك قيل : هو مُضافُ إلى كذا وكذا ، أي : مُحَالٌ إليه ، وقال امرؤ القيس :
فلمّا دخلناهُ أضفْنا ظهورَنا |
إلى كلّ حَارِيٍّ جَديدٍ مُشطبِ |
أي : أسندْنا ظهورَنا إليه وأمَلْناها ، ومنه قيل للدَّعِيّ : مُضافٌ ، لأنّه مُسنَد إلى قوم ليس منهم.
ويقال : ضافَ السهمُ يَضِيف : إذا عَدَل عن الهدف ، وهو من هذا ، وفيه لغةٌ أخرى ليست في الحديث : صَافَ السهمُ بمعنى ضافَ ، والذي جاء في الحديث بالضاد.
أبو عُبَيد عن الأصمعي : أضافَ الرجلُ من الأمر : إذا أشفَق ، وأنشد قولَ
الهُذَليّ :
وكنتُ إذا جارِي دَعَا لمَضُوفَةٍ |
أُشَمِّر حتى يَنصُفَ الساقَ مِئزَرِي |
يعني الأمر : يشفق منه الرجل.
أراد بالمَضُوفة : الأمر يُشْفَق منه.
ويقال : أضاف فلانٌ فلاناً إلى كذا فهو يُضيفه إضافةً : إذا ألجأَه إلى ذلك.
والمضافُ : الملجأْ المُحرَج المثقَلُ بالشر.
وقال الشاعر :
فما إنْ وَجْدُ مُعْوِلَةٍ ثَكول |
بواحدِها إذا يَغْزُو تُضِيفُ |
أي : تُشْفِقُ عليه وتخاف أن يُصَاب فتَشْكَلُهُ.
ويقال : ضِفتُ الرجل وتضيّفْتُه : إذا نزلت به وصرتَ له ضيفاً. وأَضفْتُه : إذا أنزلْتَه عليك وقرّبْته. والمضاف : المُلْجَأُ والمُلْزَقُ بالقوم.
والضِّيفُ : جانب الوادي. وقد تضَايف الوادي : إذا تضَايقَ.
وضِيفا الوادي : جانباه.
وقال أبو زيد : الضِّيفُ : الجنب.
وقال الراجز :
يَنْتَبعْنَ عَوْداً يشتكي الأَظَلَّا |
إذا تضايَفْن عليه انْسَلَّا |
يعني : إذا صِرْنَ منه قريباً إلى جَنْبه.
وقال شَمر : سمعت رجاءَ بن سلمةَ الكوفيّ يقول : ضَيّفْتُه : إذا أطعمْتَه.
قال : والتَّضيفُ : الإطعام.
قال : وأضافه : إذا لم يُطْعِمْهُ.
وقال رجاء في قراءة ابن مسعود : فأبوا أن يضيفوهما [الكهف : ٧٧] ، أي : يطعموهما.
وأُخبرت عن أبي الهيثم أنه قال : يقال : أضافه وضيَّفَهُ بمعنًى واحد ؛ كقولك : أكرمه وكَرَّمه.
قال : وقول الله : (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) ، معناه : أن يجعلوهما ضَيْفَيْنِ لهم.
وروَى سلمةَ عن الفرّاء في قوله : (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) سألاهم الإضافة فلم يفعلوا ، ولو قُرِئتْ (أن يُضيفوهما) كان صواباً.
قال : وتضيّفْتُه : سألته أن يُضيفني.
قال : وتضيّفْتُه : آتيته ضيفاً.
وقال الأعشى :
تضيّفْتُه يوماً فأكرمَ مقعدي |
وأَصْفَدني عَلَى الزَّمانة قائدا |
يقول : أعطاني خادماً يقودُني. وزمانَتُه : ذهابُ بَصَرِه.
وقال الفرزدق :
ومنَّا خطيبٌ لا يُعَابُ وقائلٌ |
ومَنْ هو يَرْجو فضلَهُ المتضيِّفُ |
أي : ومنا مَن يرجو المتضيّفُ الذي ينزل به ضيفاً فضله.
أبو عُبَيد عن الكسائي : امرأة ضيْفه بالهاء ، وأنشد قول البَعيث :
لَقًى حَمَلَتْه أمُّه وهي ضَيْفَةٌ |
فجاءت بيَتْنٍ للضيافة أَرْشمَا |
وقال أبو الهيثم : معنى قوله : وهي ضيْفَةٌ ، أي : ضافت يوماً فحبِلْت به في غير دار أهلها فجاءت بولد شَرِه.
وقال أبو الهيثم : ويقال : ضافت المرأة : حاضتْ ؛ لأنها مالت من الطُّهر إلى الْحَيْضِ ، فأراد أنها حملتْه وهي حائض.
وقيل : معنى قوله : وهي ضيفة ، أي : ضافت قوماً فحبلت به في غير دار أهلها.
فضا : قال الليث : الفضَاءُ : المكان الواسع.
والفعلُ فَضَا يَفْضُو فُضُوّاً فهو فاضٍ.
وقال رؤبة :
أَفرَخَ قَيْضُ بيضها المُنْقَاضِ |
عنكم كِراماً بالمقام الفاضي |
ويقال : أفضى فلانٌ إلى فلان : إذا وَصل إليه ؛ وأَصله أنه صار في فُرْجته وفضَائه.
أبو العباس عن ابن الأعرابي : أفضى الرجلُ : دخل على أهله.
قال : وأفضى أيضاً : إذا جامعها.
قال : والإفضاء في الحقيقة : الانتهاء ؛ ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) [النساء : ٢١] ، أي : انتهى وَأَوَى.
وقال : وأفضى : إذا افْتَقَرَ.
ويقال : أفضى الرجلُ جاريته : جامعهَا فصَيَّرَ مسلَكيْهَا مَسْلَكاً واحداً ، وهي المفضاة من النساء.
وقال الفرّاء : العرب تقول : لا يُفضِ اللهُ فاك ؛ من أفْضَيْت.
قال : والأفضاء : أن تسقط ثناياه من تحت ومن فوق وكلُّ أضراسه ؛ حكاه شَمِر للفرّاء.
قلتُ : ومن هذا إفضاء المرأة : إذا انْقطع الحِتار الّذي بين مسلَكَيْهَا.
وقال شَمِر : الفضاء : ما استوى من الأرض واتسع.
قال : والصحراءُ فضاءٌ.
قال : ومكانٌ فاضٍ ومُفْضٍ ، أي : واسع.
وأرضٌ فضاءٌ وبَرَازٌ. والفاضي : البارز.
وقال أبو النّجم يصف فرسَه :
أما إذا أمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُهْ |
نجعلُه فِي مَرْبَطٍ ونجعلُه |
مفضٍ : واسعٌ. والمُفْضَى : المتّسع.
وقال رُؤبة :
* خَوْقَاءُ مُفْضَاها إلى مُنْخاق*
أي : مُتّسعها. وقال أيضاً :
جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفضَى
بهمْ وأمضَى سَفَرٌ ما أمْضى
قال : أفضى بهم : بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفضى بهم إليه حتى انقطع ذلك الطريق إلى شيء يعرفونه.
وقال ابن شُميل : الفضَاءُ ما استوى من الأرض. وقد أَفضيْنَا إلى الفضاء ، وجمعه أَفضِيَة.
وقال أبو زيد : يقال : تركتُ الأمر فضاً ، أي : تركتُه غير مُحْكم.
وقال أبو مالك : يقال : ما بقيَ في كِنانته إلّا سَهْمٌ فضاً ، أي : واحدٌ.
ويقال : بقيتُ من أقراني فَضَا ، أي : بقيتُ وَحْدي ؛ ولذلك قيل للأمر الضعيف غير المُحكَم : فَضاً ، مقصورٌ.
ويقال : متاعُهم بينَهم فَوْضى فَضاً ، أي : مختلطٌ مشترك.
وقال اللِّحياني أمرُهم فوْضَى بينهم ، وفضاً بينهم ، أي : سواء بينهم ، وأنشد :
طعامُهُم فَوْضَى فَضاً في رِحالِهمْ |
ولا يُحْسِنون الشرَّ إلّا تَنادِيا |
ويقال : هذا تمرٌ فَضاً في العَيْبَة مع الزَّبيب ، أي : مختلِط ، وأنشد :
فقلتُ لها يا خالتي لَكِ ناقتي |
وتمْرٌ فَضاً في عَيْبَتي وزَبيبٌ |
أي : منثور.
ويقال : الناس فَوْضَى : إذا كانوا لا أميرَ عليهم ولا مَن يَجْمَعهم.
فيض ـ فوض : قال الأصمعيّ : فاضت عينُه تفيض فَيْضاً : إذا سالت. اللحياني : فاض الماءُ يفيض فيضاً وفُيوضاً وفيضاناً.
وفَاضَ الحديثُ : إذا انْتَشَرَ.
ويقال : أفاضت العينُ الدمعَ تُفيضه إفاضةً.
وأفاضَ فلانٌ دَمعَه ، وأفاض إناءَه إفاضَةً : إذا أَتْأَقَهُ. وقال الله جلّ وعزّ : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) [البقرة : ١٩٨].
قال أبو إسحاق : دلّ بهذا اللفظ أنّ الوقوف بها واجبٌ ، لأن الإفاضة لا تكون إلّا بعد وقوف. ومعنى : أَفَضْتُمْ ؛ دفَعْتم بكثرة.
يقال : أفاض القومُ في الحديث : إذا اندَفَعوا فيه وأَكثروا.
وأفاضَ البعيرُ بجَرَّته : إذا رَمَى بها مفرَّقةً كثيرة.
وقال الراعي :
وأَفَضْنَ بعدَ كظومِهنّ بجرّةٍ |
من ذي الأباطِح إذْ رَعَيْنَ حَقيلا |
وأفاضَ الرجُل بالقِداح إفاضةً : إذا ضَرَب بها ؛ لأنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة ويجوز :
أفاضَ على القِداح.
وقال أبو ذؤيب الهذليّ يصفُ الْحُمُر :
وكأنهنّ رِبابةٌ وكأنَّه |
يَسَرٌ يُفيضُ على القِداح ويَصْدَعُ |
قال : وكلُّ ما في اللغة من باب الإفاضة فليس يكونُ إلّا عن تفرُّق أو كثرة.
وقال الأصمعيّ : أرض ذاتُ فُيوض : إذا كان فيها ما يفيض حتى يعلو.
ويقال : أعطى فلانٌ فلاناً غَيْضاً من فَيْض ، أي : أعطاه قليلاً من كثير ونهر البصرة يسمى الغيض. وقال اللحياني : يقال : شارك فلان فلاناً شركة مفاوضة ، وهو أن يكون مالهما جميعاً من كل شيء يَمْلِكانِه بينهما.
ويقال : أمرُهم فَيْضُوضَى بينهم ، وفَيْضِيضى وفَوْضُوضى بينهم.
قال : وهذه الأحرف الثلاثة يجوز فيها المد والقصر.
وقال أبو زيد : القومُ فَيْضوضَى أمرُهم ، وفَيْضُوضَى فيما بينهم : إذا كانوا مختلطين ، يلبَس هذا ثوبَ هذا ، ويأكل هذا طعامَ هذا ، لا يؤامِرُ واحدٌ منهم صاحبَه فيما يفعَل في أمره.
وقال الليث : تقول : فوّضتُ الأمرَ إليه ، أي : جعلتُه إليه.
قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) [غافر : ٤٤] ، أي ، أَتَّكل عليه وصار الناس فَوْضَى ، أي : متفرِّقين ، وهو جماعة الفائض ، ولا يُفرد كما لا يُفرد الواحد من المتفرِّقين.
ويقال : الوحْشُ فَوْضى ، أي : متفرِّقة تتردّد. والناسُ فَوْضَى : لا سَراةَ لهم تجمعهم.
وفاضَ الماءُ والمطرُ والخيرُ : إذا كثر ، يَفيض فَيْضاً.
وفاضَ صدرُ فلانٍ بسِرّه : إذا امتلأ.
والحوضُ فائضٌ ، أي : ممتلىءٌ يسيل الماءُ من أعلاه.
قال الليث : وحديثٌ مُسْتفاض : مأخوذٌ فيه ، قد استفاضوه ، أي : أخذوا فيه.
قال : ومَن قال مستفيض فإنه يقول : ذائع في الناس ؛ مثلُ الماء المستفيض.
قلت : قال الفرّاء والأصمعيّ وابنُ السّكيت وعامّةُ أهل اللغة : لا يقال : حديثٌ مستفاض قالوا : وهو لَحْنٌ ليس من كلام العرب ، إنما هو مولّد من كلام الحاضرة. والصواب : حديثٌ مستفيض ، أي : منتشرٌ شائع في الناس ، وقد جاء في شعر بعض المُحَدثين :
* في حديثٍ من أمره مُستفاض *
وليس بالفصيح من كلامهم.
أبو عُبَيد : امرأة مُفاضَة : إذا كانت ضَخمَة البَطن ، مسترخيَةَ اللَّحْم ، وهو عيبٌ في النّساء.
واستفاض المكانُ : إذا اتَّسع فهو مُستفيضُ ؛ وقال ذو الرّمة :
* بحَيْثُ استفاض القِنْعُ غَرْبيَّ وَاسِطِ*
وفَيَّاض : من أسماء الرجال. وفيّاض :
اسمُ فَرَسٍ من سَوابق خَيل العَرب ، وفرسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ : كثيرُ الجَرْي.
وفي حديثٍ جاء في ذكر الرِّجال : «ثم يكون على أثر ذلك الفَيْضُ».
قال شَمِر : سألتُ البكراويّ عنه فقال : الفَيْضُ : الموتُ ههنا ، ولم أسمعْه من غيره إلّا أنه قال : فاضتْ نفسُه ، أي : نزعه عند خروج روحه.
وقال أبو تراب : قال ابن الأعرابي : فاض الرجل وفاظ : إذا مات. وكذلك فاظت نفسه.
وقال أبو الحسن اللحياني : فاضت نفسه الفِعْلُ للنَّفْس.
وفاض الرجلُ يَفيضُ ، وفاظَ يَفيظُ فَيْظاً وفُيُوضاً.
وقال أبو ربيعة : قال الأصمعي : لا يقال : فاضَتْ نفسُه ولا فاظَتْ ؛ وإنما هو فاضَ الرجلُ وفاظَ.
وقال الأصمعي : سمعتُ أبا عمرو يقول : لا يقال : فاظتْ نفسُه ، ولكن يقال : فاظَ : إذا مات ـ بالظاء ـ ولا يقال : فاض ـ بالضاد ـ بتّةً ؛ وقال رُؤبة :
والأَزْدُ أَمْسَى شِلْوُهمْ لُفاظا |
لا يَدْفِنون منهمُ من فاظا |
وقال ابن السكيت : فاظ الميت يَفيظ فَيْظاً ، ويَفُوظُ فوضاً.
قال : وزعم أبو عُبَيدة : فاضت نفسُه لغةٌ لبعض بني تميم ، وأنشد :
تجَمَّع الناس وقالوا عُرْسٌ |
فقُقِئَتْ عينٌ وفاضت نَفْسٌ |
فأنشده الأصمعي فقال :
* إنَّما هو : وَطَنَّ الضِّرْسُ*
وقال أبو الحسن اللِّحياني.
قال الأصمعي : حان فَوْظَه ، أي : موتُه.
وقال الفرّاء : يقال : فاضَتْ نفسه تفيض فَيْضَاءً فُيوضاً ، وهي في تميم وكلْب ، وأفصح منها وآثر : فاظتْ نفسه فُيوظاً.
وقال أبو الحسن : قال بعضهم : فاظَ فلانٌ نفسه ، أي : قاءها. وضرَبْتُه حتى أفظتْ نفسه.
وقال شمر : قال الكسائيّ : إذا تَفَيّظوا أنفسهم ، أي : تَقَيَّئُوها.
أبو عُبيد عن الكسائي : هو يَفيظُ نفسَه ، وفاظت نفسُه ، وفاظ هو نفسُه وأفاظَه الله نفسَه ، وأنشد غيره :
فهتكتُ مهجةَ نفسِه فأفْضتُها |
وثأَرْته بمُعَمّم الحِلْمِ |
وقال شمر : قال خالد بن جَنْبة : الإفاضةُ : سُرْعة الرّكْض. وأفاضَ الراكب : إذا دفع بعيرَه شدّاً بين الجَهْد دون ذلك.
قال : وذاك نصفُ عَدْوِ الإبل عليها الرُّكْبان ، ولا تكون الإفاضةُ إلا وعليها الرُّكْبان.
وفض : في حديث النبي صلىاللهعليهوسلم : «أنه أَمَر بصدقةٍ أن توضَع في الأوْفاض».
قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : الأوْفاض : هم الفِرَق من الناس والأخلاط.
قال : وقال الفراء : هم الذين مع كل منهم وَفْضَة ، وهي مِثل الكِنانة يُلقِي فيها طعامَه.
قال أبو عبيد : وبلغني عن شريك أنه قال في الأوفاض : هم أصلُ الصُّفّة.
قال أبو عبيد : وهذا كلّه عندنا واحد ، لأنَّ أهلَ الصُّفّة إنما كانوا أخلاطاً من قبائلَ شتَّى ، وأمكن أن كان يكون مع كل رجل منهم وفْضَةٌ كما قال الفراء.
وقال ابن شميل : الجَعْبةُ المستديرةُ الواسعةُ التي على فَمها طَبَق من فوقها ، والوفْضة أصغرُ منها ، وأعلاها وأسفلُها مُستَوٍ ، وأنشد غيره بيتَ الطِّرماح :
قد تجاوزْتُها بَهضَّاء كالجِنَّة |
يَخْفون بعضَ قَرْع الوِفاض |
الهضّاء : الجماعةُ شبّههم بالْجِنّة لمرادتهم.
سلمة عن الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) [المعارج : ٤٣].
قال : الإيفاضُ : الإسراع.
وقال الراجز :
لأنْعَتَنْ نعامةً مِيْفاضَاً |
خرجاءَ ظلَّت تَطْلُب الإضاضَا |
وقال الليث : الإبلُ تَفِضُ وَفْضاً ، وتَسْتَوْفِض ، أوفَضَها راكبُها.
وقال ذو الرمَّة يصف ثوراً وحشيّاً :
طاوِي الحشا قَصَرتْ عنه مُحرَّجةٌ |
مُسْتَوفَضٌ من بَنَاتِ القَفْر مَشْهُومُ |
قال الأصمعي : مستوفَض ، أي : أفْزَع فاستَوْفَض ، وأوْفَض : إذا أسْرع.
وقال أبو زيد : يقال : مالي أراكَ مستوفضاً ، أي مَذْعُوراً.
وقال أبو مالك : استُوْفِض ، أي : استُعْجل. وأنشد :
* تَعوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وفْضاً*
ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للمكان الّذي يُمسِك الماء الوفاضُ والمَسَكُ والمسَاك ، فإذا لم يُمْسِك الماء فهو مُسْهِب.
وضف : قال أبو تراب : سمعتُ خليفة الحُصَينيّ يقول : أوْضَفَتْ الناقةُ وأوْضَعَتْ : إذا خَبَّتْ. وأوضَعتُها فوَضَعَتْ وأوضفتُها فوضفت ، أي : أخبيْتُها فَخَبَّتْ.
فضا : أبو عبيد عن الأصمعي في باب الهمز : أفضأْتُ الرجلَ : أطعمْتُه.
قلت : هكذا رواه شمر لأبي عبيد بالفاء ، وأنكَرَهُ شمر وحَقَّ له أن يُنْكِرَه ، لأنّه مصحَّف ، والصواب : أقْضأْتُه بالقاف : إذا أطعَمْتَه ، كذلك قال ابن السكيت. وقد مَرَّ
في باب القاف ، والله أعلم.
باب الضاد والباء
ض ب (وا يء)
ضوب ، ضيب ، بيض ، ضبأ ، أبض ، ضبا : بغير همز.
ضوب ـ ضيب : أبو العباس عن سلَمة عن الفراء : ضابَ الرجلُ : إذا استَخفَى.
وباض : إذا أَقامَ بالمكان.
قال وقال ابن الأعرابيّ : ضابَ : إذا خَتَل عَدُوّاً.
وقال ابن المظفَّر : بلغني أن الضَّيْب شيء من دَوابّ البحر ، ولستُ على يقينٍ منه.
وقال أبو تراب : سمعتُ أبا الهَمَيْسَع الأعرابيَّ يُنشد :
إنْ تَمنَعي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ |
يَجرِي على الخدّ كصَيْبِ الثَّعْثَع |
قلت : والثّعثَع : الصَّدَفَةُ ، وصَيْبُه : ما في جوْفه من حَبّ اللؤلؤ ؛ شَبَّه قَطرات الدموع به.
وقال أبو عمرو : الضُّوبان من الجمال : السمين الشديد ، وقال الشاعر :
على كلّ ضُوبانٍ كأن صَريفَه |
بنابَيْه صوتُ الأخْطبِ المترنِّم |
وقال الراجز :
لمّا رأيتُ الهمّ قد أجْفاني |
قَرَّبْتُ للرَّحْل وللظِّعان |
|
* كلَّ نِيَافِيّ القَرَا ضُوبانِ * |
والنيافيّ : الطويلُ المشرِف.
بيض : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : باض يَبوضُ بَوْضاً : إذا أقام بالمكان.
وباضَ يَبوضُ بَوْضاً : إذا حسُن وجهُه بعد كَلَف ؛ ومثلُه بَضَ يَبَضُ بَضَضاً. قال : وبَضَا : إذا أقام بالمكان أيضاً.
أبو عُبَيد عن العَدَبَّس الكِنانيّ : باضت البُهْمى : سقَطتْ نِصالُها.
وقال غيره : باض الحرُّ : إذا اشتدّ.
وروَى سَلَمة عن الفراء : باض : إذا أقام بالمكان.
أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : باض السحابُ : إذا أمطر. وأنشد :
باض النعامُ به فنَفّر أهلَه |
إلّا المقيمَ على الدَّوا المتأَفِّنِ |
قال : أراد مَطَراً وقَع بنَوْء النعائم. يقول : إذا وقع هذا المطرُ هرَب العقلاء وأقامَ الرجلُ الأحمق.
وقال الليث : البَيضُ معروف ، والواحدة بَيضة. ودَجاجة بَيوض ، ودجاجٌ بُيُضٌ للجماعة ، مثلُ : حُيُدٍ جمع حَيود ، وهي التي تحيد عنك.
وبَيْضةُ الحديد معروفة. وبيضةُ الإسلام : جماعتُهم.
والجاريةُ بَيْضَةُ الخِدْرِ ، لأنها في خِدرها مكنونة.
قال امرؤ القيس :
وبَيْضةِ حِدْرٍ لا يرامُ خِباؤُها |
تمتَّعْت من لَهوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ |
ويقال : ابْتيضَ القومُ : إذا استُبيحتْ بيْضَتهم وابتاضَهم العَدُوُّ : إذا استأصَلَهم.
قال : ويقال : غُراب بائِضٌ ، وديكٌ بائض ، وهما مثل الوالد.
قلت : يقال : دَجاجةٌ بائض بغير هاء ، لأن الدِّيك لا يبيض.
وقال الليث : بيْضةُ العُقْر : مَثَلٌ يُضْرَب وذلك أن تُغْتَصب الجارية فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة ، وتسمى تلك البيضةُ بيضةَ العُقر.
وقال غيرُ الليث : بَيضة العُقْر : بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة واحدةً ثم لا تعود ، تُضرَبُ مَثلاً لمن يصنعُ صَنيعةً إلى إنسان ثمّ لا يَرُبُّها بمثلِها.
وقال الليث : بيْضة البَلَد : هي تَرِيكة النَّعامة.
وقال أبو حاتم في كتابه في الأضداد : فلانٌ بيْضةُ البلد : إذا ذُمَّ ، أي : قد أُفرِد وخُذل فلا ناصرَ له.
قال : وقد يقال ذلك في المدح ، وأنشد بيت المتلمِّس في موضع الذّمّ :
لكنّه حَوْض مَن أَؤْدَى بإخوتِه |
رَيْبُ الزمان فأضحى بيضةَ البَلدِ |
وقال الراعي لابن الرِّفاع العامليّ في مثل هذا المعنى :
تأبَى قُضاعة أن تَعْرِفْ لكم نسَباً |
وابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ |
كان وجْه الكلام أن تعرفَ ؛ فسكّن الفاء لحاجتِه إلى الحركة مع كثرة الحركات.
أراد أنه لا نَسَب له ولا عَشرةَ تَحميه.
وقال حسان بنُ ثابت في المَدْح ببَيْضة البَلَد :
أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا وقد كثُروا |
وابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ |
قال : وهذا مَدْح ، وابن الفُريعَة أبوه ، وأراد بالجلابيب : سَفِل الناس وعَثْرَاءَهم.
قلت : وليس ما قاله أبو حاتم بجيِّد ، ومعنى قول حسَّان : أن سَفِل الناس عَزُّوا بعد ذِلّتهم وكَثروا بعد قلتهم ، وابن الفُريعَة الذي كان ذا ثروةٍ وثراءِ عِزٍّ أُخِّر عن قديم شرفِه وسُودَدِه واستُبِدّ بإمضاء الأمور دونَه ودون وَلَدِه ، فهو بمنزِلة بيْضة البَلَد التي تبِيضها النعامة ثم تترُكها بالفَلاة فلا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لا تُصان ولا تحضَن.
وروَى أبو عمرو عن أبي العباس أنه قال : العربُ تقول للرجل الكريم : هو بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. ويقولون للآخر : هو بيْضة البلد : إذا ذَمُّوه.
قال : فالممدوح يُراد به البَيْضة التي تَصونُها النعامة وتُوقِّيها الأذى ، لأنّ فيها