واستواؤُها مِن قومٍ سِباط. ورجل سَبْطٌ بالمعروف : إذا كان سَهْلاً.
وقال شمر : مَطرٌ سَبْط وسَبِط ، أي : متدارِكٌ سَحٌّ ، وسَبَاطتُه سَعتُه وكثرتُه ، وقال القُطاميّ :
صافَتْ تَعَمَّجُ أعرافُ السُّيولِ بِه |
من باكِرٍ سَبِطٍ أو رائحٍ يَبِلِ |
يريد بالسَّبِط : المطرَ الواسعَ الكثير.
وقال أبو العبّاس : سألتُ ابن الأعرابي ما مَعْنَى السِّبْط في كلام العرب؟ فقال : السِّبْط والسِّبْطان والأَسْباط : خاصّة الأولاد ، أو المُصَاص منهم.
ورُوِي عن عائشة أنها كانت تَضرِب اليتيمَ يكونُ في حِجْرِها حتى يُسْبِط، معنى يُسبِط ، أي : يمتدّ على وَجْه الأرض ساقطاً.
أبو عُبَيد عن الأمويّ أنّه قال : أسبط الرجلُ إسباطاً : إذا امتدّ وانبَسَط على الأرض من الضَّرْب ، وأنشد غيره :
قد لبِثَتْ من لَذّة الخِلَاط |
قد أَسبَطتْ وأيُّما إسْباطِ |
يعني امرأةً أُتِيتْ ، فلمّا ذاقت العُسَيلةَ مدّت نَفْسَها على الأرض.
وفي حديث النبيُّ صلىاللهعليهوسلم «أنّه أَتَى سُباطَة قومٍ فبالَ ثم توضّأ ومَسَح على خُفّيه».
قال أبو عُبَيد : قال الأصمعي : السُّباطة : نحوٌ من الكُناسة. قال : وقال أبو زيد : يقال للنّاقة إذا ألقَتْ ولدَها قبل أن يستبينَ خَلْقُه : قَدْ سَبَّطَت وغَضَّنَتْ وأَجْهَضَتْ ورَجَعَتْ رِجاعاً.
وقال الأصمعي : سبّطت الناقةُ بوَلَدها وسبّغَتْ : إذا ألقَتْه وقد نَبَتَ وبَره قبل التَّمام.
وقال اللّيث : سُباط : اسمُ شهرٍ تسمّيه أهلُ الروم شَبَاط ، وهو في فصل الشّتاء ، وفيه يكون تَمامُ اليومِ الّذي تَدُور كُسورُه في السِّنين ، فإذا تمّ ذلك اليومُ في ذلك الشهرِ سَمَّى أهلُ الشأم تلك السّنة عامَ الكَبِيس ، وهم يتيمّنُون به إذا وُلِدَ فيها مولودٌ أو قَدِم قادم من بَلَد. وسَباطٍ : اسمٌ للحمّى مبنيّ على الكسر ، ذكَره الهذَلي في شعرِه. قال : والسَّبَطانةُ : قَناةٌ جَوْفاءُ مَضروبةٌ بالعَقَب يرمى فيها سهامٌ صغارٌ ، تنفخ فيها نَفْخاً فلا تكاد تُخطىء.
بسط : قال اللّيث : البَسْطُ : نَقِيضُ القَبْض.
والبَسِيطةُ من الأرض كالبِساط من الثِّياب ، والجميع البُسُط. والبَسْطة : الفضيلة ، قال الله جلّ وعزّ : (وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) [البقرة : ٢٤٧] ، وقال الزجّاج : أعلَمهم الله أنّه اصطفاه عليهم ، وزادَه في العِلْم والجِسم بَسْطةً ، وأَعلَمَ أن العِلم الّذي به يجب أن يقع الاختيارُ لا المالَ ، وأعلم أن الزّيادة في الجسم مما يهَيَّبُ به العدوُّ ، فالبَسْطة : الزِّيادة.
وقال اللّيث : البَسِيط : الرجل المنبسط اللسان والمرأة بسيطة ، وقد بَسُط بَساطةً.
والبَصْطة بالصاد لغةٌ في البَسْطة. ويقال : بسطَ فلان يدَه بما يُحبّ ويَكرَه. ويقال : إنه ليَبْسُطني ما بَسَطك ، ويَقبِضُني ما قبَضك ، أي يسرّني ما سَرَّك ، ويسوءُني ما ساءَك.
ورَوَى شعبة عن الحكم قال : في قراءة عبد الله : (بل يداه بسطان) [المائدة : ٦٤] ، قال أبو بكر بن الأنباريّ : معنى : (بُسْطان): مَبْسُوطتان. قال : وأخبرني أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ ، عن هشام بن عروة عن أبيه قال : مكتوبٌ في الحِكمة : لِيكنْ وجهُك بُسْطاً تكن أحبَّ إلى الناس ممّن يُعطيهم العطاء.
قال : وبِسْطٌ وبُسْط بمعنى مبسوطتين.
ورُوِي عن النبي صلىاللهعليهوسلم «أنه كَتَب لوَفْد كلْب كتاباً فيه : في الهَمُولة الراعية البِسَاط الظؤار في كلّ خمسين من الإبل ناقةٌ غير ذات عَوَارٍ».
الهَمُولةُ : الإبلُ الراعية.
والحمولة : التي يحمل عليها ، والبُساط : جمع بِسْط ، وهي الناقة التي تُرِكت وولدُها لا يمنَع منها ، أو لا تعطف على غيره ، وهي عِنْدَ العرب بِسْط وبَسوط ، وجمعُ بِسْط بُساط ، وجمع بَسوط بُسُط ، هكذا حفظتُه عن العرب ، وقال أبو النّجم :
يَدفَع عنها الجوعَ كلَّ مَدفِع |
خمسون بُسْطاً في خَلايَا أَربَع |
وأخبرني المنذريّ عن أبي العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه أنشَدَه للمرار الأسدي يصف إبلاً :
مَتابِيعُ بُسْط مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ |
كما رَجعتْ في لَيلِها أُمُّ حائلِ |
قال ابن الأعرابي : بُسْطٌ : بُسِطتْ على أولادِها لا تنقبض عنها. مُتْئِمات : معها حُوار وابن مَخاض ، كأنها وَلدتْ اثنين اثنين من كثرة نَسْلِها. رَواجِع : تَربع إلى أولادها وتَنزِع إليها.
قلت : بَسُوط : فَعُول بمعنى مفعولة ، كما يقال : حَلوب ورَكوب للتي تُحْلَب وتركَب. وبِسْط : بمعنى مبسوطة ، كالطِّحن بمعنى المطحون ، والقِطْف بمعنى المَقْطوف.
أبو عُبَيد : البَساط : الأرض العريضة الواسعة.
وسمعتُ غير واحد من العرب يقول : بيننا وبين الماء مِيلٌ بِسَاط ، أي : مِيلٌ مَتّاح.
وقال الشاعر :
ودَوِّ ككفّ المشترِي غيرَ أنه |
بَساطٌ لأخفاف المَراسِيلِ واسعُ |
وقال الفرّاء : أرضٌ بَسَاط وبِساط : مستويةٌ لا نَبَك فيها.
وأخبرني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : التبسُّط : التنزُّه يقال : خرج يَتَبَسَّط ، مأخوذ من البَساط ، وهي الأرض
ذات الرَّياحين.
وقال ابن شميل : البَسَاط والبَسيطة : الأرضُ العريضة.
وقال ابن السكيت : فرَش لي فلان فِراشاً لا يَبسُطُني : إذا ضاق عنه ، وهذا فِراشٌ يَبسُطني : إذا كان سابغاً.
ابن السكّيت : سِرْنا عَقَبةً جواداً ، وعَقَبةً باسطةً ، وعقبةً حَجُوفاً ، أي : بعيدةَ طويلة.
وقال أبو زيد : حَفَر الرجلُ قامةً باسطةً : إذا حَفَرَ مَدَى قامتِه وقد مدَّ يَدَه.
وقال غيره : الباسُوط من الأقتاب ضدّ المفروق.
ويقال أيضاً : قَتَبٌ مَبْسُوط ، ويُجمع مَباسيط ، كما يُجمع المفروق مَفاريق.
س ط م
سمط ، سطم ، طمس ، طسم ، مسط ، مطس.
سمط : من أمثال العرب السائرة قولهم للرجل يُجِيزون حُكْمَه : حكمُك مسمَّطاً.
قال المبرّد : هو على مذهب «لك حُكمُك مسمَّطاً» أي : متمَّماً إلا أنهم يحذفون منه «لك».
وقال ابن شميل : يقال للرجل : حكمك مسمّطاً. قال : معناه : مُرسَلاً ، يُعْنى به جائز.
قال : ويقال : سَمَّط غَرِيمَه ، أي : أَرسَله.
قال : ويقال سَمَطْتُ الرجلَ يميناً على حَقِّي ، أي : استحْلفْتُه. وقد سَمَط على اليمين يَسمُط ، أي : حلف.
قال : ويقال : سَبَط فلانٌ على ذلك الأمر يميناً ، وسمَط عليه يميناً ـ بالباء والميم ـ ، أي : حَلَف عليه. وقد سَمَطْتُ يا رجلُ على أمر أنت فيه فاجِرٌ ، وذلك إذا وَكَّد اليمين وأحْلطها.
أبو عُبيد عن الفرّاء : إذا كانت النَّعلُ غيرَ مَخْصُوفة قلت نَعْلٌ أسماط. ويقال : سَراويلُ أَسْماط ، أي : غيرُ محشوّة.
ويقال : نَعْلٌ سَمِيط : لا رُقْعةَ لها.
وقال الأسوَد :
فأَبلِغ بني سَعدِ بن عجلٍ بأَنّنا |
حَذَوْناهُم نعلَ المِثالِ سَمِيطَا |
وقال شمر فيما أفادني عن الإياديّ : نَعلٌ سُمْط وسُمُط.
قال : وقال ابن شميل : السِّمْط : الثّوبُ الذي ليست له بِطانةُ طَيْلَسان ، أو ما كان من قُطن ، ولا يقال : كِساءٌ سِمْط ، ولا مِلْحفةُ سِمْط ، لأنها لا تُبطَّن.
قلت : أراد بالمِلْحَفة إزارَ اللّيل ، تُسمّيه العرب اللِّحافَ والمِلْحفة : إذا كان طاقاً واحداً.
وقال أبو الهَيْثم : السِّمط : الخَيْط الواحد والسِّمْطان اثنان ، يقال : رأيتُ في يدِ فلانَة سِمْطاً ، أي : نَظْماً واحداً يقال له
يَكْ سَنْ ، فإذا كانت القِلادة ذاتَ نَظْمَين فهي ذاتُ سِمْطَين ، وأَنشَد :
* مُظاهِرُ سِمْطَيْ لؤلؤٍ وزَبَرْجَدِ*
وقال الليث : الشِّعرُ المسمَّط الذي يكون في صَدْرِ البيت أبيات مشطورة أو مَنْهوكة مقفّاة تجمعُها قافيةٌ مخالِفةٌ لازمةٌ للقصيدة حتى تَنْقضي.
قال : وقال امرؤ القيس قصيدتين على هذا المثالِ يُسمَّيان السِّمْطَين ، فصدرُ كلِّ قصيدة مصراعان في بيتٍ ، ثمّ سائره ذو سُموط ، فقال في إحداهما :
ومُسْتلئِمٍ كشَّفْتُ بالرُّمح ذَيْلَهُ |
أَقَمْتُ بعَضْبٍ ذي سفاسِقَ مَيْلَهُ |
|
فَجَعْتُ به مُلتقَى الْخَيْلِ خَيْلَهُ |
تركتُ عِثَّاقَ الطير يخجَلْن حَوْلَه |
|
كأنَّ على سِرْبالِهِ نَضْحَ جِرْيالِ |
وناقةٌ سُمُط وأَسماط : لا وَسم عليها ، كما يقال : ناقةٌ غُفْل.
وقال العجّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً وصيَّاداً وكِلابه فقال :
عايَنَ سِمْطَ قَفْرةٍ مُهَفْهَفا |
وسَرْمَطِيّاتٍ يُجِبْن السُّوَّفَا |
قال أبو الهيثم فيما قرأتُ بخَطه : فلان سِمْط قَفْره ، أي : واحدُها ليس فيها أحدٌ غيره.
قال : والسَّرْمطيّات : كلابٌ طِوالُ الأشرق والألحى. والسُّوف : الصيادون ، يعني أنّهن يجئن الصيادين إذا صَفّروا بهنّ.
وقال أبو عُبَيد : سمعتُ الأصمعي يقول : المَحْصن من اللَّبَن : ما لم يُخالِطْه ماءٌ ـ حلواً كان أو حامضاً ـ فإذا ذهبتْ عنه حَلاوة الحَلَب ولم يتغيّر طعمُه فهو سامِط ، فإن أَخَذَ شيئاً من الرِّيح فهو حَامط.
قال أبو عُبَيد : وقال أبو زيد : الخميط : اللحمُ المشويُّ ، يعني إذا سُلِخ ثم شُوِي.
وقال غيره : إذا مُرِط عنه صوفه ثم شوِي بإهابه فهو سميط : وقد سمط الحَمل يسمطه سمطاً فهو مسموط وسميط.
ثعلب عن ابن الأعرابي : السامِط : الساكت. والسَّمْط ، السكوت عن الفضول. ويقال : سَمَط وسَمّط وأَسْمَط : إذا سكت.
وقال الليث : السِّمط من الرجال : الخفيفُ في جسمه ، الداهيةُ في أمرِه ، وأكثرُ ما يوصَف به الصَّيّاد ؛ وأنشد لرؤبة :
* سِمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعَابِلاً*
قال أبو عمرو : يعني الصَّائد كأنّه نظامٌ منْ خِفّته وهُزَاله. والزَّعابِل : الصِّغار.
وقال ابن الأعرابي : نَعْجَةٌ مَنْصوبة : إذا كانت مَسْمُوطةٌ محلوقَة.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : يُقال للآجُرّ القائِم بعضُه فوقَ بعض عندهم : السُّمَيْط ، وهو الذي يسمَّى بالفارسية براسْتَق.
ويقال : قام القومُ حولَه سِماطَيْن ، أي : صَفّين ، وكلّ صَفّ من الرجال سِماط.
وسُمُوطُ العِمامة : ما أُفضِل منها على الصَّدر والأكتاف.
سطم : ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال لِسَدادِ القِنِّينَة : الفِدَامُ. والسِّطامُ والعِفاص والصّماد والصِّبَار.
وفي حديث النبيِّ صلىاللهعليهوسلم : «من قضيتُ له بشيءٍ من حقِّ أَخِيه فلا يأخُذَنَّه ، فإنما أقْطَعَ له إسطاماً من النَّار».
أراد بالإسْطام : القطعةَ منها. ويقال للحديدة التي تحرث بها النار : سِطامٌ وإسطام ، إذا فُطِحَ طرفها. وقد صحّت هذه اللفظة في هذه السُّنّة ولا أدري أعربيّة مَحْضَة أو مُعَرَّبة.
وفي حديث آخر : «العَرَبُ سِطام الناس»، أي : حدّهم. وقال ابن دُرَيْد : السَّطْم والسِّطام : حدُّ السَّيف.
ثعلب عن ابن الأعرابي : السُّطُم : الأصول. ويقال لِلدَّرَوَنْد : سِطام. وقد سَطَّمْتُ البابَ وَسَدَمْتُه : إذا ردمتَه فهو مَسطُوم ومَسْدوم.
وقال الأصمعي : فلانٌ في أسْطُمَّة قومِه : إذا كان وَسِيطاً فيهم مُصاصاً. قال : وأُسطُمَّة البحر : وَسطُه. وقال رُؤْبَة :
* وَسَطْتُ من حَنْظَلَةَ الأُسْطُمَّا*
ورُوِي الأطسُمّا سمعناه.
مسط : أبو عبيد عن أبي زيد : المَسْطُ أَنْ يُدْخِلَ الرّجُل يدَه في رَحِم النّاقة فيَستخرج وَتْرَهَا ، وهو ماءُ الفحل يجتمع في رَحِمها ، وذلك إذا كَثُرَ ضِرابُهَا ولَمْ تَلْقَح.
وقال اللّيثُ : إذا نَزَا على الفَرَس الكريمة حِصَانٌ لئيمٌ أَدخَل صاحبُهَا يَدَه فَخَرط ماءه من رَحِمها ، يقال : مَسَطَهَا وَمَصَتها ومَساها. قال : وكأنهم عاقَبوا بينَ التّاء والطاء في المَصْت والمَسْط. قال : والْمَسْطُ : خَرْطُ ما في المِعَى بالإصبَع لإخراج ما فيه ، يقال : مَسَطَ يَمسُطُ.
قال : والماسِطُ : ضَرْبٌ من شجر الصَّيف إذا رَعَتْه الإبل مَسَطَ بُطونها فَخَرطَها ، وقال جرير :
يا ثَلْطَ حَامِضَةٍ تربَّع ماسِطا |
من وَاسِطٍ وتَرَبَّعَ الُقُلَّاما |
ثعلب عن ابن الأعرابي : فَحْل مَسِيط ومَلِيخ ودَهِين : إذا لم يُلْقِح. وقيل : ماسِط : ماءٌ مِلْح إذا شَرِبته الإبل مَسَطَ بطونَها ، وروى البيت :
.......... تَرَوَّحَ أهلُها |
عن ماسِطٍ وتَنَدَّتِ القُلَّاما |
وقال ابن شميل : كنتُ أَمشي مع أعرابيّ في الطِّين ، فقال : هذا المَسِيط ، يعني الطِّين.
وقال أبو زيد : الضَّغِيطُ : الرَّكيّة يكون إلى جانبها ركيّة أخرى فَتُحْمَأ ، وتَنْدَفِن فيُنْتِن ماؤها ويسيل ماؤها إلى العَذْبة فيُفسِدُها فتلك الضَّغِيط والْمَسِيط ، وأنشد :
يَشْرَبْنَ ماءَ الآجِنِ الضَّغِيط |
ولا يَعَفْنَ كَدَرَ الْمَسِيطِ |
وقال أبو عمرو : الْمَسيطَةُ : الماءُ الذي يَجري بين الحوضِ والبئر فيُنْتِن ، وأنشَد :
ولاطَحَتْه حَمْأَةٌ مَطائِط |
يَمُدُّهَا من رِجْرِجٍ مَسَائِطُ |
ابن السكّيت قال أبو الغَمْر : إذا سال الوادي بسَيْل صغير فهي مَسيطة ، وأصغَرَ من ذلك مُسَيِّطَة.
أبو عُبَيد عن الأصْمَعِي : الْمَسِيطَة : الماءُ الكَدِر الذي يَبقَى في الحوض ، والْمَطِيطة نحوٌ منها.
طمس : أبو عُبَيد عن أبي زيد : طَمَسَ الطَّرِيقُ وطَسَم : إذا دَرَسَ.
وقال شمر : طموسُ البَصَر : ذَهابُ نُورِه وضَوئِه ، وكذلك طُموسُ الكَواكب : ذَهاب ضوئها. ويقال : طَمَسَ الرجلُ يطمس : إذا تباعد. والطامس : البَعيد ، وقال ذو الرّمة :
ولا تحسِبي شَجِّي بك البِيدَ كلَّما |
تَلألأ بالفَوْر النّجُوم الطّوامسُ |
وهي الّتي تَخفَى وتَغيب. ويقال : طمَسْتُه فطمَس ؛ ويقال : طَمَس الله على بصَرِه يطمس. وطمَسَ طُمُوساً : إذا ذَهَب بَصَرُه. وطُموسُ القَلْب : فسادُه ، قال الله جلّ وعزّ : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) [يس : ٦٦] ، يقول : لو نشاء لأَعْميناهم ، ويكون الطُّموس بمنزلة المَسْخ للشيء ، قال الله جلّ وعزّ : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) [يونس : ٨٨] ، قالوا : صارت حجارةً ، وكذلك قوله : (مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها) [النساء : ٤٧].
وقال الزّجاج : فيها ثلاثة أقوال : قال بعضهم : نَجعل وجوههم كأقفائهم. وقال بعضهم : نَجعل وجوهَهم مَنَابت الشَّعْر كأقفائهم. وقيل : الوجوه ههنا تمثيلٌ بأَمر الدِّين ، المعنَى : من قبل أن نُضِلَّهم مُجازاةً لما هم عليه من العِناد فنضلّهم إضلالاً لا يؤمِنون مَعَه أبداً.
قال : وقوله : (وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ) قال : المَطْمُوس : الّذي لا يتبيّن له حَرْفُ جَفْنِ عينيه ، لا يُرَى شُفْرُ عينيه ؛ المعنى : لو نشاء لأَعْمَيْنَاهم.
وقال في قوله : (رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ) جاء في التفسير أنه جعل شكرهم مجارة وتأويل الحسن إذهابُه عن صُورته.
وقيل : إن الطَّمْس إحدى الآيات التِّسع التي أُوتِيَتْ مُوسى.
ابن بُزُرْج قال : لا تسبقنّ في طميس الأرض ، مثل جديد الأرض.
وقال الفرّاء في كتاب «المَصادِر» : الطَّمَاسة كالحَزْرِ وهو مصدر ، يقال : كم يَكفِي داري هذا من آجُرّة؟ قال : طَمّس ، أي : احْزُرْ قال : وطَمَس بَصرُه ، يَطمِس طَمْساً ، وَيطمِس طُمُوساً.
أبو زيد : طَمَس الكتابُ طُموساً : إذا دَرَس. وطُموسُ القَلْب : فسادُه. وطَمَس الرجلُ يَطمُس طُموساً : إذا تَباعَد.
والطامسُ : البَعِيد ، وأنشد شمر لابن مَيَّادة :
ومَوْمَاةٍ يَحارُ الطَّرفُ فيها |
صَمُوتِ اللَّيلِ طامِسةِ الْجِبالِ |
قال : طامسة بعيدة : لا تتبيّن من بُعْدٍ ، وتكون الطّوامس الّتي غطّاها السّراب فلا تُرَى.
وفي «نوادر الأعراب» : يقال : رأيتُه في طسَام الغُبارِ ، وطُسّامه ، وطسَّامِه وطيْسانِهِ ، تريد به في كثيره.
مطس : قال الليث : مَطَس المعذِرة يَمْطُس : إذا رمى بمرَّة.
وقال ابن دُرِيد : المَطْسُ : الضَّرْب باليد كاللَّطْمة.
انتهى ، والله أعلم.
(أبواب) السّين والدّال
س د ت ـ س د ظ ـ س د ذ ـ س د ث : أهملت وجوهها.
س د ر
سدر ، سرد ، دسر ، درس ، ردس : مستعملة.
سدر : السِّدر : اسم الجنس ، والواحدة سِدْرَة.
السِّدْر من الشَّجَر سِدْران : أحدُهما سِدْرٌ بَرّيّ لا يُنتَفَع بثَمره ، ولا يصلُح ورقُه للغَسول ، وربما خُبِط ورقُه للرّاعية ، وله ثمَر عَفِصٌ لا يؤكل ، والعرَب تسمِّيه الضّال ، والجِنْس الثاني من السِّدر ينبُت على الماء ، وثمرُه النَّبِق ، ورَقُه غَسولُ ، يُشبه شجر العُنّاب ، له سُلّاء كسُلّاثه وورَقٌ كوَرَقِه ، إلا أنَّ ثمرَ العُنَّاب أَحْمَرُ حلو ، وثمرُ السِّدْر أصفَرُ مُزّ يتفكَّه به ، وأما قول الله جلّ وعزّ : (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى (١٤) عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى (١٥)) [النجم : ١٤ ، ١٥] ، فإن اللّيث زعم أنّها سِدْرةٌ في السماء السابعة لا يجاوِزُها ملك ولا نبيّ ، وقد أَظَلّت السماءَ والجَنّة ويُجمَع السِّدْرةُ سِدْراً وسِدَراً وسِدِرات. والسدر : اسمُ للجنس ، الواحدة سِدْرة.
أبو عبيد : السادِرُ : الّذي لا يَهتمّ لشيء ولا يُبالِي ما صَنَع.
وقال الليث : السَّدَرُ : اسْمِدْرَارُ البَصَر ،
يقال : سَدِر بصرُه يسْدر سَدَراً : إذا لم يكن يُبصِر فهو سَدِر. وعينٌ سَدَرة.
وقال أبو زَيد : السَّدَر : قَدَع العين ؛ والسَمادِير : ضَعْفُ البَصَر. والسَّدْرُ والسَّدْل : إرسالُ الشَّعر ، يقال : شعر مَسْدُور ومَسْدول وشعر مُنْسَدِر ومُنْسَدِل : إذا كان مسترسِلاً. أبو عُبَيْد : يقال : انسَدَرَ فلانٌ يَعْدُو ، وانّصَلت يَعْدُو : إذا أسْرَع في عَدْوه.
وقال الليث : السَّدِير : نهِرٌ بالحيرة.
وقال عديّ :
سَرَّه حالُه وكثرةُ مَا يملِك |
والبحرُ مُعرِضاً والسَّدِير |
وقال ابن السكّيت : قال الأصمعي : السَّدِير فارسية ، كأن أصله سادِلٌ ، أي : قُبّة في ثلاث قِبابٍ مُداخَلة ، وهو الّذي تسمِّيه الناسُ اليومَ سِدْليّاً فأعرَبته العَرَب فقالوا سَدِير. وفي «نوادر الأصمعي» التي رواها عنه أبو يَعلى قال : وقال أبو عمرو بنُ العَلاء : السَّدِيرُ : العُشْبُ.
وقال أبو زَيد : يقال للرجل إذا جاء فارغاً : جاء يَنْفُض أَسْدَرَيه. قال : وبعضُهم يقول : جاء ينفض أصْدَريْه.
وقال : أسدراه : مِنكباه.
وقال ابن السكّيت : جاء ينفُض أزْدَرَيْه إذا جاء فارغاً.
وقال اللّحياني : سَدَرَ ثوبه سَدْراً : إذا أرسَله طُولاً.
وقال أبو عَمْرو : تَسدَّر بثَوْبه : إذا تجَلَّل به. قال : وسمعتُ بعضَ قيس يقول : سَدَل الرجل في البلاد وسَدَر : إذا ذَهَب فيها فلم يَثْنه شيء.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : سَدر : قَمر.
وسَدِر : تحير مِن شدّة الحرّ. قال : ولُعبةٌ للعَرب يقال لها : السُّدّر والطُّبن.
وقال أبو تراب : قال أبو عُبيدة : جاء فلان يَضرب أَسْدَرَيه وأَصْدَرَيه ، أي : عِطْفَيْه ، وذلك إذا جاء فارغاً.
دسر : قال الليث : الدَّسْر : الطَّعن والدفْعُ الشديد ، يقال : دَسَره بالرُّمح ، وأنشد :
* عن ذِي قَدَامِيسَ كَهَامٍ لو دَسَرْ*
قال : والبُضْعُ يُستعمَل فيه الدَّسْر ، يقال : دسَرَها بأَيْرِه.
وقال الفرّاء في قوله : (وَحَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ (١٣)) [القمر : ١٣] ، قال : الدُّسُر : مَسامِيرُ السفينة وشُرُطُها الّتي تُشَدُّ بها.
وقال الزّجّاج : كلّ شيءٍ يكون نحو السَّمْر. وإدخال شيء في شيء بقوّة وشِدّة فهو الدَّسْر ، يقال : دَسَرْتُ المِسْمارَ أدسُره وأدسِره دَسْراً. قال : وواحد الدُّسْرِ دِسَار.
وسُئِل ابن عبّاس عن زكاةِ العَنْبَر فقال : إنّما هو شيء دَسَره البحرُ، ومعناه : أن موج البحر دفعه فألقاه إلى الشطّ فلا زكاة فيه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الدَّسْر : السَّفِينة.
وقال ثعلب في قوله : (عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ).
قال بعضهم : هو دَفْعُها الماءَ بكلْكلِها.
ويقال : الدُّسُر : المسامير. ويقال : الدِّسارُ : الشَّريط من اللِّيف الّذي يشدّ بعضُه ببَعض.
وقال الليث : جَمَلٌ دَوْسَرِيٌ ودَوْسَر : وهو الضَّخْم ذو الهامة والمَناكِب.
سَلَمة عن الفرّاء قال : الدَّوْسَرِيُ : القَوِيُّ من الإبل. ودَوْسَر : كتيبةٌ كانت للنُّعمان بن المنذر ، وأنشَد :
ضَرَبتْ دَوْسَرُ فينا ضَرْبةً |
أَثبتَتْ أوتاد مُلْكٍ فاستَقَرّ |
وبنو سَعْد بنِ زيد مَناةَ كانت تُلَقَّبُ : دَوْسَر في الجاهليّة.
سرد : قال الله جلّ وعزّ : (وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ) [سبأ : ١١].
قال الفرَّاء : يقول : لا تجعل مِسمارَ الدِّرْع دَقِيقاً فيَنفَلق ، ولا غَليظاً فيَفْصِم الحَلَق.
وقال الزّجّاج : السّرْد في اللّغة : تَقدِمة شيء إلى شيء حتى يتّسق بعض إلى إثْرِ بعض متَتابعاً.
ويقال : سَرَدَ فلانٌ الحديثَ يَسرُدُه سَرْداً : إذا تابَعَه. وسَرَد فلانٌ الصَّوْمَ : إذا وَالاه.
وقال في التفسير : السَّرْدُ : السَّمْرُ ، وهو غير خارجٍ من اللّغة ، لأنّ السَّمْر تقديرُك طرَف الحَلْقة إلى طَرَفها الآخر.
قال : وقال سيبويه : رجل سَرَنْدَى : مشتقّ من السّرْد ، ومعناه : الّذي يَمضِي قُدُماً.
قال : والسَّرَد : الحَلَق ، وهو الزَّرَد ، ومنه قيل لصاحبها سرّاد وزَرّاد.
وقال اللّيث : السَّرْد : اسمٌ جامعٌ للدُّروع وما أَشبَهَها من عَمَل الحَلَق ، وسُمِّي سَرْداً لأنه يُسرَّد فيُثقب طرفَا كلّ حلقة بالمسمار ، فذلك الحَلَق المُسَرَّد ، والمِسْرَد هو المِثقَب ، وهو السِّراد.
وقال لَبيد :
* كما خَرَج السِّرادُ من النِّقال*
وقال طَرَفة :
* حِفَافَيْه شُكَّا في العَسِيبِ بِمِسْرَدِ*
ويسمَّى اللّسان مِسرَداً.
قال أبو بكر في قولهم : سردَ فلانٌ الكتابَ معناه : دَرَسه مُحكماً مجوَّداً ، أي : أَحكَمَ دَرْسَه وأجادَه ، من قولهم : سَرَدْتُ الدِّرعَ إذا أحكمتَ مَسامِيرها ، ودِرْع مسرودةٌ : محكمةُ المسامير والحَلَق.
والسَّرَادُ من الثَّمر : ما أَضَرَّ به العطش فيبِس قبلَ ينْعِه. وقد أَسرَد النخلُ ، والواحدة سَرَادَة.
وقال الفرَّاء : السَّرادة : الخَلالة الصُّلبة.
والسراد من الزبيب يقال له بالفارسية : زنجير.
وقال ابن الأعرابيّ : السّرادُ : المتتابع.
وقيل لأعرابيّ : ما أَشْهُرُ الحُرُم؟ فقال : ثلاثةٌ سَرْد ، وواحد فَرْد.
عمرو عن أبيه : السارِدُ : الخرّاز.
والإشْفَى يقال له : السِّرادُ والمِسرَدُ والمخْصَف.
ردس : قال الليث : الرَّدْس : دَكُّك أرضاً أو حائطاً أو مَدَراً بشيء صُلْبٍ عريضٍ يسمى مِرْدَساً ، وأَنشد :
* يُغَمِّد الأعداءَ جَوْزاً مِرْدَسا*
أبو عبيد عن الأحمر : المِرْداسُ : الصَّخْرة يُرمَى بها في البئر ليُعلمَ أفيها ماءٌ أم لا.
قال الراجز :
* قَذْفَك بالمِرْداس في قَعْرِ الطَّوِي*
وقال شَمِر : يقال : رَدَسه بالحَجَر ، أي : ضرَبَه ورَمَاه بها.
وقال رؤبة :
* هناك مِرْداناً مِدَقٌ مِرْداسْ *
أي : داقٌّ. ويقال : رَدَسَه بحَجَر ونَدَسَه ورَداه : إذا رَماه.
وقال ابن الأعرابيّ : الرَّدُوس : النُّطوح المِزحَم ، وقال الطِّرمّاح :
تَشُقّ مُغمِّضاتِ اللَّيل عنها |
إذا طَرقَتْ بمرْداسٍ رَعُونِ |
قال أبو عَمْرو : المِرْدَاسُ : الرأس لأنه يردُسُ به ، أي : يردُّ به ويُدفَع. والرَّعُون المتحرّك ؛ يقال : رَدَس برأسه ، أي : دَفَع بها.
درس : أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ : إذا كان بالبَعير شيءٌ خَفيف مِن الجَرَب قيل : به شيء من دَرْس وأَنشد :
* من عَرَق النَّضْج عَصِيمُ الدَّرْسِ *
وأخبَرَ المنذريُّ عن أبي العبّاس في قول الله جلّ وعزّ : (وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ) [الأنعام : ١٠٥] ، قال : معناه : وكذلك نُبيِّن لهم الآيات مِن هُنا وهُنا لكي يقولوا : إنك دَرَسْتَ ، أي : تَعَلّمتَ ، أي : هذا الّذي جئتَ به عُلِّمتَ.
قال : وقرأ ابنُ عبّاس ومجاهد : (دارَسْتَ) ، وفسّرها : قرأتَ على اليهود وقرءوا عليكَ ، وقرئت : (وليقولوا دُرِسَت) ، أي : قُرِئَتْ وتُلِيَتْ. وقُرىء : (دَرِسَتْ) ، أي : تَقادَمت ، أي : هذا الّذي تتلوه علينا شيء قد تَطاوَل ومَرَّ بنا.
وأخبَرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : يقال : دَرَسَ الشيءُ يَدْرُس دُرُوساً ، ودَرَسْتُ الكتابَ أدرُسُه دِراسةً. والمِدْرَسُ : المكان الذي يُدرَس فيه. والمِدْرَس : الكِتاب. والدِّراس : المُدارَسة.
قال : والدُّروس : دُرُوس الجارية إذا طَمِشَتْ ، يقال : جارية دارِسُ ، وجوارٍ دُرَّس وَدَوارِس.
وقال الأسوَد بنُ يَعفُر يصف جَواريَ حين أدركنَ :
اللّاتِ كالبَيضِ لمّا تَعْدُ أَن دَرَسَتْ |
صُفْرُ الأَناملِ من نقْف القَوارِيرِ |
ودرَسَت الجاريةُ تَدْرُس دُرُوساً.
والدَّرْسُ : الجَرَب أوّلُ ما يظهر منه.
والدَّرْس والدِّرْس والدَّرِيس : الثوبُ الخَلَق.
قال ابنُ أحمر :
لَم تَدْرِ ما نَسْجُ اليَرَنْدَج قَبْلَها |
ودِراسُ أعوَصَ دارِسٍ متخدِّد |
قال ابن السكّيت : ظنّ أن اليَرَنْدَج عمل من عَمَل الناس يُعمَل ، وإنّما اليَرَنْدج جلودٌ سُود. وقولُه : ودِراس أعوَصَ ، لَم يُدارِس الناسَ عَوِيصَ الكلام ، وقولُه : دارسٍ متخدِّر ، أي : يَغْمضُ أحياناً فلا يُرَى ، ويظهر أحياناً فيرى ، ما تخدّد منه غُمضَ ، وما لم يتخدّد ظَهَر. ويُروَى : متجدِّد بالجيم ، ومعناه : أن ما ظَهَر منه جديد وما لم يظهر دارس.
قال : وسمعتُ أبا الهَيْثَم يقول : دَرَس الأَثرُ يَدرسُ دُرُوساً ، أو دَرَسهُ الرِّيح تَدْرُسه دَرْساً ، أي : مَحَتْه ومن ذلك قيل : دَرَسْتُ الثوبَ أدرُسُه دَرْساً فهو مَدْرُوس ودَرِيس ، أَي : أَخْلَقْته ومن قيل للثّوب الخَلُق دريس ، وجمعُه دِرْسَان.
وكذلك قالوا : دَرَس البعيرُ : إذا جَرب جَرَباً شديداً فقُطِرَ ، قال جرير :
رَكِبتْ نَوارُكُمُ بَعيراً دارِساً |
في السَّوْقِ أَفْضَح راكبٍ وبَعيرِ |
قال : وقيل : دَرَسْتُ الكتابَ أدرُسه دَرْساً ، أي : ذَلَّلتُه بكثرة القراءة حتى خَفّ حِفْظُه عليّ من ذلك ، وقال كعب بن زهير :
وفي الحِلْم إدْهانٌ وفي العَفْو دُرْسةٌ |
وفي الصِّدق مَنْجاةٌ من الشّرّ فاصدُقِ |
قال : الدُّرْسةُ : الرّياضة ؛ ومنه دَرَسْتُ السُورة حتّى حفِظتُها ؛ ودَرَستُ القضيب ، أي : رُضْتُه. والإدْهان المَذَلة واللِّين.
وقال غيره : دُرِسَ الطعامُ يُدْرس دِراساً : إذا دِيسَ. والدِّراسُ : الدِّياسُ بِلُغة أهلِ الشام ، وقال :
* حَمراءُ مِمّا دَرَسَ ابنُ مِخْراق*
أي : داسَ ، وأرادَ بالحَمراءِ برّةً حَمْراءَ في لَونها.
وقول لَبيد :
يَوْمَ لا يُدخل المُدارِسَ في |
الرَّحْمة إلا براءةٌ واعتذارُ |
قال الْمُدارِس : الذي قرأ الكتب ودَرَسها.
وقيل : المُدَارِسُ : الَّذي قارَفَ الذُّنوبَ وتَلَطَّخَ بها ، من الدَّرْسِ وهو الجَرَب.
والمِدْراسُ : البيتُ الذي يُدْرَسُ فيه القرآن ، وكذلك مِدْرَاسُ اليَهود.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدِّرْوَاسُ :
الكبيرُ الرأس من الكلابِ. والدِّرْباس ـ بالباء ـ : الكلبُ العَقُور ، وأنشد :
* أَعْدَدْتُ دِرْوَاساً لِدِرْباسِ الْحُمْتْ*
هذا كلبٌ كأنه قد ضَرِيَ في زِقَاقِ السَّمْن يأكلها ، فأَعَدَّ له كلباً آخَر يقال له دِرْوَاس.
وقال غيرُه : الدَّرَاوس من الإبل : الذُّلُل الغِلاظ الأعناق ، واحِدها دِرْواس.
أبو عُبَيد عن الفرّاءِ : الدَّرَاوِس : العِظامُ من الإبل.
س د ل
سدل ، لدس ، لسد ، دلس : [مستعملة].
سدل : في حديث عليّ : أنّه خرج فرأى قوماً يُصلُّون قد سَدَلوا ثِيابَهم فقال : كأنهم اليهودُ خَرجوا من فُهْرِهم.
قال أبو عُبَيد : السَّدْل : هو إِسبالُ الرَّجل ثوبَه من غير أن يَضُمّ جانبيه بين يديه ، فإن ضَمَّه فليس بسَدْل ؛ وقد رُوِيتْ فيه الكَراهيةُ عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم.
وقال الليث : شَعرٌ مُنسَدِل ومُنْسَدِر : كثيرٌ طويلٌ قد وقع على الظَّهر.
الأصمعيّ : السُّدول والسُّدُون بالنون واللام : ما جُلِّل به الهَوْدَج من الثّياب.
قال الراجز :
كأنّ ما جُلِّلن بالأُسْدانِ |
يانِعَ حُمّاض وأرْجُوانِ |
وقال ابن الأعرابيّ : سَوْدَل الرجلُ : إذا طال سَوْدلاه ؛ أي : شارِباه.
وفي حديث عائشة «أنها سدَلت طرف قناعها على وجهها وهي محرمة»، أي : أسبلته.
وفي الحديث «أنّ النبيّ صلىاللهعليهوسلم قَدِم المدينة وأهلُ الكتابَ يسدِلون أشعارَهم والمشركون يَفْرُقون ؛ فسَدَل النبيُّ صلىاللهعليهوسلم شَعرَه ففَرّقه ، وكان الفَرْقُ آخِرَ الأمرَين».
قال ابن شميل : المسدَّلُ من الشَّعر.
الكثيرُ الطويل ، يقال : سَدَّل شعرَه على عاتقَيه وعُنقِه ، وسَدَله يَسدِله. والسَّدْل : الإرسال ليس بمَعْقُوف ولا مُعقَّد. وشَعرٌ مُنسَدِلٌ ومُنسَدِرٌ.
وقال الفرّاء : سَدَلْتُ السِّترَ وسَدَنْتُه : أرخَيْتُه.
دلس : أبو العباس عن ابن الأعرابي : الدَّلَسُ : السّواد والظلمة. وفلان لا يُدالس ولا يُوالس قال : لا يدالس ولا يظلم ، ولا يوالس : أي : لا يخون لا يُوارِب.
وقال شَمر : المُدالسةُ : إذا باعَك شيئاً فلم يُبَيِّنْهُ لك ، يقال : دلس لي سِلعةَ سَوْء.
واندلس الشيء : إذا خفي. ودلّسْتُه فتدلَّس ، وتَدلُّسُه ألا يشعر به.
وقال الليث : يقال : دلّس في البيع وفي كل شيء : إذا لم يبيّن عَيْبَه.
قلت : ومِنْ هذا أُخِذ التدليسُ في الإسناد ، وهو أن يُحدِّث به عن الشيخ الأكبر وقد كان قد رآه ، وإنما سمعه عمن دونه ممن سمعه منه ، وقد فعل ذلك جماعةٌ من الثِّقات. والدُّلْسةُ : الظلمة.
وسمعت أعرابيّاً يقول : لامرىء قُرفَ بسوء فيه ، ما لي في هذا الأمر وَلْسٌ ولا دَلْسٌ ، أي : ما لي فيه خِيانة ولا خديعة.
سَلمة عن الفراء قال : الإدلاس : بقايا النَّبت والبَقْل ، واحدها دَلَس ، وقد أدلست الأرض ، وأنشد :
بَدَّلتْنَا من قَهْوَسٍ قِنْعاسَا |
ذا صَهَوات يَرْتَع الأَدلاسَا |
لدس : ثعلب عن ابن الأعرابي : أَلدَسَتِ الأرضُ إلْداساً : إذا طَلَع فيها النّبات.
وناقةٌ لَدِيس رَدِيس : إذا رُميت باللّحم رَمْياً.
وقال الشاعر :
سَدِيسٌ لَدِيسٌ عَيْطَموسٌ شِمِلَّةٌ |
تُبارُ إليها المُحصنَاتُ النَّجائبُ |
المحصنات النّجائب : اللّواتي أحصنَها صاحبُها أن لا يضربها إلا فحلٌ كريم.
وقوله : تبارُ يقول : يُنظَر إليهنّ وإلى سَيْرهنّ بسَيْر هذه الناقةِ ، ويختَبرْن بها وبسيرها. ويقال : لَدّسْتُ الخُفَ تلدِيساً : إذا نَقَّلْتَه ورَفَعْتَه. ولَدَّسْتُ فِرْسِنَ البعيرِ : إذا أَنْعَلته.
وقال الراجز :
حَرْف عَلَاة ذات خُفٍّ مِرْدَسِ |
دَامِي الأظَلِّ مُنْعلٍ مُلَدَّسِ |
لسد : أبو عبيد : لَسَدَ الطَّلَى أمَّه يَلْسِدها : إذا رَضَع جميع ما في ضَرْعها ، رواه أبو عُبيدة عنه. وأَنشَد النّضر :
لا تَجزَعَنَّ على عُلُالةِ بَكْرةٍ |
بسْطٍ يُعارضُها فَصِيلٌ مِلْسَدُ |
قال : اللَّسْدُ : الرَّضْع. والمِلسَد : الَّذي يَرضَع أُمَّه من الفُصْلان.
س د ن
سدن ، سند ، ندس ، دنس : [مستعملة].
سدن : ذَكَر النبيُّ صلىاللهعليهوسلم سِدَانةَ الكَعْبة وسقاية الحاج في حديث.
قال أبو عبيد : سِدَانة الكعبة : خِدمْتَها.
يقال منه : سَدَنْتُ أسْدُنُ سِدَانة. ورجُلٌ سادِن من قومٍ سَدَنة : وهم الخَدَم.
وقال ابن السكّيت : الأسْدانُ والسُّدُون : ما جُلِّل به الهَوْدَج من الثّياب. واحدُها سَدَن.
عَمْرو عن أبيه : السَّدِين : الشَّحْمُ.
والسَّدِين : السَّتر.
سند : أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : مِن عُيوب الشِّعر السِّناد ، وهو اختلاف الأرداف.
كقوله :
* كأنّ عُيونهُنّ عُيونُ عِينِ*
ثم قال :
* وأَصبَحَ رأسُه مِثلَ اللُّجَيْنِ*
وأخبَرَني أبو محمّد المُزَنيّ عن أبي خليفة عن محمّد بن سلّام الجَمَحيّ أنه قال : السِّنَاء في القافية مِثل شَيْبٍ وشِيبٍ.
يقال : سانَدَ فلانٌ في شِعرِه ، قال : ومن هذا يقالُ خرج القدم متساندين إذا خرج كلُّ بني أبٍ على رايةٍ ولم يَجتمعوا على راية واحدة.
وقال ابن بُزُرْج : يقال : أَسنَدَ في الشِّعْر إسناداً بمعنى سانَدَ مثل إِسناد الخبر.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السَّنَدُ : ضَرْبٌ من البُرود.
وفي الحديث : «أنّه رأى على عائشة أربعةَ أثواب سَنَد».
وهو واحد وجمع.
وقال الليث : السَّنَد : ضَربٌ من الثّياب : قميص ، ثم فوقَه قميصٌ أقصرَ منه.
وكذلك قُمُص قِصار من خِرَق مُغَيَّب بعضُها تحت بعض. وكلُّ ما ظهر من ذلك يسمَّى سِمْطاً سِمطاً.
وقال العجَّاج يصف ثوراً وَحْشيّاً :
* كَتّانها أو سَنَدٍ أَسْماط*
وقال ابن بُزُرْج : السَّندُ واحد الأَسْناد من الثِّياب ، وهي مِنَ البُرود ، وأنشد :
جُبّةُ أَسْنادٍ نَقِيٌّ لَوْنها |
لَم يَضرِب الخيّاطُ فيها بالإبَر |
قال : وهي الحمراء من جِبَابِ البُرُود.
قال : والسَّنَد مثقَّلٌ : سُنود القومِ في الجَبَلِ. والإسناد : إسناد الرّاحلة في سيْرها ، وهو سيْرٌ بين الذَّميل والهمْلَجة.
وقال : سنَدْنا في الجبل ، وأَسنَدْنا إبِلَنا فيها.
ابن الأعرابي : سند الرجلُ : إذا لبس السَّنَد ، وهو ضرْب من البُرود.
أبو عبيد عن أبي عبيدة : الهبِيطُ : الضامر.
وقال غيرُه السِّناد مثلُه. وأنكره شمر.
وقال : قال أبو عمْرو : ناقةٌ سِنَاد : شديدةُ الخُلق.
وقال الليث : ناقةٌ سنادٌ : طويلة القَوائم مُسنَدة السَّنام.
وقال ابن بزرج : السِّناد : من صفات الإبل أن يُشرِفَ حارِكُها.
وقال الأصمعيّ : هي المُشرِفة الصَّدْر والمُقدَّم ، وهي المُساندة. قال شمر : أي : يساند بعضُ خَلْقها بعضاً.
وقال أبو عُبَيد : سمعتُ الكِسائيّ يقول : رجلٌ سِنْدَأْوَة وقِنْدَأْوَة : وهو الخفيف.
وقال الفراء : من النون الجريئة. وقال الليث : السند ما ارتفع من الأرض في قُبل جبَل أو وَادِ ، وكلُّ شيء أسنَدْتَ إليه شيئاً فهو مُسنَد. قال : وقال الخليل : الكلام سنَد ومُسنَد ، فالسند كقولك : عبدُ الله رجلٌ صالح ، فعبدُ الله سنَد ، ورجلٌ صَالح مُسنَدٌ إليه.
قال : والمسنَدُ : الدّعِيّ. والمسند : الدهْر.
ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : لا آتيه يد الدهْر ، ويدَ المُسنَد : أي : لا آتِيه أبداً.
وقال أبو سعيد : السِّنْدَأوَةُ : خرْقةُ تكون وقايةً تحت العِمامة من الدُّهن.
قلتُ : والمسنَد من الحديث : ما اتّصل إسناده حتى يُرفع إلى النبي صلىاللهعليهوسلم ، والمرسلُ والمنقطع : ما لَم يتَّصل. ويقال للدَعِيّ :
سنيد ، وقال لَبيد :
* كريمٌ لا أَحَدُّ ولا سنيدُ*
وقال أبو العباس : المسند : كلامُ أولادِ شِيث.
أبو عُبيد عن الأصمعي : سندتُ إلى الشيء أَسنُد سُنوداً : إذا استَنَدْتَ إليه وأسندت إِليه غيري.
ويقال : سانَدْتُه إلى شيء يتسانَدُ إليه.
وقال أبو زيد :
سانَدُوه حتى إذا لَمْ يَرَوْه |
شُدَّ أجلَادُه على التَّسْنِيدِ |
وما يستند إليه يسمَّى مِسنَداً ومُسنَداً.
السنْد : جيلٌ من الناس تُتاخم بلادُهم بلاد أهلِ الهند ، والنسبة إليهم سنْدِيّ.
والسَّنَدُ : بلد معروف في البادية. ومنه قوله :
* يا دارمَيَّةَ بالْعَلْياءِ فالسَّنَدِ*
والعلياء : اسمُ بلدٍ آخر.
ندس : الحَراني عن ابن السكّيت : رجلٌ نَدِسٌ ونَدُسٌ : إذا كان عالماً بالأخبار.
ورجلٌ نَطِسٌ ونُطُسٌ : للمُبالِغ في الشيء.
ثعلب عن ابن الأعرابي : تندّستُ الخبَر وتحسسْتُه بمعنًى واحد.
وقال الليث : النّدُسُ : السريعُ الاستماع للصّوت الخفيّ.
وقال الأصمعي : النَّدْسُ : الطَّعن ، وقال الكُميت :
ونحن صَبَحْنا آل نَجْرَانَ غارةً |
تَميمَ بنَ مُرٍّ والرِّماح النَّوَادِسَا |
حكاه أبو عُبيد عنه.
وفي حديث أبي هُرَيرة «أنه دخل المسجدَ وهو يَنْدُس الأرض برجلِه»، أي : يَضربها.
ثعلب عن ابن الأعرابي : أسماء الخُنْفساء : المَنْدُوسة والفاسيَاء.
قيل : وتَندَّسَ ماءُ البئرِ : إذا فاض من حَوَاليْها.
دنس : قال الليث : الدَّنس في الثياب : لطخ الوَسخ ، ونحوه في الأخلاق.
رجُلٌ دَنسُ المُروءَةِ ، وقد دَنِس دنساً ، والاسم الدَّنس. ودنَّس الرجلُ عرضَه إذا فَعل ما يشينُه.
س د ف
سدف ، سفد ، فسد ، فدس ، دسف ، دفس : مستعمل.
سدف : أبو عُبيد عن أبي زيد : السُّدْفة في لُغة تميم : الظُّلْمة. قال : والسُّدْفة في لغة قيْس : الضَّوْء ، وكذلك قال أبو محمد اليزيديّ ، وأنشدنا للعجّاج :
* وأَقطَع الليلَ إذا ما أَسْدَفَا*
أي : أُظلم. قال : وبعضهم يَجعل السُّدفةَ اختلاط الضَّوء والظُّلمة معاً كوقتِ ما بين طلوع الفجر إلى أوّل الإسفار.
الحرّاني : عن ابن السكّيت قال : السَّدَفُ والسُّدفة : الظُّلْمة والضَّوء أيضاً.
ويقال : أَسدفِ السِّترَ ، أي : أرفَعه حتى يُضيءَ البيت. قال : وقال عمارة : السدْفة ظُلمةٌ فيها ضوءٌ من أوّل الليل وآخره ، ما بين الظلمة إلى الشفق وما بين الفَجْر إلى الصلاة.
قلتُ : والصحيح ما قاله عمارة.
اللحياني : أتيتُه بسُدْفةٍ من الليل ، وشُدْفة وشَدْفة وهو السَّدَف والشَدَف.
وقال أبو عُبَيْد : أَسدَفَ الليلُ وأَشْدَفَ : إذا أَرخَى سُتورَه وأَظلَم.
قال : والإسدافُ من الأضداد.
يقال : أَسدِفْ لنا ، أي : أضِيءْ لنا.
قال : وقال أبو عَمْرو : إذا كان رجلٌ قائمٌ بالباب قلتَ له : أسدِف ، أي : تَنَحَّ عن الباب حتى يُضيءَ لنا البيتُ.
وقال الفرّاء : السَّدَف والشَّدَف : الظُّلْمة والسَّدَف أيضاً : الصُّبْح وإقبالُه ، وأنشد :
بِيضٌ جِعادٌ كأنَّ أعيُنَهُمْ |
يكْحَلُها في المَلاحِمِ السَّدَفُ |
يقول : سَوادُ أعينهم في الملاحم باقٍ ، لأنّهم أَنجادٌ لا تَبرقُ أعينُهم من الفَزَع فيغيب سَوادُها.
ويقال : سَدَفْتُ الحجابَ ، أي : أرخيتُه.
وحجاب مَسدوف ؛ قال الأعشى :
* بحِجابٍ مِن دُونِنا مَسْدُوفِ *
ورواه الرُّواة : مَصْدوف بالصاد ، وفسّروه أنه المَسْتُور.
وفي حديث أمِّ سَلَمة أنها قالت لعائشة لمّا أرادت الخُروجَ إلى البَصْرة : تَرَكْت عُهَّيْدَى النبي صلىاللهعليهوسلم ، وَوجَّهْتِ سِدَافَتَه.
أَرادت بالسِّدَافة الحِجابَ ، وتوجيهُها كشفُها.
ويقال : وجّه فلانٌ سِدافته : إذا ترَكها وخرج منها.
وقيل للسِّتْر : سِدافة ، لأنه يُسْدَف ، أي : يُرخى عليه.
وقال الليثُ : السُّدْفةُ : اللباب وأنشد لامرأةٍ من قيسٍ تهجو زَوْجَها :
لا يَرْتَدِي بِرَادِيَ الحريرِ |
ولا يُرَى بسُدْفة الأميرِ |
أبو عُبَيد : السَّدِيف : شَحْمُ السَّنام ، ومنه قول طَرَفة :
* ويُسعى علينا بالسَّدِيفِ المُسَرْهَدِ*
وقال غيره : السُّدوف والشُدُوف : الشُّخوص تراها من بُعْد ، وقال الهُذَلِيّ :
مُوَكَّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْم يَنْظُرُها |
من المغارِبِ مَخْطوفُ الحشَا زَرِمُ |
أبو العباس عن عمرو عن أبيه : يقال : أسْدَف الرجلُ وأَزْرَفَ وأغْدَف : إِذا نام.
وقال ابن شُميل : أَسدَف الليلُ وأَزْدَف : إذا أظلَم.
سفد : أبو عُبيد عن الأصمعي : يقال للسِّباع : كلها سَفَدَ أُنْثاه يسفِدُها سِفاداً ، والتَّيْسُ والثَّوْرُ مِثلُها.
وقال أبو زيد نحوَه.
وقال الأصمعي : إذا ضَرَب الجملُ الناقَة قيل : فَقَا وقَاعَ ، وسَفِد يَسفَد.
وأجازَ غيرُه : سَفَد يَسفِد. والسَّفُّود معروف ، وجمعُه سفافِيد.
ثعلب عن ابن الأعرابي : استسفد فلان بعيره : أتاه من خلفه فركبه.
وقال أبو زيد : أتاه فتسفَّده ، وتعرقبه مثله.
دسف : ثعلب عن ابن الأعرابي : أدْسفَ الرجل إذا صارَ مَعاشُه من الدُّسْفة ، وهي القِيادة ، وهو الدُّسْفان.
وقال الليث : والدُّسْفانُ : شِبْه الرَّسول يطلبُ الشيءَ.
وقال أميّة :
* وأَرْسَلُوه يسوفُ الغَيْثَ دُسْفانَا*
دفس : ثعلب عن ابن الأعرابي : أدفس الرَّجلُ : إذا اسوَدَّ وجهُه من غير عِلَّة.
قلتُ : لم أسمَع هذا الحرفَ لغيره.
فدس : قال ابن الأعرابيّ : أفْدَسَ الرجلُ : إذا صارَ في إنائه الفِدَسة ، وهي العَناكِبُ.
عمرو عن أبيه : الفُدْسُ : العنكبوت.
قلتُ : ورأيتُ بالخَلْصاء دَحْلاً يُعْرَف بالفِدَسيّ ، ولا أدري إلى أيّ شيء نُسِبَ.
فسد : قال الليث : الفَساد : نقيضُ الصَّلاح ، والفعل فَسَد يَفْسُدُ فساداً.
قلتُ : ولغة أخرى : فَسُد فُسُوداً.
وقولُ الله جلّ وعزّ : (وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً) [المائدة : ٣٣] ، نصب (فَساداً) لأنه مفعول له ، كأنّه قال : يَسعَوْن في الأرض للفساد.
ويقال : أفسَدَ فلانٌ المالَ يُفسِدُه إفساداً و [البقرة : ٢٠٥] وفَسَّد الشيءَ : إذا أَبارَه.
وقال أبو جُنْدَب :
وقلتُ لهمْ قد أدركَتْكُمْ كتِيبَةٌ |
مُفَسَّدةُ الأدْبارِ ما لَمْ تُخَفّرِ |
أي : إذا شَدَّتْ على قوم قَطَّعَتْ أدبارهم ما لم تُخفَّر الأدبار ، أي : ما لم تُمنَع.
واستفسد السلطان قائده : إذا ساء إليه حتى استعصى عليه.
س د ب
سبد ، دبس : [مستعملان].
سبد : قال الليث : السَّبَد : الشَّعْر. وقولهم : ما لَه سَبَد ولا لَبَد ، أي : ما لَه ذو شَعْر ولا ذو وَبَر متلبِّد ، ولهذا المعنى سُميَ المالُ سَبَداً.
وقال ابن السكّيت : قال الأصمعي : ما له سَبَد ولا لَبَد ، أي : ما لَه قَليل ولا كثير.
وقال غير الأصمعي : السَّبَد من الشَّعْر واللَّبَد من الصوف.
ورُوِي عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه ذَكر الخوارجَ فقال : «التَّسبيد فيهم فاشٍ».
وقال أبو عُبَيد : سألتُ أبا عُبيدة عن التسبيد فقال : هو تَرْك التّدهُّن وغَسل الرأس. قال وغيرُه يقول : إنما هو الحَلْق واستئصالُ الشعر.
قال أبو عُبَيدة : وقد يكون الأمران جميعاً ، وقال النابغة في قصر الشَّعر يَذكُر فَرخَ قَطاةٍ حَمَّم :
* في حاجِبِ العَيْنِ من تَسْبِيده زَغَبٌ*
وقال : يعني بالتّسبيد طلوعَ الزَّغَب.
قال : وقد رُوِي في الحديث ما يثبِت قول أبي عُبَيدة : قال ابن جريج عن محمدِ بنِ عبّاد بنِ جعفر : رأيْتُ ابنَ عباس قَدِمَ مكّة مسبِّداً رأسَه ، فأَتَى الحجَر فقبَّله.
قال أبو عُبَيد : فالتّسبيد ها هنا : تَرْكُ التَّدَهُّن والغَسل. وبعضهم يقول : التسميد ـ بالميم ـ ومعناهما واحد.
وقال غيرُ واحد : سبَّد شَعرَه وسَمَّد : إذا نَبَت بعد الحَلْق حين يَظهر.
وقال أبو تراب سمعتُ سليمانَ بنَ المُغيرة يقول : سبَّد الرجلُ شعرَه : إذا سرَّحه وبَلّه وتَرَكه. قال : والشَّعر لا يُسبِّد ولكنه يُسبَّد.
وقال أبو عُبَيدة : سبّد شعرَه وسَمَّدَه : إذا استأصَلَه حتى ألصقَه بالجلْد. قال : وسبَّد شعرَه : إذا حلَقه ثم نبت منه الشيء اليسير.
وقال أبو عمرو : سَبَد شعره وسَبّده وسبَتَه وأسبته : إذا حلقه. رواه أبو العباس ، عن عمْرو عن أبيه.
أبو عبَيد عن الأصمعي : السُّبَد : طائرٌ ليّن الريش إذا قطر على ظهره قطرتان من ماء جرى ، وجمعه سِبْدان.
شمر عن ابن الأعرابي : السُّبَد : طائر مثلُ العُقاب.
قال : وحَكَى أبو مَنجوف عن الأصمعي قال : السُّبَد هو الخطّاف البَرّيّ.
وقال أبو نصر : هو مِثل الخطّاف إذا أصابه الماءُ جرى عنه سريعاً ، وقال طُفَيل الغَنَوِي :
* كأنَّه سُبَدٌ بالماءِ مَغْسولُ*
وقال أبو سعيد : السُّبَد : ثوبٌ يُسدّ به الحَوْض المَرْكُوُّ لئلّا يتكدّر الماءُ ، يفرش فيه وتسقى عليه الإبل ، وإيّاه عَنَى طُفيل.
قلتُ : وقولُ الراجز يحقِّق ما قاله الأصمعيّ :
حتى ترى المئزَر ذا الفُضولِ |
مثل جَناح السُّبَد المغسول |
وقال الأصمعي : يقال : بأرض بني فلان أسباد ، أي : بقايَا من نَبْت واحدها سِبْد وقال لَبيد :
سَبِداً من التَّنوُّم يَخْبِطُه النّدَى |
ونوادراً من حَنظلٍ خُطْبانِ |
وقال غيره : أَسبَدَ النَّصيُ إسباداً ، وتسبَّد تَسْبِيداً : إذا نَبَت منه شيء حديث فيما قَدُم منه ، وقال الطِّرماح :
أو كأسْباد النَّصيةِ لم يجتدِلْ |
في حاجزٍ مُستَنامْ |
قال أبو سعيد : إِسبادُ النصية ، سَنَمَتُها وتسميها العَرب الفورَان ، لأنها تفور.
وقال أبو عَمرو : أَسبادُ النَّصيِّ : رُؤُوسُه أولَ ما يطلع ، جمع سَبَد.
وقال الطِّرِمَّاح في قصيدة أخرى يصف قِدْحاً فائزاً :
مُجرَّبٌ بالرِّهانِ مُستَلِبٌ |
خَصْلُ الجوارِي طرائفٌ سبَدُه |
أراد أنه يُستطرَف فَوْزُه وكسْبُه.
أبو عُبَيد عن الفرّاء : يقال للرجل الدّاهي في اللُّصوصِيَّة : إنه لسِبْدُ أَسبادٍ.
الليث : السُّبَد : الشؤمُ ، حكاه عن أبي الدُّقَيش في قوله :
امرؤُ القَيْس أين أَرْوَى مؤلياً |
إن رَآني لأَبُوأَنْ بسُبَدْ |
|
قلتُ بَجْراً قلتَ قولاً كاذباً |
إِنما يمنعُني سَيْفي ويَدْ |
دبس : قال الليث : الدِّبْسُ : عُصارة الرُّطَب.
والدُّبسة : لونٌ في ذوات الشّعر أحمرُ مُشربٌ سَواداً. وأنشد ابن الأعرابي لرَكّاض الدُّبَيريّ :
لا ذَنْبَ لي إذْ بنتُ زُهْرةَ دَبَّسَتْ |
بغيرِك أَلْوَى يُشبِه الحَقَّ باطلُهْ |
قال : دَبَّسْتُه : واريتُه ، وأَنشَدَنا :
* قَرمٌ إذا رآه فَحل دبسَا*
قال : والدَّبُوسُ خِلاص تَمرٍ يُلقَى في مَسلَإِ السمْن فيَذوب فيه ، وهي مطيّبة للسّمن.
قال : والدَّبْسُ : الكثيرُ. وقيل : دَبس خُفَّه : إذا رقَّعه ولَدّمه.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدَّبسُ الأسودُ من كل شيء. والدَّبسُ : الجمعُ الكثير من الناس.
قال : ويقال للسماء إذا مَطَرت : دُرِّي دُبَسُ.
وقال ابن الأعرابيّ أيضاً : مالٌ ربسٌ ، أي : كثير بالراء وجاء بأمرٍ رِبس ، أي : معكر ، وكلُّ ذلك صحيح.
والدَّبوس معرب. وأخبرني عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : يقال : دبَّسْتُ الشيء : إذا واريتَهْ. ودَبَّس : إذا توارى.
أبو عبيد عن أبي زيد : جئت بأمور دُبس ، وهي الدّواهي في باب الدواهي في المؤلف.
س د م
سدم ، سمد ، دسم ، دمس ، مسد : مستعملة.
سدم : قال الليث : السَّدَمُ : همٌّ ونَدَمٌ ، تقول : رأيته سادِماً ، ورأيته سَدْمانَ نَدْمانَ. وقلَّما يُفرَد السَّدَمُ من النّدم.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السَّدِيمُ : الضَّباب. والسَّدِيمُ : التَّعبُ. والسديم : السّدِر. والسديم : الماء المندفقُ.
والسدِيمُ : الكثير الذِّكْرِ. الدَّسيمُ : القليلُ الذكر.
قال : ومنه قوله :
* لا يَذْكُرون اللهَ إلّا سَدْماً*
وقال الليث : ماءٌ سُدُم ، وهو الذي وقعت فيه الأقمشة والجَوْلانُ حتى يكاد يندفن ، وقد سَدَم يَسْدُم ، ومياهٌ أسْدام.
قال : ويقال : مَنْهَلٌ سَدُوم في موضع سُدُمٍ ، وأنشد :
* ومَنْهَلاً ورَدْتَهُ سَدُوما*
قال : وسَدُوم : مدينة من مدائن قوم لوط ، كان قاضيها يقال له : سدُوم.
قلت : قال أبو حاتم في كتاب «المُزال والمُفْسَد» : إنّما هو سَذُوم بالذال ، والدال خطأ.
قلتُ : وهذا عندي هو الصحيح.
أخبرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : المَسْدومُ : المَمْنوعُ من أن يَضرِب الإبلَ ، يعني الفحلَ. قال : وسدمتُ البابَ وسَطَمْتُه واحدُ وهو باب مَسْطُوم ومَسْدُوم ، أي : مَرْدوم.
وقال ابن الأنباري : رجلٌ نادِمٌ سادِمٌ. قال قوم : السادِم : معناه : المتغيِّر من الغَمِّ ، وأَصلُه من قولهم : ماءٌ مُسْدم ، ومياهٌ سُدْم وأَسْدام : إذا كانت متغيرة.
قال ذو الرمّة :
* أَوَاجِنُ أَسْدامٌ وبعْضٌ مُعوَّرُ*
وقال قومٌ : السّادمُ : الحزين الّذي لا يُطيق ذَهاباً ولا مجيئاً. من قولهم بَعيرٌ مَسْدوم : إذا مُنع من الضِّراب.
وأَنشَد :
* قَطَعْتَ الدّهرَ كالسَّدِم المُعَنَّى*
والمُسدَّم من فُحول الإبِل. والسَّدِمُ : الّذي يُرغَب عن فَحْلتِه فيُحالُ بينه وبين أُلَّافِه ، ويقيَّد إذا هاج فيَرعَى حَوالَي الدّار ، وإن