تهذيب اللغة - ج ١٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٥

وكلّ شيء يَبرُك على أربعةٍ فقد رَبَض رُبُوضاً.

ويقال : ربَضت الغنمُ ، وبَركَت الإبل ، وجَثَمت الطيرُ جُثُوماً. والثَّورُ الوَحْشيّ يَربِض في كِناسه وقول العَجَّاج :

* واعتادَ أرباضاً لها آريُّ*

أراد بالأرباض جمع رَبَض ، شبّه كِناسَ الثّور بمأوَى الغَنَم.

وقال ابن الأعرابي : الرّبَضُ والمَرْبَضُ والمَرْبِض والرّبِيض : مجتَمَع الحَوايا.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه بَعثَ الضَحّاكَ بنَ سُفيانَ إلى قومه وقال : «إذا أتيتَهمْ فارْبِض في دارِهم ظَبْياً»، قال القُتَيْبيّ : رُوِي عن ابن الأعرابي أنه أراد : أَقِمْ في دارِهِم آمِناً لا تَبْرح ، كأنّك ظبيٌ في كِناسه ، قد أَمِن حَيثُ لا يَرَى إنسِيّاً.

قلت : وفيه وجهٌ آخر ، وهو أنه عليه‌السلام أَمَرَه أن يأتيَهم كالمتوجّس لأنه بين ظَهراني الكَفَرة ، فمتى رَابَه منهم رَيْبٌ نَفر عنهم شارِداً.

وفي حديث أمّ مَعْبَد «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لمّا قالَ عندها دَعا بإناء يُرْبِضُ الرَّهْط».

قال أبو عبيد : معناه : أنّه يروِيهم حتى يُختِّرهم فيَناموا لكَثْرة اللبن الّذي شَرِبوه.

وقال الرّياشيّ : أربضت الشَّمسُ : إذا اشتدّ حَرُّها حتى تَربِضَ الشاةُ من شدّة الرَّمْضاء.

وقال أبو عبيد : الأَرْباضُ : حِبالُ الرَّحْل ، وقال ذو الرُّمة يذكر إِبِلاً :

إذا غَرَّقَتْ أَرباضُها ثِنْي بَكَرةٍ

يتَيْماءَ لم تُصبِح رءُوماً سَلُوبُها

وقال الليث : ربَضُ البَطْن : ما وَلِيَ الأرض من البَعِير إذا بَرَك ، والجميعُ الأَرْباض ، وأنشد :

* أسْلَمَتْها مَعاقِدُ الأَرْباض *

قلتُ : غَلط الليثُ في الرَّبَض وفيما احتجّ له به ، فأمّا الرَّبَضُ فهو ما تَحوَّى من مَصارِين البَطْن ، كذلك قال أبو عبيد ، وأمّا مَعاقِدُ الأرْباض فالأرباض ههنا الحِبال ، ومنه قول ذي الرُّمّة :

إذا مَطَوْنا نَسُوعَ الرَّحْل مُصعَدَةً

سَلكْن أخْراتَ أرْباضِ المَدِاريجِ

والأخَرات : حَلَقُ الحِبال.

وقال أبو عُبَيد : الرِّبُوضُ : الشجرة العظيمة ، وقال ذو الرّمّة :

* تجوَّفَ كلَّ أرْطَاةٍ رُبُوضٍ *

وسِلسِلةٌ رَبوض : ضَخْمة ، ومنه قولُه :

وفالوا رَبُوضٌ ضَخْمَةٌ في جِرانِه

وأسمر من جِلْدِ الذِّراعيْن مُقْفَلُ

أراد بالرَّبوض : سِلسلةً أُوثِق بها ، جعلها ضخمةً ثقيلةً.

وأراد الأسمَر : قِدّاً غُلَّتْ يدُه به فيَبِس عليه.

٢١

الليث : أرنَبَةٌ رابِضةٌ : إذا كانت ملتزِقة بالوَجْه ، هو من أمثالهم في الرّجُل الذي يَتعَيَّنُ الأَشيَاء فيصيبُها بعَيْنه. قولُهم : لا تقومُ لفُلان رابضة ، وذلك إذا قَتَل كلَّ شيء يصيبه بعَيْنِه.

ورُوِي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ذكر أشراطَ الساعة ، ومنها يود أن تَنْطِق الرُّوَيْبِضَة في أمور العامّة ، قيل : وما الرُّوَيْبِضَةُ يا رسولَ الله؟ قال : «الرجل التّافِه ينطق في أمر العامّة».

قال أبو عُبيد : وممّا يُثبت حديثَ الرُّوَيْبِضة الحديثُ الآخَرُ : «من أشراط الساعة أن يُرَى رِعاءُ الشاءِ رؤُوسَ النّاس».

قلتُ : الرُّوَيْبضة تصغيرُ الرابضةُ ، كأنه جَعَل الرابضة راعِيَ الرَّبض ، وأدخَل فيه الهاء مبالغةً في وصفه ، كما يقال : رجل داهِية.

وقيل : إنه قيل للتافه من النّاس : رابِضة ورُوَيْبِضة ، لرُبوضِه في بَيْته ، وقلّة انبعاثِه في الأمور الجسيمة ، ومنه يقال : رجل رُبُض عن الحاجات والأسفار : إذا كان يَنهَض فيها.

وقال أبو زيد : الرَّبَض : سَفِيفٌ يُجعَل مِثلَ البِطَان فيُجعل في حَقْوَيِ الناقة حتى يُحاوِزَ الوَرِكَين من الناحيتين جميعاً ، وفي طرَفيْه حَلَقتان يُعقَد فيهما الأنساع ، ثم يُشَدّ به الرَّحْل ، وجمعُه أرْباض.

أبو عُبيد عن الكسائي : الرُّبْض : وَسَطُ الشيء ، والرُّبض : نواحيه. وأنكَر شَمِر أن يكون الرُّبْضُ وَسَط الشيء ، وقال : الرُّبْض : ما مَسّ الأَرْض منه. ويقال للدّابة هي فَخْمة الرِّبْضة ، أي : فخمة آثار المَرْبض.

ضبر : قال الليث : ضَبَر الفَرسُ يَضْبُر ضَبْراً : إذا عَدَا.

أبو عُبَيد عن الأصمعي وقال : إذا وَثَب الفرسُ فوقعَ مجموعة يداه لذلك الضَّبْر.

يقال : ضَبَر يضبُر.

وقال ابن الأعرابي : الضَّبْرُ جماعةٌ من القَوْم يَغْزُون على أرجُلِهم ، يقال : خرج ضَبْرٌ من بني فلان ، ومنه قولُ ساعدَة بن جُؤيّةُ الهُذَليّ :

بينا هُمُ يوماً كذلك رَاعهُمْ

ضَبْرُ لَبُوسُهمُ الحديدُ مُؤلَّبُ

ويقال : فلان ذو ضَبَارة في خَلْقه : إذا كان وثيق الخَلْق ، وبه سُمِّيَ ضُبارَة ، وابنُ ضَبارة كان رَجُلاً من رؤساء أجناد بني أُميّة.

وفي حديث الزُّهْري «أنّه ذكر بني إسرائيل فقال : جعل الله عِنَبَهم الأراك ، وجَوْزَهُم الضَّبْرَ ورمّانهم المَظَّ».

أبو عبيد عن الأصمعي : الضَّبْرُ : جَوْزُ البَرَّ. والمَظّ : رُمّان البَرّ.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال :

٢٢

الضبْر : القَفْزُ. والضَّبْر : الشَّدُّ. والضَّبْر : جمع الأجْزاء. وأنشد :

مضبورةً إلى شبا حدائدا

ضَبَرَ براطيلَ إلى جَلَامِدا

قال : والضَّبْر الذي يُسمّيه أهلُ الحَضَر جَوزاً بواو الضَّبْر : الرَّجّالة. والمَضْبُور : المجمّع الخَلْق الأمْلس.

ويقال للمِنْجَل : مَضْبُور.

وقال الليث : الضَّبْرُ : شِدّةُ تَلزيز العظامِ واكتنازِ اللّحم. وجَمَلٌ مضبَّرُ الظَّهر ، وأَنشد :

* مُضبَّر اللَّحْيَيْن بَسْراً مِنْهَسَا*

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه ذكر قوماً يَخْرجون من النار ضَبائر»، كأنَّها جمعُ ضِبَارَة ، مثل : عمارة وعمائر. والضَّبائر : جماعاتُ الناس.

ويقال : رأيتهمْ ضبائر ، أي : جماعاتٍ في تفرقة.

وقال ابن السكِّيت : يقال : جاء فلانٌ بإضبارَةٍ من كُتُب ، وبإضْمامة من كُتب ، وهي الأضابير والأضاميم أو فلان ذُو ضَبارَةٍ : إذا كان مشدّدَ الخَلْق.

وقال الليث : إضبارَةٌ من صحف أو سِهام ، أي : حُزمة. وضِبارةٌ لغةٌ أو ضَبّرتُ الكُتب تضبيراً : جمعتُها.

قلت : وغيرُ الليث لا يجيز ضُبارةً من كُتُب ، ويقول : إنما هي إضبَارَة.

وقال الليث : الضَّبْرُ : جِلْدَةٌ تُغَشَّى خَشَباً تُقَرَّبُ إلى الحصُون لقِتال أهلِها ، والجميع الضُّبُور.

قال ابن الفرج : الضِّبْن والضِّبْر : الإبط ، وأنشد :

ولا يَئوبُ مُضْمَراً قد ضَبْرِي

زادِي وقد شَوَّلَ زادُ السَّفْرِ

أي : لا أَخبأُ طعامي في السَّفَر فأَوب به إلى بَيْتي ، وقد نَفِد زادُ أَصْحابي ، ولكن أُطعِمُهم إياه. ومعنى : شَوَّل : خَفَّ وقلَّ ، كما تُشوِّل المَزَادةُ : إذا بقي فيها جُزَيْعةٌ من ماء.

بضر : قال أبو العبّاس : قال سلمة : قال الفَرّاء : البضْر : نَوْفُ الجاريةِ قبل أن تُخْفَض.

قال : وقال المفضَّل : من العرب من يبدل الظّاءَ ضاداً ، فيقول : قد اشتَكى ضَهْرِي.

ومنهم من يُبدل الضّادَ ظاءاً فيقول : قد عَظّت الحرْبُ بني تَميم.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : البُضَيْرة تصغيرُ البَضْرة وهي بُطُولُ الشيء ، ومنه قولُهم : ذهب دمُه بِضْراً مِضْراً خِضْراً ، أي : هَدَراً.

ورَوَى أبو عُبَيد عن الكسائيّ : ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً أو ذهب بِطْراً (بالطاء).

٢٣

ض ر م

ضرم ، ضمر ، رمض ، رضم ، مضر ، مرض : مستعملات.

ضرم : قال الليث وغيره : الضرَمُ من الحَطَب : ما الْتَهَب سريعاً ، والواحدة ضَرْمة.

والضَّرَمُ : مصدرُ ضَرِمَت النارُ تَضرَم ضَرَماً. وضرِم الأسدُ : إذا اشتدَّ حَرُّ جَوْفه من الجُوع ، وكذلك كلُّ شيء يشتدّ جوعُه من اللَّواحِم.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : الضَّرِم : الجائع ، قال : وقال الأصمعي : ما بالدار نافخُ ضَرَمة ، أي : ما بها أحد.

قلت : والضِّرام : ما دَقّ من الحَطَب ولم يكن جَزْلاً يثقبه النارُ ، الواحد ضَرَم وضَرمة ومنه قولُ الشاعر :

أَرَى خَللَ الرَمادِ وَمِيضَ جَمْرٍ

أُحاذِرُ أن يَشِبَّ له ضِرامُ

ويقال : أضرَمْتُ النارَ فاضْطَرَمَتْ ، وضَرَّمتُها فَضرَمَتْ وتضرّمَتْ.

وقال زهير :

* وتَضْرَ إذا ضَرَّيْتُموها فتَضرِم *

وقال الليث : الضَّرِيمُ : اسمٌ للحريق ، وأَنشَد :

* شَدّاً كما تُشَيِّع الضَّريمَا*

شَبّه حَفيفَ شَدِّه بحفيف النار إذا شَيَّعْتَها بالحَطَب ، أي : ألقيتَ عليها ما يُذْكيها به ؛ قاله الأصمعيّ.

وقال اللّيْثُ : الضَّرَمُ : شِدّةُ العَدْو.

ويقال : فرسي ضَرِمُ العَدْوِ ، ومنه قولُ جرير :

* ضَرِمِ الرَّفاقِ مُناقِلِ الأَجْرالِ*

وقال أبو زيد : ضَرِمَ فلانٌ عند الطَّعام ضَرَاماً : إِذا جَدَّ في أَكْله لا يَدفَع منه شيئاً.

ويقال : ضَرِمَ عليه تَضرّم : إذا احتَدَمَ غَضَباً.

وقال ابن شُميل : المُضْطَرِم : المُغْتَلِمُ من الجِمال ، تراه كأنه قد حُسْحِسَ بالنار.

وقد أضْرَمَتْه الغُلْمة.

رضم : أبو العبّاس عن ابن الأعرابي ، يقال : إنّ عَدْوَك لرَضَمان ، أي : بطيء. وإنّ أَكْلَك لَسَلَجَان ، وإن قَضاءكَ لَلِيّان.

قال شَمِر : قال الأصمعي : الرِّضامُ : صُخور عِظامٌ أمثالُ الجُزر واحدتها رَضْمة. ويقال : بنى فلان دارَه فرضم فيها الحجارة رَضْماً ، ومنه قيل : رَضَم البعيرُ بنفسه : إذا رَمَى بنفسِه. وقال لَبِيد :

حُفِزَت وزايلَها السَّرابُ كأنها

أجزاعُ بِيشة أَثْلُها ورِضَامُها

وقال أبو عمرو : الرِّضامُ : حِجارةٌ تجمع واحدتها رَضْمَة ورَضْم ، وأَنْشَد :

* يَنْصَاحُ من جِبْلَةِ رَضْمٍ مُدَّهقْ*

٢٤

أي : من حجارةٍ مَرْضومة.

وقال شَمِر : يقال : رَضْمٌ ورَضَمٌ للحجارة المَرْضومة.

وقال رُؤبة :

* حَدِيدُه وقِطْرُهُ ورَضمُهُ *

وقال الليث : بِرْذَوْنٌ مَرْضومُ العَصَب : إذا تشنّج وصار فيه كالعَقَد ، وأَنشد :

* مُبيَّن الأَمْشاشِ مَرضُوم العَصَبْ*

وقال النضر : طائِرٌ رُضمَة ، وقد رَضَمت ، أي : نَبَتت ، ورَضَم الرجلُ في بيتِه ، أي : سَقَط ولا يَخرُج من بيته. ورَمَأَ كذلك.

وقد رَضَم يَرضِم رُضوماً. ورُضام : اسم موضع.

رمض : قال اللّيْثُ : الرّمَضُ : حَرُّ الحجارة من شدّةِ حرّ الشمس ، والاسمُ الرّمْضاء.

ورَمِض الإنسانُ رمْضاً : إذا مَشَى على الرّمْضاء ، والأرضُ رَمِضَة.

الحرّانيُّ عن ابن السكيت : الرَمْضُ : مصدرُ رَمَضْتُ النَّصْلَ أَرمِضُهُ رَمْضاً : إذا جعلته بين حَجَرين ثم دقَقْتَه ليَرِقَّ.

قال : والرّمَضُ : مصدرُ رَمِض الرجلُ يَرمَض رَمَضاً : احتَرَق قدماه في شدّة الحرّ ، وأَنشَد :

فهنّ معترِضاتٌ والحَصَى رَمِضٌ

والرِّيح ساكنةٌ والظلُّ معتدِلُ

ويقال : رَمِضَت الغنمُ تَرمَض رَمَضاً : إذا رَعَتْ في شدّة الحرّ فتَحْبَن رئاتُها وأكبادُها ، يُصيبها فيها قُروح.

وفي الحديث : «صَلاةُ الأوّابين إذا رَمِضَت الفِصَال»، وهي الصلاةُ الّتي سَنّها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم في وقت الضُّحى عند ارتفاع النهار.

ورَمَضُ الفِصالِ : أن تَحترِق الرّمْضاءُ ، وهو الرّمل ، فتَبرُك الفِصال مِن شدّة حَرّها وإحراقِها أَخفافَها وفَراسِنَها.

ويقال : رَمّض الراعِي مَواشِيه وأرمَضَها : إذا رعاها في الرّمْضاء أو أَرْبَضَها عليها.

وقال عمرُ بنُ الخطّاب لراعي الشاة : عليكَ والظَّلَفَ من الأرض لا تُرَمِّضها.

والظَلَفُ من الأرض : المكانُ الغَليظ الّذي لا رَمْضَاءَ فيه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : المَرْموضُ : الشِّواءُ الكَبِس. ومَررْنا على مَرْمِض شاةٍ ومَنْدَةِ شاةٍ. وقد رمضْتُ الشاةَ فأنا أُرْمِضُها رَمْضاً ، وهو ألا يَسلُخها إذا ذبَحَها ويَبقُر بَطنُها ، ويُخرج حُشْوتَها ، ثم يُوقِدَ على الرِّضافِ حتى تحمَرَّ فتصيرَ ناراً تتّقد ، ثم يَطْرَحها في جوف الشَّاة ويكسر ضلوعَها لتنطبق على الرِّضاف ، ولا يزال يتابع عليها الرِّضافَ المُحْرَقة حتى يعلَم أنها قد أنْضَجَتْ لحمُها ، ثم يُقشَر عنها جِلدُها الذي يُسلَخ عنها ، وقد انشوَى عنها لحْمُها ؛ يقال : لحمٌ مَرْمُوض ، وقد رُمِض رَمْضاً. والرّمِيض : قريبٌ من

٢٥

الحَنِيذ ، غير أن الحَنيذ يُكْبَس ثم يُوقَد فوقَه.

أبو عُبَيد عن الكسائيّ : أتيتُ فلاناً فلم أُصِبْه فرمَّضتُ ترْمِيضاً.

قال شمر : تَرْمِيضُه أن ينتظِره ثم يَمضِي.

اللَّيث : الرمَضُ : حُرْقَةُ القَيْظ. وقد أرمضَني هذا الأمرُ فرمِضْتُ ؛ قال رُؤْبة :

ومن تَشَكَّى مَضْلَةَ الإِرْماضِ

أو خُلَّةً أحْرَكْتُ بالإحماضِ

وقال أبو عمرو : الإرْماضُ : كلُّ ما أَوْجَعَ ؛ يقال : أرْمَضَني ، أي : أَوْجَعَني.

والرّمَضِيُ من السَّحاب والمَطَر : ما كان في آخِر القَيْظ وأوّلِ الخريف ؛ فالسحابُ رَمَضِيٌ ، والمطرَ رَمضي. وإنما سُمِّي رَمَضِيّاً ، لأنه يُدرِك سُخونةَ الشمس وحَرَّها.

سلَمة عن الفرّاء يقال : هذا شهرُ رمضان ، وهما شهرَا ربيع ؛ ولا يُذكرُ الشهر مع سائر أسماءِ الشهور العربية ، يقال : هذا شعبانُ قد أَقْبَل.

وقال جل وعز : (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ) [البقرة : ١٨٥].

وقال أبو ذُؤيب :

به أبلَتْ شَهْرَيْ رَبيعٍ كليْهِما

فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرَارها

وقال مُدرِكٌ الكلابيّ فيما روى ابن الفَرَج : ارْتمزَتِ الفَرَسُ بالرّجُل ، وارتَمَضَتْ به ، أي : وثَبَتْ به.

مرض : قال الليث : المريضُ معروف ، والجميع المَرْضَى.

قال : والتمريض : حُسنُ القيام على المريض. يقال : مَرَّضتُ المريضَ تمريضاً : إذا قُمتَ عليه.

وتمرِيض الأمر : أن تُوَهِّنه ولا تُحْكمه.

ويقال : قلبٌ مرِيض من العداوة ومن النِّفاق.

قال الله تعالى : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) [البقرة : ١٠] ، أي : نِفاق.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أصل المَرَض النُّقْصان : بَدَنٌ مرِيض : ناقِصُ القوّة.

وقلبٌ مريض : ناقصُ الدِّين.

ومَرَّض فلانٌ في حاجتي : إذا نقصَتْ حركتُه فيها.

وأخبرَني المنذِرِيّ عن بعض أصحابه أنه قال : المَرَض : إظْلامُ الطبيعة واضطرابُها بعد صفائها واعتدالها.

قال : والمَرَض : الظُّلَمة.

وأنشد أبو العبّاس :

وليلةٍ مرِضَت من كل ناحية

فلا يضيءُ لها شمسٌ ولا قمر

قال : مَرِضَتْ ، أي : أظلَمَتْ ونقَص نُورُها.

٢٦

وقال أبو عُبيدة في قوله : (فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) معناه : شكٌّ ونِفاق.

قال : والمرَض في القَلْب يَصلُح لكلّ ما خَرج به الإنسانُ عَن الصحّة في الدِّين.

وقال الليث : المَراضَانِ : وادِيان مُلتقاهما واحدٌ.

قلت : المَراضان والمَرَايض : مواضع في ديار تميم بين كاظمة والنَّقِيرة فيها أحْساء ، وليست من باب المَرَض ، والميم فيها ميم مَفعَل ، من استراض الوادِي : إذا استنقع فيه الماء.

ويقال : أرض مريضةٌ : إذا ضاقت بأهلها ، وأرض مريضة : إذا كثُر بها الهَرْج والفِتن والقَتْل.

وقال أوسُ بن حَجَر :

ترَى الأرض مِنَّا بالفضاءِ مريضةً

مُعَضَّلةً مِنّا بجَمْع عَرَمْرَم

وليلةٌ مريضةٌ : مظلمة لا تُرى فيها كواكبُها.

وقال الراعي :

وطَخْياء من لَيلِ التَّمام مريضةٍ

أجَنّ العَماءُ نجمها فهو ماصِحُ

ورَأْيٌ مريضٌ : فيه انحراف عن الصواب ، قال الشاعر :

رأيتُ أبَا الوليد غَداةَ جَمْعٍ

به شَيْبٌ وما فَقَد الشَّبابَا

ولكنْ تحتَ ذاكَ الشَّيبِ حَزْمٌ

إذا ما ظَنَ أمرَض أو أصَابَا

أمرَضَ : أي : قارَبَ الصواب وإن لَم يُصِب كلَّ الصَّواب.

ويقال : أتيت فلاناً فأمرَضتُه : أي : وجدتُه مريضاً. وأمْرض بنو فلانٍ : إذا مَرِضتْ نَعَمُهُم فهم ممْرِضون.

مضر : قال الليث : لبنٌ مضيرٌ : شديد الحموضة. قال : ويقال : إن مُضَرَ كان مُولَعاً بشُرْبه فسمِّي به.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : الماضر : اللّبن الذي يَحذِي اللسان قبل أن يُدرك. وقد مَضر يَمضرُ مُضوراً ، وكذلك النبيذ.

قال : وقال أبو البَيْداء : اسم مُضَر مشتقٌّ منه.

وقيل : سُمِّي مُضَراً لبيَاض لونِه. من مَضِيرة الطَّبِيخ.

قلتُ : والمضِيرةُ عند العرب : أن يُطبَخ اللحمُ باللَّبن البَحْت الصَّريح ، الذي قد حَذَى اللسانَ حتى يَنضَج اللحمُ وتَخْثُر المَضيرة وربّما خَلَطُوا الحليبَ بالحَقِين للمَضِيرة ، وهي حينئذ أطيبُ ما تكون.

وقال الليثُ : يُقال : فلانٌ يتمَضَّر ، أي : يتعصّب لمُضَر.

أبو عُبَيْد عن الكسائيّ يقال : ذهب دمُه خَضِراً مَضِراً : إذا ذَهب هَدَراً.

وقال أبو سعيد : ذهب دمُه خِضْراً مِضْراً ،

٢٧

أي : هنيئاً مريئاً.

قال : والعرب تقول : مَضّرَ اللهُ لك الثناء ، أي : طيّبه ، وتُماضِرُ اسم امرأة.

ضمر : رُوي عن حُذيفة أنه قال في خطبته : اليومَ مِضْمارٌ ، وغداً السِّباق ، والسَّابقُ مَن سَبَقَ إلى الجنّة.

قال شَمِر : أراد اليومَ العمل في الدنيا للاسْتباق إلى الجنّة ؛ كالفَرس يُضَمَّر قبل أن يُسابَق عليه.

وقال الليث : الضُّمْرُ من الهُزال ولُحوق البَطْن والفعلُ ضَمَرَ يَضمُر ضُموراً.

وقَضيبٌ ضامر ، وقد انضَمَرَ : إذا ذَهب ماؤه.

قال : والمِضمار : موضعٌ تُضمَّر فيه الخيل ، وتَضمِيرها أن تُعْلَف قُوتاً بعد سِمَنها.

قلتُ : وقد يكون المِضمار وقتاً للأيام التي تُضمَّر فيها الخيلُ للسباق أو للرَّكْض إلى العَدُوّ ، وتضميرُها أن تُشدّ عليها سُروجُها ، وتُجَلَّلَ بالأجِلَّة حتى تعرَق تحتَها فيذهَب رَهَلُها ويشتدّ لحمها ، ويُحمل عليها غِلمانٌ خِفافٌ يُجرونها البردين ولا يُعَنِّفُون بها ، فإذا ضُمِّرَتْ واشتدّتْ لحومُها أُمِنَ عليها القَطْع عند حُضْرها ولم يَقْطَعْها الشَّدُّ ، فذلك التَّضْمير الّذي تعرفه العرب ، ويُسمونه مِضماراً وتَضْميراً.

وقال الليث : الضَمِرُ : الشيء الذي تُضمِره في ضمير قَلْبِك ، تقول : أضمرتُ صَرْف الحرف : إذا كان متحركاً فأسكَنْتَه.

قال : والضَّمْرُ من الرجال : المُهَضَّم البطن ، الخفيف الجسم. وامرأة ضَمْرة وقد تَضمَّر وجهُها : إذا انضمّتْ جلدتُه من الهزال.

ورُوِي عن عمر بن عبد العزيز أنّه كتب إلى مَيْمون بن مِهران في مَظالم كانت في بيت المال أن يردَّها على أربابِها ولا يأخذ منها زكاةَ عامها ، فإنّه كان مالاً ضِماراً.

قال أبو عُبيد : الضِّمارُ : هو الغائب الذي يُرْجَى ، فإذا رُجِيَ فليس بِضمار ؛ وقال الراعي :

طلَبْن مَزَارَه فأَصبْن منه

عطاءً لَم يكن عِدَةً ضِمارَا

وقال الأعشى :

أرَانا إذا أَضْمَرَتْكَ البِلَا

دُ تُجْفَى وتُقْطَع مِنّا الرَّحِمْ

أراد : إذا غيّبتْك البلادُ.

وقال الليث : الضِّمارُ من العِداتِ ما كان ذا تَسْويف ، وأنشد بيتَ الراعي.

قال : واللؤلُؤ المضطمِر : الذي فيه بعض الانضماد ، وأنشد قولَ الشاعر :

٢٨

تلأْلأَتِ الثُّرَيَّا فاستنارتْ

تلألُؤَ لؤلؤٍ فيه اضطِمارُ

قال : والضُمْران من دِقّ الشجر.

قلت : ليس الضُّمْران من دِقّ الشجر وله هَدَبٌ كهَدَب الأرْطَى. ومنه قولُ عُمَر بن لَجأ :

تحْسِبْ مُجْتَلّ الإماءِ الخُدَّم

من هَدَبِ الضُّمْران لم يحطَّمِ

وقال الأصمعي فيما رَوَى ابن السكّيت له أنه قال في قول النابغة :

* فهابَ ضُمران منهُ حيثُ يُوزِعُهُ*

قال : ورواه أبو عُبيدة صُمْرَانُ ، وهو اسم كَلْبٍ في الروايتين معاً.

وقال الليث : الضَّيْمُران والضَّوْمَران : نوعٌ من الرياحين.

وقال الأصمعي : الضَمِيرة والضَّفِيرةُ : الغَدِيرةُ من ذَوائب الرَّأْس ، وجمعها ضمائر.

وقال الفرّاء : ذهبوا بِمَالِي ضِماراً مثل قِماراً ؛ قال : وهو النَّسِيئةُ أيضاً.

قال : والتَّضْمير : حُسْنُ ضَفْر الضَّمِيرة وحُسْنُ دَهْنِها.

أبواب الضاد واللّام

ض ل ن

استعمل من وجوهها : [نضل].

نضل : قال الليث : يقال : نَضَل فلانٌ فلاناً : إذا فَضلَه في مُراماة فَغَلبه. وخرجَ القومُ يَنْتَضِلون : إذا استَبقوا في رَمْي الأَغْراض.

وفلان نَضِيلِي : وهو الذي يُرَامِيه ويُسابِقه.

ويقال : فلانٌ يُناضِل عن فلان : إذا نضح عنه ودافَع. والمُناضَلةُ : المفاخَرةُ.

قال الطّرِمَّاح :

مَلِكٌ تَدِينُ له المُلو

ك ولا يُجاثيه المُناضِل

وانتَضَل القومُ : إذا تَفاخَروا. وقال لَبيد :

فانتضَلْنَا وابنُ سَلْمَى قاعِدٌ

كعَتيق الطَّيْرِ يغْضَى ويُحَلُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : النضَلُ والتّبديدُ : التَّعَبُ. وقد نَضِل ينضَل نضَلاً.

وتَنضّلتُ الشيءَ : إذا استخرجته.

أبو عُبيد عن الفرّاء : تنضّلتُ منهم نَضْلةً ، واجْتَلْتُ منهم جَوْلاً ، معناه : الاختيار.

أبو عُبيد عن أبي عُبيدة : تَنَضَّلْتُ الشيءَ أخرجتُه.

ض ل ف

استعمل من وجوهه : [فضل].

فضل : قال الليث : الفضلُ معروف.

والفاضِلَةُ : الاسم. والفِضَال : اسمٌ للتفاضُل. والفُضالة : ما فَضَل من شيء.

والفَضْلةُ : البقيّةُ من كل شيء.

والفَضِيلةُ : الدرجةُ الرفيعة في الفَضْل.

٢٩

والتّفَضُّلُ : التطول على غيرِك.

وقال الله جلّ وعزَّ : (يُرِيدُ أَنْ يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ) [المؤمنون : ٢٤] ، معناه : يريد أن يكون له الفضلُ عليكم في القَدْر والمَنزِلة ، وليس من التفضُّل الذي هو بمعنى الإفضال والتطوُّل.

وقال الليث : التفضُّل : التَّوَشُّح. ورجلٌ فُضُلٌ ومتفضِّل. وامرأة فُضلٌ ومتفضِّلة.

وعليها ثوبٌ فُضل وهي أن تُخالِف بين طرفيه على عاتِقها وتتوشّح به.

أبو عبيد عن أبي زيد : فلانٌ حَسَنُ الفِضْلة ، من التفضّل بالثوب الواحد.

قال الأصمعي : امرأة فُضلٌ في ثوبٍ واحد.

وقال الليث : الفِضالُ : الثوبُ الواحدُ يتفضَّل به الرجُل يَلبَسُه في بيته. وأنشد :

وأَلْقِ فِضَالَ الوَهْنِ عنك بوَثْبَةٍ

حَوارِيةٍ قد طالَ هذا التفضُّلُ

قال : وأفضلَ الرجُل على فلان : أنالَه من فضله وأحسَنَ إليه.

وأفضَل فلانٌ من الطعام وغيره : إذا تركَ منه شيئاً ورجلٌ مِفضالٌ : كثيرُ الخير والمعروف.

ويقال : فَضَلَ فلانٌ على فلان : إذا غَلَب عليه. وفَضَلْتُ الرجَل : غلبتُه. وأنشد :

شِمالُك تَفْضُل الأَيمان إلّا

يَمينَ أبيكَ نائِلُها الغَزِيرُ

ابن السكيت : فَضِل الشيء يَفضَل ، وفَضَل يَفضُل.

قال : وقال أبو عُبيدة : فضِل منه شيء قليل ؛ فإِذا قالوا يَفضُل ضموا الضاد فأَعادُوها إلى الأصل. قال : وليس في الكلام حَرْفٌ من السالم يُشبه هذا.

قال : وزعم بعض النحويين أنه يقال : حَضِرَ القاضي امرأَةٌ ، ثم يقولون : يَحضُر.

وقال غيره : فواضِلُ المال : ما يأتيك من مَرافِقه وغَلّته.

والعرب تقول : إذا عَزَب المال قلّت فَواضِلهُ ، يقول : إذا بعُدت الضَّيْعَةُ قلّت مرافِقُ صاحبها منها ، وكذلك الإبل إذا عَزَبتْ قلَّ انتفاع رَبِّها بدَرِّها.

وقال الشاعر :

سَأَبْغِيكَ مالاً بالمدينة إِنني

أَرى عازِبَ الأموال قلَّتْ فَواضِلُهْ

والعربُ تسمِّي الخَمر فِضَالاً.

ومنه قولُ الأعشى :

والشارِبون إِذا الذِّوارعُ أُغْلِبَتْ

صَفْوَ الفِضَال بطارفٍ وتِلادِ

وفُضُولُ الغنائم : ما فَضَل من القَسْم منها.

وقال ابن عَنمةَ :

٣٠

لَكَ المِرْباعُ منها والصَّفايا

وحُكْمُكَ والنَّشيطةُ والفُضولُ

وفَضَلاتُ الماء : بقاياه.

والتفاضُل بين القوم : أن يكون بعضُهم أفضلَ من بعض.

ورجلٌ فاضِلٌ : ذو فُضْلٍ. ورجل مَفْضول : قد فَضَلَه غيرُه.

وقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «شهِدتُ في دار عبدِ الله بن جُدْعانَ حِلْفاً لو دُعِيتُ إلى مِثلِه في الإسلام لأجبْتُ» يعني حِلْفَ الفُضول.

وسُمِّيَ حِلْفَ الفُضول لأنّه قام به رجالٌ يقال لهم : الفَضلُ بن الحارث ، والفضلُ بنُ وَدَاعة والفُضَيْلُ بن فَضالة ؛ فقيل : حِلْف الفضول جَمْعاً لأسماء هؤلاء.

والفُضُولُ جمعُ فَضْل ، كما يقال : سَعْد وسُعود ، وكان عَقَدهُ المُطَيَّبُون وهم خمس قبائل ، وقد ذكرتُها في باب الحِلْفِ من كتاب الحاء.

أبو عبيد عن أبي زيد : المِفْضَلُ : الثوْبُ الذي تتفضَّل به المرأة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للخياط : القَرَارِيّ والفُضُوليّ ، ويقال : فُضِّل فلانٌ على غيره : إذا غُلِبَ بالفَضْل على غيره.

والفَضْلتان : فَضْلَةُ الماءِ في المزاد ، وفَضْلَة الخَمر في الرِّكوة.

ض ل ب

أهمله الليث.

[ضأبل] : وذكر أبو عُبيد عن الأصمعي في باب الدواهي. جاء فلان بالضَّئبِل والنِّئطِل ، وهما الداهية ، وقال الكميت :

أَلَا يَفزَع الأقوامُ ممّا أَظلَّهمْ

ولمّا تَجِئْهُمْ ذاتُ وَدْقَيْنِ ضِئْبِلُ

وإن كانت الهمزةُ أصليَّة فالكلمة رباعيّة.

ض ل م

ضمل ، لضم : [مستعملة].

لضم : قال الليث : اللَّضْمُ : العُنْف والإلحاحُ على الرّجل. يقال : لضَمْته أُلْضِمُه لَضْماً ، أي : عَنُفْتُ عليه وأَلْحَمْتُ. وأنشد :

مَنَنْتَ بنائلٍ ولَضَمْتَ أُخْرَى

برَدٍّ ما كذَا فِعْلُ الكِرامِ

قلتُ : ولا أَعرِف اللَّضْمَ ولا هذا الشِّعر ، وهو مُنْكر.

ضمل : أهمله الليث.

ورَوَى عمْرو عن أبيه أنه قال : الضَّمِيلة : المرأةُ الزَّمِنَةُ.

قال : وخَطَب رجلٌ إلى معاويةَ بنتاً له عَرْجاء ، فقال : إنها ضَمِيلة ، فقال : إني أردتُ أن أتشرَّف بمصاهَرَتِك ، لا أُرِيدها للسِّباق في الْحَلبة ، فزَوَّجَه إيّاها.

أبواب الضاد والنون

ض ن ف

ضفن ، نضف ، نفض : مستعملة.

٣١

نضف : أبو تراب عن الحُصَيْنِيّ قال : أنضفَت الناقة وأوضَفَت : إذا خَبَّتْ.

وأَوْضَفْتُها فوضَفَت : إذا فعلت.

وقال الليث : النَّضَفُ : هو الصَعْتَر ، الواحدة نَضَفَة ، وأَنشَد :

ظَلَّا بأَقْرِية التُّفّاحِ يَوْمَهُما

يُنبِّشان أصولَ المَغْدِ والنَّضَفَا

أبو العباس عن ابن الأعرابي : أنضفَ الرجلُ : إذا دام على أَكْل النَّضَف ، وهو الصَّعْتَر. قال : ومرّ بنا قومٌ نَضِفُون نَجِسُون ؛ بمعنى واحد.

أبو عُبَيد عن الفرّاء : نَضَف الفصيلُ ضَرْعَ أمّه يَنْضِفُه ويَنْضُفُه وانتَضَفَه : إذا شَرِب جميعَ ما فيه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : النَّضَف : إبداءُ الحُصَاص.

وقال غيرُه : رجلٌ ناضفٌ ومِنْضف ، وخاضِفٌ ومِخْضَفٌ : إذا كان ضرّاطاً.

وأنشد :

* وأين موالينا الضّفافُ المنَاضِفُ *

ضفن : أبو عُبيد عن أبي زيد : ضَفنت إلى القوم أضْفِن ضَفْناً : إذا أتيتهم حتى تجلس إليهم.

وضَفَن الرجلُ بغائطه يَضفِن ضفناً : إذا تغوط.

وقال ابن الأعرابي : الضَّفْن : إبداء العاذر.

وقال أبو زيد : ضَفَنْتُ مع الضَّيف أضفِن ضَفْناً : إذا جئتَ معه ، وهو الضَّيْفَن ، وأَنشَد :

إذا جاء ضيفٌ جاء للضَّيفِ ضَيْفَنٌ

فأوْدَى بما يُقْرَى الضُّيوف الضيَّافِنُ

وقال شَمِر : الضَّفْنُ : ضَمُّ الرجلِ ضرعَ الشاة حين يَحلُبها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ضَفَنوا عليه : مالُوا عليه واعتمدوه بالجوْرِ. وضَفَنْتُ إليه : إذا تَرَعْتَ إليه وأردتَه.

وقال أبو زيد : ضَفَن الرجلُ المرأةَ ضَفْناً : إذا نَكَحها. قال : وأصلُ الضَّفْن أن يضمّ بيَدِه ضَرْعَ الناقة حين تَحلُبها.

وقال الليث : الضَّفْنُ : ضَرْبُك بظَهْرِ قَدَمِك استَ الشَّاة ونحوِها. قال : والاضطِفانُ : أن تَضرِب به استَ نفسِك.

أبو عُبيد عن الفرّاء قال : إذا كان الرجل أحمقَ وكان مع ذلك كثيرَ اللَّحْم ثقيلاً قيل : هو ضِفْنٌ وضَفَنْدَد.

وقال ابن الأعرابي : هو الضِّفِنُ والضَّفنّ.

وقال الليث : امرأة ضِفَنّةٌ : إذا كانت رِخوةً ضخمة.

نفض : أبو العبَّاس عن ابن الأعرابي : النَّفْضُ : التحريكُ. والنَّفْضُ : تَبَصُّر الطّريق. والنَّفْضُ : القراءة ، ويقال : فلان

٣٢

يَنفُض القرآنَ كلَّه ظاهراً ، أي : يقرؤه.

قال : والنَفَضَى : الحَرَكة. ويقال : أخذتْه حُمَّى نافِضٍ ، وحُمَّى بنافِض ، وحمَّى نافِضٌ.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : إذا كانت الحمّى نافِضاً قيل : نفضَتْه فهو منفوض.

وقال ابن الأعرابيّ : النِّفْضُ خُرْء النَّحْل.

قال : والنُّفَاضُ : الجَدْبُ ، ومنه قولُهم النُّفاض يُقطِّر الجَلَب. يقول : إذا أجدَبُوا جَلَبوا الإبلَ قِطاراً قِطاراً.

والإنفاضُ : المجَاعةُ والحاجة. ويقال : نفَضْنا حَلَائِبَنَا نَفْضاً ، واستنفَضْناها استِنْفاضاً ، وذلك إذا استقصَوْا عليها في حَلبها فلم يَدعُوا في ضُروعها شيئاً من اللَّبن ، وقال ذو الرُّمّة :

كِلَا كَفْأَتَيْها تُنْفِضان ولم يَجِد

له ثِيلَ سَقْب في النِّتاجَيْن لامِسُ

ويروى تُنْفَضان ، ومعناه : تُسْتَبْرآن ، مِن قولِك : نفضْتُ المكانَ : إذا نظرتَ إلى جميع ما فيه حتى تعرفَه.

وقال زهيرٌ يصف بقرةً فقدتْ ولدَها :

وتَنفُض عنها غَيْبَ كلِّ خَميلَةٍ

وتَخشَى رُماةَ الغَوْث من كلِّ مَرْصَدِ

ومن رواه تَنْفَضان أو تُنْفِضان فمعناه : أَنّ كلّ واحدةً من الكَفْأَتين تُلقِي ما في بطونها من أجِنّتها فتوجَد إناثاً ليس فيها ذكر. أراد أنها كلَّها مآنِيثُ تُنْتِج الإناثَ وليست بمَذاكيرَ تلدِ الذُّكْران.

واستِنْفاضُ البائِلِ ذكَرَه وانتِفاضه : استبراؤه ممّا فيه من بقيّة البَوْل.

وقال الليث : يقال : استنفَضَ ما عندَه ، أي : استخرَجَه ؛ وقال رُؤبة :

* صَرَّحَ مَدْحِي لك واستِنفاضِي *

ابن السكّيت قال : النَّفِيضة : الذين يَنفُضون الطَريق. وقالت الجهنية فيه :

يَرِدُ المياهُ حَضيرةً ونَفِيضةً

وِرْدَ القَطاةِ إذا اسمألَّ التُّبَّعُ

سَلَمة عن الفرّاء قال : حضِيرة الناس هي الجماعةُ. قال : ونَفِيضتُهم هي الجماعة.

شَمِر عن ابن الأعرابيّ : حَضِيرَةٌ يَحضُرها الناس ، ونَفِيضَةٌ ليس عليها أحد.

وقال الليث : النَّفَضةُ : قوم يُبعَثون يَنفُضون الأرضَ ، هل بها عدوّ أَو خوف.

الحرّاني عن ابن السكّيت قال : النَّفْض : مصدرُ نَفضتَ الثوبَ نَفْضاً. والنَّفَض : ما وَقَع من الشيء إذا نفضْتَه. ونَفَضُ العِضاةِ : خَبْطُها ، وما طاحَ من حَمْل الشجرة فهو نَفَض.

وقال الليث : النَّفَض : من قُضْبان الكَرْم بعد ما ينضُرُ الوَرَقُ وقبلَ أن يَتعلَّق حَوالِقُه وهو أغَضُّ ما يكون وأرخَصُه ؛ وقد انتَفَض الكَرْمُ عند ذلك ، والواحدةُ نَفْضَة جزم وتقول : أنفضَتْ جُلَّة التَّمْر : إذا أنفضت فيها من التمر.

٣٣

والنَّفْض : أن تأخذَ بيَدِك شيئاً فتنفُضَه تزَعْزِعُه وتُتَرْتِرَه وتَنفض الترابَ عنه. قال : ونَفَض الشجرة حين تَنتَفِضُ ثَمرتُها.

والنفَض : ما تَساقَط من غير نَفْض في أُصول الشَّجَر مِن أنواع الثمر.

قال : ونُفُوضُ الأَمْر : راشانُها ، وهي فارسيَّة ، إنما هي أَشرافُها.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : النِّفاض : إزَارٌ منْ أُزُر الصِّبْيان ، وأنشد :

* جارِيةٌ بيضاءُ في نِفَاضِ *

قال شَمِر : قال ابن شُميل : إذا لُبس الثوبُ الأحمرُ أو الأصفرُ فذهب بعضُ لونِه قيل : قد نَفَضَ صِبْغُه نَفْضاً.

وقال ذو الرُّمَّة :

كسَاكَ الذي يَكْسُو المكَارِمَ حُلَّةً

من المجد لا تَبلَى بَطيئاً نُفُوضُها

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : النُّفَاضةُ : ضُوازَةُ السِّواك ونُفاثتُه.

وقال ابن شُميل : قومٌ نَفَضٌ ، أي : نَفَضُوا زادَهم. وأنفَضَ القومُ : إذا فَنِيَ زادُهم.

ض ن ب

نضب ، نبض ، ضبن : مستعملة.

نضب : الليث : نضَب الماءُ يَنضُب نُضُوباً : إذا ذَهب في الأرض.

ونَضَب الدَّبَرُ : إذا اشتَدّ أثَرُهُ في الظَّهر : ونَضَبتِ المفازةُ : إذا بَعُدَتْ.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : الناضبُ : البعيدُ ، ومنه قيل للماء إذا ذَهَبَ : نَضَب ، أي : بَعُدَ.

وقال أبو زيد : إنّ فُلاناً لنَاضِبُ الخَيْر ، أي : قليلُ الخير ، وقد نَضَب خيرُه نُضوباً ، وأنشد :

إذا رَأَيْن غَفْلةً من راقِبِ

يُومِين بالأعْيُنِ والحَواجِبِ

* إيماءَ بَرْقٍ في عَماءٍ ناضِبِ *

أبو عُبيد : ومن الأشجار التَّنَضُبُ ، واحدتُها تَنْضُبَته.

قلتُ : هي شجرة ضَخْمةُ يقطَع منها العَمَد للأَخْبِية.

وقال شَمِر : نَضَّبَتِ الناقَةُ ، وتَنْضِيبُها : قِلَّةُ لَبَنِها ، وطولُ فُواقِها وبِطَاءُ دِرَّتِها.

نبض : أبو عبيد عن أبي عمرو : أنْبَضْتُ القوسَ وأنضَبْتُها : إذا جذبتَ وتَرَها لتُصوِّت.

قلت : وهذا من المقلوب.

وقال الليث : نبضَ العِرْقُ يَنبِضُ نَبَضاناً ، وهو تحرُّكُه ؛ وربما أنبضَتْه الحُمَّى وغيرُها من الأمْراض.

ومَنْبِضُ القَلْب : حيث تراه يَنبِض ، وحيث تجد هَمْسَ نَبضاتِه.

قال : والنابض : اسم للغَضَب.

وقال النابغة في إنباض القِسِيّ :

٣٤

أنْبَضوا مَعْجِس القِسِيِّ وأَبرَقْ

نا كما تُوعِد الفُحولُ الفُحُولا

أبو عبيد عن الأحمر : ما له حَبَضٌ ولا نَبَض ، أي : ما يتحرّك.

وقال الأصمعي : النَّبْضُ : التحرّك ، ولا أعرف الحَبَض.

وقال الليث : المَنَابض : المنادف ، وهي المحابض ، وأنشد :

لُغامٌ على الخَيْشُوم بعد هِبابه

كمحلوجِ عُطْبٍ طيّرته المنابضُ

قال : والواحد منها مِنْبَض ومِحْبَض.

ضبن : قال الليث : الضِّبْنُ : ما تحت الإبْطِ والكَشْح.

وتقول : اضْطَبنْتُ شيئاً ، أي : حَمَلْتُه في ضِبْنِي ، ورُبَّما أَخذَه بيد فرفعه إلى فُوَيْق سُرّته. قال : فأوّلُه الإبْط ، ثم الضَّبْن ، ثم الحَضْنُ ، وأنشد :

لمّا تَغَلَّق عنه قَيْضُ بَيْضَتِه

آوَاه في ضِبْنِ مَطْنِيِّ به نَصَبُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : ضُبْنَةُ الرَّجُل وضَبْنَتُه وضَبِنَته : خاصَّتُه وبطانَته وزافِرَتُه ، وكذلك ظاهِرَتُه وظِهَارَتُه.

وقال غيره : ضِبْنةُ الرجل : عِيالُه.

وقال اللِّحياني : يقال : ضَبَنْتَ عنّا الهَدِيَّة ، أو ما كان من معروف ، نَضْبِن ضَبْناً ، قال : وقال الأصمعي : ضَبَنَتْ تَضْبِنُ ضَبْناً وخَضَنَتْ تخضِن خَضْناً كلُّه بمعنى واحد : إذا كفَفْتَ وصَرَفْتَ.

عن الفراء قال : نحن في ضبينه وفي حريمه وظله وذمته وخضارته وحضره وذراه وحشاه وكنفه ، كله بمعنى واحد.

وفي «النَّوَادر» : ماءٌ ضَبْنٌ ومَضْبونٌ ، ولَزْنٌ ومَلْزُون ، ولَزِنٌ وضَبِنٌ : إذا كان مَشْفُوهاً كثير الورد لا فَضْلَ فيه.

وقال الليث : الضَّوْبانُ : الحَمَل المُسِنّ القوِيُّ. ومنهم من يقول : ضُوْبان ، بضمّ الضاد.

وقال الشاعر :

تقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخضرّ نابُه

فلا ناضِحِي وانٍ ولا القَرْبُ شَوّلا

قلت : من قال : ضَوْباناً ، احتَمَل أن تكون النون لامَ الفِعل ، ويكون على مثال فَوْعال ، ومن جعله فُعْلاناً جعله من ضابَ يَضُوب.

ض ن م

ضمن ، نضم : [مستعملان].

أهملَ الليث : نضم.

نضم : أبو العباس عن عمرو عن أبيه أنه قال : النَّضْمُ : الْحِنطةُ الحادِرة السَّمينة ، واحدتُها نَضْمة ، وهو صحيح.

ضمن : ثعلب عن سلمة عن الفراء : ضَمِنتْ يدُه ضمانةً ، بمنزلة الزمانة. ورجل

٣٥

مضمون اليد : مثل مخبول اليد. وقوم ضَمْنى : أي زمنى.

أبو العبّاس عن ابن الأعرابي : فلانٌ ضامِنٌ وضَمِين ، وكافِلٌ وكَفيل. ومِثْلُها سامِنٌ وسَمِين ، وناضِر ونَضِيرٌ ، وشاهِدٌ وشَهِيد.

ويقال : ضَمِنْتُ الشيءَ أضمَنُه ضَماناً ، فأنا ضامنٌ وهو مَضْمون.

وفي حديث عبد الله بن عُمَر : «ومَن اكتَتَب ضَمِناً بعثَه الله ضَمِناً يومَ القيامة».

قال أبو عُبيد : قال أبو عَمْرو والأحمر : الضَّمِن الذي به زَمَانَةٌ في جَسَده ، من بَلاءٍ أوْ كَسْر أو غيرِه ، وأنشد :

ما خِلْتُني زِلْتُ بعدَكمْ ضَمِناً

أشْكُو إليكمْ حُمُوَّةَ الأَلَمِ

قال : والاسمُ الضَمَن والضَّمَان.

وقال ابن أحمر :

ليكَ إله الخَلْقِ أرفَعُ رَغْبتي

عِيَاذاً وخوفاً أن تُطيلَ ضمَانِيَا

وكان قد أصابه بعضُ ذلك ، فالضَّمان هو الدّاء نفسُه.

ومعنى الحديث : أن يكتبَ الرجلُ أنّ به زَمانةً ليتخلّف عن الغَزْو ولا زَمانةً به ، وإنما يَفعل ذلك اعتلالاً. ومعنى يكتب يسأل أن يُكتَب في جُمْلة الزّمْنَى ولا يُندَب للجهاد ، وإذا أَخَذ خَطّاً من أميرِ جُنْده فقد اكتتبه.

وفي الحديث : «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم نَهَى عن بَيْع المَلاقيح والمضامين».

وقد مرّ تفسير الملاقيح.

وأما المضامينُ فإن أبا عُبَيد قال : هي ما في أَصْلاب الفُحول. وأنشد غيره في ذلك :

إن المَضامِين التي في الصُّلْبِ

ماءُ الفُحُولِ في الظُّهورِ الحُدْبِ

ثعلب عن ابن الأعرابي يقال : ما أَغنَى فلانٌ عنّي ضِمْناً ، وهي الشِّسْع ، أي : ما أَغْنَى عنّي شيئاً ولا قَدْرَ شِسْع.

وفي كتاب النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم لأُكَيْدِرَ دُومَةِ الجَنْدَلِ : «إنّ لنا الضّاحيَةَ من الضَّحْل والبُودَ والمَعَامِيَ ، ولكم الضامِنَةُ من النَّخل والمَعِين».

قال أبو عُبيد : الضّاحِية من الضَّحْل : ما ظهر وبَرَز وكان خالصاً من العِمارة.

والضّامنة من النَّخْل : ما كان داخلاً في العِمارة.

قلت : سمّيتْ ضامِنةً لأن أربابها ضَمِنوا عمارتَها ، فهي ذاتُ ضَمان ، كما قال الله جلّ وعزَّ : (فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) [الحاقة : ٢١] ، أي : ذات رِضاً.

وفي حديث آخر : «من ماتَ في سبيل الله فهو ضامِنٌ على الله»، أي : هو ذو ضَمان

٣٦

على الله. وهذا مَذهَب سيبويه والخليل.

وقال الليث : كلّ شيء أُحْرِزَ فيه شيءٌ فقد ضُمِّنه. وأنشد :

* ليس لِمَن ضُمِّنَه تَرْبِيتُ*

أي : ليس للّذي يُدفَن في القبر تَرْبِيتٌ ، أي : لا يُرَبّيه القَبْر.

وقال الليث : المضمَّن من الشِّعر : ما لم يتمَّ معاني قَوافيه إلا بالبيت الّذي يليه ، كقول الراجز :

يا ذَا الذي في الحُبِّ يَلْحَى أمَا

واللهِ لو عُلِّقْتَ منه كَما

عُلِّقْتُ من حُبِّ رَخِيمٍ لما

قال : وهي أيضاً مشطورةٌ مضمَّنة ، أي : أُلقِيَ من كلّ بيت نِصفٌ ، وبُنِي على نِصف.

قال : وكذلك المضمَّن للأصوات أن تقول للإنسان : قِفْ قُلَى ، بإشمام اللام إلى الحركة.

ورُوِي عن عِكرِمة أنه قال : لا تَشترِ لبَن الغَنم والبقرِ مُضمَّناً ، لأن اللّبن يزيدُ في الضَّرْع ويَنقُص ، ولكن اشتره كَيْلاً مُسمًّى.

وقال شَمِر : قال أبو معاذ : يقول : لا تَشتَرِه وهو في الضَّرْع. يقال : شَرابُك مُضمّن : إذا كان في كُوز أو إناء.

أبو زيد : يقال : فلان ضَمِنٌ على أصْحابه وكلٌّ عليهم ، وهما واحد. وإنّي لَفِي غَفَلٍ عن هذا وغُفُول وغَفْلة ، بمعنًى واحدٍ.

[أبواب : ض ف ب ـ ض ف م ـ ض ب م : مهملة](١).

__________________

(١) أهملها الليث. وانظر «العين» (٧ / ٥٠.

٣٧

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

أبواب الثلاثي المعتل من حرف الضاد

ض ص ـ ض س ـ ض ز :

أهملها الليث كلُّها.

وقد جاء الضاد والسين والضاد والزاي في المعتلّ مستعملين.

[ض س ـ ض ز (وا يء)]

فأمّا الضّادُ والسِّين فإن المُنْذِرِيَّ أخبرَني عن الطُّوشيّ عن أبي جعفر الخرّاز عن ابن الأعرابي أنه قال : [ضوز ـ ضيس] : الضَّوْزُ : لَوْكُ الشيء.

والضَّوْسُ : أكلُ الطَّعام ، وأما الضّاد والزّايُ فإن الله جلّ وعزّ قال في كتابه : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢)) [النجم : ٢٢].

وروَى المفضّل بن سَلَمة عن أبيه عن الفرّاء أنه قال في قوله : (قِسْمَةٌ ضِيزى) ، أي : جائرة.

قال : والقُرّاء جميعُهم على ترك همز : ضِيزى.

قال : ومن العرب من يقول : ضِيزَى ولا يَهمِز. وبعضُهم يقول : ضِئْزَى وضُؤْزَى ، بالهمز ، ولم يَقْرَأ بها أحد نعلمه.

قال : وضِيزَى فُعْلَى ، وإن رأيتَ أوَّلَها مكسوراً ، وهي مِثْلُ بِيض وعِين ، كان أوَّلُها مضموماً فكَرِهوا أن يُترَك على ضَمِّه ، فيقال : بُوضٌ وعُونٌ ، والواحدةُ بَيْضَاءُ وعَيْناءُ ، فكسَروا أولها لتكون بالياء ، ويتألّف الجمع والأثنان والواحد.

وكذلك كرهوا أن يقولوا : ضُوزَى ، فتصير بالواو وهي من الياء. وإنما قضيتُ على أوّلها بالضم ، لأنَّ النُّعوت للمؤنث تأتي إمّا بفَتْح وإمَّا بضم ، فالمَفْتُوح مِثْل سَكْرَى وعَطْشَى ، والمضموم مِثل الأُنثى والحُبلَى. وإذا كان اسماً ليس بنعتٍ كَسَرُوا أوَّله كالذِّكرى والشِّعرى.

وقال ابن الأعرابي : يقال : ما أغنى عَنّي ضَوْزَ سِوَاك ، وأَنشَد :

تعَلَّمَا يا أَيُّها العَجُوزَانْ

ما ههُنا ما كنْتُما تَضُوزان

* فروِّزَا الأمرَ الذي تَرُوزَان*

٣٨

وأخبرني الحَرَّاني عن ابن السكيت :

يقال : ضِزْتُه حَقَّه ، أي : نقَصَتْهُ. قال : وأفادني ابن اليزيديّ عن أبي زيد في قوله جلّ وعزّ : (تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى (٢٢)).

قال : جائرة ؛ يقال : ضاز يَضِيزُ ضَيْزاً ، وأَنشد :

إذا ضازَ عَنَّا حَقَّنا في غَنيمةٍ

تقنَّعَ جارَانَا فلَم يتَرَمْرَما

قال : وضأَزَ يَضْأَزُ مِثلُه. وأنشد أبو زيد :

إن تَنْأَ عنَّا نَنتَقِصْك وإنْ تُقِم

فحظُّكَ مَضْؤوزٌ وأنفُكَ راغِمُ

وقال أبو الهيثم : ضِزْتُ فلاناً أضيزُ ضَيْزاً : جُرْتُ عليه.

وقال ابن الأعرابي : تقول العرب : قسمةٌ ضُؤْزَى (بالضمّ والهمز) وضُوزَى (بالضم بلا همز) وضِئْزَى (بالكسر والهمز) وضِيزَى (بالكسر وترك الهمز). قال : ومعناها كُّلها الجَوْرُ ؛ روى ذلك كله عنه أبو العباس أحمد بن يحيى.

ورَوَى سَلَمة عن الفرَّاء قال : الضُّوَازة : شظيّةٌ مِنَ السِّواك.

قلتُ : ضازَ يَضُوز : إذا أَكَلَ. وضازَ يَضِيز : إذا جارَ.

ض ط (وا يء)

أهملَه الليث.

[ضوط ـ ضيط] : وقال أبو زيد في «النوادر» : ضاطَ الرجلُ في مَشْيه فهو يَضيِطُ ضَيَطاناً ، وحاكَ يَحِيكُ حَيَكاناً : إذا حَرّك مَنْكِبَيه وجَسَدَه حين يمشي ، وهو الكثير اللَّحم الرِّخْوُ.

وأقرأَني الإيادَيُّ لشَمِر عن أبي عبيد عن أبي زيد : الضَّيَطانُ أن يُحَرِّك مَنْكِبَيه حين يمشي مع كثرةِ لَحْمٍ. ثم أَقرأَنيه المنذريُّ عن أبي الهيثم : الضَّيَكَان بالكاف بدل الطَّاء فإذاً هُما لُغَتان بمعنًى واحد.

الحرّاني عن ابن السكّيت عن الكلابيّ :

الضَّوِيطَةُ : الْحَمْأَةُ والطين.

وروى ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال للحَيْس : ضَوِيطَةُ.

وقال غيرُه : رَجل ضَوِيطةٌ أحمقُ ، وأنشد :

أَيَردُّني ذاكَ الضَّوِيطَةُ عن هَوَى

نفسِي ويَفعلُ غيرَ فِعل العاقِلِ

وسمعتُ أبا حمزة يقول : يقال : أَضْوَط الزِّيارَ على الفَرَس ، أي : زَيَّرَهُ به.

وقال الفراء : إذا عُجِن العجينُ رقيقاً فهو الضَّوِيطة ، والوَرِيخَةُ. وفي فمه ضَوَط ، أي : عَوَج.

ض د (وا يء)

استُعمل منه : [ضأد ، رأض ، ضود].

أبو عُبَيد عن أبي زيد : الضُؤْدَةُ : الزُّكام ، وقد ضُئدَ فهو مَضْئود. وأضأَده الله ، أي : أَزْكَمه.

٣٩

وقال الليث : هو الضُؤاد ، وقد ضُئِد : إذا زُكِم.

دأض : أهمَلَه اللّيث ؛ وأَنشَد الباهليّ :

وقد فَدَى أعناقَهُنّ المَحْصُن

والدَّأْضُ حتى لا يكون غَرْضُ

قال : ويقول : فَدَاهُنّ ألبانُهن من أن يُنْحَرْن ، قال : والغَرْضُ : أن يكون في جُلودها نقصان.

قال : والدَّأَضُ والدَّأَصُ ـ بالضاد والصاد ـ : ألّا يكون في جلودها نقصان.

وقد دَئِضَ يَدْأَض دَأَضاً ، ودَئَصَ يَدْأَصُ دَأَصاً.

قلتُ : ورواه أبو زيد بالظاء فقال : * والدَّأْظُ حتى لا يكون غَرْضُ*

وكذلك أقرأَنِيه المُنذرِيّ عن أبي الهيْثم ، وفسّره فقال : الدَّأْظ : السِّمَنُ والامتلاء.

يقول : لا يُنْحَرْنَ نَفاسةً بهنّ لسِمَنِهِنّ وحُسنهن.

[ضود] : ثعلب عن ابن الأعرابي : الضَّوادِي : الفُحْش.

وقال ابن بُزُرْج : يقال : ضادَى فلانٌ فلاناً ، وضادَّه بمعنًى واحد. وإنه لصاحبُ ضَدًى ـ مِثل قَفاً ـ من المُضادّة ، أخرجه من التضعيف.

ض ت ـ ض ظ ـ ض ذ ـ ض ث : أهملت مع حروف العلّة.

باب الضاد والزاء

ض ر (وا يء)

ضَرَا ، (ضَرِي) ، وضر ، رضي ، روض ، ريض ، أرض ، ورض ، ضور ، ضير.

ضرا : الأصمعيّ : ضَرَا العِرْقُ يَضْرُو ضَرْواً : إذا اهتزّ ونَفَرَ بالدّم.

وقال العجَّاج :

* مِمّا ضَرَا العِرْقُ به الضَّرِيُ *

ثعلب عن ابن الأعرابي : ضَرَى يَضرِي : إذا سال وجَرَى.

قال : ونَهَى عليّ رضي‌الله‌عنه عن الشُّرب في الإناء الضّارِي.

قال : ومعناه : السائل ، لأنه يُنقص الشُرْب. قال : وضَرِيَ النَّبيذُ يضرى : إذا اشتدّ.

قلتُ أنا : الضَّارِي من الآنية : الإناءُ الذي ضُرِّيَ بالخَمْر ، فإذا جُعِل فيه العَصيرُ صارَ مُسكِراً ، وأصلُه من الضَّراوة وهي الدُّرْبة والعادَة.

ورَوَى أبو عُبيد عن أبي زيد قال : لَذِمْتُ به لَذَماً ، وضَرِيتُ به ضَرًى وَدَرِبْتُ به دَرَباً.

قال شمِر : الضَّراوةُ : العادة يقال : ضَرِيَ بالشيء : إذا اعتاده فلا يكاد يصبِر عنه.

وضَرِيَ الكلبُ بالصيد : إذا تَطَعَّمَ بلَحْمه ودَمِه. والإناءُ الضّارِي بالشّراب ، والبيتُ الضّاري باللَّحم مِن كثرة الاعتياد حتى

٤٠