تهذيب اللغة - ج ١٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٥

يَبقَى فيه ريحُه. وأما قول الأخطل :

لمّا أتَوْه بمصباحٍ ومِبْزَلهِمْ

سارت إليه سُؤْرَ الأبجُل الضّارِي

فإن بعضهم قال : الضّاري : السائلُ بالدّم ؛ من ضَرا يَضْرُو. وقيل : الأَبْجلُ الضارِي : العِرْقُ من الدّابة الذي اعتاد التودِيج ، فإذا حان حِينُه ووُدِّج كان سؤرُ دمه أشَدَّ ؛ ولكلِّ وَجْهٌ.

وفي حديث عمَر : «إن للَّحِم ضَراوةً كضَراوة الْخَمر».

أراد أنّ له عادةً طَلّابةً لأكلها كعادة الخمر ، وشدّة شهوةِ شارِبها لاستدعائها ، ومن اعتاد الْخَمرَ وشُرْبَها أَسرَف في النّفقة حِرْصاً على شُرْبها ، وكذلك من اعتاد اللحم وأَكله لم يَكَد يَصبِر عنه ، فدخل في باب المُسرِف في نَفَقته ، وقد نَهَى الله عزوجل عن الإسراف.

وقال الأصمعيّ : ضَرِيَ الكلبُ يَضرَى ضَراوةً : إذا اعتاد الصّيدَ.

ويقال : كَلْبٌ ضِرْوٌ ، وكَلْبة ضِرْوة ، والجميع أَضْرٍ وضِراء.

ويقال أيضاً : كلبٌ ضارٍ ، وكَلْبةٌ ضارِية.

قال : والضَّرَاء ما وَراك من شجر.

وقال شَمِر : قال بعضهم : الضَّرَاء : البَرازُ والفَضاء. ويقال : أرضٌ مستويةٌ فيها شجر ؛ فإذا كانت في هَبْطةٍ فهي غَيْضَة.

وقال ابن شُميل : الضَّرَاءُ : المستوِي من الأرض ؛ يقال : لأَمْشِيَنَّ لك الضَّرَاء.

قال : ولا يقال : أرضٌ ضَرَاءٌ ، ولا مَكانٌ ضَرَاء.

قال : ونزلْنا بضَراءٍ من الأرْض ؛ أي : بأَرْضٍ مستوِية ؛ وقال بِشْرُ :

عَطَفْنا لهمْ عَطْفَ الضَّرُوس مِن المَلَا

بشَهْباءَ لا يَمشي الضَّرَاءَ رَقيبُها.

قال : ويقال : لا أَمْشِي له الضَّراء ولا الْخَمرَة ؛ أي : أُجاهِرُه ولا أُخاتِله.

قال شَمِر : وقال أبو عمرو : الضَّراءُ : الاستخفاء.

ويقال : ما وَاراكَ من أَرْضٍ فهو الضَّرَاء ، وما واراك من شجرٍ فهو الخَمَرَ.

وهو يَدِبُّ له الضَّرَاءَ : إذا كان يَختِله.

وقال ابن شُميل : ما واراكَ من شيء وادّرأْتَ به فهو الخَمَر ، الوَهْدةُ : خَمَرٌ.

والأكمَةُ : خَمَر ، والجَبَلُ : خَمَرٌ.

والشجرُ : خَمَر. وكلُّ ما وَاراكَ فهو خَمَر.

وقال أبو زيد : مكانٌ خَمِر : إذا كان يغطِّي كلَّ شيء ويُوارِيه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الضِّرْوُ والبُطْمُ : الحبّةُ الخَضْراء.

وقال الليث : الضَّرْوُ : ضَرْبٌ من الشَّجَر يُجعَل وَرقُه في العِطْر ، ويقال : ضِرْو.

قال : وهو المحْلَب ، ويقال : حَبّةُ

٤١

الْخَضْراء ، وأَنشدَ غيرُه :

هنيئاً لعُود الضِّرْوِ شَهْدٌ يَنالُه

على خَضِراتٍ ماؤهُنّ رَفِيفُ

أراد عُودَ سِواكٍ من شَجَرة الضَّرْو : إذا استاكتْ به هذه الجارية كان الرِّيقُ الّذي يَبتلّ به السِّواكُ مِن فيها كالشَّهْد.

ضور ـ ضير : أخبَرَني المنذريُّ عن الحَرّاني عن ابن السكّيت : يقال : ضارَني يَضيرُني ، ويَضُورني ضَيْراً.

سَلَمة عن الفرّاء ؛ قرأ بعضُهم : (لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً) [آل عمران : ١٢٠] ، يَجعله من الضَّيْر.

قال : وزعم الكسائيّ أنّه سَمِع بعضَ أهلِ العالية يقول : ما ينفعني ذاكَ ولا يَضُورُني.

والضّرُّ واحد. قال الله جلّ وعزّ : (قالُوا لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ (٥٠)) [الشعراء : ٥٠] ، معناه : لا ضَرَّ.

أبو عُبَيد عن الفرّاء قال : الضُّورةُ من الرّجال : الحقيرُ الصغيرُ الشّأن.

قلتُ : وأقرأَنيه الإياديّ عن شَمِر بالراء ، وأقرأنيه المنذريُّ روايةً عن أبي الهيثم : الضُّؤْزَةُ ، بالزّاي مهموزاً ، وقال لي : كذلك ضبطتُه عنه.

قلتُ : وكلاهما صحيح.

ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ ، قال : الضُّورَةُ : الضعيفُ من الرّجال.

والضَّوْرَةُ : الجَوْعة. وافَق ابنُ الأعرابيِّ الفرّاءَ.

ورَوى عَمرو عن أبيه أنه قال : الضَّوْرُ : شِدّةُ الجُوع.

ورَوَى أبو عبيد عن أبي عمرو : هو يَتلَعْلَع من الجُوع ؛ أي : يتضَوّر.

وقال اللّيث : التضوُّر : صِيَاحٌ وتَلَوٍّ عند الضّرب من الوَجع.

قال : والثعلبُ يتضوّر في صِياحه.

ورَوى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : هذا رجلٌ ما يَضِيرُك عليه نَحْتاً للشّعر ، ولحناً للشِّعر ، أي : ما يَزيدك على قوله الشّعر. ونحو ذلك قال ابن السكّيت : وكذلك ما يُزَنِّدُك وما يُزَرْنِقُك على قوله الشعر.

وضر : قال الليث : الوَضَرُ : وَسَخُ الدَّسَم واللّبن ، وغُسالةُ السِّقَاء والقَصْعَة ونحوه ، وأَنشدَ :

إن تَرْحَضُوها تَزِد أعْراضُكمْ طَبَعاً

أو تتركوها فسُودٌ ذاتُ أَوْضارِ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : يقال للغُنْدُورة : وَضْرَى ، يعني أمّ سويد.

وقال شمر : يقال : وَضِرَ الإناء يَوْضَر وَضَراً : إذا اتّسخ ، ويكون الوَضَر من الصُّفرة والحُمْرة والطِّيب ، ثم ذكر حديثَ

٤٢

عبد الرّحمن بن عوْف حين رأى النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم به وَضَراً من صُفْرة فقال له : «مَهْيَم» المعنى : أنه رأى به لَطْخاً من خَلوق أو طِيب له لون ، فسأله عنه فأَخبَرَه أنّه تزوّج.

روض ـ ريض : يقال : رُضْتُ الدابّة أَرُوضُها رَوْضاً ورِياضةً : إذا علّمتَها السَّيْرةَ وذلّلتَها ، وقال امرؤ القيس :

* ورُضْتُ فذَلّتْ صَعَبةً أيَّ إذْلالِ*

دَلَّ بقَوْله : أيَّ إذْلال ، أنّ معنى قوله : رُضْتُ : ذللّتُ ، لأنه أقام الإذلالَ مُقامَ الرّياضة.

وقال الأصمعيّ وغيرُه : الرَّيِّض من الدّوَاب : الّذي لم يَقبل الرّياضة ولَم يَمْهَر السَّيْرة ، ولم يَذِلَّ لراكبِه فيصرّفه كيف يشاء.

ويقال : قصيدة رَيِّضةُ القَوافي : إذا كانت صعبةً لم يَقتضِب الشُّعراءُ قوافيَها ولا عَرُوضَها. وأَمْرٌ رَيِّض : إذا لم يُحكم تدبيرُه.

أبو عُبَيد عن الكسائي : استَراضَ الوادي : إذا استَنقَع فيه الماءُ.

وقال شَمِر : كأنَ الرَّوضة سُمّيتْ رَوْضَةً لاستراضة الماءِ فيها.

وقال غيرُه : أراضَ الوادِي إراضَةً : إذا استراضَ الماءُ فيه أيضاً.

وفي حديث أمّ مَعبد الْخُزاعيّة «أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم وصاحبَيْه لمّا نَزَلوا عليها وحَلَبُوا شاتَها الحائلَ شَرِبوا من لَبنِها وسَقَوْها ، ثم حَلَبوا في الإناء حتى امتلأ ، ثم أراضُوا».

قال أبو عُبَيد : معنى : «أَراضُوا» ، أي : صَبُّوا اللّبَن على اللبن. ثم قال : أَراضُوا من المُرِضَّةِ وهي الرَّثيئة.

قال : ولا أعلمُ في هذا الحديث حرفاً أغربَ منه.

وقال غيرُه : معنى قولها : «أراضُوا» ، أي : شَرِبوا عَلَلاً بعد نَهَل. أرادت أنّهم شَرِبوا حتّى رَوُوا فَنَقَعُوا بالرّيّ عَلَلاً ، وهو من أَراضَ الوادي واستراضَ : إذا استَنقَع فيه الماء. وأراضَ الحوضُ : إذا اجتمع فيه الماءُ ؛ ويقال لذلك الماء : رَوْضة ، وأنشد شَمِر قولَ الرّاجز :

* وروضةٍ سَقيْتُ منها نِضْوَتي*

قلت : ورياضُ الصَّمَّان والحَزْن في البادِية : قِيعانُ سُلْقانٍ واسعةٌ مطمئنّةٌ بين ظَهرانَيْ قِفافٍ وجَلَدٍ من الأرض يَسيل فيها ماءُ سيولِها فيستريض فيها ، فتُنبِت ضُروباً من العُشْب والبُقول ، ولا يُسرع إليها الهَيْج والذُّبول ، وإذا أعشبتْ تلك الرياضُ وتَتابَع عليها السُّمِيُّ رَتعتِ العربُ وَنَعَمُها جمعاء. وإذا كانت الرياض في أعالي البِراق والقِفَاف فهي السُّلْقان ، وأحدها سَلَق. وإذا كانت في الوِطاءات فهي رِيَاض ، وفي بعض تلك الرياض حَرَجات من السِّدْر البَرِّيّ ، وربَّما كانت

٤٣

الروضةُ واسعةً يكون تقديرها مِيلاً في ميل ، فإذا عَرُضتْ جدّاً فهي قِيَعانٌ وقِيعةٌ ، واحدُها قاع. كلُّ ما يَجتمِع في الإخاذ والمَسَاكات والتَّناهي فهي رَوْضة عند العرب.

وقال الأصمعيّ : الرَّوْض نحوُ النِّصف من القِرْبة. ويقال : في المَزادة رَوْضَةٌ من الماء ، كقولك : فيها شَوْلٌ من الماء.

وقال أبو عمرو : أراضَ الخوضُ فهو مُرِيض. وفي الحوض رَوْضة من الماء : إذا غَطَّى الماءُ أسفَلَه وأَرْضَه.

وقال : هي الرَّوضَةُ والرِّيضةُ والأرِيضَة والمُسترِيضَةُ.

وقال الليث : تُجمع الرَّوضةُ رِياضاً ورِيضاناً.

قلتُ : وإذا كان البلد سَهْلاً يَنْشَف الماء لسُهُولَته ، وأسفَلَ السُّهولة صَلابةٌ تُمسِك الماءَ فهو مَرَاضٌ ، وجمعُه مَرائض ، ومَرَاضات ، وإذا احتاجوا إلى مِياه المَرائض حَفَروا فيها جِفاراً فشَرِبوا منها واستَقَوْا من أحسائها إذا وجدوا مِياهَها عَذْبةً.

ورُوي عن ابن المسيّب أنه كَرِه المُرَاوَضَة.

قال شمر : المُرَاوَضة : أن تُواصِفَ الرجلَ بالسِّلْعة ليست عِنْدَك.

قلت : وهو بَيْعُ المُواصَفة عند الفقهاء.

وأَجازَه بعضُ الفقهاء إذا وافَقَتِ السِّلْعةُ الصفةَ الّتي وصَفها البائعُ : وأَبَى الآخرون إجازَتها ، إلا أن تكون الصفةُ مضمونةً إلى أجل معلوم.

ورض : قال اللّيثُ : وَرَضَت الدَّجاجةُ : إذا كانت مُرْخِمةً على البَيْض ، ثم قامت فوضَعَت بمَرَّةٍ واحدة.

قال : وكذلك التَّوْريضُ في كلّ شيء.

قلتُ : هذا عندي تصحيف ، والصوابُ وَرَّصَتْ ـ بالصاد ـ.

أخبرني المنذريّ عن ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء قال : وَرَّص الشيخ ، بالصّاد : إذا استَرخَى حِتَار خَوْرانه فأَبْدَى.

وقال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابيّ : أَوْرَصَ ووَرَّصَ : إذا رَمَى بغائطِه. وأما التَّوريضُ ، بالضّاد ، فله معنًى غيرُ ما ذكره اللّيثُ.

وقال أبو العبّاس : قال ابن الأعرابي : المُوَرِّضُ : الذي يَرْتاد الأرضَ ويَطلُب الكلأ ، وأنشد قولَ ابنِ الرِّقَاع :

حَسِبَ الرائِدُ المُوَرِّضُ أن قَدْ

ذَرَّ منها بكلّ نَبْءٍ صِوارُ

ذرَّ : أي : تَفرَّق. النَّبْءُ : ما نَبَا من الأرض.

وقال : يقال : نَوَيْتُ الصومَ وأَرَّضْتُه ، ووَرَّضْتُه ، ورَمَّضْتُه ، وبَيَّتُّهُ ، وخَمَّرْتُه ،

٤٤

وبَنَّنْتُه ، ودَسَّسْتُه ، بمعنًى واحد.

وفي الحديث : «لا صِيَامَ لمن لم يُوَرِّض مِنَ اللّيل».

قلت : وأحسبُ الأصلَ فيه مهموزاً ، ثم قُلِبت الهمزة واواً.

أرض : الحرّاني عن ابن السكيت قال : الأرْضُ : التي عليها الناس. والأرْضُ : سُفلَةُ البعير والدّابة ؛ يقال : بعيرٌ شديدُ الأرْض : إذا كان شديدَ القوائم. وأنشَد :

ولَم يُقلِّب أرضَها البَيْطارُ

ولا لحَبْلَيْه بها حَبَارُ

يعني : لم يُقلِّب قوائمها لعلَّة بها ، وقال سُوَيد بن كراع :

فركِبناها على مَجْهولِها

بصِلابِ الأَرضِ فيهنّ شَجَعْ

وقال خُفَافُ بن نَدْبة السُّلَميّ :

إذا ما اسْتَحَمَّتْ أرضُه من سَمَائِه

جَرَى وهو مَوْدُوعٌ وواعدُ مَصْدَقِ

قال : والأرْضُ : الرِّعْدةُ. ورُوي عن ابن عبّاس أنه قال : أَزُلْزِلَت الأرضُ أم بي أرْضٌ ، أي : بي رِعْدَة.

ويقال : بي أَرْضٌ فآرِضُوني ، أي : دَاوُوني. وقال ذو الرُّمَّة :

إذا تَوَجَّسَ رِكْزاً من سَنابِكها

أو كان صاحِبَ أَرْضٍ أو به المُومُ

قال : والأرضُ : الزُّكام ، يقال : رجل مأْروض. وقد أُرِض فلان ، وآرَضَه اللهُ إيراضاً.

والأرْضُ : مصدرُ أُرِضَت الخشَبةُ تُؤْرَض فهي مأروضَة إذا وقعت الأرَضَة فيها.

قال : والأرَض ـ بفتح الراء ـ : مَصْدَر أُرِضَت القُرْحَةُ تَأْرَض : إذا تَفَشَّتْ.

وقال أبو عُبَيْد : قال الأصمعي : إذا فسدت القُرحة وتقطَّعت.

قيل : أرضَت تأرَضُ أَرَضاً.

وقال شمر : قال ابن شميل : الأرِيضَة : الأرض السهلة لا تميل إلّا على سَهْل ومنبت ، وهي ليّنة كثيرة النبات ، وإنها لأَرِيضة للنبت وإنها لذات أراضة ، أي : خليقة للنبت.

قال : وقال ابن الأعرابي : أُرِضَت الأرض تأرُض أرَضاً : إذا أخصبَتْ وزكا نباتُها.

وأرضٌ أَرِيضةٌ بيّنةُ الأراضَة : إذا كانت كريمةً.

قال أبو النَّجم :

أبحرُ هِشامٍ وهو ذُو فِراضِ

بينَ فُروع النَّبْعةِ الغِضَاضِ

وَسْطَ بِطاحِ مكّة الإراضِ

في كل وادٍ واسِع المُفَاضِ

وقال أبو عمرو : الإراضُ : العِراضُ ، يقال : أَرضٌ أَرِيضةٌ ، أي : عريضة.

أبو عُبيد عن الأصمعي : الإراض : بِساطٌ

٤٥

ضَخْمٌ من وَبرٍ أو صوف.

وقال أبو البَيْداء : أَرْضٌ وأُرُوضٌ. وما أكثر أُروضَ بني فلان.

ويقال : أَرْضَ وأَرْضُون وأَرَضات. وأَرْضٌ أَرِيضةٌ للنبات : خليقة ، وإنها لَذاتُ إرَاضٍ.

وقال غيره : المؤرِّضُ : الذي يَرعَى كلأَ الأرض.

وقال ابن دَالان الطائيّ :

وهم الحُلومُ إذا الرّبيعُ تجنّبتْ

وهمُ الربيعُ إذا المؤرِّضُ أجدَبَا

وقال الفرّاء : يقال : ما آرَضَ هذا المكانَ ، أي : ما أكثرَ عُشبَه.

وقال غيرُه : ما أحسنَه وأطيَبَه.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : أرْضٌ أرِيضة ، أي : مُخَيِّلَةٌ للنَّبت.

الأصمعيّ : تأَرَّضَ فلانٌ بالمكان : إذا ثبت فلَم يَبْرح.

وقيل : التأرُّضُ : التأنّي والانتظار ، وأنشد :

وصاحبٍ نبّهتُه ليَنهضَا

فقامَ عجلانَ وما تأَرَّضا

يَمسَح بالكفّين وجْهاً أبيضَاً

إِذا الكَرَى في عَيْنِه تمَضْمَضَا

ويقال : تركْتُ الحيّ يتأرّضون المنزِلَ ، أي : يرتادون بَلداً ينزِلونه للنُّجْعة.

وقال ابن الأعرابيّ في قول أمّ معبد الخُزاعيَّة : «فَشرِبوا حتى أَرَاضوا» ، أي : ناموا على الإراض ، وهو البِسَاط.

قلت : والقولُ ما قاله غيرُه : إنه بمعنى نَفَعوا ورَوُوا.

رضي : قال الليث : رَضِيَ فلانٌ يَرضَى رِضًى. والرَّضِيُ : المَرْضِيُ ، والرِّضا مقصورٌ.

قلتُ : وإذا جعلتَ الرِّضا مصدَر راضيتُه رِضاءً ومُراضاةً فهو ممدود : وإذا جعلتَه مصدرَ رَضِيَ يَرضَى رِضىً فهو مقصور.

وقال أبو العبّاس عن ابن الأعرابي : الرَّضِيُ : المُطِيعُ. والرَّضيُ : المُحِبّ.

والرِّضيّ : الضامن.

ومن أسماء النساء : رُضَيَّا ـ بوَزْن التُّريَا ـ وتكبيرهما رَضْوَى وثَرْوَى.

ورَضْوَى : اسمُ جبل بعَيْنَه والمَرْضاةُ والرُّضْوَان : مصدَران.

والقرَّاء كلهم قرءوا الرِّضوانَ ـ بكسر الراء ـ إلّا ما رُوِي عن عاصم أنه قال : رُضوَان ، وهما لغتان.

ويقال : فلان مَرْضِيٌ ، ومن العرب من يقول : مَرْضُوٌّ ، لأنه من بَنات الواو ، والله أعلم.

٤٦

باب الضاد واللام

ض ل

(وا يء) استُعمل من جميع وجوهه : [ضول ، ضلا ، لضا].

ضول : قال أبو زيد في كتاب الهمز : ضَؤُل الرجلُ يَضْؤُل ضآلةً وضُؤُولة : إذا قَال رأْيُه. وضَؤُل ضُؤولةً وضآلة : إذا صَغُر.

وقال الليث : الضئيلُ نعتٌ للشيء ، في ضَعِفه وصِغَره ودقّته ، وجمعُه ضُؤلاءُ وضَئيلون. والأنثى ضئيلة ، وأنشد شَمِر لبعض بني أَسَد :

أنا أبو المِنهالِ بعضَ الأحيان

ليس عليَّ نَسَبي بضُؤْلان

أراد بضَئِيل.

وفي الحديث : «إنّ العَرْشَ على مَنكِب إسرافيلَ ، وإنه ليتضاءل من خَشْيَة الله حتى يصيرَ مثلَ الوَصَع»، يريد يتصاغَر ويتحاقَر تَواضُعاً لله ، وخشيةً للربّ تبارك وتعالى.

والضّالُ ـ غير مهموز ـ : هو السِّدْرُ البَرّيّ ، والواحدةُ ضالَةٌ.

ويقال : خَرج فلانٌ بضالَتِه ، أي : بسلاحِه.

والضّالَةُ : السلاحُ أجمع ، يقال : إنه لكامِل الضّالَة ، والأصلُ في الضّالَة :

النِّبالُ والقِسيُّ التي تُسَوَّى وتُنحت من شَجَر الضَّالِ.

وقال بعض الأنصار :

أبو سليمانَ وصُنْع المُقْعَدِ

ومُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْوَدِ

وضَالَةٌ مِثلُ الجحِيمِ المُوقَد

ومؤْمِن بما تَلَا محمّد

أراد بالضّالَة : السهامَ ، شَبّه نصالَها في حِدّتها بنارٍ مُوقَدةٍ.

وقال ابنُ الأعرابيّ : الضُّؤُولةُ : الهُزال.

ضلا : أهملَه الليث.

وروى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : ضَلَا : إذا هَلَك.

[لضا] : قال : ولضَا : إذا حَذَق الدِّلالة.

باب الضاد والنون

ض ن (وا يء)

ضني ، ضنأ ، ضأن ، ضون ، وضن ، نضا ، نوض ، أنض.

ضني : وقال الليث : ضَنِي الرجلُ يَضْنَى ضَنًى شديداً : إذا كان به مرَضٌ مُخامِر ، وكلما ظنّ أنه قد بَرَأ نُكِس ، وقد أضناه المَرَض إضْنَاءً.

سلمةُ عن الفرّاء : العرب تقول : رجلٌ ضَنًى ودَنف ، وقَومٌ ضَنًى ، أي : ذوُو ضنًى وكذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوُو عَدْل وصَوْمٌ ونَوْم.

وقال ابن الأعرابي : رجل ضنًى ، وامرأة ضَنًى ، وقومٌ ضَنًى ، وهو المُضْنَى من

٤٧

المرض.

وقومٌ ضَنًى ، أي : ذوو ضَنًى ، وكذلك قومٌ عَدْلٌ ذَوو عَدْل.

وقال : تَضَنَّى الرجلُ : إذا تمارَض.

وأَضنَى : إذا لَزِم الفِراشَ ، من الضَّنَى.

ويقال : رجلٌ ضَنٍ ، ورجلان ضَنِيَان ، وامرأة ضَنِيَة ، وقوم أَضناءٌ.

ويقال : أضناه المَرَضُ وأنضَاه بمعنًى واحد.

ضنأ : قال أبو زيد : ضنأَتِ المرأةُ ضَنْأ وضُنُوءاً : إذا وَلَدَتْ.

وقال أبو عُبيد : قال أبو عمرو : الضَّنْءُ : الوَلَد ، مهموز ساكن النون ، وقد يقال له : الضِّنء.

قال : وقال الأُمَوِيّ : قال أبو المفضّل ـ أعرابيٌّ من بني سَلامة من بني أسد قال ـ : الضَّنْءُ : الولد ، والضِّنْءُ : الأصل ، وأنشد :

وميراث ابن آجَرَ حيثُ ألْقَتْ

بأصْل الضِّنْء ضِئْضِئة الأصيلِ

أراد ابن هاجَر ، وهو إسماعيل.

الليث : ضنَتِ المرأةُ تضْنُو : إذا كثُر ولدُها ، وقال أبو عُبيد : قال أبو عمرو :وهي الضّانية.

ويقال : ضَنَأتِ الماشيةُ : إذا كثُر نِتاجُها قال : وضِنْءُ كلّ شيء : نَسْلُه.

أبو عُبَيد عن الكسائيّ : امرأةٌ ضانئة وماشية ، معناهما أن يَكثُر ولدُهما ، وقد ضَنَتْ تَضْنُو ضَناءً ، وضَنأَتْ تضنُؤ ضَنْأً مهموز.

رَوَى شَمِر عن أبي عُبَيد فيما قرأْتُ على الإياديّ : اضطَبَأْتُ منه : استحيَيْتُ ، رواه بالياء عن الأُمَويّ.

وأَخبَرني الإياديّ عن أبي الهَيْثم أنّه قال : إنما هو اضْطَنَأْتُ بالنّون ؛ وأَنشَد :

إذا ذُكِرَتْ مَسعاةُ والِده اضطنى

ولا يَضْطَنِي من فعْل أهلِ الفَضائِل

وأخبَرَني أبو المفضّل عن الحرّاني عن ابن السّكيت أنّه أنشَده :

تَزَاءَك مُضْطَنِئٌ آرِمٌ

إذا ائْتَبَّهُ الإدُّ لا يَفْطَؤْهْ

قال : والتَّزاؤُك : الاستحياء. آرِم ، أي : يُواصِل ، لا يَفْطأُه ، أي : لا يَقهَره.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الضُّنَى : الأَوْلاد. قال : والضِّنَى ـ بالكسر ـ : الأوجاعُ المُخِيفة.

وقال ابن دُرَيد في كتاب «الجَمْهرة» : قعد فلِان مَقعَد ضُنْأةٍ ، أي : مَقْعَد ضَرورة ، ومعناه الأَنفَة.

قلت أنا : أحسَب قولَ ابن دُرَيد من الاضطِناء ، وهو الاستحياء.

٤٨

ضأن ـ ضون : ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الضّانةُ ـ غيرُ مهموز ـ : البُرَةُ التي يُبْرَى بها البَعِيرُ ؛ ذكرها غيرُ واحد منهم.

وقال ابن الأعرابي : التّضَوُّن : كثرةُ الوَلَد.

قال : والضَّوْن : الإنْفَحة.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : الضَّيْوَنُ : الهِرُّ ، وجمعُه الضَّيَاوِن.

ومن مَهموزِه : الضَّأْنُ والضَّأَن ؛ مثلُ المَعْز والمَعَز ، وتُجمع ضَئِيناً.

وقال الليث : الضَّأْن : ذواتُ الأصْواف من الغَنَم ؛ ويقال للواحدة : ضائنة ، ورَجلٌ ضائن ؛ قال بعضُهم : هو اللّيّن كأَنَّهُ لَفْجة. وقال آخَرُ : هو الذي لا يزال حسنَ الجِسْم قليلَ الطُّعْم.

ويقال : رَمْلةٌ ضائنة ، وهي البيضاءُ العَرِيضة ، وقال الجَعْدِيّ :

* إلى نَعَجٍ من ضائِن الرَّمْلِ أَعْفَرَا*

ويقال : اضْأَنْ ضَأْنَك ، وامْعَزْ مَعْزَك ، أي : اعْزِل ذا مِنْ ذَا. وقد ضأَنْتُها : إذا عزلتَها.

وقال محمد بن حَبيب : قال ابن الأعرابيّ : رجلٌ ضائنٌ : إذا كان ضعيفاً ، ورجلٌ ماعِزٌ : إذا كان حازماً مانعاً ما وراءَه.

قال : والضِّئنِيّ : السِّقاءُ الذي يُمخَض به الرائبُ يسمَّى ضِئْنِيّاً إذا كان ضَخْماً من جلد الضَّأْن.

وقال حُمَيْدُ بن ثَوْر :

وجاءَتْ بضِئْنِيِ كأنّ دَوِيَّهُ

ترَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْهُ الرَّوَاعِدُ.

وضن : سَلَمة عن الفرّاء قال : الميضَانة : القُفّة ، وهي المَرْجُونة والقَفْعة ، وأنشد :

لا تَنْكِحنّ بعدها حَنّانَهْ

ذات قَتارِيد لها مِيْضَانَهْ

قال : حَنّ وهَنّ ، أي : بكى.

وقال الله جلّ وعزّ : (عَلى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (١٥)) [الواقعة : ١٥].

قال الفرّاء : الموْضُونةُ : المَنْسُوجةُ ، وإنما سَمّت العربُ وَضينَ الناقةِ وَضِيناً لأنه منسوج.

ويقال : وضَنَ فلانٌ الحجر والآجُر بعضُه فوق بعضٍ : إذا أشْرَجه : فهو مَوْضون.

وقال الليث : الوَضْن : نسجُ السَّرِيرِ وأشباهِه بالجوهر والثياب ، وهو مَوْضُونٌ.

قال : والوَضِينُ : البِطَانُ العَرِيض.

وقال حُميد بن ثوْر :

على مُصْلَخِمٍّ ما يكاد جَسِيمُه

يَمُدُّ بِعطْفَيه الوَضِينَ المسَمَّما

المسمَّمُ : المزيَّنُ بالسُّموم ، وهي خَرَزٌ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : التَّوَضُّن : التّحبُّبُ. والتوَضُّنُ : التذَلُّلُ. والوُضْنَةُ : الكرسيُّ المنسوجُ.

وقال شَمِر : المَوْضونةُ : الدِّرْعُ المَنْسوجة.

وقال بعضهم : دِرْعٌ مَوْضونةٌ : مُقاربةُ

٤٩

النَّسْج مثل الموضُونة.

وقال رجل من العرب لامرأته : ضِنِيه ـ يَعني مَتاعَ بيتها ـ أي : قارِبي بعضَه من بعض.

وقيل : الوَضْنُ : النَّضْد ، يقال : وَضَن متاعَه بعضَه فوق بعض.

نوض : قال ابن المظفَّر : النَّوْضُ : وُصْلةُ ما بين العَجُز والمَتْن. ولكل امرأة نَوْضان : وهما لَحْمتان مُنتبِرَتانُ مُكتنفتا قَطَنها ، يعني وَسَط الوَرِك ، وقال رُؤبة :

إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انتِهاضِ

جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ

قال : والنَّوْضُ : شِبْه التَّذَبْذُب والتَّعَثْكُل ، يقال : ناضَ يَنُوض نَوْضاً.

وقال أبو عمرو : الأنواضُ : مدافع الماء ، وقال رؤبة :

غُرِّ الذُّرَى ضَواحِك الإِيماضِ

يُسقَى به مَدافِعُ الأنْواضِ

وقال ابن الأعرابي : الأنواضُ : الأوْدية ، واحدها نَوْض.

ورَوَى أبو العبّاس عنه أنه قال : النَّوْضُ : الحركة ، والتَّفَرّض. والنَّوْضُ : العُصْعُص.

وقال الكسائي : العَرَب تُبدِل من الصاد ضاداً ، فتقول : ما لَكَ مِن هذا مناض ، أي : مناص.

وقال أبو الحسن اللّحياني : يقال : فلان ما يَنُوض لحاجةٍ ، وما يَقدِر أن يَنُوص ، أي : يتحرك لشيء.

وقد ناضَ وناصَ مَناضاً ومَناصاً : إذا ذَهب في الأرض.

وقال ابن الأعرابي : نوّضْتُ الثوبَ بالصِّبغ تَنْويضاً ، أي : ضرّجْته. وأَنشدَ في صِفَة الأسد :

في غِيلِهِ جِيفُ الرِّجال كأنه

بالزَّعْفران من الدّماء مُنَوَّضُ

أي : مُضَرَّج. أخبرني به المنذري عن أبي العبّاس أحمد بن يحيى عنه.

أبو تراب عن أبي سعيد البغدادي قال : الأنْوَاضُ والأنْواطُ واحد ، وهي ما نُوِّط على الإبل إذا أُوقِرَتْ ، وقال رُؤْبة :

* جاذَبْنَ بالأصلابِ والأنْواضِ *

أنض : أبو عُبَيد عن أبي زيد : أنَضْت اللحمَ إيناضاً : إذا شَوَيْتَه ولم تُنْضِجْه.

وقال الليث : لحمٌ أَنِيض : فيه نُهُوأةٌ ، وقال زُهَير :

يُلَجْلِجُ مُضغةً فيها أَنِيض

أصَلّتْ فهي تحتَ الكَشْح داءُ

وقد أَنُض أَناضَةٌ فهو أَنِيض.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الإناضُ : إدْراكُ النَّخْل ، ومنه قولُ لَبيد :

* وأَناضَ العَيْدانُ والجَبّارُ*

٥٠

ويُروَى : وأنِيض.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : إذا أَدْرَك حَمْلُ النَّخْلةِ فهو الإناض.

نضا : قال الليث : نَضَا الحِنّاءُ يَنْضُو عن اللّحية ، أي : خَرَج وذَهب عنه.

ونُضَاوةُ الحِنّاء : ما يؤخذ من الخِضاب ما يَذهبُ لونُه في اليَد والشَّعْر. وقال كُثيّر يخاطب عَزّة :

ويا عَزَّ للوَصْلِ الذي كان بينَنا

نَضَا مِثلَ ما يَنْضُو الخِضَابُ فَيخلَقُ

ونَضَا الثوبُ عن نفسِه الصِّبْغ : إذا أَلقاه.

ونَضَت المرأةُ ثَوْبها عن نفسِها ، ومنه قول امرىء القيس :

فجئْتُ وقد نَضَّت لنومٍ ثِيابَها

لَدَى السِّتْر إلّا لِبْسَةَ المتفضِّلِ

والدّابةُ تنضو الدّوابَّ : إذا خرجتْ من بينها.

ورملةٌ تنضو الرِّمال فهي تَخرُج منها.

ونَضَا السهم ، أي : مَضَى.

وقال رُؤبة :

يَنْضُون في أجوازِ ليلٍ غاضِي

نَضْوَ قِداحِ النابلِ المواضي

الحراني عن ابن السكّيت : نَضَوْتُ ثيابي عنّي : إذا ألقيتها عنك.

وقد نَضَوْتُ الجُلَّ عن الفرس نَضْواً ، وقد نضا خِضابُه يَنْضو نَضْواً.

ونَضَا الفَرسُ الخيلَ يَنْضوها : إذا تَقدَّمها وانْسَلَخَ منها. والنِّضْو : البعير المهزول وجمعه أنضاء ، والأنثى نِضْوَة. ويقال لأَنْضاء الإبل : نِضْوان أيضاً.

ويقال : أَنْضى وجه الرجل ، ونَضَا على كذا وكذا : إذا أَخْلَق.

وقال اللّيْثُ : المُنْضِي : الرجل الّذي صار بعيرُه نِضْواً ، وقد أَنْضاه السَّفر.

وانتضَى السيفَ : إذا استلَّه من غِمْده.

ونَضَا سَيْفَه : إذا سَلَّه. وسَهْمٌ نِضْوٌ : إذا فَسَد من كَثْرَة ما رُميَ به حتى أَخلَق ، ونَضِيُ السَّهْمِ : قِدْحُه ، وهو ما جَاوزَ من السّهم الرِّيشَ إلى النَّصْل ، وقال الأعشى :

غرَّ نَضِيُ السّهمِ تحتَ لَبانِه

وجالَ على وَحْشِيِّه لم يُعَثِّمِ

ونَضِيُ الرُّمْح : ما فوقَ المَقْبِض مِن صدرِه ، وأَنشدَ :

وظَلَّ لِثِيرانِ الصَّريمِ غمَاغِمُ

إذا دَعَسُوها بالنَّضِيّ المُعَلَّبِ

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ ، أوّلُ ما يكون القِدْح قبل أن يُعمَل : نَضِيٌ ، فإن نُحِت فهو مَخْشوب وخَشِيب ، فإذا لُيِّن فهو مُخلَّق.

قال : وقال أبو عَمْرو : النَّضِيُ : نَصْلُ السَّهْم.

قلتُ : وقولُ الأعشى يحقِّق قولَ أبي عمرو. وقال ابن دُريد : نَضِيُ العُنُق :

٥١

عَظْمُه ، ونَضِيُ السَّهم : عُودُه قبلَ أن يُراشَ.

وقال أبو عُبَيدة : نَضَا الفَرَسُ يَنْضُو نُضُوّاً : إذا أَدْلى فأَخرَج جُرْدانَه.

قال : واسمُ الجُرْدان : النَّضِيُ. ويقال : نَضَا فلانٌ موضعَ كذا يَنْضُوه : إذا جاوَزَه وخَلَّفه نيض.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : النَّيْضُ بالياء : ضَرَبان العِرْق مِثْلُ النَّبْض سواء.

باب الضاد والفاء

ض ف (وا يء)

ضفا ، ضيف ، فضا ، فيض ، فوض ، وفض ، وضف ، فضأ.

ضفا : قال اللّيث : يقال : ضَفَا الشَّعَرُ يَضْفُو : إذا كَثُر. وشَعرٌ ضَافٍ ، وذَنَبٌ ضافٍ ، وأَنشد قوله :

* يضافٍ فوَيقَ الأرض ليسَ بأَعزَل*

ودِيمَةٌ ضافِية ، وهي تَضفو ضَفواً : إذا أَخْصبت الأرضُ منها.

والضَّفْوُ : السَّعةُ والخَيْر والكَثْرة ، وأَنشدَ :

إذا الهَدَفُ المعْزالُ صَوّبَ رأسَه

وأَعجَبَه ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ

وقال الأصمعيّ : ضَفَا مالُه يَضْفو ضَفْواً وضُفُوّاً : إذا كَثُر.

وضَفَا الحَوْضُ يَضْفُو : إذا فاضَ من امتلائه وأَنشَد :

* يَضْفُو ويُبْدي تارةً عن قَعْرِه*

يقول : يمتلىء فتَشْربُ الإبل ماءَه حتى يَظهَر قَعرُه. والضّفُّ : جانب الشيء ، وهما ضفواه ، أي : جانباه.

ضيف : في حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه نَهَى عن الصّلاة إذا تَضيّفَتِ الشمسُ للغُروب».

قال أبو عُبَيد : قال أبو عُبَيدة : قولُه : «تضيَّفَتْ» : مالَتْ للغُروب ، يقال منه : قد ضافَتْ فهي تَضِيف : إذا مالَت.

وقال أبو عُبيد : ومنه سُمِّي الضَّيْف ضَيْفاً ، يقال منه : ضِفْت فلاناً : إذا مِلْتَ إليه ونزلتَ عليه ، وأضفتُه : إذا أمَلْتَه إليك ، وأنزَلْتَه عليك ، ولذلك قيل : هو مُضافُ إلى كذا وكذا ، أي : مُحَالٌ إليه ، وقال امرؤ القيس :

فلمّا دخلناهُ أضفْنا ظهورَنا

إلى كلّ حَارِيٍّ جَديدٍ مُشطبِ

أي : أسندْنا ظهورَنا إليه وأمَلْناها ، ومنه قيل للدَّعِيّ : مُضافٌ ، لأنّه مُسنَد إلى قوم ليس منهم.

ويقال : ضافَ السهمُ يَضِيف : إذا عَدَل عن الهدف ، وهو من هذا ، وفيه لغةٌ أخرى ليست في الحديث : صَافَ السهمُ بمعنى ضافَ ، والذي جاء في الحديث بالضاد.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : أضافَ الرجلُ من الأمر : إذا أشفَق ، وأنشد قولَ

٥٢

الهُذَليّ :

وكنتُ إذا جارِي دَعَا لمَضُوفَةٍ

أُشَمِّر حتى يَنصُفَ الساقَ مِئزَرِي

يعني الأمر : يشفق منه الرجل.

أراد بالمَضُوفة : الأمر يُشْفَق منه.

ويقال : أضاف فلانٌ فلاناً إلى كذا فهو يُضيفه إضافةً : إذا ألجأَه إلى ذلك.

والمضافُ : الملجأْ المُحرَج المثقَلُ بالشر.

وقال الشاعر :

فما إنْ وَجْدُ مُعْوِلَةٍ ثَكول

بواحدِها إذا يَغْزُو تُضِيفُ

أي : تُشْفِقُ عليه وتخاف أن يُصَاب فتَشْكَلُهُ.

ويقال : ضِفتُ الرجل وتضيّفْتُه : إذا نزلت به وصرتَ له ضيفاً. وأَضفْتُه : إذا أنزلْتَه عليك وقرّبْته. والمضاف : المُلْجَأُ والمُلْزَقُ بالقوم.

والضِّيفُ : جانب الوادي. وقد تضَايف الوادي : إذا تضَايقَ.

وضِيفا الوادي : جانباه.

وقال أبو زيد : الضِّيفُ : الجنب.

وقال الراجز :

يَنْتَبعْنَ عَوْداً يشتكي الأَظَلَّا

إذا تضايَفْن عليه انْسَلَّا

يعني : إذا صِرْنَ منه قريباً إلى جَنْبه.

وقال شَمر : سمعت رجاءَ بن سلمةَ الكوفيّ يقول : ضَيّفْتُه : إذا أطعمْتَه.

قال : والتَّضيفُ : الإطعام.

قال : وأضافه : إذا لم يُطْعِمْهُ.

وقال رجاء في قراءة ابن مسعود : فأبوا أن يضيفوهما [الكهف : ٧٧] ، أي : يطعموهما.

وأُخبرت عن أبي الهيثم أنه قال : يقال : أضافه وضيَّفَهُ بمعنًى واحد ؛ كقولك : أكرمه وكَرَّمه.

قال : وقول الله : (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) ، معناه : أن يجعلوهما ضَيْفَيْنِ لهم.

وروَى سلمةَ عن الفرّاء في قوله : (فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما) سألاهم الإضافة فلم يفعلوا ، ولو قُرِئتْ (أن يُضيفوهما) كان صواباً.

قال : وتضيّفْتُه : سألته أن يُضيفني.

قال : وتضيّفْتُه : آتيته ضيفاً.

وقال الأعشى :

تضيّفْتُه يوماً فأكرمَ مقعدي

وأَصْفَدني عَلَى الزَّمانة قائدا

يقول : أعطاني خادماً يقودُني. وزمانَتُه : ذهابُ بَصَرِه.

وقال الفرزدق :

ومنَّا خطيبٌ لا يُعَابُ وقائلٌ

ومَنْ هو يَرْجو فضلَهُ المتضيِّفُ

٥٣

أي : ومنا مَن يرجو المتضيّفُ الذي ينزل به ضيفاً فضله.

أبو عُبَيد عن الكسائي : امرأة ضيْفه بالهاء ، وأنشد قول البَعيث :

لَقًى حَمَلَتْه أمُّه وهي ضَيْفَةٌ

فجاءت بيَتْنٍ للضيافة أَرْشمَا

وقال أبو الهيثم : معنى قوله : وهي ضيْفَةٌ ، أي : ضافت يوماً فحبِلْت به في غير دار أهلها فجاءت بولد شَرِه.

وقال أبو الهيثم : ويقال : ضافت المرأة : حاضتْ ؛ لأنها مالت من الطُّهر إلى الْحَيْضِ ، فأراد أنها حملتْه وهي حائض.

وقيل : معنى قوله : وهي ضيفة ، أي : ضافت قوماً فحبلت به في غير دار أهلها.

فضا : قال الليث : الفضَاءُ : المكان الواسع.

والفعلُ فَضَا يَفْضُو فُضُوّاً فهو فاضٍ.

وقال رؤبة :

أَفرَخَ قَيْضُ بيضها المُنْقَاضِ

عنكم كِراماً بالمقام الفاضي

ويقال : أفضى فلانٌ إلى فلان : إذا وَصل إليه ؛ وأَصله أنه صار في فُرْجته وفضَائه.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : أفضى الرجلُ : دخل على أهله.

قال : وأفضى أيضاً : إذا جامعها.

قال : والإفضاء في الحقيقة : الانتهاء ؛ ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ) [النساء : ٢١] ، أي : انتهى وَأَوَى.

وقال : وأفضى : إذا افْتَقَرَ.

ويقال : أفضى الرجلُ جاريته : جامعهَا فصَيَّرَ مسلَكيْهَا مَسْلَكاً واحداً ، وهي المفضاة من النساء.

وقال الفرّاء : العرب تقول : لا يُفضِ اللهُ فاك ؛ من أفْضَيْت.

قال : والأفضاء : أن تسقط ثناياه من تحت ومن فوق وكلُّ أضراسه ؛ حكاه شَمِر للفرّاء.

قلتُ : ومن هذا إفضاء المرأة : إذا انْقطع الحِتار الّذي بين مسلَكَيْهَا.

وقال شَمِر : الفضاء : ما استوى من الأرض واتسع.

قال : والصحراءُ فضاءٌ.

قال : ومكانٌ فاضٍ ومُفْضٍ ، أي : واسع.

وأرضٌ فضاءٌ وبَرَازٌ. والفاضي : البارز.

وقال أبو النّجم يصف فرسَه :

أما إذا أمْسَى فَمُفْضٍ مَنْزِلُهْ

نجعلُه فِي مَرْبَطٍ ونجعلُه

مفضٍ : واسعٌ. والمُفْضَى : المتّسع.

وقال رُؤبة :

* خَوْقَاءُ مُفْضَاها إلى مُنْخاق*

أي : مُتّسعها. وقال أيضاً :

جاوَزْته بالقَوْم حتى أَفضَى

٥٤

بهمْ وأمضَى سَفَرٌ ما أمْضى

قال : أفضى بهم : بلغ بهم مكاناً واسعاً أَفضى بهم إليه حتى انقطع ذلك الطريق إلى شيء يعرفونه.

وقال ابن شُميل : الفضَاءُ ما استوى من الأرض. وقد أَفضيْنَا إلى الفضاء ، وجمعه أَفضِيَة.

وقال أبو زيد : يقال : تركتُ الأمر فضاً ، أي : تركتُه غير مُحْكم.

وقال أبو مالك : يقال : ما بقيَ في كِنانته إلّا سَهْمٌ فضاً ، أي : واحدٌ.

ويقال : بقيتُ من أقراني فَضَا ، أي : بقيتُ وَحْدي ؛ ولذلك قيل للأمر الضعيف غير المُحكَم : فَضاً ، مقصورٌ.

ويقال : متاعُهم بينَهم فَوْضى فَضاً ، أي : مختلطٌ مشترك.

وقال اللِّحياني أمرُهم فوْضَى بينهم ، وفضاً بينهم ، أي : سواء بينهم ، وأنشد :

طعامُهُم فَوْضَى فَضاً في رِحالِهمْ

ولا يُحْسِنون الشرَّ إلّا تَنادِيا

ويقال : هذا تمرٌ فَضاً في العَيْبَة مع الزَّبيب ، أي : مختلِط ، وأنشد :

فقلتُ لها يا خالتي لَكِ ناقتي

وتمْرٌ فَضاً في عَيْبَتي وزَبيبٌ

أي : منثور.

ويقال : الناس فَوْضَى : إذا كانوا لا أميرَ عليهم ولا مَن يَجْمَعهم.

فيض ـ فوض : قال الأصمعيّ : فاضت عينُه تفيض فَيْضاً : إذا سالت. اللحياني : فاض الماءُ يفيض فيضاً وفُيوضاً وفيضاناً.

وفَاضَ الحديثُ : إذا انْتَشَرَ.

ويقال : أفاضت العينُ الدمعَ تُفيضه إفاضةً.

وأفاضَ فلانٌ دَمعَه ، وأفاض إناءَه إفاضَةً : إذا أَتْأَقَهُ. وقال الله جلّ وعزّ : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) [البقرة : ١٩٨].

قال أبو إسحاق : دلّ بهذا اللفظ أنّ الوقوف بها واجبٌ ، لأن الإفاضة لا تكون إلّا بعد وقوف. ومعنى : أَفَضْتُمْ ؛ دفَعْتم بكثرة.

يقال : أفاض القومُ في الحديث : إذا اندَفَعوا فيه وأَكثروا.

وأفاضَ البعيرُ بجَرَّته : إذا رَمَى بها مفرَّقةً كثيرة.

وقال الراعي :

وأَفَضْنَ بعدَ كظومِهنّ بجرّةٍ

من ذي الأباطِح إذْ رَعَيْنَ حَقيلا

وأفاضَ الرجُل بالقِداح إفاضةً : إذا ضَرَب بها ؛ لأنها تقع مُنْبَثَّةً متفرقة ويجوز :

أفاضَ على القِداح.

وقال أبو ذؤيب الهذليّ يصفُ الْحُمُر :

وكأنهنّ رِبابةٌ وكأنَّه

يَسَرٌ يُفيضُ على القِداح ويَصْدَعُ

٥٥

قال : وكلُّ ما في اللغة من باب الإفاضة فليس يكونُ إلّا عن تفرُّق أو كثرة.

وقال الأصمعيّ : أرض ذاتُ فُيوض : إذا كان فيها ما يفيض حتى يعلو.

ويقال : أعطى فلانٌ فلاناً غَيْضاً من فَيْض ، أي : أعطاه قليلاً من كثير ونهر البصرة يسمى الغيض. وقال اللحياني : يقال : شارك فلان فلاناً شركة مفاوضة ، وهو أن يكون مالهما جميعاً من كل شيء يَمْلِكانِه بينهما.

ويقال : أمرُهم فَيْضُوضَى بينهم ، وفَيْضِيضى وفَوْضُوضى بينهم.

قال : وهذه الأحرف الثلاثة يجوز فيها المد والقصر.

وقال أبو زيد : القومُ فَيْضوضَى أمرُهم ، وفَيْضُوضَى فيما بينهم : إذا كانوا مختلطين ، يلبَس هذا ثوبَ هذا ، ويأكل هذا طعامَ هذا ، لا يؤامِرُ واحدٌ منهم صاحبَه فيما يفعَل في أمره.

وقال الليث : تقول : فوّضتُ الأمرَ إليه ، أي : جعلتُه إليه.

قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) [غافر : ٤٤] ، أي ، أَتَّكل عليه وصار الناس فَوْضَى ، أي : متفرِّقين ، وهو جماعة الفائض ، ولا يُفرد كما لا يُفرد الواحد من المتفرِّقين.

ويقال : الوحْشُ فَوْضى ، أي : متفرِّقة تتردّد. والناسُ فَوْضَى : لا سَراةَ لهم تجمعهم.

وفاضَ الماءُ والمطرُ والخيرُ : إذا كثر ، يَفيض فَيْضاً.

وفاضَ صدرُ فلانٍ بسِرّه : إذا امتلأ.

والحوضُ فائضٌ ، أي : ممتلىءٌ يسيل الماءُ من أعلاه.

قال الليث : وحديثٌ مُسْتفاض : مأخوذٌ فيه ، قد استفاضوه ، أي : أخذوا فيه.

قال : ومَن قال مستفيض فإنه يقول : ذائع في الناس ؛ مثلُ الماء المستفيض.

قلت : قال الفرّاء والأصمعيّ وابنُ السّكيت وعامّةُ أهل اللغة : لا يقال : حديثٌ مستفاض قالوا : وهو لَحْنٌ ليس من كلام العرب ، إنما هو مولّد من كلام الحاضرة. والصواب : حديثٌ مستفيض ، أي : منتشرٌ شائع في الناس ، وقد جاء في شعر بعض المُحَدثين :

* في حديثٍ من أمره مُستفاض *

وليس بالفصيح من كلامهم.

أبو عُبَيد : امرأة مُفاضَة : إذا كانت ضَخمَة البَطن ، مسترخيَةَ اللَّحْم ، وهو عيبٌ في النّساء.

واستفاض المكانُ : إذا اتَّسع فهو مُستفيضُ ؛ وقال ذو الرّمة :

* بحَيْثُ استفاض القِنْعُ غَرْبيَّ وَاسِطِ*

وفَيَّاض : من أسماء الرجال. وفيّاض :

٥٦

اسمُ فَرَسٍ من سَوابق خَيل العَرب ، وفرسٌ فَيْضٌ وسَكْبٌ : كثيرُ الجَرْي.

وفي حديثٍ جاء في ذكر الرِّجال : «ثم يكون على أثر ذلك الفَيْضُ».

قال شَمِر : سألتُ البكراويّ عنه فقال : الفَيْضُ : الموتُ ههنا ، ولم أسمعْه من غيره إلّا أنه قال : فاضتْ نفسُه ، أي : نزعه عند خروج روحه.

وقال أبو تراب : قال ابن الأعرابي : فاض الرجل وفاظ : إذا مات. وكذلك فاظت نفسه.

وقال أبو الحسن اللحياني : فاضت نفسه الفِعْلُ للنَّفْس.

وفاض الرجلُ يَفيضُ ، وفاظَ يَفيظُ فَيْظاً وفُيُوضاً.

وقال أبو ربيعة : قال الأصمعي : لا يقال : فاضَتْ نفسُه ولا فاظَتْ ؛ وإنما هو فاضَ الرجلُ وفاظَ.

وقال الأصمعي : سمعتُ أبا عمرو يقول : لا يقال : فاظتْ نفسُه ، ولكن يقال : فاظَ : إذا مات ـ بالظاء ـ ولا يقال : فاض ـ بالضاد ـ بتّةً ؛ وقال رُؤبة :

والأَزْدُ أَمْسَى شِلْوُهمْ لُفاظا

لا يَدْفِنون منهمُ من فاظا

وقال ابن السكيت : فاظ الميت يَفيظ فَيْظاً ، ويَفُوظُ فوضاً.

قال : وزعم أبو عُبَيدة : فاضت نفسُه لغةٌ لبعض بني تميم ، وأنشد :

تجَمَّع الناس وقالوا عُرْسٌ

فقُقِئَتْ عينٌ وفاضت نَفْسٌ

فأنشده الأصمعي فقال :

* إنَّما هو : وَطَنَّ الضِّرْسُ*

وقال أبو الحسن اللِّحياني.

قال الأصمعي : حان فَوْظَه ، أي : موتُه.

وقال الفرّاء : يقال : فاضَتْ نفسه تفيض فَيْضَاءً فُيوضاً ، وهي في تميم وكلْب ، وأفصح منها وآثر : فاظتْ نفسه فُيوظاً.

وقال أبو الحسن : قال بعضهم : فاظَ فلانٌ نفسه ، أي : قاءها. وضرَبْتُه حتى أفظتْ نفسه.

وقال شمر : قال الكسائيّ : إذا تَفَيّظوا أنفسهم ، أي : تَقَيَّئُوها.

أبو عُبيد عن الكسائي : هو يَفيظُ نفسَه ، وفاظت نفسُه ، وفاظ هو نفسُه وأفاظَه الله نفسَه ، وأنشد غيره :

فهتكتُ مهجةَ نفسِه فأفْضتُها

وثأَرْته بمُعَمّم الحِلْمِ

وقال شمر : قال خالد بن جَنْبة : الإفاضةُ : سُرْعة الرّكْض. وأفاضَ الراكب : إذا دفع بعيرَه شدّاً بين الجَهْد دون ذلك.

قال : وذاك نصفُ عَدْوِ الإبل عليها الرُّكْبان ، ولا تكون الإفاضةُ إلا وعليها الرُّكْبان.

٥٧

وفض : في حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أنه أَمَر بصدقةٍ أن توضَع في الأوْفاض».

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو : الأوْفاض : هم الفِرَق من الناس والأخلاط.

قال : وقال الفراء : هم الذين مع كل منهم وَفْضَة ، وهي مِثل الكِنانة يُلقِي فيها طعامَه.

قال أبو عبيد : وبلغني عن شريك أنه قال في الأوفاض : هم أصلُ الصُّفّة.

قال أبو عبيد : وهذا كلّه عندنا واحد ، لأنَّ أهلَ الصُّفّة إنما كانوا أخلاطاً من قبائلَ شتَّى ، وأمكن أن كان يكون مع كل رجل منهم وفْضَةٌ كما قال الفراء.

وقال ابن شميل : الجَعْبةُ المستديرةُ الواسعةُ التي على فَمها طَبَق من فوقها ، والوفْضة أصغرُ منها ، وأعلاها وأسفلُها مُستَوٍ ، وأنشد غيره بيتَ الطِّرماح :

قد تجاوزْتُها بَهضَّاء كالجِنَّة

يَخْفون بعضَ قَرْع الوِفاض

الهضّاء : الجماعةُ شبّههم بالْجِنّة لمرادتهم.

سلمة عن الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ) [المعارج : ٤٣].

قال : الإيفاضُ : الإسراع.

وقال الراجز :

لأنْعَتَنْ نعامةً مِيْفاضَاً

خرجاءَ ظلَّت تَطْلُب الإضاضَا

وقال الليث : الإبلُ تَفِضُ وَفْضاً ، وتَسْتَوْفِض ، أوفَضَها راكبُها.

وقال ذو الرمَّة يصف ثوراً وحشيّاً :

طاوِي الحشا قَصَرتْ عنه مُحرَّجةٌ

مُسْتَوفَضٌ من بَنَاتِ القَفْر مَشْهُومُ

قال الأصمعي : مستوفَض ، أي : أفْزَع فاستَوْفَض ، وأوْفَض : إذا أسْرع.

وقال أبو زيد : يقال : مالي أراكَ مستوفضاً ، أي مَذْعُوراً.

وقال أبو مالك : استُوْفِض ، أي : استُعْجل. وأنشد :

* تَعوِي البُرَى مُسْتَوْفِضاتٍ وفْضاً*

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للمكان الّذي يُمسِك الماء الوفاضُ والمَسَكُ والمسَاك ، فإذا لم يُمْسِك الماء فهو مُسْهِب.

وضف : قال أبو تراب : سمعتُ خليفة الحُصَينيّ يقول : أوْضَفَتْ الناقةُ وأوْضَعَتْ : إذا خَبَّتْ. وأوضَعتُها فوَضَعَتْ وأوضفتُها فوضفت ، أي : أخبيْتُها فَخَبَّتْ.

فضا : أبو عبيد عن الأصمعي في باب الهمز : أفضأْتُ الرجلَ : أطعمْتُه.

قلت : هكذا رواه شمر لأبي عبيد بالفاء ، وأنكَرَهُ شمر وحَقَّ له أن يُنْكِرَه ، لأنّه مصحَّف ، والصواب : أقْضأْتُه بالقاف : إذا أطعَمْتَه ، كذلك قال ابن السكيت. وقد مَرَّ

٥٨

في باب القاف ، والله أعلم.

باب الضاد والباء

ض ب (وا يء)

ضوب ، ضيب ، بيض ، ضبأ ، أبض ، ضبا : بغير همز.

ضوب ـ ضيب : أبو العباس عن سلَمة عن الفراء : ضابَ الرجلُ : إذا استَخفَى.

وباض : إذا أَقامَ بالمكان.

قال وقال ابن الأعرابيّ : ضابَ : إذا خَتَل عَدُوّاً.

وقال ابن المظفَّر : بلغني أن الضَّيْب شيء من دَوابّ البحر ، ولستُ على يقينٍ منه.

وقال أبو تراب : سمعتُ أبا الهَمَيْسَع الأعرابيَّ يُنشد :

إنْ تَمنَعي صَوْبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ

يَجرِي على الخدّ كصَيْبِ الثَّعْثَع

قلت : والثّعثَع : الصَّدَفَةُ ، وصَيْبُه : ما في جوْفه من حَبّ اللؤلؤ ؛ شَبَّه قَطرات الدموع به.

وقال أبو عمرو : الضُّوبان من الجمال : السمين الشديد ، وقال الشاعر :

على كلّ ضُوبانٍ كأن صَريفَه

بنابَيْه صوتُ الأخْطبِ المترنِّم

وقال الراجز :

لمّا رأيتُ الهمّ قد أجْفاني

قَرَّبْتُ للرَّحْل وللظِّعان

* كلَّ نِيَافِيّ القَرَا ضُوبانِ *

والنيافيّ : الطويلُ المشرِف.

بيض : أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : باض يَبوضُ بَوْضاً : إذا أقام بالمكان.

وباضَ يَبوضُ بَوْضاً : إذا حسُن وجهُه بعد كَلَف ؛ ومثلُه بَضَ يَبَضُ بَضَضاً. قال : وبَضَا : إذا أقام بالمكان أيضاً.

أبو عُبَيد عن العَدَبَّس الكِنانيّ : باضت البُهْمى : سقَطتْ نِصالُها.

وقال غيره : باض الحرُّ : إذا اشتدّ.

وروَى سَلَمة عن الفراء : باض : إذا أقام بالمكان.

أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : باض السحابُ : إذا أمطر. وأنشد :

باض النعامُ به فنَفّر أهلَه

إلّا المقيمَ على الدَّوا المتأَفِّنِ

قال : أراد مَطَراً وقَع بنَوْء النعائم. يقول : إذا وقع هذا المطرُ هرَب العقلاء وأقامَ الرجلُ الأحمق.

وقال الليث : البَيضُ معروف ، والواحدة بَيضة. ودَجاجة بَيوض ، ودجاجٌ بُيُضٌ للجماعة ، مثلُ : حُيُدٍ جمع حَيود ، وهي التي تحيد عنك.

وبَيْضةُ الحديد معروفة. وبيضةُ الإسلام : جماعتُهم.

والجاريةُ بَيْضَةُ الخِدْرِ ، لأنها في خِدرها مكنونة.

٥٩

قال امرؤ القيس :

وبَيْضةِ حِدْرٍ لا يرامُ خِباؤُها

تمتَّعْت من لَهوٍ بها غيرَ مُعْجَلِ

ويقال : ابْتيضَ القومُ : إذا استُبيحتْ بيْضَتهم وابتاضَهم العَدُوُّ : إذا استأصَلَهم.

قال : ويقال : غُراب بائِضٌ ، وديكٌ بائض ، وهما مثل الوالد.

قلت : يقال : دَجاجةٌ بائض بغير هاء ، لأن الدِّيك لا يبيض.

وقال الليث : بيْضةُ العُقْر : مَثَلٌ يُضْرَب وذلك أن تُغْتَصب الجارية فتُفْتَضّ فتجرَّب ببَيضة ، وتسمى تلك البيضةُ بيضةَ العُقر.

وقال غيرُ الليث : بَيضة العُقْر : بيْضةٌ يبِيضُها الديك مرّة واحدةً ثم لا تعود ، تُضرَبُ مَثلاً لمن يصنعُ صَنيعةً إلى إنسان ثمّ لا يَرُبُّها بمثلِها.

وقال الليث : بيْضة البَلَد : هي تَرِيكة النَّعامة.

وقال أبو حاتم في كتابه في الأضداد : فلانٌ بيْضةُ البلد : إذا ذُمَّ ، أي : قد أُفرِد وخُذل فلا ناصرَ له.

قال : وقد يقال ذلك في المدح ، وأنشد بيت المتلمِّس في موضع الذّمّ :

لكنّه حَوْض مَن أَؤْدَى بإخوتِه

رَيْبُ الزمان فأضحى بيضةَ البَلدِ

وقال الراعي لابن الرِّفاع العامليّ في مثل هذا المعنى :

تأبَى قُضاعة أن تَعْرِفْ لكم نسَباً

وابْنَا نِزارٍ فأنْتُم بيضةُ البَلَدِ

كان وجْه الكلام أن تعرفَ ؛ فسكّن الفاء لحاجتِه إلى الحركة مع كثرة الحركات.

أراد أنه لا نَسَب له ولا عَشرةَ تَحميه.

وقال حسان بنُ ثابت في المَدْح ببَيْضة البَلَد :

أَرى الجلابيبَ قد عَزُّوا وقد كثُروا

وابنُ الفُرَيعةِ أَمسى بيْضةَ البَلدِ

قال : وهذا مَدْح ، وابن الفُريعَة أبوه ، وأراد بالجلابيب : سَفِل الناس وعَثْرَاءَهم.

قلت : وليس ما قاله أبو حاتم بجيِّد ، ومعنى قول حسَّان : أن سَفِل الناس عَزُّوا بعد ذِلّتهم وكَثروا بعد قلتهم ، وابن الفُريعَة الذي كان ذا ثروةٍ وثراءِ عِزٍّ أُخِّر عن قديم شرفِه وسُودَدِه واستُبِدّ بإمضاء الأمور دونَه ودون وَلَدِه ، فهو بمنزِلة بيْضة البَلَد التي تبِيضها النعامة ثم تترُكها بالفَلاة فلا تَحضنها فتَبقَى تَريكةً بالفَلاة لا تُصان ولا تحضَن.

وروَى أبو عمرو عن أبي العباس أنه قال : العربُ تقول للرجل الكريم : هو بَيْضةُ البَلَد يمدحونه. ويقولون للآخر : هو بيْضة البلد : إذا ذَمُّوه.

قال : فالممدوح يُراد به البَيْضة التي تَصونُها النعامة وتُوقِّيها الأذى ، لأنّ فيها

٦٠