قال : وقال أبو عُبَيدة : الفَرْس : هو النَّخْع. يقال : فَرَسْتُ الشاةَ ونَخْعتُها ، وذلك أن يَنتهيَ بالذبْح إلى النُّخاع ، وهو الخَيْط الذي في فَقَار الصُّلب متصلٌ بالقفا فهي أن يُنتهىَ بالذبح إلى ذلك.
قال أبو عُبَيد : أما النَّخْع فعلى ما قال أبو عُبيدة. وأما الفَرْس فقد خُولِف فيه ، فقيل : هو الكسر ، كأنه نهَى أن تُكسَر رقبةُ الذبيحة قبلَ أن تَبرُد ، وبه سمّيت فريسة الأسد للكسْر.
قال أبو عُبَيد : الفَرْسُ ـ بالسين ـ الكسر ـ وبالصاد ـ : الشَّقّ.
أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الفَرْس : أن تُدَقّ الرقَبةُ قبل أن تُذبح الشاة قال : والفَرْس : رِيح الحَدب ، والفِرْس أيضاً ضَرْبٌ من النبات ، واختلَف الأعرابُ فيه ، فقال أبو المكارم : هو القَضْقاض.
وقال غيرُه : هو الشِّرْشِر. وقال غيره : هو الحَبْن. وقال غيره : هو البَرْوَق.
قال : ويكنَى الأسدُ : أبا فِراس ، قاله الليث.
وقال ابنُ الأعرابي : من أَسماء الأَسد : الفِرْناسُ ، مأخوذ من الفَرْس وهو دقُّ العُنُق والنون زائدة.
الأصمعي : يقال : فارسٌ بيّنُ الفُروسة والفَراسة ، وإذا كان فارساً بعَينه ونَظَره فهو بيّن الفِرَاسة بكسر الفاء.
ويقال : إن فلاناً لفارِسٌ بذلك الأمر : إذا كان عالماً به.
ويقال : اتّقُوا فِراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله. وقد فَرُس فلان يَفرسُ فُروسة وفَراسةً : إذا حَذق أمرَ الخيل.
ويقال : هو يتفرّس : إذا كان يُرِي الناسَ أنه فارس على الخيل.
ويقال : فلانٌ يتفرَّس : إذا كان يَتثبَّتُ ويَنظُر.
وروَى شَمِر بإسنادٍ له حديثاً أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم عَرَض يوماً الخيلَ وعندَه عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن الفَزاري ، فقال له : «أنا أعلمُ بالخيل منك» ، فقال عُيَيْنة : وأنا أعلم بالرجال منك. فقال : خِيارُ الرجال الذين يَضعون أسيافَهم على عواتقهم ، ويعرِضون رِماحَهم على مَناكب خيلِهم من أهل نَجْد. فقال النبي صلىاللهعليهوسلم : «كذبتَ ، خِيارُ الرجال رجالُ أهلِ اليمن ، الإيمانُ يَمانٍ وأنا يَمانٍ».
وفي حديثٍ آخر : «وأنا أَفْرَس بالرجال منك»، يريد : أبصَر.
يقال : رجلٌ فارس بيّن الفُروسة والفَراسة في الخيل ، وهو الثبات عليها والْحِذْق بأمرِها. قال : والفِراسة ـ بكسر الفاء ـ في النظر والتثبّت والتأمّل للشيء والبَصَر به.
يقال : إنه لفارسٌ بهذا الأمر : إذا كان عالماً به.
وفي حديثٍ آخر : «أفرَسُ الناس ثلاثة»، ثم ذكَر الحديث.
وفي حديثٍ آخر : «عَلِّموا رجالَكم العَوْم والفَرَاسة».
قال : والفَراسة : العِلْم بركوب الخيل ورَكْضِها.
قال : والفارس : الحاذقُ بما يمارس من الأشياء كلِّها ، وبها سمّيَ الرجلُ فارساً.
وفي حديثِ يأجوجَ ومأجوجَ : «إنّ الله يُرسل النَّغَف عليهمْ فيُصبحون فَرْسى»، أي : قَتْلَى. من فَرَسَ الذئبُ الشاةَ ، ومنه فَريسة الأسد. وفَرْسى جمعُ فَريس ، مِثلُ قَتِيل وقَتلى.
وقال الأصمعي : يقال أصابتْه فَرْسة : إذا زالت فَقْرةٌ من فِقَر ظهره. وأما الريح التي يكون منها الحَدَب فهي الفَرْصة بالصاد.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الفَراس : تَمرٌ أسوَد ، وليس بالشِّهْرِيز ، وأَنشد :
إذا أَكلوا الفَراسَ رأيتَ شَاماً |
على الأَنْباكِ منهم والغُيوبِ |
قال : والأَنباكُ : التِّلال.
ابن السكّيت : الفَرْس أصلُه دَقُّ العُنُق ، ثم صُيِّر كلُّ قَتْل فَرْساً ، وبالدَّهْناء جبالٌ من الرمل تسمَّى الفَوارس ، وقد رأيتُها.
والفِرْس : ضَربٌ من النَّبت.
وقال الليث : الفَرِيس : حَلْقَةٌ من خَشب مَعْطوفة تُشَدّ في طرف الحَبْل ، وأنشد غيره :
فلو كان الرِّشا مائتَين باعاً |
لكان مَمَرُّ ذلك في الفَرِيسِ |
أبو عبيد عن أبي زيد : الفَرْسة : قَرحة تكون في العنق فتَفْرِسها.
شمر عن ابن الأعرابي : الفرسة : الحدب.
قال : والفِرسة ـ بكسر الفاء ـ : الحَدب.
قال : والأحدب مفروس ، ومنه فرست عنقه.
وفي حديث الضحاك في رجل آلَى من امرأته ثم طلقها ، قال : هما كفرسيْ رِهان ، أيهما سبق أُخِذ به.
تفسيره : بأن العدة وهي ثلاث حيض ، إذا انقضت قبل انقضاء إيلائه وهو أربعة أشهر فقد بانت منه المرأة بتلك التطليقة ، ولا شيء عليه من الإيلاء ؛ لأن الأربعة الأشهر تنقضي وليست له بزوج ، وإن مضت الأربعة الأشهر وهي في العدة بانت منه بالإيلاء مع تلك التطليقة ، فكانت اثنتين.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : فارسٌ في الناس بيّن الفَراسة ، والفِراسة وعلى الدابة بيّن الفروسية والفرُوسةِ لغة فيه.
فسر : ثعلب عن ابن الأعرابي : الفَسْرُ : كشفُ ما غُطِّيَ.
وقال الليث : الفَسْر : التفسير وهو بيانٌ وتفصيلٌ للكتاب.
وأخبرَني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال : التفسير والتأويل ، والمعنى واحد.
وقال الليث : التَّفْسِرةُ : اسمٌ للبَوْل الذي يَنظُر فيه الأطباء يَستدِلون بلوْنه على عِلّة العليل وكلُّ شيء يُعْرَف به تفسير الشيء ومعناه فهو تَفسرَته.
وقوله عزوجل : (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) [الفرقان : ٣٣] ، الفَسرُ : كشف المغطَّى.
وقال بعضهم : التفسير : كشف المراد عن اللفظ المشكل. والتأويل : رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر.
رسف : قال الليث : الرَّسْف والرَّسِيف والرَّسَفان : مَشْيُ المقيّد ، وقد رَسَف في القَيْد يَرْسُف رَسيفاً فهو راسف.
أبو الهيثم عن نصير : يقال للبعير إذا قارب الخطو وأسرع الإجارة ، وهي رفع القوائم ووضعها : رَسف يرسُف. فإذا زاد عن ذلك فهو الرَّتَكان. ثم الْحَفْد بعد ذلك.
رفس : قال الليث : الرَّفْسَةُ : الصَّدمة بالرِّجل في الصَّدر. يقال : رفَسَه برِجْله يَرفُسُه رَفْساً.
س ر ب
سرب ، سبر ، رسب ، ربس ، بسر. برس.
رسب : قال الليث : الرُّسوبُ : الذَّهابُ في الماء سفْلاً. والفعل رَسب يَرْسب.
قال : والسيف الرَّسوبُ : الماضي في الضريبة ، الغائبُ فيها.
وقال غيره : كان لخالد بن الوليد سيفٌ سمَّاه مِرْسباً ، وفيه يقول :
ضَربتُ بالمِرْسَب رأسَ البِطرِيْقِ |
بصارمٍ ذي هَبَّةٍ فَتِيق |
وأنشد ابن الأعرابي :
قُبِّحْتَ من سالفةٍ ومِن قَفَا |
عبدٌ إذا ما رَسَب القومُ طَفَا |
قال أبو العبّاس : معناه : أن الحُكَماء إذا ما تَرزَّنوا في مَحافِلهم طَفَا هو بجَهْله ، أي : نَزا بجهله.
وقال ابن الأعرابي : المرسب : الأواسِي.
والرَّسُوب : الحكيم. وفي «النّوادر» : الرَّوْسَب والرَّوْسَم : الداهية.
ربس : قال الليث : الرَّبْسُ منه الارتباس ؛ يقال : عُنقودٌ مرتَبس ، ومعناه : انهضامُ حَبِّه وتداخُلُ بعضِه في بعض ، وكبشٌ رِبيس ورَبِيز ، أي : مكتنزٌ أَعجَر.
ابن السكيت : الرَّبِيس من الرِّجال : الشُجاع.
وأَنشَد :
* ومِثْلِي لُزَّ بالحَمِيسِ الرَّبيسِ *
أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : جاء بمالٍ ربيس ، أي : كثير. وجاء بالدِّبْس والرَّبْس وهما الداهية. وقال أبو زيد : جئت بأمورٍ دُبْس وبأمورٍ رُبْس ، وهي الدّواهي بالدال والراء.
أبو عُبيد عن الأمويّ : اربَسَ الرجلُ اربساساً ، أي : ذَهب في الأرض.
وقال ابن الأعرابي : ارْبسّ : إذا غَدا في الأرض.
برس : ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء ، وأبو عُبيد عن الأَصْمَعِي : البُرْسُ : القُطْن ، وقال الليث : هو قُطن البَرْدِيّ.
وأَنشَد :
* كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ*
وبَرْبَسْتُ فلاناً ، أي : طَلَبتُه.
وأَنشَد :
وبَرْبَسْتُ في تَطْلابِ أرضِ ابن مالكٍ |
فأعجَزَني والمرءُ غيرُ أَصيلِ |
ابن السكيت : يقال جاء فلان يَتبربس ، أي : يمشي مشياً خفيّاً.
وقال دُكين :
* فصبَحَتْه سَلِقٌ تبربس *
أي : يمشي مشياً خفيّاً.
وقال أبو عمرو : جاءنا فلان بتبربس : إذا جاء متبختراً.
ثعلب عن ابن الأعرابي : البِرْباسُ : البئرُ العَمِيقة. قال : والبَرْس : حَذاقَة الدَّليل.
وبرَسَ : إِذا تَشدَّد على غريمه.
سبر : الحرّاني عن ابن السكيت : السَّبْرُ : مَصدرُ سَبَرْت الجرْحَ أسبُره سَبْراً : إذا قِسْتَه لتَعرِف غَوْرَه ، ويقال : إنه لحَسَن السِّبْر : إذا كان حَسَن السَّحَناء والهَيْئة ، والسَّحْناء اللّون ، وجمعُه أَسْبار.
وفي الحديث : «يَخرُج رجلٌ من النار قد ذَهَب حِبْرُه وسِبْرُه»، أي : هيئته.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السَّبْر : استخراج كُنْه الأَمْر. والسَّبْر : حُسْن الوَجه ، ومنه الحديث : «قد ذهب حِبْرُه وسِبرهُ».
والمَسْبور : الحَسْن السبْر. وفي حديث الزُّبير أنّه قيل له : مُرْبَنِيك فليتزوّجوا في الغَرانب ، فقد غَلَب عليهمْ سِبْرُ أبي بكر ونُحولُه.
قال ابن الأعرابي : السِّبر ههنا الشَّبَه.
قال : وكان أبو بكر دقيقَ المحاسن نحيف البَدَن ، فأمَرَه الرجُل أن يزوجوهم الغرائبَ ليجتمع لهم حُسنُ أبي بكر وشدّة غيره.
وقال أبو زَيد : السِّبر : ما عرفت به لؤمَ الدابة أو كرمها أو لونها من قِبَل أبيها.
والسبْرُ أيضاً : معرفتك الدابة بخِصب أو جَدْب.
ويقال : عرفتُه بسبر أبيه ، أي : بهَيْئته
وشَبَهِه وقال الشاعر :
أَنا ابْنُ المَضْرَحِيِّ أبي شليل |
وهَلْ يَخفَى عَلَى النّاسِ النَّهارُ |
|
علينا سبْرُهُ ولِكلّ فَحْلٍ |
على أولادِه منه نِجارُ |
ثعلب عن ابن الأعرابي : السُّبْرة : طائر : تصغيرُه سُبَيرة.
وقال في موضع آخَر : السُّبَر والنُّهس : طائران.
وقال الليث : السُّبَر : طائرٌ دونَ الصَّقر.
وأَنشَد :
* حتّى تَعاوَرَه العِقْبانُ والسُّبُر*
قال : والسَّبر : من أَسماء الأَسَد. ولم أسمعه لغير الليث. وقال المؤرّج في قول الفرزدق :
بجَنْبَيْ خِلال يَدفَع الضَّيم منهمو |
خَوادِرُ في الأخْياسِ ما بينها سِبْرُ |
قال : معناه : ما بينَها عداوة. قال : والسِّبر : العداوة ، وهذا غريب.
وقال اللّيث : السبر : التجربة ، ويقال : اسْبرُه ما عندَ فلان ، أي : ابلُه. قال : والمِسبار : ما يُقدَّر به غَوْر الجِراحات ، قال : والسِّبار : فَتيلةٌ تُجعَل في الجُرح.
وأَنشَد :
* ترُدُّ على السّابرِين السِّبارَا*
وحدثنا عبد الله بن عروة قال : حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدثنا المحاربي عن مسافر العجلي عن الحسن عن أنس قال : لم يخرج رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في سفر قطّ إلا قال حين ينهض من جلوسه : «اللهم بك ابتسرْت ، وإليك توجهت ، وبك اعتصمت ، أنت ربي ورجائي. اللهم اكفني ما أهمني وما لم أهتم به ؛ وما أنت أعلم به مني. وزودني التقوى ، واغفر لي ذنبي ، ووجهني للخير حيث توجهت» ثم يخرج.
قوله صلىاللهعليهوآله : «ابتسرت» ، أي : ابتدأت سفري. وكلّ شيء أخذتَه غضاً فقد بسرته.
ومنه قول لبيد :
* بسرتُ نداه لم تُسَرّب وحوشه*
والبَسْرُ : الماء الطري ساعة ينزل من المزن.
وفي حديث النبي صلىاللهعليهوسلم أنه ذَكَر فضلَ إسباغِ الوضوء في السَّبرَات.
قال أبو عُبيد : السَّبْرة : شِدّة البَرْد.
وأَنشَد قولَ الحطيئة يصف الإبل :
عِظامُ مَقِيل الهامِ غُلْبٌ رِقابُها |
يُباكِرْنَ حَدَّ الماء في السبراتِ |
يعني شدّة بَرْد الشّتاء والسَّنة.
بسر : قال الله جل وعز : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤)) [القيامة : ٢٤].
وقال تعالى : (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢)) [المدثر : ٢٢].
قال أبو العباس : (بَسَرَ) ، أي : نظر بكراهية شديدة. وقوله عزوجل : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤)) ، أي : مقطِّبةٌ قد أيقنَتْ أن العذاب نازِلٌ بها.
أبو عُبَيد عن الأصمعي : إذا ضُرِبت الناقةُ على غير ضَبَعةٍ فذلك البَسَر ، وقد بَسَرها الفحلُ فهي مَبْسورة.
قال شمر : ومنه يقال : بَسَرْتُ غَريمي : إذا تقاضيته قبل محلّ المال. وبَسَرْت الدُّمُّل : إذا عَصَرْتَه قبل أن يتقيّح ، وكأن البَسْر منه.
أبو عبيدة : إذا همت الفرس بالفحل وأرادت أن تستودق ، فأول وداقها المباسرة وهي مباسِرة ، ثم تكون وديقاً.
والمباسِرَةُ : التي همت بالفحل قبل تمام وداقها : فإذا ضربها الحصان في تلك الحال فهي مبسورة.
قال شمر : وبَسَرْت النباتَ أبسرُه بَسْراً : إذا رعيتَه غَضّاً وكنتَ أوّلَ من رَعاه.
وقال لَبيدٌ يصف غَيْثاً رَعاه أُنُفاً :
بَسَرْتُ نَداهُ لم تُسَرَّبْ وُحوشُه |
بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المشَّذَّبِ |
سَلَمةَ عن الفرّاءِ قال : البُسْرُ : الماءُ الطريّ ساعةَ يَنزل من المُزْن ، والبَسْرُ : حَفْرُ الأنهار إذا عَرا الماءُ أوطانَه.
قلتُ : وهو التبسّر ؛ قال الراعي :
إذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأرض عنه |
تبسَّرَ يَبْتَغِي فيها البِسارَا |
قال ابن الأعرابي : بَنَاتُ الأرض الأنهارُ الصِّغار ، وهي الغُدْرانُ فيها بَقايا الماء ، ويقال للشمس بُسْرَة : إذا كانت حَمْراء لم تَصْفُ ؛ وقال البَعِيثُ يذكرها :
فَصَبَّحَه والشمسُ حَمْراءُ بُسْرَةٌ |
بِسائغةِ الأنْقَاءِ مَوْتٌ مُغَلِّسٌ |
وقال أَبو عُبيدة : إذا همّت الفَرسُ بالفحْل ولم تَسْتَوْدِق فهو مباسَرة ، ثم تكون وَدِيقاً ؛ فإذا سفِدَها الحِصان في تلك الحال قيل : تَبَسَّرَها وبَسَرَها.
ورُوِيَ عن الأشجع العَبْدِيّ أنه قال : لا تَبْسُروا ولا تَثْجُروا ؛ فأما البَسْرُ فهو خَلْطُ البُسْر بالرُّطَب وانْتِبَاذُهُما مَعاً. والثَّجْرُ : أن يُؤْخَذ ثَجِيرُ البُسْر فيُلْقَى مع التَّمر ، وكرِه هذا حِذار الخليطين ؛ لنهي النبيّ صلىاللهعليهوسلم عنهما. والبُسْر : ما لَوَّنَ ولم يَنضَج ، وإذا نَضِجَ فقد أَرْطَب.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : إذا اخْضَرَّ حَبُّه واستدار فهو جَدالٌ ، فإذا عَظُمَ فهو البُسْرُ ، فإذا احْمَرَّت فهي شِقْحَةٌ.
الليث : البسرَة من النّبات ما قد ارتفع عن وَجْه الأرض ولَم يَطُل وهو غَضٌّ أطيَب
ما يكون ، وأَنشد :
رَعَتْ بارِضَ الْبُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً |
وصَمْعَاءَ حتى آنَفَتْهَا فِصالْها |
والبَيَاسِرَةُ : جِيلٌ من السِّنْد يستأجرهم أهلُ السُّفُن لمحاربة عدوّهم ، ورجُلٌ بَيْسرِي.
والبِسَارُ : مَطَرٌ يَدُوم على أَهْلِ السِّنْد في الصَّيف لا يُقلِع عنهم ساعةً ، فتلك أيَّامُ البِسار.
والبَاسورُ : داءٌ مَعروفٌ ، وهو معرَّب ويُجْمَع البواسير.
ثعلب عن ابن الأعرابي : البسرةُ رأسُ قضيبِ الكلب ، والمبْسُور : طالبُ الحاجة في غير موضعِها. وبَسَر النهرَ : إذا حفر فيه بئراً وهو جافّ ؛ وأنشد :
* تَبَسّرَ يَبْتَغِي فيها البِسَارَا*
وقال : انبَسَر وبَسَرَ : إذا خَلَط البُسْرَ بالتمر أو الرطب فَنَبَذَهُما. وأَبْسرَ وبَسَرَ : إذا عَصَرَ الحِبْنَ قبل إقْرَافِه ، وأَبْسَرَ : إذا حَفَرَ في أرضٍ مَظْلومة.
سرب : قال الفرّاء في قول الله جل وعز : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [الرعد : ١٠] ، قال : (سارِبٌ بِالنَّهارِ) أي ظاهرٌ بالنهار ؛ ونحو ذلك قال الزّجاج.
قال : (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) ظاهرٌ بالنهار في سِرْبِه ؛ يقال : خَلِّ له سِرْبَه ، أي : طَرِيقَه.
فالمعنى : الظاهرُ في الطُّرُقات ، والمستخفِي في الظُّلُماتِ ، والجاهرُ بِنُطْقه ، والمُضْمِرُ في نفسه ، عِلْمُ الله تعالى فيهم سواء.
وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس قال : قال الأخفش في قوله عزوجل : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) ، أي : ظاهر.
والسارب : المتواري.
وقال أبو العبّاس : المستخفِي : المستتر.
قال : والساربُ : الظاهر ، المعنى الظاهر والخفِيّ عنده واحِدٌ.
وقال قَتَادة في قوله : (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) : ظاهر ، ونحو ذلك رُوِيَ عن ابن عبَّاس.
وقال قُطْرُب : (سارِبٌ بِالنَّهارِ) ومستتر ، يقال : انسَرَبَ الوحشُ : إذا دخلَ في كِنَاسِه.
قلت : تقول العَرَب : سَرَبَت الإبلُ تَسْرُبُ ، وسَرَبَ الفحلُ سُرُوباً ، أي : مضتْ في الأرض ظاهرة حيث شاءت. وقال الأخنس بن شهاب التّغْلبي :
وكلّ أُناسٍ قارَبوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ |
ونحن خَلَعْنَا قَيْدَه فهو سَارِبُ |
وأمّا الانسِراب فهو الدخول في السّرَب كما قال. وفي الحديث : «من أصبحَ آمناً في سِرْبِه» أَخْبَرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : السِّرْبُ : النَّفْسُ ، بكسر السين. وفلانٌ آمِنٌ في سِرْبِه ، أي : في نَفْسِه ، وكذلك قال ابن السكّيت.
قال : والسِّرْبُ أيضاً بالكَسْر : القَطيع من
الظِّبَاء والبَقَر والنِّساء.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : السِّرْب والسُّرْبة من القَطا والظِّباء والشَّاء : القَطِيعُ.
ويقال : فلانٌ وَاسِعُ السِّرْب ، أي : وَاسعُ الصَّدر ، بَطِيءُ الغَضَب. قال : وفلانٌ آمنٌ في سِرْبه بالكسر. وأما السَّرْبُ بالفتح فإن ابن السكّيت قال : السَّرْبُ : المالُ الرّاعي يقال : أَغير على مال سَرْب بني فلان ويقال للمرأة عند الطلاق : اذهبِي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. ونحو ذلك.
حَكَى أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ قال : ومعناه : أني لا أَرُدُّ إبلك لتذهب حيث شاءت وأَصْلُ النَّدْه : الزَّجْرُ. وقال غيره : كان هذا من طَلاق أهلِ الجاهلية.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : خَلِ سَرْبَ الرجل ـ بالفتح ـ ، أي : خَلِّ طريقَه قال : وقال أبو عمرو : خل سِرْبَ الرَّجُل بالكسر. وأنشد بيت ذي الرّمة :
خَلَّى لها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَهَا |
مِنْ خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ |
قال شمر : الرواية : خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها بالفَتح.
قلتُ : وهكذا سمعتُ العَرَبَ تقول : خَلِ سَرْبَه ، أي : طريقه.
وكان الأخفش يقول : أصبح فلانٌ آمِناً في سَرْبه بالفتح ، أي : في مَذْهبه ووَجْهه.
والثِّقاتُ من أهل اللّغة قالوا : أصبح آمِناً في سِرْبه ، أي : في نَفْسِه.
وقال الأصمعيّ : يقال : سَرِّبْ عليَّ الإبل ، أي : أَرْسِلْها قطعةً قطعةً. قال : ويقال : خَرَج الماءُ سَرِباً ، وذلك إذا خرج من عُيون الخُرَز ؛ ويقال : سَرِّب قِرْبَتَك ، أي : اجعل فيها الماءَ حتّى تَنتفِخ عيونُ الخُرَز فتنسَدّ ؛ وأَنشد قول جرير :
نَعَمْ فانهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ |
كما عَيَّنْتَ بالسَّرَب الطِّبابَا |
أبو عُبيد عن الأصمعيّ : السرَب : الماءُ السائل.
قال : وقال الأموي : السَّرَب : الْخَرز.
وأما قوله :
* كأنه من كلِّي مَفْرِيَة سَرَبُ *
فإن الرواة رووه بالفتح ، وقالوا : السَّرَبُ : الماء. والسربُ : السائل.
يقال : سَرِب الماءُ يَسرَبُ سَرَباً : إذا سال فهو سَرِب.
وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) [الكهف : ٦١] ، قال : كان الحوت مالحاً ، فلمّا حَيِيَ بالماءِ الّذي أصابَه من العين فوَقَع في البحر جَمَد مَذْهَبُه في البحر ، فكان كالسَّرَب.
وقال أبو إسحاق : كانت فيما رؤيَ سَمَكةً مملوحةً ، وكانت آيةً لموسى في الموضع الّذي يَلقَى فيه الْخَضِر ، (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) ، أحيا الله تعالى السّمكةَ حتّى
سَرَبتْ في البحرَ قال : «وسَرَباً» منصوبٌ على جهتين : على المفعول ، كقولك : اتّخذتُ طريقي في السَّرَب ، واتّخذْتُ طريقي مكانَ كذا وكذا ، فيكون مفعولاً ثانياً ؛ كقولك : اتّخذت زيداً وكيلاً. قال : ويجوز أن يكون «سَرَباً» مصدراً يَدُلَّ عليه (اتخذ (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) ؛ فيكون المعنى : (نَسِيا حُوتَهُما). فجَعل الحوتُ طريقَه في البحر ، ثم بيّن كيف ذلك ، فكأنّه قال : سَرِب الحوتُ سَرَباً.
وقال المُعْترِض الظَّفرى في السَّرب وجعله طريقاً :
تركنا الضَّبع ساريةً إليهم |
تنوب اللحمَ في سَرَب المَخِيم |
قيل : تنوبه ، تأتيه. والسَّربُ : الطريق.
والمَخِيمُ : اسم واد ؛ وعلى هذا معنى الآية : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) [الكهف : ٦١] ، أي : سبيل الحوت طريقاً لنفسه ، لا يحيد عنه. المعنى : اتخذ الحوت سبيله الذي سلكه طريقاً اطّرقه.
وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) قال : أظنّه يريد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً ؛ كقولك : يَذهَب ذَهاباً.
وقال شمِر : الأَسراب من الناس : الأَقاطيع ، واحدُها سِرْب. قال : ولم أَسمَع «سِرْبَ» في الناس إلا للعجّاج :
* ورَبِ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ*
وقال أبو الهَيْثَم : سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً ، أي : يَجرِي جَرْياً ؛ يقال : سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.
سلَمة عن الفرّاء قال : السراب : ما لَصِقَ بالأرض ، والآلُ : الّذي يكون ضُحًى كالمُلَاء بين السَّماء والأرض.
وقال ابن السكّيت : السراب : الّذي يَجرِي على وَجْه الأرض كأنّه الماء ، وهو يكون نِصفَ النهار ، وهو الّذي يَلصِق بالأرض ؛ وفي صفة النبيّ صلىاللهعليهوسلم أنه كان دقيقَ المَسْرُبَة ؛ قال أبو عبيد : المَسرُبة : الشَّعْرُ النابت وَسطَ الصَّدْر إلى البَطْن ؛ وأَنشَد :
الآنَ لما ابيَضَ مَسْرُبَتي |
وعَضِضْتُ من نابي على جِذْم |
أبو عُبيد عن أبي زيد : سُرِب الرجلُ فهو مَسروب سَرْباً ، وهو دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الإنسان وفمه ودُبُرَه فيأخذه حَصَرٌ عليه فرُبما أفرَق وربّما مات والاسم الأُسرُبُ.
وقال شمِر : الأُسرُبُ مخفف الباء ، وهو بالفارسيّة سُرْب.
قال أبو عبيد : مَسربةُ كلّ دابة : أعاليه من لدن عنقه إلى عَجْبه ، وأنشد :
جلال أبوه عمُّه وهو خاله |
مساربه حُوٌّ وأقرابه زهرُ |
قال : أقرابه : مَراقّ بطنه. قال الشيخ :
وفي الحديث في الاستنجاء بالحجارة يمسح صفحتيه بحجرين ، ويمسح بالثالث المَسْرُبة، يريد أعلى الحلقة. وقال بعضهم : السُّربة : كالصُّفة بين الغرفة.
وقال أبو مالك : تسرّبْتُ من الماء ومن الشراب ، أي : تملأتُ منه.
وقال الأصمعيّ : يقال للرّجل إذا حَفَر : قد سرَّب : أي : أخَذَ يَميناً وشِمالاً. وإنه لبَعيد السرْبة : أي : بَعيد المَذْهب في الأرض.
وقال الشَّنْفَرَى ، وهو ابن أختِ تأبّط شَرّاً :
خَرجْنا من الوادِي الّذي بَيْنَ مِشْعَلٍ |
وبَين الجَبَا هيهاتَ أَنشأْتُ سُرْبَتي |
أي : ما أَبعدَ الموضعَ الّذي منه ابتدأتُ مَسيرِي.
الليث : فلانٌ آمِن السِّرْب ، أي : آمنُ القَلْب ، أي : لا يُغزَى مالُه ونعَمُه ... وفلان مُنساح السّرب ، يريدون شعر صدره. قال : ومَسَارِب الدّوابّ : مَراقُّها في بطونها وأرفاغِها ، ومَسارِب الحيّات : مواضعُ آثارِها إذا انسابت في الأرض على بطونها.
وقال ابن الأعرابيّ : السُّرْبةُ : جماعةٌ يَنسلُّون من العَسْكر فيُغِيرون ويَرجِعون.
والسِّرْب : النَّفْس.
أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : السربة : السفر القريب ، والسبأة : السفر البعيد ، يقال : سبأته الشمس ، أي : لوّحته وغيرته. ويقال : إنك تريد سبأة ، أي : سفراً بعيداً.
س ر م
سرم ، سمر ، مسر ، رمس ، رسم ، مرس.
سرم : أخبرَني المنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ أنّه سمِعَ أعرابيّاً يقول : اللهمّ ارزقني ضِرْساً طَحُوناً ، ومَعِدةً هَضُوماً ، وسُرْماً نَثُوراً.
قال ابن الأعرابيّ : السُّرْم : أمُّ سويْد ، وقال الليث : السرْم : باطنُ طَرف الخَوْران. وقال ابن الأعرابيّ : السَّرَم : وَجَع العَوَّاء ، وهي الدُّبُر.
وقال اللّيث : السَّرْمُ ، ضربٌ من زَجْر الكِلاب ، تقول : سَرْماً سَرْماً : إذا هيَّجتَه.
وقال ابن شميل : قال الطائفيّ : السُّرْمانُ : ضَرْب من الزَّنابير صُفْر ، ومِنْها ما هو مجزَّع بحُمْرة ، وصُفْرة ، وهو من أخبثِها ، ومنها سُودٌ عِظام.
سمر : قال أبو إسحاقَ في قول الله عزوجل : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)) [المؤمنون : ٦٧] ، قال : سامِراً بمعنى سمّاراً. قال : والسَّامرُ : الجماعةُ يتحدّثون ليلاً. والسَّمَرُ : ظِلُّ القمر ، والسُّمْرة مأخوذةٌ من هذا. وأَخبَرني المنذريُّ عن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله تعالى : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً) ، أي في السَّمر ،
وهو حديثُ الليل ، يقال : قومٌ سامرٌ وسمْر وسُمَّار وسمَّر.
سلَمة عن الفرّاء في قولِ العَرب : لا أَفعَل ذلك السَّمَرَ والقَمر ، قال : السَّمَرُ : كلُّ ليلةٍ ليس فيها قمر تسمَّى السمر ، المعنَى : ما طَلَع القَمر وما لَم يَطلُع. وقال غيرُه : السمَر : اللّيل ، وأَنشَد :
لا تَسقِني إن لَمْ أَزُرْ سمَراً |
غَطْفَانُ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخْمِ |
وسامِرُ الإبل : مَا رَعى منها باللّيل ، يقال : إنّ إبِلَنا تَسمُر ، أي : تَرعَى ليلاً. وسمَر القومُ الخَمرَ : شَرِبوها ليلاً ، وقال القُطاميّ :
ومُصَرّعِينَ من الكلَالِ كأَنّما |
سمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ |
وقال ابن أحمر فجعل السمَر لَيْلاً :
مِنْ دُونِهم إنْ جِئْتَهُمْ سمَراً |
حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ |
أراد : إن جئتَهم ليلاً.
وقال الليث : السامرُ : المَوْضع الَّذي يَجتَمعون فيه للسمَر. وأَنشَد :
* وسامِرٍ طالَ فيه اللهْوُ والسمَرُ*
قلتُ : وقد جاءت حروفٌ على لَفْظِ فاعِل وهي جمعٌ عن العَرَب ، فمنها الجَامِل والسامِر والباقر والحاضِر ، فالجَاملُ : الإبلُ فيها الذُّكور والإناث. والسامِرُ : جماعةُ الحي يَسمُرون ليلاً. والحاضرُ : الحيُّ النُّزول على الماءِ. والباقرُ : البقرُ فيها الفُحولُ والإناث.
وقال الليث : السمْرُ : شَدُّك شيئاً بالمسمار والسمْرةُ : لونٌ يَضرِب إلى سَوادٍ خَفِيّ.
وقَناةٌ سمراءُ وحِنْطةٌ سمْراء.
أبو العَبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : السمْرة في الناس : هي الوُرْقة. والسمَرة : الأُحْدوثة باللّيل. قال : ويقال : لا آتيكَ ما سمَر السمِير. وهم الناس يسمُرون ، وما سمَر ابنَا سمِير : وهما اللّيل والنّهار.
ولا آتيك السمَرَ والقَمَر ، أي : لا آتيك دَوامَهما. والمعنى لا آتيك أبداً.
وقال أبو بكر : قولهم : حلف بالسمَر والقمر. قال الأصمعي : السمر عندهم الظلمة. والأصل اجتماعهم يسمرون في الظلمة. ثم كثر الاستعمال حتى سمُّوا الظلمة سمَراً. قال أبو بكر : السمَر أيضاً جمع السامر. ورجل سامر ورجال سمّر.
وأنشد :
من دونهم إن جئتهم سمراً |
عَزفُ القِيان ومجلسٌ غَمْرُ |
قال : ويقال في جمع السامر : سُمَّار وسمَّر. وقال في قول الله تعالى : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)) [المؤمنون : ٦٧] : تهجرون القرآن في حال سمركم. وقرىء : (سمَّراً) وهو جمع السامر. أخبرني المنذري عن ثعلب عن
ابن الأعرابي : يقال : لا آتيك ما سمر السمير. وهم الناس يسمرون بالليل. وما اختلف ابنا سمير ، أي : ما سمر فيهما.
وما سمر ابنا سمير ، وهما الليل والنهار.
وقال أبو الهيثم : السميرُ : الدهرُ. وابناه : الليل والنهار.
وأخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمة أنه سمع الفراء قال : بعثت من يسمُر الخبر.
قال : ويسمى السمر به.
وقال ابن السكّيت : لا آتِيك ما سمر ابنَا سَمِير ، ولا أَفعَلُه سَمِيرَ اللَّيالي ، وقال الشَّنْفَرَي :
هُنالِك لا أرجُو حَياةً تسرُّني |
سَمِيرَ اللَّيالِي مُبْسَلاً بالجَرائرِ |
وقال أبو زيد : السَّميرُ : الدَّهْر. وفي «النّوادر» : رجلٌ مَسْمور : قليلُ اللَّحم ؛ شديدُ أسْرِ العِظام والعَصَب.
وفي حديث الرَّهْط العُرنيِّين الّذين قَدِموا المدينة فأَسلَموا ثمّ ارتدوا فسَمَرَ النبيُّ صلىاللهعليهوسلم أعينَهم ، ويُروَى سمَلَ، فمن رَوَى سَمَر بالراء فمعناه : أنّه أَحْمَى لهم مَساميرَ الحديد ثم كَحَلهم بها ومَن رواه سَمَل باللام فمعناه : فقَأَها بشَوْك أو غيره.
وقال اللّيث : السِّمسار فارسيّة معرَّبة ، والجميع السَّماسرة.
وفي الحديث : أن النبيّ صلىاللهعليهوسلم سمّاهم التُّجّار بعد ما كانوا يُعرَفون بالسَّماسرة
والمَصدَر السَّمْسَرة ؛ وهو أن يتوكّل الرجلُ مِن الحاضرة للبادية فيَبيع لهم ما يَجلبونه.
وقيل في تفسير قوله : «ولا يَبيع حاضرٌ لِباد» أراد أنه لا يكون له سِمْسَاراً ، والاسم السَّمْسَرة ؛ وقال :
* قَد وَكّلْتنِي طَلَّتي بالسَّمْسَرة*
والسَّمُرُ : ضَرْبٌ من العِضَاه ، الواحدة سَمُرة.
سَمَر إبله وسمّرها : إذا أكمشها. وسَمَّر شوكه : إذا خلاها ، وكذلك شمَّرها إذا سيّبها ، والأصل الشين فأبدلوا منها السين ، قال :
أرى الأسود الحلبوب سمّر شولنا |
لشول رآها قد شتَتْ كالمجادل |
قال : رأى إبلاً سماناً فترك إبله وسمّرها ، أي : خلّاها وسَيّبها.
قال شمر : وناقة سَمُور : نجيبة سريعة.
وأنشد :
فما كان إلا عن قليل فألحقت |
بنا الحيَّ شوساءُ النَّجاءِ سَمُورُ |
وفي حديث عمرَ أنّه قال في الأَمَة يَطَؤُها مالِكُها : إن عليه أن يحصِّنها فإنه يُلْحِقُ به وَلدَها. قال : ومن شاء فليُسَمِّرها.
قال أبو عُبيد : الرواية فليُسَمِّرها بالسِّين ، والمعروفُ في كلام العرب التَّشْمير ، وهو الإرسال ، وقال شَمِر : هما لُغَتان بالشين والسين معناهما الإرسال.
ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : التّسمير : إرسالُ السَّهْم بالعجلة.
والخَرْقَلة : إرساله بالتأني ، يقال للأول : سَمِّر فقد أخطَبَك الصَّيدُ ، وللآخَر : خَرْقِل حتى يُخْطِبك الصيد.
وقال اللّيث : السامِرةُ : قومٌ من اليَهود يخالفونهم في بعض دِينهم ، وإليهم نُسِب السامِرِيّ الّذي اتَّخذ العِجل الذي سُمِع له خوَار.
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : السَّمَّار : اللَّبَن الممذوقُ بالماء.
وأَنشَد :
وليَأْزِلَنّ وتَبْكُوَنَّ لِقاحُه |
ويُعلِّلن صبيَّةٌ بسمَارِ |
وقال غيرُه : السَّمُّور : دابّةٌ معروفةٌ يسوَّى من جُلودِها فِراءٌ غالية الأَثْمان ، وقد ذَكره أبو زُبَيد الطائي فقال يَذكر الأَسد :
حتى إذا مَا رأَى الأَبْصارَ قد غَفَلتْ |
واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُودِيَ سمُّورِ |
جُودِيَّ النَّبطية جُوذِيا ، أراد جُبّةَ سَمُّورٍ لسَواد وَبَرَه واجتَاب : دَخَل فيه ولَبسهُ.
أبو عُبَيدة : الأسمَران : الماءُ والحِنْطة.
رسم : قال اللّيث : الرَّسْمُ : الأثَر.
وترسمتُ ، أي : نظرتُ إلى رُسُوم الدار.
والرَّوْسَمُ : لُوَيحٌ فيه كِتابٌ مَنْقوشٌ يُختَم به الطَّعام ، والجميع الرَّواسِم والرَّوَاسِيم.
وقد جاء في الشِّعر :
* قُرْحة رَوْسَم *
أي : بوجهِ الفرس ، وناقةٌ رَسُومٌ : وهي ترسُمُ رَسِيماً ، وهي التي تؤثّر في الأمر من شدَّة وَطْئِهَا.
وقال أبو عَمرو : تَرَسَّمْتُ المنزلَ : إذا تأَمَّلتَ رَسْمَه وتفرّسْتَه.
أبو عبيد : الارتسامُ : التكبير والتعوُّذ ، وقال القطاميّ :
في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ ساكِنة |
إذَا الصَّرَارِيُّ من أَهْوَالِهِ ارْتَسَمَا |
وقال أبو تُراب : سَمِعْتُ عَرَّاماً يقول : هو الرَّسْمُ والرّشْمُ للأَثَر ، ووَسَمَ على كذا ورشَم ، أي : كَتَب.
وقال أبو عمرو : يقال للّذي يُطْبَع به : رَوْسَم ورَوْشَم ، وراسُوم وراشُوم ، مثل رَوْسَم الأكداس ، ورَوْسَمِ الأمير ، وقال ذو الرمّة :
ودِمْنَةٍ هَيَّجَتْ شَوْقِي مَعالِمُها |
كأنَّها بالهدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ |
والهِدَمْلاتُ : رمالٌ معروفة بناحية الدَّهْناء.
أبو عبيد عن الأصمعيّ : الرَّسِيم من سَيْرِ الإبل فوقَ الذَّمِيل.
ابن الأعرابيّ : الرَّسَمُ : حُسْنُ المَشْي.
أبو عُبَيد عن أبي عَمْرو : الثَّوْبُ المُرَسَّم : المخطَّط.
رمس : قال الليث : الرَّمْس : التراب. ورَمْسُ القبر : ما حُثِيَ عليه. وقد رَمَسْناهُ بالتراب. والرَّمْسُ : تُرابٌ تَحْمِلُهُ الرِّيح فتَرمُس به الآثارَ ، أي : تَعفوها. والرياحُ الرَّوَامِس وكلُّ شيءٍ نُثرَ عليه التُّرَابُ فهو مَرْمُوسٌ ؛ وقال لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ :
يا ليتَ شِعري اليومَ دَخْتَنُوسُ |
إذا أتاهَا الخبَرَ المَرْمُوسُ |
|
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَمْ تَمِبسُ |
لا ، بَلْ تَمِيسُ إنها عَرُوسُ |
أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا كَتَمَ الرجلُ الخبرَ القومَ قال : دَمَسْتُ عليهم الأمر ورَمَسْتُه.
وقال ابن الأعرابي : الرَّامُوس : القَبْر.
ورُوِيَ عن الشَّعْبي أنه قال : إذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ أَجْزَأَه عن غُسل الجنابة.
قال شَمِر : ارْتَمَس في الماء : إذا انْغَمَسَ فيه حتى يغيبَ رأسه ، وجميعُ جسدِه فيه.
والقبرُ يسمَّى رَمْساً. وقال :
وبينما المرء في الأحياء مغتبط |
إذا هو الرَّمْسُ تصفوه الأعاصيرُ |
أراد : إذا هو تراب قد دُفِنَ فيه والرياح تطيِّرْه. والرامساتُ : الرياح الدَّافناتُ.
ورَمَستُ الحديثَ : أَخْفَيْتُه وكَتَمْتهُ. قال ابن شميل : الروامس : الطيرُ التي تطير بالليل. قال : وكل دابة تخرج بالليل فهي رامس ، تَرْمُس : تَدفن الآثار كما يُرْمَس الميت. قال : وإذا كان القبر قدوماً مع الأرض فهو رمس ، أي : مستوياً مع وجه الأرض. ورمست الرجل في الأرض رمساً ، أي : دفنته وسوَّيْت عليه الأرض ، وإذا رفع القبر في السماء عن وجه الأرض لا يقال له رمس.
مسر : قال اللّيث : الْمَسْرُ : فعل الماسِر ، يقال : هو يَمْسُرُ الناس ، أي : يُغْرِيهم.
وقال غيرُه : مَسَرْتُ بهِ ومَحَلْتُ بِه ، أي : سَعَيْتُ به. الماسِرُ : الساعي.
مرس : الحرّاني عن ابن السكيت : المَرْس : مَصْدرُ مَرَسَ التَّمْر يَمرُسه أو مَرَثَه يَمْرُثه : إذا دَلَكه في الماء حتى يَنْماثَ فيه ؛ ويقال للثَّرِيد المَرِيس ؛ لأنّ الخُبْزَ يَنماثُ فيه ؛ قال ذلك أبو عمرو.
وقال ابن السكيت : المرَسُ : شِدّة العِلَاج.
يقال : إنه لمَرِس بيّن المَرَس : إذا كان شديد المِراس.
وامْتَرَسَت الشُّجعانُ في القتال ، وامتَرَس الخُطباءُ ، وامتَرَست الألسُنُ في الخِصام.
قال : والمَرْس : الحَبْل أيضاً.
والمَرْسُ أيضاً مصدرُ مَرَس الحَبْل يَمْرُس مَرْساً ، وهو أن يقع بين القَعْو والبكْرة ، ويقال له : إذا مرِس : أَمْرِس حَبْلَك وهو أن تُعيده إلى مَجراه ، ونحو ذلك حَكى أبو عُبَيد عن الكسائيّ ؛ وأنشد :
بئسَ مقامُ الشَّيخ أَمْرِسْ أَمْرِسِ |
إمّا على قَعْوٍ وإمّا اقْعَنْسِسِ |
وبكْرة مَرُوس : إذا كان من عادتها أن يَمْرُسَ حبلها ؛ وأَنشد :
دُرْنا ودَارتْ بكْرَةٌ نخيسُ |
لا ضَيْقَةُ المَجرَى ولا مَرُوسُ |
وقد يكون الأمراس إزالةَ الرِّشاء عن مجراه ، فيكون بمعنيَيْن متصادَّين.
ابن الأعرابيّ : بيننا وبين الماء ليلةٌ مَرَّاسةٌ لا وَتِيرَة فيها ، وهي الدائبة البعيدة.
وفي الحديث : «إن من اقتراب الساعةِ أن يتمرّس الرجلُ بدينه كما يتمرّس البعيرُ بالشَّجرة».
ثعلب عن ابن الأعرابي : التمرُّس : شدّة الالتواء وشِدّة العُلُوق.
أبو عُبَيد في باب فعْفَعيل : من المراسة المَرْمَريس الأملس ، ومنه قوله في صفة فرس والكَفَل : المرمريس.
قال الأزهري : أخذ المرمريس من المرمر وهو الرخام الأملس وكسعه بالسين تأكيداً.
قال شمر : المرمريس : الداهيةُ والدردبيس.
وقال القتيبِيّ في قوله : «أن يتمرَّس الرجلُ بدينه» ، أي : يتلعّب به ويعبث.
قال : وقوله : «تمرُّس البعيرِ بالشجرة» ، أي : كما يتحكك بها.
وقال غيره : «تمرُّسُ البعيرِ بالشجرة» : تحكُّكه بها من جَرَب وأُكال.
وتمرُّسُ الرجلِ بدينِه : أن يُمارِس الفِتَن ويُشادَّها ويخرُجَ على إمامِه فيضُرَّ بدينه ولا ينفعه غُلُوُّه فيه ، كما أن الجَرِب من الإبل إذا تحكَّك بالشَّجر أَدْماه ولم يُبْرِئه من جَرَبه.
ويقال : ما بفلان مُتمرِّس : إذا نُعِت بالجَلَدِ والشّدَّة حتى لا يُقاوِمه من مارَسَه.
وقال أبو زَيْد : يقال للرّجل اللّئيم الّذي لا ينظر إلى صاحبه ولا يُعطي خيراً : إنما تنظر إلى وَجْهٍ أَمْرَسَ أَمْلَس لا خيرَ فيه ، أفلا يتمرَّسُ به أحدٌ لأنه صُلْبٌ لا يُستغَلُّ منه شيء.
(أبواب) السّين واللّام
س ل ن
لسن ، نسل : [مستعملان].
لسن : الحرَّاني عن ابن السكّيت : لسَنْتُ الرجلَ أَلْسُنُه لَسْناً : إذا أخذتَه بلِسانِك ؛ وقال طَرَفة :
وإذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها |
إنّني لستُ بمَوْهُونٍ فَقِرْ |
وفي حديث عمر ـ وذكر امرأة فقال ـ : إن دخلتْ عليك لسنتْك ، أي : أخذتك بلسانها.
قال : وحَكى لنا أبو عمرو : لكلِّ قومٍ لِسْنٌ ؛ أي : لغة يتكلّمون بها.
ويقال رجلٌ لَسِن بيّنُ اللَّسَن : إذا كان ذا بَيانٍ وفصاحة.
وأخبرَني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الخَلِيَّةُ من الإبل يقال لها المتلَسِّنة ؛ وأَنشد ابن أحمر يصف بَكْراً صغيراً أعطاه بعضهم في حمالة فلم يَرْضَه ضئيلاً :
تلسَّنَ أهلُه عاماً عَلَيْهِ |
فلُولاً عند مِقْلَاتٍ نَيُوبِ |
قال : والخَلِيّة : أن تَلِد الناقةُ فيُنحَر وَلدُها عَمْداً ليَدوم لَبنها ، وتستَدَرّ بحُوارِ غيرِها ، فإذا أدَرَّها الحُوار نَحُّوهُ عنها واحتَلَبوها وربما خَلَّوْا ثلاثَ خَلايا أو أربعاً على حُوارٍ واحد ، وهو التَّلسُّنُ.
وقال غيرُه : نَعلٌ مُلسَّنةٌ : إذا جُعل طَرف مقدَّمِها كطَرَف اللسان.
ويقال : لسنْتُ الليف : إذا مَشَنْتَه ثم جعلتَه فتَائِلَ مهيَّأة للفَتْل ، ويسمَّى ذلك : التّلْسين.
واللسان يذكَّر ويؤنَّث ؛ فمن أنّثه جَمَعه ألسناً ، ومَن ذكّره جمعَه أَلسنَةٌ. وإذا أردتَ باللسان اللّغة أنّثْتَ ، يقال : فلانٌ يتكلّم بلسانِ قومه ، ويقال : إن لسانَ الناسِ عليك لَحَسنةٌ وحَسنٌ ، أي : ثَناؤهم ، وقال قَسَّاس الكِنْدِيّ :
أَلا أَبلِغْ لدَيْك أبا هُنَيٍ |
أَلَا تَنْهَى لسانَكَ عن رَدَاها |
فأَنّثها ، ويقولون : إن شَفَة الناسِ عليك لَحَسنة.
وقال الله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) [إبراهيم : ٤] ، أي : بلغة قومه ، وقال الشاعر :
* أَتَتْني لسانُ بَني عامرٍ*
ذهب بها إلى الكلمة فأنّثها. وقال أَعشى باهلة :
* إني أَتاني لسانٌ لا أُسَرُّ به*
فذكّرَه ، ذَهَبَ به إلى الخَبر فذكره.
والإلسان : إبلاغُ الرسالة.
ويقال : أَلْسنِّي فلاناً ، وألْسنْ لي فلاناً كذا وكذا ، أي : أَبلِغ لي. وكذلك أَلِكْني إلى فلان ، أي : ألِك لي إليه. وقال عَدِيّ بنُ زَيْد :
بَلْ أَلْسنُوني سَراةَ العَمِّ إنكُمُ |
لستم من الملك والأثقال أغمارا |
أي : أَبلِغوا لي وعَني.
عَمْرو عن أبيه : المَلسون : الكَذّابُ. قال الشيخ : لا أعرفه.
ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأسْلان : الرماح الذُّبّل.
نسل : قال الله جلَّ وعزَّ : (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) [يس : ٥١] ،
قال أبو إسحاق : يَنْسِلُونَ : يَخْرُجُون بسُرعة.
وقال الليث : النِّسلان : مِشْيَةُ الذئب إذا أسْرَع ، وأَنشَد :
عَلَانَ الذئب أَمْسَى قارِباً |
بَرَدَ اللّيْلُ عليه فنَسلْ |
ابن السِّكيت : يقال : أَنْسَلَتِ النَّاقةُ وَبَرها : إذا أَلْقَتْه تُنْسِلُه ، وقد نسلَت بِولَدٍ كثير تَنْسِلُ وتَنْسُل. وقد نَسَل الوبر يَنسِل ويَنْسُل : إذا سقَطَ ، ويقال لِمَا سقَط منه : النَّسيلُ والنُّسال ، وقد نسلَ في العَدْوِ يَنْسِلُ نَسَلَاناً ، ونُسَالُ الطَّيْرِ : ما سَقَطَ من ريشِهَا ، وهَو النُّسَالة.
أبو عُبَيد عن أبي زيد : النَّسُولة من الغَنَم : ما يُتَّخذ نَسْلُها ، ويقال : ما لِبَنِي فلانٍ نَسُولة ، أي : ما يُطلَب نَسلُه من ذوات الأربع.
ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، يقال : فلانٌ يَنسِل الوَدِيقة ، ويَحمِي الحَقيقة. والنَّسْلُ : الوَلَد ، وقد تَناسَلَ بنو فلان : إِذا كَثُر أولادُهم.
وفي الحديث : أنهم شَكَوْا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وآله الضَّعفَ ، فقال : «عليكم بالنَّسْل».
قال ابن الأعرابي : النَّسْل : يُنشِّط وهو الإسراع في المَشْي.
وقال أبو عَمْرو : النَّسْل أيضاً : الوَلَدُ والذُّرِّيّة.
وفي حديث آخر : أنهم شكوْا الإعياء فأمرهم أن ينسلوا، أي : يُسرعوا في المشي.
ثعلب عن ابن الأعرابي : النَّسَلُ : اللَّبَن الذي يَخرُج من التين الأَخضَر.
وقال شمر : نَسَل رِيشُ الطائر وأَنْسَل وأَنْسَلَه الطائر وأنسل البعيرُ وبرَه.
أبو عُبَيد عن أبي زيد : أنسَل ريشُ الطّائر : إذا سَقَط ، قال : ونسَلْتُه أنا نَسْلاً.
س ل ف
سلف ، سفل ، فسل ، فلس : مستعملة.
فلس : قال الليث : الفَلْس معروف ، وجمعُه فُلوس. وأَفْلَسَ الرجلُ : إذا صار ذا فُلُوس بعد الدَّراهم ، وقد فلَّسَه الحاكم تَفْليساً.
وشيءٌ مُفلّسُ اللون : إذا كان على جِلْده لُمَع كالفُلوس.
وقال أبو عَمْرو : أفلستُ الرجلَ : إذا طلبتَه فأَخطأْتَ موضِعَه ، وذلك الفَلَس والإفلاس ، وأنشد للمعطَّل الهُذَليّ :
يا حِبُّ ما حُبُّ القَتُولِ وحُبُّها |
فَلسٌ لا يُنْصِبْكَ حُبٌ مُفْلِسُ |
قال أبو عَمْرو في قوله : حُبُّها فَلَسٌ ، أي : لا نَيْلَ معه.
قال : وأَفلَس الرجلُ : إذا لم يَبقَ له مال.
فسل : قال الليث : الفَسلُ : الرَّذْلُ النَّذْلُ الذي لا مُروءة له ولا جَلَد. وقد فَسلَ يفسل فُسولةً وفَسالةً. ويقال : أفسلَ فلانٌ على فلانٍ مَتاعَه : إذا أَرْذَله. وأَفْسل عليه دَرَاهمَه : إذا زيَّفَها ، وهي دَرَاهمُ فُسولٌ.
وقال الفرزدق :
فلا تَقبَلوا منهم أباعرَ تُشْتَرى |
بوَكْسٍ ولا سُوداً يَصِحُ فُسولُها |
أراد : ولا تقبَلوا منهم دَراهمَ سُوداً.
وفي الحديث عن النبي صلىاللهعليهوسلم «أنه لعن من النساء المُسوِّفَة والمُفَسِّلة».
المفسلة من النساء : التي إذا أراد زوجُها غِشْيَانها قالت : إني حائض ، فتفسل الزوجَ عنها وتُفَتِّره ولا حَيضَ بها. والمسوِّفةُ : التي إذا دَعاها الزّوج للفِراش ماطَلَتْ ولَمْ تُجِبْه إلى ما يَدْعوها إليه.
أبو عُبيد عن الأصمعيّ في صِغار النّخل قال : أوَّل ما يُقلَع من صغار النَّخْل للغَرْس فهو الفسيل والوَدِيُّ ، ويُجمع فسائل ، وقد يقال للواحدة : فَسيلة ، ويُجمَع فَسيلاً.
وقال الليث : فُسالةُ الحديد : ما تَناثَر منه عند الضَّرْب إذا طُبع.
أبو عَمْرو : الفسلُ : الرجلُ الأَحمَق.
سفل : قال الليث : الأسفَل نقيضُ الأَعْلى ، والسفْلَى نقيضُ العُلْيا ، والسُّفْلُ نقيضُ العُلْو في التسفُّل والتَعلِّي.
والسافلة نَقيضُ العالية في النَّهْر والرُّمْح ونحوه. والسافلُ نَقيضُ العالي ، والسفْلة نقيض العِلْية ، والسفَالُ نَقِيض العَلاء ، يقال : أمْرهمْ في سَفال وفي عَلاء.
والسفُول مصدرٌ ، وهو نقيض العُلُوّ.
والسفْلُ نقيضُ العِلْو في البِناء.
وقوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥)) [التين : ٥] ، أي : رددناه (إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) ، كأنه قال : رددناه أسفل من سَفَل ، وأسفل سافل. وقيل : معناه : رددناه إلى الضلال ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [العصر : ٢ ، ٣].
وقال ابن السكّيت : هم السفِلة لأراذل الناس ، هم من عِلْيَة الناس ومن العرب من يخفِّف فيقول : هم السفْلة. وسَفِلة البعير : قوائمُه وفلان من سَفلة القوم : إذا كان من أراذلهم وأَسافل الإِبل : صِغارُها ، وأنشد أبو عُبَيد :
تَواكلَها الأزمانُ حتى أَجَأْنَها |
إلى جَلَدٍ منها قليلِ الأسافلِ |
أي : قليل الأولاد.
ويقال : كُن في عُلاوة الرِّيح وسُفَالةِ الرِّيح ، فأما عُلاوَتُها فأنْ يكون فوقَ الصَّيد ، وأمّا سفَالتُها فأن يكون تحتَ الصَّيْد ، لأنه يستقبِل الرِّيحَ.
وقول الله تعالى : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) [الأنفال : ٤٢] ، قرىء بالنّصب
لأنه ظَرْف ، ولو قرىء : (أسفلُ) بالرفع فمعناه : أشَدُّ تَسفُّلاً.
سلف : قال الليث وغيرُه : السَّلَفُ : القَرْضُ ، والفِعْل أسْلَفْت ، يقال : سَلَّفتُه مالاً ، أي : أقرَضْته.
قلتُ : وكلُّ مالٍ قدَّمْته في ثمن سِلْعة مضمونةٍ اشتريتَها بصفَةٍ فهو سَلَف وسَلَم.
ورُوِي عن النّبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «مَن سَلَّف فليُسَلّف في كَيْلٍ معلومٍ ووزْنٍ معلوم» أراد من قَدّم مالاً ودَفَعه إلى رجل في سِلعة مضمونة ، يقال : سَلّفْتُ وأَسْلَفْتُ وأَسْلَمْتُ بمعنًى واحد ، وهذا هو الذي يُسمّيه عَوامُّ الناس عندنا السَّلَم.
والسَّلَف في المعامَلات له معنيان : أحدُهما القرض الذي لا مَنْفَعَةَ للمُقْرِض فيه وعلى المُقْرَض رَدُّه كما أَخَذه ، والعرب تسمّيه السَّلَف ، كما ذكره الليث في أول الباب. والمعنى الثاني في السَّلَف : السَّلَمُ وهو في المعنييْن مَعاً اسمٌ مِنْ أَسْلَفْتُ ، وكذلك السَّلَم اسمٌ من أسلَمْتُ.
وللسَّلَف معنيان آخَران : أحدُهما : أَن كلّ شيء قدّمَه العبدُ من عَمَل صالحٍ ، أو ولَدٍ فَرَطٍ تَقدَّمه فهو سَلَف ، وقد سَلَف له عَمَلٌ صالح. والسلَف أيضاً : مَن تَقدَّمك من آبائك وذَوِي قَرابتَك الذين هم فوقَكَ في السنّ والفَضْل ، واحدهم سالِف ، ومنه قولُ طُفَيل الغَنَويّ يرثي قومه :
مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السبِيل عليهمُ |
وصَرْفُ المنَايا بالرِّجال تَقَلَّبُ |
أراد أنهم تقدَّمونا وقَصْدُ سبيلنا عليهم ، أي : نَموت كمَا ماتُوا فنَكون سلَفاً لمن بعدَنا كما كانوا سلَفاً لنا.
وقال الفرّاء في قولِ الله جلّ وعزّ : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦)) [الزخرف : ٥٦] ، يقول : جعلناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتّعظ بهم الآخِرون.
قال : وقرأ يحيى بن وثّابٍ : (سُلُفاً) مضمومةٌ مثقّلة.
قال : وزعم القاسمُ أنّه سمع واحدها سَلِيفاً ، قال : وقرىء : (سَلَفاً) كأنّ واحدتها سُلْفة ، أي : قِطْعة من الناس مِثل أُمّة.
وقال الليث : الأُمَم السالفة : الماضيةُ أَمامَ الغابرة ، وتُجمعُ سوالف ، وأَنشَدَ في ذلك :
ولاقَتْ مَناياها القُرونُ السَّوالِفُ |
كذلك يَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ |
قال : والسالفةُ : أَعْلى العُنُق. وسالِفَة الفَرَس وغيرِها : هادِيَتُه ، أي : ما تَقَدَّم من عُنُقه.
أبو عُبيد عن أبي عمرو : السَّلْف : الجِراب ، وجمعُه سُلوف ، وأَنشَد شمر لبعض الهذليِّين :
أَخذتُ لهم سَلْفَيْ حَتِيٍّ وبُرْنْساً |
وسَحْقَ سَرَاوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ |
أراد جِرَابَيْ حَتِيٍّ ، وهو سَويق المُقْل.
أبو عبيد عن أبي زيد : يقال للطّعام الذي يتعلّل به قبلَ الغذاء : السُّلْفة. وقد سلَّفْتُ القومَ ، وسلّفتُ للقوم ، وهي اللُّهنة.
أبو عبيد عن الفرّاء : قال المُسْلِف من النساء : التي قد بلغتْ خمساً وأربعين ونحوها ، وأَنشَد :
إذا ثَلَاثٌ كالدُّمَى |
وكاعِبٌ مُسْلِفُ |
ورُوِيَ عن محمد بن الحنفيّة أنه قال : أرضُ الجَنّة مَسْلُوفةٌ.
قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : هي المستوِيَة. قال : وهذه لغة أهلِ اليَمَن والطائف وتيل الناحية يقولون : سلَفْتُ الأرضَ أسلُفُها. ويقال للحَجَر الذي تُسوَّى به الأرض : مِسلَفة.
قال أبو عُبَيد : وأحسبُه حَجَراً مُدْمَجاً يُدحرَج به على الأرض لتَستوِيَ.
وقال اللّيث : تُسمَّى غُرْلة الصبيِ سُلْفةً ، والسُّلْفةُ : جِلدٌ رقيق يُجعَل بِطانةً للخِفاف ، وربّما كان أحمرَ وأصفرَ. قال : والسَّلُوف من نِصالِ السِّهام : ما طال ، وأَنشَد :
* شَكّ كُلاها بِسلُوفٍ سَنْدَرِيُّ*
والسِّلْفانِ : رجلان تزوَّجا بأختين ، كلُّ واحد منهما سِلْفٌ لصاحبه. والمرأةُ سِلْفةٌ لصاحبتها : إذا تزوّجت أختان بأخَوين.
قال : والسُّلَافَة من الخمر : أخلَصُها وأفضَلُها ، وذلك إذا تَحَلَّب من العنب بلا عَصْر ولا مَرْث وكذلك من التَّمْر والزَّبيب ما لم يُعَد عليه الماء بعد تَحلُّب أوّله والسُّلَفُ والسُّلَكُ : من أولاد الحَجَل ، وجمعُه سِلْفان وسِلْكان.
وأَخبَرني المنذريُّ عن الحَسَن أنّه أنشدَه بيتَ سَعْد القرقرة :
نحنُ بغَرْس الوَدِيِّ أعَلُمنا |
مِنّا برَكْض الجيادِ في السُّلَفِ |
قال : والسُّلَف جمعُ السُّلْفة من الأرض ، وهي الكرْدَة المسوّاة.
وقال أبو زيد : جاء القومُ سُلْفة سُلْفة : إذا جاء بعضُهم في إثْر بعض. وسُلافُ العَسْكَر : مُقدِّمتهُم. وسَلفْتُ القومَ وأنا أسلُفُهم سَلَفاً : إذا تقدّمتهم. قال مرة بن عبد الله اللحياني :
كأن بناته سِلفانُ رَخْم |
حواصِلُهن أمثال الزَّقاق |
قال : واحد السلفان سُلف ، وهو الفرخ.
قال : سُلَكٌ وسِلكان : فِرَاخ الحَجل.
س ل ب
سلب ، سبل ، لسب ، لبس ، بلس ، بسل.
سلب : قال الليث : السَّلَب : ما يُسْلَب به والجميعُ الأَسْلاب ، وكلُّ شيء على