تهذيب اللغة - ج ١٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٥

قال : وقال أبو عُبَيدة : الفَرْس : هو النَّخْع. يقال : فَرَسْتُ الشاةَ ونَخْعتُها ، وذلك أن يَنتهيَ بالذبْح إلى النُّخاع ، وهو الخَيْط الذي في فَقَار الصُّلب متصلٌ بالقفا فهي أن يُنتهىَ بالذبح إلى ذلك.

قال أبو عُبَيد : أما النَّخْع فعلى ما قال أبو عُبيدة. وأما الفَرْس فقد خُولِف فيه ، فقيل : هو الكسر ، كأنه نهَى أن تُكسَر رقبةُ الذبيحة قبلَ أن تَبرُد ، وبه سمّيت فريسة الأسد للكسْر.

قال أبو عُبَيد : الفَرْسُ ـ بالسين ـ الكسر ـ وبالصاد ـ : الشَّقّ.

أبو العباس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الفَرْس : أن تُدَقّ الرقَبةُ قبل أن تُذبح الشاة قال : والفَرْس : رِيح الحَدب ، والفِرْس أيضاً ضَرْبٌ من النبات ، واختلَف الأعرابُ فيه ، فقال أبو المكارم : هو القَضْقاض.

وقال غيرُه : هو الشِّرْشِر. وقال غيره : هو الحَبْن. وقال غيره : هو البَرْوَق.

قال : ويكنَى الأسدُ : أبا فِراس ، قاله الليث.

وقال ابنُ الأعرابي : من أَسماء الأَسد : الفِرْناسُ ، مأخوذ من الفَرْس وهو دقُّ العُنُق والنون زائدة.

الأصمعي : يقال : فارسٌ بيّنُ الفُروسة والفَراسة ، وإذا كان فارساً بعَينه ونَظَره فهو بيّن الفِرَاسة بكسر الفاء.

ويقال : إن فلاناً لفارِسٌ بذلك الأمر : إذا كان عالماً به.

ويقال : اتّقُوا فِراسة المؤمن ، فإنه ينظر بنور الله. وقد فَرُس فلان يَفرسُ فُروسة وفَراسةً : إذا حَذق أمرَ الخيل.

ويقال : هو يتفرّس : إذا كان يُرِي الناسَ أنه فارس على الخيل.

ويقال : فلانٌ يتفرَّس : إذا كان يَتثبَّتُ ويَنظُر.

وروَى شَمِر بإسنادٍ له حديثاً أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عَرَض يوماً الخيلَ وعندَه عُيَيْنَةُ بنُ حِصْن الفَزاري ، فقال له : «أنا أعلمُ بالخيل منك» ، فقال عُيَيْنة : وأنا أعلم بالرجال منك. فقال : خِيارُ الرجال الذين يَضعون أسيافَهم على عواتقهم ، ويعرِضون رِماحَهم على مَناكب خيلِهم من أهل نَجْد. فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «كذبتَ ، خِيارُ الرجال رجالُ أهلِ اليمن ، الإيمانُ يَمانٍ وأنا يَمانٍ».

وفي حديثٍ آخر : «وأنا أَفْرَس بالرجال منك»، يريد : أبصَر.

يقال : رجلٌ فارس بيّن الفُروسة والفَراسة في الخيل ، وهو الثبات عليها والْحِذْق بأمرِها. قال : والفِراسة ـ بكسر الفاء ـ في النظر والتثبّت والتأمّل للشيء والبَصَر به.

يقال : إنه لفارسٌ بهذا الأمر : إذا كان عالماً به.

٢٨١

وفي حديثٍ آخر : «أفرَسُ الناس ثلاثة»، ثم ذكَر الحديث.

وفي حديثٍ آخر : «عَلِّموا رجالَكم العَوْم والفَرَاسة».

قال : والفَراسة : العِلْم بركوب الخيل ورَكْضِها.

قال : والفارس : الحاذقُ بما يمارس من الأشياء كلِّها ، وبها سمّيَ الرجلُ فارساً.

وفي حديثِ يأجوجَ ومأجوجَ : «إنّ الله يُرسل النَّغَف عليهمْ فيُصبحون فَرْسى»، أي : قَتْلَى. من فَرَسَ الذئبُ الشاةَ ، ومنه فَريسة الأسد. وفَرْسى جمعُ فَريس ، مِثلُ قَتِيل وقَتلى.

وقال الأصمعي : يقال أصابتْه فَرْسة : إذا زالت فَقْرةٌ من فِقَر ظهره. وأما الريح التي يكون منها الحَدَب فهي الفَرْصة بالصاد.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الفَراس : تَمرٌ أسوَد ، وليس بالشِّهْرِيز ، وأَنشد :

إذا أَكلوا الفَراسَ رأيتَ شَاماً

على الأَنْباكِ منهم والغُيوبِ

قال : والأَنباكُ : التِّلال.

ابن السكّيت : الفَرْس أصلُه دَقُّ العُنُق ، ثم صُيِّر كلُّ قَتْل فَرْساً ، وبالدَّهْناء جبالٌ من الرمل تسمَّى الفَوارس ، وقد رأيتُها.

والفِرْس : ضَربٌ من النَّبت.

وقال الليث : الفَرِيس : حَلْقَةٌ من خَشب مَعْطوفة تُشَدّ في طرف الحَبْل ، وأنشد غيره :

فلو كان الرِّشا مائتَين باعاً

لكان مَمَرُّ ذلك في الفَرِيسِ

أبو عبيد عن أبي زيد : الفَرْسة : قَرحة تكون في العنق فتَفْرِسها.

شمر عن ابن الأعرابي : الفرسة : الحدب.

قال : والفِرسة ـ بكسر الفاء ـ : الحَدب.

قال : والأحدب مفروس ، ومنه فرست عنقه.

وفي حديث الضحاك في رجل آلَى من امرأته ثم طلقها ، قال : هما كفرسيْ رِهان ، أيهما سبق أُخِذ به.

تفسيره : بأن العدة وهي ثلاث حيض ، إذا انقضت قبل انقضاء إيلائه وهو أربعة أشهر فقد بانت منه المرأة بتلك التطليقة ، ولا شيء عليه من الإيلاء ؛ لأن الأربعة الأشهر تنقضي وليست له بزوج ، وإن مضت الأربعة الأشهر وهي في العدة بانت منه بالإيلاء مع تلك التطليقة ، فكانت اثنتين.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : فارسٌ في الناس بيّن الفَراسة ، والفِراسة وعلى الدابة بيّن الفروسية والفرُوسةِ لغة فيه.

فسر : ثعلب عن ابن الأعرابي : الفَسْرُ : كشفُ ما غُطِّيَ.

٢٨٢

وقال الليث : الفَسْر : التفسير وهو بيانٌ وتفصيلٌ للكتاب.

وأخبرَني المنذريّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي قال : التفسير والتأويل ، والمعنى واحد.

وقال الليث : التَّفْسِرةُ : اسمٌ للبَوْل الذي يَنظُر فيه الأطباء يَستدِلون بلوْنه على عِلّة العليل وكلُّ شيء يُعْرَف به تفسير الشيء ومعناه فهو تَفسرَته.

وقوله عزوجل : (وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً) [الفرقان : ٣٣] ، الفَسرُ : كشف المغطَّى.

وقال بعضهم : التفسير : كشف المراد عن اللفظ المشكل. والتأويل : رد أحد المحتملين إلى ما يطابق الظاهر.

رسف : قال الليث : الرَّسْف والرَّسِيف والرَّسَفان : مَشْيُ المقيّد ، وقد رَسَف في القَيْد يَرْسُف رَسيفاً فهو راسف.

أبو الهيثم عن نصير : يقال للبعير إذا قارب الخطو وأسرع الإجارة ، وهي رفع القوائم ووضعها : رَسف يرسُف. فإذا زاد عن ذلك فهو الرَّتَكان. ثم الْحَفْد بعد ذلك.

رفس : قال الليث : الرَّفْسَةُ : الصَّدمة بالرِّجل في الصَّدر. يقال : رفَسَه برِجْله يَرفُسُه رَفْساً.

س ر ب

سرب ، سبر ، رسب ، ربس ، بسر. برس.

رسب : قال الليث : الرُّسوبُ : الذَّهابُ في الماء سفْلاً. والفعل رَسب يَرْسب.

قال : والسيف الرَّسوبُ : الماضي في الضريبة ، الغائبُ فيها.

وقال غيره : كان لخالد بن الوليد سيفٌ سمَّاه مِرْسباً ، وفيه يقول :

ضَربتُ بالمِرْسَب رأسَ البِطرِيْقِ

بصارمٍ ذي هَبَّةٍ فَتِيق

وأنشد ابن الأعرابي :

قُبِّحْتَ من سالفةٍ ومِن قَفَا

عبدٌ إذا ما رَسَب القومُ طَفَا

قال أبو العبّاس : معناه : أن الحُكَماء إذا ما تَرزَّنوا في مَحافِلهم طَفَا هو بجَهْله ، أي : نَزا بجهله.

وقال ابن الأعرابي : المرسب : الأواسِي.

والرَّسُوب : الحكيم. وفي «النّوادر» : الرَّوْسَب والرَّوْسَم : الداهية.

ربس : قال الليث : الرَّبْسُ منه الارتباس ؛ يقال : عُنقودٌ مرتَبس ، ومعناه : انهضامُ حَبِّه وتداخُلُ بعضِه في بعض ، وكبشٌ رِبيس ورَبِيز ، أي : مكتنزٌ أَعجَر.

ابن السكيت : الرَّبِيس من الرِّجال : الشُجاع.

٢٨٣

وأَنشَد :

* ومِثْلِي لُزَّ بالحَمِيسِ الرَّبيسِ *

أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : جاء بمالٍ ربيس ، أي : كثير. وجاء بالدِّبْس والرَّبْس وهما الداهية. وقال أبو زيد : جئت بأمورٍ دُبْس وبأمورٍ رُبْس ، وهي الدّواهي بالدال والراء.

أبو عُبيد عن الأمويّ : اربَسَ الرجلُ اربساساً ، أي : ذَهب في الأرض.

وقال ابن الأعرابي : ارْبسّ : إذا غَدا في الأرض.

برس : ثعلب عن سَلَمة عن الفرّاء ، وأبو عُبيد عن الأَصْمَعِي : البُرْسُ : القُطْن ، وقال الليث : هو قُطن البَرْدِيّ.

وأَنشَد :

* كنَدِيفِ البِرْسِ فوقَ الجُماحْ*

وبَرْبَسْتُ فلاناً ، أي : طَلَبتُه.

وأَنشَد :

وبَرْبَسْتُ في تَطْلابِ أرضِ ابن مالكٍ

فأعجَزَني والمرءُ غيرُ أَصيلِ

ابن السكيت : يقال جاء فلان يَتبربس ، أي : يمشي مشياً خفيّاً.

وقال دُكين :

* فصبَحَتْه سَلِقٌ تبربس *

أي : يمشي مشياً خفيّاً.

وقال أبو عمرو : جاءنا فلان بتبربس : إذا جاء متبختراً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : البِرْباسُ : البئرُ العَمِيقة. قال : والبَرْس : حَذاقَة الدَّليل.

وبرَسَ : إِذا تَشدَّد على غريمه.

سبر : الحرّاني عن ابن السكيت : السَّبْرُ : مَصدرُ سَبَرْت الجرْحَ أسبُره سَبْراً : إذا قِسْتَه لتَعرِف غَوْرَه ، ويقال : إنه لحَسَن السِّبْر : إذا كان حَسَن السَّحَناء والهَيْئة ، والسَّحْناء اللّون ، وجمعُه أَسْبار.

وفي الحديث : «يَخرُج رجلٌ من النار قد ذَهَب حِبْرُه وسِبْرُه»، أي : هيئته.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السَّبْر : استخراج كُنْه الأَمْر. والسَّبْر : حُسْن الوَجه ، ومنه الحديث : «قد ذهب حِبْرُه وسِبرهُ».

والمَسْبور : الحَسْن السبْر. وفي حديث الزُّبير أنّه قيل له : مُرْبَنِيك فليتزوّجوا في الغَرانب ، فقد غَلَب عليهمْ سِبْرُ أبي بكر ونُحولُه.

قال ابن الأعرابي : السِّبر ههنا الشَّبَه.

قال : وكان أبو بكر دقيقَ المحاسن نحيف البَدَن ، فأمَرَه الرجُل أن يزوجوهم الغرائبَ ليجتمع لهم حُسنُ أبي بكر وشدّة غيره.

وقال أبو زَيد : السِّبر : ما عرفت به لؤمَ الدابة أو كرمها أو لونها من قِبَل أبيها.

والسبْرُ أيضاً : معرفتك الدابة بخِصب أو جَدْب.

ويقال : عرفتُه بسبر أبيه ، أي : بهَيْئته

٢٨٤

وشَبَهِه وقال الشاعر :

أَنا ابْنُ المَضْرَحِيِّ أبي شليل

وهَلْ يَخفَى عَلَى النّاسِ النَّهارُ

علينا سبْرُهُ ولِكلّ فَحْلٍ

على أولادِه منه نِجارُ

ثعلب عن ابن الأعرابي : السُّبْرة : طائر : تصغيرُه سُبَيرة.

وقال في موضع آخَر : السُّبَر والنُّهس : طائران.

وقال الليث : السُّبَر : طائرٌ دونَ الصَّقر.

وأَنشَد :

* حتّى تَعاوَرَه العِقْبانُ والسُّبُر*

قال : والسَّبر : من أَسماء الأَسَد. ولم أسمعه لغير الليث. وقال المؤرّج في قول الفرزدق :

بجَنْبَيْ خِلال يَدفَع الضَّيم منهمو

خَوادِرُ في الأخْياسِ ما بينها سِبْرُ

قال : معناه : ما بينَها عداوة. قال : والسِّبر : العداوة ، وهذا غريب.

وقال اللّيث : السبر : التجربة ، ويقال : اسْبرُه ما عندَ فلان ، أي : ابلُه. قال : والمِسبار : ما يُقدَّر به غَوْر الجِراحات ، قال : والسِّبار : فَتيلةٌ تُجعَل في الجُرح.

وأَنشَد :

* ترُدُّ على السّابرِين السِّبارَا*

وحدثنا عبد الله بن عروة قال : حدثنا هارون بن إسحاق الهمداني ، قال : حدثنا المحاربي عن مسافر العجلي عن الحسن عن أنس قال : لم يخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في سفر قطّ إلا قال حين ينهض من جلوسه : «اللهم بك ابتسرْت ، وإليك توجهت ، وبك اعتصمت ، أنت ربي ورجائي. اللهم اكفني ما أهمني وما لم أهتم به ؛ وما أنت أعلم به مني. وزودني التقوى ، واغفر لي ذنبي ، ووجهني للخير حيث توجهت» ثم يخرج.

قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله : «ابتسرت» ، أي : ابتدأت سفري. وكلّ شيء أخذتَه غضاً فقد بسرته.

ومنه قول لبيد :

* بسرتُ نداه لم تُسَرّب وحوشه*

والبَسْرُ : الماء الطري ساعة ينزل من المزن.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه ذَكَر فضلَ إسباغِ الوضوء في السَّبرَات.

قال أبو عُبيد : السَّبْرة : شِدّة البَرْد.

وأَنشَد قولَ الحطيئة يصف الإبل :

عِظامُ مَقِيل الهامِ غُلْبٌ رِقابُها

يُباكِرْنَ حَدَّ الماء في السبراتِ

يعني شدّة بَرْد الشّتاء والسَّنة.

٢٨٥

بسر : قال الله جل وعز : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤)) [القيامة : ٢٤].

وقال تعالى : (ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (٢٢)) [المدثر : ٢٢].

قال أبو العباس : (بَسَرَ) ، أي : نظر بكراهية شديدة. وقوله عزوجل : (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (٢٤)) ، أي : مقطِّبةٌ قد أيقنَتْ أن العذاب نازِلٌ بها.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : إذا ضُرِبت الناقةُ على غير ضَبَعةٍ فذلك البَسَر ، وقد بَسَرها الفحلُ فهي مَبْسورة.

قال شمر : ومنه يقال : بَسَرْتُ غَريمي : إذا تقاضيته قبل محلّ المال. وبَسَرْت الدُّمُّل : إذا عَصَرْتَه قبل أن يتقيّح ، وكأن البَسْر منه.

أبو عبيدة : إذا همت الفرس بالفحل وأرادت أن تستودق ، فأول وداقها المباسرة وهي مباسِرة ، ثم تكون وديقاً.

والمباسِرَةُ : التي همت بالفحل قبل تمام وداقها : فإذا ضربها الحصان في تلك الحال فهي مبسورة.

قال شمر : وبَسَرْت النباتَ أبسرُه بَسْراً : إذا رعيتَه غَضّاً وكنتَ أوّلَ من رَعاه.

وقال لَبيدٌ يصف غَيْثاً رَعاه أُنُفاً :

بَسَرْتُ نَداهُ لم تُسَرَّبْ وُحوشُه

بغَرْبٍ كجِذْعِ الهاجريِّ المشَّذَّبِ

سَلَمةَ عن الفرّاءِ قال : البُسْرُ : الماءُ الطريّ ساعةَ يَنزل من المُزْن ، والبَسْرُ : حَفْرُ الأنهار إذا عَرا الماءُ أوطانَه.

قلتُ : وهو التبسّر ؛ قال الراعي :

إذا احْتَجَبَتْ بناتُ الأرض عنه

تبسَّرَ يَبْتَغِي فيها البِسارَا

قال ابن الأعرابي : بَنَاتُ الأرض الأنهارُ الصِّغار ، وهي الغُدْرانُ فيها بَقايا الماء ، ويقال للشمس بُسْرَة : إذا كانت حَمْراء لم تَصْفُ ؛ وقال البَعِيثُ يذكرها :

فَصَبَّحَه والشمسُ حَمْراءُ بُسْرَةٌ

بِسائغةِ الأنْقَاءِ مَوْتٌ مُغَلِّسٌ

وقال أَبو عُبيدة : إذا همّت الفَرسُ بالفحْل ولم تَسْتَوْدِق فهو مباسَرة ، ثم تكون وَدِيقاً ؛ فإذا سفِدَها الحِصان في تلك الحال قيل : تَبَسَّرَها وبَسَرَها.

ورُوِيَ عن الأشجع العَبْدِيّ أنه قال : لا تَبْسُروا ولا تَثْجُروا ؛ فأما البَسْرُ فهو خَلْطُ البُسْر بالرُّطَب وانْتِبَاذُهُما مَعاً. والثَّجْرُ : أن يُؤْخَذ ثَجِيرُ البُسْر فيُلْقَى مع التَّمر ، وكرِه هذا حِذار الخليطين ؛ لنهي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عنهما. والبُسْر : ما لَوَّنَ ولم يَنضَج ، وإذا نَضِجَ فقد أَرْطَب.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : إذا اخْضَرَّ حَبُّه واستدار فهو جَدالٌ ، فإذا عَظُمَ فهو البُسْرُ ، فإذا احْمَرَّت فهي شِقْحَةٌ.

الليث : البسرَة من النّبات ما قد ارتفع عن وَجْه الأرض ولَم يَطُل وهو غَضٌّ أطيَب

٢٨٦

ما يكون ، وأَنشد :

رَعَتْ بارِضَ الْبُهْمَى جَمِيماً وبُسْرَةً

وصَمْعَاءَ حتى آنَفَتْهَا فِصالْها

والبَيَاسِرَةُ : جِيلٌ من السِّنْد يستأجرهم أهلُ السُّفُن لمحاربة عدوّهم ، ورجُلٌ بَيْسرِي.

والبِسَارُ : مَطَرٌ يَدُوم على أَهْلِ السِّنْد في الصَّيف لا يُقلِع عنهم ساعةً ، فتلك أيَّامُ البِسار.

والبَاسورُ : داءٌ مَعروفٌ ، وهو معرَّب ويُجْمَع البواسير.

ثعلب عن ابن الأعرابي : البسرةُ رأسُ قضيبِ الكلب ، والمبْسُور : طالبُ الحاجة في غير موضعِها. وبَسَر النهرَ : إذا حفر فيه بئراً وهو جافّ ؛ وأنشد :

* تَبَسّرَ يَبْتَغِي فيها البِسَارَا*

وقال : انبَسَر وبَسَرَ : إذا خَلَط البُسْرَ بالتمر أو الرطب فَنَبَذَهُما. وأَبْسرَ وبَسَرَ : إذا عَصَرَ الحِبْنَ قبل إقْرَافِه ، وأَبْسَرَ : إذا حَفَرَ في أرضٍ مَظْلومة.

سرب : قال الفرّاء في قول الله جل وعز : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) [الرعد : ١٠] ، قال : (سارِبٌ بِالنَّهارِ) أي ظاهرٌ بالنهار ؛ ونحو ذلك قال الزّجاج.

قال : (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) ظاهرٌ بالنهار في سِرْبِه ؛ يقال : خَلِّ له سِرْبَه ، أي : طَرِيقَه.

فالمعنى : الظاهرُ في الطُّرُقات ، والمستخفِي في الظُّلُماتِ ، والجاهرُ بِنُطْقه ، والمُضْمِرُ في نفسه ، عِلْمُ الله تعالى فيهم سواء.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس قال : قال الأخفش في قوله عزوجل : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ) ، أي : ظاهر.

والسارب : المتواري.

وقال أبو العبّاس : المستخفِي : المستتر.

قال : والساربُ : الظاهر ، المعنى الظاهر والخفِيّ عنده واحِدٌ.

وقال قَتَادة في قوله : (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) : ظاهر ، ونحو ذلك رُوِيَ عن ابن عبَّاس.

وقال قُطْرُب : (سارِبٌ بِالنَّهارِ) ومستتر ، يقال : انسَرَبَ الوحشُ : إذا دخلَ في كِنَاسِه.

قلت : تقول العَرَب : سَرَبَت الإبلُ تَسْرُبُ ، وسَرَبَ الفحلُ سُرُوباً ، أي : مضتْ في الأرض ظاهرة حيث شاءت. وقال الأخنس بن شهاب التّغْلبي :

وكلّ أُناسٍ قارَبوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ

ونحن خَلَعْنَا قَيْدَه فهو سَارِبُ

وأمّا الانسِراب فهو الدخول في السّرَب كما قال. وفي الحديث : «من أصبحَ آمناً في سِرْبِه» أَخْبَرَني المنذريّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : السِّرْبُ : النَّفْسُ ، بكسر السين. وفلانٌ آمِنٌ في سِرْبِه ، أي : في نَفْسِه ، وكذلك قال ابن السكّيت.

قال : والسِّرْبُ أيضاً بالكَسْر : القَطيع من

٢٨٧

الظِّبَاء والبَقَر والنِّساء.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : السِّرْب والسُّرْبة من القَطا والظِّباء والشَّاء : القَطِيعُ.

ويقال : فلانٌ وَاسِعُ السِّرْب ، أي : وَاسعُ الصَّدر ، بَطِيءُ الغَضَب. قال : وفلانٌ آمنٌ في سِرْبه بالكسر. وأما السَّرْبُ بالفتح فإن ابن السكّيت قال : السَّرْبُ : المالُ الرّاعي يقال : أَغير على مال سَرْب بني فلان ويقال للمرأة عند الطلاق : اذهبِي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ. ونحو ذلك.

حَكَى أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ قال : ومعناه : أني لا أَرُدُّ إبلك لتذهب حيث شاءت وأَصْلُ النَّدْه : الزَّجْرُ. وقال غيره : كان هذا من طَلاق أهلِ الجاهلية.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : خَلِ سَرْبَ الرجل ـ بالفتح ـ ، أي : خَلِّ طريقَه قال : وقال أبو عمرو : خل سِرْبَ الرَّجُل بالكسر. وأنشد بيت ذي الرّمة :

خَلَّى لها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَهَا

مِنْ خَلْفِهَا لاحِقُ الصُّقْلَيْنِ هِمْهِيمُ

قال شمر : الرواية : خَلَّى لها سَرْبَ أُولاها بالفَتح.

قلتُ : وهكذا سمعتُ العَرَبَ تقول : خَلِ سَرْبَه ، أي : طريقه.

وكان الأخفش يقول : أصبح فلانٌ آمِناً في سَرْبه بالفتح ، أي : في مَذْهبه ووَجْهه.

والثِّقاتُ من أهل اللّغة قالوا : أصبح آمِناً في سِرْبه ، أي : في نَفْسِه.

وقال الأصمعيّ : يقال : سَرِّبْ عليَّ الإبل ، أي : أَرْسِلْها قطعةً قطعةً. قال : ويقال : خَرَج الماءُ سَرِباً ، وذلك إذا خرج من عُيون الخُرَز ؛ ويقال : سَرِّب قِرْبَتَك ، أي : اجعل فيها الماءَ حتّى تَنتفِخ عيونُ الخُرَز فتنسَدّ ؛ وأَنشد قول جرير :

نَعَمْ فانهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ

كما عَيَّنْتَ بالسَّرَب الطِّبابَا

أبو عُبيد عن الأصمعيّ : السرَب : الماءُ السائل.

قال : وقال الأموي : السَّرَب : الْخَرز.

وأما قوله :

* كأنه من كلِّي مَفْرِيَة سَرَبُ *

فإن الرواة رووه بالفتح ، وقالوا : السَّرَبُ : الماء. والسربُ : السائل.

يقال : سَرِب الماءُ يَسرَبُ سَرَباً : إذا سال فهو سَرِب.

وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) [الكهف : ٦١] ، قال : كان الحوت مالحاً ، فلمّا حَيِيَ بالماءِ الّذي أصابَه من العين فوَقَع في البحر جَمَد مَذْهَبُه في البحر ، فكان كالسَّرَب.

وقال أبو إسحاق : كانت فيما رؤيَ سَمَكةً مملوحةً ، وكانت آيةً لموسى في الموضع الّذي يَلقَى فيه الْخَضِر ، (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) ، أحيا الله تعالى السّمكةَ حتّى

٢٨٨

سَرَبتْ في البحرَ قال : «وسَرَباً» منصوبٌ على جهتين : على المفعول ، كقولك : اتّخذتُ طريقي في السَّرَب ، واتّخذْتُ طريقي مكانَ كذا وكذا ، فيكون مفعولاً ثانياً ؛ كقولك : اتّخذت زيداً وكيلاً. قال : ويجوز أن يكون «سَرَباً» مصدراً يَدُلَّ عليه (اتخذ (سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) ؛ فيكون المعنى : (نَسِيا حُوتَهُما). فجَعل الحوتُ طريقَه في البحر ، ثم بيّن كيف ذلك ، فكأنّه قال : سَرِب الحوتُ سَرَباً.

وقال المُعْترِض الظَّفرى في السَّرب وجعله طريقاً :

تركنا الضَّبع ساريةً إليهم

تنوب اللحمَ في سَرَب المَخِيم

قيل : تنوبه ، تأتيه. والسَّربُ : الطريق.

والمَخِيمُ : اسم واد ؛ وعلى هذا معنى الآية : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ) [الكهف : ٦١] ، أي : سبيل الحوت طريقاً لنفسه ، لا يحيد عنه. المعنى : اتخذ الحوت سبيله الذي سلكه طريقاً اطّرقه.

وأخبرني المنذريّ عن ابن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله : (فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) قال : أظنّه يريد ذَهاباً يَسرُب سَرَباً ؛ كقولك : يَذهَب ذَهاباً.

وقال شمِر : الأَسراب من الناس : الأَقاطيع ، واحدُها سِرْب. قال : ولم أَسمَع «سِرْبَ» في الناس إلا للعجّاج :

* ورَبِ أَسْرابِ حَجيجٍ كُظَّمِ*

وقال أبو الهَيْثَم : سُمّي السَّراب سَراباً لأنّه يَسرُب سَرْباً ، أي : يَجرِي جَرْياً ؛ يقال : سَرَب الماءُ يَسرُب سُروباً.

سلَمة عن الفرّاء قال : السراب : ما لَصِقَ بالأرض ، والآلُ : الّذي يكون ضُحًى كالمُلَاء بين السَّماء والأرض.

وقال ابن السكّيت : السراب : الّذي يَجرِي على وَجْه الأرض كأنّه الماء ، وهو يكون نِصفَ النهار ، وهو الّذي يَلصِق بالأرض ؛ وفي صفة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان دقيقَ المَسْرُبَة ؛ قال أبو عبيد : المَسرُبة : الشَّعْرُ النابت وَسطَ الصَّدْر إلى البَطْن ؛ وأَنشَد :

الآنَ لما ابيَضَ مَسْرُبَتي

وعَضِضْتُ من نابي على جِذْم

أبو عُبيد عن أبي زيد : سُرِب الرجلُ فهو مَسروب سَرْباً ، وهو دُخان الفِضة يَدخُل خياشيمَ الإنسان وفمه ودُبُرَه فيأخذه حَصَرٌ عليه فرُبما أفرَق وربّما مات والاسم الأُسرُبُ.

وقال شمِر : الأُسرُبُ مخفف الباء ، وهو بالفارسيّة سُرْب.

قال أبو عبيد : مَسربةُ كلّ دابة : أعاليه من لدن عنقه إلى عَجْبه ، وأنشد :

جلال أبوه عمُّه وهو خاله

مساربه حُوٌّ وأقرابه زهرُ

قال : أقرابه : مَراقّ بطنه. قال الشيخ :

٢٨٩

وفي الحديث في الاستنجاء بالحجارة يمسح صفحتيه بحجرين ، ويمسح بالثالث المَسْرُبة، يريد أعلى الحلقة. وقال بعضهم : السُّربة : كالصُّفة بين الغرفة.

وقال أبو مالك : تسرّبْتُ من الماء ومن الشراب ، أي : تملأتُ منه.

وقال الأصمعيّ : يقال للرّجل إذا حَفَر : قد سرَّب : أي : أخَذَ يَميناً وشِمالاً. وإنه لبَعيد السرْبة : أي : بَعيد المَذْهب في الأرض.

وقال الشَّنْفَرَى ، وهو ابن أختِ تأبّط شَرّاً :

خَرجْنا من الوادِي الّذي بَيْنَ مِشْعَلٍ

وبَين الجَبَا هيهاتَ أَنشأْتُ سُرْبَتي

أي : ما أَبعدَ الموضعَ الّذي منه ابتدأتُ مَسيرِي.

الليث : فلانٌ آمِن السِّرْب ، أي : آمنُ القَلْب ، أي : لا يُغزَى مالُه ونعَمُه ... وفلان مُنساح السّرب ، يريدون شعر صدره. قال : ومَسَارِب الدّوابّ : مَراقُّها في بطونها وأرفاغِها ، ومَسارِب الحيّات : مواضعُ آثارِها إذا انسابت في الأرض على بطونها.

وقال ابن الأعرابيّ : السُّرْبةُ : جماعةٌ يَنسلُّون من العَسْكر فيُغِيرون ويَرجِعون.

والسِّرْب : النَّفْس.

أخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي : السربة : السفر القريب ، والسبأة : السفر البعيد ، يقال : سبأته الشمس ، أي : لوّحته وغيرته. ويقال : إنك تريد سبأة ، أي : سفراً بعيداً.

س ر م

سرم ، سمر ، مسر ، رمس ، رسم ، مرس.

سرم : أخبرَني المنذريّ ، عن ثعلب ، عن ابن الأعرابيّ أنّه سمِعَ أعرابيّاً يقول : اللهمّ ارزقني ضِرْساً طَحُوناً ، ومَعِدةً هَضُوماً ، وسُرْماً نَثُوراً.

قال ابن الأعرابيّ : السُّرْم : أمُّ سويْد ، وقال الليث : السرْم : باطنُ طَرف الخَوْران. وقال ابن الأعرابيّ : السَّرَم : وَجَع العَوَّاء ، وهي الدُّبُر.

وقال اللّيث : السَّرْمُ ، ضربٌ من زَجْر الكِلاب ، تقول : سَرْماً سَرْماً : إذا هيَّجتَه.

وقال ابن شميل : قال الطائفيّ : السُّرْمانُ : ضَرْب من الزَّنابير صُفْر ، ومِنْها ما هو مجزَّع بحُمْرة ، وصُفْرة ، وهو من أخبثِها ، ومنها سُودٌ عِظام.

سمر : قال أبو إسحاقَ في قول الله عزوجل : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)) [المؤمنون : ٦٧] ، قال : سامِراً بمعنى سمّاراً. قال : والسَّامرُ : الجماعةُ يتحدّثون ليلاً. والسَّمَرُ : ظِلُّ القمر ، والسُّمْرة مأخوذةٌ من هذا. وأَخبَرني المنذريُّ عن اليزيديّ عن أبي حاتم في قوله تعالى : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً) ، أي في السَّمر ،

٢٩٠

وهو حديثُ الليل ، يقال : قومٌ سامرٌ وسمْر وسُمَّار وسمَّر.

سلَمة عن الفرّاء في قولِ العَرب : لا أَفعَل ذلك السَّمَرَ والقَمر ، قال : السَّمَرُ : كلُّ ليلةٍ ليس فيها قمر تسمَّى السمر ، المعنَى : ما طَلَع القَمر وما لَم يَطلُع. وقال غيرُه : السمَر : اللّيل ، وأَنشَد :

لا تَسقِني إن لَمْ أَزُرْ سمَراً

غَطْفَانُ مَوْكِبَ جَحْفَلٍ فَخْمِ

وسامِرُ الإبل : مَا رَعى منها باللّيل ، يقال : إنّ إبِلَنا تَسمُر ، أي : تَرعَى ليلاً. وسمَر القومُ الخَمرَ : شَرِبوها ليلاً ، وقال القُطاميّ :

ومُصَرّعِينَ من الكلَالِ كأَنّما

سمَرُوا الغَبُوقَ من الطِّلاءِ المُعْرَقِ

وقال ابن أحمر فجعل السمَر لَيْلاً :

مِنْ دُونِهم إنْ جِئْتَهُمْ سمَراً

حَيٌّ حِلالٌ لَمْلَمٌ عَكِرُ

أراد : إن جئتَهم ليلاً.

وقال الليث : السامرُ : المَوْضع الَّذي يَجتَمعون فيه للسمَر. وأَنشَد :

* وسامِرٍ طالَ فيه اللهْوُ والسمَرُ*

قلتُ : وقد جاءت حروفٌ على لَفْظِ فاعِل وهي جمعٌ عن العَرَب ، فمنها الجَامِل والسامِر والباقر والحاضِر ، فالجَاملُ : الإبلُ فيها الذُّكور والإناث. والسامِرُ : جماعةُ الحي يَسمُرون ليلاً. والحاضرُ : الحيُّ النُّزول على الماءِ. والباقرُ : البقرُ فيها الفُحولُ والإناث.

وقال الليث : السمْرُ : شَدُّك شيئاً بالمسمار والسمْرةُ : لونٌ يَضرِب إلى سَوادٍ خَفِيّ.

وقَناةٌ سمراءُ وحِنْطةٌ سمْراء.

أبو العَبّاس عن ابن الأعرابيّ قال : السمْرة في الناس : هي الوُرْقة. والسمَرة : الأُحْدوثة باللّيل. قال : ويقال : لا آتيكَ ما سمَر السمِير. وهم الناس يسمُرون ، وما سمَر ابنَا سمِير : وهما اللّيل والنّهار.

ولا آتيك السمَرَ والقَمَر ، أي : لا آتيك دَوامَهما. والمعنى لا آتيك أبداً.

وقال أبو بكر : قولهم : حلف بالسمَر والقمر. قال الأصمعي : السمر عندهم الظلمة. والأصل اجتماعهم يسمرون في الظلمة. ثم كثر الاستعمال حتى سمُّوا الظلمة سمَراً. قال أبو بكر : السمَر أيضاً جمع السامر. ورجل سامر ورجال سمّر.

وأنشد :

من دونهم إن جئتهم سمراً

عَزفُ القِيان ومجلسٌ غَمْرُ

قال : ويقال في جمع السامر : سُمَّار وسمَّر. وقال في قول الله تعالى : (مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ (٦٧)) [المؤمنون : ٦٧] : تهجرون القرآن في حال سمركم. وقرىء : (سمَّراً) وهو جمع السامر. أخبرني المنذري عن ثعلب عن

٢٩١

ابن الأعرابي : يقال : لا آتيك ما سمر السمير. وهم الناس يسمرون بالليل. وما اختلف ابنا سمير ، أي : ما سمر فيهما.

وما سمر ابنا سمير ، وهما الليل والنهار.

وقال أبو الهيثم : السميرُ : الدهرُ. وابناه : الليل والنهار.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن سلمة أنه سمع الفراء قال : بعثت من يسمُر الخبر.

قال : ويسمى السمر به.

وقال ابن السكّيت : لا آتِيك ما سمر ابنَا سَمِير ، ولا أَفعَلُه سَمِيرَ اللَّيالي ، وقال الشَّنْفَرَي :

هُنالِك لا أرجُو حَياةً تسرُّني

سَمِيرَ اللَّيالِي مُبْسَلاً بالجَرائرِ

وقال أبو زيد : السَّميرُ : الدَّهْر. وفي «النّوادر» : رجلٌ مَسْمور : قليلُ اللَّحم ؛ شديدُ أسْرِ العِظام والعَصَب.

وفي حديث الرَّهْط العُرنيِّين الّذين قَدِموا المدينة فأَسلَموا ثمّ ارتدوا فسَمَرَ النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أعينَهم ، ويُروَى سمَلَ، فمن رَوَى سَمَر بالراء فمعناه : أنّه أَحْمَى لهم مَساميرَ الحديد ثم كَحَلهم بها ومَن رواه سَمَل باللام فمعناه : فقَأَها بشَوْك أو غيره.

وقال اللّيث : السِّمسار فارسيّة معرَّبة ، والجميع السَّماسرة.

وفي الحديث : أن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم سمّاهم التُّجّار بعد ما كانوا يُعرَفون بالسَّماسرة

والمَصدَر السَّمْسَرة ؛ وهو أن يتوكّل الرجلُ مِن الحاضرة للبادية فيَبيع لهم ما يَجلبونه.

وقيل في تفسير قوله : «ولا يَبيع حاضرٌ لِباد» أراد أنه لا يكون له سِمْسَاراً ، والاسم السَّمْسَرة ؛ وقال :

* قَد وَكّلْتنِي طَلَّتي بالسَّمْسَرة*

والسَّمُرُ : ضَرْبٌ من العِضَاه ، الواحدة سَمُرة.

سَمَر إبله وسمّرها : إذا أكمشها. وسَمَّر شوكه : إذا خلاها ، وكذلك شمَّرها إذا سيّبها ، والأصل الشين فأبدلوا منها السين ، قال :

أرى الأسود الحلبوب سمّر شولنا

لشول رآها قد شتَتْ كالمجادل

قال : رأى إبلاً سماناً فترك إبله وسمّرها ، أي : خلّاها وسَيّبها.

قال شمر : وناقة سَمُور : نجيبة سريعة.

وأنشد :

فما كان إلا عن قليل فألحقت

بنا الحيَّ شوساءُ النَّجاءِ سَمُورُ

وفي حديث عمرَ أنّه قال في الأَمَة يَطَؤُها مالِكُها : إن عليه أن يحصِّنها فإنه يُلْحِقُ به وَلدَها. قال : ومن شاء فليُسَمِّرها.

قال أبو عُبيد : الرواية فليُسَمِّرها بالسِّين ، والمعروفُ في كلام العرب التَّشْمير ، وهو الإرسال ، وقال شَمِر : هما لُغَتان بالشين والسين معناهما الإرسال.

٢٩٢

ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : التّسمير : إرسالُ السَّهْم بالعجلة.

والخَرْقَلة : إرساله بالتأني ، يقال للأول : سَمِّر فقد أخطَبَك الصَّيدُ ، وللآخَر : خَرْقِل حتى يُخْطِبك الصيد.

وقال اللّيث : السامِرةُ : قومٌ من اليَهود يخالفونهم في بعض دِينهم ، وإليهم نُسِب السامِرِيّ الّذي اتَّخذ العِجل الذي سُمِع له خوَار.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : السَّمَّار : اللَّبَن الممذوقُ بالماء.

وأَنشَد :

وليَأْزِلَنّ وتَبْكُوَنَّ لِقاحُه

ويُعلِّلن صبيَّةٌ بسمَارِ

وقال غيرُه : السَّمُّور : دابّةٌ معروفةٌ يسوَّى من جُلودِها فِراءٌ غالية الأَثْمان ، وقد ذَكره أبو زُبَيد الطائي فقال يَذكر الأَسد :

حتى إذا مَا رأَى الأَبْصارَ قد غَفَلتْ

واجْتابَ من ظُلْمةٍ جُودِيَ سمُّورِ

جُودِيَّ النَّبطية جُوذِيا ، أراد جُبّةَ سَمُّورٍ لسَواد وَبَرَه واجتَاب : دَخَل فيه ولَبسهُ.

أبو عُبَيدة : الأسمَران : الماءُ والحِنْطة.

رسم : قال اللّيث : الرَّسْمُ : الأثَر.

وترسمتُ ، أي : نظرتُ إلى رُسُوم الدار.

والرَّوْسَمُ : لُوَيحٌ فيه كِتابٌ مَنْقوشٌ يُختَم به الطَّعام ، والجميع الرَّواسِم والرَّوَاسِيم.

وقد جاء في الشِّعر :

* قُرْحة رَوْسَم *

أي : بوجهِ الفرس ، وناقةٌ رَسُومٌ : وهي ترسُمُ رَسِيماً ، وهي التي تؤثّر في الأمر من شدَّة وَطْئِهَا.

وقال أبو عَمرو : تَرَسَّمْتُ المنزلَ : إذا تأَمَّلتَ رَسْمَه وتفرّسْتَه.

أبو عبيد : الارتسامُ : التكبير والتعوُّذ ، وقال القطاميّ :

في ذي جُلُولٍ يُقَضِّي الموتَ ساكِنة

إذَا الصَّرَارِيُّ من أَهْوَالِهِ ارْتَسَمَا

وقال أبو تُراب : سَمِعْتُ عَرَّاماً يقول : هو الرَّسْمُ والرّشْمُ للأَثَر ، ووَسَمَ على كذا ورشَم ، أي : كَتَب.

وقال أبو عمرو : يقال للّذي يُطْبَع به : رَوْسَم ورَوْشَم ، وراسُوم وراشُوم ، مثل رَوْسَم الأكداس ، ورَوْسَمِ الأمير ، وقال ذو الرمّة :

ودِمْنَةٍ هَيَّجَتْ شَوْقِي مَعالِمُها

كأنَّها بالهدَمْلاتِ الرَّوَاسِيمُ

والهِدَمْلاتُ : رمالٌ معروفة بناحية الدَّهْناء.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الرَّسِيم من سَيْرِ الإبل فوقَ الذَّمِيل.

ابن الأعرابيّ : الرَّسَمُ : حُسْنُ المَشْي.

أبو عُبَيد عن أبي عَمْرو : الثَّوْبُ المُرَسَّم : المخطَّط.

٢٩٣

رمس : قال الليث : الرَّمْس : التراب. ورَمْسُ القبر : ما حُثِيَ عليه. وقد رَمَسْناهُ بالتراب. والرَّمْسُ : تُرابٌ تَحْمِلُهُ الرِّيح فتَرمُس به الآثارَ ، أي : تَعفوها. والرياحُ الرَّوَامِس وكلُّ شيءٍ نُثرَ عليه التُّرَابُ فهو مَرْمُوسٌ ؛ وقال لَقِيطُ بْنُ زُرَارَةَ :

يا ليتَ شِعري اليومَ دَخْتَنُوسُ

إذا أتاهَا الخبَرَ المَرْمُوسُ

أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَمْ تَمِبسُ

لا ، بَلْ تَمِيسُ إنها عَرُوسُ

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا كَتَمَ الرجلُ الخبرَ القومَ قال : دَمَسْتُ عليهم الأمر ورَمَسْتُه.

وقال ابن الأعرابي : الرَّامُوس : القَبْر.

ورُوِيَ عن الشَّعْبي أنه قال : إذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماءِ أَجْزَأَه عن غُسل الجنابة.

قال شَمِر : ارْتَمَس في الماء : إذا انْغَمَسَ فيه حتى يغيبَ رأسه ، وجميعُ جسدِه فيه.

والقبرُ يسمَّى رَمْساً. وقال :

وبينما المرء في الأحياء مغتبط

إذا هو الرَّمْسُ تصفوه الأعاصيرُ

أراد : إذا هو تراب قد دُفِنَ فيه والرياح تطيِّرْه. والرامساتُ : الرياح الدَّافناتُ.

ورَمَستُ الحديثَ : أَخْفَيْتُه وكَتَمْتهُ. قال ابن شميل : الروامس : الطيرُ التي تطير بالليل. قال : وكل دابة تخرج بالليل فهي رامس ، تَرْمُس : تَدفن الآثار كما يُرْمَس الميت. قال : وإذا كان القبر قدوماً مع الأرض فهو رمس ، أي : مستوياً مع وجه الأرض. ورمست الرجل في الأرض رمساً ، أي : دفنته وسوَّيْت عليه الأرض ، وإذا رفع القبر في السماء عن وجه الأرض لا يقال له رمس.

مسر : قال اللّيث : الْمَسْرُ : فعل الماسِر ، يقال : هو يَمْسُرُ الناس ، أي : يُغْرِيهم.

وقال غيرُه : مَسَرْتُ بهِ ومَحَلْتُ بِه ، أي : سَعَيْتُ به. الماسِرُ : الساعي.

مرس : الحرّاني عن ابن السكيت : المَرْس : مَصْدرُ مَرَسَ التَّمْر يَمرُسه أو مَرَثَه يَمْرُثه : إذا دَلَكه في الماء حتى يَنْماثَ فيه ؛ ويقال للثَّرِيد المَرِيس ؛ لأنّ الخُبْزَ يَنماثُ فيه ؛ قال ذلك أبو عمرو.

وقال ابن السكيت : المرَسُ : شِدّة العِلَاج.

يقال : إنه لمَرِس بيّن المَرَس : إذا كان شديد المِراس.

وامْتَرَسَت الشُّجعانُ في القتال ، وامتَرَس الخُطباءُ ، وامتَرَست الألسُنُ في الخِصام.

قال : والمَرْس : الحَبْل أيضاً.

والمَرْسُ أيضاً مصدرُ مَرَس الحَبْل يَمْرُس مَرْساً ، وهو أن يقع بين القَعْو والبكْرة ، ويقال له : إذا مرِس : أَمْرِس حَبْلَك وهو أن تُعيده إلى مَجراه ، ونحو ذلك حَكى أبو عُبَيد عن الكسائيّ ؛ وأنشد :

٢٩٤

بئسَ مقامُ الشَّيخ أَمْرِسْ أَمْرِسِ

إمّا على قَعْوٍ وإمّا اقْعَنْسِسِ

وبكْرة مَرُوس : إذا كان من عادتها أن يَمْرُسَ حبلها ؛ وأَنشد :

دُرْنا ودَارتْ بكْرَةٌ نخيسُ

لا ضَيْقَةُ المَجرَى ولا مَرُوسُ

وقد يكون الأمراس إزالةَ الرِّشاء عن مجراه ، فيكون بمعنيَيْن متصادَّين.

ابن الأعرابيّ : بيننا وبين الماء ليلةٌ مَرَّاسةٌ لا وَتِيرَة فيها ، وهي الدائبة البعيدة.

وفي الحديث : «إن من اقتراب الساعةِ أن يتمرّس الرجلُ بدينه كما يتمرّس البعيرُ بالشَّجرة».

ثعلب عن ابن الأعرابي : التمرُّس : شدّة الالتواء وشِدّة العُلُوق.

أبو عُبَيد في باب فعْفَعيل : من المراسة المَرْمَريس الأملس ، ومنه قوله في صفة فرس والكَفَل : المرمريس.

قال الأزهري : أخذ المرمريس من المرمر وهو الرخام الأملس وكسعه بالسين تأكيداً.

قال شمر : المرمريس : الداهيةُ والدردبيس.

وقال القتيبِيّ في قوله : «أن يتمرَّس الرجلُ بدينه» ، أي : يتلعّب به ويعبث.

قال : وقوله : «تمرُّس البعيرِ بالشجرة» ، أي : كما يتحكك بها.

وقال غيره : «تمرُّسُ البعيرِ بالشجرة» : تحكُّكه بها من جَرَب وأُكال.

وتمرُّسُ الرجلِ بدينِه : أن يُمارِس الفِتَن ويُشادَّها ويخرُجَ على إمامِه فيضُرَّ بدينه ولا ينفعه غُلُوُّه فيه ، كما أن الجَرِب من الإبل إذا تحكَّك بالشَّجر أَدْماه ولم يُبْرِئه من جَرَبه.

ويقال : ما بفلان مُتمرِّس : إذا نُعِت بالجَلَدِ والشّدَّة حتى لا يُقاوِمه من مارَسَه.

وقال أبو زَيْد : يقال للرّجل اللّئيم الّذي لا ينظر إلى صاحبه ولا يُعطي خيراً : إنما تنظر إلى وَجْهٍ أَمْرَسَ أَمْلَس لا خيرَ فيه ، أفلا يتمرَّسُ به أحدٌ لأنه صُلْبٌ لا يُستغَلُّ منه شيء.

(أبواب) السّين واللّام

س ل ن

لسن ، نسل : [مستعملان].

لسن : الحرَّاني عن ابن السكّيت : لسَنْتُ الرجلَ أَلْسُنُه لَسْناً : إذا أخذتَه بلِسانِك ؛ وقال طَرَفة :

وإذا تَلْسُنُني أَلْسُنُها

إنّني لستُ بمَوْهُونٍ فَقِرْ

وفي حديث عمر ـ وذكر امرأة فقال ـ : إن دخلتْ عليك لسنتْك ، أي : أخذتك بلسانها.

٢٩٥

قال : وحَكى لنا أبو عمرو : لكلِّ قومٍ لِسْنٌ ؛ أي : لغة يتكلّمون بها.

ويقال رجلٌ لَسِن بيّنُ اللَّسَن : إذا كان ذا بَيانٍ وفصاحة.

وأخبرَني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابيّ قال : الخَلِيَّةُ من الإبل يقال لها المتلَسِّنة ؛ وأَنشد ابن أحمر يصف بَكْراً صغيراً أعطاه بعضهم في حمالة فلم يَرْضَه ضئيلاً :

تلسَّنَ أهلُه عاماً عَلَيْهِ

فلُولاً عند مِقْلَاتٍ نَيُوبِ

قال : والخَلِيّة : أن تَلِد الناقةُ فيُنحَر وَلدُها عَمْداً ليَدوم لَبنها ، وتستَدَرّ بحُوارِ غيرِها ، فإذا أدَرَّها الحُوار نَحُّوهُ عنها واحتَلَبوها وربما خَلَّوْا ثلاثَ خَلايا أو أربعاً على حُوارٍ واحد ، وهو التَّلسُّنُ.

وقال غيرُه : نَعلٌ مُلسَّنةٌ : إذا جُعل طَرف مقدَّمِها كطَرَف اللسان.

ويقال : لسنْتُ الليف : إذا مَشَنْتَه ثم جعلتَه فتَائِلَ مهيَّأة للفَتْل ، ويسمَّى ذلك : التّلْسين.

واللسان يذكَّر ويؤنَّث ؛ فمن أنّثه جَمَعه ألسناً ، ومَن ذكّره جمعَه أَلسنَةٌ. وإذا أردتَ باللسان اللّغة أنّثْتَ ، يقال : فلانٌ يتكلّم بلسانِ قومه ، ويقال : إن لسانَ الناسِ عليك لَحَسنةٌ وحَسنٌ ، أي : ثَناؤهم ، وقال قَسَّاس الكِنْدِيّ :

أَلا أَبلِغْ لدَيْك أبا هُنَيٍ

أَلَا تَنْهَى لسانَكَ عن رَدَاها

فأَنّثها ، ويقولون : إن شَفَة الناسِ عليك لَحَسنة.

وقال الله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ) [إبراهيم : ٤] ، أي : بلغة قومه ، وقال الشاعر :

* أَتَتْني لسانُ بَني عامرٍ*

ذهب بها إلى الكلمة فأنّثها. وقال أَعشى باهلة :

* إني أَتاني لسانٌ لا أُسَرُّ به*

فذكّرَه ، ذَهَبَ به إلى الخَبر فذكره.

والإلسان : إبلاغُ الرسالة.

ويقال : أَلْسنِّي فلاناً ، وألْسنْ لي فلاناً كذا وكذا ، أي : أَبلِغ لي. وكذلك أَلِكْني إلى فلان ، أي : ألِك لي إليه. وقال عَدِيّ بنُ زَيْد :

بَلْ أَلْسنُوني سَراةَ العَمِّ إنكُمُ

لستم من الملك والأثقال أغمارا

أي : أَبلِغوا لي وعَني.

عَمْرو عن أبيه : المَلسون : الكَذّابُ. قال الشيخ : لا أعرفه.

ورَوَى أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الأسْلان : الرماح الذُّبّل.

نسل : قال الله جلَّ وعزَّ : (فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ) [يس : ٥١] ،

٢٩٦

قال أبو إسحاق : يَنْسِلُونَ : يَخْرُجُون بسُرعة.

وقال الليث : النِّسلان : مِشْيَةُ الذئب إذا أسْرَع ، وأَنشَد :

عَلَانَ الذئب أَمْسَى قارِباً

بَرَدَ اللّيْلُ عليه فنَسلْ

ابن السِّكيت : يقال : أَنْسَلَتِ النَّاقةُ وَبَرها : إذا أَلْقَتْه تُنْسِلُه ، وقد نسلَت بِولَدٍ كثير تَنْسِلُ وتَنْسُل. وقد نَسَل الوبر يَنسِل ويَنْسُل : إذا سقَطَ ، ويقال لِمَا سقَط منه : النَّسيلُ والنُّسال ، وقد نسلَ في العَدْوِ يَنْسِلُ نَسَلَاناً ، ونُسَالُ الطَّيْرِ : ما سَقَطَ من ريشِهَا ، وهَو النُّسَالة.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : النَّسُولة من الغَنَم : ما يُتَّخذ نَسْلُها ، ويقال : ما لِبَنِي فلانٍ نَسُولة ، أي : ما يُطلَب نَسلُه من ذوات الأربع.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، يقال : فلانٌ يَنسِل الوَدِيقة ، ويَحمِي الحَقيقة. والنَّسْلُ : الوَلَد ، وقد تَناسَلَ بنو فلان : إِذا كَثُر أولادُهم.

وفي الحديث : أنهم شَكَوْا إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم وآله الضَّعفَ ، فقال : «عليكم بالنَّسْل».

قال ابن الأعرابي : النَّسْل : يُنشِّط وهو الإسراع في المَشْي.

وقال أبو عَمْرو : النَّسْل أيضاً : الوَلَدُ والذُّرِّيّة.

وفي حديث آخر : أنهم شكوْا الإعياء فأمرهم أن ينسلوا، أي : يُسرعوا في المشي.

ثعلب عن ابن الأعرابي : النَّسَلُ : اللَّبَن الذي يَخرُج من التين الأَخضَر.

وقال شمر : نَسَل رِيشُ الطائر وأَنْسَل وأَنْسَلَه الطائر وأنسل البعيرُ وبرَه.

أبو عُبَيد عن أبي زيد : أنسَل ريشُ الطّائر : إذا سَقَط ، قال : ونسَلْتُه أنا نَسْلاً.

س ل ف

سلف ، سفل ، فسل ، فلس : مستعملة.

فلس : قال الليث : الفَلْس معروف ، وجمعُه فُلوس. وأَفْلَسَ الرجلُ : إذا صار ذا فُلُوس بعد الدَّراهم ، وقد فلَّسَه الحاكم تَفْليساً.

وشيءٌ مُفلّسُ اللون : إذا كان على جِلْده لُمَع كالفُلوس.

وقال أبو عَمْرو : أفلستُ الرجلَ : إذا طلبتَه فأَخطأْتَ موضِعَه ، وذلك الفَلَس والإفلاس ، وأنشد للمعطَّل الهُذَليّ :

يا حِبُّ ما حُبُّ القَتُولِ وحُبُّها

فَلسٌ لا يُنْصِبْكَ حُبٌ مُفْلِسُ

قال أبو عَمْرو في قوله : حُبُّها فَلَسٌ ، أي : لا نَيْلَ معه.

قال : وأَفلَس الرجلُ : إذا لم يَبقَ له مال.

٢٩٧

فسل : قال الليث : الفَسلُ : الرَّذْلُ النَّذْلُ الذي لا مُروءة له ولا جَلَد. وقد فَسلَ يفسل فُسولةً وفَسالةً. ويقال : أفسلَ فلانٌ على فلانٍ مَتاعَه : إذا أَرْذَله. وأَفْسل عليه دَرَاهمَه : إذا زيَّفَها ، وهي دَرَاهمُ فُسولٌ.

وقال الفرزدق :

فلا تَقبَلوا منهم أباعرَ تُشْتَرى

بوَكْسٍ ولا سُوداً يَصِحُ فُسولُها

أراد : ولا تقبَلوا منهم دَراهمَ سُوداً.

وفي الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه لعن من النساء المُسوِّفَة والمُفَسِّلة».

المفسلة من النساء : التي إذا أراد زوجُها غِشْيَانها قالت : إني حائض ، فتفسل الزوجَ عنها وتُفَتِّره ولا حَيضَ بها. والمسوِّفةُ : التي إذا دَعاها الزّوج للفِراش ماطَلَتْ ولَمْ تُجِبْه إلى ما يَدْعوها إليه.

أبو عُبيد عن الأصمعيّ في صِغار النّخل قال : أوَّل ما يُقلَع من صغار النَّخْل للغَرْس فهو الفسيل والوَدِيُّ ، ويُجمع فسائل ، وقد يقال للواحدة : فَسيلة ، ويُجمَع فَسيلاً.

وقال الليث : فُسالةُ الحديد : ما تَناثَر منه عند الضَّرْب إذا طُبع.

أبو عَمْرو : الفسلُ : الرجلُ الأَحمَق.

سفل : قال الليث : الأسفَل نقيضُ الأَعْلى ، والسفْلَى نقيضُ العُلْيا ، والسُّفْلُ نقيضُ العُلْو في التسفُّل والتَعلِّي.

والسافلة نَقيضُ العالية في النَّهْر والرُّمْح ونحوه. والسافلُ نَقيضُ العالي ، والسفْلة نقيض العِلْية ، والسفَالُ نَقِيض العَلاء ، يقال : أمْرهمْ في سَفال وفي عَلاء.

والسفُول مصدرٌ ، وهو نقيض العُلُوّ.

والسفْلُ نقيضُ العِلْو في البِناء.

وقوله تعالى : (ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ (٥)) [التين : ٥] ، أي : رددناه (إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) ، كأنه قال : رددناه أسفل من سَفَل ، وأسفل سافل. وقيل : معناه : رددناه إلى الضلال ، كما قال تعالى : (إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (٢) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) [العصر : ٢ ، ٣].

وقال ابن السكّيت : هم السفِلة لأراذل الناس ، هم من عِلْيَة الناس ومن العرب من يخفِّف فيقول : هم السفْلة. وسَفِلة البعير : قوائمُه وفلان من سَفلة القوم : إذا كان من أراذلهم وأَسافل الإِبل : صِغارُها ، وأنشد أبو عُبَيد :

تَواكلَها الأزمانُ حتى أَجَأْنَها

إلى جَلَدٍ منها قليلِ الأسافلِ

أي : قليل الأولاد.

ويقال : كُن في عُلاوة الرِّيح وسُفَالةِ الرِّيح ، فأما عُلاوَتُها فأنْ يكون فوقَ الصَّيد ، وأمّا سفَالتُها فأن يكون تحتَ الصَّيْد ، لأنه يستقبِل الرِّيحَ.

وقول الله تعالى : (وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ) [الأنفال : ٤٢] ، قرىء بالنّصب

٢٩٨

لأنه ظَرْف ، ولو قرىء : (أسفلُ) بالرفع فمعناه : أشَدُّ تَسفُّلاً.

سلف : قال الليث وغيرُه : السَّلَفُ : القَرْضُ ، والفِعْل أسْلَفْت ، يقال : سَلَّفتُه مالاً ، أي : أقرَضْته.

قلتُ : وكلُّ مالٍ قدَّمْته في ثمن سِلْعة مضمونةٍ اشتريتَها بصفَةٍ فهو سَلَف وسَلَم.

ورُوِي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «مَن سَلَّف فليُسَلّف في كَيْلٍ معلومٍ ووزْنٍ معلوم» أراد من قَدّم مالاً ودَفَعه إلى رجل في سِلعة مضمونة ، يقال : سَلّفْتُ وأَسْلَفْتُ وأَسْلَمْتُ بمعنًى واحد ، وهذا هو الذي يُسمّيه عَوامُّ الناس عندنا السَّلَم.

والسَّلَف في المعامَلات له معنيان : أحدُهما القرض الذي لا مَنْفَعَةَ للمُقْرِض فيه وعلى المُقْرَض رَدُّه كما أَخَذه ، والعرب تسمّيه السَّلَف ، كما ذكره الليث في أول الباب. والمعنى الثاني في السَّلَف : السَّلَمُ وهو في المعنييْن مَعاً اسمٌ مِنْ أَسْلَفْتُ ، وكذلك السَّلَم اسمٌ من أسلَمْتُ.

وللسَّلَف معنيان آخَران : أحدُهما : أَن كلّ شيء قدّمَه العبدُ من عَمَل صالحٍ ، أو ولَدٍ فَرَطٍ تَقدَّمه فهو سَلَف ، وقد سَلَف له عَمَلٌ صالح. والسلَف أيضاً : مَن تَقدَّمك من آبائك وذَوِي قَرابتَك الذين هم فوقَكَ في السنّ والفَضْل ، واحدهم سالِف ، ومنه قولُ طُفَيل الغَنَويّ يرثي قومه :

مَضَوا سَلَفاً قَصْدُ السبِيل عليهمُ

وصَرْفُ المنَايا بالرِّجال تَقَلَّبُ

أراد أنهم تقدَّمونا وقَصْدُ سبيلنا عليهم ، أي : نَموت كمَا ماتُوا فنَكون سلَفاً لمن بعدَنا كما كانوا سلَفاً لنا.

وقال الفرّاء في قولِ الله جلّ وعزّ : (فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِينَ (٥٦)) [الزخرف : ٥٦] ، يقول : جعلناهم سَلَفاً متقدِّمين ليتّعظ بهم الآخِرون.

قال : وقرأ يحيى بن وثّابٍ : (سُلُفاً) مضمومةٌ مثقّلة.

قال : وزعم القاسمُ أنّه سمع واحدها سَلِيفاً ، قال : وقرىء : (سَلَفاً) كأنّ واحدتها سُلْفة ، أي : قِطْعة من الناس مِثل أُمّة.

وقال الليث : الأُمَم السالفة : الماضيةُ أَمامَ الغابرة ، وتُجمعُ سوالف ، وأَنشَدَ في ذلك :

ولاقَتْ مَناياها القُرونُ السَّوالِفُ

كذلك يَلْقاها القُرونُ الخَوالِفُ

قال : والسالفةُ : أَعْلى العُنُق. وسالِفَة الفَرَس وغيرِها : هادِيَتُه ، أي : ما تَقَدَّم من عُنُقه.

أبو عُبيد عن أبي عمرو : السَّلْف : الجِراب ، وجمعُه سُلوف ، وأَنشَد شمر لبعض الهذليِّين :

٢٩٩

أَخذتُ لهم سَلْفَيْ حَتِيٍّ وبُرْنْساً

وسَحْقَ سَرَاوِيلٍ وجَرْدَ شَلِيلِ

أراد جِرَابَيْ حَتِيٍّ ، وهو سَويق المُقْل.

أبو عبيد عن أبي زيد : يقال للطّعام الذي يتعلّل به قبلَ الغذاء : السُّلْفة. وقد سلَّفْتُ القومَ ، وسلّفتُ للقوم ، وهي اللُّهنة.

أبو عبيد عن الفرّاء : قال المُسْلِف من النساء : التي قد بلغتْ خمساً وأربعين ونحوها ، وأَنشَد :

إذا ثَلَاثٌ كالدُّمَى

وكاعِبٌ مُسْلِفُ

ورُوِيَ عن محمد بن الحنفيّة أنه قال : أرضُ الجَنّة مَسْلُوفةٌ.

قال أبو عُبيد : قال الأصمعيّ : هي المستوِيَة. قال : وهذه لغة أهلِ اليَمَن والطائف وتيل الناحية يقولون : سلَفْتُ الأرضَ أسلُفُها. ويقال للحَجَر الذي تُسوَّى به الأرض : مِسلَفة.

قال أبو عُبَيد : وأحسبُه حَجَراً مُدْمَجاً يُدحرَج به على الأرض لتَستوِيَ.

وقال اللّيث : تُسمَّى غُرْلة الصبيِ سُلْفةً ، والسُّلْفةُ : جِلدٌ رقيق يُجعَل بِطانةً للخِفاف ، وربّما كان أحمرَ وأصفرَ. قال : والسَّلُوف من نِصالِ السِّهام : ما طال ، وأَنشَد :

* شَكّ كُلاها بِسلُوفٍ سَنْدَرِيُّ*

والسِّلْفانِ : رجلان تزوَّجا بأختين ، كلُّ واحد منهما سِلْفٌ لصاحبه. والمرأةُ سِلْفةٌ لصاحبتها : إذا تزوّجت أختان بأخَوين.

قال : والسُّلَافَة من الخمر : أخلَصُها وأفضَلُها ، وذلك إذا تَحَلَّب من العنب بلا عَصْر ولا مَرْث وكذلك من التَّمْر والزَّبيب ما لم يُعَد عليه الماء بعد تَحلُّب أوّله والسُّلَفُ والسُّلَكُ : من أولاد الحَجَل ، وجمعُه سِلْفان وسِلْكان.

وأَخبَرني المنذريُّ عن الحَسَن أنّه أنشدَه بيتَ سَعْد القرقرة :

نحنُ بغَرْس الوَدِيِّ أعَلُمنا

مِنّا برَكْض الجيادِ في السُّلَفِ

قال : والسُّلَف جمعُ السُّلْفة من الأرض ، وهي الكرْدَة المسوّاة.

وقال أبو زيد : جاء القومُ سُلْفة سُلْفة : إذا جاء بعضُهم في إثْر بعض. وسُلافُ العَسْكَر : مُقدِّمتهُم. وسَلفْتُ القومَ وأنا أسلُفُهم سَلَفاً : إذا تقدّمتهم. قال مرة بن عبد الله اللحياني :

كأن بناته سِلفانُ رَخْم

حواصِلُهن أمثال الزَّقاق

قال : واحد السلفان سُلف ، وهو الفرخ.

قال : سُلَكٌ وسِلكان : فِرَاخ الحَجل.

س ل ب

سلب ، سبل ، لسب ، لبس ، بلس ، بسل.

سلب : قال الليث : السَّلَب : ما يُسْلَب به والجميعُ الأَسْلاب ، وكلُّ شيء على

٣٠٠