تهذيب اللغة - ج ١٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٥

بوص : أبو عُبَيد : البُوصُ : العَجُز بضم الباء ، والبَوْصُ : اللَّوْنُ ، بفتح الباء.

والبَوصُ : الفَوْت والسَّبْق ؛ يقال : باصَني الرجل ، أي : فاتني وسَبَقني.

وقال الليث : البَوْص : أن تَستعجِل إنساناً في تَحمِيلكَه أمراً لا تَدَعُه يتمهّل فيه ، وأَنشدَ :

فلا تعْجل عليّ ولا تَبُصني

ودالِكْني فإني ذُو دَلَالِ

وسارَ القومُ خِمْساً بائصاً ، أي : معجلاً مُلِحّاً.

قال : والبُوصِيُ : ضَرْبٌ من السُّفُن ، وقال :

* كَسُكَّانِ بُوصِيٍ بِدَجْلَةَ مُصْعِدِ*

وقال أبو عَمْرو : البُوصِيُ : زَوْرَقٌ ، وليس بالملّاح.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : بَوَّصَ : إذا سَبَق. وبَوَّص : إذا سَبَق في الْحَلْبة.

وبَوَّص : إذا صفا لونه ، وبَوَّص : إذا عظم بوصه.

الفراء : أبص يأبص وهَبِصَ يَهْبَص : إذا أَرِنَ ونَشِط.

بصا : سَلَمةُ عن الفَرَّاء قال : بصا : إذا اسْتَقْصَى على غَريمِه.

وقال أبو عمرو : البِصَاءُ : أن تَسْتَقْصِيَ الخِصاءَ ؛ يقالُ منه : خَصِيٌ بَصِيٌ. والله أعلم.

باب الصاد والميم

ص م (وا يء)

صوم ، صمي ، وصم ، موص ، أمص ، مصي.

صوم : قال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الله عزوجل : «كلُّ عملِ ابنِ آدمَ له إلا الصَّوْمَ فإنه لي» قال أبو عبيد : إنما خَصَّ تبارَكَ وتعالى الصَّوْمَ بأنَّهُ له ، وهو يَجْزِي به وإن كانت أعمالُ البِرِّ كلُّها له وهو يَجْزِي بها ؛ لأن الصَّوْمَ ليس يَظهَر من ابنِ آدمَ بلسانٍ ولا فِعْل فتكتبه الحَفَظَة ؛ إنما هو نيَّةٌ في القلب ، وإمساكٌ عن حركة المَطْعَم والمَشرَب ، يقول الله : فأنا أتولَّى جزاءَه على ما أحِبُّ من التَّضْعِيف ، وليس على كتابٍ كُتِبَ له ، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام : «لَيْسَ في الصَّوْم رِياءٌ».

قال : وقال سُفْيَانُ بنُ عُيينَةَ : الصومُ هو الصَّبْر ، يَصْبِرُ الإنسانُ عن الطَّعام والشَّرابِ والنّكاح ، ثم قرأ : (إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ) [الزمر : ١٠].

قال أبو عُبَيد : والصائم من الخيل : القائم الساكت الّذي لا يَطْعَم شيئاً ، ومنه قولُ النابغة :

خَيْلٌ صِيَامٌ وَخَيْلٌ غَيْرُ صَائِمَةٍ

تَحْتَ العَجَاجِ وأخرَى تَعْلُكُ اللُّجُمَا

وقد صام يصوم. وقال الله تعالى : (إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً) [مريم : ٢٦] ، أي :

١٨١

صَمْتاً. ويقال للنهار إذا اعتدل وقام قائم الظَّهيرة : قد صامَ النهارُ. وقال امرُؤُ القيس :

فَدَعْهَا وَسَلِّ الْهَمَّ عَنْكَ بِجَسرَةٍ

ذَمُولٍ إذا صامَ النَّهَارُ وهَجَّرَا

وقال غيرُه : الصَّوْمُ في اللُّغَة : الإمساكُ عن الشيءِ والتَّرْكُ له. وقيل للصائمِ صائم : لإمساكه عن المطعم والمشرب والمنكح. وقيل للصامت : صائم ، لإمساكه عن الكلام. وقيل للفرسِ : صائم ، لإمساكه عن العَلَف مع قيامه.

ويقال : صامَ النَّعامُ : إذا رَمَى بِذَرَقِه ، وهو صومُه. وصامَ الرجلُ : إذا تَظَلَّلَ بالصَّوْم ، وهو شجر ؛ قالهُ ابن الأعرابي.

وقال الليث : الصَّوْمُ : تَرْكُ الأكل وترْكُ الكلام. وصام الفَرَس على آرِيِّه : إذا لم يَعْتَلِف. والصومُ : قِيَامٌ بلا عَمل.

وصامَتِ الرِّيحُ : إذا رَكَدَتْ ، وصامت الشَّمسُ عند انتصاف النهار : إذا قامت ولم تَبرَح مكانها. وبَكْرَةٌ صائمةٌ : إذا قامت فلم تَدُر ، وقال الراجز :

شَرُّ الدِلاء الْوَلْغَةُ المُلَازِمَة

والبَكَراتُ شَرُّهُنَ الصائمهْ

ويقال : رجلٌ صَوْمٌ ، ورجلان صوم ، وقوم صوم ، وامرأةٌ صَوْم ، لا يُثَنَّى ولا يُجْمَع لأنه نُعِت بالمصْدَر ، وتلخيصُه : رجُلٌ ذو صَوْم ، وَقَوْمٌ ذُو صَوْم ، وامْرَأَةٌ ذاتُ صَوْم. ورَجُلٌ صَوَّام قَوّام : إذا كان يَصومُ النَّهارَ ويقومُ الليلَ. ورِجَالٌ ونِسَاءٌ صُوَّمٌ وصُيَّمٌ ، وصُوَّامٌ وصُيَّام ، كل ذلك يقال : ومَصَامُ الفرس : مَقامُه.

وقال أبو زيد : يقالُ : أقمتُ بالبصرةِ صَوْمَيْنِ ، أي : رَمَضَانَيْن.

ابن بُزْرُج : لا صَمياء ولا عمياء له من ذلك متروكتان : إذا انكب على الأمر فلم يقلع عنه.

قال أبو إسحاق الزجاج : أصل الصَّميان في اللغة السرعة.

صمي : قال أبو إسحاق : أصل الصَّمَيَانِ في اللُّغة : السرعةُ والخِفَّة.

قال أبو عُبَيد : قال الفرَّاء : الصَّمَيان : التَّقَلُّبُ والوَثْب. ورَجُلٌ صمَيَانٌ : إذا كان ذا تَوَثُّب على الناس. ورُوِي عن ابن عبَّاس أَنَّه سُئِلَ عن الرَّجُل يَرمِي الصيدَ فيَجِدُهُ مقْتولاً فقال : كلْ ما أَصْمَيْتَ وَدَعْ ما أَنْمَيْتَ.

قال أبو عُبَيد : الإصماء أن يَرْمِيَه فيموت بين يديه لم يَغب عنه ، والإنْماءُ : أن يَغيبَ عنه فَيَجِدَهُ ميِّتاً. قال أبو إسحاق : المعنى في قوله : «كُلْ ما أَصْمَيْت»، أي : ما أصابَه السَّهم وأنت تراه فأسرَعَ في الموتِ ، فرأَيتَه ولا محالةَ أنه مات برمْيِكَ. وأصلُه من الصَّمَيَان ، وهو السرعةُ والخِفَّة.

١٨٢

وقال الليث : الصمَيان : الشُّجاعُ الصادقُ الحَمْلَة. قال : وأَصْمَعى الفرسُ عَلَى لِجَامِه : إذا عَضَّ عليه ومضى ، وأَنْشَد :

أَصْمَى عَلَى فَأْسِ اللِّجَامِ وَقُرْبُه

بالماءِ يَقْطُرُ تارَةً ويَسِيلُ

قال : والانصماء : الإقبالُ نحوَ الشيء كما يَنْصمِي البَازِي : إذا انقضّ.

وقال ابن الأعرابي : الصَمَيَان : الجريءُ على المعاصي.

وصم : قال أبو عُبَيدة : الوَصْمُ : العَيْبُ يكون في الإنسان وفي كلّ شيء ، يقال ما في فلان وَصْمَةٌ ، أي : عَيْبٌ. والتَّوْصِيم : الفَتْرة والكَسَل.

وقال لَبِيد :

وإذا رُمْت رحيلاً فارتحل

وَاعْصِ ما يَأْمُرُ تَوْصِيمُ الكَسِلْ

سلَمة عن الفرّاء : الوَصْمُ : العَيْب. وقَناةٌ فيها وَصْم ، أي : صَدْع في أنْبُوبها.

ورجل مَوْصوم الحَسَب : إذا كان مَعِيباً.

مصي : أبو عُبَيد عن أبي عمرو : المَصْواء من النّساء : التي لا لحم في فَخِذَيها.

وقال أبو عُبَيد والأصمعيّ : المَصْواء : الرَّسْحاء : وهي العَصُوب والمنْداص.

والمُصاية : القارُورة الصَّغيرة.

أمص : قال الليث : الآمص : إعْرابُ الخاميزْ.

موص : قال أبو عُبَيد : المَوْص الغَسْل ، يقال : مُصْتُه أَمُوصُه مَوْصاً. وقالت عائشةُ في عثمان : مُصْتمُوه كما يُماص الثوبُ ، ثم عَدَوْتم عليه فقتلتموه.

تَعنِي : استِعْتَابهم إيّاه وإعتابَه إيّاهم فيم عَتَبوا عليه.

وقال الليث : المَوْصُ : غَسْلُ الثَّوْب غَسْلاً لَيِّناً يَجعل في فيه ماءً ، ثمّ يَصُبُّه على الثّوب وهو آخذُه بين إبْهامَيْه يَغسِله ويَموصه.

وقال غيرُه : ماصَه ومأصه بمعنى واحد.

ثعلب عن ابن الأعْرابي : المَوْصُ : التِّبنُ.

ومَوَّص الرجلُ : إذا جَعَل تجارتَه في المَوْص وهو التِّبْن. ومَوَّصَ ثَوْبَه : إذا غَسَله فأنقاه. والله أعلم.

* * *

١٨٣

باب لفيف الصاد

صوه. صيا. أصآ. صأى. صأصأ.

صيصية. وصيى. أصى. أص.

وصواص. يصص. صوى. صوص.

صيأ : روِي عن أبي هُرَيرة أنّه قال : إنَّ للإسلام صُوى ومَناراً كمنَار الطريق.

قال أبو عُبَيدة : قال أبو عمرو : الصُّوَى : أعلامٌ من حِجارة منصوبةٌ في الفَيافي المجهولة يُستدَلّ بها على طُرُقها ، واحدتُها صُوّة.

وقال الأصمعيّ : الصُّوَى : ما غَلُظ من الأرض وارتفع ولم يَبلُغ أن يَكون جَبَلاً.

قال أبو عُبَيد : وقول أبي عمرو : أَعجَبُ إليّ ، وهو أشبَه بمعنى الحديث. والله أعلم.

وقال لبيد :

ثم أَصْدَرْناهُمَا في وَارِدٍ

صَادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ قد مَثَلْ

وقال أبو النَّجم :

* وبَيْنَ أعْلَامِ الصُّوَى المَوَاثلِ*

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الصُّوَّة : صَوْتُ الصَّدَى.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ في الشَّاءِ إذا أَيْبَس أربابُها ألبانَها عَمْداً ليكون أسْمَن لها ، فذلك التَّصْوِية ، وقد صَوَّيناها.

وقال العَدَبَّسَ الكِنانِيّ : التَّصوِية للفُحول من الإبل : ألّا يحمَل عليه ولا يُعقدَ فيه حَبْل فيكون أنشَطَ له في الضِّراب وأَقوَى ، وأنشَد قول الفَقْعَسي يصف إبلاً وراعيها :

* صَوَّى لها ذا كِدْنةٍ جُلاعِدَا*

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : التَّصوِية في الإناث : أن تُبَقَّى ألبانُها في ضُروعها ليكون أشدَّ لها في العام المقبِل ، وأنشد :

إذا الدِّعْرِمُ الدِّفْنَاسُ صَوَّى لِقَاحَهُ

فإنّ لنا ذَوْداً عِظامَ المَحالِبِ

قال : وناقةٌ مُصَوّاةٌ ومُصَرَّاةٌ ومحفَّلةٌ بمعنًى واحد.

وجاء في الحديث : «التَّصْوِية خِلَابة»، وكذلك التَّصْرِية.

وقال غيرُه : ضَرعٌ صاوٍ : إذا ضَمَر وذَهب لبنُه.

وقال أبو ذُؤيب :

مُتفلِّقٌ أَنساؤُها عن قانِىء

كالقُرْطِ صاوٍ غُبْرُه لا يُرْضَعُ

أراد بالقانىءِ : ضَرْعَها ، وهو الأحمر ، لأنه ضَمَر وارتفَع لبنُه.

١٨٤

وقال الليث : الصاوي من النّخيل : اليابس. وقد صوَت النخلةُ تَصوِي صوِيّاً.

صأي : أبو عُبَيد عن الأحمر : الصآةُ ـ بوزن الصّعاة ـ : ماءٌ ثخين يخرج مع الولد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : هو الصَّاءَةُ ، بوزن الصاعة.

قال : والصآةُ بوَزْنِ الصَّعَاةِ ، والصَّيْأَةُ بوَزْن الصَّيْعَة. والصَّيَّةُ : الماء الذي يكون في المَشيمة ، وأنشد شَمِر :

* على الرِّجْلَيْن صاءٍ كالخُراجِ*

قال : وبعت الناقةَ بِصَيتِها ، أي : بِحِدْثانِ نَتاجها.

وقال أبو عُبيد : صَيّأْتَ رأسَه تَصْيآءً : بللتُه قليلاً قليلاً.

وقال غيره : هو أن يغسله فيثوّر وسَخَه ولا يُنَقِّيه.

أبو عُبَيد عن الكسائي : صأى الفَرْخ ، بوَزْن صعَى.

قال : والفِيل والخِنْزير والفأر كلها تصأى صَئِيّاً وصِئِيّاً ، واليَرْبُوع مِثلُه ، وأنشد أبو صفوانَ للعجّاج :

* لَهُنّ في شَبَاتِه صئيُ *

وقال جرير :

لَحَى الله الفَرَزْدقَ حِينَ يَصأَى

صئِيَ الكلْب بَصبَص للعِظالِ

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : جاء بما صأى وصَمَت ، أي : جاء بالشّاء والإبل. وما صَمتَ : الذّهبُ والفضّة.

أبو عُبيد عن الأصمعي : الصائي : كلُّ مالٍ من الحيوان مثلُ الرقيقِ والدواب.

والصامت : مِثلُ الأثواب والوَرِق ، سُمِّي صامتاً لأنه لا رُوحَ فيه.

وقال خالد بنُ يزيد : يقال : صاءَ يصيءُ ، مثل صاعَ يَصيع ، وصئِيَ يَصأى ، مِثل صعِيَ يَصعَى.

صأصأ : كان عُبَيد الله بن جَحْش أسلَم ثم ارتدَّ وتنصّر بالحَبشة ، فقيل له في ذلك؟

فقال : إنا فَقَّحْنا وصأْصأْتُم.

قال أبو عُبَيد : يقال : صأصأ الجِرو : إذا لم يَفْتح عينيه أَوانَ فتحِه. وفَقّح : إذا فَتَح عَيْنيه ، فأراد أنا أبصَرْنا أَمْرَنا ولم تُبصِروه.

وقال أبو عمرو : الصأصأُ : تأخير الجِرْو فتحَ عينيه. والصأْصأُ : الفَزَع الشديد.

والصأصَاءُ : الشِّيص.

أبو عبَيد عن الأصمعيّ : يقال للنّخْلة إذا لم تقبل اللَّقاح ولم يكن للبُسْر نَوًى : قد صأْصأَتْ النخلةُ صئصاءً.

قال : وقال الأمويّ : في لُغة بني الحارث بنِ كعب : الصِّيص هو الشِّيص عند الناس ، وأنشد :

بأعْقَارِها الفِرْدانُ هَزْلَى كأنَّهَا

نَوَادِرُ صِيصَاءِ الهَبيدِ المُحطَّمِ

١٨٥

وقال أبو عُبَيد : الصِّيصاء : قِشْر حَبّ الحَنظَل.

وقال الأصمعيّ : صأصأ فلانٌ صَأْصَأَة : إذا استَرخَى وفَرِق.

صيص : عمرو عن أبيه : الصِّيصَة من الرِّعاء : الْحَسنُ القيام على ماله.

وقال الفرّاء في قول الله جلَّ وعزَّ : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مِنْ صَياصِيهِمْ) [الأحزاب : ٢٦] معناه : من حُصُونهم.

وقال الزَّجَّاج : الصِّياصِ : كلُّ ما يُمتَنَع به ، وهي الحُصون. وقيل : القُصور لا يُتحصّن بها. والصَّياصي : قُرُون البَقَر والظِّباء. وكلُّ قَرْن صِيصةِ ، لأن ذوات القُرون يتحصّن بها. قال : وصِيصَة الدِّيك : شوْكتُه ، لأنه مُحصّن بها أيضاً.

وقال أبو الهيثم : الصِّيصة : حَفٌ صغيرٌ من قُرون الظِّباء تَنسِج به المرأة. وقال دُريد بن الصِّمّة :

فجِئْتُ إلَيْهِ والرِّمَاحُ تَنُوشُهُ

كَوَقْع الصَّيَاصِي في النَّسِيج المُمدَّدِ

وقال ابن الأعرابيّ : أصاصَتِ النخلةُ إصَاصَةً ، وصَيَّصَتْ تَصْييصاً : إذا صارت شِيصاً ، وهذا من الصِّيص لا مِن الصِّيصَاء ، يقال من الصِّيصاء : صَأْصَأَتْ صِيصَاءً. ابن السكّيت : هو في ضِئْضِي صِدْقٍ ، وصِئْصِئ صِدْقٍ ، وقاله شَمِر واللّحياني.

أصص : أبو عُبَيد عن أبي زيد : الأَصُ : الأصْل ، وجمعُه آصاص. وقال خالد بن يزيد : الأصِيص : أسفلُ الدَّنّ يُبالُ فيه ، وقال عديّ بنُ زيد :

يا لَيْتَ شِعْرِي وأنا ذو عَجّةٍ

متى أَرَى شَرْباً حَوالَيْ أَصِيْص

العجة : الصّوت.

ويقال : هو كهَيئة الجَرِّ له عُرْوَتان يُحمَل فيه الطّين.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : ناقةٌ أَصُوص عليها صُوصٌ. قال أَبو عَمْرو بن العلاء : الأَصُوص : النّاقة الحائل السمينة.

وقال امرؤ القيس :

* مُداخَلةٌ صَمُّ العِظَامِ أَصُوص *

أرادَ : صَمُّ عِظامُها. وقد أصَّتْ تَؤُصُ أصُوصاً : إذا اشتدّ لحمُها وتلاحَكت ألواحُها.

صوص : وأمّا الصُّوص فإنّ ابن الأعرابي قال : هو الرجل اللئيم الّذي يَنزل وحده ويأكلُ وحده ، فإِذا كان باللّيل أَكَل في ظلّ القَمَر لئلّا يَراه الضّيف ، وأَنشَد :

* صُوصُ الغِنَى سَدَّ غِناه فَقْرَهُ*

ويكون جَمْعاً وأَنشد :

فأَلْفَيتكُمْ صُوصاً لُصُوصاً إذا

دَجَى الظّلَامُ وَهَيّا بينَ عند البَوارِق

وصوص : أبو عبيد عن الأحمر :

١٨٦

الوصواص : البُرْقعُ الصغير. وقال الفرّاء ؛ إذا أدْنَت المرأةُ نِقابها إلى عَيْنَيها فتلك الوَصْوَصةُ.

وقال أبو زيد : التَّرْصيص في النِّقاب ، ألّا يُرَى إلّا عَيْناها.

وتميم تقول : هو التّوصيصُ بالواو. وقد رَصَّصت ووَصَّصَتْ توصيصاً وترصيصاً.

وقال الليث : الوَصْواص : خَرْقٌ في السِّتْر ونحوِه على مقدار العَين يُنظر منه ، وأَنشَد :

* في وَهَجَانٍ يَلجُ الوَصْوَاصا*

ثعلب عن ابن الأعرابي : الوَصيُّ : إحكامُ العَمَل من بناءٍ أو غيرِه.

قال : والصَّوُّ : الفارغ. وأَصوَى : إذا جَفَ. والصوّة : صَوْتُ الصَّدَى ، بالصاد.

يصص : أبو عبيد عن أبي زيد : يَصَّصَ الجِرْو ـ بالياء والصاد ـ إذا فَتَح عينيه ، ويقال : بَضَّضَ وبصّصَ. وقال ابن الأعرابي : الصَّوَى : السُّنْبُل الفارغ ، والقُنْبُع : غِلافُه.

أبو عُبَيد عن الفرّاء : وأَصْتُ به الأرض : إذا ضربت به الأرضَ. ومَحصتُ به الأرضَ ، مثلُه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أَصَى الرَّجُل : إذا عَقَل بعد رُعونة.

ويقال : إنه لذو حَصاةٍ وأَصَاةٍ ، أي : ذو عَقْل ورأي.

وصى : أبو عُبَيد : وَصَيْتَ الشيءَ ووصَلْتُه سواء.

وقال ذو الرمَّة :

نصِي اللَّيلَ بالأيّامِ حَتى صَلاتنا

مقاسَمة يَشْتَقُّ أَنصافَها السَّفْرُ

وفلاة واصيةٌ : يتصل بفلاة أخرى ، وقال ذو الرّمة :

بَيْنَ الرَّجا والرَّجا مِن جَنْبِ واصيَةٍ

يهْماءَ خابِطُها بالخَوفِ مَعْكوم

وقال الأصْمَعيُّ : وَصَى الشيء يصِي : إذا اتَّصَلَ. ووَصَاه غيرُه يَصِيه : وَصَله. وقال الليث : الوَصاةُ كالوصيّة ؛ وأَنشد :

أَلَا مَن مُبْلِغ عني يَزيداً

وَصاةً مِن أَخي ثِقَةٍ وَدُودِ

ويقال : وَصِيٌ بيّنُ الوَصاية ، والفعل أَوْصَيتُ ووَصَّيتُ إيصاءً وتوصيةً.

والوصيّة : ما أَوْصَيْتَ به ، وسُميتْ وَصِيةً لاتصالها بأمر الميّت.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الوَصِيُ : النباتُ الملتفُّ.

وقيل لعليّ عليه‌السلام : وَصِيٌ ، لاتصال نسبِه وسبَبِه وسَمْتِه ، وإذا أَطاعَ المَرْتَعُ للسَّائمة فأصابتْه رغَداً قيل : وصَى لها المَرْتَعُ يَصِي وَصْياً.

أبو عبيد عن الأصمعي : إذا اتَّصل نباتُ الأرض بعضُه ببعض قيل : وَصَت الأرض

١٨٧

فهي واصيَة.

وقال أبو عُبيد : الآصيَة : طعامٌ مثلُ الحَسَاء يُصنَع بالتَّمر ، وأَنشد :

* والإتْر والصَرْبُ مَعاً كالآصيَهْ*

وقال الليث : ابن الآصي : طائرٌ شبه الباشَق ، إلّا أنه أطوَلُ جَناحاً ، وهو الحِدَأَة ، يسميه أهلُ العراق ابن آصَى انتهى ، والله تعالى أعلم.

* * *

١٨٨

باب الرباعي من حرف الصاد

[صفرد] : ثعلب عن ابن الأعرابي : الصِّفْرِدُ : طائرٌ جَبانٌ يَفزَع من الصَّعْوة وغيرها.

وقال الليث : الصِّفْرِدُ : طائرٌ يألَف البيوت وهو أَجبَن الطّير ، يقال : أَجبَنُ مِن صِفْرِد.

فرصد : الليث : الفِرْصادُ : شجرٌ معروف ، وأَهلُ البَصرة يسمُّون الشجرةَ : فِرْصاداً ، وَحَمْلَه التُّوت. وأنشد :

كأنما تَفَضَ الأَحْمَالَ ذَاوِيَةً

على جَوَانِبِه الفِرْصاد والعِنَبُ

أَراد بالفِرْصاد والعِنَب : الشجرتين لا حَمْلَهُما. أَراد : كأنما نَفَضَ الفرصادُ أحمالَه : ذاوِيَةً نُصبَ على الحال ، والعنَبُ كذلك ، شبَّه أَبْعارَ البقَر بحَب الفِرْصاد والعِنَب.

وقال أَبو عبيد : هو الفِرْصاد والفِرْصيد لِحَمْل هذه الشجرة.

وروَى أبو عمر عن ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الفِرْصد : عَجْمُ الزَّبيب ، وهو العُنْجُد أيضاً.

[صندل] : قال الليث : الصنْدَل : خشبٌ أحمرُ ، ومنه الأصفر طيّب الريح.

والصَّنْدَل من الحُمُر : الشديدُ الخلْق الضَّخْم الرأس ، قال رؤبة :

* أَنْعَتُ عَيْراً صَنْدلاً صُنادِلا*

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : صنْدَلَ البعيرُ : إذا ضَخُم رأسُه ، وقَنْدَلَ الرجُل : ضخمُ رأسُه.

قال : والصِّمْرِدُ : الناقةُ الغَزِيرة اللَّبن.

والصمْرِدُ : القليلةُ اللَّبن.

وقال في موضع آخر : الصَّماريد : الغَنَمُ.

والصَّمارِيد : الغَنَم السِّمان ، والصماريد : الأرَضون الصلاب.

أبو عُبيد عن الأصمعي : الصمرِد : الناقة القليلةُ اللَّبن.

وقال غيرُه : بئرٌ صِمْرِد : قليلةُ الماء ، وأنشد :

لَيْسَتْ بثَمْدٍ للشِّبَاكِ الرُّشَّحِ

ولا الصَّمارِيدِ البِكاءِ البُلَّحِ

الشِّباك : رَكَايا فُتِح بعضُها في بعض.

صلدم : قال الليث : الصِّلْدِم : القويُّ الشديد الحافرِ ، والأنثى صِلْدِمة ، وكذلك الصلَادِم ، وجمعُه صلادِم.

١٨٩

[صنبر] : [رجل] صنْبُورِ [فَرْد ضعيف ذليل لا أهل له ولا عِقب ولا ناصر](١) ، وفي الحديث : أن كنايته كانوا يقولون : إن محمداً صنبور وقالوا : صُنَيْبيرُ.

وقال أبو عبيدة : الصنْبُورُ : النَّخلةُ تَخرُج من أصل النَّخْلة الأخرى لم تغرَس. قال : وقال الأصمعي : الصنبُورُ : النخلةُ تَبقَى منفَرِدة ، ويَدِقُّ أسفَلها. قال : ولقِيَ رجُلٌ رجُلاً من العرَب فسأَل عن نَخْله فقال : صنْبَر أَسْفَلُه ، وعَشَّشَ أعلاه ، يعني : دَقّ أسفلُه ، وقَلَّ سَعفُه ويبِس.

قال أبو عُبيد : فشبَّهوه بها ، يقولون : إنه فَرْدٌ ليس له وَلَد ، فإذا مات انقطع ذِكرُه.

قال أبو عُبَيد : وقول الأصمعي : أَعجَبُ إليَّ من قول أبي عُبَيدة.

وقال أَوْس يعيبُ قوماً :

مُخَلَّفُون ويَقْضِي الناسُ أَمْرَهُمُ

غشُّ الأَمانَةِ صنْبُورٌ فصنْبُورُ

قال : والصنْبورُ في هذا : القَصَبَةُ التي تكون في الإداوةِ من حديد أو رصاص يشرب منها.

قال أبو عبيد : وقال أبو عُبيدة : الصنبور : مَثْعَبُ الحوض ، وأنشد :

* ما بين صنبور إلى الإزَاء*

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : الصُّنْبُورُ من النخلة : فُريخٌ ينبتُ فيها.

وقال غيره : صَنابيرُ النخلة : سَعَفَاتٌ تَنْبُت في جِذع النخلة غير مستَأرِضة في الأرض ، وهو المُصَنْبِر من النخل ، وإذا نبت الصنابير في جذْع النخلة أَضْوَتْها ، لأنها تأخذ غذاء الأُمهات. قال : ودواؤها : أن تُقلع تلك الصنابير منها.

فأراد كفار قريش أن محمَّداً بمنزلة صُنبور نَبتَ في جذع نخلة ، فإذا قُلع انقطع ، وكذلك محمدٌ إذا مات فلا عقِب له ، صلى‌الله‌عليه‌وسلم.

قال : وقال سِمْعان : الصنابير يقال لها العِقَّان والرَواكِيب ؛ وقد أَعقَّت النخلة : إذا أنبتت العِقّان. قال : ويقال للفَسِيلة التي تنبت في أمها : الصُّنبور ، وأصلُ النخلة أيضاً صُنْبُورها.

وقال أبو سَعِيد : المُصَنْبَرة من النخيل : التي تنبت الصنابير في جُذوعها فتُفسدها ، لأنها تأخذ غذاء الأمهات فتُضوِيها.

قلت : وهذا كلُّه يقوي قول أبي عُبَيدة.

وروَى أبو العباس عن ابن الأعرابي : الصُّنبورُ : الوَحِيد. والصُّنبورُ : الضعيفُ.

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (صنبر ـ ٧ / ٤١٥). وجاء فيه ناقلاً عن «التهذيب» : «وفي الحديث عن ابن عباس قال : لما قدم ابنُ الأشرف مكة قالت له قريش : أنت خيرُ أهل المدينة وسيِّدُهم؟ قال : نعم ، قالوا : ألا ترى هذا (الصُّنيبيرَ) الأبَيْتِرَ من قومه يزعم أنه خير منا ونحن أهل الحَجيج وأهل السَّدَانَةِ وأهل السِّقايَة؟ قال : أنتم خير منه فأُنزِلَت : (إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر : ٣]. وانظر «التاج» (صنبر).

١٩٠

والصُّنبورُ : الذي لا وَلدَ له ولا عَشيرةَ ، ولا ناصرَ من قريب ولا من غريب.

والصُّنورُ : الداهية ، وأنشد :

لِيَهْنىءْ تُراثِي لامرىء غيرِ ذِلّةٍ

صَنابِرُ أُحْدانٌ لهنَّ حَفِيفُ

سَرِيعاتُ مَوْتٍ رَيِّثاتِ إفاقةٍ

إذا ما حُمِلْن حَمْلُهنَّ خَفِيفُ

قال : أراد بالصنابر سِهاماً دِقاقاً ، شُبِّهت بصنابير النَّخلة التي تَخرجُ في أصلها دِقاقاً. وقوله : أُحدانٌ ، أي : أفرادٌ.

سريعاتُ موتٍ : يُمِتْنَ مَن رُميَ بهنَّ ، قال ذلك ابن الأعرابي ، أخبرني به المنذري عن ثعلب عنه.

عن عمرو عن أبيه : الصَّنْبَرُ : الرَّقيقُ الضّعيف من كل شيء ، من الحيوان والشجَر.

سلمة عن الفراء قال : الصَّنَّبَرُ : آخِرُ أيام العجوز ، وأنشد :

فإذا انقضَتْ أيّامُ شَهْلَتِنا

صنٌّ وصِنّبُر مع الوَبْرِ

وقال أبو عُبَيد : الصنَّبَرْ والصنَّبِرُ : البَرْد.

وقال غيرُه : يقال : صِنِّبَرْ بكسر النون ، وقال طَرَفة :

بجفانٍ تَعتَرِي نادِينَا

وسَدِيفٍ حينَ هَاجَ الصنِّبِرْ

وقال أبو عُبَيد : الصنَّوْبَر : ثمرة الأَرْزَة وهي شجرة. قال : وتسمَّى الشجرة صَنَوْبَرةً من أجلِ ثَمِرها.

بنصر : وقال اللّيث : البِنْصِر : الإصبع التي بين الوسطى والخِنْصِر. قال : والإصْطَبْل : موقف الفرَس ، شاميَّة والجميعُ الأُصَابِل ، قال : والبَلَنْصاةُ : بَقْلة. ويقال طائر ، والجميع البَلَنْصَى.

وقال ابن الأعرابيّ : البَلَصوص : طائر ، ويُجمع البَلَنْصَى على غَيْرِ قياس ، ونحو ذلك رُوِي عن الخليل بن أحمد.

دلمص : أبو عُبَيد : الدُّلامِصُ : البَرَّاق.

وقال الأصمعي : هو الدُّلَمِص.

والدُّمَالِص : لِلّذي يَبرُق لونُه.

قال : وبعضُ العَرَب تقول : دُلَمِص ودُلامِص.

[صطفل] : ثعلب عن ابن الأعرابيّ : الاصْطَفْلِين : الجَزَر الّذي يُؤْكل ، وهي لغةٌ شاميّة ، الواحدة إِصْطَفْلِيْنَة ، وهي المَشَا أيضاً.

ورَوَى شَمِر بإسنادٍ له عن القاسم بن مُخَيْمَرَة أنّه قال : إن الوَالِيَ ليَنْحِتُ أقاربه كما تَنْحِتُ القَدُوم الإصْطَفْلِيْنَة حتى تَخلُص إلى قَلْبها.

وقالَ شمر : الإصْطَفْلِيْنَة كالجَزَرَة ، وليست بعربيَّة مَحْضَة ، لأن الصاد والطاء لا تكادان تجتمعان في محضِ كلامِ العرب.

قال : وإنما جاء في الصِّراط والإصْطَبل

١٩١

والأصطُم ، وأصلها كلُّها السِّين.

[صفنط ـ سفنط] : وقال الأصمعيّ : الأصفِنْطُ : الْخَمْر بالروميّة ، وهي الإسْفَنْط وقال بعضُهم : هي خَمْرٌ فيها أفاوِيه.

وقال أبو عُبَيد : هي أعلى الخمر وصفْوتها. وقال ابن نُجِيم : هي خُمور مخلوطَة.

وقال شمر : سألتُ ابن الأعرابي عنها فقال : الإسْفِنْط اسمٌ من أسمائها لا أدري ما هو؟ وقد ذَكَرها الأعشى فقال :

أو اسْفِنْطَ عَانَة بَعْدَ الرُّقادِ

شَكَّ الرّصَافُ إليها غدِيرَا

[قرفص] : وقال ابن شُمَيل : القُرافِصَة : الصغِير من الرِّجال.

وقال غيره : قُرافِصة من أسماء الأَسَد.

[بلصم] : وقال ابن السكّيت : بَلْصَم الرَّجُل.

وكَلْصَم : إذا فَرَّ.

[بربص] : قال اللَّيث : بربصنا ) الأرض : إذا أرسلتَ فيها الماء فمخرتها لتجود.

آخر حرف الصاد

__________________

(١) في المطبوعة : «تربصنا» والمثبت من «العين» (٧ / ١٨٠) و «التاج» (بربص ـ ١٧ / ٤٨٥).

١٩٢

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

هذا كتاب حرف السين من تهذيب اللغة

أبواب المضاعف منْ حرف السّين

قال ابن المظفّر : قال الخليل بنُ أحمد :

أُهمِلت السين مع الزاي في كلام العرب.

باب السّين مع الطّاء

[س ط]

سط : أهمل ابن المظفر : سط.

وقال ابن الأعرابيّ فيما يَروِي عنه أبو العبّاس : الأَسَطُّ من الرّجال : الطويلُ الرِّجْلين. قال : والسُّطُط : الظَّلْمَة.

والسُّطَط : الجائرون.

طس : في «نوادر الأعراب» : ما أدْري أينَ طَسُ ، ولا أينَ دَسَّ ، ولا أين طَسَم وطَمَس وسَكَعَ ، معناه : أينَ ذَهَب.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة قال : وممّا دَخَل في كلام العرب : الطَّسْتُ والتَّوْر والطاجِن ، وهي فارسيّة كلها. قال : وقال الفرّاء : طيّءُ ، تقول : طَسْت ، وغيرُهم طَسٌ ، وهُمُ الّذين يقولون لِصْت للِّصّ ، وجمعه طُسُوت ولُصُوت عندهم.

حدثنا ابنُ عُرْوة عن يوسف بن موسى عن يزيد بن هارون ، ومهران بن أبي عمرو عن سُفيان عن عاصم بن بَهْدَلة عن زِرّ قال : قلتُ لأبي بن كعب : أخْبِرْني عن ليلة القدر؟ فقال : إنّها في ليلة سبعٍ وعشرين ، قلتُ : وأَنَّى عَلِمتَ ذلك؟ قال : بالآية الّتي أنبأنا رسولُ الله ، قلتُ : فما الآية؟ قال : أن تَطلُع الشمسُ غداتَئِذ كأنَّها طَسّ ليس لها شُعاع.

قال يوسف بن مِهْران : قال سُفيانُ الثَّوْري : الطَّسُ هو الطَّسْت : ولكنَ الطّسْ ، بالعربيّة.

قلتُ : أراد أنَّهم لمّا أعربوه قالوا : طَسُ.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الطَّسِيسُ جمعُ الطَّسُ على فَعِيل ، ونحو ذلك قال الفرّاء ، وأنشدَ قولَ رؤبة :

* ضَرَبَ يَدِ اللَّعَّابة الطَّسِيسا*

١٩٣

قال : هو جمعُ الطَّسّ.

وقال ابن المظفَّر : الطَّسْت : هي في الأصل طَسّة ، ولكنَّهم حَذفوا بتثقيل السّين فخفَّفوا وسكنتْ فظهرتْ التاء التي في موضع هاء التأنيث لسكون ما قبلَها ، وكذلك تَظْهر في كلّ موضع سكَن ما قبلها غير ألف الفَتْح ، والجميع الطَسَاس.

قال : والطّسَاسَة : حِرْفةُ الطَّسّاس.

قال : ومن العرب من يُتِم الطَّسّة فيثَقِّل ويُظْهر الهاء. وقال : وأما من قال : إن التاء التي في الطست أصليّة فإنه يَنتقِض عليه قوله من وَجْهين : أحدُهما : أنّ التاء مع الطاء لا يَدخُلان في كلمة واحدة أصليّتين في شيء من كلام العرب ، والوجْهُ الآخَر : أن العرب لا تَجمع الطَّسْت إلّا الطِساس ، ولا تُصَغِّرها إلا طُسَيْسة ، ومن قال في جمعها الطَّسّات فهذه التاء هي هاء التأنيث ، بمنزلة التاءِ الّتي في جماعة المؤنَّث المجرورة في موضع النَّصْب. ومَن جَعل هاتين اللّتين في البنت والطَّسْت أصليّتين فإنه ينصِبُهما ، لأنَّهما يصيران كالحروف الأصلية كالأقواتِ والأصْوات ، ومن نصَب البَنَات على أنه لفظ فَعَالٍ انتقَضَ عليه مثلُ قولهم : هناتٍ وذَوات.

وأَخبرَني المنذريُّ عن المبرِّد عن المازنيّ قال : أنشَدني أعرابيّ فصيح :

لو عَرَضَتْ لأُيْبُلِيٍّ قَسِ

أَشْعَثَ في هَيْكَلِهِ مُنْدَسِ

حَنَّ إليها كحَنِينِ الطَّس

قال : جاء بها على الأصل ، لأن أصلها طَسّ ، والتاءُ في طَسْت بدلٌ من السين ، كقولهم : سِتَّة أصلُها سِدْسَة ، وجمعُ سِدْس أسْداس مبيَّن على نفسه. وطَسْت يُجمع طِساساً ، ويُجمع فيصغر طُسَيْسة.

باب السّين والدال

[س د]

سد : قال اللّيث : السُّدُود : السِّلالُ تُتّخذ من قُضْبان لها أَطْباق وتُجمَع على السِّداد أيضاً ، الواحدة سَدّة.

وقال غيره : السَّلَّة يقال لها السَّدّة والطَّبْل والسَّد ، وقولُ الله جلّ وعزّ : (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) [الكهف : ٩٣] ، قرأ ابن كَثير وأبو عَمْرو : (بَيْنَ السَّدَّيْنِ) ، (وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) [الكهف : ٩٤] ، بفتح السين. وقرأ في يس : (من بين أيديهم سُداً ومن خلفهم سُدَّاً) [يس : ٩] ، بضم السين ، في هذا الحرف وحدَه ، وبفتح السين في الباقي ، وقرأ الباقون : (بين السُّدَّين) بالضم.

وأخبَرَني المنذريُّ عن أبي جعفر الغَسَّاني عن سَلَمة عن أبي عُبيدة قال : السُّدَّيْن : مضموم إذ جَعَلوه مخلوقاً من فِعل الله تعالى ، وإن كان من فِعْل الآدمِيِّين فهو سَدّ مفتوح ، ونحو ذلك قال الأخفش.

١٩٤

وقال الكسائي : السُّدّين بضَم السين وفَتحِها سواء السَّد والسُّد ، وكذلك قولُه : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) هما سواء ، فتح السين وضمّها.

وأخبَرَني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : سَدّ وسُدّ ، وكلّ ما قابلكَ فسَدَّ ما وراءَه فهو سَدّ وسُدّ. قال : وأخبرني الطُّويسِي عن الخرّاز عن ابن الأعرابي قال : رماه في سَدِّ نَاقَتِه : أي في شخصها. قال : والسُّدّ والذّرِيعَة والدَّرِيئَةُ : الناقة التي يستتر بها الصائدُ ويخْتل ليرميَ الصيد ، وأنشد :

فما جَبنُوا إنّا نَسُدّ عَلَيْهِمُ

ولكنْ لَقوا نَاراً تَجُسُّ وتَسْفَعُ

قال : وتقول العرب : المِعْزَى سَدٌّ يُرَى من وَرائِه الفَقْر ، المعنى : أنّه المعزى ليس إلّا مَنْظرها ، وليس لها كبيرُ مَنْفَعة.

ورُوِي عن المفسّرين في قوله : (وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا) [يس : ٩] قولان : أحدُهما : أن جماعةً من الكفّار أرادوا بالنّبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم سوءاً ، فحالْ اللهُ بينهم وبين مُرادِهم ، وسَدَّ عليهم الطريقَ الّذي سلكوه.

والثاني : أن الله وَصَفَ ضلالَ الكفّار فقال : سَددْنا عليهم طريقَ الهُدى كما قال : (خَتَمَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ) [البقرة : ٧] ، الآية.

وقرأتُ بخطّ شمر يقال : سَدّ عليك الرجل يَسِدّ سَدّاً ، إذا أتى السَّدَاد ، وما كان هذا الشيءُ سَديداً. ولقد سَدَّ يَسدّ سَداداً وسُدوداً ، وقال أَوْس :

* فما جَبنُوا إنّا نَسُدّ عليهمُ*

يقول : لم يَجبنوا من الإنصاف في القتال ، ولكنّا جُرْنا عليهمْ فَلَقُونا ونحن كالنّار التي لا تُبقِي شيئاً.

قلت : وهذا خلافُ ما قاله ابن الأعرابيّ.

وفي حديث النبيّ أنه قال : «لا تَحل المسألةُ إلّا لثلاث ...» فذكر رجلاً أصابتْه جائحة فاجتاحَتْ مالَه فيسأل حتَّى يصيبَ سَداداً من عَيْش أو قواماً.

قال أَبو عُبَيد : «سِداداً من عيش» هو بكسر السِّين ، وكلَّ شيء سَدَدَتْ به خَلَلاً فهو سِداد ، ولهذا سُمِّي سِداد القارورة وهو صِمامُها ، لأنّه يَسُدّ رأسها ، ومنه سِدادُ الثَّغْر : إذا سُدَّ بالخيل والرِّجال ، وأنشد :

أضاعوني وأيَّ فتًى أضاعوا

ليوم كريهة وسِدادِ ثَغْرِ

قال : وأمَّا السَّداد بالفتح فإن معناه : الإصابةُ في المنطِق أن يكون الرجل مُسَدَّداً ، يقال : إنه لذو سَدَاد في منطقِه وتدبيره ، وكذلك الرَّمي.

وفي حديث أبي بكر أنه سأل النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن الإزار فقال : «سَدّد وقارب».

قال شمر في «كتَابه» : سدِّد من السَّداد ،

١٩٥

وهو المُوَفَّقُ الذي لا يعاب.

قال : والوَفْق المِقْدار : اللهم سدِّدْنا للخير ، أي : وفِّقنا له.

وقوله : قارِب ، قال القرابُ في الإبل : أن تقاربَها حتى لا تَتَبَدَّد.

قلتُ : معنى قوله قارِب ، أي : لا تُرْخِ الإزار ، فنُفْرِطَ في إسباله ، ولا تُقلِّصه فتُفرط في تشميره ولكن بين ذلك.

قال شمِر : ويقال : سدِّد صاحبَك ، أي : علِّمه الخيرَ واهدِه. وسَدِّدْ مالَك ، أي : أحسن العملَ به. والتسديد للإبل : أَن تُيَسِّرَها لكلِّ مكان مَرْعًى وكل مكان لَيانٍ وكلِّ مكانٍ رَقاق. قال : والسَّداد : القَصْد والوَفْق والإصابة ، ورجل مُسدَّد ، أي : موفَّق. وسهم مسدَّد : قويم. ويقال : أَسِدَّ يا رجُل ، وقد أسدَدْتَ ما شئتَ ، أي : طلبتَ السَّداد ، وأصبْتَه أو لَم تُصِبه.

وقال الأسوَد بن يَعْفُر :

أَسِدِّي يا مَنِيُّ لِحِمْيَرِي

يطوِّفُ حَوْلَنا وله زَئير

يقول : اقصدِي له يا مَنِيَّة حتّى يموت.

وأمّا قوله :

* ضربَتْ عليّ الأرضُ بالأسداد*

فمعناه : سُدَّتْ عليَّ الطُّرق وعميَتْ عليَّ مَذاهبي ، وواحد الأسداد سُدُّ.

ورُوي عن الشَّعبيّ أنه قال : ما سددتُ على خَصْم قطّ.

قال : ويقال : سَدَّ السَّهْمُ فَسَدَّ : إذا استقام. وسدَّدته تسديداً. انتهى.

قال : حدَّثنا محمد بنُ إسحاقَ قال : حدثنا إبراهيمُ بن هانىء قال : حدثنا أبو المغيرة قال : حدثنا الأَوْزاعيُّ عن يحيى بن كثير عن هلال بن أبي ميمونَة عن عَطاء بنِ يَسار عن رِفاعة بن عَوانة الجُهَنِيّ قال : قال رسولُ الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «والذي نفسي بيَدِه ما مِن عبدٍ يُؤمِن بالله ثم يُسدِّد إلا سَلَك في الجنة»، قولُه : «ثم يسدِّد» ، أي : يقتصد فلا يَغْلو ولا يُسرِف. والسّداد : المَقصِد ، ومعنى : «لا يَغْلو» : ألّا يكون مِثل الخوَارج ولا يُسرِف فيرتكب الذنوبَ الكثيرةَ والخطايا الجمَّة.

وقال شمر : قال أبو عَدنان قال لي جابر : البَذِخُ الذي إذا نازع قوماً سَدَّد عليهم كلَّ شيء قالوه.

قلتُ : وكيف يُسَدِّد عليهم؟ قال : يَنْقض عليهم كلَّ شيء قالوه.

أبو نصر عن الأصمعي : يقال : إنه ليَسُدُّ في القول : وهو أن يُصيب السَّداد يعني القَصْد قال : جَاءنا سُدٌّ من جَراد : إذا سَدَّ الأُفُق من كثرته. وأرضٌ بها سَدَدة ، والواحدة سُدَّة ، وهي أودِية فيها حجارةٌ وصخورٌ يبقى فيها الماء زماناً.

قال : والسُّدَّةُ : باب الدار والبيت ، يقال : رأيته قاعداً بسُدَّة بابه.

١٩٦

أبو عُبَيد عن أبي عمرو قال : السُّدَّةُ كالصُّفَّة تكون بين يدي البيت ، والظُّلَّةُ تكون بباب الدار.

قال أبو عُبَيد : ومنه حديث أبي الدَّرْداء : «مَن يَغْشَ سُدَّة السلطان يَقُمْ ويَقْعُد».

قال أبو عبيد : وفي حديث المُغِيرة بن شُعبة «أنه كان يصلّي في سُدَّة المسجد الجامع يومَ الجمعة مع الإمام»، يعني الظِّلال التي حَوْله.

قال أبو سعيد : السُّدَّة في كلام العرب الفِنَاء ، يقال لبَيْت الشَّعر وما أشبهَه.

قال : والَّذِين تَكَلَّموا بالسُّدَّة لم يكونوا أصحابَ أبنِية ولا مَدَر. ومَن جَعل السُّدَّة كالصُّفَّة أو السَّقيفة فإنما فَسّره على مذهبِ أَهلِ الحَضَر قال : وإنما سمّي إسماعيل السُّدي لأنّه كان تاجراً يَبيع في سُدَّة المَسجِد الخُمُرَ.

قال أبو عبيد : وبعضهم يَجعل السُّدَّة البابَ نفسه.

وقال اللّيث : السُّدّيّ : رجلٌ منسوب إلى قبيلة من اليَمَن.

قلتُ : إن أراد إسماعيلَ السُّدَّيَ فهو وهمٌ ، ولا نعلم في قبائل اليمن سُدّاً.

قال الليث : والسُّدَّة والسُّداد : هما داءٌ يأخذ في الأنف يأخذ بالكَظَم ويَمنع نسيمَ الريح. قال : والسُّد مقصورٌ من السَّداد.

ويقال : قل قولاً سَدَداً وسَدَاداً وسديداً ، أي : صواباً.

أبو عُبيد : الأسِدَّة : العُيُوب ، واحدُها سَدَّ ، وهو على غير قياس ، والقياس أن يكون جمع سَدِّ : أَسُدّاً وسُدُوداً.

سَلَمة عن الفرّاء قال : الوَدَس والسُّدّ : العَيْب ، وكذلك الأبن والأمن.

وقال أبو سعيد : يقال : ما بفلان سِداد يَسُدّ فاه عن الكلام ، وجمعُه أَسِدّة ، أي : ما به عَيْب.

أبو زيد : السُّدُّ من السحاب : النَّشْءُ الأسوَد ، من أيّ أقطار السماء نَشأ.

وجمعُه سدود.

ابن الأعرابي : السُّدُودُ : العيونُ المفتوحة لا تُبصِر بَصَراً قويّاً. يقال منه : عينٌ سَادَّة. قال : والسُّدُّ الظِّلّ.

قال : ويقال للناقة الهَرِمة : سادّةٌ وسلَّةٌ وسَدِرةٌ وسَدِمَة.

وقال أبو زيد : عَينٌ سادّة وقائمة : إذا ابيضَّتْ لا يُبصر بها صاحبُها ولم تنفقِىءْ بعد.

ابن شميل : السِّداد : الشيءُ من اللبَن يَيْبَسُ في إحليل الناقة.

دَسَّ : قال اللَّيث : الدَّسُ : دَسُّك الشيءَ تحتَ شيء ، وهو الإخفاء ، ومنه قولُ الله جلّ وعزّ : (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) [النحل : ٥٩] ، أي : يَدْفِنُه.

١٩٧

قلتُ : أراد المَوْءودَة الَّتي كان أهل الجاهليّة يئدونَها وهي حَيّة ، وذَكّر فقال : يَدُسُّهُ وهي أنثى لأنَّه ردَّه على لفظ (ما) في قوله : (يَتَوارى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ ما بُشِّرَ بِهِ) [النحل : ٥٩] ، فردَّه على اللفظ ، لا على المعنى ، ولو قال : «بها» لكان جائزاً.

قال الليث : والدَّسِيس : من تَدُسّه ليأتيَك بالأخبار.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الدَّسِيس : الصُّنان الّذي لا يَقلَق الدَّواء. والدَّسِيس المَشْوِيّ. والدُّسُسُ : المُراءُون بأَعمالهم يَدخلون مع القُرّاء وليسوا قُرّاء. قال : والدُّسُسُ : الأَصِنَّة الدَّفِرة.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا كان بالبعير شيء خفِيفٌ من الجَرَب ، قيل : به شيءٌ من جَرَب في مساعِدِه ، وقيل : دُسَ فهو مَدْسُوس. وقال ذو الرمَّة :

* قَريعُ هِجانٍ دُسَ منه المَسَاعِدُ*

ومساعِدُه : آباطه وأدفاغُه. ويقال للهِناء الّذي يُطلَى به أرفاغُ الإبلِ : الدَّسُ أيضا ، ومن أمثالهم : ليس الهِناءُ بالدَّسّ ، المعنى : أنَّ البعير إذا جَرِب في مَساعِرِه لم يُقْتَصر من هِنائه على مواضع الجَرَب ، ولكن يُعَمُّ بالهِناء جميعُ جِلْده لئلَّا يتعدَّى الجَرَب موضعَه فيَجرَبَ موضعٌ آخَر.

يُضرَب مثلاً للّذي يَقتصِر من قضاء حاجة صاحبه على ما يَتبلغ به ولا يُبالَغ في الحاجة بكمالها.

وقال أبو العبّاس : سألتُ ابنَ الأعرابي عن قول الله جلَّ وعزَّ : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠)) [الشمس : ١٠] ، فقال : معناه : من دَسَ نفسَه مع الصالحين وليس هو منهم. قال : وقال الفرَّاء : خابت نفسٌ دَسَّاها الله. ويقال : قد خاب مَنْ دَسَ نفسَه فأَخْمَلَها بتَرْك الصَّدَقة والطاعة. قال : ونَرَى ـ والله أعلم ـ أنَ (دَسَّاها) من دَسَّسْتُ ، بُدِّلت بعضُ سيناتها ياءً كما قالوا : تظنَّيْت من الظنّ. قال : ويُرَى أنَ ، لأن البخيل يُخفي منزله وماله ، والسَّخِيُّ يُبرِز منزله فينزل على الشَّرَف من الأرض لئلّا يستتر عن الضِّيفان ومن أراده ، ولكلٍّ وَجْه ، ونحو ذلك ، قال الزَّجَّاج.

وقال الليث : الدَّسَّاسة : حَيّة صَمّاء تكون تحت التّراب.

وقال أبو عمر : الدَّسّاس من الحيّات : الّذي لا يدري أيُّ طرفَيْه رأسُه ، وهو أَخبثُ الحيّات ، يَندَس في التراب ولا يَظهَر للشّمس ، وهو على لون القُلْب من الذَّهب.

وقال شمر : الدَّسَّاس : حَيّةٌ أحمَر كأنّه الدَّم محدَّدُ الطَّرَفين ، لا يُدرَى أيهما رأسُه ، غليظُ الجِلد لا يأخذ فيه الضَّرْب ،

١٩٨

وليس بالضَّخم غليظ. قال : وهو النَّكَّاز.

وقال أبو خَيْرة : الدَّسَّاسة : شَحْمة الأرض. قال : وهي العَنَمة أيضاً.

قلت : والعربُ تسمِّيها الحُلكَة تغوصُ في الرَّمْل كما يَغُوص الحُوت في الماء ، ويُشبَّه بها بَناتُ العذَارى ، ويقال لها : بنات النَّقَى.

باب السّين والتاء

[س ت]

ست : قال اللّيث : السِّتُ والسِّتّة في التأسيس على غير لفظَيْهِما ، وهُما في الأصل : سِدْس وسِدْسَة ؛ ولكنّهم أرادوا إدْغامَ الدّال في السّين ، فالتَقيا عند مَخْرَج التاء فغَلَبتْ عليها كما غَلَبَت الحاءُ على العَين في لغة سَعْد ، يقولون : كنت مَحُّمْ في معنى مَعَهم. وبيانُ ذلك : أنّك تُصَغِّر ستّةُ سُدَيسة ، وجميع تصغيرِها على ذلك ، وكذلك الأسداس.

الحَرَّاني عن ابن السكيت ، يقال : جاء فلانٌ خامساً وخَامياً ، وجاء فلانٌ سادِساً وسادِياً وجاء سَاتّاً ، وقال الشاعر :

إذا ما عُدَّ أَرْبَعَةٌ فِسَالٌ

فَزَوْجُكِ خَامِسٌ وَأَبُوكِ سَادِي

قال : فمَنْ قال سادِساً بناه على السِّدْس ، ومن قال ساتّاً بناه على لَفْظِ سِتّة وسِتّ.

والأصلُ سِدْسَة ، فأَدْغموا الدالَ في السّين فصارت تاءً مشدَّدة ، ومن قال : سادِياً وخامِياً أَبْدَلَ من السّين ياءً.

شَمر عن ابن الأعرابيّ : السُّدُوس : هو النِّيلَنْج. وقال أبو عمرو : السّدُوس. قال امرؤ القيس :

مَنَابِته مِثْلُ السُّدُوسِ ولونُه

كَلَوْنِ السَّيَالِ وهو عَذْبٌ يفِيضُ

قال شمر : سمعتُه من ابن الأعرابيّ بضم السين. وروَاه إسماعيل بن عبد الله عن أبي عمرو بفَتْح السين ، وروى بيت امرىء القيس :

إذا ما كنتَ مفتَخِراً ففَاخِرْ

بِبَيْتٍ مِثْلِ بَيْتِ بَنِي سَدُوسٍ

بفتح السين أراد خالد بن سَدُوس النَّبْهَانِيّ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : السَّدُوس : الطَّيْلَسَان بالْفتح واسم الرجل سُدوس.

قال شمر : يقال لكلّ ثوب أخضَر سَدُوس وسُدُوس.

وقال ابن الكلبيّ : سَدُوس في بني شَيْبَان ، وسُدُوس في طيّىء.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا أَلقَى البَعِيرُ السِّنَّ التي بَعْدَ الرَّبَاعِيَة ، وذلك في السّنة الثامنة ، فهو سَدَس وَسَدِيس ، وهما في المؤنَّث والمذكّر بغير هاءٍ. وقال غَيره : السُّدْس : سهم واحد من ستَّة أجزاء ، ويقال للسُّدس سَدِيس أيضاً.

١٩٩

وقال ابن السكّيت : يقال عندي ستّة رجالٍ وسِتُ نِسْوَةٍ ، وتقول : عندي ستّة رجال ونِسْوَةٍ ، أي : عندي ثلاثةٌ من هؤلاء وثلاثةٌ من هؤلاء ، وإن شِئْتَ قلتَ : عندي سِتَّةُ رِجَالٍ ونِسْوةٌ فَنَسَقْتَ بالنِّسْوة على السّتة ، أي : عندي سِتَّةٌ من هؤلاء ، وعندي نِسْوة. وكذلك كلُّ عَدَد احْتَمَل أن يُفرَد منه جَمْعان ، فلك فيه الوجهان. فإن كان عدداً لا يحتمل أن يفرد منه جَمْعَان فالرَّفع لا غير. تقول : عند خمسةُ رجال ونِسْوةٌ ، ولا يكونُ الخَفْضُ. وكذلك الأربعة والثلاثةُ ، وهذا قولُ جميع النحويّين.

أبو عبيد عن الكسائيّ : كان القوم ثلاثةً فَرَبَعْتُهُمْ ، أي : صِرْتُ رابعَهم ، وكانوا أربعةً فَخَمْسَتُهُمْ ، وكذلك إلى العَشرة.

وكذلك إذا أَخَذْتَ الثُّلُثَ من أموالهم أو السُّدْس قلتَ ثَلَثْتُهُمْ ، وفي الرُّبع رَبَعْتُهُم إلى العُشْر. فإذا جِئْتَ إلى يَفعِل قلتَ في العَدَد : يَخْمِسْ ويَثْلِث إلى العَشْر ؛ إلَّا ثلاثةَ أَحْرُف فإنها بالفتح في الحدّين جميعاً : يَرْبَعْ ويَسْبَع ويَتْسَع. وتقول في الأموال : يَثْلُث ويَخْمُس ويَسْدُس بالضم : إذا أخذتَ ثُلُثَ أموالهم أوْ خُمْسَها أو سُدْسَها ، وكذلك عَشَرَهُم يعشُرُهم إذا أَخذ منه العُشر ، وعَشَرَهم يَعْشِرُهُمْ إذا كان عاشِرَهم والسِّتُّون عَقْد بين عَقْدَيِ الخمسينَ والسّبعين ، وهو مبنِيٌّ على غير لفظِ واحدِه ، والأصلُ فيه السِّتّ ، تقول : أخذْتُ منه ستِّينَ دِرْهماً.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : السَّتُ : الكلام القبيح ، يقال : سَتَّهُ وسَدَّه : إذا عابه. انتهى والله تعالى أعلم.

س ظ ـ س ذ ـ س ث : أهملت وجوهها.

باب السين والراء

س ر

رس ، سر ، سرس : [مستعملة]

سر : أخبَرَني المُنْذِريّ عن الحرَّاني عن ابن السكيت أنه قال : السِّرّ : مصدَرَ سَرَّ الزَّنْدَ يَسرّه سَرّاً : إذا كان أَجْوَفَ فجعل في جوفه عُوداً لِيَقْدَحَ به ، يقال : سُرَّ زَنْدَكَ فإنه أَسَرّ.

قال أبو يوسف : وحَكَى لنا أبو عمرو : قَنَاةٌ سَرّاء : إذا كانت جَوْفاء. قال : والسِّرُّ : النّكاح ، قال الله تعالى : (وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَ سِرًّا) [البقرة : ٢٣٥] ، قال رؤبة :

* فَعَفَّ عَنْ أَسْرَارِها بَعْدَ الفَسَق*

ويقال : فلانٌ في سِرِّ قَوْمِه ، أي : في أفضلهم. قال : وسِرُّ الوادي : أفضلُ موضعٍ فيه ، وهي السَّرارةُ أيضاً : والسرُّ : من الأسْرار الَّتي تُكْتَم. وحَكى لنا أبو عَمرو : السِّرُّ : ذَكَرَ الرَّجل ، وأنْشَدَنا

٢٠٠