تهذيب اللغة - ج ١٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٥

قوله : «صَبراً» : هو الطائر أو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبر حيّاً ثم يُرمَى حتى يُقتَل.

قال : وأصلُ الصَّبر الحَبْس ، وكلُّ من حَبَس شيئاً فقد صبرَه.

ومنه الحديث الآخَر في رجُلٍ أمسَكَ رجلاً وقتَلَه آخَرُ فقال : «اقتُلوا القاتل واصبروا الصابر».

قوله : اصبِرُوا الصابر : يعني احبِسوا الذي حَبَسه للموت حتى يموتَ.

ومنه يقال للرجال يقدَّم فتُضرَب عُنقه : قُتِل صبراً ، يعني أنّه أُمْسِك على الموت ، وكذلك لو حَبَس رجلٌ نفسَه على شيء يريده قال : صبرتُ نفسي.

وقال عنترة يذكر حرباً كان فيها :

فصبَرْت عارِفَة لذلك حُرَّةً

تَرْسُو إذا نَفْسُ الجبَان تَطلَّعُ

قال أبو عُبَيد : يقولُ : إنه قد حبس نفسه ، ومِن هذا يَمين الصَّبْر ، وهو أن يَحبِسه ، السّلطان على اليمين حتى يحلِف بها ، فلو حلَف إنسانٌ من غير إحلافٍ ما قيل : حلف صبْراً.

وقال الليث : الصبِرُ : عُصارة شجرٍ ورقُها كقُرُب السكاكين طوالٌ غِلاظٌ في خُضْرَتها غُبْرة وكُمْدَة مقشعّرة المنظر ، يخرج وسطها ساقٌ عليه نَوْرٌ أصفرُ ثَمِه الرِّيح.

قال : والصُّبَارُ : حَمل شجرة طعمُه أشدُّ حموضةً من المَصْل له عجْم أحمرُ عريضٌ يسمَّى التَّمَر الهِنْدِيّ.

ثعلب عن سَلَمة عن الفراء قال : الصُّبَار : التَّمْر الهِنْديّ ، بضم الصاد. والصُبَار : الحجارةُ المُلْس. قال : والصبار : صِمامُ القارُورة.

أبو عُبَيد ، عن أبي عُبَيْدةَ قال : الصُّبارة : الحجارة ، بضم الصاد قال الأعشى :

من مُبْلغُ عَمْراً بأنَ

المَرْءَ لم يُخلق صبارَة

وقال : الصّبرُ : الأرض التي فيها حَصباء وليست بغليظةٍ ، ومنه قيل للحَرّة : أمُ صبار.

شمر عن ابن شُمَيْل : أمُ صبَّار : هي الصَّفاة التي لا يَحيكُ فيها شيء. وقال : الصبَّارة : الأرضُ الغليظة المَشرفة الشأْسه لا تُنبتُ شيئاً ، وهي نحوٌ من الجبلُ.

وقال : هي أم صبّارٍ ، ولا تسمَّى صبارةً ، وإنما هي قُفٌّ غليظة.

وقال الأحمر : الصُّبْرُ جانبُ الشيء ، وبُصْرُه مِثلُه.

ويقال : صُبْرُ الشيء : أعلاه. ومنهُ قولُ ابن مسعود : سِدرَة المنتهَى : صُبْرُ الجنة.

قال : صُبْرُها : أعلاها.

وقال النَّمِر يصفُ رَوْضةً :

١٢١

عَزَبَتْ وباكَرَها الرَّبيع بدِيمَةٍ

وَطْفاءَ يَملؤُها إلى أَصْبارِها

وقال غيره : أصبارُ القَبْر : نواحِيه.

والصَّبْرة من الحجارة : ما اشتدّ وغَلُظ ، وجمعُها الصَّبار ، وأنشد :

كأنّ تَرنُّم الهاجاتِ فيها

قُبيلَ الصّبح أصواتَ الصَّبار

شبه نَقِيقَ الضَّفادِع بوَقْع الحجارة. ويُقال للداهية الشديدة أم صبور. وقال غيره : يقال : وَقَع فلانٌ في أم صَبُّور ، أي : في أمر لا مَنْفَذ له عنه. وقيل : أمُ صَبّور : هَضْبة لا مَنفَذ لها ، تضْرب مَثلاً للداهية وأنشد :

أوقعَه اللهُ بسوءِ سَعْيِه

في أمِ صَبُّورِ فأَوْدَى ونَشِبْ

وفي حديث عمَّار حين ضرَبه عثمان رحمهما‌الله ـ فلمّا عُوتِبَ في ضربِه إيّاه قال : هذه يَدِي لعَمّارٍ فليَصْطَبر، معناه فليقتصّ. يقال : صَبَر فلانٌ فلاناً لوليِّ فلانٍ ، أي : حَبَسه. وأَصْبَره ، أي : أقصَّه منه ، فاصْطَبَر ، أي : اقتَصَّ.

أبو عُبَيد عن الأحمر : أقادَ السلطانُ فلاناً وأقَصَّه وأصْبَرَه بمعنى واحد : إذا قَتَلَه بقَوَد وأَباءَهُ مِثلُه.

أبو عُبَيْد ، عن أبي زيد : صَبَرْت بفلان أصبر به صَبْراً : إذا كفلتَ به فأنابه صَبِيرٌ.

وقال الكسائي مثله. قال : وصَبَرْتُ الرجَل أصبره : إذا لزمتَهُ وقد أتيتُه في صَبَارّة الشِّتاء ، أي : في شدّة البَرْد.

وفي الحديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أن الله جلَّ وعزَّ قال : إني أنا الصبور».

قال أبو إسحاق : الصَّبور في صِفَة الله تعالى الحليم ، قال الأصمعيّ : أدهقتُ الكأس إلى أصحابها ، أي : إلى أعاليها. قال : والصَّبِيرُ : السحابة البيضاء. قال : والصَّبِيرُ الّذي يَصبرُ بعضُه فوقَ بعض درجا.

وقال أبو زيد : الصَّبِيرُ : الجَبلُ.

وقال الليث : صَبيرُ الْخُوان : رُقاقة عريضةٌ تُبْسَط تحت ما يؤكل من الطعام. وصَبيرُ القوم : زعيمُهم ، والصُّبْرة من الطعام : مثل الصُّوفة بعضه فوق بعض.

وقال أبو العباس : الصبر : الإكراه ؛ يقال : أصبَر الحاكم فلاناً على يمين صبْرٍ ، أي : أكرَهَه.

قال : والصّبر : الجرْأة ، ومنه قول الله جلّ وعزّ : (فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ) [البقرة : ١٧٥] ، أي : ما أجرأهم على عمل أهلِ النار.

وقال أبو عَمْرو : سألت الخَلَنْجِي عن الصبر فقال : ثلاثة أنواع : الصبْرُ على طاعة الجبّار ، والصبْرُ على مَعَاصي الجبَّار ، والصبر على الصبْر على طاعته وترِك معصيته.

ويقال : رجل صَبُور ، وامرأةٌ صَبُور بغير

١٢٢

هاء ، وجمعُها صبُر.

بصر : قال الليث : البَصَرُ : العيْن ، إلّا أنّه مذكَّر. والبَصرُ : نَفاذٌ في القَلْب.

والبصَارة : مَصدَر البَصير ، والفعلُ بصُر يَبْصُر. ويقال : بَصُرْتُ به.

ويقال : تبصّرْتُ الشيء شِبْه رَمَقْتُه.

واستَبصَر في أمره ودِينِه : إذا كان ذا بصيرة.

وقال الفراء في قول الله جلّ وعزّ : (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) [العنكبوت : ٣٨] ، أي : كانوا في دينهم ذوي بصائر.

قال : فنادوه : (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ) ، أي : معجبين بضلالتهم.

وقال أبو إسحاق : معناه : أنّهم أتَوْا ما أتَوْا وقد بُيّن لهم أَن عاقبتَه عذابُهم ، والدَّليل على ذلك قوله : (فَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [النحل : ٧١] ، فلما بيّن لهم عاقبةَ ما نهاهم عنه كان ما فعل بهم عَدْلاً (وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ).

وقال الأخفش في قوله : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) [طه : ٩٦] ، أي : علمتُ ما لم تعلموا ، من البَصيرة. وأبصَرتُ بالعَيْن.

وقال الزجاج : بَصُر الرجلُ يَبصُرُ : إذا صار عَلِيماً بالشيء ، وأبصرتُ أبصِرُ : نظرتُ ، فالتأويل عَلِمْتُ بما لم تعلَموا به.

وقوله جلّ وعزَّ : (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ (١٥)) [القيامة : ١٤ ، ١٥].

قال الفراء : يقول على الإنسان من نفسِه رُقَباء يَشْهَدُون عليه بعمله : اليدان والرِّجْلان والعيْنان والذَّكَر ، وأنشد :

كأَن على ذي الطِّنْءِ عيناً بصيرةً

بمَقْعَدِه أو مَنظَرٍ هوَ ناظرُهْ

يُحاذِر حتى يَحسَب الناسَ كلَّهمْ

من الخوف لا تَخفَى عليهم سرائِرُهْ

وقال الليث : البَصيرة : اسمٌ لما اعتقد في القَلْب من الدِّين وتحقق الأمر.

ثعلب ، عن ابن الأعرابي : الباصِرُ : المُلَفِّق بين شُقَّتَيْن أو خِرْقَتَين ، يقال : رأيتُ عليه بصيرَةً من الفقر ، أي : شُقَّةً ملفَّقة.

قال : والبَصيرة أيضاً : الشُّقَّة التي تكون على الْخِباء.

ابن السكيت عن أبي عمرو : البَصرُ : أن يُضَمَّ أَدِيمٌ إلى أَديم يُخَاطان كما يُخاط حَاشيَتا الثوب. والبصْر : الحِجارةُ إلى البياض ، فإذا جاءُوا بالهاء قالوا : البَصْرة ، وأنشد :

* جَوانبُه من بَصْرةٍ وسِلَامِ*

وقال :

إن تَكُ جُلْمُودَ بَصْرٍ لا أؤَبِّسُهُ

أوقِدْ عليه فأَحْمِيهِ فيَنصدِعُ

١٢٣

سَلمةُ عن الفرّاء قال : البِصْرُ والبَصْرة : الحجارة البَرَّاقة.

وقال ابن شُميل : البَصَرَةُ : أرضٌ كأنها جَبَل من جِصّ ، وهي التي بُنِيَتْ بالمِرْبَد ؛ وإنما سُمّيت البَصْرة بَصْرَةً بها.

وقال أبو عمرو : البَصرةُ والكَذَانُ : كلاهما الحجارةُ التي ليست بصُلْبه.

وقال شمر : قال الفرّاء وأبو عمرو : أرضُ فلانٍ بُصْرَة ـ بضم الباء ـ : إذا كانت حَمراءُ طيّبتَه. وأرضٌ بَصِرةٌ : إذا كانت فيها حجارةٌ تَقطَع حوافرَ الدّواب. وبُصْرُ الأرض : غِلَظُها.

أبو عُبَيْد عن الأصمعيّ وأبي عمرو : يقال : هذه بَصيرةٌ من دَم ، وهي الجَدِيَةُ منها على الأرض ، وأَنْشَد :

رَاحُوا بَصائِرُهمْ على أَكتافِهِمْ

وبَصيرَتِي يَعْدُو بها عَتَدٌ وَأَي

يعني بالبصائرِ : دمَ أبيهم.

وقال شمر : قال ابن الأعرابي في قوله : راحُوا بَصائِرُهم ، يَعنِي ثِقْل دمائهم على أكتافهم لَم يثأروا بها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ ، قال : البَصيرة : الدِّيَة. والبَصيرَة : مقدار الدِّرْهم من الدَّم.

البَصِيرة : التُّرْس. والبَصيرة : الثبات في الدِّين.

قال : والبصائر : الدِّيات في البيت. قال : أَخَذُوا الدِّيات فصارت عاراً. وبصيرتي ، أي : تَأْرِي قد حملتُه على فرسي لأُطالبَ به ، فيَبْنِي وبينَهم فرق.

سلمة عن الفَرّاء قال : الباصَرُ : القَتَب الصغير وهي البَواصِر.

وقال في قوله : (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً فَظَلَمُوا بِها) [الإسراء : ٥٩] ، قال الفراء : جعل الفعلَ لها ، ومعنى : (مُبْصِرَةً) : مضيئةً ، كما قال جلّ وعزّ. (وَالنَّهارَ مُبْصِراً) [يونس : ٦٧] ، أي : مضيئاً.

وقال أبو إسحاق : معنى (مُبْصِرَةً) : أتبصِّرهم ، أي : تبيِّن لهم. ومن قرأ :(مَبْصَرةً) فالمعنى : بيّنةً. ومن قرأ : (مُبْصِرَةً) فالمعنى : مُتَبَيِّنةً. (فَظَلَمُوا بِها) ، أي : ظلموا بتكذيبها.

وقال الأخفش : (مُبْصِرَةً) ، أي : مُبصَرّاً بها.

قلتُ : والقولُ ما قال الفرّاء ، أراد : (آتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ) آيةً مُبْصِرَةً ، أي : مضيئةً.

ابن السكّيت في قولهم : أَرَيْتُه لَمْحاً باصراً ، أي : نظراً بتحديقٍ شديد.

قال : ومَخرَجٌ باصرٌ مِن مخرج قولهم : رجلٌ تامر ، فمعنى باصر ذو بَصَر ، وهو من أبصَرْتُ ، مثل : مَوْتٍ مائِت ، من أمَتُّ.

وقال الليث : رأى فلان لَمْحاً باصراً ، أي : أمراً مفروغاً منه.

وأنشد :

١٢٤

* ودون ذاك الأمر لمح باصر*

وقال غيره : رأيت فلاناً لمّاحاً باصراً ، أي : نظر بتحديق.

قلتُ : والقولُ هو الأوّل.

وقال الليث : إذا فَتَح الجَرْوُ عينَه قيل : بَصَّر تَبْصيراً.

ويقال : البصيرة : الدِّرع ، وكلُّ ما لُبِس من السلاح فهو بَصائرُ السّلاح.

ويقال للفِراسة الصادقة : فِراسةٌ ذاتُ بصيرة.

قال : والبصيرةُ : العِبْرة ، يقال : أما لك بصيرةٌ في هذا؟ أي : عِبْرةٌ تعتبر بها ، وأَنشَد :

في الذّاهِبِين الأوّلينَ

من القُرون لنا بصائرْ

أي : عِبَر.

اللِّحياني عن الكسائيّ : إن فلاناً لمَعْضُوب البُصَر : إذا أصاب جِلْدَه عُضابٌ ، وهو داءٌ يَخرج به.

ويقال : أعمى الله بصائره ، أي : فِطَنَه.

ويقال : بَصَّر فلانٌ تَبْصيراً : إذا أَتَى البَصْرة.

قال ابن أحمر :

أُخبِّرُ من لاقيتُ أنِّي مُبَصِّرٌ

وكائنْ تَرَى قبلِي من الناس بَصّرَا

وقال الليث : في البَصْرَة ثلاثُ لغات : بَصْرَة ، وبِصْرة ، وبُصْرة ، اللّغة العالية البَصْرة.

وقال أبو إسحاق في قول الله جلّ وعزّ : (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ) [الأنعام : ١٠٣] ، أعلمَ اللهُ جلّ وعزّ أنّه يُدرك الأبصار ، وفي هذا الإعلام دليلٌ على أن خَلْقَه لا يُدرِكون الأبصارَ ، أي : لا يعرفون حقيقة البَصر ، وما الشيءُ الَّذي به صارَ الإنسانُ يُبصِرُ من عَيْنيه دون أن يُبصِر من غيرهما من سائر أعضائه ، فأَعلَم أنّ خَلْقاً مِنْ خَلْقِه لا يُدرِك المخلوقون كُنْهَه ، ولا يُحيطون بِعلمه ، فكيف به جلَّ وعزّ ، فالأبصارُ لا تُحيط به ، (وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ).

فأمّا ما جاء من الأخبار في الرؤية وصحّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فغيرُ مدفوع ، وليس في هذه الآية دليلٌ على دَفعها ، لأن معنى هذه الآية معنى إدراكِ الشيء ، والإحاطة بحقيقته ، وهذا مَذهبُ أهلِ السّنّة والعلم بالحديث.

وقولُه جلّ وعزّ : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) [الأنعام : ١٠٤] ، أي : قد جاءكم القرآنُ الذي فيه البيانُ والبصائر ، (فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ) نَفْعُ ذلك ، (وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْها) ضَررُ ذلك ، لأن الله غنيّ عن خَلْقه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : أبصَرَ الرجلُ : إذا خَرَجَ من الكُفْر إلى بَصيرة الإيمان ،

١٢٥

وأنشَد :

قَحْطانُ تَضرِب رأسَ كلِّ متوَّجٍ

وعلى بصائرِها وإنْ لَم تُبْصِرِ

قال : بصائرُها : إسلامُها ، وإذ لم تبصر في كفْرِها ، وأَبصر : إذا عَلَّق على باب رَحْله بصيرةً ، وهو شقة من قطن أو غيرِه.

وقال اللّحياني في قوله : (بَصُرْتُ بِما لَمْ يَبْصُرُوا بِهِ) [طه : ٩٦] ، أي : أبصَرْتُ ، ولغةٌ أخرى : بَصِرْتُ به أبْصَرُ به ، ويقال : أَبْصِرْ إليّ ، أي : انظُرْ إليّ.

وبُصْرَى : قريةٌ بالشام فتُنسَب إليها السّيوف البُصْريَّة.

صرب : أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : إذا حُقِنَ اللّبَنُ أيّاماً في السِّقاء حتى اشتدّ حَمَضُه ، فهو الصَّرْب والصَّرَب ، وأنشد :

أرضٌ عن الخير والسلطان نائيةٌ

فالأطْيَبان بها الطُّرْثُوثُ والصَّرَبُ

وقال شَمِر : قال أبو حاتم : غَلِط الأصمعيّ في الصَّرَب أنه اللبن الحامِضُ.

قال : وقلتُ له : الصَّرَبُ : الصّمْغ ، والصَّرْبُ : اللبن ، فعَرَفه ، وقال كذلك الحَرّانيّ عن ابن السكّيت قال : الصَّرَبُ : اللّبن الحامض.

يقال : صَرَب اللبَن في السِّقاء : إذا حَقَنَه فيه ، يَصْرُبه صَرْباً ، والسِّقاءُ : هي المِصْرَب وجمعُه المَصارِب.

ويقال : جاءَنا بصَربةٍ تَزْوِي الوجهَ ، وأنشد :

سَيَكْفيك صَرْبَ القَوم لَحمٌ مُغرَّضٌ

وماءُ قُدور في الجِفان مَشُوب

قال : والصَّرْبُ : الصمغُ الأحمر ، صمغُ الطَّلْح.

أبو عُبَيد عن الأحمر : إذا جَعل الصبيُّ يَمكُث يوماً لا يُحْدِث قيل : صَربَ لِيَسْمَن.

وقال أبو زيد : صَرَب بَوْلَه وحَقَنَه : إذا أطال حَبْسَه.

وفي حديث أَبي الأحْوص الجُشَميّ عن أبيه أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال له : «هل تُنْتَج إِبلُكَ وافيةً آذانُها فتجدَعُها ، وتقول صَرْبَى».

قال القُتَيْبي : قولُه : صَرْبَى ، نحو سَكْرَى ، من صَرَبْتُ اللَّبنَ في الضّرْع : إذا جمعتَه ولم تَحلُبه.

وقيل للبَحِيرة : صَرْبَى ، لأنّهم كانوا لا يَحلُبونها إلا للضَّيف فيَجتمع اللّبن في ضَرْعها ، كما قال محمد بن إسحاق.

وقال سعيد بنُ المسيَّب : البَحيرة الّتي يُمْنَع دَرُّها للطّواغيت فلا يَحلُبها أحدٌ من الناس.

وقال القُتَيْبيّ : كأنّ الصَّرْبى الّتي صَرَبَت اللبَن في ضَرْعِها ، أي : جمعتْه.

قال بعضهم : يجعل الصرب من الصرم

١٢٦

وهو القطع ، يجعل الباء مبدلةً من الميم ، كما يقال : ضربةُ لازِمٍ ولازِب ، وكأنه أصحّ التفسيرين لقوله : فتجْدع هذه فتقول صَرْبَى.

ثعلب عن ابن الأعْرَابي قال : الصربُ : جمعُ صَرْبَى ، وهي المشقوقة الأذن مثل البَحيرة في النوق. ويقال للوطب الذي يجمع فيه اللبن فيحمض : مصرب وجمعه مصارب.

وحدّثني محمّد بنُ إسحاق قال : حدَّثنا عمر (١) بنُ شَبَّةَ قال : حدَّثنا غُنْدَر عن شُعْبَة عن أبي إسحاق قال : سمعتُ أبا الأحوص يحدِّثُ عن أبيه قال : أَتيتُ رسولَ اللهِ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأنا قَشِفُ الهيئة ، فقال : هل تُنْتَجُ إِبِلُكَ صِحَاحاً آذانُها ، فتَعْمِدَ إلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فتقول هذه بُحُر وَتَشُقُّهَا فتقول هذه صُرُم فتحرّمها عليك وعلى أهلك؟ قال : نعم. قال : «فما آتاك الله» لك حِل وساعِدُ الله أَشَدُّ ومُوساه أَحَدّ.

قلت : قد تبيَّنَ بقوله : صُرُم ما قاله ابن الأعرابي في الصَّرْب : أن الباء مُبْدَلَةٌ من الميمِ.

وقال ابن الأعرابيّ : الصِّرْبُ : البيوتُ القليلة من ضَعْفَي الأعراب.

قلتُ : والصِّرْمُ مِثل الصِّرْب ، وهو بالميم أعرَف. ويقال : كَرَصَ فلانٌ في مكْرَصِه ، وصَرَبَ في مِصرَبِه ، وقَرَعَ في مِقْرَعِه ، كلُّهُ السِّقَاءُ يُحْقَنُ فيه اللَّبَن.

برص : قال الليثُ : البَرَص معروف ، نسألُ الله منه العافية. وسامّ أَبْرَص : مضافٌ غير مصروف ، والجمعُ سوامّ أبرص.

أبو عُبَيْد عن الأصْمَعِيّ قال : سامّ أبْرَصَ ـ بتشديد الميم ـ قال : ولا أدري لِمَ سُمِّيَ بهذا؟.

وقال أبو زيد : وجمعُه سَوامُ أبْرَصَ ، ولا يثنَّى أبرَص ولا يُجمَع ، لأنه مُضافٌ إلى اسم معروف ، وكذلك بناتُ آوَى وأُمهاتُ حُبَيْنِ وأشباهها.

وقال غيرُه : أبْرَصَ الرجلُ : إذ جاءَ بولَدٍ أَبرَص. ويُصَغَّرُ أَبْرَصُ فيقال : بُرَيْص ، ويُجمع بُرْصاناً. ومن الناسِ مَنْ يَجمع سامَ أَبْرَصَ : البِرَصَةَ. وبَرِيص : نهرٌ بِدمَشْق ، قال حسَّان :

يَسْقُونَ مَن وَرَدَ البَرِيصَ عليهِمُ

بَرَدَى يُصفِّقُ بالرحيقِ السَّلْسَلِ

ربص : قال الليثُ : التربُّص بالشيء : أن تَنْتظِرَ به يوماً مَّا ، والفِعل تربَّصْتُ به.

وقال أبو إسحاق في قول الله جلَّ وعزّ : (قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى

__________________

(١) في المطبوعة (عمرو) وهو خطأ ، انظر : «تهذيب الكمال» للمزي (٢١ / ٣٨٦) ـ مؤسسة الرسالة ـ.

١٢٧

الْحُسْنَيَيْنِ) [التوبة : ٥٢] ، أي : إلَّا الظَّفَرَ وإلَّا الشهادةَ ، (وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ) إحدى الشَّرَّتَيْن : عذاباً من الله ، أو قَتْلاً بأيدينا ، فبيْنَ ما نَنتظِرُ وتنتظرون فرقٌ كبير.

وقال ابنُ السكّيت : يقال : أقامت المرأة رُبْصَتَها في بيتِ زوجِها ، وهو الوقتُ الذي جُعل لزوجها إذا عُنِّنَ عنها ، فإن أتاها وإلَّا فرِّقَ بينهما. والبريص : موضع.

ص ر م

صرَم ، رصم ، صمر ، رمص ، مرص ، مصر : مستعملة.

مرص : قال الليث : المَرْصُ للثَّدْي وغيرِه ، وهو غَمْزٌ بالأصابع. والْمَرْسُ : الشيءُ يُمرَس في الماء حتى يَتَمَيَّثَ فيه.

ثعلب عن ابن الأعرابي : المَرُوصُ والدَّرُوسُ : النّاقَةُ السَّريعةُ.

قال : والنَّشُوصُ : العظيمةُ السَّنام.

والمَصُوصُ : القَمِئَةُ ، والشخوص : النضوة من التعب. والعَرُوصُ : الطيبةُ الرائحة إذا عَرِقَتْ.

صمر : أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ : التصْميرُ : الْجَمْع والمَنْع ، يقال : صَمَر مَتاعَه وصَمَّرَه وأَصْمَرَه. والتَّصْمِيرُ أيضاً : أن يَدْخُل الرجلُ في الصُّمَيْرِ وهو مَغيبُ الشمس ، يقال : أَصْمَرَنا وصَمَّرْنَا ، وأقْصرْنا وقَصَّرْنا ، وأَعْرَجْنَا وعَرَّجْنَا بمعنًى واحد.

وقال اللّيث : صَمَرَ الماءُ يَصْمُر صُمُوراً : إذا جرى مِن حَدُورٍ في مُسْتَوٍ ، فَسَكَنَ فهو يَجرِي ، وذلك المكانُ يُسَمَّى صِمْرَ الوادي.

قال : وصَيْمَرَةُ : أرضٌ مَهْرَحان ، وإليها يُنسبُ الْجُبْن الصَّيْمَرِي.

الفرّاء : أدهقْتُ الكأسَ إلى أَصْبَارِها وأَصْمَارِها ، أي : إلى أعلاها الواحد صَيْر وصُمْر.

وفي حديثِ عليٍ أنه أعطَى أبا رافع حَتِيّاً وعُكَّةَ سَمْنٍ. وقال : ادْفَعْ هذه إلى أسماءَ بِنْتِ عُمَيْس ـ وكانت تحتَ أَخيهِ جعفر ـ لِتَدْهُنَ بني أخيه من صَمَر البحر ، وتُطعمهم من الحَتِيّ.

أمَّا صَمَرُ البحرِ : فهو نَتْنُ ريح غَمَقِه ووَمَدِه ، والْحَتِيُّ : سَوِيقُ الْمُقْل.

عمرو عن أبيه قال : الصُّمَارَى : الاست لنَتْنها.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الصَّمْر : رائحةُ السَّمَكِ الطّرِيّ. والصَّمْرُ : غَتْمُ البَحْر إذا خَبّ وخَبِيبُه : تَناطُح أمْوَاجِه.

ابنُ دُرَيد : رَجُلٌ صَمِيرٌ : يابِسُ اللَّحم على العَظْم.

رمص : أبو عُبَيْد : رَمَصَ اللهُ مصيبتَه ، أي : جَبَرها.

١٢٨

وقال الليث : الرَّمَص : عَمَصٌ أبيض تَلفِظُه العَيْن فتَوْجَع له. عَينٌ رَمْصاءُ ، وقد رَمِصَتْ رَمَصاً : إذا لَزِمها ذلك.

ابن دُرَيد : رَمِيص : اسمُ بلدٍ.

مصر : أبو عُبيد عن الأصمعيّ : ناقة مَصُورٌ : وهي التي يُتَمَصّر لبنُها قليلاً قليلاً.

وقال الليث : المَصْرُ : حَلْبٌ بأطراف الأصابع ، السّبابة والوُسْطى والإبهام ونحو ذلك. وناقةٌ مَصُور : إذا كان لبنُها بطيءَ الخروج لا يُحلَب إلّا مَصْراً.

والتمصُّر : حَلْبُ بَقايا اللبن في الضَّرْع بعد الدَّرّ وصار مستعمَلاً في تتبُّع القِلّة ، يقولون : تمتصِرُونها. ومَصَّر فلانٌ غَطاءَه تمصيراً : إذا فَرّقه قليلاً قليلاً.

وقولُ الله جلّ وعزّ : (اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ) [البقرة : ٦١].

قال أبو إسحاق : الأكثر في القراءة إثباتُ الألف وفيه وجهان جائزان : يرادُ بها مصرٌ من الأمصار ؛ لأنهم كانوا في تِيهٍ ، وجائز أن يكون أراد مصرَ بعيْنِها ؛ فجعل مِصْرَ اسماً للبلد فصَرفَ ، لأنه مذكَّر سُمِيَ به مذكّر. ومن قرأ : (مصرَ) بغير ألفٍ أراد مِصْرَ بعينِها ؛ كما قال : (ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللهُ آمِنِينَ) [يوسف : ٩٩] ولم يُصرَف ، لأنه اسم المدينة فهو مذكَّر سمّيَ به مؤنث.

وقال اللّيث : المِصْرُ في كلام العرب : كلّ كُورةٍ. تُقام فيها الحُدود ويُقسَم فيها الفَيْءُ والصدقاتُ من غير مؤامرة الخليفة ، وكان عمرُ رضي‌الله‌عنه مَصّر الأمصارَ منها البَصْرة والكوفة. والأمصار عند العرب تلك.

قال : ومصر : الكورة المعروفة لا تصرف.

وقال غيره : المصر : الحد.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : قيل للكوفة والبَصْرة : المِصْران لأن عُمَر قال : لا تَجعلوا البحرَ فيما بيني وبينكم مَصِّرُوها، أي : صيِّروها مِصْراً بين البحر وبيني ، أي : حدّاً.

قال : والمِصْرُ : الحاجز بين الشيئين.

وقال عديّ بن زيد :

وجَعَل الشمسَ مِصْراً لا خَفاءَ به

بين النهار وبين الليلِ قد فَصَلَا

أي : حدّاً.

ويقال : اشتَرى الدارَ بمُصُورِها ، أي : بحُدودها.

أبو عُبَيد : الثِّيابُ المُمَصَّرة : التي فيها شيءٌ من صُفْرة ليست بالكثيرة.

ثعلب عن ابن الأعرابي : ثوبٌ ممصَّر : مصبوغٌ بالعِشْرِق ، وهو نَباتٌ أحمَرُ طيّبَ الرّائحة ، تستعمله العرائس ، وأَنشدَ :

* مُختلِطاً عِشْرِقُهُ وكُرْكُمُهْ*

١٢٩

قال : والمِصْرُ : الحدُّ في كلّ شيءٍ.

والمِصْرُ : الحدُّ في الأرضين خاصّة.

قال : والمَصْرُ : تَقطُّعُ الغَزْلِ وتَمسُّخُه ، امَّصَرَ الغَزْلُ : إذا تَمَسَّخه.

قال : والمُمَصَّرَة : كُبّة الغَزْل ، وهي المُسَفَّرة.

وقال شمر : قيل : الممصَّرُ من الثياب : ما كان مَصْبوغاً فغُسِل.

وقال أبو سَعِيد : التَّمصير في الصَّبغ : أن يَخرج المصبوغُ مبقَّعاً لم يَستحكمْ صَبغُه.

قال : والتَّمصر في الثياب : أن تَتَمشَّق تَخرُّقاً من غير بلًى.

قال : والمَصِيرُ : المِعَى ، وجمعُه مُصْران ؛ كالغَدِير والغُدْران.

وقال الليث : المَصَارين خطأ.

قلتُ : المَصارين جمعُ المُصْران ، جمعته العرب كذلك على توهُّم النون أنها أصليّة ، وكذلك قالوا : قُعُود وقِعْدان ، ثم قَعادِين جمع الجمع. وكذلك توهَّموا الميمَ في المَصير أنها أصليّة فجَمعوها على مُصْران ؛ كما قالوا لجَماعَة مَصادِ الجَبَل : مُصْدان.

رصم : أهمله الليث.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : الرَّصَم : الدُّخولُ في الشِّعْب الضيِّق. والصَّرْمُ : الهِجران ، في موضعه.

صرم : قال الليث : الصَّرْمُ : دَخيل.

والصَّرْمُ : القطعُ البائنُ للحبْل والعِذْق ، ونحوُ ذلك الصِّرام ؛ وقد صَرَمَ العِذْقُ عن النخلة. وأَصرَمَ النخلُ : إذا حانَ وقتُ صِرَامِه.

والصُّرْمُ : اسمٌ للقطيعة ، وفِعلُه الصَّرْم.

والمُصَارمَة بين الاثنين.

والصَّرِيمة : إحكامُك أمراً وعَزْمُك عليه.

وقال الله جلّ وعزّ : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)) [القلم : ٢٠].

قال الفرّاء : (كَالصَّرِيمِ) ، يريد : اللّيلَ المسوَدَّ ، ونحو ذلك قال الزجّاج.

قال : وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ) [القلم : ٢٢] ، إن كنتم عازمين على صِرام النخل.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيْدة : الصَّرِيمُ : الصبح. والصَّرِيمُ : اللَّيل.

وقال بِشر في الصَّريم بمعنى الصُّبح يصف ثَوْراً :

فباتَ يقولُ أصْبِحْ لَيْلُ حتى

تَكَشَّفَ عن صَرِيمته الظَّلَامُ

قال : ومن الليل قولُ الله تعالى : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)) [القلم : ٢٠] يعني احترقتْ فصارت سوداءَ مِثْل اللّيل.

وقال الأصمعيّ وأبو عمرو في قوله : تكشَّفَ عن صَرِيمته ، أي : عن رَمْلَته التي هو فيها ، يعني الثوّر ، وكذلك قال ابن

١٣٠

الأعرابي.

وقال قَتادة في قوله : (فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)) ، قال : كأنها صُرِمتْ.

وقيل : الصَّرِيم : أرضٌ سَوْداء لا تُنبِت شيئاً.

وقال شَمِر : الصَّريمُ : الليل ، والصَّرِيمُ : النهار ؛ يَنْصَرم النهارُ من اللّيل ، واللّيلُ من النهار.

قال : ويُروى بيت بشر :

* تَكَشَّف عن صَرِيميه *

قال : وصَرِيماه أوّلُه وآخره.

وقال الأصمعي : الصَّرِيمةُ من الرَّمل : قطعةٌ ضخمةٌ تَنْصَرِمُ عن سائر الرمال ، وتُجمع الصَّرائم.

أبو عُبيد : الصِّرْم : الفِرْقة من الناس ليسوا بالكثير وجمعُه أصْرام.

وقال الطِّرِمّاح :

يا دارُ أقوَتْ بعد اصْرامِها

عاماً وما يُبكيكَ من عامِها

وقال أبو زيد : الصِّرمةُ : ما بين العشر إلا الأربعين من الإبل.

ثعلب عن ابن الأعرابي : جاء فلانٌ صَرِيمَ سَحْرٍ : إذا جاء بائساً خائفاً.

وقال في موضعٍ آخر : أنا من هذا الأمر صريم سحر ، أي : آيس منه.

الليث : رجل صارِمٌ ، أي : ماضٍ في كلّ أمر ، وقد صَرُم صرامةً.

قال : وناقةٌ مصرَّمةٌ ، وذلك أن يُصَرَّم طُبْيُها فيُقْرَحَ عَمْداً حتى يَفْسُد الإحليل فلا يخرج اللبن فيَيْبَس ، وذلك أقوى لها.

وقال نُصير الرازي فيما روى عنه أبو الهيثم قال : ناقةٌ مصرَّمةٌ : هي التي صَرَمَها الصِّرَارُ فوقَّذَها ، وربما صُرِمَتْ عَمْداً لتَسْمَن فتُكْوَى.

قلت : ومنه قولُ عنترة :

* لُعِنَتْ بمَحْروم الشَّراب مصرَّمِ *

ويقال : أصرَمَ الرجُل إصرَاماً فهو مُصْرِم : إذا ساءَتْ حالُه وفيه تماسُك ؛ والأصلُ فيه أنه بقيتْ له صِرْمة من المال ، أي : قطعة.

وسيفٌ صارِمٌ : أي : قاطع. وصَرَامِ : من أسماء الحرب.

قال الكُمَيت :

جَرَّدَ السيفَ تَارَتين من الدَّهرِ

على حينَ دَرَّةٍ من صَرامِ

وقال الجعْدِيّ :

ألا أبلغْ بني شيبانَ عنِّي

فقد حَلبتْ صَرامُ لكم صَراهَا

وصَرامُ من أسماء الحرب ، وفي «الألفاظ» لابن السكّيت : صُرامُ : داهية ، وأنشد :

* على حين دَرّةٍ من صُرامِ *

والصَّرْماءُ : الفَلاةُ من الأرض ، وقال :

١٣١

على صَرْماءَ فيها أصْرَماها

وخِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَليل

قال ابن السكّيت : الأصرَمان : الذئب والغُراب ، لأنّهما انصَرَما من النّاس ، أي : انقطعا.

أبو عُبَيد عن الفرّاء : فلانٌ يأكُل الصَّيْرَم في اليوم واللّيلة : إذا كان يأكلُ الوَجْبَة.

قال أبو عُبَيدة : هي الصَّيْلَم أيضاً وهي الجَرْزَم ، وأنشد :

وإن تُصِبْكَ صَيْلَمُ الصَّيالِم

لَيْلاً إلى لَيْلٍ فعيْشُ ناعِمِ

وقال اللّحياني : هي أكلَةٌ عند الضُّحى إلى مِثلها من الغد.

وفي الحديث : «في هذه الأمة خَمْسُ فِتَن ، قد مَضَتْ أربعٌ ، وبقيت واحدةٌ وهي الصَّيْرَم»، وكأنها بمنزلة الصَّيْلَم ، وهي التي تستأصل كلَّ شيء.

عمرو عن أبيه : الصَّرُومُ : الناقةُ التي لا تَرِدُ النَّضِيحَ حتى يَخْلُو لها.

تَنصرِم عن الإبل ، ويقال لها : القَذُور والكَنُوف ، والعَضَادُ ، والصَّدُوف ، والآزِيَة.

وقال غيرُه : الصَّيْرَم : الرأيُ المُحكَم.

والصَّرِيمة : العزيمة.

يقال : فلانٌ ماضِي الصَّريمة ، أي : العزيمة.

وأخبرَني المنذريُّ عن المفضَّل عن أبيه : صَرَم شَهْراً ، بمعنى مكث. والله أعلم.

أبواب الصاد واللّام

ص ل ن

استعمل من وجوهها : [نصل].

نصل : قال الليث : النَّصْلُ : نَصْلُ السهم ، ونَصْلُ السيف ، ونَصْلُ البُهْمَى ونحوَها من النبات : إذا خرجت نِصالُها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : أنصَلْتُ الرّمْحَ ونَصَلْتُه : جعلتُ له نَصْلاً ، وأنصَلْتُه : نَزَعْتُ نَصْله.

وقال غيره : سهمٌ ناصِلٌ : إذا خرجَ منهُ نَصْلُه.

ومنه قولُهم : ما بَلِلْتُ منه بأَفْوَقَ ناصِل ، أي : ما ظفِرْتُ منه بسهمٍ انكسرَ فُوقُه وسَقَط نصلُه.

وسهمٌ ناصلٌ : ذو نَصْل ، جاء بمعنَيين متضادَّين.

وكان يقال لرجب : مُنْصِل الألّةِ ومُنْصِل الإلال ، لأنهم كانوا يَنْزِعون فيه أسنّةَ الرّماح. قال الأعشى :

تدارَكَه في مُنْصُل الألِّ بعدما

مضى غيرَ دَأْداءٍ وقد كاد يَذْهَبُ

أي : تداركه في آخر ساعةٍ من ساعاته.

والمُنصُل ـ بضم الميم والصاد ـ من أسماء السَّيف.

١٣٢

قاله أبو عُبَيد وغيرُه.

ونَصْلُ السيف : حديدُه.

والنَّصِيل : قال ابن شميل : هو حَجَر طويلٌ رقيقٌ كهيئة الصفيحة المحدَّدة ، وجمعه النُّصُل ، وهو البِرْطيل أيضاً ، ويشبَّه به رأسُ البعير وخُرْطُومُهُ إذا رَجَف في سَيْرِه.

قال رؤبة يصف فحلاً :

عريض أَرْآدِ النَّصِيل سَلْجَمُهْ

ليس بِلَحْيَيْه حِجامٌ يَحْجُمُهْ

وقال الأصمعي : النَّصِيلُ : ما سَفَل من عينيه إلى خَطْمه ، شبّهه بالحجر الطويل.

وقال أبو خِراش في النَّصيل فجعله الحجر :

ولا أَمغُر السَّاقين باتَ كأنّه

على مُحَزْئلّاتِ الإكامِ نَصيلُ

قال : والنَّصيلُ : قدرُ ذِراع.

وقال الأصمعي في قوله :

* بناصِلاتٍ تُحْسَب الفُئُوسا*

قال الواحدُ : نَصِيل ، وهو ما تحت العين إلى الخَطْم ، فيقول : تحسبها فؤوساً.

وقال ابن الأعرابي : النَّصيل : حَيثُ نَصَل لَحْيَاه.

وقال الليث : النَّصيل : مَفصِلُ ما بين العُنُق والرأس باطنٌ من تحت اللَّحْيين.

هذا خلاف ما حفظ عن العرب.

قال : ونصل الحافِر نصولاً : إذا خرَج من موضعه فسقط كما ينْصُل الخِضَابُ ونصل فلانٌ من الجبل من موضع كذا وكذا علينا ، أي : خرج.

قال : والتنصُّلْ شِبْه التَّبرُّؤ من جِناية أو ذَنْب.

ويقال للغَزْل إذا أُخْرِج من المِغْزَل : نَصَل. ويقال : استنصَلَتِ الرِّيحُ اليَبِيسَ : إذا اقتلعْته مِن أصلِه.

وقال ابن شُميل : النَّصْلُ : السَّهْم العَرِيض الطّويل يكون قريباً من فِتْرٍ ، والمِشْقَص على النِّصف من النّصْل. قال : والسَّهم نفسُ النَّصْل ، ولو التقطْتَ نَصْلاً لقلت : ما هذا السهم معك ، ولو التقطت قدحاً لم أقل ما هذا السهم معك.

أبو عُبَيد عن الكسائيّ : أنْصَلْتُ السهمَ ـ بالألف ـ : جعلتُ فيه نَصْلاً ، ولم يذكر الوجه الآخر أنّ الإنصالَ بمعنى النَّزْع والإخْراج ، وهو صحيح ، ولذلك قيل لرَجَبٍ مُنْصِلُ الأسِنّة.

وقال ابن الأعرابي : النَّصْل : القَهْوَبَاةُ.

بلا زِجاج. والقَهْوَبَاةُ : السِّهام الصغار.

أبو عُبَيد عن الكسائيّ : لحيةٌ ناصلٌ من الخِضاب ، بغير هاءٍ.

قال : ونَصَل السَّهْمُ فيه : ثَبَتَ فلم يَخْرُج.

قال أبو عُبَيد : وقال غيرُ واحدٍ : نَصَلَ : خَرَج.

١٣٣

وقال شمر : لا أَعرف نَصَل بمعنى ثَبَت.

ونَصَلَ عندي : خَرج

ص ل ف

صلف ، صفل ، لصف ، فصل ، فلص.

لصف : قال الليث : اللَّصَفُ : لُغَة في الأصف ، والواحدةُ لصفة ، وهي ثمرةُ شجرةٍ تُجعَل في المرَق لها عُصارةٌ يُصطبغ بها تُمْرِىءُ الطعام.

أبو عُبَيد عن الفرّاء : اللَّصفُ : شيءٌ يَنْبتُ في أَصْل الكَبَر كأنه خيَار.

قلتُ : وهذا هو الصّحيحُ ، وأما ثمر الكَبَر فإن العرب تسمِّيه الشَفَلَّج : إذا انشقّ وتفتَّح كالبُرْعومة. ولَصَافِ وثَبْرةٌ : ماءان بناحية الشَّواجن في دِيار ضَبّة بن أُدٍّ ، وقد شربتُ بهما ، وإيّاهما أراد النابغةُ :

بمصطحِبَاتٍ من لَصافٍ وثَبْرةٍ

يَزُرْنَ أَلَالا سَيرُهُنَّ التَّدافُعُ

أبو عُبَيد : لصَف لَوْنُه يَلْصف : إذا بَرَق وتلألأ.

صلف : سمعتُ المنذريَّ يقول : سمعتُ أبا العبّاس يقول : إناءٌ صَلِفٌ : خالٍ لا يأخذُ من الماء شيئاً. قال : وقال : أصْلَفٌ من ثَلْج في ماءٍ ، ومن مِلْحٍ في ماء قال : والصَّلَفُ : قِلّةُ الخَير.

وامرأةٌ صِلِفة : قليلةُ الخير لا تَحظَى عند زوجها.

وقال أبو عمرو : قال أبو العباس : قال قوم : الصَّلِف مأخوذٌ من الإناء السائل ، فهو لا يخالط الناسَ ولا يَصبِر على أخلاقهم.

وقال قومٌ : هو من قولهم : إناءٌ صَلِفٌ : إذا كان ثخيناً ثقيلاً ، فالصَّلَف بهذا المعنى في هذا الاختيار ، والعامّة وَضَعَت الصَّلَف في غير محلِّه. قال : وقال ابن الأعرابي : الصّلفُ : الإِناءُ الصغير.

والصَّلَفُ : الإناءُ السائل الذي لا يكاد يُمسك الماء. والصَّلِفُ : الإناءُ الثَّقيل الثَّخين.

قال : ويقال : أصلَفَ الرجلُ : إذا قَلَّ خيرُه. وأَصلف : إذا ثَقُل روحُه ، وفلانٌ صَلِفٌ : ثَقيل الرُّوح.

أبو عُبَيد من أمثالهم في الواحد وهو بخيل مع جِدَتِه : رُبَ صَلِفٍ تحتَ الرّاعدة ، قال ذلك الأصمعيّ. قال : والصَّلفُ : قِلّة النَّزَل والخير.

أرادوا أن هذا مع كثرة ما عندهم من المال مع قلة الصنع كالغمامة الكثيرة الرعد مع قلة مطرها.

أبو عُبيد : الصَّلِفة من النساء التي لا تَحظَى عند زوجها ، وقال القُطاميّ :

لها رَوْضةٌ في القَلبِ لَم تَرْعَ مِثلَها

فَرُوكٌ ولا المستعبِراتُ الصلائف

وقال الليث : الصَّلَف : مجاوزَةُ قَدْرِ

١٣٤

الظَّرْف والبَراعة والادّعاءُ فوق ذلك.

وطعامٌ صلف : مَسِيخٌ لا طعمَ له.

والصَلِيفُ : نعتٌ للذَّكَر. والصَّلِيفان : صَفْحتا العُنق.

شَمِر عن ابن الأعرابيّ : الصَّلْفاء : المكان الغلِيظُ الْجَلَد.

وقال ابن شُمَيل : هي الصَّلِفَةُ للأرض التي لا تنبت شيئاً ، وكلُّ قُفّ صَلِف وظلفٌ ، ولا يكون الصَّلَف إلا في قُفّ أو شبهه.

والقاعُ القَرَقُوسُ صَلِفٌ ، زعَم. قال : البَصْرة صلفٌ أَسِيف ، لأنه لا يُنبِت شيئاً.

وقال الأصمعيّ : الصَّلْفاء والأصْلفُ : ما اشتدَّ من الأرض وصَلب.

وقال أوسُ بنُ حَجَر :

وخَبَّ سفَا قُرْيانه وتوقَّدتْ

عليه من الصَّمّانَتَيْن الأصالِفُ

أبو العباس عن ابن الأعرابي : الصَّلْف : خوافِي قلب النَّخْلة الواحدة صَلْفة.

وقال الأصمعيّ : خُذْ بصَلِيفه وبصلِيفَته بمعنى خذ بقَفَاه.

أبو زيد : الصَّلِيفان : رأسا الفَهْقَة من شِقَيْها.

فلص : قال الليث : الأفلاص : التفلُّت من الكَفِّ ونحوه.

وقال عرّام : انْفَلَص مِنِّي الأمرُ وانملَصَ : إذا أفْلت ، وقد فَلَّصْته. وقد تفلَّص الرشاء من يدي وتملَّصَ بمعنى واحد.

صفل : ثعلب عن ابن الأعرابي : أصفلَ الرجل : إذا رَعَي إبِلَه الصِّفْصلَّ ، وهو نبت ، وأنشد :

* الصَّل والصِّفْصل واليَعْضيدَا*

فصل : قال الليث : الفَصلُ : بَوْنُ ما بين الشيئين. والفَصْلُ من الجسَد : موضعُ المَفْصل ، وبين كلّ فصلين وصلٌ ، وأنشد :

وصلاً وفَصْلاً وتَجمِيعاً ومُفترقا

فَتْقاً ورَتقاً وتأليفاً لإنسانِ

والفَصلُ : القضاءُ بين الحقّ والباطل ، واسم ذلك القضاء الَّذي يَفصل فيصل.

وهو قضاءٌ فيْصلٌ وفاصل.

وأخبرني المنذريّ عن ثعلب أنه قال : الفَصيلةُ : القِطْعةُ من أعضاء الجسد ، وهي دون القَبيلة.

وقال أبو عبيد : فصيلةُ الرجل : رَهْطُه الأدْنَوْن ، وكان يقال العباس : فصيلةُ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، قال الله جلّ وعزّ : (وَفَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ) [المعارج : ١٣].

وقال الليث : الفَصيلة : فَخِذ الرجل من قومِه الذين هو منهم. والفَصيلُ : من أولادِ الإبل ، وجمعُه الفُصْلان.

والفَصيلُ : حائِطٌ قَصير دون سورِ المدينة والحِصْن. والانفصال مُطاوَعَةُ فَصل.

والمَفْصل ـ بفتح الميم ـ : اللّسان.

١٣٥

والمَفصلُ : أيضاً : كلُّ مكان في الجَبَل لا تَطلُع عليه الشّمس ، قال الهذَلي :

مطافيلَ أبْكارٍ حديثٍ نِتاجُها

يُشاب بماءٍ مِثْل ماءِ المفاصِلِ

وقال أبو عمرو : المَفصل : مَفرق ما بين الجَبَل والسَّهل.

قال : كلُّ موضعٍ ما بين جَبَلين يَجرِي فيه الماء فهو مَفصل.

وقال أبو العُمَيثل : المفاصِلُ : صُدُوعٌ في الجبال يَسيل منها الماء ، وإنما يقال لما بين الجَبَلين : الشِّعْبُ.

والفِصال : الفِطام ، قال الله تعالى : (وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥] ، المعنى : مَدى حَمْل المرأة إلى منتهى الوقت الذي يُفصَل فيه الولد عن رَضاعها ثلاثون شهراً.

وقال هَجَريّ : خير النَّخْل ما حُوِّل فسيلُه عن منبِته.

قال : والفَسيلة المحوَّلة تسمَّى الفَصلة ، وهي الفَصلات ، وقد افتصلْنا فَصلاتٍ كثيرةً في هذه السنة ، أي حوّلناها.

ويقال : فَصَّلتُ الوشاحَ : إذا كان نظمُه مُفَصلاً بأن يَجعل بين كل لؤلؤتين مَرْجانةً أو شَذْرةً أو جَوهرةً تَفصل بين اثنتين من لونٍ واحد. وتَفْصيلُ الجَزور : تَعْضِيَتُه ، وكذلك الشاة تفصَّل أعضاء.

وقال الخليل : الفاصلة في العَرُوض : أن يَجمع ثلاثة أحرف متحرّكة والرابع ساكن مثل فَعِلَنْ.

قال : فإذا اجتمعت أربَعةُ أحرف متحرّكة فهي الفاضلة ـ بالضاد معجمة ـ مثل : فعُلَتُنْ.

والفَصل عند البصريِّين : بمنزلة العِماد عند الكوفيِّين ، كقول الله جلّ وعزّ : (إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ) [الأنفال : ٣٢] ، فقوله : وعِمادٌ ، ونُصِب (الْحَقَ) لأنّه خبرُ (كانَ) ، ودخلتْ. وأواخِرُ الآيات في كتابِ الله فواصِل ، بمنزلة قوافِي الشِّعر ، واحِدَتُها فاصِلة.

وقولُ الله جلّ وعزّ : (كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ) [فصلت : ٣] ، له مَعنيان : أحدهُما : تفصلُ آياتِه بالفواصل ، والمعنى الثاني : فصَّلناه : بيّنّاه. وقولُه جلّ وعزّ : (آياتٍ مُفَصَّلاتٍ) [الأعراف : ١٣٢] ، بين كل آيتين مُهْلَهْ. وقيل : مُفَصَّلاتٍ مبَيَّنات ، والله أعلم.

ويقال : فَصل فلانٌ من عندي فُصولاً : إذا خَرَج. وفَصل منّي إليه كتابٌ : إذا نَفَذ ، قال الله جلّ وعزّ : (وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ) [يوسف : ٩٥] ، أي : خرجت.

قلتُ : ففَصل يكون لازماً وواقعاً ، وإذا كان واقعاً فمصدرُه الفَصل ، وإذا كان لازماً فمصدرُه الفُصول.

١٣٦

وقال أبو تراب : قال شَبَّاية : فصلَت المرأةُ ولدَها وفسَلَتْه ، أي : فَطَمَتْه.

ص ل ب

صلب ، صبل ، بلص ، بصل ، لصب : مستعملة.

صبل : أهمله الليث. ورَوَى أبو تراب الكسائي : يقال : هذه الصِّئْبِل للدّاهية.

قال : وهي لغةٌ لبني ضَبّة.

قال : وهي بالضاد أعرَف.

قلتُ : وأبو عُبَيْد رواه الضِّئْبِل بالضاد ، ولم أسمعْه بالصّاد إلا ما جاء به أبو تراب.

بلص : شَمِر عن الرّياشيّ عن الأصمعي قال : قال الخليل بن أحمد لأعرابي : ما اسمُ هذا الطائر؟

قال : البَلَصوص. قلتُ : ما جمعُه؟

قال : البَلَنْصى. قال : فقال الخليل أو قال قائل :

* كالبَلَصُوصِ يَتبَعُ البَلَنْصَى *

قال : ونحو ذلك قال ابن شميل.

أبو عُبيد عن أبي زيد : بلأَصَ الرجلُ بَلأَصَةً : إذا فَرّ.

لصب : أبو زيد : لَصب الجِلْدُ باللحم يَلصَب لصَباً : إذا لصقَ به من الهُزال.

أبو عُبَيْد عن الأصمعي : اللِّصْبُ : الشِّعبُ الصغير في الجَبَل ، وجمعُه لُصوب.

وقال الليث : اللِّصْبُ : مَضِيق الوادِي.

ويقال : لَصِبَ السيفُ لَصَباً : إذا نَشِب في الغِمْد فلَم يَخرُج ، وهو سيفٌ مِلْصاب إذا كان كذلك.

ورجل لَحِزٌ لَصبٌ : لا يُعطِي شيئاً.

وطريقٌ مُلْتَصِبٌ : ضيّق.

بصل : البَصَلُ معروف. والبَصَل : بَيْضة الرأس من حديد ، وهي المحدَّدة الوسَطِ ، شُبّهتْ بالبَصَلِ.

وقال ابن شُمَيل : البَصَلة إنما هي سَقيفةٌ واحدة ، وهي أكبر من التَّرْك. وقِشْرٍ متبصِّلٌ : كثيف كثيرُ القُشور ، وقال لبيد :

* قُرْدَمانِيّاً وتَرْكاً كالبَصَلْ *

صلب : الحرّاني عن ابن السكّيت : الصَّلْبُ : مَصْدَرُ صَلَبَه يَصْلُبُه صَلْباً ، وأصلُه من الصَّلِيب ، وهو الوَدَك.

قال الهُذَليّ وَذَكر عُقاباً :

جَريمة ناهِضِ في رأسِ نِيقٍ

تَرَى لِعظامِ ما جَمعتْ صَلِيبا

أي : وَدَكاً. ويقال : قد اصْطَلَبَ الرجلُ : إِذا جَمَع العظامَ ليَطبُخها ، فيُخرِج وَدَكَها ويأتَدِم بها ، وقال الكُميت :

واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَهُ

وباتَ شيخُ العِيال يَصْطَلِبُ

قال : والصَّلَب : الصُّلب ، قال العجاج :

في صَلَبٍ مِثلِ العِنانِ المؤدَمِ

إِلى سَوَاءٍ قَطَنٍ مُؤَكمِ

١٣٧

وقال شَمِر : الصَّلَب نحو الحَزِيزِ ، وجمعُه صِلَبة ، حكاه عن الأصمعيّ. قال : وقال غيره : الصَّلَب من الأرض : أَسْنادُ الآكام والرَّوابي ، وجمعُه أَصْلاب ، قال رُؤبة :

تَغْشَى قُرًى عارِيةً أَقراؤُهُ

تَحْبو إلى أَصْلابه أَمْعاؤُهُ

الأصمعيّ : الأصْلاب هي من الأرْض.

الصَّلَب : الشديد المُنْقاد وقولُه تَحبو ، أي : تَدْنو.

وقال ابن الأعرابيّ : الأصْلابُ : ما صَلُب من الأرض وارتفع ، وأمعاؤُه : ما لان منه وانخَفض.

وقال الليث : الصُّلْبُ من الجرْي ومِن الصَّهِيل : الشديد ، وأنشَد :

* ذو مَيْعَةٍ إذا تَرامَى صُلْبُهُ *

ورجلٌ صُلَّبٌ : صُلْبٌ ، مثل القُلّب الحُوَّل. ورجُل صُلْب صَلِيب : ذو صَلابة ، قد صَلُب. وأرضٌ صُلْبة ، والجميعُ صِلَبة.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزِيز الغليظِ المنقاد ، وجمعُه صِلَبَة مثل عِنَبَة. والصُّلْب : موضعٌ بالصَّمان أرضُه حجارة ، وبَيْن ظهرانَي الصُّلْب وقِفَافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبة المنابت ، كثيرةُ العُشْب.

قال الليث : الصَّليب : ما يتّخِذه النّصارى قِبلةً. قال : والتَّصليب : خِمْرَةٌ للمرأة ، ويُكرَه للرّجل أن يصلِّي في تَصلِيب العِمامة حتّى يجعلَه كَوراً بعضَه فوق بعض.

ويقال : قد تصلّب لك فلانٌ ، أي : تَشدَّد.

أبو عبيد عن الكسائي : إذا كانت الحُمَّى صَالِباً قيل : صَلَبَتْ عليه ، فهو مَصْلُوبٌ عليه.

وقال غيره : الصَّالِبُ : التي معها حَرُّ شديد وليس معها بَرْد.

وقال الليث : يقال : أخذتْه الحُمَّى بصالِب.

وقال غيرُه : يقال : أَخَذَتْه حُمَّى صالِبٌ ، وأخذتْه بصالِب.

وقال الليث : الصَّوْلَب والصَّوْليب : هو البَذْر التي يُنثَر على الأرض ، ثم يُكرَبُ عليه.

قلتُ : وما أراه عربياً ، وأما

قولُ العبّاس بن عبد المطّلب يَمدَح النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم :

تُنقَل من صالَبٍ إلى رَحِمٍ

إذا مضى عالم بَدَا طَبَق

قيل : أراد بالصالب الصُّلْب. يقال : للظَّهْر صُلْبٌ وصَلَبٌ وصالَبٌ ، وقال :

كأنّ حُمَّى بك مَغْرِيَّه

بين الحيازِيمِ إلى الصَّالَب

وفي حديث عائشة : «أن النّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان إذا رأى التَّصليبَ في ثوبٍ قَضيَه»، أي : قَطَع

١٣٨

موضع التَّصليب منه.

وقال أبو عُبَيد : الصُّلّبُ : المِسَنُّ ، وهو الصُّلَّبيّ ، وقال امرؤ القيس :

* كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبيّ النّحِيضِ*

أراد بالسِّنان المِسَنّ.

أبو عبيد عن أبي عمرو : إذا بلغ الرُّطَب اليُبْس فذلك التَّصْليب ، وقد صَلَّب ، وأنشَد المازنيُّ في صفة التَّمَر :

مُصَلَّبَةٌ من أَوْتَكى القَاعِ كُلَّما

زَهَتْها النُّعامَى خِلتَ من لَبَنٍ صَخْرا

أَوتَكَى : تَمر الشِّهْرِيز ولَبَنُ : اسمُ جبل بعينه.

وقال شمر : يقال : صلبَتْه الشمسُ تَصْلِبُه صَلْباً : إذ أحرَقَتْه ، فهو مصلوبٌ مُحْرَق.

وقال أبو ذؤيب :

مستوقِدٌ في حَصاة الشمسُ تَصلُّبُه

كأنّه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوحُ

وقال النّضر : الصَّليب : مِيسَمٌ في الصُّدْغ وفي العُنُق ، خَطَّان أحدُهما على الآخر ، يقال : بَعِيرٌ مَصْلوب ، وإبل مُصَلَّبة.

أبو عَمْرو : أصلبَتِ الناقةُ إصلاباً : إذا قامت ومدَّتْ عنقَها نحوَ السماء لتدِرَّ لوالدِها جَهْدَها إذا رَضَعَها ، وربّما صَرّمها ذلك ، أي : قَطَع لَبنَها.

أبو عمرو : الصُّلَّبيُ : حِجَارَةُ المِسَنّ.

ويقال : الصُّلَّبيّ : الّذي جُلِيَ وسُحِك بحجارةِ الصُّلْب ، وهي حجارة يُتّخذ منها المَسانّ ، وقال الشّماخ :

وكأنّ شَفْرَة خَطْمِه وجَبِينِه

لمّا تَشَرْفَ صُلَّبٌ مَفْلوقَ

والصُّلْب : الشديد من الحجارة وأشدُّهما صلابَةً.

ص ل م

صلم ، صمل ، لمص ، مصل ، ملص : مستعملة.

لمص : قال الليث : اللَّمَص : شيء يُباع مِثلُ الفَالُوذ لا حلاوَةَ له ، يَأكُله الفِتْيان مع الدِّبْس.

سلَمةُ عن الفراء : لَمَص الرجُل : إذا أكل اللَّمَص وهو الفالوذ.

وقال شَمَر : رجلٌ لَمُوصٌ ، أي : كذّاب خدّاع.

وقال عديّ بن زيد :

إنّكَ ذو عَهْدٍ وذُو مَصْدَقٍ

مُخالِفٌ هَدْي الكَذُوبِ اللَّمُوصِ

صلم : قال الليث : الصَّلْم : قَطْعُ الأُذُن والأنْف من أصلِه. والاصطلامُ : إذا أُبِيدَ قومٌ من أَصْلِهم قيل : اصْطُلموا.

قال : والصيْلم : الأكلةُ الواحدة كلَّ يوم.

والصيْلَم : الأمرُ المفني المستأصِل ؛ ووقْعةٌ صَيْلَمةٌ من ذلك.

أبو عبيد : الصَّيْلَم : الدّاهية. الصيْلَمُ :

١٣٩

لأنها تصْطَلِم ، وقال بِشر :

غضِبتُ تميمٌ أن تَقتَّلَ عامرٌ

يومَ النِّسارِ فأُغْضِبُوا بالصَّيْلَم

وقال الليث : الظَّلِيمُ يسمَّى مصلَّماً لِقَصر أُذُنه وصِغَرِها قال : والأصلم : المصلَّم من الشِّعر ، وهو ضربٌ من السّريع ، يجوز في قافيته فَعُلْنْ فَعْلُنْ ، لقوله :

ليس على طولِ الحياةِ نَدَمٌ

ومن وَراءِ الموت ما لا يُعلَمُ

وفي حديث ابن مسعود وذَكر فِتناً فقال : يكون الناسُ صُلاماتٍ ، يضربُ بعضهم رِقابَ بعض.

قال أبو عُبَيد : قوله : صُلاماتٍ يَعنِي الفِرَق من الناس يكونون طوائفَ فتجتمع كلُّ فرقة على حِيالها تُقَاتل أخرى ، وكلُّ جماعة فهي صُلامة ، وأنشد أبو الجرّاح :

صُلَامَةٌ كَحُمُرِ الأبَكَ

لا ضَرعٌ فِينا ولا مُذَكِّي

ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال : صَلامة بفتح الصاد. قال : والصَّلامة : الذي في داخل نَواة النَّبِقَة يؤكل وهو الألْبوب.

والصلَامة : القومُ المستَوون في السّنّ والشجاعة والسّخاء.

صمل : قال الليث : صَمَل الشيءُ يَصمُل صمُولاً : إذا صلُب واشتدّ واكتنَز. يُوصف به الجبل والجمَل والرجل ، قال رُؤبة :

* عن صاملٍ عاسٍ إذا ما اصْلَخْمَمَا*

يصف الجملَ.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : الصُّمُلّ : الشديدُ الخلق العظيمُ ، والأنثى صُمُلّة.

وقال الليث : الصَّمِيلُ : السِّقاءُ اليابس.

والصّامِلُ : الخَلَقُ. وأنشد :

إذا ذاد عن ماءِ الفُرات فلن تَرَى

أخا قِرْبَةٍ يَسقِي أخاً بَصَميلِ

ويقال : صَمَل بدنه وبطنُه ، وأصمله الصيام ، أي : أيبَسَه ، قال : والصَّوْمَلُ : شجرةٌ بالعالية.

أبو عمرو : صَمَلَه بالعصا صملاً : إذا ضَرَبه ، وأنشد :

هِراوَةٌ فيها شِفاءُ العَرِّ

صَمَلتُ عُقْفانَ بها في الجرّ

* فبُجْتُه وأَهلَه بِشَرِّ*

الجرّ : سَفْح الجبل. بُجتُه : أصبْتُه به.

وقال أبو زيد : المصمئّلُ الشديد. ويقال للدّاهية مُصمَئّلَة ، وأنشد :

وَلَم تَتَكأَدَهُم المعضِلاتُ

ولا مُصمئِلَّتُها الضِّئبِلُ

أبو تراب عن السُّلَمي : صَنقلَه بالعصا وصمله : إذا ضربه بها.

مصل : قال الليث : المصلُ معروف.

والمُصُولُ : تَميُّز الماءِ من اللَّبن. والأقطُ إذا عُلِّق مصل ماؤُه فقطَر منه ، وبعضُهم يقولُ مَصلة مثل أَقْطَة.

١٤٠