تهذيب اللغة - ج ١٢

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٢

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٢٥

ليّناً. وسَبْسب : إذا قَطَع رحِمَه. وسَبْسَب : إذا شَتَم شَتْماً قبيحاً.

بس : رُوِي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «يَخرج قومٌ من المدينة إلى اليَمَنِ والشام والعراق يَبِسّون ، والمدينةُ خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون».

قال أبو عُبَيد قوله : «يَبِسون» هو أَنْ يقال في زَجْر الدابة إذا سُقْتَ حِماراً أو غيره : بَسْ بَسْ ، وبِسْ بِسْ ، وأكثرُ ما يقال بالفتح ، وهو صوتُ الزَّجْر للسَّوْق ، وهو من كلام أهل اليَمَن ، وفيه لغتان : بَسَّسْتُ وأَبْسَسْتُ ، فيقال على هذا يَبُسُّون ويُبِسُّون.

وقال أبو زيد : أَبسَ بالغنم : إذا أشْلاها إلى الماء. وأَبَسّ بالإبل عند الحَلب : إذا دَعَا الفصيلَ إلى أمِّه ، أو أَبَسَ بأُمِّه له.

وقال أبو سعيد يَبِسُّون ، أي : يَسبحون في الأرض. وانْبَسَ الرجل : إذا ذهب.

وبُسُّهُمْ عنك ، أي : اطردهم. ابن السكّيت : أبسَسْتُ بالغَنِم إبْساساً ، وهو إشْلاؤُك إيّاها إلى الماء. وأبسَسْتُ بالإبل عند الحلب ، وهو صَوتُ الرّاعي يسكِّن به الناقَة عند الحلب. وناقةٌ بَسُوسٌ : تَدِرّ عند الإبساس. وبسبس بالناقة ، وأنشد :

لِعاشِرةٍ وهوَ قد خافَها

فظَلَ يُبَسْبِسُ أو يَنْقُرُ

العاشرة : بعد ما سارت عشرَ ليال يُبَسْبِس ، أي : يُبسُ بها يسكِّنها. ومن أمثالهم : لا أفعَلُ كذا ما أَبَسَ عبدٌ بناقةٍ. وقال اللّحياني : هو طوَفانُه حَولها ليحلبها.

قال : ويقال : أبَسَ بالنعجة : إذا دعاها للحلب. قال : وقال الأصمعيّ : لم أسمَع الإبساسَ إلا في الإبل. وقال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا (٥)) [الواقعة : ٥] ، صارت كالدقيق ، وذلك قوله : (وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً (٢٠)) [النبأ : ٢٠] ، قال : وسمعتُ العرب تُنشِد :

* لا تَخبِزَا خَبْزاً وبُسَّا بَسَّاً*

قال : والبَسِيسَةُ عندهم : الدقيق أو السويق يُلتّ ويتخذ زاداً.

وقال ابن السكيت : بَسْبَستُ السَّويق والدقيقَ أبُسُّه بَسّاً : إذا بَلَلْتُهُ بشيء من الماء ، وهو أشدُّ من اللَّتّ. قال : وبَسَ الرجلُ عقارِبَه : إذا أرسَلَ تَمائمه.

ويقال : بَسستُ الإبِلَ أبُسُّها بَسّاً : إذا سُقْتَها سَوْقاً لطيفاً. وقيل في قوله :

لا تَخْبِزا خَبْزاً وبَسَّا بَسَّا

البَسُ : السَّوْق اللّطيف. والخَبْز : السَّوْق الشَّديد بالضّرْب. وقيل : البَسُ : بَلّ الدقيق ، ثم يأكله. والخَبْز : أن يخبز المَلِيل ، والإبْساس بالشفتين دون اللسان والنقر باللسان دون الشّفتين. والجمَل لا يُبسّ إذا استصعب ، ولكن يُشْلَى باسمه

٢٢١

واسم أمّه فيسكن. وقيل : الإِبْساس : أن يَمسح ضرع الناقة يُسكِّنها لتَدِرّ ، وكذلك يَبُسُ الرِّيح بالسحابة.

وقال أبو عُبَيدة : بُست الجبالُ ، أي : إذا صارت تُراباً. والبَسيسةُ : خُبزٌ يجفَّف ويُدَقّ فيُشرب كالسَّوِيق. وقال الزَّجاج : (بُسَّتِ الْجِبالُ) : لُتّت وخُلِطَت. وبُست أيضاً سِيقت ، وأنشد :

* وانْبسّ حَيّاتُ الكَثيبِ الأهْيلِ*

وقال اللّحياني : انبَسّت الحيّات انبساساً : إذا جَرت على الأرض. وانبسّ الرجُل : إذا ذَهَب. ويقال : بُسَّهم عَنْك ، أي : اطردهم. وقولُه : (بُسَّتِ الْجِبالُ) ، أي : سُوّيت. وقيل : فُتِّتَتْ.

عَمْرو عن أبيه : بَسَ الشيء : إذا فَتَّتَه.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ : البُسبُس : الرُّعاةُ. والبسُسُ : النُّوق الإنسية.

والبسس : الأسْوِقة المَلْتوية.

أبو عُبَيد عن الأصمعي وأبي زَيد : البسيسة : كلُّ شيء خلطتَه بغيره ، مِثلُ السويق بالأقِط ثم تَبُلُّه بالرُّبّ أو مثل السّعير بالنّوى للإبل ، يقال : بَسستُه أَبُسُّه بَسّاً.

ومن أمثال العرب السائرة : هو أشْأَمُ من البسوس ، وهي ناقةٌ كانت تَدِرّ على البسيس بها. ولذلك سُمِّيت بَسوساً ـ أصابها رجلٌ من العرب بسَهْم في ضَرْعها فقَتَلها ، فهاجت الحربُ بسببها بين حَيّي بكرٍ وتَغْلِبَ سنين كثيرة ؛ فصارت البسوسُ مَثَلاً في الشؤم.

وفي البسوس قولٌ آخَر : رُوِي عن ابن عبّاس وهو أشبَه بالحقِّ.

حدّثنا محمد بن إسحاق عن المخزومي عن سُفْيانَ بن عُيَينة عن أبي سَعد الأعوَر ، عن عكرِمَة عن ابن عبّاس في قول الله جلَّ وعزَّ : (الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها) [الأعراف : ١٧٥] الآية.

قال : هو رجُلٌ أُعْطِيَ ثلاثَ دَعَوَاتٍ يُستجاب له فيها ، وكانت له امرأةٌ يُقالُ لها البَسُوس ، وكان له منها ولد ، وكانت له محِبَّة ، فقالت : اجعلْ لي منها دعوةً واحدة قال : فلكِ واحدة ، فماذا تأمرين؟

قالت : ادْعُ اللهَ أن يجعلني أجمل امرأة في بني إسرائيل ، فلما علمتْ أنَّهُ ليس فيهم مثلُها رَغِبَتْ عنه ، وأرادت شيئاً آخَر ، فدعا اللهَ عليها أن يَجْعَلَها كَلْبَة نبّاحة ، فذهب فيها دعوتان ، وجاء بَنُوها فقالوا : ليس لنا على هذا قرار ، قد صارت أُمُّنا كلبةً تُعَيِّرنا بها الناس ، فادعُ الله أن يردَّها إلى الحالة التي كانت عليها ، فدعا الله ، فعادت كما كانت ، فذهبت الدّعوات الثلاث في البَسُوس ، وبها يُضرَب المَثَلُ في الشؤم فيقال : أشأَمُ من البَسوس.

وقال الليث : البَسْبَاسةُ : بقلة. قلت : وهي

٢٢٢

معدودَةٌ عند العرب. قال : والبَسيْس : شجرٌ يتخذ منه الرِّحال. اللّحياني : بَسَ فلان في ماله بَسةً ، ووُزِم وَزْمةً : إذا ذهب شيءٌ من ماله.

قلت : الذي قاله الليث في البسْبَس إنّه شجر لا أعرفه ، وأَراه أرادَ السيْسَب. وقد رَوَى سلَمة عن الفرّاء أنه قال : السَّيْسبان : اسمُ شجر وهو السيسبَى ، يذكَّر ويؤنَّث ، يؤتى به من بلاد الهند ، وربما قالوا السيْسبُ ، قال طلق بن عَديّ :

* وعُنْق مِثل عمود السيْسبِ *

وقال آخر فيمن أنّث :

* كَهَزِّ نَشْوانِ قَضِيبَ السّيْسَبى *

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : البابوس : ولدُ الناقة. قال : والبابوس : الصبيُّ الرَّضيع في مَهْده ، ومنه خبرُ جُريج الرّاهب حين استنطق الرضيعَ في مَهْده فقال له : يا بابوس ، من أبوك؟ فقال : فلانٌ الراعي. وقد ذكر ابن أحمر البابوس في شعرِه فقال :

حنّت قَلُوصي إلى بابوسها جَزَعا

فما حنينُكِ أم أنتِ والذِّكَرُ

انتهى والله أعلم بذلك.

باب السّين والميم

س م

سم ، مس : [مستعملان].

سم : قال الله جلّ وعزّ : (حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِ الْخِياطِ) [الأعراف : ٤٠] ، أخبَرَنا المنذريّ عن ابن فهم ، عن محمد بن سلام ، عن يونس ، قال : أهل العالية يقولون : السُّمّ والشُّهد ، يرفعون. وتميمٌ تفتح السّم والشَّهد قال : وسمعتُ أبا الهيثم يقول هما لغتان : سم وسُمّ ، لخرْق الإبرة. والسَّمّ : سَمُ الحيّة.

وقال الليث : السمُ القاتل جمعه سمام.

قال : والسمانِ : عرقان في خيْشوم الفرس. قال : والسامّة والجميعُ سوامّ : عُروق في خَيْشومه. وسامُ أبرصَ ، من كبار الوَزَغِ. قال : وسامّاً أبرص وسوامُ أبرص.

أبو عُبيد عن اليزيديّ : السامّةُ الخاصةُ ، وأنشدنا :

وهو الذي أَنعَم نُعمتي عمّتِ

على العِبادِ رَبُّنا وسَمَّتِ

قال : وقال الأمويّ : أهلُ المسمّة : الخاصةُ والأقارب. وأهل المنحاة : الذين لَيْسُوا بالأقارب.

ثعلب عن ابن الأعرابي : المسمّة الخاصة والمعمّة العامة.

وقال الليث : السامة : الموت.

قلتُ : المعروف في هذا الحرف تخفيفُ الميم ، والتشديد فيه خطأ عند البصريِّين والكوفيين ، وأما السامّة بتشديد الميم فهي

٢٢٣

ذوات السم من الهوام ، ومنه حديث ابن عباس : «اللهم إني أعوذُ بك من كلِّ شيطانٍ وهامة ، ومن شر كلِّ عينٍ لامة ، ومن شرِّ كل سامة».

قال شمر : ما لا يقتلُ ويسمُ فهو السَّوام بتشديد الميم ؛ لأنها تَسم ، ولا تَبلُغ أن تقتُل مثل الزُّنبور والعَقْرب وأشباهها.

وقال الليث : السُّموم : الوَدَع وأشباهُه يستخرج من البحر يُنظم للزينة ، واحدها سَمٌ وسُمّة ، وأنشد :

على مُصلَخمٍّ ما يكاد جَسيمُه

يَمُدُّ بعطفَيْه الوضينَ المسمَّما

أراد وَضِيناً مزيَّناً بالسُّموم. قال : السمامة : والجميع السَّمامُ ضربٌ من الطّير دون القَطَا في الْخِلْقَة.

ثعلب : عن ابن الأعرابي : يقال لتزاويق وَجْه السقْف سَمَّان. وقال غيره : سمُ الوَضِين : عُرْوتُه ، وكل خَرْق سَمٌ.

والتَّسميمُ : أن يتخذ للوَضِين عُرًى ، وقال حُميد بن ثَور :

على كل نابي المحْزَمَيْن نَرَى له

شَراسيفَ تَغتالُ الوَضِين المسمَّما

أي : الذي له ثلاث عُرًى ، وهي سُمومه.

قال أبو عبيدة : السَّمُوم بالنهار وقد تكون باللَّيل ، والحرور باللّيل. وقد يكون بالنهار. والعجّاج جعل الحرور بالنهار فقال :

ونسجت لوافح الحَرور

يرقْرَقَان آلها المسجور

شبائباً كسرَقِ الحَرير

وقال اللحياني : السَّمَان : الأَصباغ التي تزَوَّق بها السُّقوف ، ولم أسمعْ لها بواحدة. قال : ويقال للجُمّارة : سِمة القُلْب. ويقال : أصبتُ سمَ حاجتِك ، أي : وجهها. وسَمَمت الشيءَ أسُمُّه سَمّاً ، أي : شدَدْتُه.

أبو عُبَيد عن أبي عُبَيدة : السَّموم بالنهار ، وقد تكون باللّيل. والحرور بالنَّهار وقد تكون باللّيل.

وأخْبَرني المنذريّ عن الحرّاني عن ابن السكّيت : يقال : سمّ اليومُ : إذا هَبَّ فيه السّموم. وقال الفراء : ويقال : يومٌ مَسْموم وإناء مسموم من سُمّ ، ولا يقال : سُمّ.

قال يعقوب : والسَّموم والحَرور أنثيان ، وإنما ذكّرت في الشعر.

قال الرّاجز :

اليوم يومٌ بارِدٌ سَمُومُه

مَن جَزِعَ اليَومَ فلا تَلُومُه

وسمعتُ العَرَب تُنشِد :

* اليومُ يومٌ بكَرَتْ سَمُومُهُ *

قال شمر : قال ابن الأعرابيّ : سَموم بيّن السّم ، وحَرُور بيّن الحَرّ. وقد سُمّت لَيلتُنا وأسمّت. ويقال : كان يومُنا سَموماً ،

٢٢٤

وليلةٌ سَموم ذاتُ سَموم.

وقال الليث : نبات مَسمومٌ : أصابتْه السَّموم. وسَامَة كل شيء وسمامة كل شيء سَماوَته : شخصُه.

أبو عُبَيد عن أبي عمرو : سممتُ الشيءَ أسمّه : أَصلحتُه. قال : وقال أبو زيد : سممتُه : شدَدْتُه ، ومثلُه رَتَوْته. وسَمَمْتُ بين القومِ : أصلحت.

قال الكُمَيت :

وتنأَى قُعورُهم في الأمور

عمّنْ يَسُمُ ومَنْ يَسْمُل

الأصمعيّ والفرّاء وأبو عمرو : سَمامُه الرّجل وكلِّ شيء : شخصه ، وكذلك سَماوَته ، وقيل : سَماوَته أَعْلَاه.

أبو عُبَيد عن الفرّاء : ما لَه سَمٌ ولا حَمّ غيرُك ، ولا سمٌ معاً ، أي : ما لَه هَمٌّ غيرُك. وسمُومُ السَّيف : حُزورٌ فيه يعلَّم بها ، وقال الشاعر يمدَحَ الخوارج :

لِطافٌ برَاهَا الصَّوْمُ حتّى كأنّها

سُيُوفُ يَمانٍ أخْلَصَتْهَا سُمومُها

يَقول : بَيَّنَت هذه السُّموم عن هذه السّيوف أنها عُتُق. قال : وسُموم العُتُق غيرُ سُموم الحُدْث.

وقال أبو عُبَيْدة : في وجهِ الفَرَس سُموم واحدُها سَمّ ، وهو ما دَقّ من صَلَابَة العَظَم من جانِبيْ قصَبَة أنْفِه إلى نواهِقه.

قال : وتستَحبُّ عُرْيُ سمُّونِ ، ويُستَدَلّ به على العِتْق ، وقال حميد :

طِرْفٌ أسِيل معقد البِرَيمِ

عارٍ لطيفِ موضعِ السُّموم

قال : ومن دوائر الفَرَس : دائرة السّمامة ، وهي التي تكون وسَطَ العُنُق في عرضها ، وهي تُستحَبّ. قال : وسُموم الفَرَس أيضاً : كلُّ عظْم فيه مُخّ. قال : والسُّموم أيضاً : فُروجُ الفَرَس واحدها سمّ. قال : وفُروجه : عيناه وأُذُناه ومَنخراه.

وأَنشَد :

* فنَفَّستُ عن سمَّيه حتّى تَنَفسا*

أراد عن مَنخَريه.

أبو عُبَيد عن الأصمعي : السَّمسامُ : والسُّمْسُماني : الخفيفُ السريعُ. قال : والسمسامة : المرأة الخفيفة اللطيفة.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : السمسَم : الثعلب. وأنشد :

* فارَقَني ذَأْلَانَهُ وسَمْسَمُهْ *

وسَمْسَم : اسمُ موضع.

وقال ابن السكّيت : وهي رمْلةٌ معروفة ؛ وأَنشد قولَ البَعيث :

مُدامِنُ جَوْعاتٍ كأنَّ عُرُوقَه

مَسارِبُ حَيّاتٍ تَسَرَّبْنَ سَمْسَمَا

قال : ورواه عُمارةُ : «تَشَرّبْن سَمْسَمَا» يعني : شرِبْن السم. ومن رواه : «تَشَرّبن» جَعَل سَمسَماً رملة. ومسَارِبُ الحياة :

٢٢٥

آثارها في السَّهل إذا مرّت تَسرَّبُ تَجيءُ وتَذهب ، شَبَّه عُروقَه بمَجارِي حَيَّاتٍ ، لأنها ملتوية.

وقال الليث : يقال لدُوَيْبّةٍ على خِلْقَة الأَكلَة حمراءَ هي السِّمْسِمة.

قلت : وقد رأيتُها في البادية ، وهي تَلسَع فتؤلِمُ إذا لَسَعَتْ.

وقال أبو خَيْرة : هي السَّماسم ، وهي هَناتٌ تكون بالبَصْرة يَعْضُضْن عَضّاً شديداً ، لهنّ رُؤوسٌ فيها طول إلى الحُمرة ألوانُها.

وقال اللحياني : يقال في مَثَلٍ ـ إذا سُئل الرجل ما لا يَجِد وما لا يكون ـ : كَلَّفْتَنِي سَلَا جَمَلٍ ، وكلَّفْتَني بَعْضَ الأنُوق ، وكلَّفْتَني بَيْض السِّمَاسم.

قال : وهي طَيرٌ مِثلُ الخَطاطِيف ولا يُقدَر لها على بَيْض.

قال : والسُّمّةُ : شِبْه سُفْرة عظيمة تُسَفُّ من الخُوص وتُبْسَط تحتَ النخلة إذا صُرِمت ليسقُط ما تَناثَر من الرُّطَب والتَّمْر عليها ، وجمعُها سُمَم.

قال : وسُمّة المرأة : صدغُها وما اتصل به مِنْ رَكَبِها وشَفْرَيْها.

قال الأصمعي : سُمّة المرأةِ : ثَقْبة فَرجِها.

ثعلب عن ابن الأعرابي : سَمسَم الرجلُ : إذا مَشَى مَشْياً رقيقاً. ومسْمَس : إذا تخبط.

عمرو عن أبيه : يقال لِجُمّار النخلة : سُمّة ، وجمعها سُمَم ، وهي اليَفَقَةُ : ومَسامُ الإنسان : تخلخُل بشَرَته وجلده التي يَبرُز عرقُه وبُخارُ باطِنه منها ، سُمّيتْ مَسامَ لأنّ فيها خُروقاً خفيّةً وهي السُّموم.

مس : قال الله جلّ وعزّ : (الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ) [البقرة : ٢٧٥].

قال الفراء : المَسُ : الجنُونُ. والعرب تقول : رجل مَمْسوسٌ.

عَمْرو عن أبيه : المَأسُوس والمَمْسوس والمُدَلّس كله المجنون. والمَسُ : مَسّك الشيءَ بِيَدَك.

قال الله جلّ وعزّ : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) [البقرة : ٢٣٧] ، وقرىء : (تُماسُّوهُنّ).

قال أحمد بن يحيى : اختار بعضهم (ما لَمْ تَمَسُّوهُنَ) وقال : لأنّا وجَدْنَا هذا الحرفَ في غير موضع من الكتاب بغير ألف (وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ) [آل عمران : ٤٧] ، فكلُّ شيء من هذا الباب فهو فِعل الرجل في باب الغِشْيان.

قال : وأخبَرَنا سَلَمة عن الفرّاء أنه قال : إنه لَحَسَن المَسِ في ماله ، يُريد أنه حَسَن الأثر والمَسّ يكون في الخير والشر : والمَسَ والمَسِيس : جِماع الرجلِ المرأة.

وأُخبرتُ عن شمر أنه قال : سئل أعرابيٌّ عن رَكِيّةٍ ، فقال : ماؤها الشّفاء المَسُوس.

٢٢٦

قال : والمَسُوس : الذي يمَسُ الغُلّة فيَشفيها ، وأنشد :

لو كنتَ ماءً كنتَ لا

عَذْباً يُذَاق ولا مَسُوسَا

وقال ثعلب عن ابن الأعرابي : المَسُوس : كلُّ ما شَفَى الغَليل ، لأنه مَسَ الغُلّة ، وأَنشَد :

يا حَبّذا رِيقتُكِ المَسُوسُ

وأَنْتِ خَوْدٌ بادنٌ شَمُوسُ

الليث : الرَّحِمُ الماسّة والمسّاسة : القريبة وقد مَسّتْه مواسُ الخَبَل.

عمرو عن أبيه : الأسْنُ : لُعْبَةٌ لهم يسمُّونها المَسّة والضّبَطة.

وقال الزّجاج في قول الله عزوجل : (فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ) [طه : ٩٧] ، قرىء : (مِساسَ) بفتح السين منصوباً على التّبرئة. قال : ويجوز (لَا مَسَاسِ) مبنيٌّ على الكسر ، وهو نفي قولك : مَساسِ مَساسِ ، فهو نفي ذلك ، وبُنِيَتْ «مَساسِ» على الكسر وأصلُها الفَتْح لمكان الألف ، فاختير الكسرُ لالتقاء الساكنين.

وقال الليث : (لا مِساسَ) : أي : لا مُماسّة ، أي : لا يَمَسُ بعضُنا بعضاً.

قال : والمَسْمسَةُ : اختلاطُ الأمْرِ واشتباهُه.

قال رُؤْبة :

إن كنتَ من أمرِك في مَسْماسِ

فاسْطُ عَلَى أُمِّك سَطْوَ الماسِ

قال : خفّف سينَ الماس كما يخفّفونها في قولهم : مَسْتُ الشيءُ ، أي : مسَسْتُه.

قلت : هذا غَلَط ، الماسي هو الذي يُدخِل يده في حياء الأنثى لاستخراج الجنين إذا نَشِب يقال : مَسَيْتها أَمْسيها مَسْياً ، رَوَى ذلك أبو عُبيد عن الأصمعي ، وليس المَسْيُ من المَسِ في شيء ، وأما قولُ ابن مَغْراء :

مَسْنا السَّماءَ فنِلْناهَا وطَالْهُمْ

حتى يَرَوْا أُحُداً يَمشي وثَهْلَانَا

فإنه حَذَف إحدى السينين من مَسسنا استثقالاً للجمع بينهما ، كما قال الله جلَّ وعزَّ : (فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ) [الواقعة : ٦٥] والأصل : فظللتم.

وقال ابن السكيت : مَسِسْتُ الشيءَ أمَسُّه مسّاً ، وهي اللغة الفصيحة.

وقال أبو عُبَيْدة : مَسَسْتُ الشيء أمَسُّه أيضاً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : الساسَمُ : شجرةٌ يُسوَّمنها الشِّيزَى ، وأَنشَد قولَ ضمرة :

ناهَبْتُها القومَ على صُنْتُعٍ

أجرَد كالقِدْحِ من السَّاسَمِ

عمرو عن أبيه : الطَّرِيدةُ لُعبةٌ : تسَمّيها العامّةُ : المَسّة والضَّبَطة ، فإذا وقعتْ يدُ اللاعب من الرَّجُل على بدَنِه ـ رأسِه أو

٢٢٧

كَتِفه ـ فهي المَسَّةُ ، وإذا وقعت على رِجله فهي الأَسْنُ.

وقال ابن أحمر :

تَطايح الطّلُّ عن أسدانها صُعُداً

كما تَطايح عن ماموسة الشَّرَرُ

أراد بماموسة : النار ، جعلها معرفة غير منصرفة.

ورواه بعضهم : عن مأنوسة الشرر.

وقال ابن الأعرابي : المأنوسة : النار.

والله أعلم.

* * *

٢٢٨

كتاب الثلاثي الصحيح من حرف السين

[باب السين والزأي : مهمل](١)

أبواب السّين والطاء

س ط د ـ س ط ت ـ س ط ظ س ط ذ ـ س ط ث مهملات.

س ط ر

سطر ، سرط ، طرس ، وسط ، رطس.

أمّا رَسَط ورَطَس : فإن ابن المظفَّر أهمَلهما.

رسط : وأهلُ الشام يسمُّون الخمرَ : الرَّساطون ، وسائرُ العرب لا يعرفونه.

وأراها روميّة دخلتْ في كلام مَن جاوَرَهم من أهلِ الشام. ومنهم من يقلب السين شيئاً ، فيقول : الرشاطون.

رطس : قال ابن دُرَيد : الرَّطَسُ : الضَّرْبُ ببَطْن الكفّ ، يقال : رطسَه رَطْساً ، قلت : ولا أحفظ الرّطس لغيره.

طرس : قال شمر فيما قرأتُ بخطّه : يقال للصَّحيفة إذا مُحيتْ : طِلْسٌ وطِرْس.

وقال الليث : الطِّرْسُ : الكتابُ الممحُو الّذي يستطاع أنْ تُعاد عليه الكتابة ؛ وفِعلُك به التَّطْريس.

وقال شَمِر : قال ابن الأعرابي : المتطَرِّس والمُتَنَطِّس : المتنوِّقُ المختار.

وقال المَرّار الفَقْعَسيّ يصف جاريةً :

بيضاءُ مُطعَمةُ المَلاحةِ مِثلُها

لَهْوُ الجَلِيس وَنيقَةُ المتطرِّسِ

سطر : الحّراني عن ابن السكّيت : يقال : سَطْر وسَطَر ؛ فمن قال سَطْر فجمعه القليل أَسطُر ، والكثير سُطُور. ومن قال : سَطَر جمَعَه أسطاراً. قال جرير :

من شاءَ بايَعْتُه مالِي وخُلْعَتَه

ما تكمُل التِّيم في ديوانهمْ سَطَرَا

وقال اللّيث : يقال : سَطَرٌ من كُتُب ، وسَطْرٌ من شجر مغروس ونحو ذلك ، وأنشد :

إنِّي وأَسطارٍ سُطِرنَ سَطْرا

لقَائلٌ يا نَصْرُ نَصْراً نَصْرَا

وقال الزّجّاج في قوله تعالى : (وَقالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) [الفرقان : ٥] ، خَبَرٌ لابتداءٍ محذوفٌ ، المعنى : وقالوا الّذي جاء به أساطيرُ الأوّلين ، معناه : ما سَطَّره

__________________

(١) أهمله الخليل كما قال الأزهري في ما سبق من (أبواب المضاعف من حرف السين).

٢٢٩

الأوّلون. قال : وواحدُ الأَساطير أُسْطُورة ، كما قالوا أُحْدُوثَة وأحَادِيث.

وقال اللّحياني : واحد الأساطير أسطُور وأسْطُورة ، وأسْطِير.

قال : ويقال : سَطْر ويُجمع إلى العَشَرة أَسْطاراً ، ثم أساطيرُ جمعُ الجَمْع.

وقال الليث : يقال : سَطَّر فلانٌ علينا تَسْطيراً : إذا جاء بأحاديث تُشبِه الباطلَ ، يقال : هو يسطِّر ما لا أصْلَ له ، أي : يؤلِّف. وسَطَر يَسْطُر : إذا كَتَب ؛ قال الله جلّ وعزّ : (ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ) [القلم : ١] ، أي : وما يَكْتُب الملائكة.

وقال أبو سَعِيد الضَّرير : سمعتُ أعرابياً فصيحاً يقول : أسَطَرَ فلانٌ اسمِي ، أي : تجاوَزَ السَّطر الّذي فيه اسمي ، فإذا كَتَبه قيل : سَطَره. ويقال : سَطَر فلانٌ فلاناً بالسَّيف سَطَراً : إذا قَطَعَهُ به ، كأنّه سَطْرٌ مَسْطور. ومنه قيل لسيف القَصّاب ساطُور.

سَلَمة عن الفراء : يقال للقصّاب ساطِرٌ وسَطّار ، وشصّاب ومُشَقِّص ولَحّام وجَزّار وقُدار.

وقال ابن بُزُرْج : يقولون للرّجل إذا أَخطأَ فكنَوْا عن خطئه : أسطَرَ فلانٌ اليومَ ، وهو الإسْطار بمعنَى الإخطاء.

وقال ابن دُرَيد : السَّطْرُ : العَتُودُ من الغَنَم.

قال الفرّاء في قول الله جلّ وعزّ : (أَمْ عِنْدَهُمْ خَزائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ (٣٧)) [الطور : ٣٧] ، قال : المصَيْطرون كتابتها بالصاد ، وقراءتُها بالسّين وبالصاد. ومثلُه قوله : (لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (٢٢)) [الغاشية : ٢٢] ، ومثلُه : (بَسْطَةً) [البقرة : ٢٤٧] و (بَصْطة) كُتب بعضها بالصاد وبعضها بالسين ، والقراءة بالسِّين.

وقال الزّجّاج : المسيطرون : الأرباب المسلطون ؛ يقال : قد تَسيطَر علينا وتصيطر بالسين والصاد ، والأصل السّين ، وكلّ سين بعدَها طاءٌ يجوز أن تُقلبَ صاداً ، نقول : سَطْر وصَطَر ، وسَطَا عليه ، وصَطَا.

وقال اللّيث : السَّيطَرة مَصْدَرُ المُسيطِر ، وهو كالرّقيب الحافظِ المتعهّدِ للشيء ، تقول : قد سَيْطَر علينا ، قال : وتقول : سُوطِر يُسيْطِر في مجهول فعلِه ، وإنما صارت سُوطِرَ ولم تقل سُيْطِر لأن الياءَ ساكنة لا تثبت بعد ضَمّة ، كما أنك تقول : من آيَسْتُ : أويس يُؤيْس.

ومن اليقين : أوقِنَ يوقَن ، فإذا جاءت ياء ساكنة بعد ضمّة لم تثبت ، ولكنّها يَجْترّها ما قَبلَها فيصيِّرها واواً في حالٍ ؛ مثل قولك : أعْيَشُ بيّنُ العِيشَة ، وأبيَض وجمعُه بِيض ، وهي فُعْلَة وفُعْل ، فاجترّت الياءُ ما قبلَها فكسَرتْه. وقالوا : أكيَسُ كُوسَى وأَطيَبُ طُوبى ، وإنّما توخُوْا في ذلك

٢٣٠

أوْضَحَه وأحْسَنه ، وأيَّاً ما فعلوا فهو القياس ، ولذلك يقول بعضهم في (قِسْمَةٌ ضِيزى) [النجم : ٢٢] ، إنما هي فُعلَى ولو قيل : بُنِيتْ على فِعلَى لم يكن خطأ. ألا ترى أنّ بعضهم يهمزها على كسرتها.

فاستَقْبَحوا أن يقولوا : سِيطِرَ لكثرة الكَسَرات. فلما تراوحَتِ الضمّة والكسرة كانت الواو أحسن.

وأمّا يُسَيطَر فلمّا ذهبت منه مَدّة السِّين رجعت الياءُ.

قلتُ : سَيْطَرَ : يُسَيْطِر. جاء على فَيْعل فهو مُسَيْطر ، ولم يُستعمَل مجهولُ فِعلِه.

ويُنتهَى في كلام العرب إلى ما انتهَوْا إليه.

وقول اللّيث : لو قيل : بُنِيْت (ضِيزى) [النجم : ٢٢] على فِعْلى لم يكن خطأ وهو عند النحويِّين خطأ أن فِعلى جاءت اسماً.

ولم تجيء صِفةً. و (ضِيزى) هي عندهم فُعلَى. وكُسِرت الضّاد من أَجل الياء الساكنة. وهي من ضِزْته حقَّه أَضِيزُه : إذا نقصْته. وقد مرّ تفسيرُه في كتاب الضاد.

وأمّا قول أبي دُوَاد الإياديّ :

وأَرَى الموتَ قد تَدَلَّى من الحَضْ

ر على رَبِّ أهلِهِ السّاطِرُونَ

فإن السّاطرون اسمُ مَلِك من مُلوك العَجَم كان يَسكُن الحَضر. وهي مدينةٌ بين دِجْلة والفُرات. غَزاهُ سابُورُ ذو الأكتاف وأَخَذَه وقتلَه وقولَ عديّ بن زيد :

كأنّ رِيقَه شُؤبوبُ غادِيةٍ

لما تقفّى رقيبَ النَّفْع مُسْطارا

قال أبو نصر : المُسْطار : هو الغبار المرتفِع في السّماء. وقيل : كان في الأصل مُستطاراً فحذفت التاء. كما قالوا : اسْطَاع في موضع استطاع. وقال عديُّ بنُ الرْقاع :

مُسطَارةٌ ذهبتْ في الرّأس سَوْرتُها

كأنّ شَارِبها مِمّا به لَمَمُ

وقال أيضاً :

نَقْرِي الضيوف إذا ما أزمة أزْمَت

مُسطارَ ماشيةٍ لم يَعْد أن عُصِرا

جعل اللَّبنَ بمنزلة الخَمْر. يقول : إذا أجدَبَ الناس سقَيناهم الصَّرِيف وهذا يدلّ على أن المستطار الحديثةُ. وأن من قال هي الحامضة لَم يُجد.

سرط : أبو عُبَيد عن الكسائيّ : سَرِطتُ الطّعام وزَرَدْتُه : إذا ابْتَلَعْتَه ، أَسْرِطه سَرْطاً ، ولا يجوز سَرَطتُ. ومن أمثال العَرَب : الأخْذُ سَرَطان ، والقضاءُ لَيّان. وبعضهم يقول : الأخْذُ سُرّيْطى والقَضَاءُ ضُرّيْطى. وبعضٌ يقول : الأخْذُ سُرَّيْطٌ ، والقَضاءُ ضُرّيْط.

وسمعت أعرابيّاً يقول : الأخْذُ سِرِّيَطى والقضاءُ ضِرِّيَطِى ؛ وهي كلُّها لُغَاتٌ صحيحة قد تكلّمتْ العرب بها ، والمعنى فيها كلّها : أنت تُحِبُّ الأخْذ ، وتَكره الإعْطاء.

٢٣١

ويقال : استَرَط الطعامَ : إذا ابْتَلَعَه. وقولُ الله جلّ وعزّ : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) [الفاتحة : ٦] ، كُتِبَتْ بالصاد ، والأصل السِّين ، ومعناه : ثَبِّتْنَا على المنهاج الواضح.

وقال جرير :

أميرُ المؤمنين على صِراطٍ

إذا اعْوَجَّ الموارِدُ مُسْتَقِيم

وقال الفرّاء : المَوارد : الطُّرُق إلى الماء ، واحِدَتُها مَوْرِدة.

وقال الفرّاء : إذا كان بعد السّين طاءٌ أو قافٌ أو غينٌ أو خاءٌ فإن تلك السِّين تُقْلَب صاداً. قال : ونفر من بَلْعَنْبَرِ يصيّرون السين إذا كانت مقدَّمة ثم جاءت بعدها طاءٌ أو قافٌ أو غَين أو خاء ـ صاداً.

وذلك أن الطاء حرف تضَع فيه لسانك في حَنَككِ فينْطَبِق به الصوت ، فقُلِبَتْ السين صاداً صُورتها صورةُ الطاء ، واستخَفُّوها ليَكون المَخْرَج واحداً ، كما اسْتَخَفُّوا الإدْغامَ ؛ فمن ذلك قولُهم : السِّراطُ والصِّراط ، قال : وهي بالصاد لغة قُريش الأوَّلين التي جاء بها الكِتَابُ ؛ قال : وعامّة العَرَب تَجْعَلُها سِيناً. وقال غيره : إنما قيل للطريق الواضح : سِراط لأنّه كان يَسْتَرِط المارّة لكثرة سُلوكِهم لاحِبَه.

وقال الليث : السِّرِطْراطُ والسَّرَطْراط ـ بفتح السّين والراء ـ : وهو الفالُوذَج.

قلت : أما بالكسر فهي لغة جيِّدَة لها نظائر ، مِثل جِلِبْلَاب وسِجِلَّاط. وأما سَرَطْرَاط فلا أعرف له نظيراً. وقيل للفالوذ : سِرِطْرَاطٍ ؛ فكررت فيه الطاء والراء تبليغاً في وصفِه واستلذاذ آكِلِه إيّاه ، إذا سَرَطَه وأَساغَه في حَلْقِه.

ويقال للرجل إذا كان سريعَ الأكْل : مِسْرَط وسُرَط وسَرَّاط.

وقال اللّيث : السَّرطان : من خَلْق الماء ، تسمِّيه الفُرْس : «عُخْ». قال : والسَّرَطان : بُرْجٌ من بُرُوج السماء ، والسَّرَطان : داءٌ يَظْهَرُ بِقَوائم الدَّوَابّ.

وقال غيرُ الخليل : السَّرَطان : داءٌ يَعْرِض للإنسان في حَلْقِهِ دَمَوِيٌّ يشبه الدُّبَيْلَة ، انتهى والله أعلم بذلك.

باب السين والطاء مع اللام

س ط ل

طسل ، سطل ، طلس ، لطس ، سلط : مستعمَلَة.

طسل : قال الليث : يقال : طَسَل السرَابُ : إذا اضْطَرَبَ ؛ وقال رُؤبة :

* يُقَنِّعُ المَوْمَاةَ طَسْلاً طاسِلاً*

وقال أبو عمرو : الطَّيْسَل : السّراب البرّاق. ويقال للماءِ الكثير : طَسْل وطَيْسَل.

٢٣٢

سطل : ثعلب عن ابن الأعرابي : يقال للطسْت : السَّيْطَل. وقال الليث : السَّيْطَل : الطُّسَيْسَةُ الصغيرة ، ويقال : إنَّهُ عَلَى صَنْعَة تَوْرٍ ، وله عُرْوَةٌ كعُرْوَة المِرْجَل ، والسَّطْلُ مِثْلُه ، قال الطِّرِمَّاح :

* في سَيْطَلٍ كُفِئَتْ له يَتَرَدَّدُ*

وقال هِمْيانُ بنُ قُحافةَ في الطَّسْل :

بَلْ بَلَدٍ يُكْسَى القَتَامَ الطّاسِلَا

أَمْرَقْتُ فيه ذُبْلاً ذَوَابِلا

قالوا : الطَّاسِلُ : المُلْبِس. وقال بعضهم : الطاسِلُ والسّاطِل من الغبار : المرتفعُ.

وأيَّدَ قَوْلُ هِمْيَانَ قولَ رؤبةَ الأوَّل.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الطَّيْسَلُ والطَّسْيَلُ : الطّسْت. قال : وطَيْسَلَ الرجلُ : إذا سافَرَ سَفَراً قريباً وكَثُرَ ماله.

وأنشد أبو عمرو :

تَرْفَعَ في كلِّ رَقاقٍ قَسْطَلا

فَصَبَّحَتْ مِنْ شُبْرُمَانَ مَنْهَلَا

أَخْضَرَ طَيْساً زَغْرَبِيّاً طَيْسَلَا

يصف حَمِيراً وَرَدَتْ ماءً. قال : والطَّيْسُ والطَّيْسَلُ والطَّرْطَبِيسُ بمعنًى واحد في الكثرة.

طلس : رُوِي عن النَّبيّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه أَمَر بطَلْس الصُّوَر الّتي في الكَعْبة».

قال شمر : معناه بطَمْسِها. يُقال : اطْلِسِ الكتابَ ، أي : امحُه. وطَلَسْتُ الكتابَ ، أي : مَحَوْتُه. ويقال للصحيفة إذا مُحِيَت : طِلْسٌ وطِرْس ؛ وأَنشَد :

* وجَوْنِ خَرْقٍ يَكتَسى الطُّلُوسَا*

يقول : كأنما كُسِي صُحُفاً قد مُحِيتْ مرَّةً لدُروس آثارِها. قال : ورجل أطلَسُ الثِّياب : وَسِخُها. وثيابٌ طُلْس : وَسِخة.

ورجلٌ أطلَس : إذا رُمِيَ بقبيح ، وأَنشَد أبو عُبَيد :

ولسْتُ بأَطْلس الثَّوْبَين يُصْبِي

حَلِيلَتَه إذا هَدَأَ النِّيامُ

لم يُرد بحليلِته : امرأته ، ولكنّه أراد جارتَه الّتي تُحالُّه في حِلّته.

قال : والطَّلْس والطَّمْس واحدٌ. والطُّلْسةُ : غُبْسة في غُبْرة.

وقال الليث : الطِّلْسُ : كتابٌ قد مُحِيَ ولم يُنعَم مَحوهُ فيصير طِلْساً. ويقال لِجلْد فخِذ البعير : طِلْسٌ لتَساقُط شَعرِه ووَبرِه.

قال : وإذا محوتَ الكتابَ ليَفسُد خَطُّه قلت : طَلَسْته ، فإذا أنعمتَ محوَه. قلت : طَرَسْتُه.

قال : والطَّلَس والطَّلسة : مصدرُ الأَطْلَس من الذئاب ، وهو الّذي تَساقَط شَعرُه ، وهو أخبثُ ما يكون.

وفي حديث أبي بكر : أنّ مُوَلَّداً أطلسَ سَرَقَ فقَطَع يدَه.

قال شمر : الأطلس : الأسوَد كالحَبشيّ ونحوه ، قال لَبيد :

٢٣٣

فأجازني منه بِطِرْس ناطقٍ

وبكلِ أطلسَ جَوْبُه في المَنْكِبِ

أطلس : عبدٌ حَبشيٌّ أسوَد.

ويقال للثوب الأسوَد الوَسِخ : أطلَس ؛ وقال في قول ذي الرُّمَّة :

* بَطْلساء لَمْ تَكْمُل ذراعاً ولا شِبْرا*

يَعني خرقةً وسِخة ضَمَّنها النار حين اقتَدَح.

وقال ابن شميل : الأطلَس : اللِّص ، يشبَّه بالذِّئب.

قال : والطَّيْلسان بفتح اللام منه ويُكسَر ولم أسمَع فيعِلان بكسر العين ، إنّما يكون مضموماً كالخَيْزران. والجَيْسُمان ، ولكن لمّا صارت الكسرةُ والضمّة أختَيْن واشترَكتا في مواضعَ كثيرة دخلتْ عليها الكسرة مَدخَل الضمّة.

وحُكي عن الأصمعيّ أنّه قال : الطيلَسان ليس بعَربيّ. قال : وأصلُه فارسيّ إنما هو تالشان فأُعرب. قلت : ولم أَسمع الطيلسان بكسر اللام لغير اللَّيث.

وروى أبو عبيد عن الأصمعيّ : أنه قال : السُّدُوسُ : الطَّيْلَسَان ، هكذا رواه ، ويُجمع طَيالسة.

ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الطَّلْس والطَّيْلسان : الأسوَد.

والطِّلْس : الذِّئب الأمْعَط ، والجميع الطُلْس منها.

لطس : سَلَمة عن الفرّاء : المِلْطاسُ : الصَّخرةُ العظيمة. والمُدُقُّ : المِلْطاس.

وقال الليث : اللَّطْسُ : ضربُك الشيءَ بالشيء العريض ، يقال : لَطَسَه البعيرُ بخُفّه والملطاسُ : حَجَرٌ عريضٌ فيه طُول ، وربّما سُمِّي خُفُّ البعير مِلطاساً.

وقال شمِر : قال ابن شميل : المَلاطِيس : المَناقيرُ من حديد يُنقَر بها الحجارة والواحدة مِلْطاس. والمِلْطاسُ : ذو الخَلْفَين الطويل الّذي له عَنَزَة ، وعَنَزتُه حدُّه الطويل.

وقال أبو خَيرة : المِلَطس : ما نُقِرت به الأرحاء ؛ وقال امرؤ القيس :

وتَرْدى على صُمٍّ صِلابٍ مَلاطِسٍ

شَديدات عَقْدٍ ليّناتٍ مِتانِ

وقال أبو عَمْرو : المِلْطَسُ : الحافرُ الشديد الوطيء.

وقال الفرّاء : ضربه بمِلْطاسٍ ، وهي الصَّخْرة العظيمة ، ولطَسَ بها ، أي : ضَربَ بها.

وقال ابنُ الأعرابيّ : اللَّطْسُ : اللَّطْم ، وقال الشّماخ : فَجعلَ أخفافَ الإبل مَلَاطِسَ :

يهوِي على شَراجِعٍ عَلِيّاتْ

مَلاطِسٍ أفتَلِيات الأَخْفافِ

قال ابن الأعرابي : أراد أنّها تَضرِب بأخفافها تَلطُس الأرضَ ، أي : تدقّها بها.

٢٣٤

سلط : قال الزّجّاج في قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ (٩٦)) [هود : ٩٦] ، أي : وحجّة مبيَّنة.

حدّثنا أبو زيد عن عبد الجبّار عن سُفيانَ عن عمرو عن عِكرِمة عن ابن عبّاس في قوله : (قَوارِيرَا (١٥) قَوارِيرَا مِنْ فِضَّةٍ) [الإنسان : ١٥ ، ١٦] ، قال : في بياض الفضّة ، وصفاء القَوارِير. قال : وكلُ سلطان في القرآن فهو حجّة.

قال : وإنما سُمّي سلطاناً لأنّه حجّة لله جلّ وعزّ في أرضه.

قال : واشتقاقُ السُّلْطان من السَّلِيط ، قال : والسَّلِيط ما يُضاءُ به ، ومن هذا قيل للزَّيْت : السَّلِيط. قال : وقولُه : (فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ) [الرحمن : ٣٣] ، أي : حيْثما كنتم شاهدتمْ حُجَّةً لله وسُلطاناً يَدلّ على أنّه واحد.

وقوله : (هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ (٢٩)) [الحاقة : ٢٩] ، معناه : ذهبَ عنّي حجّتي.

والسُّلطانُ : الحُجّة ، ولذلك قيل للأمراء : سَلاطِين ، لأنّهم الّذين تُقام بهم الحُجَج والحُقُوق.

قال : وقولُه : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) [سبأ : ٢١] ، أي : ما كان له عليهمْ من حجّة ، كما قال : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ) [الحجر : ٤٢].

وقال الفرّاء في قوله : (وَما كانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُلْطانٍ) ، أي : ما كان له عليهم من حجّة يضلُّهم بها إلَّا أنّا سلّطناه عليهم (لِنَعْلَمَ مَنْ يُؤْمِنُ بِالْآخِرَةِ) [سبأ : ٢١].

وقال ابن السّكّيت : السلطان مؤنَّثة ، يقال : قَضَتْ به عليه السُّلْطان ، وقد آمَنَتْه السّلطان.

قلت : وربّما ذُكِّر السلطان لأنّ لفظَه مذكَّر ، قال الله تعالى : (بِسُلْطانٍ مُبِينٍ) [إبراهيم : ١٠] ، قال أبو بكر : في السّلطان قولان : أحدُهما : أن يكون سُمِّي سلطاناً لتسليطه. والقول الآخر : أن يكون سُمِّي سلطاناً لأنّه حُجَّةٌ من حُجَج الله.

قال الفرّاء : السُّلطان عند العرب : الحُجّة ، ويذكَّر ويؤنَّث ، فمن ذكّر السلطان ذهب به إلى معنى الرَّجُل ، ومَن أنّثه ذَهبَ به إلى معنى الحجّة.

وقال محمد بنُ يزيد : من ذكّر السلطان ذهبَ به إلى معنَى الواحد ، ومن أَنَّثه ذهبَ به إلى معنَى الجَمع.

قال : وهو جمعٌ واحدُه سَلِيطٌ وسُلْطان ، قال : ولم يَقلْ هذا غيره.

وقال اللّيث : السّلطان : قدرةُ المَلِك ، مثل قَفِيز وقُفْزان ، وبَعيرٍ وبُعْران ، وقُدرةُ من جُعِل ذلك له وإن لم يكن مَلِكاً ، كقولك : قد جعلت له سُلطاناً على أخذ حَقِّي من فلان. والنُّون في السّلطان زائدةٌ لأنّ أصلِ بنائه من التَّسليط.

٢٣٥

وقال ابنُ دُرَيد : سلطانُ كلِّ شيء : حِدّتُه وسَطْوَته ؛ من اللِّسان السليطِ الحديدِ.

قلت : والسَّلاطةُ بمعنى الحِدّة ، وقال الشاعر يصف نِصالاً مُحَدَّدة :

* سلاطٌ حِدَادٌ أرهقَتْها المَواقِعُ*

وإذا قالوا : امرأةٌ سَليطةُ اللِّسان ، فله معنَيان : أحدُهما : أنّها حديدة اللِّسان ، والثاني : أنها طويلةُ اللسان.

وروى أبو العبّاس عن ابن الأعرابي قال : السُّلُط : القوائمُ الطِّوال.

وقال في موضع آخر : إذا كان الدّابة وقاحَ الحافر ، والبعيرُ وقاحَ الخُفّ ، قيل : إنه لسَلْطُ الحافر ، وقد سَلِط يسَلَط سَلاطةً ، كما يقال : لِسانٌ سَلِيط وسَلِط.

سَلْطِيط : جاء في شعر أميّةَ بمعنى المُسَلَّط ، ولا أَدرِي ما حقيقته.

وقال الليث : السَّلاطة : مَصدرُ السليط من الرجال والسليطةِ من النّساء ، والفعل سلُطَت وذلك إذا طال لسانها واشتدّ صَخْبُها.

أبو عُبَيد عن الأصمعيّ : السليط عند عامّة العرب : الزَّيْت ، وعند أهلِ اليَمن : دُهْنُ السِّمْسِم ، وقال امرؤ القيس :

* أهان السَّلِيطَ بالذُّبَالِ المفَتَّلِ*

س ط ن

سنط ، سطن ، نطس ، طنس ، نسط ، [طسن].

طنس ونسط : أهمله الليث روى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنه قال : الطَّنَسُ : الظُّلْمة الشديدة.

قال : النُّسُط : الَّذين يستخرجون أولاد النُّوق إذا تَعسَّر وِلادُها.

قلت : النون في هذين الحرفين مبدَلةٌ من الميم ؛ فالطّنْس أصلُه الطّمْس والطَّلْس ، والنَّسْط مِثل المَسْط سواء ، وسنَقِفُ عليها في بابها.

[نطس] : وأما نَطَس فقد رُوِي عن عمرَ أنّه خرج من الخَلاء فدعا بطعام ، فقيل له : ألَا تتوضّأ؟ فقال : لولا التنطُّس لما بالَيْتُ أن لا أَغسِل يدي.

قال أبو عُبَيد : سئل ابن عُلَيَّة عن التّنطُّس فقال : هو التّقذُّر. قال : وقال الأصمعيّ : هو المبالَغة في الطَّهور ، وكذلك كلّ من أدقّ النظَر في الأمور ، واستقصَى عليها فهو متنطِّس ؛ ومنه قيل للطبيب : نِطَاسِيّ ونطِّيس ، وذلك لدقة نظرِه في الطبّ.

وقال أبو عَمْرو نحوه ، وأنشد أحدهما للبَعيث يصف شَجَّةً :

إذا قاسها الآسي النِّطاسيُ أدبَرَتْ

غَثِيثَتُها وازدادَ وَهْياً هُزُومُها

٢٣٦

وقال رُؤْبة :

وقد أكون مرّة نَطِيسَاً

طَبَّاً بأَدْواء الصِّبا نِقْرِيسَا

قال : والنِّقْرِيس : قريب المعنى من النِّطِّيس ، وهو الفَطن للأمور العالِمُ بها.

وقال شمر : وقال أبو عَمرو : امرأةٌ نطسة : إذا كانت تنطِّسُ من الفُحْش ، أي : تَقَزَّز. قال : وقال أبو زيد : إنه لشديد التنطس ، أي : التَقزَّز. قال : وقال ابن الأعرابي : المتنطِّس والمتطرِّس : المتنوِّق المختار. قال : والنُّطس : المتَقَزِّزون.

والنطس : الأطباء الحُذَّاق. وقال الليث : النِّطاسيّ والنِّطِّيس : العالِم بالطبّ ، وهي بالروميّة النِّسْطاس ، يقال : ما أَنْطَسَه.

وقال ابن الأعرابي : النَّطس : المبالغة في الطَّهارة. والنَّدس : الفطْنة والكيس.

سنط : قال الليث : السَّناط : الكَوْسَجُ من الرجال ، وفعلُه سَنُط ، وكذلك عامة ما جاء على بناءِ فِعال ، وكذلك ما جاء على بناء المجهول ثلاثاً.

ثعلب عن ابن الأعرابي : السنُط : الخفيفو العوارِض ولم يَبلُغوا حال الكواسج.

وقال غيره : الواحد سنوط.

وأخبرني المنذريُّ عن أبي العباس عن ابن الأعرابي : رجلٌ سُناط وسِناط : لا شَعْر في وجهه قال : والسِّنْطُ المَفْصل بين الكَفِّ والساعد. وعُبيد سنوط : اسم رجل معروف.

سطن : قال الليث : الأسطُوانة معروفة.

ويقال للرجل الطويلِ الرِّجْلين والظَّهْر : أُسْطوانة قال : ونون الأسْطُوانة من أصل بناءِ الكلمة ، وهو على تقدير أُفعُوالة ؛ وبيان ذلك أنّهم يقولون : أساطِينُ مسطَّنة.

وقال الفرّاء : النون في الأسطُوانة أصليّة.

قال : ولا نظيرَ لهذه الكلمة في كلامهم.

ويقال للرجل الطويل الرجْلين ، وللدَابةِ الطويلة القوائم مُسطَّن ، وقوائِمُهُ أساطينُه.

وقال ابن دُريد : جَمَلٌ أسْطُوانة : إذا كان طويلَ العُنُق ، ومنه الأسطوانة ورَوَى ابن هانىء عن أبي مالك : الساطُن الخبيث ، ولم يَعرفه أصحابنا.

وروى ثعلبٌ عن ابن الأعرابي قال : الأَسَطان : آنية الصُّفْر.

قلت : لا أحسب الأُسطُوان مُعَرَّباً ، والفُرس تقول : أُستُون.

طسن : قال أبو حاتم : قالت العامة في جمع (طس) و (حم) : طواسين ، وحواميمُ ، والصواب ذوات (طس) وذوات (حم) وذوات (الم) وما أشبه ذلك ، وأنشد بيتَ الكُمَيت :

وجدْنا لكمْ في آل حاميم آيةً

تأوَّلها مِنَّا تقيٌّ ومُعْرِبُ

٢٣٧

س ط ف

فطس ، طفس ، سفط ، فسط : [مستعملة].

فطس : قال الليث : الفَطسُ : حبُّ الآس ، والواحدةُ فطسة. والفَطسُ : انخفاضُ قَصَبة الأنف. ويقال لخَطْم الخِنزير : فطسة. ورجلٌ أفطس وامرأةٌ فطسَاء ، وقد فَطس فَطساً.

أبو عُبيد عن الفرّاء : الفِطِّيس : المطرقةُ العظيمة. وأَخبرني المنذريُّ عن أحمد بن يحيى قال : هي الشَّفَة من الإنسان ، ومن الخُف المِشفَر ، ومن السباع الخَطْمُ والخرطوم ، ومن الخنزير الفِنْطيسة ، وهكذا رواه على فِنْعيلة والنون زائدة.

أبو عُبيد عن أبي زيد قال : فَطس يَفْطس فُطوساً : إذا مات.

وقال الليث : فَطسَ وفَقَس : إذا مات من غير داءٍ ظاهر.

طفس : شمر عن ابن الأعرابي : طفَس وفَطس : إذا مات ، فهو طافِس وفاطس.

وقال غيره : الطَّفَسُ : قذَر الإنسان إذا لم يعهد نفسه بالتنظيف ، يقال : فلان نجسٌ طفسٌ : قَذِرٌ.

فسط : قال الليث : الفسيط : غِلاف ما بين القَمِح والنَّواة وهو التُّفْروق ، والواحدة فسيطة.

أبو العباس عن ابن الأعرابي قال : الفَسيط ما يقلَّم من الظُّفُر إذا طال ، وأنشد :

كأنّ ابن مُزْنتها جانحاً

فَسيطٌ ـ لَدَى الأُفق من خنْصرِ

أراد بابن مزنتها هِلالاً أهلّ بين السحاب في الأُفق الغربيّ.

وقال الليث : الفسطاط : ضرب من الأبنية. والفسطاط أيضاً ؛ مجتمع أهل الكورة حوالَي مسجد جماعتهم. يقال : هؤلاء أهلُ الفسطاط.

وفي الحديث : «عليكم بالجماعة فإن يدَ الله على الفسطاط» يريد المدينة التي فيها مجتَمع الناس ، وكل مدينة فُسطاط ، ومنه قيل لمدينة مِصْرَ التي بناها عمرو بنُ العاص : الفُسطاط.

ورُوِي عن الشعبي أنه قال في العَبْدِ الآبِق : إذا أُخِذ في الفُسْطاط ففيه عشرةُ دراهم ، وإذا أُخِذ خارجَ الفُسطاط ففيه أربعون.

قلت : وللعَرَب لغاتٌ في الفُسطاط ، يقال : فُسْطَاط وفِسْطاط ، وفُسّاط وفِسّاط ، وفُسْتَاط وفِسْتَاط ، ويجمع فَساطيط وفساتِيط.

سفط : السَّفَط : الّذي يعبَّأ فيه الطِّيب وما أشبَهه من أدوات النساء ، ويُجمع أسفاطاً.

٢٣٨

وروي عن أبي عمرو أنه يقال : سَفَّطَ فلانٌ حوضَه تَسْفيطاً : إذا شَرّفه ولاطَه ، وأَنشَد :

حتى رأيت الحَوْضَ ذو قَدْ سُفِّطَا

قَفْراً من الماء هَواءً أَمْرَطَا

ذو بمعنى الّذي ، لغة طيء. وأراد بالهواء : الفارغَ من الماء.

ابن السكّيت عن الأصمعي : يقال : إنه لسَفِيط النّفْس ، وسخيُّ النفس ، ومَذْلُ النّفس : إذا كان هَشّاً إلى المعروف جَواداً. وأنشد :

حَزَنْبَلِ يأتيك بالْبَطِيطِ

ليس بذِي حَزْمٍ ولا سَفِيطِ

وقال الليث : السفِيط : السخيّ. وقد سَفُط سَفاطةً.

قال : والسفَط معروف.

س ط ب

سبط ، سطب ، بسط ، بطس ، طبس ، طسب : [مستعملة].

أهمل الليث : سطب ، وطبس ، وبطس.

سطب : ورَوَى أبو العبّاس عن ابن الأعرابيّ أنّه قال : المساطِب : سنادِينُ الحدّادين.

قال : والمطَاسِب : المِياه السُّدْم ، الواحدة سَدُوم.

وقال أبو زيد : هي المَسْطبة ، وهي المَجَرّة ، ويقال للدّكّان يَقعُد الناسُ عليه : مَسْطَبة ؛ سمعْتُ ذلك من العرب.

بطس : قال الفرّاء : بِطْياسُ : اسمُ موضع على بِنَاءٍ الجِرْيال والكِرْياس. قال : وكأنّه أعجَميّ.

طبس : قال الليث : التَّطبِيس : التّطبين.

قال : والطَّبَسَان : كورتان من كُوَر خُراسان.

ثعلب عن ابن الأعرابيّ قال : الطَّبْسُ : الأسوَد من كلّ شيء ، والطِّبْسُ : الذِّئب.

سبط : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) [الأعراف : ١٦٠].

أخبرني المنذريّ عن أحمدَ بن يحيى قال : قال الأخفشُ في قوله : (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً) فأنَّثَ لأنه أراد اثنتَيْ عشرةَ فِرْقةً ، ثم أخبر أن الفِرَق أسباطٌ : ولم يجعل العدد واقعاً على الأسْبَاط.

وقال أبو العباس : هذا غَلَط ، لا يخرج العَدَد على غير الثاني ، ولكن الفِرَق قبل ثِنْتَيْ عشرة حتى تكون اثنتي عشرة مؤنّثة على ما قبلها ؛ كأنه قال : قَطعناهم فِرَقاً اثنتي عشرة ، فيصحّ التأنيث لما تقدّم.

قال قُطرُب : واحدُ الأسْباط سِبْط.

يقال : هذه سِبْط ، وهذا سِبْط ، وهؤلاء سِبْط ، جَمْع ، وهي الفِرقة.

وقال الفرَّاء : لو قال اثنَيْ عشَرَ سِبْطاً لتذكير السِّبط كان جائزاً.

٢٣٩

وقال ابن السكّيت : السِّبط : ذَكر ، ولكنّ النيّة والله أعلم ذهبتْ إلى الأُمَم.

وقال الزّجاج : المعنى : (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) فِرْقةَ أَسْباطاً من نعتِ فِرْقة ، كأَنه قال : جعلناهم أسباطاً ، فيكون أَسْباطاً بدلاً من (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ) ، وهو الوجه.

وقوله : (أُمَماً) من نعت أَسْباطاً.

وأخبرني المنذريّ عن أبي العباس أنه قال : الأسباطُ : القبائلُ.

قال : والحَسن والحُسين سِبْطا النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، أي : هما طائفتان منه ؛ قطعتان منه.

وقال الزَّجّاج : قال بعضهم : السِّبْطُ : القَرْن الذي يجيء بعد قَرْن.

قال : والصحيح أنّ الأسباط في ولد إسحاق عليه‌السلام بمنزلة القبائل في ولدِ إسماعيل.

فولد كلِّ ولد من أولاد يعقوبَ سِبْط ، وولدُ كلِّ ولدٍ من أولاد إسماعيل قبيلة ، وإنما سُمُّوا هؤلاء بالأسباط ، وهؤلاء بالقبائل ليُفْصل بين ولد إسماعيلَ وولد إسحاق عليهما‌السلام.

قال : ومعنى : ولد إسماعيل في القبيلة معنى الجماعة.

يقال لكلِّ جماعة من أبٍ واحد : قبيلة.

قال : وأما الأسباط فمشتقٌّ من السَّبَط ، والسَّبَطُ : ضَربٌ من الشجر ترعاه الإبل.

يُقال : الشجرةُ لها قبائل ، وكذلك الأسباط من السَّبَط ، كأَنّه جعل إسحاق بمنزلة شجرة ، وجعل إسماعيل بمنزلة شجرةٍ أخرى.

وكذلك يفعل النَّسَّابون في النسب ، يجعلون الولد بمنزلة الشجرة ، والأولادَ بمنزلة أغصانها.

فيقال : طوبَى لفَرْع فلان ، وفلانٌ من شجرة مباركة ، فهذا والله أعلم معنى الأسباط والسِّبْط.

وقال الليث : السّبَط : نباتٌ كالثِّيل ، إلّا أنه يطول وينبُت في الرِّمال ، الواحدة سَبَطة وتُجْمع على الأسباط.

قال : والساباط : سَقيفةٌ بين دارَيْن من تحتها طريقٌ نافذ.

والسّبِطُ : الشَّعرُ الذي لا جُعُودَةَ فيه.

ولغةُ أهلِ الحجاز : رجلٌ سَبِط الشَّعرِ ، وامرأةٌ سَبِطة ، وقد سَبُط شعرُه سُبُوطةً.

ويقال للرّجل الطويل الأصابع : إنه لسَبْط الأصابع ، وإذا كان سَمْحَ الكفّين.

قيل : إنه لسَبْط اليَدَين والكفّين ، وقال حسان :

رُبَّ خالٍ لِيَ لَوْ أَبْصَرْتَهُ

سَبِطِ الكَفَّيْن في اليَوْمِ الخَصِرْ

وقال أبو زيد : يقال : رجلٌ سَبِط الجِسم بيّن السَّباطة ، وهو طُولُ الأَلْوَاح

٢٤٠