تهذيب اللغة - ج ١٠

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٠

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٥

كزب : قال : والمَكْزُوبَةُ من الجواري : الخِلاسِيَّةُ في لونها.

قال : والكَزَبُ : صِغَرُ مُشطِ الرِّجلِ وتقبُّضُهُ وهو عيبٌ.

قال الليث : الكُزْبُ : لغةٌ في الكُسْبِ ، كالكزْبَرَةِ والكسبُرَةِ.

ك ز م

كزم ، كمز ، زكم ، زمك : مستعملة.

كزم : قال الليث : الكَزَمُ : قِصَرٌ في الأنفِ قبيحٌ ، وقِصرٌ في الأصابع شديدٌ ، تقول : أَنفٌ أَكْزَمُ ، ويدٌ كَزْماءُ ، والكَزُومُ مِن النِّيبِ : التي لم يبقَ في فمها سنٌّ مِن الهَرَم ، نعتٌ لها خاصةً دون البعير.

وقال : يقال : مَن يشتري ناقةً كَزُوماً؟.

(أبو عبيد عن الأصمعي): الكَزُومُ : الهَرِمةُ مِن النَّوقِ.

ويقال : كَزَمَ فُلَانٌ يكْزِمُ كَزْماً إذا ضمَّ فاهُ وسكتَ ، فإنْ ضم فاهُ عنِ الطعام قيل : أَزَمَ يأْزِمُ.

ووصف عونُ بن عبد الله رجلاً فقال : إِنْ أُفيض في الخير كَزَمَ.

ويقال : كزَمَ الشيءَ الصُّلْبَ كَزْماً إذا عضَّه عضّاً شديداً.

والعَرَبُ تقول للرَّجُل البخيل : أَكْزَمُ اليد.

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنهُ كانَ يتعوَّذ مِن الكَزَم والقَزَم ، والكَزمُ : شدَّةُ الأكل ، مِن قولك : كَزَمَ فلانٌ الشيءَ بِفِيهِ كَزْماً إذا كسرهُ ، والاسمُ : الكَزَمُ.

وقيل : الكَزَمُ : البخلُ يقال : هو أكْزَمُ البَنَانِ : قصيرها.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الكَزَمُ : أَنْ يريدَ الرَّجلُ المعْرُوفَ والصدقَةَ فلا يقدرُ على دينارٍ ولا دِرهم.

قال صخر الهذلي :

بها يَدَعُ القُرُّ البَنَانَ مُكَزَّماً

وَكانَ أَسِيلاً قَبْلَهَا لَم يُكَزَّمِ

مُكَزَّمٌ : مُقَفَّعٌ ، ورجُلٌ أَكْزَمُ الأنْفِ : قصيرُه.

وفي «النوادر» : أكْزَمْتُ عن الطعام ، وأَقْهمتُ وأَزْهمتُ إِذا أَكْثرَ منه حتى لا يشتهي أن يعودَ فيه ، ورجل كَزْمانُ وزَهمان وفَهْمَانُ ودَقْيَانُ.

زكم : (أبو عبيد عن أبي زيد) : رجُلٌ مَزكُومٌ ، وقدْ أَزكَمهُ اللهُ ونحو ذلك قال الأصمعي : وقال : لا يقالُ : أَنْتَ أَزْكَمُ منه ، وكذلك كل ما جاء على فُعِلَ فهو مفعولٌ ، لا يقالُ : ما أَزْهاك ، وأما أَجَنَّكَ ، وما أَزْكَمَكَ.

(اللحياني): زَكَم بنُطفته : رَمَى بها ، وفلان ألأمُ زُكْمَةٍ.

وقال ابنُ الأعرابي : زَكَمَتْ بِهِ أمُّه إذا ولدته سُرُحاً.

٦١

(قلت): الزُّكام : مأخوذٌ مِن الزَّكْم والزَّكْبِ وهو الملءُ.

يقال : زُكِمَ فلانٌ ومُلِئَ بمعنىً واحدٍ.

زمك : (الحرَّاني عن ابن السِّكيت): الزِّمِكي والزِّمَّجي مقصوران : أَصلُ ذَنبِ الطائر.

وقال الليث : يسمى الذَّنَبُ نفسُهُ إِذا قصَّ : زِمِكّى.

وقال ابن الأعرابي : زحمت القِرْبةَ ، وزَمَكْتُها إِذا مَلأَتَهَا.

(قلت) : ومنه يقالُ : ازْمَأَكَ فلانٌ يَزْمِئكُ إِذا اشتدَّ غضبه.

وقال ابن الأعرابي : زَمكْتُ فلاناً على فلانٍ وزَمَجْته إِذا حَرَّشْتَه حتى اشتدَّ عليه غضبُه.

كمز : قال الليث : الكُمْزَةُ والجُمْزةُ : الكُتْلُة مِن التَّمْرِ وغيره.

ويقالُ للكُثْبة مِن الرمْل والتُّرَاب : كُمْزةٌ وقُمزَةٌ ، وجمعها : كُمَزٌ ، وقُمَزٌ.

وقال أَبو تُراب قال عرام : هذه قُمْزةٌ مِن تمرٍ وكُمْزَةٌ وهي الفِدْرَةُ كجُثْمانِ القَطَا أَو أكثر قليلا ، والجميعُ : كُمَزٌ وقُمزٌ.

ويقال : فلانٌ مِن قَمَزِ الناس ، ومِن قَزَمهمْ ، أَيْ مِنْ رُذَالهمْ.

(أبواب) الكاف والطاء

ك ط د ـ ك ط ت ـ ك ط ظ ـ ك ط ذ ـ ك ط ث : أُهْملت وجوهها.

ك ط ل

استعمل من وجوهها : كلط : (أبو عبيد عن أبي عمرو): الكَلَطَة.

واللَّبَطَةُ : عدْوُ الأقْزَلِ ، والقَزَلُ : سوءُ العَرَج.

(أبو العباس عن ابن الأعرابي): الكُلُطُ : الرِّجال المتَقَلِّبُونَ فرحاً ومرحاً.

ورُوي عن جرير : أنَّهُ كانَ لهُ ابنٌ يقالُ له كَلَطَةُ ، وابنٌ آخَرُ يقال له : لَبَطَةُ وثالثٌ : اسمه خَبَطَة.

ك ط ن

نطك : أنْطَاكِيةُ : اسم مدينةٍ ، أُراها رُومِيَّةً ، والنِّسبةُ إليها : أَنطاكِيٌ.

قال امرؤ القيس :

عَلوْنَ بأَنطاكِيَّةٍ فوْقَ عِقْمَةٍ

ك ط ف ـ ك ط ب ـ ك ط م

أهملت وجوهها.

(أبواب) الكاف والدال (١)

ك د ت

استعملَ من وجُوهها.

__________________

(١) في إحدى نسخ «التهذيب» : «أبواب الكاف والدال مهملان مع : التاء ، والظاء ، والذال ، والثاء ، غير الكتد».

٦٢

كتد : (أبو عبيد عن الأصمعي): الكَتَدُ : ما بين الكاهلِ إلى الظهر ، والثَّبَجُ : مثله.

وقال شمرٌ : الكَتَدُ : مِن أَصل العُنُق إِلى أَسفلِ الكتفَيْنِ ، وهو يجمعُ الكاثِبَة والثَّبج والكاهل ، كلُّ هذا كَتَدٌ.

وقالوا في بيت ذي الرمة : وإذ هُنَ أكتاد ...

أكتاد : أشباه ، لا اختلاف بينهم ، يقال : مرّ بجماعة أكتاد.

وفي «نوادر الأعراب» : خَرَج القومُ علينا أَكتاداً ، وأَكداداً ، وأفلالاً أي فرقاً وأرسالاً.

ويقال : مررتُ بجماعةٍ أَكتادٍ ، ويقالُ : هم أَكْتادٌ أيْ أَشباهٌ لا اختلاف بينهم.

ومنه قول ذي الرُّمة :

وإِذ هُنَ أكتادٌ بِحَوْضَى كأَنما

زها الآلُ عَيْدانَ النخيل البواسقِ

ك د ث

ثكد : ثُكُدٌ : اسمُ ماء ، قال الأخطل :

حلّت ضُبَيْرةُ أَمواهَ العِداد وقد

كانت تحلُّ وأَدنى دَارِها ثُكُدُ) (١)

ك د ر

كرد ـ كدر ـ دكر ـ درك ـ ركد ـ ردك : [مستعملة].

كدر : قال الليث : الكَدَرُ : نقيض الصَّفاء ، يقال : عيشٌ أَكُدَرُ كَدِرٌ ، وماءٌ أَكُدَرُ كَدِرٌ.

قال : والكدْرَةُ في اللّون خاصةً ، والكدُورَةُ في العيش والماء.

(الأصمعي) : يقال : كَدِرَ الماءُ وكَدُرَ ، ولا يقال : كَدَرَ إلا في الصَّبِّ ، يقال كَدَرَ الشيء يَكْدُرُهُ كَدْراً إذا صبَّه.

قال العجاج يصف جيشاً :

فإن أصاب كدراً مدّ الكدر

سنابك الخيل يصد عن الأير

والكدر جمع الكدرة ، وهي المدرة التي يثيرها السن ، وهي هاهنا ما تثير سنابك الخيل.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : يقال : خذ ما صَفَا ودَعْ ما كَدِرَ وكَدُرَ وكَدَرَ ، ثلاث لغات.

(الليث): الكَدَرَة : القُلَاعة الضخمة من مَدَر الأرض المُثارة ، ونحو ذلك قال ابن شميل في كتاب «الزرع».

وقال ابن السكيت : القَطَا : ضربان ، فضربٌ جُونِيةٌ ، ضربٌ منها الغَطَاطُ ، فالجونيُّ والكُدْرِيُ : ما كان أَكدَرَ الظهر أسودَ باطنِ الجناح مُصفرَّ الحَلقِ قصيرَ

__________________

(١) ما بين الهلالين أثبت في المطبوعة ـ (١٠ / ١٧٥) ـ ضمن باب الكاف والثاء وأثبتناه هنا وفقاً لمنهاج الأزهري في ترتيب الحروف.

٦٣

الرِّجلين في ذَنَبِه ريشتان أطول من سائر الذَّنَبِ.

(أبو عبيد عن الفراء): انْكَدَرَ يَعْدُو ، وعَبَّدَ يَعْدُو إذا أسرع بعض الإسراع.

وقال الليث : انْكَدَرَ عليهم القوم إذا جاءُوا أرسالاً حتى انصبُّوا عليهم.

(الأصمعي) : حِمارٌ كُدُرٌّ وهو الغليظ.

وأنشد :

نجَاءَ كُدُرٍّ مِنْ حَمِير أَتِيدَةٍ

بفائِلهِ والصَّفحتين نُدُوبْ

ويقال : أتانٌ كُدُرَّةٌ.

وقال أبو عمرو. يقال للرَّجل الحادِر القويِّ المُكتنز : كُدُرٌّ. وأنشد :

خُوصٌ يَدَعْنَ العَزَبَ الكُدُرَّا

لا يَبْرَحُ المنزلَ إلَّا جَرَّا

ونُطْفة كَدْرَاءُ : حديثة العهد بالسماء.

(أبو عبيد عن الأموي) : فإن أُخِذ لبنٌ حليبٌ فأُنقِع فيه تمرٌ بَرْنيٌّ فهو كُدَيْرَاءُ.

وقال أبو ترابٍ قال شُجاعٌ : غلامٌ قُدُرٌّ وكُدُرٌّ وهو التامُّ دون المُحتَلِم.

وقال شَبَابَةُ نحوه وأنشد الرجز الذي قدمتُه.

كرد : قال الليث : الكَرْدُ : سَوْقُ العَدُوِّ في الحملة ، وهو يَكْرُدُهُمْ كَرْداً.

وقال الأصمعي : كَرَدَهُمْ كَرْداً ، وكَدَشَهُمْ كَدْشاً إذا طردهم.

وقال الليث : الكَرْدُ : لُغةٌ في القَرْدَ ، وهو مَجْثَمُ الرأس على العُنق.

وأنشد :

فطارَ بمشحُوذِ الحديدةِ صارم

فطبَّق ما بين الذُّؤَابةِ والكَرْدِ

والكُرْدُ : جيلٌ معروفون.

وقال الشاعر :

لعمركَ ما كُرْدٌ مِنَ ابناء فارسٍ

ولكنه كُرْدُ بنُ عمرو بنِ عامرِ

فنسبهم إلى اليمن وجعلهم إخوة الأنصار.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الكِرْدِيدَةُ : الفِدْرَة من التمر.

وأنشد :

أفلحَ مَن كانت له كِرْدِيدَهْ

يأكلُ منها وهْوَ ثانٍ جِيدَهْ

وأنشد أبو الهيثم :

قد أَصْلَحَتْ قِدْراً لها بأُطْرَهْ

وأبلغَتْ كِردِيْدَةً وقِدْرَه

والكُرْدَةُ : المَشَارَةُ من المزارع وتُجمعُ كُرْداً.

دكر : قال أحمد بن يحيى أبو العباس : الدِّكَرُ بتشديد الدال جمع دِكْرَةٍ أُدغمت لام المعرفة في الدال فجعلتا دالاً مشددة ، فإذا قلت : ذِكْرٌ بغير الألف ولام التعريف قلت : بالذال ، وقد جمعُوا الدِّكَرَ : الدِّكَرات بالدال أيضاً.

٦٤

وأما قول الله جلّ وعزَّ : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) [القمر : ١٧] فإن الفراء قال : حدثني الكسائي عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود قال : قلت لعبد الله : (فهل من مذَّكرٍ) أو (مُدَّكِرٍ) ، فقال : أقرأني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم (مُدَّكِرٍ) بالدال.

وقال الفراء : (مُدَّكرٍ) في الأصل مُذْتَكر على مُفتعل فصيِّرت الذال وتاء الافتعال دالاً مشددة.

قال : وبعض بني أسد يقولون : مُذّكر فيقلبون الدال فتصير ذالاً مشددة.

وقال الليث : الدِّكْرُ ليس من كلام العرب ، وربيعةُ تَغْلَطُ في الذِّكْرِ فتقول : دِكْرٌ.

درك : (شمر): الدَّرْكُ : أسفل كل شيء ذي عمق كالرَّكيَّة ونحوها.

قال : وقال أبو عدنان ، يقال : أدْرَكوا ماء الرّكيَّة إِدراكاً ودَرَكاً ، ودَرَكُ الرّكيَّة : قعرُها الذي أُدرِكَ فيه الماء.

وقال الليث : الدَّرَكُ : أقصى قَعْرِ الشيء كالبحر ونحوه ، والدّرَكُ : واحدٌ من أدراكِ جهنم من السبع ، والدَّرْكُ : لغة في الدَّرَكِ.

(سلمة عن الفراء) في قول الله جلّ وعزّ : (إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ) [النساء : ١٤٥] يقال : أسفل درَجِ النار.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الدَّرَكُ : الطبقُ من أطباق جهنم.

ورُوِي عن ابن مسعود أنه قال : الدَّرَكُ الأسفل : توابيت من حديد تُصَفَّدُ عليهم في أسفل النار.

وقال الفراء : الدَّرَكُ ، والدَّرْكُ : لغتان ، وجمعُه : أدْراكَ.

وسمعت بعض العرب يقول للحبلِ الذي يعلَّقُ في حلْقةِ الَّتصديرِ فيشدُّ به القَتَبُ : الدَّرَكَ والتَّبْلِغَةَ.

ويقال للحبلِ الذي يُشَدُّ به العَرَاقِي ثمَّ يشدُّ الرِّشاءُ فيه ، وهو مَتْنِيٌّ : الدَّرَكُ.

وقال أبو عبيد قال الأصمعيّ : الدَّرَكُ : حبلٌ يُوَثِّقُ في طرفِ الحبلِ الكبير ليكونَ هو الذي يلي الماءَ فلا يَعْفَنُ طرفُ الرِّشاءِ.

(قلتُ) : ودَرَكُ رِشاءِ السانيةِ : الذي يُشَدُّ في قَتَبِ السَّانِيَةِ ثم يشدُّ إليه طرفُ الرِّشاءِ ويَمُدُّهُ بَعِيرُ السانية.

وقال الليث : الدَّرَكُ : إِدراكُ الحاجةِ ومطلبِهِ ، يقال : بَكِّرْ ففيه دَرَكٌ.

قال : والدَّرَكُ : اللَّحَقُ من التَّبِعَةِ. ومنه ضمانُ الدَّرَكِ في عُهدةِ البيع.

قال : والدَّرَكَةُ حَلْقَةُ الوترِ التي تقعُ في الفُرْضَةِ.

وقول الله جلّ وعزّ : (قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ (٦٥) بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ)

٦٥

[النمل : ٦٥ ، ٦٦] قرأ شيبةُ ونافعٌ (بَلِ ادَّارَكَ) وقرأ أبو عمرو ، وهي قراءةُ مجاهدٍ ، وأبي جعفر المدني «بَلْ أدْرَكَ».

ورُوِيَ عن ابن عباس أنه قرأ (بلى أأدرك علمهم) يستفهمُ ولا يشدِّدُ ، فأما قراءةُ من قرأ «بَلِ ادَّارَكَ» فإِن الفرّاء قال معناه : لُغةً تداركَ أي تتابعَ علمهم في الآخرة يُريد بعلم الآخرة : تكونُ أو لا تكونُ ، ولذلك قال : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) [النمل : ٦٦].

قال وهي في قراءة أُبيٍّ «أمْ تَدَارَكَ».

والعرب تجعل بلْ مكان أمْ ، وأمْ مكان بل إذا كان في أوَّلِ الكلمةِ استفهام مثل قول الشاعر :

فو اللهِ ما أدري أسَلْمَى تَغَوَّلَتْ

أمِ النّوْمُ أَمْ كلٌّ إليَّ حبيبُ

معنى أَمْ بَلْ.

وقال أبو معاذ النحويُّ من قرأ «بَلْ أَدْرَكَ» ومن قرأ «بَلِ ادَّارَكَ» فمعناهما واحد ، يقول : هم علماءُ في الآخرة كقول الله جلّ وعزّ : (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا) [مريم : ٣٨]. ونحو ذلك.

قال السُّدِّي في تفسيره قال اجتمع علمهم يوم القيامة فلم يشكّوا ولم يختلفوا.

ورَوَى ابن الفرجِ عن أبي سعيدٍ الضَّرِيرِ أنه قال أما أنا فأقرأ «بلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ في الآخرةِ» ، ومعناه عنده أنهم علموا في الآخرة أن الذي كانوا يوعدونَ حقٌّ.

وأنشد الأخطل :

وأَدْرك عِلمي في سُوَاءَةَ أنها

تُقيمُ على الأوْتار والمَشْربِ الكَدْرِ

أي أحاط علمي أنها كذلك.

قال : والقولُ في تفسير أَدْرَكَ وادَّارَكَ ، ومعنى الآية ما قاله السُّدِّي ، وذهب إليه أبو معاذ النحويُّ وأبو سعيد الضريرُ ، والذي ذهب إليه الفرَّاء في معنى تدارك أي تتابع علمهم بالحَدْسِ والظّنِّ في الآخرةِ أنها تكون أو لا تكونُ ليس بالبَيِّن ، إنما معناه أن عِلمهم في الآخرةِ تواطأَ وحَقَّ حين حقّتِ القيامة وحُشِرُوا وبان لهم صدقُ ما وُعِدُوا به حين لا ينفعهم ذلك العلم ثم قال جلّ وعزّ : (بَلْ هُمْ فِي شَكٍ) من أمر الآخرة (بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ) أي جاهلون.

والشّكُّ في أمر الآخرة : كفرٌ.

وقال شمر في قوله : (بَلْ أَدْرَكَ عِلْمُهُمْ في الآخرةِ) هذه الكلمةُ فيها أشياءُ ، وذلك أنّا وجَدْنا الفعل اللازم والمتعدِّي فيها في أفعل وتفاعَل وافتعل واحداً ، وذلك أنك تقول : أَدْرَكَ الشيءُ وأدركته ، وتداركَ القومُ وادّارَكُوا وادّرَكُوا إِذا أدْرَكَ بعضهم بعضاً.

ويقال : تداركته وادّارَكْتُهُ وادّرَكْتُهُ. وأنشد :

... مَجُّ النّدَى المُتَدَارِكِ

٦٦

فهذا لازم. وقال زهير :

تداركْتُما عبْساً وذُبْيَانَ بعدما

تفانَوْا ودَقُّوا بينهم عِطْرَ مَنْشِمِ

وهذا واقعٌ. وقال الطِّرِمّاح : فلمّا ادّرَكْنَاهُنّ أَبْدَيْنِ للهوى وهذا مُتَعَدٍّ.

وقال الله في اللازم : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ) [النمل : ٦٦].

وقال شمر : سمعت عبد الصمد يحدِّثُ عن الثّوْرِيِّ في قوله : (بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ) [النمل : ٦٥].

وقال مجاهدٌ : أمْ تواطأَ علمهم في الآخرة.

(قلتُ) : وهذا يُوَاطِئُ قول السُّدِّيِّ لأنّ معنى تَواطأَ : تَحقَّق وتتابع بالحق حين لا ينفعهم ، لا على أَنه تواطأ بالحَدْسِ ، كما توهمه الفرّاء والله أعلم.

قال شمر : ورُويِ لنا حرفٌ عن ابن المُظَفَّرِ ، ولم أسمعه لغيره ، ذكَرَ أنهُ يقال : أَدْرَكَ الشيءُ إِذا فَنِيَ ، وإن صحّ فهو في التأويل : فَنِي علمهم في معرفة الآخرة.

(قلت) : وهذا غير صحيحٍ ولا محفوظٍ عَنِ العرب ، وما علمت أحداً. قال : أدركَ الشيءُ إذا فنيَ ولا يُعَرَّجُ على هذا القول ، ولكن يقال : أَدركَتِ الثِّمارُ إِذا انتهى نضجها.

(قلت) : وأَما ما روي عن ابن عباس أنه قرأَ (بلى أأَدْرَك عِلمهمْ في الآخرة) فإِنه ـ إن صَحَّ ـ اسْتِفهَاٌم بمعنى الرَّدِّ ومعناهُ ما أَدْرَكَ علمهم في الآخرة ونحو ذلك : روى شُعْبةُ عن أبي حمزة عن ابن عباسٍ في تفسيره.

ومنه قول الله جلّ وعَزَّ : (أَمْ لَهُ الْبَناتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩)) [الطور : ٣٩] لفْظُهُ لفظُ الاستفهام ومعناه رَدٌّ وتكذيبٌ.

وقول الله سبحانه (لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى) [طه : ٧٧] أي لا تخاف أن يدركك فرعون ولا تخشاه ، ومن قرأ لا تخف فمعناه لا تخف أن يدركك ولا تخش الغرق ، والدرَك اسم من الإدراك مثل اللحَق.

وقال الليث : المتداركُ من القوافي والحروف المتحركةِ : ما اتفقَ مُتحرِّكانِ بعدهما سَاكنٌ مِثلُ (فَعُو) وأَشباه ذلك ، والعربُ تقول : غِلمانٌ مَدَاريكُ أَي بالغُونَ ، جمعٌ مُدْركٍ.

ردك : أهمله الليث ، وقد جاء فيه شيءٌ مستعملٌ.

قال أبو الحسن اللحياني : يقال : خَلْقٌ مَرَوْدَكٌ أَي حَسنٌ ، وجاريةٌ مَرَوْدَكةٌ : حَسْنَاءُ.

(قلت) : ومَرَوْدكٌ إن جُعلتِ الميمُ فيه أَصلِيّةً فهو بِناءٌ على (فَعَوْلكٍ) وإن كانت

٦٧

الميمُ غير أَصلِيَّةٍ فإِني لا أَعرفُ له في كلام العرَبِ نظيراً ، وقد جاءَ مَرْدكٌ في الأسماءِ ، ولا أَدْري أَعَرَبيٌّ هو أَمْ عَجَمِيٌّ.

ركد : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَنه نَهى أَنْ يُبالَ في الماء الرَّاكِدِ ثم يُتوضَّأَ منه».

قال أبو عبيد وغيره : الرَّاكد هو الدائم السَّاكِنُ الذي لا يجري.

يقال : رَكَدَ الماءُ رُكُوداً إذا سكَنَ.

(الليث): رَكَدَتِ الرِّيحُ إِذا سَكنَتْ ، فهي رَاكِدَةٌ.

قال : ورَكَدَ الميزانُ إِذا استوى. وقال الشاعر :

وقَوَّمَ الميزانَ حينَ يَرْكُدُ

هذا سَميرِيٌّ وذا مُولّدُ

قال : هما درهمان : قال : ورَكدَ القومُ رُكوداً إِذا سَكَنوا وهَدأوا ، وقال الطرماح :

لهَا كلَّمَا رِيعَتْ صَدَاةٌ ورَكْدَةٌ

بِمُصْدانَ أَعْلى ابنيْ شَمام البَوائن

والجَفْنةُ الرَّكودُ : الثقيلةُ المملوءة ، وقال الراجز :

المُطْعِمينَ الجفْنَةَ الرَّكُودَا

ومَنَعوا الرَّيعانَة الرَّفُودَا

يَعني بالرَّيْعانَةِ الرّفُودِ : نَاقَةً فَتِيَّةً ترفدُ أَهلَهَا بكثرةِ لَبنِهَا.

ك د ل

كلد ، كدل ، لكد ، لدك ، دكل ، دلك : مستعملة.

كدل : أما كدل فإِنَّ الليث أهمله ، ووجدْتُ أَنَا فيه بَيتاً لِتَأَبَّطَ شَرّاً :

أَلَا أَبْلِغَا سعدَ بنَ لَيْثٍ وجُنْدُعاً

وكَلْباً أَثيبُوا المَنَّ غيرَ المُكَدَّلِ

وقيل في تفسير المكدَّلِ أنه بمعنى المكَدَّرِ ، والقصيدة لامِيةٌ.

لدك : وأما لدك فإن الليث : زَعم أَن اللَّدَكَ : لزوقُ الشيءِ بالشيء.

(قلت) : فإِن صَحّ ما قالهُ فالأصْلُ فيه : لَكِدَ أَي لصِقَ ، ثم قيل : لَدِكَ لَدَكاً ، كما قالوا : جَذَبَ وجَبَذَ.

دلك : قال الليث يقال : دلكْتُ السُّنُبلَ حتى انفرَك قشرُه عن حَبِّهِ.

قال : والدّلِيكُ : طعامٌ يُتَّخذُ من الزُّبْدِ والبُرِّ شِبْهُ الثَّريدِ.

وقال الله جل وعز : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) [الإسراء : ٧٨].

وقال الفراءُ : جاءَ عن ابن عباس في دُلُوكِ الشمسِ أنَّه زوالُهَا للظُّهرِ.

قال : ورأَيتُ العرب يَذهبُونَ بالدُّلُوكِ إلى غِيابِ الشمس ، أَنشدني بعضهم :

هذا مَقُامُ قَدميْ رَبَاحِ

ذَبّبَ حتى دَلَكتْ بَرَاحِ

٦٨

يَعني الشمس.

(قلت) : وقد روينا عن ابن مسعودٍ أَنه قال : دُلُوكُ الشمس : غروبُها.

وروى ابن هانئٍ عن الأخفش أنهُ قال : دُلُوكُ الشَّمس : مِن زوالها إلى غروبها.

وقال أَبو إسحاق : دُلُوكُ الشمْس : زَوالُهَا في وقتِ الظُّهرِ وكذلك مَيْلُهَا للغروبِ هو دلُوكها أَيضاً.

يقال : قد دلكت بَرَاحِ وبِرَاحٍ أي قد مالت للزوال حتى صار الناظر يحتاجُ إِذا تبصَّرها أن يكسِر الشعاعَ عن بصرهِ براحَتهِ.

وأخبرني المنذريُّ عن ثعلب عن ابنِ الأعرابي في قوله : دَلكَتْ بَرَاح أي اسْتريح منها.

(قلت) : والذي هو أَشْبَهُ بالحقِّ في قول الله جل وعز : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ...) الآية أَنَ دُلُوكَها : زَوَالُهَا نصفَ النَّهَارِ حتى تكون الآيةُ مُنْتَظمةً للصَّلوات الخمسِ ، المعنى ، والله أَعْلم : (أَقِمِ الصَّلاةَ) يا محمَّدُ أي أدِمها في وقت زَوَال (الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ) ، فيدْخُل فيها صلَاتَا العَشيِّ ، وهما الظُّهْرُ والعَصْرُ ، وصلاتَا العِشَاء في غَسَقِ اللَّيْل فهذه أربعُ صَلوَاتٍ ، والخامسةُ قوله جلّ وعزّ : (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ) [الإسراء : ٧٨] ، أَيْ وأَقِمْ صلَاةَ الفَجْر فَهَذِه خَمْسُ صُلواتٍ فُرضتْ على مُحمَّدٍ صلى‌الله‌عليه‌وسلم وأُمَّتِهِ. وإذا جعلْتَ الدُّلُوكَ غروبَ الشَّمْسِ كانَ الأمْرُ في هذه الآيةِ مَقْصُوراً على ثلاثِ صَلَوَاتٍ.

فإنْ قِيلَ فما مَعْنى الدُّلُوكِ في كلامِ العَرَبِ؟.

قيل : الدُّلوكُ : الزَّوَالُ ، ولذلك قيل لِلشَّمْسِ إِذا زَالَتْ نصفَ النَّهارِ : دَالِكَةٌ ، وقيل لها إذا أَفَلَتْ : دَالِكَةٌ لأنَّها في الحَالتَيْن زَائِلةٌ.

وفي «نوادر الأعراب» : دَمَكَتِ الشمسُ ، ودَلَكَت ، وعلَتْ ، واعْتَلَتْ ، كلُّ هذا : ارْتفاعُهَا ، وسُمِّيَ ارْتِفَاعُها دُلُوكاً لِزَوَالها عن مطْلَعها ، وقيل له : دُمُوكٌ لِدَوَرَانِها.

وفي حديث عمر أنَّه كَتَبَ إلى خالد بن الوليد أنّهُ بَلغني أنهُ أُعِدَّ لك دَلُوكٌ عُجنَ بالخمر ، وإنِّي أَظُنُّكُمْ آلَ المُغِيرة ذَرْوَ النَّارِ ، والدَّلُوكُ : اسمُ الدّواءِ أو الشَّيْء الذي يُتَدَلَّكُ به كالسَّحُورِ لما يُتَسَحّرُ بِهِ ، والفَطُورِ لما يُفْطَرُ عليه ، وسُئلَ الحسنُ عن الرَّجُل يُدَالِكُ أَهْلَهُ فقالَ : نعمْ إِذا كانَ مُلْفَجاً.

قال أبو عبيد قوله : يُدَالكُ يَعْني المَطْلَ بالمهْرِ ، وكلُّ مُماطِلٍ فهو مُدَالِكٌ.

وقال شمرٌ قال الفَرّاءُ : المدَالِكُ : الذي لا يرفَعُ نَفْسَهُ عن دَنِيَّةٍ وهو مُدْلِكٌ وهم يُفَسِّرونَه المَطُولَ. وأنشد :

٦٩

فلا تَعْجَلْ عَلَيَّ ولَا تَبُصْنِي

وَدَالِكْني فإِنِّي ذو دِلَاكِ

وقال بعضهم : المُدَالكةُ : المصابَرَةُ ، وقال بعضهم : المدالكَةُ ، الإِلحاحُ في التَّقاضي ، وكذلك : المُعارَكةُ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الدُّلُكُ : عُقلاءُ الرِّجال ، وهمُ الحُنُكُ ، ورجلٌ دَليكٌ حَنِيكٌ ، قد مارَسَ الأمورَ وعرَفَها ، وبَعِيرٌ مَدْلوكٌ إِذا عاوَدَ الأسْفارَ ومرنَ عليها ، وقدْ دَلَكَتْهُ الأسفارُ. وقال الرَّاجزُ :

علِّ عَلَاوَاكَ على مَدْلوكِ

على رَجِيعِ سَفَرٍ مَنْهوكِ

ويقال : فَرَسٌ مَدْلوكُ الحرْقَفَةِ إِذا كانَ مُسْتَوِياً.

كلد : قال الليث : أبو كَلَدَةَ مِن كُنَى الضَّبع ويقال : ذِيخٌ كالِدٌ أي قديمٌ ، والكَلَدَةُ : الأرْضُ الصُّلْبَةُ.

والعربُ تقولُ : ضَبُ كَلَدَةٍ لأنها لا تحفر جُحْرها إلا في الأرْضِ الصُّلبَةِ.

دكل : (أبو عبيد عن أبي عمرو): الدَّكَلةَ : القوْمُ الذين لا يُجيبون السُّلطانَ من عزِّهم.

يقال : هُمْ يَتَدَكَّلون على السلطَان.

(أبو زيد): تَدَكَّلْتُ عليهِ تَدَكُّلاً أي تدَلَّلتُ ، وأنشد :

عليَّ بالدّهْنَا تَدَكَّلِينَا

وقال ابن أَحْمرَ :

أَقولُ لِكَنَّازٍ تَدَكَّلْ فإِنّهُ

أُباً لا أَظُنُّ الضأْنَ منه نواجِيَا

ويروى توكَّلْ ومعناهُما واحد ، وأنشد غيره :

عليٌّ له فَضْلانِ فَضْلُ قَرَابةٍ

وفَضلٌ بِنَصْل السيْف والسُّمُر الدُّكْل

قال أبو العباس : الدُّكْلُ والدُّكْنُ : الرِّماحُ التي فيها دُكْنَةٌ.

لكد : قال الليث : الألْكَد : اللئيمُ المُلصَق بقومه. وأنشد :

يُناسبُ أَقواماً لِيُحْسَبَ فيهمُ

ويَتركُ أَصلاً كانَ من جِذْمِ أَلْكَدَا

وإِذا أَكلَ الإنسانُ شيئاً لزجاً فلزِجَ بشفتِهِ.

قيل : لَكِدَ بِفيهِ أَي لصِقَ.

وقال الأصمعيُّ : تَلَكَّدَ فلانٌ فلاناً إذا اعْتنَقهُ تَلَكُّداً.

ويقال : بَاتَ فلانٌ يُلَاكِدُ الغُلَّ ليلته أَي يُعانيهِ ويعالجه.

وقال أسامَةُ الهذليُّ يصفُ رَامِياً :

فمدَّ ذِرَاعيهِ وَأَجْنَأَ صُلبَهُ

وفَرَّجَها عَطْفَى مُمِرٌّ ملاكِدُ

ويقال : لَكِدَ الوَسَخُ بيدهِ ، ولَكِدَ شَعرهُ إِذا تَلَبَّدَ ، ورجلٌ لَكِدٌ نَكِدٌ إِذا كان لَحِزاً.

قال صَخْرُ الغَيِّ :

٧٠

والله لو أَسْمَمَتْ مَقَالتَهَا

شَيْخاً من الزُّبِّ رَأسُهُ لَبِدُ

لفاتَح البَيْعَ يَومَ رُؤيتهَا

وَكانَ قَبْلُ ابتِياعُهُ لَكِدُ

ويقال : رأيتُ فلاناً مُلاكِداً فلاناً أي مُلازماً.

ك د ن

كدن ، كند ، نكد ، دكن ، دنك : مستعملة : دنك : أما دنك فلم أجد فيه غير الدَّوْنَك ، وهو موضع ذكره ابن مقبل :

يَكادَانِ بين الدَّوْنَكَيْنِ وأَلْوَةٍ

وذاتِ القَتَادِ السُّمْرِ ينسلخان

وقال الحطيئة : أَدَارَ سُلَيْمَى بالدَّوَانِكِ فالعُرف

كدن : (أبو عبيد عن أبي عمرو): الكُدُونُ : التي تُوَطِّئُ به المرأَةُ لِنفسها في الهوْدَجِ.

قال الأحمر : هي الثيابُ التي تكونُ على الخُدورِ ، وَاحِدها : كِدْنٌ.

وقال غيرهما : الكُدُونُ واحدُها : كِدْنٌ ، وهيَ عَباءَةٌ أَو قَطِيفَةٌ تُلْقيهِ المرأةُ على ظَهْرِ بَعيرها ثم تَشُدُّ هَودَجَها عليه ، وَتَثني طَرَفَيِ العباءَةِ من الشِّقيْنِ وتَخُلُّ مُؤخَّرَ الكدِنِ ومُقدَّمهُ ، فيصيرُ مثلَ الخُرْجينِ ، فتلقى فيه بُرْمتها وأَداتها مِمَّا تحتاج إلى حَمْلهِ.

وقال الليث : امْرأَةٌ ذاتُ كِدْنةٍ أَي ذَاتُ لحمٍ.

(قلت) : ورجلٌ ذُو كِدْنةٍ إذا كان عَبْلاً سَميناً.

وقال الليث : الكَوْدَنُ والكَوْدَنِيُ : البَغْلُ.

قال ويقال لِلفيلِ أيضاً : كَودَنٌ : وأنشد :

خَلِيليَّ عُوجَا من صُدورِ الكَوَادِنِ

إلى قَصْعةٍ فيها عُيونُ الضَّيَاونِ

قال : شَبَّهَ الثَّرِيدةَ الزُّرَيقَاء بِعيونِ السَّنانيرِ لما فيها من الزّيْتِ.

(أبو عبيد) الكِدْيَوْنُ : دُرْدِيُّ الزّيْتِ.

وقال النَّابغَةُ يصفُ الدُّرُوعَ :

عُلِينَ بِكدْيوْنٍ وأُبْطِنَّ كُرَّةً

فَهُنّ وِضَاءٌ صافِياتُ الغلائلِ

وصَفَ دُروعاً جُلِيَتْ بالكديَونِ والبعرِ.

وقال الليث : الكِدْيَوْنُ : دُقاقُ التُّرَابِ ، ودقاقُ السِّرْقينِ يجلى به الدُّروعُ.

ويقال : يُخلطُ به الزّيْتُ فَيسَمَّى كِدْيوناً ، وقال الطرماح :

تَيَمَّمْتُ بالكِدْيَونِ كَيْلَا يفوتَني

من المقْلةِ البَيضاء تَقْريظُ باعِقِ

ويقال لِلبِرْذَوُن الثَّقيلِ : كَوْدَنٌ ، شُبِّهَ بالبَغْلِ.

(الحرّاني عن ابن السكيت): كَدِنَتْ مَشافِرُ الإبلِ ، وكَتِنَتْ إِذا رعَتِ العُشبَ فاسودّتْ مشافرُهَا من مائهِ وغَلُظَتْ.

(أبو عبيد عن أبي عمرو) : إذا كثر شَحم

٧١

الناقةِ ولحمها فهي المكدَنَة ، والكدنة : الشحمُ.

وقال أَبو تراب قال أَبو عمرو : الكَدَنُ أنْ تُنْزَحَ البئرُ فَيْبقى الكَدَرُ فذلك الكَدَنُ.

يقال : أَدْرِكُوا كَدَنَ مائكم أَي كَدَرَهُ.

ويقال : كَدِنَ الصِّلِّيَانُ إِذا رُعِيَ فُرُوعُهُ وبَقيَتْ أصولُه.

(قلت): الكَدَنُ ، والكَدَرُ ، والكَدَلُ : وَاحِدٌ.

كند : قال الله جل وعز : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)) [العاديات : ٦].

قال الفراءُ قال الكلبيُّ : لَكَنُودٌ : لكَفُورٌ بالنعمةِ.

وقال الحَسنُ : (إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (٦)) [العاديات : ٦] قال : لوَّامٌ لِرَبِّهِ يَعُدُّ المصائبَ ويَنسى النِّعَمَ.

وقال الزجاج : لَكَنُودٌ معناه : لكفُورٌ يعني بذلك الكافِرَ.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : امرأَةٌ كُنُدٌ وكَنُودٌ أَي كَفُورٌ للمواصَلةِ.

وقال الليث : كَنَدَ يَكْنُدُ كُنوداً.

وقال النّمِرُ بن تَولَبٍ يَصِفُ امرأَةً كَفَرت مودّتَه إِيّاها :

كَنُودٌ لا تمنُّ ولا تُفادِي

إِذا عَلِقَتْ حَبائلُها بِرَهْنِ

قال أبو عمرو : كَنُودٌ : كَفورٌ لِلموَدّةِ.

نكد : قال الليث : النَّكَدُ : الشُّؤمُ واللؤمُ ، وكلُّ شيءٍ جَرَّ على صاحبه شرّاً فهو نَكَدٌ ، وصاحبه : أَنكد نكِدٌ ، والنكدُ : قِلّةُ العطاء وألا يهنأَه من يعطاه وأنشد :

وأعْطِ ما أعطيتَه طيِّباً

لا خَيرَ في الْمَنْكُودِ والناكدِ

وقال جلّ وعزّ : (وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً) [الأعراف : ٥٨] قرأَ أهلُ المدينة (نَكَداً) بفتْح الكاف. وقرأَتِ العامةُ (نَكِداً) ، قال ذلك الفرّاءُ.

وقال الزَّجاجُ : وفيه وجهانِ آخران لم يُقرأْ بهما : نَكْداً ، ونُكْداً.

وقال الفرّاء : معناه : لا يخرج إلّا في نَكَدٍ وَشِدَّةٍ.

ويقال : عطَاءٌ مَنْكُودٌ أي نَزْرٌ قليلٌ.

(أبو عبيد عن أبي عمرو): النُّكْدُ : النوقُ : الغزيراتُ اللبنِ.

وقال في موضع آخر : النُّكْدُ : التي لا يبقى لها ولد. وقال الكميت :

وَوَحْوَحَ في حِضْنِ الفَتَاةِ ضَجِيعُهَا

وَلَمَ يَكُ في النُّكْد المَقَالِيتِ مَشْخَبُ

وقال بعضهم : النكْدُ : النُّوقُ التي ماتت أولادُها فَغَزُرَتْ. وقال الكميت :

وَلَمْ تَبْضِضِ النُّكْدُ لِلْجَاشِرِينَ

وَأَنْفَدَتِ النملُ ما تَنْقُلُ

وأنشد :

٧٢

ولم أرَأم الضيمَ اختتَاءً وَذلة

كما شمت النَّكداء بوًّا مُجلدا

النكداء : تأنيث أنكد ، ونكِد ، والأنثى : نكداء ويقال للناقة التي مات ولدها : نكداء ، وإياها عنى الشاعر.

ويقال : نُكِدَ الرجلُ فهو منكودٌ إِذا كثر سؤالُه وقلَّ خيره.

دكن : قال الليث : الدُّكْنَةُ : لون الأدْكن كلون الخزِّ الذي يضربُ إلى الغُبْرة بين الحمرة والسواد. والنعتُ : أدكَنُ ، والفعل دَكِن يدكَنُ دَكَناً.

قال : والدُّكّانُ : فُعَّالٌ ، والفعلُ التَّدكينُ.

وقال غيره : ثَرِيدَةٌ دَكْناءُ ، وهي التي عليها من الأبزارِ ما دَكَّنها من الفُلفُل وغيره.

ك د ف

استعمل من وجوهه : كدف ، فدك.

كدف : أهمله الليث. وفي «نوادر الأعراب» : سمعنا : كَدَفَتهم ، وجَدَفَتهم ، وهَدَفَتهم ، وحَشَكَتهم ، وهَدَأَتهُم ، ووبدهم ، وأوبدهم ، وأَزّهم وأَزِيزهم ، وهو الصوتُ تسمعُه مِن غير مُعاينةٍ.

فدك : فَدَكُ : قريةٌ بناحية الحجاز ذات عين فوَّارة ونخيل كثيرة ، أفاءَها الله جل وعز على رسوله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وكان عليٌّ والعباس رضي‌الله‌عنهما بعد وفاتِه يتنازعانها ، وسلَّمها عمر إليهما فذكر عليٌّ أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم كان جعَلها في حياتِه لفاطمة رضي‌الله‌عنها ، وكان العباسُ يأبى ذلك.

وقال ابن دُريد : فَدَّكْتُ القطنَ تفديكاً إذا نَفَشْتَه.

قال : وهي لُغةٌ أَزْدِيّةٌ. وفُدَيْكٌ اسم عربي.

والفُدَيْكاتُ قومٌ من الخوارج نُسِبُوا إلى أبي فُدَيْكٍ الخارجيّ.

ك د ب

كدب ، كبد ، دكب : مستعملة.

كدب : أهمله الليث.

وروى أبو العباس عن ابن الأعرابي أنه قال : المَكْدُوبة من النساء : النقيّة البياضِ.

وسئل أبو العباس عن قراءةِ من قرأَ : (بدم كدب) [يوسف : ١٨] بالدَّال فقال : إن قرأ به قارئ فله مَخْرجٌ ، قيل له فما هو فله إمام فقال : الدَّمُ الكَدِبُ : الذي يضرِب إلى البياض مأخوذٌ منْ كَدَبِ الظُّفْرِ وهو وبَشُ بياضِه.

دكب : والمَدْكُوبةُ : المعضوضة مِن القِتال.

كبد : قال الليث : الكبِدُ : معروفةٌ ، وموضِعها من ظاهر يسمّى كَبِداً ، وفي الحديث : «وضَعَ يدَه على كبِدِي» وإنما وضعَها على جنبه مِن الظاهر.

قال : والأكْبَدُ : الناهدُ موضعِ الكبِدِ.

قال رؤبة :

٧٣

أَكْبَدَ زَفَّاراً يَمُدُّ الأنسُعَا يصفُ جَمَلاً مُنتَفِخَ الخواصِرِ.

قال : وكبِدُ القوْس : فوَيقَ مَقْبِضِها حيث يقعُ السهم ، يقال : ضَعِ السهمَ على كبدِ القوْس.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : في القوس : كَبِدُها ، وهو ما بينَ طرَفي العلاقة ، ثم الكُلية تَلِي ذلك ، ثم الأبهرُ يلي ذلك ، ثمّ الطائف ، ثم السِّيَةُ وهو ما عُطِفَ من طرَفيها.

وفي حديث مرفوع : «وتُلْقِي الأرضُ أَفلاذَ كبِدِها» أي تُلقِي ما دُفِنَ في بطنها مِن الكنوز ، وقيلَ إنها ترمي ما في بطنها مِن معادن الذهبِ والفِضَّة.

(أبو عبيد عن أبي زيد): كبَدْتُه أَكْبِدُه ، وكلَيتُهُ أَكْلِيه إِذا أَصَبتَ كبِدَه وكُليته.

وقال الليث : إِذا أضَرَّ الماءُ بالكبد ، قيل : كَبَدَه ، والكُبَاد : داءٌ يأخذ في الكَبِدِ ، والعرب تؤنِّث الكبدَ وتُذَكِّرُه ، قال ذلك الفراء وغيره.

اللِّحيانيُّ : هو الهواء واللُّوحُ والسُّكَاك والكَبِدُ.

وقال الليث : كَبِدُ السماء : ما استقبلك مِن وسَطها.

يقال : حَلَّقَ الطائر حتى صار في كبدِ السماء وكُبَيْداء السماء ، إذا صَغَّرُوا جعلوها كالنَّعْتِ ، وكذلك يقولون في سُويداء القلب ، وهما نادِرتان حُفِظتا عن العرب هكذا قال : وكبدُ كل شيء : وسَطُه.

يقال : انتزعَ سهماً فوضعه في كبدِ القِرْطاس ، وقوْسٌ كَبْدَاءُ : غليظة الكبِد شديدتُها.

وقال الله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)) [البلد : ٤].

قال الفرَّاء يقول : خَلَقْناهُ مُنْتَصباً معتدلاً ، ويقال (فِي كَبَدٍ) : أنّه خُلِقَ يُعَالِجُ ويُكابِدُ أمرَ الدُّنْيا وأمر الآخرةِ.

وقال المنذِري : سمعتُ أَبا طالبٍ يقول : الكَبَدُ : الاسْتواءُ والاستقامة ، والكَبَدُ أيضاً : الشِّدَّةُ.

وقال الزّجاج في قوله تعالى : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ (٤)) : هذا جواب القَسَم ، المعنى : أُقْسِمُ بهذه الأشْياءِ : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ) : يُكَابِدُ أَمرهُ في الدُّنيا والآخرَةِ.

قال وقيل : كَبَدٍ أي خُلق الإنسانُ في بَطْنِ أُمهِ ورَأْسه قِبَلَ رأسها فإِذا أَرَادتْ أمُّهُ الولادة انقلب الرأسُ إلى أَسفلَ.

(قلت) : ومُكابَدَةُ الأمر : مُعاناته ومشقته.

وقال الليث : الرجل يُكابِدُ الليلَ إِذا ركبَ هَوْلهُ وصُعوبته.

ويقال : كابَدْتُ ظُلْمة هذه الليْلةِ بكابِدٍ شديدٍ أي بمكابَدَةٍ شديدةٍ. وأنشد :

٧٤

وَليْلَةٍ مِنَ اللَّيَالي مَرَّتِ

بِكابِدٍ كابَدْتُها فجرَّتِ

أي طالت. وقال لبيد :

عَيْنُ هَلَّا بَكَيْتِ أَرْبَدَ إِذ قُمْ

نَا وقامَ الخُصومُ في كَبَدِ

أَي في شدَّةٍ وَعَنَاءٍ ، واللَّبنُ المُتَكَبِّدُ : الذي يخثُرُ حتى يصير كأنه كَبِدٌ يَترجْرَجُ.

(أبو عبيد) : يقال للأعداءِ : همْ سودُ الأَكْبَادِ ، كأنَّ العَداوةَ أَحْرقَتْ أَكْبادَهُمْ فاسْودَّتْ ، والكَبِدُ : معدِنُ العَدَاوةِ ، ورمْلة كَبْدَاءُ : عظيمةٌ الوَسطِ ، وَنَاقَةٌ كَبْدَاءُ : كذلِكَ. قال ذو الرُّمَّةِ :

سِوى وَطْأَةٍ دهْماءَ من غيرِ جَعْدةٍ

ثَنى أخْتَها في غَرْزِ كَبْدَاءَ ضَامرِ

ويقال : تَكَبَّدْتُ الأمرَ أي قَصَدْته وأنشد :

يرومُ البلَادَ أَيُّها يَتَكَبَّدُ

وتَكَبَّدَ الفلاةَ إذا قصد وسطَها ومُعْظَمها.

والكَبْدَاءُ : الرَّحَا التي تُدَارُ باليدِ ، سُمِّيتْ كَبْدَاءَ لما في إِدارَتِها من المشقَّة ، وأنشد :

بُدِّلْتُ من وَصْلِ الحِسانِ البيضِ

كَبْدَاءَ مِلْحاحاً عَلَى الرَّضِيضِ

تخلأُ إلَا في يَدِ القبيضِ

أي في يدِ رجلٍ قبيضِ اليدِ أيْ خفِيفها وقال :

بِئْسَ طعامُ الصِّبْيةِ السَّوَاغِبِ

كَبْدَاءُ جاءَت من ذُرَى كُواكِبِ

وكواكِبُ : جبَلٌ معروفٌ بالبَادِيةِ.

ك د م

كدم ، كمد ، دكم ، مكد ، دمك ، مدك : مستعملة.

كدم : قال الليث : الكَدْمُ : العَضُّ بأَدنى الفمِ ، كما يَكْدُمُ الحمارُ ، ويقال للدَّوَابِّ إِذا لم تَسْتمكنْ من الحشيشِ : إنَّها لتكادمُ الحشيشَ ، والكدْمُ : اسم أَثرِ الكَدْمِ.

يقال : بهِ كُدُومٌ.

شمر عن ابن الأعرابي : نعجة كَدِمَةٌ : غليظة كثيرة اللحم ، وقول رؤبة : كأنّه شَلّالُ عاناتٍ كُدُمْ قال : حمار كَدِمٌ : غليظ شديد ، والجميع : كُدُم ، وفَنِيق مُكْدَم : غليظ وقَدَح مُكْدَم : غليظ ، وأسير مُكْدم : مشدود بالصِّفادِ ، وكدَمت الصيدَ أي طردته.

والعربُ تقول : بَقِيَ من مَرْعانَا كُدَامةٌ أي بَقيَّةٌ تَكْدِمها المال بأَسْنانِها ولا تشبعُ منه.

ورجلٌ مُكَدَّمٌ إِذا لقيَ قتالاً فأَثَّرَت فيه الجِراحُ ، وفحلٌ مُكَدَّمٌ ، ومُكْدَمٌ إذا كان قويّاً ، قد نُيِّبَ فيه.

(اللِّحْيانيُّ): أُكْدِمَ الأسيرُ إِذا استُوثِقَ منه ، ويقال للرجلِ إِذا طلب حاجةً لا يُطلب مثُلها : لقد كَدَمْت في غير مَكْدَمٍ.

والكَدْم : التمشُّش والتعرُّق.

(أبو زيد) : يقال : كَدَمْتَ غيرَ مَكْدَمٍ أي

٧٥

طلبت غيرَ مطلبٍ (١).

(ابن السكيت) : يقال : ما بالبَعيرِ كَدْمةٌ إِذا لم يَكن به أُثْرةٌ ولا وَسْمٌ ، والأثرةُ : أَن يُسْحَى باطِنُ الخُفِّ بحدِيدةٍ.

كمد : قال الليث : الكَمَدُ والكُمْدةُ : تَغيُّر لونٍ يبقى أثرُه ويزول صفاؤه.

ويقال : أَكْمَدَ القَصَّارُ الثوبَ إذا لم يُنَقِّ غَسلَه.

والكَمَدُ : حُزنٌ وهمٌّ لا يستطاع إمْضاؤُهُ.

(غيرُه): كَمِدَ لونَه إذا تغيرَ ، ورأيتُه كامِد اللون.

وكمَدَ القَصَّارُ الثوبَ إِذا دَقَّهُ ، وهو كمادُ الثوب.

ويقال : كَمَدْتُ فلاناً إذا أخذه وجَعٌ في بعض أعضائِه فسخّنْتَ له ثوباً أو حَجراً وتابعتَ وضعَه عَلَى موضعِ الوجع فيستريح إليه ، وهو التكمِيدُ والكِمادُ.

وروي عن عائشة أنها قالت : الكِمَادُ مكان الكيِّ ، والسَّعُوطُ مكان النَّفْخِ ، واللَّدُودُ مكان الغَمْزِ.

وقال شمرٌ : الكِمادُ : أن يؤخذَ خِرقةٌ فَتُحْمَى بالنار وتوضعَ على موضعِ الورم ، وهو كيٌّ مِن غير إِحراق.

وقول عائشة : السَّعوطُ مكان النفخ ، هو أن يَشْتَكِيَ الحلْقَ فيُنفخَ فيه فقالت : السعوط : خيرٌ منه.

وقيل : النّفْخُ : دواءٌ ينفخُ بالقَصَبِ في الأنفِ ، وقولها : اللّدُودُ مكان الغمز ، هو أن تسقطَ اللهاةُ فتُغمزَ باليد ، فقالت : اللدودُ : خيرٌ منه ولا تُغْمز باليد.

دكم : قال الليث : الدَّكْم : دَقُّ شيءٍ بعضه على بعض ، يقال : دَكَم يَدْكُمُ دَكْماً.

وقال غيره : دَكمهُ دَكْماً ، ودَقَمه دْقماً إذا دَفَع في صدره ، وانْدَكَم علينا فلانٌ واندقَم إذا انقَحَم ، ورأيتهم يَتَدَاكَمُونَ ، أي يتدافعون.

دمك : (أبو عبيد عن الأصمعي): الدَّمُوكُ : البَكْرَةُ السريعة المرِّ ، وكذلك : كلُّ شيء سريع.

وقال الليث : يقال للأرْنب السريعة العَدْوِ : دَمُوكٌ.

قال : والدَّمُوكُ : أعظم مِن البَكْرة يُسْتقى عليها بالسّانية.

وقال الأصمعي : الدَّمكْمَك : الرجُل الشديد القويُّ.

(أبو عمرو): الدَّمِيكُ : الثَّلْجُ ، ويقال لِزَوْرِ الناقة : دَامِكٌ. قال الأعشى :

وَزَوْراً ترَى في مِرْفَقَيْهِ تجَانفاً

نَبِيلاً كَبَيْتِ الصَّيْدَنَانيِ دَامِكَا

__________________

(١) تكرر في المطبوع : «أي طلبت غير مطلب».

٧٦

وقال أبو زيد : دمَك الرجلُ في مشيهِ إِذا أسرَع ، ودَمَكَتِ الإبلُ ليلَتَها.

(أبو عبيد عن الأصمعي): السَّافُ في البناء : كلُّ صَفٍّ من اللّبِن ، وأهل الحجاز يسمونه المِدْماكَ.

وقال شُجَاع : دَمَكَتِ الشمسُ في الجو ودَلَكَتْ إِذا ارتفعتْ.

ورُوَى سفيان عن عمروٍ عن محمد بن عُمَيْر قال : كان بناء الكعبة في الجاهلية مِدْماكَ حجارةٍ ومِدْماكَ عِيدانٍ من سفينة انكسَرَتْ.

ويقال : أقمت عنده شهراً دَمِيكاً أي شهراً تامّاً قال كعب : دَابَ شهرينِ ثم شهراً دَمِيكا مكد : قال الليث : مَكَدَتِ الناقةُ إِذا نقَصَ لبنُها من طول العَهْد ، وأنشد :

قَدْ حَارَدَ الخُورُ وَمَا تُحَارِدُ

حتَّى الجلَادُ دَرُّهُنَ مَاكِدُ

وقال بعض العرب في صفة عجوز : ما ثَدْيُها بناهِدٍ ، ولا دَرُّها بماكدٍ ، ولا فُوها ببارِدٍ.

وروى الحراني عن ابن السكيت : ناقةٌ مَكُودٌ إذا دامَ غَزُرُها ، ونُوقٌ مكائِدُ ، وأنشد :

إِنْ سَرَّكَ الغُزْرُ المَكُودُ الدائمُ

فَاعْمِدْ بَرَاعِيسَ أَبُوهَا الرَّاهِمُ

وناقةٌ بْرِعِيسٌ إِذا كانت غزِيرة.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : مِثل قوله في المَكُودِ.

(قلت) : وهذا هو الصحيح لا ما قاله الليث ، وإنَّما احتجَّ الليث بقول الراجز : حَتَّى الجِلَاد دَرُّهُنَ ماكِدُ فظن أنه بمعنى الناقصِ وهو غلطٌ ، والمعنى حتى الجِلَاد اللواتي دَرُّهُنَ ماكِدٌ أي دائمٌ قد حاردْنَ أيضاً ، والجِلَادُ : أدْسَمُ الإبلِ لبناً وليست في الغَزارة كالخُورِ لكنها دائمة الدَّرِّ ، واحدتُها : جَلْدَةٌ ، والخورُ في ألبانِهنّ رِقةٌ مع الكثرةِ.

(أبو عبيد عن الأموي): مكَدَ فلانٌ بالمكانِ يمكُدُ مُكوداً إِذا أَقام به ، وثَكِمَ يَثْكَم : مِثْلُه ، ورَكَدَ ركوداً.

وقال الساجع : ما دَرُّها بماكِد أي ما لبنُها بدائمٍ ، ومثل هذا التفسير المحال الذي فسَّرَه الليث في مكدَتِ الناقةُ مما يجب على ذوِي المعرفة تنبيه طَلَبَة هذا الباب من علم اللغة لئلا يتعثّر فيه ذوو الغباوة تقليداً لِليثِ.

مدك : المَدَاكُ : الصَّلَاية ، أَحْسِبه مَفْعَلاً من الدَّوْكِ وهو الدّقُّ.

٧٧

أبواب الكاف والتاء

ك ت ظ ـ ك ت ذ ـ ك ت ث : أهملت وجوهها.

ك ت ر

كتر ، كرت ، ترك ، رتك ، تكر : [مستعملة].

كتر : (أبو عبيد): الكَتْرُ ، والكتَرُ : السَّنام العظيم.

ويقال : الكَتْرُ : بناءٌ مثل القُبَّةِ ، شُبِّه السَنَامُ بهِ.

وقال الليث : الكَتْرُ : جَوْزُ كل شيء أي أوْسَطُه ، وأصلُ السنامِ : كترٌ ، يقال للجمل الجسيم : إِنه لعظيم الكتر ، ويُقال للرجلِ : إِنه لرفيع الكِتْرِ في الحسبِ ونحوِه.

وقال علقمة بن عَبَدَةَ يصف ناقة :

قَدْ عُرِّيَتْ حِقْبَةً حَتى اسْتَطَفَّ لها

كِتْرٌ كحَافَةِ عُسِّ القيْنِ مَلمومُ

اسْتَطفَ : أشرَفَ وأمكنَ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الكترَة : القِطعة مِنَ السنَام ، والكترَة : القبّة.

تكر : قال الليث : التكرِيُ : القائد من قواد السِّند ، والجميعُ : التّكاكرة.

وأنشد :

لقد عَلمتْ تَكاكِرَةُ ابن تيرى

غداةَ البُدِّ أنِّي هِبرِزيُ

ترك : قال الليث : التَّرْكُ : ودْعُكَ شيئاً تترُكه تركاً.

وقال غيره : التَّرْكُ : الإِبقاء في قول الله جلّ وعزّ : (وَتَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (٧٨)) [الصافات : ٧٨] أي أبقينا عليه ذكراً حسناً.

وقال الليث : التَّرْكُ : الجَعْلُ في بعض الكلام ، تقول : تركتُ الحبلَ شديداً ، أي جعلتهُ شديداً.

قال والتَّرْكُ : ضربٌ من البَيْضِ مستديرٌ شبيهٌ بالتُرْكةِ والتَّرِيكَةِ ، وهي بيضُ النّعامِ المُنْفَرِدُ. وأنشد :

ما هاجَ هذا القلبَ إِلا تركةٌ

زهراءُ أخرجها خَرُوجٌ مِنْفَجُ

(أبو عبيد): التَّرْكُ : البَيْضُ للرأسِ ، واحدته : تركةٌ. وقال لبيد : قُرْدُ مانيًّا وتركاً كالبصلْ وقال ابن شميل : التُّرْكُ : جماعةُ البَيْض وإِنما هي سَفِيفةٌ واحدة وهي البَصَلةُ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): تَرِكَ الرجلُ إذا تزوَّج بالتَّرِيكَةِ ، وهي العانسُ في بيتِ أبَوَيْهَا.

(أبو زيد) : امرأةٌ تَرِيكَةٌ ، وهي التي تُتركُ فلا تتزوَّج.

رتك : (أبو عبيد عن الأصمعيّ): الرَّاتِكَةُ من النُّوقِ : التي تمشي وكأنَّ برجليها قيداً وتضرب بيديها.

٧٨

وقال الليث : رَتَكَ البعير رَتَكاناً ، وهو مشيٌ فيه اهتزاز.

وقال غيره : رَتَكَ البعيرُ رَتْكاً ورَتَكاناً ، وأَرْتَكْتُهُ أَنا إِرْتَاكاً إذا حَمَلتَهُ على السير السريع.

ويقال : أَرْتكْتُ الضَّحِكَ وأَرْتَأْتُهُ إذا ضحِكْتَ ضِحْكاً في فُتورٍ.

كرت : أخبرني المنذريُّ عن أبي العباس قال : حولٌ كَرِيتٌ وقَمِيطٌ ومُجَرَّمٌ وجرَيمٌ أي تامُّ العددِ. وتَكْرِيتُ : موضعٌ معروفٌ.

ك ت ل

كتل ، كلت ، تكل : [مستعملة].

كتل : قال الليث : الكُتْلَةُ : أعظم من الجُمْزة ، وهي قطعةٌ من كَنِيز التّمْرِ.

وأنشد ابن السكيت : وبالغَدَاةِ كتَلَ البَرْنِجِ أراد البَرْنيّ.

قال الليث : والأكْتَلُ من أسماءِ الشديدة من شدائدِ الدهر ، واشتقاقه من الكَتَالِ ، وهو سُوءُ العيش وضِيقُهُ. وأنشد :

إن بها أَكْتَلَ أَوْ رِزَامَا

خُوَيْرِبَانِ يَنْقُفَانِ الْهاما

قال ورِزامُ : اسمٌ للشديدة.

(قلت) : غَلِطَ الليث في تفسير أكْتَلَ ورِزَاماً معاً ، وليسَا من أسماء الشدائد إنما هما اسما لِصَّيْنِ من لصوص البادية ، ألا تراه يقول : هما خُوَيْرِبَانِ.

يقال : لصٌّ خاربٌ ، ويُصَغَّرُ فيقالُ خَوَيْرِبٌ.

ورَوَى سلمة عن الفراء أنه أنشده :

إن بها أَكْتَلَ أَوْ رِزَاما

خُوَيْرِبان ينْقُفَان الْهاما

قال الفراء : أو هاهنا بمعنى واوِ العطف أراد : إِنَّ بها أَكْتَلَ ورِزاماً ، وهما خاربان.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي أنه قال : الكَتَالُ : القُوَّةُ ، والكَتَالُ : اللحم ، والكَتَالُ : الحاجةُ تقضيها ، والكَتالُ : كل ما أصلحت من طعامٍ أو كسوةٍ ، وألقى عليه كتالَه ، أي ثِقْلَه. وأنشد غيره :

ولستُ براحلٍ أبداً إليهم

ولو عالجتُ من وَبَدٍ كَتالَا

أي مؤونة وثقلا.

وفي «نوادر الأعراب» : مَرّ فلانٌ يتكَرَّى ويتكَتَّلُ ، ويتقلّى إِذا مَرَّ مرّاً سريعاً.

وقال الليث : الرَّأس المُكَتَّلُ : المجمَّعُ المُدَوَّرُ.

ويقال : رجلٌ مُكَتَّلُ الخَلْقِ إذا كانَ مُداخَلَ البدن إلى القِصَرِ ما هُوَ ، وفلانٌ يَتَكَتّلُ في مشيهِ إِذا قاربَ خطوَه كأنه يتدحرجُ.

والمِكْتَلُ : الزَّبِيلُ يحمل فيه التمر وغيره.

٧٩

وفي حديث سعد : «مِكتَلُ عُرَّةٍ : مِكتَل بُرٍّ».

(ابن السكيت عن أبي عمرو): الكَتِيلةُ بلغة طَيِّىءٍ : النخلةُ التي فاتت اليد ، وجمعها كَتَائلُ. وأنشد :

قد أبصرَتْ سلمى بها كَتائِلي

مثلَ العذارَى الحُسَّر العطابلِ

طويلةَ الأقْنَاءِ والعَثاكل

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الكَتِيلةُ : النخلة الطويلة ، وهي العُلْبَة ، والعَوَانَةُ ، والقِرْوَاحُ.

وقال النضر : كُتُولُ الأرْضِ : فنَاديرُها وهي ما أشرف منها. وأنشد :

وتَيْماء تمسى الرِّيح فيها رَدِيّةً

مريضةَ لون الأرض طُلسْاً كُتولُها

ويقال : كَتِنَتْ جحافلُ الخيلِ من العشبِ وكَتِلَتْ بالنُّون واللام إِذا لزِجتْ ولَكِدَ بِهَا ماؤُهُ فتلبد.

وقال ابن مقبل :

والعَيْرُ يَنْفُخُ في المَكْنَانِ قد كَتِنَتْ

منه جَحافِلُهُ والعِضْرِسِ الثَّجِرِ

ويقال للحمار إِذا تمرَّغ فلزق به التراب : قد كَتِلَ جلدُه. وقال الراجز :

تشربُ منهُ نَهَلاتٍ وتعِلْ

وفي مراغٍ جلْدُها منه كَتِلْ

ومن العرب من يقول : كاتَلَهُ اللهُ بمعنى قاتلهُ اللهُ.

كلت : قال أبو تراب : سمعتُ الثعلبي يقول : فَرَسٌ فُلَّتٌ كُلَّتٌ. وفُلَتٌ كُلَتٌ إِذا كان سريعاً.

وفي «نوادر الأعراب» : إِنَّهُ لكُلَتَةٌ فُلَتَةٌ كُفَتَةٌ أي يثبُ جميعاً فلا يُستمكنُ منه لاجتماع وثبتِهِ.

وأخبرني المنذري عن ثعلبٍ عن سلمة عن الفراء يقال : خذْ هذا الإِناءَ فاقْمَعْهُ في فمه ثمَ اكلِته في فيهِ فإنه يكْتَلِتُهُ ، وذلك أنه وصف رجلاً بشرْبِ النبيذ يكلِته كلْتاً ويكْتَلِتهُ ، والكالتُ : الصابُّ ، والمُكْتَلِتُ : الشَّاربُ.

وسمعت أَعرابيّاً يقول : أَخذتُ قَدَحاً مِنْ لبنٍ فكلتُّه في قَدَح آخر.

قال ثعلبٌ : وأنشدنا ابن الأعرابي :

وصاحبٍ صاحَبْتهُ زِمِّيتِ

مُنْصَلِتٍ بالقَوْم كالكلِّيتِ

قال : الكِلِّيتُ : حجر مستطيلٌ كالبِرْطيِل يسترُ به وجارُ الضَّبع.

قال : والكُلْتَهُ : النصيب مِن الطعام وغيره.

وقال أبو تراب : قال أبو محجن وغيره من الأعراب : صَلَتُ الفَرَسَ وكلَتُّه إِذا رَكضته.

قال : وصببتهُ : مِثله ، ورجلٌ مِصْلَتٌ مِكلَتٌ إِذا كان ماضياً في الأمور.

٨٠