تهذيب اللغة - ج ١٠

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٠

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٥

أَسمَعْ هذينِ الحرْفَيْنِ لغير ابن دريدٍ.

وقالوا أيضاً : كَدَوْتُ وجهَ الرّجُل أكْدُوهُ كَدْواً إذا خَدَشْتَهُ.

أكد : (ثعلب عن ابن الأعرابي) : دُسْتُ الحِنْطَة ودَرَسْتها ، وأكَدْتُها.

ويقال : ظلَّ مُتَوكّداً بأمر كذا ، ومُتَوكزاً ، ومُتَحَرِّكاً ، أي : قائماً مُستعِدّاً.

ويقال : وكَدَه يكِدُه وكْداً أي أصابَهُ.

دوك : قال الليث : الدَّوْكُ : دَقُّ الشيءِ وسَحْقُه وطحنُه ، كما يَدُوكُ البعيرُ الشيءَ بكَلْكلهِ ، والمَدَاكُ : صَلَايةُ العِطْرِ يُدَاكُ عليه الطِّيبُ دَوْكاً.

وفي الحديث : أن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال بِخَيْبَرَ : «لأُعْطِيَنَّ الرَّايةَ غَداً رَجُلاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ ، فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ فِيمَنْ يَدْفَعُهَا إلَيه».

قولُه : يدوكون أي يَخُوضون ويختلفون فيه.

(أبو عبيدٍ عن الأصمعي) : بات القومُ يَدُوكون دَوْكاً أيْ باتُوا في اختلاطٍ ، ودَوَران.

قال : وقال أبو زيد : وَقَعُوا في دَوْكَةٍ ، وبُوحٍ أي وَقَعُوا في اختلاطٍ ، وفيه لُغتان : دَوْكَةٌ ، ودُوكَةٌ ، وجمعُ الدَّوْكَةِ : دِوَكٌ ودِيَكٌ ، ومن قال : دُوكةٌ ، قال : دُوَكٌ في الجَمْع.

(أبو عمرٍو): داك الرَّجلُ المرأَة يدوكُها دَوْكاً ، وباكَها بَوْكاً إذا جامَعَهَا.

وأنشد :

فدَاكَها دَوْكاً على الصِّراطِ

ليس كدَوكِ زَوجِهَا الوَطْوَاطِ

وقال أبو ترابٍ قال أبو الرَّبيع البَكراوِيُّ : داكَ القومُ إذا مَرِضوا ، وهم في دَوْكَةٍ أي مَرَضٍ.

ودك : (سلمةُ ، عن الفرّاء) : لَقِيتُ منه بَنَاتِ أَوْدَكَ ، وَبَناتِ بَرْحٍ وبَنات بِئْسَ يعني الدّوَاهِي.

وقال الليثُ : الوَدَكُ : معروفٌ ، والفِعْلُ : ودَّكْتُه تَوْدِيكاً ، وذلك إذا جَعَلْتَهُ في شيءٍ وهو من الشَّحْم أو حُلَابةِ اللَّحْمِ ، وشيءٌ وَدِكٌ ، ووَدِيكٌ ، ودَجاجةٌ وَدِيكةٌ : ذاتُ وَدَكٍ ، ووَدِيكٌ : جائزٌ.

والدِّكَةُ : اسمٌ من الوَدَكِ وقالت امرأةٌ من العربِ : كنتُ وَحْمَى للدِّكَةِ أي كنتُ مُشْتَهِيَةً لِلْوَدَكِ.

ديك : وقال الليث : الدِّيكُ : معروفٌ ، وجمعُه دِيَكَةٌ ، وأَرْضٌ مَداكةٌ ومَدْيَكةٌ : كثيرَةُ الدِّيَكةِ.

وقال المؤرِّجُ : الدِّيكُ في كلام أَهل اليمن : الرَّجلُ الْمُشْفِقُ ، الرَّؤُومُ ، ومنه سُمِّيَ الديكُ دِيكاً.

قال : والدِّيكُ : الرَّبيعُ في كلامِهم.

١٨١

والدِّيكُ : الأثَافِي ، الواحدُ والجميعُ سَوَاءٌ.

دكا : أهمله الليث : وقال ابن الأعرابي : دَكَا إذا سَمِنَ وكدا إذا قَطَعَ.

ك ت

(وايء) كتأ ، كتا ، وكت ، كيت ، تكأ ، وتك ، (أوتكى).

كتأ : قال الليث : الكتْأَةُ بِوَزْنِ فَعْلَةٍ مَهموزٌ : نباتٌ كالجِرْجِيرِ ، يُطْبَخُ فيؤكَلُ.

(قلت) : هي الكَثْأَةُ بالثاء منقوطةٌ بثَلَاثٍ ، وتُسَمَّى النَّهَقَ.

قال ذلك أَبُو مالِكٍ وغيرُه.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): أَكْتَى إذا غَلَا على عَدُوِّه.

كتا : وقال الليث : اكْتَوَتَى الرّجلُ ، فهو يَكتَوتِي إذا بالغ في صفةِ نفسِه من غير فِعْلٍ ، وعند العمَلِ يَكْتَوتي كأنه يَنْقَمِعُ.

قال : والكوتِيُ : القَصِير.

وقال أبو عبيدٍ : قال أبو عُبَيدةَ في الكوتِيِ مثلَهُ : أَنَّهُ القَصِيرُ.

تكأ : قال الله جلَّ وعزَّ : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١].

قال الزجاجُ : هو ما يُتَّكَأُ عليهِ لطعامٍ أو شرابٍ أو حَدِيثٍ.

قال : ويقال : تَكِئَ الرجُلُ يَتْكأُ تكأً ، والتُّكأَةُ : أَصْلُهُ وَكَأَةٌ ، وإنما مُتَّكأٌ أَصْلُهُ مُوْتَكأٌ ، مِثْلُ مُتَّقٌ مُوْتَفِقٌ.

وقال أبو عبيدٍ : تُكَأَةٌ بوزنِ فُعَلَةٍ ، قال : وأصلُهُ وُكَأَةٌ ، فَقُلِبَتِ الواو تاءً ، كما قالوا تُرَاثٌ ، وأَصلُهُ : وُرَاثٌ واتّكأْتُ اتِّكاءً أَصلُهُ أوْتَكَيْت فأُدْغِمَتِ الواو في التاء ، وشُدِّدَتْ ، وأَصْلُ الْحَرفِ : وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئَةً.

ويقالُ : طَعَنَهُ فأَتْكَأَهُ إذا أَلْقَاهُ على هَيئَةِ المُتّكئِ.

وقال المُفَسِّرُونَ في قَوْلِهِ : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَ مُتَّكَأً) [يوسف : ٣١] ، قالوا : طعاماً ، وقِيلَ للطعامِ مُتّكأً لأنَّ القومَ إذا قَعَدُوا على الطعامِ اتكثوا.

وقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أَمَّا أَنَا فآكُلُ كما يَأْكُلُ العَبْدُ ولا آكُلُ مُتَّكِئاً».

كيت : قال الليث : كان من الأمْرِ كَيْتَ وكَيْتَ وهذه التاءُ في الأصْلِ : هاءٌ ، مثل : ذَيْتَ وذَيْتَ ، وأصلهما : كَيَّهْ وذَيَّهْ.

وقال أبو عمرٍو : التَّكيِيتُ : تَيْسِيرُ الجِهَازِ ، يُقَالُ : كَيِّت جِهَازَكَ ، ومنه قول الشاعر :

كَيِّت جِهَازَكَ إمَّا كُنْتَ مُرْتَحِلاً

إِنِّي أَخَافُ على أَذْوَادِكَ السَّبْعَا

وفي «النوادر» : كَيَّتَ الوِعاءَ تَكييتاً وحَشَاهُ بمعنى واحِدٍ.

وكت : قال الليث : الوَكْتةُ : شِبْهُ النُّقْطَةِ في

١٨٢

العَيْنِ ، وعَيْنٌ مَوْكُوتَةٌ إذا كان في سَوَادِهَا نُقْطَةُ بَيَاضٍ.

وقال أبو زيد : تكُونُ نُقْطَةً حَمْرَاءَ في البَيَاضِ ، فإنْ غُفِلَ عنها صارتْ وَدْقَةً.

(أبو عبيدٍ عن الأصمعي) : إذا بَدَأَ في الرُّطَبِ نُقَطٌ من الإرْطَابِ قِيلَ : قد وَكَّتَ ، وهي بُسْرَةٌ مُوَكِّتَةٌ ، فإذا أَتاهَا التَّوْكِيتُ من قِبَلِ ذَنَبِها فهي مُذَنِّبَةٌ.

وقال شمرٌ : الوَكْتُ في المَشْي هو القَرْمَطَةُ ، والشَّيْءُ اليَسِيرُ.

(سلمة عن الفراء) وَكَتَ القَدَحَ ووَكَّنَهُ وزكَتَهُ ، وزكَّتَهُ إذا مَلأَهُ ، وكلُّ نُقْطَة سَوَادٍ في بَيَاضٍ فهي : وَكْتَةٌ.

وتك : (ثعلب عن ابن الأعرابي): الأوْتَكى : السِّهْرِيزُ قال : وهو القُطَيْعَاء.

(قلت) : والبَحْرَانِيُّونَ يُسَمُّونَه أَوْتَكى ، وقال الشاعر :

تُدِيمُ لَهُ في كلِّ يَوْمٍ إِذا شَتَا

ورَاحَ عِشَارُ الحَيّ مِنْ بَرْدِهَا صُعْرا

مُصَلِّبَةً مِنْ أَوْتَكى القَاعِ كلَّمَا

زَهَتْهَا النُّعَامَى خِلْتَ مِنْ لَيِّنٍ صَخْرا

وإذا بَلَغَ الرُّطَبُ اليُبْسَ فذلك التَّصْلِيبُ.

وقد صَلَّبَ فهو مُصَلِّبٌ ، وصَلَبَتْهُ الشَّمْسُ تَصْلِبُه فهو مَصْلوبٌ.

وَأَوْتَكى : مِيزَانه أَجْفَلَى.

باب الكاف والظاء

ك ظ

(وايء) وكظ ، كظا : [مستعملان].

[كظا] : (أبو عبيد عن الفراء) : خَظَا بَظَا كَظَا بغير هَمْزٍ يعني اكْتَنَزَ ، ومثله يَخْظُو ويَبْظُو ويكظو.

وقال اللحياني : خَظَا بَظَا كَظَا إذا كان صُلْباً مُكْتنِزاً.

(أبو العباس عن ابن الأعرابي) قال : كَظَا : تَابعٌ لخظَا.

وكظ : (أبو عبيد عن أبي عبيدة): الواكِظُ : الدَّافِعُ ، وقد وكَظْتُهُ أكِظُه وَكْظاً. فهو مَوْكُوظٌ.

وقال اللحياني : يقال : فلان مُوَاكِظٌ على كذا ، وواكِظٌ ، ومواظب وَوَاظِبٌ ومُوَاكِبٌ ، ووَاكِبٌ أي مثابر.

ك ذ

(وايء) كذا ، كوذ ، ذكا : [مستعملة].

كذا : (أبو العباس عن ابن الأعرابي) قال : أكْذَى الشيء إذا احْمَرَّ ، وأكْذَى الرَّجُلُ إذا احمرّ لَوْنُه من خجلٍ أو فزعٍ ، ورأَيْتُه كاذِياً كذْياً أي أَحْمَرَ ، قال : والكَاذِي والْجِرْيالُ : البَقَّمُ.

وقال غيرُه : الكَاذِيّ : ضرب من الأدهان معروف.

١٨٣

كوذ : قال الليث : الكَاذَتَان منْ فَخِذَي الحِمَارِ في أَعْلَاهُما ، وهُما في مَوْضع الكَيِّ ، من جاعِرَتي الحمَارِ : لَحْمَتَانِ هناك مُكْتنِزَتانِ بين الفَخِذَيْنِ والوَرِكِ.

وقال الأصمعيُّ : الكاذَتَانِ : لَحْمَتا الفَخِذَيْنِ من بَاطِنهما ، الواحدةُ : كاذَةٌ.

وقال أبو الهيثم : الرَّبْلَةُ : لحمُ باطنِ الفَخِذِ ، والكَاذةُ : لحمُ ظاهرِ الفَخِذِ ، والحَاذُ : لحم باطنِ الفَخِذِ. وأنشد :

فاسْتَكْمَشَتْ وانتهزْتُ الحَاذَتَيْنِ معَا

وقال : هما أسْفَلَ الجاعِرَتَيْنِ.

وروى ابن الأعرابي في الكاذَتَيْنِ نَحْواً مِمَّا قال أبو الهَيْثَمِ ، ويقال للإزَارِ الذي لا يَبْلُغ إلَّا الكَاذَةَ : مُكَوِّذٌ ، وقد كَوَّذَ تكويذاً.

وقال الليث : كَذا وكَذا ، الكافُ فيهما : كَافُ التشبيه ، وذَا : إشارةٌ ، وتفسيرُه في باب الذال.

ذكا : قال الليث : الذكِيُ من قولك : قَلْبٌ ذَكِيٌ ، وصَبِيٌ ذَكِيٌ إذا كان سَرِيعَ الفِطْنَةِ ، والفِعْلُ : ذَكِيَ يَذْكَى ذَكَاءً ، ويقال : ذكَا يَذْكُو ذكاءً ، وأَذْكَيْتُ الحربَ إذا أَوْقَدْتَهَا ، وقال الراجز : إنّا إذا مُذكي الحُرُوب أَرَّجَا وقال الله جل وعز : (وَما أَكَلَ السَّبُعُ إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) [المائدة : ٣] قال أبو إسحاق : معناهُ إلَّا ما أَدْرَكْتُمْ ذكاتَه من هذه التي وصَفْنَا.

قال : وكلُّ ذَبْحٍ : ذَكاةٌ ، ومعنى التَّذْكِية : أَنْ يُدْرِكَهَا وفيها بَقِيَّةٌ تَشْخُبُ معها الأوْدَاجُ ، وتَضْطَرِبُ اضْطِرَابَ المَذْبُوحِ الذي أَدْرَكت ذَكَاتَه.

قال. وأَهْلُ العلْم يقولونَ : إنْ أَخْرَجَ السَّبُعُ الحِشْوَةَ أو قَطَعَ الجَوْفَ قَطْعاً تَخْرُج معه الحشوةُ فلا ذَكاةَ لذلك ، وتأْوِيلُه أنْ يَصيرَ في حالةِ ما لا يُؤَثِّرُ في حياته الذَّبْحُ ، قال : وأَصْلُ الذكاةِ في اللغة كلها : تَمَامُ الشّيءِ ، فمن ذلك : الذَّكَاةُ في السِّنِّ والفَهْمِ ، وهو تَمَامُ السِّنِّ.

قال : وقال الخليل : الذَّكَاةُ في السِّنِّ أن يأتِيَ على قُرُوحِه سَنَةٌ ، وذلك تَمَامُ استِتْمَامِ القُوَّة قال زهير :

يُفَضِّلُه إذا اجْتَهَدُوا عَلَيْهِ

تَمَامُ السِّنِّ منه والذَّكاءُ

ومن أمثالهم : جَرْيُ المُذَكِّيَاتِ غِلَابٌ.

أي جَرْيُ المَسَانِّ القُرَّحِ من الخَيْلِ أَنْ تُغَالِبَ الجَرْيَ غِلَاباً ، وتَأْوِيلُ تَمَامِ السِّنِّ : النِّهَايةُ في الشبابِ ، فإذا نَقَصَ عن ذلك أو زَادَ فلا يقال له : الذكاءُ ، والذّكاءُ في الفَهْمِ : أَنْ يكونَ فَهْماً تَامّاً سَرِيعَ القَبُولِ ، وذَكَّيْتُ النَّارَ ، وتَأوِيلُه أَتْمَمْتُ إشْعَالها ، وكذلك قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ) [المائدة : ٣] ذَبْحُه على التَّمَامِ.

وقال ابن السكيت : ذُكَاءُ : اسْمٌ للشمسِ معرفة لا تنصرف وهي مُشْتَقّةٌ من ذَكَتِ النَّارُ تَذْكُو.

١٨٤

ويقال للصُّبْحِ : ابنُ ذكاءَ لأنَّه من ضَوْئِهَا ، وأنشد :

فَوَرَدَتْ قَبْلَ انْبِلَاجِ الفَجْرِ

وابْنُ ذُكاءٍ كَامِنٌ في كَفْر

وقال ثَعْلَبَةُ بنُ صُعَيْرٍ :

فَتَذَكّرَا ثَقَلاً رَثِيداً بَعْدَ مَا

أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمِينَها في كَافِرِ

ويقال : ذَكُوَ قَلْبُهُ يَذْكُو إذا حَيَّ بعد بَلَادَةٍ ، فهو ذَكِيٌ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الذَّكْوَانُ : شجرٌ ، الواحدةُ ذَكْوَانَةٌ.

(أبو عبيد عن أبي زيد): ذَكّيْتُ النّارَ تذكِيَةً إذا رَفَعْتَها ؛ واسمُ ذلك الشيءِ الذي تُلْقِيهِ عليها من حَطَبٍ أو بَعْرٍ : الذُّكْيَةُ.

ك ث

(وايء) كثأ ، كوث ، (كوثى) ، وكث : [مستعملة].

وكث : قال الليث : الوِكَاثُ : ما يُسْتَعْجَلُ به للغَدَاءِ ، تقولُ : اسْتَوْكَثْنَا أي أَكَلْنَا شيئاً نتَبَلّغُ به إلى وقت الغَدَاءِ.

(قلت) : لم أسمعْ لغير الليث في الوِكاثِ شيئاً ، وأَرْجُو أَنْ يكونَ أَخَذَه عن الثِّقَاتِ.

كثأ : (أبو عبيد عن الأصمعي): كَثَأَ اللَّبَنُ وكَثَعَ إذا خَثَرَ وَعَلَاهُ دَسَمُهُ وهو الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ.

وقال أبو زيد : كَثَأَتِ القِدْرُ إذا أَزْبَدَتْ للغَلْيِ.

وقال الأمويّ : كَثَأَ النَّبْتُ والوَبَرُ فهو كاثئٌ إذا طَلَع.

وقال أبو مالك : الكَثَاةُ بلا هَمْزٍ ، وكَثاً كثيرٌ ، وهو الأيْهُقَانُ والنَّهَقُ ، كُلُّه واحدٌ.

كوث : قال النَّضْرُ : كَوَّثَ الزَّرْعُ تَكْوِيثاً إذا صارَ أَرْبَعَ ورَقَاتٍ وخَمْسَ ورَقَاتٍ ، وهو الكَوْثُ.

(قلت) : وأَرَى المَقْطُوعَ الذي يُلْبَسُ القَدَمَ سُمِّيَ كَوْثاً تشبيهاً بكَوْثِ الزَّرْعِ ، ويقال له : القَفْشُ ، وهو مُعَرَّبٌ.

وأَمَّا كُوثَى التي بالسَّوَادِ فهي قَرْيَةٌ.

حدثَنَا محمدُ بنُ إسحاقَ السَّعْدِيُّ عن الرَّمَادِيِّ عن عبد الرزاقِ عن مَعْمَرٍ عن أَيُّوبَ عن محمدِ بنِ سِيرِينَ : قال سمعت عبيدة يقول : سَمعْتُ عَلِيّاً يَقُولُ : من كان سائلاً عن نِسْبَتِنَا فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثى.

ورُوِي عن ابن الأعرابي أنه قال : سألَ رَجْلٌ عَلِيّاً : أَخْبِرنِي يا أمِيرَ المُؤْمِنينَ عن أَصْلِكُمْ مَعَاشِرَ قُرَيْشٍ فقال : نحنُ قَوْمٌ من كُوثَى.

قال ابن الأعرابي : واخْتَلَفَ الناسُ في : نحن من كُوثى. فقال قومٌ : أَرَادَ : كُوثى : السَّوَاد التي وُلِدَ بها إبراهيمُ.

وقال آخَرُونَ : أَرَادَ عليّ بقوله كُوثى : مَكَّةَ ، وذلك أَنَّ محلَّةِ بَنِي عَبْدِ الدَّارِ يقال

١٨٥

لها : كُوثى ، فأراد عليّ أَنّا مَكِّيُّونَ أُمِّيُّونَ من أُمِّ القُرَى وأنشد :

لَعَنَ اللهُ مَنْزِلاً بَطْنَ كُوثى

ورمَاه بالفَقْرِ والإمْعَارِ

ليس كُوثَى العِرَاقِ أَعْني ولكنْ

كُوثَةَ الدَّارِ دَارِ عَبْدِ الدَّارِ

(قلت) : والقَوْلُ : هو الأوَّلُ ، لقول عليّ رضي‌الله‌عنه : فإِنَّا نَبَطٌ من كُوثَى ، ولو أرادَ كُوثَى مكَّةَ لما قال : نَبَطٌ ، وكوثَى العِرَاقِ هي سُرَّةُ السَّوَادِ ، وأرادَ علي أَنَّ أَبَانَا إبراهيمَ كانَ من نَبَطِ كُوثى وأنَّ نَسَبنَا إليه.

ونحو ذلك قال ابن عباس : نَحْنُ مَعَاشِرَ قُرَيْش حَيٌّ من النَّبَطِ من أَهْل كُوثى.

(قلت) : وهذا من عليِّ وابن عباس رحمهما‌الله تَبَرُّؤٌ من الفَخْرِ بالأنْسَابِ ورَدْعٌ عن الطَّعْنِ فيها وتَحْقِيقٌ لقول الله جل وعزّ : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ) [الحجرات : ١٣].

ك ر

(وايء) كري ، كرا ، كور ، كير ، ركا ، (راك) ، ورك ، وكر ، أرك ، أكر : [مستعملة].

كرا : قال الليث : كَرَوْتُ البِئرَ كرْواً إذا طَوَيْتَها.

ونحو ذلك قال أبو عمرٍو ، وأبو عبيدٍ عن الأصمعيِّ : كَرَا الغُلَامُ يَكْرُو كَرْواً إذا لَعِبَ بالكُرَةِ.

وقال ابن السكيت : كَرَوْتُ بالكُرَةِ إذا ضَرَبْتَ بها.

وقال المُسَيَّبُ بن عَلَسٍ :

مَرِحَتْ يَدَاهَا للنَّجَاءِ كَأَنَّمَا

تَكْرُو بكَفَّيْ لَاعِبٍ في صَاعِ

قال : والصَّاعُ : المُطْمَئِنُّ من الأرْضِ كالْحُفْرَةِ.

(أبو عبيد عن الأصمعي): الكَرْوَاءُ : المَرْأَةُ الدَّقِيقَةُ السَّاقَيْنِ.

وقال الليث : الكَرَا : الذَّكَرُ من الكَرَوَانِ.

ويقال : الكَرَوَانَةُ ، الواحدة ، والجَميعُ : الكِرْوَانُ.

(أبو عبيد عن الفراء): الكَرَوَانُ : طائرٌ ، وجمعُه : كِرْوَانٌ.

وقال أبو حاتم في «كتاب الطَّيْرِ» : الكَرَوَانُ : القَبْجُ ، وجَمْعُه : كِرْوَانٌ ، ومن أَمثالهم : «أَطْرِقْ كَرَا إنَّ النَّعَامَ بالقُرَى» ، يُضرَبُ مثلاً للرَّجُلِ يُخْدَعُ بكلام يُلَطَّفُ له ، ويُرَادُ به الغَائِلَةُ.

وأَخبرَني المنذِرِيُّ عن أَبي الهيثم أنه قال : سُمِّيَ الكَرَوَانُ كَرَوَاناً بِضِدّهِ لأنه لا ينامُ بالليل.

وقيل : الكَرَوَانُ : طائرٌ يُشبهُ البَطَّ.

وقال ابن هانئ يقال : أَطْرِقْ كَرَا ، رَخَّمَ الكَرَوَانَ وهو نَكِرَةٌ.

١٨٦

كما قال بعضهم : قُنْفُ ، يُرِيدُ يا قُنْفُذُ.

قال : وإنَّما يُرَخَّمُ في الدُّعاءِ المعَارِفُ نحو مالكٍ وعامرٍ ولا تُرَخَّمُ النكرةُ نحو غلام ، فرُخِّمَ كَرَوَانٌ وهو نكرة ، وجُعِلَ الواوُ ألِفاً فجاء نادِراً.

كري : (ثعلب عن ابن الأعرابي): كَرَى النّهْرَ يَكْرِيهِ.

وقال غيره : كَرَيْتُ النَّهْرَ كَرْياً : إذا حَفَرْتَه.

وكَرِيَ يَكْرَى كَرًى إذا نامَ ، والكَرَى : النَّوْمُ.

الكُرَةُ التي يُلعبُ بها أَصلها : كُرْوَةٌ فحُذِفَتِ الواوُ كما قالوا : قُلَةٌ للتي يُلْعبُ بها ، والأصلُ : قُلْوَةٌ ، وجمع الكُرَةِ : كُرَاتٌ وكُرُونَ) (١).

وقال الأصمعي : أكْرَيْنَا في الحديث اللَّيْلةَ أَي أَطَلْنَاه.

(الحراني عن ابن السكيت): أَكْرَى الكَرِيُ ظَهْرَه يُكْرِيهِ إكْرَاءً.

ويقال : أَعْطِ الكَرِيَ كِرْوَتَهُ ، حكاها أبو زيد.

وقال ابن السكيت : أَكْرَى يُكْرِي إِكْراءً إذا نَقَصَ ، وأَكْرَى يُكْرِي إِكْراءً إذا زادَ ، وهو من الأضداد ، وقد أكْرَى زادُه إذا نَقَصَ.

وأنشد ابن الأعرابي :

كَذِي زَادٍ متى ما يُكْرِ منهُ

فليس وَراءَه ثِقَةٌ بزَادِ

وقال غيره :

تُقَسِّمُ ما فيها فإن هي قَسَّمَتْ

فذاك ، وإن أكْرَت فعن أَهْلِها تكْرِي

أَراد إن نَقَصَت فعن أهلها تَنْقُصُ ، يعني القِدْرَ. وقال ابنُ أَحْمَرَ :

وتَوَاهَقَتْ أَخْفَافُها طَبَقاً

والظِّلُّ لم يَفْضُلْ ولَمْ يُكْرِي

أي ولم يَنْقُصْ ، وذلك عندَ انتِصَافِ النهار ، وقد أكْرَيْتُ أي أخّرْتُ.

وأنشد أبو عبيدة بيت الحطيئة :

وأَكْرَيْتُ العَشَاءَ إلى سُهَيْلٍ

أو الشِّعْرَى فطالَ بي الأناءُ

وقال فقيهُ العرب : مَنْ سرَّهُ النَّسَاءُ وَلَا نَساءُ ، فَلْيُكْرِ العَشاءَ ، ولْيُبَاكِرِ الغَدَاءَ ، ولْيُخَفِّفِ الرِّدَاءَ ، ولْيُقِلَّ غِشْيانَ النِّسَاءِ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): أَكْرَى الرَّجُل : سَهِرَ في طاعةِ الله.

وقال أبو عبيد : المُكَرِّي : السَّيْرُ اللَّينُ البَطِئُ وأنشد :

منها المكَرِّي ومنها اللَّيِّنِ السّادِي

وقال الأصمعي : هذه دَابّةٌ تُكَرِّي تكْرِيةً : إذا كان كأَنّه يَتَلَقّفُ بيَده إذا مَشَى.

__________________

(١) جاء في هامش المطبوعة : «ذِكرها هنا خطأ لأنها واوية ، كما ذكر الأزهري ، فيجب ذكرها في مادة (كرا). ا. ه كلام الأستاذ علي حسن هلالي.

١٨٧

قال : والكَرِيُ : الرجُلُ الذي أكْرَيْته بعيركَ ، ويكونُ الكَرِيُ الذي يُكْرِيكَ بَعيرَه ، فأَنا كَرِيُّكَ ، وأَنت كَريّي.

وقال الراجز :

كَرِيُّهُ ما يُطْعِمُ الكَرِيَّا

بالليل إلَّا جِرْجِراً مَقْلِيّاً

والكَرِيُ : نَبْتٌ.

وقال ابن السكيت : الكَرِيَّةُ : شجرةٌ تنْبُتُ في الرَّمْلِ في الخِصْبِ بنَجْدٍ ظاهرةً نِبْتَةَ الجَعْدَةِ. وقال العجاج :

حتى غَدَا واقْتَادَهُ الكَرِيُ

وشَرْشَرٌ وقَسْوَرٌ نَضْرِيُ

وهذه نُبُوتٌ غَضَّةٌ ، وقوله : واقْتَاده أي دَعَاهُ كما قال ذو الرمة : .... يَدْعُو أَنْفَه الرّبَبُ (الحراني عن ابن السكيت) : هو الكِرَاءُ ممدودٌ لأنه مصدر كارَيْتُ ، والدليلُ على ذلك قولُك : رجُلٌ مُكَارٍ (مفَاعِلٌ) ، وهو من ذَوَاتِ الواوِ لأنه يقال : أَعْطِ الكَرِيَ كِرْوَتَه.

ويقال : اكْتَرَيْتُ منه دابَّةً واستَكْرَيتُها فأكْرَانِيها إكْرَاءً.

ويقال للأجْرَةِ نفسها : كِرَاءٌ أيضاً.

كور ـ كير : رُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه كان يَتَعَوَّذُ مِن الْحَوْرِ بَعْدَ الكَوْرِ.

قال أبو عبيد : الحَوْرُ : النُّقْصَانُ ، والكَوْرُ : الزِّيَادَةُ ، أُخِذَ من كَوْرِ العِمامة.

يقول : قد تغيَّرَتْ حالُه وانتقضت كما يَنْتَقِضُ كوْرُ العِمامة بعدَ الشدِّ ، وكلُّ هذا قريبٌ بعضُه من بعض.

وقال محمد بن حبيب : الكِيرُ الذي يَنْفُخُ فيه الحَدَّادُ ، والكُورُ : كُورُ الحدَّاد الذي توقَدُ فيه النار.

ويقال : هو الزِّقُّ أَيضاً.

والكُورُ : الرَّحْلُ ، والكُورُ : بِنَاءُ الزَّنَابِيرِ.

وقال الليث : الكَوْرُ : لَوْثُ العِمامِة وهو إدَارَتُهَا على الرَّأْسِ ، وقد كَوّرْتُها تكْويراً.

والْكِوَارَةُ : لَوْثٌ تلْتَاثُهُ المرأَةَ بِخِمَارِها وهو ضَرْبٌ من الْخِمْرَةِ وقال الشاعر :

عَسْرَاءُ حِينَ تَرَدَّى مِن تَفَجُّسِهَا

وفي كِوَارَتِهَا من بَغْيِها مَيَل

والكِوارُ ، والكِوَارَةُ : يُتَّخَذُ من قُضْبَانٍ ضَيِّقُ الرَّأْسِ للنَّحْل.

وقال النَّضْرُ : كلُّ دَارَةٍ من العِمامةِ : كَوْرٌ.

والكِوَارةُ : خِرْقةٌ تجعلها المرأَةُ على رَأْسِهَا.

(أبو عبيدٍ عن الأصمعي وأبي زيد) : الكوْرُ : الإبِلُ الكثيرةُ العظيمة.

وقال ابن حبيب : كَوْرٌ : أَرْضٌ بالْيَمَامةِ.

وقال غيرُه : يقال للكَوْرِ وهو الرَّحْلُ : المَكْوَرُ إذا فَتَحْتَ الميمَ خَفَّفْتَ الرّاءَ.

وأنشد :

١٨٨

قِلَاص يَمَانٍ حَطَّ عَنْهُنَ مَكْوَرَا فَخَفَّفَ ، وأنشد الأصمعي للحِمَّانيِّ :

كأَنَّ في الحَبْلَيْنِ مِنْ مُكوَرِّهِ

مِسْحَلَ عُونٍ قَصَدَتْ لَضَرِّهِ

وقولُ الله : (يُكَوِّرُ اللَّيْلَ عَلَى النَّهارِ وَيُكَوِّرُ النَّهارَ عَلَى اللَّيْلِ) أي يُدْخِلُ هذا على هذا ، وأَصْلُه من تَكْوِير العِمامةِ ، وهو لَفُّهَا وجمعُها.

وقال الزجاجُ في قولِ الله : (إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)) [الزمر : ٥] : أي جُمِعَ ضوءُها ولُفَّ كما تلَفُّ العِمامةَ.

يقال : كُرْتُ العِمامةَ عَلَى رأْسِي أَكُورُها كوْراً ، وكَوَّرْتُها أكَوِّرُهَا إذا لَفَفْتَهَا.

وقال الأخْفَشُ : تُلَفُّ فَتُمْحَى.

وقال أبو عبيدة : كُوِّرَتْ كما تُكوَّرُ العِمامةُ.

وقال قَتَادةُ : كُوِّرَتْ : ذهب ضوءها ، وهو قول الفرّاء.

وقال عِكرِمَةُ : نُزِعَ ضَوْءُها.

وقال مجاهد : كُوِّرَتْ : دُهْوِرَت.

وقال الرّبيعُ بن خَيْثَم : كُوِّرَتْ : رُمِيَ بها.

ويقال : دَهْوَرْتُ الحَائِطَ إذا طَرَحْتَه حتى يَسقُطَ.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : طَعَنَهُ فكَوَّرَه وجَوّرَه إذا صَرَعَه. قال أبو كبير :

مُتَكوِّرِينَ عَلَى المَعَاري بينهم

ضَرْبٌ كَتعْطَاطِ المَزَادِ الأَثْجَلِ

وقال الليث : سُمِّيَتِ الكارَةُ التي للقصَّار لأنه يجمع ثيابه في ثَوبٍ واحدٍ ، يُكوِّرُ بعضها على بعض.

ويقال : والاكتيارُ في الصِّرَاع : أَنْ يُصْرَعَ بعضُه على بعض.

والكُورَةُ : من كُوَرِ البُلْدَان.

والكِيرُ : كِيرُ الحَدَّادِ ، وجمعُه : كِيرَةٌ.

وقال أبو عَمرٍو : الكُورُ : موضع النار الذي يَنْفُخُ فيه الحَدَّاد.

وكَوَّرَ المَتَاعَ : ألْقَى بعضَهُ على بعض.

ويقال : جاءَ الفَرَسُ مُكْتاراً إذا جاءَ مادّاً ذَنَبَهُ تحتَ عَجُزِه.

وقال الكُمَيتُ يصفُ ثَوراً :

كأَنَّهُ مُرْتَدٍ قُبْطِيَّةً لَهِقاً

بالأتحَمِيّةِ مُكْتَارٌ ومُنْتَقِبُ

قالوا : هو من اكْتَارَ الرّجُلُ اكتِيَاراً إذا تَعَمَّمَ.

وقال الأصمعي : اكْتَارت النّاقةُ اكتِيَاراً إذا شالَتْ بذَنَبها بعد اللِّقَاحِ ، واكْتَارَ الرّجلُ للرّجُلِ إذا تَهَيَّأَ لِسبَابِه.

وقال أبو زيد : أَكَرْتُ على الرَّجُلِ أُكِيرَ إِكَارَةً إذا اسْتَذْلَلْتَه واسْتَضْعَفْتَه ، وأَحَلْت عليه إحَالَة نحْوٌ مِنْهُ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : الكِوَارَةُ ، والمِكْوَرَةُ : العِمَامَةُ.

١٨٩

أكر : (أبو عبيد عن الأصمعي): الأُكَرُ : الحُفَرُ في الأرْضِ ، واحدتُها : أُكْرَةٌ.

ومنه قيل لِلْحَرَّاثِ : أَكَّارٌ قال العجاج : من سَهْلهِ ويَتَأَكَّرْنَ الأكَرْ وقال الفراء : يقال للذي يُلْعَبُ به : الكُرَةُ ، ولا تَقُلْ : الأكْرَةُ ، وقال غيره : الأكْرَةُ : لُغَةٌ لَيْسَت بجيِّدة ، وقال : حَزَاوِرَةٌ بأَبْطَحِهَا الكُرِينَا

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : الكِيَارُ : رَفْعُ الفَرَسِ ذَنَبَه في حُضْرِه ، والكَيَّرُ : الفَرَسُ إذا فَعَلَ ذلك.

وقال بُزْرُج : أَكَارَ عليه يَضْرِبُه ، وهما يَتَكايَرَانِ.

ركا : (أبو العباس عن ابن الأعرابي): رَكَاهُ : إذا أَخَّرَه ، ورَكَاهُ : إذا جاوَبَ رَوْكه ، وهو صَوْتُ الصَّدَى من الجَبَل والحَمَّام.

قال : وفي الحديث «يُغْفَرُ في لَيْلَةِ القَدْرِ لكُلِّ مُسْلِمْ إلَّا للمُتَشَاحِنَيْنِ ، أُرْكُوهُمَا حتى يَصْطَلِحَا» رواهُ بضَمِّ الألِفِ.

وروى مالكٌ عن مُسْلِمِ بنِ أبي مَرْيمَ عن أَبِي صالِحٍ السَّمّانِ عن أبي هريرة أَنّه قال : «تُعرَضُ أَعْمَالُ النَّاسِ في كل جُمُعَةٍ مَرَّتَيْن ، يَوْمَ الاثْنَين ويومَ الخميس فَيُغْفُر لكُلِّ عَبدٍ مُؤْمنٍ إلَّا عَبداً كانت بَيْنَه وبَين أَخِيهِ شَحنَاءُ ، فيُقَالُ أُرْكُوا هذَين حتى يفيئا».

ومعنَى قوله : ارْكُوا أَيْ أَخِّرُوا وفيه لُغَةٌ أُخْرَى.

أخبرِني المنذِرِيُّ عن سلمةَ عن الفراء أَنَّه قال : أَرْكَيْت عَلَيَّ دَيناً ، وَرَكَوْته.

وقال أبو عبيدٍ : رَكَوْتُ عَلَيَّ الأمرَ أي ورَّكْتُه.

وقال أبو العباس قال ابنُ الأعرابي : رَكَوْتُ الحَوْضَ أي سَوَّيْتُه.

وروى أبو عبيدٍ عن أبي عَمْرٍو : المَرْكُوُّ : الحَوْضُ الكَبيرُ.

(قلت) : والذي سَمِعْتُه من غيرِ واحدٍ من العرب في المَرْكوِّ أَنَّه الحَوْضُ الصَّغيرُ الذي يُسَوِّيه الرّجُل بيَدَيْهِ على رَأْسِ البِئْرِ إذا أَعْوَزَهُ إنَاءٌ يَسْقِي فيه بعيره فيَصُبُّ فيه دَلْواً أو دَلْوَيْن من ماءٍ أو قَدْرَ ما يُرْوِي ظَهْرَهُ.

يقال للرَّجُلِ : أُرْكُ مَرْكُوّاً تَسْقَى فيه بعيرك ، وأَمّا الحوضُ الكبير الذي يُجْبَى فيه الماءُ للإبلِ الكثيرةِ فلا يُسَمَّى مَرْكُوّاً.

وقال ابن الأعرابي : أَرْكَيْتُ لَبنِي فلانٍ جُنْداً أي هَيَّأْتُه لهم ، وأَرْكَيْتَ عَلَيَّ ذَنْباً لم أَجْنِهِ.

(أبو عبيدٍ عن أبي عُبَيْدَةَ): أَرْكَيْتُ في الأمر : تأخَّرْتُ.

وقال ابن الأعرابي : أَرْكَيْتُ إلى فلانٍ اعْتَزَيْتُ إليه ، وأنشد :

إلى أَيِّمَا الْحَيّينِ تُرْكَوْا فَأنتُمُ

ثِفَالُ الرَّحَى مِنْ تَحْتها لا يَرِيمُهَا

١٩٠

وأَمّا قَوْلُ الشاعر : فَأَمْرَكَ إلَّا تَرْكُهُ مُتَفَاقِمُ فمعناه إلَّا تُصْلِحُه.

وقال الليث : الرَّكْوُ : أَنْ تَحْفِرَ حوضاً مستطيلاً وهو المَرْكُوُّ.

والرَّكِيَّةُ : بِئرٌ تُحْفَرُ ، فإذا قُلْتَ الرَّكِيّ فقد جَمَعْتَ ، وإذا قَصَدْتَ إلى جمع الرَّكِيّةِ قلت : الرَّكَايَا.

قال ويقال : أَرْكَى عليه كَذَا وكَذَا أَي ركَّهُ في عُنُقِه أي جَعَلَه.

والرَّكْوَةُ : شِبْهُ تَوْرٍ من أَدَمٍ ، وجَمْعُها : الرِّكَاءُ.

وقال : ابن الأعرابيّ : رَكْوَةُ المرأَةِ : فَلْهَمُهَا ، وجمعُها : الرُّكَى.

وكر : قال الليث : الوَكْرُ والوَكْرَةُ : موضعُ الطائرِ الذي يبيضُ فيه ويُفْرِخُ ، وهي الْخُرُوقُ في الحيطانِ والشجرِ ، وجمعُه : وكورٌ وأَوْكَارٌ.

(أبو عبيد عن الأصمعي): الوَكْرُ والوَكْنُ : المكان الذي يَدْخُل فيه الطائر ، وقد وَكَنَ يَكِنُ وَكناً.

قال : وَوَكّرْتُ الإنَاءَ تَوْكِيراً إذا ملأتَه.

وقال الليثُ : تَوَكَّرَ الطائرُ إذا ملأ حَوصْلَتَه ، وكذلك : وَكّرَ فلانٌ بَطْنَه.

وروى أبو عبيد عن الأصمعي : وَكَرْتُ السِّقَاءَ أكِرُه وَكْراً إذا ملأتَه.

وقال : وقال الأحْمَرُ : وَكَرْتُه ، ووَرَكْتَه وَرْكاً.

قال : وقال أبو زيد : الوَكِيرَةُ : الطعامُ الذي يُصنعُ عند البِناءِ ، يَبْنِيهِ الرّجُلُ في دَارِه ، وقد وكّرْتُ توكيراً.

(سلمة عن الفراء): الوَكِيرَةُ تَعْمَلُها المَرْأَةُ في الجِهَازِ ، قال : ورُبَّما سَمِعَتهم يَقولُونَ : التَّوْكِير في الدَّارِ.

(أبو عبيد) : هو يَعْدُو الوكَرَى أي يُسْرعُ.

وأنشد غيره لحُمَيْدِ بن ثَوْرٍ :

إذا المَحمَلُ الرِّبْعِيِّ عَارَضَ أُمَّه

عَدَت وَكَرَى حتى تَحِنَّ الفراقِدُ

ورك : قال الليث : الوَرِكَانِ : هما فَوْقَ الفخذْيْنِ ، كالكتِفيْنِ فَوْقَ العَضُدَيْنِ.

والتَوْرِيكُ : تَوْرِيكُ الرّجُل ذَنْبَه غَيرَ كأَنَّهُ يُلْزِمُه إيَّاه ، وفلانٌ ورَّكَ على دابّتِهِ وتَورّكَ عليها إذا وضع وَرْكُه فنزَلَ ، بجزم الرَّاءِ.

(الأصمعي) : يقال منه وَرَكْتُ أرِكُ ، وهذه نَعْلٌ مَوْرِكَةٌ ، ومَوْرِكٌ إذا كانت من الوَرِك.

ووَرَّكْتُ الجَبَلَ تَوْرِيكاً إذا جاوَزْتَه.

(أبو عبيد عنه) : وفي حديث عُمَرَ أَنَّه كان يَنْهَى أَنْ يُجْعَل في ورَاكٍ صَلِيبٌ ، رواهُ شمر بإسْنَادٍ له ، قال شمرٌ قال أبو عبيدة : الوِرَاكُ : رَقْمٌ يُعْلَى المَوْرِكَةَ ، ولها ذُؤَابةُ عُهُونٍ ، وقال : المَوْرِكَةُ حَيْثُ يَتَوَرَّكُ الرَّاكِبُ على تِيكَ اليت كأَنَّها رِفَادَةٌ من

١٩١

أَدَمٍ ، يقال لها : مَوْرِكة ومَوْرِك.

وجمع الوِرَاكِ : وُرُكٌ ، وأنشد :

إلَّا القُتُودَ على الأكْوارِ والوُرُكِ

قال : وقال أبو عمرو : الوِرَاكُ : ثَوبٌ يُحَفُّ به الرَّحْلُ.

قال : والميرَكَةُ : تكُونُ بين يَدَي الرَّحلِ يَضَعَ الرَّجُلُ رِجْلَه عليها إذا أَعْيَا ، وهي المَوْرِكةُ ، وجَمْعُها : المَوَارِك ، وأنشد :

إذا حَرَّدَ الأكْتَافَ مَوْرُ المَوَارِكِ

قال أبو زيد : الوِرَاكُ : الذي يُلْبَسُ المَوْرِكَ.

ويقال : هي خِرْقَةٌ مُزَيَّنَةٌ صغيرة تُغَطِّي المَوْرِكَةَ ، ويقال : وَرَكَ الرّجُلُ على المَوْرِكَةِ.

وقال شمر : قال ابن الأعرابي : ما أَحْسَنَ رِكَتَهُ ووُرْكَهُ من التَّورُّكِ.

ويقال : وَرَكْتُ على السَّرْجِ والرَّحْلِ وَرْكاً وَوَرَّكْتُ تَوْرِيكاً.

وثَنَى وَرْكَهُ فنَزَلَ بِجَزْمِ الرَّاءِ.

وقال غيرُه : وَرَّكَ فلانٌ ذَنْبَهُ على غيره توريكاً إذا أضافَهُ إليه.

وقال إبراهيمُ النَّخَعِيُّ في الرَّجُلِ يُسْتَخْلِفُ قال : إنْ كان مظلوماً فَوَرَّكَ إلى شيءٍ جَزَى عنه التّوْرِيكُ ، وإن كان ظالماً لم يَجْزِ عنه التَّوْرِيكُ ، وكأنَ التَّوْرِيكَ ، في اليَمِينِ نِيَّةٌ يَنْوِيها الخالفُ غير ما نَوَاها مُسْتَحْلِفُه.

وروي عن مجاهد أنَّه كان لا يرَى بأساً أن يَتَورك الرَّجُلُ على رِجْلِه اليُمْنَى في الأرضِ المُسْتَحيلةِ في الصلاة.

وقال أبو عبيدٍ : التَّوَرُّكُ على اليُمنَى : وَضْعُ الوَرِكَ عليها.

وقال في حديث إبراهيمَ : «أنَّه كان يَكْرَهُ التَّوَرُّكَ في الصَّلاةِ» أي وضعَ الألْيَتَيْنِ أو إحداهُمَا على الأرضِ.

(قلت أنا): التَّوَرُّكُ في الصَّلَاةِ : ضربانِ ، أحدُهُمَا سُنَّةٌ ، والآخَرُ مكْرُوهٌ ، فأما السُّنَّةُ فأَنْ يُنْحِّي المُصَلِّي رجْليهِ في التشَهُّدِ الأخير ، ويلزقَ مَقْعَدَتَه بالأرْض كما جاء في الخَبَرِ.

وأما التّوَرُّكَ المكْرُوهُ فأنْ يضعَ المصلّي يدَيْهِ على وَرِكَيْهِ في الصلاةِ قائماً أو قاعداً.

وقال أبو حاتم ، يقال : ثَنَى وَرِكهُ فنَزَلَ ، ولا يجوزُ وَرْكهُ في ذا المَعْنى ، إنما هو مصدرُ وَرَكَ وَرْكاً ، ويسمَّى ذلك الموضعُ من الرَّحْلِ المَوْرِكةَ ، لأنَّ الرَّاكبَ يَثْنِي عليه رِجْلَه ثَنْياً كأنّه يَتَرَبّعُ ويضعُ رجلاً على رجْلٍ ، وأما الوَرِكُ نَفسها فلا تُثْنَى ، وفي الوَرِكِ : لغاتٌ ، وَرِكٌ ووَرْكٌ ووِرْكٌ.

أرك : قال الليث : الأرَاكُ : شجرٌ معروفٌ ، وهو شجر السِّوَاكِ ، والإبلُ الأوَارِكُ : التي اعَتَادَتْ أكلَ الأرَاكِ ، والفعلُ : أرَكَتْ تَأْرُكُ أركاً ، وإبلٌ أَوَارِكُ ، وقد أَرَكَتْ

١٩٢

أُرُوكاً إذا لزِمَتْ مكانَها فلم تَبْرَحْ.

(الحرَّانيُّ عن ابن السكِّيت) : الإبلُ الأوَارِكُ : المقِيماتُ في الحَمْضِ.

قال : وإذا كان البعيرُ يأكلُ الأرَاكَ ، قيل : آرِكٌ.

ويقال : أَطْيَبُ الألْبَانِ : ألْبَانُ الأوَارِكِ.

(أبو عبيد عن الكسائيّ): أرَكَ فلانٌ بالمكان يَأْرُكُ إذا أقامَ به.

قال : وأَرِكَتِ الإبلُ أرَكاً إذا اشْتَكَتْ من أَكلِ الأرَاكِ ، وهي إبلٌ أَرَاكَى ؛ وأرِكَةٌ ، وكذلك : طَلَاحَى وطِلحةٌ وقَتَادة وقَتِدَةٌ.

وقال الله جلّ وعزّ : (عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ) [يس : ٥٦].

قال المفسِّرُونَ : الأرَائِكُ : السُّرُرُ في الحِجَالِ ، واحدتُها : أرِيكةٌ.

وروى أبو ترابٍ للأصمعي : هو آرَضُهُمْ أَنْ يفعلَ ذَاكَ ، وآركُهُمُ أَنْ يفعلَهُ أي أخَلَقُهُمْ.

قال : ولم يَبْلُغنِي ذلك عن غيره.

(شمر عن ابن شميل): الأرَاكُ : شجرةٌ طويلةٌ خضراءُ ناعمةٌ كثيرةُ الوَرَقِ والأغصانِ خوّارَةُ العُودِ ، تنبُتُ بالغوْرِ ، يُتّخذُ منها المَسَاويكُ.

(أبو عبيد عن أبي زيد) : إذا صَلَحَ الجرحُ وتماثلَ قيل : أَرَكَ يأْرُكُ أُرُوكاً.

وقال شمرٌ : يأْرِكُ : لغة.

ك ل

(وايء) كول ، كيل ، كلي ، كلأ ، كلّا ، أكل ، ألك ، لكأ ، وكل ، لكي ، [لوك : مستعملة].

كول ـ كيل : تَكَوَّلَ القومُ عليه تكَوُّلاً ، وتثَوَّلُوا عليه تَثَوُّلاً إذا اجتمعوا عليه يَضْرِبونَه ، فلا يُقْلِعُونَ عن ضربِه وشَتْمه ، وهم قاهرونَ له.

وقال غيره يقال : انكَالُوا عليه ، وانْثَالُوا بهذا المعنى.

وقال الليث : الكَوْلَانُ : نباتٌ ينْبُت في الماء مثل البرْديّ يُشْبِهُ ورقهُ وساقهُ السعْدَ إلا أَنَّه أغْلظُ وأعظمُ ، وأصلُه مثل أَصْلِه ، يُجْعلُ في الدَّواءِ.

وقال أبو زيد : اكْوَألّ الرَّجُلُ ، فهو مكْوِئلُ إذا قصُرَ ، وهو الكَوَأْلَلُ.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : إذا كان فيه قصرٌ وغلظٌ من شِدَّةٍ قيل : رجُلٌ كَوَأْللٌ ، وكُلْكُلٌ ، وكُلاكِلٌ.

[كيل]

ومن ذَوَاتِ اليَاءِ ، قال الليث : الكَيْلُ : كَيْلُ البُرِّ ونَحْوه ، تقول : كالَ يكِيلُ كيْلاً ، وبُرٌّ مكِيلٌ ، ويجوزُ في القياسِ : مكْيُولٌ ، ولُغةُ بني أَسدٍ مكُولٌ ولغةٌ رَدِيَّةٌ : مُكَالٌ.

(قلتُ) : أَمَّا مُكَالٌ فمن لُغةِ المُولَّدِين وأما مَكُولٌ فمنْ لغةٍ رَدِيَّةٍ ، واللغةُ الفصيحةُ : مَكِيلٌ ثم يليها في الجودَةِ : مكْيُولٌ.

وقال الليث : المِكْيَالُ : ما يكالُ به ،

١٩٣

حديداً كان أو خشباً ، واكْتَلْتُ من فلانٍ ، واكْتَلْتُ عليه.

ومنه قول الله : (إِذَا اكْتالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ) [المطففين : ٢] ، أي : اكْتَالُوا منهم لأنفُسِهمْ ، وكِلْتُ فلاناً طعاماً ، أي : كِلْتُ له.

قال الله : (وَإِذا كالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣)) [المطففين : ٣] أي كَالُوا لهمْ.

ورُوِيَ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنَّه قال : المِكْيَالُ : مكيالُ أَهْلِ المدينةِ ، والميزان : ميزانُ أهل مكةَ.

قال أبو عبيد يقال : إنَّ هذا الحديثَ أصْلٌ لكلِّ شيءٍ من الكيْلِ والوَزْنِ ، إنَّمَا يَأْتَمُّ الناسُ فيهما بأهل مكة ، وأهل المدينةِ ، وإن تغيَّر ذلك في سائر الأمصارِ ، ألَا ترَى أن أصلَ التمر بالمدينة : كَيْلٌ ، وهو يُوزنُ في كثيرٍ من الأمصارِ ، وأنَّ السمنَ عندهم : وَزْنٌ ، وهو كَيْلٌ في كثيرٍ من الأمصارِ ، والذي يعرفُ به أصْلُ الكَيْلِ والوزنِ أنَّ كلَّ ما لَزِمَهُ اسمُ المَخْتُومِ والقَفِيز ، والمكُّوك ، والمُدِّ ، والصَّاعِ فهو كَيْلٌ وكلّ ما لَزِمَهُ اسمُ الأرْطَالِ ، والأوَاقيّ والأمْنَاءِ فهو وَزْنٌ.

(قلت) : فالتَّمْرُ أَصْلُه الكيل ، فلا يجوزُ أن يباعَ منه رطلٌ برطل ، ولا وزنٌ بوزنٍ ، لأنَّه إذا رُدَّ بعد الوزنِ أن الكَيْلِ تفَاضَل وإنَّمَا يُباعُ كيلاً بكَيْلٍ سواءً بسواءٍ ، وكذلك ما كان أصلُه موزوناً فإنَّه لا يجوزُ أن يباعَ منه كَيْلٌ بكَيْلٍ ، لأنَّه إذا رُدَّ إلى الوزنِ لم يُؤْمَنْ فيه التفاضلُ ، وإنما احتيج إلى هذا الحديث لهذا المعنى ، ولئلا يتهافت النّاسُ في الرِّبَا المنهيّ عنه.

وفي حديث آخرَ : أن رجُلاً أتى النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، وهو يقاتلُ العَدُوَّ ، فسأله سيفاً يقاتلُ به ، فقال له : فلَعَلّكَ إنْ أعْطَيْتُك أن تقومَ به في الكَيُّولِ ، فقال : لا ، فأَعطاهُ سيفاً فجعلَ يقاتِلُ به وهو يقول :

إنّي امرؤٌ عاهَدَنِي خَلِيلِي

أَنْ لا أَقُومَ الدّهرَ في الكَيُّولِ

أضْرِبْ بِسَيْفِ الله والرَّسُولِ

فلم يزلْ يقاتلُ به حتى قُتِلَ.

قال أبو عبيد : قولُه في الكَيُّولِ : هو مُؤَخَّرُ الصفوفِ ، ولم أسمَعْ هذا الحرفَ إلا في الحديث.

(قلت) : والكَيُّولُ في كلام العرب : فيْعُولٌ من كَالَ الزّنْدُ يكِيلُ كَيْلاً إذا كبا ولم يُخْرِجْ ناراً فشُبّهِ مُؤَخَّرُ صفوف الحربِ به ، لأن مَنْ كان فيه لا يكَادُ يقاتلُ.

وقال الليث : الفَرَسُ يكَايِلُ الفَرَسَ في الجري إذا عارضَه وبَارَاه ، كأَنَّهُ يكِيلُ له من جَرْيهِ مثل ما يكِيلُ له الآخَرُ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : المُكايلَةُ : أَنْ يتَشَاتمَ رَجُلَان فَيُربِي أحدُهَما على الآخرِ.

١٩٤

قال : والمُوَاكلَةُ : أَنْ يُهدِيَ المُدَانُ لِلْمُدينِ ليُؤخّرَ قضاءَهُ.

وقال غيرُه : كِلْتُ فلاناً بفُلَانٍ أي : قستُه به ، وإذا أَرَدْتَ عِلْمَ رَجُلٍ فكِلْهُ بغيره ؛ وكلِ الفَرَسَ بغيرِه أي قسهُ به في الجري.

وقال الأخطل :

فَقَدَ كِلْتُمُوني بالسَّوَابِقِ قَبَلَها

فَبَرَّزتُ منها ثَانِياً من عَنَانيَا

أي سبقتها وبعضُ عناني مكفوف ، وقال آخر فجعلَ الكَيلَ وزناً :

قارُورَةٌ ذاتُ مِسكٍ عندَ ذِي لَطَفٍ

من الدّنانِيرِ كالُوها بمثقَالِ

قال يقال : كِل هذا الدِّرْهَم أي زِنْهُ ، وأنشد ابن الأعرابي هذا البيت.

وفي «نوادِرِ الأعرابِ» : الأكَاوِلُ : نشُوزٌ من الأرضِ أشباهُ الجِبالِ ، واحدُها : أكْوَل.

كلي : قال الليث : الكُلْيَةُ للإنسانِ وكل حيوَان ، وهما لَحْمتَانِ مُنتَبِرَتانِ حَمْرَاوَانَ لازقتَانِ بعَظْم الصُّلْبِ عند الخاصِرَتينِ في كُظْرين من الشَّحمِ ، وهما منبتُ بيتِ الزّرْع ، هكذا يُسمَّيَانِ في كتبِ الطِّبِّ ، يرادُ به زَرْعُ الولَدِ.

وكُلْيَةُ المزَادةِ : رقعةٌ مستديرةٌ تُخْرزُ تحت العُرْوَةِ على أديمِ المزَادةِ ، وجمعها : الكُلَى ، وأنشد :

كأنَّهُ منْ كُلَى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ

وقال الليث : الكُلْوَةُ : لغةٌ في الكلْيَةِ ، لأهل اليمنِ.

وقال ابنُ السكيت : يقال : كلَيْتُ فلاناً فهو مكلْيٌ إذا أَصبْتَ كُلْيَتُه.

قال حُمَيْدٌ الأرْقَطُ : مِنْ عَلَقِ المكْلِيِ والمَوْتُونِ وإذا أُصيبَ كِبدُه فهو مكْبُودٌ.

[كلو]

وأخبرني المنذريُّ عن أبي الهيثم أنه قال : العربُ إذا أَضافَتْ (كُلَّا) إلى اثنين ليَّنَتْ لامَهَا ، وجعلَتْ معها ألف التَّثنيةِ ، ثم سوتْ بينها في الرفعِ والنصبِ والخفضِ فجعلت إعرابها بالأَلف ، وأضافتَها إلى اثنين ، وأَخْبرَتْ عن واحدٍ ، فقالت : كِلَا أخَوَيْكَ كان قائماً ، ولم يقولوا : كانَا قائِميْنِ ، وكلا عمَّيْكَ كان فَقِيهاً ، وكلْتَا المَرْأتين كانت جميلة ، لا يقولون : كانَتَا جَمِيلَتَيْنِ.

قال الله جل وعز : (كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَها) [الكهف : ٣٣] ولم يقل : آتتا.

وتقول : مررت بِكلَا الرَّجُلين ، وجاءني كِلَا الرَّجُلَين ، فيسْتَوِي في كلا ـ إذا أضفتها إلى ظاهرَيْنِ ـ الرفعُ ، والنصبُ ، والخفضُ ، فإذا كنَوْا عن مَخْفوضِها أجرَوها بما يُصيبُها من الإعراب.

فقالوا : أَخَوَاكَ مررتُ بكلَيْهِما ، فجُعلوا نَصْبَها وخفضها بالياء.

١٩٥

وقالوا : أَخَوَايَ جاءاني كلاهُمَا جعلُوا رفعَ الإثنين بالألف.

وقال الأعشى في موضع الرَّفعِ : كِلَا أَبَوَيكُمْ كانَ فَرْعاً دِعَامةً يريدُ كل واحدٍ منهما كان فرعاً ، وكذلك قال لبيد :

فَعَدَتْ كِلَا الفَرْجَينِ تَحْسَبُ أَنَّه

مَوْلَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها

عَدَتْ يعني بقرةً وحشيةً ، وكلَا الفَرْجين أراد كِلَا فرجَيْها ، فأقامَ الألفَ واللام مُقام الكِنايَة.

ثم قال : تحسب يعني البقرة ، أنه ـ ولم يقل : أَنَّهُما ـ مَوْلى المخافة أي وليُّ مخافتِها ، ثم ترجمَ عن قوله كِلَا الفَرْجينِ فقال : خلفُها وأمامُها.

وكذلك تقولُ : كِلَا الرَّجُلين قائمٌ ، وكلتا المرأتينِ قائمةٌ.

وأنشد :

كِلَا الرَّجُلَيْنِ أَفّاكٌ أثِيمُ

وقد مر تفسيرُ (كلّ) في باب المضاعف ، فكرهتُ إعادته.

كلأ : قال الله جلَّ وعزَّ : (قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ مِنَ الرَّحْمنِ) [الأنبياء : ٤٢].

قال الفراء : هي مهموزة ، ولو تَركْتَ هَمْز مثله في غير القرآن لقلتَ يَكْلُوكم بواوٍ ساكنة ، ويكلَاكُم بألف ساكنة ، مثل يَخْشَاكُمْ ، فمن جعلها واواً ساكنة ، وقال : كلَاتُ بألف يترك النَّبرَة منها ، ومن قال : يَكَلاكُم قال : كلَيْتُ مثل قَضَيْت ، وهي من لغة قريش ، وكلٌّ حسنٌ ، إلا أنَّهم يقولونَ في الوجهين : مكْلُوَّة ومكْلُوٌّ أكْثرَ مما يقولُونَ : مكْليٌ.

ولو قيل : مكْليٌ في الذين يقولُون : كلَيْتُ كان صواباً.

قال : وسمعتُ بعض العرب ينشد :

ما خاصم الأقوامَ من ذي خصومَةٍ

كَوَرْهَاءَ مَشْنِيِّ إليها حَليلُها

فَبَنَى على شَنَيْت بتركِ النَّبْرةِ.

وقال الليث : يقال : كَلأكَ اللهُ كَلاءَةً أي حفظِكَ وحَرَسكَ ، والمفعول به : مكلوءٌ ، وأنشد :

إنَّ سُلَيمَى ، والله يكْلَؤُها

ضَنَّتْ بزادٍ ما كان يَرَزَؤُها

ورُوي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنَّه نهَى عن الكالِئ بالكالئ».

قال أبو عبيدةَ : هو النّسيئةُ بالنّسيئةِ.

ويقال : تكلأَّتُ كلاءةً إذا استَنْسأتَ نسيئةً ، والنَّسِيئةُ : التّأخيرُ.

قال أبو عبيدٍ : وتفسيرُه أن يسلم الرَّجُلُ إلى الرجل مِئةَ درهم إلى سنةٍ في كُرِّ طعامٍ ، فإذا انقضتِ السنةُ وحلَّ الطعامُ عليه ، قال الذي عليه الطعامُ للدّافع : ليسَ

١٩٦

عندي طعامٌ ولكن بِعْني هذا الكُرَّ بمئتي درهم إلى شهرٍ ، فهذه نَسيئةٌ انتقلت إلى نسيئة ، وكلُّ ما أشبهَ هذا هكذا ، ولو قبضَ الطعامَ منه ثم باعه منه أو من غيره بنسيئة لم يكن كالِئاً بكالئ.

وقال أبو زيد : كلَّأْتُ في الطعامِ تكلِيئاً ، وأكلأْتُ فيه إكلاءً إذا سلَّفْتَ فيه ، وما أعطيتَ في الطعام من الدراهم ، نسيئةً ، فهي الكُلأةُ.

قال ويقال : كلأَ القومُ سفِينتَهُم تكليئاً إذا ما حبسوها.

ويقالُ : بَلَغَ الله بكَ أَكْلأ العُمُرِ ، يَعْنِي آخِرَه وأَبْعدَه.

وقال غيرُه : الكَلَّاء والمُكَلَّأُ ، والأوَّلُ ممْدُودٌ ، والثاني مهموز مَقْصورٌ : مكانٌ يُرْفأُ فيه السُّفُنُ ، وهو ساحلُ كلِّ نَهْرٍ ، وجاء في بعض الأخْبَارِ «مَن عَرَّضَ عرَّضْنَا له. ومَنْ مشَى على الكَلَّاءِ ألْقَيْناهُ في البَحْرِ» ومَعْنَاهُ أنَّ مَنْ عرَّض بالقَذْفِ ، ولم يُصَرّحُ عُرِّضَ له بضرْبٍ خفيف تأْديباً ، ولم يُضْرَبِ الحدَّ كاملاً ، ومَنْ صَرَّحَ بالقَذْفِ ألقيناه في نَهَرِ الحَدِّ فحدَدْنَاهُ ، وذلك أَنَ الكَلَّاءَ : مَرْفأُ السُّفُنِ عند السّاحِلِ في الماءِ ، ويُثَنَّى الكَلَّاءُ فيقالُ : كَلّاءانِ ، ويُجْمَعُ فيقال : كَلّاءونَ.

وقال أبو النجم :

تَرَى بكَلَّاوَيْهِ منه عَسْكَرَا

قَوْماً يدُقُّون الصَّفَا المكَسَّرَا

وصَفَ الهَنِئَ والمَرِئَ ، وهما نهرانِ حفرهُما هشام بن عبد الملك يقول : ترى بكَلَّاوَيْ هذا النهْرِ من الحَفرَةِ قَوْماً يَحْفِرُون ويدُقونَ حِجَارةً موضعَ الحَفْرِ منه ويُكَسّرُونَه.

وقال أبو زيد : اكْتَلأتُ مِنَ الرَّجُلِ اكْتِلَاءً إذا ما احْتَرَسْتَ منه.

ويقال اكتلأَتْ عَيْنِي اكتِلاءً إذا حَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ له ولم تَنَمْ.

وقَالَ غيرُه : كَلأتُه مِئةَ سَوْطٍ كَلأً إذا ضَرَبْتَه.

ويُقَالُ : كَلأتُ إليه تكْلِيئاً أي تَقَدَّمْتُ إليه.

وأنْشد الفراء في لُغَة مَنْ لا يَهْمِزُ :

فَمَنْ يُحْسِنْ إليْهِمْ لا يُكلِّي

إلى جازٍ بذَاكَ ولا شَكُورِ

وقال أبو وَجْزَةَ :

فإنْ تبدَّلْتَ أو كلَّاتَ في رجُلٍ

فلا يغُرَّنْكَ ذُو ألْفَينِ مغمورُ

قالوا أرادَ بذِي ألْفَينِ : من له ألْفان من المالِ.

أخبرنَي المُنْذِريُّ عن الحَرَّانِيِّ عن ابن السكيت أَنّه قال : الكَلّاءُ : مُجْتَمَعُ السُّفُنِ ، ومن هذا سُمِّي كلاءُ البَصْرَةِ كلّاءً لاجْتِماع سُفُنِه.

١٩٧

قال : والتَّكْلِئةٌ : التَّقَدُّمُ إلى المكانِ ، والوقوفُ به ، ومن هذا يقال كلّأتُ إلى فلانٍ في الأمْرِ أي تقدّمْتُ إليه.

ويقال : كلّأتُ في أَمْرِكَ تكلِيئاً أي تأمَّلْتُ ونَظَرْتُ فيه ، وكلّأتُ في فلانٍ أي نَظَرْتُ إليه متأمِّلاً فأعْجَبَنِي.

ويقال : عَينٌ كَلُوءٌ إذا كانت ساهرةً ، ورجُلٌ كَلُوءُ العَينِ ، وقال الأخطل :

ومَهْمَةٍ مُقْفِرِ تُخْشَى غَوَائِلُه

قطعْتُهُ بكلُوءِ العَيْنِ مِسْفَارِ

والكَلأُ مَهْمُوزٌ : ما يُرْعَى ، وأَرضٌ مُكْلِئَةٌ ، وقد أَكْلأت إكْلاءً.

(أبو عبيد عن أبي عُبيدةَ): كَلأَتِ النَّاقَةُ وأَكْلأَت إذَا أَكَلَتِ الكلأ.

وقال أَبُو نَصرٍ : كَلَّى فلانٌ يُكَلِّي تَكلِيَةً ، وهو أَن يَأْتِيَ مكاناً فيه مُستَتَرٌ ، جاء به غيرَ مهموزٍ.

وقال الليث : الكَلأُ : العشْبُ رطَبُه ويَبْسُهُ ، قال : وأَرْضٌ مُكْلِئةٌ ومِكْلاءٌ : كثِيرَةُ الكلأ ، والكَلأُ : اسْمٌ لجماعةٍ لا يُفْرَدُ.

(قلت): الكلأ : اسْمٌ واحدٌ يدخُلُ فيه النَّصِيُّ والصِّلِّيان ، والحَلَمةُ والشِّيحُ والعَرْفجُ ، وضُرُوبُ العُرَا كلُّها دَاخِلةٌ في الكلأ ، وكذلك : العُشْبُ والبَقْلُ ، وكُلُّ ما يرعاهُ المال.

وقال الأصمعيّ : كلأتُ الرَّجُلَ كلْأً ، وسَلأْتُه سَلأً بالسّوطِ.

وقال النَّضْرُ : أرضٌ مُكْلِئةٌ وهي التي قد شبعَ إبلُهَا ، وما لم تَشْبَعِ الإبلُ لم يَعُدُّوهُ إعْشَاباً ولا إكْلاءً وإنْ شَبِعَتِ الغَنَمُ ، والمُكِلئةُ والكَلِئةُ : واحدٌ.

قال : والكَلأُ : البَقْلُ والشجرُ.

(تفسير كلَّا)

[كلَّا] : سلمة عن الفراء. قال : قال الكسائي : (لا) تَنْفِي حَسْبُ و (كَلَّا) تَنْفِي شيئاً وتُوجِبُ غَيْرَه ، من ذلك قولك لرَجُلٍ قال لك : أَكلْتَ شَيْئاً فقلتَ أَنْتَ : لا ، ويقول الآخَرُ : أكَلْتُ تَمْراً ، فتقول أَنْتَ : كلَّا ، أَرَدْتَ أَنَّكَ أكَلْتَ عَسَلاً لا تَمْراً ، قال : وتَأْتِي كلَّا بمعنَى قولهم : حَقّاً.

ورواهُ أبو عُمَرَ عن ثعلب عن سلمة.

وقال ابن الأنْبَارِيِّ في تفسير كلَّا : هي عند الفراء تكونُ صِلَةً لا يُوقَفُ عليها ، وتكونُ حرْفَ ردٍّ بمنْزِلة نَعَمْ ولا في الاكتِفَاءِ ، فإذا جعلتها صِلَةً لِمَا بعدَها لم تَقِفْ عليها ، كقولك : كلَّا وربِّ الكعبةِ ، لا تَقَفُ على كلَّا لأنَّها بمنزلة إي والله ، قال الله جلَّ وعزَّ : (كَلَّا وَالْقَمَرِ (٣٢)) [المدثر : ٢٢] الوَقْفُ على كلا قبيحٌ ، لأنها صِلةٌ لليَمِينِ.

قال : وقال الأخفش : معنى كلَّا : الرَّدْعُ والزّجْرُ.

(قلت) : وهو مذهب الخليل ، وإليه ذهب الزّجاجُ في جميع القُرْآنِ.

١٩٨

وقال ابن الأنْبَاريِّ : قال المفسِّرُونَ : معنى كلَّا : حقّاً.

قال : وقال أبو حاتم : جاءت كلَّا في القرآنِ على وجهَيْن ، فهي في موضعٍ بمعنى لا ، وهو رَدٌّ للأوَّلِ كما قال العجاج :

قَدْ طَلَبَتْ شَيْبانُ أَنْ يُصَاكِمُوا

كَلّا ولمَّا تَصْطَفِقْ مَآتِمُ

قال : وتَجيءُ كلا بمعنى أَلَا التي للتنبيه كقوله : (أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ) [هود : ٥] وهي زائدةٌ ، لَوْ لمْ تَأْتِ كان الكلامُ تامّاً مفهوماً ، قال ومنه المَثَلُ : «كلَّا زَعمْتَ العِيَرُ لا تُقَاتَل» وقال الأعشى :

كلا زَعمْتُمْ بِأنَّا لا نُقَاتِلُكُمْ

إنَّا لأمْثَالِكُمْ يا قَوْمَنَا قُتُلُ

قال أبو بكر : وهذا غلطٌ ، معنى كلَّا في المَثَلِ والبَيْتِ : لا ، ليس الأمْرُ على ما يقولونَ ، قال : وسمعت أبا العباس ، يقول : لا يُوقَفُ على كلَّا في جميع القُرَآن ، لأنها جوابٌ ، والفائدة تَقَعُ فيما بَعْدَهَا ، قال : واحْتَجَّ السِّجِسْتَانيُّ في أَنّ كلَّا بمعنى ألَا بقوله جلَّ وعزَّ : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى (٦)) [العلق : ٦] قال : فمعناهُ : ألَا ، قال أبو بكر : ويجوزُ أنْ يكون بمعنى حقّاً (إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى) ، ويجوزُ أنْ يكونَ رَدّاً كأنه قال : لا ، ليس الأمْرُ على ما تظُنُّونَ.

وروى ابن شميل عن الخليل أنه قال : كلُّ شيء في القرآن كلّا : رَدٌّ يَرُدُّ شيئاً ، ويُثْبِتُ آخر.

قال أبو زيد : وسمعتُ العربَ تقول : كلَّاكَ والله ، وبلاك والله بمعنى كلَّا والله ، وبَلَى والله.

(قلت) : والكاف لا موضع لها.

أكل : (أبو عبيد عن الأصمعي): أكلْتُ أُكْلَةً أي لُقْمَةً ، وأكلْتُ أَكْلَةً إذا أكلَ حتى يَشْبَعَ ، وإنه لذو أُكلة للناس وإكلةٍ إذا كان ذا غِيبة يَغْتَابُهُمْ.

وفي أَسْنَانِه أَكَلٌ أي أَنّها مُؤْتكِلةٌ.

وإنّه لعظيمُ الأكْلِ في الدُّنْيَا أي عظيم الرزْقِ ، ومنه قيل للمَيِّتِ : انقطعَ أُكْلُهُ.

ورجُلٌ ذُو أُكْلٍ إذا كان ذا رأْيٍ وعَقْلٍ.

وتَوْبٌ ذُو أُكْلٍ إذا كان صفِيقاً ، قَوِيّاً.

وقال أعرابيٌّ : أُريدُ ثَوْباً له أكْلٌ أي نفْسٌ وقُوَّةٌ.

(الأصمعي والكسائي) : وجَدْتُ في جَسَدِي أُكَالاً أي حِكّةً.

وقال غيرُه : أكَلَتِ النَّارُ الحَطَبَ ، وآكَلْتُها إيّاه أي أَطْعَمْتُها ، وكذلك : كلُّ شيء أَطْعَمْتَه شيئاً.

ويقال : آكَلْتُ الرَّجُلَ ، وواكلتُه فهو أكِيلِي ، والهمزةُ في آكَلْتُ : أكْثَرُ وأَجْوَدُ.

قال : وواكَلَتِ الدابَّةُ وِكَالاً إذا أساءتِ

١٩٩

السَّيْرَ ، وما ذُقْتُ أَكَالاً أي ما يُؤْكلُ.

ويقال : أَكِلَتِ الناقةُ تأكَلُ أكَلاً إذا نَبَتَ وَبَرُ جَنِينِهَا في بَطْنِها فوجَدَتْ لذلك حِكَّةً وأَذىً.

وسمعتُ بعضَ العَرَبِ يقول : جِلْدِي يأْكُلُنِي إذا وَجَدَ حِكَّةً ، ولا يقُولُ : جِلْدِي يَحُكُّنِي.

وقال أبو نصرٍ في قول الأعْشَى : أبا ثُبَيْتٍ أَمَا تَنْفَكُ تَأْتَكِلُ قال : معناه أَمَا تَرَاكَ تَأْكُلُ لحُومنَا وتَغْتَابُنَا ، وهو تَفْتَعِلُ من الأكْلِ.

ورَجلٌ أَكُولٌ أي كثيرُ الأكْلِ.

وفلانٌ أَكِيلِي ، وهو الذي يأْكُلُ مَعَكَ.

ويقال لما أُكِلَ : مأْكولٌ وأَكِيلٌ.

وتَأَكَّلَ السّيفُ تأكُّلاً إذا ما تَوَهَّجَ من الحِدَّةِ.

وقال أوسُ بن حجرٍ :

وأبْيَضَ صُوليّاً كأَنَّ غِرَارَهْ

تَلألُؤُ بَرْقٍ في حَبِيٍ تأكَّلا

وفي حديث عمر أنه قال : «لَيَضْرِبَنَّ أحَدُكم أخاهُ بمِثْلِ آكِلَةِ اللّحْمِ ثم يَرَى أَنَّي لا أُقِيدُه ، والله لأُقِيدَنَّهُ منه».

قال أبو عبيد ، قال الحجاج : أَرَادَ بِآكِلَةِ اللّحْمِ عَصاً مُحَدَّدةً.

قال : وقال الأمَوِيُّ : الأصلُ في هذا أنها السِّكِّينُ ، وإنما شُبِّهَتِ العصا المحدَّدة بها.

وقال شمر : قِيلَ في آكِلَةِ اللّحم : إنها السِّيَاطُ ، شَبَّهَهَا بالنار لأنَّ آثارَها كآثارِها.

ويقال : أكلَتْهُ العَقْرَبُ ، وأكلَ فلانٌ عُمْرهُ إذا أَفْنَاهُ ، والنّارُ تأكلُ الحَطَبَ.

وفي حديثٍ آخرَ لعمرَ أنه قال لِسَاع بَعَثَهُ مُصَدِّقاً : «دَعِ الرُّبَّى والمَاخِضَ والأَكُولَةَ».

قال أبو عبيد : الأكُولَةُ التي تُسَمَّنُ للأكْلِ.

وقال شمر : قال غيره : أَكُولَةُ غَنَمِ الرَّجُلِ : الْخَصِيُّ والهَرِمَةُ والعَاقِرُ.

وقال ابن شميل : أكُولَةُ الحيِّ : التي يَجْلُبُونَ لِلْبَيْع يأكلون ثَمَنها : التَّيْسُ والجَزْرَةُ ، والكَبْشُ العظيمُ التي ليست بِقُنْوَةٍ ، والْهَرِمَةُ والشارِفُ التي ليست من جَوَارِح المَالِ.

قال : وقد تكُونُ أكُولَةُ الحَيِ أَكِيلَةً ، فيما زعم يونس فيقال : هَلْ في غَنَمِكَ أكُولةٌ؟

فيقال : لا إِلَّا شَاةٌ واحدةٌ.

يقالُ هذا من الأكُولة ، ولا يقال للواحدة هذه أكولة.

ويقال : ما عِنْدَهُ مِئَةُ أكَائِلَ ، وعندَه مِئَةُ أكولة.

وقال الفرّاء : هي أكولةُ الرّاعِي ، وأكِيلةُ السَّبُعِ.

قال : وأَكِيلَةُ السَّبُعِ : التي يأكلُ منها ، وتُسْتَنْقَذُ منه.

٢٠٠