تهذيب اللغة - ج ١٠

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٠

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٥

قال : وروي عن الأصمعي أنه قال : المِسْكينُ أَحسنُ حَالاً من الفقير ، قال وإليه ذهبَ أحمد بن عبيد ، قال : وهو القول الصحيحُ عندنا ، لأن الله تعالى قال : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) [الكهف : ٧٩] فأَخبرَ أنهم مَساكينُ وأن لهم سَفينةً تساوي جُمْلةً.

وقال : (لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ) الآيةَ إلى قولهِ (إِلْحافاً) [البقرة : ٢٧٣]. فهذه الحال التي أَخبَرَ بها عن الفقراء هي دونَ الحالِ التي أَخبَرَ بها عن المسَاكينِ.

وفي الحديث عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال لِلْمصَلِّي : «تَبْأَس وتَمَسْكنُ وتقنع يديك» قوله تَمَسْكنُ أي تَذِلُّ وتخضعُ.

قال القُتيبيُّ : أَصْلُ الحَرْفِ : السُّكونُ ، والمَسْكَنةُ : مَفعلةٌ منه ، وكان القياس تُسَكَّنَ كما يقال : تَشَجَّعَ وتحلَّمَ ، إِلا أَنه جَاءَ في هذا الحَرْفِ تَمَفْعَلَ ، ومثله : تَمدْرَعَ من المِدْرَعَةِ ، وأَصلُهُ : تَدَرَّعَ.

وقال سِيبَوَيْهِ : كلُّ مِيمٍ كانتْ في أَوَّلِ حَرْفٍ فهي مَزيدةٌ إِلَّا مِيمَ مِعْزَى ، وَمِيمَ مَعَدٍّ ، تقول : تَمَعْدَدَ ، وميمَ مَنْجَنِيق وَمِيمَ مَأْجَجٍ ، ومِيمَ مَهْدَدَ.

(قلت) : وهذا فيما جاءَ عَلَى مَفْعَلٍ أَو مِفْعَلِ أَو مِفْعِيل ، فأَمَّا ما جاءَ عَلَى بنَاءِ فَعْلٍ أَو فِعَالٍ فالميمُ تكونُ أَصْلِيَّةً مثل المَهْدِ والمِهَادِ والمَرْدِ وَما أَشْبَهَهُ.

سلمة عن الفراء من العرب من يقول : أنزل الله عليهم السِّكِّينة للسَّكِينةِ.

قال : وحكى الكسائي عن بعض بني أسد المَسْكِينُ بفتح الميم للمِسكِين.

وقول الله تعالى : (فَمَا اسْتَكانُوا لِرَبِّهِمْ) [المؤمنون : ٧٦] أي فما خضعوا ، كان في الأصل «فما اسْتَكَنُوا» فمدت فتحة الكاف بألف كقوله : لها مَتْنَتَانِ خَظَاتَا ، أراد : خَظَتَا.

فمد فتحة الظاء بألف.

يقال : سَكَنَ ، وأَسْكن ، واسْتَكن وتمسكن ، واستكان أي خضع وذل.

وقال : يَنْبَاعُ من ذِفْرَى غَضُوبٍ أي يَنْبَع فمُدَّت فتحة الباء بألف.

وقال الزجاج : في قوله تعالى : (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) [التوبة : ١٠٣] أي يَسْكُنونَ بها.

وقال أبو عبيد : الخَيْزُرَانة : السُّكّانُ ، وهو الكَوْثَلُ أيضاً.

وقال أبو عمرو : الخَدْفُ : السُّكّانُ ، وهو الكوثَلُ أيضاً.

وقال الليث : السُّكّانُ : ذَنَبُ السَّفينَةِ الذي به تُعدَلُ ، وقال طَرَفة :

٤١

كَسُكَّانِ بُوصِيٍّ بدجْلَةَ مُصْعِدِ قال : وسُكّان السفينة : عربي ، سمى سكاناً لأنها تسكن به عن الحركة والاضطراب.

قال : والسِّكِّينُ تُؤَنَّثُ وتُذكَّرُ ، ومُتّخِذُ السكّين يقالُ له : سَكّانٌ وسَكاكِينيّ.

قال ابن دريد : السكين : فِعِّيل من ذبحت الشيء حتى سكَن اضطرابه.

قال الأزهري : سمي سكيناً لأنها تُسكِّن الذبيحة أي تسكنها بالموت ، وكل شيء مات فقد سَكَن ، ومثله غِرِّيد للمغني لتغريده بالصوت ، ورجل شِمِّير لتشميره إذا جد في الأمر وانكمش.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) التَّسْكينُ : تَقويمُ الصَّعْدَةِ بالسِّكَنِ وهو النَّارُ ، والتَّسكِينُ : أنْ يَدُومَ الرَّجلُ عَلَى رُكُوبِ السُّكَينِ وهو الحمارُ الخفيفُ السَّريعُ ، والأتانُ إذا كانت كذلك : سُكَيْنَة ، وبه سُمّيَتِ الجاريةُ الخفيفةُ الرُّوحِ سُكيْنَةَ.

قال : والسُّكَيْنَةُ أَيضاً : البَقَّةُ التي دخلت في أَنْفِ نُمْرودَ الخاطِئ فأَكلَتْ دِماغَهُ.

(أبو عبيد عن الفراء) : الناسُ على سَكِنَاتِهم ونزلاتهم ورَباعتهمْ ورَبعاتهم ، يعني عَلى اسْتِقَامتهمْ.

وقال ابن بُزُرْجَ : الناسُ عَلَى سَكِناتهمْ ، وقالوا : تركْنا الناس على مَصَاباتهم. على طبقاتهم ومَنازلهم.

وقال غيره : سُكّانُ الدَّارِ هُمُ الجنُّ المقيُمونَ بها ، وكان الرجلُ إِذا اطَّرَفَ دَاراً ذَبحَ فيها ذبيحَةً يَتَّقِي بها أَذى الجِنِّ فنهَى النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن ذَبائح الجنّ.

وفي حديث قَيْلةَ أنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال لها : «يا مِسكِينَة عليكِ السكِينَةَ» أرَادَ عليكِ الوَقارَ والوَداعة والأَمْنَ ، يقال : رجلٌ وَدِيعٌ أَي سَاكِنٌ هادِئٌ ويقال لِلْموضِعِ الذي تسكُنُهُ : مَسكَنٌ.

ومَسْكِنٌ : مَوضعٌ بعيْنهِ.

والسَّكُونُ : قبيلةٌ باليمن.

وأَمَّا المُسْكانُ بمعنى العَرَبُون فهو فُعلانٌ ، والميمُ أَصليّة ، وجَمعُه : المساكِينُ ، قاله ابن الأعرابي.

نكس : قال الليث : النَّكْسُ : قلبُكَ شيئاً عَلَى رأْسِهِ تَنْكُسهُ ، والولدُ المنْكُوسُ : أَن يخرجَ رِجْلاهُ قبل رأسِه.

والنُّكْسُ : العَودُ في المرَض.

يقال : نُكِسَ في مَرَضهِ نُكْساً.

والنِّكْس من القوم : المُقصِّرُ عن غايةِ النّجدةِ والكرمِ ، والجميعُ : الأنْكاسُ.

وإِذا لم يَلْحق الفرَسُ بالخيل السوابق قيلَ : نَكَّس.

وأنشد :

إِذا نَكسَ الكاذِبُ المحْمَرُ

قال أبو بكر : نُكِس المريضُ معناه قد

٤٢

عاودته العلةُ.

يقال : نَكَسْت الخِضابَ إِذا أَعَدْتَ عليه مرَّة بعد مرة ، وأنشد :

كالوَشْم رُجّع في اليَدِ المنكوس

وفي الحديث : أنه قيل لابن مسعودٍ : إن فُلاناً يقرأُ القرآن مَنْكُوساً ، قال : ذاك منكوسُ القْلبِ.

قال أبو عبيد : يَتَأَوَّله كثيرٌ من الناس أنه أَن يبدأَ الرَّجلُ من آخر السُّورَةِ فيقرأَها إلى أوَّلها. قال : وهذا شيءٌ ما أَحسِبُ أَحداً يطيقُه ، ولا كان هذا في زمن عبد الله ولا أعرفه. ولكن وَجهه عِندي أن يبدأ من آخر القرآن من المعوذتين ثم يرتفع إلى البقرة كنحو مما يتعلم الصبيان في الكُتّابِ ، لأن السُّنة خلاف هذا ، يُعلم ذلك بالحديث الذي يحدِّثه عثمان عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه كان إِذا أُنزلت عليه السورة أو الآية قال : ضعوها في الموضع الذي يُذكر كذا وكذا» ألا ترى أن التأليف الآن في هذا الحديث من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم كُتبت المصاحف على هذا. قال : وإنما جاءت الرُّخصة في تعلم الصبيِّ والعجميِّ مِنَ المُفَصَّل لصعوبة السُّوَر الطوال عليهما. فأما مَن قرأ القرآن وحفِظه ثم تعمّد أن يقرأه مِنْ آخره إلى أوله فهذا النَّكْسُ المنهي عنه ، وإِذا كرِهنا هذا فنحن للنَّكْسِ مِن آخر السورةِ إلى أولها أشدُّ كراهةً ، إن كان ذلك يكون.

وقال شمر : النَّكْسُ في أشياء. ومعناه يَرْجع إلى قلبِ الشيء وردِّه وجعلِ أعلاه أسفلَه ، ومقدَّمِه مؤخَّرَه.

وقال ابن شميل : نكَسْتُ فلاناً في ذلك الأمر أي رَدَدتُه فيه بعد ما خرج منه.

وقال شمر : النُّكَاسُ : عوْدُ المريض في مرضه بعد إِفراقِه. وقال أمية بن أبي عائذٍ الهذلي :

خَيَالٌ لِزَيْنَبَ قَدْ هَاجَ لي

نُكاساً مِنَ الحُبِّ بَعْدَ انْدِمَالِ

قال الفراء في قوله تعالى : (ثُمَ نُكِسُوا عَلى رُؤُسِهِمْ) يقول : رجعوا عما عرفوا من الحجة لإبراهيم عليه‌السلام.

وقال الله تعالى : (وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)) [يس : ٦٨].

قال أبو إِسحاق : معناه : مَن أطلْنا عُمْرَه نكَّسْنا خلقه ، فصار بدلُ القوة الضعفَ وبدلُ الشباب الهرمَ.

وقال الفراء : قرأَ عاصمٌ وحمزة : (نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ) وقرأ أهل المدينة : نَنْكُسْهُ بالتخفيف. وقال قتادة : هو الهرمُ.

وقال شمر : يقال : نكَّسَ الرجلُ إِذا ضَعُف وعجز.

وأنشدني ابن الأعرابي في الانتكاس :

وَلَمْ يَنْتَكِسْ يَوْماً فَيُظْلِمَ وجْهُهُ

لِيمَرَضَ عَجْزاً أَوْ يضارعَ مَأثما

٤٣

أي لم ينَكِّسْ رأْسَهُ لأمر يأنف منه.

قال : ونكَسَ رأسَه إِذا طأطأَه من ذُلٍّ وأنشد :

وإِذا الرِّجَالُ رَأَوْا يَزِيدَ رَأَيتَهُمْ

خُضْعَ الرِّقَابِ نَوَاكِسَ الأبْصَارِ

قال سيبويه : إذا كان الفِعْل لغير الآدميين جُمِع عَلَى فواعل لأنه لا يجوز فيه ما يجوز في الآدميين منَ الواو والنون في الاسم والفعل فضارَعَ المؤنث ، تقول : جِمالٌ بَوَازلُ وعَوَاضِهُ ، وقد اضطُر الفرزدق فقال : خُضْعَ الرِّقابِ نَوَاكِسَ الأبصار لأنك تقول : هي الرجال ، فشُبِّه بالجِمال.

(قلت) : وروى أحمد بن يحيى هذا البيت : ... نَوَاكِسي الأبصَارِ وقال : أدخل الياء لأنه رَدَ النوَاكِس إلى الرجال وإِنما كان وإِذا الرجال رأيتَهم نواكِسَ أبصارُهم ، فكان النواكِسُ للأبصار فنُقِلت إلى الرجال ، فلذلك دخلت الياء ، وإن كان جَمعَ جمْع ، كما تقول : مررت بقوم حَسَنِي الوجوه ، وحِسانٍ وجوهُهم ، لما جعلتهم للرجال جئتَ بالياء ، وإن شئتَ لم تأتِ بها. قال : وأما الفراء والكسائي فإنهما رويا البيت : نواكِسَ الأبصار. بالفتح ، أقرَّا نواكسَ على لفظ الأبصار.

قال : والتذكيرُ : ناكِسِي الأبصار.

وقال الأخفش : يجوز نواكِسِ الأبصار بالجر لا بالياء كما قالوا جُحْرُ ضَبٍّ خَرِبٍ.

(أبو عبيد عن الأصمعي): النِّكْسُ من السهام : الذي يُنكَس فيُجْعل أعلاه أسفله ، وأنشدني المنذري للحطيئة :

قَدْ ناضَلونَا فَسَلّوا مِن كِنَانتهمْ

مَجْداً تليداً وعزًّا غَيرَ أَنكاس

قال : الأنكاس : جمْع النِّكْس من السهام ، وهو أضعفها. قال : ومعنى البيت : أن العرب كانوا إِذا أسرُوا أسيراً خيَّرُوه بين التخلِية وجزِّ الناصية أو الأسْرِ. فإن اختار جز الناصية جَزُّوها وخلَّوا سبيله ، ثم جعلوا ذلك الشَّعر في كِنانتهم ، فإِذا افتخرُوا أخرجوه وأَرَوْه مَفاخرَهم.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : قال : الكُنُس : والنُّكُس (١) ميادين بقر الوحْش ، وهي مأواتها.

قال : والنُكُسُ : المُدْرَهِمُّون من الشيوخ بعد الهرم.

نسك : قال الليث : النُّسْك : العبادة ، رجل ناسكٌ : عابدٌ ، وقد نسَكَ ينسُكُ نسْكاً.

__________________

(١) زيادة من «اللسان» (نكس).

٤٤

قال : والنُسْكُ : الذبيحة ، يقول : من فعل كذا وكذا فعَليه نسْكٌ أي دَمٌ يهرِيقه بمكة ، واسمُ تلك الذبيحة : النسيكة ، والمنسك : الموضعُ الذي يذبحُ فيه الذبائحُ.

قال : وَالمَنْسَك : النُّسْك نفسه.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : قال : النُّسُك : سَبائك الفضة ، وكل سبيكةٍ منها : نسيكة ، وقيل للمتعبِّد : ناسِكٌ ، لأنه خلَّص نفسه وصفَّاها من دنَسَ الآثام كالسبيكة المخلَّصة مِن الخبَثِ.

وقال أبو إسحاق : قرئ : (لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً) [الحج : ٣٤] و (منسِكاً).

وقال : والمنْسَك في هذا الموضع يَدُل على معنى النَّحْر كأنه قال : جعلنا لكل أُمَّةٍ أن تتقرَّب بأن تذبحَ الذبائحَ لله.

قال ، وقال بعضهم : المَنْسِكُ : الموضع الذي تُذبَح فيه. فمن قال : مَنسِكٌ فمعناه مكانُ نُسْكٍ مثل مجلسٍ : مكانُ جلوس.

ومن قال : مَنسَكٌ فمعناه المصْدر نحوُ النُّسُك والنُّسُوك.

شمرٌ : قال النضر : نَسَكَ الرجل إلى طريقةٍ جميلة أي داوَم عليها ، ويَنْسُكون البيت : يأتونه.

قال الفرّاء : المَنْسِك في كلام العرب الموضع المعتاد الذي يَعتادُه.

يقال : إِنَّ لفلانٍ مَنسِكاً يعتاده في خير كان أو غيره ، وبه سُمِّيَت المَناسك.

ك س ف

كفس ، كسف ، سكف ، سفك : [مستعملة].

كفس : (ابن دُرَيد): الكَفَسُ : الحَنَفُ ، وقد كَفِسَ كفَساً.

قال الأزهري : ولم أسمعه لغيره.

كسف : قال الليث : الكَسْفُ : قطْع العُرقوب. يقال : استَدبر فرسَه فكسَف عُرْقوبيْه.

قال : وكَسَفَ القمرُ يَكسِف كُسوفاً ، وكذلك الشمس.

قال : وبعضٌ يقول : انكسفَ وهو خطأٌ.

(قلت) : ورَوى يحيى القطَّان ، عن عبد الملك ابن أبي سليمان عن عطاءٍ ، عن جابر بن عبد الله قال : انكَسفت الشمس على عهْد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، في حديثٍ طويل ، وكذلك رواه أبو عبيد : انكسفَتْ.

وقال الفرّاء في قول الله : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء : ٩٢].

الكِسْفُ ، والكِسَف : وَجْهان ، والكسَف : جِماعُ كِسْفة.

سمعْت أعرابيّاً يقول : أَعْطِنِي كِسْفةً ، يريد قِطعةً كقولك : خِرقةً ، وكِسف : فِعْلٌ. وقد يكون الكِسْف جِماعاً للكِسْفة مِثل دِمْنةٍ ودِمْنٍ.

٤٥

وقال الزّجاج : في قوله : (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً) [الإسراء : ٩٢] ، و (كِسْفاً) ، فمن قرأ كِسَفاً جعلها جمعَ كِسْفة ، وهي القِطعة. ومن قرأ : كِسْفاً قال : أو تُسْقِطها طَبَقاً علينا ، واشتقاقُه من كسفْت الشيءَ إذا غطَّيتَه.

(الحراني عن ابن السكيت) قال : ويقال : كسَفَ أَمَلُه ، فهو كاسفٌ إِذا انقطع رجاؤه مما كان يأْمُل ولم يَنبسِطْ.

قال أبو الفضل : وسألْتُ أبا الهيثم عن قولهم : كسفتُ الثوبَ أي قطَعته. فقال : كلُّ شيءٍ قطعته فقد كسفتَه.

قال ، ويقال : كَسفَتِ الشمسُ إِذا ذهب ضوءُها ، وكسَف القمر إِذا ذهب ضوءُه ، وكسَف الرَّجلُ إِذا نَكَسَ طرْفَه ، وكسفَت حالُه إِذا تغيرَتْ.

قال : وكسَفت الشمسُ وخسَفَت بمعنىً واحد.

وقال شمرٌ : قال أبو زيد : كسفَت الشمسُ تَكسِفُ كسوفاً إِذا اسْودَّت بالنهار ، وكسفَت الشمسُ النُّجومَ إذا غَلَبَ ضوءُها النجومَ فلم يَبْدُ منها شيءٌ ، والشمسُ حينئذ كاسِفَةٌ للنجوم.

قال جريرٌ :

فالشمسُ طَالعةٌ ليست بكاسفةٍ

تَبْكِي عليكَ نجومَ الليل والقَمرا

قال. ومعناه أنها طالعةٌ تبكي عليك ولمْ تَكْسف النجومَ ولا القمرَ لأنها في طلوعها خاشعةٌ لا نُورَ لها.

قال : وتقول : خَشَعَت الشمس وكسَفَتْ وَخسَفَتْ بمعنىً واحد. ورواه الليث :

الشمسُ كاسفةٌ ليستْ بِطَالعةٍ

تَبْكي عليكَ نجومَ الليل والقمرا

وقال : أراد ما طلعَ نجْمٌ وما طلع القمر ، ثم صَرفه فنصَبَه ، وهذا كما تقول : لا آتيك مَطْرَ السماءِ : أي ما مَطَرتْ السماء ، وطلوعَ الشمس أي ما طلَعَت الشمسُ ، ثم صرَفْته فنصَبَتْه.

قال شمر : سمعت ابن الأعرابيّ يقول في قوله : تَبكي عليكَ نجومَ الليل والقمرا أي ما دامتِ النجومُ والقمر. وحُكِيَ عن الكسائي مِثلُهُ.

قال : وقلت للفراء : إنهم يقولون فيه : إنه على معنى المُغالبة : باكَيْتُه فبكَيتُه ، فالشمس تغلبُ النجومَ بكاءً فقالَ : إنَّ هذا الوجه حَسَنٌ ، فقلتُ : ما هذا بحَسَن ولا قريبٍ منه.

وقال الليث : رجلٌ كاسِفُ الوجه : عابسٌ من سوء الحال. يقال : عَبَسَ في وجْهِي وكَسَف كسوفاً.

(عمرو عن أبيه) : يقال لِخرَق القميص قبل أن يُؤَلَّفَ : الكِسَف والكِيَف والخِدَف واحدتُها كِسْفةٌ وكِيفَةٌ وخِدْفةٌ.

٤٦

قال شمر : الكُسوفُ في الوجْهِ : الصُّفرةُ والتغير ، ورجلٌ كاسِفٌ : مهمومٌ تغير لوُنه وهُزِلَ من الحُزْن ، وكَسَفَ : ذهب نُورُه ، وتغيَّر إلى السَّوَادِ ، قاله ابن شُمَيْل.

وقال أبو زيد : كَسَفَ بالهُ إِذا حَدَّثَتهُ نفسه بالشَّرِّ ، قال أبو ذُؤَيب :

يَرْمي الغُيُوبَ بعينيْهِ ، ومَطْرِفُهُ

مُغضٍ كما كَسفَ المستَأْخِذُ الرَّمِدُ

وقيل : كُسُوفُ باله : أَن يضيقَ عليه أَمله.

سكف : قال الليث : الأُسكُفَّةُ : عَتَبَةُ الباب التي يوطأُ عليها. والإسكافُ : مصدرُه السِّكَافةُ ، ولا فِعلَ له ، وهو الأَسْكَفُ.

وقال النضر : أُسْكُفَّةُ الباب : عَتبتُه التي تُوطَأُ ، والساكِف : أعلاه الذي يَدور فيه الصائِرُ ، والصائرُ : أَسْفلُ طرَف الباب الذي يَدور أَعْلاه.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : أَسْكَفَ الرجلُ إِذا صار إِسكافاً.

قال : والإسكافُ عند العرب : كلُّ صانعٍ غيرِ مَن يعمل الْخِفافَ ، فإِذا أرادوا معنى الإسكافِ في الحَضَر قالوا : هو الأَسْكَفُ. وأنشد :

وَضَعَ الأسكَفُ فيه رُقَعاً

مِثل ما ضَمَّدَ جَنْبَيْه الطَّحِلْ

(أبو عبيد عن الأحمر): الإسكافُ : الصانع.

وقال الشماخ :

لم يَبْقَ إلا منطقٌ وأطرافْ

وشَجَرَا مَيْسٍ بَرَاها إِسكاف

ابن السكيت : جعل النجارَ إِسكافاً على التوهم ، أراد براها النجار.

وقال شمر : سمعت ابنَ الْفَقْعَسِيِّ يقول : إنَّكَ لإسكافٌ بهذا الأمر أَيْ حاذِقٌ.

وأنشد :

حتى طَوَيْناها كطيِ الإسكاف

يصِفُ بئراً. قال الإسكاف : الحاذقُ.

ويقال : رجلٌ إسكافٌ وأُسكُوفٌ للخَفّافِ.

وقال أبو سعيد يقال : لا أَتسكَّفُ لك بيتاً ، مَأخوذٌ من الأُسكُفَّةِ أي لا أَدخلُ له بيتاً.

وأنشد ابن الأعرابي : تُجِيلُ عَينْاً حالكاً أُسْكُفُّها قال : أُسكفُّها : منَابتُ أَشْفارِها. وأنشد :

حَوراء في أُسكُفِ عَينيها وَطَفْ

وفي الثَّنايا البِيضِ مِن فيهَا رَهَفْ

قال : رَهَف : رِقة.

سفك : قال الليث السَّفْكُ : صَبُّ الدَّمِ ، ونَثْرُ الكلامِ ، ورَجلٌ سَفَّاكٌ للدِّماءِ ، سفَّاكٌ بالكلام يَسْفِكُ سَفْكاً.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): السُّفْكَة : ما يُقَدَّمُ إلى الضَّيف مِثْل اللُّمْجَةِ. يقال : سَفِّكُوه ولَمِّجُوه.

٤٧

أبو زيد : مِن أسماء النفْسِ : السَّفُوكُ والجائشةُ والطَّمُوعُ.

ك س ب

كسب ، كبس ، سكب ، سبك ، بكس : [مستعملة].

كسب : قال الليث : الكَسْبُ : طلبُ الرِّزق ، تقول : فلانٌ يَكْسِبُ أهلَه خيراً ، ورجلٌ كَسُوبٌ.

قال : وكَسَابِ اسم للذئب. وربما جاء في الشِّعر كُسَيْباً.

قال : وكَسَابِ من أسماء إناث الكلاب.

والكُسْبُ : الكُنْجَارَقُ.

قال : وبعضُ السَّوَادِيِّينَ يُسمُّونه الكُسْبَجَ.

قلت : الكُسْبَجُ مُعرَّبٌ ، وأصله بالفارسية كُشْب فقُلبت الشين سيناً كما قالوا : سابور ، وأصله : شاه بُور أي مَلِكُ بورَ ، وبور : الابن بلسان الفُرس والدَّشْتُ أُعرِب فقيل : الدَّسْتُ للصحراء.

وقال أحمد بن يحيى : كلُّ الناس يقولون : كَسَبكَ فلانٌ خيراً إلا ابن الأعرابي فإنه يقول أَكْسبكَ فلانٌ خيراً.

كبس : في «نوادر الأعراب» : جاء فلانٌ مُكَبِّساً وكابساً إذا جاء شادًّا ، وكذلك جاء مُكلِّساً. قال : والأكْبَاسُ : بيوتٌ من طينٍ ، واحدها : كِبْسٌ.

وقال الليث : الكَبْسُ : طَمُّكَ حُفرةً بِتُرابٍ ، كبسَ يكبِسُ كبْساً. واسم التراب : الكِبْسُ. يقال : الهواءُ والكِبْسُ ، فالكِبْسُ : ما كان من نحو الأرض مما يَسُدُّ من الهواء مَسَدًّا.

قال : والجبال الكُبَّسُ هي الصِّلاب الشّدَادُ.

والأرنبةُ الكابِسَةُ : المُقْبِلَةُ على الشَّفَةِ العُليا ، والناصِيةُ الكابسةُ هي المُقبلة على الجبهة ، تقول : جَبْهةٌ كَبَستها الناصِيةُ ، والتكبيس : الاقتحام على الشيء تقول : كَبَّسُوا عليهم.

قال : وكابوسٌ كلمة يُكنَى بها عن البُضْع ، يقال : كبَسَها إذا فعلَ بها مرَّة.

(عمرو عن أبيه): الكابوسُ : النِّيدِلَانُ وهو الباروكُ والجاثومُ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) ، قال : الكِبْسُ : الكَنْزُ. والكِبْسُ. الرأس الكبير.

وقال الليث : الكِبَاسَةُ : العِذْقُ التامُّ بِشمارِيخِهِ وبُسْرِه.

قال : وعامُ الكَبِيسِ في حساب أهل الشام المأْخوذ من أهل الروم كل أربع سنين يزيدون في شهر شُبَاط يوماً وفي ثلاث سنين يعدُّونه ثمانية وعشرين يوماً ، يقوِّمُون بذلك كسور حساب السنة ، يسمُّون العام الذي يزيدون فيه ذلك اليوم عامَ الكَبِيسِ.

وقال غيره : رجلٌ كُبَاسٌ وهو الذي إذا سألته حاجةً كَبَسَ برأسِه في جيب قميصه.

٤٨

يقال : إنه لكُباسٌ غير خُباسٍ. وقال الشاعر يمدح رجلاً :

هُو الرُّزءُ المُبَيّنُ لَا كُباسٌ

ثقيلُ الرَّأسِ يَنْعِقُ بالضَّئِينِ

وقال شمر : الكُبَاسُ : الذَّكَرُ ، وأنشد قول الطِّرِمَّاح :

ولو كُنْتَ حُرّاً لم تَنَمْ لَيْلَةَ النَّقَا

وجِعْثِنُ تُهْبَى بالكُبَاسِ وبالْعَردِ

تُهْبَى : يُثار منها الغبارُ لشدة العمل بها.

وقال شمرٌ : قال ابن الأعرابي : رجلٌ كُباسٌ : عظيم الرأس. وقالت خنساءُ :

فذاكَ الرُّزْءُ عَمْرُكَ لَا كُباسٌ

عظيمُ الرأْسِ يَحْلُمُ بالنَّعِيقِ

قال : والكُبَاسُ : الذي يَكْبِسُ رأسه في ثيابه وينام.

ورُوِي عن عَقِيل بن أبي طالب أنه قال : إِن قُريشاً أتت أبا طالب فقالت له : إن ابن أخيك قد آذانا فانْههُ عنا. فقال : يا عَقيلُ انطلق فأْتني بمحمدٍ فانطلقتُ إليه فاستخرجته من كِبْسٍ.

قال شمر : من كِبسٍ أي من بيت صغير ، والكِبْسُ اسم لما كُبِسَ من الأبنية ، يقال : كِبسُ الدار ، وكِبسُ البيت ، وكلُّ بنيانٍ كُبِسَ ، فله كِبْسٌ. قال العجاج :

وإنْ رأَوْا بُنْيَانَهُ ذا كِبْسِ

تطارَحُوا أركانهُ بالرّدْسِ

والكابسُ من الرِّجال : الكابسُ في ثوبه المُغَطَّى به جسده الداخلُ فيه.

قال شمر : ويجعل البيت كِبْساً لما يُكْبَسُ فيه أي يدخل كما يَكْبِسُ الرجلُ رأسه في ثوبه ، ويقال رأسٌ أَكْبَسُ إذا كان مستديراً ضخماً ، وهامةٌ كَبْساءُ وكُباسٌ ، ورجلٌ أكْبَسُ بَيِّنُ الكَبَسِ إذا كان ضخم الرَّأْسِ ، ويقال : قِفافٌ كُبْسٌ إذا كانت ضِعافاً.

قال العجاج : وُعْثاً وُعُوراً وقِفافاً كُبسَا سكب : قال الليث : السَّكْبُ : صَبُّ الماءِ.

يقال : سَكَبْتُ الماءَ فانْسَكَبَ ، ودَمْعٌ سَاكِبٌ. وأهل المدينة يقولون : اسْكُبْ عَلَى يَدِي.

قال : والسَّكْبَة : الكُرْدَةُ العُليا التي يُسْقَى منها كُرْدُ الطبَابةِ من الأرض ، والسَّكْبُ : ضربٌ من الثِّياب رقيقٌ كأنه غبارٌ من رِقَّتِه ، وكأنه سَكْبُ ماءٍ من الرِّقة. والسَّكْبَةُ من ذلك اشتُقت. وهي الخِرْقَةُ تُقَوَّرُ لِلرأْسِ تُسمِّيها الفُرْسُ : الشَّسْتَقَةَ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) ، قال : السَّكَبُ : ضربٌ من الثياب ، مُحَرَّكُ الكاف.

قال : والسَّكَبُ : الرَّصاصُ.

ورَوَى ابن المبارك عن الأوزاعي عن الزهري عن عروة عن عائشة أنَّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي فيما بين

٤٩

العِشاء إلى انصداع الفجر إحدى عشرة ركعة ، فإذا سَكَب المؤذّن بالأولى من صلاة الفجر قام فركع ركعتين خفيفتين.

قال سُوَيد : سَكَبَ يريد : أَذَّن ، وأصله من سَكَبَ الماءَ ، وهذا كما يقال : أَخَذَ في خُطْبَةٍ فَسَحَلها.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : من نباتِ السَّهل : السكَبُ.

وقال غيره : السَّكَبُ : بَقلةٌ طيِّبة الريح ، لها زهرةٌ صفراءُ. وهي من شجرِ القيظ.

والإِسْكابَةُ : خشبةٌ على قدرِ الفَلْسِ إِذا انشقَّ السقَاء جعلوها عليه ثمَّ صرُّوا عليها بسيرٍ حتى يَخْرُزُوهُ معه فهي الإسْكابةُ.

يقال : اجعلْ لي إِسْكابَةً فيتخذ ذلك.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : فرسٌ سَكْبٌ إذا كان جواداً. وكذلك فرسٌ فيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ ، وغُلَامٌ سَكْبٌ إذا كان خفيف الروح نشيطاً في عمله.

ويقال : هذا أمرٌ سَكْبٌ أي لازم.

ويقال : سُنَّةٌ سَكْبٌ.

وقال لَقِيط بن زُرَارَة لأخيه مَعْبَدٍ لمّا طلب إليه أن يَفْدِيَهُ بمائتين من الإبل ، وكان أسيراً : ما أَنَا بِمُنْطٍ عنك شيئاً يكونُ على أهلِ بيتك سُنَّةً سَكباً ، وتدْرَبُ الناس له بنا دَرْباً.

وقال ابن الأعرابي : يقال للسكَّةِ من النَّخلِ : أُسْكُوبٌ وأُسْلُوبٌ ، فإِذا كان ذلك من غيرِ النَّخلِ قيل له : أُنْبُوبٌ ومِدَادٌ.

وقال ابن الأعرابي فيما رَوَى شمر عنه يقال : ماءٌ أُسْكُوبٌ ، وسَحَابٌ أُسْكُوبٌ.

وأنشد :

بَرْقٌ يُضِيءُ خلالَ البَيتِ أُسْكُوبُ

سبك : قال الليث وغيره : السَّبْكُ : تَسبيكُ السَّبِيكةِ من الذَّهبِ والفضةِ تُذَابُ فَتُفْرَغُ في مِسْبَكَةٍ من حديدٍ كأنها شِقّ قَصَبَةٍ.

بكس : (ثعلب عن ابن الأعرابي): بَكَسَ خَصْمَه إِذا قهره.

قال : والبُكْسَة : خَزَفَةٌ يُدَوِّرُها الصِّبيان ، ثم يأخذون حجراً فيُدَوِّرُونَهُ كأنَّه كُرَةٌ ، ثم يتقامرونَ بهما ، وتسمى هذه اللعبةُ الكُحَّةَ.

ويقال لهذه الخَزَفَةِ أيضاً : التُّونُ والآجُرّةُ.

ك س م

كسم ، كمس ، سمك ، سكم ، مسك ، مكس : [مستعملة].

سمك : قال الليث : السّمَكُ الواحدةُ : سمكةٌ. قال : والسَّمَكةُ : بُرْجٌ في السماء يقال له : الحوت. قال. والسِّمَاكُ : ما سمكْتَ به حائطاً أو سقفاً ، والسقْف يسمى سَمْكاً ، والسماء مَسموكةٌ ، أي مرفوعة كالسَّمْكِ.

وجاء في حديث عليٍ : «اللهمَّ بارِئَ المَسْمُوكاتِ السَّبْعِ ورَبَّ المَدْحُوَّاتِ» ،

٥٠

والمَسْمُوكاتُ : السمواتُ السبعُ ، والمَدْحُوَّاتُ : الأرَضُونَ ، وسَنَامٌ سَامِكٌ تَامِكٌ : مرتفعٌ تَارٌّ ، والسِّمَاكانِ : نَجْمَان ، أحدهما : الأعزل ، والآخر : الرَّامِحُ ، والذي هو من منازل القمر : الأعزلُ ، وبه يَنزِلُ القمرُ ، وهو شآمٍ. وسُمِّي أعزلَ لأنه لا شيءَ بين يديه من الكواكب ؛ كالأعزل الذي لا رُمْحَ معه.

ويقال : سُمِّي أعزلَ لأنه إِذا طلعَ لا يكونُ في أيامهِ ريحٌ ولا بردٌ ، هو أعزلُ منها.

والسّمْكُ : القامةُ من كل شيء بعيدٍ طويل السَّمْكِ. قال ذو الرُّمَّة :

نَجَائِبَ من نِتَاجِ بني غُرَيْرٍ

طِوَالَ السّمْكِ مُفْرَعَةً نِبَالا

والمِسْماكُ : عمودٌ من أعمدةِ الخِباء ، ومنه قول ذي الرُّمَّة :

كأَنَّ رجليهِ مِسْماكانِ من عُشَرٍ

سَقْبَانِ لم يَتَقَشَّرْ عنهما النَّجَبُ

كسم : قال الليث : الكَيْسُومُ : الكثيرُ من الحشيش.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الكَسْمُ : الكَدُّ على العيال من حرامٍ أو حلال.

وقال : كَسَمَ وكسَب : واحدٌ.

وأنشد :

وحامِلُ القِدْرِ أبو يَكْسُومِ

يقال : جاء يَحْمِلُ القِدْرَ إِذا جاء بالشَّرِّ.

ابن دريد الكَسْمُ : فَتُّكَ الشيءَ بيدك ، ولا يكون إلّا من شيءٍ يابس ، كسَمْتُه كسَمْاً.

وكَيْسَم : أبو بَطْن من العرب.

وقال إسحاق بن الفرجِ قال الأصمعي : الأكاسِمُ : اللُّمَعُ من النَّبْتِ المتراكِبَةُ.

يقال : لُمْعَةٌ أكْسُومٌ أي متراكمة.

وأنشد :

أكاسِماً للطَّرْفِ فيها مُتّسَعْ

وللأبُول الآبل الطبِّ فَنَعْ

وقال غيره : رَوْضةٌ أُكْسُومٌ ويَكْسومٌ أي نَدِيَةٌ كثيرةٌ ، وأَبُو يَكْسوم من ذلك ، وكَيْسومٌ : فَيْعُولٌ منه.

كمس : (قلتُ) : لم أجدْ فيه من مَحْضِ كلام العرب وصريحه شيئاً.

وأما قول الأطباءِ في الكيْمُوسَاتِ : إنها الطبائعُ الأربعُ فليست من لغاتِ العرب ، وأحسبها يونانية.

مسك : (ثعلب عن ابن الأعرابي): المَسْكُ الجِلدُ.

قال : والعرب تقول : نحن في مُسوكِ الثعالِبِ إِذا كانوا مذعورين. وأنشد المفضل :

فيَوْماً تَرَانَا في مُسُوك جيَادِنَا

وَيَوْماً تَرَانا في مُسُوك الثعالب

وقوله : في مُسُوك جيادِنا معناه أَنّا أُسِرْنا فكُتِّفنَا في قِدٍّ قُدَّ مِن مَسْك فرس ذُبِحَ أو

٥١

أصيب في الحرب فمَات فقُدَّتْ مِن مسكه سيورٌ غُلّوا بها وأسِروا.

وقال غيره : معنى قوله في مسوك جيادنا أي على مسوك جيادنا أي ترانا فُرْسَاناً نغير على أَعدائنا ، ثم يوماً ترانا خائفين غير آمنين.

وقال ابن شميل : المَسَكُ : الذَّبْلُ مِن العَاج كهيئة السِّوار تجعله المرأَةُ في يديها فذلك المَسَكُ ، والذبلُ : القرون. فإن كان من عاج فهو مَسَكٌ وعاجٌ ووقْفٌ ، وإذا كان مِن ذَبْل فهو مَسَك لا غير.

(أبو عبيد عن أبي عمرو): المَسَك : مثل الأسْوِرة من قرونٍ أو عاج. وقال جريرٌ :

ترى العَبَسَ الْحَوْلِيَّ جَوناً بكُوعها

لهَا مَسَكاً مِن غير عاج ولا ذَبْلِ

وقال الليث : المِسْكُ : معروفٌ إلَّا أَنه ليس بعربي محض.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : قال المِسْكُ : الطِّيبُ ، وأَصله مِسكٌ محركة.

وقال أبو العباس في قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «خذي فِرْصَةً فتمَسَّكي بها».

قال بعضهم : تمسَّكي أَي تطيَّبي مِنَ المسك.

وقالت طائفةٌ : هو مِن التمسُّك باليد.

قال الليث : سِقَاءٌ مَسِيكٌ : كثيرُ الأخذِ للماء.

ويقال : في فلانٍ إِمْسَاكٌ ومَسَاكٌ ومِسَاكٌ ومَسَكةٌ ، كلُّ ذلك مِن البخل والتمسك بما لديه ضَنًّا به.

قال : والمُسْكَةُ مِن الطعام والشرابِ : ما يُمْسِكُ الرَّمَقَ ، تقولُ : أَمسكَ يُمسكُ إِمساكاً. والتَّمسُّكُ : استمساكُكَ بالشيء.

تقولُ : مَسَكْتُ بِه ، وتمسَّكتُ به واستمْسكت به. وقال أبو العباس :

صبحتُ بهَا القَوْمَ حتَّى امتسكْ

تُ بالأرض أَعْدِلُها أَنْ تَميلَا

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أنه قال : «لا يُمْسِكَنَ الناسُ عليَّ بشيءٍ فإني لا أُحِلُّ إلّا ما أَحَلَّ الله ، ولا أحرِّمُ ، إلَّا ما حرَّمَ الله» قال الشافعي ، مَعناهُ ـ إنْ صَحَّ ـ أن الله تعالى أَحَلَّ للنبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أشياء حظرها على غيره من عدد النساء ، والموهوبة وغير ذلك وفرض عليه أشياء خففها عن غيره فقال : لا يمسكن الناسُ عليَّ بشيءٍ يعني بما خُصِصْت به دونهم ، فإن نكاحي أكثرَ من أربع لا يحل لهم أَن يبلغوه لأنه انتهى بهم إلى أربع ، ولا يجب عليهم ما وجب عليَّ من تخيير نسائهم لأنه ليس بفَرْضٍ عليهم.

وقال اللهُ جلَّ وعزَّ : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) [الأعراف : ١٧٠] قَرَأَ عاصمٌ (يُمْسِكون) بسكون الميم ، وسائرُ القُرَّاء (يُمَسِّكُونَ) بالتَّشْديد ، وأما قوله : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) [الممتحنة : ١٠] فإنَ

٥٢

أَبا عمرو وابنَ عَامرٍ ويْعقُوبَ الحَضْرَمِيَّ قَرَأُوا : (وَلَا تُمَسِّكُوا) بتَشْديد السين خففها البَاقُونَ ومعنى قوله : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ) [الأعراف : ١٧٠] أي يؤمنون به ويحكمونَ بما فيه.

وقال أبو زيد : مسَّكتُ بالنَّار تمسيكاً ، وثقَّبْتُ بهَا تثقيباً ، وذلك إِذا فحصت لها في الأرض ثم جَعلتَ عَليها بعْراً أَو خشباً أو دفنتها في التراب.

وقال ابن شميل : المَسَكُ : الواحدةُ : مَسَكةٌ ، وهو أَن يحفِرَ البئر في الأرض فيبلغ الموضعَ ، الذي لا يحتاجُ إِلى أَنْ يطوى فيقالُ : قد بلُغوا مَسَكةً صُلْبةً ، وإنَّ بِئَارَ بني فُلَانٍ في مَسَكٍ ، وأنشد :

اللهُ أَرْوَاكَ وعَبْد الجَبَّارْ

ترسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المنقارْ

في مَسَك لا مُجْبِلٍ وَلَا هَارْ

والعربُ تقول : فلان حَسَكَةٌ مَسَكَةٌ أي شُجَاعٌ كأَنهُ حَسَكٌ في حَلْق عَدوِّه ، ووصف بعضهم بَلحَارثِ بن كَعْبٍ فقال : حَسَكٌ أَمْراسٌ ومَسَكٌ أَحَمَاسٌ ، تَتَلظِّى المنايَا في رِماحهم ، وأما المَسَكةُ والمسيكُ فالرجلُ البخيلُ ، قال ذلك ابن السكِّيت ، وفلان لا مُسْكَة له أي لا عقل له ، وما بفلان مُسكة أي ما به قوة ولا عقلٌ.

ويقال : بيننا مَاسكةُ رَحِم ، كقولك : ماسّةُ رحم ، وواشِجَة رحمٍ.

قال أبو عبيدة : الماسكةُ : الجلدةُ التي تكون على رأْس الولد وعلى أطراف يديه فإذا خرج الولد من الماسكة والسَّلَى فهو بقيرٌ ، وإذا خرج الولد بلا ماسكة ولا سَلًى فهو السليل.

والمُسْكان : العُرْبَانُ ، ويجمع مساكين ، يقال : أعطه المسكان.

وقال ابن شميل : الأرضُ : مَسَكٌ وطرائقُ ، فمسكةٌ كَذَّانَهٌ ، ومسكةٌ مُشاشةٌ ، ومَسكةٌ حجارةٌ ، ومُسكةٌ لينةٌ ، وإنما الأرضُ طرائقُ ، فكلُّ طريقة : مسكةٌ.

وقال أبو عبيدة : إِذا كان الفرسُ محجَّل اليد والرِّجل من الشقِّ الأيمن. قالوا : هو مُمْسَك الأيامنِ مطلقُ الأياسر ، وهم يكرهونه ، فإذا كان ذلك من الشِّقِّ الأيسر قالوا : هو مُمسكُ الأياسرِ مطلق الأيامن ، وهم يستحبُّون ذلك.

قال : وكلُّ قائمةٍ بها بياضٌ فهي مُمسَكةٌ ، والمطلقُ : كلُّ قائمةٍ ليس بها وضَحٌ.

قال : وقوْمٌ يجعلونَ البياض إِطلاقاً ، والذي لا بياض فيه إمْساكاً. وأنشد :

وَجَانبٌ أُطْلِقَ بالبياضِ

وَجَانبٌ أُمْسِكَ لا بياضُ

وفيه مِن الاختِلَاف عَلَى القلْبِ كمَا وصفتُ في الإمْساك ، وفي صفة النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وسلم «أنه بادن متماسك» أراد أنه مع بدانته

٥٣

متماسك اللحمِ ليس بمسترخيهِ ولا مُنفَضِجه.

والعرب تقول للتَّنَاهِي التي تمسكُ ماء السماء : مَسَاكٌ ومَسَاكةٌ ومَساكاتٌ ، كلُّ ذلك : مسموعٌ منهم.

(أبو زيد): المَسِيك من الأساقِي : الذي يَحبِسُ الماء فلا ينضح ، وأرضٌ مَسيكةٌ : لا تُنَشِّفُ الماء لصلابتها ، وأرضُ مَسَاكٌ أيضاً.

ويقال للرجلِ يكونُ مع القومِ يَخُوضون في الباطل : إن فيه لَمُسْكَةً عَمَّا هم فيه.

مكس : قال الليث : المَكْسُ : انتقاص الثمن في البياعة ، ومنه أُخِذَ المَكَّاسُ لأنه يستنقصه. وأنشد :

وفي كلِّ ما باع امرؤ مَكْسُ دِرْهَم

أي نقصُ دِرهم بعد وُجُوبِ الثَّمن.

وقال غيره : المكْس : ما يأخُذُهُ العَشَّارُ.

يقال : مَكَسَ فهو ماكسٌ إِذا أخذ.

(أبو عبيد عن أبي زيد): المكْس : الجِبَايةُ.

يقال : مَكَسَه فهو ماكسٌ إِذا نقص.

وقال شمر : المكْسُ : النَّقْصُ كما قال الليث.

وقال أبو العباس قال ابن الأعرابي : المكْسُ دِرهمٌ كان يَأخذُهُ المصدِّق بعد فَرَاغِهِ.

وفي الحديث «لا يَدخُل صَاحبُ مَكْسٍ الجَنّةَ».

وقال الأصمعي : الماكسُ : العَشَّارُ ، وأصله : الجِبايَةُ ، وأنشد :

وفي كلِّ ما بَاعَ امْرُؤٌ مَكْسُ دِرْهم

سكم : مُهمل.

وقال الدُّرَيديُّ : السَّيْكمُ : الذي يقارب خَطوَهُ في ضَعْفٍ.

والسَّكْم : فِعْلٌ مُماتٌ.

أبواب الكاف والزاي

ك ز ط ـ ك ز د : أهملت وجوهها.

ك ز ت

زكت : (أبو عبيد عن الأحمر): زكَّتُ السِّقاء تَزْكِيتاً إِذا مَلأْتَهُ.

وقال اللحياني : زَكَتَه ، وزَكَّتُه ، والسِّقاءُ مَزْكُوتٌ ومُزَكَّتٌ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) زَكَتَ فُلانٌ فُلاناً عَلَيَ يَزْكُتُهُ أي أَسْخطَهُ ، وقِرْبةٌ مَزْكُوتَةٌ ومَوْكُوتةٌ ومَزْكُورةٌ ومَوْكُورةٌ بمعنى واحدٍ.

ك ز ظ ـ ك ز ذ ـ ك ز ث : أهملت وجوهها.

ك ر ز

كرز ، زكر ، ركز : مستعملة.

كرز : قال الليث : الكُرْزُ : ضربٌ من الجُوَالِقِ ، والكَرَّازُ : كَبْشٌ يَحملُ عليه الرَّاعي أَدَاتَه ، ويكونُ أَمامَ الغَنَمِ.

٥٤

وقال ذلك أبو عمرو.

وروى أبو عبيد عن الأصمعي : الكُرْزُ : الجُوالِقُ الصغيرُ.

وقال ابن المَظَفَّرِ الكرَّزُ من الناس : الْعَيِيُّ اللَّئِيمُ ، وهو دَخيلٌ في العربيةِ ، تُسمِّيهِ الفُرْسُ : كُرْزِي وأنشد :

وَكُرَّزٌ يمشِي بَطِينَ الكُرْزِ

قال : والطائرُ يُكَرَّز ، وهو دَخيلٌ ليسَ بعَرَبيٍّ قال رؤبةُ :

رَأَيتُهُ كما رَأَيْتُ النَّسْرَا

كُرِّزَ يُلِقي قادِماتٍ زُعْرَا

(أبو عبيد عن الأصمعي) أنه أنشده :

لَمَّا رَأَتني راضياً بالإِهماد

كالكُرَّزِ المرْبُوط بين الأَوتَادْ

قال الكُرَّزُ هاهُنَا : البَازي شَبهَهُ بالرجلِ الحاذِق وهو في الفارِسيّة كرو.

وقال شمر : يُرْبَطُ لِيسقُطَ رِيشُهُ.

(أبو عبيد عن الفراء) : قال الكَرِيصُ والكَرِيزُ : الأقِطُ.

قال : وقال أبو زيد : إِنه ليُعاجِز إلى ثقةٍ مُعاجَزَةً ، ويُكارِزُ إلى ثِقةٍ مُكارَزَةً إِذا مال إليه. قال الشَّماخُ :

فلمَّا رَأَيْن الماءَ قد حال دُونه

ذُعافٌ لَدَى جَنْبِ الشَّريعة كارِزُ

قيل كارزٌ بمعنى المستَخفى ، يقال : كرَزَ يَكرِزُ كروزاً فهو كارزٌ إِذا اسْتخفى في خَمَرٍ أو غارٍ.

(قلت) : والمكارَزةُ منه ، وكُرْزٌ ، وكُرَيْزٌ ، ومِكْرَزٌ من الأسماء واشتِقاقها مما ذكرْتُ.

وقال أبو عمروٍ : الكُرَّزُ : المدَرَّبُ المجرَّبُ ، وهو فارسيٌّ ، وقد كُرِّزَ البازِي إِذا سقط ريشهُ.

قال ابن الأنباريِّ : هو كُرّزٌ أي دَاهٍ خَبيثٌ مُحْتالٌ ، شُبِّهَ بالبازِي في خُبْثه واحْتِياله ، وذلك أن العربَ تُسمي البَازى كُرَّزاً.

زكر : قال ابن المظفَّر : الزُّكْرَةُ : وعاءٌ من أَدَمٍ يجعلُ فيه شرابٌ أَو خَلٌّ.

وقد تزَكَّرَ بَطْنُ الصبيِّ إِذا عَظُمَ وحَسُنتْ حاله.

وقال الأصمعي : زَكَّرْتُ السِّقاءَ تزكيراً ، وزَكَّتُّه تزكِيتاً إِذا مَلأْتَه.

وقال الليث : مِن العُنُوزِ الحُمْر ، عَنْزٌ حَمْراءُ زَكْريَّةٌ وزكَريَّةٌ ، لُغتان ، وهي الشديدةُ الحمرَةِ ، وقول الله جلّ وعزّ : (وكَفَلَها زكرياء) ، وقرئ (وكفَّلَهَا زَكَريَّاءُ) وقرئَ زَكَرِيَّا [آل عمران : ٣٧] بالقصر.

قرأَ ابنُ كثيرٍ ونافعٌ وأبو عمروٍ وابن عامرٍ والحَضْرَميُّ يعقوبُ : (وَكَفَلَها زَكَريَّاءُ) ممدودٌ مَهْموزٌ مَرْفوعٌ.

وقرأَ أبو بكر عن عاصم (وَكَفَّلَها) مُشدّداً (زكَريّاءَ) ممدوداً مَهْمُوزاً أيضاً.

وقرأَ حَمزةُ والكسائي وحَفْصٌ (وَكَفَّلَها

٥٥

زَكَرِيَّا) [آل عمران : ٣٧] مَقصوراً في كلِّ القرآن.

وقال الزّجاج : في زكريَّا : ثلاث ، لُغاتٍ هي المشهورة : زكريَّاءُ مَمدودٌ ، وزَكريَّا بالقَصْرِ غير مُنَوّنٍ في الجِهَتَيْن ، وزكَريٌ بحذف الألف مُعْرَبٌ مُنونٌ ، فأمّا ترك صرفهِ فلأنّ في آخره أَلفي التأنيثِ في المَدِّ ، وأَلفَ التأْنيث في القصر.

قال وقال بعض النَّحويين : لم ينصرفْ لأنه عجمي ، وما كانت فيه أَلف التأنيث فهو سَواءٌ في العربية والعجمية ويلزم صاحبَ هذا القول أن يقولَ : مَررت بِزكريّاءَ وزكريّاءِ آخَرَ لأنَّ ما كان أَعجميّاً فهو ينصرفُ في النَّكِرَة ، ولا يجوز أنْ تُصْرَفَ الأسماءُ التي فيها أَلِفُ التأنيث في مَعْرِفَةٍ ولا نَكرة لأنها فيها علامة تأنيثٍ وأنها مَصوغةٌ مع الاسم صِيغةً واحدةً ، فقد فارقَتْ هاءَ التأنيث فلذلك لمْ تُصرف في النّكرة.

وقال الليث : في زكريَّا : أربعُ لُغات : تقول : هذا زَكَرِيَّاءُ قد جاء ، وفي التثنية : زَكَرِيَّاآنِ ، وفي الجمع زَكَرِيَّاؤُون.

واللغة الثانية : هذا زَكَرِيَّا قد جاءَ ، والتثنية زكَرِيَّيَانِ وفي الجمع : زَكَرِيَّيُونَ.

واللغةُ الثالثة : هذا زكرِيٌ ، وفي التثنية : زكرِيَّانِ ، كما يقال : مَدِنيٌّ ومَدَنِيَّانِ.

واللغةُ الرابعةُ : هذا زَكَري بتخفيف الياء ، وفي التَّثنية : زَكَرِيانِ ، الياء خفيفة ، وفي الجمع : زَكَرُون بطرْح الياء.

ركز : قال الله جلّ وعزّ : (أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً) [مريم : ٩٨] قال الفرّاء : الرِّكْزُ الصَّوتُ.

قال : وسمعْت بعضَ بَني أَسَدٍ يقول : كلّمْتُ فلاناً فما رأيتُ له رِكْزَةً ، يريد ليس بثابت العقل.

وقال خالدٌ : الرِّكْز : الصَّوت ليس بالشديد.

وقال الليث : الرِّكْز : صَوتُ الإنسان تَسْمعه من بعيد ، نحو رِكْزِ الصائد إِذا نَاجَى كِلابَه.

وأنشد :

وقد تَوَجَّسَ رِكزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ

بِنَبْأَةِ الصَّوت ما في سَمِعه كذِبُ

وثابتٌ عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنّه قال : «في الرِّكَازِ الخُمْسُ».

وقال أبو عبيد : اخْتَلف أهل الحجازِ وأهل العراق في الرِّكاز ، فقال أهل العراق : الرِّكاز : المعادن كلُّها ، فما اسْتُخرِج منها من شيءٍ فلمُسْتَخْرِجِه أربعةُ أَخماسِه ، ولبيتِ المال الخُمُس.

قالوا : وكذلك المال العاديُّ يوجَد مدفوناً. وهو مِثل المعدِن سواءٌ ، قالوا : وإنما أصلُ الرِّكازِ المعدِن والمالُ العاديُ

٥٦

الذي قد مَلَكه الناس فشُبِّهُ بالمعدِن.

وقال أهل الحجاز : إنما الرِّكازُ : المال المدفون خاصَّة مما كنَزه بَنُو آدم قبل الإسلام ، فأما المعادِن فليست برِكازٍ ، وإنما فيها مِثلُ ما في أموالِ المسلمين منَ الزكاةِ : ما أصاب مِائتي دِرهمٍ كان فيها خمسةُ دراهمَ ، وما زاد فبِحسابِ ذلك.

وكذلك الذهبُ إذا بَلغ عشرين مثقالاً كان فيه نصفُ مثْقال.

وقال الليث : الرِّكازُ : قِطَعُ الفِضَّةِ تَخرجُ من المعدِن ، وأَرْكزَ الرَّجلُ إِذا أَصابَ ذلك.

وأخبرني عبد الملِك البَغَوِيُّ عن الربيع عن الشافعيّ أنه قال : الذي لا أَشُكُّ فيه أَنَ الرِّكاز : دفن الجاهليّة ، والذي أَنَا واقفٌ فيه الرِّكاز في المعدِن والتِّبْرِ المخلوق في الأرض.

ورَوى شمرٌ في حديثٍ عن عمرو بن شعيب أَنّ عَبْداً وَجد رِكْزَةً عَلَى عهد عمرَ فأَخذها منه عمر.

قال شمرٌ : قال ابن الأعرابيِّ : الرِّكاز ما أَخْرَجَ المعدِنُ وأَنالَ.

وقال غيرُه : أرْكزَ صاحبُ المعدِن إذا كثُرَ ما يَخرُجُ منه له من فضةٍ وغيرها.

والرِّكازُ : الاسمُ ، وهي القِطَع العِظام مثل الجَلَامِيدِ من الذهب والفضة تَخرج من المعدن.

وقال الشافعيُّ : يقال للرَّجل إذا أصاب في المعدِن النَّدْرَةَ المجتمعةَ : قد أَرْكزَ.

وقال الليث : الرَّكْزُ : غَرْزُكَ شيئاً منتصباً كالرُّمْح تَرْكُزُه رَكْزاً في مركَزِه.

قال : والمُرتكِزُ من يابِس الحشيش : أَنْ تَرَى ساقاً وقد تطايرَ عنها وَرَقُها وأَغصانُها ، ومركَزُ الجُنْدِ : الموضع الذي قد أُلْزِموه ، وأُمِروا إلّا يَبْرَحُوه.

وقال شمر : قال أحمد بنُ خالدٍ : الرِّكازُ جمع ، والواحد. رَكِيزةٌ.

وقال شمر : والنّخلة التي تَنبُت في جذْع النخلةِ ثم تُحوَّلُ إلى مكان آخر هي الرَّكْزَة.

وقال بعضهم : هذا رَكْزٌ حَسَنٌ ، وهذا وَدِيٌّ حَسنٌ ، وهذا قَلْعٌ حَسن.

ويقال : رُكِزَ الوَدِيُّ والقَلْعُ.

(عمرو عن أبيه): الرِّكْز : الرجلُ العاقل الحليمُ السَّخِيُّ.

ك ز ل

استعمل من وجوهه : لكز كلز ، لزك.

لزك : أما لزك فإنَّ ابنَ المظفَّر زَعم أنّه يقال : لَزِكَ الجُرْحُ لَزَكا إذا استوَى نباتُ لحمِه ، ولمّا يَبْرأْ بعد. (قلت) : لمْ أَسمع لزِك بهذا المعنى إلا لِلّيث وأظنُّه مصَحَّفاً ، والصوابُ بهذا المعنى الذي ذهب إليه الليث أَرَكَ الجُرْحُ يَأرُك ويَأْرِكُ أُروكا إِذا

٥٧

صَلَحَ وتماثَل.

وقال شمرٌ : هو أن يَسقُط جُلْبُه ويَنبُت لحُمه.

لكز : قال الليث : اللكز : الوَجْءُ في الصَّدر بِجُمْع اليد. وكذلك في الحَنَك.

وأنشد :

لوْ لا عِذَارٌ للَكَزْتُ كَرْزَمَهْ

(قلت) : ولُكَيْز : قبيلةٌ من رَبيعة.

ومن أمثال العرب : «يَحْمِلُ شَنٌّ ويُفدَّى لُكَيْزٌ». وله قصةٌ ، يُضرَب مثلاً لمنُ يعاني مراسَ عملٍ فيُحْرَمُ ويَحظى غيرُه فيُكْرَم.

كلز : (أبو عبيد): المُكْلَئِزُّ : المُنْقبِض.

وقال الليث : يقال : اكْلأَزَّ وهو انقباضٌ في جَفَاءٍ ليس بمطمئنٍّ كالراكبِ إذا لمْ يتمكَّن من السَّرْج.

يقال : قد اكْلأزَّ فوق دابَّتِه ، وحِمْلٌ مُكْلئِزٌّ فوق الظهر لم يتمكن عدلاً عن ظهر الدابة.

وأنشد غيرُه :

أقولُ والناقُة بِي تَقَحَّمُ

وأَنا منها مُكْلَئِزٌّ مُعْصِمُ

وثُلاثيُّه غير مستعملٍ.

وأنشد شمر :

رُبَّ فتاةٍ مِن بَني العِنازِ

حَيَّاكةٍ ذاتِ حِرٍ كنَازِ

ذِي عَضُدَين مُكْلِئزٍّ نازِي

كالنَّبَتِ الأحمرِ بالبَرَازِ

واكْلَازَّ كان في الأصل : اكَلأَزَّ.

ك ز ن

كنز ، نزك ، نكز ، زنك ، زكن : [مستعملة].

كنز : قال الليث : يقال : كنَزَ الإنسانُ مالاً يَكنِزُه ، والكَنْز : اسمٌ للمال إِذا أُحْرِز في وِعَاءٍ.

يقال : كنَزْتُ البُرَّ في الجرابِ فاكتنَز.

قال : وقال أبو الدُّقَيْشِ : شدَدْت كنْزَ القربة إِذا ملأتَها ، ورجلٌ مُكْتنِزُ اللحمِ.

وكَنيزُ اللحمِ ، والكَنِيزُ : التمرُ يُكتنَزُ للشتاء في قواصِرَ وأوعيةٍ ، والفعلُ : الاكتِناز ، وقد كنزْته كنْزاً وكِنازاً وكَنَازاً.

وسمعتُ البَحْرانيِّين يقولون : جاء زَمنُ الكِنَاز إِذا كنزُوا التمر في الجِلَال ، وهو أن يُلقى جرابٌ في أسفل الجُلَّة ويُكنز بالرِّجلين حتى يدخل بعضُه في بعض ، ثم يُصبّ فيها جرابٌ بعد جرابٍ ويُكنز حتى تمتلئ الجُلّة مكْنوزة ، ثم يُخاط رأسُها بالشُّرُط الدِّقَاقِ.

(أبو عبيد عن الأموي) : أتيتُهم عند الكِنَاز والكَناز ، يعني حين كنزوا التمر.

وقال ابن السكيت : هو الكَنَازُ بالفتح لا غير.

٥٨

زنك : (ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : الزَّوَنَّك من الرجال : المختال في مشيته الناظر في عِطفيه ، يَرَى أن عنده خيراً وليسَ عنده ذاك.

قال ابن السكيت : رجلٌ زَوَنَّكٌ إذا كان غليظاً إلى القِصَرِ ما هو ، وأنشد :

وَبَعْلُهَا زَوَنَّكٌ زَوَنْزَى

قال ابن الأعرابي : الزَّوَنْزَى : ذو الأبَّهة والكِبْرِ.

وقال الليث : الزَّوَنَّكُ : القصير الدميمُ.

(أبو عبيد) : في الكبد : زنكتان وهما زَنمَتَانِ خارجتا الأطراف عن طرَف الكبد ، وأصلها في أعلا الكبد.

زكن : في «نوادر الأعراب» : هذا الجيشُ يُزَاكِنُ ألفاً ، ويناظر ألفاً أي يقارب ألفا.

وقال الليث : الإزكانُ أن تُزكِنَ شيئاً بالظنِّ فتصيب ، تقول : أَزكَنْتُه إزكاناً.

وقال اللحياني : هِيَ الزَّكانَةَ والزكانِيَة.

قال : وبنو فلانٍ يزاكِنون بني فلانٍ مُزاكنةً أي يدانونهم ويُثافِنُونهم إذا كانوا يستخصونهم.

وقال الأصمعي : يقال : زكِنْتُ من فلانٍ كذا وكذا أي علمتُ ، وأنشد لابن أمِّ صاحب :

وَلَنْ يُرَاجِعَ قَلْبي وُدَّهْم أَبَدْاً

زَكِنْتُ مِنهُمْ عَلَى مِثْلِ الذي زَكوُا

(أبو عبيد عن أبي زيد): زَكِنتُ الرجلَ أزكَنُه زكَناً إِذا ظننت به شيئاً ، وأَزكنته الخَبرَ إزكاناً : أَفْهَمْتُه حتى زكِنه : فهمه فهماً.

وروى ابن هانئ عن أبي زيد : زَكِنتُ منه مثل الذي زِكنَه مني وأَنَا أزكَنُه زَكَناً ، وهو الظن الذي يكون عندك بمنزِلة اليقين وإن لم يخبِرْك به أحدٌ.

وقال أبو الصقر : زِكنْتُ من الرجلِ مثلَ الذي زَكِن منِّي يقول : علمتُ منه مثل الذي علم مني.

(أبو عبيد عن اليزيدي): زَكِنت بفلان كذا ، وأزكنت أي ظننت.

وقال ابن شميل : زَكِنَ فلانٌ إلى فلانٍ إذا ما لجأ إليه وخالطه وكان معه ، يَزكَنُ زُكوناً ، وزكِن فلانٌ من فلانٍ زَكَناً أي ظنَّ به ظنّاً ، وزكِنْتُ منه عداوةً أي عرفتُها ، وقد زِكنْتُ أنه رجل سَوْء أي علمت.

نكز : قال الليث : النَّكْزُ كالْغَرْز بشيءٍ محدّد الطرف ، والنَّكّاز : ضرْب من الحيَّات لا يعضُّ بفِيه ، إنما ينكُز بأَنفه ، فلا تكاد تعرف أنفَه من ذنبه لدقِة رأسه.

(أبو عبيد عن الكسائي): نكزتُه. ووكزْتُه ولهزْتُه وثَفَنْتَه بمعنى واحد.

قال : وقال أبو زيد : النَّكْزُ من الحية بالأنف ، وقد نَكَزتْه الحيةُ.

قال : والنَّكْز مِن كل دابّة سوَى الحية :

٥٩

العَضّ.

وقال أبو الجرّاح : يقال للدَّسَّاسة مِن الحيَّات وحدَها : نَكَزتْه ولا يقال لغيرها.

قال شمر : وقال الأصمعي : يقال : نَكَزَتْهُ الحيَّةُ ، ووكزَته ، ونَشَطتْه ، ونهشته بمعنى واحد ، وغيرُه يقولُ : النكْز : أن يَطعن بأنفهِ طعْناً.

(أبو عبيد) : بئرٌ ناكزٌ ، وقد نَكَزَت إِذا قلَّ ماؤها.

وقال الليث : النَّكْز : طعْنٌ بطرفِ سِنان الرُّمْحِ.

(شمرٌ): النَّكَّازُ : حيةٌ لا يُدْرَى ما ذَنبُها من رأسها ، ولا تَعضُّ إلا نكْزاً أي نَقْزاً.

وقال ابن شميلٍ : سُمِّيَ نكَّازاً لأنه يطعنُ بأنفه وليس له فمٌ يعضُّ به ، وجمعه : النكاكيز والنَّكَّازات.

نزك : قال الليث : النَّزْكُ : سُوءُ القَوْل في الإنسان تقول : نَزَكَهُ بغير ما رأى منه ، والنَّزْكُ : الطّعن بالنَّيْزَك ، وهو رُمحٌ قصير ، وبه يَقْتُل عيسى عليه‌السلام الدجَّالَ.

وأخبرني المنذري عن الصَّيْداوي عن الرياشيِّ قال : للضَّبِ نِزْكانِ.

ويقال : نَزْكانِ أي قَضيبانِ ، وأنشد :

سِبَحلٌ لهُ نِزْكَانِ كانَا فَضيلَةً

عَلَى كلِّ حَافٍ في البِلَادِ ونَاعِلِ

وسمعت أعرابيّاً يقول : لِلْوَرَلِ أَيضاً نِزْكانِ.

وسمعت آخر يقول : له نَيْزَكانِ ، وللأنثى في رَحِمها : نِزْكَتانِ. وأنشدني مُعَلًّى الكلَيْبي :

تَفَرَّقْتمُ لا زِلْتمُ قَرْنَ وَاحِدٍ

تَفَرُّقَ نِزْكِ الضَّبِّ والأصْلُ واحِدُ

(أبو زيد): نَزَكْتُ الرجلَ إذا خزقته والنّيْزَكُ : ذو سنانٍ وَزُجٍّ ، والعُكَّازُ له زُجٌّ ولا سِنانَ له.

ك ز ب

كزب ، زكب : [مستعملة].

زكب : (ثعلب عن ابن الأعرابي): الزَّكْبُ : إِلقاءُ المرأةِ وَلَدَها بِزَحْرَةٍ واحدة.

يقال : زَكَبَتْ بهِ وأَزْلخَتْ وأَمْصَعَتْ بهِ وحَطَأَتْ به.

وقال اللحيانيّ : يقال : زَكَبَ بِنُطْفَتِهِ وزكم بها أي أَنْفَصَ بها.

ويقال : هو الأمُ زُكْبَةٍ وزُكمَةٍ في الأرضِ ، أي الْأَمُ شيءٍ لفظَهُ شيءٌ.

(الليث): زَكَبَتْ به أمُّهُ : رمتْ به ، وانزَكَبَ إذا انْقَحَمَ في وَهْدَةٍ أو سَرَبٍ.

قال : والزَّكْبُ : النِّكاح ، والزّكْبُ : المَلْءُ.

يقال : زكَبَ إِناءَهُ يزْكبه إذا ملأه.

وقال ابن الأعرابيّ : المزكوبة : المَلْقُوطةُ من النساء.

٦٠