تهذيب اللغة - ج ١٠

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٠

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٥

(قلت) : أنا : فَلُغَة الطَّائِيِّ تصحح أنَ إِكْبَارَ المرْأَة أوَّلُ حيضها إلَّا أنَّ هَاءَ الكِنَاية في قولِ الله (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) ينفي هذا المعنى ، فالصَّحيح أنَّهُنَّ لما رأين يوسفَ رَاعَهُنَّ جماله فأعظمنه.

وحدثني المنذري عن عثمان بن سعيد عن أبي هشام الرِّفاعيِّ ، قال : حدثنا جميع عن أبي رَوْقٍ عن الضَّحَّاكِ عن ابن عباس في قوله : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) [يوسف : ٣١] قال : حِضْنَ.

(قلت) : فإِنْ صحَّتْ هذه الرواية عن ابن عباس سلمنَا له ، وجعلنا الهاءَ في قوله أَكْبَرْنَهُ هاءَ وقفةٍ لا هاءَ كنايةٍ ، والله أعلم بما أراد. ويقال : رجلٌ كَبِير وكُبَارٌ وكُبَّار.

قال الله جل وعز : (وَمَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (٢٢)) [نوح : ٢٢].

والكبِرِياء : عظمة الله جاءتْ على فعلياء.

قال ابن الأنباري : الكبرياء : المْلك في قوله تعالى : (وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) [يونس : ٧٨].

والاستكْبارُ : الامتناع عن قبولِ الحقِّ معاندةً وتكَبُّراً.

والأكابر : أحياءٌ من بكرِ بن وائلٍ ، وهم : شيبان ، وعامِر ، وجليحةُ من بني تيم بن ثعلبة بن عُكَابةَ ، أصابتهمْ سَنَةٌ فانتجعوا بلاد تيم ، وضبةَ ، ونزلوا عَلَى بدرِ بن حمراء الضَّبِّي فأَجارهم وَوَفَى لهم.

فقال بدر في ذلك :

وفيتُ وفاءً لم يَرَ النَّاسُ مِثله

بتِعْشارَ إذ تحبو إليّ الأكابرُ

قال : والكُبْر في الرِّفعة والشرف.

قال المرّارُ :

وَلِيَ الأعظم من سُلَّافها

ولي الهامةُ فيها والكُبرْ

وروى عمرو عن أبيه : الكابرُ : السَّيِّد ، والكابر : الجَدُّ الأكُبر.

وفي حديث عبد الله بن زيد (١) الذي أُري الأذان : «أنهُ أخَذَ عُوداً في منامه ليتخذ منه كَبَراً» رواه شمر في كتابه.

قال شمر : والكَبَر : الطَّبْل فيما بلغنا.

وقال الليث : الكَبَر : الطَّبْل الذي له وجهٌ واحدٌ بلغة أهلِ الكوفة.

(ثعلب عن الأعرابي): الكَبَر : الطَّبْل ، وجمعه : كِبار مِثل جملٍ وجمالٍ.

وقال الليث : الكِبْر : الإثم ، جعل من أسماء الكبيرةِ كالخِطْءِ من الخطيئة.

والكِبَر : مصدرُ الكبير في السِّنِّ من الناس والدّوَابِّ ، وقد كبِرَ كِبَراً ، وإذا أَردْتَ عظمَ الشِّيءِ والأمْرِ قلتَ : كَبُرَ يكبُر كِبَراً

__________________

(١) في المطبوع : «زيد بن عمرو» والمثبت من «النهاية» لابن الأثير ، و «اللسان» (كبر).

١٢١

أيضاً ، كما تقول : عظَمَ يعظُم عِظَماً.

وتقول : كبُر الأمْرُ يكبُر كَبَارَةً.

ويقال : ورثوا المجدَ كابراً عن كابرٍ أي عظيماً وكبيراً عنْ كبيرٍ في الشّرَف والعز.

(عمرو عن أبيه) : قال : الكابر : السّيِّد والكابر : الجَدُّ الأكبر.

وقال الليث : الملوك الأكابرُ : جماعةُ أكبرَ ، ولا تَجوزُ النَّكرةُ فلا تقول : ملوكٌ أَكابرُ ، ولا رِجالٌ أكابر ، لأنه ليس بنعْتٍ إنما ـ هو تعجُّبٌ ، وقول المصلِّي : الله أكبرُ ، وكذلك قول المؤَذِّن ، فيه قولان : أحدهما : أنَّ معناه : الله كبيرٌ ، كقول الله جلّ وعزّ : (وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ) أي هو هَيِّنٌ عليه. ومِثلُه قول مَعْنِ بن أَوْسٍ : لَعَمْرُكَ ما أَدْرِي وإِني لأَوْجَلُ معناه : وإنِّي لوَجِلٌ ، والقولُ الآخر أنَّ فيه ضميراً ، المعنى : الله أكبرُ كبير وكذلك : الله الأعزُّ أي أَعَزُّ عزيزٍ. قال الفرزدق :

إنَّ الذي سَمَكَ السماءَ بَنَى لنا

بَيتاً دعائمُه أَعَزُّ وأطوَلُ

معناه : أعَزُّ عزيزٍ ، وأطول طويل.

أخبرنا ابن مَنِيعٍ ، قال : أخبرنا عليُّ بن الجَعْد عن شُعبةَ عن عمرو بن مُرَّة ، قال : سمعتُ عاصماً العَنَزِي يحدِّثُ عن ابن جُبَيْرِ بنِ مُطْعِمٍ عن أبيه أَنَّهُ رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يصلي قال : فكبَّرَ ، وقال : الله أكبر كَبيراً ثلاثَ مراتٍ ، ثم ذَكر الحديث بطوله.

قال أبو منصور : نصب كبيراً لأنه أَقامه مُقَام المصْدر لأن معنى قوله : الله أكبرُ : أُكبِّرُ الله كبيراً بمعنى تكبيراً ، يدلُّ على ذلك ما رَوَى سعيد عن قَتادةَ عن الحسن أنُّ نبيَّ الله عليه‌السلامُ كان إذا قام إلى صلاته من الليل قال : لا إِلهَ إِلَّا الله ، الله أكبرُ كبيراً ثلاث مرّاتٍ ، فقولُه : كبيراً بمعنى : تكبيراً فأقام الاسمَ مُقَام المصدر الحقيقي.

وقوله : الحمد لله كثيراً ، أي أحمدُ اللهَ حَمْداً كثيراً.

ويقال للشَّيخ : قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ ، وعلاه المَكْبَرُ إِذا أَسَنَّ.

ويقال للسيف والنَّصْل العَتِيق الذي قَدُمَ : عَلَتْهُ كَبْرَةٌ. ومنه قوله :

سَلَاجِمُ يَثْرِبَ الَّلاتي عَلَتهَا

بِيَثْرِبَ كَبْرَةٌ بعد المرُونِ

(شمرٌ) : يقال : أَتَانِي فلانٌ أَكبرَ النهار وشَبَابَ النهار أي حين ارْتَفَعَ النهارُ.

وقال الأعشى :

ساعةً أكبرَ النَّهَارُ كما

شَدَّ مُحِيلٌ لَبُونَه إعْتَاماً

يقول : قتَلناهم أوَّلَ النهار في ساعةٍ قَدْرَ ما يشدُّ المحيلُ أَخْلافَ إِبِلهِ لئلا يَرضَعها الفُصْلَانُ.

١٢٢

ركب : قال الليث : تقول العرب : رَكِبَ فلانٌ فلاناً يَركبُه رَكْباً إِذا قَبَضَ على فَوْدَيْ شَعْره ثم ضَرب جَبْهتَه بركبتَيْه.

قال : ورُكْبةُ البَعيرِ في يده ، وقد يقال لذوات الأربع كلِّها من الدَّوابِّ : رُكَبٌ ، ورُكْبتَا يدَيِ البعير : المَفْصِلانِ اللَّذانِ يليَانِ البَطْنَ إذا برَك ، وأمَّا المَفْصِلان الناتِئَانِ من خلْف فهما العُرْقوبان.

ويقال : للمُصَلِّي الذي أثَّرَ السُّجودُ في جَبْهَتِه : بيْن عينيه مِثلُ رُكبةِ العَنْز ، ويقال لكلِّ شيئين يستويان ويتكافآن : هُما كركبَتَي العَنْزِ ، وذلك أنهما يَقعان معاً إلى الأرض منها إذا رَبَضَتْ.

ويقال من الرُّكُوبِ : رَكِبَ يَرْكَبُ رُكوباً ، والرَّكْبةُ : مرَّةٌ واحدة ، والرِّكبةُ : ضربٌ من الرُّكوب ، يقال : حَسنُ الرِّكْبة ، وركبَ فلانٌ فلاناً بأَمْرٍ ، وارْتكبَه ، وكلُّ شيء علا شيئاً فقد رَكبَهُ ، وركبَه الدَّيْنُ.

وفي الحديث : «إذا سافرتم في الخِصْب فأعطوا الرُّكُبَ أَسنَّتَهَا».

قال أبو عبيد : الرُّكُبُ : جمع الرِّكاب ، والركابُ : الإبل التي يسار عليها ، ثم يجمع الركابُ رُكباً.

قال ابن الأعرابي : الرُّكُبُ لا يَكون جمع رِكاب.

وقال غيره : بعيرٌ رَكُوبٌ ، وجمعه : رُكُب ، وجمع الركاب : ركائب وروَاكِبُ الشَّحْم : طرائقُ بعضها فوق بعض في مقَدَّمِ السَّنَام ، فأمَّا التي في المؤخَّر : فهِي الرَّوَادِف.

والرِّكابةُ : شِبْهُ فَسِيلةٍ في أَعْلى النخلة عند قِمّتِهَا ، ربَّما حملتْ مع أُمِّهَا ، وإذا قُلِعَتْ كان أَفْضل للأمِّ.

وقال أبو عبيد : سمعتُ الأصمعيَّ يقول : إذا كانت الفَسِيلةُ في الجِذْع ولم تكُنْ مُستأْرِضةً فهي من خَسِيسِ النخل ، والعرب تسَمِّيها الراكِب.

وقال شمر : هي الرَّاكوبُ أيضاً ، وجمعها : رَوَاكيبُ.

وقال الليث : العربُ تسمِّي من يركب السفينةَ : رُكّابَ السفينةِ ، وأمَّا الرُّكْبَانُ الأرْكوبُ ، والرَّكْب فراكبو الدَّوَابِّ ، يقال : مَرُّوا بنا رُكوبا (قُلت) : وقد جَعل ابن أحْمَرَ ركابَ السفينة رُكباناً فقال :

يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكبانُهَا

كما يُهِلُ الراكبُ المعْتَمِر

يعني قوماً ركبوا سفينةً فغمَّت السماءُ ولم يَهتدُوا ، فلما طلع الفرْقدُ كبَّروا لأنهم اهتدوْا للسَّمْتِ الذي يَؤُمُّونه.

(الحرّانيُّ عن ابن السكيت) : تقول : مَرَّ بِنَا راكبٌ إذا كان على بعيرٍ ، والرَّكْب : أصحاب الإبلِ ، وهم : العَشَرَة فما فوقها ، والأُركوبُ : أكثر من الرَّكْبِ ، والرَّكَبَةُ أقلُّ من الرَّكْبِ ، والرِّكاب : الإبل ، واحدتها : راحلةٌ ، ولا وَاحدَ لها من لفْظِها.

١٢٣

ومنه قيل : زَيْتٌ رِكَابيٌ أي يُحمَل على ظهور الإبل ، فإذا كَان الرَّكْبُ على حافرٍ بِرْذَوْناً كَان أو فرَساً أو بغلاً أو حِماراً قلتَ : مرَّ بنا فارِس عَلَى حِمار ، ومرّ بنا فارسٌ على بَغل.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): راكِبٌ ورِكابٌ ، وهو نادِرٌ.

قال : والراكِبُ أيضاً : رأسُ الجبل ، والرَّاكِبُ : النخلُ الصِّغار يخرُج في أصول النّخل الكِبار.

والرُّكْبَةُ : أصل الصِّلِّيَانة إذا قُطعت.

وقال ابن شُميلٍ في كتاب «الإبل» : الإبل التي تُخرَج ليُجاءَ عليها بالطعام : تسمى رِكاباً حين تَخرُج وبعد ما تجيءُ ، وتسمى عِيراً على هاتين المنزلتين ، والتي يُسافَرُ عليها إلى مكة أيضاً رِكابٌ يحمَلُ عليها المحامل ، والتي يُكْرُون ويُحمَل عليها متاع التُّجّار وطعامهم كلُّها ركابٌ ، ولا تسمى عِيراً ، وإن كان عليها طعامٌ إذا كَانت مُؤاجَرة بكراء ، وليسَ العيرُ التي تأتي أهلَها بالطعام ولكنها رِكَابٌ. ولا تسمى عِيراً ، والجماعة : الرِّكَائب والرِّكاباتُ إذا كَانت ركَابٌ لي ، وركَاب لكَ وركابٌ لهذا ، جئنا في ركاباتِنا ، وهي ركابٌ وإن كانت مرعِيّة : تقول : تردُ علينا الليلة ركابُنا ، وإنما تسمى رِكاباً إذا كان يحدِّث نفسه بأن يبعثَ بها أو ينحدِرَ عليها ، وإن كانت لم تُرْكَبْ قط. هذه رِكابُ بني فلانٍ.

وفي حديث حُذَيفَة : «إنَّما تَهلِكونَ إذا صرْتُم تَمْشُون الرَّكَباتِ كأنكم يَعَاقِيبُ الحَجَل ، لا تَعْرِفونَ مَعرُوفاً ، ولا تُنْكِرُونَ مُنكراً» معناه أنكم تركبونَ رُؤوسكم في الباطلِ والفِتَنِ يَتبعُ بعضكم بعضاً بلا رَوِيَّةِ.

وأَركَبَ المُهْرُ إذا حان رُكوبُه ، فهو مُرْكِبٌ ، وتراكَبَ السحابُ وترَاكَم : صار بعضُه فوق بعض. وشيءٌ حَسَنُ التركيب.

وقال الله جل وعز : (وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ (٧٢)) [يس : ٧٢].

قال الفراء : اجتمعَ القراء على فتح الراء لأن المعنى فمنها يركبون ، ويُقوِّي ذلك أن عائشة قرأتْ (فَمِنها رَكُوبتهمْ) وقال أبو عبيد قال الأصمعي : الرَّكوبة : ما يركبون.

وقال الليث : الرَّكوبُ : كل دابة يُركَب ، والرَّكوبة : اسمٌ لجميع ما يُركبُ ، اسمٌ للواحدِ والجميع.

قال : والركابُ : الإبلُ التي تحمل القوم وهي رِكابُ القوم إذا حَمَلتْ أو أريدَ الحملُ عليها ، وهو اسمُ جماعة لا يُفرد والرِّياحُ : رِكابُ السحاب. قال أمية : تردَّدُ والرِّياحُ لها رِكابُ قال : والرَّكِيبُ : ما بين نهرَيِ الكَرْم ،

١٢٤

والركيبُ يكونُ اسماً للمرَكَّب في الشيء مثل الفَصِّ ونحوه ، لأن المفعَّلُ والمفْعَلَ كلٌّ يردُّ إلى فَعيل ، وثوبٌ مجدَّد : جديدٌ ، ورجلٌ مُطْلقٌ : طليقٌ.

والمرْكَبُ : الدابة ، تقولُ : هذا مَرْكَبي ، والجميعُ : المراكب.

والمرْكبُ : المصدَرُ ، تقول : ركبْتُ مَرْكباً أي ركوباً ، والمرْكَبُ : الموْضعُ.

والمرْكبُ : الذي يغزو على فرَس غيره.

وتقول : هذا الرَّجُل كريمُ المركَّب أي كريمُ الأصل.

والرَّكَبُ : رَكبُ المرأةِ. معرُوف ، والجميعُ : الأَركابُ ، ولا يقال : رَكبُ الرَّجُل (قلت) : وغيرُه يجيزُ أن يقال : رَكَب الرجل ، وأنشد الفراء :

لا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ

ولا الوشَاحانِ ولا الجِلْبابُ

مِنْ دون أَنْ تلتقيَ الأركابُ

ويَقْعُدَ الأيرُ له لُعابُ

وقال الليث : رِكابُ السَّرْج ، والجميع : الرُّكُبُ.

قال : والأرْكبُ : العظيمُ الرُّكْبةِ ، ونحو ذلك. قال الأصمعي فيما روى أبو عبيد عنه ، ويقال : طريق رَكُوبٌ أي موْطوءٌ مَلْحُوبٌ ، وبَعير رَكُوب ، به آثارُ الدَّبَر والقَتَب.

(ابن شميل عن الجعديِّ): رُكْبانُ السُّنْبُل : سوابقُ السنبُل التي تخرج في أوَّله.

يُقال : قد خرَجت في الحَبِ رُكْبانُ السنبُل.

ورَكُوبة : اسم ثَنيَّةٍ بحذاء العَرْج سلكها النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم في مُهاجَره إلى المدينة.

وفي الحديث : «بَشِّرْ رِكيبَ السُّعاة بقِطْعٍ منْ جَهنمَ مثل قُور حِسْمَي» ، الرَّكيبُ بمعنى الرَّاكب ، كأنه أراد الذي يرْكبُ السُّعاة فيظلمُهمْ ويكتبُ عليهم أكثر ممَّا قبَضوا ، ويرفعُه إلى مَنْ فوقهم ، والسُّعاة : الذين يقبِضون الصدقات.

وفي «النوادر» : يقال : رَكِيب من نخل وهو ما غُرسَ سطراً على جَدْوَل أو غير جدول.

وقال : يقال للقَرَاح الذي يُزرعُ فيه : رَكِيب. قال : تأَبط شرّاً :

وَيوْماً عَلَى أَهلِ الموَاشِي وَتارةً

لأهلِ ركيبٍ ذي ثَميلٍ وسُنْبُلِ

الثميل : بقية ماء بعد نضوب المياه ، قال : أهل الركيب : هم الحُضّار.

ربك : (أبو عبيد عن الأحمر): الرَّبِيكةُ : شيءٌ يطْبَخ من بُرٍّ وتمرٍ.

يقال : منه : رَبَكْتُه أرْبُكهُ رَبْكاً ، ومن أمثالهم : «غَرْثَانُ فارْبُكُوا له» وأصله أنَ

١٢٥

رجلاً قدِمَ من سفرٍ وهو جائع ، وقد ولدتِ امرأَتهُ له غلاماً فَبُشّرَ به فقال : ما أَصنعُ به أَآكلُه أَمْ أشربُهُ ، ففطنت له امرأته فقالت : «غَرْثانُ فارْبكُوا له» أي أنه جائعٌ فسَوُّوا له طعاماً يهجأ غَرَثَه ففَعَلوا فلمَّا شبع قال : كيف الطَّلَا وأُمُّهُ؟

وقال الليث : الرَّبْكُ : إصلاحُ الثَريدِ وخلطُهُ بغيره.

والرَّبكُ : أَنْ تُلقَى إِنساناً في وَحْلٍ فَيَرْتَبِكَ فيه ، ولا يمكنه الخروجُ منه ، والصيدُ يَرْتَبِكُ في الحِبالة إذا نشِبَ فيها ، وإِذا تَتعْتَعَ الرَّجلُ في كلامِهِ قيل : قد ارْتَبَكَ في منطقِه.

ويقال : ارْتَبَكَ الأمرُ ، والْتَبَكَ بمعنى واحد إذا اخْتَلَطَ.

في الحديث عن أبي أمامةَ في صفة أهل الجنة : «إنهم يَركَبونَ المَيَاثِرَ على النُّوقِ الرُّبْكِ ، عليها الحَشَايَا».

قال شمرٌ : الرُّبكُ ، والرُّمْكُ : واحدٌ والميم أعرفُ.

قال : والأرْمَكُ والأرْبكُ منَ الإبل : الأسودُ ، وهو في ذاك مُشربٌ كُدْرَةً ، وهو شديدُ سوادِ الأذُنْينِ ، والدُّفوفِ ، وما عدا أذنيِ الأرْمَكِ ، ودُفوفَه مشربٌ كُدْرةً.

بكر : قال الليث : البَكْرُ من الإبل : ما لم يَبْزُلْ ، والأنثى بَكْرَةٌ ، فإذا بزَلَا فجمَلٌ وناقةٌ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : البَكْرُ : ابن المخاضِ ، وابن الَّلبُونِ ، والحِقُّ والجَذَعُ ، فإذا أثنى فهو جملٌ وهو جِلَّةٌ ، وهو بعيرٌ حتى يبزُلَ وليس بعدَ البازلِ سنٌّ يسمى ، ولا قبل الثّنِيّ سنٌّ يسمَّى.

(قلت) : وما قاله ابن الأعرابي صحيحٌ ، وعليه كلام من شاهدتُ من العرب.

وقال الليث : البَكْرَةُ ، والبَكَرَةُ : لُغتان للتي يستقى عليها ، وهي خشبةٌ مستديرةٌ في وسطها مَحَزٌّ للحبلِ ، وفي جوفها مِحْورٌ تدور عليه.

قال : والحَلَقُ التي في حلية السيف هي البَكَرَاتُ ، كأنها فتوخُ النساءِ.

وأخبرني المنذريُّ عن أبي طالب أنه قال في قولهمْ : جاءوا على بَكْرَةِ أَبيهم.

قال قال الأصمعيُّ : يعني جاءُوا على طريقةٍ واحدةٍ.

وقال أبو عمرو : معناهُ جاءوا بأَجمعهم.

وقال أبو عبيدة : معناه جاءوا بعضهم في إثرِ بعضٍ ، وليس هناك بَكْرَةٌ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): البُكَيرةُ : تصغيرُ البَكْرَةِ وهي جماعةُ الناسِ.

يقال : جاءوا على بَكْرَتهمْ ، وعلى بكْرَة أُمّهمْ أي بأَجمعهمْ ، وليسَ ثَمَ بكْرَةٌ ، وإنما هو مَثَل.

وقول الله جل وعز : (لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ) [البقرة : ٦٨].

١٢٦

قالَ أبو إسحاق : أيْ ليستْ بِصغيرةٍ ولا كبيرَة ، ومعنى (بين ذلك) بين البِكْرِ والفارضِ.

(الحراني عن ابن السكيت) قال : البِكْرُ : الجاريةُ التي لم تقتضَّ ، وجمعُها : أبكارٌ ، والبِكْرُ : النَّاقة التي حملتْ بطناً واحداً ، وبِكْرُهَا : ولدها ، والبَكْرُ : الفَتيُّ من الإبل وجمعه : بِكارٌ ، وبِكَارةٌ.

وقال أبو الهيثمِ : العربُ تسمِّي التي ولدت بطناً واحداً بِكْراً بولدِها الذي تَبتكِرُ به.

ويقال لها أيضاً بِكْرٌ ما لم تلد ، ونحو ذلك ، قال الأصمعيُّ : إذا كان أولَ ولد ولدتهُ الناقةُ فهي بكْرٌ.

وقال الليث : البِكْرُ من النساء : التي لم تمسَّ ، والبِكْرُ من الرجال : الذي لم يقرب النساء بعْدُ ، والبِكْرُ : أوَّلُ وَلدِ الرجل غلاماً كان أو جاريةً.

ويقال : أشدَّ الرجال بِكْرٌ ابنُ بِكْرَينِ ، وبقرةٌ بِكْرٌ : فتيَّةٌ لم تحمِل ، وبِكْرُ كلِّ شيء : أولهُ.

(أبو عبيد عن الكسائيّ) : هذا بكْر أَبويهِ وهو أَوَّلُ ولدٍ يولدُ لهما ، وكذلك الجارية بغير هاء ، والجميعُ منهما : أبكارٌ ، وبِكْرةُ ولدِ أَبويه : أَكْبرهمْ.

وقال الليثُ : يقال : ما هذا الأمرُ منكَ بِكْراً ولا ثِنْياً على معنى : ما هو بأَول ولا ثان. قال ذو الرمة :

وقُوفاً لَدَى الأبوابِ طَلَّابَ حاجةٍ

عوَانٍ من الحاجَاتِ أو حَاجَةً بِكْرَا

وبنو بكرٍ في العرَب : قبيلتانِ : إحداهما : بنو بكر بن عبد مَناةَ بنِ كِنانةَ.

والأخرَى : بكرُ بن وائل في ربيعة ، وإذا نُسِبَ إليهما قالوا بَكْريٌ ، وأما بنو بكر بنِ كِلابٍ فالنسبةُ إِليهم بَكْرَاوِيٌّ ، والبُكْرَةُ من الغَدَاة تُجمع بُكراً وأبكاراً.

وقول الله تعالى : (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (٣٨)) [القمر : ٣٨] بكرة وغدوة إذا كانتا نكرتين أُنثتا وصُرِفتا ، وإذا أرادوا بهما بكرةَ يومِك ؛ وغداةَ يومك لم تصرفهما فبكرة هاهنا نكرة.

والبُكورُ ، والتبكيرُ : الخروج في ذلك الوقت.

والإبكارُ : الدُّخول في ذلك الوقت ، ويقال : باكَرْتُ الشيء إذا بكَّرْتَ له. وقال لبيد :

بَاكَرْتُ حاجَتَها الدّجَاجَ بسُحْرَةٍ

لأعِلَّ منها حِينَ هَبَّ نِيَامُهَا

أي بادرْتُ صقيعَ الدِّيكِ سَحَراً إلى حاجتي.

والباكورُ من كل شيء هو المبَكِّرُ السريع الإدراك ، والأُنثى : باكورَةٌ ، وغيثٌ بَكورٌ ، وهو المبَكِّرُ في أوّل الوَسْمِيِّ ويقال أيضاً : هو الساري في آخر الليل وأول النهار ،

١٢٧

وأنشد :

جَرَّرَ السيْلُ بها عُثْنُونَه

وتَهادَتْها مَداليجٌ بُكرْ

وسحابةٌ مِدْلاجٌ : بَكُورٌ.

ويقال : أتيتُهُ باكِراً. فمن جعل الباكِرَ نعتاً قال للأُنثى : باكِرَة وقوله : ... أَوْ أَبكارُ كَرْمٍ تُقَطّفُ واحِدُها : بِكْرٌ ، وهوَ الكَرْمُ الذي حملَ أول حملِه.

وعَسَلٌ أبكارٌ : يُعَسِّلهُ أبكارُ النحل أي أَفتاؤُها ، ويقال : بل أبكار الجوارِي يلينَه.

وكتبَ الحجَّاجُ إلى عامل له : ابعثْ إليَّ بعَسَل من الدَّسْتَفْشارِ ، الذي لم تمَسَّهُ النارُ (١).

وقال الأعشى :

تَنَحَّلَها مِن بِكارِ القِطافِ

أُزَيرِقُ آمِنُ إكْسادِها

بِكارُ القطاف جمع باكر كما يقال : صاحب وصِحاب ، وهو أول ما يُدْرِكُ.

وقال الأصمعي : نَارٌ بِكْرٌ : لم تُقْتَبَسْ من نارٍ ، وحاجةٌ بكْر : طُلِبت حديثاً.

وفي الحديث : «لا يزَالُ الناس بخيْرٍ ما بَكَّرُوا بصلاةِ المَغْرِب» معناه : ما صَلّوْها في أول وقتها.

وفي حديث آخر : «مَنْ بَكَّرَ يوْمَ الجُمعَةِ وابتَكر فلهُ كذَا» فمعنى بَكَّرَ : خرج إلى المسجد باكِراً ، ومعنى ابتَكرَ : أَدركَ أول الخُطبة.

وقال أبو سعيد في قوله : من بكر وابتكر إلى الجمعة ، تفسيره عندنا : من بكر إلى الجمعة قبل الأذان ، وإن لم يأتها باكراً فقد بكَّر ، وأما ابتكارها فأن تدركَ أول وقتها ، وأصله من ابتكار الجارية ، وهو أخذ عُذْرتها.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : إذا كانت النخلةُ تُدرِكُ في أوّل النخل ، فهيَ البَكورُ ، وهنّ البُكُر. وقال المُتَنَخِّلُ الهذلي :

ذلكَ ما دِينُكَ إذْ جُنِّبَتْ

أحْمَالُها كالبُكُرِ المُبْتِلِ

قال : وقال الفراء : البَكِيرةُ : مِثلُ البَكُور.

(أبو زيد): أبكَرْتُ الوِرْدَ إبكاراً وأبكَرْتُ الغداءَ إبكاراً ، وبكَرْتُ على الحاجة بكوراً ، وغدوْت عليها غُدُوّاً ، مثل البُكور ، وأبكرْتُ الرّجلَ على صاحبهِ إبكاراً حتى بَكر إليه بُكوراً.

(ابن شميل) قال : قال أبو البَيْداء : ابتكرَتِ الحاملُ إذا ولَدَت بِكرَها ، وأثنتْ

__________________

(١) كذا في المطبوع ، وفي «اللسان» (بكر): «كتب الحجاج إلى عامل له : ابعث إليَّ بعَسَلٍ خُلَّار ، من النحل الأبكار من الدستفشار ...» ثم قال : «والدستفشار : كلمة فارسية معناها ما عصرته الأيدي».

١٢٨

في الثاني ، وثلَّثتْ في الثالث : ورَبَّعتْ وخَمَّستْ وعشّرتْ.

وقال بعضهم : أَسْبَعتْ وأعْشرتْ وأَثمنتْ في الثامن والسابع والعاشر.

وفي «نوادر الأعراب» : ابتَكرَتِ المرأةُ ولداً إذا كانَ أولُ ولدِها ذكراً ، وأنْتَنَتْ إذا جاءتْ بولدٍ ثِني ، واثْتلثَتْ ولدَها الثالث ، وابتكرْتُ أنا واثْتنيْت ، واثتلثتُ.

برك : قال الليث : البَرْكُ : الإبل البُرُوك اسمٌ لجماعتها. قال طرَفة :

وبَرْكٍ هُجودٍ قدْ أَثارَتْ مخافتي

نوَاديها أَمْشى بعَضْبٍ مُجَرّدِ

(أبو عبيد عن أبي عبيدة): البَرْك : جماعةُ الإبل البُرُوك.

قال وقال أبو زيد : البِرْكة : أن يَدُرّ لَبنُ الناقة بارِكةً فيُقيمَها ويحلُبَها. وقال الكميت :

وحَلَبْتُ بِرْكَتَها اللَّبُو

نَ لبُونُ جودِك غيرَ ماصِرْ

وقال الليث : البِرْكةُ : ما وَلِيَ الأرض من جلدِ بطن البَعير وما يليه من الصدْر ، واشتِقَاقُه من مَبْرَك البعير.

والبَرْك : كَلْكَلُ البعير وصدرُه الذي يَدُوك به الشيء تحته ، يقالُ : حكَّه ودكَّه وداكهُ ببَركه ودلَكه ، وأنشد في صفةِ الحَرْبِ وشدَّتِها :

فأَقعَصتهمْ وحكَّت برْكها بهمُ

وأَعْطتْ النَّهْبَ هَيَّانَ بنَ بيَّانِ

قال : والبِرْكة : شِبْه حوْض يُحفرُ في الأرض ، ولا يُجعَل له أعضاد فوق صَعيد الأرض ، وهو البِرْك أيضاً ؛ وأنشد :

وأَنتِ التي كلَّفْتِني البِرْكَ شاتياً

وأَوْرَدتِنيهِ فانظري أَيّ مَوْرِد

(ثعلب عن ابن الأعرابي): البِرْكة تطفح مثل الزَّلف ، والزلف : وجه المِرْآة.

(قلت أنا) : والعرَب تُسمِّي الصهاريجَ التي سُوِّيتْ بالآجر ، وصُرِّجتْ بالنّورة في طريق مكة ومناهلِها : بِرَكا ، واحدتها : بِرْكة ، ورُبَ بِركةٍ تكون أَلفَ ذراع وأكثر وأقلَّ ، وأما الحياضُ التي تحتفر وتسوّى لماء السماء ولا تُطوَى بالآجرِّ فهي الأصْناع واحدها : صِنْعٌ عندهم.

(أبو عبيد عن الأصمعي): البَرُوكُ من النّسَاءِ : التي تتزوَّجُ ولها ولدٌ كبيرٌ واسمُ ذلك الولد : الجَرَنْبَذُ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : قال : الخَبِيصُ يقال له : البُرُوكَ ليسَ الرُّبُوكُ.

قال وقال رجلٌ من الأعرابِ لامرأته : هل لكِ في البُرُوكِ؟ فأجابتهُ : إنَ البُرُوكَ عملُ الملوكِ ، والاسمُ منه البَرِيكةُ ، فأمَّا الرَّبِيكةُ فالحَيْسُ.

وفي كتاب شمرٍ ، قال : رَوى إبراهيم عن ابن الأعرابي أنه أنشد لمالك بن الرّيْبِ :

١٢٩

إِنَّا وَجدنَا طَرَدَ الهوامِلِ

والمَشْيَ في البِرْكةِ والمراجل

قال : البِرْكةُ : جنس من برُودِ اليمن ، وكذلك المَرَاجِلُ.

وقال الليث : البُرَكُ : واحدتها : بُرْكَةٌ وهو من طيرِ الماء أَبيضُ. قال زهيرٌ :

ثمَّ اسْتَغَاثَت بماءٍ لَا رِشَاءَ له

من الأبَاطِح في حَافاتِهِ البُرَكُ

ويقال : ابتَرَكَ الرجلُ في عِرْضِ أخيهِ يَقْصِبُه إذا اجتهدَ في ذمه ، وكذلك الابِتَراكُ في العدو : الاجْتهاد فيه. وقال زهير :

مَرًّا كِفَاتاً إذا ما الماءُ أَسْهَلهَا

حتَّى إذا ضَرِبتْ بالسَّوْط تَبْتَرِكُ

وأنشد ابن الأعرابي : وهُنَّ يَعْدُونَ بنَا بُرُوكَا أي تجتهدُ في عدوها.

قال الليث : ابتَرَكَ القومُ في الحرب إذا جَثَوْا على الرُّكبِ ثم اقتتلُوا ابتراكاً ، والبَرَاكاءُ : مُبَاحَتَهُ القتالِ. قال بشرٌ :

ولا يُنجِي منَ الغَمَراتِ إلَّا

بَرَاكاءُ القتَالِ أو الفرارُ

وقال الليث : ابتَرَكَ السَّحَابُ إذا أَلَحَّ بالمطر.

والبِرْكانُ : من دِقِّ الشَّجَر ، الواحدةُ : بِرْكانَةٌ. وقال الراعي :

حتى غَدَا خَرِصاً طَلَّا فرائصُهُ

يَرْعَى شَقائقَ من عَلْقَى وبِركَانِ

وأَخبرني المنذريُّ عن أبي العبَّاس أنهُ سئلَ عن تفسير «تَبارَكَ اللهُ» فقال : ارتفعَ والمُتَبَارِكُ : المرتفعُ.

وقال الزَّجاجُ : (تَبارَكَ) : تفاعل منَ البَرَكةِ ، كذلك يقولُ أهل اللغةِ.

ونحو ذلك روي عن ابن عباسٍ ، ومعنى البَرَكةِ : الكثرةُ في كلِّ خيرٍ.

وقال في موضعٍ آخر : (تَبارَكَ) : تعالى ، وتعَاظَمَ.

وقال ابنُ الأنباريّ : (تَبارَكَ اللهُ) أَي يُتَبَرَّكُ باسمهِ في كلِّ أمرٍ.

وقال الليثُ في تفسير : «تَبارَكَ اللهُ» : تمجيدٌ وتعظيمٌ.

وقال أبو بكر : معنى (تَبارَكَ) : تقدّسَ أي تطهر ، والمقدّسَ : المطهَّرَ.

وقال الزجاج في قوله تعالى : (وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) [الأنعام : ١٥٥].

قال : المُبَارَك : ما يأتي من قبله الخيرُ الكثيرُ ، وهو من نعت كتاب.

ومن قال : أَنزَلْنَاهُ مُبَاركاً : جاز في القراءة.

وقال اللحيانيُّ : بَارَكْتُ على التجارة وغيرها أي وَاظبتُ عليها.

وقول الله جلَّ وعزَّ : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ

١٣٠

وَمَنْ حَوْلَها) [النمل : ٨].

قال : النَّارُ : نورُ الرَّحمن ، والنورُ هو الله تَبَاركَ وتعالى ، (وَمَنْ حَوْلَها) : موسَى والمَلَائكةُ.

وروَى شَرِيكٌ عن عطاء عن سعيدِ بن جُبيرٍ عن ابن عباس : (أَنْ بُورِكَ مَنْ فِي النَّارِ) [النمل : ٨] ، قال الله تعالى (وَمَنْ حَوْلَها) : المَلَائكةُ.

(سلمةُ عن الفرَّاء) أنه قال في حرف أبَيٍّ «أَنْ بُورِكَتِ النارُ ، ومَنْ حولها».

قال : والعربُ تقول : بَارَكك اللهُ وبَارَكَ فيكَ.

(قلتُ) : ومعنى بَرَكةِ الله : علوٌّ على كل حالٍ ، وأصل البَرَكة : الزيادة والنماءُ.

والتَّبْرِيكُ : الدعاءُ للإنسانِ وغيره بالبَرَكةِ.

يقال : بَرَّكْتُ عليه تَبْرِيكاً أي قلتُ : بَارَكَ الله عليكَ.

وقال الفراء في قول الله تعالى : (رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ) [هود : ٧٣] قال : البَرَكاتُ : السعادة.

قال أبو منصور : وكذلك قولُه في التشهد : «السلام عليك أَيها النبي ورحمةُ الله وبركاتُه» ، لأنّ منْ أَسْعَدَه الله بما أسعدَ به النبيَّ صلى‌الله‌عليه‌وآله فقد نال السعادة ، المباركة الدائمة.

(عمرو عن أبيه): بُرَكُ : اسمُ ذي الحِجَّة ، قال : والبُرَك والبَارُوكُ : الكابوسُ وهو النَّيْدُلَانُ.

وقال الفراء ، يقال : كِساءٌ بَرَّكانيٌ ولا تقلُ : برْنَكَانيٌّ.

وبَرْكُ الشتاءِ : صدرهُ ، وقال الكميتُ :

واحْتَلَ بَرْكُ الشتاءِ منزلهُ

وباتَ شيخُ العيال يصطلبُ

قال : أراد وقت طلوعِ العَقْرَبِ ، وهو اسمٌ لعدةِ نجومٍ ، منها الزُّبانَى والإكليلُ والقَلْبُ ، والشَّوْلة وهي تَطلعُ في شدّةِ البردِ.

ويقال لها : البُرُوك ، والجُثُوم ، يعني العقرب.

ويقال : للجماعةِ يَتَحمَّلون حَمالةً : بُرْكة وجَمَّةٌ ، والحَمالةُ نفسُهَا تسمَّى بُرْكةً.

(عمرو عن أبيه): البَرِيكُ : الزُّبدُ بالرُّطَبِ.

ويقالُ : أَبْرَكْتُ النَّاقَةَ فَبَركَت بُرُوكاً.

والتَّبرَاكُ بفتح : التاء البُرُوكُ. وقال جرير :

لقد قَرِحَتْ نَغانغُ رُكْبَتيْهَا

من التّبْرَاكِ ليسَ من الصَّلاةِ

وأمَّا تِبْرَاكُ بكسر التاء فهو موضعٌ ، ولا ينصرفُ.

١٣١

ك ر م

كرم ، كمر ، ركم ، رمك ، مكر : مستعملات.

كرم : الكَرِيمُ : من صفاتِ الله عزوجل وأسمائه ، وهو الكثيرُ الخيرِ الجوادُ المنعمُ المفضِلُ.

وقال الله جل ثناؤه : (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (٧)) [الشعراء : ٧].

معنى الزَّوْجِ : النَّوْعُ ، والكَرِيمُ : المحمود فيما تحتاج إليه فيه ، المعنى من كل نوع نافع لا يثبته إلا رب العالمين.

وقال جل وعز : (إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) [النمل : ٢٩].

قال بعضهُم : معناه : حسنٌ ما فيه ، ثمَّ بَينَتْ ما فيه فقالت : (إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) [النمل : ٣٠ ، ٣١].

وقيل : (أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ) [النمل : ٢٩] ، عَنَت أنه جاءَ من عند رجل كريمٍ.

وقيل : (كِتابٌ كَرِيمٌ) أي مَخْتومٌ ، وقوله تعالى : (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤)) [الواقعة : ٤٤].

قال الفراء : العرَبُ تَجعل الكَريم تابعاً لكُلِّ شيء نَفَتْ عنه فِعْلاً تنْوي به الذَّمَّ.

يقال : أَسَمِينُ هذا؟.

فيقال : ما هو بسمينٍ ولا كَريم ، وما هذه الدَّارُ بواسعة ولا كَريمةٍ.

والكريم : اسمٌ جامعٌ لكُلِّ ما يُحمدُ. فالله كريمٌ حميدُ الفعال.

وقال : (إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (٧٧) فِي كِتابٍ مَكْنُونٍ (٧٨)) [الواقعة : ٧٧ ، ٧٨] أي قرآن يحمد ما فيه من الهدْي والبيان والعِلم والحكمة.

وقوله : (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) أي سهلاً ليناً ، و (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) العظيم.

وقوله : (وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) [الإسراء : ٢٣] أي كثيراً.

وروينا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «لا تَسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فإنَّمَا الكَرْمُ الرَّجُلُ المسْلمُ» : رَوَاهُ أبو الزِّناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله.

وتأويله ـ والله أعلم ـ أن الكرم : صفةٌ محمودة ، والكريمُ من صفات الله جل ذِكْرُه. ومَنْ آمن بالله فهو كريمٌ ، والكَرَم : مصدر يقامُ مُقَامَ الموصُوفِ.

فيقال : رَجْلٌ كَرَمٌ. ورجُلانِ كَرَمٌ ، ورجالٌ كَرَمٌ ، وامرأةٌ كَرَمٌ ، لا يثنى ولا يجمعُ ولا يُؤَنَّثُ ، لأنَّ معنى قولك : رَجل كَرَمٍ أي ذو كرم. ولذلك أُقيم مُقامَ المنعوتِ فُخفِّفَ ، والكرْمُ سُمِّي كَرْماً لأنهُ وصف بكَرَمِ شجرته وثمرته.

١٣٢

وقيل : كرمٌ بسكُونِ الرَّاء لأنَّهُ خُفِّف عن لفظة كَرَمٍ لما كثر في الكلام. فقيل : كَرْمٌ كما قال امرؤُ القيس :

نَزَلْتُ عَلَى عمْرِو بْنِ دَرْعَاءَ بُلْطَةً

فَيَا كَرْمَ ما جارٍ ويا كَرْمَ ما محلْ

أراد : يا كَرَم جارٍ ، وما صِلةٌ.

ونهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم عن تسميته بهذا الاسم لأنه يُعتْصرُ منه المسكِر المنْهيُّ عن شُرْبه وأنه يغير عَقْلَ شاربه ، ويوقعْ بين شَرْبه العداوةَ والبغْضَاءَ.

فقال : الرجُلُ المسلم أَحقُّ بهذه الصِّفة من هذه الشجرة التي يؤدي ما يُعْتَصر من ثمرها إلى الأخْلاق الذَّميمة اللئيمة.

قال أبو بكر : يسمى الكَرْمُ كرْماً لأن الخمر المتخذ منه يحث على السخاء والكرم ويأمر بمكارم الأخلاق فاشتقوا له اسماً من الكرم للكرم الذي يتولد منه فكره النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله أن يسمى أصل الخمر باسم مأخوذ من الكرم ، وجعل المرء المؤمن أولى بهذا الاسم الحسن ، وأنشد :

والخَمْرُ مشتقَّة المعنى من الكرَمِ

ولذلك سموا الخمر راحاً لأن شاربها يرتاح للعطاء أي يخف.

قال : ويقال للكرم : الجَفْنَة والحَبَلة ، والزَّرَجُون.

وقال الليث يقال : رَجلٌ كريمٌ ، وقوم كرم كما قالوا : أَدِيم وأَدَم ـ وعمود وعمَدٌ ، وأنشد :

وأَنْ يَعْرَيْنَ إِنْ كُسِيَ الجَواري

فتنبوا العيْنُ عن كرمٍ عِجافِ

(قلت) : والنحويون يأبون ما قال الليث.

ويقولون : رجلٌ كَرِيمٌ وقومٌ كِرامٌ.

كما يقال : صغيرٌ وصِغَارٌ ، وكبيرٌ وكِبارٌ.

ولكن يقال : رَجُلٌ كَرَمٌ ، ورِجَالٌ كَرمٌ أي ذَوُو كَرَم ، ونساءٌ كَرَم أي ذَوَات كَرَمٍ.

كما يُقالُ : رجُلٌ عَدْلٌ ، وقومٌ عدلٌ ، ورَجْلٌ حَرَضٌ ، وقومٌ حرضٌ ، ورَجلٌ دَنَفٌ وقومٌ دنفٌ.

وقال أبو عبيد وابن السكيت وهو قول الفراء : رجلٌ كَرِيمٌ ، وكُرَامٌ ، وكُرَّامٌ ، بمعنى واحد.

قالوا : وكُرَامٌ : أبلغُ في الوصفِ من كريمٍ ، وكُرَّامٌ بالتشديد ، أبلغ من كُرَامٍ.

وكذلك : رجلٌ كبيرٌ وكبَارٌ وكُبَّارٌ وظريفٌ وظُراف وظُرَّافٌ.

وقال الليث : يُقال : تكرَّمَ فلانٌ عما يشينه إذا تَنَزَّه ، وأكرَمَ نفسه عن الشَّائِنَات والكَرَامةُ : اسمٌ يوضعُ موضع الإكرامِ ، كما وُضعت الطاعةُ موضع الإطاعة ، والغارةُ موضعَ الإغارة.

والكَرْمَةُ : الطاقةُ الواحدة من الكَرْم.

١٣٣

ويقالُ : هذه البقعةُ إنما هي كرمةٌ ونَخلةٌ ، يُعنى بذلكَ الكَثرَةُ.

والعرب تقول : هي أكْثرُ الأرضِ سَمْنَة وعَسَلةً.

وإذا جاءتِ السماءُ بالقَطْر قيل : كَرَّمَتْ تَكْرِيماً.

قال الليث : والمُكْرَمُ : الرجُلُ الكَرِيمُ على كلِّ أحد.

ويقال : كَرُمَ الشيءُ الكَرِيمُ كَرَماً ، وكَرُمَ فلان علينا كَرَامة.

والكَرَمُ : أرضٌ مُثارة مُنَقّاة من الحجارةِ.

وسمعت العرب تقول : للبُقْعَة الطَّيِّبِة التُّربةِ العَذاةِ المنبتِ : هذه بقعةٌ مكْرُمةٌ ويقولون للرَّجُل الكَرِيم : مكْرَمَانٌ إذا وُصف بالسخاءِ وسَعةِ الصدرِ.

(أبو عبيد عن أبي عمرو): الكُرُومُ : القلائدُ ، واحدها كرْمٌ ، وأنشد :

تَبَاهَى بصَوْغٍ من كُرُومٍ وفِضَّةٍ

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أن رَجُلاً أهدى إليه راويةَ خمرٍ فقال : «إنَّ الله حَرَّمَها ، فقال الرجل : أَفَلا أُكَارِمُ بها يَهودَ؟ فقال : إنَّ الَّذِي حَرَّمَها حَرَّم أنْ يُكَارَمَ بها» أراد بقوله أُكَارِمُ بها يهودَ أي أُهديها إليهم ، فَيُثيبوني عليها.

ومنه قول دُكَيْن :

يا عُمَرَ الخَيْراتِ والمَكَارِم

إنِي امْرُؤٌ من قَطَنِ بنِ دَارِم

أَطْلَبُ دَيْني من أخٍ مُكارِمٍ

أي من أخٍ يْكافِئُني على مدحي إياه ، يقول : لا أطلب جائزتهُ بغير وسيلةٍ ، وقال اللِّحْيَانِيُّ : أفعلُ ذلك وكرْمَة لك وكُرْمَى لك ، وكَرَامَةً لك ، وكُرْماً لك ، وَكُرْمَةَ عَيْنٍ ، ونَعيمَ عينٍ ونُعمْة عينٍ ، ونُعْمَ عينٍ ، ونُعَامى عَيْنٍ ونَعام عينٍ.

وقال أبو ذؤيب في الكُرْمِ :

وأَيْقَنْتُ أَنِّ الجُود منكَ سَجِيَّة

وما عِشْتَ عيْشاً مِثْلَ عيْشِك بالكُرْم

أَراد بالكُرْمِ : الكَرَامَةَ.

وقال ابن شميلٍ : يقال : كَرُمَتْ أرضُ فلان العامَ ، وذلك إذا دَمَلها فزَكا نَبْتُها ، قال : ولا يَكْرُمُ الحَبُّ حتى يكونَ كَثير العَصْفِ يعني التِّبْنَ والورق.

(عمرو عن أبيه) : يقال لطبق القدر والحُبِّ : الكرامة.

وقال الكسائي : لم يجئ عن العرب مَفْعُلٌ مصدراً بغير هاء إلا حرفان : مَكْرُمٌ ومعْونٌ.

وأنشد في المكْرُمِ : لِيَوْمِ رَوْعٍ أَوْ فَعَالِ مَكْرُمِ وقال :

بُثَيْنَ الْزَمِي (لا) إنَّ (لا) إِنْ لَزِمْتِهِ

على كَثْرَة الواشينَ أيُّ مَعُونِ

١٣٤

وقال الفراء : مَكْرُمٌ : جَمْعُ مَكْرُمَة وكذلك مَعُونٌ : جَمْعُ مَعُونَةٍ ، وروى عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن الله يقول : إذا أنا أَخَذْتُ من عَبْدِي كَرِيمَتَيْهِ وهو بهما ضَنِينٌ فصَبَرَ لي لم أرْضَ له بِهمَا ثَوَاباً دُونَ الجَنَّةِ».

ورواه بعضهم : إذا أَخذْتُ من عبدي كَرِيمَتَهُ.

وقال شمر : قال إسحاق بنُ مَنْصُورٍ : قال بعضهم : يُرِيدُ أَهله ، وبعضُهم يقول : عَيْنَه ، قال : ومن رواهُ كَرِيمَتَيْهِ فهما : العينانِ.

قال شمر : كلُّ شَيْءٍ يَكْرُمُ عليك فهو كَرِيمُكَ وكَرِيمَتُكَ ، قال : والكَرِيمَةُ : الرجُلُ الحَسيبُ ، تقول : هو كَرِيمَة قَوْمِهِ.

وأنشد :

وأَرَى كَرِيمَكَ لا كُرِيمةَ دُونَهُ

وأَرَى بِلادَكَ مَنْقَعَ الأَجْوَادِ

أراد من يَكْرُمُ عليك لا تَدَّخِرُ عنه شيئاً يَكْرُمُ عليك.

وفي حديث آخره : «إذا أَتَاكُمْ كَرِيمَةُ قَوْمٍ فَأكْرِمُوهُ» أي كرِيمُ قومٍ. وقال صَخْرُ بنُ عمرو :

أَبَى الفَحْرَ أَنِّي قَدْ أَصَابُوا كَرِيمَتِي

وأَنْ ليسَ إِهْدَاءُ الخَنَا من شِمَالِيَا

يعني بقوله كَرِيمَتِي : أخَاه معاوية بن عمرو – وأما الحديثُ الآخرُ «خيْرُ الناسِ يَوْمَئذٍ مُؤمِنٌ بَيْنَ كَرِيمْينِ» فإنَّ بعضهم قال هما الحَجُّ والجِهَادُ ، وقيل أراد بين فَرَسَيْنِ يَغْزُو عليهما.

وقيل بين أَبَوَيْنِ مُؤْمِنَيْنِ كَرِيميْنِ.

ويقال : هذا رجُلٌ كَرَمٌ أَبوهُ وكرمٌ آباؤُهُ ، وقول الله جل وعز : (وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) [النساء : ٣١] قالوا حَسَناً وهو الجَنَّةُ ، وقوله : (وَقُلْ لَهُما قَوْلاً كَرِيماً) [الإسراء : ٢٣] أي ليناً سهلاً إكراماً لهما ، وقوله : (هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) [الإسراء : ٦٢] أي فضَّلتَ ، وقوله : (رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ) [المؤمنون : ١١٦] أي العظيم.

وقوله : (فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌ كَرِيمٌ) [النمل : ٤٠] أي عظيم مفضل وقوله : (وَأَعْتَدْنا لَها رِزْقاً كَرِيماً) [الأحزاب : ٣١] أي كثيراً.

مكر : قال الليث : المكْرُ : احتيالٌ في خُفْيَة ، قال : وسمعنا أنَّ الكَيْدَ في الحربِ حلالٌ ، والمَكْرُ في كلِّ حالٍ حرامٌ.

وقال الله جل وعز : (وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (٥٠)) [النمل : ٥٠].

قال غير واحدٍ من أهلِ العلم بالتأويلِ : المَكْرُ من الله : جَزَاءٌ ، سُمِّيَ باسم مَكْرِ المُجَازَى كما قال : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ) [الشورى : ٤٠] ، فالثانية ليستْ بسيّئة في الحقيقة ، ولكنها سمّيت سَيِّئة للجَزَاء ، وكذلك قوله جل وعز : (فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ) [البقرة : ١٩٤] ، فالأول : ظلمٌ

١٣٥

والثاني : ليس بظلم ، ولكنَّه سُمِّيَ باسم الذنب ليُعْلَمَ أنه عِقابٌ عليه. وجَزَاءٌ به ، ويَجْرِي مَجْرى هذا القول قول الله جل وعز : (يُخادِعُونَ اللهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ) [النساء : ١٤٢] و (اللهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ) [البقرة : ١٥] من هذا الضَّرب.

أبو العباس عن ابن الأعرابي : المَكْرُ : الغْرَةُ. وقال القَطَامِيُّ :

بِضَرْبٍ تَهْلِكُ الأبطالُ فيه

وتَمْتَكِرُ اللِّحَى منه امْتِكارَا

أي تَخْتِضِبُ ، ويقال لِلأَسدِ : كأنه مُكِرَ بالمَكْرِ أي طُلِيَ بالمغْفرَةِ ، والمَكرُ : نَبْتٌ وجمعه : مُكُورٌ. قال العجاج : تَظَلُّ في عَلْقَى وفي مُكُورِ

النَّضْرُ عن الجعْدِيِّ قال : المَكْرُ : سَقْيُ الأرض ، يقال : امْكُرُوا الأرضَ فَإِنَّها صُلبةٌ ثمَّ احْرُثُوهَا يريد : اسْقُوهَا.

وقال الليث : المكْرُ : ضرْبٌ من النّباتِ ، الواحِدةُ : مَكْرَةٌ ، سُمِّيت مَكْرَةً لارْتوائِها ، وأمّا مُكُورُ الأغْصَانِ فهي شجرة على حِدَةٍ.

قال : وضروبٌ من الشجرِ تُسَمَّى المكُورَ مثل الرُّغْل ونحوه.

وقال أبو عبيد قال الأصمعي : الممْكُورَةُ من النِّساء : المَطْوِيَّةُ الخَلْقِ.

وقال الليث : المَكْرُ : حُسْنُ خَدَالةِ السَّاقِ.

يقال : هي مَمْكُورَةٌ : مُرْتَوِيَة السَّاقِ خَدْلةٌ ، شُبِّهَت بالمَكْرِ من النَّباتِ.

قال : ومَكْوَرَّى : نَعْتٌ للرجُل ، يقال : هو القصيرُ اللئيمُ الخِلْقَةِ.

ويقال في الشَّتِيمةِ : ابن مَكْوَرَّى ، وهو في هذا القول : قَذْف ، كأنَّها توصفُ بزِنْيةٍ.

قلت : هذا حرف لا أَحْفَظُه لغير الليث ، ولا أَدْري أَعَرَبِيٌّ هو أو أَعْجَمِيٌّ.

ثعلب عن ابن الأعرابي قال : المَكْرَةُ : الرُّطَبة الفاسدة.

والمكْرةُ : التَّدبِيرُ والحِيلة في الحرب.

والمكْرةُ : الساقُ الغليظةُ الحَسْنَاءُ.

والمكْرةُ : السَّقْيَةُ للزَّرْع.

يقال : مررت بزَرْعٍ مَمْكُورٍ أَي مَسْقِيٍّ.

والمكْرةُ : شجرةٌ ، وجمعها : مُكُورٌ.

ركم : قال الليث : الرَّكْمُ : جمعُكَ شيئاً فوق شيءٍ حتى تجعلَه رُكاماً مَرْكوماً ، كرُكامِ الرَّمْل والسَّحابِ ونحو ذلك من الشيء المرْتَكِمِ بعضُه على بعْضٍ.

وقال ابن الأعرابي : الرّكَمُ : السحابُ المُتَرَاكِمُ.

كمر : أبو عبيد عن الأصمعي : المكْمُورُ من الرجال : الذي أَصَاب الخاتنُ كمَرَتَهُ.

وقال الليث : الكَمَرُ : جمع الكَمَرَةِ.

وقال : رجلٌ كِمِرَّى إذا كان ضَخْمَ الكَمَرَةِ.

١٣٦

رمك : قال الليث : الرَّمَكَةُ : هي الفَرَسُ.

والبِرْذَوْنَةُ التي تتخذ للنسل ، والجميعُ : الأرْماكُ ، وأَمَّا قول رؤبة :

لا تَعْدِليِني بالرُّذالاتِ الحَمَكْ

وَلَا شَظٍ فَدْمٌ ولا عَبْدٍ فَلِكْ

يَربِضُ في الرَّوْثِ كَبِرْذَوْنِ الرَّمَكْ

فإنَّ أَبا عمرو زَعمَ أنَ الرَّمَكَ في بيت رؤبةَ أصله بالفارسيَّةِ : رَمَهْ.

قال : وقولُ الناسِ : رَمَكَةٌ : خطأٌ.

وقال أبو زيد : رَمَكَ الرَّجلُ إذا أَوْطَنَ البَلَد فلم يَبْرَحْ ، ورَمَكَ في الطعام رُمُوكاً ، ورَجَنَ فيه يَرْجُنُ رجوناً إذا لم يَعَفْ منه شيئاً.

وروى أبو عبيد عنه : رَمَكْتُ بالمكانِ.

وأَرْمَكْتُ غيري.

ثعلب عن ابن الأعرابي : رَمَك بالمكان ودَمَكَ ومَكَدَ إِذا أَقام فيه.

وقال الكسائي : رَمَكَ بالمكان رُمُوكاً ، ورَجَنَ رُجوناً.

والرامِكُ : المُقيمُ ، بكسرِ الميم.

والرامِكُ بالكسْرِ : الذي يُسَمِّيهِ الناسُ الرَّامَك وهو شيء ، يُصَيَّرُ في الطِّيبِ.

الليث : الرامَكُ : شيءٌ أسودُ كالقَارِ يخلط بالمِسْكِ فيجعل سُكًّا ، والرَّامَكُ تَتَضَيَّقُ به المَرْأَةُ.

ابن السكيت عن الفراء قال : هو الرامِك والرامَكُ ، في باب ما يُفْتَحُ ويُكْسَرُ.

غيره : اسْتَرْمَكَ القومُ استرماكاً إذا اسْتَهْجَنُوا في أَحسابِهِم ، ورجلٌ رمَكَةٌ إذا كان ضعيفاً.

أبو عبيد عن الأصمعي قال : إذا اشتدّتْ كُمْتَةُ البعير حتى يَدخُلَهَا سوادٌ فتلك الرُّمْكةُ ، وبعيرٌ أَرْمَكُ.

ابن الأعرابي قال حُنَيْفُ الحَنَاتمِ ـ وكان من آبَلِ العربِ ـ الرَّمْكاءُ من النُّوقِ : بُهْيَا والحَمْرَاءُ : صُبْرَى والخَوَّارةُ : غُزْرَى ، والصَّهْبَاءُ : سُرْعَى.

أبواب الكاف واللام

ك ل ن

استعمل من وجوهه : لكن ، نكل ، نلك.

نكل : روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم أنه قال : «إن الله يُحِبُ النَّكَلَ على النَّكَلِ» قيل وما النَّكَلُ عَلَى النَّكَلِ؟ قال : «الرَّجلُ القويُّ المُجرَّبُ المُبْدِئُ المعيدُ على الفَرَسُ المجرَّبِ المبْدِئ المِعيدِ».

قال أبو عبيد : يقال : رجلٌ نَكَلٌ ، ونِكْلٌ ، ومعناهُ قريبٌ من التَّفْسيرِ الذي في الحديث.

قال ويقال : رجلٌ بَدَلٌ وبِدْلٌ ، ومَثلٌ ومِثْلٌ وشَبهٌ وشِبهٌ.

قال : ولم نسمع في (فَعَلٍ وفعْلٍ) بمعنى واحد غيرَ هذه الأربعة الأحْرُفِ.

١٣٧

وأما قول الله جل وعز : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢)) [المزمل : ١٢] فإن التفسير جاء في الأنكَال أنها هاهنا : قُيُودٌ من نَار ، واحِدُهَا : نِكْلٌ.

وقال شمر : النِّكْلُ : الذي يَغلِبُ قِرْنَه ، والنِّكْلُ : القَيْدُ ، والنِّكْل : اللّجَامُ ، وفلانٌ نِكْلُ شَرٍّ أي قويٌّ عليه ، ويكونُ : نِكلُ شرٍّ أي يُنكِّلُ في الشَّرِّ ، ورَجلٌ نِكْلٌ ونَكَلٌ إذا نُكِّلَ به أَعداؤه أي دُفِعُوا وأُذِلُّوا ، والنِّكْلُ : لِجَامُ البريدِ ، وقيل له نِكْلٌ لأنه يُنكلُ به المُلْجَمُ أي يُدفَعُ كما سمّيت حَكمةُ الدابَّةِ حَكمةً لأنها تمنع الدابة عن الصعوبة.

ويقال : نَكَلَ الرجلُ عن الأمْر يَنْكُلُ نكولاً إذا جَبُن عنه ، ولُغَة أُخرى : نَكِلَ يَنْكَلُ ، والأولى : أَجودُ.

وقال الليث : النّكالُ : اسمٌ لما جَعلْتَهُ نَكالاً لغيره إذا رآه خافَ أن يَعمَلَ عَملَه.

قال : والمَنْكَلُ : اسمٌ للصَّخْرِ ، «هُذَليةٌ».

وقال غيره : نكَّلْتُ بفلانٍ إذا عَاقَبْتَه في جُرْمٍ أَجْرَمَه عُقُوبةً تُنَكِّلُ غيرَه عن ارتكابِ مثله ، وأَنْكَلْتُ الرجلَ عن حاجَتِهِ إنْكالاً إذا دَفَعْتَهُ عنها ، وأَنكَلْتُ الحجَرَ عن مكانهِ إذا دَفَعْتَهُ عنه.

ومنه الحديثُ «مُضَرُ صَخْرَةُ الله التي لا تُنْكَلُ» أي لا تُدْفَعُ عما سُلِّطَتْ عليه.

وقال أبو إسحاق في قول الله جلَّ وعزَّ : (فَجَعَلْناها نَكالاً لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها) [البقرة : ٦٦] أي جعلنا هذه الفَعْلَة عِبْرةً يَنْكُلُ أَن يَفعلَ مثلها فَاعِلٌ فينالَه مثلُ الذي نالَ اليهودَ والمعتدينَ في السَّبْتِ.

نلك : قال الليث : النُّلْكُ : شَجَرةُ الدُّبِّ ، الواحدةُ : نُلْكةٌ ، وهي شجرةٌ حَمْلُها زُعْرُورٌ أَصْفَرُ. قلت : ونحو ذلك قال ابن الأعرابي في النُّلْكِ إنَّه الزُّعْرُورُ.

لكن : قال الليث : الألْكَنُ : الذي لا يقيمُ عَرَبِيَّتَه ، وذلك لعُجْمةٍ غالبةٍ على لسانهِ.

يقال : لُكْنةٌ شديدةٌ ، ولُكُونةٌ ، وأَخبرني المنذريُّ عن المُبَرَّدِ أنه قال : اللُّكْنة : أن تعترض على كلام المتكلم اللغةُ الأعَجِميَّةُ.

يقال فلانٌ يَرْتَضِخُ لُكْنةً رُومِيَّةً أو حَبشِيَّةً أَو سندية ، أو ما كانت من لُغاتِ العَجَمِ.

سلمة عن الفراءِ أنَّهُ قال : للعرب في لاكِنْ ـ وكُتِبَتْ في المَصَاحِفِ بغير أَلفٍ لَكِن ـ لغتان تشديد النُّونِ مفتوحةً ، وإسْكَانُها خَفيفةً ، فمَنْ شَدَّدها نَصبَ بها الأَسماءَ ، ولمُ يَلِهَا (فَعَلَ ، ولا يَفْعَلُ) ومن خَفَّفَ نُونَها وأَسْكنها لمْ يُعْمِلْها في شيْءٍ : اسْمٍ ولا فِعْلٍ ، وكان الذي يعْمَلُ في الاسْم الذي بعدها ما معه مِمَّا يَنْصِبُه أَوْ يرفعه أو يخفِضهُ ، من ذلك قولُ الله : (وَلكِنَ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [يونس : ٤٤] و (وَلكِنَ اللهَ رَمى) [الأنفال : ١٧] (وَلكِنَ الشَّياطِينَ

١٣٨

كَفَرُوا) [البقرة : ١٠٢] رُفعتْ هذه الأحْرُفُ بالأفَاعِيل التي بعدها وأما قولُهُ جَلَّ وعَزَّ : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ وَلكِنْ رَسُولَ) [يونس : ٣٧] فإِنك أَضْمَرْتَ كانَ بعد : (وَلكِنْ) فنصبتَ بها ولو رفعْتَه على أن تُضمر (هو) فتريد ولكن هو رسول الله ، كان صواباً. ومثله (وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللهِ) ، ولكنْ تصديقُ) و (تَصْدِيقَ) [يونس : ٣٧] وإذا أَلْقَيْتَ من «لكن» الواوَ التي في أَوَّلها آثرَتِ العربُ تخفِيفَ نونها ، وإذا أَدخَلوا الواوَ آثروا تشديدها ، وإنما فعلوا ذلك لأنها رُجُوعٌ عما أَصابَ أوَّل الكلام فشُبِّهَتْ ببلْ إذ كانت رجوعاً مِثلَها ، ألَا ترى أنك تقول : لم يَقمْ أخوكَ بل أَبوك ثم تقولُ : لم يقم أخوكَ لكِن أبوك فتراهما في معنًى واحد ، والواو لا تَصْلح في بل فإذا قالوا : ولكِنْ فادخلُوا الواو تباعَدت من بل إذ لم تصلح في بل الواوُ فآثروا فيها تشديدَ النونِ ، وجعلوا الواوَ كأنها دخلت لعَطفٍ لا بمعنى بلْ.

وإنما نصبتِ العرب بها إذا شدَّدتْ نونها لأنَّ أَصلها إنَّ عبد الله قائمٌ زيدت على إنَّ لامٌ وكافٌ فصارتا جميعاً حرفاً واحداً.

ألا ترى أن الشاعر قال : وَلَكِننِي مِن حُبِّهَا لَعَمِيدُ فلم يُدخل اللامَ إلا أنَّ معناها إن.

ولا تجوز الإمالة في لكن ، وصورة اللفظ بها لاكن ، وكتبت في المصاحف بغير ألف ، وألفها غير ممالة.

وقال الكسائيُّ : حرْفان من الاستثناء لا يقعان أكثر ما يقعان إلا مع الجحد ، وهما : بل ولكن.

قال : والعربُ تجعلهما مثل واو النَّسَق.

ك ل ف

كلف ، كفل ، فلك ، فكل ، لفك : مستعملات.

كلف : قال الليث : كَلِفَ وجهُهُ يَكْلَفُ كَلَفاً ، وبَعِيرٌ أكْلَفُ ، وبه كُلْفَةٌ كل هذا في الوجه خاصةً ، وهو لونٌ يعلو الجلدَ فيغيِّرُ بشرتَه.

ويقال للبَهَقِ : الكَلَفُ والبعير الأَكْلَفُ يكون في خدَّيه سوادٌ خفِيٌّ.

قال : وخَدٌّ أَكْلَفُ أي أَسْفَعُ.

وقال العجَّاج : عَنْ حَرْفِ حَيْشُومٍ وخَدٍّ أَكْلَفَا يصف الثور.

أبو عبيد عن الأصمعيّ : قال : إذا كان البعيرُ شديدَ الحمرَة يخلِط حُمرَته سوادٌ ليس بخالصٍ فتلكَ الكُلْفَةُ ، وهو أَكْلَفُ ، وناقة كَلفَاءُ.

وقال الليث : يقال : كَلِفْتُ هذا الأمرَ وتكلَّفتُه.

١٣٩

قال : والكُلْفَة : ما تكلّفْتَ من أمرٍ في نائبةٍ أو حقٍّ ، والجميعُ : الكُلَفُ.

ويقال : فلانٌ يتكلَّفُ لإخوانه الكُلَفَ ، والتكاليفَ.

والمُكَلَّفُ : الوقَّاعُ فيما لا يعنيه.

وذُو كُلَافٍ : اسمُ وادٍ في شِعْر ابن مُقبل.

وقال شمر وغيره : من أسماء الخمر : الكَلْفَاء والعَذْرَاء.

أبو زيد : كَلِفْتُ منك أمراً كَلَفاً ، وكَلِفْتُ بها أشدَّ الكَلَفِ إذا أَحبها ، ورجلٌ مِكْلافٌ : مُحبٌّ للنساء ، ورجل كَلِفٌ بالنساء : مِثلُه.

كفل : قال الله جلّ وعز : (مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها) [النساء : ٨٥].

قال الفرّاء : الكِفْلُ : الحظُّ ، ومنه قول الله : (يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) [الحديد : ٢٨] معناه : حظّين.

وقال الزجَّاج : الكِفْلُ في اللغة : النصيب أُخذ من قولهم : اكتَفلْتُ البعيرَ إذا أدرتَ عَلَى سَنَامه أو على موضع من ظهرهِ كساءً وركبْتَ عليه ، وإنما قيل له كِفْل وقيل : اكتَفلَ البعيرَ لأنه لم يستعمل الظَّهرَ كلّه إنما استعمل نصيباً من الظهر.

وقال ابن الأنباريِّ في قولهم : قد تكفّلْتُ بالشيء معناه قد ألزمْتهُ نفسي ، وأزلْتُ عنه الضَّيْعة والذّهاب وهو مأخوذ من الكِفْل.

والكِفْلُ : ما يحفظُ الرَّاكبَ من خلفه ، والكِفْلُ ، النصيبُ : مأخوذ من هذا ، ورجل كِفْل : لا يثُبت على الجمل : ليس من الأوَّل.

وأخبرني المنذريُّ : عن أبي الهيثم أنه قال : سُمِّي ذَا الكِفْل لأنه كفَلَ بمئة ركعةٍ كلَّ يوم.

قال : والكِفْلُ : الذي لا يثبُت على مَتْن الفرس ، وجمعه : أكْفال ، وأنشد :

مَا كُنْتَ تَلْقى في الحُروب فوَارسي

مِيلاً إذا رَكِبُوا ولا أَكفَالا

وقال الزجاج : يقال : إنَّ ذَا الكِفْل سُمِّي بهذا الاسم لأنه تكفَّل بأَمر نبيٍّ في أُمته ، فقام بما يجبُ فيهم.

وقيل : تكفّلَ بعمل رجل صالح فقام به.

ورُوي عن إبراهيم : أنه كره الشُّربَ من ثُلمةِ القَدَح أو العروة ، ويقال : إنها كِفْلُ الشيطان.

قال أبو عبيد : قال أبو عمرو والكسائي : الكِفْلُ : أصله : المرْكَبُ ، فأراد أن العُروةَ والثُّلمةَ : مركبُ الشْيطان.

وقال أبو عبيد : والكِفْلُ أيضاً : ضِعفُ الشيءِ.

ويقال : إنه النصيبُ.

النَّضْرُ عن أبي الدُّقْيشِ : اكتَفَلْتُ بكذا إذا وَلَّيتَه كَفَلَك ، قال : وهو الافتعال ،

١٤٠