تهذيب اللغة - ج ١٠

محمّد بن أحمد الأزهري

تهذيب اللغة - ج ١٠

المؤلف:

محمّد بن أحمد الأزهري


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار إحياء التراث العربي للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٦٥

ويُروى : مُفْحَمِ.

ويقال للخِرَقِ التي تُدرج إدراجاً وتُلف وتجمع ثم تُدَسُّ في حياء الناقة التي يريدون ظَأرَهَا على وَلَدِ ناقةٍ أخرى ، فإذا نُزعت من حيائها حَسِبَتْ أنها ولدت ولداً فيُدنى منها وَلَدُ الناقة الأخرى فترأمُهُ ، يقال لتلك اللَّفِيفَةِ : الدُّرجَةُ والجَزْمُ ، والوَثيِغَةُ.

وأما الدُّرَجَةُ بفتح الراء فإن ابن السكيت قال : هو طائر أسود بَاطِنُ الجَنَاحَينِ ، وظاهِرُهُمُا أغبر ، وهي على خِلْقَةِ القطاة إلا أنها أنطف.

وقال الليث : الدُّرَّاج : من الطير بمنزلة الحَيْقُطَانِ ، وهو من طير العراق وهو أرقَطُ.

قال : والدِّرِّيج : شيء يُضرب به ذو أوتار كالطنبور.

ويقال للدَّبَّابات التي تُسوَّى لِحَرْبِ الحِصار ، يَدْخُلُ تحتها الرِّجالُ : الدَّبَّابات والدَّرّاجات.

والدرَّاجة : التي يَدْرَجُ عليها الصبي أول ما يمشي.

والدُّرْجُ : دُرْجُ المرأة تضع فيه طيبها وأداتها ، وهو الحِفْشُ أيضاً. والمَدَارِجُ : الثنايا الغِلاظُ بين الجبال. ومنه قول المزنيِّ :

تعرَّضي مَدَارِجاً وسُومي

تعرُّض الجوزاء للنجوم

ويقال : درَّجْتُ العليل تَدْريجاً إذا أطعمته شيئاً قليلاً من الطعام. ثم زِدْتَه عليه قليلاً ، وذلك إذا نَقِهَ حتى تدرَّج إلى غاية أكله كان قبل العِلَّةِ دَرَجة فدرجةً.

وقيل في قوله جل وعز : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٣] سنأخُذُهم من حيث لا يحتسبون ، وذلك أن الله جل وعز يفتح عليهم من النعيم ما يغتبطون به فيركنون إليه ويأنسون به ولا يذكرون الموت ، فيأخذهم على غرَّتهم أغفل ما كانوا ، ولهذا قال عمر بن الخطاب لما حُمل إليه كنوز كسرى : «اللهم إني أعوذ بك أن أكون مُسْتَدْرَجَاً فإني أسمعك تقول : (سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ) [الأعراف : ١٨٣]».

(ثعلب عن ابن الأعرابي): الدَّرْجُ : لَفُّ الشيء.

يقال : دَرَجْتُهُ ، وأدْرَجْتُهُ ، ودرَّجتُهُ ، والرُّباعي أفصَحُها ، والدَّرَجُ : المَحاجُّ ، والدَّرَجُ : الطريق.

يقال : رجع فلان ذَرَجَهُ إذا رجع في الأمر الذي قد كان ترك.

قال : ويقال : دَرِجَ إذا صَعِدَ في المراتب.

وَدِرجَ إذا لَزِمَ المَحَجَّةَ من الدين.

كله بكسر العين من فَعِلَ.

٣٤١

وقال ابن السكيت : في قولهم : (أكذب من دَبَّ ودَرَجَ) أي أكذب الأحياء والأموات.

يقال للقوم إذا انْقَرَضُوا : دَرَجُوا.

(قلت) : وأصل هذا مِنْ درَجْتُ الثوب إذا طويته ، كأنهم لما ماتوا ولم يُخلِّفوا عَقِباً دَرَجُوا طريق النسل والبقاء أي طوَوْه.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : يقال للرجل إذا طلب شيئاً فلم يقدر عليه : رجع على غُبَيْراءِ الظهر ، ورجع على أدراجه ، ورجع دَرَجَهُ الأولَ ، ومثله : رجع عَوْدَهُ على بَدْئِهِ ، ونكَصَ على عَقِبِه ، وذلك إذا رجع ولم يُصب شيئاً.

قال : ويقال : رجع فلان على حَافِرَتِهِ وادِرَاجِهِ بكسر الألف ، هكذا أخبرني الإيادي عن شمر : رجع على إدراجه إذا رجع في طريقه الأول.

أبو عمرو الشيباني : يقال : فلان دَرْجُ يدك أي لا يعصيك.

ويقال : ما أنا الأدْرَجُ يَدِكَ أي ما أعصيك؟.

باب الجيم والدال مع اللام

[ج د ل]

جدل ، جلد ، دجل ، دلج : مستعملة.

جدل : الجَدْلُ : شِدَةُ الفَتْلِ.

يقال : إنه لَحَسنُ الأَرْمِ وَحَسَنُ الجَدْل إذا كان حَسَنَ أسر الخَلْق.

وجَدَلْتُ الحَبْلَ جَدْلاً إذا شَدَدتَ فتله ، ومنه قيل لِزِمَامِ الناقة : الجَدِيل.

(أبو عبيد): الجَدْلَاءُ والمَجْدُولةُ من الدروع : نحو الموضونة ، وهي المنسُوجةُ.

قال الحطيئة : جَدلاءَ مُحْكَمَةٍ من نَسجِ سلَّامِ قال الليث : جمع الجَدلاءِ : جُدْلٌ ، وقد جُدِلَتْ الدروع إذا أُحكمت.

ويقال : إنه لَجَدِلٌ إذا كان شديد الخصام ، وإنه لَمِجْدَلٌ ، وقد جادل فلاناً جِدالاً ومجادلة.

والجُدُول : الأعضاء ، واحدها : جَدْلٌ.

وقال شمر : سمِّيت الدروع جَدْلَاءَ ومَجْدُلَةً لإحكام حَلَقِها كما يقال : حَبْلٌ مجدول : مفتول ، قد جُدِلَتْ جَدْلاً أي أُحكمَت إحكاماً.

وقال الليث : الجَدْلُ : الصَّرعُ.

يقال : جَدَلْتُهُ فانجدل صَرِيعاً ، وهو مَجْدول ، وأكثر ما يقال : جدَّلته تجديلاً.

والجَدَالَةُ : اسم للأرض.

وقيل للصَّريع : مُجَدَّل لأنه يُصْرَعُ بالجَدَالة.

وقال الراجز :

قد أركَبُ الآلة بعد الآله

وأترُكُ العاجِزَ بالجَدَاله

٣٤٢

(قلت) : الكلام المعتمد : طعنه فجدَّله بالتشديد.

(أبو عبيد عن الأصمعي) : إذا اخضرَّ حَبُّ طلع النخل واستدار قبل أن يشتد فإن أهل نجد يسمونه الجَدَالَ. وأنشد :

وسارت إلى يَبْرِينَ خمساً فأصبحت

يخر على أيدي السُّقَاة جَدَالُها

وقال الليث : يقال للذكر العَرْدِ : إنه لجَدْلٌ خَدْلٌ.

قال وجُدُول الإنسان : قَصَبُ اليدين والرِّجلين ، ورجل مجدُولُ الخلق : لطيف القصب.

قال : والجَدِيْلةُ : شَرِيْجَةُ الحَمَامِ ، ونحوها.

وقال أبو الهيثم : يقال لصاحب الجَدِيْلَةِ : جَدَّالٌ.

قال : ويقال : رجل جَدَّالٌ بَدَّالٌ : منسوب إلى الجَدِيلةِ التي فيها الحمام.

قال : ويقال : رجل جدَّال للذي يأتي بالرأي السخيف ، وهذا رأي الجدّالين.

ويقال : القوم على جَدِيلَةِ أمرهم أي على حالهم الأول.

(سلمة عن الفرّاء) في قول الله جل وعز : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) [الإسراء : ٨٤] فصحَّف بعضهم وقال : (على حدٍّ يليه) ، الشاكلة : الناحية والطريقة والجديلة قال : وسمعت بعض العرب يقول : «وعبد الملك إذ ذاك على جَدِيَلَتِهِ ، وابن الزبير على جَدِيْلَتِهِ» يريد ناحيته ، ويقال : فلان على جَدِيْلَتِهِ وجَدْلَائِهِ كقولك : على ناحيته ، وقال شمر : ما رأيت تصحيفاً أشبه بالصواب مما قرأه سليمان بن مالك في التفسير عن مجاهد في قوله جل وعز : (قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ) فصحَّف وقال : (على حدٍّ يليه) وإنما هو : على جَدِيْلَتِهِ أي ناحيته ، وهو قريب بعضه من بعض. وقال أيضاً أعني الليث : الجَدِيْلَةُ أيضاً : الرهط وهي من أَدَمٍ يأتزرُ بها الصبيان ، والحُيَّض من النساء.

وقال غيره : جديلةُ طيِّيءٍ : قبيلة منهم ، يُنسب إليهم فيقال : جَدَلِيٌ ، وقال الليث : وجَدَيِلَةُ أسَدٍ : قبيلة.

وقال الليث : الأجدَلُ من صفة الصَّقر ، قال : ورجل أجْدَلُ المنكب : فيه تطأطؤ ، وهو خلاف الأشرف من المناكب : (قلت) : هذا عندي خطأ ، إنما الصواب : رجل أحدلُ المنكب ، هكذا رُوي لنا عن أبي عبيد ، عن أبي عمرٍو قال : الأجْدَلُ : الذي في منكبيه ورقبته انكباب على صدره وقد مر في بابه.

وقال الليث : إذا جعلت الأجْدَلَ نعتاً قلتَ : صقر أجْدَلُ ، وصقور جُدْلٌ ، وإذا تركته اسماً للصّقر قلتَ : هذا الأجْدَلُ ،

٣٤٣

وهي الأجادلُ ، لأن الأسماء التي على أفعَل تُجمع على فُعْل إذا نُعت بها فإن جعلتها أسماء محضة جُمعت على أفاعل ، وأنشد أبو عبيد : يخُوتُون أخرى القَوم خَوْتَ الأجَادِلِ

(أبو عبيد عن أبي عبيدة) قال : الأجَادِلُ : الصقور ، واحدها : أجْدَلُ.

قال أبو عبيد : وقال الأصمعي : إذا قويَ الفصيل ومشى فهو راشحٌ فإذا ارتفع عن الراشحِ فهو جَادِلٌ.

وقال الليث : الجَدْوَلُ : نهر الحوض ونحو ذلك من الأنهار الصغار ، يقال لها : الجَدَاوِلُ.

والمِجْدَلُ : القصر المشرف ، وجمعه : مَجَادِلُ.

وقال غيره : الجَدْلُ : أن يُضْرَبَ عُرض الحديد حتى يُدَمْلَجَ. وهو أن يُضرب حروفه حتى يستدير.

ويقال : جادلتُ الرجل فَجَدَلْتُهُ جَدْلاً إذا غَلَبْتَهُ.

ورجل جِدلٌ إذا كان ألوى في الخِصَام.

وفي الحديث أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «أنا خاتم النبيين في أم الكتاب وإن آدم لمُنْجَدِلٌ في طينته».

قال شمر : المُنْجَدِلُ : الساقط.

والمُجَدَّلُ : الملقى بالجدالة وهي الأرض ، وقال الهذلي :

مُجَدَّلٌ يُتَكَسَّى جِلدُهُ دَمَهُ

كما تَقَطَّرَ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ

دجل : يقال : دَجَلَ وسَرَجَ إذا كذب.

وبينهم دَوْجَلَةٌ وهوجَلَةٌ ، ودَوْجَرَةٌ وسَوْرَجَةٌ ، وهو كلام يُتناقل ، وناس مختلفون.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : الدَّاجِلُ : المُموِّهُ الكذاب ، وبه سُمِّي الدَّجَّال.

وقال الأصمعي : دَجَلَ الرَّجُلُ المرأة وَدَجَاها إذا جامعها ، وهو الدَّجْلُ ، والدَّجْوُ.

وقال الليث : الدَّجْلُ : شدة طليِ الجرب بالقَطْرانِ.

(أبو عبيد): المُدَجَّل : البعير المهنوء بالقِطرَان.

ودِجْلَةُ : اسم معرفة لنهر العراق ، ودُجَيْل : نهر صغير يَنْخَلِجُ من دجلة.

وقال الليث : الدَّجَّالُ هو المسيح الكذاب ، وإنما دَجْلُهُ ، سِحْرُهُ وكَذِبُهُ لأنه يُدْجِلُ الحق بباطله ، ويقال : إنه رجل من اليهود يخرج في آخر هذه الأمة.

(قلت) : كل كَذَّابٍ فهو دَجَّال ، وجمعه : دجَّالون ، قيل للكذاب دَجَّالٌ لأنه يستر الحق بكذبه.

وقال الأصمعي : إذا هُنِئَ البعير أَجمعَ

٣٤٤

فذلك التدجيل ، وقد دجَّلته ، فإذا جعلته في المساعر فذلك : الدَّسُ.

قال : والدَّجَّالة : الرفقة العظيمة ، وأنشد :

دجَّالة من أعظم الرِّفاق

وكل شيء موّهته بماء ذهب وغيره فقد دجَّلته.

ويقال لماء الذهب : دَجَّالٌ ، وبه شُبِّه الدّجّال لأنه يُظهر خلاف ما يُضمر.

دلج : قال ابن السكيت : أَدْلَجَ القوم إدلاجاً إذا ساروا الليل كله فهم مُدْلِجُونَ ، وادّلجوا بتشديد الدال إذا ساروا في آخر الليل ، وأنشد :

إن لَهَا لَسَائِقاً خَدَلَّجَا

لم يُدلِجِ الليلة فيمن أدلجا

ويقال : خرجنا بِدَلْجَةٍ ودُلْجَةٍ إذا خرجوا في آخر الليل.

وقال الليث : هو الدَّلَجُ ، والدُّلْجَةُ ، والفعل : الإدلَاجُ ، والادِّلَاجُ.

والمُدْلِجُ : من أسماء القنفذ ، سمي مُدْلجاً لأنه لا يهدأ بالليل سَعْياً ، وقال عبدَةُ :

قَوْمٌ إذا دَمَسَ الظلام عليهم

حَدَجُوا قَنَافِذَ بالنميمة تَمْزَعُ

(أبو عبيد عن أبي عمرٍو): المَدْلَجُ : ما بين الحوض إلى البئر ، والأصمعي مثله.

والدَّالِجُ. الذي يتردد بين البئر والحوض بالدلو يُفرغها فيه وأنشد :

بَانَتْ يداه عن مُشَاشِ والجِ

بَيْنُونَةَ السلم بكف الدَّالجِ

وقد دَلَجَ يَدْلُجُ دُلُوجاً.

ويقال للذي ينقل اللبن ، إذا حُلبت الإبل ، إلى الجِفَان : دَالِجٌ.

والعُلبة الكبيرة التي يُنقل فيها اللبن هي المِدلجَةُ.

والدَّوْلَجُ ، والتَّوْلَجُ : الكِنَاس ، الأصل : وَوْلَجٌ ، فقُلبت الواو تاء ثم قُلبت دالاً والتُّلَجُ : فرخ العُقابِ ، أصله : وُلَجٌ.

جلد : قال الليث : الجِلدُ : غشاء جسد الحيوان ، ويقال جِلْدَةُ العين ، وقال الله جل وعز ذاكراً أصحاب النار حين تشهد جَوارِحُهُم : (وَقالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا) [فصلت : ٢١] قال أهل التفسير وقالوا لفروجهم فكنى بالجلود عنها ، وقال الفرَّاء : الجِلْدُ هاهنا : الذَّكَرُ كنى الله عنه بالجلد كما قال : (أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ)(١) [النساء : ٤٣] والغائط : الصحراء ، والمراد من ذلك : أو قضى أحد منكم حاجة.

المنذري عن ثعلب عن سلمة عن الفراء قال : القُلْفة ، والقَلَفَة ، والرُّغْلة ، والرَّغْلة ،

__________________

(١) سقطت كلمة (منكم) في المطبوعة.

٣٤٥

والجُلدة ، كله : الغُرلة وقال الفرزدق :

من آل حَوْرَانَ لم تَمْسَسْ أُيُورَهُم

موسى فَتَقْطَعَ عنهم يابس الجُلَدِ

وقال ابن السكيت : الجَلْدُ : مصدر جَلَدَهُ يَجْلِدُهُ جَلْداً.

ورجل جَلْدٌ وجليد بيِّن الجَلَدِ والجَلَادَةِ.

والجلد أيضاً : الإبل التي لا أولاد لها ، ولا ألبانَ بها.

والجَلَدُ : أن يُسلخ جِلْدُ الحُوَارِ ثم يحشى ثماماً أو غيره من الشجر ، وتُعطَفُ عليه أمُّه فترأمُهُ ، قال العجاج :

وقد أرَانِي للغَوَانِي مَصْيَدَا

مُلاوَةً كأن فوقي جَلَدَا

أي يَرْأَمْنَنِي ويعطفن عليَّ كما ترأَمُ الناقة الجَلَدَ.

قال : والجَلَدُ : الغليظ من الأرض ، وأنشد :

والنَّؤْيُ كالحوض بالمظلومة الجَلَدِ

وكان ابن الأعرابي يقول : الجِلْدُ ، والجَلَدُ : واحد ، مثل شِبْهٍ ، وشَبَهٍ.

قال ابن السكيت : وليس بمعروف ما قال.

قال : والتجليد للإبل بمنزلة السَّلخِ للشاء ، وقد جلَّدْتُ الناقة إذا سلختها.

وقال الليث : يقال : هذه أرض جلدة ، ومكان جلد ، والجميع : الجَلَدَاتُ.

وناقة جَلْدَةٌ ، ونوق جَلَدَاتٌ ، وهي القوية على العمل والسير.

ويقال : جَلَدْتُهُ بالسيف جلداً إذا ضَرَبْتَ جِلْدَهُ.

وجالدناهم بالسيوف جلاداً أي ضاربناهم.

وجلدتُ به الأرض أي صَرَعْتُهُ.

قال : ويقال للناقة الناجية : جَلْدَةٌ ، وإنها لذات مَجْلُودٍ أي فيها جلادة ، وأنشد :

من اللواتي إذا لانت عَرِيكَتُها

يبقى لها بعدها آلٌ ومجلُودُ

قال : مجْلُودُها : بقيةُ جَلَدِها ، قالهُ أبُو الدُّقَيْشِ.

(شمرٌ عن ابن الأعرابي): جُلِدَتِ الأرضُ من الجَلِيدِ ، وأَجْلَدَ الناسُ ، وَجَلِدَ البَقْلُ.

ويُقالُ في الصَّقيع والضَّريبِ : مِثلُهُ ، ضُرِبَتِ الأرضُ ، وَأَضْرَبْنا ، وضَرِبَ البَقْلُ.

ويُقالُ لمِئْلَاةِ النَّائِحَةِ : مِجْلَدٌ ، وجمعُهُ : مَجالِدُ.

قال أبو عبيدٍ : وهي خِرَقٌ تُمْسِكها النَّوَائِحُ إذا نُحْنَ بأَيديهِنَّ.

وقال عديُّ بنُ زيدٍ :

إذا ما تكَرَّهْتَ الخَلِيقَةَ لامْرِئٍ

فلَا تَغْشَهَا وَاجْلِدْ سِوَاها بمجْلَدِ

أي خذْ طريقاً غيْرَ طريقها ، ومَذْهباً آخرَ

٣٤٦

عنها ، واضْرِبْ في الأرضِ لِسِوَاها.

(عمرو عن أبيه) : أَحْرَجتُهُ إلى كذا وأَوْجَيْتُهُ ، وأَجلَدْتهُ ، وأَدْمَغْتُهُ ، وأدْغَمتُهُ إذا أَحْوَجْتَه إليْهِ.

(ابن الأعرابي) : جَزَزْتُ الضأَنَ ، وحَلَقْتُ المِعْزَى ، وجَلَدْتُ الجَمَلَ ، لا تقولُ العرَبُ غيرَ ذلكَ.

(أبو عبيد عن الأصمعيِّ): الجَلَدُ من الإبِلِ : الكِبارُ التي لا صِغارَ فيها.

وأنشدنا :

تَوَاكَلَها الأزْمانُ حتى أَجَأْنَهَا

إلى جَلَدٍ مِنها قليلِ الأسافِلِ

أسافلُها : صِغارُها.

وقال الفرَّاء : الجَلَدُ من الإبلِ : التي لا أولادَ مَعها فتَصبر عَلَى الحرِّ والبرْدِ.

(قلت): الجَلَدُ من الإبلِ : التي لا ألبانَ لها ، وقد وَلَّى عنها أولادُها.

ويَدخُلُ في الجَلَدِ : بَناتُ اللبون فمَا فَوقها من السِّنِّ ويُجمعُ الجَلَدُ أجلاداً ، وأجاليدَ.

ويدخلُ فيها المخاضُ ، والعِشارُ ، والحيالُ ، فإذا وضَعَتْ أولادَها زالَ عنها اسمُ الجَلَد ، وقيلَ لها : العِشارُ واللِّقَاحُ.

(أبو عبيد عن الأصمعي): الجلَدُ : أن يُسلخَ جلدُ البعيرِ أو غيرِه من الدواب فيُلبَسَه غَيْرُه من الدوابِّ ، وقال العجاج يصفُ الأسدَ : كأنْهُ في جَلَدٍ مُرَفّلِ (غَيْرُه) : تَمْرَةٌ جَلْدَةٌ صُلْبَةٌ مُكْتَنِزَةٌ.

وأنشد :

وكنتُ إذا ما قُرّب الزاد مُولَعاً

بِكُلِّ كُمَيْتٍ جَلَدَةٍ لَمْ تُوَسَّفِ

والمجلَّد : مقدار من الحِمْلِ مَعْلوُمُ المَكِيلَةِ والوزن.

ويقال : فلان عظيم الأجْلادِ والتَّجَالِيدِ إذا كان ضخماً قويَّ الأعضاء والجسم.

وجمع الأجْلادِ : أجَالِدُ ، وهي الأجسام.

وفي حديث القَسَامَةِ : «رُدُّوا الأيمان على أَجَالِدِهِم» أي عليهم أنفسهم ، وكذلك : التجاليد. قال الشاعر :

يَبْنِي تجاليدي وأقتَادَهَا

نَاوٍ كرأس الفَدَنِ المُؤْيَدِ

وَجَلُودُ : قرية بأفريقية إذا نُسب إليها قيل : جَلُوديٌ بفتح الجيم.

وقال أبو زيد : حملتُ الإناء فاجْتَلَدتُهُ واجتلدتُ ما فيه إذا شَرِبْتَ كل ما فيه.

(قلت) : ويقال : اجْتَلْتُهُ. واجتَلْتُ ما فيه.

(أبو عبيد عن الفراء) : إذا ولَدَتِ الشاة فمات وَلَدُهَا فهي شَاةٌ جَلَدٌ.

ويقال لها أيضاً : جَلّدَةٌ.

وجِمَاعُ جَلَدَةٍ : جَلَدٌ ، وجَلَدَاتٌ.

٣٤٧

ج د ن

جدن ، جند ، دجن ، دنج ، نجد : مستعملة.

جدن : ذو جَدَنٍ : اسم مَلِكٍ من ملوك حِمْيَرٍ.

وقال أبو عبيد : قال الأصمعي : أنشدني أبو عمرو بن العلاء :

لو أنني كنت من عَادٍ ومن إرَمٍ

غَذِيَّ بَهْمٍ ولقماناً وذا جَدَنِ

(ثعلب عن ابن الأعرابي): أجْدَنَ الرجل إذا استغنى بعد فقر.

جند : قال الليث : الجُنْدُ : معروف.

وكل صنف من الخلق : جندٌ على حِدَةٍ.

وفي الحديث : «الأرواحُ جُنُودٌ مجنَّدةٌ فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف».

والمجنَّدة : المجموعة ، وهذا كما يقال : ألف مؤلفة ، وقناطير مقنطرة أي مضعَّفة.

ويقال : هذا جُنْدٌ قد أقبل ، وهؤلاء جُنْدٌ قد أقبلوا.

قال الله (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ (١١)) [ص : ١١] فوحَّد النعت لأن لفظ الجند واحد.

وكذلك : الجيش والحزب.

وقال الليث : جَنَدق : موضع باليمن وفلان الجَنَدِيُ.

قال : والجَنَدُ : أيضاً حجارة شبه الطين.

وجُنادةُ : حيٌّ من اليمن.

ويوم أجْنَادِينِ يوم معروف كان بالشام أيَّام عمر.

وأجنَادُ الشام : خمس كُوَرٍ ، ومنها دمشق ، وفلسطين ، وحمص ، والأردن ، وقِنَّسرين.

دنج : (ثعلب عن ابن الأعرابي) : قال الدُّنُجُ : العُقَلاء.

(عمرو عن أبيه): الدِّنَاجُ : إحكام الأمر وإتقانه.

الدِّماجُ : الصُّلح على دَخَنٍ) (١).

دجن : قال الليث : الدَّجْنُ : ظل الغيم في اليوم المطير.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): دَجَنَ يومنا وَدَغَنَ.

ويوم ذو دُجُنَّةٍ ، ودُغُنَّةٍ.

قال : ويوم دَجْنٍ إذا كان ذا مطر.

ويوم دَغْنٍ إذا كان ذا غيم بلا مطر.

وقال غيره : دَجَنَ فلان بالمكان دُجُوناً إذا أقام به ، وكذلك : رَجَنَ به.

ويقال : دَجَنَ في بيته إذا لزمه ، وبه سُمِّيَت دَوَاجِنَ البيوت ، وهي ما ألِفَ البيت من الشاء والطير وغيرها ، الواحدة : دَاجِنَةٌ.

__________________

(١) ما بين الهلالين مكرر في مادة (دمج) ، الآتية (ص : ٣٥٩).

٣٤٨

وقال ابن أم قعنب يهجو قوماً :

رأسُ الخَنَا منهم ، والكفر خامسُهُم

وحِشّوَةٌ منهم في اللؤم قد دَجَنُوا

وقال الليث : كلب داجن : قد ألِفِ البيت.

والدَّجُونُ : الأَلَفَانُ.

قال ، ويقال للناقة التي قد عُوِّدَت السِّناوة : مَدْجُونَةٌ أي دُجِنت للسِّناوة ، هكذا : القول فيها.

قال : والمُدَاجَنَةُ : حُسن المُخَالَطَةِ.

وقال أبو زيد : الدَّجُونُ من الشاء : التي لا تمنع ضرعها سِخَالَ غيرها.

وقال الليث : الدُّجُنَّة : الظلماء ، والفعل منها : ادجوْجَن ، وأنشد :

لِيَسْقِ ابنة العَمْريِّ سلمى وإن نَأَتْ

كِثَافَ العُلى واهي الدُّجُنَّة رَائِحُ

ويقال : أَدْجَنَ يومنا فهو مُدْجِنٌ إذا أضبَّ فأظلم.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): أَدْجَنَ أقام في بيته.

(أبو زيد) : سحابة دَاجِنَةٌ وَمُدْجِنَةٌ ، وقد دَجَنَتْ تدجُنُ ، وأدجَنتْ.

قال : والدُّجُنَّة من الغيم : المطبِّق تطبيقاً ، والرَّيَّان المظلم الذي ليس فيه مطر.

يقال : يوم دَجْنٌ ، ويومٌ دُجُنَّة ، ويومُ دَجْنٍ ، ويوم دُجُنَّة ، وكذلك : الليلة على وجهين ، بالوصف والإضافة ، والدَّجْنُ : المطر الكثير.

(الليث): الدَّيْدَجَانَ : الإبل تحمل التِّجارة.

نجد : قال شمر قال ابن شميل : النجد : قفاف الأرض وصلابتها ، وما غلُظ منها وأشرف ، والجماعة : النِّجَادُ ، ولا يكون إلا قُفًّا أو صلابة من الأرض في ارتفاع مثل الجبل معترضاً بين يديك ، يرُدُّ طرفك عمَّا وراءه.

ويقال : أعْلُ هاتيك النِّجَادِ ، وها ذاك النِّجاد يوحَّد.

وأنشد :

رمَيْنَ بالطرف النِّجاد الأبعدا

قال : وليس بالشديد الارتفاع والحزيز نجاد.

قال وقال أبو أسلم كما قال : النّجدُ والنِّجادُ : واحد.

وقال الأصمعي : هي النُّجُودُ عدة ، فمنها نجد كَبْكَبٍ ، ونجدُ مَرِيع ، ونجدُ خَالٍ.

قال : ونجد كَبْكَبٍ : طريق كَبْكَبٍ وهو الجَبَل الأحمر الذي تجعله في ظهرك إذا وقفت بعرفة.

وقال : وقول الشماخ :

أقول وأهلي بالجَنَاب وأهلها

بِنَجْدَين لا تَبْعَدْ نَوَى أمِّ حَشْرَجِ

٣٤٩

قال : بِنَجْدِين : موضع : يقال له نَجْدَا مَرِيع.

وقال : فلان من أهل نجد قال : وفي لغة هذيل والحجاز : من أهل النُّجُدِ.

قال أبو ذؤيب :

في عانة بجنوب السِّيِّ مَشْرَبُهَا

غُوْرٌ ، ومصدرها عن مائها نُجُدُ

قال : وما ارتفع عن تِهَامَةَ فهو نَجْدٌ ، فهي ترعى بنَجْدٍ ، وتشرب بتهامة.

وأخبرني المنذري عن الصيداويِّ عن الرِّياشيِّ عن الأصمعي قال : سمعت الأعراب يقولون : إذا خلّفْتَ عَجْلَزاً مُصْعِداً ـ وعَجْلَزٌ فوق القريتين ـ فقد أنجدْتَ.

قال : وأخبرني الحراني عن ابن السكيت عن الأصمعي قال : ما ارتفع عن بطن الرُّمَّة ـ والرُّمَّة : وادٍ معلوم ـ فهو نَجْدٌ إلى ثنايا ذات عِرْق.

قال وسمعت الباهليَّ يقول : كل ما وراء الخندق الذي خندقه كسرى على سواد العراق فهو نَجْدٌ إلى أن تميل إلى الحَرَّةِ ، فإذا مِلْتَ إليها فأنتَ في الحجاز.

وقرأْتُ بخط شمر قال : يقال : النَّجْدُ إذا جاوزتَ عُذَيْباً إلى أن تُجاوز فَيْدَ ، وما يليها.

وقال الفرَّاء في قول الله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) (١٠) [البلد : ١٠] قال : النجدان : سبيل الخير ، وسبيل الشر.

قال وحدَّث قيس عن زياد بن علاقة؟ عن أبي عُمارة عن عليٍ في قوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)) قال : الخير والشر.

وقال الزجاج : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)) أي الطريقين الواضحين.

والنجد : المرتفع من الأرض ، فالمعنى : ألم نُعَرِّفْهُ طريق الخير وطريق الشرِّ ، بيِّنَين كبيان الطريقين العاليين؟.

وقال بعضهم : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)) قال : الثديين.

(أبو عبيدٍ عن الأصمعي): النَّجُودُ من الحُمُرِ : التي لا تحمل ، والعَائُط : مثلها.

وقال شمر : تفسير الأصمعي في النَّجُودِ أنها لا تحمل : منكر ، والصواب ما رواه أبو عبيد عنه في أبواب الأجناس : النَّجُودُ : الطويلة من الحُمُر.

وقال شمر : قال القزملي عن الأصمعي : أُخذَت النَّجُودُ من النَّجدِ أي هي مرتفعة عظيمة.

قال شمر والشيباني : النَّجُودُ : المتقدمة ، ويقال للناقة إذا كانت ماضية : نَجُودٌ.

وقال أبو ذؤيب : فَرَمَى فأنفَذَ من نَجُودٍ عِائِطِ قال شمر : وهذا التفسير في النَّجُود صحيح ، والذي رواه في باب حُمُر الوَحْش : وَهَمٌ.

٣٥٠

(أبو عبيدٍ عن الأصمعي) : رَجُلٌ نَجْدٌ ، ونَجُدٌ من شِدَّةِ البأس ، وقد نَجُدَ ، والاسم النَّجْدَةُ ، واستنجدني فلان فأنجدته أي أعَنْتُهُ.

وقد نَجِدَ الرجل يَنْجَدُ إذا عرِقَ من عملٍ أو كَرْبٍ ، وقال الكسائي مثله.

(سلمة عن الفرَّاء) : رجل نَجِدٌ ، ونَجْدٌ.

قال : وقد نُجِدَ عَرَقاً إذا سال ، فهو مَنْجُودٌ.

وقال أبو عبيدة : نَجَدْتُ الرجل أنجدُهُ أي غَلَبْته.

قال : وأنجَدتُهُ : أعنته.

قال : وقال غيره : النِّجَادُ : حمائل السيف.

والإنْجَادُ : الأخذ في بلاد نَجْدٍ.

والنُّجُودُ : ما يُنجَّدُ به البيت ، واحدها : نَجْدٌ.

وبيت منجَّد إذا كان مزيَّناً بالثياب والفرش.

وقال شمر : أغرَبُ ما جاء في النَّجُودِ : ما جاء في حديث الشورى : «وكانت امرأةً نَجُوداً» يريد : ذات رأي.

قال : ورجل نَجِدٌ بيِّن النَّجَدِ ، وهو البأس والنُّصْرة ، وكذلك : النَّجْدَةُ.

قال : ويقال : نَجِدَ يَنْجَدُ إذا بلَّد وأعيا ، فهو ناجِدٌ وَمَنْجُودٌ.

وقال أبو زُبَيْدٍ :

صادياً يستَغِيثُ غير مُغَاثٍ

ولقد كان عُصرَةَ المَنْجُودِ

يريد : المغلوبَ المُعْيَا.

وقال أبو الهيثم : النَّجَّاد : الذي يُنَجّدُ البيوت والفُرُشَ والبُسُطَ.

والنُّجُودُ هي الثياب التي يُنجَّد بها البيوت فتُلبس حيطانها وتُبسط كما قال ذو الرمة :

حتى كأنَّ رياض القف ألبَسَهَا

مِنْ وَشْي عبقر تَجْلِيلٌ وتنجيدُ

ونجَّدْتُ البيت : بسطته بثياب مَوْشيَّة.

وقال أبو نصر : استَنْجَدَ الرجل استنجاداً إذا قَوِيَ بعد ضعف أو مرض.

ورجل نَجُدٌ في الحاجة إذا كان ناجحاً فيها ناجياً.

وفي حديث النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم حين ذكر الإبل ، ووطأَها يوم البعث صاحبها الذي لم يُؤدّ زكاتها ، فقال : «إلا : من أعطى في نَجْدَتِها ورِسْلِهَا».

قال أبو عبيد : قال أبو عبيدة : نَجْدَتُها : أن تَكْثُرَ شُحُومُهَا حتى يمنع ذلك صاحبها أن يَنْحَرَهَا نفاسة بها ، صار ذلك بمنزلة السلاح لها تمتنع به من ربها.

قال : ورِسْلُهَا : أن لا يكون لها سِمَنٌ ، فيَهُون عليه إعطاؤها ، فهو يُعطيها على رِسْلِهِ أي مستهيناً بها ، كأنَّ معناه أن

٣٥١

يعطيها على مشقة من النْفسِ ، وعلى طِيْبٍ منها.

وأخبرني المنذري عن ثعلب عن ابن الأعرابي في قوله : إلا مَنْ أعطى في رِسْلِهَا أي بطيب نفس منه.

(قلت) : كأن قوله : في نَجْدَتِهَا معناه : ألَّا تطيب نفسُه بإعطائها ، ويشتدَّ عليه.

وقول ابن الأعرابي يقرب من قول أبي عبيدة.

وقال المرَّار يصف الإبل :

لهم إبل لا من دِيَاتٍ ولم تكن

مُهُوراً ولا من مَكْسَبٍ غير طائل

مُخَيَّسَةٌ في كل رِسْلٍ ونجدة

وقد عُرِفَت ألوانها في المَعَاقِلِ

(أبو عمرٍو): الرِّسْلِ : الخِصْبُ ، والنجدة : الشِّدة ، والمخيَّسة هي المعقَّلة في معاقلها لتُنحَر وتُطعم.

وقال أبو سعيد الضرير في قوله : إلا مَن أعطى في نَجْدَتِها ورِسْلِها.

قال : نَجْدَتُها : ما ينوب أهلها مما يُشَقُّ عليه من المَغَارِمِ والدِّيَات ، فهذه نَجْدَةٌ على صاحبها ، والرِّسْلُ : ما دون ذلك من النجدَةِ ، وهو أن يُفقِرَ هذا ، ويَمْنَحَ هذا ، وما أَشْبَهَهُ دون النَّجدة ، وأنشد قول طرفة يصف جارية :

تَحْسِبُ الطَّرفَ عليها نَجْدَةً

يا لقَوْمِيْ للشباب المُسْبَكِرّ

قال : الطرف : النظر ، يقول : يَشُقُّ عليها النظر وهي ساجية الطرف.

حدثنا محمد بن إسحاق ، قال : حدثنا الحسن بن أبي الربيع الجُرجَاني عن يزيد بن هارون عن شعبة عن قتادة عن أبي عمر الغُدَانيِّ عن أبي هريرة أنه سمع النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «ما من صَاحبِ إبل لا يؤدي حَقَّها في نَجْدَتِها ورِسْلِهَا» قال وقد قال رسول الله : «نَجْدَتُهَا ورِسْلُهَا» : عُسرها ويُسرها ـ «إلا بَرَزَ لها بقاعٍ قَرْقَرٍ تطؤه بأخفافها ، كلما جازت عليه أخراها أُعيدت عليه أولاها (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) حتى يُقضى بين الناس». فقيل لأبي هريرة فما حق الإبل؟. قال : تُعطي الكريمة ، وتمنح الغزيرة ، وتُفقِر الظهر ، وتُطرِق الفحل».

(قلت) : ورَوَيتُ هذا الحديث بإسناده لتفسير النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم النَّجْدَةَ والرِّسْلَ ، وهو قريب مما فسَّره أبو سعيد ، والله أعلم.

وفي حديث آخر : «أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم رأى امرأة تطوف بالبيت عليها مَنَاجِدُ من ذهب فقال : أَيَسُرُّكِ أن يحلِّيَكِ الله مَنَاجِدَ من نار؟ قالت : لا ، قال فأدِّي زكاته».

قال أبو عبيد : أُراه أراد بالمناجد الحلي المكلَّل بالفصوص ، وأصله من تنجيد البيت.

وقال أبو سعيد : المَنَاجِدُ : واحدها :

٣٥٢

مِنْجَدٌ ، وهي قلائد من لُؤلُؤٍ وذهب أو قرنفل ، ويكون عرضها شبراً ، تأخذ ما بين العنق إلى أسفل الثديين ، سمِّيَت ، مَنَاجِدَ لأنها تقع على موضع نِجَادِ السيف من الرجل ، وهو حمائله.

وقال الليث : نَجَدَ الأمر نَجُوداً ، فهو نَاجِدٌ إذا وضح واستبان.

وقال أمية :

ترى فيه أنباء القرون التي مضت

وأخبارَ غَيبٍ في القيامة تَنْجُدُ

أي تظهر.

قال : وناقة نَجُودٌ ، وهي التي تُناجد الإبل فَتَغْزُرُهُنَّ.

والنَّجَدَاتُ : قوم من الحَرُورّيَة يُنْسَبُونَ إلى نَجْدَةَ الحروريِّ.

يقال : هؤلاء النَّجَدَاتُ ، والنَّجْدِيَّةُ.

ويقال : نَاجدْتُ فلاناً إذا بارَزْتَهُ القتال.

قال : والنَّاجود : هو الراوُوقُ نَفْسُه.

وقال أبو عبيد : النَّاجودُ : كل إناء يُجعل فيه الشراب من جَفْنَةٍ أو غيرها.

وقال شمر : قال أبو نصر : قال الأصمعي : النَّاجُودُ : الدم ، والنَّاجُودُ : الخمر ، والنَّاجُودُ : الزعفران.

وقال أبو عمرٍو : الناجود : الباطية.

وقال غيره : النَّاجُودُ : الخمر الجيِّد ، وهو مذكر ، وأنشد :

تمشَّى بيننا ناجُودُ خَمْرٍ

وقال الليث : النَّجُودُ من الإبل : التي تَبْرُكُ على المكان المرتفع.

وقال اللحياني : لاقى فلانٌ نَجْدَةً أي شدة ، قال : وليس من شِدَّةِ النفس ، ولكنه من الأمر الشديد.

قال : ويقال للرجل إذا ضرِيَ بالرجل واجترأ عليه بعد هيبة : قد استنجد عليه.

وَأنْجَدَ فلان الدعوة إذا أجاب.

ورجل مُنَجَّدٌ ، ومنجَّذٌ بالدال والذال ، وهو الذي قد جرَّب الأمور وقاساها ، وقد نجَّدَته بعدي أمور ، وقال صخر الغيِّ :

لو أن قومي من قُرَيمٍ رَجْلَا

لمنعوني نَجَدَةً وَرِسْلَا

لمنعوني بأمر شديد ، وأمر هيِّن.

ج د ف

جدف ، فدج.

فدج : اللِّحياني : الفَوْدَجُ والهَوْدَجُ : واحد ، والجميع : الفَوَادِجُ ، والهَوَادِجُ.

وقال الليث : وربما قالوا للناقة الواسعة الأرفاغ : واسعة الفَوْدَجِ.

وفَوْدَجُ العروس : مركبها.

(أبو عمرٍو ، والأصمعي) : في الفَوْدَج مثل ما قال اللحياني ، وقال اليزيدي : الَفْوَدَجُ : شيء يتخذه أهل كرمان ، والذي يتخذه الأعراب : هَوْدَجٌ.

٣٥٣

جدف : في الحديث «شر الحديث : التَّجْدِيفُ».

قال أبو عبيد : التَّجْدِيفُ : كفر النِّعمة ، واستقلال ما أنعم الله عليك ، وأنشد :

ولكني صبرتُ ولم أُجدِّف

وكان الصبر عَادَةَ أوَّلينا

وفي حديث عمر «أنه سأل رجلاً استهوته الجن عن طعام الجن وشرابهم». فقال : كان شرابهم الجَدَفَ.

قال أبو عبيد : الجَدَفُ لم أسمعه إلا في هذا الحديث ، وما جاء إلا وله أصل ، ولكن ذهب من كان يعرفه ، ويتكلم به ، كما قد ذهب من كلامهم شيء كثير ، ثم رُوي عن بعضهم : أنه قال : الجَدَفُ : نبات يكون باليمن ، يأكل الآكل ، ولا يحتاج معه إلى شرب ماء ، قال : وجاء في الحديث : أن الجَدَفَ : ما لا يُغطَّى من الشراب.

وقال بعضهم : أُخذ الجَدَفُ من الجَدْفِ ، وهو القطع ؛ كأنه أراد ان يُرمى من الشراب من زَبَدٍ أو رَغْوَةٍ ، أو قذًى ، كأنه قُطع من الشراب فرُمي به.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) قال : الجَدْفُ ، والجَذفُ كلاهما : القَطْعُ.

وقال أبو زيد : إنه لمُجَدَّفٌ عليه العيش أي مضيَّق عليه.

(أبو عبيد عن الأصمعي): جَدَفَ الطائر يَجْدِفُ إذا كان مقصوصاً فرأيته إذا طار كأنه يَرُدُّ جناحيه إلى خلفه ، ومنه سُمِّيَ مِجْدَافُ السفينة.

وقال أبو عمرٍو : مثله أو نحوه.

قال ويقال : جَذَفَ الرجل في مشيته إذا أسرع ، هذه بالذال ، وتلك بالدال.

وقال الكسائي : المصدر من جَدَفَ الطائر : الجُدُوفُ.

وقال غيره : المِجْدَافُ : مِجْدَافُ السفينة.

قال : والطائر إذا طيَّر من جناحيه شيئاً عند الفرق من الصقر يقال : جَدَفَ.

وأنشد :

وأنت حُبَارَى خِيْفَةَ الصقر تَجْدِفُ

(عمرو عن أبيه): الجَدَافَاةُ : الغنيمة.

وأنشد :

لقد أتاني رَامِعاً قِبِرَّاه

لا يَعرِفُ الحق ولا يهواه

فكان لي إذ جاءني جَدَافَاه

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : هي الجُدَافَى ، والغُنامى ، والغُنْمَى ، والهُبالة والأبالة ، والحُواسة ، والخُباسة.

وقال أبو عمرٍو : جَدَفَ الطائر وجَدَفَ الملّاح بالمِجْدَافِ ، وهو المُرديُّ ، والمِقْذفُ ، والمِقْذَافُ.

(أبو تراب عن أبي المقدام السلميِّ) : جَدَفَتِ السماء بالثلج ، وخَذَفَتْ تَجْدِفُ ،

٣٥٤

وتَخْذِفُ إذا رَمَتْ به.

ج د ب

جدب ، بجد ، دبج ، دجب : مستعملة.

جدب : قال الليث : مكان جَدْبٌ ، وقد جَدُبَ جُدُوَبَةً.

وأجدبَتِ الأرض فهي مُجْدِبَةٌ ، وأجدبَتِ السَّنة ، وأجدَبَ القوم.

قال : والجادِبُ : الكاذب ، ولم أسمع له فِعْلاً.

(قلت) : هذا تصحيف ، والكاذب يقال له : الخَادِبُ بالخاء ، كذلك أقرأنيه الإيادي لشمر عن أبي عبيد ، قال : قال أبو زيد شَرَجَ ، وخَدَبَ ، وَبَشَكَ إذا كذب.

(قلت) : والجادِبُ بالجيم : العَائِبُ ، ومنه حديث عمر «أنه جَدَبَ السَّمَرَ بعد العَتَمَة».

قال أبو عبيد : جَدَبَ السمر أي عابه وذمَّه ، وكل عائب فهو جَادِبٌ ، وقال ذو الرمة :

فيا لك من خدٍّ أَسِيْلٍ ومنطق

رخيم ، ومن خَلْقٍ تعلَّل جَادِبُه

يقول : لم يجد فيه مقالاً ، فهو يتعلل بالشيء ، يقوله وليس بعيب.

(ابن السكيت): جَادَبَتِ الإبل العام مُجَادَبَةً ، وذلك إذا كان العام مَحْلاً ، فصارت لا تأكل إلا الدرين الأسود ، والثمام ، فيقال لها حينئذ : جَادَبَت.

وقال غيره : نزلنا بفلان فأجْدَبْنَاه إذا لم يقرهم.

وروى شمر بإسناده عن حُذيفة أنه قال : «جَدَبَ إلينا عمر السمر» ومعناه : جَدَبَ لنا.

وقال ابن شميل : الجَدْبَةُ : الأرض التي ليس بها قليل ولا كثير ، ولا مرتع ، ولا كلأ.

وقال الفرَّاء : أجدبَتِ الأرض ، وجدُبَت.

وقال ابن شميل : عامٌ جُدُوبٌ ، وأرض جُدُوبٌ.

بجد : (أبو العباس عن ابن الأعرابي): بجَّدَ الرجل بالمكان وألحم إذا أقام به تبجيداً ، ومنه يقال : أنا ابن بَجْدَتِهَا أي العالم بها أي أقمتُ بالبلدة فخبرتُها ، وعلمتُ علمها.

ويقال : هو عالم بَبَجْدَةِ أمركَ ، وبِبُجْدَةِ أمرك : أي عالم بِدِخْلةِ أمرك.

(أبو عبيد عن الأصمعي): بَجْدٌ من الناس أي جماعة ، وجمعه : بُجُودٌ.

وقال كعب بن مالك :

تلوذ البُجُودُ بأَذْرائِنَا

من الضر في أَزَمَاتِ السِّنينا

٣٥٥

ويقال للرجل المقيم بالموضع : إنه لَبَاجِدٌ ، وأنشد :

فكيف ولم تُنْفَطْ عَنَاقٌ ولم يُرَعْ

سَوَامٌ بأكناف الأحِزَّة بَاجِدُ

قال أبو زيد : كل بِجادٍ : شقة من شقاق بيوت الأعراب ، وجمعه : بُجُدٌ.

ويقال للشقة من البُجُد : فليج ، وجمعه : فُلُجٌ.

قال : ورَفُ البيت : أن يَقْصُرَ الكِسْرُ عن الأرض ، فيوصَلَ بخِرْقَةٍ من البُجُد أو غيرها ليبلغ الأرض ، وجمعه : رُفُوفٌ.

وقال أبو مالك : رفائف البيت : أكسية تُعلَّق إلى الشقاق حتى تلحق بالأرض.

دبج : قال الليث : الدِّيباجُ : أصوب من الدَّيبَاجِ ، وكذلك قال أبو عبيد في الدِيباج والدِيوان.

وقال أبو الهيثم : الدِّيْبَاجُ كان في الأصل : الدِّبَّاجُ فقُلبت إحدى الباءين ياء ، وكذلك : الدينار ، أصله : الدنَّار ، وكذلك قيراط ، أصله : قِرَّاط ، ولذلك جُمع الدِّيْبَاج دَبَابِيجَ ، ومثله : ديوانٌ جُمع دواوين.

(أبو عبيد عن أبي عمرٍو): الدِّيبَاجَتَانِ : الخدَّان ، ويقال : هما اللَّيتان.

وقال ابن مقبل :

يخدى بها بازل فُتْلٌ مَرَافِقُهُ

يجري بِدِيْبَاجَتَيْهِ الرشح مُرتَدِعُ

وروي عن إبراهيم أنه كان له طيلسان مُدَبَّجُ ، قالوا : هو الذي زُيّن تطاريفه بالدِّيبَاجِ.

وقال الليث : رجل مدبَّج وهو القبيح الرأس والخِلقة.

قال : والمُدَبَّجُ : ضرب من الهام ، وضرب من طير الماء ، يقال له أغبر مُدَبَّج منتفخ الريش قبيح الهامة ، يكون في الماء مع النُّحَامِ.

دجب : (ثعلب عن ابن الأعرابي): الدَّجُوبُ : جُوَالِقٌ يكون مع المرأة في السفر خفيف ، وأنشد :

هل في دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيْطِ

وذيلة تشفي من الأطيط

قال : والوَذْيِلَةُ : قطعة من سنام تُشَقُّ طولاً ، والأطيط : عصافير الجُوعِ.

ج د م

جدم ، جمد ، دجم ، دمج ، مجد ، مدج : مستعملة.

مدج : قال الليث : مُدَّجٌ : اسم سمكة بحرية.

وأحسبه معرَّباً.

جدم : قال الليث : يقال للفرس : إجْدَم ، وأقدِم إذا هِيجَ ليَمْضِيَ ، وأقدِمْ : أجودهما.

(أبو عبيد عن أبي عمرٍو): الجَدَمَةُ : القصير ، وجَمْعُها : جَدَمٌ. وأنشد أبو

٣٥٦

الهيثم :

فما ليلى من الهَيْقَاتِ طُولاً

وما ليلى من الجَدَمِ الفِصَارِ

والجُدَامُ : أصل السَّعُفِ.

وقال أبو زيد : هو على تلك الدِّجْمَةِ والدِّمَجةِ أي الطريقة.

(ابن الأعرابي) : نخلة جُدَامِيَّةٌ : كثيرة السعف.

وفي نوادر الأعراب : أجدَمَ النخل ، وزبَّب إذا حَمَلَ حَمْلاً صِيْصَاء.

جمد : (الليث): الجَمَدُ : الماء الجامد ، وقد جَمَدَ يَجْمُدُ جُمُوداً.

ويقال : لك جامد هذا المال وذائبه ، أي ما جَمَدَ منه ، وما ذاب.

ومُخَّةٌ جَامِدَةٌ أي صُلبة ، ورجل جَامِدُ العين إذا قلَّ دَمْعُهُ.

وسنة جَمَادٌ : جَامِدَةٌ لا كَلأَ فيها ولا خِصْبَ ولا مَطَرَ.

وَأجْمَدَ القوم إذا بَخِلُوا ، وقلَّ خيرهم.

(ثعلب عن ابن الأعرابي): جَمَدَ الرجل يَجْمُدُ فهو جَامِدٌ ، أذا بَخِلَ بما يلزمه من الحق.

وَأَجْمَد يُجْمِدُ إجْمَاداً فهو مُجْمِدٌ إذا كان أميناً بين القوم.

قال : والجامدُ : البخيل.

قال : وقال محمد بن عمران التيمي : إنا والله لا نَجْمُدُ عند الحق ، ولا نتدفق عند الباطل.

واحتجَّ غيره في المُجْمِدِ بقول طرفة :

وأصفر مضبُوحٍ نَظَرْتُ حِوَارَهُ

على النار واستودعته كفَ مُجْمِدِ

وقال أبو عبيدة : المُجْمِدُ : الأمين مع شح لا يخدع : وقال خالد : رجل مُجْمِدٌ : بخيل شحيح.

وقال أبو عمرٍو : استودعت هذا القِدْحَ رجلاً يأخذه بِكِلْتَا يديه فلا يخرج من يديه شيء.

(شمر) : قال أبو عمرٍو : الجُمُدُ : مكان حَزْنٌ.

وقال الأصمعي : هو المكان المرتفع الغليظ.

وقال ابن شميل : الجُمُدُ : قارة ليست بطويلة في السماء ، وهي غليظة تَغْلُظُ مرة ، وتلين أخرى ، تُنبت الشجر ، ولا تكون إلا في أرض غليظة ، سُمِّيَت جُمُداً من جُمُودها أي يُبسها.

والجُمُدُ : أصغر الآكام ، يكون مستديراً ، والقارة : مستديرة طويلة في السماء ، ولا ينقادان في الأرض ، وكلاهما غليظ الرأس ، ويسميان جميعاً أكَمَةً.

قال : وجماعة الجُمُد : جِمَادٌ ، يُنبت البَقْلَ والشجر.

٣٥٧

قال : وأما الجُمُود فأسهل من الجُمُدِ ، وأشدُّ مخالَطَةً للسُّهُول ، وتكون الجُمُود في ناحيةِ القُفِّ ، وناحيةِ السُّهول.

وقال أبو عمرٍو : وأرض جَمَادٌ : جَامِدَةٌ لم يُصِبْها مَطَرٌ ، ولا شيء فيها.

وقال الكُمَيتُ :

أمرعَت في نداه إذ قحط القط

ر فأمسى جَمَادُها ممطورا

ويُجمع الجُمُد : أجْمَاداً أيضاً.

قال لبيد : فأجمادَ ذي رَقْدٍ فأكنافَ ثادِقٍ والجَمَادُ : الناقة لا لبن بها.

وسنة جَمَادٌ : لا مطر فيها وقال الشاعر :

وفي السَّنَةِ الجَمَادِ يكُونُ غَيْثاً

إذا لم تُعط درَّتها العَصُوب

(أبو العباس عن ابن الأعرابي) : الجَوَامِدُ : الأُرَفُ ، وهي الحدود بين الأرضين ، واحدها : جَامِدٌ.

قال : وفلان مُجَامِدِي إذا كان جارك بَيْتَ بَيْتَ ، وكذلك : مُصَاقِبي ، ومُؤَارفي ، ومُتَاخمي.

وفي الحديث : «إذا وُضِعَتِ الجَوَامِدُ فلا شُفعة».

(أبو عمرٍو) : سَيْفٌ جَمَّادٌ : صَارِمٌ : وأنشد :

والله لو كُنتمْ بأعلى تَلْعَةٍ

من رأسِ قُنْفُذ أو رُؤُوسِ صِمَادِ

لَسمِعْتُمُ مِنْ حَرِّ وَقْعِ سُيُوفِنَا

ضَرْباً بكُلِّ مُهَنَّدٍ جَمَّادِ

وقال الليث : الجُمَادَيَانِ : اسمان معرفة لشهرين ، فإذا أضفتَ قلتَ : شهرا جُمادى ، وشهر جُمادى.

وأخبرني المنذري عن أبي الهيثم : جمادى ستة هي جمادى الآخرة وهي تمام ستة أشهر من أول السنة ، ورَجَبَ هو السابع ، وجُمادى خمسة هي جُمادى الأولى ، وهي الخامسة من أول شهور السنة ، قال لبيد : حتى إذا سَلَخَا جُمادى ستة هي جمادى الآخرة.

وقال أبو سعيد : الشتاء عند العرب : جُمَادَى ، لجُمُود الماء فيه ، وأنشد للطِّرِمَّاح :

ليلة هَاجَت جُمادية

ذات صرٍّ جِربِيَاء النّسام

أي ليلة شتوية ، وقال بعض الأنصار :

إذا جُمادى مَنَعَت قَطْرَهَا

زان جنابي عطَنٌ مُغْضِفَ

(سلمة عن الفرَّاء): الجِمَاد : الحجارة ، واحدها : جُمُدٌ.

(الكسائي) : ظلَّت العين جُمَادَى أي جَامِدَةٌ لا تَدْمَعُ ، وأنشد :

مَنْ يطعم النوم أو يبت جَذَلاً

فالعين منِّي للهَمِّ لم تَنَمِ

٣٥٨

ترعَى جُمَادَى النهار خاشِعَةً

والليل منها بِوَاكِفِ سَجِمِ

أي ترعى النهار جَامِدَةً ، فإذا جاءها الليل بكت.

دمج : قال الليثُ : دَمَجَتِ الأرنبُ تَدْمُجُ في عدوهَا ، وهو سرعةُ تقاربِ قوائمها في الأرضِ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) دَمَجَ عليهم وَدَمرَ ، وادْرَمَّجَ ، وتَعلَّى عليهم ، كلٌّ بمعنَى واحدٍ.

وقال الليثُ : متنٌ مُدْمَجٌ ، وكذلك الأعضاءُ المُدْمَجَةُ كأنها أدمجِتْ ومُلِّسَتْ كما تُدِمجُ الماشطةُ مِشطَة المرأةِ إذا ضفرَتْ ذوائِبَها.

وكُلُّ ضفيرةٍ منها عَلَى حِيالها تُسمَّى دَمجاً وَاحداً.

قال : والدُّمُوجُ : الدُّخُولُ.

وقال أبو عمرٍو : ليلةٌ دامجةٌ ، وليلٌ دامجٌ أي مظلمٌ.

وقال الأصمعيُّ : تَدَامَجَ القومُ عَلَى فلانٍ تَدَامُجاً إذا تَضَافَرُوا عليهِ.

وصُلحٌ دُمَاجٌ أي مُحْكَمٌ ، وقال ذو الرمةِ :

وإذْ نحنُ أسبابُ المَوَدَّةِ بَيْنَنَا

دُمَاجٌ قُوَاهَا لم يَخُنْهَا وصولُهَا

وادَّمجَ في الشيءِ إدِّماجاً ، وانْدَمَجَ فيه اندماجاً إذا دخل فيه.

(عمرو عن أبيه): الدُّمَاجُ : الصلح على دَخَنٍ.

مجد : قال الليث : المَجْدُ : نيل الشرف ، وقد مَجَدَ الرجل ، ومَجُدَ : لغتان ، والمَجْدُ : كرم فعاله ، والله تبارك وتعالى هو المجيد ، تَمَجَّدَ بفعاله ، ومَجَّدَهُ خُلُقُهُ لِعَظَمَتِهِ ، وقال جل وعز : (ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ (١٥)) [البروج : ١٥].

قال الفرَّاء : خَفَضَهُ يحيى وأصحابه كما قال : (بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (٢١)) [البروج : ٢١] فوصف القرآنَ بالمجَادَةِ. وقال غيره : يُقْرَأُ : (بل هو قرآنُ مَجِيدٍ) والقراءة : (قُرْآنٌ مَجِيدٌ) ، ومن قرأ : (قرآنُ مجيدٍ) ، فالمعنى : بل هو قرآن ربٍ مَجِيدٍ.

(ثعلب عن ابن الأعرابي) : (قُرْآنٌ مَجِيدٌ) ، المَجيدُ : الرفيع.

وقال أبو إسحاق : معنى المجيدِ : الكريمُ ، فمعنى خفضَ المجيدِ فمن صفة العرش ، ومن رفع فمن صفة ذو.

(أبو عبيد عن أبي عبيدة) : قال : أهل العالية يقولون : مَجَدْتُ الدابة إذا علفتها ملء بطنها مخففة ، وأهل نجد يقولون : مَجَّدتُها إذا علفتها نصف بطنها.

(شمر عن ابن الأعرابي): مَجَدَتِ الإبِلُ إذا وقَعَتْ في مرعًى كثيرٍ واسعٍ.

وأمجَدَهَا المرعى ، وأمجَدتُها أنا ، قال : وقال ابن شميل : إذا شبعت الغنم مَجدتِ

٣٥٩

الإبل تمجُدُ مَجْداً.

والمَجْدُ : نحوٌ من نصف الشِّبَع ، وقال أبو حَيَّةَ في صفة امرأة :

 ...... وليسَتْ

بِمَاجِدَةٍ للطعام ولا الشرابِ (١)

أي ليست بكثيرة الطعام ولا الشراب.

وقال الأصمعي : أمجَدْتُ الدابة علفاً : أكثرتُ لها ذلك.

وقال الليث : مَجَدَتِ الإبل مُجُوداً إذا نالت من الكلأ قريباً من الشِّبَعِ ، وعُرف ذلك في أجسامها ، وأمْجَدَ القوم إِبلَهُم ، وذلك في أوَّلِ الربيع.

ومن أمثال العرب «في كل الشجر نار ، واستَمْجَدَ المَرخ والعَفَار» أي استكثرا من النار فصلحا للاقتداحِ بهما.

يقال أمْجَدَ فلان عطاءه ، ومَجَّده إذا كثَّره ، قال عديٌّ :

فاشتراني واصطفاني نِعْمَةً

مجَّد الهِنْءَ وأعطاني الثمن

ومَجْدُ : بنت تميم الأدرم بن عامر بن لؤيٍّ هي أم كلاب وكعب وعامر ، وكُلَيْبٍ بَنِي ربيعةَ بن عامرٍ ، وذكرها لبيدٌ ففخرَ بها : سَقَى قَوْمِي بَنِي مَجْدٍ وأَسْقَى

نُميراً والقبائلَ من هلال

دجم : (ثعلب عن ابن الأعرابي): الدُّجُومُ واحدهُمْ : دِجْمٌ ، وهم خاصةُ الخاصةِ ، ومثلهُ : قِدرٌ وقدورٌ.

قال الليث : ويقالُ : انْقَشَعَتْ دُجَمُ الأباطيلِ ، وإنهُ لَفِي دُجَمِ الهوَى أي في غمراتهِ وظُلَمِهِ ، الواحدةُ : دُجْمَةٌ.

(قلت) : وقال غيرُهُ : دِجْمَةٌ ودِجَمٌ ، وهي العاداتُ.

ودِجْمُ الرجُلِ : صاحِبُهُ وخليلهُ.

وفلانٌ مُداجِمٌ لفلانٍ ، ومُدَامِجٌ لهُ ، وقال رؤبة :

وكَلَّ مِنْ طُولِ النِّضَال أسْهُمُه

واعْتَلَّ إِذْ بَانَ الصِّبَا ودِجَمُهْ

__________________

(١) في المطبوعة : «وليست بماجدة للطعام ولا للشراب» ، والمثبت من «روح المعاني» للآلوسي (١٢ / ١٠٢) ، وعزاه لأبي حية النميري ، وأوله : سألتُ حبيبى الوصلَ منه دُعابَةً وأعْلَمُ أنَّ الوصل ليس يكونُ فمَاسَ دلالاً وابتهاجاً وقال لى برفقٍ مجيباً (ما سألتَ يَهُونُ) ، وانظر «اللسان» و «التاج» (مجد).

٣٦٠