مصباح الفقيه - ج ١٠

الشيخ آقا رضا الهمداني

مصباح الفقيه - ج ١٠

المؤلف:

الشيخ آقا رضا الهمداني


المحقق: المؤسّسة الجعفريّة لإحياء التراث ـ قم المقدّسة
الموضوع : الفقه
الناشر: دار الفكر
المطبعة: عترت
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٨

فعلها تامّة الأجزاء والشرائط ، والمفروض إمكان تحقّقها كذلك.

نعم ، بناء على اعتبار الجزم في النيّة ـ أي الوثوق من أوّل العمل بسلامته من طروّ المنافي ـ ربما لا يحصل الاطمئنان بذلك ، فيخرج عن محلّ الفرض ؛ حيث إنّ محلّ الكلام فيما إذا كان متمكّنا من استيفاء الأجزاء والشرائط التي منها الجزم في النيّة ، كما إذا كانت الدابّة منقادة على وجه يطمئنّ بذلك.

هذا ، مع ما عرفت في نيّة الوضوء من منع اشتراط الجزم في صحّة العبادة.

وأمّا النبويّ : فلم يقصد به الاحتراز عمّا عدا الأرض ؛ إذ لا خلاف في عدم اعتبار كون المصلّى أرضا ، فالمقصود به إمّا إظهار الامتنان بتوسعة مكان الصلاة ، وعدم اختصاصه بمكان خاصّ ، كبيت المقدس ، أو مسجد الحرام ، أو غير ذلك من المساجد والأماكن الخاصّة ، فيكون التعبير بالأرض جاريا مجرى العادة في مقام إظهار التوسعة أريد بها مطلق المكان الذي يصلح أن تقع الصلاة فيه ، لا خصوص الأرض ، أو أنّ المراد بها مسجد الجبهة وإن لا يخلو من بعد ، كما تقدّمت الإشارة إليه في مبحث التيمّم (١).

ونظير ذلك في الضعف : الاستدلال عليه بانصراف أدلّة الصلاة إلى القرار المعهود ، وظهر الدابّة ليس منه ؛ لأنّ تصوّر القرار عند الأمر بطبيعة الصلاة ليس إلّا تصوّرا إجماليّا تابعا لتصوّر ماهيّة الصلاة ، كالمعاني الحرفيّة الغير الملحوظة إلّا تبعا لمتعلّقاتها ، لا تصوّرا تفصيليّا استقلاليّا ؛ كي تكون معهوديّة قسم منه موجبة لصرف الذهن إليه وتقييد الطبيعة به.

__________________

(١) في ج ٦ ، ص ١٨٢.

١٢١

هذا ، مع أنّه لا شبهة في عدم اشتراط صحّة الصلاة بوقوعها في قرار متعارف ، بل لو صلّى في مكان مخترع لم يعهد الاستقرار فيه كرفّ معلّق بين نخلتين ، صحّت صلاته ، كما يشهد لذلك صحيحة عليّ بن جعفر أنّه سأل أخاه عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي على الرفّ المعلّق بين نخلتين؟ فقال عليه‌السلام : «إن كان مستويا يقدر على الصلاة عليه فلا بأس» (١).

ولعلّ هذا هو المراد بالأرجوحة التي وقع الكلام في صحّة الفريضة عليها ، وإلّا فربما فسّرت الأرجوحة بما لا يصلح أن تقع فيه صلاة ذات ركوع وسجود ، فلا يجوز على هذا التقدير الصلاة عليها اختيارا بلا شبهة.

ولكنّ الظاهر أنّ مرادهم بها هو الشي‌ء المعلّق بالحبال بين نخلتين وشبههما ممّا يمكن إيقاع الصلاة عليه تامّة ، كما أنّ المراد بالرفّ المعلّق بين نخلتين ـ الذي نفي البأس عن الصلاة عليه في الصحيحة المتقدّمة (٢) ـ بحسب الظاهر ليس إلّا ذلك ، لا الشي‌ء المسمّر بالمسامير أو المشدود بالحبال ، كما قوّى احتماله بعض (٣) ؛ فإنّه خلاف المتبادر من توصيفه بالمعلّق ، مع أنّ إطلاق الجواب من غير استفصال يفيد العموم ، فالصحيحة تدلّ على جواز الصلاة على الأرجوحة على تقدير إمكان استيفاء أجزائها وشرائطها.

ولكن حكي عن غير واحد من الأصحاب الاستشكال أو المنع عن ذلك.

__________________

(١) قرب الإسناد : ١٨٤ ـ ١٨٥ / ٦٨٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ـ ٣٧٤ / ١٥٥٣ ، الوسائل ، الباب ٣٥ من أبواب مكان المصلّي ، ح ١.

(٢) آنفا.

(٣) لاحظ إيضاح الفوائد ١ : ٨٠ ، وكشف اللثام ٣ : ١٥٦.

١٢٢

فعن العلّامة في القواعد أنّه قال : وفي صحّة الفريضة على بعير معقول أو أرجوحة معلّقة بالحبال نظر (١).

وعن المنتهى والإيضاح والموجز والجعفريّة وشرحها (٢) وحاشية الميسي : الجزم بالبطلان فيهما (٣).

وعن الشهيدين : القول بالبطلان في المعقول (٤).

وعن الأوّل منهما في الأرجوحة أيضا ، ولكنّه احتمل الجواز فيها (٥) ؛ لصحيحة عليّ بن جعفر ، المتقدّمة (٦).

وقد عرفت أنّ الأقوى فيها بل في الصلاة على الدابّة السائرة فضلا عن الواقفة أو البعير المعقول : الجواز على تقدير التمكّن من استيفاء الأجزاء والشرائط.

وهذا الفرض وإن كان بعيدا قلّما يتّفق حصوله في الخارج خصوصا بالنسبة إلى الدابّة السائرة ولكن كثيرا مّا يكون المكلّف في حدّ ذاته عاجزا بحيث لا يجب عليه إلّا الصلاة عن جلوس مؤمئا للركوع والسجود ولكنّه متمكّن من

__________________

(١) قواعد الأحكام ١ : ٢٦ ، وحكاه عنه صاحب الجواهر فيها ٧ : ٤٣٣.

(٢) في مفتاح الكرامة : «شرحيها».

(٣) منتهى المطلب ٤ : ١٩٣ ، إيضاح الفوائد ١ : ٨٠ ، الموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشر) : ٦٧ ، الجعفريّة (ضمن رسائل المحقّق الكركي) ١ : ١٠٥ ، وحكاه عنها العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٠٦.

(٤) البيان : ١١٣ ، الدروس ١ : ١٦١ ، الذكرى ٣ : ١٨٩ ، روض الجنان ٢ : ٥٢٠ ، مسالك الافهام ١ : ١٥٩ ، وحكاه عنهما العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٠٦.

(٥) الذكرى ٣ : ١٩٠ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ١٠٦.

(٦) في ص ١٢٢.

١٢٣

إيقاعها على الأرض.

فتظهر ثمرة الخلاف غالبا في مثل الفرض حيث يجوز الإتيان بها حينئذ على المحمل اختيارا ما لم يكن مفوّتا للاستقبال أو الاستقرار عرفا على المختار ، بخلاف ما لو قلنا بالمنع مطلقا إلّا لدى الضرورة.

ودعوى أنّ الحركة التبعيّة اللاحقة للمصلّي بواسطة سير الدابّة منافية لصدق الاستقرار المعتبر في الصلاة لدى التمكّن منه ، مدفوعة : بأنّ غاية ما يمكن استفادته من الأدلّة الشرعيّة ـ كما يأتي تحقيقه في محلّه إن شاء الله ـ إنّما هو كون المصلّي بنفسه مستقرّا لا مكانه.

وأوضح من ذلك كلّه جواز الصلاة في السفينة اختيارا لدى التمكّن من استيفاء فرائضها من القيام والاستقبال والركوع والسجود وغير ذلك ، سواء كانت واقفة أو سائرة ، كما يشهد له جملة من الأخبار :

منها : صحيحة جميل بن درّاج أنّه قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : تكون السفينة قريبة من الجدّ (١) فأخرج وأصلّي؟ قال : «صلّ فيها ، أما ترضى بصلاة نوح؟» (٢).

وعنه أيضا أنّه قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في السفينة ، فقال : «إنّ رجلا أتى أبي فسأله ، فقال : إنّي أكون في السفينة والجدد (٣) منّي قريب فأخرج فأصلّي عليه؟ فقال له أبو جعفر عليه‌السلام : أما ترضى أن تصلّي بصلاة نوح؟» (٤).

__________________

(١) الجدّ : شاطئ النهر. لسان العرب ٣ : ١٠٨ «جدد».

(٢) الفقيه ١ : ٢٩١ / ١٣٢٣ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ٣.

(٣) الجدد : وجه الأرض ، أو الأرض الصلبة. لسان العرب ٣ : ١٠٩ «جدد».

(٤) التهذيب ٣ : ٢٩٥ / ٨٩٤ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القيام ، ح ١١.

١٢٤

وصحيحة المفضّل بن صالح ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في الفرات وما هو أضعف منه من الأنهار في السفينة ، فقال : «إن صلّيت فحسن ، وإن خرجت فحسن» (١).

ونحوها رواية يونس بن يعقوب ، إلّا أنّ فيها : عن الصلاة في الفرات وما هو أصغر منه ، (٢) إلى آخره.

وخبر عليّ بن جعفر ـ المرويّ عن قرب الإسناد ـ عن أخيه موسى عليه‌السلام ، قال : سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلّي في السفينة الفريضة وهو يقدر على الجدّ؟ قال : «نعم لا بأس» (٣).

وهذه الأخبار صريحة الدلالة في إرادتها حال الاختيار والقدرة على الخروج ، وظاهرها عدم الفرق بين ما لو كانت سائرة أو واقفة ، بل قد يدّعى أنّ المتبادر من السؤال عن الصلاة في السفينة إنّما هو إرادتها حال السير الذي فيه مظنّة المنع ، كما يؤيّده التشبيه بصلاة نوح عليه‌السلام.

ويدلّ عليه أيضا إطلاق الجواب من غير استفصال في خبر صالح بن الحكم ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في السفينة ، فقال : «إنّ رجلا سأل أبي عن الصلاة في السفينة ، فقال : أترغب عن صلاة نوح؟» (٤).

بل ظاهر السؤال إرادتها في حال الاختيار ؛ إذ لا موقع لتوهّم المنع عنها لدى

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٩٨ / ٩٠٥ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ١١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٩٢ / ١٣٢٧ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ٥.

(٣) قرب الإسناد : ٢١٦ ـ ٢١٧ / ٨٤٩ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القيام ، ح ١٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٢٩٦ / ٨٩٧ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ١٠.

١٢٥

الضرورة. وكون صلاة نوح عليه‌السلام صادرة في حال الضرورة لا يوهن ظهور الرواية في إرادتها حال الاختيار ؛ لأنّ صدورها في مقام الضرورة لا يقتضي كونها صلاة اضطراريّة.

واستدلّ له أيضا بصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال :سألته عن صلاة الفريضة في السفينة وهو يجد الأرض يخرج إليها غير أنّه يخاف السبع أو اللصوص ويكون معه قوم لا يجتمع رأيهم على الخروج ولا يطيعونه ، وهل يضع وجهه إذا صلّى ، أو يومئ إيماء قاعدا أو قائما؟ فقال : «إن استطاع أن يصلّي قائما فهو أفضل ، وإن لم يستطع صلّى جالسا» وقال : «لا عليه أن لا يخرج ، فإنّ أبي سأله عن مثل هذه المسألة رجل ، فقال : أترغب عن صلاة نوح؟» (١).

ونوقش فيها : بأنّ موردها صورة الضرورة ، وهي غير ما نحن فيه ، اللهمّ إلّا أن يراد الاستدلال بقوله عليه‌السلام في الجواب : «لا عليه أن لا يخرج» الحديث.

وفيه : أنّه باعتبار الضمير لا إطلاق فيه ، بل قد يستفاد من التعليل فيه إرادتها في حال الضرورة ؛ ضرورة ظهوره في اضطرار نوح عليه‌السلام لتلك الصلاة ، فمن ساواه في ذلك ليس له أن يرغب عن صلاته ، فلا يشمل المتمكّن من الصلاة على الجدد (٢) بلا مشقّة. انتهى (٣).

ويمكن دفع المناقشة بأنّ قوله عليه‌السلام : «لا عليه أن لا يخرج» بحسب الظاهر

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٩٥ / ٨٩٣ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القيام ، ح ٤.

(٢) في «ض ١٤» : «الجدّ».

(٣) إلى هنا انتهى كلام صاحب الجواهر رحمه‌الله فيها ٧ : ٤٣٥ ، وإن لم يسمّه المؤلّف رحمه‌الله.

١٢٦

كلام مستأنف سيق لبيان عدم الحاجة إلى الخروج ، وكون الصلاة في السفينة من حيث هي صلاة تامّة كاملة ، مستشهدا لذلك بقول أبيه عليه‌السلام : «أترغب عن صلاة نوح؟» فإنّ ظاهره كون صلاة نوح من حيث هي صلاة تامّة كاملة لا ينبغي الرغبة عنها ، لا أنّها صلاة ناقصة سوّغته الضرورة ، كما يؤيّد ذلك الأخبار المتقدّمة التي استشهد فيها بها في جواب من سأله عن الصلاة في السفينة مع قدرته على الخروج.

فما قيل من ظهوره في اضطرار نوح عليه‌السلام لتك الصلاة (١) ، ففيه : أنّه ليس فيه إشعار بذلك ، فضلا عن الظهور ، وإنّما علم من الخارج صدورها في حال الضرورة ، وقد أشرنا آنفا إلى أنّ هذا لا يقتضي كون صلاته اضطراريّة ، بل ظاهر هذه الأخبار كونها من حيث هي صلاة كاملة.

وكيف كان ففيما عدا هذه الصحيحة غنى وكفاية.

ولكن ربما يظهر من بعض الأخبار اختصاص الجواز بحال الضرورة.

مثل : ما رواه الشيخ ـ في الحسن ، أو الصحيح ـ عن حمّاد بن عيسى ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يسأل عن الصلاة في السفينة ، فيقول : «إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدد فاخرجوا ، فإن لم تقدروا فصلّوا قياما ، فإن لم تستطيعوا فصلّوا قعودا ، وتحرّوا القبلة» (٢).

وعن قرب الإسناد بإسناده عن حمّاد بن عيسى نحوها ، إلّا أنّه قال : سمعت

__________________

(١) جواهر الكلام ٧ : ٤٣٥.

(٢) التهذيب ٣ : ١٧٠ / ٣٧٤ ، رواه عن الكليني في الكافي ٣ : ٤٤١ / ١ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ١٤.

١٢٧

أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «كان أهل العراق يسألون أبي ـ رضي‌الله‌عنه ـ عن الصلاة في السفينة ، فيقول : إن استطعتم أن تخرجوا إلى الجدّ فافعلوا ، فإن لم تقدروا فصلّوا قياما ، فإن لم تقدروا فصلّوا قعودا ، وتحرّوا القبلة» (١).

فالظاهر (٢) اتّحاد الروايتين ؛ لاتّحاد مضمونهما وتقارب ألفاظهما ، فما رواه الشيخ رحمه‌الله لا يبعد كونه مشتملا على السقط.

ومضمرة عليّ بن إبراهيم ، قال : سألته عن الصلاة في السفينة ، قال : «يصلّي وهو جالس إذا لم يمكنه القيام في السفينة ، ولا يصلّي في السفينة وهو يقدر على الشطّ» وقال : «يصلّي في السفينة يحوّل وجهه إلى القبلة ثمّ يصلّي كيفما دارت» (٣).

ويؤيّده ما يستشعر من جملة من الأسئلة الواقعة في الروايات بل ومن بعض أجوبتها أيضا من مغروسيّة اختصاص الجواز بحال الضرورة في أذهانهم ومعروفيّته لديهم.

مثل السؤال الواقع في صحيحة ابن سنان ، المتقدّمة (٤) ، وسؤال عليّ بن جعفر أخاه عليه‌السلام فيما روي من كتابه ، قال : سألته عن قوم في سفينة لا يقدرون أن يخرجوا إلّا لطين وماء (٥) هل يصلح لهم أن يصلّوا الفريضة في السفينة؟ قال :

__________________

(١) قرب الإسناد : ١٩ / ٦٤ ، وعنه في الحدائق الناضرة ٦ : ٤٢٠.

(٢) كذا ، والظاهر : «والظاهر».

(٣) التهذيب ٣ : ١٧٠ / ٣٧٥ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ٨.

(٤) في ص ١٢٦.

(٥) في «ض ١٤» : «إلى الطين والماء» بدل «إلّا لطين وماء». وفي المصدر : «إلّا إلى الطين وماء».

١٢٨

«نعم» (١).

وصحيح ابن أبي عمير عن الخزّاز ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : إنّا ابتلينا وكنّا في السفينة فأمسينا ولم نقدر على مكان نخرج فيه ، فقال أصحاب السفينة : ليس نصلّي يومنا مادمنا نطمع في الخروج ، فقال : «إنّ أبي كان يقول : تلك صلاة نوح ، أو ما ترضى أن تصلّي صلاة نوح؟» فقلت : بلى جعلت فداك ، فقال : «لا يضيقنّ صدرك فإنّ نوحا قد صلّى في السفينة» قال : قلت : قائما أو قاعدا؟ قال : «بل قائما» قال : قلت : فإنّي ربما استقبلت [القبلة] (٢) فدارت السفينة ، قال : «تحرّ القبلة جهدك» (٣).

وخبر ابن عذافر ، قال لأبي عبد الله عليه‌السلام : رجل يكون في وقت الفريضة ولا تمكنه الأرض من القيام عليها [ولا السجود عليها] من كثرة الثلج والماء والمطر والوحل ، أيجوز أن يصلّي الفريضة في المحمل؟ فقال : «نعم هو بمنزلة السفينة إن أمكنه قائما ، وإلّا قاعدا ، وكلّ ما كان من ذلك فالله أولى بالعذر» (٤).

ولكنّك خبير بأنّه لا ينبغي الالتفات إلى مثل هذه الاستشعارات أصلا فضلا عن معارضتها بما عرفت.

ودعوى أنّ إطلاق تنزيل الصلاة في المحمل منزلة الصلاة في السفينة في خبر ابن عذافر يقتضي عمومه من الطرفين على تقدير التسليم غير مجدية بعد

__________________

(١) مسائل عليّ بن جعفر : ١٦٣ / ٢٥٦ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ١٦.

(٢) ما بين المعقوفين من المصدر.

(٣) التهذيب ٣ : ١٧٠ ـ ١٧١ / ٣٧٦ ، الوسائل ، الباب ١٤ من أبواب القيام ، ح ٩ ، وما بين المعقوفين من المصدر.

(٤) تقدّم تخريجه في ص ١١٠ ، الهامش (٢) وما بين المعقوفين من المصدر.

١٢٩

أن قوّينا في المحمل أيضا الجواز اختيارا على تقدير التمكّن من استيفاء الأفعال والشرائط.

وأمّا خبر حمّاد ومضمرة عليّ : فمحمولان على ما إذا كانت الصلاة في السفينة في معرض الاختلال بشي‌ء من أجزائها وشرائطها ، كما يشهد بذلك مضمونهما.

هذا ، مع إمكان حمل الأمر والنهي الواردين فيهما على الاستحباب والكراهة ، فلا يصلحان لمعارضة الأخبار المتقدّمة التي كادت تكون صريحة في جوازها اختيارا.

ولذا ذهب غير واحد من المتأخّرين (١) إلى جوازها اختيارا حتّى مع استلزامها الإخلال بالقيام أو الاستقبال وغيرهما من الشرائط والأجزاء الاختياريّة ، وفاقا لظاهر المحكيّ عن بعض (٢) القدماء ؛ استنادا إلى إطلاق الأخبار المتقدّمة السالمة عمّا يصلح لتقييدها ، أو معارضتها ، بعد ضعف الخبرين الأخيرين سندا ، وإمكان حملهما على الكراهة والاستحباب ، بل يستشعر من بعضهم (٣) نسبته إلى الأصحاب حيث جعل فهمهم الإطلاق من تلك الروايات من مؤيّدات مذهبه.

ولكنّه لا يظنّ بأحد منهم ممّن أطلق القول بالجواز من غير تصريح بعمومه

__________________

(١) منهم : العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٤٣ ـ ١٤٤.

(٢) المقنع : ١٢٣ ـ ١٢٤ ، الوسيلة : ٨٦ ، نهاية الإحكام ١ : ٤٠٦ : تذكرة الفقهاء ٣ : ٣٤ ، المسألة ١٥٢ ، وحكاه عنهم الشهيد في الذكرى ٣ : ١٩٠.

(٣) لم نتحقّقه.

١٣٠

للفرض إرادته لهذه الصورة ، فإنّ المتبادر من القول بجوازها اختيارا أو المنع عنها كذلك إنّما هو إرادتها من حيث كونها صلاة في السفينة بلحاظ استلزامها حركة تبعيّة ناشئة من سير السفينة أو عدم استقرارها على الأرض ، دون العوارض الموجبة لعدم تمكّنه من فرائض الصلاة من القيام والركوع والسجود ونحوها.

وكيف كان فالأقوى اختصاص الجواز بصورة التمكّن من استيفاء الأجزاء والشرائط ، والأخبار المتقدّمة ـ بحسب الظاهر ـ ليست مسوقة إلّا لبيان أصل الجواز ، فلا إطلاق لها من هذه الجهة ، مع أنّ مغروسيّة اعتبار هذه الأمور في الأذهان وعدم جواز الإخلال بها مهما أمكن توجب صرف الإطلاق ـ على تقدير تسليمه ـ إلى ما إذا لم يستلزم خللا في الفعل.

اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّ اختلال شي‌ء منها من اللوازم العاديّة للصلاة في السفينة ، فلا يجوز على هذا التقدير صرف الإطلاق إلى إرادة حكمها من حيث هي ، كما عرفت ذلك عند التكلّم في دلالة الرواية النافية للبأس عن سؤر آكل الجيف ما لم تر في منقاره دما على طهارة بدن الحيوانات بزوال العين (١).

لكنّ الدعوى غير مسموعة ، بل الغالب التمكّن من فعلها تامّة الأجزاء والشرائط.

نعم ، بناء على اعتبار الجزم في النيّة في صحّة العبادة ـ أي الوثوق بسلامة العمل عن طروّ المنافي مع الإمكان ـ أمكن القول بسقوط شرطيّته في المقام بدعوى أنّ الغالب عدم الوثوق بذلك في السفينة السائرة خصوصا بالنسبة إلى الاستقبال لو لم نقل باتّساع الجهة للبعيد.

__________________

(١) راجع ج ١ ، ص ٣٥٩ وما بعدها.

١٣١

ولكنّك عرفت مرارا ضعف المبنى.

وربّما يشهد للقول بجوازها مطلقا ما عن الصدوق في الهداية مرسلا ، قال : سئل الصادق عليه‌السلام عن الرجل يكون في السفينة وتحضر الصلاة أيخرج إلى الشطّ؟ فقال : «لا ، أيرغب عن صلاة نوح؟» فقال : «صلّ في السفينة قائما ، فإن لم يتهيّأ لك من قيام فصلّها قاعدا ، فإن دارت السفينة فدر معها وتحرّ القبلة جهدك ، فإن عصفت الريح ولم يتهيّأ لك أن تدور إلى القبلة فصلّ إلى صدر السفينة ، ولا تجامع مستقبل القبلة ولا مستدبرها» (١).

وعن الفقه الرضوي : «إذا كنت في السفينة وحضرت الصلاة فاستقبل القبلة وصلّ إن أمكنك قائما ، وإلّا فاقعد إذا لم يتهيّأ لك فصلّ قاعدا ، وإن دارت السفينة فدر معها وتحرّ القبلة ، وإن عصفت الريح فلم يتهيّأ لك أن تدور إلى القبلة فصلّ إلى صدر السفينة ، ولا تخرج منها إلى الشطّ لأجل الصلاة» وروي «أنّك تخرج إذا أمكنك الخروج ولست تخاف عليها أنّها تذهب إن قدرت أن توجّه نحو القبلة ، وإن لم تقدر تلبث مكانك ، هذا في الفرض ، ويجزئك في النافلة أن تفتح الصلاة تجاه القبلة ثمّ لا يضرّك كيف دارت السفينة ؛ لقول الله تبارك وتعالى (فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) (٢) والعمل أن تتوجّه إلى القبلة وتصلّي على أشدّ ما يمكنك في القيام والقعرد ، ثمّ إن يكون الإنسان ثابتا في مكان أشدّ لتمكّنه في الصلاة من أن يدور لطلب القبلة» (٣). انتهى.

__________________

(١) الهداية : ١٤٨ ـ ١٤٩ ، وعنها في الحدائق الناضرة ٦ : ٤٢٠ ـ ٤٢١.

(٢) البقرة ٢ : ١١٥.

(٣) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه‌السلام : ١٤٦ ـ ١٤٧ ، وحكاه عنه البحراني في الحدائق الناضرة ٦ : ٤٢١.

١٣٢

ولكنّك خبير بأنّه لا يمكن إثبات مثل هذا الحكم ـ المخالف للأصل وإطلاقات أدلّة التكاليف ـ بمثل هذه الأخبار الضعيفة ، مع معارضتها بحسنة حمّاد ومضمرة عليّ إبراهيم ، المتقدّمتين (١) ، بل وبالمرسل المرويّ في الرضوي الذي هو أوثق من نفسه.

فالأقوى ما عرفت من اختصاص الجواز على تقدير التمكّن من الخروج بما إذا لم تستلزم الصلاة في السفينة الإخلال بشي‌ء من الشرائط والأجزاء الاختياريّة ، وإلّا فلا يجوز ، كما صرّح به غير واحد ، بل لعلّه هو المشهور.

ولو دخل في الصلاة عند تمكّنه من الخروج بزعم القدرة على استيفاء فرائضها فطرأ العجز عن ذلك ، رفع اليد عنها ، وصلّى في الخارج.

خلافا لبعض ، فأوجب المضيّ عليها ؛ نظرا إلى حرمة قطع الصلاة (٢).

وفيه : أنّ مقتضى إطلاق أدلّة الشرائط والأجزاء : انقطاع الصلاة عند الإخلال بها ، فلا يعمّها حينئذ أدلّة حرمة القطع ، مع أنّك تعرف ـ إن شاء الله ـ في أحكام الخلل (٣) أنّ الاستدلال بدليل حرمة القطع في مثل هذه الموارد في حدّ ذاته لا يخلو عن مناقشة.

نعم ، لو طرأ العجز عن استيفاء الأفعال بعد صيرورته عاجزا عن الخروج ، مضى في صلاته ؛ لتبدّل الموضوع حينئذ.

اللهمّ إلّا أن يكون في سعة الوقت ولم نقل بجوازها في السعة.

ولكنّه خلاف التحقيق.

__________________

(١) في ص ١٢٧ و ١٢٨.

(٢) لاحظ جواهر الكلام ٧ : ٤٣٨.

(٣) في «ض ١٦» والطبعة الحجريّة : «القواطع» بدل «الخلل».

١٣٣
١٣٤

(الثالث) (١) : في (ما يستقبل له).

(ويجب الاستقبال في فرائض الصلاة) أي الصلوات المفروضة مطلقا حتّى حال عدم التشاغل بشي‌ء من أجزائها أو الاشتغال بأجزائها المسنونة (مع الإمكان) كما يدلّ عليه الكتاب والسنّة ، بل لعلّه من ضروريّات الدين فضلا عمّا ادّعي عليه من إجماع المسلمين.

ولا فرق فيها بين اليوميّة وغيرها حتّى صلاة الجنازة ، ولا بين الأدائيّة والقضائيّة والسفريّة والحضريّة.

ويلحق بها ركعات الاحتياط والأجزاء المنسيّة.

أمّا الثانية : فلأنّ الإتيان بها بعد الصلاة إنّما شرّع تداركا لما فات ، فلا ينسبق من دليلها إلّا إرادة الإتيان بها على حسب ما كانت مشروعة في محلّها.

وأمّا الأولى : فمع قطع النظر عن أنّها في حدّ ذاتها صلاة واجبة ، فيعمّها إطلاق معاقد الإجماعات المحكيّة في المسألة ، وغيرها ممّا يدلّ على شرطيّة

__________________

(١) أي الموضع الثالث.

١٣٥

الاستقبال في الصلاة ممّا سنشير إليه ، أنّ المستفاد من أدلّتها أنّ الشارع قد راعى فيها جهة الجزئيّة للصلاة التي احتمل نقصها ، بل قد يظهر من بعض تلك الأدلّة أنّه قد لحظها جزءا من الفريضة على حسب ما يقتضيه الأصل ، ولكنّ الشارع جعلها مستقلّة من باب الاحتياط صونا للفريضة عن الاختلال بالزيادة على تقدير تماميّتها وإن كان التقدير مخالفا للأصل.

والحاصل : أنّ جهة الجزئيّة مرعيّة فيها ، كما يشعر بذلك تسميتها صلاة الاحتياط ، وهي مقتضية لإلحاقها بالفريضة من حيث الشرائط ، كما لا يخفى.

ويلحق بها أيضا الفريضة التي يعيدها احتياطا ؛ لاحتمال خلل فيها ، أو يأتي بها بعد خروج الوقت ؛ لاحتمال فوتها في الوقت ، أو نحو ذلك.

وكذا ما يعيدها نفلا لإدراك فضيلة الجماعة ، أو خصوصيّة أخرى نحوها ممّا ورد الأمر بإعادة الصلاة المحكوم بصحّتها شرعا بملاحظتها ، كما هو غير عزيز في أخبار أهل البيت عليهم‌السلام.

أمّا ما يأتي به احتياطا : فوجهه واضح ؛ إذ لا احتياط إلّا على تقدير الإتيان بها على حسب ما كانت مشروعة بالذات.

وأمّا ما يعيدها نفلا : فهو أيضا كذلك ؛ إذ لا ينسبق إلى الذهن من الأمر الاستحبابي المتعلّق بإعادة الفريضة إلّا إرادة استئناف تلك الطبيعة الخاصّة التي كانت متعلّقة للأمر الوجوبي على النحو الذي كانت واجبة عليه.

والظاهر أنّ الفريضة التي يتطوّع بها الصبي أيضا ملحق (١) بالفريضة وإن

__________________

(١) الظاهر : «ملحقة».

١٣٦

قلنا بشرعيّة عبادته وكونها نافلة (١) ، كما يوضّح ذلك ما أسلفناه في مبحث المواقيت عند البحث عن صحّة صلاته لو بلغ في الأثناء ، فراجع (٢).

وأمّا صلاة العيد المحكوم باستحبابها عند اختلال شرط الوجوب : ففي إلحاقها بالفريضة تردّد : من أنّها على هذا التقدير نافلة بالأصالة ، كالحجّ من غير المستطيع ، فيعمّها إطلاق الأخبار الآتية الدالّة على جواز النافلة ماشيا وراكبا من غير استقرار واستقبال لا لضرورة ، ومن أنّ الظاهر أنّها بعينها هي الطبيعة المحكومة بالوجوب ، المشروطة بالاستقرار والاستقبال عند اجتماع شرطه ، فلا يبعد دعوى انصراف إطلاق الأخبار عنها بهذه الملاحظة ، كانصرافها عن الفريضة التي يتطوّع بها الصبي ، فليتأمّل.

والصلاة الواجبة بنذر وشبهه غير ملحقة بالفريضة على الأشبه ، بل هي تابعة في ذلك لقصد الناذر ، كما يظهر وجهه ممّا بيّنّاه فيما تقدّم عند التكلّم في جواز الإتيان بالنافلة المنذورة على الراحلة ، فراجع (٣).

(و) يجب الاستقبال أيضا (عند الذبح) والنحر كما تسمعه في محلّه إن شاء الله (وبالميّت عند احتضاره ودفنه) كما تقدّم (٤) الكلام فيه وفي كيفيّته في أحكام الأموات (و) عند (الصلاة عليه) كما تقدّمت الإشارة إليه آنفا (٥) ويأتي تفصيله إن شاء الله.

__________________

(١) في «ض ١٤ ، ١٦» زيادة : «له».

(٢) ج ٩ ، ص ٣٦٠.

(٣) في ص ١٠٩.

(٤) في ج ٥ ، ص ١٤ و ٣٩٥.

(٥) في ص ١٣٥.

١٣٧

(وأمّا النوافل) فلا يشترط فيها الاستقبال ، كما لا يشترط فيها الاستقرار ، فيجوز فعلها لغير القبلة اختيارا ماشيا وراكبا في السفر بلا خلاف فيه على الظاهر ، بل عن المعتبر دعوى الوفاق عليه (١) ، وفي الحضر أيضا على المشهور ، خلافا للمحكيّ عن ابن أبي عقيل (٢) ، بل مطلقا ولو في غير حال المشي والركوب على ما يظهر من المتن ، وفاقا للمحكيّ عن جملة من قدماء الأصحاب ومتأخّريهم (٣) ، بل عن الذكرى نسبته إلى كثير منهم (٤).

ومستند الحكم أخبار كثيرة :

منها : صحيحة الحلبي ـ المرويّة عن الكافي والتهذيب ـ أنّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن صلاة النافلة على البعير والدابّة ، فقال : «نعم حيث كان متوجّها» قال : فقلت : أستقبل القبلة إذا أردت التكبير؟ قال : «لا ، ولكن تكبّر حيثما كنت متوجّها ، وكذلك فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله» (٥).

وفي الحدائق بعد نقل الصحيحة قال : وقوله : «قال : فقلت ـ إلى قوله ـ : متوجّها» في رواية الكافي دون التهذيب ، وأكثر الأصحاب في الكتب الاستدلاليّة ومنهم : صاحب المدارك ربما نقلوا الرواية من طريق الشيخ ، وعبارته خالية من هذه الزيادة (٦). انتهى.

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٧٥ ـ ٧٦ ، وحكاه عنه العاملي في مدارك الأحكام ٣ : ١٤٧.

(٢) حكاه عنه العلّامة الحلّي في مختلف الشيعة ٢ : ٩٠ ، المسألة ٣٤.

(٣) راجع : مفتاح الكرامة ٢ : ٩٨.

(٤) الذكرى ٣ : ٨٦ ، وحكاه عنه العاملي في مفتاح الكرامة ٢ : ٩٨.

(٥) الكافي ٣ : ٤٤٠ / ٥ ، التهذيب ٣ : ٢٢٨ / ٥٨١ ، وعنهما في الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ٦ و ٧.

(٦) الحدائق الناضرة ٦ : ٤٢٤.

١٣٨

وصحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج عن أبي الحسن عليه‌السلام في الرجل يصلّي النوافل في الأمصار وهو على دابّته حيث توجّهت به ، فقال : «نعم لا بأس» (١).

ورواه الصدوق بإسناده عنه عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢).

وصحيحة حمّاد بن عثمان عن أبي الحسن الأوّل عليه‌السلام في الرجل يصلّي النافلة على دابّته في الأمصار ، قال : «لا بأس» (٣).

ورواية صفوان الجمّال ، قال : كان أبو عبد الله عليه‌السلام يصلّي صلاة الليل بالنهار على راحلته أينما توجّهت (٤).

وخبر إبراهيم الكرخي عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : قلت له : إنّي أقدر على أن أتوجّه إلى القبلة في المحمل؟ قال : «ما هذا الضيق؟ أما لك برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أسوة؟» (٥).

وصحيحة حمّاد بن عيسى ـ المرويّة عن قرب الإسناد ـ قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : «خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله إلى تبوك فكان يصلّي صلاة الليل على راحلته حيث توجّهت به ، ويومئ إيماء» (٦).

وعن كشف الغمّة نقلا من كتاب الدلائل لعبد الله بن جعفر الحميري عن فيض بن مطر ، قال : دخلت على أبي جعفر عليه‌السلام وأنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل في المحمل ، قال : فابتدأني فقال : «كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي على راحلته حيث

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٣٠ / ٥٩١.

(٢) الفقيه ١ : ٢٨٥ / ١٢٩٨ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ١.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٢٩ / ٥٨٩ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ١٠.

(٤) التهذيب ٢ : ١٥ / ٤١ ، الوسائل ، الباب ٢٦ من أبواب أعداد الفرائض ، ح ٣.

(٥) الفقيه ١ : ٢٨٥ / ١٢٩٥ ، التهذيب ٣ : ٢٢٩ / ٥٨٦ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ٢.

(٦) قرب الإسناد : ١٦ / ٥١ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ٢٠.

١٣٩

توجّهت به» (١).

وحسنة معاوية بن عمّار عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : «لا بأس أن يصلّي الرجل صلاة الليل في السفر وهو يمشي ، ولا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو يمشي يتوجّه إلى القبلة ثمّ يمشي ويقرأ ، فإذا أراد أن يركع حوّل وجهه إلى القبلة وركع وسجد ثمّ مشى» (٢).

وصحيحة يعقوب بن شعيب ، قال : سألت أبا عبد الله عليه‌السلام عن الرجل يصلّي على راحلته ، قال : «يومئ إيماء يجعل السجود أخفض من الركوع» قلت : يصلّي وهو يمشي؟ قال : «نعم يومئ إيماء ، وليجعل السجود أخفض من الركوع» (٣).

وعن أمالي ولد الشيخ بإسناده عن عمرو بن دينار عن ابن عمر ، قال : كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي على راحلته حيث توجّهت به (٤).

وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام في الرجل يصلّي النوافل في السفينة ، قال : «يصلّي نحو رأسها» (٥).

وخبره الآخر ـ المرويّ عن تفسير العيّاشي ـ قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : الصلاة في السفر في السفينة والمحمل سواء؟ قال : «النافلة كلّها سواء تومئ إيماء أينما توجّهت دابّتك وسفينتك» إلى أن قال : قلت : فأتوجّه نحوها ـ أي نحو

__________________

(١) كشف الغمّة ٢ : ١٣٨ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ٢٢.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٢٩ / ٥٨٥ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب القبلة ، ح ١.

(٣) الكافي ٣ : ٤٤٠ / ٧ ، الوسائل ، الباب ١٦ من أبواب القبلة ، ح ٤.

(٤) الأمالي ـ للطوسي ـ : ٣٩٩ / ٨٨٨ ـ ٣٦ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب القبلة ، ح ٢٤.

(٥) الفقيه ١ : ٢٩٢ / ١٣٢٦ ، الوسائل ، الباب ١٣ من أبواب القبلة ، ح ٢.

١٤٠