مجموعة فتاوى ابن الجنيد

الشيخ علي پناه الاشتهاردي

مجموعة فتاوى ابن الجنيد

المؤلف:

الشيخ علي پناه الاشتهاردي


الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: ١
الصفحات: ٣٨٤

دينا على مولاهنّ ولا مال له سوى ذلك ، وبه قال ابن الجنيد ، وابن البرّاج ، وابن حمزة ، وابن إدريس. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٤٧ ).

مسألة ٢ : الأقرب أنّه لا فرق في ذلك بين أن يكون السيّد حيّا أو ميّتا ، ونصّ عليه ابن الجنيد ، فقال : وكذلك حالها في حياة سيّدها ، وهو الظاهر من كلام الشيخين. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٤٧ ).

مسألة ٣ : إذا مات السيّد جعلت في نصيب ولدها وعتقت عليه ، فان لم يكن له مال سواها قال الشيخ في النهاية : كان نصيب ولدها منها حرّا واستسعته في الباقي لمن عدا ولدها من الورثة ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو مات السيّد وخلّف مالا يستحقّ ولدها بنصيبه منها امّه ، ولا كان له من المال ما يؤدّي عنها قيمة ذلك وكان الولد صغيرا انتظر بها الى أن يكبر ، فإن أدّى حقوق باقي الورثة من قيمتها أو أدّته هي بكدّها عتقت ، وان مات ابنها قبل ذلك كان نصيب ابنها منها حرّا ، وما بقي ، للورثة إن شاءوا أعتقوا ، وان شاءوا أرقّوا. ( المختلف : ص ٦٤٧ ).

مسألة ٤ : إذا مات السيّد عتقت من نصيب ولدها وتنعتق عليه ، فان لم يكن هناك غيرها انعتق نصيب ولدها واستسعت ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وإنّما تعتق عندنا إذا كان لها ولد فمات سيّدها وقد خلّف ما يستحقّه ولدها بنصيبه من ميراث والده أو يستحقّ بعضها فيؤدّي بقيمة قيمتها لقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله : من ملك ذا رحم فهو حرّ (١). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٤٧ ـ ٦٤٨ ).

__________________

(١) عوالي اللآلي : ج ٣ ص ٤٣٩ ، ولاحظ ذيله.

٣٠١

كتاب الأيمان وتوابعها

وفيه فصول :

الفصل الأوّل

في الأيمان

مسألة ١ : المشهور بين علمائنا أنّه لا ينعقد اليمين بغير الله تعالى وأسمائه من الرسل المشرّفة ، والأماكن المقدّسة والكتب المعظّمة كقوله : وحقّ رسول الله ، وحقّ الكعبة ، والقرآن ، وقال ابن الجنيد : الأيمان الموجبة للكفّارة لا تنعقد إلّا أن يكون الحالف حالفا بالله أو باسم من أسمائه التي لا يسمّى بها أحد سواه ، وأن يريد الحالف ، الله عزوجل بالاسم الذي لا يجوز به لغير الله تعالى كالسميع والبصير ثمّ قال بعد كلام طويل :

ولا بأس أن يحلف الإنسان بما عظّم الله تعالى من الحقوق ، لأنّ ذلك من حقوق الله عزوجل كقوله : وحقّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وحقّ القرآن ونهى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله عن الحلف بغير الله أو أن يحلفوا بآبائهم ، فيحتمل أن يكون لأنّ آبائهم كانوا يشترطون فيها من تعظيم ما كان يحلفون به ويشركون به كاللات والعزّى وما كان

٣٠٢

مشركا ، لأنّه لا يعظّم المشرك إلّا المشرك ( الى أن قال ) :

احتجّ ـ يعني ابن الجنيد رحمه‌الله ـ بما رواه عمر بن يزيد عن الصادق عليه‌السلام قال : سألته عن حلف الرجل بالعتق بغير ضمير على ذلك ، فقال : من حلف بذلك فقد رضي فهو لازم له فيما بينه وبين الله تعالى وليس ذلك على المستكره (١). ( المختلف : ص ٦٤٩ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في النهاية : ومن حلف ألّا يشرب من لبن عنز له ولا يأكل من لحمها وليس به حاجة الى ذلك لم يجز له شرب لبنها ولا لبن أولادها ولا يأكل من لحومهنّ ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وان حلف أن لا يأكل لحم عنز ولا يشرب من لبنها لم يأكل لهم (٢) ما أنتجت ولا يشرب من لبنه وتبعهما ابن البرّاج في الكامل. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٠ ).

مسألة ٣ : قال الشيخ في المبسوط : إذا حلف لا أدخل بيتا لم يحنث بالدهليز ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : لو حلف أن لا يظلّه سقف بيت فدخل صفته حنث ولو مشى تحت ساباط على طريق مسلوك لم يحنث. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥١ ).

مسألة ٤ : قال الشيخ في المبسوط : إذا حلف لا يفعل فعلا فأمر غيره بفعله عنه بأمره مثل أن يحلف لا تزوجت ، ولا طلّقت ولا بعت ، ولا اشتريت ، ولا ضربت عبدي ، فإذا فعله غيره بأمره فإن كان الحالف يلي أموره بنفسه كإفتاء الناس لم يحنث ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو حلف أن لا يبيع شيئا ولا يشتريه فأمر من باعه واشتراه لم يحنث إلّا أن يكون له نيّة في العين ( الغير ، خ ل ). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٢ ).

مسألة ٥ : قال الشيخ في المبسوط : إذا حلف لا يأكل شحما ، فالشحم هو الذي يكون في الجوف من شحم الكلي أو غيره ، فإن أكل منه حنث ( الى أن قال ) : وقال

__________________

(١) الوسائل : ج ١٦ ص ٤٠ باب ١٤ من كتاب الأيمان والنذور حديث ٨ ، وفيه : « محمد بن عذافر » بدل « عمر بن يزيد ».

(٢) كذا في النسخ.

٣٠٣

ابن الجنيد : ومن حلف ألا يأكل شحما من غير نيّة أفراده من اللحم كان الاحتياط له تركهما جميعا من غير حيوان واحد أو اثنين. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٤ ).

مسألة ٦ : قال الشيخ في الخلاف : إذا حلف لا يأكل رطبا فأكل المنصف وهو الذي نصفه رطب ونصفه بسر ، أو حلف أن لا يأكل بسرا فأكل المنصف حنث ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو حلف أن لا يأكل بسرا أو أن لا يأكل رطبا فأكل مذنبا لم يبرّ. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٤ ).

مسألة ٧ : قال الشيخ في المبسوط والخلاف : إذا حلف لا يتكلّم فقرأ القرآن لم يحنث ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ومن حلف أن لا يتكلّم فقرأ أو سبّح الله أو سأله رغبة اليه أو استعاذ به فرقا من عقابه أو أذّن أو أقام لفرضه لم يحنث. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٤ ).

مسألة ٨ : المشهور أنّه لا ينعقد اليمين بقول الرجل يا هنّاه ونصّ عليه الشيخ وقال ابن الجنيد : وكلّ ما كان معروفا عند العرب انّه مراد به الله كقولهم : وايم الله ، ولعمر الله ، ولاة الله فجائز الحلف بذلك وكذلك قولهم يا هنّاه ويا هناه وانمّا هو طلب الأسلم وفي حديث أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما‌السلام أنّه لا بأس به (١). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٥ ).

مسألة ٩ : إذا حلف أن لا يضربه فآلمه بخفق أو قرض أو عضّ قال ابن الجنيد : حنث. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٥ ).

مسألة ١٠ : قال ابن الجنيد : لو حلف أن لا يشرب خمرا فشرب مسكرا أو فقّاعا حنث ، والوجه عدمه للتغاير. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٥ ).

مسألة ١١ : قال الشيخ في المبسوط : إذا حلف ليأكلنّ الطعام غدا فهلك الطعام غدا بعد أن قدر على أكله ، منهم من قال : يحنث ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : من حلف أن يفعل فعلا لا يمكنه إمّا بأنّه لا يستطيعه أو لأنّه في الأصل ممتنع أو

__________________

(١) راجع الوسائل : باب ٣٠ من كتاب الأيمان ولا سيّما حديث ٤ منه ج ١٦ ص ١٦٠.

٣٠٤

لأنّه حدث فيه أو في الحالف من غير اختياره بعد اليمين ما منع من وجود الفعل لم يحنث في يمينه ، ولو وقّت للفعل وقتا فخرج آخر الوقت ولم يفعله وقد كان أمكنه أن يفعله قبل حدوث ما وقع كونه كان الاحتياط له أن يكفّر عن يمينه وليس بواجب ، وكذلك لو لم يجعل للفعل وقتا يفعله اليه إلّا أنّه قد أمكنه فلم يفعله الى أن تعذّر ذلك الفعل. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٧ ).

الفصل الثاني

في النذر

مسألة ١ : قال شيخنا المفيد : من نذر أن يحجّ ماشيا أو يزور كذلك فعجز عن المشي فليركب ولا كفّارة عليه ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو جعل النذر لله أن يحجّ ماشيا مشى من حيث نذر الى أن يطوف طواف الفريضة الأخير ولو زار راكبا مشى إذا انفرد ، ولو بلغ جهده من المشي فركب أو كان نذره حافيا فتعب لم يكن عليه شي‌ء وقد أمر النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا نذر أن يمشي في حجّ أن يركب وقال : الله عزوجل غنّي عن تعذيب هذا نفسه ولم يأمره بكفّارة (١). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٥٩ ).

مسألة ٢ : لو نذر أن يصوم اليوم الذي يقدم فيه زيد فقدم ليلا لم ينعقد نذره إجماعا ، وان قدم نهارا ، قال الشيخ في الخلاف : لا نصّ لأصحابنا فيه ( الى أن قال ) :

وقال ابن الجنيد : ومن نذر أن يصوم يوم يقدم فلان فقدم في بعض أجزائه صام ذلك اليوم وإن لم يكن بيّت الصيام من الليل والاحتياط له ، صيام يوم مكانه فيقدّم ( فيتقدّم ، خ ل ) فيه نيته على كلّ حال ، ولا يختار له فطر ذلك اليوم إذا لم يكن أحدث في أوّله ما يفطر الصائم ، وإن قدم ليلا لم يلزم النذر ( الى أن قال ) :

واحتجّ ابن الجنيد بأنّه يوم يمكنه صومه بأن يعلم انّ فلانا يقدم فيه قبل قدومه فينوي صومه من الليل فانعقد نذره فيه كما لو نذر يوما مطلقا ، ولأنّه قد

__________________

(١) الوسائل : ج ٨ ص ٦١ باب ٣٤ من أبواب وجوب الحج حديث ٨ ولاحظ سائر أخبار الباب.

٣٠٥

يوجد سبب وجوب الصوم في زمان لا يمكنه فعله فيه كالحائض والمريض ، ولأنّه إذا برء المريض في أثناء النهار قبل الزوال أو قدم المسافر كذلك ولم يتناولا المفطر ، فإنّه يجب عليهما إكمال الصوم وينويان حينئذ ويجزئهما وتكون نيتهما مؤثّرة في الزمان المتقدّم عليهما ، وكذا لو أصبح بنية الإفطار يوم الشك ثمّ ثبت الهلال قبل الزوال ، وكذا صوم النافلة تجدّد النية قبل الزوال ، وكذا إذا كان محل النية هو ما قبل الزوال أمكن صوم هذا اليوم ، فيصحّ انعقاده وهو الأقوى عندي. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦١ ).

مسألة ٣ : قال الشيخ في المبسوط : إذا نذر أن ينحر بمكّة ـ ولم يزد على هذا ـ قال قوم : يلزمه النحر والتفرقة معا بها ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ومن نذر هديا لله فالهدي من الثمانية الأزواج ، فإن سمّاه لزمه هديه وينحره وان سمّى المكان الذي ينحر أو يذبح فيه أجزأه أن يفعل ذلك فيه. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦١ ـ ٦٦٢ ).

مسألة ٤ : قال الشيخ في المبسوط : إذا نذر أن يهدي انعقد نذره ويهدي الى الحرم ويفرّقه في مساكين الحرم ، لأنّه الذي يحمل الإطلاق عليه والهدي المشروع ما كان الى الحرم ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ومن نذر هديا لله تعالى فالهدي من الثمانية الأزواج ولو قال : غلامي أو جاريتي هدي فلم يقدر على أن يحجّ به ، باعه واشترى بثمنه ( بقيمته ، خ ل ) طيبا للكعبة ولو كان من الحيوان غير الانسي أو الثمانية الأزواج فلم يلزمه شي‌ء ، ولو قال : الثني من الثمانية الأزواج بعد ما ذبح : هو هدي لم يكن هدي لأنّ الهدي هو ما يكون حيّا منها فيذبح بمنى ، وكذا لو قال : الطعام أو نحوه ( الى أن قال ) : والكلام في هذه المسألة يقع في موضعين ( الى أن قال ) : والثاني لو عيّن الطعام لم ينعقد نذره عند ابن الجنيد وابن البرّاج وابن إدريس وبه قال ابن أبي عقيل. ( المختلف : ص ٦٦٢ ).

مسألة ٥ : قال ابن الجنيد : لو نذر عتق عبده إن قدم فلان غدا لم يكن مانعا من بيع عبده اليوم ، ولا يلزمه البدل منه ، إذا قدم فلان غدا ، ولا يختار له فسخ نذره الذي جعله لله بذلك ، ولا بأس بهذا القول. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٣ ).

٣٠٦

الفصل الثالث

في الكفارات

مسألة ١ : ذهب السيّد المرتضى الى أنّ من تزوّج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم بذلك انّ عليه أن يفارقها ويتصدّق بخمسة دراهم ورواه ابن الجنيد عن أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٥ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في النهاية : وإذا أراد أن يطعم المساكين فليطعم لكلّ مسكين مدّين من طعام فان لم يقدر على ذلك أطعم لكلّ واحد منهم مدّا من طعام ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وهو مخيّر بين أن يطعم المساكين ولا يملّكهم ، وبين أن يعطيهم ما يأكلونه فإذا أراد أن يطعمهم دون التمليك غدّاهم وعشّاهم في ذلك اليوم ، وإذا أراد تمليك المساكين الطعام أعطى كلّ إنسان منهم مدّ وزيادة عليه بقدر ما يكون لطحنه وخبزه وإدامة. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٦ ).

مسألة ٣ : قال الشيخ في النهاية : ومتى أراد كسوتهم فليعط كلّ واحد منهم ثوبين يواري بهما جسده ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وإذا أراد أن يكفّر بالكسوة كان الأحوط عندي أن يكسو المرأة ثوبين درع وخمار وهو ما يجزيها فيهما الصلاة ، ولا بأس أن يكون للرّجل ثوب يجزيه في مثله الصلاة ، ولا يجزي ما دون ذلك كمئزر وخمار مفرد للمرأة. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٦ ).

تذنيب

ظاهر كلام علمائنا عدم الفصل بين الرجل والمرأة ، وابن الجنيد فصل وأوجب للمرأة درع وخمار (١). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٦ ).

مسألة ٤ : قال الشيخ في النهاية : ومتى أراد أن يعتق رقبة فليعتق من ظاهره ظاهر الإسلام أو بحكم الإسلام ذكرا كان أو أنثى صغيرا كان أو كبيرا ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وإذا أراد التكفير بالعتق فالذي يستحبّ له أن يعتق رقبة

__________________

(١) هكذا في المختلف والصواب درعا وخمارا بالنصب.

٣٠٧

بالغة مؤمنة سليمة من العيوب في البدن والعقل ، وأمّا في كفّارة القتل فلا يجوز غير المؤمنة المقرّة بالنصّ من الله عزوجل ، وأمّا في غير كفّارة القتل فيجزي الرضيع المولود إذا قام به المعتق الى أن يستغني بنفسه ، وقال في باب الكفّارات : ولا يجزي الذمّي ( الى أن قال ) : وقول ابن الجنيد : إنّه إذا أعتق صغيرا كان عليه القيام به إنّ قصد الوجوب فهو ممنوع ، وإن قصد الاستحباب فهو مسلّم.

احتجّ ـ يعني ابن الجنيد ـ بأنّ النفقة قبل العتق واجبة عليه ، وبإعتاقه سقط وجوب النفقة عنه ، وذلك يؤدّي الى تضرّر العبد لعجزه عن القيام بنفسه.

وما رواه ابن محبوب ـ في الصحيح ـ قال : كتبت الى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام وسألته عن رجل يعتق غلاما صغيرا أو شيخا أو من به زمانة لا حيلة له ، فقال : من أعتق مملوكا لا حيلة له فان عليه أن يعوّله حتّى يستغني عنه وكذلك كان علي عليه‌السلام يفعل إذا أعتق الصغار ومن لا حيلة له (١). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٧ ).

مسألة ٥ : قال شيخنا المفيد : ولا يكون في جملتهم صبيّ صغير ، ولا شيخ كبير ولا مريض ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا يكون في العشرة مساكين مريض ولا صبيّ ولا كبير يضعف عن الأكل وان كان أطعمه وزوّده قدر ما يأكل الرجل الصحيح جاز وفي بعض الحديث : يطعم صغيرين بكبير (٢). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٨ ).

مسألة ٦ : يجوز عتق ولد الزنا في الكفّارة وهو المشهور بين علمائنا ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا يجزي عتق ولد الزنا قصدا ، لقوله تعالى ( وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٦٩ ).

مسألة ٧ : المشهور أنّه يجزي إعتاق ناقص الخلقة في الكفّارة إذا لم يوجب النقص العتق كالعمى والإقعاد ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا يجزي عتق ولد الزنا قصدا ولا الناقص في خلقه ببطلان الجارحة إذا لم يكن في البدن سواها

__________________

(١) الوسائل : ج ١٦ ص ١٧ باب ١ من كتاب العتق حديث ١.

(٢) الوسائل : ج ١٥ ص ٥٧٠ باب ١٧ من أبواب الكفّارات حديث ١.

٣٠٨

كالخصيّ والأصمّ والأخرس ، وإن كان أشلّ من يد واحدة أو أقطع منها جاز. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٠ ).

مسألة ٨ : قال الشيخ في النهاية والخلاف : عتق أمّ الولد جائز في الكفّارات واستدلّ بأنّه قد ثبت جواز بيعها عندنا فيثبت جواز عتقها لأنّ أحدا لم يفرّق وبه قال ابن الجنيد. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٠ ).

مسألة ٩ : المشهور أنّه لا ولاء في العتق الواجب كالنذر والكفّارة. وقال ابن الجنيد : لو وجد غيره يعتق عنه إمّا بعوض أو غير عوض متطوّعا بذلك أجزأه فيما وجب عليه من الكفّارة ، وإن كان بعوض كان ولاؤه له. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٠ ).

مسألة ١٠ : قال الشيخ في المبسوط : إذا كان العبد بين شريكين فأعتقه أحدهما ، فإن كان موسرا نفذ عتقه في نصيبه وقوّم عليه نصيب شريكه وإعتاقه في حقه ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا يجزي عندي أن يعتق الشقص وإن كان مأخوذا بأداء قيمة حقّ شريكه ، لأنّ ذلك عتق بغير قصد منه ، بل بالسنّة عليه. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٠ ـ ٦٧١ ).

٣٠٩

كتاب الصيد وتوابعه

وفيه فصول :

الأوّل

في أحكام الصيد

مسألة ١ : قال الشيخ في المبسوط والخلاف : لا تحلّ التذكية بالسنّ ولا بالظفر سواء كان منفصلا أو متّصلا بلا خلاف ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا ذكاة إلّا بالحديد إذا أمكن ، فان لم يقدر على الحديد أجزأه إذا أفرى الأوداج وقطع الحلقوم أو أنهر الدم من لبّة (١) البعير ولو فعل ذلك بالحجر والمروة والقصب والعود ونحو ذلك ممّا ليس من الحيوان كالسنّ والعظم والظفر والقرن. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٢ ـ ٦٧٣ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في النهاية : إذا أخذ الكلب المعلّم صيدا فأدركه صاحبه حيّا وجب أن يذكيه ، فان لم يكن معه ما يذكّيه فليتركه حتّى يقتله ، ثمّ ليأكل إن

__________________

(١) واللبّة بفتح اللام والتشديد ، المنحر وموضع القلادة والجمع لبّات كحبّة وحبّات. ( مجمع البحرين ).

٣١٠

شاء ، ونحوه قال ابن الجنيد والصدوق. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٤ ).

مسألة ٣ : قال الشيخ في النهاية : وإن أصاب الصيد سهم فتدهده من جبل أو وقع في الماء ثمّ مات لم يجز أكله ، لأنّه لا يأمن أن يكون قد مات في الماء أو من وقوعه من الجبل.

وقال ابن إدريس : إن صيّره السهم في حكم المذبوح بأن قطع الحلقوم والمري والودجين أو جميع الرقبة ما خلا الجلد أو أبان السهم حشوته وما أشبه ذلك فلا بأس بأكله ( الى أن قال ) : وابن الجنيد أيضا نبّه على ذلك فقال : إذا جرح الصائد الصيد بسهم أو غيره واليقين ( المتيقّن ، خ ل ) أو الأغلب بأنّه لا بقاء له بعد ما أصابه وكان قد سمّى الله عزوجل عند فعله ذلك فتحامل الصيد الى أن يغيب عن صاحبه ثمّ وجده الصائد ميّتا ولا أثر عليه من حال يتلف مثلها غير فعله ووجده غير مأكول منه أكل سبع ولا في وهدة حلّ أكله. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٤ ).

مسألة ٤ : أطلق علماؤنا إباحة أكل ما يقتله الكلب المعلّم ، وقال ابن الجنيد : وسواء كانت الكلاب سلوقيّة أو غيرها إذا كانت ممّا علّمها المسلمون ما لم يكن أسود بهيما فإنّ الرواية عن أمير المؤمنين عليه‌السلام انّه لا يؤكل صيده ، وقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بقتله ، وهو قول ابن النخعي ( لنا ) عموم إطلاق الأحاديث والرواية التي نقلها لم تثبت عندنا. ( المختلف : ص ٦٧٥ ).

مسألة ٥ : المشهور أنّ الكلب يصير معلّما بما قاله الشيخ في المبسوط والخلاف : وهو ثلاث شرائط ( أحدها ) إذا أرسله استرسل و ( ثانيها ) إذا زجره انزجر و ( ثالثها ) أن لا يأكل ما يمسكه ويتكرّر هذا منه دفعات حتّى يقال في العادة انّه قد تعلّم ، وقال ابن الجنيد : والتعليم الذي يحلّ به ذلك أن يكون الكلب يفعل ما يريد صاحبه فيطلب الصيد إذا اشلاه (١) وينعطف عليه إذا زاغ من بين يديه ،

__________________

(١) الشلل بالتحريك فساد في اليد ( الى أن قال ) : وشللت الثوب من باب قتل خطته خياطة خفيفة وشللت الإبل أشلها مثلا إذا طردّتها فانشلّت. ( مجمع البحرين ).

٣١١

ويمسكه له. وإذا جاءه ليأخذه منه لم يحمل الصيد ويهرب منه أو يحميه عنه بالهرير عليه ، فاذا كان كذلك ، فقد حلّ أكل ما مات في يده من الصيد بقبضه عليه بفيه أو بيده ، فإن أكل منه قبل أن تخرج نفس الصيد لم يحلّ أكل باقيه وإن كان أكله منه بعد أن خرجت نفس الصيد جاز أكل ما بقي منه من قليل أو كثير. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٥ ).

مسألة ٦ : قال الشيخ في المبسوط : إذا أرسل آلته ، كلبا كان أو سلاحا فعقر الصيد ثمّ أدركه وفيه حياة مستقرّة ففيه ثلاث مسائل ثمّ قال : الثالثة ، أدركه وفيه حياة مستقرّة لكنّه في زمان لم يتّسع لذبحه فإنّه يحلّ أكله ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو لحق البهيمة بما مثله تموت أو تركت فلحق ذكاتها وخرج الدم مستويا أو تحرّكت أو بعض أعضائها بعد خروج الدم حلّ أكلها ، وكذلك لو عضها ( قطعها ، خ ل ) السبع فان كان بعض أعضائها قد أبانه من موضعه فتعلّق بجلده أو نحوه كرهت أكله. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٦ ).

مسألة ٧ : المشهور عند علمائنا انّ الاعتبار بالمرسل لا المعلّم فلو علّم الكلب المجوسيّ وأرسله المسلم حلّ ما قتله دون العكس واختاره الشيخ في الخلاف واستدلّ عليه بإجماع الفرقة وأخبارهم وقال في المبسوط : وانّ علمه المجوسي فاستعاره المسلم أو غصب فاصطاد به حلّ أكله ، وقال بعضهم لا يحلّ وهو الأقوى عندي.

وابن الجنيد قال أوّلا كلاما يوهم ما قاله الشيخ في المبسوط ثمّ صرح بما قاله في الخلاف ، قال : وقوله تعالى ( فَكُلُوا مِمّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ) (١) يبيح أكل ما قتله الكلب الذي تولّى المسلمون تعليمه وسواء كانت الكلاب سلوقية أو غيرها إذا كانت علّمها المسلمون ما لم يكن أسود بهيما. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٦ ).

__________________

(١) المائدة : ٤.

٣١٢

الفصل الثاني

فيما يباح أكله من الحيوان وما يحرم

مسألة ١ : قال الشيخ في النهاية : واستبراء الجلّال من البقر بعشرين يوما والشاة بعشرة أيّام ( الى أن قال ) :

وقال ابن الجنيد : والجلّال من سائر الحيوان مكروه أكله ، وكذلك شرب ألبانها والركوب عليها ، وهي التي تأكل العذرة ، فإن نظفت بأن حبس عن ذلك وتعلّفت المحلّل من الأغذية رجعت الى التحليل.

وقد روي : انّ رجوع الإبل بعد أربعين يوما ، والبقرة بعد ثلاثين يوما ، والشاة بعد أربعة عشر يوما ، والبطّة بعد خمسة أيّام ، والدجاجة بعد ثلاثة أيّام.

وما يأكل منها المحرّم كذلك وقد قيل : إنّ بالبصرة ( البصرة ، خ ل ) سمكا يراعي العذرة.

وقال يونس في حديث الرضا عليه‌السلام : بعد يوم وليلة أي إذا أخذ حيّا جعل في ماء يوما وليلة ثمّ يخرج ، فاذا مات أكل (١). ( المختلف : ص ٦٧٦ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في النهاية : وأمّا حيوان البحر فلا يستباح أكل شي‌ء منه إلّا السمك خاصّة والسمك يؤكل منه ما كان له فلس ويجتنب ما ليس له فلس ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا يؤكل من السمك الجرّي ولا المارماهي ، والزمار ، وما لا قشر له وما ليس ذنبه مستويا. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٧ ).

الفصل الثالث

في الذبح وكيفيّته

مسألة ١ : المشهور عند علمائنا تحريم ذبائح الكفّار مطلقا سواء كانوا أهل

__________________

(١) راجع الوسائل : ج ١٦ ص ٣٥٦ باب ٢٨ من أبواب الأطعمة والأشربة مع اختلاف في بعض هذه المقدّرات.

٣١٣

ملّة كاليهود ، والنصارى ، والمجوس أولا ، كعبّاد الأوثان والنيران وغيرهما ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو تجنّب من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم وكذلك ما صنع في أواني مستحلّ الميتة ومواكيلهم ما لم تيقّن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٧٩ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في النهاية : ومن السنّة أن لا ينخع الذبيحة إلّا بعد أن تبرد وهو أن لا يبين الرأس من الجسد ويقطع النخاع ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وليس للذابح أن يعتمد قطع رأس البهيمة إلّا بعد خروج نفسها فان سبقته شفرته وخرج الدم لم يكن بها بأس وليس له أيضا أن ينخع الذبيحة ، وهو كسر رقبتها أو ركلها برجله ليعجل خروج نفسها ويسلخها حتّى تبرد. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨٠ ).

مسألة ٣ : قال شيخنا المفيد في المقنعة : وإذا ذبح الحيوان فتحرّك عند الذبح وخرج منه الدم فهو ذكي وان لم يكن منه حركة فهو منخنق وفي حكم الميتة ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو لحق البهيمة ما بمثله تموت لو تركت فلحق ذكاتها وخرج الدم مستويا وتحرّكت أو بعض أعضائها بعد خروج الدم حلّ أكلها ، وكذا لو قطعها السبع. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨١ ).

مسألة ٤ : قال الشيخ في النهاية : وإذا ذبح شاة أو غيرها ثمّ وجد في بطنها جنين ، فان كان قد أشعر أو أوبر ولم تلجه الروح فذكاته ذكاة امّه ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : والجنين من الأنعام الذي لم يكمل خلقته ، وكماله أن يؤبّر أو يشعر لا يحلّ أكله فإذا بلغ هذه الخصال كان ذكاته ذكاة أمّه إذا خرج من بطنها وهو ميتة ، فإن خرج وفيه حياة فأدركت ذكاته وإلّا لم يؤكل. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨١ ـ ٦٨٢ ).

الفصل الرابع

فيما يحلّ من الميتة

مسألة ١ : قال الشيخ في النهاية : يحرم من الإبل والبقر والغنم وغيرها ممّا يحلّ أكله ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ويكره من الشاة أكل الطحال ، والمثانة ،

٣١٤

والغدد ، والنخاع ، والرحم ، والقضيب ، والأنثيين. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨٢ ).

مسألة ٢ : سوّغ الشيخ في النهاية أكل اللبن إذا حلب بعد موت الدابّة ، وهو أيضا اختياره في كتابي الأخبار ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا خير فيما يعصر من حلمة الديس من اللبن بعد الموت. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨٣ ).

الفصل الخامس

في الأطعمة والأشربة

مسألة ١ : قال الشيخ في النهاية : ولا بأس بأن يستشفى بأبوال الإبل ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولا بأس بشرب بول ما أكل لحمه وما يتولّد من غير لقاح. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨٦ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في الخلاف : إذا مرّ الرجل بحائط غيره وبثمرته جاز له أن يأكل منها ولا يتّخذ منها شيئا يحمله معه ، لإجماع الفرقة ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : وإذا اجتاز الرجل بالبستان والماشية فليناد ثلاثا صاحبها ويستأذنه ، فإن أجابه ، وإلّا فليجى‌ء وليأكل وليحلب ويشرب ولا يحمل ولا يفعل ذلك إلّا عند الضرورة أحوط ، وإن أمكنه ردّ قيمة ما أكله على صاحب الثمرة واللبن كان أحوط أيضا وهذا إذا كانت الثمار في شجرها وعلى سوقها واللبن في ضروع الماشية ، فان جناها وحلبها مالكها أو أصرّاها لم يستحبّ لأحد تناول شي‌ء منها إلّا بعد إذن مالكها أو يكون الحال ملتبسة إن لم يتناول ذلك. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٨٧ ـ ٦٨٨ ).

مسألة ٣ : قال الشيخ في الخلاف : الذكاة لا تقع مجزية إلّا بقطع أشياء أربعة : الحلقوم ـ وهو مجرى النفس ـ والمري ـ وهو تحت الحلقوم ، وهو مجرى الطعام والشراب ـ والودجين ـ وهما عرقان محيطان بالحلقوم ـ وقال ابن الجنيد : الذي يستحبّ في الذكاة قطع الحلقوم وما اكتنفه من الأوداج وإيصال القطع الى العظم من غير أن يفريه ولو أتى إلى الحلقوم أجزأه ، لأنّه قد أتى من الذكاة بما لا حياة للحيوان بعده. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩٠ ).

٣١٥

كتاب القضاء وتوابعها

وفيه فصول :

الأوّل

في الآداب

مسألة ١ : قال المفيد والشيخ في النهاية : إذا أنكر المدّعى عليه الدعوى سأل الحاكم المدّعى : ألك بيّنة؟ فان قال : نعم هي حاضرة فنظر في بيّنته وإن قال : نعم غير انّها ليست حاضرة ، قال له أحضرها وكذا قال سلّار وأبو الصلاح ( الى أن قال ) :

وقال ابن الجنيد : فاذا ادّعى المدّعي البيّنة لصحّة دعواه ، لم يأمر القاضي الشهود بالحضور ، ولكنّه يقول للمدّعي : احضر بيّنتك. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩٠ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في النهاية : وإن قال المدّعي : لست أتمكّن من إحضارها ـ يعني البيّنة ـ جعل معه مدّة من الزمان ليحضر فيه بيّنته ويكفل بخصمه ، فإن أحضرها نظر فيها ، وان لم يحضرها عند انقضاء الأجل خرج خصمه عن حدّ الكفالة ( الى أن قال ) :

وقال ابن الجنيد : ولو سأل المدّعي القاضي مطالبة المدّعي عليه بكفيل قبل

٣١٦

ثبوت حقّه عليه ، لم يكن ذلك واجبا عليه ، ولا للقاضي تكليفه بذلك ، ولكن يقول له : لا آمرك بتخليته ، ولا آمره بالاحتباس لك. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩٠ ).

مسألة ٣ : قال الشيخ في النهاية : وإن كان يتساكت عن خصمه ، وهو صحيح قادر على الكلام ، وإنّما يعاند السكوت ، أمر بحبسه حتّى يقرّ أو ينكر إلّا أن يعفو الخصم عن حقّه عليه ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو سكت المدّعى عليه عند سؤاله ولم يكن القاضي يعرفه بالنطق أمهله قليلا ثمّ أعاد السؤال له عمّا ادّعى عليه ، فان أمسك فقال المدّعي : انّه يتمرّد بسكوته ، استحلفه على ذلك وأمر من ينادي في اذن المدّعى عليه بصوت عال بأمر موجود يجري عليه ثمّ وصف ما يقضي به عليه ، وإن أنكر وما يفعله إن جرح بيّنة خصمه ، فإن أقام على ذلك أمهله قليلا ثمّ فعل به مثل ذلك ، فإن أقام على أمره سأل الحاكم المدّعي ، عن بيّنته إن كانت وسمعها واستحلفه على أنّ شهوده شهدوا بحقّ فان حلف حكم له وجعل المحكوم عليه على حجّته إن ادّعاها أو من يجوز دعواها. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩١ ).

الفصل الثاني

في تعارض البيّنات

مسألة ١ : قال الشيخ في النهاية : ومن شهد عنده شاهدان عدلان على أنّ حقّا ما لزيد وجاء آخران فشهدا أنّ ذلك الحقّ لعمرو ( الى أن قال ) : وقال ابن الجنيد : ولو تداعى رجلان عينا موجودة وكانت في يد أحدهما وأقام كلّ واحد من المتداعيين البيّنة على ما ادّعاه منهما ولم يكن في شهادة إحدى البيّنتين ما يدلّ على وجوب الحكم بها دون صاحبه بل كانتا متساويتين متدافعتين وأعداد البيّنتين متساويتين عرض عليهما جميعا أنّ يحلفا على صدق ما شهدت به لهما بيّنتاهما ووجوب العين للحالف دون خصمه ، فان حلفا جميعا أو أبيا أو حلف الذي هي في يده دون الآخر كان محكوما للذي هي في يده بها وإن حلف الذي ليست في يده وأبى الذي هي في يده أن يحلف حكم بها للحالف ولو اختلفت

٣١٧

أعداد الشهود وكان الذي في يده أكثر شهودا كان أولى باليمين إن بذلها فان حلف حكم له بها.

ولو كان الأكثر شهودا الذي ليست في يده فحلف وأبى الذي هي في يده أن يحلف أخرجت من يد من كانت في يده وسلّمت الى الحالف مع شهوده الأكثرين من شهود من كانت في يده.

ولو كانت العين في أيديهما جميعا أو لم يكن في يد واحد وتساوى عدد البيّنتين عرضت اليمين على المدّعيين فأيّهما حلف استحقّها إن أبى الآخر وإن حلفا جميعا كانت بينهما نصفين.

ولو اختلفت أعداد البيّنتين فتشاحّا على اليمين أقرع بينهما سهام على أعداد الشهود لكلّ واحد منهما. فأيّهما خرج سهمه كانت اليمين عليه فاذا حلف دفعت العين التي قد ادّعيت اليه وكذلك روي أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام فعل (١).

ولو كان الشي‌ء في أيديهما وكلّ واحد يدّعي جميعه وليس لواحد منهما بيّنة وأبيا أن يحلفا كان في أيديهما على رسمه.

ولو شهدت إحدى البيّنتين بما يوجب تقدّم ملك من شهدت له على ما يوجبه وقت ملك من شهدت له البيّنة الأخرى كان محكوما لمن أوجبت بيّنته له بقدم ملكه إلّا أن تشهد البيّنة الأخرى بانتقال الملك من يد الأوّل ملكا الى الثاني فيكون محكوما بذلك لمن انتقل اليه الملك. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩١ ـ ٦٩٣ ).

الفصل الثالث

في لواحق القضاء

مسألة ١ : قال الشيخ في النهاية : وإن نكل عن اليمين ، لزمه الخروج الى خصمه ممّا ادّعاه عليه ، وهو يعطي القضاء بالنكول من غير إحلاف المدّعى ، وهو قول شيخه المفيد رحمه‌الله. وسلّار وأبي الصلاح وبه قال في القدماء من علمائنا ابنا

__________________

(١) الوسائل : ج ١٨ ص ١٨٣ باب ١٢ من أبواب كيفيّة الحكم ح ٥.

٣١٨

بابويه ، وقال ابن الجنيد : تردّ اليمين على المدّعي ويحلف ويقضي له وهو اختيار ابن حمزة وابن إدريس. الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩٥ ).

مسألة ٢ : قال الشيخ في الخلاف : للحاكم أن يحكم بعلمه في جميع الأحكام. من الأموال والحدود والقصاص وغير ذلك ، سواء كان من حقوق الله تعالى أو حقوق الآدميين ، الحكم فيه سواء ( الى أن قال ) :

وقال السيد المرتضى : ممّا ظنّ انفراد الإمامية به وأهل الظاهر يوافقونها فيه القول بأنّ للإمام والحكّام من قبله أن يحكموا بعلمهم في جميع الحقوق والحدود ( الى أن قال ) : كيف يستجيزون ـ يعني العامّة ـ ادعاء الإجماع من الإمامية في هذه المسألة (١) ( الى أن قال ) :

وأبو علي ابن الجنيد يصرّح بالخلاف فيها ويذهب إلى انّه لا يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه في شي‌ء من الحقوق ولا الحدود ، وأجاب بأنّه لا خلاف بين الإمامية في هذه المسألة وقد تقدّم إجماعهم ابن الجنيد وتأخر عنه.

وإنّما عوّل ابن الجنيد فيها على ضرب من الرأي والاجتهاد وخطأه ظاهر فكيف يخفى إطباق الإمامية على وجوب الحكم بالعلم وهم ينكرون توقّف أبي بكر عن الحكم لفاطمة عليها‌السلام بفدك لمّا ادّعت انّه نحلها أباها (٢) ويقولون : إذا كان عالما بعصمتها وطهارتها وانّها لا تدّعي إلّا الحقّ فلا وجه لمطالبتها بإقامة البيّنة ، لأنّ البينة لا وجه لها مع القطع بالصدق وكيف يخفى على ابن الجنيد هذا الذي لا يخفى على أحد أو ليس قد روت الشيعة الإمامية كلّها ما هو موجود في كتبها مشهور في رواياتها انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ادّعى عليه أعرابي سبعين درهما ثمن ناقة باعها

__________________

(١) راجع المسالك في شرح قول المحقّق رحمه‌الله : ( وهنا مسائل : الأولى : الإمام يقضي بعلمه مطلقا ) فإنه نقل عن ابن الجنيد في كتابه الأحمدي أنه فصل بين حدود الله دون حقوق الناس بجواز العمل. ثم نقل عن السيد المرتضى رحمه‌الله انه نسب الى ابن الجنيد عدم جواز قضاء الامام بعلمه ثم قال : فلعل ابن الجنيد ذكر ذلك في كتاب آخر ، فلاحظ المسالك ج ٢ ص ٣٥٩.

(٢) هكذا في المختلف والصواب : « أبوها » بالرفع.

٣١٩

منه ثم نقل عدّة روايات (١) دالّة على جواز حكم الإمام عليه‌السلام بعلمه ( الى أن قال ) :

فمن يروي هذه الأخبار مستحسنا عليها معوّلا عليها كيف يجوز أن يشكّ في أنّه كان يذهب الى أنّ الحاكم يحكم بعلمه لو لا قلّة التأمّل من ابن الجنيد الى آخر ما نقله المختلف عن السيّد المرتضى رحمه‌الله ( الى أن قال ) :

احتجّ ابن الجنيد بأنّ في الحكم بعلمه تزكية نفسه ، ولأنّه إذا حكم بعلمه فقد عرّض نفسه للتهمة وسوء الظنّ به.

والجواب : التزكية حاصلة للحاكم بتولية الحكم له وليس ذلك بتابع لإمضاء الحكم فيما علمه ، والتهمة حاصلة في الحكم بالبيّنة والإقرار مع عدم الالتفات إليها ، قال السيّد المرتضى : ووجدت لابن الجنيد كلاما في هذه المسألة غير محصّل لأنّه لم يكن من هذا ، ولا اليه وروايته يفرّق بين علم النبي عليه‌السلام بالشي‌ء وبين علم خلفائه وحكّامه ( الى أن قال ) :

ووجدته يستدلّ على بطلان الحكم بالعلم بأن يقول : وجدت الله تعالى قد أوجب للمؤمنين فيما بينهم حقوقا أبطلها فيما بينهم وبين الكفّار والمرتدين كالمواريث والمناكحة وأكل الذبائح ووجدنا الله تعالى قد اطّلع رسوله عليه‌السلام على ما كان يبطن الكفر ويظهر الإسلام ، وكان يعلمه ولم يبيّن عليه‌السلام أحوالهم لجميع المؤمنين فيمتنعوا من مناكحتهم وأكل ذبائحهم (٢). الى آخره. ( المختلف : ص ٦٩٥ ـ ٦٩٧ ).

مسألة ٣ : المشهور عند علمائنا انّه إذا حضر خصمان عند الحاكم وتداعيا معا كلّ منهما على صاحبه يقدّم دعوى من يكون على يمين صاحبه ، قاله الشيخ في النهاية والمفيد في المقنعة والشيخ علي بن بابويه في رسالته حتّى انّ السيّد المرتضى ادّعى شهرة هذا القول عند الإمامية ( الى أن قال ) :

ووجدت ابن الجنيد لمّا روى عن ابن محبوب ، عن محمّد بن مسلم عن أبي

__________________

(١) راجع المختلف فيما أجاب به السيّد المرتضى عن استدلالات ابن الجنيد.

(٢) راجع الوسائل : ج ١٨ ص ٢٠٠ باب ١٨ من أبواب كيفيّة الحكم.

٣٢٠