ضياء العالمين - ج ٢

أبي الحسن بن محمّد طاهر العاملي [ العلامة الفتوني ]

ضياء العالمين - ج ٢

المؤلف:

أبي الحسن بن محمّد طاهر العاملي [ العلامة الفتوني ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ١
ISBN: 978-964-319-332-4
ISBN الدورة:
978-964-319-330-0

الصفحات: ٤٦٩
الجزء ١ الجزء ٢

المنذر (١) ، ويقال له : سرحوب أيضاً ، وقيل : منهم أبو خالد الواسطي (٢) ، وفضيل الرسّان (٣) ، وهؤلاء يقولون بالنصّ على أمير المؤمنين عليه‌السلام وصفاً لا تسميةً ، وإنّ الصحابة كفروا بمخالفته وتركهم الاقتداء به بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ، وإنّ الإمامة بعد الحسن والحسين عليهما‌السلام سواء في أولادهما ، فمن خرج منهم بالسيف ، وكان عالماً زاهداً شجاعاً سخيّاً فهو إمام (٥) ، ولم يشترطوا العصمة في الإمامة ، ولا النصّ لا سيّما الصريح .

وعند أكثرهم أنّ الإمام بعد الحسين عليُّ بن الحسين عليهما‌السلام ، ثمّ زيد ابنه (٦) ، وعند بعضهم أَنَّ زيداً هو الإمام بعد الحسين عليه‌السلام ؛ لخروجه

__________________

(١) هو زياد بن المنذر العبدي ، يكنّى أبا النجم ، رأس الجاروديّة من الزيديّة ، من أهل الكوفة ـ وسرحوب اسم شيطان أعمى يسكن البحر ـ قيل : هو لم يمت حتّى شرب المسكر وتولّى الكافرين ، وله كتب، منها : التفسير ، مات بعد سنة ١٥٠ هـ .

انظر : رجال الكشّي : ٣٠٤ ـ ٣٠٥ / ٤١٣ ـ ٤١٧ ، الفهرست لابن النديم : ٢٢٦ ، ميزان الاعتدال ٢ : ٩٣ / ٢٩٦٥ ، الأعلام ٣ : ٥٥ .

(٢) هو عمرو بن خالد الواسطي ، من رؤساء الزيديّة ، وقيل : هو بتريّ ، وقد ذكره الشيخ الطوسي قائلاً : عمرو بن خالد الواسطي بتريٌّ ، مات بعد سنة ١٢٠ هـ .

انظر : تنقيح المقال ٢ : ٣٣٠ / ٨٦٩١ ، تهذيب الكمال ٢١ : ٦٠٣ / ٤٣٥٧ ، ميزان الاعتدال ٤ : ٥١٩ / ١٠١٤٢ ، لسان الميزان ٩ : ٣٧٠ / ١٥١٠٧ ، تقريب التهذيب ٢ : ٦٩ / ٥٧٢ .

(٣) هو فضيل بن الزبير الرسّان ، عدّه ابن النديم من متكلّمي الزيديّة ، وحكى عن أبي الفرج الاصبهاني أنّ فضيل الرسّان وأخاه من أصحاب زيد وأنصاره .

انظر : قاموس الرجال ٨ : ٤٣٤ / ٥٩٣٩ ، تنقيح المقال ٢ : ١٣ / ٩٤٩٨ ، من أبواب الفاء ، الفهرست لابن النديم : ٢٢٧ .

(٤) انظر : الفرق بين الفِرَق : ٣٠ ، التبصير في الدين : ٢٧ ، الملل والنحل للشهرساني ١ : ١٥٧ ـ ١٥٨ .

(٥) انظر : بحار الأنوار ٣٧ : ٢٩ ـ٣٠ ، الفرق بين الفِرَق : ٣١ / ٤٩ ، التبصير في الدين : ٢٨ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦١ .

(٦) انظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٥٨ .

٣٢١

بالسيف (١) ، ثمّ يحيى بن زيد (٢) عند بعضهم (٣) ، ثمّ محمّد بن عبد اللّه‏ بن الحسن (٤) الذي خرج بالمدينة وقتله عسكر الدوانيقي (٥) ، وأكثرهم على إمامة محمّد المذكور بعد زيد ، ثمّ اختلفوا ، فقال بعضهم بأنّ محمّداً هذا هو المهديّ المنتظر ، وزعموا أنّه حيٌّ لم يُقتل (٦) .

وقال بعضهم : إنّ المنتظر هو محمّد بن القاسم بن عليّ بن الحسين (٧)

__________________

(١) المقالات والفِرَق : ٧٤ ، فِرَق الشيعة : ٥٨ ، التبصير في الدين : ٢٩ .

(٢) هو يحيى بن زيد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب ، أحد الأبطال الأشدّاء ، ثار مع أبيه على بني مروان . وبعد مقتل أبيه عليه‌السلام انصرف إلى بلخ ودعا لنفسه سرّاً ، مات سنة ١٢٥ هـ .

انظر : تنقيح المقال ٣ : ٣١٦ / ١٣٠٢٤ ، مقاتل الطالبيّين : ١٥٢ ، المقالات والفِرَق : ٧٤ ، تاريخ الطبري ٧ : ٢٢٨ ، تاريخ الإسلام (حوادث ١٢١ ـ ١٤٠) : ٢٩٩ ، الأعلام ٨ : ١٤٦ .

(٣) انظر : المقالات والفِرَق : ٧٤ ، فِرَق الشيعة : ٥٨ .

(٤) هو محمّد بن عبداللّه‏ بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، يكنّى أبا عبداللّه‏ ، الملقّب بالأرقط ، وبالمهديّ ، وبالنفس الزكيّة ، ويقال له : صريح قريش ؛ لأنّ أُمّه وجدّاته لم تكن فيهنّ أُمّ ولد ، كان غزير العلم ، وفيه شجاعة وحزم وسخاء ، ولد سنة ٩٣ هـ ونشأ بالمدينة ، ومات سنة ١٤٥ هـ .

انظـر : قاموس الرجال ٩ : ٣٦٩ / ٦٩٠٧ ، تنقيح المقال ٣ : ١٤٠ / ١٠٩٥٣ ، مقاتل الطالبيّين : ٢٣٢ ، تاريخ الطبري ٧ : ٥٥٢ ، الحور العين : ١٥٦ ، الأعلام ٦ : ٢٢٠ .

(٥) هو عبداللّه‏ بن محمّد بن عليّ بن العبّاس ، يكنّى أبا جعفر المنصور ، ثاني خلفاء بني العبّاس ، ولي الخلافة بعد وفاة أخيه السفّاح سنة ١٣٦ هـ ، وهو باني مدينة بغداد ، وأنّه قتل خلقاً كثيراً حتّى استقام ملكه ، ومدّة خلافته ٢٢ عاماً ، ولد سنة ٩٥ هـ ، ومات سنة ١٥٨ هـ ببئر ميمون . انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٦٤ ، تاريخ الطبري ٧ : ٤٧١ ، البدء والتاريخ ٦ : ٩٠ ، الأعلام ٤ : ١١٧ .

(٦) انظر : الفرق بين الفِرَق : ٣١ ، التبصير في الدين : ٢٨ ، الحور العين : ١٥٦ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٥٩ .

(٧) هو محمّد بن القاسم بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين بن عليّ، ويكنّى

٣٢٢

صاحب طالقان الذي حبسه المعتصم (١) حتّى مات وهم أنكروا موته (٢) .

وقيل : إنّ المنتظر هو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد (٣) صاحب الكوفة الذي دعا الناس إلى نفسه ، واجتمع عليه خلق كثير ، وقُتل في أيّام المستعين (٤) ، وهم أيضاً منكرون لقتله (٥) .

__________________

أبا جعفر ، كانت العامّة تلقّبه بالصوفي ؛ لإدمانه لُبْس ثياب من الصوف الأبيض . خرج في أيّام المعتصم بـ «طالقان» ، فأخذه عبداللّه‏ بن طاهر ، ووجّه به إلى المعتصم ، مات سنة ٢١٩ هـ .

انظر : تاريخ الطبري ٩ : ٧ ، مقاتل الطالبيّين : ٥٧٧ ـ ٥٧٨ ، الكامل لابن الأثير ٦ : ٤٤٢ ، الأعلام ٦ : ٣٣٤ .

(١) هو محمّد بن هارون الرشيد ، يكنّى أبا إسحاق ، من أعاظم خلفاء بني العبّاس ، بويع بالخلافة سنة ٢١٨ هـ يوم وفاة أخيه المأمون ، وهو ثامن الخلفاء ، والثامن من ولد العبّاس ، وكان له سبعون ألف مملوك ، كانت مدّة خلافته ٨ سنين و٨ أشهر ، ولد سنة ١٧٩ هـ ، ومات سنة ٢٢٧ هـ .

انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٧١ ، تاريخ بغداد ٣ : ٣٤٢ / ١٤٥١ ، الكامل لابن الأثير ٦ : ٥٢٣ ـ ٥٢٤ ، الأعلام ٧ : ١٢٧ .

(٢) انظر : التبصير في الدين : ٢٨ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٥٩ ، الحور العين : ١٥٦ .

(٣) هو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن عليّ بن الحسين ، يكنّى أبا الحسن ، خرج في أيّام المتوكّل العبّاسي سنة ٢٣٥ هـ إلى خراسان ، فردّه عبد اللّه‏ بن طاهر إلى بغداد ، فأمر المتوكّل بضربه وحبسه ، ثمّ أطلقه ، وتوجّه إلى الكوفة في أيّام المستعين باللّه‏ ، فاجتمع إليه خلق كثير من الأعراب ، فأخذ ما في بيت مال الكوفة ، وفتح السجون فأخرج من فيها ، مات سنة ٢٥٠ هـ بأمر المستعين .

انظر : مقاتل الطالبيّين : ٦٣٩ ، الكامل لابن الأثير ٧ : ١٢٦ ، الأعلام ٨ : ١٦٠ .

(٤) هو أحمد بن محمّد بن المعتصم بن هارون الرشيد ، يكنّى أبا العبّاس ، وأبا عبداللّه‏ ، من خلفاء الدولة العبّاسيّة في العراق ، وبويع بها بعد وفاة المنتصر ، سنة ٢٤٨ هـ ، وفي أيّامه ظهر يحيى بن عمر الطالبي بالكوفة وقُتل ، ولد سنة ٢١٩ هـ ، ومات سنة ٢٥٢ هـ .

انظر : تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٩٤ ، تاريخ بغداد ٥ : ٨٤ / ٢٤٧٨ ، الكامل لابن الأثير ٧ : ١١٧ ، الأعلام ١ : ٢٠٤ .

(٥) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٥٩ ، الحور العين : ١٥٦ .

٣٢٣

وفي بعض كتب الجاروديّة ـ وهو كتاب «شرح الاُصول» للناصر للحقّ الحسن بن عليّ من أحفاد عمر بن زين العابدين عليه‌السلام ، وهو من أئمّة الزيديّة ـ أنّ أوّل الأئمّة بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عندنا عليّ بن أبي طالب ، ثمّ ابنه الحسن ، ثمّ أخوه الحسين ، ثمّ عليّ بن الحسين عليهم‌السلام ، ثمّ ابنه زيد بن عليّ ، ثمّ محمّد بن عبداللّه‏ بن الحسن ، ثمّ أخوه إبراهيم ، ثمّ الحسين بن علي صاحب الفخّ ، ثمّ يحيى بن عبداللّه‏ بن الحسن ، ثمّ محمّد بن إسماعيل ابن إبراهيم بن الحسن ، ثمّ القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم (١) بن الحسن ، ثمّ الناصر للحقّ الحسن بن عليّ بن الحسن بن عليّ بن عمر بن عليّ بن الحسين عليهما‌السلام ، ثمّ يحيى بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن الحسن ، ثمّ محمّد بن يحيى بن الحسين ، ثمّ أحمد بن يحيى ابن الحسين ، ثمّ محمّد بن الحسن بن القاسم بن الحسن بن عليّ بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن الزكيّ ، ثمّ ابنه الحسن ، ثمّ أخوه عليّ بن محمّد ، ثمّ أحمد بن الحسين بن هارون من أولاد زيد بن الحسن ، ثمّ أخوه يحيى ، ثمّ سائر أهل البيت الذين دعوا إلى الحقّ (٢) ، انتهى ما فيه .

ويظهر منه عدم تعيين المهدي عند من قال بقوله ، بل عدم تعداد محمّد بن القاسم ولا يحيى بن عمر ـ اللّذين سبق ذكرهما ـ من الأئمّة .

وبالجملة : هؤلاء أيضاً اُصولهم اُصول المعتزلة ، ويجوز عندهم وجود إمامين في قُطرين ، وكذا تجويز إمامة المفضول مع وجود الأفضل

__________________

(١) في «ش» زيادة : «ابن إسماعيل» .

(٢) حكاه عنه المجلسي في بحار الأنوار ٣٧ : ٣٠ .

٣٢٤

والأعلم إذا لم يخرج الأعلم بالسيف وخرج غيره ، كالذين خرجوا في زمان الباقر والصادق عليهما‌السلام مع اعترافهم بأعلميّتهما وأفضليّتهما .

وعمدة ما تمسّكوا به في مذهبهم حديث الثقلين ، والأمر بالتمسّك بالكتاب والعترة ، ثمّ أجاب أكثرهم عن كون دلالة دليلهم هذا على حقّيّة الطائفة الاثني عشريّة أظهر ولا أقلّ من الاشتراك : بأنّ تلك الطائفة يقولون بالجبر والتشبيه . وهذا محض الفرية عليهم .

وممّا ينادي ببطلانهم ـ مع قطع النظر عن سائر الأدلّة الآتية في محلّها من لزوم العصمة والعدد الخاصّ وغير ذلك ـ اشتراكهم مع سائر المذاهب في الاعتماد في الدين على الآراء التي مرّ حالها ، واشتراكهم في معظم اُصولهم مع المعتزلة ، وفي بعض المسائل مع الخوارج ، وفي سائرها اُصولاً وفروعاً لا سيّما في إمامة ذرّيّة فاطمة عليهاالسلام مع البتريّة الذين معهم على طرفي نقيض في أمر الخلافة ، بحيث يضلّل ، بل يكفّر بعضهم بعضاً ، فتأمّل .

وأمّا الفرقة الثانية من الذين ذكرناهم في أوّل المطلب : الناووسيّة أصحاب عبداللّه‏ بن ناووس البصري (١) الذي كان قائلاً بإمامة أئمّة الإماميّة إلى أبي عبداللّه‏ جعفر بن محمّد الصادق عليهما‌السلام ، ثمّ فارقهم بأن قال : إنّ جعفراً حيٌّ لم يمت ولا يموت حتّى يظهر ويملأ الأرض قسطاً وعدلاً ، وأنّه هو المهديّ القائم المنتظر (٢) .

__________________

(١) لم نعثر له ترجمة أكثر ممّا نقله المؤلّف .

(٢) انظر : المقالات والفِرَق : ٧٩ / ١٥٥ ، مقالات الإسلاميّين : ٢٥ ، الفرق بين الفِرَق : ٦١ ، التبصير في الدين : ٣٧ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦٦ ، معجم الفِرَق الإسلاميّة : ٢٤٤ .

٣٢٥

وعمدة استنادهم ما نقلوه عن عنبسة بن مصعب الناووسي (١) أيضاً أنَّ الصادق عليه‌السلام قال له : «إن جاءكم من يخبركم عنّي بأنّه غسّلني وكفَّنني ودفنني فلا تصدّقوه» (٢) .

ولقد كفى مؤونة الاستدلال على بطلانهم ـ مع كثرة أدلّة البطلان ـ انقراضهم رأساً ، بحيث لم يبق منهم أحد ، مع كونهم أوّلاً أيضاً آحاداً قلائل عاملين بالرأي .

وأمّا الفرقة الثالثة ، فهم الذين يقال لهم : الإسماعيليّة ، حيث قالوا بإمامة إسماعيل بن أبي عبداللّه‏ الصادق عليه‌السلام (٣) ؛ استناداً إلى كونه أكبر أولاده ، مع دعوى لزوم كون الإمامة للأكبر ، وإلى ادّعائهم اتّفاق أصحاب الصادق عليه‌السلام على أَنّه نصَّ عليه ، وأَنّ من أنكر إمامته ادَّعى وقوع البداء فيه ، وأنَّه دعوى غير مقبولة وهُم صاروا ثلاث شعب :

فشعبة منهم الذين قالوا بأنّ إسماعيل هو الإمام بعد وفاة أبيه الصادق عليه‌السلام ، وأنّه حيٌّ لم يمت ، وهو القائم المنتظر ، وإنّما لُبس على الناس في أمره مصلحةً وتقيّةً من اُمراء بني العبّاس (٤) .

__________________

(١) لم نعثر على ترجمة له .

(٢) الفصول المختارة : ٣٠٥ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، الصراط المستقيم ٢ : ٢٧١ ، بحار الأنوار ٣٧ : ٩ .

(٣) هو إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام ، يكنّى أبا محمّد ، تُنسب إليه فرقة الإسماعيليّة حتّى اليوم ، ويقولون بإمامته . وكان الإمام أبوه يحبّه محبّة شديدة ، توفّي سنة ١٣٣ هـ في حياة أبيه عليه‌السلام ، ودفن بالبقيع .

انظر : أعيان الشيعة ٣ : ٣١٦ ، وقاموس الرجال ٢ : ٤١ / ٧٩٤ ، والوافي بالوفيات ٩ : ١٠١ / ٤٠١٧ .

(٤) انظر : فِرَق الشيعة : ٦٧ ، المقالات والفِرَق : ٨٠ / ١٥٦ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦٧ .

٣٢٦

وشعبتان منهم الذين أقرّوا بموته في حياة أبيه ، لكن بدعوى كون المـوت بعـد ورود النصّ من أبيه فيـه ؛ فلهذا قال بعـض منهم ـ وهُم الذين يقال لهم : القرامطة (١) ، والمباركيّة (٢) ؛ لنسبتهم إلى رجل يسمّى المبارك (٣) ، مولى إسماعيل بن جعفر ـ بأنّ إسماعيل قبل موته نصّ على ابنه محمّد (٤) ،

__________________

(١) القرامطة : هم فرقة تُنسب إلى حمدان بن الأشعث القرمطي ؛ ولُقبّ بذلك بسبب قصر قامته ورجليه وتقارب خطوه ، وقيل : إنّ عليّ بن فضل هو أوّل من سنّ القرمطة في اليمن ، وعندهم أنّ القرمطة هي الزندقة ، ثمّ مات وقام ابنه من بعده وخرجـوا إليـه من اليمـن فحاربوه حتّى قضـوا على القرامطة وقتلوا منهم خلقاً كثيراً .

انظر : المقالات والفِرَق : ٨٣ / ١٦١ ، مقالات الإسلاميّين : ٢٦ ، الحور العين : ٢٠٠ ، اعتقادات فِرَق المسلمين للرازي : ١٢٢ ، معجم الفِرَق الإسلاميّة : ١٩٢ .

(٢) المباركيّة : وهم الفرقة التي تُنسب إلى محمّد بن إسماعيل بن الإمام الصادق عليه‌السلام ، ويريدون الإمامة فيه ، وقد ذكر بعض أصحاب الأنساب أنّ محمّداً مات ولم يعقّب ؛ وسمّوا المباركيّة لنسبتهم إلى أحد عظمائهم المبارك ، ثمّ افترقوا فرقتين :

الاُولى : تدّعي أنّ محمّد بن إسماعيل لم يمت ولا يموت حتّى يملأ الأرض عدلاً .

والثانية : اعترفت بأنّه مات ، وأنّ الإمامة في ولده من بعده .

انظر : المقالات والفِرَق : ٨ / ١٥٧ ، مقالات الإسلاميّين : ٢٧ ، الفرق بين الفِرَق : ٦٤ / ٦٢ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦٨ ، الحور العين : ١٦٢ ، اعتقادات فرق المسلمين للرازي : ٨٢ .

(٣) هو الذي انتسبت له فرقة المباركيّة مولى إسماعيل ابن الإمام الصادق عليه‌السلام ، وقيل : إنّه مولى إسماعيل بن عبد اللّه‏ بن العبّاس ، وإنّه كوفي .

انظر : المقالات والفِرَق : ٨٠ / ١٥٧ و٢١٧ ، مقالات الإسلاميّين : ٢٧ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٩٢ ، الحور العين : ١٦٢ .

(٤) هو محمّد بن إسماعيل ابن الإمام الصادق عليه‌السلام ، قد اشتهر عنه أنّه سعى بالإمام الكاظم عليه‌السلام عند هارون العبّاسي ، فقال : خليفتان في الأرض : موسى بن جعفر عليه‌السلام بالمدينة يجبى له الخراج ، وأنت بالعراق يجبى لك الخراج ! فأعطاه مالاً كثيراً ،

٣٢٧

فهو الإمام بعده (١) .

وبعضهم قال بأنَّ الصادق عليه‌السلام هو الذي نصَّ على محمّد بن إسماعيل بعد موت (٢) إسماعيل ؛ لأنَّ ذلك كان الواجب عليه لكونه أحقّ بالأمر بعد أبيه من غيره ، ولأنّ الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما‌السلام (٣) .

ثمّ من هؤلاء من وقف على محمّد بن إسماعيل وقال برجعته بعد غيبته (٤) .

ومنهم من ساق الإمامة في سائر أَولاد إسماعيل وقال بكونهم مستورين ، وأنّ لهم دعاة ظاهرين ، ويقال لهؤلاء : الباطنيّة (٥) (٦) .

__________________

وأخذته الذبحة في جوف ليلة فمات ، وكان ذلك بعد أن أكرمه الإمام عليه‌السلام ، وأوصاه كثيراً في أن يتّقي اللّه‏ في دمه .

انظر : قاموس الرجال ٩ : ١١٥ / ٦٤٥٣ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٩٢ ، الحور العين : ١٦٢.

(١) انظر : الفصول المهمّة المختارة : ٣٠٥ ـ ٣٠٦ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، الحور العين : ١٦٢ .

(٢) في «م» زيادة : «أبيه» .

(٣) فِرَق الشيعة : ٦٨ ـ ٦٩ ، المقالات والفرق : ٨٠ ـ ٨١ / ١٥٧ .

(٤) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦٨ .

(٥) الباطنيّة : هم الفرفة التي تأخذ بالمعنى الباطن للكتاب، ويجعلون لكلّ تنزيل تأويلاً ، وقد اُطلق هذا الاسم على بعض الصوفيّة ، والقرامطة ، والخراميّة ، والإسماعيليّة ، وغيرها ، وبعض الباطنيّة خلطوا كلامهم ببعض كلام الفلاسفة ، فقالوا في البارئ تعالى : إنّا لا نقول : هو موجود ، ولا لا موجود ، ولا عالم ولا جاهل . . . الخ .

انظر : الفرق بين الفِرَق : ٢٨١ ، تلخيص المحصّل : ٤٥٨ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٩١ ، دائرة المعارف الإسلاميّة ٣ : ٢٩٠ ، معجم الفِرَق الإسلامية : ٥٠ .

(٦) الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٦٨ .

٣٢٨

وأصل مبنى عقائد هذه الفرقة بشعبها جميعاً على الآراء المتّخذة من خيالات الملاحدة والمتفلسفة ، حتّى أَنّهم ـ لا سيّما الباطنيّة ، بل القرامطة أيضاً ـ شاركوا التناسخيّة والغُلاة ـ كما سيأتي ـ في إسقاط العبادات وتحليل المحرَّمات ، حتّى نكاح الأخوات والبنات والاُمّهات ، وسائر الأشياء التي هي خلاف ضرورة الدين وما عليه كافّة المسلمين .

فإنّ خلاصة مزخرفاتهم ـ التي ذكروها مفصّلة ممّا لا حاجة لنا إلى بيانها ـ : أنّ الإنسان إذا كمل حتّى (١) عرف الإمام سقطت عنه التكاليف الواردة في ظاهر الشريعة ؛ لأنّ المراد بكلّ واحد منها ـ بحسب البطن ـ إنّما هو الإمام وفعله معرفته كالصلاة مثلاً ، فإنّهم قالوا : إنّها اسم للإمام حقيقةً ، وإنّما أمر بالهيئة المخصوصة بحسب الشرع الظاهر حين لم يصل إلى معناها الباطن والمسمّى الحقيقي وهو الإمام ، وعلى هذا فإقامتها حقيقةً عرفانه فإذا عرفه أحد سقطت عنه الصلاة الظاهريّة ، وهكذا سائر الأحكام .

وعمدة استنادهم في هذا نقلاً ما رووه عن الأئمّة عليهم‌السلام من قولهم : «إذا عرفت إمامك فاعمل ما شئت» فحملوه على ما فهموه بحسب مزخرفاتهم الخياليّة الفلسفيّة ، مع أنّ الإمام عليه‌السلام فسَّره لبعض من سأله عن هذا الخبر ، فقال : «إنّما المراد أنّ من لم يعرف إمام زمانه فهو ضالٌّ جاهل لا يقبل اللّه‏ منه ما فعل من العبادات والطاعات ، فإذا عرفت إمامك فحينئذٍ اعمل ما شئت من العبادات فإنّها مقبولة عند اللّه‏» ثمّ قال عليه‌السلام : «من قال بهذا السقوط فهو كافر» (٢) .

__________________

(١) في «م» بدل «حتّى» : «أو» .

(٢) لم نعثر عليه .

٣٢٩

وبالجملة : مشاركتهم مع سائر الفِرَق في الاعتماد على الآراء العقليّة ، ومع أكثر فِرَق الملاحدة والغُلاة في اعتقاد سقوط التكاليف الشرعيّة ، بل ومع أكثر الفِرَق في نفي لزوم كمال العلم والعصمة ولو عن بعض أئمّتهم واضحة .

وما ادّعوه من اتّفاق أصحاب الصادق عليه‌السلام على أنّه نصّ على إسماعيل ، لا أصل له ، بل الأمر بالعكس ، فإنّه سيأتي في محلّه أنّ الصادق عليه‌السلام لم ينصّ إلاّ على موسى الكاظم عليه‌السلام ، ولم نجد أحداً من أصحابه نقل نصّاً على إسماعيل ولا ولده ، حتّى أنّه لم يروه أحدٌ في شواذّ الأخبار فضلاً عن معروفها ، بل روى جماعة ما يدلّ على نفي إمامته ، وكذا إمامة ابنه ، بل على ذمّ ابنه ذمّاً شديداً .

نعم ، كان الناس في حياة إسماعيل يظنّون أنّ أبا عبداللّه‏ عليه‌السلام ينصّ عليه ؛ حيث كان أكبر أولاده ، وكانوا يرون ما يناسبه من تعظيمه له وحبّه إيّاه ، فلمّا مات زالت ظنونهم ، وعلموا أنّ الإمامة في غيره ، فتعلّق هؤلاء المبطلون بذلك الظنّ وجعلوه أصلاً ، وادّعوا وقوع النصّ ، وليس معهم في ذلك خبر ولا أثر يعرفه أحدٌ من نقلة الشيعة .

وكذا ما قالوا من أنّ أصحاب الصادق عليه‌السلام بعد اعترافهم بالنصّ على إسماعيل ادّعوا وقوع البداء فيه كذب وفرية وتمويه ؛ إذ لم يقل أحد منهم بالبداء بعد النصّ لا في إسماعيل ولا في غيره ، بل إجماع علماء الإماميّة على عدم وقوع البداء من اللّه‏ في أمر الإمامة ، حتّى رووا عن أئمّتهم عليهم‌السلام أنّهم قالوا : «مهما بدا للّه‏ في شيء فلا يبدو له في نقل نبيّ عن نبوّته ، ولا

٣٣٠

إمام عن إمامته ، ولا مؤمن قد أخذ عهده بالإيمان عن إيمانه» (١) .

نعم ، روي في بعض الكتب عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «ما بدا للّه‏ في شيء كما بدا له في إسماعيل» (٢) ، وهذه الرواية إن صحّت وصحّ ورودها في إسماعيل هذا دون إسماعيل بن إبراهيم الذبيح عليه‌السلام ، فمعناه ما ذكرناه : من أنّ الناس حيث ظنّوا إمامته بيّن اللّه‏ تعالى فساد ظنّهم بموته ، مع أنّه قد روي أيضاً عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إنّ اللّه‏ عزوجل كتب القتل على ابني إسماعيل مرّتين ، فسألته فيه فصرفه عنه ، فما بدا له في شيء كما بدا له في إسماعيل» (٣) ، وعلى هذا فمعنى الخبر ما ذكره عليه‌السلام من أنّ القتل الذي كان مكتوباً عليه صرفه اللّه‏ عنه بمسألة أبي عبداللّه‏ عليه‌السلام .

وأمّا دعوى لزوم كون الولد الأكبر إماماً ، فإنّما هو مهما بقي بعد أبيه ولم يكن فيه عيب ولا نقص ، لا إذا مات أيضاً في حياة أبيه ، وقد مات إسماعيل في حياة الصادق عليه‌السلام باتّفاق الأصحاب .

نعم ، ادّعى بعض هؤلاء الفرقة ـ كما مرّ (٤) ـ أنّ ما تبيّن من موته كان تلبيساً ولم يمت واقعاً ، وذلك محض دعوى في مقابل أمر محسوس رجماً بالغيب ؛ ولهذا لم يبق على هذه الدعوى إلاّ آحاد قلائل لا يعبأ بشأنهم ، ورجع الباقون إلى الاعتراف بموته ، بل صرّح بعض أهل السير بعدم بقاء أحد منهم على هذه العقيدة .

__________________

(١ و٢) انظر : الفصول المختارة : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، بحار الأنوار ٣٧ : ١٣ .

(٣) الفصول المختارة : ٣٠٩ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

(٤) في ص ٣٢٦ .

٣٣١

ثمّ إذا تبيّن عدم نصّ ولا إمامة في إسماعيل ، ظهر بطلان ما ذكروه في إمامة ابنه رأساً ، كما هو واضح ، حتّى أنّه لو كان النصّ على إسماعيل ثابتاً لم يوجب ذلك أن يكون ابنه أيضاً كذلك (كما توهّموا) (١) ؛ إذ ليست الإمامة والنصوص من قبيل ميراث الأموال إرثاً على كلّ حال ، بل لم يكن إسماعيل أيضاً إماماً بالفعل في حياة الصادق عليه‌السلام حتّى يمكن أن يصحّ نصّه على ابنه أو يتشبّث بأنّه حينئذٍ يصير ابنه ألزم وأولى ؛ حيث لم يمكن تعلّق الإمامة بالكاظم عليه‌السلام ؛ لعدم تحقّقها في أخوين بعد الحسنين عليهما‌السلام ؛ لأنّ وجود إمامين بعد نبيّنا صلى‌الله‌عليه‌وآله في زمان واحد ممّا لم يكن ولا يكون ولم يعهد ، بل لا يجوز ، كما تبيّن في محلّه ، على أنّ إمامة إسماعيل في حياة الصادق عليه‌السلام كانت عبثاً وبلا فائدة ، كما هو ظاهر .

ومحمّد بن إسماعيل في غاية الجرح والقدح ، بحيث أخرجه الصادق عليه‌السلام من بيته إلى بيت عبداللّه‏ الأفطح مع صغر سنّه ووفاة أبيه ، وقال : «إنّه ملّني سفهاً ، إنّه شرك شيطان» (٢) .

وحكاية وشائه (٣) في عمّه الكاظم عليه‌السلام عند الرشيد مع كثرة إحسانه إليه ، وأنّ اللّه‏ قطع عمره بذلك ، حتّى مات في يوم الوشاء بالبلاء الذي أصابه أيضاً في ذلك اليوم مشهورة ، وقد نقلها ثقات عن عمّه عليّ بن جعفر الثقة الجليل (٤) .

هذا ، كلّه مع ما سيأتي من دلائل إمامة الكاظم عليه‌السلام ، وحينئذٍ تنقطع

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في «ن» .

(٢) مسائل علي بن جعفر ومستدركاتها : ٣١٥ / ٧٩٣ ، اختيار معرفة الرجال ٢ : ٥٤٢ / ذيل الحديث ٤٧٨ .

(٣) في النسخ : «وشاه» .

(٤) انظر : رجال الكشّي : ٣٦٣ / ٤٧٨ .

٣٣٢

مادّة شُبههم رأساً ، فافهم .

وأمّا الفرقة الرابعة ، فهم الذين يقال لهم : الفطحيّة ، وهم الذين قالوا بأنّ الإمام بعد أبي عبداللّه‏ الصادق عليه‌السلام ابنه عبداللّه‏ الأفطح (١) ؛ لأنّه كان أفطح الرأس ، أي : عريضه ، وقيل : كان أفطح الرجلين . وهو كان أخا إسماعيل من الأب والاُمّ ، وكان هو الولد الأكبر عند وفاة الصادق عليه‌السلام ، ولهذا قال بإمامته جماعة من أصحاب الصادق عليه‌السلام بتوهّم كونه أكبر الأولاد (٢) ، من غير نصّ ولا مستند سوى ما رووه من كون الإمامة في الأكبر (٣) ، مع أنّ هذا الحديث لم يُرو قطّ إلاّ مشروطاً بما إذا لم يكن به عاهة ، وهذا الرجل كان فيه العاهة البدنية ، كما ظهر ، والعاهة الدينيّة أيضاً ؛ لأنّه مع قلّة (٤) علمه ـ كما تواتر النقل عنه عند دعواه الإمامة ـ كان مرجئيّاً ، حتّى روي عن الصادق عليه‌السلام أنّه قال فيه : «إنّه مرجئ كبير» (٥) (٦) ، على أنّه يكفي في بطلانهم سوى عدم النصّ فيه وورود النصوص في موسى (٧) أخيه المقرونة بالمعاجز والفضائل وسائر أنواع آيات الإمامة انقراضهم ؛ فإنّ هذا الرجل لم يبق بعد أبيه عليه‌السلام إلاّ سبعين يوماً ومات بلا خلف ، ولهذا رجع

__________________

(١) هو عبداللّه‏ بن جعفر بن محمّد ، المعروف بالأفطح ، ويقال : إنّه كان يخالط الحشويّة ويميل إلى مذهب المرجئة ، ويكفي في ترجمته ما أشار إليه المؤلّف ، مات سنة ١٤٨ هـ .

انظر : فِرَق الشيعة : ٧٧ ، الإرشاد للمفيد ٢ : ٢١٠ ـ ٢١١ ، تنقيح المقال ٢ : ١٧٤ / ٦٧٨٧ .

(٢) في «م» : «أولاده» .

(٣) انظر : الفصول المختارة : ٣٠٦ ، ٣١٢ ( ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

(٤) في «ش» زيادة : «عقله و» .

(٥) الفصول المختارة : ٣١٢ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

(٦) الفصول المختارة : ٣٠٦ ، ٣١٢ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

(٧) كلمة «موسى» لم ترد في «م» .

٣٣٣

عامّة من قال بإمامته إلى إمامة الكاظم عليه‌السلام ، بل جماعة كثيرة رجعوا عنه لمّا امتحنوه بما كانوا (١) يمتحنون به الإمام من امتحانه في العلم والعمل ، فلم يجدوا فيه شيئاً من ذلك . نعم ، بقي شرذمة جمعوا بين إمامته وإمامة الكاظم عليه‌السلام ؛ لعدم اطّلاعهم على عدم اجتماع (الإمامة في الأخوين) (٢) بعد الحسنين عليهما‌السلام . وتلك الفرقة أيضاً انقرضوا ولو بعد مدّة ، ولم يبق منهم من يُعرف أو يُذكر (٣) ، فتأمّل .

وأمّا الفرقة الخامسة ، فهم الذين قالوا بأنّ محمّد بن جعفر الصادق عليه‌السلام الملقّب بديباجة (٤) إمام بعد والده الصادق عليه‌السلام ، واستندوا في ذلك بما رووه من أنّ أبا عبداللّه‏ عليه‌السلام كان جالساً في داره فدخل عليه محمّد ، وهو صبيّ صغير فعدا إليه فكبا في قميصه لوجهه فقام إليه أبو عبداللّه‏ عليه‌السلام فقبّله ومسح التراب عن وجهه وضمّه إلى صدره وقال : «سمعت أبي يقول : إذا ولد لك ولد يشبهني فسمّه باسمي ، فهذا الولد شبيهه وشبيه رسول اللّه‏ صلى‌الله‌عليه‌وآله وعلى سنّته» (٥) .

__________________

(١) في «م» : «كان» .

(٢) بدل ما بين القوسين في «م» : «إمامين أخوين» .

(٣) انظر : المقالات والفِرَق : ٨٧ / ١٦٤.

(٤) في حاشية «ش» و«ن» ورد : إنّ محمّد بن جعفر هذا كان ملقّباً بديباجة ؛ لحسن وجهه على ما قاله أهل النسب ، ونقل جماعة : أنّه كان شجاعاً يصوم يوماً ويفطر يوماً . وكان له نسخة يرويها عن أبيه عليه‌السلام ، وكان يرى رأي الزيديّة في الخروج بالسيف ، فخرج على المأمون في سنة تسع وتسعين ومائة بمكّة ، وتبعته الجاروديّة ، فخرج لقتاله عيسى الجلوديّ ففرّق جمعه ولزمه وأنفذه إلى المأمون ، فلمّا وصل إليه أكرمه المأمون وكان معه إلى أن توفّي بخراسان ، منه عفي عنه .

(٥) الفصول المختارة : ٣٠٦ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، فِرَق الشيعة : ٧٦ ـ ٧٧ ، المقالات والفِرَق : ٨٦ .

٣٣٤

وهذا الحديث ممّا اختصّوا هم في روايته ولم يروه غيرهم ، حتّى أنّه لو ثبتت صحّته وسُلّم وروده لا دلالة في ألفاظه على نصّ الإمامة ، بل ولا دلالة فيه على ذلك بوجه لا سيّما في مقابل ما سيأتي في محلّه من نصوص الكاظم عليه‌السلام وغيرها ، كما هو ظاهر على الخبير البصير .

وممّا ينادي ببطلان هذه الفرقة : زوالهم وانقراضهم ، بحيث لم يبق منهم أحد بعد مدّة يسيرة ، مع أنّهم كانوا أوّلاً أيضاً آحاد قلائل أحدثوا ما أحدثوا عند ما خرج صاحبهم محمّد بن جعفر بعد أبيه بمدّةٍ بالسيف ، وادّعى الإمامة ، وتسمّى بإمرة المؤمنين فأنكر عليه عامّة الشيعة ذلك ؛ لما كان بيّناً عندهم من اختصاص هذا اللقب بعليّ عليه‌السلام ، وعدم جواز إطلاقه على غيره ؛ ولهذا لم يتسمّ بهذا غيره أحد من قدماء آل أبي طالب ، بل هذا أيضاً من علائم وَهْم الراوي في الحديث ، أو تعمّده الكذب ؛ حيث ذكر كونه على سنّة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فافهم .

وأمّا الفرقة السادسة : فهم المشهورون بالواقفة ، أي الذين وقفوا على أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما‌السلام ، وأنكروا إمامة أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ومَن بعده ، وهم بين قولين في ذلك :

فمنهم من قال : إنّه لم يمت بل هو حيّ ، وهو المهديّ المنتظر .

ومنهم من قال : بأنّه (١) مات وسيبعث بعد الموت ، وهو القائم المهديّ (٢) .

ثمّ إنّهم اختلفوا أيضاً في أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ومن قام بعده بالإمامة من آل محمّد صلى‌الله‌عليه‌وآله .

فمنهم من قال : إنّ هؤلاء خلفاء أبي الحسن موسى عليه‌السلام واُمراؤه

__________________

(١) في «م» : «أنّه» .

(٢) الفصول المختارة : ٣١٣ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

٣٣٥

وقُضاته إلى أوان خروجه ، وليسوا بأئمّة ، بل قال : لم يدّعها أحد منهم قطّ .

وقال الباقون : إنّهم ضالّون مخطئون ظالمون حتّى أنّهم كفّروهم (١) ، ولهذا سمّت الشيعة هذه الطائفة بالممطورة ، أي أنّهم كانوا في خباثتهم وتحيّرهم كالكلاب الممطورة (٢) .

وقد كان أصل سبب إحداث هذا المذهب أنّه اجتمعت عند جماعة من الوكلاء أموال عظيمة من حقوق الإمام التي أرسلها شيعة الأطراف إليهم في أيّام حبس الإمام عليه‌السلام ، فطمع فيها بعض منهم ، واشتروا بها دوراً وغلاّت وغيرها ، ولمّا انتهى إليهم خبر وفاة الكاظم عليه‌السلام أنكروا وفاته خوفاً من مطالبة الرضا (وسائر ورّاث الإمام) (٣) عليه‌السلام إيّاهم بتلك الأموال ، فأذاعوا في الشيعة أنّ موسى (٤) لم يمت ؛ لأنّه هو القائم ، فانتشر قولهم في الناس ، واعتمد عليه طائفة من الشيعة لكن على غير نهج اليقين ، بل كما يظهر من أحوالهم أنّ أكثرهم كانوا شكّاكاً متحيّرين ، حتّى أنّ بعضاً من هؤلاء المنكرين أوصى عند موته بدفع ذلك المال إلى ورثة موسى عليه‌السلام ، ومنه استبان على جمع منهم أنّ إنكار المنكرين كان حرصاً على المال (٥) ، وبقي الباقون كما كانوا على ذلك الضلال مدّة إلى أن زالوا وانقرضوا ، وكفى هذا في المناداة ببطلانهم كما هو بيّن .

ومع هذا ، عمدة ما اعتلّوا به في مذهبهم بعض شواذّ من الأخبار التي

__________________

(١) الفصول المختارة : ٣١٣ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

(٢) انظر : فِرَق الشيعة : ٨١ ـ ٨٢ ، المقالات والفِرَق : ٩٢ ، الحور العين : ١٦٤ .

(٣) ما بين القوسين لم يرد في «م» .

(٤) في «م» زيادة : «الكاظم عليه‌السلام » .

(٥) انظر : رجال الكشّي : ٥١٧ / ٨٧١ .

٣٣٦

رووها عن الصادق عليه‌السلام (١) ممّا لا دلالة فيها على مرادهم لا نصّاً ولا ظاهراً ، مع معارضتها لما هو ثابت متواتر ، ويضادّها صريحاً ممّا سيأتي في محلّه عند بيان النصوص والمعجزات في الرضا عليه‌السلام وفيمن بعده من الأئمّة عليهم‌السلام ، وفي بيان كون الأئمّة اثني عشر ، ولغير ذلك من دلائل بطلانهم ، وما ورد عن الصادق والكاظم والرضا عليهم‌السلام في كفرهم وإلحادهم وضلالهم (٢) ، ممّا لا حاجة لنا إلى الإطالة بالبيان ، حتّى نقل بعض أعيانهم في حقّ نفسه أنّ الصادق عليه‌السلام قال له : «أنت من حمير الشيعة» (٣) ، وقد روى جمع أنّ الرضا عليه‌السلام قال : «الواقفة أشباه الحمير حيارى ، كفّار زنادقة» (٤) ، فتأمّل .

__________________

(١) في حاشية «ش» : ورد : «فإنّ عمدة مستندهم ما رووه أنّ الصادق عليه‌السلام لمّا ولد موسى عليه‌السلام دخل على حميدة البربرية اُمّ موسى عليه‌السلام ، فقال عليه‌السلام : «بخّ بخّ يا حميدة ! حلّ المُلك في بيتك» .

ومن البيّن أن لا دلالة فيه على كون الإمام الخارج بالسيف؛ إذ لا شبهة في كون أصل الإمامة ملكاً ، كما قال سبحانه وتعالى : ( فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُم مُّلْكًا عَظِيمًا ) [سورة النساء ٤ : ٥٤] .

وقد تواتر عنهم عليهم‌السلام أنّ المراد بالكتاب والحكمة النبوّة وبالملك الإمامة .

وما رووه أيضاً عنه عليه‌السلام أنّه سُئل عن اسم القائم عليه‌السلام ، فقال : اسمه اسم حديدة الحلاّق . [انظر الفصول المختارة : ٣١٣ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج٢) ، بحار الأنوار ٣٧ : ١٦] .

ولا يخفى أوّلاً أنّ صدور مثل هذه العبارة بعيد عن طور الأئمّة عليهم‌السلام ، ومع هذا لا كلام أنّ كلّ إمام هو القائم في عصره ، ولم يقل : إنّه القائم بالسيف ، وربّما سألوه عن القائم بعده فأجابه بما أجاب، فلا دلالة فيه.

وقد روى جماعة عن الكاظم عليه‌السلام أنّه قال : «كلّ إمام منّا فهو القائم وأنا القائم ، ولهذا لما سئل عليه‌السلام عن القائم بالسيف ، قال : «إنّ قوماً يقولون بعد موتي هو القائم ، وما القائم إلاّ بعدي بسنين» . والأخبار من هذا القبيل كثيرة . منه رضي اللّه‏ عنه .

(٢) لم نعثر عليه .

(٣) انظر : رجال الكشّي : ٤٦٧ / ٧٥٤ و٧٥٧ ، و٥٠١ / ٨٣٢ ، و٨٣٥ / ٨٣٦ عن الكاظم عليه‌السلام .

(٤) انظر : رجال الكشّي : ٥١٥ / ٨٦١ و٨٦٢ و٨٧٢ و٨٧٦ .

٣٣٧

وأمّا الفرقة السابعة : فهم الذين قالوا بعد عليّ الرضا عليه‌السلام بإمامة أخيه أحمد بن موسى عليه‌السلام (١) ، الذي خرج مع أبي السرايا (٢) ، حيث شكّوا في تعلّق الإمامة بأبي جعفر محمّد بن علي الجواد عليه‌السلام ؛ استناداً إلى صغر سنّه ، فإنّ عمره كان يوم وفاة والده الرضا عليه‌السلام سبع سنين على المشهور ، فقالوا بعدم جواز أن يكون الإمام صبيّاً لم يبلغ الحلم (٣) ، وغفلوا عمّا ورد في كتاب اللّه‏ من حكاية عيسى ويحيى عليهما‌السلام وتعلّق النبوّة بهما في أقلّ من سنّ الجواد عليه‌السلام ، وعن حكاية تخصيص النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله عليّاً عليه‌السلام بدعوته إلى الإسلام قبل البلوغ ، والحسنين عليهما‌السلام بالمباهلة ، وأمثال ذلك ممّا ينادي باختصاص النبيّ والإمام بحالاتٍ مِنحةً من اللّه‏ تعالى لا توجد في غيرهما ، بل الحقّ الواضح على من له أدنى بصيرة أنّ حصول الجزم بتعلّق الإمامة بالصغير الذي يظهر منه كمال العلم والحلم ، والفضائل ، والمعجزات أسهل

__________________

(١) هو أحمد ابن الإمام موسى بن جعفر عليهم‌السلام ، كان كريماً ، جليلاً ، ورعاً ، وكان الإمام عليه‌السلام يحبّه ويقدّمه ، ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة ، ويقال : إنّ أحمد أعتق ألف مملوك .

وهو المدفون بشيراز المسمّى بسيّد السادات ، والمعروف بـ «شاه چراغ» .

انظر : منتهى المقال ١ : ٣٥٥ / ٢٥٨ ، قاموس الرجال ١ : ٦٦٠ / ٦٠٨ ، روضات الجنّات ١ : ٤٢ / ٨.

(٢) لعلّه السري بن منصور الشيباني ، يكنّى أبا السرايا ، من الذين تمرّدوا على العباسيّين ، وكان أوّل أمره يكري الحمير ، وقوي حاله ، فجمع عصابة كان يقطع بها الطريق ، ثمّ لحق بيزيد بن مزيد الشيباني . . . واستولى على الكوفة وغيرها ، حتّى توالت عليه جيوش العباسيّين فقتلوه ، ونُصبت جثّته على جسر بغداد ، وذلك سنة ٢٠٠ هـ .

انظر : تاريخ الطبري ٨ : ٥٢٨ ، البداية والنهاية ١٠ : ٢٤٤ ، الأعلام ٣ : ٨٢ .

(٣) انظر : فِرَق الشيعة : ٨٨ .

٣٣٨

وأظهر ، وأوكد وأبعد من الشكّ ، كما سيأتي في فصل ذكر أحوال الجواد عليه‌السلام .

ولقد كفى في بطلان هؤلاء أيضاً زوالهم وانقراضهم ، مع ثبوت عدم اجتماع الإمامة في الأخوين بعد الحسنين عليهما‌السلام ، ونحو ذلك .

وأمّا الفرقة الثامنة : فهم الذين قالوا بعد وفاة أبي الحسن الهادي عليّ ابن محمّد الرضا عليهم‌السلام بإمامة ولده الذي توفّي في زمان أبيه ، وكان اسمه محمّداً (١) ، وادّعوا أنّه لم يمت ، وأنّه حيّ ، وأنّه الإمام المنتظر ؛ استناداً إلى دعوى نصّ أبيه عليه (٢) .

وهؤلاء الفرقة ، مع كمال قلّتهم وشذوذهم حتّى في زمنهم ، وعجزهم عن إثبات نصّهم ، وثبوت تواتر موته في حياة أبيه ، قد زالوا وانقرضوا بالكلّيّة ، حتّى أنّ بعضاً منهم أقرّ بموته ، وقال بانتقال الإمامة منه إلى أخيه جعفر بن عليّ المعروف بالكذّاب (٣) (٤) ، وهم أيضاً انقرضوا رأساً .

وأمّا الفرقة التاسعة : فهم الذين قالوا بعد وفاة الهادي عليه‌السلام بإمامة ابنه أبي محمّد الحسن بن عليّ العسكري عليهما‌السلام ، لكن أنكروا وفاة أبي محمّد ، وقالوا : إنّه حيّ لم يمت ، (وإنّما غاب) (٥) ، وهو القائم المنتظر .

ومن هؤلاء من قال : إنّه مات ، لكن عاش بعد موته ؛ استناداً إلى ما

__________________

(١) في «س» و«ن» زيادة : «ابن عليّ» .

(٢) فِرَق الشيعة : ٩٤ .

(٣) هو جعفر ابن الإمام عليّ الهادي عليه‌السلام ، وله حكايات معروفة مع ابن أخيه الإمام صاحب الزمان عجّل اللّه‏ تعالى فرجه الشريف .

انظر : قاموس الرجال ٢ : ٦٤٤ / ١٤٧٧ .

(٤) انظر : فِرَق الشيعة : ٩٥ .

(٥) بدل ما بين القوسين في «م» : «وأنّه غائب» .

٣٣٩

رووه من أنّ القائم إنّما سمّي بذلك لأنّه يقوم بعد الموت (١) .

وهذه الفرقة بقسميها انقرضت أيضاً وزالت ولم يبق منهم أحد ، مع شذوذهم أوّلاً ، بحيث لم يُذكر فيهم عالم ولا أحد خاصّ معتمد عليه ، ولا كتاب ، ولا دليل ، بل نقل بعض الناس عن بعض سلفهم على سبيل الإجمال والحكاية : أنّ جماعة كانوا على هذا القول ، واللّه‏ أعلم أنّ أصل وجودهم كان صدقاً أم لا ، بل لا يبعد كون أصل النقل من الأراجيف ، وهكذا حال أكثر سائر الفِرَق التي مضى بيان انقراضها ، والتي سنذكرها هاهنا ، فلا تغفل .

وأمّا الفرقة العاشرة : فهم الذين أقرّوا صريحاً بوفاة أبي محمّد الحسن عليه‌السلام ، لكن قالوا بعده بإمامة أخيه جعفر المشهور بالكذّاب ، واعتلّوا في ذلك بالرواية عن الصادق عليه‌السلام : «أنّ الإمام هو الذي لا يوجد منه ملجأ إلاّ إليه» (٢) ، قالوا : فلمّا لم نر للحسن عليه‌السلام ولداً ظاهراً التجأنا إلى القول بإمامة جعفر أخيه (٣) .

ومنهم من رجع عن إمامة أبي محمّد عليه‌السلام عند وفاته ؛ لتوهّم عدم الولد وقال بإمامة جعفر بعد أبيه (٤) .

ومنهم من ادَّعى النصّ من الحسن عليه‌السلام لأخيه جعفر (٥) .

__________________

(١) فِرَق الشيعة ٩٦ ـ ٩٧ ، الفصول المختارة : ٣١٩ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٧٠ .

(٢) الفصول المختارة : ٣١٩ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) .

(٣) المصدر السابق .

(٤) الفصول المختارة : ٣١٩ (ضمن مصنّفات الشيخ المفيد ، ج ٢) ، فِرَق الشيعة : ١٠٠ .

(٥) فِرَق الشيعة : ٩٨ ، الملل والنحل للشهرستاني ١ : ١٧١ .

٣٤٠