من دليل خارجي اعتبار قصد امتثال احتمال الأمر في العباديات ، والدليل الخارجي الذي يستفاد منه القيد هو ما ذكرناه من البرهان ، وحاصله : أنه لا يمكن أن تكون أوامر الاحتياط مهملة ، بل لابد إما من كونها مطلقه بالنسبة إلى قصد الامتثال وعدمه ، وإما أن تكون مقيدة بقصد امتثال الأمر ، وإما أن تكون مقيدة بقصد امتثال احتمال الأمر ، لا سبيل إلى الأول والثاني بالبيان المتقدم ، فيتعين الثالث.
هذا كله مضافا إلى ما عرفت : من أن حقيقة الاحتياط هو قصد امتثال احتمال الأمر ، فلو الغى هذا القيد لم يكن من الاحتياط بشيء ، بل كان العمل بنفسه مستحبا نفسيا كسائر الأفعال المستحبة.
فالإنصاف : أن ما يحكى عن المشهور : من الفتوى باستحباب العمل الذي يحتمل وجوبه من غير تقييد إتيانه بداعي احتمال المطلوبية ، لا ينطبق على القواعد ، إلا أن يكون نظر المشهور إلى مسألة التسامح في أدلة السنن ، وذلك على إطلاقه أيضا لا يستقيم ، فان التسامح في أدلة السنن يختص بما إذا قام خبر ضعيف على استحباب الشيء أو وجوبه ـ لو قلنا : بأن الخبر الضعيف القائم على وجوب الشيء يندرج في أخبار « من بلغ » ولا تختص بالخبر القائم على الاستحباب ـ والكلام في استحباب الاحتياط أعم من ذلك ، فان فتوى المشهور باستحباب العمل الذي يحتاط فيه تشمل ما إذا كان منشأ الشبهة فقدان النص ، وأخبار « من بلغ » التي هي المدرك في مسألة التسامح في أدلة السنن لا تشمل صورة فقدان النص.
وحيث انجر الكلام إلى ذلك ، فلا بأس بالإشارة إلى مدرك ما اشتهر في الألسن : من التسامح في أدلة السنن.
فنقول : المدرك في ذلك هو ما ورد من الأخبار ، وهي كثيرة.
منها : صحيحة هشام بن سالم ، عن الصادق عليهالسلام قال : من بلغه عن النبي صلىاللهعليهوآله شيء من الثواب فعمله كان أجر ذلك له