وفي حكم ذلك ما إذا كان منشأ الشبهة تعارض النصين ، لعدم العلم بالتكليف أيضا الذي هو تمام المناط في البراءة الشرعية والعقلية.
نعم : قد ورد في مرفوعة « العلامة » إلى « زرارة » على ما في كتاب « غوالي اللئالي » عن الباقر عليهالسلام في الخبرين المتعارضين بعد أمره عليهالسلام بالأخذ بأشهرهما ثم بأعدلهما وأوثقهما ثم بما خالف العامة « قلت : ربما كانا موافقين لهما أو مخالفين لهما فكيف نصنع؟ قال عليهالسلام فخذ بما فيه الحائطة لدينك واترك ما خالف الاحتياط » (١) وهذه المرفوعة وإن كانت أخص من الأخبار الآمرة بالتخيير عند فقد المرجحات المذكورة ، إلا أن الشأن في اعتبار المرفوعة (٢) إذ لا اعتبار بالكتاب وصاحبه ، كما اعترف بذلك « صاحب الحدائق » حيث طعن في صاحب الكتاب وزيف ما فيه من الروايات ، مع أنه من الأخباريين الذين ليس من شأنهم الطعن في الروايات!. هذا كله إذا كانت الشبهة حكمية ، وقد عرفت : أنه لا فرق بين كون الشبهة لأجل فقدان النص أو إجماله أو تعارض النصين.
وان كانت الشبهة موضوعية : فالظاهر انعقاد الإجماع من الأصوليين والأخباريين على عدم وجوب الاجتناب عنها وجواز الاقتحام في الشبهة اعتمادا على أدلة البراءة الشرعية والعقلية.
وقد يتوهم : أن قاعدة « قبح العقاب بلا بيان » تختص بالشبهات الحكمية ولا تعم الشبهات الموضوعية ، لأن مورد القاعدة هو ما إذا لم يرد بيان من الشارع أصلا أو ورد ولكن لم يصل إلى المكلف ، وفي الشبهات الموضوعية البيان الذي هو من وظيفة الشارع قد ورد ووصل إلى المكلف ، لأنّ وظيفة الشارع
__________________
١ ـ عوالي اللئالي : الجزء ٤ ص ١٣٣ ح ٢٢٩ ( تحقيق مجتبى العراقي ).
٢ ـ أقول : وعلى فرض تمامية الرواية لا ينافي الحكم بالاحتياط في خصوص الخبرين المتعارضين ، نظير الحكم بالتخيير عند القائل به ، مع كون الأصل في المتعارضين التساقط والرجوع إلى الأصل لولا دلالة أخبار العلاج على خلافه ، فتدبر.