حال الصغر قبل البلوغ ، أو العدم قبل الوقت في الموقتات ، فانتظر ما يأتي في مبحث الاشتغال ، فإنه قد استوفينا الكلام في ذلك بما لا مزيد عليه في ذلك المقام.
وقد استدل للبرائة بوجوه أخر لا تخلو عن ضعف ، فلا يهمنا التعرض لها وفيما ذكرناه كفاية.
فلنشرع في أدلة الأخبارييّن
وقد استدلوا بالأدلة الثلاثة :
فمن الكتاب قوله تعالى : « فاتقوا الله حق تقاته » (١) وقوله تعالى : « واتقوا الله ما استطعتم » (٢) وقوله تعالى : « ولا تقف ما ليس لك به علم » (٣) فان الاقتحام في الشبهة ينافي التقوى المأمور بها. وكذا الحكم بالترخيص وجواز الاقتحام فيها قول بغير علم.
ولا يقال : إن الحكم بحرمة الاقتحام فيها أيضا قول بغير علم ، فان الأخباريين لا يقولون بالحرمة ، وإنما قالوا بترك الاقتحام فيها لاحتمال الحرمة ، فتأمل.
ولا يخفى : أن الآيات الشريفة بمعزل عن الدلالة على مذهب الأخباريين. أما آيات التقوى : فمع أنها لا تدل على الوجوب ، لا تنافى الاقتحام في الشبهة اعتمادا على حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان واتكالا على قوله صلىاللهعليهوآله « رفع ما لا يعلمون » ومنه يظهر : أن القول بجواز الاقتحام ليس قولا بغير علم ، لدلالة حكم العقل والشرع على عدم استحقاق العقاب على التكليف الغير الواصل ، فيكون القول بالجواز قولاً عن علم.
__________________
١ ـ سورة آل عمران الآية ١٠٢.
٢ ـ سورة التغابن الآية ١٦.
٣ ـ سورة الأسراء الآية ٣٦.