الأخباريين.
وقد استدل على البراءة بالأدلة الأربعة.
أمّا الكتاب : فبآيات منها : قوله تعالى « لا يكلّف الله نفساً إلاّ ما آتاها » (١) والاستدلال بها مبنى على أن يكون المراد من « الموصول » التكليف ومن « الايتاء » الوصول والإعلام ، فيكون المعنى « لا يكلف الله نفسا إلا بتكليف واصل إلى المكلف » وفي حال الشك لا يكون التكليف واصلا ، فلا تكليف.
وفيه أولا : أن المحتملات في الموصول ثلاثة : أحدها : ما ذكر في تقريب الاستدلال. ثانيها : أن يكون المراد من « الموصول » المال ومن « الايتاء » الملك ، فيكون المعنى : « لا يكلف الله نفسا بمال إلا بما ملكه » ثالثها : أن يكون المراد من « الموصول » مطلق الشيء ، ومن « الايتاء » الإقدار ، أي « لا يكلف الله نفسا بشيء إلا بما أقدرها ومكنها عليه ».
والآية المباركة ليس لها ظهور في الوجه الأول ، بل يمكن أن يقال بظهورها في الوجه الثالث ، لظهور « الموصول » في كونه مفعولا به ، وعلى الوجه الأول لابد وأن يكون « الموصول » مفعولا مطلق ، لأنه لا يعقل أن يتعلق التكليف بالتكليف إلا على وجه تعلق الفعل بالمفعول المطلق.
ولا يمكن أن يراد من « الموصول » الأعم من التكليف والمال والشيء (٢) فإنه لا جامع بين المفعول به والمفعول المطلق ، لأن نحو تعلق الفعل بالمفعول به يباين نحو تعلقه بالمفعول المطلق.
________________________
١ ـ سورة الطلاق الآية ٧.
٢ ـ أقول : لو لم نقل بأن تعلق الفعل بالجامع بين المفاعيل تعلق آخر غير مرتبط بأحد التعليقات الثلاثة ، مع أنه لو كان ذلك بنحو الدالين والمدلولين لا بأس بتعلقه بالموصول المتخصص بالخصوصيات بدال آخر ، وكان تعلقه بكل خاص نحوا من التعلق غير الآخر ، كما لا يخفى.