ولا يتوهّم : أن التعميم بحسب الموارد يقتضي التعميم بحسب المراتب ـ بالبيان المتقدم ـ فان ما تقدم من استلزام التعميم موردا للتعميم مرتبة إنما كان لأجل البناء على بطلان الاحتياط والبرائة في كل مسألة مسألة ، وذلك كان يقتضي التعميم مرتبة كما كان يقتضي التعميم موردا ـ بالبيان المتقدم ـ وأما لو بنينا على بطلان الرجوع إلى البراءة في مجموع الوقايع ـ كما هو مفروض الكلام ـ فالتعميم موردا وسببا لا يلازم التعميم مرتبة ، لأنه في المورد الذي لا يمكن تحصيل الظن الاطمئناني يرجع فيه إلى البراءة ، فعلى القول بالحكومة الإهمال إنما يتصور بالنسبة إلى المرتبة فقط.
وأما على القول بالكشف : فيمكن فرض الإهمال بالنسبة إلى الجهات الثلاث : موردا ومرتبة وسببا (١) ولابد حينئذ من التماس ما يعين النتيجة عموما أو خصوصا.
أما بحسب الموارد : فقد ادعى الإجماع على التعميم فيها [ وقد ادعى الإجماع على التعميم بالنسبة إلى الموارد ].
وقد أورد عليه : بأن المسألة من المسائل المستحدثة لا يصح دعوى الإجماع فيها.
والأولى التمسك للتعميم بحسب الموارد بما تقدم : من أنه بناء على الكشف يكون الظن المطلق كالظن الخاص الذي قام الدليل بالخصوص على اعتباره لا يفرق فيه بين مسائل الفقه وأبوابه ، فتأمل ، مع أنّ دعوى الإجماع في
__________________
١ ـ أقول : بناء على الكشف لو لم يكن في البين المقدمة الرابعة ـ المستلزم للاتكال في بيان مجعوله إلى حكم العقل بلزوم الأخذ بالأقرب ـ فلا وجه لتعين الحجة في الظن رأسا. وأن كانت مثل هذه المقدمة ـ المستلزم للاتكال إلى حكم العقل بتعين الأقرب في تعيين مجعوله ـ فلا يتصور الإهمال فيه ، إذ العقل لا إهمال في حكمه ولا قصور له في فهم ملاكه ، والمفروض أن الشارع أيضا أوكل في تعيين الحجة إلى العقل ، فيكون باب الكشف من هذه الجهة باب الحكومة ، إذ العقل على الحكومة أيضا إنما يعين الحجة بالمقدمة الرابعة ، وكذلك على الكشف حرفا بحرف بلا تصور إهمال فيه ، وحينئذ لا يكاد يتفصى عن الشبهة في الجمع بين حجية الظن على الكشف وإهماله.