المتكلم عن نصب قرينة المراد ، بل احتمال نصب القرينة السابقة أو اللاحقة أو احتمال قرينة الحال ـ وغير ذلك مما يفرض من الاحتمالات ـ كلها مرجوحة في نظر العرف منفية بأصالة العدم التي عليها بناء العقلاء ، من غير فرق بين المخاطب وغيره.
نعم : احتمال القرينة المنفصلة بالنسبة إلى المتكلم الذي من عادته الاعتماد على القرائن المنفصلة يكون راجحا ، إلا أن ذلك يكون إنما يقتضي وجوب الفحص عنها ، لا سقوط ظاهر كلامه عن الاعتبار ، مع أن نسبة الأخبار إلينا نسبة كتب التأليف والتصنيف ، فان نقلة الروايات في مبدء السلسلة غالبا كانوا هم المخاطبين بالكلام ـ وقد اعترف بأن ظاهر الكلام حجة في حقهم ـ وبعد ذلك أودعت تلك الروايات في الأصول ثم في الجوامع والكتب ، ولابد وأن يكون الراوي عن الإمام عليهالسلام يودع أو ينقل ما سمعه من الكلام بما احتف به من قرائن الحال والمقال ، لأن الغرض من نقله هو إفهام الغير ، فتكون الكتب المودعة فيها الروايات ككتب التأليف والتصنيف التي اعترف بحجية ظواهرها أيضا لكل من نظر فيها.
فالإنصاف : أنه لا فرق في حجية الظواهر بين ظواهر الأخبار وغيرها ، وبين من قصد إفهامه وغيره ، هذا كله فيما يتعلق بحجية الظواهر من المباحث.
وأما المباحث المتعلقة بتشخيص الظاهر وتعيين أن اللفظ الكذائي ظاهر في أي معنى :
فخلاصة الكلام فيها : هو أن كل كلام يتضمن النسبة
__________________
كان نظره إلى عدم حجية الظهور إلا في صورة إحراز كون المتكلم في مقام تفهيم مرامه لكل أحد لا لشخص خاص ـ وإلا فلا مجال لغيره بحصول الظن بمرامه ولو نوعا الذي هو المدار في الدلالة التصديقية الذي هو موضوع الحجية لدى العقلاء ـ فلا يفي بدفعه أصالة عدم القرينة الخفية لإثبات الحجية ، كما لا يخفى.
وحينئذ لا محيص من أن يقال : إنه يكفي لحجيته محض إحراز كونه في مقام التفهيم ولو لشخص خاص بلا احتياج إلى إحراز كونه في مقام تفهيم الكل ، لبناء العقلاء على إلزام الطرف بسماع الغير كلامه.