في الحكم من حيث كونه موجبا للحيرة في الواقع وغير موصل إليه ولا منجز له ، فقد لوحظ في الرخصة وجود الحكم الواقعي ، ومعه كيف يعقل أن تضاد الحكم الواقعي.
وبالجملة : الرخصة والحلية المستفادة من « حديث الرفع » و « أصالة الحل » تكون في عرض المنع والحرمة المستفادة من ايجاب الاحتياط ، وقد عرفت : أن ايجاب الاحتياط يكون في طول الواقع ومتفرعا عليه ، فما يكون في عرضه يكون في طول الواقع أيضا ، وإلا يلزم أن يكون ما في طول الشيء في عرضه ، فتأمل.
هذا تمام الكلام في إمكان التعبد بالأمارات الغير العلمية ، وقد عرفت بما لا مزيد عليه : أنه لا محذور فيه ، لا ملاكا ولا خطابا.
المبحث الثاني
في تأسيس الأصل عند الشك في التعبد بالأمارة
ولا ينبغي التأمل والإشكال في أن الأصل يقتضي حرمة التعبد بكل أمارة لم يعلم التعبد بها من قبل الشارع.
ويدل على ذلك من الكتاب ، قوله تعالى : « قل آلله أذن لكم أم على الله تفترون » (١) بناء على شمول الافتراء لمطلق إسناد الشيء إليه تعالى ولو مع عدم العلم بأنه منه تعالى ، لا خصوص ما علم أنه ليس منه تعالى ـ كما قيل ـ ولو سلم عدم شمول الافتراء لما لا يعلم موضوعا فلا أقل من شموله حكما ، لأنه جعل في مقابل الإذن ، فتدل الآية الشريفة على أن كل ما لم يؤذن
__________________
المقامات هو نفس العنوان لا المعنون ، فوحدة المعنون لا يضر بتعدد الحكم لكل منهما بعنوان غير الآخر. ولقد أبسطنا الكلام في مسألة التجري ، وبهذا البيان أيضا رفعنا هناك التضاد بين قبح التجري وحسن الواقع ، كما عرفت ، فتدبر في المقام فإنه من مزال الأقدام.
١ ـ سورة يونس الآية ٥٩.