ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٣

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-105-2
الصفحات: ٤٨٣

وروى عمار عن الصادق عليه‌السلام في الأرض النجسة إذا أصابتها الشمس : « فلا تجوز الصلاة على القذر حتى ييبس » (١).

وبإزائها خبر عبد الله بن بكير عن الصادق عليه‌السلام في الشاذكونة يصيبها الاحتلام أيصلي عليها؟ قال : « لا » (٢). وطريق الجمع الحمل على الكراهية ، أو على تعدّي النجاسة ، مع انّ الصحة هي المشهورة بين الأصحاب.

واحتج العامة بنهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الصلاة في المزبلة والمجزرة ، ولا علة سوى النجاسة (٣).

قلنا : هي متعدّية غالبا ، مع إمكان كونه نهي تنزيه.

وعلى قول المرتضى ، الأقرب انّ المكان ما لا يصدق أعضاء المصلي وثيابه لا ما أحاط به في الجهات الأخر ، لأنّه المفهوم من المكان.

ولو كان المكان نجسا بما عفي عنه ـ كدون الدرهم دما ـ ويتعدّى ، فالظاهر انّه عفو ، لانه لا يزيد على ما هو على المصلي.

وعلى قول المرتضى ، لو كان على المكان ولا يتعدّى فالأقرب انّه كذلك ، لما قلناه. ويمكن البطلان ، لعدم ثبوت العفو هنا.

وعلى قول المرتضى ، الظاهر انه لا يشترط طهارة كل ما تحته ، فلو كان المكان نجسا ففرش عليه طاهر صحت الصلاة ، وقد رواه عامر القمي عن الصادق عليه‌السلام (٤).

ولو سقط طرف ثوبه أو عمامته على نجاسة ، أمكن على قوله بطلان‌

__________________

(١) التهذيب ١ : ٢٧٢ ح ٨٠٢ ، ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨ ، الاستبصار ١ : ١٩٣ ح ٦٧٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٦٩ ح ١٥٣٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣ ح ١٥٠١.

(٣) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ٦٨. وانظر سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ح ٧٤٦ ، الجامع الصحيح ٢ : ١٧٨ ح ٣٤٦ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٢٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢٥ ، الفقيه ١ : ١٥٧ ح ٧٣٣ ، التهذيب ٢ : ٣٧٤ ح ١٥٥٦.

٨١

الصلاة ، اعتدادا بانّ ذلك مكان الصلاة.

الخامسة : اختلفت الروايات في صلاة المرأة أمام الرجل أو إلى جانبيه ، فروى جميل بن دراج عن الصادق عليه‌السلام جوازها بحذائه (١). وروى العلاء عن محمد عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا ينبغي ذلك » (٢). والسؤال عن حذائه أيضا.

وروى عمار عن الصادق عليه‌السلام : « لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشر أذرع ، وان كانت عن يمينه أو يساره فكذلك ، فان صلت خلفه فلا بأس وان كانت تصيب ثوبه ، وان كانت قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا بأس » (٣) وروى مثل ذلك جماعة عن الباقر والصادق عليهما‌السلام (٤).

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « أخروهن من حيث أخرهن الله » (٥).

وعلى الأول المرتضى ـ رحمه‌الله ـ والحليون (٦). وعلى الثاني الشيخان وأتباعهما (٧) وأضافوا إليه دعوى الإجماع (٨). والأول اثبت ، لأنّ الأمر بالصلاة مطلق فلا يتقيد بغير ثبت ، والاخبار متعارضة ، والجمع بالكراهية متوجّه.

وقال الجعفي : ومن صلى وحياله امرأة ليس بينهما قدر عظم الذراع فسدت صلاته.

وروى جميل عن الصادق عليه‌السلام : « إذا كان سجودها مع ركوعه فلا‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣٢ ح ٩١٢ ، الاستبصار ١ : ٤٠٠ ح ١٥٢٧.

(٢) الكافي ٣ : ٢٩٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ ح ٩٠٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٨ ح ١٥٢٠.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٣١ ح ٩١١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ ح ١٥٢٦.

(٤) راجع : الكافي ٣ : ٢٩٨ ، التهذيب ٢ : ٢٣٠ ح ٩٠٥ ـ ٩١١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٣.

(٥) جامع الأصول ١١ : ١٦ ح ٨٤٨٠ ، وأخرجه عبد الرزاق في مصنفه ٣ : ١٤٩ ح ٥١١٥ موقوفا عن ابن مسعود.

(٦) راجع : السرائر : ٧٥ ، المعتبر ٢ : ١١٠ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٨٩ ، مختلف الشيعة : ٨٥.

(٧) المقنعة : ٢٥ ، النهاية : ١٠٠ ، المبسوط ١ : ٨٦ ، الوسيلة : ٨٧ ، الكافي في الفقه : ١٢٠.

(٨) الخلاف ١ : ٤٢٣ المسألة : ١٧١.

٨٢

بأس » (١).

وعن زرارة عن الباقر عليه‌السلام : « لا تصلي قدّامه ، الا ان يكون قدامها ولو بصدره » (٢).

فرع :

لا فرق بين المحرم والأجنبية ، والمقتدية به والمنفردة ، لشمول اللفظ.

نعم ، يشترط كون الصلاتين صحيحتين ، فلا يتعلق بالفاسد هنا حكم المنع ولا الكراهية.

ويزول التحريم أو الكراهية بالحائل ، أو بعد عشر أذرع فصاعدا. ولو لم يمكن التباعد بذلك ، قدّم الرجل في الصلاة وجوبا أو استحبابا ، الا مع ضيق الوقت ، لما رواه محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام في المرأة تزامل الرجل في المحمل ، أيصليان جميعا؟ قال : « لا ، ولكن يصلّي الرجل فإذا فرغ صلت المرأة » (٣).

ولو اقترنت الصلاتان بطلتا. ولو سبقت إحداهما ، أمكن بطلان الثانية لا غير ، لسبق انعقاد الاولى فيمنع من انعقاد الثانية. ويحتمل بطلانهما معا ، لتحقق الاجتماع في الموقف المنهي عنه.

ولو اقتدت بإمام بطلت صلاة أهل الجانبين والوراء. ولو حاذت الامام ، قال الشيخ : تبطل صلاتهما دون المأمومين (٤) وهو بناء على انّ الطارئة تدافع السابقة فتبطلان. ومع هذا ، فعلى مذهبه ينبغي بطلان صلاة من خلفها أيضا بدون الحائل أو البعد ، ثم صحة صلاتهم مشكلة مع علمهم ببطلان صلاة الامام ، اما مع الجهل فلا بحث.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٧٩ ح ١٥٨١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ ح ١٥٢٤.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٧٩ ح ١٥٨٢ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ ح ١٥٢٥.

(٣) الكافي ٣ : ٢٩٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٣١ ح ٩٠٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٩ ح ١٥٢٢.

(٤) المبسوط ١ : ٨٦.

٨٣

وفي رواية علي بن جعفر عن أخيه عليهما‌السلام : إذا صلت حيال الامام وكان في الصلاة قبلها أعادت وحدها (١) وفيه دلالة على فساد الطارئ.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٣٢ ح ٩١٣.

٨٤

الفصل الثاني : في مكروهات المكان.

تكره الصلاة في مواضع :

أحدها : الفريضة جوف الكعبة‌

عند الأكثر (١). وحرّمها في الخلاف (٢) وتبعه ابن البراج (٣).

واحتج الشيخ بالإجماع. ولقول الله تعالى ( فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ) أي : نحوه ، وانما يصدق ذلك إذا كان خارجا منه. ولأنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في رواية أسامة دخل البيت ودعا ، وخرج فوقف على بابه وصلّى ركعتين وقال : « هذه القبلة ، هذه القبلة » وأشار إليها ، فإذا صلّي في جوفها لم يصل الى ما أشار إليه بأنّه هو القبلة. وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام قال : « لا تصلّ المكتوبة في جوف الكعبة » (٤). ولاستلزامه الاستدبار بصلاة الفريضة ، وهو قبيح.

وأجيب بمنع الإجماع ، كيف وهو في أكثر كتبه قائل بالكراهية (٥)! والنحو : الجهة ، ويكفي استقبال أي جزء كان منه خارجا فكذا داخلا وإذا استقبل جزءا منها فقد استقبل الكعبة ، فيخرج الجواب عن رواية أسامة. والنهي في رواية ابن مسلم للكراهية كما عليه الأصحاب. والاستدبار القبيح هو‌

__________________

(١) راجع : الوسيلة ، المعتبر ٢ : ٦٦ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.

(٢) الخلاف ١ : ٤٣٩ المسألة : ١٨٦.

(٣) المهذب ١ : ٧٦.

(٤) الخلاف ١ : ٤٤٠ المسألة : ١٨٦.

ورواية أسامة في : مسند احمد ٥ : ٢٠١ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٦٨ ح ١٣٣٠ ، سنن النسائي ٥ : ٢٢٠ ، السنن الكبرى ٢ : ٨.

ورواية محمد بن مسلم في : الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١٨ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ ح ١٥٦٤.

(٥) المبسوط ١ : ٨٥ ، النهاية : ١٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ ، الجمل والعقود : ١٧٨.

٨٥

المشتمل على ترك الاستقبال لا مطلق الاستدبار.

فإن قلت : فما وجه الكراهية إذن؟

قلت : التقصي من الخلاف أولا ، وجواز الائتمام في الفريضة فيكثر المستدبرون ، ولأنّ صورة الاستدبار واقعة في الجملة.

وكذا يكره على سطحها إذا أبرز شيئا منها ، لأنّها قبلة الى أعنان السماء ، فيتحقق الاستدبار أيضا ، ولما روي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن الصلاة على ظهر بيت الله (١) فيحمل على الكراهية.

قالوا : إذا صلّى جوفها أو على سطحها ، فقد صلّى فيها وعليها لا إليها ، والواجب الصلاة إليها (٢).

قلنا : قد بيّنا انّ المراد بالصلاة إليها إلى جزء من جهتها. ولا يفتقر إلى سترة بين يديه مثبتة أو غير مثبتة.

قال الكليني ـ رحمه‌الله ـ عقيب إيراد رواية محمد بن مسلم المذكورة : وروي في حديث آخر : « يصلي في أربع جوانبها إذا اضطر الى ذلك » (٣).

قلت : هذا إشارة إلى أنّ القبلة إنّما هي جميع الكعبة ، فعند الضرورة إذا صلى في الأربع فكأنّه استقبل جميع الكعبة ، وانما جازت النوافل لانه لا يشترط فيها الاستقبال عند كثير من الأصحاب (٤).

وفي التهذيب : لا تجوز صلاة الفريضة في الكعبة مع الاختيار ، وتجوز مع الضرورة وخوف الوقت ، لرواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا تصل المكتوبة في الكعبة ».

__________________

(١) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ح ٧٤٧ ، الجامع الصحيح ٢ : ١٧٨ ح ٣٤٦ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٢٩.

(٢) المغني ١ : ٧٥٧.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩١.

(٤) راجع : الوسيلة : ٨٦ ، شرائع الإسلام ١ : ٦٧ ، المعتبر ٢ : ٦٥.

٨٦

وروى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما‌السلام : « لا تصلح المكتوبة جوف الكعبة » ، واما إذا خاف فوت الصلاة فلا بأس ان يصليها جوف الكعبة.

وعن يونس بن يعقوب قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام : حضرت الصلاة المكتوبة وانا في الكعبة ، أفأصلي فيها؟ قال : « صل » (١).

قلت : الأصح الكراهية لا غير وتنتفي بضيق الوقت ، وهو أحرى في الجمع بين الأخبار وعموم الكتاب والسنة.

وروى الأصحاب عن عبد السلام بن صالح عن الرضا عليه‌السلام في الذي تدركه الصلاة فوق الكعبة ، فقال : « ان قام لم يكن له قبلة ، ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه الى السماء ، ويقصد بقلبه القبلة في السماء الى البيت المعمور ويقرأ ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه ، وإذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه ، والسجود على نحو ذلك » (٢). وادعى الشيخ عليه الإجماع (٣) وفيه إشارة إلى اعتبار البنية (٤) والى امتناع الفريضة أيضا جوفها.

وردّه المتأخرون باستلزامه سقوط القيام ومعظم أركان الصلاة اختيارا ، والرواية لم يثبت صحة سندها ، فكيف تعارض الاحكام المقطوع بوجوبها (٥).

وثانيها : الى القبور. وقال المفيد : لا تجوز إلاّ بحائل ولو عنزة ، أو قدر لبنة ، أو ثوب موضوع ، ولو كان قبر امام (٦). والعموم يدفع هذا ، وقد روى علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه‌السلام في الصلاة بين القبور‌

__________________

(١) التهذيب ٥ : ٢٧٩ ، والروايات الثلاث فيه برقم ٩٥٣ ـ ٩٥٥ ، والاستبصار ١ : ٢٩٨ ح ١١٠١ ـ ١١٠٣.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢١ ، التهذيب ٢ : ٣٧٦ ح ١٥٦٦.

(٣) الخلاف ١ : ٤٤١ المسألة : ١٨٨.

(٤) في س : النية.

(٥) راجع : المعتبر ٢ : ٦٨ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٠٠.

(٦) المقنعة : ٢٥.

٨٧

قال : « لا بأس » (١).

وروى معمر بن خلاد عن الرضا عليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة » (٢) وكأنّ هذا حجة المفيد ، لأنّ المطلق يحمل على المقيد.

قلنا : يدل على ثبوت البأس مع اتخاذه قبلة ، والبأس أعمّ من المحرّم.

والشيخ كره الصلاة بين القبور الا مع الساتر ولو عنزة ، أو بعد عشر أذرع قدّامه وعن جانبيه ، ولا بأس ان يكون ذلك خلفه (٣) لرواية عمار عن الصادق عليه‌السلام : « لا يجوز » ، وشرط في الخلف عشرا أيضا (٤).

فرع :

لو صلّى على ظهر القبر كره أيضا. ولو تكرّر الدفن فيه والنبش ، وعلم نجاسة التراب بالصديد وتعدّى الى المصلى ، امتنع والا فلا.

وثالثها : البيع والكنائس ، عند ابن البراج (٥) وسلار (٦) وابن إدريس (٧) لعدم انفكاكها من نجاسة غالبا. وفي رواية العيص عن الصادق عليه‌السلام الجواز ، وانه يجوز جعلها مساجد (٨) وبه قال الشيخ المفيد والشيخ أبو جعفر رحمهم‌الله (٩).

ولو كانت مصورة كره قطعا من حيث الصور.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٥٨ ح ٣٣٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٤ ح ١٥٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ ح ١٥١٥.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٨٨ ح ٨٩٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ ح ١٥١٤.

(٣) المبسوط ١ : ٨٥ ، النهاية : ٩٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٧ ح ٨٩٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٧ ح ١٥١٣.

(٥) المهذب ١ : ٧٦.

(٦) المراسم : ٦٥.

(٧) السرائر : ٥٨.

(٨) التهذيب ٢ : ٢٢٢ ح ٨٧٤.

(٩) المقنعة : ٢٥ ، المبسوط ١ : ٨٦ ، النهاية : ١٠٠.

٨٨

ورابعها : بيوت المجوس ، لأنها مظنة النجاسة. وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « رش وصل » (١) أي : في بيوت المجوس.

قال الأصحاب : ولا بأس ببيت فيه يهودي أو نصراني لا مجوسي (٢) ، لرواية أبي جميلة عنه عليه‌السلام (٣).

وخامسها : إلى النجاسة الظاهرة كالعذرة ، لرواية الفضيل بن يسار عن الصادق عليه‌السلام : « تنح عنها ما استطعت ، ولا تصل على الجواد » (٤).

وكذا إلى حائط ينز من بالوعة البول ، لمرسلة أحمد بن أبي نصر عن الصادق عليه‌السلام (٥).

وكذا في بيوت الغائط ، للمظنة ، وفحوى الخبر (٦).

وسادسها : سعلى الجادة ، لما مر ، ولما روي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : نهى عن الصلاة بمحجة الطريق (٧) ولرواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا بأس ان تصلي في الظواهر التي بين الجواد ، فاما على الجواد فلا » (٨).

وسابعها : مرابض الخيل والبغال والحمر ، لكراهية فضلاتها ، وبعد انفكاك الموضع منها ، ولمضمر سماعة : « فاما مرابض الخيل والبغال فلا » (٩)

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٢٢ ح ٨٧٧.

(٢) راجع : المبسوط ١ : ٨٦ ، النهاية : ١٠١ ، الوسيلة : ٨٨ ، شرائع الإسلام ١ : ٧٢ ، نهاية الإحكام ١ : ٣٤٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ ح ١٥٧١.

(٤) المحاسن : ٣٦٥ ، الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١٧ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ ح ٨٩٣ ، ٣٧٦ ح ١٥٦٣.

(٥) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢١ ح ٨٧١.

(٦) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢١ ح ٨٧١.

(٧) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ح ٧٤٧ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٢٩.

(٨) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٥.

(٩) التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٧ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ ح ١٥٠٦.

٨٩

وزاد الكليني في روايته عن سماعة : الحمير (١).

ولا بأس بمرابض الغنم إذا نضحه بالماء وقد كان يابسا ، لما في هذه الرواية (٢).

وثامنها : معاطن الإبل‌ ـ وهي مباركها ـ لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا أدركتك الصلاة وأنت في مراح الغنم فصل فيه فإنها سكينة وبركة ، وإذا أدركت الصلاة وأنت في معاطن الإبل فاخرج منها وصل فإنها جن من جن خلقت » (٣).

وقيل : ان عطفها مواطن الجن ، ولانّه لا يؤمن نفورها فتشغل المصلي.

ولا تمنع فضلاتها من الصلاة فيها عندنا ، لطهارتها.

وتاسعها : حديث معاوية بن عمار‌ عن الصادق عليه‌السلام من : « البيداء وهي ذات الجيش ، وذات الصلاصل ، وضجنان » (٤).

وفي رواية البزنطي عن الرضا عليه‌السلام : « لا تصل في البيداء ». فسأله عن حدها ، فقال : « كان جعفر عليه‌السلام إذا بلغ ذات الجيش جدّ في المسير ، ولا يصلّي حتى يأتي معرس النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ». قلت : واين ذات الجيش؟ فقال : « دون الحفيرة بثلاثة أميال » (٥).

قلت : قال بعض العلماء : هي الشرف الذي أمام ذي الحليفة مما يلي مكة ، وكل أرض ملساء تسمى البيداء.

وعاشرها : في بيت فيه خمر أو مسكر ، لرواية عمار عن الصادق عليه‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٣.

(٢) راجع الهامش ٩ ، من الصفحة ٨٩.

(٣) ترتيب مسند الشافعي ١ : ٦٧ ح ١٩٩ ، السنن الكبرى ٢ : ٤٤٩.

(٤) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ح ١٥٦٠ ، وصدر الحديث : « الصلاة تكره في ثلاثة مواطن من الطريق : البيداء .. ».

(٥) المحاسن : ٣٦٥ ، الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ح ١٥٥٨.

٩٠

السلام (١).

وحادي عشرها : ما أرسله عبد الله بن الفضل عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « عشرة مواضع لا يصلي فيها : الطين ، والماء ، والحمام ، والقبور ، ومسان الطرق ، وقرى النمل ، ومعاطن الإبل ، ومجرى الماء ، والسبخ ، والثلج » (٢).

وفي رواية سماعة ، قال : سألته عن الصلاة في السباخ ، قال : « لا بأس به » (٣). قال في التهذيب : المراد به مع استواء موضع السجود ، لتصريح رواية أبي بصير عن الصادق عليه‌السلام بهذا التفصيل (٤) ، وفي حكمها في الكراهية الرمل المنهال اما الملبّد فلا بأس.

وثاني عشرها : ما رواه عمار عنه عليه‌السلام من النهي عن الصلاة وفي قبلته مصحف مفتوح ، أو نار ، أو حديد ، ولو كانت في مجمرة ، أو قنديل معلق (٥).

وفي رواية علي بن جعفر عن أخيه عليه‌السلام في السراج في القبلة : « لا يصلح ان يستقبل النار » (٦).

وهذه المناهي للكراهية عند أكثر الأصحاب ، ولما رفعه عمرو بن إبراهيم‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢٤ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٤ ، ٣٧٧ ح ١٥٦٨ ، الاستبصار ١ : ١٨٩ ح ٦٦٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٢ ، الفقيه ١ : ١٥٦ ح ٧٢٥ ، الخصال : ٤٣٤ ، التهذيب ٢ : ٢١٩ ح ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ ح ١٥٠٤.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٢١ ح ٨٧٢ ، الاستبصار ١ : ٣٩٥ ح ١٥٠٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٢١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ ، والحديث فيهما برقم ٨٧٣ ، ١٥٠٩.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٥ ، الفقيه ١ : ١٦٥ ح ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ح ٨٨٨ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ ح ١٥١٠.

(٦) قرب الاسناد : ٨٧ ، الكافي ٣ : ٣٩١ ح ١٦ ، الفقيه ١ : ١٦٢ ح ٧٦٣ ، التهذيب ٢ : ٢٢٥ ح ٨٨٩ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ ح ١٥١١.

٩١

الهمداني إلى الصادق عليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة إلى النار والسراج والصورة ، انّ الذي يصلّي له أقرب إليه من الذي بين يديه » (١) ، ونسبها الصدوق ـ في الفقيه ـ والشيخ الى الشذوذ والإرسال ، فلا يعمل بها إلاّ رخصة ، وهو مخالف لعادة الشيخ في التأويل فإنه هنا ممكن.

قال الأصحاب : وتكره في بيوت النيران ، لئلا يشبه عابد النار (٢).

وروى محمد بن مسلم عن الباقر عليه‌السلام : « انه يطرح على التماثيل قدّامه ثوبا ، وان كانت خلفه أو عن جانبيه فلا بأس » (٣).

وثالث عشرها : وادي الشقرة ـ بضمّ الشين ، وإسكان القاف ـ لمرسلة ابن فضال عن الصادق عليه‌السلام : « لا تصل فيه » (٤).

وقيل : بفتح الشين وكسر القاف ، وانّه موضع مخصوص.

وقيل : ما فيه شقائق النعمان.

وقيل : انّها والبيداء وضجنان وذات الصلاصل مواضع خسف.

قال في التذكرة : وكذا كل موضع خسف به (٥).

ورابع عشرها : بطون الأودية ، لكونه مجرى الماء فجاز ان يهجم عليه.

وخامس عشرها : أرض عذّب أهلها ، لأنّ الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما مرّ بالحجر قال : « لا تدخلوا على هؤلاء المعذبين ، الا ان تكونوا باكين ان يصيبكم مثل ما أصابهم » (٦). وليس في هذا دلالة على كراهية الصلاة فيها.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٢ ح ٧٦٤ ، علل الشرائع : ٣٤٢ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ ح ٨٩٠ ، الاستبصار ١ : ٣٩٦ ح ١٥١٢.

(٢) المبسوط ١ : ٨٦ ، المهذب ١ : ٧٦ ، الوسيلة : ٨٨.

(٣) المحاسن : ٦١٧ ، التهذيب ٢ : ٢٢٦ ح ٨٩١ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ ح ١٥٠٢ ، باختصار في الألفاظ.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١١ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ح ١٥٦١.

(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.

(٦) المصنف لعبد الرزاق ١ : ٤١٥ ح ١٦٢٥ ، مسند احمد ٢ : ٩ ، صحيح البخاري ١ : ١١٨ ، صحيح مسلم ٤ : ٢٢٨٥ ح ٢٩٨٠ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حيان ٨ : ٢٨ ح ٦١٦٨.

٩٢

نعم ، روي انّ عليّا عليه‌السلام ترك الصلاة في أرض بابل لذلك حتى عبر ، وصلّى في الموضع المشهور بعد ما ردّت له الشمس الى وقت الفضيلة (١).

وسادس عشرها : ما تضمّنه الخبر المشهور عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه نهي عن الصلاة في سبعة مواطن ، وقد تقدم أكثرها بأدلة أخرى ، وهي : ظهر بيت الله ، والمقبرة ، والمزبلة ، والمجزرة ، والحمام ، وعطن الإبل ، ومحجة الطريق (٢).

وسابع عشرها : الصلاة الى باب مفتوح أو إنسان مواجه ، قاله أبو الصلاح (٣).

وقال في التذكرة : لاستحباب السترة بينه وبين ممر الطريق (٤).

وقال في المعتبر : لا بأس باتباع فتواه ، لأنّه أحد الأعيان (٥).

فروع :

لا بأس بالنافلة جوف الكعبة بل يستحب ، لما ذكره الأصحاب في المناسك (٦) ورواه العامة عن بلال ، قال : ترك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمودا عن يمينه ، وعمودا عن يساره ، وثلاثة أعمدة من ورائه ، وكان البيت على ستة أعمدة إذ ذاك وصلّى (٧). وكذا على ظهرها.

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٣٠ ح ٦١١ ، علل الشرائع : ٣٥٢.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٦ ح ٧٤٧ ، الجامع الصحيح ٢ : ١٧٨ ح ٣٤٦ ، السنن الكبرى ٢ : ٣٢٩.

(٣) في النسخة المطبوعة من « الكافي في الفقه » سقط ، اثبت فيه محقق الكتاب عبارة المتن عن مختلف الشيعة وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي.

(٤) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.

(٥) المعتبر ٢ : ١١٦.

(٦) كابن حمزة في الوسيلة : ٩٠.

(٧) الموطأ ١ : ٣٩٨ ، ترتيب مسند الشافعي ١ : ٦٨ ح ٢٠٠ ، مسند احمد ٢ : ١١٣ ، صحيح البخاري ١ : ١٣٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٦٦ ح ١٣٢٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٢١٣ ح ٢٠٢٣.

٩٣

وفي اشتراط إذن أهل الذمة في البيعة والكنيسة احتمال ، تبعا لغرض الواقف ، وعملا بالقرينة ، ولإطلاق الأخبار بالصلاة فيها.

والظاهر انّ الكراهية في بيت فيه مجوسي شاملة لبيت المصلّي ، ويمكن تعدّيها الى اجتماعه معه في الصحراء.

ولا فرق بين كون الطريق مشغولا بالمارة أولا ، للعموم. نعم ، لو عطّل المارّة بصلاته فالأقرب فسادها ، لتحقق النهي.

والأقرب انّه لا فرق في المعطن والمربض بين كون الدابة حاضرة فيه أو لا. ولا فرق بين ان يعلم طهارة الحمام أو لا. اما المسلخ فالظاهر عدم الكراهية ، وقال في التذكرة : ان علّلناه بالنجاسة لم يكره ، وان علّلناه بكشف العورة أو بكونه مأوى الشياطين كره (١).

ولو اضطر إلى الصلاة على الثلج لبده وسجد على غيره ، فان تعذّر قال الشيخ : دقّ الثلج وسجد عليه (٢) والمراد ان يجتمع فتتمكن منه الجبهة. وروى داود الصرمي قال : سألت أبا الحسن عليه‌السلام ، الى قوله : « ان أمكنك أن لا تسجد على الثلج فلا تسجد عليه ، وان لم يمكن فسوّه واسجد عليه » (٣).

وفي التعدّي إلى بيت فيه فقاع احتمال ، أقربه ذلك ، لما روي : « انّه خمر مجهول » (٤).

ولو كان في البيت إناء فيه بول وشبهه احتمل ذلك ، لما روي : « انّ الملك لا يدخل بيتا فيه كلب ، ولا تمثال جسد ، ولا إناء يبال فيه » (٥) وحينئذ‌

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.

(٢) المبسوط ١ : ٨٦.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٠ ح ١٤ ، الفقيه ١ : ١٦٩ ح ٧٩٨ ، التهذيب ٢ : ٣١٠ ح ١٢٥٦.

(٤) الكافي ٦ : ٤٢٢ ح ١ ، ٧ ، ٨ ، التهذيب ٩ : ١٢٤ ح ٥٣٩ ، ٥٤١.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٣ ح ٢٧ ، الخصال : ١٣٨ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ ح ١٥٧٠.

٩٤

يمكن كراهة الصلاة في بيت فيه أحد هذه ، إذ القرب من الملك محبوب وخصوصا في الصلاة.

تتمّة :

قال أبو الصلاح : لا يحل للمصلي الوقوف في معاطن الإبل ، ومرابط الخيل والبغال والحمير والبقر ، ومرابض الغنم ، وبيوت النار ، والمزابل ، ومذابح الانعام ، والحمامات ، وعلى البسط المصورة ، وفي البيت المصور ، ولنا في فسادها في هذه المحال نظر (١).

ثم قال : لا يجوز التوجه الى النار ، والسلاح المشهور ، والنجاسة الظاهرة ، والمصحف المنشور ، والقبور ، ولنا في فساد الصلاة مع التوجه إلى شي‌ء من ذلك نظر (٢).

وكأنّه نظر الى صيغ النهي في الاخبار ، وتردّد في الفساد ، من الامتثال والنهي عن وصف خارجي ، ومن إجرائه مجرى النهي عن المكان المغصوب.

والأصح الكراهية ، لما قاله الأكثر.

قال : ويكره التوجه الى الطريق ، والحديد ، والسلاح المتواري ، والمرأة النائمة بين يديه أشدّ كراهية. وكأنّه نظر الى انّ في ذلك نقصا في أعمال الصلاة (٣).

وقال الصدوق والمفيد ـ رحمهما الله ـ : لا تجوز الصلاة على جواد الطرق (٤) حملا للنهي على ذلك. ويعارض برواية محمد بن الفضيل عن الرضا عليه‌السلام : « كل طريق يوطأ ويتطرق ، وكانت فيه جادة أو لم تكن ، فلا ينبغي‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٢) في النسخة المطبوعة من « الكافي في الفقه » سقط ، اثبت فيه محقق الكتاب عبارة المتن عن مختلف الشيعة وتذكرة الفقهاء للعلامة الحلي.

(٣) الكافي في الفقه : ١٤١.

(٤) الفقيه ١ : ١٥٦ ، المقنعة : ٢٥.

٩٥

الصلاة فيه » (١) وبرواية الحلبي عن الصادق عليه‌السلام في الصلاة على ظهر الطريق : « لا بأس » (٢).

ومنع الصدوق من الصلاة في بيت فيه خمر محصور في آنية (٣). وقال المفيد : لا تجوز الصلاة في بيوت الخمور (٤) لظاهر النهي. وشهرة الكراهة مع قضية الأصل تدفعه.

وقال ابن الجنيد : ولا أختار ان تصلّى الفريضة في الكعبة وقضاؤها لغير ضرورة ، ولو صلاها وقضاها أو النوافل فيها جازت. فظاهره كراهة النافلة أيضا.

قال : وكل أرض اختلطت بها نجاسة فلا يلقى المصلّي بمساجده إياها ، وان جعل بينهما حائلا جاز. وكأنّه يرى وجوب طهارة المصلّي ، الا ان يريد الاستحباب.

قال : وكذلك منازل أهل الذمة ، وبيعهم وكنائسهم ، وبيوت نيرانهم ، وكذا بيوت من يرى طهارة بعض الأنجاس.

وظاهره تعليل كراهة الصلاة على الطريق بأنّها مظنة النجاسة ـ وبه علل الفاضل (٥) ـ قال : ولا تستحب الصلاة على الأرض الرطبة ، لأن الجبهة تغوص فيها ، ولإمكان نجاسة الماء الذي بلها. قال : وقد روي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى راكبا بالإيماء من أجل مطر.

وذكر ابن الجنيد ان التماثيل والنيران مشعلة في قناديل ، أو سرج أو شمع أو جمر ، معلقة أو غير معلقة ، سنة المجوس وأهل الكتاب.

قال : ويكره ان يكون في القبلة مصحف منشور وان لم يقرأ فيه ، أو سيف‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ٨ ، الفقيه ١ : ١٥٦ ح ٧٢٨ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٦.

(٢) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ٢٢٠ ح ٨٦٥.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٩ ، المقنع : ٢٥.

(٤) المقنعة : ٢٥.

(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٨٨.

٩٦

مسلول ، أو مرآة يرى المصلّي نفسه أو ما وراءه.

وقال في المبسوط والنهاية في بيوت المجوس : انّه يرش الموضع بالماء ، فإذا جفّ صلى فيه (١) والتقييد بالجفاف حسن.

قال في المبسوط : ولا يصلي وفي قبلته أو يمينه أو شماله صورة وتماثيل الا ان يغطيها ، فان كانت تحت رجله فلا بأس (٢).

وقال في السيف المشهور : لا بأس بكونه في القبلة عند الخوف من العدو (٣).

وقال : تكره الصلاة في موضع ينز حائط قبلته من بول أو قذر (٤) ، فزاد ذكر القذر.

وألحق الشي‌ء المكتوب بالمصحف ، لانّه يشغله عن الصلاة (٥) وبه علل في النهاية (٦).

وقال الصدوق : وسأل علي بن جعفر أخاه عليه‌السلام عن المصلي وأمامه شي‌ء من الطير ، أو نخلة حاملة ، أو يصلي في كرم حامل ، فقال : « لا بأس ». وعن المصلّي وأمامه حمار واقف ، قال : « يضع بينه وبينه قصبة أو عودا ، أو شيئا يقيمه بينهما ، ثم يصلي » (٧).

قال الصدوق : وسأل عمار الصادق عليه‌السلام في المصلّي وبين يديه تور فيه نضوح ، قال : « نعم ». وعن الرجل يلبس الخاتم وفيه مثال طائر أو غير‌

__________________

(١) المبسوط ١ : ٨٦ ، النهاية : ١٠٠.

(٢) المبسوط ١ : ٨٦ ـ ٨٧.

(٣) المبسوط ١ : ٨٦.

(٤) المبسوط ١ : ٨٦.

(٥) المبسوط ١ : ٨٧.

(٦) النهاية : ١٠١.

(٧) الفقيه ١ : ١٦٤ ح ٧٧٥ وفيه : شي‌ء من الطين.

٩٧

ذلك ، قال : « لا تجوز الصلاة » (١).

قال : وسأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليه‌السلام في الصلاة متلثما ، فقال : « امّا على الدابة فنعم ، وامّا على الأرض فلا » (٢).

وعن عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه‌السلام : كراهة حمل الدراهم الممثلة ، وكراهة جعلها في قبلته (٣).

وعلل الصدوق كراهة السيف في القبلة لأنّها أمن ، رواه عن أمير المؤمنين عليه‌السلام (٤).

قال : وسأل علي بن جعفر أخاه عليه‌السلام في المصلّي وأمامه مشجب عليه ثياب ، قال : « لا بأس » (٥) ، وكذا من أمامه ثوم أو بصل (٦) ، وكذا على الرطبة النابتة إذا ألصق جبهته بالأرض ، أو الحشيش النابت المبتل وان أصاب أرضا جددا (٧).

وقال الشيخ أبو جعفر الكليني في روايته عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : انّه رآه في المنازل بطريق مكة يرش أحيانا موضع جبهته ، ثم يسجد عليه رطبا كما هو ، وربما لم يرشّ الذي يرى أنّه رطب (٨).

قلت : لعله لدفع الغبار عنه والشين.

قال الحلبي : وسألته عن الرجل يخوض الماء فتدركه الصلاة ، فقال :

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٦٥ ح ٧٧٦ ، وفي التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨.

(٢) الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٧٨ ، وفي الكافي ٣ : ٤٠٨ ح ١ ، والتهذيب ٢ : ٢٢٩ ح ٩٠٠ ، والاستبصار ١ : ٣٩٧ ح ١٥١٦.

(٣) الفقيه ١ : ١٦٦ ح ٧٧٩.

(٤) الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٥٩.

(٥) الفقيه ١ : ١٦١ ح ٧٦٠.

(٦) الفقيه ١ : ١٦٢ ح ٧٦١.

(٧) الفقيه ١ : ١٦٢ ح ٧٦٢.

(٨) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٥ ، وفي الفقيه ١ : ١٥٧ ح ٧٣٠.

٩٨

« ان كان في حرب فإنّه يجزئه الإيماء ، وان كان تاجرا فليقم ولا يدخله حتى يصلّي » (١).

قلت : هذا محمول على سعة الوقت وإمكان الأرض.

وروى الكليني عن أيوب بن نوح عن أبي الحسن الأخير عليه‌السلام فيمن تحضره الصلاة وهو بالبيداء ، فقال : « يتنحّى عن الجواد يمنة ويسرة ويصلي » (٢).

قلت : هذا بيان للجواز ، وما تقدم للكراهة ، ويمكن حمله على غير البيداء المعهودة.

وقال الجعفي : لا تصل خلف نيام ، ولا متحدثين. ولا بأس بالصلاة في مكان كان حشا ، ينظف ويطرح عليه ما يواريه ويكون مسجدا. ولا بأس بالصلاة على الأرض الرطبة ، الا ان تكون رطوبتها من بالوعة.

وقال في التماثيل : إذا كانت في القبلة فألق عليها ثوبا ، ولا بأس بما كان خلفه أو الى جوانبه.

وفي التهذيب عن محمد بن إبراهيم : سألته عن الصلاة على السرير مع القدرة على الأرض ، فكتب : « لا بأس » (٣).

وعن محمد بن مصادف عن الصادق عليه‌السلام : النهي عن الصلاة فوق الكدس من الحنطة المطيّن وان كان مسطّحا (٤) وهو للكراهية تعظيما لها ـ والكدس بضم الكاف وسكون الدال واحد الاكداس ـ لرواية عمر بن حنظلة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٨ ح ٥ ، وفي التهذيب ٢ : ٣٧٥ ح ١٥٥٧.

(٢) الكافي ٣ : ٣٨٩ ح ٩ ، الفقيه ١ : ١٥٨ ح ٧٣٥ ، التهذيب ٢ : ٣٧٥ ح ١٥٥٩.

(٣) التهذيب ٢ : ٣١٠ ح ١٢٥٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٠٩ ح ١٢٥٢ ، الاستبصار ١ : ٤٠٠ ح ١٥٢٩ ، عن محمد بن مضارب عن الصادق عليه‌السلام.

٩٩

عنه عليه‌السلام : « صل عليه » (١).

وعن عمرو بن جميع عنه عليه‌السلام انّه كره الصلاة في المساجد المصورة ، قال : « لا يضرّكم ذلك اليوم ، ولو قام العدل رأيتم كيف يصنع في ذلك » (٢).

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٠٩ ح ١٢٥٣ ، الاستبصار ١ : ٤٠٠ ح ١٥٢٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٦٩ ح ٦ ، التهذيب ٣ : ٢٥٩ ح ٧٢٦.

١٠٠