ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٣

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-105-2
الصفحات: ٤٨٣

على غير المحض.

واما رواية يوسف بن إبراهيم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا بأس بالثوب ان يكون سداه وزرّه وعلمه حريرا ، وانما كره الحرير المبهم للرجال » (١) فمن باب إطلاق المكروه على الحرام.

وكذا رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « وانما يكره الحرير المحض للرجال والنساء » (٢) وفيه ما مرّ من استعمال المشترك في معنييه.

وكذا رواية جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : انّه كان يكره القميص المكفوف بالديباج ، ويكره لباس الحرير (٣).

واما القلنسوة والتكة فقد دلّت الرواية السابقة على المنع ، وقد روى عمار عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الثوب علمه ديباج : « لا تصل فيه » (٤).

ويمكن الحمل على الكراهية ؛ لما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « كل شي‌ء لا تتم الصلاة فيه وحده ، فلا بأس بالصلاة فيه ، مثل : تكة الإبريسم ، والقلنسوة ، والخف ، والزنار يكون في السراويل ويصلّى فيه » (٥) ولانّه لا يزيد عن الكف بالحرير كما يجعل في الذيل ورءوس الأكمام ، وقد رووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انه نهى عن الحرير ، الا موضع إصبعين ، أو ثلاث ، أو أربع (٦) وروينا عن جراح المدائني عن أبي عبد الله عليه‌السلام : انّه كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج (٧) ، والأصل في الكراهية استعمالها‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٧١ ح ٨٠٨ ، التهذيب ٢ : ٢٠٩ ح ٨١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ح ١٤٦٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٦٧ ح ١٥٢٤ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ح ١٤٦٨.

(٣) الكافي ٣ : ٤٠٣ ح ٢٧ ، ٦ : ٤٥٤ ح ٦ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ح ١٥١٠.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٥٧ ح ١٤٧٨.

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٣ ح ٢٠٦٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٨ ح ٣٥٩٣ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٧ ح ٤٠٤٢ ، مسند أبي يعلى ١ : ١٨٩ ح ٢١٣ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٢٤٤.

(٧) راجع الهامش ٣.

٤١

في بابها. وبه أفتى الأصحاب (١).

ووردت أسماء ـ في الصحاح ـ : انه كان للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جبّة كسروانية لها لبنة ديباج ، وفرجاها مكفوفان بالديباج ، وكان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يلبسها ، قالت أسماء : فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها (٢).

قلت : اللبنة : الجيب.

ثم هنا مسائل :

الأولى : يجوز افتراش الحرير والصلاة عليه والتكأة ؛ لرواية علي بن جعفر ، عن أخيه موسى عليه‌السلام : « تفترشه وتقوم عليه ، ولا تسجد عليه » في سؤال علي له أيصلح للرجل النوم عليه والتكأة (٣)؟ وظاهر الكلام شمول الجواب.

وتردد فيه المحقق ، قال : لعموم تحريمه على الرجال (٤).

قلت : الخاص مقدم على العام مع اشتهار الرواية ، مع انّ أكثر الأحاديث تتضمن اللبس.

الثانية : يجوز لبس الحرير للنساء إجماعا ؛ لما تقدم من تخصيص الرجال ، ولما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انه قال : « حرام على ذكور أمتي » (٥).

__________________

(١) راجع : المبسوط ١ : ٨٤ ، النهاية ٩٨ ، المعتبر ٢ : ٨٩ ، تذكرة الفقهاء ١ : ٩٥.

(٢) المصنف لابن أبي شيبة ٨ : ١٧٠ ، مسند احمد ٦ : ٣٤٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤١ ح ٢٠٦٩ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٨ ح ٣٥٩٤ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٩ ح ٤٠٥٤.

(٣) قرب الاسناد : ٨٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥٣.

(٤) المعتبر ٢ : ٨٩.

(٥) المصنف لابن أبي شيبة ٨ : ١٦٣ ، مسند احمد ١ : ٩٦ ، ١١٥ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٩. ح ٣٥٩٥ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ح ٤٠٥٧ ، سنن النسائي ٨ : ١٦٠ ، مسند أبي يعلى ١ : ٢٣٥ ح ٢٧٢.

٤٢

وفي صحيح مسلم عن علي عليه‌السلام ، قال : « أهديت لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حلة سيراء فبعث بها اليّ وأمرني فاطرتها بين نسائي » (١).

وفي خبر آخر عن علي عليه‌السلام : « انّ أكيدر دومة أهدى الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثوب حرير ، فقال : شققه خمرا بين الفواطم » (٢).

قلت : السّيراء ـ بالسين المهملة المكسورة ، والياء المثناة تحت المفتوحة ـ هي الحلة فيها خطوط صفر. ومعنى أطرتها : شققتها ؛ لما في العبارة الأخرى ، امّا من قولهم : أطرت المال بين القوم فطار لفلان كذا ، أي : قدر ، واما من أطرت الشي‌ء أطره إذا عطفته. ودومة : موضع بالشام قرب تبوك ، والمشهور فيها ضمّ الدال وأجاز جماعة فتحها ، وأنكره ابن دريد ونسبه الى خطأ المحدثين (٣).

واما صلاتهن فيه فالمشهور الجواز ؛ لجواز اللبس لهن ، والأمر بالصلاة مطلق فلا يتقيد الا بدليل.

ومنعه محمد بن بابويه (٤) لأنّ زرارة سمع الباقر عليه‌السلام : ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء ، الا ما كان من خز مخلوط في لحمته أو سداه ، أو كتان أو قطن ، وانما يكره الحرير المحض للرجال والنساء (٥). قال : وورد الرخصة لهن يلبسه لا يلزم منها جواز الصلاة فيه ، فيبقى النهي العام بحاله (٦).

قلنا : طريق الخبر فيه موسى بن بكر وهو واقفي ، مع معارضته بأشهر منه‌

__________________

(١) المصنف لابن أبي شيبة ٨ : ١٥٩ ، مسند احمد ١ : ١٣٩ ، صحيح البخاري ٧ : ١٩٥. صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٤ ح ٢٠٧١ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٧ ح ٤٠٤٣ ، سنن النسائي ٨ : ١٩٧.

(٢) مسند احمد ١ : ١٣٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٥ ح ٢٠٧١ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨٩ ح ٣٥٩٦ ، مسند أبي يعلى ١ : ٣٤٣ ح ٤٣٧ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٢٥٣.

(٣) جمهرة اللغة ٣ : ٣٠١.

(٤) الفقيه ١ : ١٧١.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٦٧ ح ١٥٢٤ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ح ١٤٦٨.

(٦) الفقيه ١ : ١٧١.

٤٣

وأصح طريقا (١) وفتوى الأصحاب (٢). ولو صحّ أوّل بحمل النهي على معنييه لقرينة ، وتحمل الكراهية كذلك.

قال المحقق : هذه الرواية لا تبلغ حجة في تقييد إطلاق الأوامر القرآنية (٣). وفي المبسوط ؛ تنزههن عنه أفضل (٤).

الثالثة : انما يحرم الحرير المحض‌ اما الممتزج بغيره فلا : لما سبق. ولا فرق بين كون الحرير أكثر أو أقل ـ ولو كان الخليط عشرا ، قاله المحقق (٥) لما رووه عن ابن عباس ان النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انما نهى عن الثوب الحرير المصمت (٦) ولأصالة الحل ، الا مع صدق الثوب من الحرير ، وهو غير صادق مع المزج.

نعم ، لو استهلك الحرير الخليط حتى أطلق عليه الحرير حرم ، ولذا لو خيط الحرير بغيره لم يخرج عن التحريم ، وأظهر في المنع ما لو كانت البطانة حريرا وحدها أو الظهارة.

أما الحشو بالحرير فقد قطع المحقق بمنعه ؛ لعموم النهي ، وللسرف (٧) وهو ظاهر ابن بابويه (٨). وبعض العامة جوّزه ؛ لانّه لا خيلاء فيه (٩).

وقد قال الحسين بن سعيد : قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم الى أبي الحسن الرضا عليه‌السلام يسأله عن الصلاة في ثوب حشوه قز ، فكتب اليه‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٠٨ ح ٨١٧ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ح ١٤٦٧.

(٢) راجع : الوسيلة : ٨٧ ، المراسم : ٦٤ ، الغنية : ٤٩٣.

(٣) المعتبر ٢ : ٨٩.

(٤) المبسوط ١ : ٨٣.

(٥) المعتبر ٢ : ٩٠.

(٦) مسند احمد ١ : ٣١٣ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ح ٤٠٥٥ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٢٥٥.

(٧) المعتبر ٢ : ٩١.

(٨) الفقيه ١ : ١٧١ ، المقنع : ٢٤.

(٩) المجموع ٤ : ٤٣٨.

٤٤

ـ وقرأته ـ : « لا بأس بالصلاة فيه » ، أورده الشيخ في التهذيب (١) واوله ابن بابويه بقز الماعز دون قز الإبريسم (٢).

قال المحقق : ولأنّ الراوي لم يسمعه من محدّث وانما وجده في كتاب (٣).

قلت : يضعف الأول بأنه خلاف الحقيقة الظاهرة ، والثاني بان إخبار الراوي بصيغة الجزم ، والمكاتبة المجزوم بها في قوة المشافهة ، مع انّ الخاص مقدم على العام ، فلو قيل بالعمل برواية الحسين لم يكن بعيدا.

ويؤيده ما ذكره الصدوق في الفقيه : انه كتب إبراهيم بن مهزيار الى أبي محمد عليه‌السلام في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا ، هل يصلي فيه؟ فكتب : « نعم ، لا بأس به » (٤) أورده الصدوق بصيغة الجزم أيضا.

الرابعة : يجوز لبس الحرير المحض للرجال في الحرب‌ باتفاق علمائنا.

وقد رواه سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « وان كان فيه تماثيل » (٥).

وروى العامة : انه كان لعروة يلمق من ديباج بطانته من سندس محشو قزا ، وكان يلبسه في الحرب (٦) بمحضر التابعين ، ولم ينكر عليه ذلك.

قلت : اليلمق : القباء ، فارسي معرب.

قالوا : ولأنّ لبسه انما منع للخيلاء ، وهو سائغ في الحرب ؛ لما روي انّ‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٦٤ ح ١٥٠٩.

(٢) الفقيه ١ : ١٧١ ح ٨٠٧.

(٣) المعتبر ٢ : ٩١.

(٤) الفقيه ١ : ١٧١ ح ٨٠٧.

(٥) الكافي ٦ : ٤٥٣ ح ٣ ، الفقيه ١ : ١٧١ ح ٨٠٧ ، التهذيب ٢ : ٢٠٨ ح ٨١٦ ، الاستبصار ١ : ٣٨٦ ح ١٤٦٦.

(٦) المصنف لعبد الرزاق ١١ : ٧١ ح ١٩٩٤٣ ، سنن سعيد بن منصور ٢ : ٢٠٧ ح ٢٥٣١ ، المصنف لابن أبي شيبة ٨ : ١٦٦.

٤٥

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رأى رجلا من أصحابه يختال في مشيته بين الصفّين ، فقال عليه‌السلام : « انها لمشية يبعضها الله الا في هذه المواطن » (١).

قال المحقق : ولانّه تحصل به قوة القلب ، ومنع لضرر الزرد عند حركته ، فجرى مجرى الضرورة (٢).

الخامسة : يجوز لبسه مع الضرورة إجماعا ، كالبرد الشديد المانع من نزعه ، أو الحر مع عدم غيره ، وكدفع القمل.

وفي صحيح مسلم عن أنس : انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخّص لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام في القمص الحرير في السفر من حكّة كانت بهما ، أو وجع كان بهما (٣) ، وفي رواية أخرى عنه عنه ولم يذكر السفر (٤).

وفي رواية أخرى عنه عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : انهما شكوا القمل ، فرخص لهما في قمص الحرير في غزاة لهما (٥). والظاهر تعدّي هذه الرخصة ؛ لأن مناطها الضرورة.

السادسة : يحرم على الخنثى لبسه ؛ أخذا بالاحتياط.

أما الصبي ، فهل يحرم على الولي تمكينه منه؟ نحتمله (٦) لعموم ( الذكر ) (٧) ولقول جابر : كنا ننزعه عن الصبيان ونتركه على الجواري (٨). وقوّى في المعتبر‌

__________________

(١) سيرة ابن هشام ٣ : ٧١ ، كنز العمال ٤ : ٣١٧ ح ١٠٦٨٥ عن الطبراني في الكبير.

(٢) المعتبر ٢ : ٨٨.

(٣) مسند احمد ٣ : ٢١٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٦ ح ٢٠٧٦ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ح ٤٠٥٦ ، السنن الكبرى ٣ : ٢٦٨.

(٤) المصنف لابن أبي شيبة ٨ : ١٦٧ ، صحيح البخاري ٤ : ٥٠ ، ٧ : ١٩٥ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٦ ح ٢٠٧٦ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٨٨ ح ٣٥٩٢ ، سنن النسائي ٨ : ٢٠٢.

(٥) مسند احمد ٣ : ١٩٢ ، صحيح البخاري ٤ : ٥٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٧ ح ٢٠٧٦ ، الجامع الصحيح ٤ : ٢١٨ ح ١٧٢٢ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٧ : ٣٩٥ ح ٥٤٠٨.

(٦) في س : يحتمل.

(٧) تقدم في ص ٤٢ الهامش ٥.

(٨) سنن أبي داود ٤ : ٥٠ ح ٤٠٥٩.

٤٦

الكراهية ؛ لعدم تناول التكليف الصبي ، وفعل جابر والصحابة تورّع (١) ، وتبعه الفاضل في التذكرة (٢) ولعله الأقرب ؛ تمسكا بالأصل ، وعدم قاطع يخرج عنه.

السابعة : لو لم يجد المصلّي إلاّ الحرير ، ولا ضرورة (٣) في التعري ، صلّى عاريا عندنا ؛ لأنّ وجوده كعدمه مع تحقق النهي عنه. وجوّزه العامة بل أوجبوه ؛ لأنّ ذلك من الضرورات (٤).

ولو وجد النجس والحرير ، واضطر إلى أحدهما للبرد أو الحر ، فالأقرب لبس النجس ؛ لأنّ مانعة عرضي.

ورابعها : الذهب ، والصلاة فيه حرام على الرجال ، فلو موّه به ثوبا وصلّى فيه بطل ، بل لو لبس خاتما منه وصلّى فيه بطلت صلاته ، قاله الفاضل ؛ لقول الصادق عليه‌السلام : « جعل الله الذهب حلية لأهل الجنة ، فحرّم على الرجال لبسه والصلاة فيه » ، رواه موسى بن أكيل النميري (٥) عنه. وفعل المنهي عنه مفسد للعبادة.

وقوّى في المعتبر عدم الابطال بلبس خاتم من ذهب ؛ لإجرائه مجرى لبس خاتم مغصوب (٦) والنهي ليس عن فعل من أفعال الصلاة ، ولا عن شرط من شروطها.

فرع :

لوموه الخاتم بذهب فالظاهر تحريمه ؛ لصدق اسم الذهب عليه. نعم ، لو تقادم عهده حتى اندرس وزال مسماه جاز. ومثله الاعلام على الثياب من‌

__________________

(١) المعتبر ٢ : ٩١.

(٢) تذكرة الفقهاء : ٩٦.

(٣) كذا في النسخ ولعل الصحيح : ولا ضرر.

(٤) المجموع ٣ : ١٤٢ ، ١٨٠ ، فتح العزيز ٤ : ١٠٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٢٧ ح ٨٩٤.

(٦) المعتبر ٢ : ٩٢.

٤٧

الذهب ، أو المموه به ، في المنع من لبسه والصلاة فيه.

قال أبو الصلاح : تكره الصلاة في الثوب المصبوغ ، وآكده كراهية الأسود ، ثم الأحمر المشبع ، والمذهب ، والموشّح ، والملحم بالحرير والذهب (١).

قال : وأفضل الثياب البياض من القطن والكتان (٢).

وخامسها : المغصوب ، فتبطل الصلاة فيه مع العلم بالغصب عند جميع الأصحاب ؛ لتحقق النهي المفسد للعبادة ، ولاشتمال العبادة على قبيح فلا تكون مأمورا بها.

وفي المعتبر أسند التحريم الى جميع الأصحاب ، والبطلان إلى الأكثر ، واختار البطلان إن ستر العورة به أو سجد عليه أو قام فوقه ؛ لأنّه منهي عن تلك الحركة المخصوصة مع انّها جزء من الصلاة ، ولو لم يكن كذلك لم تبطل كما لو لبس خاتما مغصوبا (٣).

قال : لأني لم أقف على نصّ عن أهل البيت عليهم‌السلام بإبطال الصلاة (٤).

والتزم الفاضل البطلان بالخاتم المغصوب وغيره مما يستصحب في الصلاة ، لتحقق النهي عن ذلك. ولو لم يستصحب صحت صلاته في آخر الوقت (٥).

وهذا كله بناء على ان الأمر بالشي‌ء يستلزم النهي عن ضده ، وان النهي في العبادة مفسد ، سواء كان عن أجزائها أو عن وصف لا تنفك منه. ولا تخلو‌

__________________

(١) الكافي في الفقه : ١٤٠.

(٢) الكافي في الفقه : ١٤٠.

(٣) المعتبر ٢ : ٩٢.

(٤) المعتبر ٢ : ٩٢.

(٥) تذكرة الفقهاء ١ : ٩٦ ، نهاية الإحكام ١ : ٣٧٨.

٤٨

هذه المقدمات من نظر ، فقول المحقق لا يخلو من قوة ، وان كان الاحتياط للدين الابطال كيف كان.

اما لو جهل الغصبية فلا تحريم ولا إبطال ؛ لعدم توجّه النهي هنا.

ولو جهل الحكم لم يعذر ؛ لانّه جمع بين الجهل والتقصير في التعليم.

ولو نسي الحكم فكذلك ؛ لاستناده الى تقصيره في التحفظ.

ولو نسي الغصب فوجهان ، من رفع القلم عن الناسي ، واختاره ابن إدريس ، واستناده الى عدم التكرار المتضمّن للتذكار (١). ويمكن القول بالإعادة في الوقت ؛ لقيام السبب وعدم تيقن الخروج عن العهدة ، بخلاف ما بعد الوقت لزوال السبب ، والقضاء انما يجب بأمر جديد وهو غير معلوم التوجه هنا. وهو خيرة المختلف (٢).

وسادسها : أن لا يكون نجسا ، وقد مرّ حكمه.

وسابعها : أن لا يصلي في نعل ساتر ظهر القدم ليس له ساق ، كالشمشك والنعل السندي. وأسنده في المعتبر الى الشيخين ، استنادا الى فعل النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعمل الصحابة والتابعين والأئمة الصالحين (٣).

والمعتمد ضعيف ، فإنه شهادة على النفي غير المحصور ، ومن الذي أحاط علما بأنّهم كانوا لا يصلون فيما هو كذلك.

ومنع سلار من الصلاة في الشمشك والنعل السندي إلا صلاة الجنازة (٤).

وكرهه الشيخ ـ في المبسوط ـ وابن حمزة ، وجوزوا ذا الساق كالخفين والجرموقين (٥) ـ والجرموق خف واسع قصير يلبس فوق الخف ـ استنادا إلى‌

__________________

(١) السرائر : ٥٨.

(٢) مختلف الشيعة : ٨٢.

(٣) المعتبر ٢ : ٩٣ ، راجع : المقنعة : ٢٥ ، النهاية : ٩٨.

(٤) المراسم : ٦٥.

(٥) المبسوط ١ : ٨٣ ، الوسيلة : ٨٨.

٤٩

فعل من ذكرناه.

وقد روى البزنطي ـ فيما سلف ـ عن الرضا عليه‌السلام جواز الصلاة في الخف (١) ومثله روى الحلبي عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٢) ورواية الحسن بن الجهم عنه عليه‌السلام أيضا (٣) ورواية إبراهيم بن مهزيار قال : سألته عن الصلاة في جرموق وبعثت اليه به ، فقال : « يصلّى فيه » (٤).

وثامنها : أن لا يكون رقيقا يحكي البشرة ، فلو حكاها لم يكف في الستر ؛ لعدم صدق اسمه. وفي مرفوع أحمد بن حماد عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « لا تصل فيما شف أو وصف » يعني الثوب المصقل (٥).

قلت : معنى شف : لاحت منه البشرة ، ووصف : حكى الحجم ، وفي خط الشيخ أبي جعفر في التهذيب « أو صف » بواو واحدة ، والمعروف بواوين من الوصف.

وتاسعها : أن لا يكون ثقيلا يمنع بعض الأفعال مع القدرة على غيره الاّ لضرورة ؛ لمنافاته الواجب المقصود بالذات. فلو لم يجد سواه صلّى عاريا ولو قلنا بجواز الصلاة في النجس اختيارا ؛ إذ النجس يمكن معه استيفاء الافعال مع الفوز بالستر بخلاف الثقيل. وكذا لو كان صلبا كالحديد المانع من بعض الافعال.

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٧١ ح ١٥٤٥.

(٢) الكافي ٣ : ٤٩٠٣ ح ٢٨ ، التهذيب ٢ : ٢٣٤ ح ٩٢٠.

(٣) الكافي ٣ : ٤٠٤ ح ٣١ ، التهذيب ٢ : ٢٣٤ ح ٩٢١.

(٤) الكافي ٣ : ٤٠٤ ح ٣٢ ، التهذيب ٢ : ٢٣٤ ح ٩٢٣.

(٥) التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٣٧.

٥٠

الفصل الثالث : فيما تكره فيه الصلاة أو تستحب.

وفيه مسائل.

الأولى : تكره في الثوب الذي يلاصق وبر الأرانب أو الثعالب ، سواء كان فوقه أو تحته ؛ لاستبعاد تخلصه منهما ، وقد قيل بنجاستهما (١) فلا أقل من الكراهية.

وعليه يحمل ما رواه أبو علي بن راشد عن أبي جعفر عليه‌السلام : وسألته عن الصلاة في الثوب الذي يلي الثعالب ، فقال : « لا » (٢).

وكذا ما رواه في التهذيب عن علي بن مهزيار ، عن رجل سأله الماضي عليه‌السلام عن الصلاة في الثعالب ، فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب الذي يليه ، فلم أدر أي الثوبين : الذي يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد؟ فوقّع بخطه : « الذي يلصق بالجلد » ، وذكر أبو الحسن (٣) انّه سأله عن هذه المسألة ، فقال : « لا تصل في الذي فوقه ، ولا في الذي تحته » (٤) كما حمله الشيخ في المبسوط ، قال : الا أن يكون أحدهما رطبا ؛ لان ما هو نجس إذا كان يابسا لا تتعدى منه النجاسة إلى غيره (٥).

قلت : هذا بناء على نجاسة الثعلب ، أو على عدم وقوع الذكاة عليه ، وكلام الشيخ صريح في انّ نجاسة الميتة لا تتعدى الا بالرطوبة ، الا ان يريد به نفس الوبر ، لكن الرواية مصرّحة بالجلد.

__________________

(١) أبو الصلاة في الكافي في الفقه : ١١٠.

(٢) الكافي ٣ : ٤٠٠ ح ١٤ ، التهذيب ٢ : ٢١٠ ح ٨٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٨٤ ح ١٤٥٧.

(٣) في الكافي والتهذيب زيادة « عليه‌السلام ».

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٩ ح ٨ ، وفي التهذيب ٢ : ٢٠٦ ح ٨٠٨ ، والاستبصار ١ : ٣٨١ ح ١٤٤٦ عن الرضا عليه‌السلام.

(٥) المبسوط ١ : ٨٣.

٥١

وقول ابن بابويه : إياك أن تصلي في ثعلب ، ولا في الثوب الذي يليه من تحته وفوقه (١) يحمل أيضا على الكراهية. ويمكن أيضا حمل كلام الشيخ في النهاية : لا يجوز (٢) على ذلك.

ولو وجد على الثوب وبر ، فالظاهر عدم وجوب الإزالة ؛ لطهارته على الأصح ، وكذا شعر ما لا يؤكل لحمه.

وفي التهذيب انّ علي بن الريان كتب الى أبي الحسن عليه‌السلام : هل تجوز الصلاة في ثوب يكون فيه شعر من شعر الإنسان وأظفاره من قبل ان ينفضه ويلقيه عنه؟ فوقّع : « يجوز » (٣).

وفي مكاتبة محمد بن عبد الجبار الى أبي محمد عليه‌السلام في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه : « ان كان الوبر ذكيا حلّت الصلاة فيه ان شاء الله » (٤).

الثانية : تكره في الرقيق الذي لا يحكي ، تباعدا من حكاية الحجم ، وتحصيلا لكمال الستر. نعم ، لو كان تحته ثوب آخر لم يكره إذا كان الأسفل ساترا للعورة.

أما الثوب الواحد الصفيق ، فظاهر الأصحاب عدم الكراهية للرجل ، لما رواه البخاري عن جابر ، قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلي في ثوب واحد متوشحا به (٥).

وقد روى الأصحاب عن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه : انّه رآه‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٧٠.

(٢) النهاية : ٩٧.

(٣) الفقيه ١ : ١٧٢ ح ٨١٢ ، التهذيب ٢ : ٣٦٧ ح ١٥٢٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٠٧ ح ٨١٠ ، الاستبصار ١ : ٣٨٣ ح ١٤٥٣.

(٥) المصنف لعبد الرزاق ١ : ٣٥٠ ح ١٣٦٦ ، مسند احمد ٣ : ٢٩٤ ، صحيح البخاري ١ : ١٠٢ ، صحيح مسلم ١ : ٣٦٩ ح ٥١٨ ، السنن الكبرى ٢ : ٢٣٧.

٥٢

يصلي في إزار واحد قد عقده على عنقه (١).

وروى محمد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام في الرجل يصلي في ثوب واحد : « إذا كان صفيقا فلا بأس » (٢).

والشيخ في المبسوط : يجوز إذا كان صفيقا ، ويكره إذا كان رقيقا (٣).

وفي الخلاف : يجوز في القميص وان لم يزرّه ولا يشدّ وسطه ، سواء كان واسع الجيب أو ضيّقه (٤).

وروى زياد بن سوقة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « لا بأس ان يصلّي في الثوب الواحد وأزراره محلولة ، ان دين محمد حنيف » ، وقد مرّ (٥).

ولا يعارضه رواية غياث بن إبراهيم ، عن جعفر عن أبيه ، قال : « لا يصلّي الرجل محلول الأزرار إذا لم يكن عليه إزار » (٦) للحمل على الكراهية.

وبعض العامة : الفضل في ثوبين (٧) لما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما » (٨) ولا بأس به ، والاخبار الأول لا تنافيه لدلالتها على الجواز. ويؤيده عموم قوله تعالى ( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (٩) ، ودلالة الاخبار : « انّ الله أحق أن يتزيّن له » (١٠) وأورد هذا في التذكرة‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٩٤ ح ٢ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ح ٨٥٥.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٣ ح ١ ، التهذيب ٢ : ٢١٦ ح ٨٥٢.

(٣) المبسوط ١ : ٨٣.

(٤) الخلاف ١ : ٤٠١ المسألة : ١٥٢.

(٥) تقدم في ص ١٩ الهامش ١.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٢٦ ح ١٣٣٤ ، ٣٥٧ ح ١٤٧٦ ، الاستبصار ١ : ٣٩٢ ح ١٤٩٥.

(٧) قاله احمد ، راجع : المغني ١ : ٦٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٩٤.

(٨) سنن أبي داود ١ : ١٧٢ ح ٦٣٥ ، السنن الكبرى ٢ : ٢٣٦.

(٩) سورة الأعراف : ٣١.

(١٠) شرح معاني الآثار ١ : ٣٧٨ ، السنن الكبرى ٢ : ٢٣٦.

٥٣

عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وافتى به (١).

فيكون مع القميص إزار أو سراويل مع الاتفاق على انّ الامام يكره له ترك الرداء ، وقد رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « لا ينبغي الا ان يكون عليه رداء ، أو عمامة يرتدي بها » (٢).

والظاهر انّ القائل بثوب واحد من الأصحاب انما يريد به الجواز المطلق ، ويريد به أيضا على البدن ، والاّ فالعمامة مستحبة مطلقا ، وكذا السراويل ، وقد روي تعدّد الصلاة الواحدة بالتعمّم والتسرول.

أما المرأة فلا بد من ثوبين : درع وخمار ، الا ان يكون الثوب يشمل الرأس والجسد ، وعليه حمل الشيخ رواية عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في جواز صلاة المسلمة بغير قناع (٣).

ويستحب ثلاث للمرأة ، لرواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه‌السلام : درع ، وخمار ، وملحفة (٤). ورواية عبد الله بن أبي يعفور عنه عليه‌السلام : « إزار ، ودرع ، وخمار ». قال : « فان لم تجد فثوبين تأتزر بأحدهما وتقنّع بالآخر ». قلت : فان كان درعا وملحفة ليس عليها مقنعة؟ قال : « لا بأس إذا تقنّعت بالملحفة » (٥).

الثالثة : تكره الصلاة في الثياب السود ، لما رواه الكليني عمن رفعه الى أبي عبد الله عليه‌السلام : « يكره السواد إلا في ثلاثة : الخف ، والعمامة ، والكساء » (٦).

__________________

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٩٣.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٤ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ٣٦٦ ح ١٥٢١.

(٣) التهذيب ٢ : ٢١٨ ، الاستبصار ١ : ٣٨٩ ، والحديث فيهما برقم ٨٥٨ ، ١٤٨٢.

(٤) التهذيب ٢ : ٢١٨ ح ٨٦٠ ، الاستبصار ١ : ٣٩٠ ح ١٤٨٤.

(٥) الكافي ٣ : ٣٩٥ ح ١١ ، التهذيب ٢ : ٢١٧ ح ٨٥٦ ، الاستبصار ١ : ٣٨٩ ح ١٤٨٠.

(٦) الكافي ٣ : ٤٠٣ ح ٢٩ ، الفقيه ١ : ١٦٣ ح ٧٦٧ ، الخصال : ١٤٨ ، علل الشرائع : ٣٤٧ ، التهذيب ٢ : ٢١٣ ح ٨٣٥.

٥٤

وفي مرفوع آخر اليه عليه‌السلام في القلنسوة السوداء : « لا تصل فيها ، فإنها لباس أهل النار » (١).

وقال ابن بابويه : ولا تصل في السواد (٢) ، فإن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : « لا تلبسوا لباس أعدائي ، ولا تسلكوا مسالك أعدائي ، فتكونوا أعدائي » (٣).

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « البسوا من ثيابكم البياض ، فإنّها من خير ثيابكم » (٤). وفيه دلالة على أفضلية البيض للمصلحة ، فالمضاد لا يشاركها في المصلحة.

ويكره للرجال ـ خاصة ـ المزعفر والمعصفر ، قال المحقق : لما روي عن عبد الله بن عمرو ، قال : رأى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليّ ثوبين معصفرين ، قال : « هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها » ، ورووا عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم انّه نهى الرجال عن المزعفر (٥).

قلت : الأول أورده مسلم (٦) وروى أيضا عن علي عليه‌السلام : « انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن لبس القسّي ، والمعصفر ، وعن تختم‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٤٠٣ ح ٣٠ ، الفقيه ١ : ١٦٢ ح ٧٦٥ ، التهذيب ٢ : ٢١٣ ح ٨٣٦.

(٢) المقنع : ٢٤.

(٣) رواه الصدوق في الفقيه ١ : ١٦٣ ح ٧٦٩ ، وعلل الشرائع : ٣٤٨ ، بإسناده الى الامام الصادق عليه‌السلام قال : « اوحى الله عز وجل إلى نبي من أنبيائه : قل للمؤمنين ان لا يلبسوا ملابس .. ».

(٤) مسند احمد ١ : ٢٤٧ ، السنن الكبرى ٥ : ٣٣.

(٥) المعتبر ٢ : ٩٤.

ورواية عبد الله بن عمرو في : المصنف لعبد الرزاق ١١ : ٧٩ ح ١٩٩٧٤ ، مسند احمد ٢ : ١٦٢ ، سنن النسائي ٨ : ٢٠٣.

ونهي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مصادر الهامش رقم ٢ من الصفحة التالية.

(٦) صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٧ ح ٢٠٧٧.

٥٥

الذهب ، وعن قراءة القرآن في الركوع » (١).

قلت : القسّي ـ بفتح القاف وتشديد السين المهملة ـ منسوب الى القس موضع ، وهي من ثياب مصر فيها حرير.

وعن أنس : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى ان يتزعفر الرجل (٢).

وروينا عن يزيد بن خليفة ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام : انّه كره الصلاة في المشبع بالعصفر ( والمصفر ) (٣) بالزعفران (٤).

قال المحقق : وتكره في الأحمر ، لرواية حماد بن عثمان ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، انه قال : « تكره الصلاة في الثوب المصبوغ المشبع المفدم ».

قال : والمفدم ـ بسكون الفاء ـ : المصبوغ المشبع بالحمرة (٥).

فرع :

اقتصر كثير من الأصحاب على السواد في الكراهية (٦).

وقال الفاضل : لا يكره شي‌ء من الألوان سوى السواد والمعصفر والمزعفر والمشبع بالحمرة ، للأصل ، ولما روى البراء : ما رأيت من ذي لمّة في حلّة حمراء أحسن من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٧).

__________________

(١) الموطأ ١ : ٨٠ ، مسند احمد ١ : ١٢٦ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٤٨ ح ٢٠٧٨ ، سنن أبي داود ٤ : ٤٧ ح ٤٠٤٤ ، الجامع الصحيح ٢ : ٤٩ ح ٢٦٤.

(٢) صحيح البخاري ٧ : ١٩٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٦٢ ح ٢١٠١ ، سنن أبي داود ٤ : ٨٠ ح ٤١٧٩ ، سنن النسائي ٨ : ١٨٩ ، مسند أبي يعلى ٧ : ٥ ح ٣٨٨٨.

(٣) في المصدر : « المضرّج ».

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥٠.

(٥) المعتبر ٢ : ٩٤.

ورواية حماد في : الكافي ٣ : ٤٠٢ ح ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٤٩.

(٦) راجع : النهاية : ٩٧ ، المراسم : ٦٢ ، الوسيلة : ٨٥ ، نهاية الإحكام ٢ : ٣٨٧.

(٧) تذكرة الفقهاء ١ : ٩٩.

٥٦

قلت : اللمّة ـ بكسر اللام وتشديد الميم ـ الشعر يجاوز شحمة الاذن.

وكان عليه‌السلام يخطب ، فرأى الحسن والحسين عليهم‌السلام عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل إليهما صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينكر لباسهما. وقال : وروى الجمهور انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يصبغ ثيابه كلها حتى عمامته بالصفرة ، ولبس صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بردين أخضرين ، ودخل مكة وعليه عمامة سوداء (١).

وفي المبسوط : ولبس الثياب المفدمة بلون من الألوان ، والتختّم بالحديد ، مكروه في الصلاة (٢). فظاهره كراهية المشبع مطلقا ، واختاره أبو الصلاح (٣) وابن الجنيد (٤) وابن إدريس (٥) والاولى حمل رواية حماد عليه ، والتخصيص بالحمرة أخذه المحقق من ظاهر كلام الجوهري (٦).

الرابعة : تكره في ثوب فيه تماثيل أو خاتم أو سيف ممثلين ، سواء الرجل‌

__________________

ورواية البراء في : سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٠ ح ٣٥٩٩ ، الجامع الصحيح ٤ : ٢١٩ ح ١٧٢٤.

(١) تذكرة الفقهاء ١ : ٩٩.

وعدم إنكاره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لباس الحسنين في : مسند احمد ٥ : ٣٥٤ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٩٠ ح ٣٦٠٠ ، الجامع الصحيح ٥ : ٦٥٨ ح ٣٧٧٤ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٨.

وصبغ ثيابه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالصفرة في : سنن أبي داود ٤ : ٥٢ ح ٤٠٦٤.

ولبسه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بردين أخضرين في : سنن أبي داود ٤ : ٥٢ ح ٤٠٦٥.

ودخوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة وعليه عمامة سوداء في : مسند احمد ٣ : ٣٦٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٩٩٠ ح ١٣٥٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ٩٤٢ ح ٢٨٢٢ ، سنن أبي داود ٤ : ٥٤ ح ٤٠٧٦ ، الجامع الصحيح ٤ : ٢٢٥ ح ١٧٣٥ ، سنن النسائي ٥ : ٢٠١.

(٢) المبسوط ١ : ٩٥.

(٣) الكافي في الفقه : ١٤٠.

(٤) مختلف الشيعة : ٨٠.

(٥) السرائر : ٥٦.

(٦) راجع الصحاح ٥ : ٢٠٠١ ـ مادة فدم.

٥٧

والمرأة.

ويظهر من كلام الشيخ وابن البراج التحريم في الثوب والخاتم مع التماثيل (١). ورواية ابن بزيع عن الرضا عليه‌السلام : انه سأله عن الثوب ، فكره ما فيه التماثيل (٢). وروى عمار : انّه سأل أبا عبد الله عليه‌السلام عن الصلاة في ثوب يكون في علمه مثال طير أو غير ذلك ، قال : « لا » ، وفي الخاتم فيه مثال الطير أو غير ذلك « لا تجوز الصلاة فيه » (٣). ويمكن حملهما على الكراهية توفيقا ، ولأصالة الصحة.

وما روي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طريقي العامة والخاصة : « انّ الملك لا يدخل بيتا فيه كلب ، ولا تمثال جسد » (٤) لا يدل على التحريم ، لان الملك ينفر من المكروه كما ينفر من الحرام.

فرع :

خصّ ابن إدريس الكراهية بتماثيل الحيوان لا غيرها كالأشجار (٥) ، ولعلّه نظر الى تفسير قوله تعالى ( يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ ) (٦) فعن أهل البيت عليهم‌السلام انها كصور الأشجار (٧).

وقد روى العامة في الصحاح انّ رجلا قال لابن عباس : إني أصوّر هذه الصور فأفتني فيها؟ فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : « كل مصوّر في النار ، يجعل له بكل صورة صوّرها نفسا ، فتعذبه في جهنم » ، وقال :

__________________

(١) المبسوط ١ : ٨٤ ، النهاية : ٩٩ ، المهذب ١ : ٧٥.

(٢) الفقيه ١ : ١٧٢ ح ٨١٠ ، عيون اخبار الرضا ٢ : ١٨.

(٣) الفقيه ١ : ١٦٥ ح ٧٧٦ ، التهذيب ٢ : ٣٧٢ ح ١٥٤٨.

(٤) الكافي ٣ : ٣٩٣ ح ٢٧ ، الخصال : ١٣٨ ، التهذيب ٢ : ٣٧٧ ح ١٥٧٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٦٤ ح ٢١٠٤ ، سنن أبي داود ٤ : ٧٣ ح ٤١٥٣.

(٥) السرائر : ٥٦.

(٦) سورة سبإ : ١٣.

(٧) المحاسن : ٦١٨ ، الكافي ٦ : ٤٧٦ ح ٣ ، مجمع البيان ٨ : ٣٨٣.

٥٨

إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له (١).

وفي مرسل ابن أبي عمير ، عن الصادق عليه‌السلام في التماثيل في البساط لها عينان وأنت تصلي ، فقال : « ان كان لها عين واحدة فلا بأس ، وان كان لها عينان فلا » (٢). وعن محمد بن مسلم ، عن أبي جعفر عليه‌السلام : « لا بأس ان تكون التماثيل في الثوب إذا غيرت الصورة منه » (٣). وأكثر هذه يشعر بما قاله ابن إدريس ، وان أطلقه كثير من الأصحاب.

فائدة :

تكره الصلاة الى الوسائد الممثلة إذا كانت تجاه القبلة الا أن تغطي ، ويكره وضع الدراهم السود الممثلة بين يدي المصلي ولتكن خلفه ، روى ذلك كله ليث المرادي عن الصادق عليه‌السلام (٤).

ولو كانت التماثيل تحته فلا بأس بالصلاة عليها ، روى ذلك محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه‌السلام (٥).

وروى أيضا عنه : لا بأس بالصلاة وفي ثوبه دراهم ممثلة (٦) وقيّده في خبر حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه‌السلام بان تكون مواراة (٧).

وفي رواية سعد بن إسماعيل عن أبيه عن الرضا عليه‌السلام في المصلي‌

__________________

(١) مسند احمد ١ : ٣٦٠ ، صحيح مسلم ٣ : ١٦٧٠ ح ٢١١٠ ، مسند أبي يعلى ٤ : ٤٥١ ح ٢٥٧٧ ، شرح معاني الآثار ٤ : ٢٨٦ ، الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان ٧ : ٥٣٧ ح ٥٨١٨ ، السنن الكبرى ٧ : ٢٧٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٩٢ ح ٢٢ ، التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٣.

(٤) الفقيه ١ : ١٥٨ ح ٧٤١ ، التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٤.

(٥) الفقيه ١ : ١٥٨ ح ٧٤٠ التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٥.

(٦) التهذيب ٢ : ٣٦٣ ح ١٥٠٧.

(٧) الكافي ٣ : ٤٠٢ ح ٢٠ ، التهذيب ٢ : ٣٦٤ ح ١٥٠٨.

٥٩

والبساط عليه تماثيل ، أيصلي عليه؟ فقال : « والله اني لأكرهه » (١) والخبر السالف لا ينافيه بحمله على الجواز.

الخامسة : يكره اشتمال الصماء‌ بالإجماع. وفسره في المبسوط والنهاية بأن يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه تحت يديه ، ويجمعهما على منكب واحد ، كفعل اليهود (٢).

وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه‌السلام : « إياك والتحاف الصماء ، بان تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب واحد » (٣).

وعن علي بن جعفر عن أخيه الكاظم عليه‌السلام في طرفي الرداء : « لا يصلح جمعهما على اليسار ، ولكن اجمعهما على اليمين » (٤).

وفي صحاح العامة عن جابر : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى ان يأكل الرجل بشماله ، أو يمشي في نعل واحدة ، وان يشتمل الصماء ، وان يحتبي في ثوب واحد كاشفا عن فرجه (٥).

ورووا عن أبي سعيد الخدري : انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن اشتمال الصماء ، وهو : ان يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن ، ويرد طرفيه تحت منكبه الأيسر (٦).

وعن ابن مسعود : انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى ان يلبس الرجل‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٧٠ ح ١٥٤٠ ، الاستبصار ١ : ٣٩٤ ح ١٥٠٣.

(٢) المبسوط ١ : ٨٣ ، النهاية : ٩٤.

(٣) الكافي ٣ : ٣٩٤ ح ٤ ، الفقيه ١ : ١٦٨ ح ٧٩٢ ، معاني الأخبار : ٣٩٠ ، التهذيب ٢ : ٢١٤ ح ٨٤١ ، الاستبصار ١ : ٣٨٨ ح ١٤٧٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٧٣ ح ١٥٥١.

(٥) صحيح مسلم ٣ : ١٦٦١ ح ٢٠٩٩ ، مسند أبي يعلى ٣ : ٣٠٦ ح ١٧٧٢ ، السنن الكبرى ٢ : ٢٢٤ ، تاريخ بغداد ١٣ : ١١١.

(٦) مسند أحمد ٣ : ٩٤ ، الأدب المفرد : ٣٨٩ ح ١١٨٠ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٥٥ ح ٣٣٧٨ ، باختلاف في اللفظ والمعنى واحد.

٦٠