ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٣

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]

ذكرى الشيعة في أحكام الشّريعة - ج ٣

المؤلف:

محمّد بن جمال الدّين مكّي العاملي الجزيني [ الشهيد الأول ]


المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الفقه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الطبعة: ١
ISBN: 964-319-105-2
الصفحات: ٤٨٣

انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها أولا » (١) وهذه الرواية موقوفة على زرارة لكن عمل الأصحاب عليها (٢).

وفي التهذيب : « فعلى أليتيها كما يقعد الرجل » (٣) بحذف لفظة « ليس » وهو سهو من الناسخين ، لأن الرواية منقولة من الكافي للكليني ولفظة « ليس » موجودة فيه ، وسرى هذا السهو في التصانيف كالنهاية للشيخ (٤) وغيرها (٥). وهو مع كونه لا يطابق المنقول في الكليني لا يطابق المعنى ، إذ جلوس المرأة ليس كجلوس الرجل ، لأنها في جلوسها تضمّ فخذيها وترفع ركبتيها من الأرض ، بخلاف الرجل فإنّه يتورك.

وقوله : « فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها » يشعر بان ركوعها أقل انحناء من ركوع الرجل. ويمكن ان يكون الانحناء مساويا ولكن تضع اليدين على الركبتين (٦) ، حذرا من ان تتطأطأ كثيرا بوضعها على الركبتين ، وتكون بحالة يمكنها وضع اليدين على الركبتين.

وعن ابن أبي يعفور عن الصادق عليه‌السلام ، قال : « إذا سجدت المرأة بسطت ذراعيها » (٧).

وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله ، قال : سألته عن جلوس المرأة في الصلاة ، قال : « تضمّ فخذيها » (٨).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٥ ح ٢.

(٢) راجع : النهاية : ٧٣ ، الغنية : ٤٩٧ ، المعتبر ٢ : ٢٧.

(٣) التهذيب ٢ : ٩٤ ح ٣٥٠.

(٤) النهاية : ٧٣.

(٥) كالمعتبر للمحقق الحلي ٢ : ٢٧٠.

(٦) ( ولكن .. الركبتين ) هكذا الجملة في النسخ ، ولعل الصحيح ( ولكن لا .. ) أو ( ولكن .. على الفخذين ) أو ( ولكن .. فوق الركبتين ).

(٧) الكافي ٣ : ٣٣٦ ح ٤ ، التهذيب ٢ : ٩٤ ح ٣٥١.

(٨) الكافي ٣ : ٣٣٦ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ٩٤ ح ٣٥٢.

٤٤١

وروى العامة عن علي عليه‌السلام : « ان المرأة تحتفز في الصلاة » (١) ـ بالفاء والزاي ـ اي تتضمّم ، وقد سبق ان الرجل لا يحتفز اي لا يتضمّم بعضه الى بعض. وروى ابن بكير عن بعض أصحابنا ، قال : « المرأة إذا سجدت تضممت ، والرجل إذا سجد تفتح » (٢).

ولم يزد في التهذيب على هذه الاخبار ، وهي غير واضحة الاتصال لكن الشهرة تؤيّدها.

__________________

(١) المصنف لعبد الرزاق ٣ : ١٣٨ ح ٥٠٧١ ، المصنف لابن أبي شيبة ١ : ٢٦٩.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٦ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ٩٥ ح ٣٥٣.

٤٤٢

الفصل الثاني : فيما يتعقبها من الأذكار ، وهو المسمى بالتعقيب.

قال الجوهري : التعقيب في الصلاة : الجلوس بعد ان يقضيها لدعاء أو مسألة (١) وهو غير داخل تحت الضبط.

ولنذكر فيه مطالب خمس :

الأول : في فضله.

ورد في تفسير قوله تعالى ( فَإِذا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ) (٢) : إذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب الى ربك في الدعاء ، وارغب إليه في المسألة يعطك ، روي عن الباقر والصادق عليهما‌السلام (٣) وعن مجاهد وقتادة وغيرهما (٤).

وروي عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « من عقّب في صلاة فهو في صلاة » (٥).

وروى الشيخ في التهذيب بإسناده الى عبد الله بن محمد ، عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « ما عالج الناس شيئا أشدّ من التعقيب » (٦).

وفي مرسل منصور بن يونس عنه عليه‌السلام : « من صلّى صلاة فريضة وعقّب إلى أخرى ، فهو ضيف الله ، وحقّ على الله ان يكرم ضيفه » (٧).

__________________

(١) الصحاح ١ : ١٨٦ ، مادة : عقب.

(٢) سورة ألم نشرح : ٧.

(٣) قرب الاسناد : ٥ ، دعائم الإسلام ١ : ١٦٦ ، مجمع البيان ١٠ : ٥٠٩.

(٤) مجمع البيان ١٠ : ٥٠٩ ، الوسيط ٤ : ٥٢٠.

(٥) المعجم الكبير ١٠ : ٢٧٣ ح ٥٣٢ ح ١٠٥٣٢ ، الفائق ٣ : ١٢.

(٦) التهذيب ٢ : ١٠٤ ح ٣٩٣.

(٧) المحاسن : ٥١ ، الكافي ٣ : ٣٤١ ح ٣ ، التهذيب ٢ : ١٠٣ ح ٣٨٨.

٤٤٣

وعن زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا » (١).

وعن الوليد بن صبيح ، عن الصادق عليه‌السلام : « التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد » يعني بالتعقيب الدعاء بعقب الصلوات (٢).

وعن محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام ، قال : « الدعاء في دبر المكتوبة أفضل من الدعاء دبر التطوع ، لفضل المكتوبة على التطوع » (٣).

وعن معاوية بن عمار ، قال : قلت لأبي عبد الله عليه‌السلام في رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة ، فتلا هذا القرآن فكانت تلاوته أكثر من دعائه ، ودعا هذا فكان دعاؤه أكثر من تلاوته ، ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل؟ قال : « كل فيه فضل ، كل حسن ». قلت : اني قد علمت ان كلاّ حسن وان كلاّ فيه فضل. فقال « الدعاء أفضل ، أما سمعت قول الله عز وجل ( وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ ) هي والله العبادة ، هي والله أفضل هي والله أفضل ، أليست هي العبادة!؟ هي والله العبادة ، أليست هي أشدّهن!؟ هي والله أشدّهن ، هي والله أشدّهن ، هي والله أشدّهن » (٤).

وعن السكوني عنه عليه‌السلام ، عن أبيه ، عن الحسن بن علي عليهما‌السلام ، قال : « من صلّى فجلس في مصلاّه الى طلوع الشمس كان له سترا من النار » (٥).

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٢ ح ٥ ، التهذيب ٢ : ١٠٣ ح ٣٨٩ ، الفقيه ١ : ٢١٦ ح ٩٦٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٠٤ ح ٣٩١.

(٣) التهذيب ٢ : ١٠٤ ح ٣٩٢.

(٤) التهذيب ٢ : ١٠٤ ح ٣٩٤ ، السرائر : ٤٧٢.

والآية في سورة الغافر : ٦٠.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٢١ ح ١٣١٠.

٤٤٤

وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام : « ان أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : إذا فرغ أحدكم من الصلاة ، فليرفع يديه الى السماء ، ولينصب في الدعاء ». فقال ابن سبإ : يا أمير المؤمنين أليس الله في كل مكان؟ قال : « بلى ». قال : فلم يرفع يديه الى السماء؟ قال : « اما تقرأ ( وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ ) فمن أين يطلب الرزق الاّ من موضعه ، وموضع الرزق وما وعد الله السماء » (١).

وعن عاصم القارئ ، عن ابن عمر ، عن الحسن بن علي ، قال : « سمعت أبي علي بن أبي طالب يقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : أيما امرئ مسلم جلس في مصلاّه الذي صلّى فيه الفجر يذكر الله حتى تطلع الشمس ، كان له من الأجر كحاج رسول الله ، فان جلس فيه حتى تكون ساعة تحل فيها الصلاة فصلى ركعتين أو أربعا ، غفر له ما سلف وكان له من الأجر كحاج بيت الله » (٢).

وعن جابر عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : [ قال الله تعالى ] : يا ابن آدم اذكرني بعد الفجر ساعة ، واذكرني بعد العصر ساعة ، أكفك ما أهمك » (٣).

وفي كتاب من لا يحضره الفقيه : قال زرارة : سمعت أبا جعفر عليه‌السلام يقول : « الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا ، وبذلك جرت‌

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١٣ ح ٩٥٥ ، علل الشرائع : ٣٤٤ ، الخصال : ٦٢٨ ، التهذيب ٢ : ٣٢٢ ح ١٣١٥.

والآية في سورة الذاريات : ٢٢.

(٢) أمالي الصدوق : ٤٦٩ ، ثواب الاعمال : ٦٨ ، التهذيب ٢ : ١٣٨ ح ٥٣٥ ، الاستبصار ١ : ٣٥٠ ح ١٣٢١.

(٣) الفقيه ١ : ٢١٦ ح ٩٦٤ ، ثواب الاعمال : ٦٩ ، التهذيب ٢ : ١٣٨ ح ٥٣٦ ، ومنها ما أثبتناه بين المعقوفين.

٤٤٥

السنة » (١).

وقال هشام بن سالم لأبي عبد الله عليه‌السلام : اني اخرج وأحب ان أكون معقّبا ، فقال : « ان كنت على وضوء فأنت معقّب » (٢).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٢١٦ ح ٩٦٢.

(٢) الفقيه ١ : ٢١٦ ح ٩٦٣.

٤٤٦

المطلب الثاني : يكره النوم بعد صلاة الغداة.

روى محمد بن مسلم ، عن أحدهما عليهما‌السلام : « ان الرزق يبسط تلك الساعة ، فأنا أكره أن ينام الرجل تلك الساعة » (١).

وقال في التهذيب : قال الصادق عليه‌السلام : « نومة الغداة مشئومة تطرد الرزق ، وتصفر اللون وتقبحه وتغيّره ، وهو نوم كل مشئوم ، ان الله تعالى يقسم الأرزاق ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، وإياكم تلك النومة. وكان المن والسلوى ينزل على بني إسرائيل ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، فمن نام تلك الساعة لم ينزل نصيبه ، وكان إذا انتبه فلا يرى نصيبه احتاج الى السؤال والطلب » (٢).

وقال الصادق عليه‌السلام في قول الله عز وجل ( فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً ) ، قال : « الملائكة تقسم أرزاق بنى آدم ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، فمن نام فيما بينهما نام عن رزقه » (٣).

وروى الرخصة في النوم بعد الصبح عن أبي عبد الله عليه‌السلام (٤) وعن فعل الرضا عليه‌السلام (٥) مع انه روى معمر بن خلاد عن الرضا عليه‌السلام ، قال : كان وهو بخراسان إذ صلّى الفجر جلس في مصلاّه حتى تطلع الشمس ، ثم يؤتى بخريطة فيها مساويك فيستاك بها واحدا بعد واحد ، ثم يؤتى بكندر فيمضغه ، ثم يؤتى بالمصحف فيقرأ فيه (٦).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣١٧ ح ١٤٤٣ ، التهذيب ٢ : ١٣٨ ح ٥٣٨ ، الاستبصار ١ : ٣٥٠ ح ١٣٢٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٩ ح ٥٤٠ ، وفي الفقيه ١ : ٣١٩ ح ١٤٥٣.

(٣) التهذيب ٢ : ١٣٩ ح ٥٤١.

والآية في سورة الذاريات : ٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٢١ ح ١٣١١ ، الاستبصار ١ : ٣٥٠ ح ١٣٢٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٣٢٠ ح ١٣٠٩ ، الاستبصار ١ : ٣٥٠ ح ١٣٢٣.

(٦) الفقيه ١ : ٣١٩ ح ١٤٥٥.

٤٤٧

وروى الصدوق عن الباقر عليه‌السلام : « النوم أول النهار خرق ـ اي : ليس برفق ـ والقائلة نعمة ، والنوم بعد العصر حمق ، والنوم بين العشاءين يحرم الرزق. والنوم على أربعة أوجه : نوم الأنبياء عليهم‌السلام على أقفيتهم لمناجاة الوحي ، ونوم المؤمنين على ايمانهم ، ونوم الكفار على أيسارهم ، ونوم الشياطين على وجوههم » (١).

وقال عليه‌السلام : « من رأيتموه نائما على وجهه فأنبهوه (٢).

قال الصدوق : وأتى أعرابي النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : اني كنت ذكورا واني صرت نسيا ، فقال : « أكنت تقيل؟ » قال : نعم ، وتركت ذلك. فقال : « عد ». فعاد فعاد اليه ذهنه (٣).

__________________

(١) الفقيه ١ : ٣١٨ ح ١٤٤٦.

(٢) الفقيه ١ : ٣١٨ ح ١٤٤٧ ، الخصال : ٦١٣.

(٣) الفقيه ١ : ٣١٨ ح ١٤٤٩.

٤٤٨

المطلب الثالث : فيما يعقب به على الإطلاق.

قال الأصحاب : يكبّر بعد التسليم ثلاثا رافعا بها يديه (١) ـ كما تقدم ـ ويضعها في كل مرة الى أن تبلغ فخذيه أو قريبا منهما.

وقال المفيد ـ رحمه‌الله ـ : يرفعهما حيال وجهه مستقبلا بظاهرهما وجهه وبباطنهما القبلة ، ثم يخفض يديه الى نحو فخذيه ، وهكذا ثلاثا (٢).

وروى أبو بصير عن الصادق عليه‌السلام : قل بعد التسليم : « الله أكبر ، لا إله الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد ، يحيي ويميت وهو حي لا يموت ، بيده الخير وهو على كل شي‌ء قدير ، لا إله إلا الله وحده ، صدق وعده ، ونصر عبده ، وهزم الأحزاب وحده ، اللهم اهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك ، انك تهدي من تشاء الى صراط مستقيم » (٣).

ومنه تسبيح فاطمة الزهراء عليها‌السلام. روى ابن سنان عنه عليه‌السلام : « من سبح تسبيح فاطمة عليها‌السلام قبل ان يثني رجليه من صلاة الفريضة غفر الله له ، ويبدأ بالتكبير » (٤).

وعن أبي هارون المكفوف عنه عليه‌السلام : « إنا نأمر صبياننا بتسبيح فاطمة عليها‌السلام كما نأمرهم بالصلاة ، فالزمه فإنّه لم يلزمه عبد فشقي » (٥).

وعن صالح بن عقبة ، عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « ما عبد الله‌

__________________

(١) راجع : المبسوط ١ : ١١٧ ، الغنية : ٤٩٧ ، تذكرة الفقهاء ١ : ١٢٧.

(٢) المقنعة : ١٨.

(٣) التهذيب ٢ : ١٠٦ ح ٤٠٢.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٢ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٢١٠ ح ٩٤٦ ، ثواب الاعمال : ١٩٦ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ح ٣٩٥.

(٥) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٣ ، أمالي الصدوق : ٤٦٤ ، ثواب الاعمال : ١٩٥ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ح ٣٩٧.

٤٤٩

بشي‌ء من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليهما‌السلام ، ولو كان شي‌ء أفضل منه لنحله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاطمة عليها‌السلام » (١).

وعن أبي خالد القماط سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام يقول : « تسبيح فاطمة عليها‌السلام في كل يوم دبر كل صلاة ، أحب اليّ من صلاة ألف ركعة في كل يوم » (٢).

وصورته عند أكثر الأصحاب ما رواه محمد بن عذافر ، قال : دخلت مع أبي عبد الله عليه‌السلام فسأله أبي عن تسبيح فاطمة عليها‌السلام ، فقال : « الله أكبر حتى أحصى أربعا وثلاثين ، ثم قال : الحمد لله ، حتى بلغ سبعا وستين ، ثم قال : سبحان الله ، حتى بلغ مائة جملة واحدة » (٣) ومثله رواه أبو بصير عنه عليه‌السلام (٤).

وقال ابن بابويه ـ رحمه‌الله ـ : يقدّم التسبيح على التحميد (٥). والأول أشهر.

وفي مرسلة ابن أبي نجران عن الصادق عليه‌السلام : « من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة المائة ، واتبعها بلا إله إلاّ الله ، غفر له » (٦).

ومنه ما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه‌السلام قال : « انّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لأصحابه ذات يوم : أرأيتم لو جمعتم ما عندكم من الثياب والآنية ، ثم وضعتم بعضه على بعض ، أترونه يبلغ السماء؟ قالوا : لا يا رسول الله. فقال : يقول أحدكم إذا فرغ من صلاته : سبحان الله ، والحمد لله ،

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٤ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ح ٣٩٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٥ ، ثواب الاعمال : ١٩٦ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ح ٣٩٩.

(٣) المحاسن : ٣٦ ، الكافي ٣ : ٣٤٢ ح ٨ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ح ٤٠٠.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٢ ح ٩ ، التهذيب ٢ : ١٠٦ ح ٤٠١.

(٥) الفقيه ١ : ٢١٠ ، المقنع : ٢٩.

(٦) المحاسن : ٣٦ ، الكافي ٣ : ٣٤٢ ح ٧ ، التهذيب ٢ : ١٠٥ ح ٣٩٦.

٤٥٠

ولا إله إلاّ الله والله أكبر ، ثلاثين مرة ، وهنّ يدفعن الهدم والغرق والحرق ، والتردي في البئر ، وأكل السبع ، وميتة السوء ، والبلية التي نزلت على العبد في ذلك اليوم » (١).

ومنه ما رواه سلام المكي عن أبي جعفر عليه‌السلام ، قال : « أتى رجل الى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقال له شيبة الهذلي ، فقال : يا رسول الله اني شيخ قد كبر سني ، وضعفت قوتي عن عمل كنت عوّدته نفسي من صلاة وصيام وحج وجهاد ، فعلمني يا رسول الله كلاما ينفعني الله به ، وخفف عليّ يا رسول الله.

فقال : أعد ، فأعاد ثلاث مرات. فقال له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما حولك شجرة ولا مدرة الا وقد بكت من رحمتك ، فإذا صليت الصبح فقل عشر مرات : سبحان الله العظيم وبحمده لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ، فان الله يعافيك بذلك من العمى والجنون ، والجذام والفقر والهرم.

فقال يا رسول الله : هذا للدنيا فما للآخرة؟ فقال : تقول في دبر كل صلاة : اللهم اهدني من عندك ، وأفض عليّ من رحمتك ، وانشر عليّ من رحمتك ، وانزل عليّ من بركاتك.

قال : فقبض عليهن بيده ثم مضى ، فقال رجل لابن عباس : شد ما قبض عليها خالك (٢)! فقال النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اما انه ان وافى بها يوم القيامة ، لم يدعها متعمدا ، فتح الله ثمانية أبواب من أبواب الجنة يدخل من ايها شاء » (٣).

__________________

(١) ثواب الاعمال : ٢٦ ، التهذيب ٢ : ١٠٧ ح ٤٠٦.

(٢) قال المجلسي في بحار الأنوار ٨٦ : ٢٠ ، وملاذ الأخيار ٣ : ٦١٥ : ( خالك ) اي : صاحبك ، يقال : انا خال هذا الفرس ، اي : صاحبه. ويمكن ان يراد بالخال معناه الحقيقي ، ويكون عبد الله بن عباس منتسبا من جانب الأم إلى هذيل. والله أعلم.

(٣) أمالي الصدوق : ٥٤ ، ثواب الاعمال : ١٩١ ، التهذيب ٢ : ١٠٦ ح ٤٠٤ وفيه : شيبة الهذيل.

٤٥١

ومنه ما رواه ابن بكير عن أبي عبد الله عليه‌السلام في قول الله عز وجل : ( اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً ) ، قال : « ان يسبّح في دبر المكتوبة ثلاثين مرة » (١).

ومنه ما رواه زرارة عن الباقر عليه‌السلام ، قال : « أقل ما يجزئك من الدعاء بعد الفريضة ان تقول : اللهم إني أسألك من كل خير أحاط به علمك ، وأعوذ بك من كل سوء (٢) أحاط به علمك ، اللهم إني أسألك عافيتك في أموري كلها ، وأعوذ بك من خزي الدنيا وعذاب الآخرة » (٣).

وروى زرارة عنه عليه‌السلام ، انه قال : « لا تنسوا الموجبتين » أو قال : « عليكم بالموجبتين في دبر كل صلاة ». قلت : وما الموجبتان؟ قال : « تسأل الله الجنة ، وتعوذ بالله من النار » (٤).

ومنه انه إذ فرغ من التسليم ، قال ابن بابويه : إذا فرغ من تسبيح فاطمة عليها‌السلام قال : اللهم أنت السلام ، ومنك السلام ، ولك السلام ، وإليك يعود السلام ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ، السلام على جميع أنبياء الله (٥) وملائكته (٦) السلام على الأئمة الهادين المهديين ثم تذكر (٧) الأئمة واحدا واحدا (٨).

ومنه ما رواه محمد الواسطي ، قال : سمعت أبا عبد الله عليه‌السلام

__________________

(١) قرب الاسناد : ٧٩ ، التهذيب ٢ : ١٠٧ ح ٤٠٥.

والآية في سورة الأحزاب : ٤١.

(٢) في ط والمصادر : « شر ».

(٣) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٦ ، الفقيه ١ : ٢١٢ ح ٩٤٨ ، التهذيب ٢ : ١٠٧ ح ٤٠٧.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٩ ، معاني الأخبار : ١٨٣ ، التهذيب ٢ : ١٠٨ ح ٤٠٨.

(٥) في المصدر زيادة : ورسله.

(٦) في المصدر زيادة : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.

(٧) في المصدر : تسلم على.

(٨) الفقيه ١ : ٢١٢.

٤٥٢

يقول : « لا تدع في دبر كل صلاة : أعيذ نفسي وما رزقني ربي بالله الواحد الصمد حتى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الفلق حتى تختمها ، وأعيذ نفسي وما رزقني ربي برب الناس حتى تختمها » (١).

ومنه ما روي في الفقيه والتهذيب مرسلا عن أمير المؤمنين عليه‌السلام ، انه قال : « من أحب أن يخرج من الدنيا ، وقد تخلّص من الذنوب كما يتخلّص الذهب الذي لا كدر فيه ، ولا يطلبه أحد بمظلمة ، فليقل في دبر كل صلاة نسبة الرب تبارك وتعالى اثنتي عشرة مرة ، ثم يبسط يديه ويقول : اللهم إني أسألك باسمك المكنون المخزون الطهر الطاهر المبارك ، وأسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم ان تصلي على محمد وآل محمد. يا واهب العطايا ، يا مطلق الأسارى ، يا فاكّ ، الرقاب من النار ، أسألك ان تصلي على محمد وآل محمد ، وان تعتق رقبتي من النار ، وتخرجني من الدنيا آمنا ، وتدخلني الجنة سالما ، وان تجعل دعائي أوله فلاحا ، وأوسطه نجاحا ، وآخره صلاحا ، انك أنت علام الغيوب ». ثم قال أمير المؤمنين عليه‌السلام : « هذا من المخبيّات مما علمني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمرني أن اعلّم الحسن والحسين عليهما‌السلام » (٢).

قلت : المخبيّات من خبئ لما لم يسم فاعله ، ولولاه لكان المخبوءات ، وكلاهما صحيح.

ومنه ما روي انّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول إذا فرغ من صلاته ـ ذكره الخاصة والعامة ـ : « اللهم اغفر لي ما قدّمت وما أخّرت ، وما أسررت وما أعلنت ، وإسرافي على نفسي ، وما أنت أعلم به مني. اللهم أنت المقدّم وأنت المؤخّر ، لا إله إلا أنت ، بعلمك الغيب وبقدرتك على الخلق أجمعين ما‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٣٤٣ ح ١٨ ، التهذيب ٢ : ١٠٨ ح ٤٠٩.

(٢) الفقيه ١ : ٢١٢ ح ٩٤٩ ، التهذيب ٢ : ١٠٨ ح ٤١٠.

٤٥٣

علمت الحياة خيرا لي فأحيني ، وتوفّني إذا علمت انّ الوفاة خيرا لي.

اللهم إني أسألك خشيتك في السرّ والعلانية ، وكلمة الحق في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى. وأسألك نعيما لا ينفد ، وقرة عين لا تنقطع. وأسألك الرضا بالقضاء ، وبرد العيش بعد الموت ، ولذة النظر الى وجهك ، وشوقا إلى لقائك من غير ضرّاء مضرّة ولا فتنة مضلّة.

اللهم زيّنا زينة الايمان واجعلنا هداة مهتدين (١). اللهم اهدنا فيمن هديت. اللهم إني أسألك عزيمة الرشاد ، والثبات في الأمر والرشد. وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عاقبتك ، وأداء حقك. وأسألك يا رب قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأستغفرك لما تعلم. وأسألك خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم وما لا نعلم ، وأنت علاّم الغيوب » (٢).

ومنها : ما رواه في التهذيب بإسناد قريب الأمر (٣) عن الحسين بن ثوير وأبي سلمة السراج ، انهما سمعا أبا عبد الله عليه‌السلام في دبر كل مكتوبة يلعن أعداء الإسلام (٤).

وقال الصدوق : قال صفوان الجمال : رأيت أبا عبد الله عليه‌السلام إذا صلّى ففرغ من صلاته رفع يديه فوق رأسه (٥).

وقال أبو جعفر عليه‌السلام : « ما بسط عبد يده الى الله عز وجل الا أستحيي الله تعالى أن يردّها صفرا ، حتى يجعل فيها من فضله ورحمته ما يشاء ، فإذا دعي أحدكم فلا يردّ يده حتى يمسح بها على رأسه ووجهه ». قال الصدوق : وفي خبر آخر : « على وجهه وصدره » (٦).

__________________

(١) في الفقيه والكافي : « مهديين ».

(٢) الكافي ٢ : ٣٩٨ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٢١٥.

(٣) في هامش م : إلى الصحة.

(٤) الكافي ٣ : ٣٤٢ ح ١٠ ، التهذيب ٢ : ٣٢١ ح ١٣١٣.

(٥) الفقيه ١ : ٢١٣ ح ٩٥٢ ، التهذيب ٢ : ١٠٦ ح ٤٠٣.

(٦) الفقيه ١ : ٢١٣ ح ٩٥٣.

٤٥٤

قلت : الحياء : انقباض النفس عن القبيح مخافة الذم ، فإذا نسب الى الله تعالى فالمراد به الترك اللازم للانقباض ، كما انّ المراد من رحمته اصابة المعروف ومن غضبه اصابة المكروه اللازمين لمعنييهما.

ومنه قول النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « انّ الله يستحيي من ذي الشيبة أن يعذبه » (١).

وروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضا ما يقرب من حديث الباقر عليه‌السلام : « انّ الله حيي كريم ، يستحيي إذا رفع العبد يديه ان يردّهما صفرا حتى يضع فيهما خيرا » (٢).

ويستحبّ رفع اليدين في الدعاء كله ؛ لقول أمير المؤمنين عليه‌السلام : « إذا فرغ أحدكم من الصلاة ، فليرفع يديه الى السماء ، ولينصب في الدعاء » (٣).

ويستحب الختم بقوله تعالى ( سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (٤) ، فعن أمير المؤمنين عليه‌السلام : « من أراد ان يكتال بالمكيال الأوفى فليكن ذلك آخر قوله » (٥).

ويستحب تعميم الدعاء ؛ لأنّه أقرب للإجابة ، بذلك ورد الخبر عن النبي (٦) والأئمة عليهم‌السلام (٧).

__________________

(١) نحوه في كنز العمال ١٥ : ٦٧٢ ح ٢٦٧٤ عن ابن النجار ، وراجع كشف الخفاء ١ : ٢٨٤ ح ٧٤٢.

(٢) المصنف لعبد الرزاق ٢ : ٢٥١ ح ٢٣٥١ ، مسند أبي يعلى ٣ : ٣٩١ ح ١٨٦٧ ، المستدرك على الصحيحين ١ : ٤٩٧.

(٣) الفقيه ١ : ٢١٣ ح ٩٥٥ ، علل الشرائع : ٣٤٤ ، الخصال : ٦٢٨ ، التهذيب ٢ : ٣٢٢ ح ١٣١٥.

(٤) سورة الصافات : ١٨٠ ـ ١٨٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢١٣ ح ٩٥٤.

(٦) راجع : الكافي ٢ : ٣٦٨ ح ٥ ، أمالي الصدوق : ٣٦٩.

(٧) راجع : الكافي ٢ : ٣٦٨ ح ٧ ، أمالي الصدوق : ٣٦٩.

٤٥٥

المطلب الرابع : في الإشارة الى ما يختص بالصلوات.

روى ابن بابويه : أن أمير المؤمنين عليه‌السلام كان يقول بعد صلاة الزوال : « اللهم إني أتقرب إليك بجودك وكرمك ، وأتقرب إليك بمحمد عبدك ورسولك ، وأتقرب إليك بملائكتك المقربين وأنبيائك المرسلين وبك. اللهم (١). الغني عني وبي الفاقة إليك ، أنت الغني وأنا الفقير إليك ، أقلني عثرتي ، واستر عليّ ذنوبي ، اقض اليوم حاجتي ، ولا تعذبني اليوم بقبيح تعلم مني ، بل عفوك يسعني وجودك ». ثم يخرّ ساجدا ويقول : « يا أهل التقوى وأهل المغفرة ، يا برّ يا رحيم ، أنت أبرّ بي من أبي وأمي ومن جميع الخلائق ، اقلبني بقضاء حاجتي ، مجابا دعائي ، مرحوما صوتي ، قد كشفت أنواع البلاء عني » (٢).

ويستغفر الله عقيب العصر سبعين مرة (٣) وفي رواية : « سبعا وسبعين » (٤) وفي أخرى : « مائة » (٥). وصورته ( استغفر ربي وأتوب اليه ). ويقول سبعا : « اللهم صلّ على محمد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، والسلام عليهم وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته » (٦) وان كانت عصر الجمعة يقولها عشرا وثوابها عظيم (٧).

وليكن من دعائه بعد العصر : اللهم إني أسألك بمعاقد العزّ من عرشك ، ومنتهى الرحمة من كتابك ، وباسمك الأعظم ، وكلماتك التامة التي تمت صدقا‌

__________________

(١) في الكافي زيادة : « أنت » ، وفي الفقيه زيادة : « لك ».

(٢) الكافي ٢ : ٣٩٦ ح ١ ، الفقيه ١ : ٢١٣ ح ٩٥٦.

(٣ و ٤ و ٥ و ٦) أمالي الصدوق : ٢١١ ح ٨ ، المقنعة : ١٨ ، التهذيب ٣ : ١٩ ح ٦٨ ، أمالي الطوسي ٢ : ١٢١ ، مصباح المتهجد : ٦٥ ، ثواب الأعمال : ٥٩ ، فلاح السائل : ١٩٨ ، مكارم الأخلاق : ٣١٣.

(٧) جمال الأسبوع : ٤٤٥.

٤٥٦

وعدلا ، ان تصلّي على محمد وآل محمد ، وان تفعل بي كذا وكذا (١).

وعن الصادق عليه‌السلام : « من قال إذا صلّى المغرب ثلاث مرات : الحمد لله الذي يفعل ما يشاء ولا يفعل ما يشاء غيره ، اعطي خيرا كثيرا » (٢).

وقال عليه‌السلام : « تقول بعد العشاءين : اللهم بيدك مقادير الليل والنهار ، ومقادير الدنيا والآخرة ، ومقادير الموت والحياة ، ومقادير الشمس والقمر ، ومقادير النصر والخذلان ، ومقادير الغنى والفقر. اللهم ادرأ عني شر فسقة الجن والانس ، واجعل منقلبي إلى خير دائم ونعيم لا يزول » (٣).

وعن محمد بن الفرج ، قال : كتب اليّ أبو جعفر محمد بن الرضا عليهما‌السلام بهذا الدعاء وعلمنيه ، وقال : « من دعا به في دبر صلاة الفجر لم يلتمس حاجة الا يسّرت له ، وكفاه الله ما أهمّه : بسم الله ، وصلّى الله على محمد وآله ، ( وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ إِنَّ اللهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ ، فَوَقاهُ اللهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا ). ( لا إِلهَ إِلاّ أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظّالِمِينَ ، فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ). ( حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ ). ما شاء الله ، لا حول ولا قوة إلا بالله ، ما شاء الله لا ما شاء الناس ، ما شاء الله وان كره الناس. حسبي الرب من المربوبين ، حسبي الخالق من المخلوقين ، حسبي الرازق من المرزوقين ، حسبي الذي لم يزل حسبي ، حسبي من كان منذ كنت حسبي ، ( حَسْبِيَ اللهُ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ ، عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ ) » (٤).

وعن هلقام ، قال : أتيت أبا إبراهيم عليه‌السلام فقلت له : جعلت‌

__________________

(١) أورده المفيد في المقنعة : ١٨.

(٢) الكافي ٢ : ٣٩٦ ح ٢ ، الفقيه ١ : ٢١٤ ح ٩٥٧ ، التهذيب ٢ : ١١٥ ح ٤٣٠.

(٣) التهذيب ٢ : ١١٥ ح ٤٣٢. وفي الفقيه ١ : ٢١٤ ح ٩٥٨ « بين العشاءين » ، وفي الكافي ٢ : ٣٩٧ ح ٣ بزيادة بعض العبارات.

(٤) الكافي ٢ : ٣٩٨ ح ٦ ، الفقيه ١ : ٢١٤ ح ٩٥٩ ، باختلاف يسير.

٤٥٧

فداك ، علمني دعاء جامعا للدنيا والآخرة وأوجز ، فقال : « قل في دبر صلاة الفجر الى ان تطلع الشمس : سبحان الله (١) وبحمده ، واستغفر الله واسأله من فضله ». قال هلقام : ولقد كنت أسوأ أهل بيتي حالا واني اليوم من أيسر أهل بيتي ، وما ذاك الا مما علمني مولاي عليه‌السلام (٢).

وعن مسمع كردين ، قال : صليت مع أبي عبد الله عليه‌السلام أربعين صباحا ، وكان إذا انفتل رفع يديه الى السماء وقال : « أصبحنا وأصبح الملك لله ، اللهم ( انا عبدك وابن عبديك ) (٣) اللهم احفظنا من حيث نتحفظ ومن حيث لا تنحفظ ، اللهم احرسنا من حيث نحرس ومن حيث لا نحرس ، اللهم استرنا من حيث نستر ومن حيث لا نستر ، اللهم استرنا بالغنى والعافية ، اللهم ارزقنا العافية (٤) وارزقنا الشكر عليها (٥).

قلت : في هذا إشارة إلى أنه دعاء مستقبل القوم ، ولعلّ هذا بعد الفراغ من التعقيب ، فإنه قد ورد ان المعقّب يكون على هيئة المتشهد في استقبال القبلة وفي التورك ، وانّ ما يضرّ بالصلاة يضر بالتعقيب. أو يقال : هذا يختص بالصبح لا غير. أو يقال : المراد بانفتاله فراغه من الصلاة وايماؤه بالتسليم.

__________________

(١) في المصدرين زيادة : « العظيم ».

(٢) الكافي ٢ : ٤٠٠ ح ١٢ ، الفقيه ١ : ٢١٦ ح ٩٦١.

(٣) في المصدر : « انا عبيدك وأبناء عبيدك ».

(٤) في المصدر زيادة : « وداوم العافية ».

(٥) الفقيه ١ : ٢٢٣ ح ٩٨٣.

٤٥٨

المطلب الخامس : في سجدتي الشكر.

وثوابهما عظيم. روى مرازم عن أبي عبد الله عليه‌السلام ، قال : « سجدة الشكر واجبة على كل مسلم ، تتمّ بها صلاتك ، وترضي بها ربك ، وتعجب الملائكة منك. وان العبد إذا صلّى ثم سجد سجدة الشكر ، فتح الرب تبارك وتعالى الحجاب بين العبد والملائكة ، فيقول : يا ملائكتي انظروا الى عبدي أدّى فرضي ، وأتمّ عهدي ، ثم سجد لي شكرا على ما أنعمت به عليه ، ملائكتي ما ذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربنا رحمتك. فيقول الرب تعالى : ثم ما ذا له؟ فتقول الملائكة : يا ربنا كفاية مهمّة. فيقول الرب تعالى : ثم ما ذا؟ فلا يبقى شي‌ء من الخير الا قالته الملائكة. ثم يقول الله تعالى : ثم ما ذا؟ فتقول الملائكة : يا ربنا لا علم لنا. فيقول الله تعالى : اشكر له كما شكر لي ، واقبل إليه بفضلي ، وأريه وجهي » (١) ، أورده في الفقيه والتهذيب (٢).

وروى أبو الحسين الأسدي ـ رحمه‌الله ـ : انّ الصادق عليه‌السلام قال : « انما يسجد المصلي سجدة بعد الفريضة ، ليشكر الله تعالى ذكره على ما منّ به عليه من أداء فرضه » (٣).

وقال الباقر عليه‌السلام : « أوحى الله تعالى الى موسى عليه‌السلام : أتدري لم اصطفيتك بكلامي دون خلقي؟ قال موسى : لا يا رب. قال : يا موسى‌

__________________

(١) في التهذيب : « رحمتي ».

والصدوق أورده كما في المتن وقال : من وصف الله تعالى ذكره بالوجه كالوجوه فقد كفر وأشرك ، ووجهه أنبياؤه وحججه صلوات الله عليهم ، وهم الذين يتوجه بهم العباد الى الله عز وجل والى معرفته ومعرفة دينه ، والنظر إليهم في يوم القيامة ثواب عظيم يفرق على كل ثواب .. وقال عز وجل ( فَأَيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ ) يعني فثم الوجه الى الله ، ولا يجب ان ينكر من الاخبار ألفاظ القرآن.

(٢) الفقيه ١ : ٢٢٠ ح ٩٧٨ ، التهذيب ٢ : ١١٠ ح ٤١٥.

(٣) الفقيه ١ : ٢١٩ ح ٩٧٧.

٤٥٩

اني قلبت عبادي ظهرا لبطن ، فلم أجد فيهم أحدا أذلّ لي نفسا منك ، يا موسى انك إذا صلّيت وضعت خديك على التراب » (١).

وأذكارها كثيرة ، منها : ما رواه عبد الله بن جندب ، عن موسى بن جعفر عليهما‌السلام انه كان يقول فيها : « اللهم إني أشهدك ، وأشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلقك ، انك الله ربي ، والإسلام ديني ، ومحمد نبيي ، وعلي والحسن والحسين ـ ويعدّ الأئمة ـ أئمتي ، لهم أتولّى ومن عدوهم أتبرأ. اللهم إني أنشدك دم المظلوم ـ ثلاثا ـ اللهم إني أسألك بإيوائك على نفسك لأعدائك لتهلكنهم بأيدينا وأيدي المؤمنين ، اللهم إني أنشدك بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم على عدوك وعدوهم ، اللهم إني أسألك ان تصلّي على محمد وعلى المستحفظين من آل محمد ـ ثلاثا ـ اللهم إني أسألك اليسر بعد العسر.

ثم تضع خدك الأيمن على الأرض وتقول : يا كهفي حين تعييني المذاهب وتضيق عليّ الأرض بما رحبت ، ويا بارئ خلقي رحمة لي وكنت عن خلقي غنيا ، صلّ على محمد وآل محمد وعلى المستحفظين من آل محمد ـ ثلاثا. ثم تضع خدك الأيسر على الأرض وتقول : يا مذلّ كل جبار ، ويا معز كل ذليل ، قد وعزتك بلغ مجهودي (٢). ثم تعود الى السجود وتقول مائة مرة شكرا شكرا ثم تسأل حاجتك » (٣).

وقال ابن أبي عقيل : يقول في رأس كل عشر منها : شكرا للمنعم ، ثم يعفّر خده الأيمن ويقول : أنشدك اليسر بعد العسر ، سبعا ، أنشدك نصرة المظلوم ، سبعا. ثم يعفّر خده الأيسر ويقول ذلك.

__________________

(١) الكافي ٢ : ١٠٠ ح ٧ ، الفقيه ١ : ٢١٩ ح ٩٧٤ ، علل الشرائع : ٥٦.

(٢) في جميع المصادر زيادة : ثلاثا ، وبعدها في الكافي والتهذيب زيادة : « ثم تقول : يا حنان يا منان ، يا كاشف الكرب العظام ، ثلاثا ».

(٣) الكافي ٣ : ٣٢٥ ح ١٧ ، الفقيه ١ : ٢١٧ ح ٩٦٦ ، التهذيب ٢ : ١١٠ ح ٤١٦.

٤٦٠