محمد بن الحسن الحرّ العاملي [ العلامة الشيخ حرّ العاملي ]
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
الموضوع : الحديث وعلومه
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث ـ قم
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٣
ISBN: 964-5503-11-6
ISBN الدورة:
الصفحات: ٥٥٤
وسعي بين الصفا والمروة كما يفعل المفرد ، فليس بأفضل من المفرد إلّا بسياق الهدي .
[ ١٤٦٥٤ ] ١١ ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن محمّد بن سنان ، عن ابن مسكان ، عن أبي بصير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : المتمتّع عليه ثلاثة أطواف بالبيت وطوافان بين الصفا والمروة ، ويقطع التلبية من متعته إذا نظر إلى بيوت مكّة ، ويحرم بالحجّ يوم التروية ، ويقطع التلبية يوم عرفة حين تزول الشمس .
[ ١٤٦٥٥ ] ١٢ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عماّر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : القارن لا يكون إلّا بسياق الهدي ، وعليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم ( عليه السلام ) ، وسعي بين الصفا والمروة ، وطواف بعد الحجّ ، وهو طواف النساء .
[ ١٤٦٥٦ ] ١٣ ـ وبهذا الإِسناد عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : المفرد للحجّ عليه طواف بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم ( عليه السلام ) وسعي بين الصفا والمروة ، وطواف الزيارة وهو طواف النساء وليس عليه هدي ولا أُضحية قال : وسألته عن المفرد للحجّ ، هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة ؟ قال : نعم ، ما شاء ، ويجدّد التلبية بعد الركعتين ، والقارن بتلك المنزلة يعقدان ما أحلّا من الطواف بالتلبية .
ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب (١) وكذا كلّ ما قبله .
______________________
١١ ـ الكافي ٤ : ٢٩٥ / ٢ ، والتهذيب ٥ : ٣٥ / ١٠٥ .
١٢ ـ الكافي ٤ : ٢٩٦ / ٢ ، ولم نعثر عليه في التهذيب المطبوع .
١٣ ـ الكافي ٤ : ٢٩٨ / ١ ، وأورد ذيله في الحديث ٢ من الباب ١٦ من هذه الأبواب .
(١) التهذيب ٥ : ٤٤ / ١٣١ .
[ ١٤٦٥٧ ] ١٤ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد جميعاً ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حين حجّ حجّة الإِسلام خرج في أربع بقين من ذي القعدة حتى أتى الشجرة فصلّى بها ، ثمّ قاد راحلته حتى أتى البيداء فأحرم منها ، وأهلّ بالحجّ وساق مائة بدنة وأحرم الناس كلّهم بالحجّ لا ينوون عمرة ولا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) مكّة طاف بالبيت ، وطاف الناس معه ، ثمّ صلى ركعتين عند المقام واستلم الحجر ، ثم قال : أبدأ بما بدأ الله عزّ وجلّ به ، فأتى الصفا فبدأ بها ، ثمّ طاف بين الصفا والمروة سبعاً ، فلمّا قضى طوافه عند المروة قام خطيباً فأمرهم أن يحلّوا ويجعلوها عمرة وهو شيء أمر الله عزّ وجلّ به ، فأحلّ الناس ، وقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ، ولم يكن يستطيع أن يحل من أجل الهدي الذي معه ، إنّ الله عزّ وجل يقول : ( وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّىٰ يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ ) (١) وقال سراقة بن مالك بن جعشم الكناني : يا رسول الله ، علّمنا كأنّا خلقنا اليوم ، أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو لكل عام ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : لا ، بل للأَبد (٢) ، وإنّ رجلاً قام فقال : يا رسول الله ، نخرج حجّاجاً ورؤوسنا تقطر ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : إنّك لن تؤمن بهذا (٣) أبداً ، قال : وأقبل علي ( عليه السلام ) من اليمن حتى وافى الحج فوجد فاطمة ( عليها السلام ) قد أحلّت ، ووجد ريح الطيب ، فانطلق إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) مستفتياً ، فقال رسول الله ( صلّى الله عليه
______________________
١٤ ـ الكافي ٤ : ٢٤٨ / ٦ .
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ .
(٢) في نسخة : الأبد . « هامش المخطوط » .
(٣) في نسخة : بها ( هامش المخطوط ) .
وآله ) : يا علي بأيّ شيء أهللت ؟ فقال : أهللت بما أهلّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فقال : لا تحلّ أنت ، فأشركه في الهدي ، وجعل له سبعاً وثلاثين ، ونحر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ثلاثاً وستين ، فنحرها بيده ، ثمّ أخذ من كلّ بدنة بضعة فجعلها في قدر واحد ، ثمّ أمر به فطبخ ، فأكل منه وحسا من المرق ، وقال : قد أكلنا منها الآن جميعاً ، والمتعة خير من القارن السائق ، وخير من الحاج المفرد ، قال : وسألته : أليلاً أحرم رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) أم نهاراً ؟ فقال : نهاراً ، قلت : أيّ ساعة ؟ قال : صلاة الظهر .
ورواه الصدوق مرسلاً نحوه (٤) .
ورواه في ( العلل ) عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن محمّد بن أبي عمير مثله ، إلّا أنّه قال : ثمّ صلّى ركعتين عند مقام إبراهيم ثم استلم الحجر ، ثمّ أتى زمزم فشرب منها ، وقال : لولا أن أشقّ على أُمّتي لاستقيت منها ذنوباً أو ذنوبين ، ثمّ قال : أبدؤا بما بدء الله به ـ إلى أن قال : ـ مستفتياً ومحرشاً على فاطمة ( صلوات الله عليها ) ، وذكر الحديث ـ إلى أن قال : ـ وخير من الحاجّ المفرد ، وترك بقيّة الحديث (٥) ، وذكر حكماً آخر يأتي في محلّه (٦) .
[ ١٤٦٥٨ ] ١٥ ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن أحمد بن محمّد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان قال : قال أبو عبدالله ( عليه السلام ) : ذكر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) الحجّ فكتب إلى من بلغه كتابه ممّن دخل في الإِسلام ، أنّ رسول الله ( صلى الله
______________________
(٤) الفقيه ٢ : ١٥٣ / ٦٦٥ و ٢٠٧ / ٩٤٠ .
(٥) علل الشرائع : ٤١٢ / ١ .
(٦) يأتي في الحديث ٧ من الباب ٥ من ابواب العمرة .
١٥ ـ الكافي ٤ : ٢٤٩ / ٧ .
عليه وآله ) يريد الحجّ يؤذنهم بذلك ليحجّ من أطاق الحجّ ، فأقبل الناس ، فلمّا نزل الشجرة أمر الناس بنتف الأبط ، وحلق العانة ، والغسل والتجرّد في ازار ورداء ، أو إزار وعمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء ، وذكر أنّه حيث لبّى قال : لبّيك اللهم لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، وكان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يكثر من ذي المعارج ، وكان يلبّي كلّما لقي راكباً ، أو علا أكمة أو هبط وادياً ، ومن آخر الليل ، وفي إدبار الصلاة ، فلمّا دخل مكّة دخل من أعلاها من العقبة ، وخرج حين خرج من ذي طوى ، فلمّا انتهى إلى باب المسجد استقبل الكعبة ، وذكر ابن سنان ، أنّه باب بني شيبة ، فحمد الله وأثنى عليه ، وصلّى على أبيه إبراهيم ، ثمّ أتى الحجر فاستلمه فلمّا طاف بالبيت صلّى ركعتين خلف مقام إبراهيم ( عليه السلام ) ، ودخل زمزم فشرب منها ، وقال : « اللهم إنّي أسألك علماً نافعاّ ، ورزقاً واسعاً ، وشفاءً من كلّ داءٍ وسقم » ، فجعل يقول ذلك وهو مستقبل الكعبة ، ثم قال لأَصحابه : ليكن آخر عهدكم بالكعبة استلام الحجر ، فاستلمه ، ثمّ خرج إلى الصفا ثم قال : أبدأ بما بدأ الله به ثم صعد على الصفا فقام عليه (١) مقدار ما يقرأ الإِنسان سورة البقرة .
[ ١٤٦٥٩ ] ١٦ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن محمّد بن إسماعيل ، عن الفضل بن شاذان ، عن ابن أبي عمير ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ : إنّ النبي ( صلّى الله عليه وآله ) قال للأَنصاري قبل أن يسأله : جئت تسألني عن الحجّ ، وعن الطواف بالبيت ، وعن السعي بين الصفا والمروة ، ورمي الجمار ، وحلق الرأس ، ويوم عرفة فقال الرجل : أي والذي بعثك بالحقّ ، قال : لا ترفع
______________________
(١) في نسخة : عليها ( هامش المخطوط ) .
١٦ ـ الكافي ٤ : ٢٦١ / ٣٧ ، وأورد صدره في الحديث ٧ من الباب ١ من أبواب أفعال الصلاة .
ناقتك خفّاً إلّا كتب به لك حسنة ، ولا تضع خفّاً إلّا حط به عنك سيئة ، وطواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة تنفتل كما ولدتك أُمّك من الذنوب ، ورمي الجمار ذخر لك يوم القيامة ، وحلق الرأس لك بكلّ شعرة نور يوم القيامة ، ويوم عرفة يوم يباهي الله عزّ وجلّ به الملائكة فلو حضرت ذلك اليوم برمل عالج وقطر السماء وأيّام العالم ذنوباً فإنّه تبت (١) ذلك اليوم .
[ ١٤٦٦٠ ] ١٧ ـ قال الكليني : وفي حديث آخر له بكلّ خطوة يخطو إليها تكتب له حسنة ، وتمحا عنه سيئة ، وترفع له درجة .
[ ١٤٦٦١ ] ١٨ ـ وعن محمّد بن عقيل ، عن الحسن بن الحسين ، ( عن علي بن عيسى ، عن علي بن الحسين ) (١) ، عن محمّد بن يزيد الرفاعي (٢) رفعه ، أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) سُئل عن الوقوف بالجبل ، لِمَ لَمْ يكن في الحرم ؟ فقال : لأَنّ الكعبة بيته ، والحرم بابه ، فلمّا قصدوه وافدين وقفهم بالباب يتضرّعون ، قيل له ، فالمشعر الحرام لم صار في الحرم ؟ قال : لأَنّه لمّا أذن لهم بالدخول وقفهم بالحجاب الثاني ، فلمّا طال تضرّعهم بها أذن لهم بتقريب قربانهم ، فلمّا قضوا تفثهم (٣) تطهّروا بها من الذنوب التي كانت حجاباً بينهم وبينه ، أذن لهم بالزيارة على الطهارة ، قيل : فلِمَ حرّم (٤) الصيام أيّام التشريق ؟ قال : لأَن القوم زوار (٥) الله ، فهم في ضيافته ، ولا يجمل
______________________
(١) تبت : من البتّ وهو القطع ( مجمع البحرين ـ تبت ـ ٢ : ١٩٠ ) .
١٧ ـ الكافي ٤ : ٢٦٢ / ذيل الحديث ٣٧ .
١٨ ـ الكافي ٤ : ٢٢٤ / ١ .
(١) في التهذيب : عليّ بن الحسين ، عن عليّ بن عيسى ( هامش المخطوط ) وفي المصدر : عليّ بن عيسى ، عن عليّ بن الحسن .
(٢) في نسخة : محمّد بن يزيد الرفّا ( هامش المخطوط ) .
(٣) التفث : ما يفعله المحرم عند إحلاله كقص الشارب والظفر ، وقيل : هو ذهاب الشعث والدرن والوسخ مطلقاً . ( مجمع البحرين ـ تفث ـ ٢ : ٢٣٨ ) .
(٤) في العلل : كره ( بدل ) حرم « هامش المخطوط » .
(٥) في التهذيب : زاروا ( هامش المخطوط ) .
بمضيف أن يصوّم أضيافه قيل : فالتعلق بأستار الكعبة لأَي معنى هو ؟ قال : هو مثل (٦) رجل له عند آخر جناية وذنب فهو يتعلّق بثوبه يتضرع إليه ويخضع له أن يتجافي (٧) عن ذنبه .
ورواه الشيخ بإسناده عن محمّد بن يعقوب (٨) .
ورواه الصدوق مرسلاً نحوه (٩) .
[ ١٤٦٦٢ ] ١٩ ـ ورواه في ( العلل ) عن الحسين بن علي بن أحمد الصائغ ، عن الحسين بن الحجّال ، عن سعد بن عبدالله ، عن محمّد بن الحسن الهمداني ، عن ذي النون المصري ، عمّن سأل الصادق ( عليه السلام ) وذكر نحوه ، إلّا أنّه قال : فلم كره الصيام أيّام التشريق .
[ ١٤٦٦٣ ] ٢٠ ـ وعن علي بن محمّد ، عن صالح بن أبي حمّاد ، عن الحسين بن يزيد ، عن الحسين بن علي بن أبي حمزة (١) ، عن أبي إبراهيم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ إن الله بعث جبرئيل إلى آدم فقال : السلام عليك يا آدم ، التائب من خطيئته ، الصابر لبليته ، إن الله ارسلني إليك لأُعلّمك المناسك التي تطهر بها ، فأخذ بيده فانطلق به إلى مكان البيت ، وأنزل الله عليه غمامة فأظلّت مكان البيت ، وكانت الغمامة بحيال البيت المعمور ، فقال : يا آدم ، خط برجلك حيث أظلّت هذه الغمامة ، فإنّه سيخرج لك بيت من مهاة (٢) يكون قبلتك وقبلة عقبك من
______________________
(٦) في التهذيب : مثله مثل ( هامش المخطوط ) .
(٧) في نسخة زيادة : له ( هامش المخطوط ) .
(٨) التهذيب ٥ : ٤٤٨ / ١٥٦٥ .
(٩) الفقيه ٢ : ١٢٧ / ٥٤٧ .
١٩ ـ علل الشرائع : ٤٤٣ / ١ .
٢٠ ـ الكافي ٤ : ١٩٠ / ١ .
(١) في نسخة : الحسن بن عليّ بن أبي حمزة ( هامش المخطوط ) .
(٢) المهاة : البلّورة ( الصحاح ـ مها ـ ٦ : ٢٤٩٩ ) .
بعدك ، ففعل ادم ، وأخرج الله له تحت الغمامة بيتاً من مهاة ، وأنزل الله الحجر الأَسود ـ إلى أن قال ـ فأمره جبرئيل أن يستغفر الله من ذنبه عند جميع المشاعر ، وأخبره أنّ الله قد غفر له ، وأمره أن يحمل حصياة الجمار من المزدلفة ، فلمّا بلغ موضع الجمار تعرّض له إبليس فقال له : يا آدم ، أين تريد ؟ فقال له جبرئيل ( عليه السلام ) : لا تكلّمه وارمه بسبع حصياة ، وكبّر مع كلّ حصاة ، ففعل آدم حتى فرغ من رمي الجمار ، وأمره أن يقرّب القربان وهو الهدي قبل رمي الجمار ، وأمره أن يحلق رأسه تواضعاً لله عزّ وجلّ ، ففعل آدم ذلك ، ثمّ أمره بزيارة البيت ، وأن يطوف به سبعاً ويسعى بين الصفا والمروة أُسبوعا يبدأ بالصفا ، ويختم بالمروة ، ثمّ يطوف بعد ذلك أُسبوعاً بالبيت ، وهو طواف النساء لا يحلّ للمحرم أن يباضع حتى يطوف طواف النساء ، ففعل آدم ، فقال له جبرئيل : إنّ الله قد غفر ذنبك (٣) ، وقبل توبتك ، وأحلّ لك زوجتك . . . الحديث .
[ ١٤٦٦٤ ] ٢١ ـ وعن عدّة من أصحابنا ، عن سهل بن زياد ، عن أحمد بن محمّد القلانسي ، عن علي بن حسّان ، عن عمّه عبدالرحمٰن بن كثير ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ : إنّ الله بعث جبرئيل إلى آدم فقال : السلام عليك يا آدم ، إنّ الله بعثني إليك لأُعلّمك المناسك ، فنزل غمام من السماء فأظلّ مكان البيت ، فقال جبرئيل : يا آدم ، خطّ حيث اظلّ الغمام فإنّه قبلة لك ، ولآخر عقبك من ولدك ، فخطّ آدم برجله حيث الغمام ، ثمّ انطلق به إلى منى ، فأراه مسجد منى فحطّه برجله ، وقد خط المسجد الحرام بعدما خطّ مكان البيت ، ثم انطلق به من منى إلى عرفات فأقامه على المعرف ، فقال : إذا غربت الشمس فاعترف بذنبك سبع مرّات ، واسأل الله المغفرة والتوبة سبع مرّات ، ففعل ذلك آدم ( عليه السلام ) ،
______________________
(٣) في نسخة : غفر لك ذنبك ( هامش المخطوط ) .
٢١ ـ الكافي ٤ : ١٩١ / ٢ .
ولذلك سمّي المعرف لأنّ
آدم اعترف فيه بذنبه ، وجعل سنّة لولده يعترفون بذنوبهم كما اعترف آدم ، ويسألون التوبة كما سألها آدم ، ثمّ أمره جبرئيل فأفاض من عرفات فمرّ على الجبال السبعة ، فأمره أن يكبّر عند كلّ جبل أربع تكبيرات ، ففعل ذلك حتى انتهى إلى جمع ، فلمّا انتهى إلى جمع ثلث الليل ، فجمع فيها المغرب والعشاء تلك الليلة ثلث الليل في ذلك الموضع ، ثمّ أمره أن ينبطح في بطحاء جمع فانبطح في بطحاء جمع حتى انفجر الصبح فأمره أن يقعد على الجبل جبل جمع ، وأمره إذا طلعت الشمس أن يعترف بذنبه سبع مرّات ، ويسأل الله تعالى التوبة والمغفرة سبع مرّات ، ففعل ذلك آدم كما أمره جبرئيل ، وأنّما جعل اعترافين ليكون سنّة في ولده ، فمن لم يدرك منهم عرفات ، وأدرك جمعاً فقد وافى حجّه إلى منى ، ثمّ أفاض من جمع إلى منى فبلغ منى ضحى فأمره فصلّى ركعتين في مسجد منى ، ثمّ أمره أن يقرب لله قرباناً ليقبل منه ، ويعرف أنّ الله عزّ وجلّ قد تاب عليه ويكون سنة في ولده القربان ، فقرب آدم قرباناً فقبل الله منه ، فأرسل ناراً من السماء فقبلت قربان آدم ، فقال جبرئيل : يا آدم ، إنّ الله قد أحسن إليك إذ علّمك المناسك التي يتوب بها عليك ، وقبل قربانك ، فاحلق رأسك تواضعاً لله عزّ وجلّ إذ قبل قربانك ، فحلق آدم رأسه تواضعاً لله عزّ وجلّ ، ثمّ أخذ جبرئيل بيد آدم فانطلق به إلى البيت ، فعرض له إبليس عند الجمرة فقال له إبليس لعنه الله : يا آدم ، أين تريد ؟ فقال له جبرئيل : يا آدم ، ارمه بسبع حصيات ، وكبّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، فأمره ففعل ذلك آدم فذهب إبليس ، ثمّ عرض له عند الجمرة الثانية فقال له : يا آدم أين تريد ؟ فقال له جبرئيل يا آدم ، ارمه بسبع حصيات ، وكبّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ففعل ذلك آدم فذهب إبليس ، ثمّ عرض له عند الجمرة الثالثة فقال له : يا آدم ، أين تريد ؟ فقال له جبرئيل : ارمه بسبع حصياة وكبّر مع كل حصاة تكبيرة ، ففعل ذلك آدم ، فذهب إبليس فقال له جبرئيل : إنّك لن تراه بعد مقامك هذا أبداً ، ثمّ انطلق به إلى البيت فأمره أن يطوف بالبيت سبع مرّات ففعل ذلك آدم ،
فقال جبرئيل : إنّ الله قد غفر ذنبك ، وقبل توبتك ، وأحلّ لك زوجتك .
وعن محمّد بن أبي عبدالله ، عن محمّد بن الحسين ، عن محمّد بن سنان ، عن عبدالكريم بن عمرو ، وإسماعيل بن حازم ، عن عبد الحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) مثله (١) .
[ ١٤٦٦٥ ] ٢٢ ـ ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن علي بن سليمان الرازي ، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطاب ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر ، وعبد الكريم بن عمرو ، وعن عبد الحميد بن أبي الديلم مثله ، إلّا أنّه ذكر أنّ إبليس عرض لآدم عند الجمرة ، ثمّ عرض له في اليوم الثاني عند الجمرة الأُولى والثانية والثالثة ، وكذلك في اليوم الثالث والرابع ، وذكره على النسق السابق .
[ ١٤٦٦٦ ] ٢٣ ـ وعن محمّد بن يحيى ، وأحمد بن إدريس ، عن عيسى بن محمّد بن أبي أيّوب ، عن علي بن مهزيار ، عن الحسين بن سعيد ، عن علي بن منصور ، عن كلثوم بن عبدالمؤمن الحرّاني ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : أمر الله عزّ وجلّ إبراهيم ( عليه السلام ) أن يحجّ ويحج بإسماعيل معه ويسكنه الحرم ، فحجّا على جمل أحمر وما معهما إلّا جبرئيل ، فلمّا بلغا الحرم قال له جبرئيل ( عليه السلام ) : يا إبراهيم ، انزلا فاغتسلا قبل أن تدخلا الحرم ، فنزلا فاغتسلا وأراهما كيف يتهيّئان للإِحرام ففعلا ، ثمّ أمرهما فأهلّا بالحجّ ، وأمرهما بالتلبيات الأَربع التي لبّي بها المرسلون ، ثمّ سار (١) بهما إلى الصفا ونزلا ، وقام جبرئيل بينهما واستقبل
______________________
(١) الكافي ٤ : ١٩٤ / ذيل الحديث ٢ .
٢٢ ـ علل الشرائع : ٤٠١ / ١ .
٢٣ ـ الكافي ٤ : ٢٠٢ / ٣ ، وأورد صدره في الحديث ٣ من الباب ١ ، وقطعة منه في الحديث ٣ من الباب ١١ من أبواب مقدمات الطواف .
(١) في نسخة : صار ( هامش المخطوط ) .
البيت فكبّر الله وكبّرا ، وحمد الله وحمدا ، ومجّد الله ومجّدا ، وأثنى عليه وفعلا مثل ذلك ، تقدّم جبرئيل وتقدّما يثنيان على الله عزّ وجلّ ويمجّدانه حتى انتهى بهما إلى موضع الحجر فاستلم جبرئيل وأمرهما أن يستلما ، وطاف بهما أُسبوعاً ، ثمّ قام بهما في موضع مقام إبراهيم ( عليه السلام ) فصلّى ركعتين وصلّيا ، ثمّ أراهما المناسك وما يعملان به . . . الحديث .
ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن سعد ، عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، عن العباس بن معروف ، عن علي بن مهزيار مثله (٢) .
[ ١٤٦٦٧ ] ٢٤ ـ وعن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، وعن محمّد بن يحيى ، عن أحمد بن محمّد ، وعن الحسين بن محمّد ، عن عبدربّه بن عامر (١) جميعاً ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي بصير ، أنّه سمع أبا جعفر وأبا عبدالله ( عليهما السلام ) يذكران أنّه لما كان يوم التروية قال جبرئيل ( عليه السلام ) لإِبراهيم ( عليه السلام ) : تروَّ (٢) من الماء ، فسمّيت التروية ثمّ أتى منى فأباته بها ، ثمّ غدا به إلى عرفات فضرب خباه بنمرة (٣) دون عرفة فبنى مسجداً بأحجار بيض ، وكان يعرف أثر مسجد إبراهيم حتى أُدخل في هذا المسجد الذي بنمرة حيث يصلّى الإِمام يوم عرفة ، فصلّى بها الظهر والعصر ، ثمّ عمد به إلى عرفات ، فقال : هذه عرفات فاعرف بها مناسكك ، واعترف بذنبك ، فسمّي عرفات ، ثمّ أفاض إلى المزدلفة فسمّيت المزدلفة ، لأَنّه أزدلف إليها ، ثمّ قام على المشعر الحرام ، فأمره الله أن يذبح ابنه ، وقد رأى فيه شمائله وخلائقه ، فلمّا أصبح أفاض من المشعر إلى
______________________
(٢) علل الشرائع : ٥٨٦ / ٣٢ .
٢٤ ـ الكافي ٤ : ٢٠٧ / ٩ .
(١) في نسخة : عبدويه بن عامر ( هامش المخطوط ) .
(٢) في نسخة : تروّه ( هامش المخطوط ) .
(٣) نمرة : من أرض الحرم قرب عرفة ( معجم البلدان ٥ : ٣٠٤ ) .
منى ، ثمّ قال لأُمّه : زوري البيت ، واحتبس الغلام . . . الحديث .
[ ١٤٦٦٨ ] ٢٥ ـ محمّد بن علي بن الحسين قال : نزلت المتعة على النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) عند المروة بعد فراغه من السعي : فقال : أيّها الناس ، هذا جبرئيل ـ وأشار بيده إلى خلفه ـ يأمرني أن آمر من لم يسق هدياً أن يحل ، ولو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ، ولكني سقت الهدي ، وليس لسائق الهدي أن يحلّ حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقام إليه سراقة بن مالك بن خثعم الكناني (١) فقال : يا رسول الله ، علّمنا ديننا ، فكأَنَّما خلقنا اليوم ، أرأيت هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أو للأَبد ؟ فقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : لا ، بل لأَبد الأَبد ، وإنّ رجلاً قام فقال : يا رسول الله نخرج حجّاجاً ورؤوسنا تقطر ؟ فقال : إنّك لن تؤمن بهذا أبداً ، وكان علي ( عليه السلام ) في اليمن فلمّا رجع وجد فاطمة ( عليها السلام ) قد أحلّت فجاء إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) مستفتياً ومحرشاً على فاطمة ( عليها السلام ) ، فقال أنا أمرت الناس بذلك ، فبم أهللت أنت يا علي ؟ فقال : إهلالاً كاهلال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) ، فقال النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : كن على إحرامك مثلي ، شريكي في هديي ، وكان النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ساق مائة بدنة فجعل لعلي ( عليه السلام ) أربعة وثلاثين ، ولنفسه ستّة وستين ، ونحرها كلّها بيده ، ثمّ أخذ من كل بدنة جذوة وطبخها في قدر وأكلا منها وحسيا من المرق ، فقالا : قد أكلنا الآن منها جميعاً ، ولم يعطيا الجزارين جلودها ولا جلالها ولا قلائدها ، ولكن تصدّق بها .
______________________
٢٥ ـ الفقيه ٢ : ١٥٣ / ٦٦٥ ، وأورد قطعة منه في الحديث ٢١ من الباب ٤٠ ، ونحو ذيله في الحديث ٣ من الباب ٤٣ من أبواب الذبح .
(١) في نسخة : سراقة بن مالك بن جعشم الكناني ( هامش المخطوط ) .
[ ١٤٦٦٩ ] ٢٦ ـ قال : وروي أن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) غدا من منى من طريق ضب (١) ورجع من بين المأزمين (٢) ، وكان ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) إذا سلك طريقاً لم يرجع فيه .
[ ١٤٦٧٠ ] ٢٧ ـ وفي ( العلل ) و ( عيون الأَخبار ) بالإِسناد الاتي (١) عن الفضل بن شاذان ، عن الرضا ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : إنّما أُمروا بالتمتّع إلى الحجّ لأَنّه تخفيف من ربّكم ورحمة ، لان تسلم الناس في إحرامهم ولا يطول ذلك عليهم فيدخل عليهم الفساد ، وأن يكون الحجّ والعمرة واجبين جميعاً ، فلا تعطل العمرة وتبطل ولا يكون الحجّ مفرداً من العمرة ، ويكون بينهما فصل وتمييز ، وأن لا يكون الطواف بالبيت محظوراً لأَنّ المحرم إذا طاف بالبيت أحلّ إلّا لعلّة ، فلولا التمتّع لم يكن للحاجّ أن يطوف لأَنّه إن طاف أحلّ وأفسد إحرامه ويخرج منه قبل أداء الحجّ ويجب على الناس الهدي والكفّارة فيذبحون وينحرون ويتقربون إلى الله عزّ وجلّ ، ولا يبطل هراقة الدماء والصدقة على المساكين ، وإنّما جعل وقتها عشر ذي الحجّة ولم يقدم ولم يؤخّر لأَنّه لما أحب الله عزّ وجلّ أن يعبد بهذه العبادة وضع البيت والمواضع في أيام التشريق ، وكان أول ما حجّت إليه الملائكة وطافت به في هذا الوقت ، فجعله سنّة ووقتاً إلى يوم القيامة ، فأمّا النبيّون ، آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد ( صلّى الله عليه وآله ) وغيرهم من الأَنبياء ( عليهم السلام ) إنّما حجّوا في هذا الوقت فجعلت سنة في أولادهم إلى يوم الدين .
______________________
٢٦ ـ الفقيه ٢ : ١٥٤ / ٦٦٦ ، وأورده في الحديث ١ من الباب ٦٥ من أبواب آداب السفر .
(١) ضبّ : اسم الجبل الذي مسجد الخيف في أصله ( معجم البلدان ٣ : ٤٥١ ) .
(٢) المأزمان : موضع بمكة بين المشعر وعرفة ( معجم البلدان ٥ : ٤٠ ) .
٢٧ ـ علل الشرائع : ٢٧٤ ، وعيون أخبار الرّضا ( عليه السلام ) ٢ : ١٢٠ ، وأورد قطعة منه في الحديث ١٢ من الباب ١١ من هذه الأبواب .
(١) يأتي في الفائدة الأولى من الخاتمة برمز (ب) .
وزاد في ( عيون الأَخبار ) بعد قوله : فيكون بينهما فصل وتمييز ؟ وقال النبي ( صلّى الله عليه وآله ) : دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة ، ولولا أنّه ( عليه السلام ) كان ساق الهدي فلم يكن له أن يحل حتى يبلغ الهدي محلّه ، لفعل كما أمر الناس ، وكذلك قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ، ولكنّي سقت الهدي وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقام رجل فقال : يا رسول الله ، نخرج حجّاجاً ورؤوسنا تقطر من ماء الجنابة ؟ فقال له : إنّك لن تؤمن بهذا أبداً ، وذكر بقيّة الحديث .
[ ١٤٦٧١ ] ٢٨ ـ وفي ( ثواب الأَعمال ) عن أبيه ، عن سعد بن عبدالله ، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي ، عن أبيه ، عن محمّد بن أبي عمير ، عن جميل ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : إن الحاج إذا أخذ في جهازه لم يرفع شيئاً ولم يضعه إلّا كتب الله له عشر حسنات ، ومحا عنه عشر سيئات ، ورفع له عشر درجات ، وإذا ركب بعيره لم يرفع خفاً ولم يضعه إلّا كتب الله له مثل ذلك ، فإذا طاف بالبيت خرج من ذنوبه ، وإذا سعى بين الصفا والمروة خرج من ذنوبه ، وإذا وقف بعرفات خرج من ذنوبه ، وإذا وقف بالمشعر خرج من ذنوبه ، وإذا رمى الجمار خرج من ذنوبه ، قال : فعد رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) كذا وكذا موقفاً كلّها تخرجه من ذنوبه ، ثم قال : وأنّى لك أن تبلغ ما بلغ الحاج .
[ ١٤٦٧٢ ] ٢٩ ـ وفي ( الخصال ) بإسناده عن الأَعمش ، عن جعفر بن محمّد ( عليهما السلام ) ـ في حديث شرائع الدين ـ قال : ولا يجوز الحجّ إلّا متمتّعاً ، ولا يجوز القران والإِفراد إلّا لمن كان أهله حاضري المسجد الحرام ، ولا يجوز الإِحرام قبل بلوغ الميقات ، ولا يجوز تأخيره عن الميقات
______________________
٢٨ ـ ثواب الأعمال : ٧٠ / ٥ .
٢٩ ـ الخصال : ٦٠٦ .
إلّا لمرض أو تقيّة ، وقد قال الله عزّ وجلّ : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (١) وتمامهما اجتناب الرفث والفسوق والجدال في الحجّ ، ولا يجزي في النسك الخصي لأَنّه ناقص ويجوز الموجوء إذا لم يوجد غيره ، وفرائض الحجّ الإِحرام والتلبيات الأَربع ، وهي : لبّيك اللهمّ لبّيك ، لبّيك لا شريك لك لبّيك ، إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك ، والطواف بالبيت للعمرة فريضة ، وركعتان عند مقام إبراهيم فريضة ، والسعي بين الصفا والمروة فريضة ، وطواف النساء فريضة ، وركعتاه عند المقام فريضة ، ولا سعي بعده بين الصفا والمروة ، والوقوف بالمشعر فريضة ، والهدي للمتمتع فريضة ، فأمّا الوقوف بعرفة فهو سنّة واجبة ، والحلق سنّة ، ورمي الجمار سنّة ـ إلى أن قال : ـ وتحليل المتعتين واجب ، كما أنزل الله في كتابه وسنّهما رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) متعة الحجّ ، ومتعة النساء .
[ ١٤٦٧٣ ] ٣٠ ـ سعد بن عبدالله في ( بصائر الدرجات ) عن القاسم بن الربيع ومحمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب ومحمّد بن سنان جميعا ، عن مياح المدائني ، عن المفضل بن عمر ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في كتابه إليه ـ : إنّ ممّا أحلّ الله المتعة من النساء في كتابه ، والمتعة من الحجّ أحلّهما ثمّ لم يحرّمهما ـ إلى أن قال : ـ فإذا أردت المتعة في الحجّ فأحرم من العقيق واجعلها متعة ، فمتى ما قدمت مكّة طفت بالبيت ، واستلمت الحجر الأَسود فتحت به وختمت سبعة أشواط ، ثمّ تصلّي ركعتين عند مقام إبراهيم ، ثمّ اخرج من المسجد فاسع بين الصفا والمروة ، تفتتح بالصفا وتختم بالمروة ، فإذا فعلت ذلك قصّرت ، وإذا كان يوم التروية صنعت كما صنعت في العقيق ، ثمّ أحرمت بين الركن والمقام بالحجّ ، فلا تزال محرماً حتى تقف بالمواقف ، ثمّ ترمي الجمرات ، وتذبح وتغتسل ، ثمّ تزور البيت ، فإذا
______________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ .
٣٠ ـ مختصر بصائر الدرجات : ٨٥ .
أنت فعلت ذلك أحللت وهو قول الله عزّ وجلّ : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) أي يذبح ذبحاً .
ورواه الصفار في ( بصائر الدرجات الكبير ) عن القاسم بن محمّد ، عن محمّد بن سنان نحوه (٢) .
[ ١٤٦٧٤ ] ٣١ ـ علي بن الحسين المرتضى في رسالة ( المحكم والمتشابه ) نقلاً من ( تفسير النعماني ) بإسناده الآتي (١) عن علي ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : وأمّا حدود الحجّ فأربعة وهي : الإِحرام ، والطواف بالبيت ، والسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف في الموقفين وما يتبعها ويتّصل بها ، فمن ترك هذه الحدود وجب عليه الكفّارة والإِعادة .
[ ١٤٦٧٥ ] ٣٢ ـ الفضل بن الحسن الطبرسي في ( إعلام الورى ) قال : خرج رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) متوجّهاً إلى الحجّ في السنة العاشرة لخمس بقين من ذي القعدة ، وأذن في الناس بالحجّ ، فتهيأ الناس للخروج معه ، وأحرم من ذي الحليفة ، وأحرم الناس معه وكان قارناً للحجّ ساق ستّاً وستّين بدنة ، وحجّ علي ( عليه السلام ) من اليمن وساق معه أربعاً وثلاثين بدنة ، وخرج بمن معه إلى العسكر الذي صحبه إلى اليمن ، فلمّا قارب رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) مكّة من طريق المدينة قاربها علي ( عليه السلام ) من طريق اليمن ، فتقدّم الجيش إلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) فسر بذلك ، وقال له : بم أهللت يا علي ؟ فقال له : يا رسول الله ، إنّك لم تكتب إليّ باهلالك ، فقلت : إهلالاً كاهلال نبيّك ، فقال له
______________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ .
(٢) بصائر الدرجات : ٥٥٣ .
٣١ ـ المحكم والمتشابه : ٧٨ .
(١) يأتي في الفائدة الثانية من الخاتمة برقم (٥٢) .
٣٢ ـ إعلام الورىٰ : ١٣٠ .
رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلم ) : فأنت شريكي في حجي ومناسكي وهديي ، فأقم على إحرامك وعد إلى جيشك وعجّل بهم إليّ حتى نجتمع بمكّة .
[ ١٤٦٧٦ ] ٣٣ ـ قال : وروي عن الصادق ( عليه السلام ) أيضاً ، أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ساق في حجّته مائة بدنة فنحر نيفاً وستّين ، ثمّ أعطى علياً فنحر نيفاً وثلاثين فلمّا قدم النبي ( صلّى الله عليه وآله ) مكّة فطاف وسعى نزل عليه جبرئيل وهو على المروة بهذه الاية ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (١) فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال : دخلت العمرة في الحجّ هكذا إلى يوم القيامة ، وشبّك أصابعه ، ثمّ قال : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدي ، ثمّ أمر مناديه فنادى : من لم يسق الهدي فليحلّ وليجعلها عمرة ، ومن ساق منكم هدياً فليقم على إحرامه ، فقام رجل من بني عدي فقال : أنخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء ؟ فقال : إنّك لن تؤمن بها حتى تموت . . . الحديث .
[ ١٤٦٧٧ ] ٣٤ ـ علي بن إبراهيم في ( تفسيره ) عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن أبان بن عثمان ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ حديث ـ : إنّ آدم لمّا أمر بالتوبة قال جبرئيل له : قم يا آدم ، فخرج به يوم التروية فأمره أن يغتسل ويحرم ، فلمّا كان يوم الثامن من ذي الحجّة أخرجه جبرئيل ( عليه السلام ) إلى منى فبات فيها ، فلمّا أصبح توجّه إلى عرفات وكان قد علّمه الإِحرام وأمره بالتلبية ، فلما زالت الشمس يوم عرفة قطع التلبية وأمره أن يغتسل ، فلمّا صلّى العصر أوقفه بعرفات ـ إلى أن قال : ـ فبقي آدم إلى أن غابت الشمس رافعاً يديه إلى السماء يتضرّع ويبكي إلى الله ، فلمّا غابت
______________________
٣٣ ـ اعلام الورىٰ : ١٣١ .
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ .
٣٤ ـ تفسير القمي ١ : ٤٤ .
الشمس ردّه إلى المشعر فبات به ، فلمّا أصبح قام على المشعر فدعا الله بكلمات فتاب عليه ، ثمّ أفاض إلى منى ، وأمره جبرئيل أن يحلق الشعر الذي عليه فحلقه ، ثمّ ردّه إلى مكّة فأتى به إلى عند الجمرة الأُولى ، فعرض له إبليس عندها ، فقال : يا آدم ، أين تريد ؟ فأمره جبرئيل أن يرميه بسبع حصيات ، وأن يكبّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ففعل آدم ، ثمّ ذهب فعرض له إبليس عند الجمرة الثانية فأمره أن يرميه بسبع حصيات ، فرمى وكبّر مع كلّ حصاة تكبيرة ، ثمّ عرض له عند الجمرة الثالثة فأمره أن يرميه بسبع حصيات فرمى وكبّر مع كلّ حصاة ، فذهب إبليس ، فقال له : إنّك لن تراه بعد هذا أبداً ثمّ انطلق به إلى البيت الحرام وأمره أن يطوف به سبع مرّات ، ففعل ، فقال له : إنّ الله قد قبل توبتك ، وحلّت لك زوجتك .
[ ١٤٦٧٨ ] ٣٥ ـ وعن أبيه ، عن فضالة بن أيّوب ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : إنّ إبراهيم أتاه جبرئيل عند زوال الشمس من يوم التروية فقال : يا إبراهيم ، ارتو من الماء لك ولأَهلك ، ولم يكن بين مكّة وعرفات يومئذ ماء ، فسمّيت التروية لذلك ، ثمّ ذهب به حتى أتى منى فصلّى بها الظهر والعصر والعشائين والفجر حتى إذا بزغت الشمس خرج إلى عرفات فنزل بنمرة وهي بطن عرنة ، فلمّا زالت الشمس خرج وقد اغتسل فصلّى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ، وصلّى في موضع المسجد الذي بعرفات ـ إلى أن قال : ـ ثمّ مضى به إلى الموقف فقال : يا إبراهيم ، اعترف بذنبك ، واعرف مناسكك ، فلذلك سميت عرفة حتى غربت الشمس ، ثمّ أفاض به إلى المشعر فقال : يا إبراهيم ، ازدلف إلى المشعر الحرام ، فسمّيت المزدلفة ، وأتى به المشعر الحرام فصلى به المغرب والعشاء الآخرة بأذان واحد وإقامتين ، ثمّ بات بها حتى إذا صلى الصبح أراه الموقف ، ثمّ أفاض به إلى منى فأمره فرمى جمرة العقبة ، وعندها ظهر له إبليس ، ثمّ أمره بالذبح . . . الحديث .
______________________
٣٥ ـ تفسير القمي ١ : ٦٢ ، باختلاف .
[ ١٤٦٧٩ ] ٣٦ ـ الحسن بن علي بن شعبة في ( تحف العقول ) عن الرضا ( عليه السلام ) ـ في كتابه إلى المأمون ـ قال : ولا يجوز الحجّ إلّا متمتّعاً ، ولا يجوز الإِفراد الذي تعمله العامة والإِحرام دون الميقات لا يجوز ، قال الله تعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ) (١) ولا يجوز في المنسك الخصي لأَنّه ناقص ، ويجوز الموجوء .
[ ١٤٦٨٠ ] ٣٧ ـ أحمد بن أبي عبدالله البرقي في ( المحاسن ) عن أبيه ، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر ، ( عن عبدالكريم ، عن الحلبي ) (١) ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : قلت : لِمَ جعل استلام الحجر ؟ فقال : إنّ الله حيث أخذ ميثاق بني آدم دعا الحجر من الجنّة فأمره بالتقام الميثاق فالتقمه ، فهو يشهد لمن وافاه بالحقّ ، قلت : ولم جعل السعي بين الصفا والمروة ؟ قال : لأَنّ إبليس تراءى لإِبراهيم في الوادي ، فسعى إبراهيم من عنده كراهيّة أن يكلّمه ، وكانت منازل الشيطان ، قلت : فلِمَ جعلت التلبية ؟ قال : لأَنّ الله قال لإِبراهيم : ( وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ ) (٢) فصعد إبراهيم على تلّ فنادى وأسمع ، فاُجيب من كلّ وجه . . . الحديث .
[ ١٤٦٨١ ] ٣٨ ـ وعن أبيه ، عن محمّد بن سنان ، عن إسماعيل بن جابر وعبدالكريم بن عمرو ، عن عبدالحميد بن أبي الديلم ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) ـ في حديث ـ قال : سمّيت جمع لأَنّ آدم جمع فيها بين
______________________
٣٦ ـ تحف العقول : ٤١٩ ، وأورد مثل صدره عن عيون الأخبار في الحديث ٨ من الباب ٦ من هذه الأبواب .
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ .
٣٧ ـ المحاسن : ٣٣٠ / ٩٣ .
(١) في المصدر : عبدالكريم الحلبي .
(٢) الحج ٢٢ : ٢٧ .
٣٨ ـ المحاسن : ٣٣٦ / ١١٠ .
الصلاتين : المغرب والعشاء ، وسمّي الابطح لأَن آدم أُمر أن ينبطح في بطحا جمع فانبطح حتى انفجر الصبح ، ثمّ أُمر أن يصعد جبل جمع ، وأُمر إذا طلعت عليه الشمس أن يعترف بذنبه ففعل ذلك آدم ، وإنّما جعل اعترافاً ليكون سنّة في ولده ، فقرّب قرباناً فأرسل الله ناراً من السماء فقبضت قربان آدم ( عليه السلام ) .
أقول : ويأتي ما يدلّ على ذلك (١) .
٣ ـ باب وجوب التمتع عيناً على من لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام
[ ١٤٦٨٢ ] ١ ـ محمّد بن الحسن بإسناده عن موسى بن القاسم ، عن صفوان بن يحيى ، عن معاوية بن عمّار ، عن أبي عبدالله جعفر بن محمّد ، عن آبائه ( عليهم السلام ) قال : لمّا فرغ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) من سعيه بين الصفا والمروة أتاه جبرئيل ( عليه السلام ) عند فراغه من السعي ، فقال : إنّ الله يأمرك ان تأمر الناس أن يحلّوا إلّا من ساق الهدي ، فأقبل رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) على الناس بوجهه ، فقال : يا أيّها الناس هذا جبرئيل ، وأشار بيده إلى خلفه يأمرني عن الله عزّ وجلّ أن آمر الناس أن يحلّو إلّا من ساق الهدي فأمرهم بما أمر الله به فقام إليه رجل فقال : يا رسول الله ، نخرج إلى منى ورؤوسنا تقطر من النساء ، وقال آخرون : يأمرنا بشيء ويصنع هو غيره ، فقال : يا أيّها الناس ، لو استقبلت من أمري ما استدبرت صنعت كما صنع الناس ، ولكنّي سقت الهدي فلا يحل من ساق الهدي حتى يبلغ الهدي محلّه ، فقصّر الناس وأحلوا وجعلوها
______________________
(١) يأتي في الأبواب ٣ ـ ٢٢ من هذه الأبواب .
الباب ٣ فيه ١٩ حديثاً
١ ـ التهذيب ٥ : ٢٥ / ٧٤ .
عمرة فقام إليه سراقة بن مالك بن جشعم المدلجي فقال : يا رسول الله ، هذا الذي أمرتنا به لعامنا هذا أم للأَبد ؟ فقال : بل للأَبد إلى يوم القيامة ، وشبّك بين أصابعه ، وأنزل الله في ذلك قرآناً : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) .
ورواه الصدوق في ( العلل ) عن محمّد بن الحسن ، عن الصفّار ، عن يعقوب بن يزيد ، عن ابن أبي عمير ، وصفوان بن يحيى ، نحوه (١) .
[ ١٤٦٨٣ ] ٢ ـ وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي ، عن أبي عبدالله ( عليه السلام ) قال : دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة لأَنّ الله تعالى يقول : ( فَمَن تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (١) فليس لإِحد إلّا أن يتمتّع ، لأَنّ الله أنزل ذلك في كتابه وجرت به (٢) السنّة من رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) .
ورواه الصدوق في ( العلل ) عن أبيه ، عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير نحوه (٣) .
[ ١٤٦٨٤ ] ٣ ـ وعنه ، عن ابن أبي عمير ، عن حمّاد ، عن الحلبي قال : سألت أبا عبدالله ( عليه السلام ) عن الحجّ ؟ فقال : تمتّع ، ثمّ قال : إنّا إذا وقفنا بين يدي الله تعالى قلنا : يا ربّنا ، أخذنا بكتابك ، وقال الناس : رأينا رأينا ، ويفعل الله بنا وبهم ما أراد .
______________________
(١) علل الشرائع : ٤١٣ / ٢ .
٢ ـ التهذيب ٥ : ٢٥ / ٧٥ ، والاستبصار ٢ : ١٥٠ / ٤٩٣ .
(١) البقرة ٢ : ١٩٦ .
(٢) في نسخة : بها ( هامش المخطوط ) .
(٣) علل الشرائع : ٤١١ / ١ .
٣ ـ التهذيب ٥ : ٢٦ / ٧٦ ، والاستبصار ٢ : ١٥٠ / ٤٩٤ .