موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

الهدنة

كانت هذه حالة الجيش في الجهات العراقية ، فلم يبق أمل في النجاح وسقط العراق بيد الإنكليز :

١ ـ احتلوا إربل في تشرين الثاني سنة ١٩١٨ م.

٢ ـ احتلوا راوندوز في ١٨ أيلول سنة ١٩١٨ م.

وفي ٣١ تشرين الأول سنة ١٩١٨ م كانت القوى المرابطة للإنكليز في (خانقين ـ الصلاحية ـ كركوك ـ القيارة ـ عانة) ولكن الهدنة في هذا التاريخ بشرت بالخير ، وزاد الفرح ، وبالرغم من ذلك نرى الإنكليز استمروا في تقدمهم. وفي ٨ تشرين الثاني سنة ١٩١٨ م استولوا على الموصل ، وطلبوا تخلية أنحاء الموصل حتى أواخر هذا الشهر ، وأنذروا الفيلق السادس بذلك. وفي نهاية (تشرين الثاني) انسحبت قوات الجيش العثماني إلى الجزيرة ونصيبين. وأعلنت الهدنة في ٢٦ المحرم سنة ١٣٣٧ ه‍ و ١ تشرين الثاني سنة ١٩١٨ م. بعد صلاة الجمعة.

وبهذا طويت صفحة العثمانيين من (تاريخ العراق) ، وصار تحت احتلال الإنكليز. وعند ذلك تقف حوادث تاريخنا.

أثر الحرب العامة في النفوس :

هذه الحرب العامة لسنة ١٩١٤ م من أقسى الحروب ، بل لم يسبقها مثلها ، استعمل القوم العلم ، واستخدموه في سبيلها ، فتسلحوا بأقوى الأسلحة. والدولة العثمانية عاجزة ليس في استطاعتها المقاومة فابتلعت بلادها بسهولة. دخل العثمانيون الحرب ، وجرت عليهم الويلات ، وأصابنا أكثر مما أصابهم مباشرة ، ولقينا نصبا شديدا ، وآلمنا وقعها في النفوس والأموال ، وبحق كان يصح أن يقال (الطائح رائح).

وليس في المقدور تصوير ويلاتها بقدر ما صورها شعراؤنا :

٣٦١

الأستاذ (معروف الرصافي) في قصيدته المنشورة في ديوانه ص ٢٢٥ الطبعة الثانية ، والأستاذ (خيري الهنداوي) في قصيدته المنشورة في صدى الإسلام بعنوان (الحرب في الأرض) بتاريخ ١٦ ذي الحجة سنة ١٣٣٣ ه‍.

اشترك فيها من الدول من لا رغبة له فيها فاضطروا بين أمرين إما أن يكونوا من شيعتها أو من عدوها ، فلا تقبل الحياد من أحد ، ولا ترضى أن يكون القوم بنجوة فلا يسمع دليل ، ولا يؤبه لمعذرة. فإيران أعلنت حيادها فصارت مطية المتحاربين لا يبالون بخرق حرمتها ولا يتورعون عن انتهاك حريمها.

ويطول بنا تعداد ويلاتها ، فهي أكثر من أن تعد ، لا يعرف أصحابها رأفة بالإنسانية ، ولا يبالون بإزهاق الأرواح ، ولا انتهاك حرمة الدول المجاورة وغير المجاورة ، وكان ذلك يعد ضرورة لازمة لحياة الحرب لا محيص منها ولا بد من ركوبها.

وكفى أن أشير إلى الأستاذ جميل صدقي الزهاوي في قصيدته (مشهد من الحرب الكبرى) وهي مذكورة في ديوانه مما لا أرى حاجة إلى إيرادها. وصفها وصفا لائقا بها. وفي قصيدته الأخرى بعنوان (القوة آفتها الغرور) صور نفوس الغالبين بإهمالهم ما وعدوا الأمم من حرية ، واستبدوا بها وقالوا هذا هو الخير.

وهذه تعين الوعود أثناء الحرب ، وشروط (ويلسن) ، ثم ما قاموا به منتصرين حتى عتوا عتوّا زائدا ، وطغوا في الأرض مفسدين ، فاقتسموا الأرض وهكذا مضوا في سبيلهم حتى داهمهم خطر جديد ولا محل لإيراد ما جرى بعد الاحتلال.

٣٦٢

الأحوال العامة

أثناء المباحث تعرضنا للعشائر وللموظفين ولما ينزع إليه الأهلون. وكل ما يقال أن العراق كان ساخطا على الإدارة ، وأن اللغة العربية مهملة ، وأن التوظيف لم ينل مكانته. وكان التطلع إلى الاستقلال كبيرا. ومطالب هذا العهد كثيرة حتى نشوب الحرب العامة.

١ ـ سلاطين آل عثمان :

يبدأ هذا العهد من أيام السلطان عبد العزيز وبعده السلطان مراد الخامس ، فعبد الحميد وينتهي بالسلطان محمد رشاد الخامس. وفي أيامه كان احتلال بغداد. وقد مر بنا ذلك مفصلا.

٢ ـ الولاة :

هؤلاء أكبر الموظفين في الولاية بيدهم الحل والعقد ويمثلون دولتهم وتشكيلات الحكومة تمثل تشكيلات عاصمة الدولة بصورة مصغرة. وقد وصفنا الولاة بما هم عليه ، وذكرنا نصوص فرامينهم ، وبيان وقائعهم بما يغني عن الإعادة. وكل ما نقوله إن الدولة لم ترد إلا الخير وخرق الولاة جلب سوء السمعة.

والولاية تتفرع إدارتها إلى :

١ ـ المالية. وهذه في رأسها (الدفتري). وهو أكبر موظف مالي. ومن أهم واردها (الأعشار). وكانت في الغالب تجبى ، أو تعطى بالالتزام ، وأن الخط المعروف بـ (خط گلخانه) منع الالتزام ولكن لم يتيسّر المنع. لأن الدولة حينئذ لا تستطيع الجباية بـ (طريق الأمانة) ولا تحصل منه على شيء لكثرة الاختلاس.

وفي جباية الأعشار في (الشلب) تراعي (الذرعة) أحيانا. وفي هذه

٣٦٣

لم تنجح أيضا و (طريق المقطوع) للكرود كان أربح لها. ومر بنا من الحوادث ما يشعر بالكثير من الأوضاع المالية. ذكرتها في (كتاب الضرائب).

٢ ـ الجيش. لا يزال في اضطراب. وكان يجري من طريق (القرعة) إلى أن تعينت مدة الخدمة بعد إعلان الدستور.

٣ ـ الأمن أو إدارة الشرطة لم تنل انتظاما ولا يزال الجندرمة على حالهم إلا أن عهد المشروطية كان أهون.

٤ ـ القضاء. تحددت أعماله ، وتأسست المحاكم المدنية. ثم توسعت ولكنها لا تزال معلولة حتى بعد المشروطية. وللتوسع في ذلك موطن آخر.

ولا سبب لاختلال أمر الإدارة إلا تحكم الأجانب وشنهم الحروب المتوالية مما دعا إلى اضطراب الحالة. وإن الحرب العامة كان تأثيرها أكبر. ولم تقتصر على المتحاربين. وإنما شملت الأهلين حتى من كان على الحياد ، فغيرت المعالم وبدلت الأوضاع.

أما قانون إدارة الولايات المنشور في المجلد الخامس من (الدستور الجديد) فإنه لم يستقر العمل به حتى اجتاحته الحرب. وكان قد حصل فيه تجدد نوعا. كما أنه في ٢٧ جمادى الأولى سنة ١٣٢٧ ه‍ أبلغت مخصصات الوالي خمسة آلاف قرش شهريا وصدر قانون بذلك (١).

الثقافة

رغبة الأمم فائقة في تمكين الثقافة بمقاييس واسعة. وهذا يدل

__________________

(١) سالنامه (ثروت فنون) ج ١ ص ٨٨.

٣٦٤

على انتباه الأمم وتوجيهها الحق. ويعد ذلك من العوامل الفعالة في فيض المعرفة وقوامها ...

والعراق من أقدم الأقطار الثقافية لم ينقطع من العمل لخدمة المعارف. وإن مخلدات أسلافه دليل محسوس في العناية والعناء في سبيلها. وخزائن الكتب تعلن عن الخدمة التي أسدتها في هذا المضمار.

ويهمنا عهدنا الموضوع البحث. و (المدارس العلمية) كانت أصلا في ثقافته. وهي العنصر المهم في ظهور العلماء ، وتكثير عدد المتعلمين ، وتخريج الموظفين وسائر صنوف المعرفة فقد ظهر علماء كثيرون وأدباء عديدون. وبينهم أصحاب طرق خدموا الثقافة من وجه. وغالب علمائنا أدباء من جهة وأساتذة أدب من جهة أخرى ومنهم المتضلع في الأدب الفارسي ، أو في الأدب التركي أو فيهما وفي الأدب الكردي.

ومن العلماء والأسرات العلمية :

١ ـ الشيخ داود النقشبندي وأولاده.

٢ ـ إبراهيم فصيح الحيدري. عالم وأديب ، وآل الحيدري لا يزال منهم العالم.

٣ ـ الشيخ طه السنوي. وآل السنوي كثيرون من أيام الشيخ أحمد ومن تلاه.

٤ ـ الأستاذ محمد فيضي الزهاوي. المفتي. عالم وأديب بالعربي والفارسي ، وآل الزهاوي جماعة منهم محمد سعيد الزهاوي وابنه الأستاذ أمجد وغيرهما.

٥ ـ الأستاذ نعمان خير الدين الآلوسي. أديب وعالم. وآل الآلوسي كثيرون منهم الأستاذ السيد أحمد شاكر.

٣٦٥

٦ ـ أحمد بك الشاوي. عالم وأديب.

٧ ـ الحاج أحمد السمين. مدرس أول في المدرسة الأعظمية.

٨ ـ حسين البيشدري.

٩ ـ السيد ثابت الآلوسي.

١٠ ـ السيد جعفر الواعظ.

١١ ـ السيد عبد اللطيف الراوي.

١٢ ـ نجم الدين النائب.

١٣ ـ مصطفى وفي من آل جميل. عالم وأديب. وبينهم العلماء والأعيان.

١٤ ـ عبد الوهاب نيازي. عالم وخطاط.

١٥ ـ الشيخ طه الشواف.

١٦ ـ السيد مصطفى الواعظ.

وعلماء آخرون منهم من بقي حيا إلى ما بعد احتلال بغداد ، أو إلى ما بعد الهدنة مثل الأساتذة السيد محمود شكري الآلوسي والسيد علي علاء الدين الآلوسي وعبد الوهاب النائب وهم أدباء أيضا. وعبد الرحمن القرداغي والسيد محمد حسين آل كاشف الغطاء وهو أديب أيضا. وآل كاشف الغطاء جماعة علماء وأدباء. وسنتناول العلماء في كتابنا التاريخ العلمي بسعة.

ومن الأدباء :

١ ـ السيد عبد الغفار الأخرس.

٢ ـ عبد الحميد الشاوي.

٣٦٦

٣ ـ السيد حيدر الحلي. وتوفي سنة ١٣٠٤ ه‍.

٤ ـ السيد جعفر الحلي. وتوفي سنة ١٣١٥ ه‍.

٥ ـ محمد سعيد الإسكافي.

٦ ـ محمد سعيد حبوبي. وهو عالم فاضل.

٧ ـ عثمان نورس. شاعر تركي.

٨ ـ إقبال الدولة. أديب فارسي.

٩ ـ سليمان فائق. أديب تركي.

١٠ ـ عبد الله صافي الكركوكي. أديب تركي.

١١ ـ السيد أحمد شهاب الدين الراوي.

١٢ ـ السيد محمود البرزنجي. والد السيدين عارف ونوري.

١٣ ـ عبد القادر شنون العبادي.

١٤ ـ الشيخ رضا الطالباني. في الأدب العربي والتركي والفارسي والكردي.

وأدباء آخرون عاشوا إلى ما بعد هذا العهد. ومنهم الأساتذة الرصافي والزهاوي وعبد الحسين الأزري وخيري الهنداوي.

وكل هؤلاء تخرجوا من المدارس العلمية. والخلل ظهر في صدود الحكومة عن هذه المدارس ، فكان إهمالها أعظم عيب في معارفنا. فكانت الخسارة كبيرة جدا ولم تقم الحكومة بأمر إصلاحها. وقد أوضحت ذلك في التاريخ العلمي والأدبي في العراق.

والمدارس الجديدة للحكومة ، لم تغن عن المدارس العلمية. وإنما تظاهرت بالعمل للثقافة وتبجحت بمؤسساتها الجديدة وهي غير صالحة

٣٦٧

ولا تجاري المدارس العلمية. ومن ثم حدث تيار النفرة من جهة ، والجهل من جهة أخرى. وبذلك ربحت الدولة إرسال الموظفين إلى العراق من استنبول ومن الترك. وإن الأهلين شعروا بما جرى. وهذا ما قاله الأستاذ أحمد بك الشاوي في ذم المعارف والتنديد برجالها في أوائل هذا العهد :

الجهل أجمعه بدا

ئرة المعارف مستدير

أعضاؤها ورئيسها

في الجهل ليس لهم نظير

وافى النذير بعزلهم

يا حبذا ذاك النذير

لما أتى أرخت (لا

رجعت ولا رجع الحمير)

وأما في أواخره فقد قال الأستاذ الرصافي في مدير معارف بغداد :

معارف بغداد قد جاءها

مدير من الطيش في مسرح

حمار ولكنه ناطق

صبي ولكنه ملتح

فيا أيها العلم عنها ارتحل

ويا أيها الجهل فيها اسلح!

وهذا المدير هو حسن رفيق بك. جاء بعد إعلان الدستور. والمدارس الجديدة كانت للإعلان لا الثقافة الحقة. ولو لا مدارسنا العلمية القديمة وخزائن كتبها وما تأسس في هذا العهد مثل (مدرسة نائلة خاتون وخزانة كتبها) ، و (خزانة السيد نعمان خير الدين الآلوسي) ، و (خزانة الكهية) وما ماثل من خزائن الكتب الخاصة ولو لا المدارس التي

٣٦٨

قامت بفتحها الهيئة الإصلاحية لما بقي أثر للثقافة وأن الجرائد لا تسدّ مسدّها بوجه. فالتعليم المنظم ضروري. وإن من برز عندنا من الأفاضل كان نتيجة جد خاص ومواهب فائقة.

تابعت الدولة في تأسيساتها الدول الأخرى للتدخل في أمر الثقافة فجاءت ناقصة ضئيلة جدا ، فالمعرفة بعد أن كانت أهلية أفسدتها الحكومة في هذه التدخلات وعادت المملكة أمة لو لا ثقافتها المدرسية العلمية كما أن إضافة الأوقاف المندرسة إلى المعارف لم يرفع من مستواها. فالمدارس الجديدة لم يكن لها أثر يذكر.

وقبيل إعلان الدستور تكونت بعض المدارس الابتدائية للذكور والإناث ومدرسة للحقوق فكانت أهون الشرين. وهذه لا تفي بحاجة لمن لم يتقن لغته الأصلية (العربية) لضرورة البيان. وإن الدولة بعد إزعاج وإلحاح قبلت التدريس باللغة العربية ولكنها قلبت إعدادياتها إلى مكاتب سلطانية ففقدت الفائدة من تقرير اللغة العربية.

ولا ينكر أننا رأينا انكشافا في (عهد الدستور) من نواح أخرى من أهمها الصحافة الخارجية والداخلية ، وانتشار المطبوعات العلمية والأدبية ، والاتصالات بالأقطار القريبة والنائية ... فلم يكن الأمر مقصورا على المدارس الموجودة.

هذا. وإن الأهلين أسسوا مدارس جديدة. وإن نواب الأمة طالبوا بمؤسسات شبيهة بتشكيلات الدولة في ثقافتها ، وألحّوا في لزوم التدريس باللغة العربية. ففتح الدستور بابه للمطالبات بالإصلاح. ومن أهم ما هنالك ما يتعلق بالثقافة.

وكان يؤمل تقدم الثقافة لو لا أن الحرب العامة الأولى فاجأت الناس ، فدمرت المعاهد وخربت المدارس وقتل في الحرب الكثير من المثقفين ، وزالت معالم الدارسة ... فحلّت محلها الإدارة العرفية

٣٦٩

والتضييق إلى أن عقدت الهدنة ... والأمر بيد الله يصرفه كيف يشاء.

العلاقات بالمجاورين

١ ـ الدولة الإيرانية :

الدولة الإيرانية الوحيدة المرتبطة بمعاهدات دولية معنا بواسطة العثمانيين. وفي أيام مدحت باشا توضحت المشاكل. وحسمت تقريبا. واتخذت وسائل المصافاة ومراعاة التجارة والشؤون الاقتصادية. وعلاقاتنا بإيران كبيرة وكثيرة وكلما حصلت الألفة توسعت العلاقات السياسية والاقتصادية. وقويت الروابط التجارية وزادها توثيقا حسم المشاكل المعلقة عند سفرة جلالة ناصر الدين شاه لزيارة الأئمة في العراق. وبذلك تمكنت العلاقات بسبب الحفاوة والاحتفال الكبير به والعناية بأمره في حله ومرتحله. والمهم أن الدولتين تركتا النزاع والحروب ومالتا إلى المصافاة.

وفي سنة ١٩١٣ م تجدد أمر (تحديد الحدود) ولكنه لم يتم بسبب الحرب العامة الأولى وإيران راعت الحياد فيها إلا أنها لم تستطع الاحتفاظ بكيانها. وإنما تداولتها أيدي الدول المتحاربة. وصارت تتخذها وسيلة لتمشية نفوذها وسيطرتها على المواقع.

وهذه قائمة بشاهات إيران :

١ ـ ناصر الدين شاه. مر الكلام عليه في المجلد السابع.

٢ ـ مظفر الدين شاه. توفي ٢٤ ذي القعدة سنة ١٣٢٤ ه‍.

٣ ـ محمد علي شاه. ولي بعد والده. وخلع يوم الأحد سلخ جمادى الآخرة سنة ١٣٢٧ ه‍.

٤ ـ أحمد شاه. (أحمد رضا شاه). ولي في يوم خلع والده.

٣٧٠

ويهمنا أن نقول إنه في شهر جمادى الآخرة سنة ١٣٢٧ ه‍ حدث اضطراب في إيران بل جهاد لنيل الحرية والحصول على الإدارة الديمقراطية. وحاولت الدول الإنكليزية والروسية التدخل ولكن الأمة الإيرانية عجلت بخلع الشاه محمد علي بن مظفر الدين شاه يوم الأحد سلخ جمادى الآخرة سنة ١٣٢٧ ه‍ ونصبت ابنه أحمد رضا شاه مكانه فحصلت على حريتها ثانية.

وكانت قد نهضت في ربيع الأول سنة ١٣٢٤ ه‍ مطالبة بفك الأغلال عنها لما أنهكها الظلم. واستبدت بها الدولة. فنالت حريتها إلا أن محمد علي شاه حاول القضاء على هذه الحرية فأزاحته بعد جدال عنيف فرأى الشاه ومن معه معاونة من أرباب الأطماع أعداء الحرية مما أدى إلى خلعه.

نالت الأمة الإيرانية حريتها في ربيع الأول سنة ١٣٢٤ ه‍ فغصبها الشاه حقها بعد نضال ثلاثة أشهر. فلما أعلنت الدولة العثمانية دستورها ثارت إيران للمطالبة مرة أخرى بعد أن قوض الشاه المجلس وكانت هذه المرة الثالثة. ومن ثم خلعت الشاه محمد علي ونصبت ولي عهده أحمد رضا شاه. وكان صغيرا فجعلت عليه وصيا حضرة الأسعد عضد الملك وقرر انعقاد البرلمان ...

وما جرى على أحمد شاه بعد الحرب العامة معلوم فانقرضت هذه الدولة على يد (الأسرة الپهلوية). والملحوظ أن علاقة المجتهدين من الإيرانيين المقيمين في النجف وكربلاء بإيران كبيرة جدا للروابط المشهودة. ولا محل لذكر هؤلاء العلماء (١).

__________________

(١) الروضة عدد ٦ ـ ١٣ وصدى بابل عدد ٢٧ وغيرهما. وكتاب تاريخ مشروطيت للأستاذ السيد أحمد كسروي التبريزي في مجلد واحد. طبع للمرة الثالثة سنة ١٣٣٠ ه‍ ـ ش.

٣٧١

٢ ـ ابن سعود :

إن الأمراء من آل سعود تكلمنا عليهم ورغبة الدولة مصروفة إلى القضاء على (آل سعود) للخشية منهم أن تتكوّن دولة عربية تهدد كيان العثمانيين كما وقع فعلا في سابق العهد.

ثم إن الأمير عبد الرحمن آل سعود التجأ إلى الدولة بأمل أن تعيد إليه إمارته. جاء البصرة وبغداد ومعه الأمير عبد العزيز ابنه. فلم يجد ملبيا لمطالبه. وكانت الدولة تراعي جانبه. وترقب الحالة في نجد حذر أن يحدث ما لا تحمده فتستغل وجوده ولكن الأمير عبد الرحمن كان يضمر آمال الإمارة. وهيهات أن يوفق بين الأمرين.

وكان ابنه الأمير عبد العزيز يتوثب للنهوض ويتحين الفرصة للإيقاع بأعدائه (آل الرشيد) ويحاول أن يجد ناصرا ولكنه قطع بأن :

لا يكشف الغماء إلا ابن حرة

يرى غمرات الموت ثم يزورها

وهذه الأوصاف وجدها في نفسه وكان هذا شأنه. خاطر ، وغامر فلم ير بدا من النزال بنفسه دون استغاثته بمن يوجس منه خيفة. فكانت نتائج ذلك أن تمكن من أعدائه وحصل على مطلوبه لا سيما أن الأحوال ساعدته كثيرا بما حدث من تحول في آل الرشيد. وقد ذكرنا وقائعه.

وإن الدولة لم تجد من يقوم بالمهمة لإيقاف هذا الصائل الجديد الأمير عبد العزيز السعود فكان آخر ما استولى عليه (الأحساء) فلم تشأ الدولة أن تدخل معه في جدال يكلفها أضرارا كبيرة والمشغول لا يشغل بل لا أمل لها في النجاح لما جربته من أسفار شاقة. فاضطرت أن تسكت.

وفي كل هذا لا ننسى أن العقيدة المتمكنة في النفوس ساعدته وكان الميل إليه من الأهلين كبيرا. وهذا أقوى ناصر له في مهماته. ولم تمض مدة حتى وقعت الحرب العامة الأولى فحاولت الدولة جذب ابن

٣٧٢

سعود لجانبها ولكنه التزم الحياد. وعند هذا وقفت حوادث آل سعود من جراء علاقاتها بالعراق.

والأمير عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود كان الوحيد الذي تمكن من استعادة أمل آبائه بنشاط فائق وقدرة عظيمة فتم له ما أراد.

٣ ـ الكويت :

مر الكلام عليها. وفي آخر الأيام انقطعت علاقاتها بالدولة ، فلا نرى حاجة لإعادة القول هنا.

العلاقات بالأجانب

إن الروابط الدولية زادت والمصالح اشتبكت. وفي الوقت نفسه قلت المشادة وصارت عامة أكثر. وانتشرت قناصل الدول في الولايات للتبصر في المصالح. ويصعب تحديد العلاقات وغالبها اقتصادية وتجارية وأكبر حدث في الدولة العثمانية إلغاؤها الامتيازات الأجنبية مغتنمة فرصة اتفاقها مع الألمان.

كانت الدولة العثمانية مقيدة بالعهود والامتيازات القديمة. فألغت هذه العهود فاغتنمت فرصة الحرب العامة ومشت على قوانين الدولة. ويعدّ هذا أكبر حدث في الحقوق الدولية للدولة العثمانية وقبلت بعض الدول هذا الإلغاء وتأخر آخرون وبالنتيجة قبله الكل نظرا للمصالح المشتركة.

والأوضاع الأخرى لا تخفى للاتصال بالأجانب وبلغاتها والأخذ بثقافة الكثير منها فكان ذلك وسيلة التقرب إلا أن الحرب العامة أهاجت زعزعا كبيرا. وكانت من المصائب على الأمم جمعاء. والرابح خسران. ومن خذل في الحرب وقع في الهوة ولم يستعد قوته إلا بصعوبة. ولشعرائنا قصائد عديدة في بيان ويلاتها.

٣٧٣

خاتمة

الأحوال السياسية والحربية وتواليها مما يبصر بكثرة التحولات وسرعتها ، وانكشاف الرأي العام ، والانتباه إلى ما لم يكن معروف القدماء إلا أن الحرب العامة وما جرت من مزعجات قد أضرت بنا فلم تنته إلا بعد أن جرفتنا ولازمتنا مدة طويلة فكأن الناس قطعوا العصور ورأوا مناظر لم تحصل في غير هذا الوقت وفيها تغير عظيم في الشؤون الاجتماعية والأدبية ، والعلمية ، وفي النفوس والعقليات. ولم ينكشف الأمر بجلاء إلا بعد هذا العهد.

ذلك ما دعا أن يظهر بيننا أكابر الشعراء ، فبدلوا أفكارهم ، وصاروا يزاولون ما يجاري العصر من مطالب جديدة ، فانصرفوا في الأغلب عن المدح والهجاء المألوفين إلى الأمر الأهم مما يعود للأمة بما يعتقدون أنه الخير ، وهكذا أدباؤنا الكتّاب تركوا السجع وانصرفوا إلى السلاسة في البيان والتعبير وهكذا مضى سائر متعلمينا ، وفي التاريخ العلمي والأدبي ما يبصر بمثل هذه. فقد ولّدت انتباها عاما.

وبهذا قد تم المجلد الثامن وبه تم تاريخ العراق بين الحتلالين في مجلداته الثمانية.

هذا. وأشكر الأفاضل الذين آزروني بما قاموا به من عمل مهما كان نوعه ومقداره وأخص بالشكر منهم الأستاذ محمود الملاح والدكتور

٣٧٤

مصطفى جواد والأساتذة مير بصري وكوركيس عواد وخضر الطائي وإبراهيم الونداوي ... فلهم فائق الشكر. والحمد لله أولا وآخرا. إنه وليّ الأمر.

٣٧٥
٣٧٦

الفهارس العامة

١ ـ فهرس الأعلام

٢ ـ فهرس الشعوب والقبائل والنحل

٣ ـ فهرس المدن والأماكن

٤ ـ فهرس الكتب

٥ ـ فهرس الألفاظ الدخيلة والغريبة

٦ ـ فهرس الصور

٧ ـ فهرس الموضوعات

٣٧٧
٣٧٨

١ ـ فهرس الأعلام

حرف الألف

آجوره أوغلي يوسف : ٣٠٠

آدلر الطبيب : ١٢٦

آغوب آل قيومجيان : ٢٩٢

آلفرد راپا پابورت : ١٦٦

آنزه ل. : ٢٦٥

إبراهيم الآلوسي : ٢٦٢

إبراهيم أحمد صالح شكر ٣٣٥

إبراهيم أدهم الزهاوي : ١٧٠

إبراهيم باشا المشير : ٣٢٩ ، ٣٣٦

إبراهيم التكريتي : ٥٧

إبراهيم حلمي العمر : ٣٣٥

إبراهيم حييم : ٢٣٩ ، ٣٣٥

إبراهيم سيف الدين الكيلاني : ١٠٩

إبراهيم الشواف : ٢٤٥

إبراهيم فصيح الحيدري : ٨٥ ، ٣٦٥

إبراهيم فهيم بك : ٢١٥

إبراهيم الملا : ٣٥٢

إبراهيم الواعظ : ١٩٨ ، ٢٩٢

إبراهيم الونداوي : ٣٧٥

ابن أحمد بن مصطفى : ٦٤

ابن الرشيد : ٩٦ ، ١٢٧ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ٢٨٠ ، ٢٨١ ، ٣١٣

ابن سعود : ١٢ ، ١٧٧ ، ١٧٨ ، ٣١٢ ، ٣١٥

ابن عثمان بن مراد : ٢٣

ابن كمال : ١٣٥

أبو بكر حازم : ١٨٢ ، ١٨٣

أبو بكر حلمي : ١٧٧

أبو الحسن القندهاري : ١٠٦ ، ١٠٧

أبو حنيفة (الإمام) : ٣٢

أبو طبرة : ١٣٣

أبو العلاء المعري : ٢٩٨

أبو الفضل ميرزا : ٨١

أبو يوسف (الإمام) : ١٤٥ ، ٢٤٣

أتاتورك : ١٨٣ ، ٢١٠ ، ٢١٢

أحمد : ١٠٤

أحمد الباچه چي : ٣١

أحمد باش أعيان : ٧٠

أحمد باشا : ١٥٢

أحمد بك : ٥٨

أحمد بك معاون الوالي : ٣١٩

٣٧٩

أحمد توفيق باشا : ١٠٥

أحمد الحاج بن أحمد بن إبراهيم : ١٧٠

أحمد الحاج فليح العسافي : ٣٠٧

أحمد خيري : ٣٣٦

أحمد الراوي : ١٢٥ ، ١٢٨

أحمد الرشتي : ٥٥

أحمد الرشدي : ٥٥

أحمد الرفاعي : ٢٢٣

أحمد الزهير : ١٩٩

أحمد السمين : ١٧٠ ، ٣٦٦

أحمد السنوي : ٨٥ ، ٣٦٥

أحمد شاكر الآلوسي : ١١١ ، ٢٧٤ ، ٣٦٥

أحمد الشاوي : ٢٥ ، ٣١ ، ٥٧ ، ١٥٢ ، ١٦٢ ، ٣٦٦ ، ٣٦٨

أحمد شاه (أحمد رضا شاه) : ٣٧٠ ، ٣٧١

أحمد شهاب الدين الراوي : ٥٢ ، ٣٦٧

أحمد الشواف : ٥٧

أحمد (الشيخ) : ٨٢

أحمد فهمي : ١٣٣

أحمد فيضي باشا : ١٢ ، ١٥٧ ، ١٥٨ ، ١٦٤ ، ١٧٧

أحمد كسروي : ٣٧١

أحمد الكيلاني : ٢١ ، ٢٣

أحمد مختار باشا : ٤٤

أحمد نيازي : ٢٢٥

أحمد نديم : ٢٦٣

أحمد هاشم الآلوسي : ٣٤٧

أرثر يارت : ٣٠٨

أرشد العمري : ١٢٤

إسحاق : ٢٣٩

أسعد باشا الألباني : ١٧٦

الأسعد عضد الملك : ٣٧١

إسماعيل بن إبراهيم بن خليل : ٥٦

إسماعيل حقي : ٥٨ ، ١٢٤ ، ١٩٨ ، ٢٦٣ ، ٢٩٦ ، ٣٠٥ ، ٣٠٦

إسماعيل الصدر : ٢٣٧

أشرف باشا : ٢٠

أغا خان : ١٤٨

أكرم محمد رفعت أفهم بن رشيد : ١٤٥

إقبال الدولة : ١٠٦ ، ١٠٧ ، ١٠٨ ، ١١٠ ، ٣٦٧

إلياهو سموحة : ١١٥ ، ٢٤٢

اليشاع : ١١٦

أمجد الزهاوي : ١٢٩ ، ١٣١ ، ٣٦٥

أمين پاخر : ٢٦

أمين (حفيد الحاج علي) : ١٩٩

أمين علوش : ٣٥٢

أمين فيضي : ١٢١

أمين الكهية : ١٢٧

أمين بن مصطفى : ١٨٠

انستاس الكرملي (الأب) : ١٣

أنطون : ١٥٣

أنور پاشا : ١٩٤ ، ٣٤٣ ، ٣٤٤

أنور بن حامد : ٥٦

أنور خياط : ١٦٦

حرف الباء

باقر حمودي : ٢٣٩

بجاوشين : ٨٩

بدروس الأرمني : ١١٣

٣٨٠