موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

حمّى الملارية من جراء ذلك ، كما أن الوباء ظهر في البصرة ، وظهرت بعض إصابات الهيضة في العزير.

٢ ـ خطت الحكومة خطوة عظيمة في إلزام الطلبة بتحصيل مبادىء العلوم باللغة العربية مع المحافظة على التدريس باللسان الرسمي العثماني (١).

٣ ـ ليلة السبت ٢٠ المحرم سنة ١٣٢٩ ه‍ الموافق ٨ كانون الثاني سنة ١٣٢٦ رومي سقط الوفر بثخن ٢٠ سانتيمترا وتكرر الحادث يوم الاثنين صباحا ومن ٤٠ سنة لم يشاهد نظيره (٢). لحد أن بعضهم سمى ابنه بـ (ثلج). وتاريخ ذلك باللغة التركية قال الأستاذ عبد الله خونده الأديب المعروف في اللغات العربية والتركية والفارسية :

نسل حاضر گورمه مش زوراده يا هو مثلنى

اشبوكانون­سكزنده دوشدى تاريخ (ياغدي قار)

١٣٢٦ رومية (٨ كانون الثاني)

ومعنى البيت لم يشاهد في بغداد مثل هذا الوفر في الثامن من كانون (الثاني) فجاء تاريخه (ياغدي قار) أي أمطرت الوفر.

وفيات

١ ـ رشيد باشا الزهاوي. توفي نهار الاثنين ٢٨ المحرم سنة ١٣٢٩ ه‍ (٢٩ كانون الثاني سنة ١٩١١ م) وهو أخو محمد سعيد المفتي والأستاذ جميل صدقي الزهاوي وعبد اللطيف أفندي .. رثاه الأستاذ عبد الرحمن البنّاء بقصيدة مطلعها :

__________________

(١) لغة العرب ج ١ ص ٢٧٨.

(٢) الزوراء عدد ٢٢٩١ في ٢٧ المحرم سنة ١٣٢٩ ه‍.

٢٦١

صبرا جميلا فالزمان يجور

والعمر فان والحياة غرور (١)

٢ ـ توفي السيد ثابت بن نعمان خير الدين الآلوسي في ذي القعدة سنة ١٣٢٩ ه‍. وهو والد المرحوم السيد إبراهيم الآلوسي قاضي بغداد الأسبق.

٣ ـ الشيخ محمد كاظم الخراساني. توفي ليلة الثلاثاء ١٨ ذي القعدة سنة ١٣٢٩ ه‍ فكان لوفاته حزن عميق في النفوس (٢).

٤ ـ سعدون باشا. توفي في حلب الشهباء في أوائل شهر كانون الأول سنة ١٩١١ م (ذي القعدة سنة ١٣٢٩ ه‍) وهو من أمراء المنتفق (٣). وهو ابن منصور باشا بن راشد بن ثامر ابن الشيخ سعدون الذي سمّي به الكثيرون من آل سعدون. ومرت بنا وقائعه ، ويعد من مشاهير رؤساء العشائر ، وطاردته الحكومة مدة ، وحارب بعض العشائر ، فكان المنتصر. ولد نحو سنة ١٢٧٠ ه‍ ـ ١٨٥٣ م (٤). هو والد الشيخ عجمي باشا السعدون.

حوادث سنة ١٣٣٠ ه‍ ـ ١٩١٢ م

مشاريع :

نسمع بها ، ولا نرى لها تحققا ، ومنها إنشاء جسر حديدي لبغداد. وجسور للمواطن الأخرى. وقصد الولاة بها تطمين الأهلين.

__________________

(١) صدى بابل عدد ٧٦ في ٥ صفر سنة ١٣٢٩ ه‍ ـ ٥ شباط سنة ١٩١١ م.

(٢) لغة العرب ج ١ ص ٢٧٥.

(٣) لغة العرب ج ١ ص ٢٧٦.

(٤) لغة العرب ج ٢ ص ٥٠٤ وفيها تفصيل زائد.

٢٦٢

انتخاب المبعوثين : (للمرة الثانية)

عن بغداد :

١ ـ مراد بك آل سليمان بك. والد حزمي بك وأخو فخامة الأستاذ حكمت سليمان.

٢ ـ فؤاد أفندي مدير الأملاك المدورة.

٣ ـ السيد محيي الدين عبد القادر الگيلاني ابن سماحة نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن النقيب.

٤ ـ ساسون حسقيل ، انتخب للمرة الثانية.

عن البصرة :

١ ـ السيد طالب بك النقيب. أعيد انتخابه للمرة الثانية.

٢ ـ عبد الله الزهير. صاحب جريدة الدستور.

٣ ـ عبد الوهاب باشا القرطاس وهو ملاك مشهور. توفي بالبصرة سنة ١٩٢٤ م.

٤ ـ أحمد نديم رئيس محكمة الجزاء.

عن كربلاء :

١ ـ فؤاد الدفتري البغدادي ، والد معالي محمود صبحي الدفتري.

٢ ـ نوري بك البغدادي رئيس تحرير القسم التركي في جريدة الزهور البغدادية. لصاحبها الأستاذ رشيد الصفار وهو خال والد الأستاذ ناظم حميد المحامي.

عن الديوانية :

١ ـ الأستاذ إسماعيل حقي بابان.

٢٦٣

عن المنتفق :

١ ـ الأستاذ جميل صدقي الزهاوي.

٢ ـ عبد المجيد الشاوي.

عن العمارة :

١ ـ عبد الرزاق المير. من ملاكي البصرة.

٢ ـ معروف الرصافي.

والي البصرة :

تعين جلال بك والي البصرة سابقا مفتشا عاما لإصلاح الشؤون العراقية. ولم يبين تاريخ انفصاله من منصب ولاية البصرة.

الساعة الزوالية :

استعملت في الدوائر الحكومية في ولاية بغداد اعتبارا من منتصف ليلة ٣٠ نيسان سنة ١٣٢٨ رومية (١٣ مايس سنة ١٩١٢ م) كما يظهر من برقية نظارة الداخلية في استنبول المرقمة ١٣٤ والمؤرخة في ٣٠ نيسان سنة ١٣٢٨ رومية (١).

افتتاح سكة حديد بغداد :

في صباح السبت ٢٧ تموز سنة ١٩١٢ م كان الاحتفال بوضع الحجر الأول لسكة حديد بغداد في جانب الكرخ بقرب السن ، ودعا رئيس الأشغال (مايسز باشا) الألماني والي الولاية جمال بك والقائد وأركان الولاية وسراة الوطنيين وقناصل الدول إلى الاشتراك في

__________________

(١) من مجموعة الأستاذ عبد الله خونده.

٢٦٤

الاحتفال ، وكان عدد المهندسين الموجودين أربعين من أمم مختلفة وأغلبهم من ألمانيا.

وهذه السكة دعت إلى النزاع الاقتصادي ، والرقابة الألمانية ـ الإنكليزية ، وكذا الفرنسية ، ودونت آثار عديدة عن هذه الرقابة والزحام وأدت إلى الحرب العظمى بل هي من أهم العوامل ، وكتب أحد الإفرنسيين كتابا عنوانه (سكة حديد بغداد) ، وما هنالك من عوامل .. وهكذا توالت المؤلفات وفيها ما يعين الحالة ويدعو إلى الخصام ، ولا محل للإطالة في بحثها ، وكفى أن نقول : إن الرقابة الدولية كبيرة ، والنفسيات متطلعة. والمعاهدات والاتفاقيات عينت ما هنالك من آمال. وربما تجاوزت حدود الرقابة إلى تكوين خطر (١).

دار سبيل :

من مؤسسات شوكت بك دفتري بغداد سابقا ١٣٧١ ه‍ ـ ١٨٥٤ م ، ثم صار باشا ، أنه شيّد سنة ١٢٧٢ ه‍ ـ ١٨٥٥ م سبيلا في محلة الميدان بناه من المرمر ، ثم توالت النكبات فخرب كما خربت أبنية ذلك الحي ، فلما جاء إلى بغداد حفيده قدرت بك مدير الأمور الأجنبية ابن عصمت باشا ورأى ما حل بذلك البناء عزم على تعميره ، فطلب إلى المهندس الفرنسي (الموسيو غودا) أن يخطط رسمه على هيئة بديعة فلبى طلبه وتم هذا البناء ووزع الماء الزلال على العطاشى ، وقد بلغ مصرفه ١٠٨ ليرات ، وللبناء واجهتان على إحداهما أبيات عربية وعلى الأخرى أبيات فارسية وتركية وكلها مكتوبة على الآجر المطلي المعروف بـ (الكاشي) ، ويحيط بالكتابة أشجار خضراء ، وأغصان غضّة ، ونقوش عربية ، وأثمار

__________________

(١) لغة العرب ج ٢ ص ١١٧ و (آشيان) ج ٢ ص ٣٠٤ وسكة بغداد تأليف (بول ايمبر) وترجمة حسن فرهاد والمعلم آنزه ل.

٢٦٥

٢٦٦

بألوانها الطبيعية حتى تخالها حقيقية. هذا. وبفتح جادة خليل باشا (شارع الرشيد) لم يبق له أثر.

معرض صناعي زراعي :

أقام الوالي هذا المعرض بهمة معاونه لطفي بك ، واشترك فيه جماعة أيضا (١).

الوالي جمال بك :

استقال من ولاية بغداد عند سقوط الوزارة ، فقبل استعفاؤه ، وفي عصر السبت ٤ شهر رمضان سنة ١٣٣٠ ه‍ ـ ١٧ آب سنة ١٩١٢ م سافر إلى استنبول من طريق حلب ، وودعه كثيرون من مختلف الطبقات. وكانت بدأت ولايته من نهار السبت ٢٦ آب سنة ١٩١١ م واستكثر صاحب لغة العرب مدة ولايته فقال :

«هذا دليل على حسن إدارته ودرايته إذ قل من يسوس ولايته في هذا العصر ، وتطول مدته هذا الطول (٢)» ا ه. وبقيت في إدارته مهمات الولاية. ومن ثم دعا الموظفين وأبدى لهم أنه راض من سلوكهم وجهودهم في مساعدته ، وطلب إليهم أن يستمروا في أعمالهم كما كانوا. لبوا طلبه وتألموا لاستقالته لبذله ما في وسعه من الجهود لترقي المملكة وإعلاء شأنها (٣).

وجاء في مجموعة السيد محمود حموشي ما نصه :

«اشتهر بالمخازي ، ورقص الدانص مع مدامة مدير البانق

__________________

(١) لغة العرب ج ٢ ص ٤٠.

(٢) لغة العرب ج ٢ ص ١٦٥ وج ٣ ص ٤٤٦.

(٣) الزوراء عدد ٢٣٧٠ في ٢ شعبان سنة ١٣٣٠ ه‍.

٢٦٧

العثماني ، وكان محل إقامته في قصر عبد القادر الخضيري الكائن على دجلة قرب الدباغخانة وبيته ملاصق لبيت الوالي» ا ه (١).

وعرف بين العرب بالسفاح بسبب قتل كثيرين في الشام. وانتسب لجمعية الاتحاد والترقي فنال متصرفيات وولايات عديدة حتى صار وزير البحرية ، فذهب إلى سورية قائد جبهة ، فهاجم قناة السويس فلم يوفق كما أنه لم ينجح في إدارته ، سخط عليه القوم. فعاد إلى وزارة البحرية. وبعد متاركة (موندروس) تغيب عن استنبول ، وقضى مدة في أوروبا ، ثم سافر إلى الأفغان لأجل تنظيم الجيش ، وبعد ذلك عاد إلى برلين ليرى أسرته ويقضي بعض الأشغال وفي أثناء عودته إلى الأفغان ظفر به الأرمن في تفليس واغتالوه مع ولديه. وكان من متخرجي المدرسة الحربية ، ومن أهل الذكاء ، وفعالا جوالا ومستعدا (٢).

صدرت الإرادة في ١٢ آب سنة ١٣٢٨ رومية بتعيين محمد زكي باشا مشير الفيلق الرابع بولاية بغداد. ووردها في ٣ ذي الحجة سنة ١٣٣٠ ه‍ يوم الثلاثاء (١٢ تشرين الثاني سنة ١٩١٢ م) ، وكان معاون الوالي آنئذ عمر لطفي بك وكيلا للوالي. وفي ٥ ذي الحجة قرىء الفرمان باحتفال على المعتاد. وهذه ترجمته :

«الدستور المكرم ، والمشير المفخم ، نظام العالم ، مدبر أمور الجمهور بالفكر الثاقب ، متمم مهام الأنام بالرأي الصائب ، ممهّد بنيان الدولة والإقبال ، مشيد أركان السعادة والإجلال ، المحفوف بصنوف

__________________

(١) بيت الوالي هو قصر عبد الجبار جلبي الخضيري وأجره شقيقه ووكيله عبد القادر باشا الخضيري وهو اليوم (وزارة الشؤون الاجتماعية) وقصر مدير البانق (وزارة الزراعة) في الباب الشرقي. يعود أيضا إلى عبد الجبار جلبي. وبعد احتلال بغداد اشترى الجيش البريطاني القصرين ثم انتقلت ملكيتهما للدولة العراقية حسب المعاهدة.

(٢) (ملى نوسال) سنة ١٩٢٣ م ص ٣١٥.

٢٦٨

عواطف الملك الأعلى ، أحد مشيري سلطنتي السنية العظام ، مشير فيلقي الهمايوني الرابع سابقا زكي باشا الذي وجهت لعهدة استئهاله ولاية بغداد مع مفتشية فيلقي الرابع أدام الله تعالى إجلاله. ليكن معلوما لمن يصل إليه توقيعي الرفيع الهمايوني أن ولاية بغداد تحصل على الترقي والعمران بنسبة قابليتها واستعدادها وتتوافر لها التجارة والثراء ، ويكون صنوف الأهلين فيها متساوين في مظهر العدل وينالون الرأفة ، والرفاه والسعادة فيما إذا كان قد أودع أمرهم إلى وال صاحب دراية وأهلية ، وصاحب تجربة. وأنت أيها الباشا المشار إليك والمتصف بكمال الحمية والروية ، والواقف على أصول الإدارة ، ومن المشيرين العظام لسلطنتي السنية. فاقتضى توديع الولاية والمفتشية ليد اقتدارك بناء على الاستيذان الواقع ، فأصدرت إرادتي السنية الملوكية كما سنحت في اليوم الثاني عشر من شهر رمضان المبارك لسنة ثلاثين وثلاثمائة وألف ، وبمنه تعالى وحين وصولك أن تسحب الموظفين الذين في ولاية بغداد ممن لا تراهم حائزين للأوصاف المطلوبة عدا الشرعية والعدلية فإنهم مستثنون من ذلك ، وأن تقيم في محلاتهم من يليق مستعجلا وتبعا للأصول ، وأن تخبر المراجع (الدوائر) المختصة بذلك. وأما التدابير الإصلاحية والعمرانية التي يجب التوسل بها لتكون مشتركة في ولايتي بغداد والبصرة فعند مسيس الحاجة تدعو والي البصرة إلى بغداد وتتذاكر معه ، وتوحّد الفكرة والحركة فيقرر فيما بينكما المواد المطلوبة ، وبسرعة يعمل بها في الولايتين معا ، وأن تشتري الوسائط النهرية من جانبك ، وكذا التجهيزات وسائر الأمور حسبما يقع من طلب وتوسل ، وأن ينسق أمر الجندرمة ويجري إصلاحه في بغداد والبصرة ، وأن تكون هيئات التفتيش مرتبطة رأسا بمقام الولاية ، وهكذا إدارتها ، وكافة أمور قيادة كردوس الجندرمة ومصالحه ، فإن كافة ذلك والتفتيش العمومي تنحصر مخابراتها بالولاية وبواسطتها ، وكذا أمور تنسيق الجندرمة وما يتعلق بذلك من خصوصات

٢٦٩

وعلى الأخص الجندرمة وما يلزم لها من تجهيزات فإنه مما يعود للولاية ويجب ترويجه بسرعة ، ومثله العشائر وتنسيق الشرطة ، وتأسيسها في بغداد سواء للأفراد أو المفوضين ، وتأمين ما يلزم من قبلك لمعاشاتهم وتجهيزاتهم ، وحسب اللزوم يزاد في ذلك ، وتكمل النواقص ، وأن من أهم قضايا العراق الاجتماعية مسائل الأراضي ، فقد عزمت على وضع قانون وتنظيمه ، وما يقتضي لذلك من أساسات يجب إجراؤها بسرعة ممكنة ، أن تبدو الملاحظات والنتائج المستحصلة عنها موضحة من جميع الوجوه والأطراف ، وأن يهتم بالطرق العامة في ولاية بغداد ، وعدا ذلك إنشاء الطرق ، وتطهير الأنهار ، وسائر الأعمال النافعة ، وما يجب لإجرائها فقد خصص في الأقل أربعون ألف ليرة ، وأن تصرف في هذا السبيل ، وإذا وجد لزوم من جانبك ، وبناء على إقرار الهيئة الفنية في الولاية يصح إبلاغ ذلك إلى الحد المطلوب فيقر ذلك ويبلغ للدوائر العائدة. وعلى كل حال إن الأمور المذكورة قد أودعت إلى حصافتك ، وصداقتك المسلمة ، فلا شك أنك ستقوم بحسن إيفاء الوظائف المترتبة والمعاملات كما يليق ، ومما اتخذته دولتنا العلية كمسلك مشت عليه وهو من إيجابات مصلحتها أن يقطع الموظفون عموما علاقاتهم بالجمعيات والفرق ، وأن يطبقوا القوانين الموضوعة على الوطنيين بحياد كامل ، ومساواة تامة ، وأن يعتنى بذلك بدقة وأن لا يتدخلوا في الانتخابات وأن لا يقوموا بمعاملات من شأنها أن تخالف القانون ، وأن يكون الانتخاب بكمال الحرية ، وبدائرة الأحكام القانونية فيجري بأصوله ، وأن يكون كل صنف من الأهلين في ظل معدلتي الملوكية في حماية وصيانة من كل الوجوه ، وأن يصانوا من الأذى والتعدي ، ويتوسل بوسائل راحتهم وسعادتهم المهمة وأن تستكمل ، وأن تصرف الجهود لاستجلاب الدعوات الخيرية من كل أحد لمقام ملوكيتي المستجمعة للمجد والشرف ، هذا وأن تستمد في جميع الأحوال من روحانية حضرة

٢٧٠

النبيّ صلى الله عليه وسلم وتؤدي الوظائف بحسن أداء واهتمام وغيرة. تحريرا في ٩ شوال سنة ١٣٣٠» ا ه (١).

خطبة الوالي :

والملحوظ أن الوالي بعد قراءة الفرمان ألقى خطابا باللغة التركية موجها إلى الحضار ، وهذه ترجمته :

«أيها الحضار!»

إن كل نقطة من وطننا العزيز قد صارت مجالا لحياتي العسكرية ، فاجتهدت مستعينا بالله ، وبعد أن أجريت وظائفي المقدسة مع ناموسي ووقاري العسكري ونلت أكبر الرتب والأوسمة اخترت الإحالة على المعاش وفقا لما أمر به النظام فانزويت ، وكنت عندئذ مشغولا بالدعاء لتعالي الوطن والملّة وسعادتهما.

بيد أني كلفت منذ برهة من الزمان بولاية بغداد المشتهر أهلها بالعرفان والمدنية وبالنجابة والمتانة ، وكذلك أودعت إليّ مفتشية الفيلق الرابع ، ولما لم تكن تسبق لي خدمة في الخطة العراقية التي هي من أهم أجزاء وطني المقدس ومن متمماته فإني قبلت ذلك قصد إيفاء ما تيسر من الخدمات في هذا الجزء المبارك من الوطن أيضا ، وبهذه الوسيلة اتصلت مرة أخرى بأبناء وطني وبإخواني وأولادي الجنود.

وإني سأسعى مستندا على الله ، وملتجئا إليه وقلبي مطمئن بأن سأكون مظهرا لخدمة ومعاونة أرباب الوظائف وكافة أبناء الوطن ، وبهذه الأمنية فإني أعدّ نفسي سعيدا.

إن مقصدي تعميم المساواة والعدالة وتأمين رابطة الأخوة وتوسيع

__________________

(١) الزوراء عدد ٢٣٨٥ في ٦ ذي الحجة سنة ١٣٣٠ ه‍.

٢٧١

المعارف والزراعة وترقي التجارة والصناعة ، ومحصل القول هو رفاه حال العراق وسعادته.

وسأصرف الجهد على قدر الاستطاعة في كل زمان لتلطيف وتسرير من يبرز المعاونة فعلا ويراجع قلما في هذا السبيل ، ومع هذا فإني لا أتأخر من مجازاة من يأتي بحركة تخالف المنافع العامة والوطنية ..

ومن الجملة فالأجانب ضيوفنا المحترمون ، ولذا فإني أرجو من عموم أبناء الوطن حسن معاملتهم ورعايتهم وتأييد الألفة والإخلاص ..

هلمّوا أيها الإخوان لنسع معا وبكل ما نجده وبأرواحنا لحفظ شأن الحكومة وشرفها ، ولرفاه الأمة وسعادتها ، فمنا السعي والغيرة ومن الله التوفيق.» ا ه (١).

هذا. وبعد أن ورد الوالي كتب إلى مديرية المعارف يشكر فيها الطلاب والمعلمين للحضور في استقباله ، وأنه يتمنى لهم كل خير ، وأن ينال الطلاب ما يبهج من العلوم والمعارف. كما أنه أوصى الموظفين أن يهتموا بأعمالهم ، ويبدوا ما يجب من تفاد نحو وظائفهم ، ويقوموا بها بانتظام.

حوادث :

١ ـ عشيرة الصائح من شمر عاثت بالأمن.

٢ ـ تكررت حوادث عديدة للتهرب من رسوم الدخان.

٣ ـ حدثت معارك بين عجمي باشا السعدون من رؤساء المنتفق

وناصره مزيد باشا السعدون متصرف الأحساء سابقا في حربه مع الضفير والبدور (٢).

__________________

(١) الزوراء عدد ٢٣٨٦ في ٢٠ ذي الحجة سنة ١٣٣٠ ه‍.

(٢) لغة العرب ج ١ ص ٤٩٣.

٢٧٢

٤ ـ بلغ سعر الوزنة (مائة كيلو) من الحنطة الداودية بمائة قرش وحنطة الكلك بـ (٩٠ قرشا) ، والعراقية بـ (٨٠ قرشا) ، واللحم كيلو بـ (٣ قروش) ، والرز الشنبة كل كيلو بـ (٤٥ پارة).

٥ ـ حرب البلقان.

٦ ـ في مساء يوم السبت ٢٣ جمادى الأولى سنة ١٣٣٠ ه‍ وقع حريق في خان النفط في الساعة الواحدة والدقيقة ٤٥ ، ودام إلى ٣٠ منه إلى يوم السبت الساعة الخامسة صباحا والدقيقة ٢٠ أذانية ، وكان ما التهمته النار يربو على ثلاثة عشر ألف صندوق من النفط ، و ٢٥٠ اسپرتو ، و ٢٠٠ من البانزين. وهذه لم توضع في التأمين (السيگورتاه) ، فضمنت البلدية لأصحابها ٥٥٠٠ ليرا.

٧ ـ في يوم الجمعة ١٤ جمادى الآخرة حدث حريق في معمل العباخانة العسكرية. وبعد أربع ساعات أمكن إطفاؤه وتقدر الأضرار بخمسة آلاف ليرا عثمانية.

٨ ـ وفي يوم الجمعة ٢٧ رجب سنة ١٣٣٠ ه‍ حدث حريق في خان الحاج عبد العزيز فالتهمت النيران جانبي سوق العطارين مقابل خان الدجاج وامتدت النيران إلى جامع مرجان ، ودامت نحو أسبوع ، وتقدر خسائر الحاج عبد العزيز بنحو اثنين وعشرين ألف ليرة عثمانية.

وفيات

١ ـ الشيخ غلام رسول الهندي. توفي في ١ تموز سنة ١٩١٢ م (سنة ١٣٣٠ ه‍). وكان من العلماء. صار مدرسا مدة وأخذ عنه علماء كثيرون.

٢ ـ عيسى غياث الدين آل جميل. توفي الساعة السادسة من نهار الاثنين ١٥ شعبان سنة ١٣٣٠ ه‍ الموافق ٢٩ تموز سنة ١٩١٢ م ، وهو

٢٧٣

أحد أشراف بغداد وعلمائها عن نحو ٥٠ عاما ، ودفن في جامع آل جميل بجوار والده (محمد جميل) (١). وهو والد معالي فخر الدين.

٣ ـ توفي السيد أحمد شاكر الآلوسي فجأة باستنبول في شهر رمضان سنة ١٣٣٠ ه‍. في ١٩ أيلول سنة ١٩١٢ م وكان عضو مجلس المعارف الكبير (٢). وهو من العلماء المشاهير. والد الأستاذ المرحوم السيد محمد درويش وجد الأستاذ السيد هاشم الآلوسي.

٤ ـ عبد الرحمن الباچه چي. توفي في يوم الخميس ١ ذي القعدة سنة ١٣٣٠ ه‍ ـ ٢ تشرين الأول سنة ١٩١٢ م وله من العمر أكثر من ٨٠ سنة كان نائبا في المجلس العثماني. ومن مؤلفاته :

كتاب الفارق بين المخلوق والخالق وذيله.

كتاب الفارق بين المخلوق والخالق وذيله.

ومن أولاده :

(١) نعمان جلبي والد جعفر صدقي جلبي الباچه چي.

(٢) الأستاذ موسى كاظم بك مدير كلية الحقوق سابقا في بغداد.

٥ ـ الشيخ عبد الله المازندراني. توفي في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني سنة ١٩١٢ (٣).

حوادث سنة ١٣٣١ ه‍ ـ ١٩١٣ م

الوالي السابق :

استقال المشير محمد زكي باشا من الولاية فقبلت استقالته ولم يعرف سبب ذلك وفوضت الولاية بالوكالة لمعاونه عمر لطفي بك في يوم

__________________

(١) مجموعة السيد محمود حموشي.

(٢) المسك الأذفر ص ٥٨.

(٣) لغة العرب ج ٢ ص ٢٧٤.

٢٧٤

الثلاثاء ٧ جمادى الآخرة سنة ١٣٣١ ه‍ ثم سافر إلى استنبول يوم الخميس ١٥ جمادى الثانية سنة ١٣٣١ ه‍ فأجريت له المراسم (١). وهو عسكري متقاعد ، ومن المحتمل أن تكون له رغبة في الإدارة. فلم يظهر بعمل مقبول ، وعلى كل ترجمة حياته تدل على أنه قضى عمره في الجندية ، فلا يحتمل أن يقوم بعمل إداري حازم. ولم تمض عليه إلا بضعة أشهر ، فلم يدر عن بغداد ، ولا درى الأهلون عنه.

محمود شوكت باشا

ورد الخبر من قائممقام الصدر الأعظم محمد سعيد باشا بتاريخ ٢٩ مايس سنة ١٣٢٩ (٦ رجب سنة ١٣٣١ ه‍) أن قد استشهد الصدر الأعظم محمود شوكت باشا ، ولم يقع ما يخلّ بالأمن (٢).

وجاء في لغة العرب :

«قتل بطل الحرية البغدادي ناظر الحربية فتوفي باستنبول في ١١ حزيران سنة ١٩١٣ م ـ ٦ رجب سنة ١٣٣١ ه‍ (٣).

وفي مذكرات جمال باشا أنه وقع اغتياله في ١٥ حزيران سنة ١٩١٣ م (٤). وكان قد رآه قبل الواقعة بمدة قليلة جدا وتواجه معه ،

__________________

(١) الزوراء عدد ٢٤١١ ومجموعة ابن حموشي.

(٢) الزوراء عدد ٢٤١٤.

(٣) لغة العرب ج ٣ ص ٥٥.

(٤) خاطرات جمال باشا. طبعت في استنبول سنة ١٩٢٢ م وتتضمن اتصاله بالحوادث السياسية من ٢٣ كانون الثاني سنة ١٩١٣ م إلى سنة ١٩٢٢ م ، وهي مهمة ، وفيها ما لا يستغنى عنه في توضيح الحوادث. والبرقيات في تاريخها تشير إلى يوم وفاته بالوجه المذكور أعلاه فلا مجال لقبول ما ذكره من تاريخ ١٥ حزيران وكل ما تفسر به أنه شيع جثمانه في اليوم المذكور. ونقلها من الإنكليزية إلى العربية الأستاذ علي أحمد شكري وطبعت سنة ١٩٢٣ م في مصر ـ القاهرة.

٢٧٥

وجرت مباحث حول ما يتوقع من جرائم ضده ، ونبّه في لزوم الاحتفاظ بالنظام ، ومراعاة الاحتياط ، وترقب الحوادث ..!

هذا الشعور ، وتوقع المخاطر لم يدفع المقدر ، والمرء يحترس بقدر الإمكان ، ولا يهمل أمره ، ولا يهمه أن يجتاز الأخطار ، أو أن يقع فريسة لها ومحمود شوكت باشا بطل الحرية المشهور ، لهج الناس به ونال شهرة لم ينلها غيره ، والعراق يفخر به من جراء ما حصل من مكانة. اعتلى هذا البطل الصدارة العظمى ، ووزارة الحربية وصارت المملكة تحت سلطته وتابعة أمره ، فكيف يجسر أحد على اغتياله ، أو الغدر به ، فما ذا بدله ، أو غيّر فكر الأمة حتى ناله ما ناله؟

ذلك نتيجة حوادث متسلسلة يصح الالتفات إليها من تاريخ اغتيال ناظم باشا والي بغداد الأسبق عندما كان وزير الحربية (١). وإلا فما تقلده محمود شوكت من مناصب الدولة ، وما حصل من مكانة لا يحتاج إلى إيضاح. شاع أمره ، وانتشر ذكره في الخافقين. ذاع في الشرق والغرب وأن هذه الواقعة تفسر بما حدث من حزبيات متطاحنة.

وزوجته سليمة دلشاد خانم خصص لها مبلغ (٦٢٥٠) قرشا صحيحا شهريا يؤدى لها ما دامت في الحياة. له مذكرات فيها ما يميط اللثام عن حقائق (٢).

وكل ما نعلمه عنه أنه ابن سليمان فائق ابن الحاج طالب كهية من رجال المماليك فهو من الگرج. نال مناصب مهمة في الدولة لم ينلها المماليك في بغداد بفضل التقدم العلمي والعسكري والسياسي.

وجاء في (ثروت فنون) أنه ولد في بغداد سنة ١٢٧٣ ه‍. وبعد أن

__________________

(١) خاطرات جمال باشا.

(٢) الزوراء عدد ٢٤٨١.

٢٧٦

درس مقدمات العلوم في بغداد ورد استنبول سنة ١٢٩٣ رومية فدخل المدرسة الحربية وفي سنة ١٢٩٨ تخرج أولا فائقا في صفّه ، وصار رئيسا ركنا ..

وفي التاريخ المذكور صار في الأركان الحربية العامة ، ثم ذهب إلى (گريد) ليرسل إلى مصر وبعد عودته من المهمة وفي ٣ مارت سنة ١٢٩٩ صار مدرسا في كلية الأركان ، ومدرس فن الأسلحة ، وبقي مدة في مرافقة (فوندر غولچ باشا) و (قامبوفنر) الألمانيين. وفي ١ آب سنة ١٣٠٠ نال رتبة رئيس أول ، وفي ٢٢ مارت ١٣٠٢ صار مقدما. وفي هذه المدة أبقي في المدرسة الحربية. وفي ٩ شباط ذهب إلى ألمانيا لشراء ماوزر وجعل عضوا في الإشراف على التجارب في هذه الأسلحة. وفي آذار سنة ١٣٠٥ نال رتبة قائممقام وصار معاونا لرئاسة اللجنة المذكورة. ثم ذهب إلى فرنسا للتدقيقات في الاستحكامات المدرعة والقذائف النارية. ولما عاد نال رتبة زعيم. وفي ١ حزيران سنة ١٣١٥ عيّن رئيسا في دائرة المدفعية ومعاينة تجاربها بالوكالة ، وفي ٥ مايس سنة ١٣١٧ حصل رتبة فريق. وفي هذه السنة ذهب إلى الحجاز لتمديد خط البرق بين الحرمين ، وعاد بانتهاء السنة إلى منصبه السابق. وفي نيسان سنة ١٣٢١ جرى ترفيعه إلى فريق أول ، وعيّن واليا لولاية (قوصوه) وبقي فيها إلى إعلان الدستور. فظهرت مواهبه. وكان ذلك يصادف أيام اضطراب الحالة في (مكدونية) وسوء أوضاعها. ولما أعلنت المشروطية عيّن لقيادة الفيلق الثالث ، وجاء بحركة عسكرية إلى استنبول ويسمى (فيلق الحركة) أو (حركت أوردوسي) ثم عهد إليه تفتيش الفيالق الثلاثة الأول والثاني والثالث ، وفي صدارة حقي باشا صار (وزير الحربية).

وله مقالات عسكرية وفنيّة نشرها في عالم المطبوعات وقد أنتج آثارا مهمة خدم بها المملكة ومن أشهرها :

٢٧٧

١ ـ (اللغارتمه) ، وأصول الهندسة ، والهندسة المجسمة وفن الأسلحة ، ومحاضرات للضباط في النفير العام ، وبنادق الماوزر بـ (٩٥ من المليمتر) والماوزر كوچك چابلي ، وأطلس وتشكيلات الجيش والسياسة (١).

٢ ـ التشكيلات والقيافة العسكرية في الجيش العثماني في مجلدين مصورين. وهذا من أجلّ آثاره التاريخية ، وعين اللباس العسكري والتشكيلات العسكرية من أوائل العثمانيين حتى التشكيلات الجديدة.

وكان محمود شوكت باشا نال الصدارة يوم السبت في ١٧ صفر سنة ١٣٣١ ، وعهدت إليه في الوقت نفسه وزارة الدفاع. ودام إلى أن قتل.

واقعة الأحساء :

مرّ الكلام على الأحساء أيام مدحت باشا حينما استولى عليها سنة ١٢٨٧ ه‍ ـ ١٨٧٠ م ، والترك يعدونها (لواء نجد) ومن ذلك التاريخ حصلت فيها بعض الزعازع والفتن ، وكلها لم تخرجها من يد الدولة حتى هذه الأيام ، فوردت الأخبار باستيلاء الأمير عبد العزيز بن سعود عليها. وعلى القطيف أيضا (٢).

وجاء في جريدة الدستور عن بيانات الأمير عبد العزيز السعود أن (الدولة العلية) غصبت من آبائي هذا اللواء بدون أمر مشروع بحجة دعوة عبد الله السعود شقيق والدي ، ومن بعد أن أخذته لم تحسن إليهم صنعا ، وكان والدي يومئذ ولي العهد بعد والده على إمارة نجد التي يدخل فيها هذا اللواء وما يتبعه وعمان وسواحله .. ولما اشتد الخصام

__________________

(١) الزوراء عدد ١١٥٠ في ١٥ رجب سنة ١٣٣١ ه‍.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ، المجلد السابع ، ولغة العرب ج ٣ ص ٤٠.

٢٧٨

بين سعود وعبد الله آل سعود على الإمارة أرسل الأخير مندوبا إلى بغداد لمفاوضة واليها في مسألته مع أشقائه وبقي ينتظر من الدولة إسعافه ونجدته لإخماد نار الفتنة المتأججة ، غير أن الدولة وجدت أن قد آن زمن الاحتلال فوضعت يدها من ذلك الوقت على الأحساء ، وأبعدت أمراءها عنها مع أنه لم تبدر منهم بادرة تستوجب ما أتته ، وليت الدولة احتلت ما يداني الأحساء من البلاد كعمان وغيرها التي تركتها هملا ، ومكنت الدول الأجنبية من أن تقذف فيها نيران الفتن لتحصل على ما تنويه.

ومنذ ذلك الوقت أخذ سكان هذا اللواء بالسقوط والهوى لتغلب قطاع الطرق عليه لكثرتهم ، وكان الأهلون يرفعون ظلامتهم إلى مقام الولاية ، ويذكرون عجز أصحاب الأمر في ذلك الموطن فما كان يسمع صدى لأصواتهم المتكررة ، فراجعوني مرارا ، فأضربت عنهم صفحا إذعانا لدولتي وإن كان يسوؤني أن أراهم في تلك الحالة. ثم جاءتني محاضر (مضابط) فيها تواقيع كثيرة من العلماء والوجوه قائلين إن لم تسعفنا نضطر إلى ما لا تحمد عقباه وفي تلك المطاوي سمعت أن الدولة تنازلت عن حقوقها في خليج فارس وسواحله ، فاستندت حينئذ على ما لي من الحقوق الشرعية في هذا القطر بمنزلة أساس فبادرت بتلبية الطلب ، ليكونوا في حرز حريز من فتك أرباب الفساد فيهم وإبعاد الأجانب عن ديارهم.

هذه الأمور التي ساقتني إلى ما أتيت ، فقدمت الأهم على المهم ، وسرحت موظفي الإمارة محافظا على حياتهم ..».

هذا ملخص ما أبداه ، وأنه بذلك حقن الدماء وراعى الحقوق ، فصار الأمن ضاربا أطنابه (١).

__________________

(١) لغة العرب ج ٣ ص ٢٧٤.

٢٧٩

وجاء بخط الأستاذ الحاج علي علاء الدين الآلوسي على غلاف كتاب الأنساب للسمعاني ما نصه :

«في أواخر جمادى الأولى سنة ١٣٣١ ه‍ احتل عبد العزيز بن سعود مدينة الأحساء ونواحيها وضبطها بعد أن كاتبه أعيانها ودعوه إلى ذلك ، ووعدوه بالنصرة والمؤازرة ، فتوجه من الرياض إليها بعسكره ، وأخرج المتصرف وعسكر الدولة ، وضبط البلد والأموال والسلاح والخزانة للحكومة ، وكتب محتجا بأن حال العمال وجورهم وضجر الأهالي من أعمالهم دعاه إلى ذلك. على أن الأهالي هم الطالبون لأن يقصدها ويقوم بإدارتها لما له من إماراتها الموروثة من آبائه قبل استيلاء الحكومة العثمانية.

فأشغلها ، وهو يعترف بسيادة الخلافة الإسلامية ، وأنها تبقى في يده إلى رجوع قوة الدولة وسطوتها ، أما الحكومة فلم تجهز عليه جيشا ولا تصدت لحركات عسكرية ...» ا ه.

دوّن الأستاذ ذلك في حينه ، وهذا شأنه في تسجيل الحوادث على غلاف كتبه ، فلم يترك المهمات.

الكويت

استقلت استقلالا إداريا ، ولم تبق للدولة العثمانية فيها إلا السيادة الاسمية. وعقدت الدولة العثمانية مع الإنكليز معاهدة تنازلت فيها عن جميع حقوقها بما يتعلق بـ (قطر والبحرين ومسقط وعمان وسائر ديار الشيوخ الموالين لإنكلترة) (١). وكانت إمارة الكويت قد رأت من ابن الرشيد وقائع ومعه الأمير عبد الرحمن آل سعود فكان الانتصار في

__________________

(١) لغة العرب ج ٣ ص ٥٥.

٢٨٠