موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

فنسأل الحق سبحانه وتعالى أن يؤيد حضرة سيدنا وولي نعمتنا السلطان الفاروقي الشعار ، شمس برج الخلافة والسلطنة ، ويديم ظله الظليل الملوكي على مفارق المسلمين والعثمانيين إلى يوم القيامة ، ويوفقنا جميعا لنيل ما أملناه من إبراز الخدمات المبرورة وفقا لمرضاة جلالته العالي» (١). ا ه.

الأستاذ نعمان الآلوسي

في يوم الأربعاء ٧ المحرم توفي المرحوم الأستاذ السيد نعمان خير الدين الآلوسي أحد علماء بغداد المتبحّرين وفقهائها المدققين ، دفن في جامع مرجان.

أما المرحوم فهو شبل المفسر العديم المداني صاحب التفسير (روح المعاني) أبي الثناء السيد محمود شهاب الدين الآلوسي ، ولعمري إنه لنعم الخلف لخير السلف. مقتفيا أثر والده الماجد في التأليف والتدريس ، وكان رحمه الله تعالى حليما ، سليما ، وقورا ، مهيبا ، مواظبا على تدريس العلوم الدينية والفقهية. فلذا إن فقدانه الأبدي يعدّ من الضايعات العظيمة (٢).

ومن أشهر مؤلفاته :

١ ـ جلاء العينين في محاكمة الأحمدين.

٢ ـ غالية المواعظ.

٣ ـ شقائق النعمان.

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨١٥ في ١٤ المحرم سنة ١٣١٧ ه‍.

(٢) الزوراء عدد ١٨١٦ في ٢١ المحرم سنة ١٣١٧ ه‍. وتفصيل ترجمته في المسك الأذفر.

١٦١

٤ ـ سلس الغانيات في ذوات الطرفين من الكلمات. وله خزانة كتب عظيمة الآن هي ضمن خزانة الأوقاف العامة. وترجمته في المسك الأذفر وفي تاريخنا العلمي والأدبي وفي المعاهد الخيرية.

الوالي السابق :

عطاء الله باشا بارح بغداد يوم السبت في ١٠ المحرم سنة ١٣١٧ ه‍ وودّع من الوالي اللاحق وسائر الأمراء.

أحمد بك الشاوي :

توفي أحمد بك الشاوي مفتي البصرة في الأسبوع الماضي على أثر داء عضال ألمّ به. أما المرحوم فهو من قدماء الأشراف وذوي البيوت المشهورين في بلدتنا بالكرم والوفاء والشجاعة والبسالة والأصالة والنجابة. وكان رحمه الله أديبا لبيبا كاملا عارفا منفردا في اللغة العربية وأدبياتها ، وله اليد الطولى فيهما. فلذا إن فقدانه الأبدي أثر في الجميع (١).

بين العويديين والجريان :

في الممدوحية. أجري فصل الخصام ، والتأليف بينهما.

الهيضة في البصرة :

تزايدت في ٢٠ جمادى الآخرة سنة ١٣١٧ ه‍.

نقود عباسية :

عثر يوم السبت ١٤ شعبان سنة ١٣١٧ ه‍ على شاطىء دجلة من

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨١٨ في ٦ صفر سنة ١٣١٧ ه‍. وتفصيل ترجمته في المسك الأذفر وفي تاريخنا الأدبي.

١٦٢

خضر الياس في الكرخ على دفينة. مرّ من هناك قفّاف أراد أن يعبر قفّته من هناك فصادف بستوقة فلما مسّها بغرّافته انكسرت فانصبت النقود الذهبية في الشط فأخبرت الحكومة بذلك. فوافت الضابطة وجاء موظفو المعارف ، فحافظوا على المحل وبواسطة غواصين أخرجوا النقود الذهبية من الماء ، فبلغت نحو ثلاثة آلاف قطعة من المسكوكات العباسية ، وبينها ظهرت قطعة بثقل نحو عشرين ليرة بصورة (سبيكة) ذهبية (١).

وفي جريدة الشعب الغراء الصادرة في ٢ ـ ٣ ـ ١٩٥٥ م أن (القفّاف) صالح المشهداني الذي عرف بـ (المعتصم) باسم نقود هذا الخليفة التي عثر عليها. أخذها في منديل (كفية) وثلاثة أكياس. والمشهداني نسبة إلى عشيرة المشاهدة القاطنين شمال الكاظمية. وكان (حادورة) في (القفّة) المحمل فيها القرع. والكنز وجد في مسناة بيت السويدي وجدت في حب كبير ضربه في مرديه فانهالت الدنانير ، فلم يعلم أحد وفرغ القفة. وفي هزيع من الليل عاد فأخذ ما تمكن من أخذه. ومن ثم سمي المعتصم وداره تعرف ببيت المعتصم وصارت له ثروة حكاها ابنه (السيد محمد) بن صالح المشهداني.

وجاء تفصيل نوع النقود في مجلة سومر ج ١٠ ص ١٨٠ بقلم السيد الأستاذ ناصر النقشبندي.

وجاء في مسكوكات عثمانية عن هذا الحادث ما ترجمته :

«عثر على هذه النقود في شاطىء محلة خضر الياس ، وقد تناهبها الناس ، فعلمت الحكومة بذلك ، وهذه أخذت إلى استنبول وإن ناظر المالية آنئذ أصر على لزوم إذابتها لما أصابت الدولة آنئذ من ضائقة مالية وحينئذ اضطر مدير المتحف الأسبق حمدي بك الذي كان شغل هذا

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨٤٥ في ١٨ شعبان سنة ١٣١٧ ه‍ وعدد ١٨٥٢ في ١٤ شوال سنة ١٣١٧ ه‍.

١٦٣

المنصب نحو ٣٠ سنة أن يذهب إلى الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) خليل رفعت باشا فكان سعيه في سبيل منع وزير المالية مثمرا ، فأصدر أمره بأن لا يتعرض لهذه النقود (١).

سراي الكاظمية

وضع الحجر الأساسي لبناء سراي الكاظمية وأجريت المراسم يوم السبت ٢٤ رجب سنة ١٣١٨ ه‍ حضره الوالي نامق باشا ، والمشير أحمد فيضي باشا وحاكم الشرع كمال الدين بك (٢).

حوادث :

١ ـ شاع استعمال البطاطس (الپتيتة) في أوروبا ،

لما احتوى من الخواص المغذية فلم تصدر التشويقات ، والإعفاءات من الرسوم في زرعه في ممالك الدولة العثمانية ، حتى صدرت الإرادة الملكية في الإعفاء خمس سنوات اعتبارا من سنة ١٣١٣ رومية ثم بوشر باستيفاء العشر عنه. وفي هذه المرة أعفي عشر سنوات أيضا. للتشويق على زرعه (٣).

٢ ـ تقرر إنشاء المذابح وأن تكون صحية وبصورة غير ضارة بالأهلين.

٣ ـ عيّن عمر شعبان أفندي إلى المعلمية الأولى في المكتب الرشدي ببغداد ، وكان يدرس العلوم الدينية واللسان العثماني. وكنت طالبا في أيامه ، وهو رجل من أهل الصلاح ، ومن الأخيار. ومن الغريب أنه كان يدرسنا اللغة العربية بالتركية. يدرس (كتاب المشذب).

__________________

(١) مسكوكات عثمانية ج ١ ـ المقدمة : خليل أدهم سنة ١٣٣٤ ه‍.

(٢) مجموعة ابن حموشي.

(٣) الزوراء عدد ١٨٥٦ في ١٥ ذي القعدة سنة ١٣١٧ ه‍.

١٦٤

وهو مقرر لتدريس أبناء الترك العربية ، فصار يدرس فيه أبناء العرب العربية. وهذا درست فيه وتخرجت منه في صيف سنة ١٣١٩ رومية. وبعدي بسنة تخرّج أخي المرحوم علي غالب العزاوي المحامي المتوفى في ٣٠ آب سنة ١٩٤٥ م وذلك بعد أن تخرجنا من المكتب الابتدائي المعروف بـ (الحميدي).

٤ ـ تأسس في الحلة مكتب ابتدائي.

٥ ـ عيّن السيد محمد نافع الطبقچه لي لنيابة القضاء في العمارة.

نزاع العشائر :

بين شمر والدليم كانت ولا تزال الوقائع المؤلمة من حرب وغزو. وهذا مما يسبّب زوال الأمن والراحة ، فهي في قلق دوما ، وأن الحكومة أرادت إصلاح ذات البيت فانعقد مجلس الإدارة بمحضر من الوالي ، وكل واحد ترك ما له من حق نحو الآخر. وكان رئيس شمر آنئذ مجول بك ، ورئيس الدليم الشيخ سليمان البكر والد الشيخ علي السليمان ، فتم الصلح بينهما. وأخذت العهود عليهما ، وأن يكونا مسؤولين فيما إذا حصل ما يقلق الراحة. وتحابا وتصافحا على الأصول.

نقود فضية :

عثر على ما يزيد على ألف قطعة من المسكوكات تخص (آق قوينلو) ، و (قره قوينلو) في دار التاجر اليهودي سلمان صالح حينما كان يعمرها ، فأرسلت إلى نظارة المعارف. وتبين أن ليس لها قيمة ، فأخذ نصفها للمتحف ، والباقي أعيد إلى صاحبها فلم يقبلها وتركها للمكاتب الابتدائية الإسلامية (١).

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨٥٨ في ٩ ذي القعدة سنة ١٣١٧ ه‍.

١٦٥

رفعت بك :

من أشراف بغداد وهو ابن أحمد آغا مرض منذ مدة فلم ينج من مرضه ، فتوفي في يوم الاثنين ١٦ ذي الحجة سنة ١٣١٧ ه‍ عن عمر يناهز السبعين وكان من بيوت بغداد القديمة ، وله مزايا أخلاقية من زهد وتقوى ، وحصل على قائممقاميات متعددة ومتصرفيات ، فأدى خدمات صادقة. وابنه شوكت بك قائممقام الحلة (١). ثم صار شوكت باشا. وله أبناء وهم السادة فخامة ناجي باشا والدكتوران سامي وصائب.

حوادث سنة ١٣١٨ ه‍ ـ ١٩٠٠ م

حوادث :

١ ـ أرسلت أوستريا مجارستان مجددا قنصلا لرؤية مصالحها التجارية وهو (مسيو آلفرد راپاپورت) وقدم البرات لمقام الولاية بصورة رسمية ، ثم أعاد له الوالي الزيارة في اليوم التالي (٢).

٢ ـ حصل الأستاذ عبد الجبار الخياط على وسام من الپاپا من الرتبة الخامسة. وهو أحد وكلاء الدعاوي المشاهير في بغداد (٣). والد الأساتذة أنور وفؤاد آل الخياط.

٣ ـ كان النزاع بين عشائر السماوة على زراعة الشلب ، بين بني حكيم ، والبو حسان ، والظوالم ، والبو جياش ، فذهب الوالي نامق باشا لحل النزاع وتوزيع الأراضي للغرض المشار إليه (٤).

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨٦٠ في ١٩ ذي الحجة سنة ١٣١٧ ه‍.

(٢) الزوراء عدد ١٨٦٧ في ١٠ صفر سنة ١٣١٨ ه‍.

(٣) الزوراء عدد ١٨٦٧ في ١٠ صفر سنة ١٣١٨ ه‍.

(٤) الزوراء عدد ١٨٧٤ في ٧ ربيع الآخر سنة ١٣١٨ ه‍.

١٦٦

محمد آل جميل :

في ليلة الاثنين ٢٦ رجب سنة ١٣١٨ ه‍ توفي الشهم الهمام ، والبطل المقدام ، فريد زمانه ، ووحيد أوانه محمد آل جميل ، أشرف الوجوه من ذوي البيوت المحترمين في بغداد ، وأقدم الرجال الكرام الحائزين درجة استنبول الرفيعة.

وكان مماته فجأة ، وفي صباح اليوم الثاني حضر لتشييع نعشه كل من صاحبي الدولة حضرة والي باشا ، وحضرة مشير باشا ، وجميع أركان الولاية ومأموريها وأشراف البلدة ومتميزيها والسادات ومشايخ الطرق ، وجمّ غفير من الأمة ، وحمل بكمال الاحتفال. ونقل إلى الجامع الشريف الذي هو من آثار أسلافه ، الواقع بإزاء داره وبعد أداء صلاة الجنازة أودع في تربته.

وهو الغيور الكريم الوقور ، الطود الشامخ ، الأريب الكامل ، الأديب البارع ، من كرام أركان بيت رفيع العماد ، شهير بالعلم والفضل ، متصف بالأصالة والنّجابة ، ورث الشرف العظيم من أسلافه الأنجاب الأمجاد ، ولا يزال بأخلاقه الحسنة وكمالاته الذاتية وفضائله الإنسانية يزيد عليه حتى بلغ المرتبة العليا. فترك إلى أخلافه في الشأن ما لا يوصف.

وكان له النصيب الأوفر في الخصائل الممتازة كالغيرة والسخاء والسماحة والوفاء. وعلو الجناب وحب الخير لبني نوعه ، وتقلّد كثيرا من الخدمات المهمة للحكومة. أظهر في جميعها مآثر الفعالية وآثار الصدق والاستقامة. وقد توشح وتزين صدره بالوسامين العثماني والمجيدي من الدرجة الثانية.

وحافظته كانت قوية ، واسعة جدا مزينة بكثير من المناقب الحكيمة والأبيات البليغة ، فكان يورد في المحافل لكل مقام ما يناسبه من

١٦٧

الشواهد الأدبية ، والوقائع التاريخية ، ونوادر الأمثال ، فيفيض على الحاضرين أدبا وحكمة.

وأما إقدامه واهتمامه في الأمور الخيرية وجدّه التام فقد كان مستلزما للفخر العظيم في مملكتنا ، فكان فقده ضياعا عظيما لبغداد بل للخطة العراقية بأسرها.

حزن عليه الجميع. توفي عن ابنه النجيب صاحب الفضيلة عيسى غياث الدين أفندي من أعضاء محكمة الاستئناف ، وعن أخويه صاحب الفضيلة مصطفى أفندي ، ومحمود أفندي (١).

رثاه محمد جابر ابن المرحوم أسعد أفندي المفتي الطبقجهلي من الحلة ببرقية :

بفقد محمد قد جلّ خطب

له الأشراف طأطأت الرؤوسا

وإن الصبر في عيسى جميل

فتى يجلو بطالعه النحوسا

بموت أبيه مات المجد لكن

بإذن الله قد أحياه عيسى

وللقزويني :

لأبي عيسى بكت عين المعالي

فهوى في فقده بدر الكمال

فلعيسى أسوة بالمصطفى

يتسلّى وبمحمود الفعال

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨٨٤ في ٢ شعبان سنة ١٣١٨ ه‍. وذكرت أسرته في مجموعة السيد عبد الغفار الأخرس.

١٦٨

نهر الخالص :

يتفرع من نهر ديالى ، ويتشعب إلى الخالص الغربي والتحويلة. وفيه يقع دائما العطش في بعض الجهات. لا سيما أيام الصيف. وكان قد خرب الخالص الغربي ، ولا تزال المنازعات في التطهير والإصلاح قائمة على قدم وساق. ومنهم من يرى لزوم حفر دوار من (نهر الگوتي) أو أن يسال الماء من جهة الصوجاغ. وما زال السعي مستمرا ، ولكن التدابير لم تكن ناجعة. ومن التدابير أيام الصيف عمل السدود ، وإعطاء الاستحقاق المعيّن لأهل الأنهار (١).

جسر الكوت :

صدرت الإرادة بعمله ، ولم يكن فيها جسر ، وقرر أن ينشأ في محل يبعد نحو ربع ساعة عن البلد إلى الجنوب ، وجرى الاحتفال بافتتاحه (٢).

مستشفى الغرباء

جرى افتتاحه في يوم الخميس الساعة الثالثة غروبية صباحا في ١٥ ذي الحجة سنة ١٣١٨ ه‍ فحضر الوالي والمشير وجماعة من الأعيان والأشراف. وقرأ المرحوم الأستاذ محمد فهمي المدرس محرر جريدة الزوراء الدعاء للسلطان ولوزرائه وللوالي. وإن البيانات كانت حول الحاجة إلى مستشفى مثل هذا (٣). ثم اتخذت حديقة أمامه (٤).

__________________

(١) الزوراء عدد ١٨٩٦ في ٢٥ ذي القعدة سنة ١٣١٨ ه‍.

(٢) الزوراء عدد ١٨٩٦ في ٢٥ ذي القعدة سنة ١٣١٨ ه‍.

(٣) الزوراء عدد ١٨٩٧ في ٣ ذي الحجة سنة ١٣١٨ ه‍.

(٤) الزوراء ١٩٣١ في ١٦ صفر سنة ١٣٢٠ ه‍.

١٦٩

الحاج أحمد السمين :

ابن إبراهيم آغا. أصلهم (ألبان) وهو من بيت علم. مدرس أول في مدرسة الإمام الأعظم. عاش نحو مائة سنة. ومن أولاده الحاج أحمد أيضا توفي في سنة ١٩٥٥ م. وهو خال الأستاذ إبراهيم أدهم الزهاوي. وكان من الزهاد وخلفه في التدريس الشيخ سعيد النقشبندي وهو أخو الأستاذ عبد الوهاب النائب.

حوادث سنة ١٣١٩ ه‍ ـ ١٩٠١ م

حوادث :

١ ـ رفع قنصل روسية في بغداد إلى قنصل جنرال (١).

٢ ـ أجريت المراسم لتطهير نهر الحسينية (٢).

٣ ـ رشيد الحاج سليمان آغا مميز قلم النفوس في الشعبة الثانية من الأركان الحربية قد توفي. وأثنت الجريدة على أدبه وكماله (٣).

٤ ـ في ٢٨ ذي القعدة ثارت زوبعة شديدة أمطرت السماء بعدها بردا يساوي حجمه بيضتين وثقله خمسين درهما ، فلم يسمع بنزول مثله في سابق العهود في أنحائنا. وصار يبالغ فيه ولا شك أنه أضر بالأشجار والنباتات (٤).

السيد درويش الكيلاني :

أخو السيد عبد الرحمن والسيد عبد الله والسيد أحمد. توفي يوم

__________________

(١) الزوراء عدد ١٩٠١ في ١٥ المحرم ١٣١٩ ه‍.

(٢) الزوراء عدد ١٩١٦ في ١٤ رجب سنة ١٣١٩ ه‍.

(٣) الزوراء عدد ١٩١٨ في ١٢ شعبان سنة ١٣١٩ ه‍.

(٤) جريدة (معلومات) العربية باستنبول عدد ٤٤٨ في ١٠ المحرم سنة ١٣٢٠ ه‍ نقلته من مجموعة المرحوم الأستاذ محمد درويش.

١٧٠

الثلاثاء ١٤ شعبان سنة ١٣١٩ ه‍ وشيع جنازته الأشراف والوالي وسائر الأمراء والأعيان. ودفن في الحضرة الگيلانية.

طريق بغداد ـ استنبول ـ سورية :

الطريق الآن هو طريق بغداد ـ الدليم ـ عانة ـ دير الزور. وهو معروف ولكنه لم تمسّه يد التعديل والإصلاح ، والمسافة من بغداد إلى حلب ٢٤ أو ٢٥ يوما وإلى الدير ١٥ يوما ، وهو من الطرق الشاقة التي يصعب سلوكها سواء كانت على الدواب أو المحمل (تخته روان) وصار بعض المسافرين يركبون العربات ، ولكنهم يلاقون المشاق والصعوبات.

ومن ثم أمرت الحكومة بتعديل الطريق وتسويته ، فذهب المهندس موسيو (شاوانيس) من جانب الولاية ليلاحظ الطريق. ومن طريق الخر أجريت بعض التسوية ولم تتم.

شيخ الحلقة :

توفي الشيخ عبد الله (شيخ الحلقة) في الحضرة القادرية يوم الثلاثاء بعد العصر في ١٠ ذي القعدة سنة ١٣١٩ ه‍ ودفن في الغزالي (١). وهو والد المرحوم السيد محمد نجيب شيخ الحلقة.

حوادث سنة ١٣٢٠ ه‍ ـ ١٩٠٢ م

جسر بغداد :

تخرّب هذا الجسر وصار لا يصلح للمرور وعاد بالمضار الكثيرة فاضطرت الدولة إلى تعميره. ونصب في ٢٦ جمادى الأولى سنة

__________________

(١) مجموعة الأستاذ محمد درويش.

١٧١

١٣٢٠ ه‍ ـ أيلول سنة ١٩٠٢ م قامت بعمله مدرسة الصنائع ببغداد. ومما قيل فيه (١) :

هي الحضارة ما تعلو بها الرتب

وما سوى العدل في الدنيا لها سبب

واليوم أضحت بملك ساسه ملك

من آل عثمان مضروبا له الطنب

عبد الحميد الذي رامت فما اقتدرت

تحصي مناقبه الكتّاب والكتب

هو المليك فلا تعدل به ملكا

سواه إذ ما تساوى النبع والغرب

أيام دولته الغرّاء تحسبها

عقدا تحلّى به أجيادها الحقب

ملك تودّ نزولا عند مربعه

لتلثم الكف منه السبعة الشهب

مؤيد بجنود من مهابته

أسيافه الرأي لا الهندية القضب

تقلّد العدل سيفا في الأنام وكم

له من الحزم فيهم عسكر لجب

أحسن به سيف عدل من تقلّده

دانت له الروم والأعجام والعرب

أدام سيب الندى حتى لقد حسدت

ندى يديه بحار الأرض والسحب

__________________

(١) هذه القصيدة للشاعر عبد القادر شنون كما ذكر لي الأستاذ الرصافي وكنت أظنها له.

١٧٢

وكيف تنهل سحب قطرها مطر

وليس يحسدن سحبا قطرها ذهب

فأصبح الملك مطلول الرياض به

تود من أرضه الخضراء تقترب

هذا العراق أجل طرفا بخطته

يبدو لعينيك منه ما هو العجب

وانظر إلى ساحة الزوراء تلق بها

لنامق همما زالت بها الكرب

ذاك الوزير الذي دار السلام به

ماست من الفخر عطفا هزّه الطرب

كانت مريضة جسم قبله فأتى

وهو الطبيب وفيها الداء منتشب

حتى تتبع أقصى دائها فبدا

فيها الشفاء وزال السقم والوصب

فكم له من أياد في مرابعها

وكم له من مساع شكرها يجب

سعى بتجديد جسر من تكسره

كانت سفائنه كالماء تضطرب

فعاد جسرا على الشعرى العبور لمن

رام العبور عليه التيه والعجب

كل البدائع جاءت في صناعته

مستبدع الصنع مأمونا به العطب

كأنه ووضوح في طرائقه

مهند منتضى في متنه شطب

كأنما كل فلك في محاسنه

خريدة وشيت أثوابها القشب

١٧٣

١٧٤

تستوقف العابر العجلان صنعته

فيقصر الخطو فيه وهو مرتقب

إن قال واصفه فاق الحديد فلا

تعجب فربّ حديد فاقه الخشب

فقلت مذ مدّ منصوبا أورخه

جسرا لدجلة في الزوراء قد نصبوا

١٣٢٠ ه

عزل الوالي نامق باشا

عزل الوالي :

عزل في يوم نصب الجسر في ٢٦ جمادى الأولى سنة ١٣٢٠ ه‍ فآلمه جدا. والمسموع أنه لم يصرف له مبالغ مهمة فإن أكثر أخشابه جمعها من أهل البساتين والملاكين. لحاجة الدولة آنئذ. ونرى جماعة يذمونه وآخرون يمدحونه. ولا شك أن مالية الدولة لا تتحمل فكلف الملاكين. وجاء في ذمّه بعض أشعار في يوم نصب الجسر وعزله منها :

قوموا بنا يا بني الزوراء نبتهل

فعن قريب جميع الخزي يرتحل

الله أكبر زال الشك وارتحلت

عنا الهموم وزال الخوف والوجل

قد جاءكم خير فال من مؤرخه

بشرى فنامق بعد الجسر ينعزل

رأيت هذه الأبيات في (كتاب شكرية) المخطوطة الموجودة نسختها عندي ولم أقف على اسم ناظمها.

ومما قاله الأستاذ المرحوم محمد فهمي المدرس :

١٧٥

وبمعجم الألفاظ أرخ قائلا

مرّوا عليه ذا صراط مستقيم

وجاء بحقه بيت بالتركية أنقله عن المرحوم الحاج محمد رفعت المقدم المتقاعد والد الدكاترة أكرم ونهاد وبسيم ولم يعلم من قاله وإنما شاع على الألسن :

چيقدي نامق بغداد ايچندن منكسر

كيچدي قفه ايله كيچمدي فوق الجسر (١)

وكان ذلك في يوم الاحتفال بجلوس السلطان عبد الحميد ، وكان جالسا للتبريكات أو قبيلها فبلغ بالعزل والشائع أنه أجرى افتتاح الجسر وحينما أراد المرور منه بلّغ نكاية به. وهذا ليس بصحيح على ما أكده لي المرحوم محمد رفعت.

وقال السيد محمود حموشي في مجموعته :

«كثرت عليه الشكاوى. ومن جملتها أنه في يوم الجمعة صلى في جامع أحمد باشا الكهية (جامع الميدان) ، وأن الخطيب دعا للسلطان ثم للوزير وحينئذ أخذت منه الخطبة وأرسلوها برقيا إلى الصدارة ، فجاء البرق مخبرا بعزله ...» مما يدل على الحنق والتألب عليه.

تزوج هذا الوالي عاتكة خاتون بنت المرحوم الأستاذ نعمان خير الدين الآلوسي وابنه حسن رضا بك من زوجته الأولى سافر إلى ألمانيا لإكمال دراسته وهو مشهور بفرط الذكاء وعاد إلى بغداد مع الوالي ناظم باشا وقتله أسعد باشا الألباني قائد (اشقودرة) حيث كان مدعوا عنده وذلك أثناء الثورة الألبانية.

وعلى كل حال ثبتنا ما سمعنا مؤيدا بشعر منقول ، والمرء لا يخلو من

__________________

(١) يريد أن نامقا خرج من بغداد منكسرا ، وذهب راكبا القفة ، ولم يعبر من فوق الجسر.

١٧٦

ضد ، وغرضنا تعيين الاتجاهات المختلفة. ولم يرض البغداديون عن وال ولا يخفى المصلح من المفسد. وكانت الأنحاء العراقية في مشادة دوما مع الحكومة ، وغالب الولاة يرون تضييقا من الدولة في الحصول على المال ، وتنفيذ ما يمكن دون أن يخسروا شيئا في سبيل الإصلاح ، وخير الولاة من كان نهجه أن يأخذ ويفيد كما فعل مدحت باشا. وهناك من لم يستطع أن يقوم بالمهمة وغالبهم أبدى العجز. عرف منهم كثيرون بحسن السمعة.

وكيل الوالي :

إن وكالة الولاية عهد بها إلى قاضي بغداد أبي بكر حلمي ، وهو الذي أجرى المراسم بصفته وكيلا وبقي في الوكالة شهرين ثم وليها بالوكالة بعده المشير أحمد فيضي باشا. وكان سيىء الأحوال. انفصل من الوكالة في ١١ شعبان سنة ١٣٢٢ ه‍ ـ ٢١ تشرين الأول سنة ١٩٠٤ م.

واقعة ابن الرشيد :

من الوقائع المهمة ما جرى بين ابن الرشيد وابن السعود وذلك أنه في سنة ١٣٢٠ ه‍ ثار أهل القصيم والرياض على آل الرشيد لما رأوا من ظلم لا يطاق ، ودعوا عبد الرحمن الفيصل من آل السعود ، فنابذوا آل الرشيد العداء ، وجاهروا بالخصام والدولة لم تنظر إلى أعمال ابن رشيد وما قام به رجاله من اعتداء حتى عاد لا يطاق أمرهم.

وهذه كلفت العراق ثمنا غاليا في النفوس والأموال. فالدولة أرادت أن لا ينهض آل سعود مرة أخرى فجهزت جيشا لا يزال العراقيون يذكرونه بتألم لما أصاب أولادهم من ضرر ، ومن جهة أخرى إن وكيل الوالي وهو أحمد فيضي باشا آذى التجار والأعيان والعلماء فصار يكلف هذا وذاك للذهاب معه ، وأن يقوم بالتشويق للحرب ، ولم يترك العلماء من هذا الأمر ، وإنما سلبهم بهذه الوسيلة. فوق ما يملكون.

١٧٧

وكانت الإرادة السنية في تجهيز الجيش صدرت في ذي الحجة سنة ١٣٢١ ه‍ ، وسار الجيش في سنة ١٣٢٢ ه‍ (١). وأصابه كل عناء بل هلك ولم يبق منه إلا بعض الأفراد فتولدت فيهم عاهات رافقتهم مدة حياتهم.

ومجمل ما أقوله هنا إن الجيش صار تابعا لأوامر البدو في حركاته وسكناته ولم يحافظ خطوط حركته ، ولا التزم ما يقتضي من مخابرة وتموين وعتاد. سار في العلماء فهام في البادية لا يدري إلى أين مصيره فمات من مات.

ويهمنا أن ابن رشيد لم يشأ تدخل الدولة وأراد مدافع وأسلحة ... والخوف فيه تولّد من حادثة الأحساء أيام مدحت باشا أعان ابن سعود فاستأثر بالغنيمة.

السيد جعفر ابن السيد محمد أمين الواعظ :

توفي ليلة الاثنين الساعة الثامنة غروبية ودفن صباح الاثنين في ١٩ ذي الحجة في تكية البكري. وترك بنتا. له مجموعة في دروس الوعظ. وكان من مشايخ القراء في بغداد ، درس على المقرىء المعروف الملا خليل المظفر ، والملا عمر الخضيري ودرس عليه كثيرون (٢).

حوادث سنة ١٣٢٢ ه‍ ـ ١٩٠٤ م

الوالي عبد الوهاب باشا

في ١٧ شعبان سنة ١٣٢٢ ه‍ ولي بغداد عبد الوهاب باشا أمير أمراء (روم ايلي) وورد بغداد في يوم الجمعة ٨ شوال سنة ١٣٢٢ ه‍ وكان والي الموصل الأسبق. وهو (ألباني) الأصل. وهذا الوالي راعى

__________________

(١) (نجد قطعه سنك أحوال عمومه سي) وتقرير أركان الجيش السادس.

(٢) مجموعة الأستاذ محمد درويش.

١٧٨

آل الحيدري كثيرا ، واكتسبوا في أيامه نفوذا ، ونكب آل الزهاوي.

دامت ولايته نحو سنة. ولم يعرف عنه من الحوادث ما يستحق الذكر.

ومما قيل في وروده :

نسمات العدل هبت

أحيت القلب فعاشا

وقلوب الخلق ريا

بعد ما كانت عطاشا

عطرت بغداد أرخ

بشذا وهاب باشا (١)

١٣٢٢ ه

وعلى الضدّ منها ما جاء باللغة التركية :

خطاي نابجايي يا پديران ظن ايتمه واليدر

بالق باشدن قوقار ضرب مثل معلوم عاليدر (٢)

ولآخر :

خطاي نابجايي يا پديران هيچ شبه يوق باريدر

مسلمدرقوقارباشدن­بالق مراد الله بويله جاريدر (٣)

وفيات

١ ـ نعمان أفندي الوكيل عن أخيه مصطفى أفندي متولي أوقاف

__________________

(١) مجموعة ابن حموشي.

(٢) يريد : لا تظن أن الأخطاء والأعمال التي لم تكن صحيحة من الوالي وإنما تجيف السمكة من رأسها كما هو المثل المضروب.

(٣) يقول : إن الأعمال الواقعة هي من الباري تعالى بلا شك ولا شبهة لأن إرادة الله جارية كذلك. فإن السمكة تنتن من رأسها.

١٧٩

الإمام الأعظم ، توفي في رجب. وكان رحمه الله من الأخيار. وأخلاقه مرضية. وهو ابن عبد اللطيف بن محمد بن أحمد بن عبد العزيز بن داود وهؤلاء توالوا في التولية. ثم خلف نعمان أفندي في الوكالة أخوه الشقيق عبد الباقي ثم توفي مصطفى المذكور عن ابنه أمين ثم إلى ابنه جاهد وبعد وفاته انحلت التولية.

٢ ـ حسين الپشدري. من العلماء ومدرس ثان في مدرسة الإمام الأعظم. وله مؤلفات عديدة. توفي في ٣ شوال سنة ١٣٢٢ ه‍. وترجمته في التاريخ العلمي. ومن أحفاده الأستاذ عارف الأعظمي المحامي والأستاذ فائق الأعظمي ملاحظ محكمة البداية سابقا.

حوادث سنة ١٣٢٣ ه‍ ـ ١٩٠٥ م

نفي وتبعيد :

في ٢٢ المحرم من هذه السنة نفي وأبعد كل من السادة ثابت بن نعمان خير الدين الآلوسي ، والسيد محمود شكري الآلوسي ، والحاج حمد العسافي. وكان ذلك في أيام عبد الوهاب باشا والي بغداد في الليلة التي وردت برقية بنفيهم. هذا ما جاء في مجموعة السيد محمود حموشي.

وضبط التاريخ. وكان أمر تبعيدهم إلى بلاد الترك من طريق كركوك ، وبيّن أن عبد الرزاق الأعظمي كان مقصودا أيضا إلا أنه اختفى ، فلم يذهب معهم (١).

ولم يطل أمر تبعيدهم ولا تجاوزوا الموصل وإنما تشبث أهل الموصل من علماء وأعيان كما تشبث الأستاذ الحاج علي علاء الدين

__________________

(١) مجموعة ابن حموشي.

١٨٠