موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

عباس العزاوي المحامي

موسوعة تاريخ العراق بين احتلالين - ج ٨

المؤلف:

عباس العزاوي المحامي


الموضوع : التاريخ والجغرافيا
الناشر: الدار العربيّة للموسوعات
الطبعة: ٠
الصفحات: ٤٢٤

٣ ـ الأمن العام. وقد كتب إلى المراجع المختصة.

٤ ـ تأليف الشركات. فلم يسمع عنها شيء.

وعلى كل حال لم يتحقق أمر من هذه الأمور ، وبقي العراق في زوايا النسيان والأعمال المطلوبة لا تزال ترددها الألسن.

إلغاء ألفاظ التعظيم :

في هذه السنة قرر مجلس الأعيان إلغاء ألفاظ التعظيم. وبهذا زالت عثرة كبيرة من أسلوب التحرير (١).

الأملاك السنية

بعد خلع السلطان عبد الحميد عادت الأراضي السنية التي كانت في حوزته إلى المالية ، وصار يقال لها (الأملاك المدورة) ، وهذه استمرت تدعى بهذا الاسم ، وهي التي عبّر عنها الوالي الأسبق سليمان نظيف بك بكتابه (جالنمش أولكه) أي (المملكة المسروقة). كاد السلطان عبد الحميد يكوّن له إدارة خاصة ، ويستخدم لها الموظفين والولاة والعسكريين. ففي ربيع الآخر سنة ١٣٢٧ ه‍ تبلغت الولاية في تحويل إدارة الأملاك السنية إلى المالية (٢). وكان قد صدر قانون بذلك يتضمن تصفية الديون وما يتعلق بذلك ، أن الالحاق وقع في ١٤ نيسان سنة ١٣٢٥ بالمالية (٣) إلا أنها من حين عهدت إلى المالية أصابها الخراب.

الإدارة النهرية :

شغلت أفكار الناس قضية بيع الإدارة النهرية لشركة (لنج) بمبلغ

__________________

(١) الرقيب عدد ٧ في ١٨ صفر سنة ١٣٢٧ ه‍.

(٢) الرقيب عدد ١٤.

(٣) (سالنامه ، ثروت فنون) ج ١ ص ٩٢.

٢٢١

(٢٥٠) ألف ليرة حذرا من أن تخرج إدارة النهرين دجلة والفرات من سيادة الدولة العثمانية ، فقامت قيامة الأهلين في بغداد ، فاحتج الناس لهذا الحادث ، واضطربوا له ، لأن وسائط النقل التجارية تكون منحصرة في أيديهم وتحت أمرهم ، يتحكمون فيها. فلو لم تكن المراقبة بين الإدارتين لوصلت الأجرة إلى الحد الذي كانت تبتغيه الشركة ، ولكن وجود المراقبة أدى إلى تنازل الأجرة إلى سعر ٣ بارات عن (الطن) انحدارا و ٦ بارات اصعادا ، وهكذا كانت مؤثرة من جهة السياسة ونقل الجنود للأشغال العسكرية.

طلب الأهلون ومنهم عبد القادر باشا الخضيري أن لا يرجح الأجانب على الأهلين فكتبت برقيات عديدة ، وتداولها المجلس وطلب نواب العراق أن تعدل الحكومة ، فرد طلبهم ، وجاءت برقية من الصدر الأعظم يقول فيها لم تكن رغبة الحكومة في أن تبيعها ، وإنما غرضها توحيد المساعي بصورة شركة لا غير (١).

ثم إنه بعد ذلك بيعت إلى شركة أغلب حصصها إنكليزية ، وأخذت تتسلمها رويدا رويدا اعتبارا من ١٣ آذار سنة ١٩١٤ م مبتدئة من البصرة.

هذا. وقد مر بنا ذكر نص الإذن المسموح به للإنكليز في تسيير باخرتين (٢).

العشائر :

شغلت الحكومة وقائع العشائر فيما بينها وبين الحكومة وتستغرق غالب الحوادث المهمة. ووقع في النجف فتن بين (الزگورت والشمرت)

__________________

(١) الرقيب عدد ٧٣ و ٧٤.

(٢) تاريخ العراق بين احتلالين ، المجلد السابع.

٢٢٢

وطالت الحروب فيما بينهما. فصاروا مضرب المثل. وكان يعد من المسببين لهذه الحروب (السيد مهدي آل السيد سلمان) رئيس البو سيد سلمان من الزگورت وكان أبوه رئيسا. وفي البصرة اشتد الشغب واضطرب حبل الأمن.

الوفيات

١ ـ صيهود بن منشد بن خليفة شيخ البو محمد في العمارة توفي كما أخبرت الجرائد في ١١ صفر سنة ١٣٢٧ ه‍.

٢ ـ الشيخ أبو الهدى الصيادي. وردت برقية من استنبول في ربيع الأول سنة ١٣٢٧ ه‍ تنبىء بوفاته. وله اتصال بالرفاعية وأرباب طريقتها في بغداد وبسببه عمر مسجد الشيخ أحمد الرفاعي في محل دفنه ، وجامع السيد سلطان علي ، ومسجد الروّاس (١) ، وصار لهذه الطريقة سوق في أيامه ، وكثرت الردود لهم وعليهم مما لا مجال لتفصيله هنا.

٣ ـ فالح باشا السعدون. توفي في هذه السنة ولم نتمكن من معرفة تاريخ وفاته بالضبط.

٤ ـ الفريق كاظم باشا. توفي في هذه السنة ، وله ورثة أثبتوا وراثتهم ، وانتقلت إليهم أراضي الفحامة وجامعها ، وجامع الفلوجة من مؤسساته.

٥ ـ عثمان وفيق بك ابن محمد بك الربيعي كان قد نال الرتبة الثالثة هو وأخوه محمود بك (٢). وتوفي في ١٨ رجب سنة ١٣٢٧ ه‍ عن

__________________

(١) أخذ إلى شارع (الملكة عالية) ولم يبق له أثر ونقلت رفاة الشيخ بهاء الدين بن محمد بن مهدي المعروف بالروّاس صباح يوم ٢٧ مايس سنة ١٩٥٦ م إلى مقبرة الغزالي.

(٢) الزوراء عدد ١٩١٤ في ٨ جمادى الآخرة سنة ١٣١٩ ه‍.

٢٢٣

عمر ٤٢ سنة ودفن في مقبرة الإمام الأعظم ، وأولاده :

(١) أمير اللواء الركن حسيب باشا ، ولد سنة ١٩٠٦ م وتخرج من كلية الأركان العراقية سنة ١٩٣٥ م وأوفد إلى كليات انكلترة العسكرية عدة مرات وشغل عدة مناصب كبيرة آخرها المعاون الإداري لرئيس أركان الجيش ، توفي ظهر يوم الأحد ٢٣ أيلول سنة ١٩٥٦ م وشيع جثمانه صباح اليوم التالي باحتفال عسكري مهيب ودفن في مقبرة الإمام الأعظم.

(٢) أمير اللواء الركن نجيب باشا قائد الفرقة الثالثة.

٦ ـ السيد عبد الرزاق آل السيد مراد. من الأسرة الگيلانية ، توفي صبيحة الاثنين ٢٨ شعبان سنة ١٣٢٧ ه‍ عن عمر ناهز السبعين.

٧ ـ الشيخ حسين كمونة في كربلاء. قتل في ١٦ ربيع الآخر سنة ١٣٢٧ ه‍ فكان لقتله وقع كبير وشاع أنه قتله أخوه الشيخ عباس من جراء الرئاسة والأملاك (١) ، وكانت الرئاسة قبله للحاج محسن الحاج مهدي والد فخري ومحمد علي ، ثم صارت للشيخ حسين بن محمد جواد ، وبقتله صارت للشيخ فخري.

٨ ـ حاخام يوسف حييم إلياهو. توفي يوم الاثنين ١٣ شعبان سنة ١٣٢٧ ه‍ عن عمر يناهز الرابعة والسبعين (٢).

٩ ـ عبد الوهاب الباچه چي هو أخو الأستاذ موسى كاظم ونعمان والأستاذ شاكر ووالد المرحوم فخامة الأستاذ حمدي الباچه چي. ورد خبر ذلك من استنبول (٣).

١٠ ـ الأستاذ عبد الوهاب نيازي الكاتب الأول في المحكمة

__________________

(١) الرقيب عدد ١٣.

(٢) الرقيب عدد ٤٤.

(٣) الروضة عدد ٧ في ١٠ رجب سنة ١٣٢٧ ه‍.

٢٢٤

الشرعية (١). وهو والد الصديق الأستاذ أحمد نيازي وكان عالما وخطاطا معروفا وكانت مكتبته من الخزائن المهمة في بغداد بما احتوت عليه من نوادر المخطوطات والألواح الخطية.

١١ ـ عبد الهادي كبة (٢). وآل كبة بيت تجارة وعلم.

١٢ ـ فتح الله يوسفاني ابن عم داود يوسفاني من أسرة معروفة في الموصل ومن أولاده الأستاذ جبرائيل مدير شركة نفط الموصل.

حوادث سنة ١٣٢٨ ه‍ ـ ١٩١٠ م

الوالي حسين ناظم باشا

وقد تطلعت إليه الأنظار ، وجاءت الأخبار تترى عن كل حركاته وسكناته. في حله وترحاله حتى دخل بغداد يوم الخميس ٢٥ ربيع الآخر سنة ١٣٢٨ ه‍ ، وكان الوالي الجديد ، والوالي السابق محمد شوكت باشا قد صليا صلاة الجمعة ٢٦ منه في حضرة الشيخ عبد القادر الگيلاني ، وبعد الصلاة جرى توديع الوالي السابق (٣). وسار معه أركان جيشه قاصدين استنبول.

وإن الوالي ناظم باشا من الولاة الذين يستحقون البحث في أحوالهم وإدارتهم ، وما قاموا به من أعمال ، ويهمنا ما كان أيام حكومته هنا ، وكانت الدولة آنئذ في ريب من أمرها وشك من بقائها.

وكل ما علمناه أنه يختلف فرمانه في نصوصه عن فرامين الآخرين من الولاة اختلافا كبيرا ، وأذن له بأربعين ألف ليرة زيادة سنوية للإصلاحات اللازمة في الولايات الثلاث بغداد والموصل والبصرة ، وأنه

__________________

(١) الروضة عدد ٧ في ١٠ رجب سنة ١٣٢٧ ه‍.

(٢) الروضة في ١٤ منه.

(٣) الزوراء عدد ٢٢٥٤ في ٢٨ ربيع الآخر سنة ١٣٢٨ ه‍.

٢٢٥

سيفتح في بغداد مكتب جندرمة ، وآخر للشرطة وثالث للضباط الصغار. وأحضر ٢٤ ضابطا بينهم الزعيم الركن حسن رضا بك ابن نامق باشا والي بغداد الأسبق و ٣٢ جنديا برتبة رئيس عرفاء متخرجين من مكتب صغار الضباط باستنبول وعشرة من الشرطة ، وسيكون هؤلاء معلمين لمكتبي الضباط والشرطة ، وكان بصحبته ثمانية من الأطباء العسكريين ، وأربعة مدافع رشاشة يطلق كل واحد منها ٤٥٠ طلقة في الدقيقة ، و ٦ مدافع جبلية سريعة وألف بندقية ماوزر حديثة الطراز مع الخراطيش واللوازم.

هذا عدا ما أرسل قبل وروده من (العتاد). وكانوا قد مدحوه قبلا أو كما يقول المثل البغدادي (طيّروا به البازات :) وهو في الحقيقة كان من رجال الدولة المعروفين. وأن البلدية قدمت للولاية تقريرا بمبلغ سبعة آلاف قرش للمصادقة على ما يصرف لاستقباله. وكان يوصف بأنه كثير التفكير ، قليل الكلام فقويت الآمال فيه. ولما ورد بغداد احتفل القوم به احتفالا شائقا ، وأطلق له ١٩ مدفعا.

وفي يوم الأحد ٢٨ ربيع الآخر سنة ١٣٢٨ ه‍ احتفل بقراءة الفرمان المنبىء بتعيين ناظم باشا الفريق الأول واليا لولاية بغداد وقائدا للفيلق السادس فكان الاحتفال مهيبا ، تلا الفرمان مراد بك المكتوبي وعقبه بالدعاء مسود الفتوى السيد رشيد وعزفت الموسيقى وعاد الوالي لمحله.

وهذا الفرمان جاءت ترجمته كما يلي :

«أحد فرقائي الأول الكرام وعضو الشورى العسكري الذي وجهت إحساني لعهدته ولاية بغداد وقيادة فيلقي السادس الهمايوني ناظم باشا دام علوه. بناء على رغبتنا في ترقي عمران الولاية المذكورة وتزييد ثروتها وتوسيع تجارتها وتنسيق وإصلاح فيلقنا السادس واستحصال

٢٢٦

أسباب تكملة اقتضت إرادتنا ربط الوظيفتين إحداهما بالأخرى وإحالتهما لذات مجرب الأطوار ، مشهود له بالدراية والحمية ، وحيث إنك أيها المشار إليه متصف بالحمية والروية ولك الوقوف التام على المعاملات الملكية ، وإدارة أمور العسكرية ، ومن متميزي أمرائي العسكريين.

فحسب الاستيذان الواقع قد صدرت إرادتي السنية الملوكية بتوجيه الولاية ، وقيادة الفيلق المذكورين وإيداعها ليد اقتدارك مع إبقاء عضوية الشورى العسكري بعهدتك.

فبمنّه تعالى بوصولك للمحل المذكور تفحص أحوال أركان وأمراء وضباط الفيلق ومأموري الولاية ومن لم تجد به الكفاءة اقتدارا وأخلاقا وتراه غير قابل للاستخدام تكف يده عن العمل فورا ، وتنتخب سواه وتودع إليه الوظيفة وتخبر دائرته المنسوب إليها لإجراء معاملته بلا تأخير.

وأما ولايتا الموصل والبصرة فلكونهما داخلتين ضمن دائرة الفيلق السادس ولو أن كل وال من ولاتهما مسؤول عن ولايته بأمور الإدارة والانضباط فعليهما أن يتحدا معكم بالرأي في الأمن العمومي والضبط بالمخابرة. ولا شك أن في ذلك فوائد ومحسنات. ولذا فقد جرى التبليغ لهما من الباب العالي لإيفاء هذه المعاملة حقها.

وكذلك أن تجلب الأفواج الأربعة التابعة لفيلقي الرابع الموجودة الآن في الموصل وتبقيها لحين إكمال الانتظام في الفيلق السادس.

وكذلك أن تأخذ من أفراد قرعة الفيلق الرابع ممن يمكن امتزاجه مع هواء العراق المقدار الكافي للفيلق السادس الهمايوني.

وقد حرر للبحرية شراء أربع مدرعات بشرط تسليمها في البصرة بأسرع ما يمكن لاستخدامها في شط العرب ، ولدى الإيجاب في نهري دجلة والفرات لاستعمالهما لسوق العساكر وغيره من الأمور ، وبأن

٢٢٧

تجري المذاكرة معك عن لوازم الفيلق وكسوة العساكر والنواقص الحربية ، ويستحضر ما يقتضي لإكمال النواقص حسب الترقيات الفنية الجديدة من الآلات والأدوات وترسلها بوجه السرعة.

وكذا حرر لها بتخصيص وإرسال ثلاث بواخر وباخرة نقل لتشتغل منحصرا في مضيق البصرة للسوقيات العسكرية تحت أمرك.

وبما أن واردات الولاية غير كافية لإدارة ملكيتها وعسكريتها فقد حرر للمالية بإرسال ما يسد النقص وما يقتضي صرفه للأمور المهمة شهريا بواسطة البانق بصورة منتظمة.

وكذا حرر بوزارة النافعة بتخصيص مبلغ لا يقل عن ٤٠٠٠٠ ليرة لتسوية الطرق والمعابر وإنشائها داخل الألوية وإرسال أوراقها على الأصول من مخصصات النافعة.

والحاصل أمر بإجراء ما يقتضي من اللوازم سواء للولاية أو للفيلق بالصور اللازمة المستعجلة.

فعليك إجراء الأمر حسب صداقتك وحصافتك المسلّمة وإيفاء ما يجب من الوظائف والمعاملات ، وأن تكون مظهرا للعدالة التامة وإعلان الحرية والمساواة حسب القانون الأساسي لدى تبعتي ، وأن تجري الدقة في هذا الأمر المهم إذ ذلك مطلوبي المنتظر.

وعلى كل حال يلزم أن تتوسل بالمدد من روحانية النبي المحترم ، وتهتم بإيفاء الوظائف بأحسن صورة وأتم غيرة. في ١٧ ذي القعدة سنة ١٣٢٧» ا ه (١).

ومن الفرق بين تاريخ نصبه وتاريخ وصوله إلى بغداد يظهر أنه

__________________

(١) الرقيب عدد ١١٤ في ٣ جمادى الأولى سنة ١٣٢٨ ه‍.

٢٢٨

٢٢٩

تأخر وروده ، واهتمت الحكومة لأمر العراق ، وغوائله. وإن إرسال الضباط ، وتسليمه القيادة للفيلق السادس واستخدامه بعض جيوش الفيلق الرابع يدل على شدة العناية واتخاذ القوة لتأديب العشائر وتسكين الحالة ، وأعلنوا عنه كثيرا ، وبالغوا في أمره ودرجة اهتمامه وتعظيم شأنه. والحق أنه نال سمعة كبيرة ، وحصل على رهبة من الأهلين ومن العشائر ، فخافه الناس على البعد ، وأكبروا أمره. وفي أيامه جرت وقائع تعين مكانته ، كما أنه في نظر دولته يعد من أفذاذ الرجال ومشاهيرهم. ولم ينل شهرته من وزراء بغداد إلا مدحت باشا ، والحق أنه يصح أن يعد (مدحت الثاني). ونعته الأستاذ حمدي بابان بـ (مدحت زماننا).

وكان بوقته وردت برقية من نائب كربلاء الحاج عبد المهدي الحافظ يبشر بها بتعيين الفريق الأول ناظم باشا أحد أعضاء الشورى العسكرية واليا لولاية بغداد بانضمام قيادة الفيلق السادس لعهدته. بتاريخ ٣ ذي القعدة سنة ١٣٢٧ ه‍ (١).

والشعب العراقي لا يريد إلا أن يتولى من يقوّم المعوجّ ، ويصلح الفاسد ، ويؤمن المخاوف ، ويحمي الدماء المهراقة في عموم الأنحاء. فإن العصيان في العشائر عمّ أنحاء القطر ، وصار لا يستطيع الجيش تأديبها. وتجرأوا على أعمال لا يصح السكوت عليها. وهكذا قل عن سائر الجهات. فهذه عشائر الدليم ووقائعها وآل أزيرج وعشائر أخرى لم تستقر على حالة. وهذه المنتفق ووقائعها.

وهنا نجد الاعتراضات تترى على تعيين وال لا يفهم العربية ، ولا يتمكن أن يطلع على أحوال الأهلين واستماع شكاواهم رأسا وبلا واسطة. وأمثال هذه الاعتراضات ليس لها من سامع (٢).

__________________

(١) الرقيب عدد ٦٥ في ٥ ذي القعدة سنة ١٣٢٧ ه‍.

(٢) الرقيب عدد ٦٦ وصدى بابل عدد ٣٩.

٢٣٠

والملحوظ أن كل وال يدعي أنه يقوم بعمل ، وفي الحقيقة لا يظهر له وجود فصار الناس يطالبون به أو يضجرون من واليهم لأنه لم يقم بعمل ما ، وهكذا كان الأمر. ولإطلاق الألسن المكانة المقبولة في طلب الإصلاح.

ورد ناظم باشا واليا وقائدا للفيلق السادس بصلاحية واسعة فيما يختص بالولايات الثلاث الموصل وبغداد والبصرة .. ولم نر واليا نال شهرة ، أو اكتسب ذكرا ، وذاع صيته كهذا الوالي سبقت أخباره وروده بغداد.

وممن بعث إليه بتبريك والي البصرة سليمان نظيف بك قال : «الفيلق السادس في انحلال ويحتاج إلى لمّ الشعث ، وخراب بغداد من زمان بعيد ينتظر الإصلاح ، وعلو عزمكم يبعث على الأمل ، فأبارك لكم بإخلاص».

ومن هذا يعلم ما نال العراق ، وأن والي البصرة الأديب الفاضل أدرك المغزى ، ونعم ما طلب من الوالي الجديد. وفيه بعث بهمته وتقوية لعزمه في الإصلاح (١).

ولا يهمنا الثناء عليه أو مدحه مجردا ، وإنما نحاول تثبيت وقائعه لتعرف درجة تصرفه في الإدارة والجيش. إلا أننا نقول إن الزمن في ولايته غير ما كان في أيام مدحت باشا ، فالوضع مختلف ومن ثم يصح أن نقول هنا باختلاف الطبع بالنظر لاختلاف الوضع.

ومن ثم نرى كثرة المطالبات على لسان الجرائد ، والصحف ، وبعرائض كانت تقدم إليه ، فكل من ناله حيف صار يلجأ إليه ، وأخاف الموظفين بل أرعبهم ، فصار لا يجسر أحد أن يقوم بعمل ما غير قانوني ، أو مخالف للشرف والأدب. كما أن رجال العشائر صاروا

__________________

(١) الرقيب عدد ٧٤.

٢٣١

يظنون بكل مجهول أنه ناظم باشا جاء بتبديل القيافة. فنصر بالرعب ، واعترى الناس بهتة من أمره.

ورأينا قصيدة في مدحه لأوسطة علي البناء جاء في آخرها :

إليك من الأمي وافتك مدحة

سرى ذكرها في نجدها والتهائم

فدم حاكما بين البرية (ناظما)

لشمل الهدى من كل ماض وقادم (١)

وللمرحوم الأستاذ (هجري دده) الكركوكي قصيدة فارسية يستبشر بها خيرا بوروده وكذا مدحه المعلم داود صليوا بقصيدة بعنوان (حنين المشتاق إلى لقاء وزير العراق) أدرجها في جريدته صدى بابل على ورق صقيل (٢). وكذا مدحه عبد المسيح الأنطاكي بقصيدة (٣). ومدحه في قصيدة ثانية نشرت بالرقيب عدد ١٣١ ومدحه المرحوم الشيخ محمد السماوي في قصيدة نشرت في العدد ١٣٣. إلا أن هذه كانت قليلة بالنسبة للعهد السابق. لأن مدح الأتراك صار يعد وصمة فلا يقدر أحد من الأدباء مصادمة الجريان الفكري والتيار القومي.

هذا. ولا ينكر أن بغداد نالها السوء ، وأصاب أطرافها الهوان من سفك دماء وهتك أعراض ، وغصب حقوق فأخذ منها الفساد مأخذه. الأعراب يأكل بعضهم بعضا ، ولا قدرة للجيش على دفع صائلتهم. وفي الولاية لا يرى رادع ، وللتغلب والنفوذ حكمه. فصاروا يأملون الخير والصلاح في الوالي لما بلغ من حالة تعسة وأوضاع رديئة. ويرجون أن يتحقق ما يتمنون من صلاح وإصلاح.

__________________

(١) الرقيب عدد ١١٤.

(٢) صدى بابل عدد ٣٧ في ١٩ ربيع الآخر سنة ١٣٢٨ ه‍.

(٣) صدى بابل عدد ٤٠.

٢٣٢

وكانت المطالب مصروفة إلى :

١ ـ تأسيس مخافر.

٢ ـ تأمين الأطراف.

ومن الجهة الأخرى نرى الأهلين غافلين عما يفرضه الواجب ، فلم يستفيدوا من المجالس العامة للبلدان (المجلس العمومي) ، ولا من النواب لأنهم لم يقع اختيارهم على من يصلح. وفي الغالب كانوا يراعون الصلاح الديني ، فيختارون الواعظ ، والعالم الديني ، أو المتنفذ ، المتحكم.

نعته سليمان نظيف بك بأنه أكبر جندي في الجيش العثماني ، ولم يقبل أن يذل للاستبداد في وقت. وهو آلة خير تحمل الرحمة ، والعلم الغزير ، والوقوف التام. فلا شك أنه سيتدارك أمر بغداد ، والظاهر أنه قال ذلك كنشرة. وبيّن أن العراق كان خزانة الأطعمة وتكاد أهلوه تموت جوعا ، وكان موطن الفيالق ، فصار يتحكم به البدو ، فلا يستطيع إفهام أغراضه وآماله. وبلغ به من سوء الإدارة والتخريب ما الله عالم به. وصار الأمل معقودا بهذا الوالي وزاد النشاط ، وتولدت حركة في السوق من جراء قدومه.

ويطول بنا ذكر العموميات ، أو المدح ، وإنما تهمنا أعماله ، وإلا فهذا صاحب مجلة العمران عبد المسيح الأنطاكي مدحه بقصيدتين إحداهما في ديوانية الحضرة الگيلانية بعد أن صلى الجمعة في الحضرة الگيلانية وأخرى خاصة ومثل هذه لا تعدّل المسلك ، وأن مدح الشعراء لا يغير الواقع. والجرائد التركية بالغت في إطرائه ، وأنه من مشاهير العسكريين ، وقد كتب لهذا القطر أن لا يتولى أمره إلا عسكري ، أو من ينال السلطة العسكرية ولو كان مدنيا. وكل ما نقوله إنه استتب الأمن في أيامه ، ولكنه لم يقم بعمل كبير كشهرته. لا سيما وأنه لم تطل أيامه.

٢٣٣

العشائر والغزو

الخصام بين العشائر كثير ودائم بصورة مستمرة وكانت تتفق العشائر مع بعضها أو يركن الضعيف منها إلى القوي ليعتز به ، وتقع المنازعات بعضها مع بعض على الأراضي ، أو من جراء التعديات والسرقات. وقد تكون المنازعات من جراء ما بينها وبين الحكومة ، أو سوء إدارة الموظفين. والأمثلة كثيرة منها :

١ ـ بين البو سلطان والجحيش :

اشتد النزاع ، وتوترت الحالة ، وتأهب كل فريق على الآخر ، وتدخل القائممقام في الجزيرة (الصويرة) للحيلولة دون وقوع ما لا يحمد ، فلم تجد التدابير ، وحصل الصدام في ٢٥ المحرم سنة ١٣٢٧ ه‍. وقتل الشيخ رشيد البربوتي ابن وادي رئيس عشائر زبيد ، وسبب النزاع كان من أجل الأراضي ، وكان رئيس البو سلطان عداي الجريان.

٢ ـ المنتفق :

كان في اضطراب وامتناع دوما من أداء الرسوم الأميرية والأعشار. وما بين الناصرية وسوق الشيوخ لا يستطيع الجيش اجتيازها.

٣ ـ لواء العمارة :

ذهبت القوة التأديبية تحت قيادة الزعيم يوسف باشا ومظهر بك ، إلى العشائر واهتمت الحكومة لما رأت من ضرب المراكب بين بغداد والبصرة ، فاشتدت المعارك ، ثم ورد وكيل الشيخ غضبان لأخذ الأمان له ومعه مبالغ وافرة ، ولكن الحركات العسكرية ابتدأت في ٢٤ ربيع الأول سنة ١٣٢٧ ه‍.

وجاء في جريدة التهذيب أن والي البصرة محمد عارف بك المارديني عزل الشيخ غضبان من مشيخة بني لام ، وكذا أولاد صيهود

٢٣٤

فالحا وإخوته عن زعامة البو محمد وفسخت جميع المقاطعات التي بأيديهم والتزامهم وحجزت أموالهم (١). وفي أثناء الحرب العامة الأولى أعيد الشيخ غضبان إلى الرئاسة وصار عضوا في المجلس التأسيسي وبوفاته آلت الرئاسة إلى ابنه حاتم.

٤ ـ بين العزة والعنبگية :

حدث نزاع طويل دام نحو سبع سنوات من جراء قتل هزاع الناصر من البو موسى من قبيلة العزة وكان من المشاهير في شجاعته وبطولته وكثرت المقاتلات بين الطرفين ، ثم إن الحكومة أصلحت ما بينهما.

٥ ـ الهماوند :

كثرت وقائعهم في چمچمال بين كركوك والسليمانية وفي غيرها بصورة مستمرة. و (چمچمال) محل سكناهم. وكان أصلهم من لورستان ومواطنهم فيها يقال لها چمچمال فسموا بلدهم بين السليمانية وكركوك بهذا الاسم (چمچمال).

٦ ـ الدليم ـ زوبع :

وقعت بينهم وقائع عديدة. فلم تستطع الحكومة أن تقوم بمهمة الإصلاح.

٧ ـ القرطان والفداغة :

حدثت منازعات ومقاتلات ، وامتدت بينهما ، فاشترك فيها القراغول أيضا. وذكرت هذه العشائر في (كتاب عشائر العراق).

وهذا النزاع قليل من كثير ، ونرى الوقائع بين الشبل والغزالات ، والجبور ، والبو محمد والأزيرج وبني زريج وبني لام إلى آخر ما

__________________

(١) التهذيب عدد ١ في ١٣ جمادى الأولى سنة ١٣٢٧ ه‍.

٢٣٥

هنالك. ولو تحرينا الأسباب لا نراها تخرج عما ذكرنا أو هي من جراء بعض الوقائع الجوارية أو الحوادث الشخصية. ومثل هذه لا تخلو سنة من السنين من وقائعها ، ولا تهدأ الحالة في وقت ، فعادت طبيعية في العشائر ، وكأنها مجبولة عليها أو مما تقتضيه حياتها. والدولة لا تستطيع قطع دابر الفتن ، أو القضاء على الآلة الفتاكة (السلاح) فلا تقدر على منع الأسلحة من دخول العراق ، وإنما هي منتشرة في أنحاء البادية وبين العشائر ، والمتاجرة بها غير منقطعة ، وإنما يراد بها إيقاد الفتن. ومهما أجرت الحكومة من مكافحة فليس في استطاعتها القضاء على دابر التهريب ، بل تعد تقليل انتشارها ربحا لها وهيهات ..!

كان انتشار الأسلحة يجري بواسطة الرؤساء فلهم يد في تسهيل المتاجرة بها ، وتساهل الموظفين أو عجزهم عن المراقبة أزال الخوف والحذر.

وهذا الوالي جعل باكورة أعماله إثر وروده بغداد بنحو أسبوع مهمة العشائر ودفع غوائلها فحصل على فتاوى من العلماء في لزوم تأديب من يستحل الغزو المحرم في الشريعة الغراء وهذا يكون بين القبائل البدوية ، أو القبائل المتعادية أثناء الخصام. فصدرت فتاوى علماء السنة بقتل المجاهر بالظلم أي الآخذ أموال الناس علانية بطريق الغلبة والقهر كما يفعله عصاة الأعراب وغيرهم من النهب والغارة وتسميتهم ذلك (غزوا) وهو ليس من الغزو في شيء. وأصدر هذه الفتاوى :

١ ـ مفتي ولاية بغداد محمد سعيد الزهاوي.

٢ ـ غلام رسول. من علماء الهند المقيمين ببغداد.

٣ ـ سماحة نقيب أشراف بغداد السيد عبد الرحمن النقيب.

٤ ـ السيد محمد نافع المفتي (الطبقچه لي).

٢٣٦

٥ ـ الشيخ عبد الوهاب النائب مدرس جامع منورة خاتون.

٦ ـ السيد محمود شكري الآلوسي مدرس جامع الحيدرخانة.

٧ ـ الشيخ محمد سعيد المدرس الأول في جامع الإمام الأعظم. هو أخو الشيخ عبد الوهاب النائب.

أخذ الوالي هذه الفتاوى من العلماء لمنع الغزو وهو عادة جاهلية ، لا تتضمن إلا قتل النفوس ، ونهب الأموال ، ولا يختلف اثنان في فظاعتها ومحاذيرها بل مضراتها المادية والمعنوية كما أنها مخالفة للشرع ، وأن مرتكبها يستحق العقاب الشرعي والقانوني.

وأخذ فتاوى من علماء الشيعة فأفتوا بأنه يجب منع العشائر من هذه الأعمال بالنصائح والوعظ ، فإن أبوا فحينئذ يركن إلى التهديد. والتخويف وإلّا جاز التنكيل بهم. ومن بين هؤلاء العلماء :

الشيخ كاظم الخراساني. من النجف.

والشيخ عبد الله المازندراني. من النجف.

والسيد محمد القزويني. من الحلة.

والشيخ محمد حسين. من كربلاء.

والشيخ محمد باقر. من كربلاء.

والسيد إسماعيل الصدر. من الكاظمية.

فكان لهذه الفتاوى أثرها ، وكانت تعد من التدابير الصائبة تجاه أعمال العشائر. فأرعب القوم وولّد فيهم الخوف ، فسكنوا مدة وهدأوا زمنا لا بأس به.

أبلغ الوالي ناظم باشا هذه الفتاوى إلى العشائر حينما توافدت عليه

٢٣٧

عند مجيئه فحذرها من الاستمرار في الغزو والتمادي في الغيّ والبغي والنزوع إلى الشرور (١).

ولكن لم يطل أمد انصياعهم لأمره إلا أيام حكومته في بغداد فعادوا إلى ما كانوا عليه بعد مغادرته العراق.

ومن أعمال الوالي ناظم باشا :

١ ـ دفن الخندق.

٢ ـ سدة ناظم باشا.

٣ ـ استتباب الأمن. وهذا من أكبر أعماله.

وكان يأمل أن يقوم :

١ ـ بتشغيل تراموي الكاظمية ـ بغداد بالكهرباء.

٢ ـ بعمل جسر حديدي لبغداد.

٣ ـ تسيير بواخر.

٤ ـ إسقاء الولاية بماء مقطر.

٥ ـ إصلاح وتوسيع طرق المدينة وشوارعها.

٦ ـ بناء مستشفيات.

٧ ـ عمل حدائق عامة.

٨ ـ بناء جسر على الفرات وإصلاح الجسور الموجودة.

قدم لائحة بذلك (٢).

وهو كأكبر موظف قام بمهمات عديدة إلا أنه منع أن تكتب له العرائض بغير التركية ثم عدل عن ذلك وحصل عليه شغب من جراء

__________________

(١) الرقيب ، وصدى بابل عدد ٤٣.

(٢) صدى بابل عدد ٧٠ في ذي الحجة سنة ١٣٢٨ ه‍.

٢٣٨

قضية سارة خاتون بنت أوانيس إسكندر الأرمنية. فطلب أحد أعوانه من الضباط برتبة مهمة أن يتزوجها وهو أرمني أيضا فامتنعت ، فحدثت شكاوى عليه من جراء ذلك ، واتخذت وسيلة للتنديد بأعماله. ولكن الأهلين أغلبيا راضون عنه ، وولّد رهبة في قلوب أهل الشقاوة.

وعيّن حالته الأستاذ الزهاوي في قصيدة بعنوان (طاغية بغداد) (١).

غرفة التجارة :

تكوّنت في ربيع الآخر سنة ١٣٢٨ ه‍ (غرفة التجارة) ببغداد ، فكانت أول غرفة تجارة بصورة صحيحة. ومن ثم صارت مرجعا للأمور التجارية والاقتصادية في المملكة ، وأن تكوّنها كان بسيطا جدا. عيّن مركوريان مدير شعبة المصرف العثماني رئيسا لها ، وجعل الرئيس الثاني شاؤول معلم حسقيل ، ومستشارا الحاج ياسين باشا الخضيري ومستشارا ثانيا يهودا زلوف ، وأعضاء كثيرين منهم شاؤول شعشوع ومحمود الأطرقچي ، والحاج عبد المجيد حمودي وتوفي سنة ١٩٥٦ م عن ولديه الحاج باقر وحمودي ومن الأعضاء إبراهيم حييم معلم إسحق (٢).

وأعلنت لزوم تسجيل الشركات والحصول على إجازة بالاشتغال اعتبارا من ٢٦ جمادى الأولى سنة ١٣٢٨ ه‍ (٣).

هذا مع العلم بأن الحكومة ألغت غرفة التجارة السابقة في سنة ١٣٠١ كما مرّ. وكتبت ذلك بتفصيل ذكرته في مجلة غرفة التجارة (٤) في بغداد.

__________________

(١) ديوانه المطبوع سنة ١٣٤٣ ه‍ ـ ١٩٢٤ م ص ٧٣.

(٢) صدى بابل عدد ٣١ في ربيع الأول سنة ١٣٢٨ ه‍.

(٣) صدى بابل عدد ٤٣ في ٢ جمادى الآخرة سنة ١٣٢٨ ه‍.

(٤) المجلد ١٤ ص ٣١١.

٢٣٩

والي البصرة :

في جمادى الأولى سنة ١٣٢٨ ه‍ ورد سليمان نظيف بك بغداد بمناسبة مجيء الوالي للمذاكرة معه فيما يقتضي عمله من الأمور التي تخص البصرة ، فأثنى عليه صاحب الرقيب الثناء العاطر من جهة الأدب والسياسة وكان مدحه على البعد حتى قال إنه مصداق قول الشاعر :

حتى التقينا فلا والله ما سمعت

أذني بأحسن مما قد رأى بصري

والي الموصل :

محمد فاضل باشا الداغستاني ورد بغداد بمناسبة قدوم الوالي للمذاكرة وتلقي الأوضاع المطلوبة منه رأسا فيما هو مقرر من الإدارة المزمع عليها من الحكومة المركزية ثم عاد.

إلغاء الاحتساب :

وردت برقية من استنبول تشعر بصدور القرار في لغو رسوم الاحتساب ، وشهرية الدكاكين. وهذه الرسوم كانت تنتفع منها الحكومة وعدّتها من الضرائب المهمة ، وتطورت كثيرا وأصل وضعها كان لأمور البلدية تنفيذا لقاعدة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لما يتعلق بالموازين ، وملاحظة الأمور الصحية ، والآداب العامة. مما يستدعي القيام به كلفة ومصاريف ، فكانت تؤخذ بقدر الحاجة لسد مثل هذه الكلف والمصاريف. ثم تغير الوضع ، وانعدم هذا الأمر ، أو توجه العمل به إلى نواح عديدة ، منها البلدية ، وانتزعت السلطة من القضاء الشرعي ، في حين أنه كان لا يعين قاض إلا ومعه محتسب. وقد قامت هذه المهمة بأمور مفيدة ونافعة. ولكن التشكيلات الإدارية تبدلت ، فأودعت أقسام كبيرة منها إلى النقابات ، أو إلى القوانين

٢٤٠